Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأحد، 1 أكتوبر 2017

Alquds Editorial

Alquds Editorial


المرأة التونسية: إصلاحٌ أم ورقة توت؟

Posted: 30 Sep 2017 02:17 PM PDT

آمنة قلالي، مديرة مكتب منظمة ‹›هيومن رايتس ووتش›› في تونس، تصرّ ـ محقة تماماً، في الواقع ـ على التذكير بضرورة إقامة الرابط بين خيارَين مركزيين اتسم بهما سلوك السلطة في تونس خلال الآونة الأخيرة؛ على الرغم من تناقضهما البيّن، حقوقياً وقانونياً أولاً، ولكن سياسياً وأخلاقياً كذلك: تشريعات منح المرأة المزيد من الحقوق، المشروعة مبدئياً، والإيجابية عموماً، ولكن القصوى أحياناً والصادمة اجتماعياً، كما يساجل الكثيرون، من جهة أولى؛ وتشريعات حماية رجال العهد الدكتاتوري البائد من المحاسبة أمام «هيئة الحقيقة والكرامة»، بل تمكينهم في الوزارات والمؤسسات ومواقع الإدارة العليا، من جهة ثانية.
على سبيل المثال الأحدث عهداً، كان السجال يحتدم في تونس، على أصعدة سياسية واجتماعية وفقهية وإيديولوجية شتى، حول مقترحات الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، بصدد مساواة المرأة التونسية مع الرجل في الإرث، وحقّ المسلمة التونسية في الزواج من غير المسلم؛ فماذا كان البرلمان التونسي يناقش، ويقرّ، في المقابل؟ ذلك القانون الخاصّ بإعفاء مسؤولين سابقين في حكومات بن علي من الملاحقة القضائية، رغم أنهم ليسوا متورطين في قضايا فساد وابتزاز فحسب، بل في ملفات تعذيب وترهيب وتنكيل أيضاً. وأمّا اعتراض الشارع الشعبي على هذا التشريع، ومسيرات الاحتجاج التي رفعت شعار «قانون تبييض الفساد لن يمرّ»، فإنها ذهبت أدراج الرياح.
وإذْ لا ينكر أحد أنّ سلسلة القوانين التي تخصّ مدوّنة الأحوال الشخصية التونسية تظل متقدمة على غالبية المدوّنات المماثلة في العالم العربي، وهكذا بدأت أصلاً منذ ستة عقود ونيف؛ فإنّ المراقب الحصيف للمشهد التونسي في أبعاده المتكاملة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ملزَم بأخذ الاعتبارات الأخرى الخافية خلف الاعتمالات الظاهرة للمشهد ذاته. كيف، في سياق مقاربة تكاملية مثل هذه، يصحّ استبعاد سلسلة المناورات المختلفة، الحزبية والسياسية، فضلاً عن تصارع المصالح ومجموعات الضغط وأروقة الفساد المعتمة، التي تكمن وراء هذه التشريعات؟
هل يجوز، حقاً، تنزيه السبسي عن مسعى إعادة استرضاء المرأة التونسية، خاصة في الصفّ العلماني والتحرري، بعد أن حلّ عليه سخطها جرّاء تحالفه مع «النهضة»؟ وهل يبيح العقل، بل منطق السياسة الأبسط، استبعاد احتمال لجوء السلطة إلى استغلال سجالات هذه التشريعات، وربما محاولة تسعيرها أكثر؛ بغرض إلهاء المواطنين عن مشكلات العيش والعمل والسكن والصحة والتعليم والأمن، في ظلّ انحطاط عامّ يصيب هذه القطاعات جمعاء؟ وكيف تُمنح سلطة حاكمة شهادة حسن سلوك حول حقوق المرأة، إذا كانت منظمات حقوق المرأة وحقوق الإنسان تتهم الشرطة التونسية بأنها ليست، أو لم تصبح بعدُ، جمهورية؛ بقدر ما هي «شرطة أخلاقية»، تفرض على وزارة الصحة إجراء فحوص العذرية؟
صحيح، كذلك، أنّ مدوّنة الأحوال الشخصية التونسية كانت على الدوام «ورقة توت»، كما تقول آمنة قلالي، أخفت استبداد السلطة وممارسات الأجهزة الأمنية ضدّ المعارضة بصفة خاصة؛ ولكنها، في الجانب الجدلي الموازي، منحت المرأة التونسية مكاسب قانونية ملموسة ومتقدمة، لا نزاع حول أهميتها في الحياة الاجتماعية عموماُ؛ كما افتتحت، في نطاق جدلي موازٍ أيضاً، منابر نقاش فكري وثقافي وفقهي حول موقع الفرد/ المرأة في المجتمع، إزاء الشريعة الإسلامية، في بلد لا يستلهم دستوره الشريعةَ مباشرة، وإنْ كان يقرّ بأنّ البلد مسلم.
ويبقى أنّ تصويت «النهضة» لصالح قانون إعفاء رجال العهد القديم، ثمّ «اعتدال» زعيمها التاريخي راشد الغنوشي في إبداء الاعتراض على قوانين توريث المرأة وزواجها من غير المسلم؛ مظاهر تثير الارتياب المشروع في أنّ الحركة تمارس بدورها تكتيكات المناورة، بل لعلها تتسابق فيها مع السبسي! الأمر الذي يطرح السؤال، الممضّ والمحقّ معاً: أهذا إصلاحٌ حقيقي صادق، أم إعادة تدوير لورقة التوت العتيقة؟

المرأة التونسية: إصلاحٌ أم ورقة توت؟

صبحي حديدي

العنصرية الثقافية

Posted: 30 Sep 2017 02:17 PM PDT

العنصرية الثقافية، حين تتخذ بعدا عرقيا، مرض اجتماعي، وليست حركة وطنية حتى وإن ادعى أصحابها أنهم وطنيون أو ديمقراطيون. إن مثلها مثل التطرف الديني الذي يمارسه الإرهابيون. وما الخطاب الذي نشرته «شاعرة» أمازيغية مؤخرا على جدارها سوى تعبير عن ذلك المرض في أقصى درجات تحققه. لقد قالت ما إن طرحت قضية استفتاء الكورد: إن المطلوب هو قتل العرب جميعا.
 بعض الناس يحاربون ما كان يعرف بـ»القومية» العربية، باسم «قومية» أخرى، وبحقد بيِّن، دون أن يدركوا أنهم يعيدون ارتكاب الأخطاء التي وقع فيها من يعتبرون قوميين. كثيرون لا يضعون القومية في سياقها التاريخي، ولذلك تراهم يتخبطون ويخبطون، والأدهى أنهم إلى جانب ذلك، يتشدقون بأن تلك «القومية» متخلفة، وأنهم «التقدميون» ومدخلهم إلى ذلك يجدونه في حقوق الإنسان والهوية. بل إن بعض هؤلاء صارت تقشعر جلودهم عند سماع كلمة «عربي»، وصاروا يطاردونها أينما وجدت: المغرب العربي مثلا. وضدا على العروبة باتوا يربطونها بالإسلام إلى حد أن يحلم بعضهم بالوثنية أو الزرادشتية، وبالتقاليد والأعراف التي تنتمي إلى ما قبل العصر الحديث، ومع ذلك تراهم يتشدقون بالحداثة والعقلانية والعلمانية. طينة هذه الفئة من المثقفين لا يهمها الوضع الحقيقي الذي يتخبط المغاربة فيه، عربا وأمازيغ وصحراويين، وحتى من لا نسب لهم، ممن لا يعرفون آباءهم، أو تركتهم أمهاتهم في حاوية للقمامة. إنهم وهم ضد العروبة أصبح عدو شعوب المنطقة بكاملها (الصهيونية) صديقا لهم، ضدا على «العرب». ويتبجح بعضهم بزيارة إسرائيل في الوقت الذي نجد المثقفين الحقيقيين في العالم، وحتى اليهود منهم، داخل إسرائيل وخارجها، ضد الدولة العنصرية التي قامت على ادعاءات عنصرية، وإن ادعت الديمقراطية. وها هي ذي تسفر عن وجهها الحقيقي بعد أن صفا لها الجو، تطرح مشروع قانون «الدولة العبرية» التي لا تختلف في جوهرها عن ادعاءات الدواعش في إقامة الخلافة الإسلامية. لكن هؤلاء إرهابيون، وأولئك يمثلون واحة الدولة العصرية في الشرق الأوسط.
إنهم في الإرهاب سواء، وكل من يدعم هذا الاتجاه لا يمكن أن يكون إلا إرهابيا. وما تعبيرات تلك «الشاعرة» إلا خير دليل على تلك العنصرية. أين منها الفنان، والشاعر الأمازيغي الحقيقي المرحوم محمد رويشة، وسواه من الفنانين الحقيقيين الذين لا يفرقون بين العربي والأمازيغي، ويغنون بالأمازيغية كما يغنون بالعربية، مجسدين بذلك التنوع والتعدد الثقافيين في أسمى وجودهما كتعبير عن القيم الإنسانية، لا عن العنصرية الثقافية البغيضة. وهل يمكن لفنان، مهما كانت درجة التزامه، بأي قضية أن يصل به الحقد إلى حد قتل وطرد كل من يشترك معه في تاريخ طويل وملموس وواقعي؟
ما الفرق بين حنا مينة وسليم بركات؟ وبين الشاعر حسب الشيخ جعفر وبلند الحيدري؟ إن المبدع الحديث ينتمي إلى وطن الإبداع، وليس وطن الجغرافيا، أو القبيلة التي ينتمي إليها. ما الفرق بين أبي نواس وبشار وابن الرومي، من جهة، وأبي تمام والمتنبي والمعري من جهة أخرى؟ ليس العرق هو الذي يحدد إبداعية هذا أو ذاك، ولكن «الشعرية» هي التي تحدد الشاعر من غيره. وبحسب تلك الشعرية تتحدد القيمة الإبداعية للمبدع الحقيقي، لا بحسب الأقوال العنصرية.
سبق أن كتبت عن العمى الثقافي والحقد الإيديولوجي. وها نحن نصل إلى أقصى ذلك من خلال العنصرية الثقافية التي كان أصحابها يخفونها تحت شعارات مزيفة، وتكشف أنها نتاج طبيعي لذاك العمى وهذا الحقد. أن تكون مغربيا، وتتعاطف مع الأكراد لأنهم مهمشون وحقوقهم مهضومة شيء. أما أن يكون تعاطفك معهم لأنك تشترك، مع بعضهم، في كراهية العرب، وتعمل على إعطاء شرعية لإسرائيل، نكاية في الشعب الفلسطيني لأنهم عرب، فهذا شيء آخر.
يمكن للمرء أن يتعاطف مع القضايا العادلة. لكنه في الوقت نفسه، يمكن أن يتخذ موقفا منها حين تحيد عن مقاصدها النبيلة، ولا سيما حين تستغل لأهداف شخصية أو فئوية ضيقة، أو لا تخدم المصلحة الخاصة لمن تدعي خدمتهم، أو العامة في المنطقة بكاملها. لقد تعاطفنا مع سوريا زمنا طويلا حين كنا نراها في الواجهة ضد العدو الصهيوني. ولكن حين صارت الحراب توجه إلى صدر الشعب لا بد من التوقف. تعاطفنا دائما مع الأكراد المعارضين لنظام البعث حين كانوا يعانون من سياسته وتوجهه اللذين لم يكن يميز فيهما بين العربي والكردي والتركماني وغيرهم من المعارضين له. كانت سياسته، شأن كل الأنظمة القمعية تفرض إما أن تكون معها أو ضدها.
سقط نظام البعث، وكان الأمل أن يبنى عراق جديد يتسع لكل القوميات والإثنيات التي يجمع بينها تاريخ عريق لا علاقة له بالأوهام ولا بالحدود التي رسمها الاستعمار. تصورنا أن النظام القمعي سيؤدي إلى تجاوز كل الغطاءات التي كان يتدثر بها لزرع الرعب في القلوب. لكن بدا أن مستنسخي صدام باتوا بالعشرات، وكل يحلم باتخاذه أنموذجه في المنطقة. تضاعف الرعب، والاقتتال، والخطف، والتهجير، والتطهير العرقي. لم يمت صدام بل تجلى في كل أعدائه وخصومه، وكل يتخذه قدوة ليس لبناء وطن حديث ومعاصر قادر على مواجهة تحديات العصر، وطن لا ينظر فيه إلى الاسم الشخصي، ولا إلى الانتماء الطائفي أو المذهبي أو العرقي، بل إنهم عملوا جميعا على تخريب الوطن، وتشتيته وتمزيقه، وكل له نواياه الخاصة في الأخذ بالثأر والانتقام، وكل له من الأمثلة ما يكفي لممارسة الهروب إلى الماضي بدل البحث عن بناء المستقبل.
حين «توحد» العراقيون جميعا ضد الإرهاب وضد داعش، كان كل يمارس حربه، ليس من أجل القضاء على الإرهاب، ولكن من أجل الحصول على «الغنيمة» الخاصة، مستغلين ما كان يحبل به الواقع من فوضى، لتثبيت الذات وفرضها على الآخرين. هذا حشد، وتلك بيشمركه، وهؤلاء عشائر… لم يكن التنافس على طرد الظلاميين، ونشر قيم الحرية واحترام الإنسان بعد دحرهم، ولكن على احتلال الأرض التي يخرج منها الإرهابيون للتفاوض عليها بعد انتهاء الحرب أو لفرض الأمر الواقع. لقد خرجوا جميعا من معطف صدام، ومن طاقية الصهاينة الذين يبنون المستوطنات ويتحدثون عن السلام.
ما إن بات شبح الدواعش مهددا بالزوال حتى رفع الاستفتاء بدعوى أن الدولة طائفية ومذهبية. لو قالها ليبرالي أو علماني لأغرانا بالإنصات، ولكن حين يدعيها من لا علاقة له بالديمقراطية منذ أن تولى شؤون الإقليم لا يمكننا إلا أن نتساءل ما الفرق بين المذهبي والطائفي والعرقي. ألم يكن الأحرى إنهاء الحرب ضد الإرهاب، والتفكير في مستقبل يضمن أولا حقوق الشعب العراقي قاطبة؟ وإذا ما تم التفكير في الاستقلال يكون ذلك في شروط مختلفة وظروف ملائمة؟ إن النوايا غير الوطنية لا يمكنها إلا أن تكشف عن الوجه الحقيقي لكل الحرب والدمار اللذين عرفهما العراق بعد سقوط بغداد. ولا أحد يستفيد من هذا غير إسرائيل التي شجعت الاستفتاء.
إسرائيل لا تهمها دولة للكورد. بل استمرار الفتنة في المنطقة. من الحرب «الدينية»، إلى «العرقية». قد تتوحد الشيعة والسنة ضد الكورد، ولتكن الحرب، بعد ذلك، بين الكورد أنفسهم. لتعش إسرائيل وحدها، والموت لكل من في المنطقة مهما ادعى صفاء عرقه، أو نجاة فرقته، أو تعاطفه معها.

*كاتب مغربي

العنصرية الثقافية

سعيد يقطين

«ثورة» حقوق المرأة في تونس: بين جدل الشريعة والسياسة والمجتمع

Posted: 30 Sep 2017 02:17 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: عرفت تونس في الآونة الأخيرة إصدار/ أو التفكير في إصدار قوانين تدعم حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في بلد عرف بأسبقية على المستوى العربي في هذا المجال. فقد صدر قانون يلغي آخر سبقه في الزمن كان يفرض على الطفل الراغبة والدته في مغادرته للتراب التونسي معها، الحصول على ترخيص بالمغادرة من الأب.
كما صدر أيضا قانون جزائي أصبح لا يتوقف بموجبه تتبع من يغرر بفتاة قاصر برضاها ويعتدي على شرفها، إذا تزوج بها لاحقا. فقد كان أغلب الجناة وقبل إصدار هذا القانون يتهربون من العقاب بالزواج من المتضررة، وكانت أغلب هذه الزيجات لا تعمر وقتا طويلا وتنتهي بالطلاق بمجرد توقف إجراءات التتبع ومضي الآجال المحددة التي يسمح بعدها بالطلاق.
كما تم إلغاء منشور كان يفرض على الراغب في الزواج بفتاة تونسية مسلمة أن يعتنق الإسلام ويعلن إسلامه أمام مفتي الديار، وكان ذلك شرطا أساسيا ليتم إبرام عقد الزواج على الأراضي التونسية. وأخيرا دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في خطوة مفاجئة للرأي العام المحلي وأيضا للخارج، إلى إقرار المساواة في الميراث بين الجنسين وهو ما لقي معارضة شديدة في تونس وخارجها.

دستور مدني

والحقيقة أن القوانين الجديدة التي تم إقرارها أو تلك التي يمكن ان تسن في قادم الأيام، هي من روح دستور تونس الجديد أو دستور الجمهورية الثانية ولا تتعارض معه في شيء. فقد نص هذا الدستور الجديد صراحة على مدنية الدولة التونسية وعلى حرية الضمير وغيرها من الحقوق والحريات، وبالتالي فقد بدا وكأن هذه «الإصلاحات» هي ترسيخ لهذا الدستور «التوافقي» الذي حل مكان دستور1959 الذي تم إلغاء العمل به مباشرة بعد سقوط نظام بن علي.
ورغم ذلك فقد انطلقت حملات النقد والتشكيك من هنا وهناك مستهدفة هذه «الإصلاحات» التي رأى البعض أنها ستجعل الخضراء سباقة في تدعيم حضور المرأة وحماية مكتسباتها مثلما كانت سباقة في الماضي في إلغاء العبودية ومنع الرق ومنع تعدد الزوجات. فيما رأى آخرون أن بعض هذه «الإصلاحات» سيخل بالاستقرار الأسري في تونس مثل إلغاء الترخيص الأبوي في سفر الطفل مع والدته، وسيشجع مستقبلا على تجاوز النص الديني ومزيد مخالفة الشريعة مثل زواج التونسية المسلمة بغير المسلم والمساواة في الميراث بين المرأة والرجل.
لقد كان من الأجدى والأجدر، حسب كثير من الخبراء والمحللين، لو تم التريث قليلا قبل إصدار بعض هذه القوانين ودراسة المسائل من كل الجوانب حتى لا يحصل كل هذا الجدل. فإلغاء الترخيص الأبوي في سفر الطفل مع والدته مثلا سيجعل، حسب البعض، أجنبيات متزوجات بتونسيين يفرون بالأبناء خارج الديار، وقد حصلت حالات في السابق قبل إصدار القانون وتواصل الأمر بعده، ولو أنهم اشترطوا ترخيص الأبوين معا، مثلا، وفي إطار المساواة بين الجنسين، لكان أفضل لمشرعي القانون الراغبين في تلميع صورتهم ولمن سيطبق عليهم هذا القانون.
وفيما يتعلق بالتشريع الذي يجعل تتبع المُغرًر بالفتاة القاصر، لا يتوقف حتى في صورة زواجه بضحيته، يرى البعض أن فيه مبالغة في القسوة على الجاني بعد أن ساوى القانون بينه وبين المغتصب وهي مساواة لا مبرر لها في رأي الكثيرين. فالمغرر بالفتاة القاصر يمكن أن يتقارب معها في السن وأن تكون له رغبة حقيقية في الارتباط وتكوين أسرة، وليس بالضرورة هو شخص استغل عدم نضج الفتاة القاصر ليواقعها برضاها مثلما يستشف من روح هذا القانون.

تشكيك في النوايا

ولم يكتف البعض بانتقاد محتوى هذه «الإصلاحات» بل تجاوزوا ذلك إلى التشكيك في نوايا الفريق الحاكم من وراء إقرارها وقيل الكثير في هذا الإطار في شتى المنابر وفي مواقع التواصل الاجتماعي وحتى من قبل رجل الشارع العادي في نقاشات المقاهي والأماكن العامة. فاعتبروا أن الحديث عن تدعيم حقوق المرأة التونسية ما هو إلا غطاء تجميلي لا غير أيضا متاجرة بهذه الحقوق، وأن الغاية الحقيقية من وراء ما يحصل هي إلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية وهي مشاكل اقتصادية واجتماعية في الأساس عجز من هم في الحكم طيلة السنوات السبع التي تلت سقوط نظام بن علي عن حلها.
ورأى آخرون أن هذه الإصلاحات هي مجرد محاولات يقوم بها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لاستعادة ثقة ناخبيه من الجمهور النسوي «الحداثي» الذي غضب في عمومه من تحالف الباجي مع حركة النهضة، وهو الذي ألهب الحماس في هذه الجماهير خلال حملته الانتخابية بالشعارات المعادية للحركة. ويبدو أن وزير الخارجية الأسبق للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ماض في مخططه بنجاح وفق ما تؤكده استطلاعات الرأي التي جرت في الآونة الأخيرة.
وذهب شق من التونسيين إلى اعتبار هذا التوجه اللافت لتدعيم حقوق المرأة في تونس سببه الرئيسي هو ضغوط الأطراف المانحة التي وعدت تونس بإنقاذها اقتصاديا مقابل «إصلاحات» تشريعية منها منح المرأة التونسية مكاسب وحقوقا إضافية. ويبدو أن رئيس الجمهورية يتعامل مع هذه الأطراف بحذر وذكاء فلا هو أستجاب لإملاءاتها وتدخلها في القرار الوطني السيادي ولا هو رفضها وأعلن ذلك صراحة.

إطار إصلاحي

لكن ورغم كل ما قيل ويقال في هذا الجدل الذي لم ينته بعد، لا يمكن نفي وجود استثناء حداثي تونسي في مجال حقوق المرأة وفي مجالات أخرى سببه شعب تعاقبت عليه حضارات متعددة نهل من موروثها الثقافي وأخذ عنها الكثير منذ ما قبل الحضارة القرطاجية التي يعتبرها المؤرخون بداية لتشكل الكيان التونسي. وتدعم ذلك مع حركة إصلاحية انطلقت مع نهاية القرن الثامن عشر تطورت أفكارها وتجسدت في مجلة (قانون) الأحوال الشخصية الصادرة في خمسينيات القرن الماضي ونصوص قانونية أخرى سابقة لعصرها أثارت الكثير من الجدل عندما تم إقرارها.
ويعتقد التونسيون أن لهم مدرستهم الدينية الزيتونية المالكية الضاربة في العراقة والقدم والتي لها رؤيتها الخاصة للمسائل الدينية ولها اجتهاداتها الفقهية المختلفة عن اجتهادات أطراف أخرى تعتقد أنها تمتلك الحقيقة دون سواها رغم أنها اللاحقة في الزمن مقارنة بالزيتونة. وبالتالي لا يقبل التونسيون بالدروس الدينية والأخلاقية الصادرة عن أي كان حتى وإن كانت من مؤسسات لها سلطة روحية معنوية في بلادها ويمتد تأثيرها خارجها، وهم سائرون إلى النهاية في منهجهم الذي يعتبرونه إصلاحيا كلفهم ذلك ما كلفهم.
كما أن الجغرافيا شاء المرء أم أبى تؤثر على سلوك وتفكير البشر، ومناخ المتوسط ونسيمه العليل شيء وريح السموم الجافة والصحارى القاحلة شيء آخر. وشتان بين ما جاء به ابن رشد وابن خلدون، اللذين نشآ وترعرعا في غرب المتوسط مع خضرة الأرض وزرقة السماء، من فكر حداثي تقدمي سابق لعصره من جهة وبين ما ابتدعه غيرهم في مناطق أخرى من إباحة لسفك دماء البشر باسم الدين.

تنوع ثقافي وعرقي

لكن وفي كل الأحوال لا بد من الإشارة إلى أن هناك تنوعا كبيرا في تونس، فمثلما يوجد حداثيون متفتحون على الحضارات الغربية والإنسانية عموما، يوجد أيضا محافظون رافضون لهذه القوانين التقدمية وللأفكار التي تطرح هنا وهناك وخصوصا في مسألة زواج التونسية المسلمة بغير المسلم. فالبلد مشكل من عدة قوميات منهم العرب والأمازيغ والفينيقيون والاندلسيون وانكشارية الأتراك العثمانيين من شعوب البلقان والقوقاز، وحتى الأوروبيون كان لهم حضور من خلال الرومان والبيزنطيين والوندال، ووجدت لاحقا جاليات إيطالية وفرنسية مهاجرة، حين كان الشمال الافريقي مصدر جلب للمهاجرين، اختلطت بساكنة البلد. كما توجد جالية يهودية وإن تناقص عددها في العقود الأخيرة بفعل الهجرة إلى الكيان الصهيوني وفرنسا إلا أنها موجودة ولها حضورها رغم قلة العدد.
وبالتالي لا يمكن أن يخضع هؤلاء جميعا إلى قانون أحوال شخصية إسلامي موحد رغم أن غالبية السكان تعتنق الديانة الإسلامية بما يفوق التسعين في المئة. لذلك ارتأى التونسيون ضرورة إقرار دولة مدنية يمارس كل فرد فيها قناعاته الدينية ومعتقده دون أن تكون الدولة وصية عليه. فمن تتزوج من غير مسلم هي لا تؤمن بضرورة الزواج بمسلم ولا يمكن بالتالي للدولة أن تتدخل في قناعاتها الدينية وتجبرها على الانصياع لما تراه هي مناسبا لها. في حين أن المسلمة الراسخة في إسلامها والتي لديها قناعة بأن عليها أن تتزوج بمسلم ستتزوج بمسلم ولها حرية الاختيار التي لغيرها.
إن كل ما حصل هو أن الدولة استقالت من دور التحكم في القناعات والوساطة بين المواطن والخالق بعد قرون من تطور الفكر الإنساني، ورفعت وصايتها على البشر الذين هم أحرار في النهاية ولديهم ملكة تمييز تمكنهم من الاختيار وتحمل مسؤولياتهم أمام خالقهم إن كانوا من المؤمنين، وأمام أنفسهم إن كانوا لا دينيين وهم أحرار في هذه الدولة المدنية في الاعتقاد بما يؤمنون به ويرونه صوابا.
لكن الفهم الخاطئ لطبيعة دور الدولة والإغراق في الشعبوية والجهل المقدس وحقد البعض على الخضراء، صور الدولة وكأنها تشجع المرأة التونسية على الزواج من غير المسلمين وهو ما خلق أزمة بين الشعب التونسي وبعض الشعوب العربية التي تعتقد أنها أرفع أخلاقا وأكثر فهما للدين من بلد الزيتونة وموطن الفاتحين الأول من الصحابة والتابعين من مؤسسي مدينة القيروان التونسية التي أشعت علما وحضارة إسلامية على بلدان المغرب العربي وافريقيا جنوب الصحراء والأندلس، شبيهة بأزمة مباراة الكرة الشهيرة التي جمعت الجزائر بمصر وتلاسن فيها الشعبان إلى حد مؤسف يندى له الجبين.

«ثورة» حقوق المرأة في تونس: بين جدل الشريعة والسياسة والمجتمع

روعة قاسم

المساواة في الميراث في تونس بين السياسي والانتخابي

Posted: 30 Sep 2017 02:16 PM PDT

ما زالت مسألة المساواة في الميراث بين الجنسين، التي تحدث عنها رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي، بمناسبة العيد الوطني للمرأة الذي يتزامن مع ذكرى إصدار قانون الأحوال الشخصية الذي منح الكثير من الحقوق للمرأة، تثير الكثير من ردود الأفعال في تونس. وامتد الجدل بشأنها ليشمل عددا من بلدان العالمين العربي والإسلامي لأن المسألة تعتبر شرعا من «حدود الله التي لا تقربوها».
والحقيقة هي إن ما حصل لا يعدو أن يكون إثارة لنقاش من قبل الرئيس حول مسألة محسومة لدى البعض وخلافية لدى البعض الآخر، ولم يتغير شيء على أرض الواقع في تونس منذ ذلك الخطاب الشهير، وما زال «ذكر الخضراء» يرث مثل حظ الأنثيين. وبالتالي فإن سيل الشتائم الذي طال التونسيين من قبل أشقائهم مشرقا ومغربا، في منابر إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ووصل إلى حد التجريح وإباحة سفك الدم لدى بعض الغلاة، إضافة إلى القذف والمس بالأعراض لشعب برمته، وأيضا ذلك الجدل العقيم الصادر عن مؤسسات دينية «عريقة» يبدو بلا مبرر، خاصة وأن أغلب الذين أدلوا بدلوهم لم يبحروا في علوم الدين أو بذلوا جهدا لاستجلاء حقيقة ما يحصل في تونس.

استعادة الثقة

ويرى محللون أن غاية الباجي قائد السبسي من وراء إثارة هذه المسألة الخلافية، وفي هذا التوقيت، هي كسب الأصوات النسائية في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في 2019 رغم أن ترشحه وخلافة نفسه يبقى بين الشك واليقين. فأغلب المصوتين للباجي في انتخابات 2014 من النساء اللواتي كن يخشين من فقدان المكاسب التي تحققت لهن مع دولة الاستقلال بصدور مدونة الأحوال الشخصية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس في زمنها أواسط القرن العشرين.
والحقيقة أن ثقة المرأة التونسية «الحداثية» في السبسي قد تزعزعت في الآونة الأخيرة بعد أن تحالف مع حركة النهضة في إطار ما عرف بـ»توافق الشيخين». وبالتالي كان لزاما على رئيس الجمهورية، وحسب تحليلات، أن يبحث عن حل لاستعادة ثقة جماهيره التي يستمد منها قوته والتي لولاها لما كان اليوم في قرطاج حاكما بأمره.
وبدا للبعض أيضا أن مستشاري الرئيس والمحيطين به من أبناء اليسار مثل سعيدة قراش ونور الدين بن تيشة كان لهم دور بارز في حث الباجي على إثارة هذا الموضوع في خطابه المشار إليه. ويتوقع محللون أن يستمر الضغط على الرئيس إلى ان يتحقق الأمر وتصبح المساواة في الميراث بين الإناث والذكور أمرا واقعا تطبيقا لما جاء في دستور تونس الجديد الذي أكد على ضرورة المساواة بين الجنسين.

ضغوط خارجية

ويذهب البعض أيضا إلى اعتبار أن الباجي قائد السبسي غير جاد في إقرار المساواة في الميراث، وكل ما في الأمر أنه، ومن خلال إثارة المسألة في خطابه، قام بامتصاص ضغوط خارجية تدفع تونس في اتجاه إقرار المساواة في الميراث وأشياء أخرى. واختلف المحللون بشأن هذه الأطراف، فالبعض يتحدث عن الاتحاد الأوروبي فيما يتحدث آخرون عن صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية والذين يشترطون على تونس أن تقوم بجملة من «الإصلاحات» لمساعدتها اقتصاديا.
ولعل ما يدعم هذا الطرح هو دعوة الرئيس إلى تشكيل لجنة للنظر في مسألة المساواة تلك تضم خبراء من مختلف الميادين، ولا أحد يعلم هل ستتشكل هذه اللجنة أم لا، ومن المرجح لدى البعض أنها لن تتشكل. وإذا تشكلت قد يدوم عملها إلى ما لا نهاية في الزمن، وقد لا تصل إلى أي نتيجة وتبقى دار لقمان على حالها، ينال فيها الذكر مثل حظ الأنثيين شرعا وقانونا.
لقد دأبت الطبقة السياسية في تونس على التنصل من الالتزامات بتفويض الأمور إلى لجان تُجهز على الملفات موضوع النظر وتجبر القائمين عليها على إيداعها رفوف النسيان. فكم من لجنة تحقيق تشكلت لتقبر معها ملفات على درجة كبيرة من الأهمية وذلك مثل لجنة التحقيق في موضوع ما يسمى «الرش في سليانة» ولجنة التحقيق في أحداث 9 نيسان/أبريل 2012 والقائمة طويلة في هذا المجال لأن اللجان كثيرة والنتائج لا وجود لها.

إحراج النهضة

ويذهب آخرون إلى اعتبار أن الغاية من إثارة مسألة المساواة في الميراث وفي هذا الوقت بالذات هي إحراج حركة النهضة محليا وخارجيا وذلك مباشرة بعد الحوار التلفزيوني الذي ظهر فيه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يرتدي ربطة عنق وبدلة عصرية. حيث اتفق كثير من المحللين على أن الغنوشي أراد من خلال ذلك الحوار أن يبعث برسالة إلى الغرب مفادها أنه وحزبه يسيران في الخط الحداثي الذي يريدونه لهم.
لقد وجدت النهضة نفسها وبالفعل في موقف لا تحسد عليه بعد خطاب المساواة في الميراث، فإن هي قبلت بما جاء على لسان حليفها الباجي فستواجه غضب القواعد الممتعضة من سلوك قياداتها. وإن هي رفضت فستظهر أمام الرأي العام الغربي والدوائر التي تهتم بما يحصل في تونس بمظهر الحزب الراديكالي المحافظ غير المواكب للعصر وللتحولات التي شهدتها البشرية في القرون الأخيرة. وسواء تعلق الأمر برضوخ لضغوط المستشارين اليساريين في قصر قرطاج أو لغايات انتخابية واستعادة ثقة المرأة في الرئيس، أو تنصلا من ضغوط خارجية، أو حتى للتغطية على الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر صرف الدينار، فإن إثارة مسألة المساواة في الميراث في هذا الوقت والجدل الكبير الذي حصل بشأنها هو زوبعة في فنجان حتى وإن توسع الجدل ليشمل بلدان العالمين العربي والإسلامي. فما يعني عموم التونسيين اليوم، وبعيدا عن المثقفين ونخب الصالونات ومن لا يتزحزحون عن الأبراج العاجية، هو تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والخروج بهم من الأزمة التي طالت مختلف المجالات.

المساواة في الميراث في تونس بين السياسي والانتخابي

ماجد البرهومي

تواجد المرأة التونسية في سوق العمل يجعل الحديث عن المساواة في الإرث أمرا طبيعيا

Posted: 30 Sep 2017 02:16 PM PDT

work1

تونس ـ “القدس العربي”: أعاد حديث الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن اقرار المساواة في الميراث إلى السطح نقاشا عاشته النخب التونسية منذ سنوات وبوتائر متقطعة وحماس متفاوت الحدة. ومن الأهم في تقديري التطرق إلى المسألة من زاويتي مقاربة تختلف درجة تأثيرهما دون أن تتفاوت قيمتهما من حيث الدلالات.
مخزن انتخابي
المستوى الأول سياسي إن شئنا ويتمثل في أن رئيس الجمهورية التونسية أراد توظيف المسألة لإعادة الصلة بـ»خزانه الانتخابي» المتكون في جزء منه من عدد هام من النساء اللائي يتناقضن تناقضا تاما مع النموذج المجتمعي الذي تروج له حليفته في الحكم حركة «النهضة». والرسالة موجهة أيضا للشخصيات والأحزاب التي تقاسم الباجي قائد السبسي رؤيته لدور المرأة ولكنها تريد ان تفتك منه جانبا من هذا «الخزان الانتخابي» الذي أوصله للحكم، ولكنه لا يخفي «خيبة أمله» من توافق وتقارب الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي. وهناك جانب آخر في المستوى العرضي ويتمثل في أن إثارة موضوع المساواة في الميراث في ظل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتعددة والمتزايدة التي تشكو منها تونس حاليا قد تبدو امعانا من الباجي قائد السبسي في انتهاج استراتيجية «التلهية وتحويل الاهتمام» التي عوضت منذ كانون الثاني/يناير 2011 استراتيجيات الصمت واعتماد الحد الأدنى من الحوار والنقاش.
ويبدو أن الكثيرين قد توقفوا عند هذا المستوى فاعتبروا أن المساواة في الإرث موضوع ثانوي وهامشي بل نزله البعض في سياق «الخضوع لإملاءات أوروبية». ولن نتوقف عند هذا المستوى رغم أهميته لان تطوير التشريعات يأتي استجابة لعوامل متداخلة يتساوق فيها المحلي والعالمي والهامشي والمحوري. فما يعنينا هو تنزيل هذه الدعوة في سياق تجربة تونسية اختارت منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956 تحديث المجتمع من خلال تغيير بنية العائلة عبر تغيير التشريعات. هذه التجربة منحت المجتمع التونسي فرادته على المستوى العربي وأوجدت نموذجا له ايجابياته وأيضا سلبياته.

مسار طبيعي

لقد ازداد حضور المرأة في الحياة العامة وخاصة في خلق الثروات عبر تنامي تواجدها في سوق الشغل وهو ما يجعل تطلعها للمساواة الكاملة استتباعا طبيعيا لمسار اكتساح الفضاء العمومي الذي يعتبر من مؤشرات الحداثة. من هذه الزاوية فان الحديث عن المساواة في الإرث يعتبر «أمرا طبيعيا». ويتعزز هذا التطلع بمكتسبات الثقافة الإنسانية في نزوعها الكوني والتي تؤكد على المساواة الانطولوجية بين كل بني الإنسان بصرف النظر عن الجنس والدين والعرق.
ويصطدم هذا النزوع بقراءة «ذكورية» للموروث الديني وللنص القرآني تجعل من الآيات التي تفصل تقسيم الإرث آيات محكمة لا يمكن الاجتهاد فيها. وليس الحديث عن «القراءة الذكورية» أمرا اعتباطيا بل لأننا نؤمن أن «القرآن خط مسطور يتكلم به الرجال» كما قال الإمام علي رضي الله عنه ليشير بذلك إلى أهمية الموقع الاجتماعي والمصلحة الاقتصادية في تفسير القرآن وتأويله.
وفي تقديري فإنه كما كان لتونس سبق إلغاء الرق والتطليق وتعدد الزوجات، فإنها قادرة على التوجه نحو المساواة في الإرث على قاعدة قراءة أنسية للقرآن تنطلق مما أكده من مساواة انطولوجية بين المرأة والرجل ومن نظرة مقاصدية للنص تأخذ بعين الاعتبار تراجع أنماط الإنتاج التقليدية وظاهرة التزويج داخل العائلة الممتدة وما تخفيه من حرص على التحكم في علاقات المصاهرة حفاظا على الأرض في الأساس. ولا شك ان أهم تحول وجب أخذه بعين الاعتبار هو ان المجتمعات التقليدية تقوم على اعتبار المجموعة هي قاعدة وأساس الانتماء وبناء المجتمعات، في حين ان الفرد هو محور المجتمعات الفردية، وهذا يفرض قطيعة معرفية مع المقاربات القديمة التي تجعل من الاختلاف في الأدوار والوظائف الاجتماعية مدخلا للتأسيس في اختلاف «انطولوجي» بين بني البشر يحول حالات التمييز التي لا يلعب فيها الجهد الفردي دورا.

قاعدة المساواة

وهناك تحول سياسي وتشريعي لا بد لتونس ان تنجح فيه إذا أرادت ان تمنح للمساواة في الإرث بعدا ايجابيا. ففي المستوى السياسي يتعين ان تتكرس المواطنة بما تضمنه من حريات وما توفره من ضمانات للانخراط في الشأن العام حتى يتم تجاوز المفارقة التي عاشتها الدولة التونسية منذ الاستقلال في هذا المستوى، والتي لخصتها عبارة عالم الاجتماع عبد القادر الزغل برشاقة حين اعتبر ان الدولة التونسية «حررت المرأة وصبينت الرجل».
وأما المستوى التشريعي فيتمثل في التغيير الكلي لمفهوم القوامة الذي تقوم عليه من الناحية القانونية العلاقة الاقتصادية داخل العائلة التونسية والذي لا ينسجم مع قاعدة المساواة التي تستند إليها مبادرة المساواة في الإرث.

 

تواجد المرأة التونسية في سوق العمل يجعل الحديث عن المساواة في الإرث أمرا طبيعيا

هشام الحاجي

تسرب عدوى «المساواة» من تونس إلى جيرانها العرب: المستحيل الممكن!

