ما أسباب «موضة» الهجوم على صلاح الدين الأيوبي؟ Posted: 30 Nov 2018 01:15 PM PST في مثل هذا الوقت تقريبا قبل عام افتعل الروائي المصريّ يوسف زيدان معركة إعلاميّة موضوعها أحد أشهر رموز التاريخ الإسلامي: صلاح الدين الأيوبي. جرى ذلك في مقابلة له وحده على شاشة التلفزيون وهو ما يجعل الحيّز غير ديمقراطيّ ولا ثقافيّ، فبمواجهة الضيف توجد مقدّمة برامج ليست متخصصة في القضايا الثقافية والتاريخية، وبالتالي فالواضح أن المقصود كان افتعال فرقعة إعلامية تشبه الرعد الذي يعقبه مطر ولكن من الجدل العقيم والسباب والشتائم والشهرة الزائفة لشخص حيّ في مقابل رمز إسلاميّ كبير ولكنه لا يستطيع الدفاع عن نفسه. شاهد الناس أو قرأوا قبل أيام مقابلة مشابهة كان بطلها هذه المرّة الممثل السوريّ المعروف عباس النوري في إذاعة محلّية سورية صغيرة تماثل في طريقتها ما فعله زيدان، الذي اعتبر صلاح الدين «أحقر شخصية في تاريخ الإنسانية»، فيما وجد النوري أن القائد الأيوبي هو «كذبة كبيرة»! على تشابه التوصيفات المشنّعة والمنابر بين الروائي والممثل، وعلى كون المقصود في الواقعتين هو الإساءة إلى رمز تاريخيّ إسلاميّ، من جهة، وإثارة الضجيج الإعلاميّ والإثارة الفارغة، من جهة أخرى، فإن من المنطق القول إن المعركة الجارية لا تدور على اكتناه حقيقة صلاح الدين الأيوبي التاريخية (وغيره من رموز يتمّ انتقاؤها ومهاجمتها كأحمد عرابي مثلا)، ولا تهتمّ بدراسة التاريخ بشكل علميّ وفي سياقه الاجتماعي والاقتصادي والسياسيّ الخاص به، فلا زيدان مؤرخ حقيقي، ولا عباس النوري مؤهّل للخوض في هذا المجال، وبالتالي فالمطلوب النهائي من هذه المعارك هو الاستيلاء على رأسمال رمزيّ وتوظيفه في حيثيّات سياسية موجودة في الواقع حاليّاً. إحدى الأفكار التي استند إليها ناقدو صلاح الدين أن الأهمّية الرمزيّة الكبيرة التي أخذها في العصر الحديث نبعت من رغبة النظام المصري أيام جمال عبد الناصر في استعادة رمز تاريخي إسلاميّ وتوظيفه في الدعاية للدولة الناصريّة نفسها، في تركيز على التشابهات، من قبيل توحيد مصر وسوريا (كما حصل عام 1958) ومواجهة «الصليبيين» لتحرير فلسطين (حطين مقابل العدوان الثلاثي الخ…). غير أن استعادة دولة عبد الناصر لصلاح الدين الأيوبي لا تتنافى مع القيمة الرمزيّة الهائلة له، سواء عند المؤرخين المسلمين، أو المؤرخين الغربيين، فإذا كانت آلة دولة عبد الناصر قامت بإنتاج فيلم «الناصر صلاح الدين»، فإن آلة هوليوود استعادت الشخصية من التاريخ بدورها، كما حصل في فيلم ريدلي سكوت الشهير «مملكة السماء»، وقامت بتمجيدها وتخليدها وخصوصا بالتوازي مع شخصية ريتشارد قلب الأسد، الملك الإنكليزي وأحد قادة الصليبيين. كان صلاح الدين شخصيّة سياسيّة لا تخرج أفعالها عن أفعال الملوك من معارك مع الخصوم العسكريين والأيديولوجيين، باستثناء أنه هو وليس غيره من «خرج بعساكر المسلمين من أهل مصر والشام والجزيرة وديار بكر والموصل وكسر الصليبيين على تل حطين وقتل من الفرنج ما لا يحصى وأسر ملكهم الأعظم وسائر ملوكهم وأمرائهم»، على ما يقول المؤرخون العرب. نفهم سوء الغرض الممزوج بالتهافت حين نسمع انزعاج النوري من وجود تمثال لصلاح الدين الأيوبي في دمشق ولا يسوؤه وجود عشرات التماثيل لرئيس النظام السوري الراحل حافظ الأسد تطلّ على مدن منكوبة ومناطق محروقة وشعب نصفه لاجئون ونازحون، وعندما نرى هجوما قبيحا على شخصيات تاريخية كصلاح الدين وتغاضيا مخزيا عما يفعله حاكم سوريا الحالي، أو حكام العرب الآخرون، نفهم السبب الحقيقي لهذه التصريحات. |
هل ستبقى مواقع التواصل الاجتماعي صوت الشعوب؟ Posted: 30 Nov 2018 01:14 PM PST الجميع يتحدث عادة عن الديكتاتوريات السياسية والعسكرية، لكن لا أحد يتحدث عن الديكتاتوريات الإعلامية التي تجتاح العالم وتدخل البيوت دون استئذان، مع العلم أنها ليست منتخبة ديمقراطياً، بل تفرض نفسها على الشعوب بشتى الطرق والوسائل الملتوية لتفتك بالعقول وتشكل الرأي العام حسب مصالح مموليها والمسيطرين عليها. وقد كان الإعلام في العالم العربي على الأقل حتى سنوات مضت أداة إرهاب وترهيب في أيدي الدول والحكومات لتطويع الشعوب وتركيعها وتدجينها خدمة للديكتاتور والديكتاتوريات. لكن هذا الوضع بدأ يتغير منذ العقود الثلاثة الماضية عندما ظهرت تقنيات البث الفضائي والأقمار الصناعية، مما سمح لجهات كثيرة بإنشاء قنوات فضائية، بعضها ظل تحت سيطرة الحكومات وأذنابها من رجال الأعمال والمتمولين، والبعض الآخر استغل الفضاء المفتوح جزئياً للتحرر من ربقة الطغيان المخابراتي الذي ظل يدير الإعلام الرسمي منذ منتصف القرن الماضي. لكن الثورة الفضائية رغم نجاحاتها الكثيرة، انحسرت في نهاية المطاف في أيدي الدول، مع استثناءات قليلة شذت عن الخط الرسمي. لكن الأغلبية بقيت تدور في فلك الحكومات. ولعل الامبراطورية الإعلامية السعودية أكبر مثال على ذلك، فعلى الرغم من إطلاق عشرات القنوات والصحف العابرة للحدود، إلا أنها ظلت أسيرة التوجهات السعودية الرسمية، خاصة وأن ممولي تلك القنوات هم من حاشية السلطة والمقربين منها سياسياً ومالياً. لكن قبضة الديكتاتوريات العربية على وسائل الإعلام تلقت ضربات موجعة عندما ظهرت الهواتف الجوالة، وأصبح كل من يحمل موبايلاً صحافياً أو مراسلاً بطريقته الخاصة. وقد ساهمت تطبيقات الاتصالات والتواصل الحديثة عبر أجهزة الموبايل في تحرير الإعلام وإخراجه إلى حد ما من ربقة الأجهزة، بحيث صار الناس يتداولون الأخبار التي تهمهم عبر أجهزتهم بعيداً عن الدول، مما حرم الإعلام الرسمي والإعلام شبه الرسمي الدائر في فلك السلطات الكثير من التأثير والانتشار. لكن بالرغم من انتشار وتأثير تطبيقات التواصل الخليوية، إلا أنها تبقى تحت رحمة الدول التي تستطيع إما حجبها أو مراقبتها أحياناً. ولا ننسى أن الكثير من الحكومات العربية وضعت قوانين صارمة لملاحقة مجرمي االتواصل الاجتماعي. وهناك أجهزة ووسائل مراقبة للتجسس على الاتصالات والتواصل بين الناس، بحيث بات البعض يرسل لك رسالة عبر تطبيق الواتساب وغيره، ثم يمحوها من جهازه فوراً خوفاً من الملاحقة خشية أن تطّلع عليها كلاب الصيد السايبرية. ليس هناك الآن بلد عربي لا يمتلك جيشاً أو ذباباً الكترونياً تديره أجهزة المباحث والمخابرات للترويج لوجهة النظر الرسمية ولإرهاب الشعوب وتحويل تلك المواقع إلى مجال حيوي للدول والحكومات لكن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من المواقع التي انتشرت كالنار في الهشيم بين شعوب العالم، والشعوب العربية خاصة، جعلت الكثيرين يظنون بأن الإعلام سيخرج نهائياً هذه المرة من يد الحكومات ووزارات الإعلام العربية. وهذا ما حدث فعلاً منذ سنوات، بحيث أصبحت مواقع التواصل لأول مرة في التاريخ البشري صوت الشعوب الحقيقي، بحيث تحول كل فرد يملك جهاز كومبيوتر أو حتى هاتفاً خليوياً إلى ناشر وصحافي بطريقته الخاصة. ولا يكلف المرء سوى فتح حساب شخصي أو صفحة على مواقع التواصل ليبدأ بمخاطبة العالم أجمع بالنشر والتعليق والتوجيه. وهنا فعلاً وجدت الدول نفسها لأول مرة في تاريخها في الزاوية، بحيث خرج الأمر من يدها تماماً رغم كل ما استثمرته في التجسس والمراقبة والضبط. بالطبع لا يمكن للدول أن تراقب ملايين الحسابات على مواقع التواصل، ولا يمكنها أيضاً أن تعاقب ملايين البشر على ما ينشرون إذا ما خرجوا عن طوقها. إلا أن هذه الفرحة بظهور مواقع التواصل وتحولها إلى برلمانات شعبية حقيقية للتأثير على الحكومات وتفنيد رواياتها السياسية والاجتماعية، بدأت تتلاشى في الآونة الأخيرة. وجدتها وجدتها، صاحت الدول. لماذا نترك هذا الفضاء التواصلي الرهيب تحت سيطرة الشعوب؟ لماذا لا نتدخل نحن بطريقتنا لاستغلال تلك المواقع للدعاية والترويج والتضليل بنفس الطريقة التي كنا نشتغل بها في وسائل الإعلام التقليدية القديمة؟ وفعلاً بدأت الدول تصنع جيوشها الالكترونية الجرارة، وتنفق عليها الملايين لكبح المد الشعبي لتلك المواقع. ليس هناك الآن بلد عربي لا يمتلك جيشاً أو ذباباً الكترونياً تديره أجهزة المباحث والمخابرات للترويج لوجهة النظر الرسمية ولإرهاب الشعوب وتحويل تلك المواقع إلى مجال حيوي للدول والحكومات. وقد شاهدنا كيف جندت السعودية عشرات الألوف من الشبان لمهاجمة كل من ينتقد النظام، لا بل إن الإرهاب والترهيب الحكومي في السعودية أدى إلى خروج ملايين المغردين السعوديين رغماً عنهم من موقع تويتر مثلاً ليفسحوا المجال للون واحد من الرأي، ألا وهو رأي الذباب الكتروني الذي يسبّح بحمد النظام وحاشيته. حاول أن تنشر أي استطلاع حول قضايا سعودية في تويتر حيث يسيطر الذباب الكتروني، فستجد أن غالبية المصوتين من الذباب، بحيث تكون النتيجة لصالح النظام، لكن ليس نتيجة استفتاء حر، بل نتيجة تجنيد ألوف المرتزقة للتصويت باتجاه معين. وبذلك تكون بعض مواقع التواصل قد أصبحت وسائل دعاية لهذا النظام المتنفذ أو ذاك، خاصة وأن المغردين المستقلين والأحرار يخشون أحياناً من التعبير عن آرائهم الحقيقية بعد أن بات المنشور التويتري أو الفيسبوكي يودي بصاحبه إلى غياهب السجون. والأخطر من ذلك، وبعد أن بدأ بعض مواقع التواصل يتخلى عن وظيفته التواصلية ويتجه باتجاه العمل التجاري، راح الكثير من المتمولين والحكومات الثرية تحاول شراء الحصص في مواقع التواصل الدولية للسيطرة عليها وتسييرها في الاتجاه الذي يخدمها، ولطرد الأصوات التي يمكن أن تزعجها. ولطالما سمعنا عن اختراق بعض الدول لهذا الموقع أو ذاك. وإذا استمرت النزعة التجارية في مواقع التواصل، فستجد الدول، وخاصة الثرية، منفذاً واسعاً لها للتغلغل فيها وحرفها عن مسارها التواصلي وتحويلها إلى أدواة دعاية وترويج مدفوعة الثمن. وبذلك تأخذ الدول والحكومات زمام المبادرة ثانية في السيطرة على وسائل الإعلام التي ظننا خطأً أنها خرجت من قبضتها. كاتب واعلامي سوري falkasim@gmail.com |
اقتحام السفارة الصهيونية في القاهرة وانتقام غير معلن من الثورة Posted: 30 Nov 2018 01:13 PM PST الثورة المقصودة هنا هي ثورة 25 يناير 2011، ولم يكن اندلاعها أمرا هينا، كالذي تلوكه مسلمات الخطاب الطائفي وانحيازات التعصب المذهبي وضيق الأفق الانعزالي.. وكل هذه توجهات وأيديولوجيات اعتادت التفسير الأحادي للأحداث والظواهر.. والثورة كما تتعدد أسبابها تتنوع منابعها وروافدها، وفي الظروف الحالية، وقد عاد فيها اليأس أقوى مما كان، وغطى الإحباط على كل ما يمكن استخلاصه من دروس تلك الثورة العظيمة، التي أُجْهِضت للأسف، ووجدت من يسلم زمامها لألد أعدائها؛ من خفافيش الطابور الخامس، ووحوش الثورة المضادة. ويجب قَصْر وصف الثورة على نسختيها التونسية والمصرية؛ على الأخص من بداية انتفاضة تونس في 18 كانون الأول/ديسمبر 2010، وهروب زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011، ثم خروج الملايين المصرية في 25 يناير 2011، واعتصامها لثمانية عشر يوما متواصلة؛ انتهت بتخلي حسني مبارك عن الحكم، وقد يستغرب البعض إضفاء الوصف على ثورتي تونس ومصر وعدم تعميمه على غيرهما.. وعليه سيقتصر تناولنا على النسخة المصرية. والضغط عليها شديد واختراقها تجاوز الحد.. وقد كانت الأكثر شدا للانتباه ولفتا للأنظار، وكفاها ما أحدثت من تغيير على البنيان النفسي العام للشخصية المصرية، وهو الأهم من وجهة نظري، فذلك البنيان النفسي العام، إذا صح التعبير، تغير وتغير معه نفوس الغالبية العظمى من المواطنين.. وهذا ما لا يدركه كثيرون في الأوساط الرسمية المصرية والعربية؛ تحرر المواطن من الخوف المتأصل لديه من السلطة ومن ذوي السلطان.. وهذه الأوساط لم تتحرك قيد أنملة بعيدا عن منظومة الاستبداد والفساد والتبعية التي صنعتها وعاشت في ظلها، ومع ذلك فحتى اللحظة لم تفلح أساليب ولا أدوات القمع والقهر والاعتقال والتغييب؛ لم تفلح في إخماد الجذوة المتقدة في البنى التحتية للمجتمع.. وهذا تغيير لو يعلمون عظيم، وكما قلت في مقال سابق أنه تغيير كان في حاجة لنصف قرن حتى يتحقق.. وهو باق ومستمر وشق طريقه رغم القيود والمتاريس والملاحقات. وسؤالنا؛ ما الذي يُغري في العودة لحراك بدأ من ثمان سنوات؟.. والسبب هو إعادة قراءة ما لم يتنبه إليه من تناولوا أحداث تلك الفترة، وتخفيف من وطأة ضجيج حملات لا تتوقف وتصم الآذان عن سماع الحقائق، ومثيرو هذا الضجيج أول من يعلمون أن الثورة لم تندلع من فراغ، ولم تكن عملا عشوائيا، أو مقامرة نحو مجهول؛ كانت عملا مدروسا ووطنيا من طراز فريد، وسبق النسخة المصرية حراك واسع ومكثف؛ جاء مواكبا للهجوم الوحشي على المحتجات والمحتجين أمام نقابة الصحافيين وسط القاهرة في أيار/مايو 2005، ومثل تحولا نوعيا في سياق اكتشاف ضرورة الثورة والعمل على الإعداد للحظتها المتوقعة. وكانت «حركة كفاية» وأخواتها قد ظهرت تباعا، مع توالي العوامل المعجلة بذلك؛ عدوان أمريكي غادر وفاجر على العراق.. استفحال الاحتلال والاستيطان الصهيوني في فلسطين.. تردي الأوضاع المصرية الداخلية، وعجز الحكم عن مواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد، وتجاهل حاجة الدولة الماسة لتغيير شامل؛ سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي ودستوري. حتى اللحظة لم تفلح أساليب ولا أدوات القمع والقهر والاعتقال والتغييب؛ لم تفلح في إخماد الجذوة المتقدة في البنى التحتية للمجتمع اختصرت «حركة كفاية» المطالب وقتها في ستة مطالب: 1) إنهاء إحتكار الحزب الحاكم للسلطة.. 2)إلغاء حالة الطوارئ وكافة القوانين الإستثنائية المُقيدة للحريات.. 3) تعديل دستوري فوري يسمح بانتخاب رئيس الجمهورية ونائبه من الشعب مباشرة لمدة لا تزيد عن دورتين، والحد من الصلاحيات المطلقة للرئيس.. 4) تحقيق الفصل بين السلطات.. 5) إطلاق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف وتكوين الجمعيات، ورفع الوصاية على النقابات.. 