Posted: 30 Sep 2017 02:16 PM PDT

باستثناء موجة الردود والتعليقات التي اكتسحت على مدى ما يقرب الاسبوع مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية بدرجة أقل، لم يبد التونسيون أي مظهر من مظاهر الاهتمام الواسع والمستمر بفحوى خطاب الرئيس الباجي قائد السبسي منتصف اب/اغسطس الماضي في مناسبة الذكرى الحادية والستين لإقرار مدونة الأحوال الشخصية أو صدر عنهم ما يدل على انهم ينظرون لمقترحاته في الخطاب على انها بالفعل حدث مفصلي جدير أن يؤثر على حياتهم بالسلب أو بالإيجاب أو يقلب حالهم رأسا على عقب. كان الأمر تقريبا شبه عادي رغم كل الضجة التي اثيرت في أكثر من عاصمة عربية وحتى غير عربية، ورغم كل ما قاله الكثيرون ومن بينهم صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية من ان الخطاب كان بمثابة «القنبلة ذات الوزن الثقيل التي القيت في تونس». لقد شغل الموضوع جزءا من أحاديث المقاهي وحضر في النقاشات اليومية لمعظم الناس، ولكن ذلك لم يستغرق سوى وقت قصير ومحدود تلاشى بعده كل تركيز أو اهتمام بالمسألة.
صحيح ان معظم التونسيين فوجئوا وحتى صدموا حين سمعوا رئيسهم يقول يومها ان «موضوع الإرث هو من أمور البشر التي تركها الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم لاجتهاد العباد ونحن اجتهدنا لذلك وجب الحديث في المساواة بين الرجل والمرأة بل واقراره، إذ ان مشروعية المساواة ثابتة دينيا ودستوريا…» ثم يضيف «ونحن مقتنعون ان العقل القانوني التونسي سيجد الصيغ الملائمة والتي لا تتعارض لا مع الدين ومقاصده ولا مع الدستور ومبادئه وتضاف لبنة أساسية في اتجاه المساواة الكاملة. فقد كانت قضية المساواة في الإرث بالذات هي المسألة الوحيدة تقريبا التي لم يجرؤ الرئيس الراحل بورقيبة على الخوض فيها عند اقرار مدونة الأحوال الشخصية في العام الأول للاستقلال لوجود نص قرآني واضح وقطعي لا يحمل التأويل.
وصحيح أيضا انهم فوجئوا وصدموا بدرجة أقل حين سمعوه يدعو وزير العدل لإلغاء منشور وزاري من بين عدة مناشير أخرى تمنع ابرام عقود زواج التونسيات بغير المسلمين، فقد كانوا يعرفون ان قسما واسعا من بناتهن كن يجدن دائما طرقا للالتفاف على ذلك الحظر. ولكن كل ذلك كان بالنسبة لهم من تحصيل الحاصل. فهم يعرفون جيدا ان بلدهم شق قبل أكثر من ستين عاما طريقا مختلفا عن باقي الدول العربية والإسلامية وانه صار صعبا ان لم يكن مستحيلا عليه التراجع والعودة إلى الوراء أو حتى التوقف فقط عند الحدود والأشواط التي قطعها. وما ترسخ عند قسم واسع من نخبهم هو انه بفضل كل تلك التشريعات والحقوق التي منحتها الدولة للمرأة التونسية فانه لم يعد هناك مجال لان تقارن تونس بأي دولة عربية أخرى. وربما كان ما كتبته جامعية تونسية معروفة على صفحتها الشخصية على فيسبوك ردا على موقف بعض شيوخ الأزهر من مقترح قائد السبسي حول المساواة في الإرث صدى لما ظل يتردد في الأوساط الجامعية والإعلامية منذ عهد بورقيبة. لقد كتبت الفة يوسف تقول «عندما يشتمنا الأعراب ومؤسساتهم القروسطية الخاربة أتأكد اننا على الطريق الصحيح. ألغينا الرق فاحتجوا ثم وافقوا. منحنا حق الطلاق للمرأة فكابروا ثم وجدوا حلولا كالخلع وسواه، نظمنا النسل فانتقدونا ثم اتخذونا نموذجا في هذا، منعنا تعدد الزوجات فرفضوا ثم نظموه نسبيا بضرورة إعلام الزوجة الأولى وشروط أخرى حتى أصبح التعدد استثناء… تونس تفكر بدلا منكم فاكتفوا بالشتم في انتظار ان تتعلموا». ويبدو ان واحدا من بين الأبعاد التي كشفتها أفكار الرئيس التونسي حول المساواة في الإرث هو عمق المسافة الفاصلة بين تونس وبين باقي جيرانها العرب في نظرتهم لقضايا المرأة ودورها في بناء المجتمع والدولة. وهو ما يجعل البعض يتساءل عما إذا كان البلد المتوسطي والعربي الصغير الذي قاد قبل سبع سنوات من الآن قاطرة الاصلاحات السياسية في المنطقة جديرا بقيادة التحولات الاجتماعية المقبلة فيها. فلطالما سمعنا عند انطلاق شرارة تلك الثورات من يقول أن «ليبيا ليست تونس» ثم «مصر ليست تونس» و»اليمن وسوريا ليستا تونس» لنكتشف بعدها ان الحرية لم تكن طلبا تونسيا بحتا بقدر ما كانت حاجة عابرة للحدود و حتى للقارات.
ولئن كان من الصعب على أي أحد حينها ان يتوقع ان تنتشر العدوى بمثل تلك السرعة وتنتقل مطالب محتجين في بلدات نائية بتونس لتعم قسما واسعا من الأقطار العربية فانه يبدو الآن من الصعب أيضا ان يصدق الكثيرون أن ما أقدم عليه التونسيون قبل أكثر من ستين عاما وما يفكرون ويخططون للقيام به مستقبلا لأجل الوصول لتحقيق ما ينص عليه دستورهم من تأكيد على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وأمام القانون من غير تمييز، يمكن ان يكون نموذجا صالحا للتطبيق في باقي الدول العربية الأخرى. ان الحجة التي تظهر باستمرار هي ان تلك الدول ليست على الدرجة نفسها من الوعي والقدرة على تقبل تعديلات جذرية على بناها الاجتماعية والتشريعية خصوصا تلك التي تمس عن قرب جوانب محددة في مجالات حرية الأفراد والعلاقة بين الجنسين وتقاسم الأدوار بينهما وحقوق المرأة والأسرة بشكل أدق. وما من شك في ان ظروفا وعوامل تاريخية وحتى سياسية هي التي فرضت وجود ذلك التفاوت بين ما يعرف بالدول المحافظة والدول المنفتحة. وبغض النظر عن تلك الاعتبارات فان الأثر الذي يتوقع ان تتركه صدمة الخطاب التونسي سيشمل المحافظين والمنفتحين على حد سواء من حيث انه سيثير داخل بلدانهم نقاط استفهام عديدة حول موقع ودور المؤسسات الدينية الرسمية كدور الإفتاء والمجالس العلمية الإسلامية وهو الأمر الذي حصل في تونس عندما ظهر جليا ان تلاعب مفتي البلاد بتأويل النصوص الدينية سمح له بالتصريح بمنع اقرار المساواة التامة في الإرث قبل عام ثم جعله يسارع لمباركتها مباشرة بعد كلمة الرئيس. والسؤال الذي سيطرح نفسه بقوة هنا هو هل ان اهتزاز ثقة الناس في الأزهر وفي علماء البلاط السعودي مثلا بفعل تذبذب مواقفهم وتغير فتواهم بشكل حربائي لافت وفقا للإملاءات السياسية سيسمح في مرحلة ما بحصول اختراقات مهمة وجوهرية في المنظومة التشريعية التي تحكم الأحوال الشخصية في مصر والسعودية في اتجاه ايجاد نوع من التنفيس الاجتماعي أكثر أثرا وعمقا مما أقدمت عليه السعودية قبل أيام بإعلانها الترخيص للنساء بقيادة السيارات وذلك تحسبا من تزايد الضغوط وربما الاحتجاجات الشعبية مستقبلا.
ان عقدة الحل والربط هنا هي ان تحديد موضع الدين في المجتمع كان ولا يزال مسألة سيادية بيد السياسيين فقط. فلئن أقدم بورقيبة قبل ستة عقود من الآن على كل تلك الخطوات غير المسبوقة عربيا فلانه أزاح بالمقابل أي وجود فعلي للإسلام في المعاملات والعلاقات الاجتماعية رغم انه حرص نظريا على نفي ذلك بالتأكيد على ان ما فعله كان اجتهادا في الدين لا ضده. ومثلما حصل في ليبيا ومصر واليمن وسوريا حين لم يكن انتقال شرارة المطالب السياسية المنادية برحيل الحكام ووصولها من تونس علامة على ان تلك البلدان سارت أو ستسير بالضرورة على منوالها، فان نافذة النقاش التي فتحتها مقترحات الرئيس التونسي لن تسمح بهبوب رياح التغيير بشكل فوري حتى داخل الدول المنفتحة نسبيا كالمغرب حيث تتصاعد دعوات الحركات النسوية للاقتداء بالتجربة التونسية وحتى المطالبة بتخطيها بالإسراع بسن قانون المساواة في الإرث ولكنها ستساعد حتما في ارساء نقاش مجتمعي معمق حول وضع الحريات وحول مسائل أخرى أيضا كعلاقة الدين بالدولة. وسيكون المحدد الأساسي في كل ذلك هو مدى استجابة السلطات في تلك الدول لتطلعات شعوبها في الحصول على كامل حقوقها المدنية والإنسانية من غير اختزالها فقط في مسألة المساواة بين الجنسين أو في منح النساء بعض الحقوق لكسب أصواتهن أو لطمس واقع الحريات العامة فيها. فيما ستلعب النخب الدينية والجامعية والإعلامية والثقافية دور الدافع والمحرك لتلك العملية. وعلى عكس ما حصل في الثورات حيث انتقل المد الشعبي الغاضب من تونس لباقي شعوب الإقليم فان تلك النخب بالذات هي التي ستكون معنية الآن وبالدرجة الأولى بالتأثيرات المقبلة من تونس.
لكن النجاح والفشل سيظل مرتبطا نسبيا بقدرة شعوبها على الحسم النهائي أما لصالح تلك التغييرات أو ضدها، لأنها هي التي ستحدد في النهاية ما إذا كانت قادرة على تقبل عدوى ما قد يوصف بالمستحيل الممكن أم لا بحسب ما تراه مناسبا لطبيعتها وحاجاتها وظروفها قبل أي اعتبار آخر.

تسرب عدوى «المساواة» من تونس إلى جيرانها العرب: المستحيل الممكن!

نزار بولحية

قانون الأحوال الشخصية في تونس بين التداعيات ورهانات المرحلة

Posted: 30 Sep 2017 02:15 PM PDT

من المهمّ جدّا في عالمنا العربي الاهتمام بمستوى عيش الإنسان ما بالك بحفظ كرامته والدّفع نحو الارتقاء بالذات الإنسانية حتّى يحصل لها الخلق المُكتسب والمُستفاد. وضمن هذا الإطار تُعدّ مسألة حقوق الإنسان من مرتكزات الاهتمام الدّولي الذي اتّضحت ملامحه بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 حيث صدر عن منظمة الأمم المتّحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تلاه صدور العهد الدولي الخاصّ بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد تمّت المصادقة عليهما في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 1968. ورغم أنّ مثل هذه المواثيق لا تكتسب قيمة النصّ القانوني الملزم أو صبغة الاتّفاقية الدولية فإنّها أصبحت تاريخيا ووثائقيا أكثر إلزامية من النصوص القانونية ذاتها نظرا لانخراط أغلب دول العالم في مساراتها ناهيك عن الاحراجات التي تحيط بالدّول التي تتردّد في الانضمام لمسار النهوض بحقوق الإنسان وضمان حرّياته.
ولمّا كانت المرأة تاريخيّا أقلّ حظوظا في الحصول على أدنى حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وذلك ثابت في تاريخ مختلف الجماعات البشرية، فإنّ ذلك مبرّر كاف للاهتمام بحقوقها وحرياتها في السياقات المعاصرة، فقد حرمت القيود العائلية والاجتماعية المرأة من مجمل حقوقها، وكان يُنظر إليها في المدنيات القديمة مثلما يُنظر للعبيد، اضافة إلى أنّها لا تمتلك الحق في المشاركة في الفضاءات العامّة اجتماعية كانت أو سياسية، حصل ذلك في الهند واليابان واليونان قديما وغيرها من المجتمعات الغربية، كما حصل في تاريخ العرب أيام الجاهلية، وما ذكرها في القرآن إلّا انتشالا لتلك الموؤودة التي قُتلت بغير ذنب واستعبدت بلا مبرّر، وقد جاء الإسلام ليُغيّر معيار ترتيب البشر نحو العلم والتقوى عوض الجنس واللون والاعتبارات الاجتماعية المختلفة.
ذاك شيء من فهم يدفع بنا لتثمين ما قامت به تونس التي صادقت في 12 تموز/يوليو 1985 على اتّفاقية الأمم المتّحدة المؤرخة في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979 والمتعلّقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة وهي التي تهدف إلى إزالة كلّ أشكال التفرقة بين المرأة والرجل، وتقريبا تُعدّ تونس البلد العربي الوحيد الذي صادق على جلّ الاتّفاقيات التي تهدف إلى ازالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويعدّ ذلك تتويجا لمجلّة الأحوال الشخصية التي صدرت في 13 آب/أغسطس 1956 بعد شهرين من استقلال البلاد، ومثّلت ثورة على السّائد حينها لتضمّنها أفكارا هامّة وجريئة جمعت بين المنظومة الفقهية الإسلامية والأفكار الاصلاحية التي دافع عنها علماء اصلاحيون تونسيون أبرزهم الطاهر الحدّاد وقتها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مجلة الأحوال الشخصية اقتبست الكثير من مجلة الأحكام الشرعية التي تكفّل العلّامة محمد العزيز جعيط بتأليفها سنة 1948 ولذلك فيها ما فيها من تأصيل فقهي نالت به رضا الكثيرين وان اعتبرها البعض لائكية علمانية اقتدت بقانون الأحوال الشخصية في فرنسا. ويبدو أنّ قانون الأحوال الشخصية ما زال إلى الآن محلّ ردود بين مؤيّد ومناهض وان كانت أغلب الأحزاب السياسية الراغبة في الحكم تعتبرها خطّا أحمر لا يجوز المساس به بما في ذلك الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية وأبرزها حركة النهضة التي أمسكت ببعض خيوط السلطة وخاضت مع الخائضين. ومن المواضيع التي أثارت الجدل في تونس مسألة زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، وللتّذكير فقد استقرّ فقه القضاء التونسي منذ أن صادقت تونس على اتّفاقية نيويورك المؤرخة في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1967 والتي أكّدت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في ما يتعلّق باختيار القرين دون تمييز بسبب العنصر أو الجنس أو الدين، على أنّ هذه الاتّفاقية لا يمكن أن يتمّ من خلالها خرق الفصل الأوّل من الدستور التونسي الذي يؤكّد الهوية الإسلامية للبلاد وبالتالي اعتبار زواج المسلمة بغير المسلم باطلا لا عمل عليه. ويبدو أنّ ما قامت به رئاسة الجمهورية قبل أيّام قد تجاوز كلّ ذلك وألغى بشكل عملي أحكام منشور وزير العدل المؤرخ في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1973 وكذلك المنشور الصادر عن الوزير الأوّل في 19 تشرين الأول/أكتوبر 1973 واللذان حجّرا ابرام عقود زواج التونسيات المسلمات بغير المسلمين إلّا إذا وقع الادلاء بما يُثبت اعتناق المرشّح للزواج الدين الإسلامي. وقد أثار قرار رئاسة الجمهورية ردود فعل بعض رجال الدين وأكّد جلّهم بُطلان ذلك، في المقابل يُعدّ صمت دار الافتاء تصديقا على هذا القرار وهي التي جاهرت سابقا بإيجابية مقترح رئيس الدولة في ما يخصّ المساواة في الميراث، أمّا موقف النهضة الإسلامية فاعتبر أنّ مناقشة المساواة في الميراث بين الجنسين تحتاج إلى تدرّج والموضوع بحاجة إلى حوار مجتمعي وأنّ النهضة ستتعامل سياسيا مع المبادرة التي قدّمها رئيس الدولة. وبذلك لم تبد الحركة رفضا صريحا لهذا المقترح تماما مثلما هو شأن مسألة منع تعدّد الزوجات التي اعتبرتها أمرا مباحا واستثنائيا وليست فريضة، وللمشرّع أي من هو في السلطة أن يرى الغرض الاصلاحي منها بتطبيقها أو منعها.
ولمّا كان الدستور يعدّ أعلى النصوص القانونية وأكثرها قيمة ضمن سلّم الترتيب، فقد تحفّظت في حينها الدولة التونسية على بعض مواد الاتفاقية المتعلّقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وخاصة منها تلك الأحكام التي تخالف هوية الدولة المحدّدة في الفصل الأول من الدستور، وبالتالي فإنّ احترام مبادئ التشريع الإسلامية المتعلّقة بالميراث والزواج من ثوابت الجمهورية التونسية وإثارة هذه النقاط بالتحديد من قبل الباجي قائد السبسي عدّها كثيرون اقتداء بالخطوات الجريئة للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إن لم تكن مندرجة في خانة العمل السياسي والجهد الدعائي واكتساب أكبر قدر من الشعبية الجماهيرية خاصة في صفوف المرأة، وهي التي ساهمت كما يعلم الجميع في اكتساح قائد السبسي للمنافسة الانتخابية في الرئاسيات الماضية، ويبدو أنّ الرجل ما زال يرغب في مواصلة العمل السياسي بجهد يماثل اعتقاده الخروج من الباب الكبير وترك بصمته التاريخية حال انتهاء حضوره السياسي ضمن منظومة الحكم.
عملت تونس بشكل فعّال في تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين وتجاوزت خطواتها الجريئة ما حقّقته جل الدول العربية في هذا المجال، وقد حرصت في تحويل المبادئ العامة والمجرّدة ذات الصبغة التوجيهية لمختلف تلك الاتّفاقيات إلى قوانين واقعية ملموسة ضمن التشريعات على مستوى الأسرة أو المجتمع وقواعده المهنية. واجمالا حصلت المرأة التونسية على حقوق مساوية لحقوق الرجل في ابرام العقود وإدارة الممتلكات وفي بعث المشاريع الاقتصادية ومباشرة المهن التجارية وامتلكت أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، وعزّزت تونس انخراطها في منظومة حقوق الإنسان بمصادقتها على الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل سنة 1992 وتُوّج ذلك بإصدار مجلة حقوق الطفل في تشرين الثاني/نوفمبر 1995.
يبقى السؤال، هل أنّ إثارة قضايا المرأة من جهة حقوقها وحرّياتها في هذه المرحلة بالذات انخراط في مسار حقوق الإنسان أم أنّ المسألة لا تتعدّى كونها شكلا من أشكال التنافس الانتخابي؟ من جهة أخرى يبدو أنّ النخب الحداثية وغيرها لم تقدّم نقدا جدّيا لمحتوى هذه المجلّة ومدى فاعليتها في واقع المجتمع التونسي اليوم بعد مرور 61 سنة على اصدار قانون الأحوال الشخصية من جهة الخلل الصّارخ ضمن محتواها الذي لم يُحرّم صراحة زواج المحارم اضافة إلى إقراره حق الزوج في تطليق زوجته العاقر عوض الاحتفاظ بها، وبالنظر إلى المشاكل الاجتماعية الموجودة والتي تحتلّ فيها تونس المراتب الأولى عربيا خاصة في نسبة العنوسة ونسبة الأمهات العازبات ونسبة الاجهاض، تنضاف إليها مشكلة التفكّك الأسري وتزايد تعاطي المخدّرات وتفاقم الأمراض النفسية ونسبة الاحباط والتعاسة المتقدمة وهو ما تقرّ به احصائيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة وعن الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري وعن منظمات مستقلّة.
يمثّل قانون الأحوال الشخصية ثورة حقيقية ضمن مسار المكتسبات التي حصّلها المجتمع التونسي منذ الاستقلال ورغم ظهور دعوات تطالب بالتراجع عن بعض فصوله لعلّ أهمّها منع تعدّد الزوجات معتبرين أنّ الاجتهاد يكون في النصوص الظنية وليس القطعية التي لا خلاف فيها، فإنّ كثيرين يطالبون بتدعيم هذه المكاسب تثبيتا للأسرة المتماسكة ولمبدأ الشراكة العائلية. ولكنّ الأهمّ في كل ذلك أنّ قانون الأحوال الشخصية يحتاج إلى مراجعة وتقييم واسع كي يناسب روح العصر وواقع المجتمع وآفاقه الاستشرافية.  

قانون الأحوال الشخصية في تونس بين التداعيات ورهانات المرحلة

لطفي العبيدي

حقوق المرأة في تونس تستند على إرث إصلاحي عريق

Posted: 30 Sep 2017 02:15 PM PDT

مع أن القرارات الأخيرة في تونس، المُكرسة للمساواة في الإرث بين المرأة والرجل، تُلامسُ مناطق حساسة، متصلة مباشرة بالنص الديني، لم تكن ردود الفعل السلبية عليها تُوازي ما أثاره القرار السعودي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة. ربما يُعزى التفاوت بين ردود الأفعال الحادة في المجتمع السعودي، والقابلية التي تلقى بها التونسيون الإجراءات الأخيرة، إلى أن المرأة التونسية اقتربت من أعلى مراتب المساواة مع الرجل، فيما ما زالت شقيقتها السعودية بالكاد تضع أقدامها على درجات السُلم الأولى.

الكابتن منشاري تطير على أجنحة المُصلحين

إذا كانت المرأة السعودية، على سبيل المثال، ستقود السيارة اعتبارا من حزيران (يونيو) العام المقبل، فإن الكابتن التونسية علياء المنشاري قادت طائرات الأيرباص منذ ثمانينات القرن الماضي. ويعود اختلاف سرعات الترقي الاجتماعي، حسب مصطلحات قادة الاصلاح في القرن التاسع عشر، إلى التاريخ الطويل من التنوير، الذي ساهمت في صنعه النخب التونسية، إذ تبنى قسم واسع منها، قضية تحرير المرأة، منذ بواكير القرن الماضي، بوصفها مفتاحا لتطوير المجتمع وتحريره من السيطرة الاستعمارية. ومن ضمن هذه الرؤية بادر مثقفون وكتابٌ تونسيون إلى الدعوة لإرسال البنات إلى المدرسة، قبل إنشاء مدارس خاصة للبنات، كانت أولاها في الأول من أيار (مايو) 1900 في العاصمة تونس، وإن اقتصر عدد الطالبات المسجلات فيها على خمس فقط. لكن الفتاة ظلت محرومة من التعليم إن كان تعليما دينيا في جامع الزيتونة، أم حداثيا في المدارس الفرنسية. ومع حلول العام 1908 انطلقت مدارس عدة في تونس وسوسة والقيروان ونابل، ما مهد لانضمام فتيات إليها. وكان من نتائج تلك الموجة الأولى أن وقفت سيدة اسمها منوبية الورتاني لتتحدث، وهي سافرة، على منبر الجمعية الثقافية «الترقي» في 15 كانون الثاني (يناير) 1924 مطالبة بتحرير المرأة من القيود العتيقة، ومنتقدة ازدواجية المثقفين. وخاطبت منوبية الحضور مُعاتبة، وقد بدت عليها الحماسة لإصلاحات كمال أتاتورك، «عندما يُحقق الأتراك نصرا اجتماعيا تسعدون هنا في تونس وتقيمون الأفراح، أليس الأجدر بكم أن تقتدوا بهم في ذلك؟».

رائد تحرير المرأة

بعد خمس سنوات اعتلت منبر الجمعية نفسها سيدة أخرى تُدعى حبيبة المنشاري، وكانت سافرة أيضا، لتتحدث في موضوع الندوة، منتقدة بعض التقاليد المفروضة على المرأة، ومنها ارتداء الحجاب، وحضت على خلعه. لم يكن كلام السيدتين صيحة في واد، إذ كانت النخبة التونسية آنذاك تتابع الجدل الجاري في مصر بين أنصار الحجاب ودعاة السفور، وتطلع على كتابات قاسم أمين وتتفاعل معها بالسلب كما بالايجاب. وألقى المثقف الزيتوني طاهر الحداد (1908-1935) حجرا في البركة حين أصدر كتابه الجريء «امرأتنا في الشريعة والمجتمع»، في 1930، داعيا إلى تعليم البنات وإفساح المجال أمام المرأة لتشارك في الحياة الاجتماعية، مع الحرص على التأصيل الشرعي لجميع الأفكار التي جاء بها. غير ان الذين عارضوه كانوا أكثر من الذين ساندوه، وشنت عليه الأوساط المحافظة حربا نفسية عاتية، فاعتزل المجتمع ومات بعد خمس سنوات.
ساهمت تلك الحملة في الحد من حماسة الآباء لإرسال بناتهم إلى المدارس، إذ لم ترتد البنات المعاهد الثانوية سوى اعتبارا من 1944، بعدما افتُتحت في تونس مدارس تُقدمُ تعليما مزدوجا تُسمى المدارس الفرنسية العربية. وبعد مضي عشرة أعوام على تلك البداية لم يتجاوز عدد الفتيات في الإعداديات والثانويات 1060 طالبة، حسب المؤرخة سلوى الخضار. وفي السنة نفسها (1954) أي قبيل الاستقلال، لم تجتز اختبار الثانوية العامة سوى 50 فتاة. مع ذلك لعبت المرأة دورا بارزا في نشأة المجتمع المدني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال التنظيمات التي بعثتها، ومنها الاتحاد التونسي للنساء المسلمات سنة 1944 والفرع النسائي لجمعية الشبان المسلمين في السنة نفسها، ونادي الفتاة التونسية في 1954. وتقول الدكتورة خضار إن تلك المنظمات شكلت رافدا للحركة الوطنية، وكانت النساء يجتمعن في الحمامات العمومية والزوايا والمساجد، خوفا من ملاحقات الشرطة الاستعمارية.

الحداد وبورقيبة

أبصر تعليم البنات انعطافا غير مسبوق مع تعميم التعليم وإقرار إجباريته بعد الاستقلال، إذ صار الآباء الذين لا يأخذون بناتهم إلى المدرسة يُعاقبون بالسجن. والأرجح أن الزعيم الحبيب بورقيبة (1903-2000) ظل يحمل مشروع طاهر الحداد في صدره، فكان سنُ قانون للأسرة يمنح المرأة حقوقها، من أولى التشريعات التي حرص بورقيبة على سنها، بعد نهاية الاحتلال الفرنسي، في 13 آب (أغسطس) 1956، حتى قبل أن يُصبح رئيسا للجمهورية في العام التالي. وقد فاجأت خطوته جميع الأوساط الحداثية والتقليدية على السواء، لا بل صدمتها، ولذلك فإن الرجلين يشتركان في النزعة الإرادية. غير أن الفرق الجوهري بين الحداد، الأقلي والمضطهد وبورقيبة أن الزعيم بات حاكما يُمسك في قبضته بدواليب الدولة. وهناك فرق آخر لا يقل أهمية عن الأول، وهو أن المصلح/الرئيس نزع سلفا أسلحة الاعتراض من أيدي رجال الدين، عندما أشرك فقهاء المذاهب الأربعة في صوغ مُدونة الأسرة، التي أخذت من كل مذهب أفضل ما فيه من أحكام تنزع نحو المساواة بين الرجل والمرأة، عدا التساوي في الميراث.
كرس الإطار القانوني الجديد وضعا بات مقبولا ومألوفا يبتدئ من منع تعدد الزوجات إلى تمكين المرأة من الوصول إلى المراتب العليا في الدوائر الحكومية وأجهزة الدولة، بما فيها الوزارة، بالإضافة إلى وجودها المتنامي في القطاع الخاص. ومن ثمار نزع القيود البالية عن المرأة أن نسبة الطالبات في التعليم الثانوي اليوم تفوق نسبة الذكور وتصل إلى 52 في المئة، كما أن نسبتهن في مؤسسات التعليم العالي متقدمة أيضا، إذ بلغت 51 في المئة من العدد الإجمالي للطلاب. وباتت المرأة اليوم تشكل غالبية العاملين في بعض القطاعات التي تحتاج إلى التأني والرصانة والجدية مثل الصحة والتربية والإعلام. ومن المُصادفات الجميلة أن كاتب هذه السطور حضر مناقشة رسالة تخرُج لطالبة في كلية الطب، وكان أعضاء لجنة المناقشة الخمس طبيبات.

مُرشحة للرئاسة

أكثر من ذلك، خاضت المرأة معارك سياسية بعد ثورة 14 كانون الثاني (يناير) 2011، وانتزعت مكانا مُميزا في «المجلس الوطني التأسيسي» (الجمعية التأسيسية)، الذي وضع دستور الجمهورية الثانية. وفي هذا السياق تم للمرة الأولى إقرار التناصف الأفقي والعمودي بين النساء والرجال في إعداد قائمات المرشحين للانتخابات البرلمانية، ما جعل حصة الرجال مُساوية لحصة النساء. كما لعبت المرأة دورا محوريا في الحركات الاحتجاجية التي أدت إلى إسقاط حكومة «الترويكا» (ائتلاف من ثلاثة أحزاب بقيادة «حركة النهضة») في مطلع 2014. وظهرت بصمتها الواضحة في الدستور الجديد، الذي أكد البند 46 منه على أن «الدولة تلتزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها»، مُشددا على ضرورة التمسك بـ»مُكتسبات دولة الحداثة في ما يتعلق بحقوق المرأة وضرورة عدم الاكتفاء بها والسعي نحو تدعيمها»، فيما أقرَ البند 21 أن «المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواءٌ أمام القانون من غير تمييز». ويُعتبر الدستور التونسي الوحيد في العالم العربي الذي يُقرُ حق المرأة في الترشيح لرئاسة الجمهورية، إذ رفع الحاجز الذي وضعه دستور 1959 على تقلدها الرئاسة.
غير أن كثيرا من رجال القانون وعلماء الاجتماع والخبراء يؤكدون أن هناك بونا شاسعا بين المرجعية التشريعية المتقدمة والواقع الصعب الذي تعيشه قطاعات واسعة من النساء، أسوة بالعاملات في المصانع والبيوت والفلاحات في الأرياف، اللائي لا تسمح أوضاعهن بالاستفادة من المكاسب التي تمنحها لهن القوانين. كما أن قسما كبيرا من الفتيات المتخرجات من الجامعات ومراكز التكوين يُواجهن مرارة البطالة وشظف العيش، وخاصة في المحافظات الداخلية. ويبقى موضوع المساواة في الإرث حتى الآن إعلانا سياسيا أطلقه رئيس الجمهورية وليس أكثر من ذلك، لأن الآلية التشريعية عبر مجلس النواب لم تتحرك لإقراره قانونيا، وإنما اكتُفي بتشكيل لجنة لوضع مسودة ترسل إلى المجلس لاحقا، ولا يُعرف متى ستجتمع اللجنة.

حقوق المرأة في تونس تستند على إرث إصلاحي عريق

رشيد خشانة

حقوق المرأة التونسية وخطاب النفاق

Posted: 30 Sep 2017 02:14 PM PDT

من البديهي أن الديمقراطية لا تتوقف على حق الشعب في اختيار الحاكم، بحيث ينتهي حكم الشعب عند صناديق الاقتراع، لأن الديمقراطية هي قبل كل شيء ضمان حقوق الأفراد بفضل حق المجتمع في مراقبة السياسة الاجتماعية والاقتصادية للمجموعة الحاكمة. ففي انكلترا لا يوجد نص دستوري، ولا دستور أصلا، يضمن حريات المواطنين، وإنما الضامن الوحيد هو الشعب الواعي بحقوقه. لكن ما رأيكم حين يقف المجتمع نفسه حجرة عثرة أمام تكريس حقوق الإنسان؟
فقد أثار إعلان رئيس الجمهورية التونسية بمناسبة عيد المرأة يوم 13 اب/اغسطس عن مشروع إرساء المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وكذلك إلغاء المنشور الذي يمنع زواج المسلمة من غير المسلم، تنديد ورفض عدد من التونسيين. وفي المقابل لقى مساندة من البعض الآخر.
وقد تم ألغاء المنشور المذكور في حين تنكب لجنة على صياغة نص يضمن المساواة بين الجنسين في الميراث.
لذلك ما زال الجدل متواصلا بين الفريقين. والمفارقة أن كليهما يعتمدان على نفس المصادر لتبرير موقفيهما: الدستور والشريعة.
ونظرا لأهمية المسألة وما أثارته من حدة في المواقف فإنها قد تؤثر على مواقف النواب حين يوضع أمامهم مشروع قانون ينص على المساواة في الميراث. وهنا تكمن أهمية دراسة هذه المواقف وتحليل الحجج المبررة لها.

المساواة في الميراث في القانون

يعتمد الرافضون لمبدأ المساواة في الميراث الفصل الدستوري الذي يقول إن تونس دولة دينها الإسلام، مما يمنع حسب مبدأ احترام التسلسل الهرمي للقوانين إصدار قانون يخالف الدستور. لكن هل يعني هذا الفصل فعلا التقييد بالشريعة؟ الحقيقة أن الدستور التونسي لا ينص على أن الشريعة هي مصدر القوانين ولا حتى على أنها مصدر من مصادر التشريع. بل نجد في الدستور ما يفند ذلك حين يعلن أن تونس دولة مدنية وحين يضمن حرية الضمير والمساواة بين الجنسين. وهذه المبادئ تنتمي إلى منظومة فلسفة الدولة الحديثة التي تعتمد القانون الوضعي.
ثم إن قول الدستور أن تونس دينها الإسلام ليس جديدا، فقد نص الدستور القديم لسنة 1959 على نفس المبدأ، وهو ما لم يمنع إصدار قوانين مخالفة لأحكام القرآن مثل قانون السماح بالتبني وقانون السماح بالإجهاض، ناهيك عن القانون الذي يمنع تعدد الزوجات ويحكم على مخالفيه بالسجن. وقد دأب أساتذة القانون الدستوري على تفسير هذا الفصل بأنه مجرد وصف سوسيولوجي للعقيدة الغالبة في تونس اعتمادا على مداولات النواب الذين وضعوه وعلى الممارسة القانونية التي سبق ذكرها.
كل هذا ينسف إذن التحجج بالفصل الأول من الدستور لرفض المساواة في الميراث بين الجنسين.

المساواة في الميراث في الشريعة

يبقى المصدر الثاني وهو الشريعة، إذ يقول المعارضون أن عدم المساواة جاء في نص قرآني واضح لا يجوز الاجتهاد فيه. وهي مسألة فيها قول.
ونحن لا نرغب في الدخول في تأويلات لسانية من نوع «الحكم جاء بالحد الأدنى حين تحدث عن حظ الأنثيين» أو أولوية الوصية على الفرض في كل الآية المتعلقة بالميراث.
ونفضل التساؤل عن مصدر القول بقاعدة النص الواضح المعرقلة لتغيير النصوص القانونية أو حتى مجرد الاجتهاد؟ هذه القاعدة لم يأتي بها القرآن بل ابتدعها الفقهاء وتلاعبوا بها حسب رغبات السلاطين. إذ كيف يمكن الحكم على درجة وضوح النص في ضوء ترسانة النصوص التي سنتها وما زالت تسنها أغلب الدول الإسلامية في مخالفة واضحة للشريعة، ومن بينها قوانين عقوبات مختلفة عن العقوبات الجسدية المنصوص عليها صراحة في القرآن. والحق أن هذه الدول لم تقم ببدعة، بل سنت سنة الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب الذي لم يتردّد في تعطيل العمل بنصوص واضحة تخص المؤلفة قلوبهم وقطع يد السارق وأرض السواد أخذا بالأسباب. كما اجتهد مالك في نص الميراث بإدخال الوصية الواجبة في فقهه بحيث يمكن للحفيد المتوفى والده إرث جده وهو ما عملت به تونس المالكية منذ الستينات، بل إن المسلمين السنة لا يلتزمون حتى بتطبيق قواعد مرتبطة بالعبادات جاءت في نص واضح حسب المفهوم السائد للوضوح، مثل وجوب غسل الرجلين في الوضوء الواردة بوضوح في القرآن كما لا تتردد أغلب الدول المتغوّلة على حقوق المرأة باسم الدين والنص الواضح، في فتح الحانات ودور البغاء والقمار.
وفي المقابل يتعامى العديد من المسلمين وبعض الدول الإسلامية عن آية جلد الزاني والزانية وآية سجنهما الواردتان في القرآن، لتفضيل تطبيق عقوبة الرجم الواردة في السنة في مخالفة واضحة لفلسفة القانون الداعية إلى تطبيق العقوبة الأخف ولمبدأ وجوب احترام هرمية النصوص القانونية المعتمدة في الإسلام وفي فلسفة القانون عالميّا، بحيث لا يجوز للنص الأدنى أن ينسف النص الأعلى أي لا يجوز للسنة ان تنسخ القرآن.
هكذا يسمح المسلمون لأنفسهم بالنسخ وبتعطيل نصوص تعتبر واضحة وبمخالفة قواعد أخلاقية صارمة طالما أنها لا تمس مصلحة الذكر المالية. إنها مسألة نفاق بحت.
وهكذا ترتدي المصلحة المالية ثوب الكهان لتقف سدا منيعا في وجه حقوق مشروعة تفرضها التغييرات الاجتماعية الحاصلة والمختلفة عن تقاليد القرن السادس.
إن رفض إرساء المساواة بين الجنسين في الميراث يعد اليوم ضيما كبيرا تجاه المرأة التونسية لأنها مطالبة قانونا بالإنفاق على عائلتها وعلى والديها إذا كانوا محتاجين، كما أنها تدفع ضرائب مماثلة لتلك التي يدفعها الرجل، ولا تستحق، قانونا، مهرا يتجاوز دينارا، وهو مبلغ رمزي.
أما الحجة الثانية المبنية على الشريعة فتقول أن العديد من أحكام الميراث تعطي للمرأة قسطا أكبر من قسط الرجل، فلما اللهث وراء مساواة البنت بأخيها؟ وهنا يتساءل المساندون والمساندات للمساواة أين الإشكال إذن؟ ها قد ثبت بالنص والبرهان أن الله لا يبخس المرأة حقها في الميراث كاملا أو زائدا لعلة دائمة، فلماذا ترفضون سحب نفس المنطق على آية «وللذكر حظ الأنثيين»؟ ونحن مستعدات للتنازل عن بقية الأحكام التي تهضم حق الرجل في الميراث لصالح المرأة. خذوها كلها واعطونا فقط المساواة مع أشقائنا في ميراث والدينا، أي في من علوا، إذ لا حاجة لنا بميراث من الأولاد أو الأحفاد، فسنكون حينها قد انتهينا من بناء أنفسنا.

منع زواج المسلمة بغير المسلم

جاء هذا المنع بداية الستينات، في مجرد منشور صادر عن وزير العدل وفي مخالفة بينة لعدة معاهدات دولية صادقت عليها تونس تنص على حق المرأة في اختيار زوجها. كما يخالف هذا المنشور الدستور الذي نص على حرية الضمير والمساواة بين الجنسين في حين يتواصل السماح للرجل بالزواج بغير المسلمة ويمنع ذلك عن المرأة.
وكالعادة يتحجج المعارضون لإلغاء المنشور بالشريعة والقانون.

المنع في الشريعة

يعتمد المعارضون على الآيتين التاليتين:
«ولَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ». البقرة 224..
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ «. الممتحنة 10
وتتعلق آيتين بوضوح بالمشركين وليس بأهل الكتاب، والأمر واضح من السياق وفي أسباب النزول.
وتتوجه آية البقرة 244 صراحة وبوضوح إلى الرجل والمرأة لمنعهما من الزواج بالمشركين، ما يعني انه لا يمكن التحجج بها لمنع المرأة وحدها من الزواج بغير المسلم والسماح للرجل بذلك على أساس هذه الآية. فهي لا تقصد بالمشركين أهل الكتاب بل مشركي مكة الذين انقرضوا. وهل يجوز اعتبار أهل الكتاب مشركين في حين يقول القرآن بوضوح «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون». المائدة 69
بل يوجد في القرآن ما يمكن أن يسمح للمسلمة بالزواج بالكتابي على أساس آية: «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم». المائدة 5
وهي الآية التي يعتمدها الفقهاء للسماح للرجل بالزواج بالكتابية ولكنها لا تمنع المسلمات من هذا الحق والقول بعكس ذلك يعني منع المسلمات من طعام أهل الكتاب. والمعروف أن صيغ العموم في القرآن تشمل النساء ولو كانت صيغتها جارية على التذكير
هذا إذن في ما يخص الحجة الدينية للمعارضين أما حجتهم القانونية فتعتمد على أخذ قانون الأحوال الشخصية «بالموانع الشرعية» غير أن القانون يوضح هذه الموانع التي لا تنص البتة على اختلاف الدين وتقتصر على آية المحرمات والرضاعة والطلاق ثلاث مرات والعدة.

قانون أم فقه حيل؟

والحقيقة أن فقه القضاء هو الذي أدخل بلبلة في الأذهان. فقد حكم بعض القضاة بحرمان غير المسلم من ميراث المسلم اعتمادا على هذه «الموانع الشرعية» التي وسعوها لتشمل منع الزواج مع اختلاف الدين وطبقوها فقط على المرأة. واعتمدوا في تحريمهم على السنة، إذ لا يوجد في القرآن ما يمنع الإرث بين المسلم وغير المسلم!.
إن هذه الأحكام التي بنى عليها معارضو زواج المسلمة بغير المسلم هي أقرب إلى فقه الحيل أكثر منه إلى فقه القضاء. فهي تعلي السنة على القرآن وتخلق مانعا لم ينص عليه القانون.
وسيجد بعض القضاة في هذه الفوضى الفقهية مدخلا للتأويلات فيتكئون تارة على المذهب الحنفي وأخرى على المذهب المالكي أو الإخواني أو السلفي، حسب طلب المتقاضي وقدرته على الدفع. وهو أمر لا يضمن الحد الأدنى لقضاء سليم، لان المتقاضي لن يعرف مسبقا المذهب الذي سيعتمده القاضي ولن يستطيع بالتالي تجهيز استراتيجية دفاعه. إن هذه الفوضى الفقهية لا تتماشى مع صرامة ووضوح القاعدة القانونية الحديثة التي تحفظ حقوق الناس.
وحتى لا نتهم بالمغالاة، يكفي أن نستشهد بقولة علي ابن أبي طالب عندما اشتدت عليه مغالاة الخوارج الذين رفعوا في وجهه شعار لا حكم إلا لله فقال لهم: القرآن بين دفتي كتاب لا ينطق وإنما ينطق به الرجال.

حقوق المرأة التونسية وخطاب النفاق

سلوى الشرفي

بقاء الأسد هو «الوصفة السحرية» لاستمرار الإرهاب وعدم الاستقرار

Posted: 30 Sep 2017 02:14 PM PDT

حاورته: رلى موفق: حاورته: رلى موفق: يحلو للمعارض السوري الأستاذ في الإعلام الدكتور يحيى العريضي أن يقارب الأمور من زاوية الإنسان السوري الذي ثار من أجل الحرية ومواجهة الاستبداد، وهو مستمر في ذلك رغم خذلان العالم له. فحين تتوقف البراميل تجده يخرج ليصرخ «واحد واحد واحد الشعب السوري واحد.. بدنا حرية والشعب يريد إسقاط النظام». وهذا في رأيه دليل حي على فشل النظام في قمع الثورة، تماماً كما هي مناطق «خفض التوتر» دليل ساطع على فشل الحل العسكري والأمني لمنظومة الاستبداد، داعيا «هيئة تحرير الشام» في سياق ضم إدلب إلى مناطق «خفض التوتر» إلى ممارسة التعقل كي لا يكون مصير إدلب مثل الموصل أو حلب، مؤكداً أن إنشاء إمارة في سوريا فاته الزمن، كما أن «هيئة تحرير الشام» غير قابلة للحياة.
ورغم أن المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات إلى «محادثات أستانا» يرى أن هناك حملة منظمة منذ نحو شهرين من أجل إعادة تأهيل النظام، إلا أنه يعتقد أن ذلك لن ينفع، لأن المجتمع الدولي لن يمنحه الشرعية وسيبقى فاقداً لها، معتبراً أنه إذا تواطأ العالم على بقاء الأسد، فإن ذلك سيشكل الوصفة المميزة والسحرية لاستمرار المأساة والإرهاب والفوضى في العالم وعبث إيران. وهنا نص الحوار:
○ هل توافق على القول إننا اقتربنا من نهائيات الحرب السورية، أم إننا أمام مرحلة أو فصل أو «سيناريو» جديد.
• كل ذلك يمكن أن يكون إجابة على السؤال. في رأيي أن الجميع تعب، الإنسان السوري والمحيط والمجتمع الدولي والنظام تعبوا. ولكن لا بد في أي مقاربة من العودة إلى الخلفية. منظومة الأسد بنت كل استراتيجيتها في حكم سوريا على المواجهة، بينما بنى الناس استراتيجيتهم على العيش في الأمان ولم يفتكروا في مسألة المواجهة. هاجس الأسد هو الخوف من الناس واستراتيجيته هي التخويف. في مقابلته مع «وول ستريت جورنال» في كانون الأول/ديسمبر من العام 2010 كان يعتبر أن ما حصل في تونس وليبيا ومصر لا يحصل في سوريا لأن الوضع مختلف. هو حقيقة كان متيقناً من أن عنصرا في المخابرات قادر أن يحكم بلدة بكاملها ولا يرفع أحد صوته. تفاجأ في آذار/مارس 2011 أن الناس انطلقت، رغم تحذيرات السلطة من أن ما يحدث في تلك الدول «الربيع العربي» عاصفة ساحقة ماحقة. تحرك الناس، فتم استخدام الحديد والنار. لم ينجح النظام في المواجهة، فاستعان بالميليشيات الإيرانية وميليشيات «حزب الله» وبالسلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة والتهديم وتشريد الناس دون أن ينجح أيضاً، فاضطر إلى اللجوء لروسيا «كقوة عظمى» كي تتدخل، وكان اليثنان في حاجة لهذا التدخل. مع التطورات كان «اتفاق جنيف» والحديث عن عملية الانتقال السلمي.
أعتقد أن روسيا دخلت «جنيف» مكرهة ولم تكن تريد عملية الانتقال السياسي، ولذا لم يكن لـ»جنيف» تجلياته وترجماته الحقيقية. ثم في وقت لاحق، أُجهض «خير» القرار الدولي 2254 أي اجهضت مفاعليه التي كانت متوقعة. وواكب ظهور القرار الدولي خلق محطة أستانا. بالنسبة لنا كان التجاوب مع فكرة المناطق الآمنة التي تحد من غلو النظام وتدميره الممنهج وتريح الناس وتحد من عمليات التهجير التي كانت تشكل ضغوطا على أوروبا والعالم، لأن اليوم نصف السوريين مقتلعون من بيوتهم. تطورت الفكرة من المناطق الآمنة إلى وقف الأعمال العدائية ومن ثم طورت إلى «معاهدة أستانا» وتوقيع وقف إطلاق النار في أنقرة في نهاية العام الماضي وهي الخطوة الأساسية التي أقنعت روسيا العالم أنها ستكون المقدمة لتحقيق إنجازات وفق «بيان جنيف 1» ولاسيما في ما خص عملية الانتقال السياسي. تتالت الأمور فكانت عودة إلى أستانا التي لخصت بـ»مناطق خفض التوتر» وموقفنا كان أن أي مساهمة تؤدي إلى توقف البراميل وتخفض منسوب الدم وتقلل عدد الضحايا هي إنجاز بالنسبة إلى السوريين، وينسجم تماماً مع استراتيجيتهم الأساسية بأنهم سلميون وليسوا هواة حرب «حربجيون» ولم يستخدموا السلاح من أجل إنجاز أهدافهم. المسألة ليست معارضة تواجه سلطة أو معارضة تعمل من أجل ان تجلس مكان السلطة. هم صوت يريد حرية ويضحي بحياته من أجل أن يعيش بإنسانية ويفكر في مستقبله.
○ بهذا المعنى تشكل محادثات أستانا مكسباً للإنسان السوري وفقاً للتعبير الذي تحب أن تستخدمه، ولاسيما أن «أستانا 6» ضمت إدلب إلى مناطق خفض التوتر؟
• نحن نعتبر أننا بضم إدلب إلى مناطق خفض التوتر قد نجينا حياة هؤلاء الناس، ما يقارب 5 ملايين سوري بشكل أو بآخر مأخوذين رهينة تجاه هدف معين من قبل كل الأطراف. في الجولة الخامسة، لم تكن إيران تريد أن تنضم إدلب والمناطق المحيطة من جنوب حلب وغربها وشمال حماة وحمص وبعض ريف اللاذقية إلى مناطق التهدئة. وكأن إيران تجهز نفسها أن تستبيح وميليشياتها والنظام وروسيا هذا المكان. ولكن في الجولة السادسة تحقق ضم إدلب إلى مناطق خفض التوتر بتوافق الضامنين. وهذا اعتبرناه إنجازا.
○ هل نجت فعلاً أستانا 6 في تجنيب إدلب مصير حلب؟
• تواجد الفصائل كثيف هناك، وهي كانت موجودة في أستانا، وفي الوقت نفسه هناك «هيئة تحرير الشام» ـ «النصرة» سابقاً وهي ربما أقوى من جميع الفصائل. الأمر الطبيعي أن تتعقل وأن تفهم أنها ستكون مستهدفة إذا «خربت» الاتفاق لأن مصير إدلب سيكون مثل مصير الموصل أو حلب. إذا كانت ستتصور نفسها قادرة على إنشاء إمارة هناك. هذا لن ينجح في سوريا.
○ تراهنون على تعقل «هيئة تحرير الشام» ولكن هذا قد لا يحصل، منذ أيام قامت بهجوم في حماة؟ أليس هذا مؤشراً؟
• يسعى (أبو محمد) الجولاني بطريقة أو أخرى لأن يجلس إلى الطاولة السياسية وأن يكون معترفاً به، وأن ينزع عن نفسه وصمة أن «النصرة» إرهابية. لم يُعط هذه الفرصة ولن يعطى إياها لسبب أساسي يتعلق بممارسات ابتزاز الناس والشروط المرعبة التي وضعها عليهم. صحيح أنهم قاوموا النظام أحيانا، لكنهم خرجوا عن الهدف الأساسي للإنسان السوري وهو تحقيق حالة حرية في وطن للجميع يتساوى فيه الكل والقانون يحكمهم. يريدون أن يحكتموا إلى أمور لا تتناسب مع إعادة سوريا للحياة. هناك نسبة كبيرة من أولاد البلد وأمر طبيعي أن يصحوا على أن هؤلاء القادة لا يعرفون أين هو نسبهم وجذرهم، وانهم على تواصل دائم مع إيران، وأن كفريا والفوعا تركتا كمسمار جحا في ذلك المكان بهدف التواصل وتغذية بعض قادتهم. وكلما كان النظام يحتاج أن يرسل رسالة للعالم مفادها أنه يقاوم الإرهاب، يكون هؤلاء جاهزون للقيام بعمل يمكن وسمه بالإرهاب.
○ ولكن في المحصلة نجح النظام وحلفاؤه في ما يريدون، حتى أن الميدان تغير وكأن هناك قراراً بأن يبقى هذا النظام؟
• ليس هناك قرار، ولكن التذبذات في التصريحات التي تصدر من أوروبا وأمريكا عايشها الإنسان السوري لوقت طويل. في رأيي أن الغرب لم يجد ما يشبه هذا النظام. هناك حملة منظمة تقوم بها إيران وروسيا وبعض الدول من أجل إعادة تأهيل النظام ولكنهم عمليا يتغافلون أو يتناسون أن إعادة الإعمار وعودة نازحين لا يمكن أن تتم مع هذا النظام لأنه سيقوم بممارسات أقسى من السابقة. الإرهاب سيبقى مشتعلا والحرب مستمرة مع بقاء هذا النظام. مخطط إيرن الخبيث في المنطقة سيستمر لأن ركيزته الأساسية هي النظام. روسيا لن تحل مشاكها مع استمرار هذا النظام رغم كل المكابرات التي تقوم بها، حتى لو تصورت أنها حصنت نفسها مع الاتفاق الذي تم في جنوب البلاد، فهذا أمر بعيد المنال مع استمرار هذا النظام. لدينا وثائق أن هذا النظام كان يتعامل مع تنظيم «داعش» الذي كان يؤمن له الوقود. وما حصل في تدمر كان عملية تسلم وتسليم وفي دير الزور حصل شيء مشابه. وحتى لو كان النظام يؤمن مصالح الدول الغربية فإنها لن تمنحه الشرعية وسيبقى فاقدا لها كيفما كان الحال. إضافة إلى ذلك، هناك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت لا يستطيع أحد أن يمسحها ولا تستطيع حتى الجهات الحامية له أن تتحملها. روسيا بعظمتها لا تستطيع أن تتحمل هذا الموضوع.
○ ولكن روسيا ساهمت بقوة في الجرائم، هي سوت بآلتها المدمرة مناطق بأكملها بالأرض، حلب أهم الحواضر العربية دمرتها بالكامل؟
• ولذلك روسيا تسعى من أجل ألا يتم فتح هذه الملفات. روسيا التي حمت هذا النظام تقول في الخفاء إنها ليست متمسكة به أو برأسه. هي عملياً تحسن هذه الورقة وتسمنها من أجل أن تبيعها، ولكن الغرب غير متحمس لشرائها. والجذر الأساسي للمسألة هو أمريكا التي لا تبدي حماسة للحل في سوريا وتقول أن هاجسها محاربة الإرهاب. ولكن في وقت من الأوقات ستكون الأمور مختلفة.
○ مختلفة بأي معنى؟ هل تراهنون على المستقبل، على القراءة التي قدمتها من أن النظام لن ينجح مهما حاول الآخرون تأهيله؟
• إذا أردنا أن تضع سوريا قدمها على طريق العودة إلى الحياة، فمن الطبيعي أن تكون عملية انتقال سياسي. عملية الانتقال السياسي وبعض الضوابط، ربما شيء من الحماية أو المظلة الدولية، سوف تريح الروس وسيجدون شركاء معهم كي يتحملوا المسؤولية وتخفض ضغط اللاجئين الذين يمكن أن يعودوا، وتُعزز الاستقرار الداخلي في سوريا وتُخفف من الاحتقان الشعبي، وتشجع الآخرين على الانخراط في عملية إعادة الإعمار، وأيضاً تُساعد روسيا على لجم توسع إيران.
ولكن في ظل المنظومة الحالية، كل هذه الأمور مستحيلة. من هنا أهمية «بيان جنيف» والقرارات الدولية التي تتحدث عن عملية انتقال سياسي وليس عملية ترقيع. لا أحد طامح لأن يتشارك في السلطة ويأخذ وزارات. نحن نريد عملية انتقال سياسي حقيقية ترعاها الأمم المتحدة وتأخذ مفاعليها. قد يتصور إنسان أن هذا طرح مثالي، ولكن إذا كانت هناك إرادة دولية لإنهاء هذا الموضوع وعدم الاستمرار في أن يبقى هناك جرح مفتوح ونازف، فهذا هو الطريق. وعود على بدء، مع كل التعب سواء سوريا أو إقليمياً أو خارجيا، أعتقد أنه سوف يسعى للملمة الجرح المفتوح وليس خياطته على دغل، إنما على أسس صحيحة وعلى رأسها أن هذه المنظومة الاستبداية يصعب أن تبقى.
○ ولكن النظام بمساعدة حلفائه أعاد فرض قبضته على مناطق عدة، حتى ولو كان سيلجأ إلى مزيد من القمع الذي لا يؤدي إلى سلام فعلي، وهو كذلك لا يعير كبير أهمية للمعارضة التي أصبح هدفها اليوم أن تتوقف آلة قتل الإنسان السوري؟
• أنا عملياً أنطلق من التمييز بين المعارضة والثورة. سوريا لم تتعود سوى على معارضات عابرة وبسيطة وخائفة من أن يكون مصيرها الاقتلاع أو الموت والقتل. الثورة حالة مختلفة، هي موجودة في نفوس الناس. منذ أسبوعين خرجت في مناطق التهدئة 72 تظاهرة أعادت الذاكرة إلى بدايات 2011 هذا الشعور لا يزال موجوداً لدى هؤلاء العشرة ملايين أينما كانوا، سواء في الخارج أو الداخل. إحدى النقاط الأساسية التي يتم بحثها حول مناطق التهدئة هي وجود إدارات محلية بحيث أن الناس تحكم نفسها بنفسها بشكل منطقي مع سيادة واحترام القانون. ما حاولته «هيئة تحرير الشام» في إدلب هو إحكام السيطرة وإنهاء كل الآخرين. هذا الأمر لا يستقيم. الناس لا يمكن أن ترتاح حيث تحكمهم وفق ضوابطها وقوانينها. مسألة إنشاء إمارة فاتها الزمن.
○ راهنت على أن يعي أبناء البلد في «هيئة تحرير الشام» خطورة معارضة قرار «أستانا 6» في شأن إدلب لتجنب العواقب. هل تتخوف من أن يتم جر إدلب إلى المعارك. ومن يضمن «هئية تحرير الشام» والخروج من مفهوم الإمارة؟ هل الفصائل هي التي ستتولى «تنظيف» إدلب؟
• نحن الآن نقرأ ما سيحصل على الصعيد الميداني. والميدان لا تتحكم فيه إلا لحظاته. ولكن لا مستقبل لـ»هئية تحرير الشام» هناك، ولن يسمح لها أن تكون ذريعة لاستمرار منهجية النظام «أحكُمها أن أُدمرها» ولأن تسود حالة الاستبداد. هذا هو مفهومنا لهذا الموضوع. وقد يكون مفهوم الآخرين مختلفا. نحن لم نقارب هذه المسألة إلا من معطى أن الناس هي التي تقرر مصيرها عبر إنشاء إدارات مدنية فاعلة وراشدة وان لا تكون عرضة لأي حصار أو استبداد. قد تكون هذه الصورة لها الصفة المثالية، لكن هذا هو طريق الإنقاذ. وقد قلنا لروسيا أن السوريين هم من يقررون مصيرهم، وقلنا لهم أنهم قادرون إذا سمحتم بذلك ولم تستمروا بمنهجية استمرار زمرة على أيديها دماء في حكم 23 مليون سوري. هذه الجرائم سترشق في وجهكم أيضا.
○ عمليا، هذه رابع منطقة خفض التوتر. كيف هو الواقع في مناطق خفض التوتر التي تحققت سابقاً، لمن السلطة؟ هل هي مكسب للثورة السورية أم للنظام؟
• كل جهة لها تفسيرها، وتفهمها وتريدها مكسباً لها. ومن هنا نرى أن النظام يشيد فيها، ونحن من جانبنا نشيد فيها، إنما كل وفق ترجمته المعنية. في المجمل، كل مناطق التهدئة سجلت خروقات من قبل النظام وميليشياته وإيران، هذا ما يدفعنا إلى الاستنتاج أن تلك المناطق فعلياً وواقعياً وجوهرياً ليست في صالح النظام لأنها تعتبرها خارجة عن سيطرته، ويطمح في وقت من الأوقات إلى أن يضع يده عليها من خلال محاصرتها. هو لا يتصرف بمسؤولية تجاه الإنسان السوري ولا يزال على منهجيته «أحكمها أو أدمرها» وأن له السيادة والشرعية ويستمدها عبر الحديد والنار والتدمير.
وفي رأيي، أن مناطق التهدئة أيضاً تُشكَل الدليل القاطع على فشل منظومة الاستبداد بالحل الأمني أو العسكري. فأي منطقة يكون فيها تهدئة ولا تتعرض للبراميل وللقصف بالفوسفور وللحصار أو التجويع هي اثبات ودليل قاطع أن مشروعه فشل. لقد استنفد النظام كل ما عنده من طاقته العسكرية والتدميرية والإجرامية، ولكن الإنسان السوري رغم خذلان العالم ومنع تزويد منطقة الجنوب بأي مساعدات، لا يزال مستمراً في صموده وصبره ولا تزال لديه الطاقة الكاملة في أي لحظة لا تكون فيها البراميل في الجو، بأن يخرج إلى الشارع ويقول «واحد واحد واحد الشعب السوري واحد.. وبدنا حرية.. والشعب يريد اسقاط النظام اسقاط».
○ هل المسار الذي سنشهده مستقبلاً والذي بدأت ملامحه تظهر سيصب في رأيك في مصلحة الإنسان السوري؟
• لن يستطيع الإنسان السوري أن يحصل على كل مراده. هذه هي الواقعية السياسية الفعلية، لكن الواقعية السياسية التي تتحدث عنها منصة موسكو وبعض الدول في هذا الاتجاه ليست إلا رؤى قاصرة، بمعنى أن إنسانا يريد أن يتصدر مسؤولية، عليه أن يأتي على الأقل بورقة «لا حكم عليه». قد لا تكون صدرت ورقة من محكمة لاهاي أو محكمة العدل الدولية أن هذا النظام وأشخاصه مجرمون، وفعلياً لم تصدر بعد. ولكن الواقع الموجود يؤكد أنهم لا يستطيعون الحصول على تلك الورقة. الواقعية السياسية لا تعنى إطلاقا التنازل عن الحقوق ولا اندثارها ولا سقوطها بتقادم الزمن.
مؤتمر الرياض الذي سيتم الشهر المقبل سيتمخض عنه هيئة تفاوضية معززة بشخصيات وطنية ومؤسسات مجتمع مدني وقامات لها ثقل ووقْع على الداخل وتمثيل قوي من الداخل أيضا، إضافة إلى من هو موجود من مستقلين في الهيئة، ومن شخصيات الإئتلاف وهيئة التنسيق، وكذلك من شخصيات معينين من منصات أخرى، لكن المعيار الأساس لكل من يوجد في هذه الهيئة هو الالتزام بالصوت الحقيقي للثورة السورية وأيضاً بالواقعية. إلا أن الواقعية لا تعني إطلاقاً استمرار حالة الاستبداد. إذا كانت ترجمة الواقعية السياسية وجود منظومة الاستبداد، فهذا معناه استمرار للقتل والدمار والفوضى والاستعمار وعدم عودة اللاجئين وعدم إعادة الإعمار، أي باختصار توقيف الحياة. والواقعية السياسية لا تعني توقيف الحياة، ومن هنا أرى أنه إذا كانت هناك إرادة دولية فعلية، فعملية الانتقال السياسي يجب أن تأخذ أبعادها بشكل حقيقي، بحيث يتم الوصول إلى هذا الجسم السياسي الانتقالي وليس أن تملأ المعارضة بعض الكراسي في منظومة النظام كما يريد للعملية أن تكون. عملية الانتقال السياسي لن تكون كما يريدها النظام ولا كما يريدها الإنسان السوي الذي صرخ لصوت الحرية.
○ التسوية عادة تتطلب تنازلا من الطرفين، إنما مع نظام لا يعيش إلا على التخويف والقتل لا يعنيه إذا عاد اللاجئون أو حصلت عملية إعادة الإعمار؟
• الأسد لا يريد أن يعود اللاجئون، والضابط المقيت الذي هدد بالقتل لمن يريد العودة إلى بلده يترجم مقولة الأسد عن خلقه لمجتمع متجانس. الآن، إذا كانت أوروبا مستعدة لما بين أيديها من لاجئين، وإذا كان العالم قابل لأن يكون هناك 10 مليون لاجئ لا تتوفر لديهم شروط الحياة. إذا كانت أوروبا قادرة أن تتحمل هذا الوضع وتبعات شعور الإنسان السوري بالعجز عن البقاء والعيش، وعدم وجود إعادة إعمار، واستمرار حالة الإرهاب في العالم. إذا كان العالم مستعد لهذا الوضع فقط من أجل الإبقاء على منظومة الاستبداد، فهذا ليس حلا، بل هو الوصفة المميزة أو السحرية لاستمرار الحرب والمأساة والإرهاب وعدم الاستقرار العالمي واستمرار إيران بالعبث في محيطها وتهديدها السلام العالمي.
○ في حديثك، دائماً تربط الأمور بمدى توفر الإرادة الدولية، أي بـ»إذا الشرطية»، من قال إنهم يريدون أن تحل الأزمة السورية؟
• ربما، ولكن يكونون بذلك يثبتون سيادة منطق «قانون القوة وليس قوة القانون». وسيذهب العالم عندها إلى ظواهر مشابهة لتفشي هذه الحالة. في العام 1938، تهادن الحلفاء مع هتلر في «اتفاقية موينخ» وعام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية. «إذا الشرطية خطيرة». إذا أراد العالم هذه الوصفة، فليُبْشر فيها.
أنا أعتقد أن من سيكون له اليد الطولى أو العليا الأولى يتحكم بمفاوضات 3 قارات. ستأتي اللحظة التي تبيع فيها روسيا هذه الورقة مقابل تقديم أوراق اعتماد تجاه الغرب أن تُعطى فرصة وأن يتم انتخاب (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين لمرة رابعة رئيساً. هذه بعض الملامح التي قد تعطي فسحة لسوريا وشعبها أن تعود للحياة.

بقاء الأسد هو «الوصفة السحرية» لاستمرار الإرهاب وعدم الاستقرار
المعارض السوري يحيى العريضي لـ«القدس العربي»:

تقييد الحريات الإعلامية في مصر: سيطرة على المؤسسات وحبس أصحاب الرأي وحجب الكتروني

Posted: 30 Sep 2017 02:13 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لكرسي الحكم في مصر، أخذ نظامه على عاتقه غلق المجال الإعلامي وتقييد الحريات، بدلائل وإشارات صدرت منه شخصيا، موجها سهام النقد اللاذع لوسائل إعلام «معروف عنها الموالاة له». وتخطى الأمر تقييد الحريات والمصادرة والمنع والحجب والسيطرة، إلى تجفيف منابع العمل الصحافي بالتحديد.
حصلت مصر على المركز 159 من أصل 180 في مقياس حرية الصحافة في العالم طبقا لمنظمة «مراسلون بلا حدود» لعام 2016 وأصدرت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» قائمة بالصحافيين القابعين في السجون المصرية حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2016 حيث بلغ عددهم 63 صحافيا.
كذلك قبعت مصر في المرتبة 161 من أصل 180 في نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته «مراسلون بلا حدود» في وقت سابق هذا العام.
يحدث ذلك في ظل انكار السلطات المشاكل التي تواجه الحقوق والحريات في مصر، وخصوصا حرية التعبير والإعلام والصحافة.
وأعلن مرصد «صحافيون ضد التعذيب» رصد وتوثيق 21 انتهاكا ضد الصحافيين والإعلاميين في بعض محافظات مصر أثناء تأدية عملهم خلال شهر آب/أغسطس الماضي، منها 20 انتهاكا بشكل مباشر عبر استخدام وسائل مختلفة، بينما تم تسجيل انتهاك واحد بطريق غير مباشر وفقا للجهات الصحافية التي غطت الواقعة.
ورصد التقرير الشهري 6 حالات منع من التغطية الصحافية أو حذف محتوى الكاميرا، و5 حالات تعدي بالقول أو التهديد، و3 حالات فرض غرامة مالية، و6 حالات بواقع حالتين لكل من «اتهام عبر بلاغ للنيابة، وتعدي بالضرب أو إصابة، وتحرش».
ورصد التقرير 13 انتهاكا ضد عاملين في جهات غير معلومة، نظرا للانتهاكات الجماعية التي تقع على الصحافيين في مختلف جهات عملهم، و6 انتهاكات ضد عاملين في صحف مصرية خاصة، إضافة إلى انتهاكين ضد عاملين في شبكات أخبار وصحف إلكترونية. وتصدر «المدنيون – رجال أمن بزي مدني» قائمة المعتدين على الصحافيين في آب/أغسطس 2017 حيث سجل المرصد 8 انتهاكات منهم، ويليهم 6 انتهاكات من جهات قضائية، و3 انتهاكات من جهات حكومية ومسؤولين، و3 انتهاكات من وزارة الداخلية، وانتهاك واحد من أمن مدني وحراسات خاصة.
وفي أيلول/سبتمبر الجاري، ندد «المرصد العربي لحرية الإعلام» بتحفظ السلطات المصرية على أموال 6 شركات إعلامية مصرية؛ بزعم تبعيتها لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال المرصد في بيان، إن لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان وضعت اليوم قائمة جديدة لشركات ومؤسسات قررت التحفظ عليها، وقد ضمت القائمة شبكة «رصد» الإخبارية و5 شركات للإنتاج الإعلامي هي «رد لاين للخدمات الإعلامية، والنهر للإعلام والنشر، والنور للإعلام، والضياء، والمركز الحضاري للدراسات المستقبلية».

تأميم الإعلام

وتأتي هذه القائمة الجديدة للتحفظ على شركات الإنتاج الإعلامي كخطوة جدية على طريق تأميم الإعلام الذي بدأته السلطات المصرية منذ تموز/يوليو 2013 بإغلاق عدة قنوات وصحف وبرامج، ثم إجبار عدد من ملاك القنوات على التخلص منها وبيعها لشركات مملوكة للأجهزة الأمنية العسكرية، ثم حجب مئات المواقع والصفحات، والتحفظ على بعضها مثل «مصر العربية» و»البورصة» و»دايلي نيوز إيجيبت» و»بوابة القاهرة»، حسب المرصد.
وأعرب المرصد العربي لحرية الإعلام عن استنكاره لهذا الإجراء الجديد ضد شركات الإنتاج الإعلامي، مؤكدا أنه وما سبقه من إجراءات لقمع حرية الإعلام في مصر يستوجب وقفة حازمة من الوسط الإعلامي المصري دفاعا عن مهنته وحريته ولقمة عيشه، كما يستوجب موقفا حازما من كل المنظمات المحلية والدولية المعنية بحرية الإعلام، ويناشد المرصد جميع هذه المنظمات العمل معا لمواجهة هذه الهجمة، وإنقاذ الصحافة والصحافيين والإعلاميين المصريين.

الشراء والسيطرة

منذ نحو 3 أعوام، بدأت مؤسسات تجارية مملوكة لرجال أعمال معروفين بتبعيتهم للنظام، في شراء وسائل إعلام كبرى قائمة، فضلا عن تأسيس منابر جديدة، وأبرز تلك المظاهر «شركة إعلام المصريين» المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، واشترت قنوات «اون تي في» وصحيفة «اليوم السابع» وضمت لها تباعا صحف ومواقع «صوت الأمة» و»دوت مصر» و»الأسبوع» و»عين».
كل ذلك، عدا المؤسسات التي كانت قائمة وتتحدث باسم نظام السيسي قبل وصوله رسميا لكرسي الحكم، مثل صحيفة «الوطن» المملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين. وتتناثر الأخبار حول تولي شقيق السيسي شخصيا منصب نائب رئيس مجلس إدارتها، فضلا عن ملكية الأمين لشبكة قنوات «سي بي سي» والتي اندمجت لفترة قصيرة مع شبكة قنوات «النهار» المملوكة لبعض رجال الأعمال المؤيدين للسيسي وأبرزهم الأخوان علاء وعمرو الكحكي.
وآخر عمليات الشراء التي جرت، كانت من نصيب قنوات «الحياة» في الصفقة التي تمت رسميا منتصف الشهر الجاري، حيث وقعت شركة «أصول» إحدى شركات «فالكون» التابعة لأجهزة الأمن المصرية عقد شراء القناة من المالك «سيجما للإعلام» التي يمتلكها رجل الأعمال السيد البدوي، رئيس حزب الوفد المعروف بموالاته للنظام الحالي.
وفي بدايات العام الجاري، أطلقت شركة «دي ميديا» مجموعة قنوات «دي ام سي» كشبكة فضائية خاصة، وسبق إطلاقها العديد من الأنباء والتكهنات حول ملكية أجهزة المخابرات المصرية لها، واختيار عناصر تشغيل القناة بالكامل من تلك الأجهزة بعناية فائقة، ممن معروف عنهم «التطبيل» والتبعية للنظام.
ولم تسلم أقرب وسائل الإعلام للنظام من التقييد، إذ صودرت جريدة «البوابة» اليومية المستقلة أكثر من مرة، رغم تولي رئاسة مجلس إدارتها وتحريرها النائب عبد الرحيم علي، المعروف عنه معارضته الشديدة لجماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي عموما، وموالاته لفلول نظام مبارك وجهاز أمن الدولة، وذلك بعد تطرق صحيفته لملف هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي من تنفيذ حكم قضائي بالسجن.

أساليب جديدة

منذ أيار/مايو الماضي، لجأ النظام المصري لأسلوب جديد في تقييد حرية الإعلام الالكتروني بالتحديد، عبر أداة الحجب، دون الإعلان رسميا عن الجهة المسؤولة عن ذلك الإجراء أو الأسباب القانونية، إذ وصل عدد المواقع الأخبارية الالكترونية المحجوبة في مصر إلى أكثر من 100 موقع، شملت مواقع إخبارية وحقوقية ومدنية ورياضية.
كما بدأت لجنة التحفظ وإدارة أموال الإخوان، التابعة لوزارة العدل، بصفتها القضائية، التوسع في استخدام أداة التحفظ على أصول وأموال وممتلكات عدد من رجال الأعمال ومؤسساتهم، بدعوى الانتماء للإخوان، وهو الإجراء الذي طال مؤخرا عددا من الشركات الإعلامية.
في آب/أغسطس الماضي، بدأت نقابة الصحافيين المصريين التي يسيطر عليها نقيب وعدد من أعضاء المجلس، موالين للنظام، ونصبوا في المناصب القيادية في المؤسسات الصحافية الحكومية، مناقشة مقترحات تتعلق بقيد المستجدين في جداول عضوية النقابة، مثل استبعاد قيد خريجي كليات التعليم المفتوح «الخاص» حتى الحاصلين على شهادات الإعلام، لكن بعد جدل كثير لم يتخذ قرار واضح في الأمر.
لكن عضو مجلس النقابة الذي جرى تعيينه مؤخرا رئيسا لتحرير بوابة «روزاليوسف» الحكومية الإخبارية، أيمن عبد المجيد، قدم مقترحا لعرضه على مجلس النواب لإضافته في قانون تنظيم الصحافة والإعلام المزمع إقراره مع بدء انعقاد الدور الثالث للبرلمان في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، ويقضي المقترح باشتراط اعتماد الصحف الراغبة في الصدور حديثا على تشغيل 95 في المئة من قوتها من المحررين المقيدين بالفعل في جداول عضوية نقابة الصحافيين، على أن يكون الاعتماد على المحررين الجدد من غير أعضاء النقابة بنسبة 5 في المئة فقط.
المقترح فسره صاحبه على أنه حل لأزمة الصحافيين العاطلين عن العمل ممن توقفت صحفهم أو سرحتهم، لكن في المقابل كانت وجهات نظر ترى ذلك المقترح تجفيفا للعمل الصحافي في مصر، بتقليل نسب المنضمين حديثا للمهنة من الشباب الصحافيين أو خريجي الإعلام، وتضييق فرص انضمامهم لعضوية النقابة، التي تعد مسوغا رسميا للاعتراف بالصحافيين من الجهات الرسمية في مصر.

توصيات الإصلاح

أصدر المركز المصري لدراسات السياسات العامة، وهو منظمة غير حكومية، تقريرا عن أفق الإصلاح للإعلام المصري.
وأوضح التقرير أن «الإعلام في مصر يعاني من مشاكل عديدة، في الجانب التشريعي والسياسي والاقتصادي، والممارسة الإعلامية. وتأتي القوانين المتعلقة بالأداء الإعلامي والصحافي غير متماشية مع الضمانات الواردة في الدستور المصري، وتتدخل السلطة التنفيذية في العمل الصحافي والإعلامي بطرق مباشرة وغير مباشرة، كما يظهر تأثير مالكي الوسائل الإعلامية على المحتوى المقدم في هذه الوسائل».
ورصد التقرير انخفاض سقف الحرية المتاح لممارسي المهنة وملاحقة المخالفين لوجهة النظر الرسمية بالعقاب الذي يصل إلى حد المنع من السفر والحبس، ومحاولة تقنين المحتوى على شبكة الإنترنت وإخضاعه لسيطرة الدولة، ومنع طباعة الصحف واختيار محتوياتها.
يأتي هذا في ظل تأثير الأزمة الاقتصادية على الجميع، وفوضى الأداء الإعلامي مع غياب وعدم تفعيل مواثيق الشرف المهنية، والتأخير في إصدار القوانين المنظمة للصحافة والإعلام المكملة للدستور.
وشملت التوصيات التي اقترحها المركز لحل المشاكل «إلغاء المواد التي تضع عقوبات سالبة للحرية في قضايا النشر والعلانية، تماشيا مع نص الدستور» و»إلغاء المواد التي تنص على جريمة إهانة رئيس الجمهورية، والمؤسسات مثل الجيش والمحاكم والهيئات» و»إعادة النظر في نص المادتين 21 من قانون تنظيم الصحافة، و 185 من قانون العقوبات، وإعادة صياغتهما بحيث لا تتعارضان، وبحيث يتم توفير الحماية لمطلقي صافرات الإنذار أو المبلغين عن الفساد» علاوة على «سرعة الإنتهاء من القوانين المكملة للدستور ذات العلاقة بحرية التعبير، وهي قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون الوصول للمعلومات وذلك بعد طرحهما للمناقشة المجتمعية واستشارة أصحاب الشأن والجمهور العام في نصوصهما».
وأوصى التقرير كذلك بإحالة سلطة الترخيص بإنشاء قنوات فضائية إلى هيئة مستقلة لا تتبع وزارة الاستثمار أو أي جهة تنفيذية أخرى، مع وضع معايير واضحة لرفض أو قبول أو سحب ترخيص القنوات، إضافة إلى تعديل القوانين التي تنص على سرية المعلومات والوثائق الحكومية بحيث تتماشى مع المعايير الدولية للحق في الوصول إلى المعلومات.
ودعا المركز لإلغاء الحد الأدنى من رأس المال المطلوب في حالة إنشاء صحيفة أو قناة فضائية في قانون تنظيم الصحافة والإعلام المقترح، وإلغاء شرط استخراج تصريح للصحف وقنوات البث الإذاعي والمرئي الإلكترونية، وكذلك إلغاء مشروع قانون الجريمة الإلكترونية، وتوقف أجهزة الدولة عن معاداة وسائل الإعلام خاصة وسائل الإعلام الإلكترونية والتي تستخدم من قبل كل فئات الشعب، وعدم توسع أجهزة الدولة ومسؤوليها في اتخاذ الإجراءات القضائية ضد وسائل الإعلام قبل اللجوء إلى حق الرد أولا.
وطالب كذلك بعدم التضييق على الصحافيين في متابعة أنشطة أجهزة الدولة وفي تغطيتهم الصحافية، وتسهيل أدائهم لعملهم، وعدم اتخاذ الإجراءات الانتقامية من الصحافيين والإعلاميين الذين ينشرون محتوى معارض لوجهة النظر الرسمية، وتهيئة المناخ لهم لممارسة دورهم الرقابي بحرية، وتعاون الشرطة مع الصحافيين وتوفير الحماية اللازمة لهم لأداء عملهم، والتوقف عن منع الصحف عن الطباعة، أو التدخل بتغيير المحتوى الصحافي.
وأوصى التقرير بعدم التوسع في قرارات حظر النشر، خاصة في القضايا التي تهم الرأي العام وقضايا الفساد، وتفعيل المادة 17 من قانون تنظيم الصحافة والتصدي لظاهرة الفصل التعسفي للصحافيين، والعمل على إيجاد حل للمشكلات المالية التي تواجه الصحف الورقية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
كذلك طرح خطة إعادة هيكلة اتحاد الإذاعة والتلفزيون للحوار المجتمعي وبالتشاور مع العاملين فيه أنفسهم لضمان حقوقهم المادية، والنظر إليها باعتبارها جزءا من خطة متكاملة لإعادة هيكلة وسائل الإعلام والصحف المملوكة للدولة، بدءا من تناولها في قانون تنظيم الصحافة والإعلام المطروح للنقاش حاليا، والعمل على توفير الاستقلالية لها بحيث تكون وسائل مملوكة للشعب، وليس للنظام وتعبر عن وجهة نظره.

تقييد الحريات الإعلامية في مصر: سيطرة على المؤسسات وحبس أصحاب الرأي وحجب الكتروني

مؤمن الكامل

هاجس الهجرة يراود الشباب الفلسطيني في مخيمات اللجوء في لبنان ومخاوف من استغلاله لتصفية حق العودة

Posted: 30 Sep 2017 02:13 PM PDT

لم تعد الحياة تطاق في مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، خاصة بالنسبة للشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من التعداد السكاني في المخيمات. فلا حقوق مدنية ولا تعليم ولا كرامة إنسانية. يشعر الشاب هناك أنه يتم استغلاله في جميع المجالات فهو لا يستطيع العمل وفقا للقانون اللبناني الذي يمنعه من مزاولة المهنة لأنه فلسطيني ولا التملك ولا الدراسة ولا العلاج وحتى لو الحصول على شهادة جامعية. وبسبب الاحتياج للعمل يتم استغلال الشاب الفلسطيني ليعمل بأبخس الأجور، فترى الطبيب يعمل كسائق أجرة والمهندس عامل والصيدلاني صاحب مقهى، هذا إذا توفر العمل أصلا. وتأتي تقليصات الاونروا لتزيد الطين بلة وتجعل الحياة أكثر صعوبة داخل المخيم فلا العلاج ولا شراء الدواء سهل وينتهي به الحال إلى الموت على أبواب المستشفيات مستجديا العطف من التنظيمات والفصائل عسى ولعل يجد استجابة.
الحال بات أشبه بالكارثي خاصة مع التشديدات الأمنية التي جعلت من مخيمات الجنوب ثكنات عسكرية أو ربما أشبه بسجن كبير لا يستطيع الشاب الدخول أو الخروج منه إلا بعد تفتيش دقيق وانتظار طويل يشل الحياة على الحواجز العسكرية الموجودة على مداخل هذه المخيمات.
ورغم تمسك الشاب الفلسطيني بحق العودة إلا أنه أمام خيارين صعبين، فإما الهجرة ليبحث عن حياة كريمة بعيدا عن الذل والإهانة التي يتعرض لها يوميا، أو يبقى وفي بعض الأحيان يستغل من قبل مجموعات إرهابية، أو يأخذ طريق المخدرات وقد ينتحر أو يموت بسبب المرض دون أن يتمكن من دفع مستحقات العلاج.
الشباب داخل مخيمات اللجوء يبحثون عن خيارات بديلة تجعلهم يشعرون بآدميتهم لكنهم في الوقت نفسه متمسكون بحق العودة ويرون أن خروجهم وهجرتهم إلى الدول الأوروبية لن تسقط هذا الحق.
«القدس العربي» التقت شبابا من داخل هذه المخيمات لمعرفة حقيقة ما يجري من معاناة يومية وإجراءات عنصرية تدفعهم إلى التفكير في الهجرة.
ويقول الناشط الحقوقي الفلسطيني محمود داوود من جنوب لبنان: «الشعب الفلسطيني في لبنان يعاني معاناة كبيرة في الحياة اليومية داخل مخيمات اللجوء نتيجة مشاكل وظروف اقتصادية صعبة تراكمت عليه منذ سنين طويلة وهذه حصيلة القوانين والقرارات التي صدرت والتي ما زالت عن الحكومات اللبنانية المتتالية بعد الحرب الأهلية».
ويضيف: «الشاب الفلسطيني يطمح إلى الهجرة إلى أوروبا أو إلى أي دولة يشعر من خلالها انه يحقق كرامته الإنسانية التي يفتقدها في مخيمات اللجوء في لبنان. لم يعد يفكر أنه إذا هاجر فستفرغ القضية الفلسطينية من مضمونها وهو حق العودة لأنه يعتقد ان الذين سبقونا إلى بلاد الغرب يعيشون الآن حياة كريمة وهم ما زالوا يتمسكون بالقضية وانهم مرتاحون نفسيا وماديا ولا يخضعون لإجراءات أمنية على الحواجز أو داخل المخيمات».
أما عن الأسباب التي تدفعهم إلى التفكير في الهجرة يقول: «الشاب الفلسطيني يفكر في الهجرة بسبب أمور كبيرة وشائكة ومعقدة على المستوى الصحي وهو الهاجس الأكبر الذي يرافق الشباب لان تكلفة العلاج في لبنان عالية والاونروا بدأت منذ سنوات قليلة في تخفيض الخدمات التي تقدمها للاجئين وخصوصا الشباب، لدرجة ان الشاب أصبح يذهب إلى الجمعيات والفصائل ويتوسل لهم حتى يساعدوه في تغطية العلاج ان كان له أو لأحد أفراد عائلته، يقف على أبواب المستشفيات مترجيا المعنيين من أجل الدخول عندما يكون وضعه المادي صعبا ولا يستطيع تغطية نفقات العلاج.
البعض منهم يغطي نصف التكلفة والأونروا تغطي النصف الآخر بعد أن كانت في الماضي تغطي كل التكلفة.
أما الفقير الذي ليس لديه معارف أو أشخاص يوصلون صوته فهو إما ان ينتظر الموت دون علم أحد وهذا واقع وحاصل أو يذهب إلى المستشفيات ويموت على أبوابها أو يذهب إلى المساجد ليتصدق عليه الناس».

معضلة التعليم

ويشير داوود إلى ان وزارة التربية والتعليم اللبنانية أصدرت مؤخرا قرارا عنصريا وجائرا بتأخير تسجيل اللاجئين في لبنان في المدارس الرسمية. تواصلنا مع وزير التربية وشرح الأسباب وقال انهم يؤخرون تسجيل اللاجئ الفلسطيني لمدة زمنية محددة بينما يفتح التسجيل للاجئ اللبناني منذ شهر وهذه عنصرية ولا يراعي هذا القرار المعايير والمواثيق الدولية والمعاهدات التي وقع عليها لبنان. أما نفقات التعليم فعالية في لبنان خاصة الجامعي والاونروا في هذا العام خفضت منح دعم المتفوقين في المخيمات، ففي الماضي كانت تعطي حوالي مئة منحة من أصل ألف وخمسمئة طالب في الثانوية العامة، وفي العام الماضي أعطت 38 منحة فقط، ووصل عدد المنح العام الحالي إلى 14 فقط.
والسؤال هنا ماذا عن بقية الطلبة الذين لا يملكون التسهيل المادي الكافي ليستكملوا تعليمهم؟
لا نجد إجابة بل تراجعا في حجم الميزانيات التي تقدمها الدول المانحة والاتحاد الأوروبي وهو السبب في تراجع تقديم المنح.

قانون العمل

ويعتبرداوود ان قانون العمل الذي صدر عن الحكومة اللبنانية سابقا جائر حيث يمنع بموجبه على الفلسطيني مزاولة حوالي 72 مهنة أساسية حتى نجد الآن ان المهندس أو الطبيب الفلسطيني لا يجد له مكانا في غير الأعمال الحرة. وهناك أطباء وأساتذة يتعرضون للاستغلال في المهنة إذ يعملون دون ضمانات وبمعاشات قليلة.

التشديدات الأمنية

ولا تتعاطى الحكومة اللبنانية مع الملف الفلسطيني في لبنان من منظور إنساني ويتضح هذا من القوانين المجحفة التي تصدر من الحكومات المتعاقبة والتضييق والتعاطي الأمني مع المخيمات وخاصة منذ التسعينيات، حيث يتولى الجيش اللبناني المكلف من مجلس الوزراء اللبناني هذه الإجراءات.
ويعتبر داوود ان الشاب الفلسطيني يقف بين خيارات سيئة جدا فإما العيش بأبسط الامكانات أو الهجرة كما يحصل اليوم وسط الكثير من الشباب الذي يفكر في بيع الغالي والنفيس والإستدانة أحيانا من أجل الهجرة عن طريق سماسرة أو شبكات تهريب ان كان عن طريق البحر أو المطارات عبر تحصيل فيزا «تأشيرات دخول» بطريقة ما من أجل العيش بعيدا عن واقع حياتهم.
ويرى أنه على الرغم من المصاعب التي تواجه الشاب الفلسطيني في لبنان غلا انهم متمسكون بحق العودة وان العمل على موضوع التوطين أمر لا يقبله الفلسطينيون وعار عن الصحة.
وعن الاشتباكات الأخيرة في مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات اللجوء في لبنان وتأثيرها على حياة الشباب يقول: الأحداث الأمنية في مخيم عين الحلوة كثيرة وكل فترة يحدث إرباك أمني كبير وخطير يهدد السلم الفلسطيني، هذه الأحداث تجعل الشاب في مهب الريح وتجعله يريد الخروج من المخيم ليسكن أي نقطة بعيدة عن الأحداث الأمنية التي تتداخل فيها أجندات دول وأجهزة كبيرة.