6) إجراء إنتخابات برلمانية نزيهة وحقيقية تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة، بدءاً من إعداد كشوفها حتى إعلان نتائجها. استمر الحراك حتى «انتفاضة المحلة» الكبرى في 2008، وكانت محطة شبه نهائية؛ بدت كأنها محاكاة للثورة المتوقعة، ويمكن وصفها باللغة الدارجة بـ«البروفة النهائية» للثورة، ويسمح لي القارئ الكريم بالإشارة لبعض ما جاء في مقال لي نُشر في اليوم السابق على «انتفاضة المحلة»، والمحدد له السادس من إبريل 2008، وعنوانه «أيكون يوم غد الرد على صناع الجوع وقتلة الشعب؟!.. الأنظار تتجه إلى مصر»، وفيه تأكيد على تراجع احتمالات الفوضى التي راهنت عليها عائلة مبارك، وعاد ذلك إلى آثار السنوات الثلاث السابقة على «الانتفاضة»، وأفراز صيغ جامعة وبديلة؛ رفعت من وعي الشارع وضبطت بوصلته، واتجاهه نحو التغيير، وعندما يسلك مجتمع ذلك الطريق يزداد اطمئنانا لسلامة موقفه، ومستوى وعيه بضرورة الثورة، وتمت «البروفة» بجهود قوى وجماعات تنزل الشارع لأول مرة؛ تعلن رفضها واحتجاجها ومطالبتها بالتغيير، واستعدادها لتحمل التبعات، ودَفْع الثمن. كان في طليعتها؛ الصحافيون، والقضاة والمحامون والمهندسون وأساتذة الجامعات، ومأمورو الضرائب العقارية، والأطباء؛ كلهم تظاهروا واحتجوا وأضربوا واعتصموا. وتأتي لحظة لقاء كل هؤلاء بعمال المحلة الكبرى في ذلك الغد المنتظر، وكان غدا مشهودا في التاريخ العربي الحديث. وتحولا نوعيا؛ وردت معه أخبار عن استعداد الفلاحين، في قرى وأرياف الدلتا والصعيد، للزحف على العاصمة، والاعتصام بها حتى تتم تلبية المطالب وعودة الحقوق المغتصبة لأصحابها.. واتجهت الأنظار نحو ذلك الغد، الذي هفت إليه القلوب وتطلعت إليه الأفئدة. وما أشبه الليلة بالبارحة، فما زالت ثورة يناير مبهرة وإعجازية، وهي التي فاجأت العالم وشدت أنظاره ونالت تقديره.. ونصل إلى مربط الفرس؛ كما يقولون، وهو اقتراف الثورة لمحرمات لم يكن هناك أي من المعجبين «الغرباء»؛ في «القارة العربية» وأوروبا وأمريكا وباقي العالم يتوقعها.. وأهمها هو اقتحام السفارة الصهيونية بالقاهرة.. ولها قصة أروي جانبا منها كشاهد عيان. فبعد تلبية الملايين دعوة «إئتلاف شباب الثورة» للخروج لـ«تصحيح المسار»؛ أي مسار الثورة توافدت الحشود على ميدان التحرير وباقي ميادين المدن الكبرى وعواصم المحافظات بعد صلاة جمعة 09/ 09/ 2011؛ ما عدا جماعة الإخوان المسلمين، وحذت حذوها «الحركات السلفية».. ومن عادتهم المبالغة في أعدادهم، وإيهام الناس بأن غيابهم سيترك فراغا وخلخلة لا يمكن علاجها، وهو ما كان يتحسب له المنظمون لتكرار هذه المبالغات والوعيد الدائم بالفشل، وكانت علاقتهم بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير طنطاوي في أحسن أحوالها، ولم يكن قد شابها التوتر بعد؛ على الرغم من توالي سقوط الشهداء، ليصل عددهم إلى 850 شهيدا حتى ذلك اليوم المشهود. وتوالت الحشود على الميدان، وزحف قطاع منها نحو السفارة الصهيونية على الضفة الغربية للنيل؛ بالقرب من تمثال «نهضة مصر»؛ بمدخل الميدان المسمى باسمه.. وتلقيت مكالمة تطلب ترك الميدان والتجه فورا نحو السفارة الصهيونية؛ كي لا يفوتنا ذلك المشهد التاريخي، وصادف يومها «عيد الفلاح»، وذكرى أول قانون للإصلاح الزراعي (09/ 09/ 1952) وتوزيع الأرض على الفلاحين، وبعد أن كانوا أجراء وأقنانا يعملون بنظام أشبه بالسخرة تحولوا لملاك ومزارعين. كاتب من مصر |
ترامب والجريمة: مسؤول أبو الدنيا! Posted: 30 Nov 2018 01:11 PM PST لما أيقن الصحافيون الأمريكيون ألاّ فائدة ترجى من محاولة زحزحة دونالد ترامب عن الموقف البائس البئيس المتمثل في تبرئة، بل تنزيه، المسؤول الأول عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي، ولما ثبت لديهم أنه سوف يظل متماديا في التظاهر بعدم معرفة من الذي أصدر الأمر بالقتل، سأله أحدهم: «إذن من الذي ينبغي أن يحمّل المسؤولية عن الجريمة الهمجية التي اقترفت في القنصلية السعودية في اسطنبول؟»، فأجاب الرجل من فوره: «ربما وجب إلقاء المسؤولية على عاتق العالم لأن العالم مكان وحشي. أؤكد أني أمقت هذه الجريمة وأمقت محاولة التستر عليها. بل إني أقول لك هذا: إن ولي العهد يمقتها أكثر مني». هكذا. ربما وجب إلقاء المسؤولية على عاتق العالم! هذا العالم بمحيطاته وقاراته وسكانه السبعة ألف مليون هو المسؤول عن مقتل الصحافي المغدور. أما الذي أصدر أمر القتل فعلا، فليس بمسؤول. وما هو دخل العالم؟ لأنه مكان وحشي.وفي ترجمة أخرى: لأنه مكان يعج بالشرور والخبائث. القصد إذن: دعكم أيها الناس من معوجّ القوانين، من حمورابي إلى نابليون ومن الرومان إلى الانكليز، فها قد أتاكم القانون الجنائي الجديد الذي ستسعد به الإنسانية: كلما ارتكبت جريمة قتل، فلتعلموا أن المسؤول عنها ليس الآمر بها. كيف يمكن لمن أصدر الأمر بالقتل أن يكون هو المسؤول؟ هذا غير معقول. لا بد من تمايز الأدوار: هنالك الآمر. وهنالك المنفذ. ثم تأتي حكاية المسؤول… هذا إن كنتم مصرّين على ضرورة وجود مسؤول. إذ إنكم لو وسّعتم زاوية النظر لرأيتم كيف أنه يمكن للجريمة أن تقع دون أن يتحمل مسؤوليتها أحد. أما إذا ظللتم على تعنّتكم، متمسكين بالمسؤولية باعتبارها مبدأ أو ضرورة، فلكم ذلك ودونكم وما تريدون، شرط أن تعلموا علم اليقين أنه كلما ارتكبت جريمة قتل، فإن المسؤول عنها ليس الآمر بها، ولا حتى منفذها، وإنما هو العالم. تسألونني ما العالم؟ إنه هذا «المكان» الجغرافي أو الكوني، فيزياء الكم أو كيمياء البشر… إنه الدنيا. إذا كانت حكمة «ملعون أبو الدنيا» للمعلم نونو، الرجل الجاهل الحشاش الذي يصبح صديقا لأحمد عاكف بعد انتقاله مع عائلته إلى حي الحسين في رواية «خان الخليلي» لنجيب محفوظ، فإن حكمة ترامب النابعة من عمق التفكّر والتدبّر في صروف الدهر وصنوف البشر أفعالا وأحوالا وأهوالا هي: مسؤول أبو الدنيا هنا بالضبط يتضح المعنى من إقدام بعض دور النشر على إصدار أربعة دواوين أو خمسة من إبداع «الشاعر» دونالد ترامب! وقد تمثل جهد محرري الدواوين في جمع خطب ترامب وتصريحاته وتغريداته التويترية لاستخراج ما تبعثر في دهاليزها، التي تتحدى معروف المنطق ومألوف البلاغة، من مقاطع قدّروا أنها يمكن، لطرافتها أو غرابتها أو عميق حكمتها، أن تنسب إلى قصيدة النثر أو عمود الشعر. ولم لا؟ هكذا صدر أولا ديوان "شاعر الصفقات"، وأتى بعدها ديوان «جعل الشعر عظيما من جديد» (في تنويع على شعار ترامب الانتخابي «إعادة أمريكا عظيمة من جديد»)، وديوان «دونالد ترامب موزونا ومقفى»، وديوان «رئيس بلادي يقول شعرا»، ثم ديوان «أشعار دونالد ترامب الجميلة» الذي يتضمن قصائد من الطراز التالي: «أنا الأفضل/ تنبأت أن قيمة أسهم آبل ستنهار/ سوف أبني جدارا عظيما عظيما/ أشيد مباني علوّها 94 طابقا/ يداي. هل هما صغيرتان؟» قريحة فذة وأشعار جميلة يعزّ الإتيان بمثلها. ومع ذلك فقد تفوق ترامب أخيرا على نفسه وأبدع رائعة عمره عندما أنشد ارتجالا تلك القصيدة التي مطلعها: «العالم هو المسؤول لأن العالم مكان»…. إذ انطلق الشاعر من حيثيات المناسبة ـ أي الاستماتة الرئاسية في المرافعة البزنسية عن زبون سخي ـ ليتجاوزها فيحلّق في أعالي التأملات حول أحوال العالم وسماجة الشر وظلمات الوجود الإنساني. فإذا كانت «ملعون أبو الدنيا» هي حكمة المعلم نونو، الرجل الجاهل الحشاش الذي يصبح صديقا لأحمد عاكف بعد انتقاله مع عائلته إلى حي الحسين في رواية «خان الخليلي» لنجيب محفوظ، فإن حكمة ترامب النابعة من عمق التفكّر والتدبّر في صروف الدهر وصنوف البشر أفعالا وأحوالا وأهوالا هي: مسؤول أبو الدنيا! إلا أن من نكد الدنيا على هذا الشاعر، الحر في اضطهاد الشعر، العبد لبريق المال، أن النقاد والقراء لا يأخذون «قصائده» مأخذ الجد، بل إن جميع المحررين ما تصدوا لمهمة قص ولصق هذه المجموعات الشعرية الترامبية إلا بغية التهكم والبكاء من الضحك. ذلك أن معظمهم من السيناريست المتخصصين في تأليف التمثيليات والمسلسلات الفكاهية.. كاتب تونسي |
«م ب س» ماركةً تجارية مسجلة Posted: 30 Nov 2018 01:03 PM PST ما الذي تساويه خمس سنواتٍ في حساب التاريخ؟ يقيناً لا شيء، فهو يقاس بالعقود والحقب على أقل تقدير، وعلى ذلك فلا مفر من الاعتراف بالنجاح المبهر لمحمد بن سلمان الذي لم يسمع به جل العالم خارج المملكة، التي تنوء باسم عائلته وربما الجزيرة العربية قبل ذلك التاريخ، حين تقلد منصب رئيس بلاط ولي العهد، أي أبيه، الذي كان قد نُصب بدوره في العام السابق على ذلك، عقب وفاة أخيه نايف بن عبد العزيز. ثم صعد كالصاروخ ليحتل صدارة المشهد كالابن المفضل في بلاط أبيه المريض، وفقاً لعديدٍ من الشواهد والروايات. لسنا بحاجةٍ إلى تصريحٍ منه عن مكنونات نفسه وتطلعاته، لنستنتج أو نصل إلى قناعةٍ أو تصورٍ عن كم الطموح الذي يحدوه ويحكم تصرفاته، فذاك الشاب مهووسٌ بالقوة والسلطة والسيطرة المطلقتين، مسكونٌ تماماً برغبةٍ حارقة ليذيع صيته ويصنع لنفسه مكانةً، ويحفر اسمه على جبين التاريخ، والشاهد أنه نجح في ذلك باقتدار، فبين عشيةٍ وضحاها كما تقول العرب طبقت سمعته الآفاق، وليس من قبيل المبالغة أن نزعم أنه صار الأشهر في العالم، بل وأضحت الحروف الأولى من اسمه “م ب س” علماً وماركةً تجارية مسجلة، إلا أنها في دليلٍ آخر على مكر التاريخ باتت ترمز إلى الوحشية والرعونة والتهور الغبي، الذي يحطم كل الحواجز والقيود المتعارف عليها، ولا يأبه بأي قيمةٍ أو يقيم لها وزناً، ولئن كان نجمه قد بدأ في السطوع مقترناً بحملةٍ أُريد لها تلميعه وتسويقه في الغرب بجملةٍ من الإصلاحات، نسب لنفسه الكثير من أفكارها بعد أن قام بحبس من نشطوا في المناداة بها (كرفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات على سبيل المثال) ومكافحة الفساد بحبس أمراء من أسرته وبعض رجال الأعمال، فلم يلبث أن كشف عن وجهه الحقيقي بالحصار الخانق على قطر، الذي قصم الخليج في سابقةٍ خطيرة، وخطف رئيس وزراء لبنان؛ لكن يظل بالطبع نحر ونشر أوصال جمال خاشقجي الجريمة الفردية الأفقع على مستوى العالم، الذي اختار العمى الإرادي عن مجزرة اليمن الوحشية، التي أودت بحياة ما لا يحصى من عشرات، وربما مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء ودفعت بالباقين للمجاعة في صراعٍ نفوذٍ مع إيران يتسق وأولويات وتوجهات ترامب وإسرائيل. لكن الشاب الأرعن الجموح ذا المنشار الذي دخل التاريخ من باب الجهل والنزق والدموية البربرية البدائية الأوسع، بما يرفده من غرورٍ وتعطشٍ للسلطة والقوة والثراء، يرمز معبراً مختصراً لا لواقع تلك المملكة ومحيطها الإقليمي فحسب، وإنما لعالم رأس المال الأوسع، وما يحكم سيره من علاقات المصالح التي قد (أؤكد على “قد”) يحدها حتى حين ويعرقل تغولها رأيٌ عام وتشريعاتٌ وموانع، من بنات البنية الفوقية الملتفة، التي نشأت نتيجة الطبيعة والمنطق الداخليين لتلك المؤسسات التي أفرزها تطور رأس المال والدولة. محمد بن سلمان أو”م ب س” يجسد بهيكله الضخم وشخصه الهزيل واقع رأس المال الراهن، بعلاقاته وأزماته وتطاحنه وصراعه الأهم المستجد، بين قوةٍ أمريكية غاربة، تشهد انحداراً نسبياً، والصين التي تنازعها الصدارة على الكوكب بالإضافة إلى روسيا، إذ بدون إرادةٍ منه ويقيناً بدون وعيٍ أو إدراك أزاح أوراق توتٍ كثيرة. بدايةً كشف طبيعة تلك الدولة – المملكة التي آلت السيطرة عليها إلى عائلته، الممتدة عقب سلسلة من الغزوات والمعارك والتحالفات، فما التطور والتحديث الخارجيين سوى قشرةٍ رقيقة للغاية، تخفي وراءها بدائيةً وتوحشاً، كما أنها تثبت مرةً أخرى كم تبتذل وتمتهن شعارات التحديث والحريات على يد طغاةٍ لا يستغلونها سوى لتلميع أنفسهم، خاصةً حين لا تكلفهم شيئاً. أما على الصعيد العالمي فقد فضحت وكشفت تلك الجريمة عن حقيقةٍ نعلمها جميعاً وينكرها كثيرون من فرط قبحها واستساغةً للتشبث بالأوهام: أن المصالح التي تحكم في نهاية المطاف، وأن المبادئ والمثل للأسف الشديد ينتهي بها الحال إلى بيادق وأوراق قوةٍ وضغط. لم نجد أفضل من ترامب يعبر عن ذلك بمعادلته البسيطة حين قال بأن موقفاً عدائياً من المملكة سيهدد مبيعات أسلحةٍ ومعدات بقرابة المئة وعشرين مليار دولار من شركات السلاح والعتاد الأمريكية، ما يعني أن تلك المبالغ الطائلة ستنتهي في خزائن الصينيين أو الروس. ليس هناك أفصح وأبلغ من ذلك، فالرئيس الأمريكي الشعبوي المنتخب على موجةٍ من انعدام الثقة والسخط والشك العميق في المؤسسات، يقول بصورةٍ غير مباشرة بأن رأس المال الأمريكي في صراعه مع الصين لا يملك رفاهية التشبث بحقوق الإنسان والحريات الخ، ما دفع البعض ليصف الحقبة المقبلة من التطاحن الرأسمالي بسباقٍ نحو القاع، إذ عوضاً عن المزايدات بالحريات السياسية والشخصية والمساواة التي صبغت حقبة الحرب الباردة، نعيش الآن في عالمٍ يكاد لا يزعم أنه يحفل بتلك المثل أو يكترث بها في الحساب الختامي. كما أن تقرير المخابرات الأمريكية شبه المدين، يكشف عن الأصوات المختلفة داخل أمريكا، وربما صراعٍ صامت بين الإدارة وأجهزة الدولة. بيد أن أبلغ ما قيل في تلك الأزمة بدون منازعٍ في رأيي وأكثرها كشفاً، هو ما جاء على لسان ترامب أيضاً من محورية الوجود السعودي في حفظ أمن إسرائيل، فأسكت كل كلام وأغنانا عن الجدل ومحاولات الإقناع. هو ذا واقع الرأسمالية: أزماتٌ وصراع كلابٍ مسعورةٍ للبقاء، علاقات مصالح وتربيطات منفعةٍ ومكاسب، لا مكان للمبادئ فيها، فما بين السعودية وإسرائيل أعمق وأوثق من كل الشعارات والمقدسات، توأمة وجودية. لقد عرفت منطقتنا مذ بدأت تتحسس طريقها للحداثة بمعناها الأوروبي ولاةً طموحين وضباطاً ثائرين أو انقلابيين ينادون بالتحرر والتطوير وأحياناً التنمية والاشتراكية، فربما حان وقت ملكٍ شابٍ مغامرٍ وأرعن، مع فارق أن تلك النسخة الأجد، “م ب س” جاء متأخراً وأكثر بشاعةً وعنفاً، ينافس على المركز الأول في الحماقة والاندفاع. بيد أن “م ب س” ذا المنشار الذي أخلت مؤامرات القصر ودسائسه محلها في عهده لإهانة وحبس أفراد عائلته، ربما كان مفيداً وكاشفاً فوق ما كان يرجوه أو يطمح إليه على الرغم من إجرامه، كأنه أداةٌ مسخرةٌ في يد التاريخ لفضح زيف دعاوى التحديث في مملكته، ودعاوى المبادئ وحقوق الإنسان التي تسبق المصالح المادية في البلدان الرأسمالية، فلا أعلم أميراً أو ملكاً خدم أطروحات الاشتراكيين في العهد القريب مثله! سيكون من الممتع أن نرى كيف ستتم تسوية هذا الملف في الأسابيع المقبلة، علماً بأن موقف ترامب يرجح بقاء بن سلمان وربما اقتصر الأمر على كلمتي توبيخ في السر وقرصة أذن مصحوبةٍ بـ”لا تفعلها مرةً أخرى” ودرسٍ عن الخطوط الحمر (أي أقتل شعبك واليمنيين واشترِ بمالك من استطعت ولكن إياك وهذه الحماقات خارج محيطك أو مستنقعك العربي). هنيئاً لبن سلمان الشهرة التي سعى إليها وإن جاءته على غير ما يشتهي، ولا عزاء لمنطقتنا البائسة التي تنتج الطاغية وراء الآخر من المرضى النفسيين والقتلة الجماعيين وما زال فيها من ينتظر من أنظمةٍ كهذه إصلاحاً سلمياً! ٭ كاتب مصري |