منظور إنساني

وعن كيفية تفادي هجرة الشباب خشية استغلال ذلك تصفية حق العودة قال: كناشط حقوقي أرى ان تنظر الدولة اللبنانية إلى الملف الفلسطيني من منظور إنساني لا من منظور أمني بحت، سوف تحل الكثير من المشاكل التي يعاني منها الفلسطينيون وبالتحديد الشباب إذا سمحت بحق العمل وبناء وترميم البيوت حتى لا تقع على ساكنيها، ما الضرر؟ هل هذا سوف يجعلنا لا نفكر بحق العودة؟ أقول بالعكس هذا سيعطينا دافعا للمضي قدما من أجل الالتزام بحق العودة.
وحمل ما يجري للمجتمع الدولي الذي لديه مسؤولية كبيرة تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وأكد على ضرورة التزام الاونروا كمؤسسة شاهدة على المعاناة ونكبة الشعب الفلسطيني والتي هي أصلا انشأت من أجل اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم.
وأعرب عن خشيته من تراجع خدماتها بشكل مخيف وقال: نخشى ما نخشاه ان هناك قرارا بتصفية والغاء مؤسسة الاونروا واستبدال خدماتها البسيطة التي تقدم إلى هيئات أممية أخرى وهذا سوف يحل الكارثة على الفلسطينيين، الدول المعنية بتمويل الاونروا عليها تفعيل وتقديم المزيد من الأموال لكي تستطيع سد حاجات اللاجئين الفلسطينيين، كما يجب على الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير ان لا تدخر جهدا في المحافل الدولية وأي مكان بالمطالبة بتحسين أوضاع اللاجئين في لبنان، وان تطلب من الحكومة اللبنانية بشكل رسمي التخفيف من هذه المعاناة ومساعدتهم على العيش بحرية وكرامة وأقلها ان تسمح بالحقوق المدنية فقط فنحن لا نريد حقوقا سياسية.

مخيم عين الحلوة
شاهد على التمييز

ويقول محمد ديب ناشط شبابي من مخيم عين الحلوة: «واقعنا سيئ جدا، فنحن محرومون من حقوقنا المدنية والاجتماعية وتعامل المخيمات على انها بؤر أمنية ولا يوجد أي منظور اقتصادي واجتماعي للنهوض بحالها».
ويضيف: «غياب الاونروا وتقليص الخدمات الصحية والتعليم وغياب الحقوق المدنية، أمور جعلتنا كشباب نفكر بالرحيل. نحن نعيش في سجن كبير فاقـــدين للأمن ونعـــامل معـــامـلــة أمنــية بحتة بغض النظر عن قدسية قضيتنا وأحقيتنا في العودة، نعاني من حرية الحركة والتنقل بسبب التشديدات الأمنية وقد ننتظر لساعات حتى ندخل المخيم أو نخرج منه».
ويتابع: «نعاني من جمود اقتصادي كبير، فنحن أكثر من مئة ألف نسمة تعيش في كيلو متر مربع فوضى على مستوى الأسلاك الكهربائية ومياه الصرف الصحي لدرجة ان أمطارا بسيطة قد تؤدي إلى فياضات داخل المخيم، هذا الواقع جعل الشاب يفكر في الهجرة».
ويرى «إذا كانت الاونروا تدعي أنها انشئت لخدمة اللاجئين الفلسطينيين عليها ان تزيل السبب الذي انشأت من أجله ألا وهو احتلال فلسطين. أن الشاب الذي يطالب بالهجرة لا يسعى لإسقاط حق العودة ولكن الظروف الصعبة التي يعيشها هي التي تسعى لإسقاط حق العودة، وبالتالي دفعت الشباب لركوب الأمواج والغرق بقوارب الموت من أجل الهروب من واقعنا الكارثي».
ويضيف: «ان الشاب الفلسطيني أصبح يعي حجم المؤامرة على القضية الفلسطينية التي تعيش اليوم مراحل صعبة وهناك محاولات حقيقية لإفراغ دول الطوق من الشعب الفلسطيني ومحاولات تهجيره أو توطينه تمهيدا لتنازله عن حقه في العودة إلى فلسطين. والفصائل الفلسطينية عاجزة ولا تستطيع أن تقدم شيئا وهم مطالبون باحتضان الشباب وإيجاد فرص عمل لهم، للأسف هناك فقدان للأمل وتسرب من المدرسة فالشباب يقولون لماذا ندرس وبعدها لا نجد عملا؟».
ويروي محمد ديب روى قصة معاناته ويقول: «درست هندسة مدنية وأعمل تصاميم في اختصاصي وممنوع أضع اسمي عليها، لذلك يتم استغلالي واستغلال اسمي. انا أعمل وغيري يأخذ تصاميمي والأجر يذهب للشخص اللبناني الذي يستطيع تسجيل الترخيص باسمه. لست وحدي من يعاني وانما هناك عدد كبير من الشباب يتم استغلالهم بسبب القوانين الجائرة التي تمنع الفلسطيني من العمل لذلك نتقاضى أجورا أقل من غيرنا ومحرومين من الضمان الصحي ومن كل الامتيازات والبدلات».

الهجرة لا تعيق
تمسكنا بحق العودة

ويرى الشاب حسن السيد من عين الحلوة ان السفر لا يمـنع المضي قدما في التمسك بحق العودة. وان هناك ظروفا قاهرة وحرمانا من أبسط الحقوق الآدمية.
وأشار إلى ان البطالة تسببت بأزمة عند الشباب ما جعل بعضهم يتجه نحو المخدرات ويكون عرضة للاستغلال.
ويقول: «عندما تسألي أي شاب عن حلمه يقول لك ان يهاجر من هذه البلد لان الاحساس بالقهر والحرمان والاذلال السبب في ذلك، كيف يمكن ان نعيش في مخيم لا أمن فيه ولا أمان وكل ما تحركنا خارجه أو عدنا له يتم تفتيشنا وطلب هوياتنا؟ معظم الشباب في المقاهي وهناك الكثير من الاستغلال لهذه الفئة وفي النهاية يرضخ لأنه يريد أن يعيش».
الشاب حسن السيد تراوده فكرة الهجرة ويعتقد انها المتنفس عند الشباب تحديدا حتى يشعروا بالكرامة.
ويضيف: «صحيح للمخيمات رمزيتها لكن لو بقينا فيها وكنا بحاجة لعلاج أو عملية للأسف سنتسول على أبواب التنظيمات والفصائل. نتمنى العودة إلى فلسطين اليوم قبل الغد لكن ما يحدث لنا فوق الاحتمال ولا يمكن تصوره».
وتشير مصادر صحافية أن التشديدات الأمنية غير المسبوقة التي تشهدها مخيمات اللجوء في الجنوب اللبناني تزيد من معاناة الشباب في التنقل والحركة، حيث يتم التفتيش الكلي للسيارات والملابس وطلب إظهار البطاقات الشخصية وهذا في حد ذاته يعيق العمال وطلاب المدارس عن الذهاب إلى أعمالهم ومدارسهم، حيث يشعر الفلسطيني بمزيد من الاضطهاد والذل فهو متهم لأنه فلسطيني ومطلوب لأسباب أمنية.
وقد نشر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي العديد من النداءات التضامنية والتي تطلب من الجيش اللبناني أن يخفف من التشديدات الأمنية الخانقة على مداخل عين الحلوة رافعين شعار «التعامل الإنساني مع المدنيين سلوك حضاري» وذلك خلال الاشتباكات الأخيرة التي شهدها المخيم.
ويرى متابعون أن الشاب في عين الحلوة يقع بين كماشتين، الأولى من جهات داخل المخيمات التي تتصارع وتتناحر والأخرى هي الإجراءات الأمنية التي تعقب كل اشتباك. هو بين نارين وقد يتعرض للقتل أو الإصابة أو يتعرض للمضايقة على الحواجز التي هي موجودة نتيجة للبحث عن مطلوبين.

هاجس الهجرة يراود الشباب الفلسطيني في مخيمات اللجوء في لبنان ومخاوف من استغلاله لتصفية حق العودة

وجدان الربيعي

مدينة الزّهراء نحو اعتراف «يونيسكو» بها تراثاً عالميّاً للإنسانية

Posted: 30 Sep 2017 02:12 PM PDT

محمّد محمّد الخطّابي: إنيِّ ذكرتكِ بالزّهراء مُشتاقَا‏ /والأفقُ طلقٌ وَوَجهُ الأرض قد راقَا‏…وللنّسيم اعتلالٌ في أصائله‏ / كأنّه رقّ لي فاعتلّ إشفاقَا‏… والرّوضُ عن مائِه الفضيِّ مبتسمٌ/كما شقَقت عن اللبّات أطواقَا…‏ نلهو بما يستميلُ العينَ من زَهرٍ/جال النّدىَ فيه حتى مال أعناقَا…‏ كأنّ أعينَه إذ عاينتْ أرَقيِ/بكتْ لما بيِ فجالَ الدّمعُ رقرَاقَا.‏
هكذا كان يتذكّر، ويخاطب متحسّراً الشّاعر المتيّم ابن زيدون خليلته الشّاعرة الرقيقة ولاّدة بنت المُستكفي فيما مضىَ من الأيام، عندما كانت قرطبة عاصمة لدار الخلافة، وكانت مدينة الزّهراء الحاضرة المعمارية الجميلة الفريدة في بابها التي أنشأها ثامن خلفاء الدَّولة الأمويَّة في الأندلس، عبد الرَّحمن بن محمَّد بن عبد الله المُلقَّب بالنَّاصر (912–961). تقع هذه المدينة المَعلمة شمال غرب مدينة قرطبة وجعلها الخليفة مقرَّاً، ومستقرّاً جديداً لخلافته لينأى عن دأب، ولجَب، وصَخَب، وضجيج مدينة قرطبة الكبرى. وانتقل الخليفة النَّاصر بالفعل إليها، وأصبحت مدينة الزَّهراء مركزاً للخلافة، وظلت على تلك الحال لمدّة أربعين سنة، وهي مدَّة حُكم عبد الرَّحمن النَّاصر ونجله الحكَم المستنصر. وعندما تولَّى الحاجب المنصور بن أبي عامر الحُكمَ في الأندلس شيّد مدينته الأخرى التي أطلق عليها الزَّاهرة، ونقل مركز الخلافة إليها كذلك. وفي القرن العاشر الميلادي تعرَّضت الزَّهراء إلى عمليات السَّلب، والنهب، والتلف، والحرق والدَّمار، وسرعان ما أصبحت رُكاماً دارساً مهجوراً، بعد إشعاع، وازدهار، ونعيم، وغطتها الأتربة، والحِجارة، والأشجار، والحشائش، إلى أن أُعيد اكتشاف بقاياها، وآثارها حديثاً.
تقع أطلال الزّهراء في عصرنا الحاليّ في الناحية الغربيّة من قرطبة، وهي تُعرف اليوم بقرطبة القديمة. أطلق الخليفة عبد الرَّحمن النَّاصر على القصر الفخم الذي بناه في مدينة الزَّهراء إسمَ «الزَّهراء»، وكان هذا المبنى المعماري مِثالاً فريداً في الرَّوعة، والرّونق، والبهاء، حيث كانت جدرانه مغطّاة بالرُّخام المَوضُون المُطعّم بالذَّهب، وتحيط به التَّماثيل، والتُّحف النَّفيسة، والصُّور الغريبة، وكان يتوسّط القصر صهريج كبير من الزِّئبق، يذكّرنا بصهريج زئبق الملكة بلقيس بسبأ بأقاصي اليمن، وكانت تحيط بالقصر حدائق غنّاء تنتشر في جنباته العديد من المُجسّمات المصنوعة من العنبر، واللُّؤلؤ، وصور الطُّيور، والحيوانات المُطعّمة بالذَّهب الأحمر، والمُرصَّعة بالجواهر، والدّانات، والعقيان، وكانت هذه التَّماثيل تفور، وتقذف بشلاّلات من المياه البلورية إلى الحوض من فوهاتها، وميازيبها بألوان زاهية مختلفة، وكانت أبواب المدينة مصنوعة من العاج والأبنوس، ولقد تم توسيع مباني المدينة في عهد الحكَم الثاني ابن عبد الرحمن الثالث (961-976). وفي عام 1010 نهبت الزّهراء على إثر حرب أهلية اجتاحتها، وطفق الخبراء في التنقيب عن أطلالها وبقاياها عام 1910. وصف الادريسي مدينة الزّهراء بعد زيارته لها بالقول: «مدينة عظيمة مدرجة البنية، مدينة فوق مدينة، فكان الجزء الأعلى منها قصوراً يقصر الوصف عن صفاتها، والجزء الأوسط بساتين، وروضات، والجزء الثالث فيه الديار والجامع». عندما احتلّ القشتاليون قرطبة كانت ذكرى الزّهراء قد ضاعت، وتلاشت، وطُمِس اسمُها، وبقيت كذلك حتى تُرْجِم كتابُ نفح الطّيب للمقرّي إلى اللغة الانكليزية قبل حوالي قرن ونصف، فعرف الباحثون اسمَها وموقعَها وأوصَافَها.

الزّهراء تراث للإنسانية

قدّمت عمدة مدينة قرطبة إيسابيل أمبروسيو رفقة المستشار الثقافي للمجلس البلدي للمدينة ميغيل أنخيل باسكيث يوم 11 من سبتمبر (أيلول) الماضي الصورة الدّعائية والإعلامية التي ستتقدم بها قرطبة لدى يونيسكو العالمية لطلب ترشيح اعتماد هذه المعلمة التي تتميّز بجمالية معمارية فريدة من نوعها من بين المآثر، والمعالم، والقصور التي خلفها المسلمون في الأندلس لتصبح تراثاً إنسانياً معترَفاً به لدى المنظمة العالمية. ويؤكد الخبراء والمؤرّخون والكتّاب في طليعتهم الرّوائي والشّاعر الإسباني الذائع الصّيت أنطونيو غالا أنّ هذه المعلمة المعمارية التاريخة لم يعد لها وجود حقيقي اليوم كما كانت عليه في الواقع أيّام أوْجِها، وعزِّها وتألقِها سوى في مخيّلتنا وذاكرتنا.
وتهكّم أنطونيو غالا في إحدى محاضراته عن الأندلس (وهو القرطبيّ روحاً ونشأةً منذ التاسعة من عمره) مخاطباً الخبراءَ الإسبان عندما همّوا بترميم مدينة الزّهراء ساخراً: «كيف يمكنكم أن ترمّموا معلمة لم يكن لها نظير في مختلف بقاع وأصقاع الأندلس؟ كيف يمكنكم أن ترفعوا من جديد تلك الثماثيل والمُجسّمات الغاية في الدقّة والإتقان والرّوعة؟ كيف يمكنكم أن تعيدوا بناءَ تلك النافورات العديدة المرصُوصة التي كانت منتشرة في هذه المدينة السّاحرة؟ كيف ستجعلون المياه البلّورية الصّافية الزلاليّة التي كانت تتدفّق من فوهاتها بألوانٍ مختلفة كما كانت فيما مضى؟
وأشار المستشار الثقافي لبلدية قرطبة أن المجلس بصدد خلق لجنة تتألف من الخبراء، والمؤرخين، والنقابيين، ومن العديد من الجمعويين بالمدينة الذين لديهم الرّغبة في الإسهام لدعم هذا الترشيح لفائدة مدينتهم، ومن المُنتظر ان تقوم لجنة خاصّة من يونيسكو بزيارة ميدانية للزّهراء أواخر الشهر بخصوص هذا الموضوع، كما أن من المنتظر أن تعلن هذه المنظمة العالمية عن نتائج قرارها بعد حوالي عشرة شهور، ولقد انطلقت الحملات التعريفية بهذا الترشيح، وعمّا قريب سيتمّ إطلاق الإنارة الليلية لهذا الموقع الأركيولوجي الفريد الذي يحتلّ مكاناً بارزاً في تاريخ الأندلس، والأدب الأندلسي، والذاكرة المشتركة بين العرب والإسبان عن هذه الحضارة الزاهرة التي تألقت وازدهرت في شبه الجزيرة الإيبيرية على امتداد ما ينيف على ثمانية قرون. ويشير المستشار الثقافي الإسباني أنّ تدشين الإضاءة الليلية بمدينة الزهراء من شأنه أن يعطي لهذه الحملة زخماً وتعريفاً واسعيْن لما تتطلّع إليه مدينة قرطبة في هذا الصّدد لتحقيق هذه الغاية النبيلة.

مدينة العِطر والسِّحر

وبموازاة مع هذا المسعىَ، فأنّ الدّراسات، في إسبانيا وفي العالم الناطق باللغة الإسبانية قد تعدّدت في المدّة الأخيرة، كما صدرت غير قليل من الكتب عن قرطبة الغرّاء وعن تاريخها الحافل بالأمجاد الذي بوّأها في زمنٍ مّا من الأزمان الغابرة، أيّامَ عزّها وأوجها مكانةً مرموقةً كإحدى الحواضر الكبرى التي عرفت رقيّاً متميّزاً، وإزدهاراً هائلاً، وتقدّماً حضارياً فريداً في مختلف مناحي العِلم، والعِرفان، والبناء، والعُمران. تُرىَ ما سرّ هذا الاهتمام المتزايد لدى الإسبان وغير الإسبان بالإرث العربي في شبه الجزيرة الإيبيرية، بما فيها هذه المدينة السّاحرة، وملحقاتها وفي طليعتها مدينة الزهراء التي لا تبعد عنها سوى بثمانية كيلومترات؟ ما هذه الردّة المفاجئة، والتكفير عن زمنٍ كئيب كان الإسبان والبرتغاليون ينكرون فيه ويتنكّرون لتاريخهم حيث أشعّت، وظهرت، وإزدهرت، وتألّقت، وسادت على أرضهم حضارة أندلسية عظمى أنارت دياجيَ الظلام في أوروبّا دهرئذٍ، إنه الإكتشاف الذي أصبح اليوم يأخذ في إسبانيا والبرتغال بمجامع قلوب الفئات المثقفة، والأوساط الواعية، وصفوة الدارسين، والمهتمين بالتاريخ الإسلامي في هذه الجزيرة المحروسة التي لا نتورّع من أن نطلق عليها اليوم متحسّرين اسمَ «الفردوس المفقود «!.
قرطبة مدينة العِطر، والسِّحر، والجمال، والظلال، والألوان، والأحلام، والجِنان الباسقة، والشّوارع الفسيحة، والأزقّة الضّيقة الناصعة البياض، والدروب الملتوية ذات الأرصفة الأرضّية المتراصّة، والشّرفات المشربّية العالية، أشهر الحواضر، وأكبر المعاقل العربية في شبه الجزيرة الإيبيرية على امتداد العصور والدهور.
جاء في كتاب «نفح الطّيب من غصن الأندلس الرّطيب» للمقرّي: «ومن أشهر مدن الأندلس مدينة قرطبة وبها الجامع المشهور، والقنطرة المعروفة بالجسر الأكبر، القائم على النهر الأعظم الذي لا يُعرف في الدنيا مثله». وقال عبد الله الحجاري في «المُسهب»: «كانت قرطبة في الدولة المروانية قبة الإسلام ومجتمع أعلام الأنام بها استقرّ سرير الخلافة المروانية وفيها استقرّت خلاصة القبائل المعدية واليمانية، كانت مركز الكرماء، ومعدن العلماء وهي من الأندلس بمنزلة الرّأس من الجسد، ونهرها من أحسن الأنهار مكتنف بديباج المُروج، مطرّز بالأزهار، تصدح في جنباته الأطيار وتنعر النواعير، ويبسم النوار، وبها الزاهرة، والزهراء حاضرتا المُلك، وأفقا النعماء والسراء وإن كان قد جنى عليها الزمان وغيّر بهجة أوجهها الحسان فتلك عادته وسل الخورنق، والسدير، وغمدان وقد أعذر بإنذاره إذ لم يزل ينادي بصروفه لا أمان لا أمان». وعنها يقول بعض علماء الأندلس مفتخراً بالمكانة المرموقة، ومتباهياً بالمنزلة السّامقة اللتين أدركتهما مدينته، ومشيداً بفضلها على باقي الحواضر والأمصار والمدن، والضِّيَع الأندلسية الأخرى أيام عزّها، وسؤددها، وإشعاعها، قال:
بأربعٍ فاقتِ الأمصارَ قرطبةٌ/ منهنّ قنطرةُ الوادي وَجَامعُها
هَاتَانِ ثِنْتَان والزّهراءُ ثالثةٌ/والعِلمُ أعظمُ شيءٍ وهو رابعُها
وقال عنها شاعر أندلسي آخر:
أقرطبة الغرّاء هل فيك مَطمعُ/وهل كبد حرّى لبينك تنقعُ؟
ويا حبّذا الزّهراء، بهجة منظر/ورقّة أنفاس وصحّة جوهر

زَهْرَة الأندلس

كانت هذه المدينة تحفل بالمكتبات، وأروقة العلم، وبيوت الحكمة، كانت تزيّن خزانة «الحَكم المُستنصر» بها (861-976 م) أزيد من أربعمئة ألف مخطوط. ويُحكىَ عن مدى اهتمام وعناية وشغف القرطبيين بالكتب، أنّه إذا أفلس موسيقيّ في قرطبة باع أدواته الموسيقية في غرناطة، وإذا أفلس عالم في غرناطة باع كتبَه ومخطوطاته في قرطبة! شوارعها، أزقتها الصّامتة، المتراصّة، المرصوفة بالحجارة الملساء تنبض بالحركة والحياة، كلّ ركن من أركانها يعانق التاريخ. صمتها يشيع السّكينة والطمأنينة في النفوس، ويبعث على الأملَ والتأملَ وإعمال النظر، نافوراتها التي تقذف المياه العذبة البلّورية الصّافية التي تـتـفجّر من الينابيع العتيقة، تنشر السعادة والحبور والرّذاذ المنعش في كلّ مكان، هذه المدينة السّاحرة عنها يقول شاعرُها القرطبي الكبير لْوِيسْ دِي غُونْغُورَا ( 1561 و 1627): آهٍ أيها الجدار الشّامخ/آهٍ أيتها الأبراج المتوّجة/بالشّرف والجلال والشّهامة/أيّها الوادي الكبير/إرث الأندلس العظيم/ذو الرّمال النبيلة/التي لم تعد ذهبيّة! أيّها السّهل الخِصب/أيتها الجبالُ الشّاهقة/التي جلّلتها السّماء/وأكسبها المساءُ لونَ الذّهب/آهٍ يا بلدي المجيد/بالأقلام والسّيوف /بين تلك المعالم والمآثر/التي يزيّنها نهر شَنِيلْ ويغسلها نهر الدَّارّو/ذاكرتك ليست غذائي/وعينايَ الغائرتان ليستا جديرتين/برؤية جمالكِ، وجداركِ، وأبراجكِ/وأنهاركِ، وسهولكِ، وجبالك/آهٍ يا بلدتي يا زهرةَ الأندلس.
الشاعر لْوِيسْ دِي غُونْغُورَا القرطبي المولد والمنشأ عندما يتحدّث عن الجدران الشّامخة، والأبراج السامقة بهذه المدينة، لابدّ أنه رآها بأمّ عينيْه فيها، إلّا أنه لم يعد لها وجود، ومن شأن ذلك أن يضاعف من فداحة الموقف عنده، ويزيد في مقدار شعوره بالألم، والحسرة، والمرارة. وهو عندما يتحدّث عن السّيوف لابدّ أنه كان يرمز ويفكّر في أبطال هذه المدينة ذات الرّوح والجسد الإسلامييْن، وعندما يتحدّث هذا الشاعر المَجيد عن الأقلام، فلابدّ أنه كان يفكر بعلماء هذه المدينة وشعرائها، وفقهائها، وحكمائها، وفلاسفتها، وأطبّائها، وفلكييّها، ومعمارييّها على اختلاف أجناسهم، وتباين أعراقهم، ومللهم، ونحلهم، وأصولهم، من عرب، وأمازيغ بدءاً بالعهد الإسلامي الزّاهر حتى العهد الرّوماني القديم للمدينة أيّ وصولاً – والحالة هذه – إلى فيلسوفها وحكيمها الكبير الشّهير Lucio Anneo Séneca سِنِيكَا المولود في قرطبة والمتوفّي بروما.

بيزنطة الغرب

كلّ شيء في هذه المدينة يذكّرنا بعصر الخلافة إبّان مجدها في القرن العاشر حيث كانت قرطبة تعتبر بيزنطة الغـرب في ذلك العصر، وحيث أجمع المؤرّخون أنّ اللغة العربية كانت في ذلك الوقت تعتبر بمثابة اللغة الإنكليزية في عصرنا الحاضر، ولا شكّ أنّ عظمة هذه المدينة تأتي من عِلمها، وعُلمائها، وشُعرائها، وفقهائها، وفلاسفتها، وبشكلٍ خاص من عظمة حلبة وباحة الدّرس فيها مسجدها الجامع الأعظم.
يقول ميشيل بوطور: «إن من سخف الأقدار أن يعمل الإنسان على إضفاء على هذا المسجد غير طابعه الحقيقي الإسلامي المحض، إنّ ذلك في نظره بمثابة إختراق رمحٍ أو خنجرٍ لقلبِ مؤمنٍ تقيٍّ، ورعٍ، نقيّ. إنّ الإضافات التي ألحقتْ بمسجد قرطبة الأعظم كانت من السّخف حتى أمست أضحوكة في أعين كلّ من زار هذه المعلمة المعمارية التاريخية الخالدة، فقد أقحم معبد أو كـــاتـــدرائية في قلــب المسجد التي تبدو وكأنّها غارقة في غابة من الأقواس، والأعمدة ذات الرّونق البديع التي شيّدت بأشكــال هندسية عجيبة تحيّر الناظرين، وتذهل الزّائرين وقد أصبح هذا المعبد-الكاتدرائية الدّخيل كَحَجْرة وقد رمي بها وسط غدير جميل فغطتها المياه! إنهّا تحول دون رؤية جمالية البناء، والاستمتاع بسحر المعمار وروعته وجلاله، ورقّته ودقّته، انها تبدو كفقاعة من ملل تفسد هيبةَ، وعبقريةَ وروعةَ المكان!».

عتاب الإمبراطور

إنّ الندم والتأسّف لابد أنّهما قد صاحبا العديد من سكّان المدينة من القرطبيين الأقحاح على امتداد التاريخ، كتّاباً، كانوا أو شعراء، أو فقهاء، أو مفكّرين، أو فلاسفة، أو مواطنين عاديّين، من جراء محاولات إفساد أجمل معلم حضاري في مدينتهم، بل أجمل المعالم والمآثر العُمرانية، والمِعمارية التي شيّدتها يد شريفة في التاريخ.
الملك الاسباني الإمبراطور كارلوس الخامس (1500-1558) هو الذي كان قد سمح من بعيد، ورخّص ببناء هذا المعبد- الكاتدرائية وسط المسجد الجامع الأعظم، ولكنّه عندما حضر إلى قرطبة وقام بزيارة المسجد لأوّل مرّة ورأى النتيجة، نتيجة الصّراع، استشاط غضباً، وتشنّج حنقاً، ولم يكن في وسعه إلّا أن يُعلن هـزيمةَ الحزب الذي ساند، وأيّد، سجّل له ذلك التاريخ في كلمات مأثورة، ومشهورة، ومؤثّرة فاه بها في هذا المقام عندما قال: «ويحكم ماذا فعلتم؟! والله لو كنت علمتُ بما كنتم تنوون القيامَ به لمَا سمِحتُ لكم بذلك، لأنّ الذي شيّدتم داخل هذا المسجد يُوجد في كل مكان، وأمّا الذي كان موجوداً هنا، فهو فريد، ووحيد لم تقع عيني عليه قطّ، وهو ليس له نظير في أيّ مكان.!
كانت المنظّمة العالمية يونيسكو قد أعلنت عام 1984أنّ هذا المسجد الجامع تراث ثقافي عالمي للإنسانية جمعاء، والحالة هذه، أليس حريّاً أن يعمل أرباب هذه الحضارة على أن يحظى ترشيح مدينة الزهراء لتصبح تراثاً عالمياً للإنسانية بدعمٍ عربيٍّ كذلك، فهذه المَعلمة المِعمارية الفريدة هي أولاً وأخيراً من بناء أجدادنا الميامين مثل سائر المعالم والمآثر الاندلسية الأخرى الخالدة!.

مدينة الزّهراء نحو اعتراف «يونيسكو» بها تراثاً عالميّاً للإنسانية
المَعلمَة الأندلسيّة التي لا يُمكن تخيّلها كما كانت سوىَ في ذاكرتنا

رحيل شموئيل موريه صاحب «بغداد حبيبتي: شجون وذكريات» وهو مسكون بنسيم دجلة ووشوشات نخيله

Posted: 30 Sep 2017 02:12 PM PDT

غيّب الموت الباحث وأستاذ الأدب العربيّ الحديث في الجامعة العبرية بروفيسور شموئيل موريه عن 84 عاما الذي بقي يحاضر، رغم خروجه للتقاعد حتى وفاته، وهو الحاصل على جائزة إسرائيل (أعلى وأرفع جائزة رسمية في إسرائيل) العام 1999.
كتب موريه الشعر والقصّة باللغة العربية التي رأى فيها الأمّ، بينما رأى في اللغة العبرية وهو اليهوديّ، الزوجة، وردّد دوما أنّ الزوجة لا يمكن أن تحلّ محلّ الأم.
يعتبر موريه منجما غنيا من الأبحاث وهو من كبار الباحثين في الأدب العربيّ الحديث والمسرح العربيّ، خاصّة في حقل الشعر العربيّ الحديث، ففي كتابه موضوع أطروحة الدكتوراه في جامعة لندن « : Modern Arabic Poetry 1800-1970
The Development of its Forms and themes under the Influence of Western Literature .Leiden: E.J.Brill
الصادر عام 1976، والذي قام بترجمته إلى العربية الدكتوران محمّد شفيع السيّد وسعد عبد العزيز مصلوح وأصدراه في القاهرة عام 1986 تحت عنوان «أثر التيارات الفكرية والشعرية الغربية في الشعر العربيّ الحديث 1800-» التفت موريه قبل غيره وكان سبّاقا في الاستنتاج  أنّ الشعراء المهجريين العرب في أمريكا الشمالية بشكل خاصّ، فيما استحدثوا من أساليب وأشكال شعرية قد تأثّروا بترجمة التسابيح والمزامير والترنيمات المسيحية الإنجيلية المترجمة إلى العربية، التي طبعت منشوراتها في الجامعة الأمريكية، وكذلك بترجمة التوراة والإنجيل والشعر الأوروبي .
لقد صدر الكتاب ثانية بنسخة منقّحة عام 2004 عن دار كل-شيء في حيفا، وراجعت ترجمتها وأشرفت عليها د. لبنى صفدي -عباسيّ. كما صدر بطبعة ثالثة منقّحة العام 2014 عن دار الجمل .
يشار أنّه في عام 1969 قام الأستاذ سعد مصلوح بترجمة مبحثين لموريه عن الإنكليزية.
وهما «الشعر المرسل Blank Verse في الأدب العربي الحديث» و»الشعر الحرّ Free Verse في الأدب العربيّ الحديث: أبو شادي ومدرسته 1926-1946»، نشرا في مجلة معهد الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن، وأصدرهما عن دار عالم الكتب في القاهرة، تحت عنوان «حركات التجديد في موسيقى الشعر العربيّ الحديث». وقد أشاد مصلوح في مقدّمة الكتاب إلى عمق البحث وحداثته وموضوعيته، كما أشار إلى أنّه لم يعرف بداية هوية المؤلف، ولكن حين استفسر وعرف أنّه باحث يهوديّ وأنّه محاضر في الجامعة العبرية ودرس في جامعة لندن أصرّ على إصدار الكتاب، معلّلا ذلك «ولكني قد ازددت إيمانا بضرورة تجنّب هذا الموقف السلبي الذي يكتفي بالهروب، كما ازددت حرصا على أن يظهر هذا الكتاب، ليتاح للمشتغلين بالدراسات الأدبية في العالم العربي أن يطلعوا على نموذج من الدراسات التي يقوم بها الباحثون اليهود في مجال الثقافة العربية. وإذا كان هؤلاء يحاولون التعرّف علينا، واستكشاف ملامح شخصيتنا بالمثابرة على دراسة ثقافتنا وأدبنا، فلا أقل من أن نتعرّف على طريقتهم في التعرّف، وأن نستكشف طريقتهم في الاستكشاف وهذا أضعف الإيمان.
وإنّي لأتطلّع مخلصا إلى اليوم الذي يتولى فيه المتخصّصون منا إخراج دراسات عميقة وشاملة عن ثقافة أعدائنا وفكرهم وأدبهم، فهذا هو الطريق العلميّ الذي لا بديل له للنصر عليهم».
وفي دراسته حول المسرح الحي والأدب الدرامي في القرون الوسطى في البلدان العربية الصادر باللغة الإنكليزية تحت عنوان
Live Theatre and Dramatic Literature in the Medievel Arabic World, Edinburgh and New York, 1992
والذي ترجم إلى العربية من قبل عمرو زكريا عبدالله، وصدر عن دار الجمل عام 2014 تحت عنوان «المسرح الحي والأدب الدراميّ في العالم العربيّ الوسيط»، فنّد شموئيل موريه رأي المستشرقين والباحثين العرب القائل بأنّ العرب لم يعرفوا المسرح البشريّ في العصور الوسطى بل عرفوا خيال الظلّ، وأثبت أنّه كان للعرب مسرح حي في القرون الوسطى. وقد علّل موريه استنتاجه أنّ المستشرقين لم يفهموا النصوص العربية في المسرح العربي، فمثلا لم يميّزوا بين المصطلحين :
خرجوا في الخيال: أثبت أنّ معناها «قاموا بتمثيلية قصيرة مرتدين ملابس تلك الفترة».
وضع خيال الظلّ: وجد موريه أنّ مصطلح «خيال» كان منذ العصر الإسلاميّ الأوّل يعني تمثيل أو ركوب «الكرج» أي الحصان الخشبيّ، الذي كان الممثّلون يقلّدون فيه كرّ الفرسان وفرّهم. وحين جاء المسرح الظلّي من الصين وأندونيسيا والهند، أضاف العرب إلى كلمة خيال التي تعني تمثيل كلمة ظلّ، أي ظلّ الدمى التي تنعكس على الستارة، وهكذا نحتوا هذا المصطلح «التمثيل الظلّي»، ولم يفهم الباحثون العرب هذه المصطلحات و»ردّدوا كالببغاوات» كلام المستشرقين.
في هذا البحث يكون موريه قد قام بحلّ أحد ألغاز الحضارة العربية في القرون الوسطى. كما اتهم موريه المستشرقين الأوروبيين بالعنصرية تجاه العرب، لقولهم بعدم وجود مسرح عند العرب من منطلق السامية التي رأت بالعرب أنّهم محدودو العقلية. وقد أشار أنّه بدأ بدراسة يعقوب صنوع فوجد أنّه يذكر «المحبظين» كما أنّ الجبرتي، ذكر «المحبظين» بأنّهم كانوا يقومون بتمثيليات في القرن السابع عشر.
لقد كتب الدكتور عطية العقاد حول إثبات موريه أنّ العرب عرفوا المسرح البشريّ في العصور الوسطى «والحقيقة أنّ موريه ببحثه هذا قد عرّى عورتنا النقدية وأظهر قصورنا واستسهالنا التعامل مع مصطلحاتنا النقدية القديمة، فمحدثونا الذين تعرضوا لهذه المصطلحات لم يحاولوا إدراك غير المعنى العام الذي توحي به، ولذلك ذهبت معظم تلك المجهودات أدراج الرياح لأنّها أوقفت نشاطها على المعاجم اللغوية التقليدية فقط» (جريدة مسرحنا 14 مارس 2011) .
وفي كتابه عن المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي، حياته، أعماله، المخطوطات التي خطّها بيده، ومكانته في التاريخ المصريّ، الصادر عن جامعتي أكسفورد ومانشستر عام 2014 تحت عنوان :
The Egyptian Historian ‹Abd al-Rahman al-Jabarti:His
Life,Works,Autographs,Manuscripts and the Historical Sources of ‹Aja›ib al-Athar ,Oxford University Press,2014
يقوم موريه بتحقيق تسجيل وقائع المؤرخ المصريّ عبد الرحمن الجبرتي للأشهر الستة الأولى من الاحتلال الفرنسي لمصر عام 1798. اعتمد موريه في تحقيقه وتمحيصه هذا، المخطوطة الأمّ لكتاب الجبرتي «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» التي تصل حوالي 2600 صفحة والتي خطّها الجبرتي بيده والمحفوظة في مكتبة جامعة كمبردج، كما قارنها مع طبعة بولاق المعروفة من عام 1879، ووجد أنّ طبعة بولاق تختلف عن نسخة الجبرتي الأمّ بحيث أنّ النسّاخ قاموا فيها بـ «تصحيح قواعد اللغة» وتغيير بعض نصوصها من النقيض إلى النقيض، وأنّها نسخت بعد وفاة الجبرتي. وقام موريه في تحقيقه، بإضافة فهرس عام للأعلام والرتب الإدارية والعسكرية والمباني والعلوم والمصطلحات الحربية والإدارية والدينية والاجتماعية والأدبية والجغرافية، كما وضع قاموسا خاصا بالمصطلحات، لأنّ كثيرا من الكلمات لم تعد مفهومة.
كما اهتم موريه بأبحاثه بالنتاج الشعريّ والنثريّ ليهود العراق بشكل خاص، واليهود في البلدان العربية، واعتبره غصنا من شجرة الأدب العربيّ، وقام بنشره عن طريق «رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق» التي رأسها، كما قام مشاركة مع الباحث الأستاذ فيليب سادجروف من جامعة مانشستر، بتأليف ونشر كتاب عن دور اليهود في المسرح العربي في القرن التاسع عشر .
كما كتب بالإنكليزية مشاركة مع بروفيسور بتريشيا كارون من جامعة برينستون، كتاب الغرباء The Book of Strangers,Medieval Arabic Graffiti on the Theme of Nostalgia، الذي يتمحور حول النوستالجيا في الأدب العربيّ إبان العصور الوسطى.
يتحدّث موريه في مقدّمة ديوانه «تلك أيام الصبا» (1998) الذي كتبه بالعربية، عن مغادرته العراق قسرا، وهو في الثامنة عشرة، عام 1951 ومجيئه إلى إسرائيل وعن معاناته، أسوة باليهود الشرقيين، حين وصوله إسرائيل، وانتقاله من حياة «عزّ بغداد» إلى العيش في الخيام والمعبرة والوقوف في طوابير الماء والخبز، والعمل الشاق في نقل أكياس الإسمنت والحصى للبناء، وكما يكتب :
«وعندما حطّت الطائرة في مطار اللد بعد أن أنهكت أعصابنا برجاتها وهبوطها وصعودها جوّا في الدوامات والجيوب الهوائية فوق الأردن، استقبلنا موظفو الهجرة وبأيديهم رشاشات الدي دي تي، يرشونها على رؤوسنا وداخل سراويلنا وينظرون إلينا بوجوه جامدة غير مبالية بتحياتنا باللغة العبرية وبلهجة عراقية، ولا بتقبيل بعضنا الأرض المقدسة، في مطار اللد، سرورا بعودتنا إلى أرض الميعاد. ثمّ نقلونا بشاحنات الحمل إلى معسكر الحجر الصحيّ في «شاعر هعليا» (ص14). كما يشيد بدفاع الجيران المسلمين في العراق عن اليهود إبان أحداث الفرهود «وكان الفرهود قد أظهر معدن النبل لدى كثير من الأصدقاء المسلمين الذين دافعوا عن جيرانهم اليهود، ويرى البعض أنه لو لم يحم هؤلاء المسلمون الكرام اليهود البغداديين مخاطرين بحياتهم من أجل حماية جيرانهم، لكان عدد القتلى أضعافا مضاعفة. وكان من بين هؤلاء المسلمين الأفاضل أبو علوان بائع الحليب الذي كان يربّي البقر في البستان الواقع أمام دارنا في البتاويين، وهو الذي حذر والدي في يوم الفرهود من مغادرة دارنا إلى مكان عمله، في مركز بغداد التجاريّ قرب شارع السموأل وبذلك أنقذه من القتل. ثمّ جاء إلينا أبو علوان، الذي كان يعمل بستانيا عندنا ويتعهد حديقة دارنا، في ظهر يوم المذبحة وكرر تحذيره من مغادرة الدار وقال: «لا تخافون ترى آني محاميكم». ثم أبرز سكينة كبيرة كان يخفيها في عبّه ليؤكّد لنا حرصه على سلامتنا ودفاعه عنا. ولحسن الحظ لم يهجم الرعاع على محلة البتاويين التي كان معظم سكانها من اليهود الأغنياء» (ص 21).
كتب موريه الشعر والقصة باللغة العربية وبدأ ينشر نتاجه وهو في العراق، في الصحف العراقية. كما أصدر مذكراته، التي نشرها على حلقات في صحيفة «إيلاف»، عن مكتبة كل – شيء في حيفا عام 2012 في كتاب حمل عنوان «يهود العراق-بغداد حبيبتي ..ذكريات وشجون» بأسلوب غنائي عاطفيّ وبأسى شفيف، عبر فيه عن شوقه وحنينه الذابح إلى بغداد ونسيم دجلة ووشوشات النخيل.