الموقف التركي من التواجد الأمريكي في سوريا Posted: 30 Nov 2018 01:02 PM PST انتهت قبل يومين الدورة الحادية عشرة من مؤتمر أستانة في العاصمة الكازاخية أستانة 28 ـ 29 نوفمبر الماضي، بحضور الدول الثلاث الضامنة لتنفيذ الاتفاق وهي، روسيا وإيران وتركيا مع المعارضة السورية، وقد حضر المؤتمر المبعوث الأممي لسوريا ستيفان ديمستورا، ومن القضايا الأساسية تشكيل هيئة صياغة الدستور، فلا فائدة مرجوة من نجاح اتفاق استانة في مراحله الأولى، المتعلقة بوقف إطلاق النار في معظم مناطق سوريا، باسم مناطق خفض التصعيد، بدون أن تتم متابعة ذلك بإنهاء الصراع وإيجاد حل سياسي يضمن تطبيق اتفاق أستانة وقرارات مؤتمر جنيف السابقة، ولكن المشكلة الكبرى الحقيقية في سوريا اليوم، لم يأت ذكر عنها بصورة مباشرة، وتمت الاستعاضة عنها بإشارة على لسان بيان الخارجية التركية بعد ختام المؤتمر: “أن مباحثات أستانة أكدت الموقف المناهض للأجندات الانفصالية الرامية إلى النيل من وحدة وسيادة الأراضي السورية، التي تمثل تهديدات للأمن القومي لدول الجوار”. لا شك بأن تشكيل لجنة صياغة الدستور مهمة جداً، ولكنها لم تر النور في هذا المؤتمر، وعلى لسان المعارضة السورية أن المسألة بعيدة أيضاً، بالنظر لما رأوه وسمعوه في المؤتمر، ولكن لماذا يحذر بيان المؤتمر من الأجندات الانفصالية الرامية إلى النيل من وحدة الأراضي السورية، قد يقال إن التحذير تبعته جملة موضحة وهي، أن هذه الحركات الانفصالية تمثل تهديدات للأمن القومي لدور الجوار، وهذا لا يشمل من الدول الضامنة إلا تركيا، فروسيا وإيران ليس لهما جوار جغرافي مع سوريا في الأصل، ولكن جيوشهما فيها، وبذلك أصبحت الأزمة السورية أو سوريا نفسها جزءا من قضاياهما السياسية، محليا ودوليا، فوجودهما ليس وجوداً آنياً، بل لهما أهداف استراتيجية، سيجعل منهما شريكين في النظام السياسي في سوريا في المستقبل. وهكذا فإن المشكلة التي ينبغي أن يواجهها مؤتمر أستانة أو مؤتمر جنيف هي مستقبل الجيوش الأجنبية في سوريا، وفي مقدمتها جيوش الدول الكبرى روسيا وأمريكا، ومن ثم جيوش الدول الإقليمية إيران وتركيا، ومن ثم مقاتلو وميليشيات الأحزاب والمنظمات الأجنبية المدعومة من الدول الكبرى أو الإقليمية، فبعض هذه الأحزاب الميليشياوية أصبحت صاحبة قرار عسكري وسياسي كبير في سوريا، وما حد من نفوذها لتقرير مصير سوريا هو الوجود العسكري الروسي والأمريكي والايراني والتركي فقط، وعلى رأسها حزب الله اللبناني الذي ينفذ الأجندة الإيرانية، وحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) الذي ينفذ الأجندة الأمريكية، ولا يخرج عن هذا التصنيف جيش الأسد، الذي ينفذ الأجندة الروسية، وقد يقال إن الجيش السوري الحر ينفذ الأجندة التركية، ولكن الجيش التركي هو الجيش الوحيد الذي له حدود جغرافية مع سوريا أولاً، وأجندة بعض الجيوش الأخرى، وبالأخص التابعة لحزب العمال الكردستاني، الذي يهدد الأمن القومي التركي هو تهديد حقيقي وثابت في المحاكم التركية، وأهدافه في سوريا هي أهداف انفصالية، والتواجد الأمريكي في سوريا لا يراهن إلا عليه، لتحقيق أهداف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في منطقة الشرق الأوسط وليس في سوريا فقط. هذا التهديد لوحدة سوريا بسبب التنظيمات الانفصالية حذرت منه تركيا كثيرا، منذ نشوء الصراع العسكري فيها، وبالأخص في شمالها، وأوصلت الحكومة التركية رسائلها الكثيرة لأمريكا بشأن هذا الخطر، ولكن بدون استجابة أمريكية فاعلة، والرد الأمريكي هو انها ستعمل لكيلا يتحول تعاونها العسكري الكبير من قوات سوريا الديمقراطية “قسد” إلى مهدد للأمن القومي التركي، بل تعهدت أمريكا مراراً أن تمنع أي تهديد للأمن القومي التركي من الأراضي التي تسيطر عليها، ولكن بدون أن تجيب عن سبب تواجدها الحقيقي في سوريا أولاً، ولماذا تبني هذه القواعد العسكرية بآلاف الجنود في شمال سوريا ثانياً، ولماذا تتعاون مع هذه الأحزاب الانفصالية (الكردية) فقط ثالثاً، ولماذا ترسل إليها أسلحة وذخائر تكفي لإقامة جيش قوامه سبعون ألف جندي رابعاً؟ فكيف تثق تركيا بالرؤية الأمريكية في سوريا وهي ترفض التنسيق معها منذ بداية الأزمة، وكيف تثق تركيا بأمريكا وقد نكثت بتعهداتها بسحب هذه المليشيات بعد طرد تنظيم “داعش” من المدن والقرى السورية، ولماذا تمنع عودة السكان العرب الأصليين إلى هذه المدن والقرى السورية. إن التواجد العسكري الأمريكي في سوريا يهدد الأمن القومي التركي على المدى البعيد، لأن الرؤية الأمريكية مع التنظيمات والمليشيات الانفصالية (الكردية) هو إقامة دولة كردية، بدليل أن أمريكا تتبنى التغيير الديمغرافي شمال سوريا لصالح التنظيمات الانفصالية (الكردية)، فقد قامت الطائرات الأمريكية بتمكين الأحزاب الانفصالية (الكردية) من السيطرة على القرى والمدن العربية وإعطائها لغير أهلها، لتحقيق أهدافها بتغيير التركيبة الديمغرافية في مناطق نفوذها، وهذا التغيير الديمغرافي لسكان المدن والقرى السورية مارسته إيران وسبقت أمريكا به، بل تقوم إيران بفرض عقيدتها الطائفية في المناطق التي تسيطر عليها، وتقوم بعملية تهجير لأهلها، فمن لا يخرج منها تقوم المليشيات الإيرانية واللبنانية وجيش الأسد بتصفيته، وتقوم حكومة الأسد بإعادة تشكيل البنية الديمغرافية في سجل الأحوال الشخصية بما يخدم رؤيتها للتغير الديمغرافي في الأحياء التي يسيطر عليها جيش الأسد والميليشيات الداعمة له، وهذا الأمر من التبني للتغير الديمغرافي لمستقبل سوريا تقوم به روسيا أيضاً، فروسيا قامت في عملية تطبيق اتفاقية خفض التصعيد بإجراء عمليات ترحيل لسكان من حمص الغوطة الشرقية لدمشق ودرعا وغيرها، ورحلتهم إلى إدلب، بشرط إطلاق المعتقلين لدى ميليشيات الأسد، ولكنها لم تف بهذا التعهد أيضاً، بل عملت على تمكين جيش الأسد من هذه المناطق، التي يباشر التطهير العرقي والطائفي فيها. هذا التبني للتغيير الديمغرافي الذي تقوم به أمريكا وإيران وروسيا في سوريا، هو المميز الثاني للسياسة التركية في سوريا، فالجيش التركي ومعه الجيش السوري الحر لا يقومان بعمليات تطهير عرقي ولا تغيير ديمغرافي إطلاقاً، بل تطالب تركيا إيران وروسيا وأمريكا بمنع التغيير الديمغرافي ومنع التطهير العرقي والطائفي، بل إن النقطة الأساسية في الحوار التركي الأمريكي حول شمال سوريا هو تمكين سكانها الأصليين من الثبات والصمود فيها، وتوفير أسباب الأمن والاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي لهم ، سواء تم ذلك تحت مسميات المناطق الآمنة، أو دعم السكان الأصليين في مدنهم وقراهم، وإخراجهم من تجاذبات الصراع الدولي فيها. إن الموقف التركي من التواجد العسكري الأمريكي لا يختلف عن موقفه من التواجد العسكري الإيراني أو الروسي، وإذا كانت أمريكا قد أدارت ظهرها للسياسة التركية، فإن روسيا أصبحت بحاجة أكبر للتعاون مع تركيا في سوريا، فالرؤية الأمريكية التي شجعت روسيا على التدخل العسكري في سوريا أصبحت واضحة، ومن أهمها تبرير وجودها العسكري فيها أمام الكونغرس ودول العالم، وأن التواجد العسكري الأمريكي ضروري مقابل التواجد العسكري الروسي، وإن كانت السياسة الأمريكية لا تذكر اسم روسيا وتكتفي بذكر اسم إيران، وضرورة إخراجها من سوريا فالنتيجة واحدة، لأن روسيا لا تستطيع البقاء في سوريا بدون وجود جيش إيراني تعهد به خامنئي أمام بوتين لحماية القواعد العسكرية الروسية في سوريا، قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، فضلا عن دور المليشيات التابعة لإيران، التي تدافع عن الجيش الروسي في سوريا، كخط دفاع أول عن كل الثكنات العسكرية الروسية في سوريا. إن اهتمام الخارجية التركية بإعلان بيان أستانة11 بالنص على عدم تمكين التنظيمات الانفصالية من تحقيق أهدافها الانفصالية، لا يتوقف على رفض الموقف الأمريكي الداعم للانفصالين الأكراد، وإنما يشمل رفض الموقف الإيراني الذي لا يزال يسعى ويأمل أن ينتهي مؤتمر أستانة وجنيف لصالحها، بتمكين نظام الأسد من خداع أمريكا وروسيا في ذلك، ولكن الموقف الإيراني لم يتخل كليا عن مشروع “سوريا المفيدة”، أي تقسيمها، طالما لم تستطع إيران منع أمريكا من تقسيم سوريا. وهذا في النهاية سيتوافق مع الموقف الأمريكي، بل قد تعمل إيران وأمريكا معاً لتقسيم سوريا، لإخراج روسيا وتركيا خاسرتين، فالموقف الإيراني الحقيقي هو رفض مؤتمر أستانة وجنيف، الذي يعمل لوحدة سوريا أولاً، وترفض إيران وضع دستور سوري جديد ثانياً، طالما أن هذا الدستور لا يضمن بقاء عائلة الأسد في السلطة، كما أن إيران لا تراهن على بقاء نفوذها في سوريا معتمدة على الوجود العسكري الروسي فيها، لأن روسيا أقل الدول وفاء بتعهداتها السياسية التي تعارض مصالحها الخاصة، وهذا ما يفسر دعوة روسيا المتكررة مطالبة بإخراج الجيش الأمريكي من سوريا، وهذا ما يفسر تصريح روسيا الجديد ضد الدعم الأمريكي للتنظيمات الكردية الانفصالية في سوريا، فروسيا أصبحت تدرك أكثر أنها أمام مستقبل أسود في سوريا، فلن تضمن لها إيران ولا امريكا النجاح فيها إطلاقاً. *كاتب تركي |
اللعب على الحساسيات العربية الكردية شمال سوريا Posted: 30 Nov 2018 01:01 PM PST قبل أيام، انتشرت في قرى دير الزور والرقة، منشورات تدعو لمقاتلة قوات «قسد»، متحدثة عن الانتماء العروبي ورفض الهيمنة الكردية، يبدو من لغة المنشورات، أن النظام السوري يقف وراءها، خاصة مع منشورات أخرى ألقتها المروحيات العراقية، التي حلقت فوق مناطق تنظيم «الدولة» و»قسد» في ريف دير الزور، في تعاون ملحوظ لوجستي وعسكري بين بغداد ودمشق لاكمال السيطرة على تلك المنطقة، وانتزاعها من خصمين ما زالا يؤرقانهما، هما تنظيم «الدولة» والأكراد. وجود الأمريكيين كحليف للقوى الكردية شمال سوريا هو العائق الأبرز أمام النظامين في العراق وسوريا، المرتبطين بإيران عضويا، وبما أن العرب هم سكان تلك المناطق المستهدفة في الرقة ودير الزور، تقوم أجهزة الأمن في البلدين بمحاولة البحث عن حلفاء داخل المكون العشائري العربي، وتحريضهم ضد الهيمنة الكردية، وقد سبق للنظام السوري أن نجح فعلا في اجتذاب عدد من الكتل العشائرية والشيوخ البارزين في تلك المنطقة، ولعل أبرزهم نواف البشير أحد شيوخ عشيرة البقارة، الذي انتقل من صفوف قادة المعارضة إلى صفوف المقاتلين في جيش النظام. البشير، الذي كلما التقيناه كان يعرب عن استيائه من تجاهل دوره من قبل الدول الداعمة للمعارضة السورية، وجد ضالته في اهتمام النظام السوري به، وعاد لحضن دمشق ليؤسس ميليشيات من أبناء عشيرته قاتلت إلى جانب جيش النظام في معظم المعارك التي خاضها الأسد شمال سوريا، ويبدو أنه يعمل الآن على جذب العديد من شيوخ العشائر والنافذين في قراهم لجانب النظام، في سعي هذه المرة ليس للتحريض على الأكراد، بل لتلبية رغبة ملحة لسياسات طهران في شمال سوريا، وهي تشكيل فرق اغتيالات وعمليات تهاجم المصالح الأمريكية في مناطق «قسد»، وقد نفذت هذه المجموعات الصغيرة عدة اغتيالات بالفعل ضد قيادات في «قسد» ، ويبدو أنها تستهدف إقلاق الاستقرار الهش في مناطق «قسد»، وصولا لإرباك المشهد والضغط على الأمريكيين للانسحاب من الشمال السوري، والتراجع عن دعمهم للأكراد، ويبدو الروس اكثر المستفيدين من هذه المعادلة، فهم يبحثون عن كل الوسائل والحلفاء لإبعاد الأمريكيين من المنطقة. كما علينا أن نتذكر أن الأتراك أيضا يضغطون شمالا من دون أن يتمكنوا من إيجاد موطئ قدم ثقيل في المناطق العربية لحد الآن، وبينما تحتفظ أنقرة بفصائل حليفة من الجيش الحر في مناطق درع الفرات، تفعل الولايات المتحدة الأمر نفسه مع أبناء المنطقة العرب في الرقة والدير، وكذلك النظام السوري يزداد الموالون له شيئا فشيئا اعتمادا على تسعير الخطاب القومي ضد الاكراد، وهو ما دأب عليه النظام السوري لعقود في مناطق القامشلي والحسكة، إذ اعتمد على العشائر العربية للتصدي للنشاط الكردي المطالب بمزيد من الحقوق والاستقلالية للأكراد، وفي ضوء إصرار النظام على اللعب على الحساسيات العربية الكردية شمال سوريا، فإن المشهد في مناطق «قسد» مقبل على مزيد من التطورات في الأشهر القليلة المقبلة. *كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي» |
لا تزال فلسطين قميص عثمان Posted: 30 Nov 2018 01:00 PM PST حتى في هذا الزمن الذي نشاهد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزراءه يجوبون عواصم خليجية بدعوات رسمية، وتسرب جوقته أخبارا عن احتمالات زيارة عواصم عربية وإسلامية اخرى ومنها الخرطوم العاصمة السودانية، التي انطلقت من قمتها العربية التي عقدت بعيد هزيمة يونيو/ حزيران 1967، اللاءات الثلاثة الشهيرة “لا صلح لا اعتراف لا تفاوض”، حتى في هذا الزمن، لم تفقد القضية الفلسطينية وهجها، ولا تزال تستخدم كـ”قميص عثمان”، لتبرير التطبيع مع دولة الاحتلال، مما يؤكد أهميتها. صحيح أن الخرطوم نفت المزاعم الاسرائيلية وقطع وزير الإعلام السوداني بشارة جمعة الشك باليقين بشأن زيارة مرتقبة لنتنياهو للخرطوم، بقوله إن “العداء بين السودان ودولة إسرائيل، فكريا ودينيا، مستمر إلى أن تقوم الساعة”. كما نفى رئيس القطاع السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم عبد الرحمن الخضر وجود أي توجه للتطبيع مع إسرائيل، وقال إن حزبه لم يناقش الأمر في أي من مستوياته. لكن رغم هذا النفي القاطع، لاسيما على لسان بشارة جمعة، إلا أنه لا يشكل ضمانا في ألا يغير النظام السوداني مواقفه هذه، خاصة إذا كانت هناك حاجة لنيل رضا واشنطن. غير أن الأمل يحدونا في أن يبقى هذا هو موقف السودان الرسمي، كما هو دوما موقف السودان الشعبي، الذي خرجت نساؤه قبل رجاله لتعبر عن رفضها للتطبيع واستقبال نتنياهو ووزرائه، كما فعلت عمان والإمارات والبحرين، التي وجهت مجددا دعوة رسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، لمشاركة وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي، إيلي كوهين، في مؤتمر دولي سيعقد في المنامة. ومتوقع أن تكون البحرين الناشطة جدا على خط التطبيع أيضا المحطة الثانية لنتنياهو بعد عمان. وتبقى الشكوك قائمة فلا ثقة بقادة هذه الانظمة، الذين يغيرون مواقفهم كما يغيرون ثيابهم، إذا اقتضت الحاجة، أو كما تمليه عليهم فضائحهم الموجودة في ملفات جهاز الموساد الاسرائيلي، الذي ينظم هذه الزيارات كما حصل في عمان، وربما في البحرين وغيرهما. ويثبت القول ما نقله التلفزيون الاسرائيلي، عمن وصفه مصدرا مطلعا من قول إن مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية الاسرائيلية التقى سرا قبل نحو عام في إسطنبول مع مسؤولين كبار من الخرطوم، على رأسهم احد المساعدين المقربين من رئيس جهاز الاستخبارات السوداني في حينه محمد عطا، الذي عينه الرئيس عمر البشير قبل سنوات، مسؤولا عن “الملف الإسرائيلي” وعين قبل أشهر سفيرا للسودان في الولايات المتحدة. وكان