رحيل شموئيل موريه صاحب «بغداد حبيبتي: شجون وذكريات» وهو مسكون بنسيم دجلة ووشوشات نخيله

سمير حاجّ

أقيم على مسرح الجمهورية في القاهرة: العرض المسرحي «قلعة آلموت»: الجنة مكافأة القاتل

Posted: 30 Sep 2017 02:11 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: «إن تأثيركِ فيّ أقوى من تأثير الشيخ في قومه». (عاشق أوروبي يناجي حبيبته). بهذه العبارة وغيرها من العبارات انتقلت أسطورة (الحسن بن الصباح 1073 ــ 1124) إلى أوروبا القرن الثاني عشر، هذا السيد الملقب بـ (شيخ الجبل)، وما أراده العاشق هو التدليل على مدى طاعته العمياء لمحبوبته، فلم يجد مثالاً خير من طاعة الرجال لشيخهم. أسس الصباح فرقة «الحشّاشين» التي انتهجت مبدأ الاغتيال السياسي من أجل الوصول إلى السلطة. وكعادة كل صاحب سلطة مُستمدة من الديانة، أو تقوم كمذهب ديني، فقد طوّع النصوص الدينية واستخدم الآيات القرآنية لإضفاء القداسة على أعماله، إضافة إلى الاحتماء بنسبه لآل بيت مُحمد، لضمان طاعة أتباعه وبالتالي شرعية دعوته. ومن خلال ذلك استطاع إقناع رجاله ومريديه أن طاعته هي السبيل الوحيد لدخولهم الجنة. وبالفعل أقام لهم جنة على الأرض، كصورة مصغرة من الجنة الموعودة المذكورة في الكتب المقدسة، ففي «قلعة آلموت» أو «وكر العُقاب» التي اتخذها مقراً له ولنشاطه ــ تقع في إيران ــ أنشأ الحدائق المتنوعة الأشجار والثمار، وجداول تفيض بالماء والخمر والعسل، وعلى الضفاف تقوم الغانيات بالرقص والغناء وعزف الموسيقى، حيث يتعاطى المقاتلون الحشيش ثم يدخلون جنة الشيخ .. خمر ونساء وعسل، فيصبحون أسرى مشيئته.
كانت هذه المقدمة ضرورية، فالحكاية وكيفية تأويلها هي التي يدور حولها ويحكيها العرض المسرحي الراقص «قلعة آلموت» الذي قدمته مؤخراً فرقة الرقص المصري الحديث، على مسرح الجمهورية في القاهرة، العرض من إخراج مناضل عنتر.

الحكاية وتأويلها

حاول العرض عبر لوحاته الراقصة المتتالية أن يستعرض حكاية القلعة ومؤسس حركة الاغتيالات الشهير، وكيفية دخول الشباب إلى جنته وتنفيذ أوامره دون أدنى درجة من الحياد عنها، وإلا كان مصيره القتل. وهنا يستمد العرض موضوعه من أكثر الحركات قسوة وقوة في تاريخ الحركات الإسلامية التي حاولت اغتصاب السلطة وتأسيس سلطتها بإشاعة الرعب والفوضى في البلاد والحدود المجاورة. وبالطبع بما أننا نحيا فترة مشابهة، فالمقارنة حتماً ستكون مع «داعش» وما يبثه من رعب في قلوب الأنظمة السياسية، فمن الحشاشين وبن لادن وصولاً إلى «داعش» فالأمر لا يختلف كثيراً، ومن قبلهم جماعات أو حركات أو فئة قليلة، كُتب لها النجاح فنالت سمة القداسة، وإن كان خيال الحسن بن الصباح أكثر رحابة، فلم يكتف الرجل بتصوير الوعود الأخروية لمريديه ككلمات مكتوبة، تروى في أوقات مقدسة، بل عمد إلى تجسيدها حقيقة، من جنة وخمر ونساء، وهي أشياء كما تبدو الضالة الكبرى للمؤمنين طوال حياتهم، يجاهدون ويناضلون ويمتثلون للأوامر والنواهي خوفاً من نار وطمعاً في خيال أقل ما يُقال عنه أنه خيال سيريالي، لا يستقيم سوى بالحشيش.

العرض المسرحي

للفنان مناضل عنتر العديد من العروض الناجحة، فهو يحمل رؤية جمالية وفكرية تتحقق عبر هذه الأعمال، ومنها على سبيل المثال «أعمق مما يبدو على السطح» و»مولانا» و»الفيل الأزرق» وإن كان كل من العرضين الأخيرين عن أعمال روائية شهيرة ــ شهرة البروبغاندا ــ فهو يعرف جيداً كيفية التعامل مع النص الأدبي، ولا تخلو أعماله من الاستناد إلى بنية الحكاية. ولكن يبدو أن حال التسرّع والاستعجال هو السمة الغالبة على عرضه الأخير «قلعة آلموت». ورغم أن الحكاية التي استمد منها العرض تغرق في الدراما، إلا أن خيال صاحبها ــ الحسن الصباح ــ كان أكثر قوة من خيال الفنان المسرحي، حالة الإبهار في عرض مثل هذا لم تتحقق، كما أن فناني الفرقة لم يكن أكثرهم في أفضل حالاته، ناهيك عن شريط الصوت من موسيقى وأغنيات وعبارات صوفية شهيرة، وصل في الكثير من الأحيان إلى ما يشبه الضجيج، وأحياناً أخرى من سبيل تقضية الواجب. حالة الاستسهال هذه هي ما جعلت من العرض لوحات مُفككة ــ رغم الحكاية الواحدة الطويلة ــ حركات مُبهمة، وإيقاع متضارب في أكثره، إضافة إلى تكرار حركات مُسبقة في عروض عنتر، جاءت كما هي دون أي تجديد أو ابتكار، اللهم مشهد تكليف أحد الأتباع بقتل أحد الشخصيات، وعند امتناعه عن فعل القتل، تكون حياته هي الثمن، هذا هو المشهد أو اللوحة الوحيدة المترابطة، والتي تماهى معها الجمهور. حاول المخرج كذلك أن يقوم بما يُشبه تثبيت الكادر أو اللقطة، من خلال التوقف عن الحركة، استعراضاً لقدرات الراقصين من ناحية، ومحاولة جذب تصفيقق الجمهور من ناحية أخرى، لكن لا هذا ولا ذاك، فكان الأمر أشبه بإفيهات المسرحيات التجارية.
يبدو أن فكرة متابعة ما يحدث على الساحة السياسية، كحركة «داعش» جعل المخرج يبحث في عُجالة عن حالة قوية مشابهة، حتى تتم المقارنة، ويصبح للعرض بعض مسميات القيمة الفكرية والهم السياسي، وهذه المسميات المُستهلَكة، التي تتغنى بها الصحف والمتابعات النقدية المتهافتة، لكن المقارنة ما بين الحكاية الأصلية والعرض المسرحي لم تكن بحال في صالح الأخير. والنقطة الأخيرة هنا تتمثل في أن العرض كفن قائم بذاته، لا يمكن فهمه أو التفاعل معه إلا إذا كان المُشاهد يعلم جيداً حكاية الحسن الصباح وفرقته، أما غير ذلك فهو عبارة عن مجموعة من الراقصين تقوم ببعض الحركات على إيقاع موسيقي متباين المستوى، قد تبدو جميلة شكلاً في تكوينها النهائي، ولكن مضمونها بعيد وغريب، وحتى إن علم المشاهد بالحكاية الأصلية، فالمقارنة ــ كما أسلفنا ــ ستكون في صالح المصمم الأكبر لجنة الحشاشين.

سطحية المعالجة الفنية

سمة التسرّع في العرض ــ لا يكفي تصفيق الأصدقاء والمشدوهين ــ بدأت من التسرع وعدم التعمق في الفكرة نفسها، فأي فرقة خارجة عن السلطة المستقرة، خاصة ونحن بصدد حدث تاريخي يحاول المخرج إسقاطه على الزمن الحالي، يجوز لنا التساؤل حول ماذا لو نجحت؟ وماذا لو ان حركات مشابهة لها كُتب لها النجاح قد فشلت ولم يستتب لها الأمر في النهاية؟ هنا تبدو الأسئلة المنطقية، رغم افتراضها ــ فنحن بصدد عمل فني في الأول والأخير ــ ولنا أن يصبح الخيال هو المحرك الأساسي للعمل ككل، ليس فقط الانشغال بأن ما يحدث الآن قد حدث سابقاً، وإلا يمكن تلخيص الموضوع في مقال صحافي أو لقاء أحد المؤرخين في قناة فضائية. الخيال هو الوحيد القادر على كشف الحالة الأعمق والأدق، خاصة وأن الحكاية الأصلية لكل هذه الأوبئة التي نعيشها لا تختلف كثيراً عما فعله الصباح وأشباهه في كل العصور. دون نسيان أن الجنة الموعودة، لن تتحق إلا بالسير على صراط التعاليم والأقوال والأفعال، التي في أغلبها لن يكون صراطاً مستقيماً في حال من الأحوال.

أقيم على مسرح الجمهورية في القاهرة: العرض المسرحي «قلعة آلموت»: الجنة مكافأة القاتل

محمد عبد الرحيم

حكايات حبّ في جحيم الاستبداد والمجازر

Posted: 30 Sep 2017 02:11 PM PDT

المثنى الشيخ عطية: ربما كان الروائي السوري مصطفى خليفة محقاً بتقديم روايته الثانية، بعد «القوقعة»، فيما يشبه توضيح أسباب وأسلوب كتابته لهذه الرواية، لما تثيره خلال وبعد متعة قراءتها من تساؤلات حول الحقيقة والمتخيَل فيها، سواء على صعيد الشخصيات في تطورها أو على صعيد المكان كمسرح مدهش يتخطى الواقع، أو على صعيد التاريخ، «كما حدث، أو كما يمكن أن يحدث» وفقاً لما سمح الكاتب لنفسه بالتصرف فيه، تحت إغواء عسل الخلق والتمني: «ماذا لو»، ولكن لإنصاف الكاتب، من دون إقحام شرحي يحاول التأثير فيه على فهم القارئ ويشكل طعنة في الظهر من يده لروايته.
وربما يكون القارئ محقاً في تساؤلاته تحت تأثير هذا العمل الضخم الممتع عن حدود هذا التصرف، وعن صحة مآل تطور الشخصيات والأحداث، في الحقيقة والمتخيل، لأن التساؤل يضيف له في الحقيقة متعة إضافية غير مدرَكة تتأتى من التفاعل المدرَك مع أحداث وشخصيات الرواية.
رواية «رقصة القبور» عمل فني ضخم، كتب كما يبدو لكي يكون شجرة لا تتميز بما تكونت من جذور وساق وأغصان وأوراق، فحسب، بل أيضاً بما تطمح إليه من ولادة تفرعات، يوضحها العنوان الثانوي: «السرداب» تحت العنوان المظلة، على طريقة «مدن الملح». كذاك يوضحها أسلوب الروي الممتع الذي يفتح باباً ينشق عن سراديب ومداخل ومخارج وواحات وشواطئ رملية، تتموج عليها أجساد متفتحة تحت الشمس، وساحات، ومجازر، على طريقة ألف ليلة وليلة، التي يذكرها خليفة بإشارة صريحة في الصفحة 109: «وسط الحديقة البديعة جلسنا ثلاثتنا، أحضر لنا معيوف شاياً معطراً بالمسك، ومع رشفات الشاي ونفثات سيجارتي حضرتني أجواء ألف ليلة وليلة». ولا يُنقص هذا بطبيعة الحال إبداعية الرواية حيث يبدو واضحاً ابتكار مصطفى خليفة لشجرته الخاصة به، وبأسلوبه الذي عهده القارئ في رواية «القوقعة» التي تحبس الأنفاس.
وكما يبدو فإن هذا العمل كتب، وليس مهماً بقصدية أو بطلاقة إبداعية، لكي تتعدد اعتباراته لدى القراء، من معتبر له روايةً عن مآل نظام حافظ الأسد الاستبدادي ــ دون ذكر اسمه ــ في سوريا بطبيعة التطور التاريخي إلى نظام طائفي قاتل. ومن معتبر له رواية عن مآل اليسار وشخصياته في سوريا: إلى بقاء على خط الكفاح الشعبي الديمقراطي تكرسه علمانيته، أو انتهازية متحالفة مع نظام الاستبداد يولدها خوفه، أو تطرف عبثي مسلح وإن كان في المتخيل تتيحه لوثاته. أو معتبر له رواية عن سوريا، وتطورها، ضمن صراعات أطراف قبيلة قريش التي كانت تسيطر على الجزيرة العربية في الجاهلية وبداية الإسلام، ونقلت مع فتحها لها هذه الصراعات، كبلد متعدد الأعراق والطوائف والمذاهب، والمجازر التي تفتح شهية القبور للرقص. وبين كل ذلك، يمكن اعتبارها أيضاً ببساطة، روايةً عن الحب الذي تعصف به وبعشاقه الأحداث السعيدة والمريرة، فتغيره وتغيرهم، من دون أية أوهام أو تمنيات عن الحب.
على صعيد الحكاية، ينجح مصطفى خليفة في نسج حكايات تمسح الكثير من أشكال الحب وأشكال الزواج وإشكالاتهما، في ظل مختلف أنماط الصراعات السياسية والدينية والاجتماعية والطبقية، ويسمح للخيال أن يطلق صوره في ظل السؤال: «ماذا لو»، ليحلّ بالتحليل وبالخيال مشكلة «الصدفة الغبية التي تلعب بمصائر البشر: ماذا لو وصلت رسالة مريم إلى سلام في وقتها، ولم تلف الكرة الأرضية وتتأخر بفعل الخطأ دزينة من السنوات، ماذا لو وصلت في وقتها؟ وأي طريق كان سيرسم مسيرة حياة سلام؟ ومريم التي كانت متيقنة أن فارس أحلامها سيهب مسرعاً إليها لينتزعها من الجحيم؟ وليثير بذلك الكثير من الأسئلة حول مآل الحكاية، ومآل شخصياتها. كما ينجح في نسج حكاية تعبر عن واقع وتحليل الصراع المذهبي والطائفي في سوريا، من خلال مصير نسل خالد بن الوليد، قائد جيش الإسلام الذي هزم الإمبراطورية البيزنطية في سوريا، ومعاناة هذا النسل من مذابح الأمويين فالعباسيين، فالنظام الطائفي وابتكاره لطرق النجاة والاستمرار في الحياة والتكاثر. ولا يتم هذا بالاعتماد على وثائق التاريخ الذي لا يقدم شيئاً من خلال غوغل، والوثائق غير المكتشفة؛ بل أيضاً من خلال تحليل الكاتب الشخصي، وخياله الذي يوحد مصائر البشر والتكوينات على حد سيف مجازرهم، بعضهم ببعض. وهذا يتم دائماً من خلال الحكايات الممتعة التي يتداخل فيها الحب المفتوح الذي يعصف بالجسد ليغير الروح، في تشابك ممتع يشبه ما يجري في ألف ليلة وليلة، لكن بحداثة الرواية، وأسلوب الكاتب.
على صعيد الشخصيات، ينجح مصطفى خليفة في عرض شخصيات آسرة، على رأسها سليلا خالد بن الوليد: الشيخ عبد الهادي آل الشيخ، ذروة ما يصل إليه «أهل الخطوة» من قدرة في التحكم والتخاطر، والحكمة؛ وابنه سلام، المناضل والقائد اليساري والصديق والعاشق الذي يرسم لنفسه مصير بطل تراجيدي في ساحة مجزرة مروعة، وابنته عفراء التي مثل جميع نساء آل الشيخ لا ينبت على جسدها ما تحت الحاجب أي شعر حتى على عضوها التناسلي. لكنها المرأة التي تعرف كيف تثير وتنمي وتقود الرجل بالحب، ليقيم لها ضريح ملكة. ويتبع ذلك شخصيات الراوي نفسه الذي لا يرد اسم له في الرواية ليثير التساؤل هل هو الكاتب أم شخصية مناضل يساري ديمقراطي آخر، أم هو شخصية مركبة من كل ذلك. هنالك أيضاً شخصيات آسرة مثل الألماني هانس الذي يكرس حياته لإثبات أن الإنسان سيتطور إلى كائن من دون شعر، ملاحقاً أسطورة بنات آل الشيخ، ومحموماً أن يرى جسد واحدة منهن لإثبات نظريته. وهناك شخصية الضابط الألماني النازي ألويس برونر الذي علّم حافظ الأسد، ووجهه كيف يحكم وكيف ومتى يجزر لكي يحافظ على حكمه، بتوسع تحليلي في مطامح هذه الشخصية، وهناك شخصية الدكتاتور حافظ الأسد، الذي يصوره كما صوره الذين عرفوه حقيقة، كشخص بليد وجبان وحقود، لكنه خبيث وسفاح. ولا يمكن تجاوز شخصيات النساء: حبيبة الراوي لميس التي تطرح إشكالية الزواج الأحادي، وتريد أن تعيش حياتها وحبها دون قيد؛ وشخصية مارال، حبيبة وزوجة ورفيقة بطل الرواية الأول سلام، التي تثير التساؤل بتحولها من مناضلة في حزب يساري ستاليني، إلى ديمقراطية في تحولها مع هذا الحزب، إلى متطرفة تقود كفاحاً مسلحاً عبثياً، إلى سحاقية بعد مرورها بتجربة سجن النساء، لكن دون نسيان مبررات الكاتب لهذه التحولات، مثل نشأتها كمناضلة تعاني من مرض الطفولة اليساري، واغتصابها في السجن أمام زوجها الأسير، من قبل ضابط في مخابرات الأسد.
على صعيد المكان، الذي تتبلور وتتطور فيه الشخصيات، وتمر الأحداث، وإضافة إلى السجن، ومدينة حلب، ينجح مصطفى خليفة في ابتكار بلدة «الخالدية» التي سنخفق في إيجادها بمحرك بحث غوغل، لأنها بلدة كما يبدو متخيلة ابتكرت لتكون مسرحاً للخيال في شروده نحو القصور، وسراديب الكنوز، وضفاف الأجساد الهادرة بنهر الرغبة، وخوفه من ساحات المجازر. لكننا سنجد العزاء لمخيلتنا في العديد من القرى والبلدات السورية التي تضم أجزاء الخالدية، ولن تكون بعيدة حارة الكيلانية بمدينة حماة التي كانت تعتبر قطعة من روعة القرون الوسطى، ودمرها حافظ الأسد فوق أهلها واقعياً في مجزرة حماة، لتأتي هي وغيرها في الرواية خيالاً لمجزرة حدثت وستحدث دائماً، ما بقيت أنظمة الاستبداد.
وعلى صعيد القارئ سوف لن يعدم الكاتب من يخالفه في تحليله لتطور بعض الشخصيات، ومن يتحسس من عرضه العاري لدواخل النفس، ومن تتولد لديه متعة الانتقام من الأحزاب اليسارية إثر تجربة مريرة ما، ومن يستمتع ببساطة دون حكم، ومن يكتب عنها بعض ما يراه مفيداً ومثيراً للاهتمام.
 
مصطفى خليفة: «رقصة القبور»
دار الآداب، بيروت 2016
319 صفحة.

حكايات حبّ في جحيم الاستبداد والمجازر
«رقصة القبور» للروائي السوري مصطفى خليفة:

سيد الكرملين يعتبر روسيا حليفة لأمريكا

Posted: 30 Sep 2017 02:10 PM PDT

سمير ناصيف: إذا رغب أي باحث أو مهتم بالشؤون السياسية العالمية معرفة ما يدور في خلد وعقل رئيس جمهورية روسيا فلاديمير بوتين ويدفعه لانتهاج السياسات التي ينتهجها في الشرق الأوسط والعالم، فمن المفيد جداً ان يقرأ كتابا بعنوان «مقابلات بوتين» الذي يشمل المقابلات التي أجراها المخرج السينمائي الأمريكي المعروف اوليفر ستون بين صيف 2015 وربيع 2017 أي بعد فترة قصيرة على تسلم دونالد ترامب رئاسة جمهورية الولايات المتحدة.
اشتمل الكتاب مقدمة وأربعة أقسام عَرضت مقابلات اوليفر ستون معه في تموز (يوليو) 2015 ثم في شباط (فبراير) 2016 وايار (مايو) 2016 وأخيرا في شباط (فبراير) 2017.
الجدير بالذكر ان مقدمة الكتاب القصيرة كتبها الصحافي في صحيفة «لوس انجليس تايمز» المتخصص في الشؤون الروسية روبرت شير.
وأهم ما قاله ان بوتين اعتقد انه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي فان الحرب الباردة بينه وأمريكا انتهت، ولكن تبين له انه في نظر بعض أركان القيادة الأمريكية حالياً وبعض الجهات المحافظة والإعلامية العالمية المنحازة فهذا الأمر ليس حتمياً. وربما كان هذا الواقع يفسر الأزمات الدبلوماسية بين المعسكرين في هذه المرحلة. ويقول شير ان بوتين، ورغم انه (حسب قوله) نبذ الشيوعية (كما مارسها قادة الاتحاد السوفييتي السابق) فانه ما زال قائداً روسياً مؤمناً بالقومية الروسية ويعتقد بضرورة تحقيق التغيير في بلده، ولكن من دون الرضوخ لمشيئة أمريكا والمعسكر الغربي.
أهم ما ورد في مقابلة شباط (فبراير) 2017 ان بوتين يشعر بمودة نحو الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب لأن الأخير حسّنَ العلاقة الأمريكية ـ الروسية وتعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب، رغم ما نسمعه حاليا عن تجميد أعمال دبلوماسيين واقفال مكاتب بعثات دبلوماسية بين الجانبين من وقت إلى آخر. كما ان بوتين ينفي بشدة في هذه المقابلة ان روسيا مارست أي قرصنة الكترونية لإنجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويقول ان هذا الاتهام مبني على الأكاذيب وصادر عن مجموعات أمريكية ترغب في استمرار الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا.
ويقول بوتين ان الجهات التي تشن حرباً إعلامية ومؤسساتية في أمريكا ضد ترامب لديها دوافع ثلاثة، أولها التشكيك في شرعية رئاسته وانتخابه رئيسا لأمريكا، وثانيها تطبيع وتحسين علاقة أمريكا بروسيا وثالثهما شن حرب داخلية أمريكية ضده لاحتلال موقع السلطة مكانه.
ويعترف ان علاقته كانت جيدة أيضا مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وأنهما كادا ان يتوصلا إلى اتفاقات عملية ومفيدة في مجال الوضع في الشرق الأوسط (سوريا خصوصاً) وحول توزيع مهمات مواجهة الإرهاب في سوريا وضرب مواقع المنظمات الإرهابية المسلحة هناك ولكن في النهاية اقتصرت هذه الاتفاقات على التنسيق الجوي بالنسبة إلى التحليق العسكري للجهتين وعدم تعرض أي جهة للأخرى.
ويؤكد بوتين في لقاء (عام 2017) أنه لا يعتبر الإسلام أو أي دين آخر الخطر الأوحد أو مصدر الشر على البشر ويعتقد ان الخلافات بين الطوائف المسلمة يجب ان يتم تجاوزها مؤكداً وجود ما يوازي 15 في المئة من سكان روسيا يعتنقون الإسلام.
كما يؤكد على ضرورة الحوار حول الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي (والأوروبي) بين قيادتي الدولتين العظميين وليس عبر وسائل الإعلام.
ويشير في المقابلة الأخيرة إلى وجود ما يوازي 4500 شخص يحملون الجنسية الروسية يقاتلون في سوريا إلى جانب «داعش» والمنظمات الراديكالية «الإرهابية» الأخرى وحوالي خمسة آلاف من دول آسيا الوسطى التي كانت سابقاً جزءاً من الاتحاد السوفييتي وان روسيا تخشى من استخدام هذه المجموعات ضد أمنها الداخلي والخارجي، وقد أحبطت 45 هجوما ضدها من قبل هذه المجموعات العام الماضي.
ويوضح ان الكثيرين في العالم العربي وتركيا لا يفهمون دوافع روسيا للمشاركة في مواجهة «الإرهاب» في سوريا ودعم النظام. الدافع الأساسي لروسيا (في رأيه) هو عدم تقسيم سوريا كدولة وعدم السماح للإرهاب بالانتقال إلى روسيا.
وعبّر عن تحفظ روسيا إزاء محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا ضد نظام الرئيس رجب طيب أردوغان منذ عامين وعلى سكوت بعض القيادات في الدول الغربية إزاء هذه العملية.
وأهم ما ورد في لقاءات ستون مع بوتين في شباط (فبراير) 2016، كان موقف الرئيس الروسي إزاء المملكة العربية السعودية الذي ورد في الصفحتين (142 ـ 143) حيث يقول بوتين: «عموماً نملك علاقات جيدة مع السعودية وهي في حاجة إلى المزيد من التطور. هناك حاجة لتعاون روسيا مع السعودية في شأن البترول وإبقاء نسبة الإنتاج في السعودية في مستوى لا يهدد اقتصاد روسيا «أي عدم زيادة الإنتاج بنسبة عالية والإبقاء عليه بنسبة مقبولة».
ويركز بوتين على الأوضاع الإقليمية في المنطقة عموماً أكثر من تركيزه بالتحديد على القضية الإسرائيلية ـ الفلسطينية، حيث يذكر مثلا في الصفحة (149) ان قضية النفط ما زالت الأساسية في سياسات المنطقة لأنه لم يتم العثور على مصدر آخر للطاقة أقل تكلفة من النفط، ثم يستدرك قائلا «ولكن القضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية مهمة جداً أيضا». (ص 149).
ويؤكد في مقابلته مع ستون في 9 أيار (مايو) 2016 ان أهم ما يمكن فعله في سوريا هو التوصل إلى تسوية سياسية. وفي رأي روسيا ان بشار الأسد مستعد للتفاوض حول مثل هذه التسوية (الاتفاق) ولكن المعارضة تطالب بخروجه من السلطة الآن، فيسأل بوتين «من سيحل مكانه»؟ ويجيب ان «المطلوب هو دستور جديد تتبعه انتخابات حرة توافق عليها جميع الأطراف (ص 160).
ويدعم موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أن منظمة «حلف شمالي الأطلسي» لم يعد لها الدور الرئيسي لأن الاتحاد السوفييتي قد زال من الوجود ولأن مصاريف استمراره مكلفة، ولكنه يفسر استمراريته إلى ان المنظومة العسكرية الصناعية الأمريكية بحاجة دائمة إلى وجود عدو خبيث للولايات المتحدة من الضروري مواجهته والاستمرار في صناعة الأسلحة المدمرة المكلفة لذلك. ويشير إلى انه عرض مشاركة روسيا في أي حلف لمواجهة أخطار التسلح النووي في العالم ولإنتاج المنظومات المواجهة لهذا التسلح، ولكن هذا العرض لم يؤخذ بالجدية المطلوبة.
وفي الفصول الأولى من الكتاب حول المقابلات في عام 2015 وردت مواقف هامة جداً لبوتين تفسر الكثير من مواقفه الحالية حيث يقول في الصفحة (36) «هناك دول تدعم الإرهابيين في دول أخرى لها مصالح فيها لاستخدامهم في مواجهة خصومها في هذه الدول (ومنافسيها على المصالح هناك). وفي مثل هذه الحالات ليس من الواضح مَنْ يستخدم الآخر، وقد استخدمت الاستخبارات الأمريكية مجموعات إسلامية راديكالية لتحقيق أهدافها، ولكن هذه المجموعات انقلبت لاحقا على أمريكا. وهذا ما حدث مع «داعش» وكثير من المنظمات المسلحة السورية المعارضة التي نالت مساعدات من أمريكا ثم انقلبت على أمريكا وانضمت إلى داعش». (ص 36).
ويضيف ان الاستخبارات الأمريكية دعمت منظمات شيشانية مادياً وعسكريا ضد النظام الروسي، كما دعمت مجموعات مسلحة في ليبيا، ولكن النتيجة كانت سلبية ومنها مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز على أيدي مثل هذه المجموعات.
بيد انه يشير في مقابلات عام 2015 أن معظم المساعدات الخليجية للمنظمات الإسلامية الراديكالية في الشرق الأوسط والعالم تأتي من مصادر غير حكومية (ص 37).
ويعتبر بوتين ان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن خدعه معاونوه ومستشاروه عندما شن الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وانه ليس الشخص السيء الذي يعتقد الكثيرون انه يمثله. ولكنه يشير إلى ان بوش الابن أخطأ أيضاً عندما قرر توسيع نفوذ «منظمة حلف شمالي الأطلسي» (الناتو) بما يتجاوز حدود المانيا الشرقية (سابقا) (ص 40) ولاستخدام هذه المنظمة لتحقيق الأهداف السياسية الخارجية الأمريكية ضد روسيا (ص 41).
كما ينتقد بشدة انسحاب أمريكا من اتفاقية منع تطوير الصواريخ الباليستية الأمريكية في أوروبا بحجة ضرورة مواجهة التسلح النووي الإيراني مشيراً إلى ان الاتفاقية النووية الإيرانية ـ الأمريكية (الأوروبية) التي وقّعت في الأعوام الأخيرة (2015) يجب ان تؤخذ في الاعتبار لعدم الانسحاب من اتفاقية منع تطوير الصواريخ الباليستية الأمريكية في أوروبا وبعدم الاستمرار في توسيع التسلح الأمريكي والانتشار العسكري في مناطق أوروبا الشرقية القريبة من حدود روسيا. ويعتقد الرئيس الروسي أن هذه المبادرات السلبية جرت لاعتقاد القيادة الأمريكية ان روسيا ضعيفة، ولن تستطيع المواجهة، كما أتت بمبادرات أحادية ومن دون التنسيق مع القيادة الروسية (ص 43) والآن، تدرك القيادة الأمريكية أنها أخطأت بعد التطورات الأخيرة في أوروبا الشرقية وادراكها حقيقة الموقف الروسي.
ويشدد بوتين على ان إرسال المدمرات والجيوش الأمريكية إلى أي منطقة من العالم الثالث وخصوصاً الشرق الأوسط لمواجهة الخصوم لن يحقق سوى تصعيد الإرهاب، كما حدث في هذه المنطقة في العقود الأخيرة. وقد أوقعت خيارات القيادة الأمريكية السلبية بلدها في مصيدة عليها الخروج منها بالتعاون مع روسيا بما يفيد البلدين والعالم.
ويؤكد انه لا يعتقد ان أي مواجهة عسكرية ستحدث بين أمريكا وروسيا في المستقبل، لأن مثل هذه المواجهة ستدمر العالم وان خصوم روسيا في الولايات المتحدة يجب ان يهدأوا (ص80 ـ 83). ويعترف بوتين ان روسيا ليست دولة ديمقراطية، حسب المنطلق الغربي، ولكنه يذكّر بأنها كانت مملكة ثم تحولت إلى دولة شيوعية متزمتة يحكمها حزب واحد، والآن هي تسير نحو الديمقراطية.

The Putin Interviews: Oliver Stone
Hot Books ,Canada 2017
277Pages

سيد الكرملين يعتبر روسيا حليفة لأمريكا
اوليفر ستون في «مقابلات بوتين»:

استبدادية المعارضة في الأردن

Posted: 30 Sep 2017 02:09 PM PDT

25qpt476

برلمانية أردنية معارضة للحكومة وتنتمي للتيار الإسلامي تسببت في سجن ناشط “فيسبوكي” شاب بسبب خلافها معه في الرأي. الشاب وضع صورة النائبة على رسم كاريكاتيري أغضبها، فما كان منها إلا أن طلبت منه حذف الصورة عن صفحته على “فيسبوك” فتبادلا الشتائم وانتهى به الأمر إلى السجن!

النائبة الأردنية المنتخبة بأصوات الفقراء والضعفاء والتعساء والمساكين لا تدرك أن مهمتها الأساسية هي حماية حريات الناس وحقوقهم، وفي مقدمتها حقهم في التعبير عن آرائهم، كما أن من الواضح أنها لا تدرك أنها “شخصية عامة” ولم تعد ربة بيت تعمل في مطبخها، وبالتالي فهي معرضة للنقد والتقييم وعُرضة أيضاً للسب والشتم وعُرضة لأن تكون موضوعاً لرسم كاريكاتيري أو صورة مفبركة أو مقال صحافي أو تقرير. وفي كل هذه الحالات فليس من المعقول أو المقبول أن تتعامل مع نفسها على أن لها خصوصية وحصانة دون النقد أو التقييم، وأن المساحة الخاصة في حياة الشخصيات العامة تتقلص كلما كانوا في منصب عام، خاصة إذا كانوا من صناع قرار يتحكمون في حياة الناس ومصائرهم.

البرلمانية الأردنية التي تثير جدلاً واسعاً هذه الأيام في بلادها تقدمت بشكوى لأجهزة الأمن ورفعت دعوى قضائية أمام المحاكم من أجل أن تصل بالناشط الفيسبوكي راكان حياصات إلى السجن (وهو لا يزال معتقلاً حتى هذه اللحظة)، والكارثة أن الشكوى التي تقدمت بها النائبة استندت على مادة في قانون العقوبات تُجيز اعتقال الأشخاص وسجنهم وتقييد حرياتهم بسبب نشاطهم السلمي على شبكات التواصل الاجتماعي أو بسبب التعبير عن آرائهم بالكلام أو الكتابة، وهي مادة تطالب القوى المدنية والأحزاب السياسية في الأردن بإلغائها بما في ذلك الحركة الإسلامية التي تنتمي لها النائبة صاحبة الشكوى..!!

في الأردن تحتمي نائبة في البرلمان وراء قانون كانت هي ذاتها تطالب بالغائه، وكان حزبُها يطالب بالغائه، والكارثة أن قوى المعارضة لا تتردد في التحول إلى “قوى مستبدة ومتسلطة وسالبة لحريات الناس″ عندما يريدون الثأر من من ينتقدهم، أما عندما تعتقل الحكومة وأجهزتها الأمنية أحد كوادرهم لأنه “أطال لسانه” فان قوى المعارضة تتحول جميعها إلى جمعيات لحقوق الإنسان تُطالب بحماية حق كوادرها في التعبير عن آرائهم!!

بعد حادثة اعتقال الناشط الأردني الفيسبوكي الشاب حياصات بسبب انتقاده للنائبة، أو خلافه معها في الرأي؛ فلن يكون في مقدور أي أردني أو معارض أو أي من أبناء الحركة الإسلامية أن ينتقد اعتقال وسجن المدانين بتهمة “إطالة اللسان”، لأن الملك بكل تأكيد أولى بالحماية من النائبة في البرلمان وأولى بالتحصين منها. كما لا يجوز لنا أيضاً أن ننتقد الحكومة والقضاء والقانون في الأردن لأن القيادي المعروف في الحركة الإسلامية زكي بني أرشيد أمضى سنوات في السجن بسبب منشور على “فيسبوك” والسبب ببساطة أن نائبة تنتمي للحزب نفسه قذفت بشاب في السجن بسبب منشور على “فيسبوك” أيضاً. إذن أنتم متفقون على أن من يكتب رأيه على “فيسبوك” يمكن أن ينتهي به الأمر إلى السجن!!

الدعوى القضائية التي أقامتها البرلمانية الأردنية ضد ناشط شاب اختلفت معه في الرأي تمثل فضيحة مكتملة الأركان، فالبرلمانية يجب أولاً وأخيراً أن تحمي حريات الناس لا أن تصادرها، وعليها بدل الاحتماء بقانون سجن النشطاء أن تعمل تحت قبة البرلمان على إلغاء هذا القانون. أما الحركة الإسلامية في الأردن فعليها أن تخرج بموقف واضح وصريح يُبين إن كانت تؤيد سجن من يرتكبون “جريمة رأي على فيسبوك” أو تعارض ذلك، أما أن تعارض الأمر عندما يكون الضحية قياديا إسلاميا وتؤيد ذلك عندما يكون ناشطا يساريا فهذا غير مقبول مطلقاً.

بقيت ملاحظة أخيرة في هذا السياق، وهي أن رئيس الحكومة في الأردن هاني الملقي يتعرض يومياً لأسوأ أنواع السب والقذف والشتائم، وسبق أن أوقفه مواطن في مدينة إربد وأسمعه وجهاً لوجه كلاماً غير لائق، فلا الشاب الاربداوي انتهى إلى السجن ولا الذين يسبون رئيس الحكومة في الأردن أو أي من وزرائه ينتهون إلى السجن. فهل الحكومة في الأردن أكثر ديمقراطية من القوى المدنية التي تطالب بالاصلاح؟ وهل يتحول المعارض الأردني إلى “قذافي” عندما يكون ضحية رسم كاريكاتيري؟!!

استبدادية المعارضة في الأردن

محمد عايش

محمد بكري: أنا أكبر من إسرائيل بكثير والتطبيع مرفوض مع المغتصب

Posted: 30 Sep 2017 02:08 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: خلال وجوده في بيروت شغل الفنان محمد بكري الصحافة الصهيونية وتصدر عناوينها. شخصياً لم ينشغل بهذا الضجيج الذي افتعله المحتلون، فمن له جذور ضاربة في أرض وطنه لا يخشى لمام ناس تجمعوا من شتى أنحاء الأرض مفتعلين وطناً لهم، بعد اغتصابه من أهله. من بيروت قال محمد بكري «أنا أكبر من إسرائيل» ومن بيروت كذلك قال «التطبيع الثقافي مع الكيان مرفوض».
معه كان هذا الحوار:
■ بعد أيام من إقامتك في بيروت كيف تصف كفنان ومثقف فلسطيني صلتك بهذه المدينة؟
■ مشاعري «مخربطة» مزدوجة، مثلثة أو مربعة. بلد حضن أهلي الفدائيين وكان حضناً دافئاً لهم. تواصلت مع الحالة السابقة من خلال كتابات محمود درويش. كضيف ليس لي حصر الإحساس الصحيح. حصل أن زرت مخيم صبرا قبل أيام، فمت. عشت إحساساً خانقاً، وشممت روائح ليس للبشر العيش وسطها. ولم أفهم لماذا هذا الواقع الذي يعيشه اللاجئون في لبنان. وأسأل لماذا وبأي حق يعيش الفلسطيني في لبنان الذي هو قطعة من فلسطين في مثل تلك الظروف؟ لماذا هو منزوع من ألف باء حقوقه الأولى؟ أليس حراماً وعيباً على اللبناني الإنسان أن يحرم أخيه الفلسطيني من أولويات حقوقه بالحياة والكرامة؟ هذا ما سألته لنفسي وأنا أختنق كلياً، وعدت لمكان إقامتي وكلي تساؤلات. حاكيت ربي، وأنا المؤمن به. شعرت بوجع حقيقي وعميق يشبه ألم الأسنان في العظام أو ألم الروح، لأني كفلسطيني أعيش فيما يسمى إسرائيل بأفضل من الفلسطيني في لبنان. وهؤلاء أعدائي، احتلوا بلدي وطردوا أهلي وشردوا ناسي. هذا موجع. ما
أطلبه فقط الاعتراف بالفلسطيني كإنسان له حق في الحياة والكرامة، فهو لم يختر اللجوء بل فرض عليه.
■ وماذا عن حياتك في بيروت إلى جانب مواجع المخيمات؟
■ أعيش هنا بحب بين أهلي وأصدقائي الطيبين والمحترمين جداً، من مسرح المدينة، دار النمر، جريدة الأخبار وجمعية أساس للثقافة والفنون، وجميع الناس الذين أعشقهم فعلاً. ولهذا أنا حيال مشاعر مزدوجة. كنت أتمنى لو بلغ المخيمات جميعها خبر عرض «المتشائل». تساءلت لماذا لم يأتوا لمشاهدة ابنهم ممثلا على مسرح في مدينة لجأوا إليها؟ صراحة أنا حيال مشاعر متضاربة و»مش عارف حالي وين»؟ حتى الجهات لا أعرفها.
■ هل ترددت في تلبية الدعوة لزيارة لبنان؟
■ لم أتردد قيد أنملة. كنت أعشق هذه اللحظة. أعيش في حلم، بتعبير أدق أعيش مشاعر مراهق. أعرف أن لهذا البلد تاريخ وفيه عظماء. فيروز، وديع الصافي، ميخائيل نعيمة، الأخوين رحباني، زياد الرحباني، إيليا أبو ماضي وكثيرون غيرهم نشأنا مع إبداعاتهم المتنوعة. وكذلك الطعام الذي اتذوقه لأول مرة في حياتي. لا يستهان بفلسطين في الطهي إنما «أكلكو» أحلى. بلاد الشام تتشابه إنما الملكة هنا ونحن الأمراء. «يقول ضاحكاً».
■ أنت هنا والمحتل يقيم الدنيا ولا يقعدها. هل يشغلك مستقبلك في «البلاد»؟ أم تستمتع بالراهن؟
■ استمتع بلحظتي الراهنة ولا أحسب حساباً لأحد. مستقبلي لم ولن يرتبط بهذه المنظومة. أنا أكبر من إسرائيل بكثير. عندي أصل وجذور. لي ثقافة وحضارة عريقة. وأنتمي لمنارات سطرت تاريخاً منهم غسان كنفاني، أميل حبيبي، محمود درويش، إدوارد سعيد وكثيرون غيرهم.
■ لماذا تصف وزيرة الثقافة الإسرائيلية بالغبية؟
■ ليست فقط غبية بل غوغائية، لا أخشاها ولا أفكر فيها، ولا أعيرها أدنى اهتمام. بالنسبة لي هذا الشاب الذي يرتدي البنفسجي الذي أتى لنا بالقهوة، والآخر الذي يرتدي الكاكي وأتى لنا بالماء أهم منها بكثير.
■ بالعودة إلى عرض «المتشائل» هل لجمهور بيروت صفات خاصة؟
■ وجدت ذكاء خارقاً في فهم المطروح.
■ رغم اللقاء للمرة الأولى مع هذا العرض إلا أننا لاحظنا بعض الارتجالات؟
■ ليست كثيرة. منذ رحل أميل حبيبي أحاول أن أكون صادقاً وملتزماً بالنص. ولأن حبيبي رحل فأنا حيال أمانة وممنوع الخروج عن النص إلا قليلاً. كان يسمح لي بذلك رحمه الله، وكان يردد «يا رفيق ليش مقلتش هاي الجملة». أخبره بأنها غير موجودة في النص الأصلي فيبدي اعجابه بها طالباً وجودها. لن أزيد على ما قاله لي حبيبي وفاء لصديق عمري وحبيبي.
■ بعد ألفي عرض ماذا تغير في النص وفي محمد بكري؟
■ أصبحت عجوزاً. في بدايات «متشائل» كنت أحتاج للمكياج من تبيض شعر وخطوط على الوجه. ما شاء الله الخطوط لا تعد، وشعري أبيّض، وأنا على المسرح دون ماكياج.
■ بعد ألفي عرض كم تسري «المتشائل» في مسامك؟
■ أعيشها. نحن بصدد تصليحات في منزلنا في البعني، ولا أجد أياً من حاجاتي، حتى أني لم أجد النص قبل مجيئي إلى بيروت كما أفعل في كل عرض جديد. ذاكرتي لا تعينني الآن، ولا أذكر أين كان العرض الأخير قبل بيروت للـ»متشائل» لكنه في فلسطين.
■ متى وصلت لخلاصة جعلتك تقول «رجليَ على الأرض ورأسي في السماء»؟
■ لا أعرف تحديداً متى عرفت هذا، لكن هذا أنا.
■ ما هي مصادر قوتك؟
■ زوجتي وأبنائي.
■ وكم لديك من الأبناء؟
■ خمسة أولاد وبنت، هم مع زوجتي رصيدي في الحياة. أقول «رجليَ على الأرض ورأسي في السماء» ولست أدري إن كنت أعرف ذلك ومتى عرفت.
■ أين هو الرهان على اليسار الإسرائيلي في لحظتنا الراهنة؟ وهل كان الرهان عليه سابقاً مبالغاً فيه؟
■ أعلن إفلاسه كما في العالم أجمع. بت شبه متأكد من أن هذا اليسار الإسرائيلي لم يكن موجوداً يوماً. لو وجد هذا اليسار لما حدث ما حدث.
■ ما هو موقفك من التطبيع الثقافي مع الكيان الصهيوني الذي يبرره البعض وينظّر له ويرفضه آخرون؟
■ التطبيع مع المؤسسة الصهيونية مرفوض، مرفوض ومرفوض وغير مقبول. فالاعتراف بالكيان الصهيوني والتطبيع مع إسرائيل ككيان قائم على احتلال الآخر وتدميره وإلغائه لا أقبله مطلقاً. كفلسطيني وفنان أعيش داخل الكيان أختار الأعمال التي أرغب المشاركة فيها. أي مستعد للعمل مع إسرائيلي حين تتوافر الشروط التي لا تتناقض مع مبادئي. بما يعني الحفاظ على هويتي كفلسطيني والاعتراف بها. ومن الشروط أيضاً إلتزامي بقضيتي وانتمائي. إضافة لذلك فالعمل يجب أن يحمل روحاً مناهضة للإحتلال، ولكل ما تعنيه كلمة صهيونية من معنى. إن توفرت هذه الشروط فلا مشكلة عندي من العمل مع إسرائيلي.
■ كم عمل مع الإسرائيليين توافرت فيه شروطك تلك؟
■ تقريباً ولا عمل.
■ ألم تعمل فنياً مع الإسرائيليين؟
■ عملت في فيلم «ما وراء القضبان». حاولت عمل ما أريده، ونجحت، وبشق النفس استطعت تغيير نهاية الفيلم في سنة 1984 وكنت شاباً صغيراً. والنهايات مهمة في الأفلام.
■ كيف تنظر إلى فعل الثقافة في غسل الأدمغة قياساً إلى فعل السياسية وأيهما أقوى؟
■ لا أعرف أيهما الأقوى. على ما يظهر السياسة أقوى من الفن في عالمنا هذا. السياسيون هم أصحاب القرار في تغيير جغرافيا المكان والعلاقات بين البشر. للأسف الفن أنظف بكثير من السياسة. الفن لا يحمي المصالح ولا يتعامل معها، بل هو يحاكي مشاعر وضمير، فيما السياسة متلاعبة وقابلة للتصنيف. الفن يعيش دهوراً فيما السياسة سريعة التغيير. ليت للفن قدرة التأثير التي للسياسة. كفنان لي عشرات الأعمال في السينما والمسرح وجميعها يصب في البحر عينه ولم أغير شيئاً. ربما غيرت بعض العقول، كأن يقول لي ذلك متفرج لمسرحية أو مشاهد لفيلم. هو تغيير على الصعيد الفردي وليس الجماعي. فالناس يتبعون أيديولوجيات معينة ومن الصعب اقتلاعها لوضع جديد مكانها عبر فيلم أو مسرحية.
■ لكنك لا تقدم فناً للفن أنت صاحب قضية؟
■ صحيح. القضية في دمي وروحي. هي عمودي الفقري ومن خلالها أنطلق. إنما لكل عمل صيغته. ولا أعيش بالشعارات.
■ اللوبي الصهيوني يدير هوليوود ولا يمكن محو آثار السينما التي يقدمها للعالم أجمع؟
■ صحيح، ولهذا لا أتعامل مع منتجين أو مخرجين يسيئون إلى قضيتي. حين يُعرض لي عمل أمريكي، أوروبي أو إسرائيلي، أقرأ ما بين السطور والحروف والنقاط. إن توافق مع شروطي أقول نعم. رفضت في حياتي عشرات العروض. لا ألغي أثر الفن على البشر، لكني أضعه في حجمه الطبيعي. لو تمكن المسرح والسينما من تحرير فلسطين لحررتها مليون مرة.
■ كم يمتعك عملك بالفن؟
■ بلا حدود. أفتخر وأكبر ويصل رأسي إلى السماء عندما أكون على قناعة بالعمل الذي أقدمه.
■ من دعمك في قرار احتراف الفن؟
■ زوجتي ليلى. تزوجت مبكراً في عمر الـ22 سنة.
■ ولم تكن قد بدأت الفن فكيف تدبرت الحياة؟
■ كنت فقير الحال بكل معنى الكلمة حين تزوجت. عملت في البناء بعد تخرجي من جامعة تل أبيب. وانطلاقتي الأولى كانت مع فيلم «Hanna K» مع كوستا غافراس وكنت في عمر الـ30 سنة. وزوجتي هي داعمي الأول والأخير.
■ وكيف تحملت ليلى حياتك كفنان ونجم؟
■ تحملت كثيراً ولا تزال تتحمل. نشّفت ريقها.
■ حتى مع «تنشيف» الريق وأنجبتما ستة أبناء فكيف بدونه؟
■ ربما مكرهة أختك لا بطلة!
■ كيف ومن أين تستمد صمودك في وطنك المحتل؟
■ من خلال أبنائي وأحفادي الثلاثة وجميعهم أملي ورصيدي في الحياة. لا أستطيع إلا أن أبتسم حين أتخيلهم.
■ من يعمل بالفن بينهم؟
■ صالح، زياد، يافا، وولاء الذي بدل إسمه لآدم كي يلفظ صحيحاً في الولايات المتحدة.
■ ماذا عن لقاء الأقارب في لبنان؟
■ موجع، مبكي وحزين. شاهدتهم ولا أدري إن كان هذا سيحصل ثانية. أكره السفر بسبب الوداع. ليس سهلاً أن أودع كل من تعرفت إليهم في بيروت. أعيش في الطائرة تقريباً لكني لم اتآلف مع السفر. يتندر بعض الأصدقاء طالباً مني اسئجار غرفة في المطار. لم اعتد السفر ولم أتآلف مع الفنادق. ولا حل.
■ هل من جديد فني لديك؟
■ هو فيلم روائي طويل عنوانه «واجب» مثلته مع ابني صالح. وإن شاء الله سيذهب إلى الأوسكار. وقعته المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر التي تعيش بين السعودية والولايات المتحدة. سبق لها أن أخرجت فيلمين من بطولة ابني صالح، و»واجب» هو الثالث لها من بطولة صالح وأنا. وأكيد سأكون في بيروت حين يُعرض فيها.

محمد بكري: أنا أكبر من إسرائيل بكثير والتطبيع مرفوض مع المغتصب

زهرة مرعي

العيد بعيدين شيخ الزجل الفلسطيني يحتفل بميلاده الثمانين وحيازته الدكتوراه

Posted: 30 Sep 2017 02:08 PM PDT

الناصرة ـ «القدس العربي»: الشيخ الفاضل يوسف فخر الدين (أبو كمال) ابن دالية الكرمل، حاز على الدكتوراه في اللغة العربية من جامعة حيفا في عيد ميلاده الثمانين الأسبوع الماضي. وأعدت أسرته مفاجأة جميلة إذ نظمت احتفالية ظريفة أدارها صهره الكاتب فاضل علي وتحدثت فيها كريمته عن الأب الحنون المتنور والصديق الوفي بمشاركة أقرباء وأصدقاء تخللتها حفلة زجل وهو الفن الساكن في قلبه منذ عقود وكانت ليلة أنس ممتعة له ولأقربائه وأعزائه وبعض أصدقائه، كيف لا وهي ليلة عيدين، عيد الميلاد وعيد حيازة درجة الدكتوراه لاسيما أنها انطوت على عنصر المفاجأة. في كلمته ورغم إجادته لغة الضاد بدا أبو كمال منفعلا ومندهشا وهو يبحث عن الكلمات تعبيرا عن مشاعره وهو يتحدث لأحبائه المحيطين به وقد غمروه بالحب والتقدير. فخر الدين أبو كمال، داليته عناقيدها من أجمل وأجود العنب وتقطر قصائد زجلية رغم أنه جاء من عالم الأرقام لعمله مديرا لمصرف في بلدته لكنه ما لبث أن تبع قلبه واستبدلها بالحروف فجادت قريحته بقصائد زجلية رقيقة ورشيقة تشبهه. ويروي فخر الدين لـ «القدس العربي» أنه وقع في غرام الزجل وهو في زهرة شبابه متأثرا بإعجاب والده وجده بالقصيد والزجل. لكن ما دفعه لمحاولة كتابة قصائد الزجل سماعه فيروز ووديع الصافي. عن ذلك يقول: «أحب سماعها منذ عقود وكانت أغانيهما تطربني وتدغدغ وجداني وكنت أسأل نفسي من أين لهم هذه الكلمات الرقيقة الحلوة؟ ولماذا لا توجد عندنا مثل هذه القصائد المغناة رغم وجود آلاف الشعراء والحدائين الفلسطينيين؟». منوها أنه قرر خوض تجربة الكتابة مبكرا ولم يسارع لنشر ما يكتبه بعكس شعراء وزملاء له كتبوا ونشروا نتاجاتهم. «تسلمت إدارة البنك العربي ومن ثم بنك العمال في بلدي، فلم أنشر قصائدي الزجلية خوفا وحرجا أن يقال آنذاك مدير البنك حادي وزجال».
ويضيف أصدرت ديوان «وادي النحل» عام 1996 وديوان «حجر البد» عام 2002 «بعدما كنت واثقا من نفسي ومن قصائدي». وردا على سؤال هل هناك زجل فلسطيني يقول فخر الدين وهو من أبرز كتاب الزجل إن لم يكن شيخهم، أن الزجل بأشكاله الشائعة اليوم في لبنان وسوريا والجليل والكرمل حديث العهد عند الفلسطينيين، فقد اقتصروا في غنائهم على العامية في الماضي والحدادي والزفات والسحجات حتى الثلاثينيات من القرن الماضي، ولم نجد في المصادر قصائد غناها أو نظمها شاعر فلسطيني بلحن ووزن «الشروقي» أو  «المعنى» أو «القصيد» لافتا أن هذه الأنواع الزجلية ربما قدمت للبلاد من لبنان في فترة الانتداب البريطاني مع قدوم لبنانيين وصلوا البلاد واستقروا فيها.
وبعد أن أنهى أبو كمال عمله في إدارة البنك عام 2000 انتقل فورا إلى جامعة حيفا المجاورة وبدأ يتعلم العربية مبتدئا باللقب الأول ثم الثاني، حتى حاز على اللقب الثالث فيها، منوها أنه في أطروحته للقب الماجستير بعنوان «الزجل في بلاد الشام قبل القرن الخامس عشر» عالج أصول الزجل الشامي وأوزانه (وهي أول دراسة أكاديمية في الموضوع). ويوضح أن أوساطا لبنانية واسعة من بين المؤلفين والكتاب، ومنذ منتصف القرن السابق، طالما ادعت أن أصول الزجل وألحانه وأشكاله ليست عربية بل سريانية، دون توفير أي دليل على ذلك، كما أدعوا أن أوزان الزجل تخضع للنظرية المقطعية التي لا تفرق بين القصير والطويل من المقاطع، وتبعهم من عندنا الشاعران سعود الأسدي وموسى الحافظ، فتمكن فخرالدين من إثبات عدم صحة هذه الادعاءات وأن أوزان الزجل عربية ودقيقة جدا.
يؤكد أن أصول الزجل (والموشح) في الأندلس، ومنها انتقل للمشرق العربي، خاصة بعدما وصل ديوان إمام الزجالين الأندلسيين ابن قزمان «إصابة الأغراض في ذكر الأعراض» ثم قام الشعراء بمحاكاته ومعارضته. لافتا إلى أن الشعراء العرب في الأندلس تحرروا من قيود الأوزان الشعرية التقليدية وابتعدوا عن وزن «الخليل» وأنتجوا أوزانا وألحانا خاصة بهم.
 ويوضح، أن لكل لهجة أنواعها الزجلية وألحانها الخاصة ويدلل على ذلك بالقول إن في العراق بعض الأشكال تشبه أوزان القصائد في بلاد الشام ولكنها تختلف عنها في ألحانها، وأخرى لا يمارسونها قط، أما في مصر ودول الخليج واليمن وشمال افريقيا فلا يعرفون وزن ولحن العتابا والميجنا والشروقي ولا ينظمون عليه.
وأطروحته للدكتوراه هي دراسة بعنوان «أزجال ديوان ابن قزمان» وهو ديوان كان قد خضع لألفي دراسة ومقال، آخرها تحقيق للباحث الاسباني البارز فيدريكو كورنتي، والذي يعد أهم باحث في الزجل الأندلسي، لكن أبو كمال لم يسلم بتحقيق الباحث الاسباني فبادر لتعديل العديد من أوزان قصائد ديوان ابن قزمان (150 قصيدة).
 
الكيمياء أقوى من البيولوجيا

رافقنا إلى دالية الكرمل الصيدلاني المثقف العاشق للزجل غسان الفاهوم من مدينة الناصرة، والذي ربطته خيوط مودة وصداقة عتيقة مع الشاعر فخر الدين وعائلته. لم تجمع البيولوجيا بين غسان الفاهوم ويوسف بل هي الكيمياء قبل سنوات طويلة. وهذه قصة ظريفة تصل إلى لبنان والولايات المتحدة سنعود لها قريبا جدا. ويروي الفاهوم لـ «القدس العربي» أنه كان قد قرأ زجلية بعنوان «حلا ربّاني» عند أحد اللبنانيين الأمريكيين استهوت قلبه قبل سنوات طويلة ولما سأل عمّن نظمها قيل له إنها من بلاده وهي لشاعر من دالية الكرمل يدعى يوسف فخرالدين حفظها أبو فراس وفيها يقول فخر الدين:

يوم الخلقتي، السما كاين ناقصها تراب
ومصنع عجين الخلق جفت ينابيعو
وكانوا بإجازه، ملايكة السما وغيّاب
وما ظل عندن قوالب صب تبيعو
وإنتي ع غفلة إجت روحك تدق الباب
وربك عليها شفق آمالها يضيعو
لملم شو عندو حلا، وصبّك بدون حساب
وليكي ع وجهك ترك بصمة أصابيعو
 
حينما عاد الفاهوم للبلاد بحث عن فخر الدين حتى وجده وبادره بالقول متوددا: «كنت لازم أروح على أمريكا حتى أشوفك واتعرف عليك هون.
 ويوضح الفاهوم الذي يحفظ الكثير من قصائد فخر الدين أنه منذ جمعتهما الصدفة قبل أكثر من عشرين سنة ولدت صداقة كبيرة بينهما ويخلص للقول «لا أبالغ إن قلت إن الكرمل مع شيخ شعراء الزجل الفلسطينيين يوسف فخر الدين أبي كمال، أعلى وأغلى وهو بقصائده المدهشة يطربني كما وكأنها زقزقات شحرورة الكرمل».

العيد بعيدين شيخ الزجل الفلسطيني يحتفل بميلاده الثمانين وحيازته الدكتوراه

وديع عواودة

أين سيلعب برشلونة في حال انفصلت كتالونيا عن اسبانيا؟

Posted: 30 Sep 2017 02:07 PM PDT

لم يعد الامر ضربا من الخيال ولا تشاؤما مبالغا به، أن يأتي اليوم الذي تنكسر فيه حكاية «كلاسيكو الأرض» بين العملاقين ريال مدريد وبرشلونة، ويحرم عالم كرة القدم، من أروع صراع وكفاح كروي في كل موسم على مدى العقود الماضية… هل حانت هذه اللحظة؟
اليوم سيدلي مواطنو اقليم كتالونيا، البالغ عددهم 5.3 مليون شخص، بأصواتهم على استفتاء الاستقلال عن اسبانيا، رغم اعتبار الحكومة المركزية في مدريد ان هذا التصويت باطل، حيث اعتقلت الشرطة المسؤولين الموالين للاستقلال وضبطت ملايين من أوراق الاقتراع. ومع ذلك تظل امكانية استقلال اقليم كتالونيا واعلانه دولة مستقلة قائمة، ليبرز أهم سؤال لمحبي كرة القدم: ماذا سيحل بنادي برشلونة وبقية فرق كتالونيا، مثل اسبانيول وجيرونا، لو انفصلت كتالونيا عن اسبانيا؟
غالبية الاجوبة الاولية كلها سلبية، خصوصاً الآتية من مدريد، حيث أكد رئيس رابطة «لا ليغا» خافيير تيباس انه لن يسمح لاندية كتالونيا في الاستمرار في اللعب في الدوري الاسباني في حال الانفصال. وطبعا هذا سيعكس المزاج العام في اسبانيا الذي سيسعى بشكل غير مباشر الى معاقبة الكتالونيين على انفصالهم، ومحاولة وضع العقبات في وجه كل ممتلكاتهم وامكانياتهم. في المقابل لن يستطيع الاقليم انشاء دوري تنافسي على قدر عال، كونه لا يحوي ما يكفي من الاندية لتطبيق هذه الفكرة، لذا يتعين الالتحاق بدوري دولة أخرى، رغم ان الدوري الاسباني نفسه يحوي فرقا من بلد أجنبي، وهو أندورا الصغيرة، ولكن الحكومة المدريدية ستسعى الى رفض اعادة الكتالونيين الى دوريها، لسبب جوهي ان هذا سيشجع اقاليم أخرى على الانفصال، بينها اقليم الباسك، الذي يحوي ناديي ريال سوسيداد وأتلتيك بلباو، والسماح ببقاء برشلونة واسبانيول وجيرونا سيعد مكافأة على هذا الانفصال وليس عقاباً. خصوصا البارسا الذي كان نجومه ومسؤولوه واعلاميوه وجماهيره أكثر المروجين لفكرة الانفصال، ودائما تستغل مبارياته للترويج لهذه الفكرة، حتى انه اعتمد في كثير من الاحيان ألوان علم كتالونيا لتكون ألوان فانلته عندما يلعب خارج الأرض، وهو على النقيض من اسبانيول، الذي اشتهر مسؤولوه وجماهيره بمقاومة هذه الفكرة، ودائما ينادي بوطنيته لاسبانيا وليس لكتالونيا.
اذاً، سيتعين على برشلونة، اذا أراد ان يستمر في شعبيته العالمية وثرائه وقدرته على تقديم العروض المثيرة، أن يلعب في دوري تنافسي وقوي. ففي حين تلعب الفرق الويلزية، مثل سوانزي وكارديف، في الدوري الانكليزي، رغم انها تحمل جواز سفر واحد تحت علم بريطانيا، ويلعب موناكو ابن الامارة المستقلة، في الدوري الفرنسي بنجاح، رغم الكثير من الاعتراضات في السنوات الاخيرة على الافضلية التي يتمتع بها لاعبوه لعدم دفعهم الضرائب، كون قانون الامارة لا ينص عليها، الا انها حلت مع رابطة الدوري الفرنسي وهيئة الضرائب، فان فكرة انتقال برشلونة الى اللعب في احدى البطولتين الكبيرتين، خصوصاً البريميرليغ، تظل قائمة، حتى ان وزير الرياضة الكتالوني جيرارد فيغويراس قالها صراحة، انه في حالة انفصال الاقليم، سيتعين على اندية برشلونة واسبانيول وجيرونا اختيار أين ستلعب، ان كان في اسبانيا او في دول مجاورة مثل فرنسا أو ايطاليا او حتى الدوري الانكليزي. طبعا موقف نادي برشلونة الرسمي هو الاعلان عن تأييده لما تريده الغالبية في الاقليم، ما يعني الانفصال.
لكن هل يستطيع الاتحاد الاسباني الاستغناء عن برشلونة؟ بالتأكيد لا، لان هذا سيعني تأثر المنافسة المحلية من اختفاء الصراع مع الريال، وتلقائيا انخفاض قيمة عائدات النقل التلفزيوني والرعاية والاعلانات وانخفاض معدل أعداد الحضور في الملاعب، خصوصأ ان الدوري الاسباني يحتكره تقليديا فريقان (الريال والبارسا)، وغياب أحدهما سيقتل المنافسة، واقرب مثال على ذلك الدوري الاسكتلندي الذي احتكر تقليديا بين سيلتك ورينجرز، وعندما عوقب الاخير باهباطه الى الدرجة الرابعة في 2011 بسبب سوء ادارة مالية، أحرز سيلتك اللقب ست مرات متتالية، وتأثرت معدلات الحضور من انعدام المنافسة، بل أصبح المنتخب الاسكتلندي أسوأ. الوقت كفيل لكشف مصير مئات الملايين من عشاق ميسي ورفاقه حول العالم.

أين سيلعب برشلونة في حال انفصلت كتالونيا عن اسبانيا؟

خلدون الشيخ

لماذا لن يتقدم ليفربول خطوة واحدة مع يورغن كلوب؟

Posted: 30 Sep 2017 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي» : أوشك شهر العسل بين المدرب الألماني يورغن كلوب وجماهير نادي ليفربول على الانتهاء، إن لم ينته بالفعل لدى شريحة لا يُستهان بها، بعد ظهور ملامح مشروعه والطريقة التي يُدير بها الفريق منذ وصوله لسدّة الحكم لقلعة «آنفيلد» خلفًا للايرلندي الشمالي برندان رودجرز، الذي أُجبر على ترك منصبه قبل نحو عامين.

أهداف لم تتحقق

أولاً… إذا عُدنا بالذاكرة إلى الوراء لأواخر 2015، سنتذكر الضجة التي أُثيرت حول انتقاله إلى حُمر الميرسيسايد، بعد تجربته الجيدة جدا مع بوروسيا دورتموند في «البوندسليغا»، التي حقق خلالها إنجازات غير مسبوقة، أهمها وأبرزها على الإطلاق، الاحتفاظ بلقب الدوري موسمين متتاليين، بالإضافة إلى الترشح لنهائي دوري الأبطال الذي خسره أمام مواطنه بايرن ميونيخ عام 2013، وكان واضحا أن سمعته الكبيرة التي اكتسبها داخل وطنه، سبقته قبل وصوله إلى بلاد الضباب. أقل ما يُمكن قوله، أن الكثير من عشاق الريدز تعاملوا مع صاحب الـ48 عاما، آنذاك، على أنه المُخلص أو بالأحرى الرجل القادم من زمن الأساطير، لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في «أنفيلد»، وكأنه يملك عصا سحرية، بمُجرد أن يضرب بها على الأرض، ستتحقق الأماني والأحلام المُنتظرة منذ سنوات، ولعل أهم أمنية هي استعادة لقب الدوري الغائب منذ أكثر من عقدين ونصف من الزمان.

بداية جيدة

دعونا نتفق أن كلوب تسلم المهمة في وقت سيئ للغاية، ليس فقط بسبب سلسلة النتائج المُخيبة التي تزامنت مع آخر أسابيع مدرب سيلتك الحالي قبل رحيله، بل لأن الفريق بأكمله كان يمر بظروف صعبة، نتيجة لتوابع صدمة خسارة لقب الدوري موسم 2013-2014، بسبب انزلاق الأسطورة ستيفن جيرارد الشهير أمام السنغالي ديمبا با، في اللقاء الذي غّير مسار اللقب من الجزء الأحمر في مدينة ليفربول إلى ملعب «الاتحاد»، بهدية لا تُقدر بثمن من مورينيو وكتيبة البلوز. ومن أكبر توابع خسارة اللقب، كانت الهزة العنيفة التي ضربت الفريق بعد رحيل السفاح لويس سواريز فور انتهاء كأس العالم، فبعد خروجه لم يعد للريدز أنياب حقيقية، تجلت في فشل المهاجم تلو الآخر في سد فراغه، منهم على سبيل المثال ماريو بالوتيلي وداني إنغز بالتحديد، بالتالي جاءت الضريبة باهظة الثمن بالخروج المُبكر من دوري مجموعات أبطال أوروبا، ثم فاجعة إنهاء الدوري في المركز السادس، والعودة مُجددا لنقطة الصفر، بغياب شبه اعتيادي عن بطولة الكبار. وكان الفريق في طريقه لمواجهة المصير ذاته للموسم الثاني على التوالي، إلا أن الإدارة الأمريكية قررت التخلص من رودجرز، لضخ فكر ودم جديد للجهاز، على أمل أن تعود الانتصارات والصورة المعروفة عن ليفربول، لتُسند هذه المهمة لرجل المواقف الصعبة «كلوب»، الذي أقنع الجميع بمفعوله السحري في موسمه الأول مع الفريق. وبالنظر إلى ما قدمه الرجل الألماني في موسمه الأول، أو بمعنى أدق نصف موسمه الأول في بلاد مهد كرة القدم، سنجد أنه يقترب من درجة «الامتياز»، ولو أراد الكثير منا تقييمه، فأقل درجة سيحصل عليها «جيد جدا»، نتحدث عن مدرب أعاد الروح والحماس للاعبين، من المفترض أنهم كانوا في قمة الإحباط قبل توليه المهمة، ولولا سوء طالعه، لأنهى الموسم بشكل أسطوري، بعدما قاد الفريق لنهائي كأس الرابطة والدوري الأوروبي، لكنه خسر في المرتين.

لم يجد الحل

رغم النجاح الملحوظ الذي حققه في هذه الفترة، إلا أنه واجهة المشكلة ذاتها التي تسببت في ابتعاد ليفربول عن الاقتراب من المنافسة على لقب الدوري، باستثناء ما حدث في موسم «الانزلاق»، وهي الإجادة التامة أمام الكبار، بدك حصونهم سواء في الداخل أو الخارج، بفوزه مثلا على مانشستر سيتي بثلاثية نكراء، وعدم تقبل الهزيمة أمام منافسين أقوياء كآرسنال وتوتنهام وتشلسي، في المقابل ينحني أمام الفرق المتوسطة والتي تُكافح من أجل البقاء، كما خسر في الموسم ذاته أمام واتفورد وسوانزي بثلاثيتين، وهذه المشكلة، يراها النقاد وأغلب الجماهير، السبب الرئيسي وراء فشل ليفربول في الحصول على لقب البريميرليغ حتى الآن. هذه العدوى لم تُفارق كلوب على طول الخط منذ يومه الأول وحتى الآن، ولعل ما فعله في بداية الموسم الماضي عندما افتتح الدوري بقهر آرسنال في عقر داره بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، في واحدة من أمتع وأروع مباريات الموسم، بعدها بأسبوع واحد، عاد لفصوله الباردة بهزيمة غريبة أمام بيرنلي بهدفين نظيفين، حتى بعد فوزه على مانشستر سيتي تعادل في الأسبوع التالي أمام المتذيل سندرلاند، وأعقبه تعادل في مسرح الأحلام ثم هزيمة من سوانزي في قلب «أنفيلد»، هنا بدأت الجماهير تستوعب وتتأكد أن كلوب لم يحدث طفرة بعد عام ونصف العام، أو ما يقولون «لا جديد يُذكر لا قديم يُعاد». ليفربول «كلوب» هو نفسه ليفربول «رودجرز»، ومن قبله الكينغ دالغليش وروي هودسون، الظهور بعباءة المارد الكبير أمام الكبار، والتّحول إلى النقيض أمام أصغر منافس في أقرب فرصة ممكنة، لكن الفارق الوحيد، أن المدرب الألماني، وكان ولا يزال، يحظى بتأييد من أصحاب الكراسي الثابتة في الملعب، وهذا بطبيعة الحال بسبب تفاعلاته التي «تروق» لكثير من الجماهير، المعروف عنها الحماسة الزائدة جدا في التشجيع، ويبدو أنه من النوع المُفضل لهذه الفئة.
بعيدا عن كاريزما كلوب التي تتحدث عن نفسها، وتجعله دائما محط أنظار الصحفيين وهدفا لهم، فلا خلاف أبدا على كفاءته كمدرب قدير، وإلا لما أنهى احتكار بايرن ميونيخ للقبه المُفضل «البوندسليغا» مرتين، بالإضافة إلى كأس ألمانيا والوصول لنهائي الأبطال، غير أنه منذ قدومه الى إنكلترا، يُحدث «طفرات» من حين لآخر، بانتصارات رنانة مع أداء أكثر من مُقنع أمام الكبار، آخرها إذلال آرسنال برباعية، لكن يُعاب عليه عدم التخطيط السليم، الذي بدأت تظهر ملامحه بالكوارث الدفاعية الأخيرة.

حق مشروع ولكن!

لا يُمكن لأحد أن ينتقد كلوب لإصراره على بقاء كوتينيو، حتى بعد وصول العرض الأخير لـ150 مليون جنيه إسترليني، فهو كما أشار تخطى مرحلة الحاجة للمال، وهدفه الرئيسي في المرحلة المقبلة رفع سقف الطموح، بعدما وضع قدميه على الطريق الصحيح، بالوصول لدوري مجموعات أبطال أوروبا، للمرة الثانية للفريق في آخر سبع سنوات، وكأن تأهل النادي الإنكليزي العريق لهذه المرحلة، أصبح بكل هذه الصعوبة!
وظل هو والإدارة منشغلين بملف كوتينيو، إلى أن نجحت خطة إفساد انتقال الشاب البرازيلي إلى برشلونة، وجاء ذلك على حساب الشيء الأكثر أهمية للفريق، وهو حاجته الماسة لقلب دفاع جيد على أقل تقدير، بالإضافة للاعب محوري أكثر جودة في الناحية الدفاعية والهجومية من فينالدوم والقائد جوردان هيندرسون، واكتفى بالصفقة الرنانة محمد صلاح، ومعه المنحوس أليكس تشامبرلين والظهير الأيسر الشاب روبرتسون.
الشاهد، أن النادي لم يتحرك مرة أخرى بعد تعثر صفقة انتقال مدافع ساوثهامبتون فان دايك، فقط عثروا على حل مشكلة الدفاع، لكنها ستتأجل للموسم المقبل، بعد إصرار لايبزيغ على إبقاء نابي كيتا لنهاية هذا الموسم، لذلك كان طبيعيا أن يواجه الفريق كل هذه المشاكل الدفاعية، التي أسفرت عن هز الشباك في كل المباريات منذ بداية الموسم، باستثناء مباراتي كريستال بالاس وآرسنال.

لم يفهم قواعد اللعبة

صحيح أن كلوب وصل إلى البريميرليغ قبل الكتالوني بيب غوارديولا بستة أشهر، إلا أن الأخير فهم سريعا المتطلبات في إنكلترا، بوضع كل تركيزه على الدفاع، لأنه عرف قواعد اللعبة، التي تنص على ضرورة الدفاع بشكل جيد، إذا كنت تبحث عن الانتصارات، ولنا في مورينيو وكونتي أمثلة حية، وها قد بدأ بيب يجني ثمار اهتمامه بالدفاع، باستقبال هدفين فقط منذ بداية الموسم، عكس ليفربول، الذي أصبح بمثابة الكتاب المفتوح ليس فقط أمام الأندية المحلية المنافسة، بل أيضا أمام المنافسين الأجانب. وتأكيدا على قلة اهتمام حاكم «أنفيلد»، بالنواحي الدفاعية، سنجد أنه خلال 4 فترات قيد لاعبين، بواقع اثنين في فصل الشتاء ومثلهم في الصيف، لم يُنفق سوى 30 مليون إسترليني من أصل 180 مليون على الصفقات الجديدة خلال ولايته حتى الآن، علما أن المدافع الكاميروني جويل ماتيب جاء بصورة «بوسمان» بعد انتهاء عقده مع ناديه السابق شالكه. ومن سوء حظ ليفربول أن كلوب وقع اختياره على هذا المدافع بالذات، فهو من مباراة لأخرى يُثبت أن القميص الاحمر «ثقيل جدا» عليه، ونُشاهد كيف تتم مراوغته بمنتهى السهولة والأريحية عندما يقف وجها لوجه أمام لاعب يُجيد أبسط فنون المراوغة، ناهيك عن سوء تقديره وقراءته لأفكار المنافسين، باستغلال سذاجته باللعب من وراء ظهره، كما فعل مدرب ليستر في مباراة السبت الماضي، فهو تقريبا كان في واد ولوفرين في واد آخر، بدليل أنه رغم قلة فرص الثعالب، إلا أنها شكلت خطورة بالغة على مينيوليه، الذي تصدى لركلة جزاء، حافظت على تقدم فريقه 3-2، وهذه المباراة بالذات، أظهرت أن المعاناة ستستمر طالما ظل الدفاع هشا بهذه الطريقة.

المستقبل غير مبشر!

كما نعرف جميعا، فإن لغة الأرقام عادة لا تكذب، والإحصاءات تقول أن الأمور تبدو على ما يُرام للشق الأمامي في ظل وجود الرباعي المُرعب كوتينيو وصلاح وفيرمينو وماني، وربما تكون الأمور في وسط الملعب مُطمئنة إلى حد ما، بشرط أن يبقى إيمري تشان وفينالدوم وهيندرسون في قمة مستواهم في كل المباريات، لكن على صعيد الدفاع، فالأمر لا يُبدو مُبشرا على الإطلاق، فأمام الأهداف الـ12 التي سجلها الهجوم، استقبلت الشباك 11 هدفا، وهذا ليس بسبب المتواضع للغاية ماتيب بمفرده، بل للمنظومة الدفاعية بأكملها، التي جعلت الركلة الركنية والركلات الثابتة من خارج منطقة الجزاء، أشبه بركلات الجزاء للمنافسين، حتى مساء الثلاثاء الماضي، لم ينجح الفريق في الحفاظ على شباكه نظيفة أمام منافس كسبارتاك موسكو، سجل أيضا من ركلة ثابتة، وبالتأكيد… إذا لم يجد كلوب حلا لصداع «هشاشة» دفاعه، فربما يخسر منصبه في المستقبل القريب.

لماذا لن يتقدم ليفربول خطوة واحدة مع يورغن كلوب؟

عادل منصور:

زيدان ينهي أسطورة الـ«بي بي سي» في ريال مدريد

Posted: 30 Sep 2017 02:06 PM PDT

مدريد ـ «القدس العربي»: أصبح المثلث الهجومي الشهير لريال مدريد «بي بي سي» جزءا من الماضي، فقد تحول رهان المدرب الفرنسي للفريق، زين الدين زيدان، إلى الاعتماد على خط هجومي ثنائي على رأسه النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.
وكان زيدان في الفترات الأولى من مسيرته التدريبية مع الريال يعتبر وجود الثلاثي كريستيانو رونالدو وغاريث بيل وكريم بنزيمه في المباريات أمر «غير قابل للتفاوض». لكن مع تعاقب الإصابات على هذا الثلاثي الخطير وخاصة إصابات الويلزي بيل، تخلى زيدان تدريجيا عن طريقة لعبه المفضل وتحول مجبرا إلى طريقة 4/4/2. وساعده في هذا تألق لاعبين آخرين مثل ايسكو ومن بعده ماركو أسينسيو، بالإضافة إلى الظهور الجديد لماتيو كوفاسيتش وانضمام لاعبي وسط مميزين مثل داني سيبايوس، ولذلك أصبحت فترة الاعتماد على الثلاثي الهجومي الشهير في طي النسيان. وبعد اعتماده خطة لعب ترتكز على الدفع بأربعة لاعبين في وسط الملعب، نجح الريال في تقديم الأداء الأفضل له خلال العامين الأخيرين، والذي بلغ ذروته في نهائي دوري أبطال أوروبا الأخير، الذي نجح خلاله في التفوق على يوفنتوس الإيطالي ليتوج باللقب القاري الثاني على التوالي إثر فوزه في تلك المباراة 4/1 بالعاصمة الويلزية كارديف. ولم يغير زيدان من طريقته هذه في بداية هذا الموسم، رغم قلة الأهداف التي أحرزها فريقه، كما أن غياب رونالدو للإيقاف وكريم بنزيمه للإصابة، بالإضافة إلى عدم تعاقد النادي مع مهاجمين جدد لم يترك له خيار للعودة إلى الدفع بثلاثة لاعبين في الهجوم. لكن هل سيتمسك زيدان بموقفه هذا بعد عودة الثلاثي لكامل لياقتهم البدنية؟ وفي ظل إصابة بنزيمه، اعتمد المدرب الفرنسي في مباراة الريال أمام مضيفه بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا، والتي انتهت بفوز الملكي 3/1، على رونالدو وبيل فقط في الهجوم، ليثبتا صدق حدس مدربهما ويسجلا الأهداف الثلاثة لفريقهما بواقع هدف للويلزي وهدفين للبرتغالي. وقال زيدان عقب الفوز الأول للريال في مدينة دورتموند الألمانية: «كانت مباراة رائعة، كانت مباراة كبيرة من البداية للنهاية». وأشادت الصحافة العالمية أيضا بالريال، حيث وصفته مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية بـ»الإمبراطوري»، فيما تحدثت صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت» الإيطالية عن «تعبير مرعب عن القوة». وقد يأتي إصرار وصبر زيدان على بيل بثماره، على عكس ما يراه جمهور الريال الذي لم يتوقف عن توجيه صافرات الاستهجان ضد اللاعب الأسبوع الماضي بسبب أدائه المتراجع. وبفضل المساحات والتزامه باللعب في الجانب الأيسر في لقاء الثلاثاء، قدم لاعب توتنهام السابق أفضل مباريات على الإطلاق في الموسم وتوج مجهوده بتسجيل هدف رائع، بالإضافة إلى صناعة هدف آخر لرونالدو. ويعتبر رونالدو الوحيد في هذا المثلث الهجومي الذي لا غبار عليه، فهو ينسجم بشكل كامل سواء مع بيل أو بنزيمه. ورفع رونالدو رصيده من الأهداف إلى أربعة أهداف بعد مرور مرحلتين فقط من دوري الأبطال، وبدت علامات السعادة تعلو وجهه عقب المباراة، حيث أكد بأنه لا يفكر في الرحيل عن الريال وأنه سيقابل بكل ترحيب تعديل شروط تعاقده إلى الأفضل. لكن بعيدا عن أي شيء يتعلق بالتعاقدات ومفاوضات النادي الملكي مع نجومه، يبدو أن زيدان أصبح يراهن بكل قوة على الاعتماد على مهاجمين اثنين فقط، سواء كانا رونالدو وبنزيمه أو رونالدو وبيل، فهو بهذا يسعى إلى الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي وتقليص فارق النقاط السبع مع برشلونة في الدوري الأسباني، وهو ما يعد تحديا عظيما.

زيدان ينهي أسطورة الـ«بي بي سي» في ريال مدريد

مسلسل إقالة المدربين في الدوري السعودي يبدأ مبكراً

Posted: 30 Sep 2017 02:06 PM PDT

الرياض ـ «القدس العربي»: ما أشبه الليلة بالبارحة، ما اكتملت المرحلة الرابعة من الدوري السعودي، شهدت المسابقة إقالة اثنين من مدربي فرق البطولة ليبدأ مسلسل الإقالات مبكرا، مثلما كان الحال في مواسم أخرى سابقا ومنها الموسم الماضي على وجه التحديد.
وأعلن نادي النصر إقالة المدرب البرتغالي ريكاردو غوميز عقب التعادل مع الفيحاء 2/2، في المرحلة الرابعة.
وذكر النادي، عبر «تويتر»: «قررت إدارة نادي النصر إقالة مدرب الفريق الأول ريكاردو غوميز، مثمنين جهوده خلال فترة عمله بالنادي». ويحتل النصر المركز الرابع بجدول المسابقة برصيد ست نقاط من فوز وحيد وتعادل في ثلاثة لقاءات. ومن المنتظر أن يعلن مجلس إدارة النادي برئاسة فيصل بن تركي، عن المدرب الجديد، علما أنه أسند المهمة بشكل مؤقت إلى روجيرو، مدرب الفريق الأولمبي بالنادي، لحين التعاقد مع مدرب جديد. وأصبحت الإطاحة بغوميز ثاني حالة إقالة في الدوري السعودي هذا الموسم، بعدما أقال نادي الشباب مدربه الوطني سامي الجابر قبلها بأيام. وجاءت إقالة الجابر وغوميز في وقت مبكر للغاية من الموسم وقبل أن تتضح ملامح المنافسة، ما ينذر بمسلسل جديد لإقالات المدربين في الموسم الحالي، بعدما أصبح رحيل المدربين في وسط الموسم ظاهرة حقيقية في الدوري السعودي خلال المواسم الماضية.
وفي الموسم الماضي على وجه التحديد، بلغ عدد الإقالات قبل المرحلة الخامسة من الموسم ثلاث حالات، حيث أطاح الهلال مبكرا بمدربه الأوروغواني غوستافو ماتوساس لأمور فنية، كما أقال الخليج مدربه البلجيكي باتريك دي وايلد لسوء النتائج، وأقال الفتح مدربه البرتغالي ريكاردو سابينتو لسوء النتائج. ولم تكن هذه الإقالات سوى البداية لموسم حافل بالتغيير في مدربي أندية الدوري السعودي.
وبلغ عدد حالات التغيير في الإدارة الفنية لأندية الدوري السعودي الموسم الماضي 20 حالة، ما بين إقالة واستقالة وإنهاء عقد، وكان لفريقي الفيصلي والقادسية النصيب الأكبر، حيث تناوب على تدريب كل منهما أربعة مدربين. وتناوب على تدريب الفيصلي البرازيلي دوس أنغوس والمغربي فهد الورقة والكرواتي توميسلاف إيكوفيتش، قبل إسناد المسؤولية للإيطالي جوفاني سوليناس، الذي أنهى الموسم مع الفريق. وفي القادسية، تناوب على تدريب الفريق الوطني حمد الدوسري والجزائري رياض بلخير والبرازيلي دوس أنغوس، قبل عودة الفريق للمدرب الوطني من خلال إسناد المهمة للمدرب بندر باصريح. كما تناوب ثلاثة مدربين على تدريب الاتفاق والتعاون والنصر والهلال والوحدة، ومدربان على تدريب كل من الأهلي والباطن والخليج والفتح. وأفلتت ثلاثة فرق فقط من ظاهرة تغيير المدربين، حيث ظل التشيلي خوسيه لويس سييرا مع الاتحاد طيلة الموسم، فيما ظل التونسي ناصيف البياوي مع الرائد، وسامي الجابر مع الشباب، لكن الأخير تعرض للإقالة في مطلع الموسم الحالي، وأصبح أول حالة إقالة هذا الموسم ثم تبعه غوميز. وكان الهلال أكثر المستفيدين من تغيير المدربين الموسم الماضي، حيث بدأ الموسم بقيادة ماتوساس، ثم أسند المهمة للروماني ماريوس سيبيريا، فيما كان التغيير الثالث هو طريق الفريق إلى النجاح حيث استعان الزعيم بالمدرب الأرجنتيني رامون دياز، ليقوده في 20 مباراة بالدوري حسم من خلالها لقب المسابقة ليعود على عرش الكرة السعودية. ورغم عدم اتضاح ملامح المنافسة في الموسم الحالي حتى الآن، يظهر بعض المؤشرات على أن التغيير قد يصل لعدد من الأندية الأخرى في وقت قريب، لا سيما مع النتائج الهزيلة لبعض الفرق في المسابقة حتى الآن.
ومع إقالة الجابر وغوميز قبل انتهاء فعاليات المرحلة الرابعة من المسابقة، يترقب متابعو الدوري السعودي الضحية الثالثة من مدربي البطولة وحالات التغيير في الموسم الحالي، الذي يحظى بأهمية بالغة لكونه الأخير قبل عودة المنتخب السعودي (الأخضر) للظهور في بطولات كأس العالم بعد تأهله للنسخة المقبلة في روسيا 2018.

مسلسل إقالة المدربين في الدوري السعودي يبدأ مبكراً

نسيم أونار… عدّاء تركي يتحدى إعاقته ويحصد 30 ميدالية!

Posted: 30 Sep 2017 02:05 PM PDT

اسطنبول ـ «القدس العربي»:  لم تشكّل الإعاقة حائلا أمام العداء التركي نسيم أونار (23 عاما)، لتحقيق أحلامه، بل كانت دافعا له للتغلب على إعاقته بالمشاركة في فعاليات رياضية مختلفة حصد خلالها 30 ميدالية.
قبل 13 عاما، بينما كان يرعى أونار الماشية في ولاية ديار بكر (جنوب) دفعه فضول الطفولة لاستكشاف جسم حديدي على الأرض، محاولا كسره بحجر… ليفاجأ بأنه لغم أرضي. وانفجر اللغم بوجه أونار ليستفيق بعدها بدون عينه وساقه اليمنتين.
أونار، لم يتقبل في البداية حالته الجسدية الجديدة وأن يوصف بكلمة «معوق» في قرية يكاد لا يوجد بها من لديه إعاقة في ريف ديار بكر. وقال أونار: «الأوقات التي تلت الإصابة كانت صعبة، لم أكن أدري معنى كلمة معوق حينها، لعدم وجود معوّقين في قريتي، ولم ألتقِ بحياتي معوقا إطلاقا إلى ذلك الوقت».
لم يستسلم أونار لإعاقته بل قرر بعد فترة من التغلب عليها بل وحقق ما يعجز الكثير من أقرانه الأصحاء من تحقيقه، وهو ممارسة ألعاب القوى. وبدأ أونار مشواره مع الرياضة بالمشاركة في الماراثونات الشعبية بتركيا في مرحلته الدراسية الثانوية، ومسابقات الركض المدرسية بتوجيه من معلمي التربية الرياضية في المدرسة. وإلى جانب دراسته واصل أونار تدريباته الرياضية، والمشاركة في بطولات على المستويين التركي والأوروبي، حصد خلالها ثلاثين ميدالية مختلفة. وتخرج أونار عام 2016 من المعهد العالي للتربية البدنية والرياضية بجامعة دجلة بولاية ديار بكر، لينتقل للعيش في ولاية قيصري وسط تركيا، لملاءمة أحوال الطقس فيها لممارسة الرياضة أكثر من ولاية ديار بكر. وبإشراف مدربه، خضع العداء التركي لتدريبات مكثفة للمشاركة في ألعاب القوى الأوروبية للمعوقين في العاصمة الألمانية برلين، برعاية من نادي غلطة سراي ومديرية الشباب والرياضة بولاية قيصري. وقال أونار: «بعد إعاقتي عانيت كثيرا، كنت دائما بحاجة لأحد الأشخاص من أجل حلّ أموري، لم استطع فعل كثير من الأمور بمفردي، مضى كثير من الوقت على هذه الحالة، واكتشفت أنّ الإعاقة هي بقائي مستسلما لها. اتخذت قرارا بالتغلب على هذا الوضع وفعل شيء لذاتي وعدم البقاء داخل جدران المنزل». وعن دعم أسرته، قال: «قدمت عائلتي لي كل الدعم، قالوا لي بإمكانك تحقيق أي شيء، بمجرد التصميم لنيله، ومنذ ذلك الحين، استجبت لطلب والدي بمواصلة الدراسة، والمواظبة على الرياضة». وقال أونار: «إن اللغم سرق مني ذراعي وأطفأ النور في عيني، إلا أنني لم أسمح له بأن يسرق مني أحلامي، ولن أسمح له بأن يكون حجر عثرة بيني وبين حلمي، أنا الآن أجري وأركض لتحقيق هدفي، وفي مشواري هذا حققت الكثير من النجاحات، رفعت علم بلادي في المحافل الرياضية». ويستعد أونار في المرحلة المقبلة للمشاركة في بطولات عالمية، هي البطولة الأوروبية لألعاب القوى للمعوقين عام 2018، ويطمح في تحقيق ذهبية في أولمبياد طوكيو 2020 باليابان.

نسيم أونار… عدّاء تركي يتحدى إعاقته ويحصد 30 ميدالية!

كفيف مصري يتغلب على إعاقته ويبرز في رياضة الكاراتيه

Posted: 30 Sep 2017 02:05 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: يقول شاب مصري كفيف يدعى صبري عطية السيد، يعمل في تدريب الكاراتيه للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة منذ نحو عشرة أعوام، إنه يؤمن تماما بأنه لا يختلف عن غيره من الأصحاء.
وبدأ السيد يمارس رياضة الكاراتيه عام 2007 وكان أول مصري لديه إعاقة بصرية يمارس هذه الرياضة على مدى عقود. وأوضح السيد (37 عاما) أنه لا يرى أنه يختلف عن أي شخص آخر ولا يشعر بأنه معاق. وأضاف: «أنا كمتحدي إعاقة بصرية أريد أن أقول لهم: أنا لست معاقا، والجميع يشك فيّ إنني أرى. أنا الحمد لله مثلي مثلكم، لا يوجد فرق بيني وبينكم. نار وقفزت. لعبت ألعاب كثيرة. لعبت ضمنة (دومينو) مع أصحابي، لعبت سباحة، لعبت كمال أجسام، لعبت جودو، ولعبت كرة قدم مع المبصرين وليس مع المكفوفين، ولعبت ألعاب قوى». ومارس السيد رياضة كمال الأجسام في 1997 ولمدة ثلاث سنوات لكنه توقف عن ممارستها لأنه لم يكن يستمتع ببرامج التغذية الصارمة المرتبطة بتلك الرياضة.
وتحول السيد بعد فترة لرياضة الكاراتيه التي سرعان ما برز فيها وارتقى أحزمتها حتى نال أعلاها وهو الحزام الأسود بعد التزامه بتدريب مكثف مع مدربه محمد محمود العكاري. وفاز السيد بالعديد من البطولات المحلية وشارك في 2014 في بطولة العالم للكاراتيه في ألمانيا لكن مدربه يقول إنه لم يحصل على تصنيف بسبب إعاقته. وقال العكاري: «هو التعامل مع صبري أسهل من الأسوياء، لأن صبري يحتاج الى ان يصل، فبالتالي يأخد الموضوع تحديا، ويمني نفسه بأن يصل ويتحدى العالم كله. لذلك بطولة العالم في ألمانيا 2014 صادفت الظروف مع صبري إنه كان يلعب معاه اثنان مبصران، وليس مكفوفين فحسب. وطبعا هذه كانت أول بطولة وبعدهم لم يتصنفوا. صبري لو لعب مع مكفوفين مثله لأحرز ميدالية ذهبية لمصر». ويوضح العقاري أنه ساعد السيد في الاستعداد للبطولات بمحاكاة الضوضاء التي يحدثها الجمهور والتي تمثل تحديا للسيد فيما يتعلق باستخدام حواسه. ويواصل السيد عشقه للكاراتيه من خلال تدريب رياضيين من الأطفال ذوي الإعاقة ويقول إنه عاقد العزم على أن يمثل بلده مصر في بطولات دولية يوما ما.

كفيف مصري يتغلب على إعاقته ويبرز في رياضة الكاراتيه

قطر تطمح لاستقطاب 5.6 مليون زائر سنويا بحلول عام 2023

Posted: 30 Sep 2017 02:04 PM PDT

الدوحة ـ «القدس العربي»: أعلنت دولة قطر إطلاق المرحلة المقبلة من استراتيجيتها الوطنية لقطاع السياحة 2030 بهدف تحديد مسار النمو والمعالم الخاصة في القطاع السياحي خلال السنوات الخمس المقبلة، موازاة مع استهدافها جذب 5.6 مليون زائر سنويا بحلول 2023.
جاء ذلك، بمناسبة احتضان الدوحة الأربعاء، فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للسياحة؛ تحت شعار «السياحة المستدامة -أداة التنمية» بحضور ممثلين عن 165 دولة، وعدد من الوزراء والمؤسسات والجمعيات السياحية على مستوى العالم.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني في كلمته الافتتاحية عقد منتدى سنوي للسياحة وإطلاق جائزة وطنية برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وقال رئيس الوزراء القطري إن احتضان قطر للاحتفال باليوم العالمي للسياحة يمثل فرصة لمناقشة سبل الارتقاء بمساهمة السياحة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 التي أقرتها منظمة الأمم المتحدة عام 2015 لافتاً إلى أن احتفال هذا العام يكتسب أهمية خاصة في قطر بعد الانتهاء من تنفيذ الاستراتيجيـة الوطنية الأولى 2011 – 2016 والانتهاء من إعداد الاستراتيجيـة الوطنيـة الثانية 2017 2022 ولكونه يأتي في وقت تتضاعف فيه الجهود لتعزيز وضع قطر على الخريطة العالمية.
وفيما يتعلق بالمرحلة المقبلة للاستراتيجية قطر للسياحة، أكد رئيس الوزراء أن تنمية قطاع السياحة لم تعد اختيارا أو رفاهية، وإنما تأتي من بين أولويات التنمية كضرورة تمليها متطلبات التنمية الشاملة وتنويع موارد الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير غير المسبوقة التي من شأنها أن تعزز أداء القطاع السياحي، وتجعل قطر من بين الدول الأكثر انفتاحاً في المنطقة.
وشدّد على أهمية تسريع وتيرة الإنجاز في المشروعات السياحية، وتفعيل السياسات التي من شأنها أن تعزز النمو في هذا القطاع وفتح أسواق جديدة مثل الصين والهند وروسيا وتعزيز التواجد القطري في أوروبا وأمريكا وآسيا، وطرح فرص استثمارية للقطاع الخاص.
ولفت إلى أنه وجّه في وقت سابق من هذا العام البدء بعملية مراجعة شاملة للاستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة، بما يضمن تلبية احتياجات قطر، ويحافظ على هويتها، مشيراً إلى إعادة تنظيم قطاع السياحة من خلال تأسيس منظومة جديدة من الكيانات التي ستعنى بالإشراف على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للسياحة ومراجعتها بشكل مستمر، وسيكون على رأس هرم هذه المنظومة المجلس الوطني للسياحة الذي سوف يضم ممثلين من الجهات المعنية والقطاع الخاص ليكونوا مشتركين معاً في صناعة القرار. كما سيتم تأسيس أذرع تنفيذية تساهم في تحقيق رؤيتنا الوطنية في مجال السياحة.
وأكد أن صناعة السياحة تحظى باهتمام كبير ضمن رؤية قطر الوطنية واستراتيجيتها الوطنية، ادراكاً بأهمية وقدرة القطاع السياحي على القيام بدور حيوي في تحقيق الدعم للاقتصاد الوطني.
وتابع قائلاً: «لمواكبة النهضة الشاملة لقطر، اتخذت الدولة سلسلة من الإجراءات والتدابير غير المسبوقة فيما يخص الانفتاح، والتي من شأنها أن تعزز أداء القطاع السياحي، وتجعل قطر من بين الدول الأكثر انفتاحاً في المنطقة مع التزامنا بهويتنا وقيمنا ومبادئنا». وقال ومن بين هذه الإجراءات: «أولاً: منح تأشيرات الترانزيت المجانية لمدة 96 ساعة لجميع الجنسيات. ثانياً: طلب وإصدار تأشيرات الكترونية لجميع الجنسيات. ثالثاً: إعفاء مواطني 80 دولة من تأشيرة الدخول إلى قطر وسوف تضاف إليهم دول أخرى في المستقبل. رابعاً: تطبيق نظام الاخطار الالكتروني للحاصلين على تأشيرة أو إقامة من الوجهات السياحية التالية: (الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، ودول الشنغن، وكندا، واستراليا، ونيوزيلندا، وبعض الدول الأخرى) والذي يدخل حيز التنفيذ منذ هذه اللحظة».
ونوه إلى أن «هذه الإجراءات سوف تمثل علامة فارقة على طريق تطوير صناعة السياحة في قطر. بل يمكن القول إنها تنقلنا مباشرة إلى المرحلة المقبلة من الاستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة».

6.7 في المئة مساهمة السياحة
في الناتج المحلي

وقال حسن الإبراهيم رئيس قطاع التنمية السياحية في الهيئة العامة للسياحة إن المرحلة المقبلة من الخطة الخمسية لتطوير قطاع السياحة تهدف إلى جذب 5.6 مليون زائر إلى قطر سنويا بحلول عام 2023 وهو ما يعادل ضعف العدد الذي استقبلته البلاد في عام 2016. كما تهدف أيضا إلى تحقيق معدل إشغال نسبته 72 في المئة في جميع المنشآت الفندقية وذلك عبر زيادة الطلب وتنويع خيارات الإقامة السياحية التي توفرها البلاد، وأن هذه الاستراتيجية تهدف أيضا إلى زيادة المساهمة المباشرة للسياحة في الناتج المحلي الإجمالي لقطر من 19.8 مليار ريال في عام 2016 إلى 41.3 مليار ريال قطري بحلول 2023 ما يمثل مساهمة مباشرة في الناتج المحلي الإجمالي نسبتها 3.8 في المئة مقارنة بـ3.5 في المئة في عام 2016.
وأكد إن قطر أصبحت الدولة الأكثر انفتاحا في المنطقة، بفضل سلسلة من السياسات التي استهدفت تبسيط إجراءات التأشيرات بما في ذلك إعفاء مواطني 80 بلدا من تأشيرة الدخول، إلى جانب ظهور قطاع حيوي لسياحة الرحلات البحرية حيث ارتفعت نسبة السياح القادمين عبر البحر بنحو 1000% خلال العام الماضي.
وأشار إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد الكلي حيث تشير تقديرات عام 2016 لمساهمة إجمالية مباشرة وغير مباشرة في الناتج المحلي الإجمالي في قطر نسبتها 6.7 في المئة، بالإضافة إلى إطلاق مهرجانات سياحية جديدة وجذابة على مدار السنة وتعزيز الحضور العالمي لقطر.
ولفت إلى أن المرحلة المقبلة تسعى لتقديم قطر كوجهة سياحية تمتزج فيها الأصالة والحداثة في تناغم فريد، حيث تتعانق الرمال والبحر وتلتقي شعوب العالم لمعايشة تجربة سياحية فريدة والاستمتاع بمزايا قطر في مجالات الثقافة والرياضة والمعارض والمؤتمرات والترفيه العائلي، منوها إلى أن الخطط المقبلة سوف تقوم على تعزيز رزنامة الفعاليات السنوية التي تقام في البلاد على مدار السنة بما فيها المهرجانات والفعاليات السياحية وزيادة الوعي في البلاد عبر توسيع شبكة المكاتب الدولية التي تروج لقطر كوجهة سياحية.

قطر تطمح لاستقطاب 5.6 مليون زائر سنويا بحلول عام 2023

إسماعيل طلاي

السودان: تفاؤل برفع الحصار الأمريكي المفروض منذ عشرين عاما

Posted: 30 Sep 2017 02:04 PM PDT

الخرطوم ـ «القدس العربي»: يتفاءل الكثير من السودانيين كون رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من أمريكا ضد بلادهم منذ عشرين عاما، بات وشيكا. وبدأت الخرطوم تستعد لهذا الحدث من خلال تهيئة القطاعين العام والخاص عبر أجهزة الإعلام الرسمية.
وأصدرت واشنطن قرارا في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير الماضي نص على إلغاء الأمرين التنفيذيين رقم (13067) الصادر بتاريخ 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1997ورقم 13412 الصادر بتاريخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2006 وبموجبهما فرضت أمريكا عقوبات اقتصادية على السودان، على أن يتأخر الرفع النهائي للعقوبات 180يوما يختبر فيها السودان على استمرار مساعيه بشأن حقوق الإنسان والإرهاب، وأضيفت ثلاثة أشهر أخرى تنتهي في الثاني عشر من تشرين الأول/اكتوبر المقبل.
التفاؤل الذي ساد الساحة السودانية مصدره قراران أصدرتهما الإدارة الأمريكية مؤخرا وهما إلغاء الحماية المؤقتة للسودانيين في أمريكا ورفع السودان عن قائمة الدول التي يحظر دخول مواطنيها الولايات المتحدة.
ويشير القرار الأول إلى تحسن الأوضاع التي أدت لفرض الحظر في تشرين الثاني/نوفمبر 1997 أما الثاني فقد وصفته وزارة الخارجية السودانية أنه «يمثل تطوراً إيجابياً مهماً في مسيرة العلاقات الثنائية بين السودان وأمريكا ونتاجاً طبيعياً لحوار طويل وصريح وجهود مشتركة قامت بها العديد من المؤسسات المختصة من الجانبين، وتعاون وثيق بين البلدين في قضايا دولية وإقليمية».
ووضعت الولايات المتحدة خمسة شروط لرفع العقوبات نهائيا عن السودان وهي: «إحلال السلام في السودان، مواصلة الجهود في مكافحة الإرهاب، تقديم تسهيلات في وصول المساعادات الإنسانية لمناطق يسيطر عليها متمردون (جنوب كردفان والنيل الأزرق) والإسهام في إحلال السلام في جنوب السودان، والتوقف عن دعم جيش الرب».
وأجرى وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، مباحثات مع مستشار الرئيس الأمريكي، لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، توم بوسارت، واشتمل اللقاء حسب وكالة الأنباء الرسمية في السودان، على تحضيرات اتخاذ القرار النهائي بشأن رفع العقوبات الاقتصادية في هذا الشهر، وأشار غندور – حسب المصدر- إلى التعاون الذي تم بين السودان والولايات المتحدة في الفترة الأخيرة الأمر الذي أدى لنتائج جيدة في هذا الملف.
ويرى الكندي يوسف الخبير الاقتصادي ووكيل وزارة التجارة الأسبق أن صدور قرار رفع العقوبات (المتوقع) سيحدث أثرا كبيرا في مستقبل البلاد من خلال تحسين صورة السودان في نظر العالم ويعلل ذلك في أن جميع دول العالم ووسائل الإعلام الكبرى تهتم بالقرارات الأمريكية.
ويرصد الكندي في حديثه لـ»القدس العربي» بعض الآثار المباشرة لرفع الحظر الأمريكي وفي مقدمتها تطبيع العلاقات الاقتصادية بين واشنطن والخرطوم والتي يمكن من خلالها أن يتلقى السودان مساعدات فنية ومادية ضخمة، سواء من الإدارة الأمريكية مباشرة أو عبر المؤسسات الأمريكية التي تستثمر أموالها في دول العالم الأخرى.
ويتوقع أن تتغير وجهة نظر الدول الأوروبية تجاه السودان لارتباط الغرب سياسيا واقتصاديا بالولايات المتحدة الأمريكية ويضيف: «السودان لديه فرص واسعة لاستثمارات ضخمة خاصة في مجال الزراعة ويحتاج للتبادل المعرفي والتقاني وتطوير القدرات».
ويطالب الكندي الحكومة السودانية بتهيئة البيئة في مجال الاستثمار من خلال الإعلان عن مزايا تجذب المستثمرين وتفعيل القوانين الموجودة وتطويرها، ويرى أن دور وزارة الاستثمار سيكون كبيرا ومحوريا في هذا الاتجاه.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير، أن قرار إلغاء الحماية المؤقتة للسودانيين المقيمين في أمريكا وإبعاد السودان من قائمة الدول التي يحظر دخول مواطنيها الولايات المتحدة مؤشر واضح وهو تمهيد للرفع الكامل للعقوبات الاقتصادية على السودان قبيل منتصف هذا الشهر.
ويقول لـ»القدس العربي» إن «الفترة الماضية شهدت مباحثات ونقاشات مطولة بين مسؤولين أمريكيين وسودانيين شملت كل الملفات المتعلقة برفع الحظر الكامل بعد أن تم رفع الحظر جزئيا في كانون الأول/يناير الماضي.
ويرصد الناير النتائج المتوقعة لرفع الحظر والمتمثلة في حرية التحويلات المصرفية من وإلى السودان، وحرية التجارة وحركة الصادرات والواردات دون أي عقبات من البنوك الخارجية. ويقول إن الدين الخارجي وملف نادي باريس تظل قضايا عالقة بسبب عدم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلى حين الوصول إلى تسوية مع الإدارة الأمريكية في هذا الملف.
ويضيف إن حال الاقتصاد السوداني لن ينصلح برفع العقوبات مباشرة، مشيرا لوجود العديد من التحديات الأخرى وعلى رأسها استثمار المناخ الإيجابي الذي يحدثه القرار. وأكد أن الدولة لم تستفد شيئا يذكر من قرار رفع الحظر جزئيا والذي تم في مطلع العام الحالي.
وحدّد جملة من الإجراءات على الخرطوم أن تقوم بها ومنها العمل على استقرار سعر صرف العملات الحرة من خلال تحقيق معدلات عالية وزيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة نسبة الصادرات من السلع التي يمتلك السودان فيها ميزة نسبية وتقليل حجم الواردات وسد الفجوة في العجز بين الصادرات والواردات والذي يبلغ خمسة مليار دولار في العام.
وأكّد الناير أن هذه المعالجات تحتاج لفترة زمنية تمتد من عامين إلى ثلاثة أعوام مما يحتم – وعلى وجه السرعة – استغلال تحويلات المغتربين عبر تشجيعهم وتحفيزهم وترشيد الإنفاق العام وترتيب أولويات الصرف الحكومي.
وعدّد المحلل الاقتصادي خالد التيجاني، في محاضرة سابقة بخصوص هذا الموضوع، المجالات التي تأثرت بالعقوبات، معتبرا أن التأثير المباشر وقع على المواطنين «لكن التأثير السياسي هو الأكبر والذي تمثّل في تقسيم السودان إلى دولتين وكذلك تحول النظام من برنامجه الأيديولوجي الطامح للتغيير في المنطقة إلى نظام تابع للنموذج الغربي بل يحاول استرضاء الغرب بكل السبل» وأشار إلى أن الخرطوم قدمت تنازلات كبيرة في مواقفها ولا تزال مستمرة في هذا الاتجاه.
وقال خالد التيجاني إن السودان لم يستفد من الرفع الجزئي للعقوبات في كانون الثاني/يناير الماضي، خاصة في إنعاش النظام المصرفي «إذ لا تزال البنوك العالمية حذرة جدا في التعامل مع الخرطوم وتنتظر ما يسفر بعد انتهاء المدة المحددة للرفع الجزئي» وبيّن أن أحد عشر مصرفا عالميا تعرض لخسائر فادحة تجاوزت في جملتها 18مليار دولار بسبب تعاملها مع الحكومة السودانية أثناء فترة الحصار.
وأوضح أن الاستثناءات التي منحت للحكومة السودانية طوال فترة الحصار، لم تتم الاستفادة منها وانتقد غياب الدراسات التي تحدد تأثير هذه العقوبات على كافة مجالات الحياة في السودان، مشيرا إلى أن بنك السودان (المركزي) أنجز 18دراسة في الفترة الماضية خلت جميعها من موضوع العقوبات.
وكانت أمريكا قد رفعت الحظر الاقتصادي جزئيا عن السودان في 2015 وسمحت باستيراد أجهزة الاتصالات والتقانات المتصلة بها وذلك من أجل تعزيز حرية التعبير ومساعدة السودانيين على التواصل فيما بينهم ومع العالم أجمع، حسب ما ذكره المبعوث الأمريكي للسودان آنذاك دونالد بوث، الذي أكد ان بلاده قررت السماح للسودان باستيراد الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر وبرامجها وجميع البرامج المرتبطة بتقنية الاتصالات.
ويرى مراقبون أن علاقات أمريكا مع دول العالم المختلفة تقوم على المصالح في المقام الأول ويشير البعض إلى أن السبب الأساسي للمرونة التي أحدثتها واشنطن في علاقاتها مع الخرطوم يعود للحوار المستمر وإنجاز السودان للعديد من الملفات، خاصة المتعلقة بالهجرة غير الشرعية وتهريب البشر.
ورغم الحصار الذي استمر قرابة العشرين عاما فإن أمريكا أخرجت الصمغ العربي الذي ينتج السودان منه نحو 80٪ من الإنتاج العالمي، من دائرة الحصار. فكان الصمغ هو السلعة الأولى التي كسرت الحصار الاقتصادي، إذ اقتضت مصلحة واشنطن، التي تستورد من السودان نحو 40٪ من وارداتها من الصمغ، ان لا يشمل الحظر هذه السلعة، مما يعزز فرضية أن مصلحة أمريكا أولا.

السودان: تفاؤل برفع الحصار الأمريكي المفروض منذ عشرين عاما

صلاح الدين مصطفى

موجة سخرية غير مسبوقة في السعودية والعالم العربي بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة

Posted: 30 Sep 2017 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: شهدت السعودية موجة سخرية غير مسبوقة بعد صدور القرار الملكي بالسماح للمرأة بقيادة السيارات. وغرقت شبكات التواصل الاجتماعي داخل المملكة وفي كل أنحاء العالم العربي بالسخرية من الحرام الذي سرعان ما تحول إلى حلال، وهو ما اضطر وسائل الإعلام الحكومية في السعودية إلى تحذير الساخرين من «عقوبات قاسية».
وأصدر الملك سلمان في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء الماضي قراراً يقضي بالسماح للمرأة بقيادة السيارات، وأمر باستصدار رخص لقيادة السيارات للذكور والإناث على حد سواء، وذلك بعد عقود طويلة من مطالبات النساء السعوديات بالسماح لهن بقيادة السيارة فيما كان المبرر طوال السنوات الماضية الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء وعن مفتي المملكة والتي تفيد بتحريم السماح للمرأة بقيادة السيارة.
وقالت جريدة «دايلي ميل» إنه بتنفيذ القرار الصادر عن الملك سلمان في منتصف العام المقبل 2018 تكون السعودية هي آخر دولة في العالم تسمح للمرأة بقيادة السيارة، حيث لن تعود المرأة ممنوعة من قيادة السيارة في أي دولة في العالم.
واشتعلت كافة شبكات التواصل الاجتماعي بالسخرية من القرار فور صدوره، وامتدت السخرية إلى تداول مئات الصور والرسوم الضاحكة بعد القرار، فضلاً عن أن النشطاء والمغردين أمضوا الساعات والأيام اللاحقة لصدور القرار في التندر عليه والسخرية منه، على الرغم من أنه لاقى ترحيباً واسعاً.
وربط الكثير من المغردين القرار بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابنته ايفانكا إلى المملكة، حيث رأى كثير من المغردين أن القرار جاء تنفيذاً لطلب من ترامب أو ربما من ابنته ايفانكا التي فوجئت عندما زارت الرياض أن النساء ممنوعات من قيادة السيارات، ووصل الأمر بأحد المغردين على «تويتر» أن خاطب ترامب على حسابه مباشرة قائلاً: «نبي خمر يا ترامب»، في إشارة ساخرة منه إلى أن القرار تنفيذ لأوامر من ترامب، وأن هذا الأخير لو طلب السماح بشرب الكحول في المملكة لفعلت الحكومة دون تردد.

عقوبات قاسية

واضطرت وسائل الإعلام الحكومية في السعودية إلى التحذير بشكل مباشر من «عقوبات قاسية» في حال استمرت السخرية من القرار الملكي، في محاولة لوقف الموجة غير المسبوقة التي أغرقت العالم العربي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ووفقا لصحف سعودية، فإن السخرية من قرار قيادة المرأة، تعد «سخرية من أمر ملكي» وبالتالي فإن ذلك يستوجب فرض عقوبة بموجب القوانين.
والعقوبة المفروضة على الساخرين من القرارات الملكية في السعودية هي السجن مدة تصل إلى 5 سنوات أو غرامة 3 ملايين ريال.
ورغم السخرية الواسعة من القرار في أوساط السعوديين والعرب، إلا أن الناشطين السعوديين امتنعوا عن انتقاد القرار بمن فيهم المشايخ ورجال الدين الذين كانوا حتى قبل شهور قليلة يحرمون قيادة المرأة للسيارة، ويُسهبون في الحديث عن أضرار تولي النساء قيادة السيارات في البلاد.

فتاوى متناقضة

وعلى الرغم من صدور عشرات الفتاوى في المملكة التي تُحرم قيادة المرأة للسيارة، إلا أن رجال الدين سرعان ما انقسموا قسمين فور صدور القرار الملكي، أما القسم الأول فالتزم الصمت وفضل عدم الحديث عن القرار لا بالتأييد ولا بالانتقاد، أما الثاني الذي أثار دهشة الكثير من المتابعين فهو الذي كان حتى الأمس القريب يُفتي بالتحريم، وسرعان ما تحول إلى التحليل، ومن بين هؤلاء هيئة كبار العلماء، وهي أعلى سلطة دينية في المملكة والتي نشرت تغريدة عبر حسابها الموثق على «تويتر» تمتدح فيه القرار الملكي وتعتبر أن الملك سلمان رأى مصلحة العامة ونفذها.
وكتبت الهيئة في تغريدتها: «حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه في ضوء ما تقرره الشريعة الإسلامية» لتتناسى الهيئة بذلك العديد من الفتاوى التي صدرت عنها وعن مفتي المملكة الحالي والمفتي السابق، وفتوى أيضاً صدرت عن الشيخ عبد العزيز بن باز قبل سنوات.
أما الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً، والذي لطالما كان ينفذ أمر منع قياد المرأة للسيارات وبصرامة شديدة، فغرد على «تويتر» قائلاً: «الأمر السامي بالسماح لقيادة المرأة للمركبة ليس فيه مخالفة شرعية، والمرأة تختار ما يحقق مصلحتها».
وأضاف في تغريدة ثانية: «صدر أمر سامي بالسماح للمرأة بقيادة المركبة، وهذا يساعد على الاستغناء عن السائق الأجنبي وما فيه من محاذير وسلبيات، ولا يوجد ما يمنع شرعاً من ذلك».
وذكر الأمر الملكي أن علماء السعودية «هيئة كبار العلماء» رأت أن «الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن».
وكان مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كِبار العلماء، عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، أصدر فتوى في شهر نيسان/أبريل الماضي، أي قبل خمسة شهور فقط من القرار الملكي قال فيها إن «إغلاق وسائل الشرور واجبة، ومنها قيادة المرأة للسيارة التي تفتح أبواب الشرور».
كما أن مفتي المملكة السابق ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن باز كان قد أصدر فتوى لا تزال موجودة على موقع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية يقول فيها: «لا يجوز للمرأة أن تسوق السيارة في شوارع المدن ولا اختلاطها بالسائقين؛ لما في ذلك من كشف وجهها أو بعضه، وكشف شيئا من ذراعيها غالبا، وذلك من عورتها، ولأن اختلاطها بالرجال الأجانب مظنة الفتن ومثار الفساد».
أما عضو هيئة كبار العلماء وأحد أشهر مشايخ المملكة محمد بن صالح العثيمين فظل متمسكا بفتواه حتى وفاته والتي يقول فيها «إن من يثير شبه قيادة المرأة السيارة من الأساتذة الأكاديميين دون سؤال من طلبة العلم يجب أن ترفع شكوى عليه لأن في قلوبهم زيغ». وقال إن «ما ينتج من قيادة المرأة من آثار سيئة هو المحرم وليس فعل القيادة بذاته» وأضاف: «كل المفاسد المترتبة على قيادة المرأة تقتضي منعها من قيادة السيارة».

سخرية واسعة

وانتشرت العديد من الصور الساخرة على الانترنت إضافة إلى تعليقات تسخر من القرار الملكي، حيث كتب أحد المدونين على «فيسبوك» ساخراً من علماء الشريعة في السعودية: «المؤلفات التي ستخرج قريباً: الإنارة في جواز قيادة المرأة للسيارة/ النوتيلا في وجوب أن تقود المراة التّريلا/ القول النفيس في أهمية أن تفحط المرأة في السرفيس/ نقض الأقوال المتشاحنة في أن تقود المرأة الشاحنة».
وكتب المدون على «فيسبوك» علاء أبو دياب ساخراً من القرار: «الضوابط الشرعية لقيادة المرأة:
- يجب على المرأة الجلوس في المقعد الخلفي أثناء القيادة لأنه أستر لها.
- وجود السائق الوافد معها لتغيير أي بنشر محتمل.
- يُمنع على المرأة عمل حوادث مع غير محارمها.
- موافقة ولي أمرها وولي أمر السيارة وولي أمر الشارع وولي أمر الدوار والمطب والاشارات وشرطي المرور والمشاة وكل ولي أمر يُفكر أن له علاقة بالأمر».
وكتب أحد المغردين «منعوا قيادة المرأة .. قالوا قرار صائب! سمحوا لقيادة المرأة.. قالوا قرار صائب! هذا وضع شعوب العرب!».
وعن تصريح سابق لمفتي السعودية قال فيه «قيادة المرأة السيارة أمر خطير يفتح أبواب الشرور.. مطلوبٌ ألا نقرّه» علّق المغرد القطري عيسى بن ربيعة «فيه update جديد للفتوى حسب الطلب».
وكتب الصحافي السوداني فوزي بشرى «انتصرت المرأة في السعودية. السؤال أين ستذهب السلطة بكل ذلك التراث الفقهي المجرم لقيادة النساء للسيارة والذي قدم على أنه الدين الحق؟».

حملة رافضة

وأطلق نشطاء سعوديون في اليوم التالي للقرار حملة واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي ضد قيادة المرأة للسيارة، حيث انتشر الهاشتاغ «#الشعب_يرفض_قياده_المرأه» ووصل إلى لائحة الوسوم الأكثر تداولاً في السعودية وفي العالم على «تويتر».
وكتبت إحدى المغردات «ما راح نسوق وأنكرنا المنكر ونشهد الله أننا نبرأ إليه منه من كل معصيه لكن والله إن تزول هالنعم بسبب الفساد #الشعب_يرفض_قيادة_المرأة».
وقال آخر «#الشعب_يرفض_قيادة_المرأة نرفض بشده وإن عرف المجتمع أقره الشرع واخذ به لذا فإن اغلبية المجتمع ترفض قيادة المرأه وعلى الجميع احترام رغبة الشعب».
وأضاف ثالث: «يكفي ما حدث في اليوم الوطني! غابت الهيئة فخرج أقذر الناس من جحورهم! إلى أين يا قبلة المسلمين #الشعب_يرفض_قياده_المرأة».
وغرّد آخر: «#الشعب_يرفض_قيادة_المرأة نحن شعب لنا خصوصيتنا وعقيدتنا الخاصة بنا فلذلك ما يجوز للغير لا يجوز لنا، نرفض قيادة المرأة للسيارة جملةً وتفصيلا».

موجة سخرية غير مسبوقة في السعودية والعالم العربي بعد السماح للمرأة بقيادة السيارة

مغردون يكشفون: صورة الطائرة القطرية في تل أبيب مفبركة وهذا هو الدليل

Posted: 30 Sep 2017 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن مغردون ونشطاء قطريون على الانترنت من اكتشاف حقيقة الصورة المفبركة التي انتشرت على الانترنت خلال الأيام الماضية وظهرت فيها طائرة قطرية في مطار بن غوريون الإسرائيلي في تل أبيب، وهي الصورة التي أثارت جدلاً واسعاً وتم تداولها في أعقاب الأنباء عن زيارة سرية لمسؤول سعودي إلى إسرائيل.
ورغم أن عملية الفبركة كانت متقنة وتشير إلى أيدي محترفة وراءها، إلا أن نشطاء قطريين تمكنوا من الوصول إلى الصورة الأصلية التي تعود إلى العام 2015 وفضحوا عملية الفبركة بنشر الصورة الأصلية الحقيقية، وبجانبها الصورة التي تمت إضافة الطائرة القطرية إليها.
وكانت الصورة المفبركة قد تم تداولها على نطاق واسع من قبل المغردين والنشطاء السعوديين المحسوبين على النظام، وقال بعض المعلقين إن الذين تداولوا الصورة إنما فعلوا ذلك بأوامر من جيش الكتروني منظم يستهدف قطر على الانترنت في إطار حملة الحصار التي تقوم بها أربع دول عربية.
ولا تقيم دولة قطر أي علاقات مع إسرائيل، كما أن الطيران القطري لا يهبط في أي مطار إسرائيلي، فيما الطيران الإسرائيلي أيضاً ليس مسموحاً له بالهبوط في مطار الدوحة أو حتى المرور عبر الأجواء القطرية.
وكشف المغردون القطريون الصورة المفبركة، فنشروا الصورة الأصلية التي تعود إلى عام 2015 قبل أن يقوم المفبركون بتركيب صورة للطائرة القطريّة على يمينها.
ونشر عيسى بن ربيعة الصورة الأصلية وتلك المفبركة، قائلاً: «نعلم جميعاً بأن دليم وأبواقه امتهنوا الفبركة والتدليس منذ بداية الأزمة، هذه صورة تبين تدليسهم، خصوصاً بعد أن زار مسؤول سعودي إسرائيل».
و»دليم» هو إشارة إلى المستشار الإعلامي في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني الذي يطلق عليه النشطاء اسم «دليم» منذ ظهوره في الحملة الإعلامية التي تستهدف دولة قطر.
وكتبت نورا رداً على الحساب المُفبرك «شوف يا غبي بغششك حطيت لك صورة الطيارة الحقيقية ثاني مرة فبرك صح ولا تخلي عمود العلم الإسرائيلي يبين».
وغرّد بن راشد «شاطر في التزوير يا توفيق». وقالت نورة «الصورة من 2015 وفوتوشوب واضح يا توفيق».
وتبين من الصور المتداولة أن الصورة مسروقة من جريدة «القدس العربي» التي نشرتها بالفعل في العام 2015 مع خبر عن رفض الأردن بناء مطار دولي إسرائيلي جديد بمحاذاة مدينة العقبة، وهي صورة ربما تكون من إحدى وكالات الأنباء العالمية، حيث تمت سرقة الصورة ومن ثم تركيب صورة الطائرة القطرية بداخلها للادعاء أن الأمير الخليجي الذي زار إسرائيل سراً مؤخراً ليس سعوديا وإنما هو أمير قطري أو مسؤول من دولة قطر.

مغردون يكشفون: صورة الطائرة القطرية في تل أبيب مفبركة وهذا هو الدليل

علماء قد يفككون لغز الإشارات الواردة للأرض من مخلوقات فضائية

Posted: 30 Sep 2017 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء الفلك أخيراً من تفكيك اللغز الذي أعجزهم طوال العقود والسنوات الماضية، والمتعلق بإشارات واردة من الفضاء إلى كوكب الأرض يسود الاعتقاد أنها من مخلوقات تعيش خارج كوكبنا وتحاول استكشافنا.
وقال العلماء مراراً إن هذه الإشارات عبارة عن «رشقات راديوية بالغة السرعة تأتي من الفضاء وتتضمن طاقة لا تُصدق، واعترفوا ً أنهم لا يملكون أي تفسير علمي ولا يعرفون عن هذه الإشارات أي شيء، فيما ذهب كثير من العلماء أيضاً إلى الاستسلام لفرضية وجود مخلوقات فضائية غريبة تحاول الوصول إلى كوكبنا وقد تغزونا يوماً ما.
وتمكن أخيراً التلسكوب الخارق الذي يحمل اسم «آيسكوب» من تفكيك اللغز الذي لطالما حيَّر العلماء وأعجزهم، حيث أمد علماء الفلك ببعض المعلومات عن هذه الموجات والاشارات الغريبة التي يطلقون عليها اسم «FRBs» وهي إشارات تتضمن طاقة هائلة ترد من الفضاء باتجاه كوكب الأرض ويقول العلماء إن مصدرها يبعد عن كوكب الأرض مليارات السنوات الضوئية.
وقال عالم الفلك غاستن فاندنبروك من جامعة ويسكنسون الأمريكية «إنها درجة جديدة من الأحداث الفضائية، حيث نحن ما زلنا نعرف القليل جداً عن هذه الموجات والإشارات».
وأضاف: «نحن نأمل أن يتمكن آيسكوب، وهو الأكبر والأكثر حساسية في العالم، أن يساعد في فك لغز الإشارات التي تتضمن طاقة قوية والتي تصل إلى كوكب الأرض بين الحين والآخر».
وكانت الإشارات الواردة إلى الكرة الارضية والمشار إليها قد تم التقاطها لأول مرة في العام 2007 من قبل راصدي الفلك في أستراليا، لكن هذه الاشارات تم التقاطها مرات عديدة في وقت لاحق، فيما اعتبرها العلماء منذ ذلك الحين لغزا لم يتمكنوا من تفكيكه ولا حله.
ويسود الاعتقاد منذ عشر سنوات أن هذه الإشارات التي وردت إلى كوكب الأرض ليست سوى دليل على أن ثمة مخلوقات فضائية موجودة بالفعل لكن البشر لم يتمكنوا حتى الان من اكتشافها ولا الوصول اليها.
وتقول جريدة «دايلي ميل» في تقرير إن تلسكوب «آيسكوب» تمكن أخيراً وبدعم من مؤسسة العلوم الوطنية في الولايات المتحدة، وهي جهاز حكومي أمريكي، من التقاط عدد من الاشارات العابرة التي لها صلة بالاشارات المعروفة باسم (FRBs)، وهو ما يمكن أن يؤدي لاحقاً إلى حل لغزها، وبالتالي إثبات أو نفي وجود مخلوقات فضائية في كواكب ونجوم أخرى.
وعادة ما تمر الإشارات العابرة إلى كوكب الأرض من الخارج بشكل متقطع وعشوائي وغير منتظم، كما أنها تمر من كوكب الأرض بسرعة ولا تتمكن سوى أجهزة التلسكوب والرصد الحديثة وبالغة التطور من رصدها.
لكن «آيسكوب» تمكن أخيراً من رصد إشارة متكررة واحدة بالقوة والمضمون نفسه، وأطلق عليها العلماء إسم (FRB 121102) من أجل رصدها في المستقبل، وتبين أن مصدر هذه الإشارة كوكب يبعد عن الكرة الأرضية مسافة ثلاثة مليارت سنة ضوئية.
ويقول الباحثون إن الميزة الأساسية التي يتمتع بها «آيسكوب» هو أنه يتيح مجالاً للرؤية بشكل واسع جداً مقارنة بغيره من التلسكوبات البصرية والراديوية الموجودة في العالم.
ويشهد العالم جدلاً واسعاً وحقيقياً بخصوص وجود مخلوقات فضائية خارج كوكب الأرض، فيما ذهب بعض العلماء إلى التحذير من محاولة الاتصال بهذه المخلوقات لأنها قد تتسبب في تدمير كوكبنا لو شنت هجوماً عليه، حيث كان عالم الفيزياء البريطاني المعروف ستيف هوكينج حذر من هذا السيناريو مراراً وتحدث عنه منذ العام 2010. وقال إن التحرش بحضارة متقدمة غريبة خارج كوكبنا قد يجعلها لا تتورع عن محو الجنس البشري على كوكب الأرض من أجل استيطانه على نفس طريقة محو الإنسان لمستعمرات النمل.
وقال مؤخراً إن البشر لديهم تاريخ رهيب من سوء معاملة بعضهم البعض، وحتى ذبح غيرهم من الثقافات الإنسانية الأقل تقدما من الناحية التكنولوجية، إذا لماذا يجب أن تكون الكائنات الغريبة مختلفة في تصرفاتها عن البشر، إذا كان البشر أنفسهم يفعلون ذلك؟
وكانت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أكدت في نيسان/آبريل الماضي لأول مرة احتمال وجود مخلوقات فضائية غريبة تعيش خارج كوكب الأرض، حيث أعلنت اكتشاف أحد الأقمار التي تحيط بكوكب زحل، وقالت إنه يتضمن ظروفاً ومواصفات ومعايير يمكن معها أن تكون الحياة ممكنة لمخلوقات وكائنات غريبة من غير الجنس البشري.
وحسب دراسة أجراها علماء في «ناسا» ونشرتها مجلة «جورنال ساينس» فإن القمر «إنسيلادوس» القريب من كوكب زحل هو المكان الوحيد خارج الأرض الذي تمكن العلماء من الوصول إلى دليل مباشر على أنه يحتوي على مصادر للطاقة تجعل الحياة على سطحه أمراً محتملاً لكائنات ومخلوقات فضائية.
وتفيد المعلومات بأن «إنسيلادوس» هو سادس أكبر الأقمار المحيطة بكوكب زحل، ويقع في قطر دائرة يبلغ طولها 500 كلم، وبذلك فحجمه لا يزيد عن 10 ٪ فقط من أكبر الأقمار التي تحيط بكوكب زحل، لكن مواصفاته تختلف تماماً عن باقي الأقمار، أما دورته المدارية فتبلغ 33 ساعة، أي أن اليوم على هذا القمر قوامه 33 ساعة.
ووفق نتائج دراسة «ناسا» فإن القمر يتضمن محيطاً مائياً، وفيه أعمدة من الثلج تتضمن هيدروجين يأتي من فتحات حرارية مائية، وهو ما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأنه يحتوي على بيئة مشابهة لتلك التي كانت موجودة على الكرة الأرضية وقادت إلى نشوء الحياة قبل أربعة مليارات سنة.
وتم التوصل إلى هذا الاكتشاف بعد تحليل المعلومات التي وردت من بعثة استقصاء أرسلتها «ناسا» إلى الفضاء لاستطلاع كوكب زحل وانتهت في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي من مهمة استمرت 13 عاماً.
وفي وقت لاحق لاكتشاف الكوكب القريب من «زحل» التقطت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة «ناسا» صورا تظهر بنية دائرية غامضة بالقرب من شكل ثلاثي على سطح كوكب المريخ.
وعلى الرغم من أن الأجسام قد تكون مجرد صخور إلا أن بعض المختصين والعلماء والمتابعين قالوا إنها من المستحيل أن تكون صخورا طبيعية، وأن القبة تبدو اصطناعية، وتؤكد أن الصور لم يتم تغييرها أو التلاعب بها.
ونقلت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية عن مختصين قولهم: «لدينا قبة تبلغ 50 قدما واضحة، مع أنابيب تخرج من جهة اليسار وشكل آخر أيضا على شكل هرم يبعد نحو 500 قدم من الجسم الآخر» مشيرين إلى أن «هذه الصور دليل على وجود مخلوقات فضائية على المريخ أو بشر استعملوا سرا الكوكب الأحمر».

علماء قد يفككون لغز الإشارات الواردة للأرض من مخلوقات فضائية

«تويتر» تدرس مضاعفة التغريدة لتصبح 280 حرفاً

Posted: 30 Sep 2017 02:02 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: بدأت شركة «تويتر» العالمية التراجع تدريجياً عن الفكرة الأساسية من شبكتها العالمية التي تحولت إلى واحدة من أهم المنابر المؤثرة في العالم، حيث كانت الفكرة تقــوم أســاســاً على تقييد كل تدوينة بـعــدد محـــدود من الــحــروف حفاظاً على الاختــصـار وتماشـــياً مع عصر الانترنت الذي جعل الناس يتصفحون بسرعة.
وفي أحدث مؤشر على تفكير الشركة بالتراجع عن هذه الفكرة التي كانت الفيصل والفارق بين «تويتر» وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي المنافسة؛ بدأت إدارتها اختبار مضاعفة عدد حروف التغريدة لتصبح 280 حرفاً بدلاً من 140. على أن هذه الاختبارات التي بدأتها الشركة بالفعل طالت عدداً محدوداً من المستخدمين بانتظار اتخاذ القرار النهائي بشأنها وتعميمها على كل المستخدمين في العالم.
وقالت الشركة إنها تأمل من هذا التحرك الجديد أن تحد من عمليات «حشر» الأفكار التي يضطر إليها المستخدمون في تغريداتهم، وهي عمليات حشر أو اختصار تؤدي في كثير من الأحيان إلى اختلال الفكرة أو عدم وصولها للمتلقين بالشكل الصحيح.
وقالت شبكة التواصل الاجتماعي العالمية: «نحن نريد من كل شخص في العالم أن يُعبر بسهولة عن نفسه على تويتر، ولذلك فاننا نعمل حالياً على شيء ما جديد، نحن نعمل من أجل رفع الحد الأعلى للحروف المسموح بها في التغريدة الواحدة لتصبح 280 حرفاً، وذلك بالنسبة للغات التي تتأثر بحشر الأفكار، ما يعني أن هذا لن يشمل اللغات: اليابانية والصينية والكورية».
ونقلت جريدة «دايلي ميل» البريطانية في تقرير عن متحدثة باسم «تويتر» أليزا روزن قولها إن «محاولة حشر الأفكار في تغريدة معضلة يمر بها الجميع وتسبب له الألم».
وأضافت: «لكن المثير للدهشة أن هذه ليست مشكلة بالنسبة لكل الناس على تويتر، فعلى سبيل المثال عندما أقوم بالتغريد بالانكليزية أقوم باستهلاك 140 حرفاً بسرعة، ومن ثم أضطر لتحرير التغريدة من أجل اختصارها ومن أجل أن تستوعب الفكرة، وأحياناً أضطر لحذف كلمة أو تعبير مهم من التغريدة، وأحيانا أيضاً أتراجع عن إرسال التغريدة بشكل كامل، لكن عندما يقوم شخص آخر بالتغريد مستخدماً اللغة اليابانية فإنه لا يواجه المشكلة نفسها، حيث يتمكن من وضع فكرته بينما لا تزال هناك مساحة متوفرة أمامه لكتابة المزيد».
وقالت شركة «تويتر» إنها وجدت نسبة قليلة من التغريدات التي يتم نشرها باستخدام اللغة اليابانية تكون قد استهلكت الـ140 حرفاً، وهو الحد الأعلى المسموح به للتغريدة الواحدة. وأفادت أن 0.4٪ فقط من التغريدات اليابانية يتم إرسالها وقد استنفدت الـ140 حرفاً، بينما ينجح الباقون في إيصال فكرتهم ضمن الحدود المسموح بها للتغريدة ولا يواجهون أي مشاكل في ذلك.
ووجدت الشركة أن هذه النسبة ترتفع بين التغريدات باللغة الانكليزية لتبلغ نسبة التي تستنزف كل المساحة المتاحة 9٪.
كما قالت الشركة إن النسبة الأكبر من التغريدات في اليابان تتكون من 15 حرفاً فقط، بينما معظم التغريدات المنشورة على الشبكة باللغة الانكليزية تتكون من 34 حرفاً.
وقالت روزن: «وجدنا في البحوث التي أجريناها أيضاً أنه في كل الدول والأسواق واللغات فإن الأشخاص الذين لا يكونوا مجبرين على حشر أفكارهم في 140 حرفاً، وتكون لديهم مساحة احتياطية إضافية فانهم يقومون بالتغريد أكثر، وهذا شيء رائع».
وعلى الرغم من كل هذه البحوث والأرقام والبيانات فإن شركة «تويتر» تؤكد أنها لم تتخذ حتى الآن قرارها النهائي بشأن مضاعفة الحد الأعلى المسموح به من الحروف لكل تغريدة، حيث لا زالت تجري تجاربها بهذا الصدد من أجل اتخاذ القرار المناسب في وقت لاحق.
ويأتي التوجه الجديد للشركة في الوقت الذي ظهرت فيه عشرات المواقع الرديفة التي تقدم للمغردين خدمات التدوين المطول، ومن ثم تتيح لهم رابطاً قصيراً ينشرونه ضمن تغريداتهم ذات الـ140 حرفاً، وذلك في محاولة لحل مشكلة قلة الكلمات المسموح بها على «تويتر» وعدم قدرة كثير من الناس على إيصال فكرته أو تعليقه بواسطة هذه الحروف القليلة.
وكانت الشركة قرَّرت مؤخراً عدم احتساب الروابط والمرفقات ضمن الحدود المسموح بها للتغريدة، فبات في مقدور المغردين إرفاق الصور وتسجيلات الفيديو أو روابط المواقع دون أن يستهلك هذا من الحدود المسموحة لتغريداتهم شيئاً.
وتعتبر «تويتر» المنافس الأكبر والأقوى لشبكة «فيسبوك» العالمية التي أصبح أكثر من مليار وربع مليار إنسان مشتركين في خدماتها، بينما تعمل على اجتذاب من تبقى من البشر على وجه الكرة الأرضية لتصل إلى مرحلة يُصبح فيها كل شخص في العالم له حساب على «فيسبوك».

«تويتر» تدرس مضاعفة التغريدة لتصبح 280 حرفاً

تكنولوجيا جديدة لكتابة الرسائل بدون استخدام اليدين

Posted: 30 Sep 2017 02:02 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: ابتكرت شركة أمريكية تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، تكنولوجيا جديدة لقراءة الأفكار في الدماغ وكتابة الرسائل دون الحاجة إلى لمس لوحة المفاتيح في الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، وهو ما يعني أنه سيتم الاستغناء عن اليدين لأول مرة في الطباعة.
وقالت جريدة «صن» البريطانية التي نشرت تقريراً عن هذه التكنولوجيا الجديدة والخارقة إنها قد تصبح متاحة بحلول العام 2020.
وتقوم هذه التكنولوجيا بكتابة النص بعد التقاط الإشارات التي يرسلها الدماغ إلى الأصابع، فبدلاً من استخدام الأصابع في الكتابة يقوم الجهاز بكتابة الأفكار فوراً دون الحاجة إلى اللمس.
وابتعدت شركة (Ctrl-Labs) صاحبة هذه التكنولوجيا عن فكرة الأسلاك في التصميم، إذ تستخدم جهازا يسمى الذراع الكهربائية لمراقبة عضلات اليد. وهذا يعني أنه يمكنك الكتابة دون لمس لوحة المفاتيح، وإنشاء النص عن طريق التفكير بالكلمات فقط.
وقام خبراء علم الأعصاب الدكتور باتريك كايفوش والدكتور توماس ريادون الذي أنشأ متصفح «إنترنت إكسبلورر» بتأسيس الشركة.
واستُخدمت التكنولوجيا بالفعل لتدريب المرضى على استخدام اليد الافتراضية، قبل إجراء عمليات زراعتها.
ويأمل الباحثون أن يتمكنوا من تقليص حجم الأداة لتصبح على شكل حزام الساعة بحلول عام 2018 حتى يتمكن الأشخاص من البدء في تدريب الأجهزة لاستخدامها في الاتصالات اليومية.
وقال الدكتور كايفوش: «نعمل على تطوير أنظمة لربط المخرجات العصبية الخاصة بالآلات بشكل محكم، كما لو أنها متصلة بالعضلات التي تتحكم في خطابك».
وقد لا يبدو الأمر بعيد المنال في ظل استثمار عمالقة التكنولوجيا أمثال، مارك زوكربيرغ وإيلون موسك، مئات الملايين في البحث عن تكنولوجيا قراءة العقل.
وقال متحدث باسم «فيسبوك» في وقت سابق من هذا العام، إن قسما سريا في مقر الشركة يجري تجارب فعلية على هذه التكنولوجيا، التي يمكنها التواصل مع سرعة ومرونة الصوت وخصوصية النص.
وتعهد الملياردير إيلون موسك أيضا، بإطلاق الجهاز الذي يربط أدمغة البشر بأجهزة الكمبيوتر في غضون 4 سنوات.

تكنولوجيا جديدة لكتابة الرسائل بدون استخدام اليدين

لأول مرة: روبوت يتخذ القرارات السياسية لمساعدة رؤساء الدول

Posted: 30 Sep 2017 02:01 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: نجح علماء التكنولوجيا أخيراً في ابتكار أحدث صرعات الإنسان الآلي، حيث أنتجوا «روبوت» يمكنه مساعدة الأشخاص العاديين والمسؤولين السياسيين على اتخاذ القرارات المناسبة بما في ذلك التصويت في أي انتخابات أو قرارات يتم التصويت عليها كالقوانين التي تصدر عن البرلمانات.
وهذا الروبوت هو الأول من نوعه في العالم، ويتمتع بذكاء أعلى من أي «روبوت» آخر بسبب كونه لا يقدم مساعدة مادية آلية، وإنما يساعد الشخص على التفكير واتخاذ القرارات المناسبة، لكن هذا النوع من الإنسان الآلي يشكل جرس انذار لخطر كبير يواجه البشرية، وهو أن «الروبوت» قد يحكم العالم يوماً وربما يتفوق في قدراته على البشر العاديين.
ويحمل الروبوت الجديد والخارق اسم (Nigel) وهو متخصص في تقديم المساعدة فيما يخص القرارات السياسية.
وقالت جريدة «دايلي ميل» في تقريرها إن الروبوت «نايغل» قام بتطويره باحثون في شركة «كايميرا سيستيمز»، الأمريكية العملاقة التي تأسست عام 2012 وتختص في بحوث الذكاء الصناعي، وتقول على موقعها الالكتروني إن الخبراء فيها وضعوا نتائج بحوثهم المستمرة منذ أكثر من 60 عاماً في مجال الذكاء الصناعي.
ووصفوا الرجل الآلي الجديد بأنه «أول ذكاء اصطناعي في العالم يحاكي البشر».
وقال منير شيتا، مؤسس الشركة: «نريد أن يثق المستخدمون في الروبوت «نايغل» الذي صُمم لخدمتهم في الحياة اليومية».
ويتمتع الروبوت بقدرته على التعلم ليكون على بينة من الاحتياجات الشخصية، ولفهم طبيعة أنشطة البشر. وأضاف: «نأمل أن يكتسب نايغل المعرفة الكافية في نهاية المطاف، ليكون قادرا على مساعدة الأشخاص في المناقشات السياسية والانتخابات».
وتجدر الإشارة إلى أن الروبوت المطور ما يزال في المراحل الأولى، كما يأمل الباحثون في استخدامه بشكل أوسع في المستقبل.
وفي حين يعتقد البعض أن منح الثقة للروبوتات فيما يتعلق بالقرارات السياسية أمر خطير، يرى شيتا أن الروبوت «نايغل» سيجعل من القرارات السياسية أكثر عدلا.
الجدير بالذكر، أن الروبوت المطور قد يدفع الأشخاص إلى تغيير وجهات النظر، في حال كان القرار لا يتناسب مع أسس خوارزمية «نايغل» ولكن سيتفق مع ميول الأشخاص المتأصلة ولن يكون عائقا أمامها.
يشار إلى أن عالم الذكاء الصناعي يشهد طفرة على مستوى العالم أدت الى قفزة كبيرة في صناعة «الإنسان الآلي» حيث دخل «الروبوت» في كافة مناحي الحياة وبات يتم استخدامه على نطاق واسع في الكثير من الأعمال.
ومؤخراً، تمكن علماء بريطانيون من تطوير روبوتات قادرة على زراعة المحاصيل والعناية بها وحصادها دون أي تدخل بشري.
وفي اختبار لهذه الآلات، قام العلماء في جامعة هاربر آدمز البريطانية بإطلاق مشروع (Hands-Free Hectare) حيث تمكنوا من الاعتماد عليها بشكل كامل في زراعة هكتار كامل من الأرض في مقاطعة شروبشاير بمحصول الشعير، واستطاعت الآلات القيام بجميع مهمات الزراعة والمراقبة والعناية بالمحصول دون أي تدخل بشري.
يشار إلى أن ملايين الوظائف في العالم أصبحت مهددة بالتبخر بسبب انتشار «الروبوت» وحذرت الأمم المتحدة مؤخراً من تأثير هذا الأمر على الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية في البلدان النامية ومن انتفاء الحاجة إلى العمالة الرخيصة، وهو ما يمكن أن يكون كارثياً.
وحسب ما ينقل البنك الدولي عن تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) فان من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي من خلال الاعتماد على النظم الاوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارا في مجال صنع السيارات والالكترونيات.
وجاء في التقرير: «إن زيادة استخدام الروبوتات في البلدان المتقدمة قد تحد من الاعتماد على العمالة المنخفضة التكلفة الموجودة في البلدان النامية، وإذا اعتُبرت الروبوتات شكلا من أشكال رأس المال وبديلا موثوقا للعمال ذوي المهارات المتدنية، فسيؤدي الأمر إلى تقليل حصة العمالة البشرية في اجمالي تكاليف الإنتاج».

لأول مرة: روبوت يتخذ القرارات السياسية لمساعدة رؤساء الدول

صفوف ترحيبية ومحاولة لسد الثغرة الطلاب السوريون في مدارس ألمانيا ومشاكل الاندماج

Posted: 30 Sep 2017 02:01 PM PDT

من أهم المواضيع التي تم طرحها مع وصول موجات اللاجئين إلى ألمانيا، هي القدرة الاستيعابية للمؤسسات القائمة، وإن كان قادرة على تغطية الحاجة التي خلقتها الأعداد المتزايدة من القادمين الجدد، ومن بينها، المؤسسة التعليمية، وإن برزت العديد من المبادرات من المجتمع المدني والأهلي لتعليم الأطفال اللاجئين، إلا أن الأعداد كانت تفوق في الكثير من الولايات القدرة الحقيقية للمدارس الموجودة. من جانب آخر، أظهر عدد من الألمان تحفظهم على المدارس التي بدأت تحتوي على عدد كبير من اللاجئين، فحسب استطلاع للرأي أجراه مجلس المؤسسات الألمانية المعنية بشؤون الاندماج والهجرة، في ربيع 2016، ظهر أن 51% من الألمان لديهم تحفظات على تسجيل أبنائهم في مدارس تحتوي أعدادا كبيرة من الأطفال المهاجرين، وهو الرأي الذي أيده أكثر من نصف الأفراد المنحدرين من أصولٍ تركية، وما بين الأخذ والجذب، يستمر الطلاب اللاجئون في حياتهم المدرسية.

الصفوف الترحيبية

أم أحمد وصلت إلى برلين العام الفائت مع أولادها ضمن عملية لم شمل الأسرة مع زوجها الذي كان هنا منذ سنتين، وكان هاجسها الرئيسي إيجاد فرصة تعليمية لأبنائها في برلين، وتقول: «لم يكن إيجاد المدارس أمراً يسيراً، فهناك أعداد كبيرة جداً من الطلاب بالانتظار». ولكن لا يمر الطلاب السوريون بالمرحلة نفسها التي يمر بها أقرانهم من الألمان، فهناك حاجز اللغة الكبير، بالإضافة إلى الفروق بالمناهج، وتضيف أم أحمد: «عادةً ما يتم وضع الطلاب اللاجئين بما يسمى بالصفوف الترحيبية، والتي تكون أشبه بدورة للغة وتأسيس للحياة المدرسية الألمانية، دون منهاج تعليمي مدرسي حقيقي». لكن هذه الصفوف الترحيبية كانت تثير مخاوف أم جمال، وهي سورية في برلين أيضاً حيث رأت أن هذه الصفوف «لا تسمح لأولادنا الاندماج مع بقية الأطفال، حيث يتقوقع الأطفال مع بعضهم البعض، سوريون وعراقيون واللاجئون من دولٍ أخرى، وهذا ما يمنعهم عن الدخول في المجتمع الحقيقي».
أما علا وهي أم لثلاثة أطفال وتعيش في ولاية بريمن، فما زالت تنتظر أن يحصل أولادها على دور ليدخلوا المدرسة، وتقول: «في بريمن توجد دورات مدرسية قبل بدء المدرسة الحقيقية، وتتراوح مدتها بين الشهرين والسنتين، وغالباً ما تتم المماطلة حسب وجود شواغر في المدارس لفرز الطلاب إليها» وتضيف: «ابنتي في هذا الصف منذ عام، لم أستطع أن أجد لها أي مكانٍ في المدارس المحيطة بنا». لكنها ترى أن الأمر مبرر بشكل من الأشكال، فتقول: «التقيت بأكثر من مسؤول تعليمي، وبالفعل هناك مشكلة في أعداد الكوادر التعليمية والقدرة الاستيعابية للمدارس في بريمن، فهي ولاية فقيرة، ومعظم المعلمين يذهبون للعمل في ولاياتٍ أخرى تكون الأجور فيها أعلى، وهذا ما جعل عدد الأطفال أكبر بكثير من الإمكانيات».

المراهقون هم الأصعب

جنا في الرابعة عشر، لكنها تجد نفسها اليوم مع طلاب الصف السابع، أي من يصغرها بثلاث سنوات، لا فارق بمثل هذه الأرقام في عالم الكبار، لكن بالنسبة لجنا، فإنها الأطول والأكبر في الصف، ما يجعلها تشعر بعدم الارتياح، وقد دخلت مرحلةً عمريةً مختلفة عن زملائها وزميلاتها في الدراسة، وما يثير مخاوفها، هو عدم قدرتها على الحصول على صداقات مناسبة، فالفتيات وحسب جنا في صفها، ما زالت الدمى وألعاب الصغار تثير اهتمامهن، في حين أنها صارت تشعر هذه أمور لم تعد مناسبةً لسنها، فلا أحاديث مشتركة مع الطلاب، إلى جانب النظرة المختلفة، والتي لم تستطع أن تعرف إن كانت تتعلق باختلاف المظهر، أم باختلاف السن، وفي الحالتين لم تكن بالشيء المريح.
جود في الصف الثاني، لم يكن في حاجة لأكثر من شهرين باللغة الألمانية حتى يدخل، دون أن يخسر أي صف، واستطاع على الفور بالدخول في الحياة المدرسية وإيجاد صداقات له، «فالأولاد في هذا السن لا توجد لديهم فروق بين شخص وآخر» هذا ما تخبرنا به والدته، التي ترى أن الفارق كبير بينه وبين شقيقه الأكبر حيدر، الذي كان من المفترض أن يكون في الصف الحادي عشر، وعمره 16 عاماً، فحيدر يعاني صعوبة في تعلم اللغة، كما أنه خسر عدداً من الصفوف. وتضيف أن المدرسة تسبب له كآبة شديدة، حتى أنه بدأ بالتفكير بعدم الحصول على شهادة ثانوية، والاكتفاء بالتعليم الحرفي في الثانوية عوضاً عنها، وهو خيار اتخذه الكثير من المراهقين اللاجئين في ألمانيا.
حول هذا الموضوع تخبرنا أم هادي عن ولديها اللذين كانا من المفترض أن يحصلا على الشهادة الثانوية في سوريا، ولكن وبسبب الحرب، لم يستطيعا إكمال تعليمهما، ليصلا هنا، ويبدآن بالمرحلة الثانوية من أولها، «هادي وهاني صارا اليوم في الصف عينه، العاشر، لكن المدرسة والمرشدين يدفعونهما بشكل أكبر للتعليم المهني، وبالأخص ابني الأكبر هادي، فهو أقل تفوقاً من هاني، وهذا ما جعلهم يعتقدون بعدم قدرته على الحصول على الشهادة الثانوية». وتضيف: «عادةً ما يتم إغراء المراهقين في برلين بأنهم سيحصلون على راتب بعمر السادسة عشرة، مع بداية التعليم المهني، وسيحصلون على عمل على الفور، وهذا ما يجعل الكثير منهم يبتعدون عن التعليم الأكاديمي» وتعتبر أم هادي أن هذا الأمر يبدو أكثر وضوحاً مع الطلاب اللاجئين وتعتقد أن الأسباب تعود «إلى حاجة ألمانيا إلى المزيد من العاملين في المجال الحرفي والمهني أكثر من الأكاديمي، كما أنه قد يكون الطريق الأسهل والأيسر بالنسبة للطلاب الذين لم يتعلموا في المدارس الألمانية منذ البداية».

حلم الروضة

أما الرياض التي تقبل استقبال الأطفال منذ عمر السنة في معظم الولايات حتى دخول المدارس، فإن التسجيل ضمنها (وبالأخص لمن هم تحت الأربع سنوات) يعتبر أشبه بالحلم. ماريا سورية وهي أم لطفل في عمر السنتين، وما زالت تنتظر منذ عام أن يأتي دور تسجيله في الروضة، تقول: «نصحنا الجميع أن الألمان عادةً ما يحجزون دوراً للطفل لدخول الروضة، خلال فترة الحمل، لأن الرياض هنا مكتظة جداً، حيث تعمل معظم الأمهات في وقتٍ مبكر، ولا يستطعن الانتظار لعمر الثلاث أو الأربع سنوات»، وفي الوقت عينه لا تفضل ماريا أن تضع طفلها في رياض المهاجرين أو التي تقوم عليها جالية عربية أو غيرها، حيث تعتبر أنه يشكل نوعاً من العزل الاجتماعي للطفل، الذي يحتاج لأن يكون جزءاً من المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يتم فرزه إلى كانتونات صغيرة.
قد يكون التعليم في ألمانيا متقدماً جداً بالأخص إن ما تمت مقارنته مع المناهج والطرق التربوية المعتمدة في مدارس البلدان العربية، لكن دخول المدارس ليس بالأمر السهل، وتحديداً للطلاب الوافدين حديثاً إليها، حيث سيبقى عائق اللغة والثقافة يخلق عدداً من الحواجز في المرحلة الأولى، لكن وبنظر الجميع، فإن فرص الأطفال ستكون الأكبر بالاندماج في ألمانيا، وبناء حياةٍ متوازنة ربما تكون صعبة على آبائهم.

صفوف ترحيبية ومحاولة لسد الثغرة الطلاب السوريون في مدارس ألمانيا ومشاكل الاندماج

رند صباغ

فرناندو بيسوا: «يوميات»

Posted: 30 Sep 2017 02:00 PM PDT

ترجمة: المهدي أخريف: سبق للشاعر المغربي مهدي أخريف أن ترجم لشاعر البرتغال الحداثي الرائد فرناندو بيسوا (1888ـ1935)، في «كتاب اللاطمأنينة» ومختارات من ديوان «الأغاني» بصفة خاصة. وها هو اليوم يترجم بعض يوميات بيسوا، التي يقول في التقديم إنها نشرت للمرة الأولى بالبرتغالية عام 2007، وهي تؤرخ لمراحل معينة من حياة الشاعر بعد عودته من دوربان، جنوب أفريقيا، بدءاً من السنوات 1906 ـ 1908، ثم 1913 و1915. تُلاحظ بعدئذ «انقطاعات في وتيرة التأريخ في السنوات اللاحقة، ربما بسبب انقطاع المؤلف أكثر فأكثر لأعماله الشعرية والنثرية اللاحقة الموقعة باسمه هو وباسم أنداده، بدون إغفال ما عرفته السنوات الأخيرة من حياته من تفاقم في أزماته الروحية والصحية».
ويضيف أخريف: «ما يلفت الانتباه في هذه اليوميات في المقام الأول هو حفول التدوينات اليومية للسنوات المبكرة الأولى (1906 ـ 1908) بالتفاصيل الدقيقة لحياته الدراسية، علاقاته وانشغالاته الأدبية والفكرية، بينما نجد التدوينات المؤرخة ما بين 1913ـ1915 تنحو منحى التحليل والتعليق على الاحداث الصغيرة والكبيرة الشخصية والعامة، ومن خلالها نتعرف على انخراطه المتزايد في الحياة الثقافية في بلده، وعلى تطور وغزارة إبداعه الأدبي نثراً وشعراً، وكذلك على اضطلاعه بدور رائد في حركة الحداثة الأدبية البرتغالية، فضلاً عن حياته العملية وتوسع علاقاته مع أبرز الأدباء ورموز الحركة الطليعية، بالإضافة إلى مساهمته في السجالات السياسية والثقافية ضد التيارات المحافظة والرجعية».
ويختم المترجم: «لعل ما يمنح هذه اليوميات أهمية خاصة ترفعها إلى مستوى بعض كتاباته الرئيسية هو ما يتخللها من نوعيات كتابية مختلفة ومتنوعة، أدناها بعض الخطاطات والملاحظات البيوغرافية والببليوغرافية، وأعلاها تجسدها تلك النصوص والمقاطع التأملية البيسوية الخالصة بما تفصح عنه من نضج مدهش ومبكر في مقاربة قضايا يومية وذهنية من منظوره الميتافيزيقي الفريد الذي سيظل يُغني رؤيتنا للوجود الإنساني كما عرفناه، في أعماله الأدبية الأخرى».

دار توبقال للنشر، الدار البيضاء 2017

فرناندو بيسوا: «يوميات»

علي كنعان: «غيوم الخشخاش»

Posted: 30 Sep 2017 02:00 PM PDT

هذه هي المجموعة العاشرة للشاعر السوري المخضرم علي كنعان، الذي ينتمي إلى جيل صعد أوائل وأواسط الستينيات، وضمّ أمثال علي الجندي وممدوح عدوان ومحمود السيّد ومحمد عمران. ومنذ مجموعته الأولى، «درب الواحة»، 1966، ظلت شعريات كنعان ترتقي وتتطوّر ضمن معادلة كبرى: أنه كان حامل براءة رعوية مديدة ثاقبة الرؤيا والحسّ والحساسية، وباصرة تصويرية وتشكيلية خارقة، وانتماء نبيل في أتون اغتراب لا يقلّ نبلاً، من جهة أولى؛ وأنه، استطراداً، اقترح شعرية فريدة لم ينهض امتيازها على أوهام حداثة نخبوية جوفاء أو ألعاب تجريب مجانية عزلاء وانعزالية، من جهة ثانية. وتلك معادلة صنعت قسماته الخاصة، وأفردت له مكانة عالية في المشهد الشعري السوري على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، كما ضمنت له صوتاً متميزاً راسخ السمات في حركات التجديد الشعري العربية منذ أواسط الستينيات ومطالع السبعينيات.
هنا مقاطع من «القصيدة»، في المجموعة الجديدة:
لم نزل في ضحوة النيروز
مشوار الأقاصي بين قلبي
واختمار الشغف المكنون
في حلم القصيدة.
لم يزل في الوهلة الأولى
فمن خلّى رحيق الوجد يسري
خارج المعنى؟
ألا خوفَ من الثعبان
أن يندس بين الحاء والباء
ويغتال عروق الياسمين؟
قبل أن ينخطف العاشقُ
في إبحاره الكوني
يستجلى رؤى لونا
ويخفي نكهة التفاح
في خمر القصيدة؟
هلّ نيسان غنياً بالمواعيد
وأنفاس الخزامى تخطف الروح
إلى سدرة عشتارَ
فينساب فتاها
كنسيم الفجر
يبني جنة الأحلام في خدر الأميرة.

دار التكوين، دمشق 2016

 

علي كنعان: «غيوم الخشخاش»

هيلموت مايشر: «فصول من تاريخ الشرق الأوسط»

Posted: 30 Sep 2017 02:00 PM PDT

تحرير: سونيا مايشر الأتاسي: يشير الناشر، في كلمة الغلاف الأخير، إلى أن البروفيسور هيلموت مايشر اهتم لفترة طويلة بمنطقة الشرق الأوسط، وأماكن أخرى من العالم العربي، وشارك في معظم المؤتمرات حول تاريخ هذه المنطقة، وقد ربطته صلات شخصية مع أبرز المهتمين بالدراسات التاريخية والاجتماعية، من أمثال علي الوردي وحنا بطاطو ونجدة صفوت وغيرهم، وكتب العديد من الأبحاث التي نُشرت في أهم المجلات.
وفي هذا الكتاب جمعت ابنته سونيا مايشر الأتاسي، الأستاذة في الجامعة الأمريكية ــ بيروت، عدداً من الأبحاث التي تطل على تاريخ منطقة الشرق الأوسط، ابتداءً من سايكس ـ بيكو وانتهاءً بنتائج حرب الخامس من حزيران (يونيو) عام 1967، والدور الذي لعبه كل من جمال عبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز، وطريقة تعامل الدول الكبرى بما يحفظ مصالحها الاقتصادية والسياسية في هذه المنطقة.
إن ما يميز هذا الكتاب هو أنه يأتي من أستاذ كبير درس ودرّس في أبرز الجامعات الغربية، لكنه يوجه النقد لطريقة عمل «قوى الاستعمار الأوروبية»، مركزاً على العوامل الاجتماعية والدينية والسياسية، مدققاً في «الدوافع التي تحرّك القوى الدولية والإقليمية في سياق مصالحها، وفي سياق التداخل بين التاريخ الأوروبي والتاريخ العربي الذي «ترك آثاراً عميقة في الشرق».
تتناول فصول الكتاب الموضوعات التالية: سير مارك سايكس ونشأة العالم الحديث، عمر المختار والاستعمار الإيطالي ونظرة معاصريه الألمان، العلاقات السعودية ــ الألمانية في عهد الملك عبد العزيز، مصر وعالم المتوسط في الحرب العالمية الثانية، خط التابلاين: بعض المظاهر السياسية والاستراتيجية والقبلية، ألمانيا والمملكة العربية السعودية: التقاءات القرن العشرين، حرب حزيران 1967: جوانب بحثية جديدة؛ فضلاً عن مجموعة صور للبروفيسور مايشر، في ملحق خاص.

دار التنوير، بيروت 2017

 

هيلموت مايشر: «فصول من تاريخ الشرق الأوسط»

«German Literature as World Literature»

Posted: 30 Sep 2017 02:00 PM PDT

«الأدب الألماني بوصفه أدباً عالمياً» مجموعة دراسات أشرف توماس أوليف بيبي على تحريرها، وهي لا تناقش مفهوم الأدب العالمي من زوايا مقابلة لمفهوم الأدب الوطني، بل تطرح إشكاليات جمالية وثقافية أكثر تعقيداً. اللغة، على سبيل المثال، لا يمكن أن تشكّل معيار تقسيم رئيسياً في تصنيف الآداب المختلفة المكتوبة بها: العربية، بالنسبة إلى الآداب السورية أو العراقية أو الفلسطينية أو المصرية…؛ والإنكليزية، في بريطانيا وأمريكا وأستراليا وكندا…؛ والألمانية، في ألمانيا والنمسا وسويسرا ولوكسمبورغ… وهكذا.
الأدب العالمي، في منظور هذا الكتاب، ليس أيضاً ذاك الذي يتصف بسمات كونية خالدة، وعابرة للقارات والحساسيات واللغات، سواء من حيث الموضوعات أو الأشكال أو الأجناس؛ بل هو هذا الأدب تحديداً، بعد أن تولّت إيصاله إلى العالمية مؤسسات متعددة الاختصاصات، في صناعة النشر والتبادل الثقافي تحديداً؛ وحمل أعباء تقديمه أفراد ذاع صيتهم عالمياً لأسباب شتى. كلّ هذا في غمرة افتقار فادح لنظرية نقدية متكاملة، وشافية، حول مفهوم الأدب العالمي، أو حتى تاريخه بالمعنى المدرسي الصرف.
وفصول الكتاب تتناول غوته، هوفمانشتال، ريلكه، بريشت، و. ج. سيبالد، رودولف يوكن، وبول فون هييس؛ لكن اللافت أنّ الأبحاث في عالمية هؤلاء الكتّاب لا تقارب مواقفهم الاستشراقية، وهي كثيرة وافرة في الواقع؛ ولا تنظر بعين ناقدة إلى تورّط بعضهم في مستويات من فهم «الآخر» قد تنتهي إلى نقيض الكونية، وإلى الانعزال القومي أو حتى الإقليمي والمحلي. ريلكه، على سبيل المثال، سافر إلى الجزائر، وبحث في أزقّتها وشوارعها وبيوتها عن مناخات «ألف ليلة وليلة»: عن الحمّالين، والشحاذين، والسحرة، والنساء الشبقات، ثمّ غادرها وهو يعاني ــ مثل أيّ سائح أوروبي في الحقيقة ــ من قصور رؤية البلد على حقيقته. في تونس، مرّ على خرائب قرطاج قبل أن يصل إلى العاصمة؛ فلاحت له أكثر أمانة لمناخات الليالي العربية من الجزائر، بل اعتبر أنها «شرقية حقاً»… هو الذي لم يعرف الشرق إلا من خلال فلوبير ونرفال وحكايات شهرزاد!

Bloomsbury, London 2017.

«German Literature as World Literature»
Thomas Oliver Beebee (editor)

دراسة: فقدان حاسة الشم مؤشر مبكر على الخرف

Posted: 30 Sep 2017 01:59 PM PDT

أفادت دراسة أمريكية حديثة، أن فقدان حاسة الشم قد يكون أحد المؤشرات المبكرة على إصابة كبار السن بمرض الخرف.
الدراسة أجراها باحثون بجامعة شيكاغو الأمريكية، ونشروا نتائجها أمس السبت، في دورية (American Geriatrics Society) العلمية.
وللوصول إلى نتائج الدراسة، أجرى الفريق اختبارا بسيطا لـ 3 آلاف شخص من كبار السن، لرصد مدى قدرتهم على تحديد الروائح.
ووجد الباحثون أن المشاركين الذين لم يتمكنوا من تحديد ما لا يقل عن 4 من أصل 5 روائح في الاختبار كانوا معرضون أكثر من غيرهم بمعدل الضعف لتطور الإصابة بالخرف في غضون 5 سنوات.
وخلصت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين لم يستطيعوا التعرف على روائح النعناع والسمك والبرتقال والورود والجلود احتمال إصابتهم بالخرف مضاعفًا. وأظهرت النتائج أيضًا أن 80% من هؤلاء الذين تعرفوا على رائحتين أو أقل من أصل 5 روائح، تم تشخيص إصابتهم بالمرض بالفعل.
وقال الباحثون إن نتائج الدراسة أظهرت أن قوة حاسة الشم ترتبط ارتباطا وثيقا بوظيفة الدماغ والصحة.
وأضافوا أن فقدان الإحساس بالرائحة ربما يعد علامة مبكرة على أن الدماغ يفقد قدرته على الإصلاح الذاتي، وغالبا ما يكون مؤشرًا مبكرًا لمرض الزهايمر والخرف.
ومرض الخرف، هو حالة شديدة جدًا من تأثر العقل بتقدم العمر، وهو مجموعة من الأمراض التي تسبب ضمورًا في الدماغ، ويعتبر الزهايمر، أحد أشكالها، ويؤدي إلى تدهور متواصل في قدرات التفكير ووظائف الدماغ، وفقدان الذاكرة.
ويتطور المرض تدريجياً لفقدان القدرة على القيام بالأعمال اليومية، وعلى التواصل مع المحيط، وقد تتدهور الحالة إلى درجة انعدام الأداء الوظيفي.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن عدد المصابين بالخرف في 2015، بلغ 47.5 مليون، وقد يرتفع بسرعة مع زيادة متوسط العمر وعدد كبار السن.
(الأناضول)

 

دراسة: فقدان حاسة الشم مؤشر مبكر على الخرف

فتة اللحم المقادير

Posted: 30 Sep 2017 01:55 PM PDT

لحمة شقف حجم وسط
2 ورق غار
3 حبات هيل
مستكة
بصلة
سمن
ملح / فلفل حسب الرغبة
2 كأس رز مصري مفسول مصفى
2 فص ثوم مهروس للأرز
2 ملعقة كبيرة خل للأرز
4 فصوص ثوم مهروس للصلصة
ملعقة صغيرة كزبرة مطحونة
3 ملاعق كبيرة خل للصلصة
3 ملاعق كبيرة معجون بندورة
2 بندورة مقشرة ومفرومة وسط
كأس ماء للصلصة
ماء كافي للحم
خبز عربي مقطع مربعات وسط
زيت
بودرة الثوم
طريقة التحضير

في وعاء على نار متوسطة نضع اللحم ونضيف عليه الماء ويترك ليغلي.
نضيف الهيل وورق الغار والمستكة والبصل ونترك اللحم حتى يستوي.
نرفع اللحمة من المرق وتشوح في وعاء بملعقة سمن وتتبل بالملح والفلفل وتوضع على حدة.
نصفي المرق من الشوائب ونتبل بالملح والفلفل ونضع على حدة.
في وعاء على نار نضع ملعقتين كبار من السمن ونشوح الثوم ثم نضيف الخل .
نضيف الأرز ويشوح لعدة دقايق ثم يضاف 2كأس ونصف من مرق اللحم ويقلب ثم نغطي الوعاء ونتركه ليستوي.
لتحضير الصلصلة نحضر وعاء ونضعه على النار ونضع ملعقة كبيرة من السمن .
نشوح الثوم والكزبرة حتى يشقر .
نضيف معجون البندورة والخل ومفروم البندورة وتقلب لعدة دقايق.
نضيف الماء ونتبل بالملح والفلفل لتتسبك وتصبح سميكة.
نقلي الخبز بالزيت الغزير حتى يشقر ثم نضعه على ورق نشاف ونرش عليها بودرة مطحونة. في وعاء على نار هادئة نضع جزءا من الخبز ونضيف 2 ملعقة كبيرة صلصلة والقليل من مرق اللحم حتى يصبح الخبز طرياً. للتقديم نحضر صينية ونضع طبقة من الأرز ونسكب عليه قليلا من المرق ثم طبقة من الخبز الطري والصلصة.
ثم نضع طبقة أخرى من الأرز وطبقة أخرى من الخبز الطري.
نقلب القالب في طبق آخر عريض ونضع اللحم والصلصة على الوجه ونزين بالخبز المقلي .
ممكن أن نزين بالمكسرات والبقدونس المفروم.

 

فتة اللحم المقادير