هذا اللقاء الذي عقد في منزل رجل أعمال تركي مقرب من البشير، محاولة لتجديد الحوار بين البلدين. لاحظ كلمة “لتجديد الحوار”، ما يعني أن الحوار كان قائما قبل ذلك. وحسبما ورد فإن الدبلوماسي الإسرائيلي الذي شارك في اللقاء مخضرم وعمل منذ تسعينيات القرن الماضي مبعوثا خاصا لوزارة الخارجية إلى دول الخليج، واليوم هو المبعوث الخاص لموضوع السودان. بيد أن من ظن أن القضية الفلسطينية تتراجع في أهميتها وصدارتها، كما يزعم نتنياهو والمبعوث الامريكي إلى المنطقة الصهيوني المتأصل جيسون غرينبلات وجاريد كوشنر صهر ترامب، هو مخطئ تماما، فالقضية الفلسطينية لا تزال الورقة الرابحة حتى في زمن التطبيع العربي/ الخليجي الرسمي. فكما كانت القضية الفلسطينية في الماضي، أي إبان الانقلابات العسكرية، والانظمة التي كانت تبحث عن غطاء شرعي، تستخدم كقميص عثمان، فانها لا تزال لازمة كل الأنظمة، وفي مقدمتها تلك التي “تهرول” نحو التطبيع مع دولة الاحتلال. فحتى الرئيس التشادي الديكتاتور إدريس ديبي، وفي محاولة للتغطية على تطبيعه مع الاحتلال قال، إن تجديد العلاقات الدبلوماسية لا يعني بطبيعة الحال، “القضاء على القضية الفلسطينية”. نعم لا يمكن في أي حال من الاحوال القضاء على القضية الفلسطينية بصمود شعبها ونضاله ودعم الشعوب الحرة له، والتاريخ يؤكد انه بعد اكثر من قرن من الزمن لا تزال هذه القضية حية ولا يزال الشعب الفلسطيني، يناضل ويقاتل من دون كلل، وأفشل كل المؤامرات ومحاولات طمس هويته وسلب حقوقه. وتابع ديبي خلال زيارته المفاجئة لاسرائيل “أنا شخصيا أعلنت في أكثر من مرة، في الأمم المتحدة، بأن دولتي تتمنى تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين”. وبهذه اللازمة وتحت هذا الغطاء يمكن للديكتاتور ديبي أن يفعل ما يشاء، ويقر بما صرح به نتنياهو عن العلاقات السرية بين البلدين بقوله، إن “قطع العلاقات الدبلوماسية في السبعينيات لم يمنع العلاقات الجيدة بيننا التي استمرت طوال الوقت”. فالعلاقات ليست جيدة فحسب، بل أن نجل ديبي درس في إسرائيل ويجيد العبرية. ويفترض كما أُعلن أن يرد نتنياهو الزيارة للاعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد 46 عاما. سؤال مباح، ألم يحن الوقت بعد لكي نتخذ مواقف أكثر حزما لمواجهة حملة التطبيع الخليجية/ العربية الشرسة، ووقف الهرولة غير المبررة نحو التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال؟ ألم يحن الوقت بعد كي تحدد جامعة الدول العربية موقفا من هذه الزيارات التطبيعية التي تشكل خرقا لميثاق الجامعة العربية وقرارات قممها؟ لكن قد يقول قائل: من يلوم هذه الدول، ونحن أي الفلسطينيين، لا نزال نراوح في مكاننا في ما يتعلق بمقاطعة دولة الاحتلال وتطبيعنا معها، ولا تزال القيادة الفلسطينية بعيدة عن تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير في دوراته المتعاقبة، لاسيما تعليق الاعتراف بها حتى تعترف بالدولة الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني وكذلك الاقتصادي، وتنفيذ بقية استحقاقات عملية السلام والاتفاقات الموقعة. نعرف أن هناك امتعاضا فلسطينيا على جميع الصعد، وندرك أيضا أن هناك مخاوف فلسطينية من فقدان دعم هذه الدول، لاسيما الدعم المالي، لكن بإمكاني أن أقطع الشك باليقين، أنه في حال اتخذت السلطة موقفا واضحا وحازما وقائدا فإن هذه الدول ستسعى لاسترضائها ليس خوفا منها، بل خوفا من شعوبها التي ستجد في الموقف الفلسطيني الحازم دعما لها في رفضها لـ”الزيارات التطبيعية” المجانية. واخيرا أليس مستهجنا أن تتم هذه الاستقبالات الرسمية للمسؤولين الإسرائيليين في العواصم العربية، في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل ضغوطا ومقاطعة من دول أجنبية ومؤسسات دولية، وآخرها مشروع القانون الذي صادق عليه البرلمان الأيرلندي قبل ثلاثة ايام بمقاطعة منتجات وخدمات المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية. واختتم بالقول يبدو أننا ـ نحن والإسرائيليين ـ نسير نحو تغيير المواقع والتحالفات، ففي الماضي كان اعتماد الفلسطينيين بالكامل تقريبا على دول العالم الثالث في دعم مواقفهم، بينما كان مصدر الداعم الرئيسي لاسرائيل، دول العالم الغربي وفي مقدمتها طبعا الولايات المتحدة، واليوم نجد أن دول العالم الغربي باستثناء امريكا ترامب، تدعم مواقفنا وقراراتنا في المحافل الدولية. ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي بنحاس عنبري، أن “أفيغدور ليبرمان، حين كان وزيرًا للخارجية، هو أول من بادر للتقارب مع إفريقيا بعد أن واجه صعوبات في قبوله أوروبيا”. وبرأي عنبري فإن “إسرائيل أهملت إفريقيا لسنوات طويلة، وركزت على العلاقات مع الدول الأوروبية”. وتابع “ولكن عندما أيدت أوروبا بشكل واضح قيام دولة فلسطينية، وعارضت بشكل علني سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، اتخذت إسرائيل قرارًا استراتيجيًا بالعودة إلى إفريقيا”. واستطرد “عودة إسرائيل إلى إفريقيا حملت في طياتها خيبة أمل إسرائيلية من أوروبا، التي مالت إلى الفلسطينيين، وفرضت عقوبات على استيراد بضائع المستوطنات، ولم تتخذ موقفًا واضحًا من جماعات مقاطعة إسرائيل”. وتمسكت دول الاتحاد الأوروبي (28 دولة حتى الآن وقبل خروج بريطانيا)، في السنوات الأخيرة، بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وعارضت الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما عارضت قرار الولايات المتحدة اعتبار مدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ورفضت نقل سفاراتها إلى القدس، على عكس ما فعلته واشنطن. *كاتب فلسطيني من أسرة«القدس العربي» |
غزة Posted: 30 Nov 2018 01:00 PM PST |
جزر القمر: بلد عربي إسلامي افريقي بين حماية فرنسية وانقلابات عسكرية Posted: 30 Nov 2018 01:00 PM PST هي جمهورية جزر القمر المتحدة البلد العربي الإسلامي الإفريقي الصغير، حيث يتكون من عدة جزر تقع في المحيط الهندي محصورة ما بين أراضي قارة إفريقيا غرباً ويابس جزيرة مدغشقر شرقاً، وبذلك فهي تقع عند المدخل الشمالي لمضيق موزمبيق وتتمثل هذه الجزر في أربع جزر بركانية كبيرة ورئيسية هي جزيرة القمر الكبرى التي تعرف أيضاً باسم «نجا زنجا» وعلى ساحلها الجنوبي الغربي تقع عاصمة الدولة مروني وجزيرة أينجوان وجزيرة موهيلي وجزيرة مايوت التي تعتبرها فرنسا مستعمرة فرنسية عبر البحار ولا زالت تحكمها. ويرجع ذلك إلى أن مايوت كانت هي الجزيرة الوحيدة في الأرخبيل التي صوتت ضد الاستقلال عن فرنسا، واستخدمت فرنسا حق الفيتو وأبدت اعتراضها على قرارات مجلــــس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة التي تؤكد سيادة جزر القمر على الجزيرة ولم يعد الحكم إلى جزر القمر مطلقًا، وقد قوبل الاستفتاء الذي تم في التاسع والعشرين من آزار/ مارس عام 2009 حول أن تصبح الجزيرة جزءا من الوطن الفرنسي في عام 2011 باحتفاء غامر. كذلك تتميز بوجود موارد سياحية جيدة، فهي إضافة إلى مناخها الاستوائي المميز، تزخر بمخزون ثقافي يجذب إليها الكثير من السياح الأوروبيين في كل عام ويمكن أن نرجع سبب تسميتها بجزر القمر، لأن القمر كان بدراً يوم اكتشاف هذه الجزر، وسميت بالقمر، وأخذ الأوروبيون الاسم فيما بعد، فأطلقوا عليها اسم «كومور» والزائر لهذه الجمهورية يجد نفسه أمام خيارات سياحية متعددة، فالطبيعة الخلابة والشواطئ النظيفة والتراث الثقافي كلها توفر للسائح تنوعاً سياحياً فريداً قلما يوجد في أي بلد من البلدان. تتباين الأنشطة السياحية من سياحة الصيد والمغامرات بالإضافة إلى السياحة البيئية وسياحة الاسترخاء في الشواطئ الرملية ويتميز الأرخبيل بالتنوع الثقافي والتاريخي، حيث تألفت من العديد من الحضارات. وعلى الرغم من أن اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية الوحيدة في جزيرة مايوت المتنافس عليها، فإن للاتحاد القمري ثلاث لغات رسمية وهي اللغة القمرية (شيقُمُر) واللغة العربية والفرنسية. بدأت جذور الاحتلال الفرنسي للجزر في عام 1793، عندما بدأ بعض محاربين مالاجاشيين من مدغشقر بشن غارات على الجزر من أجل الحصول على الرقيق في بادئ الأمر، وبعد ذلك، قاموا بالاستيطان والاستيلاء على الكثير من المواقع. وبدأ الحكم الاستعماري الفرنسي في جزر القمر لأول مرة في عام 1841. وقام المستعمرون الفرنسيون الأوائل الذين هبطوا على جزيرة مايوت والملك المالاجاشي الذي يحكم جزيرة مايوت أندريان تسوولي بتوقيع اتفاقية في نيسان/ أبريل 1841 والتي تم بموجبها التنازل عن الجزيرة للقوات الفرنسية. في عام 1886 تم وضع جزيرة موهيلي تحت الحماية الفرنسية على يد الملكة ساليمبا موشيمبا. وفي العام نفسه وافق السلطان سعيد علي على الحماية الفرنسية بعد تقوية سلطته على جزيرة القمر الكبرى، وعلى الرغم من ذلك فقد احتفظ بالسيادة حتى عام 1909. وأيضًا في عام 1909 قام السلطان سعيد محمد سلطان أنجوان بالتنازل عن العرش لصالح الحكم الفرنسي. وأصبحت جزر القمر مستعمرة فرنسية رسميًا في عام 1912، وتم وضع الجزر تحت حكم الحاكم العام للاستعمار الفرنسي في مدغشقر في عام 1941. لقد كانت جزر القمر بمثابة محطة في طريق التجار المبحرين إلى الشرق الأقصى والهند حتى افتتاح قناة السويس والتي قللت بشكل كبير عبور التجار خلال قناة موزمبيق. وكانت السلعة المحلية الوحيدة التي تقوم جزر القمر بتصديرها هي جوز الهند. وقام المستوطنون الفرنسيون والشركات المملوكة لفرنسيين ولأثرياء عرب ببناء اقتصاد يعتمد على الزراعة، وحتى الآن يستغل الاقتصاد ثلث مساحة الأراضي لزراعة محاصيل للتصدير. وبعد الاستيلاء على مايوت قامت فرنسا بتحويلها إلى مستعمرة مخصصة للزراعة. وتم تحويل الجزر الأخرى بعد ذلك بوقت قليل وتم تقديم المحاصيل الكبرى مثل إيلنغ والفانيليا والبن، والكاكاو والسيزال. بعد ذلك تم التوصل إلى اتفاقية مع فرنسا في عام 1973 بشأن استقلال جزر القمر في عام 1978. وعلى الرغم من ذلك ففي السادس من تموز/ يوليو 1975 أصدر برلمان جزر القمر قرارًا من جانب واحد يعلن استقلالها. وقد امتنع نواب مايوت عن التصويت. وتم إجراء الاستفتاءات في كل الجزر الأربع. وقد صوتت ثلاث جزر للاستقلال وحصدت أصواتًا كثيرة، بينما صوتت مايوت ضد الاستقلال وظلت تحت الحكم الفرنسي. وقد أعلن أحمد عبد الله استقلال «دولة جزر القمر» في الخامس من أيلول/ سبتمبر 1975 وأصبح أول رئيس لها. لقد كان الربع قرن التالي فترة اضطرابات سياسية. وفي الثالث من آب/ أغسطس من عام 1975 قام المرتزق بوب دينارد بمساعدة سرية من جاك فوكار والحكومة الفرنسية بخلع الرئيس أحمد عبد الله من منصبه عن طريق انقلاب مسلح واستبداله بعضو الجبهة الوطنية المتحدة في جزر القمر الأمير سعيد محمد جعفر. وبعد عدة أشهر، في كانون الثاني/ يناير 1976 تم خلع جعفر لصالح وزير الدفاع علي صويلح. في هذا الوقت، صوت سكان مايوت ضد الاستقلال عن فرنسا في استفتاءين. تم الاستفتاء الأول في كانون الأول/ ديسمبر 1974 وبلغت نسبة تأييد استمرار العلاقات مع فرنسا 63.8٪، بينما تم الاستفتاء الثاني في شباط/ فبراير 1976 والذي أكد ذلك التصويت بأغلبية 99.4٪. وقامت الثلاث جزر الباقية تحت حكم الرئيس صويلح بإصدار عدد من السياسات الاشتراكية والانعزالية التي أدت في وقت وجيز إلى توتر العلاقات مع فرنسا. في الثالث عشر من أيار/ مايو 1978 عاد بوب دينارد للإطاحة بالرئيس صويلح وإعادة عبد الله بتأييد من الحكومة الفرنسية وحكومة جنوب إفريقيا. وخلال فترة حكم صويلح القصيرة شهد سبع محاولات انقلاب إضافية حتى تم طرده من منصبه وقتله في نهاية المطاف. وعلى النقيض من صويلح، فإن رئاسة عبد الله تميزت بالاستبداد. كما تم تغيير اسم الدولة إلى جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية. واستمر عبد الله في الرئاسة حتى عام 1989 عندما خشي من حدوث انقلاب فقام بإصدار قرار يأمر الحرس الجمهوري بقيادة بوب دينارد بنزع سلاح القوات المسلحة. وبعد وقت قصير من توقيع القرار، زعم أن عبد الله قد لقي مصرعه في مكتبه رميًا برصاص ضابط عسكري ناقم. على الرغم من ذلك، زعمت مصادر فيما بعد أنه تم إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على غرفة نومه وقتله. وعلى الرغم من إصابة دينارد، إلا أنه كان هناك شك في أن قاتل عبد الله كان ضابطًا تحت إمرته. وبعد عدة أيام، تم إجلاء دينارد إلى جنوب إفريقيا على يد المظليين الفرنسيين. وبعد ذلك، أصبح سعيد محمد جوهر الأخ الأكبر غير الشقيق لصويلح الرئيس واستمر حتى عام 1995 عندما عاد بوب دينارد وحاول القيام بانقلاب آخر. وفي هذه المرة، تدخلت فرنسا بإرسال جنود مظلات وأجبرت دينارد على الاستسلام. وقام الفرنسيون بنفي جوهر إلى ريونيون. أصبح محمد تقي عبد الكريم المدعوم من باريس رئيسًا عن طريق الانتخابات. وقاد البلاد منذ عام 1996 خلال فترة من أزمات العمالة والقمع حكومي وخلافات مع الانفصاليين حتى وفاته في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1998. وخلفه الرئيس المؤقت تاج الدين بن سعيد مسوندي. وقد أعلنت جزيرة أنجوان وجزيرة موهيلي استقلالهما عن جزر القمر في عام 1997 في محاولة لاستعادة الحكم الفرنسي. لكن فرنسا رفضت طلبهما مما أدى إلى مواجهات دموية بين القوات الاتحادية والمتمردين. في نيسان/ أبريل 1999 قام العقيد غزالي عثماني رئيس أركان الجيش بالاستيلاء على السلطة في انقلاب غير دموي مطيحًا بالرئيس المؤقت مسوندي مشيرًا إلى القيادة الضعيفة في مواجهة الأزمة. وكان هذا هو الانقلاب الثامن عشر في جزر القمر منذ الاستقلال في عام 1975. بيد أن غزالي فشل في تعزيز سلطته وإعادة فرض السيطرة على الجزر وكان هذا الأمر مثار انتقاد دولي. وقام الاتحاد الإفريقي تحت رعاية رئيس جنوب إفريقيا إمبيكي، بفرض عقوبات على أنجوان للمساعدة في عقد المفاوضات والتوصل للصلح. وتم تغيير الاسم الرسمي للدولة إلى «اتحاد جزر القمر» وأصبح هناك نظام سياسي جديد يتمثل في الحكم الذاتي لكل جزيرة بالإضافة إلى حكومة اتحادية للثلاث جزر. كذلك يبقى أن الجيش القمري هو المؤسسة العسكرية النظامية في دولة جزر القمر. وهو جيش صغير دائم محترف. وتوفر معاهدة الدفاع الموقعة مع فرنسا مصادر الحماية البحرية للمياه الإقليمية وكذلك تدريب العسكريين القمريين وأيضًا المراقبة الجوية. وتحتفظ فرنسا بقوة عسكرية صغيرة في جزر القمر وتضعها تحت طلب الحكومة. كما تحتفظ فرنسا أيضًا بقاعدة بحرية صغيرة وفيلق أجنبي في مايوت. ٭ كاتب وباحث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية |