عنصرية ترامب المدججة بالسلاح وجدران الفصل والميليشيات Posted: 30 Oct 2018 02:15 PM PDT في خطوة قد تكون الأخطر ضمن سياسات الإدارة الأمريكية الراهنة حول قوانين الهجرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العزم على حجب الحق في الجنسية عن المولودين على أرض الولايات المتحدة، وأنه سوف يعطل هذا العرف عن طريق الأمر التنفيذي الرئاسي فقط دون حاجة إلى تعديل الدستور كما هو شائع. وبذلك فإن البيت الأبيض سوف يدخل في سلسلة معارك قضائية معقدة لأن التعديل الرابع عشر ينص على أن «جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها». توقيت كشف النقاب عن هذه الخطوة ليس مصادفة بالطبع، إذ أنه يستكمل سلسلة القرارات والمواقف والتصريحات التي ينخرط فيها ترامب منذ بعض الوقت، ضمن مشاركته النشطة في حملات الحزب الجمهوري لانتخابات الكونغرس النصفية، وفي ضوء معطيات متزايدة تشير إلى احتمال خسران الرئيس الأمريكي الأغلبية الراهنة في مجلسي النواب والشيوخ. ومن ناحية ثانية فإن للخطوة أهدافها الأبعد التي تتجاوز الحملات الانتخابية، لأنها تدغدغ مشاعر الشرائح المحافظة والعنصرية داخل جمهور ترامب التقليدي، خاصة أنصار «التفوق الأبيض» ومبدأ «أمريكا أولاً»، وترص الصفوف استعداداً لأم المعارك الانتخابية في رئاسيات 2020. وفي خطوة أخرى تسير على المنوال ذاته، أعلن ترامب أنه طلب من البنتاغون إرسال الجيش الأمريكي إلى الحدود مع المكسيك، ومن المنتظر أن يوقع وزير الدفاع جيمس ماتيس أمراُ بإرسال قوات قد يبلغ عديدها 1000 عنصر، تضاف إلى قرابة 2000 من عناصر الحرس الوطني ترابط على الحدود ذاتها. صحيح أن قرارات مماثلة صدرت عن رؤساء أمريكيين سابقين مثل جورج بوش الابن وباراك أوباما، إلا أن «فلسفة» ترامب الخاصة في هذا الميدان لا تخطئها العقول، لأنه يقرن الإجراء بمبدأ أوسع هو العزل والانعزال، بما في ذلك التفكير ببناء جدار فاصل بين أمريكا وجيرانها. ومن المفارقات العجيبة أن ترامب لا يستغفل عقول جمهوره فقط، بل يستهين بأبسط الحقائق الراسخة والوقائع الجلية. ففي مسألة منح الجنسية عن طريق الولادة، وبعد أن استسخف المبدأ واعتبره مضحكاً، جزم بأن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تعتمد هذا العرف، جاهلاً أو متناسياً ربما أنه يطبق في 30 دولة على نطاق العالم، بما في ذلك كندا والمكسيك وفنزويلا والبرازيل والأرجنتين وتشيلي من جيران أمريكا. وبصدد إرسال وحدات البنتاغون إلى الحدود، من الثابت أن الجيش لا يملك أي سلطة قانونية لاعتقال المهاجرين أو حتى التدقيق في أوراقهم، ومهامه سوف تنحصر في المراقبة الجوية أو بناء المتاريس، وهذا لا يبدل كثيراً من تدفق موجات اللجوء. والأخطر بالطبع أن قرارات ترامب وتصريحاته وخطبه وتغريداته تسهم مباشرة في تأجيج الأحقاد العنصرية، وتثير ردود أفعال قصوى بالغة الخطورة، مثل تشكيل ميليشيات خاصة مسلحة تتوجه إلى الحدود دفاعاً عن «أمريكا النقية» بزعم احتواء قوافل المهاجرين على عناصر إرهابية، أو مثل إرسال طرود ملغومة إلى شخصيات سياسية واقتصادية وثقافية ومراكز إعلامية معروفة باختلافها مع سياسات ترامب. ولعل ما خفي في هذه السياسات يظل أعظم. |
صعود الفاشية: التاريخ يعيد نفسه بحلّة جديدة Posted: 30 Oct 2018 02:14 PM PDT إن فوز شبه الفاشي جايير بولسونارو بالدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في البرازيل محطّة بارزة في سلسلة الانتصارات التي حقّقها أقصى اليمين على الصعيد العالمي في السنوات الأخيرة. وحصيلة هذه السلسلة أن تيّارات غارقة في الرجعية باتت تحكم أو تشارك في الحكم في الفيليبين والمجر وبولندا وإيطاليا، بعد دولة إسرائيل حيث يحكم أقصى اليمين الصهيوني منذ سنوات طوال. وقد لقيت هذه النزعة التاريخية حفزاً عظيماً من ترؤّس رجل ديماغوجي غارق في الرجعية للولايات المتحدة الأمريكية، أعظم قوة في العالم، يدغدغ فيها مشاعر أقصى اليمين المحلّي الذي هو دعامته الرئيسية. وقد خلق هذا الأمر مناخاً شجّع مخبّلَين من ذلك التيّار يتصدّران أخبار حملة الانتخابات البرلمانية الأمريكية في الأسبوع المنصرم، أحدهما بإرساله قنابل بالبريد لبعض أبرز خصوم دونالد ترامب والآخر باقتراف جريمة نكراء من وحي عداء اليهود الذي هو قرينة عداء المسلمين لدى أقصى اليمين الغربي. ولا شك في أن مواجهة ترامب لتظاهرة اللاجئين القادمين من الهندوراس بإرساله الجيش لصدّهم وكأنهم جيش قادم بغرض الاحتلال، لا شكّ في أن ذلك سوف يشجّع مخبّلين آخرين بالاعتداء على مهاجرين. يوحي توالي هذه الأحداث بأننا أمام تكرار لظاهرة شهدها النصف الأول من القرن الماضي، ولو بحلّة جديدة لا تزال أقل مأساوية حتى الآن. ففي مرحلة ما بين الحربين العالميتين من القرن العشرين، نمت تيّارات أقصى اليمين الفاشي واستحوذت على السلطة واحدة تلو الأخرى في جملة من البلدان الأوروبية، في نزعة تاريخية دشّنها وصول أقصى اليمين إلى الحكم في المجر في عام 1919. وقد تبعته الفاشية الإيطالية، صاحبة التسمية الأصلية، في عام 1922، ثم استولى النازيون على الحكم في ألمانيا عام 1933 في إطار احتدادٍ للصراع بلغ أوجّه في الحرب الأهلية الإسبانية التي بدأت عام 1936 وانتهت بفوز الفاشيين. أما محطة هذا الصراع الأهم والأخيرة فكانت الحرب العالمية الثانية التي انتهت بدحر الفاشية، لكن بكلفة بشرية ومادية باهظة تعدّت كل مآسي التاريخ وشكّلت ذروة تدمير البشرية لذاتها إلى يومنا. يؤدّي اقتصاد السوق بلا ضوابط إلى استفحاش «مجتمع السوق» وإلى تصاعد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بما يحفّز صعود قوى تسعى وراء حماية المجتمع من آثار الأزمة في تلك السنوات العجاف، تمخّضت لدى عالم الاجتماع والاقتصاد النمساوي ـ المجري كارل بولانيي آراء ثاقبة في تحليل الأزمة التاريخية، صاغها أثناء الحرب العالمية في كتاب نشره في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1944 تحت عنوان «التحوّل الكبير» (صدر في ترجمة عربية عام 2009)، وقد بات يُعدّ من الأعمال الكلاسيكية في التاريخ والأنثروبولوجيا الاقتصاديين. في مؤلفه هذا، شرح بولانيي كيف أن فكرة «السوق المنظّمة ذاتياً» لا تعدو كونها فكرة خيالية، وكيف يؤدّي اقتصاد السوق بلا ضوابط إلى استفحاش «مجتمع السوق» وإلى تصاعد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بما يحفّز صعود قوى تسعى وراء حماية المجتمع من آثار الأزمة، منها قوى تقدّمية اشتراكية ومنها على النقيض قوى رجعية فاشية. وها نحن اليوم أمام مشهد للتاريخ وكأنه يعيد نفسه. فبعد ثلاثة عقود تلت الحرب العالمية الثانية وتميّزت بنمو اقتصادي سريع مرفق بتطوّر «دولة الرفاهية» التي وفّرت شتّى الضمانات الاجتماعية، دخل الاقتصاد الرأسمالي العالمي تدريجياً منذ الثمانينيات في طور ما يسمّى «النيوليبرالية» الذي كان رائداه مارغريت ثاتشر في بريطانيا ورونالد ريغان في الولايات المتحدة بتشجيع من بعض أوساط الرأسمال الكبير والقطاع المالي بوجه خاص. وقد تبعهما الاتحاد الأوروبي بعد سنوات قليلة إثر سيطرة الأوساط ذاتها في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ثم جرى انهيار «الاشتراكية» البيروقراطية البوليسية في شرقي أوروبا في ظروف أدّت إلى حلول رأسمالية منفلتة العقال محلّها بما سرّع سيطرة النموذج النيوليبرالي على النطاق العالمي. هذا النموذج هو عين الذي انتقده بولانيي إذ يستند إلى عقيدة «السوق المنظّمة ذاتياً» الخيالية. وقد أفضت الأسباب المماثلة إلى نتائج مشابهة، فنشهد اليوم، على خلفية الأزمة الاجتماعية التي أحدثتها النيوليبرالية، تقاطباً بين تجذّرين يميني ويساري. وقد وصفنا أعلاه صعود أقصى اليمين، أما التجذّر اليساري فمتشعّب هو أيضاً وأشهر من يمثّله حالياً على النطاق العالمي بيرني ساندرز في أمريكا وجيرمي كوربن في بريطانيا. ومن الملفت للنظر أن الرجلين يمثّلان نقداً يسارياً ليس لليمين النيوليبرالي وحسب، بل أيضاً للتوجّه المساير للنيوليبرالي الذي اعتنقته قوى تدّعي التقدّمية كالحزب الديمقراطي في أمريكا، الذي أشرف الرئيس السابق بيل كلنتون على تبنّيه النيوليبرالية قبل أن يعتلي سدّة الرئاسة، وحزب العمّال في بريطانيا، الذي قاده رئيس الوزراء السابق توني بلير في الطريق نفسها. والحال أن صعود اليمين الأقصى لا يمكن فهمه سوى بإدخال إخفاق اليسار التقليدي في المعادلة، إذ أن التجذّرين اليميني واليساري متنافسان وقوة أحدهما تتناسب مع ضعف الآخر الناجم عن خيانته لرسالته. تجد تلك القاعدة تأكيداً جديداً لها فيما حصل في البرازيل حيث أن شطط حزب العمّال هناك عن نهجه اليساري ومساومته مع الرأسمال الكبير على إدخال تغييرات من وحي نيوليبرالي، ترافقت بارتشاء قيادات الحزب وضلوع العديد من أفرادها في الفساد. وقد شكّل ذلك الشطط الأرضية الأساسية التي أتاحت لمرشّح أقصى اليمين الفوز برئاسة البرازيل. هذا ولن ينهض حزب العمّال البرازيلي من جديد سوى إذا برزت في صفوفه قيادة جديدة جذريّة في معارضتها للنيوليبرالية على طراز ساندرز وكوربن، قادرة على إلهام ملايين الشباب مثلما ألهمهم الرجلان المذكوران بالرغم من سنّهما المتقدّمة. ٭ كاتب وأكاديمي من لبنان |
تونس: درس عملية شارع بورقيبة Posted: 30 Oct 2018 02:13 PM PDT لعلها اللطمة التي ربما يستفيق بها الجميع من سباتهم ويراجعون حساباتهم!! التفجير الانتحاري الذي أقدمت عليه سيدة أمس الأول في قلب شارع الحبيب بورقيبة بدا صادما إلى درجة أن من يوجه إليهم عادة اتهام التسبب في مناخ يسمح بعمليات من هذا القبيل هم من سارعوا، قبل غيرهم، إلى نقد ذواتهم قبل أن ينهال عليهم التقريع من كل حدب وصوب هذه الأيام. كان ملفتا مسارعة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي إلى وصف ما جرى بــ «الفاجعة» والاعتراف بأن المناخ السياسي في البلاد «سيئ» وبأن هموم الطبقة السياسية منصرفة حاليا إلى المناصب ومناكفات الأحزاب مع أن «ليست هذه هي مشاكل تونس»، داعيا إلى إعادة النظر في ترتيب أولويات البلاد بعيدا عن التجاذبات السياسية. وإن كان من الطبيعي جدا أن تسارع كل الأحزاب إلى إدانة العملية الإرهابية التي وقعت في قلب العاصمة، بما يوجه رسالة إلى الجميع أن الإرهاب بدأ يعبث من جديد وسط الناس وليس في تخوم المدن فحسب، فإن من المهم النظر إلى دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد نقابات العمال) الأطراف السياسية إلى «أخذ العبرة» مما حدث و «الابتعاد عن التجاذبات التي منحت الإرهابيين فرصة لتنفيذ مخططاتهم». وإذا كان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رأى في تنفيذ العملية في شارع الحبيب بورقيبة بعدا خاصا «بما يمثله هذا الشارع من رمزيّة تتجسّد خلاله قيم الحريّة والديمقراطية وباعتباره أيضا إطارا للتنزّه والترفيهِ»، فإن للرمزية وجها آخر حيث إن بقاء جثة منفذة التفجير لفترة طويلة ملقاة على الأرض دون أن تغطى، بدا وكأنه إبقاء متعمد لمنظر بشع على كل الطبقة السياسية أن تمعن النظر فيه قبل أن تنظر إلى نفسها ثانية في المرآة. لم يكن خافيا أبدا أن الحياة السياسية في تونس تعاني ومنذ أشهر حالة من الترهل، وحتى التفاهة، اخترقت الجميع فلم تسلم منها رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة ولا البرلمان، حتى فقد الناس تقريبا الثقة فيها جميعا مع نظرات خيبة أمل، وحتى استخفاف، باتت تلاحق أكبر الأحزاب وأصغرها وأسئلة حارقة تتعلق بحسابات اتحاد الشغل وتلويحاته أو تهديداته بإضرابات لا تقف. أما الأخطر من كل ما سبق، وغيره كثير، شعور عام متنام بأن كل السياسيين في البلاد من إسلامييهم ويسارييهم وليبرالييهم وكل تصنيفاتهم المعلنة والخفية ليسوا بأولئك الذين يعلون مصلحة البلاد والعباد، بل إن ما يحركهم هو مصالحهم الشخصية ليس إلا، أو حيانا في أكثر مستوياتها تدنيا. عندما تكون المناخات السياسية السلبية مقترنة بضائقة اقتصادية، يشعر بوطأتها الجميع وأولهم الفقراء تتجلى أكثر فأكثر الهوة الكبيرة الفاصلة بين الناس وهمومهم والسياسيين وحساباتهم عندما يرى المواطن أن أغلب الأحزاب لا هم لها إلا الكيد لبعضها وتغيير تحالفاتها داخل البرلمان بشكل كوميدي غريب، وأن البعض الآخر لم يغادر بعد مربع الخصومات الأيديولوجية التي عرفها سنوات النضال في الجامعة، وعندما يرى أن كل ما سبق لم يؤد في نهاية الأمر سوى إلى مزيد تفشي الفساد، ومراعاة لوبياته المختلفة لبعضها البعض أو تصادمها، وأحيانا توظيفها لمؤسسة القضاء عن حق أو باطل، وأن منطق الصفقات وتصفية الحسابات الصغيرة جدا هو المحرك الأساسي للمشهد السياسي… عندما يرى كل ذلك، فإن النتيجة لن تكون إلا ما يشبه الاستقالة الجماعية المولـّــدة للفراغ الذي لن يستفيد منه إلا أعداء التحول الديمقراطي و أولهم طبعا الإرهابيون و من يرعاهم و يمولهم. وعندما تكون كل هذه المناخات السياسية السلبية مقترنة بضائقة اقتصادية، يشعر بوطأتها الجميع وأولهم الفقراء الذين يزدادون فقرا والطبقة المتوسطة المتآكلة، تتجلى أكثر فأكثر الهوة الكبيرة الفاصلة بين الناس وهمومهم والسياسيين وحساباتهم. كلام الرئيس قايد السبسي والطريقة التي تحدث بها متأثرا للتلفزيون التونسي تشي بأن صدمة التفجير الانتحاري أعطت مفعولها في اتجاه «عودة الوعي» والتحرك العاجل لإعادة الحد الأدنى من الجدية لقواعد اللعبة السياسية في البلاد بما يبعدها في أسرع وقت ممكن عن كل ما علق بها من أدران في الفترة الماضية أضعفت مد التغيير الديمقراطي وعطلت الكثير من مفاعيله الأولى عقب الإطاحة بنظام بن علي عام 2011. أسوأ ما يمكن أن يحدث لتونس، إذا لم يتعظ السياسيون سريعا بدلالة التفجير الانتحاري ليوم الاثنين ويعيدون ترتيب اجندتهم بالكامل، أن تصبح تونس تدريجيا مثل لبنان. بأي معنى؟؟ بمعنى أن يستقر تدريجيا كبلد ينعم بانتخابات غير مزورة وحرية تعبير واعلام لا حدود لها ولكن بطبقة سياسية فاسدة وأوضاع اقتصادية مزرية، واهتزازت أمنية بين الفينة والأخرى، وأن يسلم الناس أمرهم لله في النهاية بأننا لا نملك إلا هؤلاء وأنهم أفضل من الفراغ أو الفوضى. من حسن حظ تونس أنها ليست لبنان لا في تعقيداته الطائفية ولا في رهانات الموقع الجغرافي وتحدياته ولذا فإن لتونس فرصة جيدة أن تنجو من بؤس مثل هذا المآل، خاصة مع وجود مجتمع مدني واع و نشيط، رغم أن عددا من الدول العربية لا تريد لتجربة تونس أن تكلل بالنجاح كنموذج يمكن أن يحتضن الجميع و لا يقصي أحدا، لكن لا مفر من الخطوة الأولى التي يجب أن تكون اتعاظ السياسيين، بقوة و سرعة، من العملية الأخيرة التي من ألطاف الله أنها لم تسفر عن مجزرة بين المدنيين، فهل هم فاعلون؟!! كاتب وإعلامي تونسي |
ضرورة التصدي لظاهرة الزواج بين السلطة والمال في الأردن Posted: 30 Oct 2018 02:12 PM PDT صعب جدا على أي ضمير بشري توجيه اللوم إلى تلك الموجة الشعبية الأردنية العارمة التي بدأت تخاطب السماء وتشتكي لها بعد الحادث المفجع والأليم في البحر الميت. صحيح ان الدعوة متواصلة من جهتنا وجهة الكثير من العقلاء للإصرار على حسن النوايا والتمسك بمؤسسات الدولة الأردنية باعتبارها الملاذ الوحيد وسط ركام التغيير السياسي في الاقليم والبوصلة الدولية. وصحيح بالمقابل أن الدولة الأردنية خصوصا برموزها السيادية تواجه مشكلة في غاية الأهمية لا يتحدث عنها الجميع في دوائر القرار ويحاول انكارها كل المراهقين البيروقراطيين الذين دفعتهم الصدفة إلى واجهة العمل الإداري في الرتب العليا. وهي مشكلة تتمثل في نمو ملموس بقواعد التعبير عن بسطاء الأردنيين التي لم تعد تثق بالدولة ولم تعد تعتبرها ملاذا لها عند الشدائد والمصائب والظلم. كنا في وقت مبكر قد حذرنا أصحاب القرار في المؤسسات العميقة وتلك التي على السطح خلف الستارة وأمامها من ان الإقرار بأزمة المصداقية بين المواطن وأجهزة ومؤسسات الدولة خطوة حميدة في اتجاه التشخيص الدقيق للواقع والبدء بالمعالجة والاحتواء. وها نحن نعيد التحذير ونكرره من أن أخطر ما كشفته فاجعة البحر الميت من عيوب هو تلك التعبيرات والعبارات والمفردات والمواقف التي توقفت عن الشكوى والتذمر واللجوء للدولة. هنا ينبغي أن لا نستهين اطلاقا بفقدان بوصلة المؤسسة الرسمية كملاذ للمواطنين. وينبغي على كل حريص ووطني او مهتم بالولاء الحقيقي للنظام والدولة عدم الاستخفاف بفكرة اللجوء إلى الله والسماء بدلا من الملاذ الأرضي والحكومة فتلك الموجة بدأت تتحول إلى ثقافة تقرع جرس الانذار لأن فكرة الملاذ في وجدان وذهن الأردنيين هي آخر حصن في عقل الانسان بعدما أقر الحكم قبل الناس وأقرت الدولة مع الحكومة بأزمة مصداقية كبيرة. يجب البدء بإرادة سياسية مكشوفة وواضحة بالفصل التام بعد الآن ما بين الأعمال و«البزنس» والتجارة وبين السلطة بكل تعبيراتها ومؤسساتها نتحدث هنا عن ما يتجاوز أزمة المصداقية لأن اللجوء إلى السماء والشكوى لها من قبل مثقفين ونخب وبسطاء ايضا وبتعبيرات متنوعة يمهد ليس فقط لعدم الثقة ولكن لمرحلة حساسة مغرقة بالخطورة بعنوان انكار وجود الملاذ الرسمي، وهي مرحلة نحمد الله كأردنيين طوال الوقت أننا لم نصل إليها في الماضي. وينبغي أن لا نصل لها لأن تفعيل ذراع القانون ودولة المؤسسات والانتقال الفعلي اليوم من الخطاب الانشائي إلى الالتزام الميداني خطوات أساسية للحفاظ على فكرة الملاذ على أقل تعديل مادام الاستدراك غير منتج عندما يتعلق الأمر بأزمة المصداقية بين الناس والدولة. السؤال الذي يحاول الجميع طرحه بلا إجابة اليوم هو : كيف نفعل ذلك؟. حتى لا نتهم مجددا بإشاعة السلبية والعبثية نعتقد أن الأردن وطن يستحق من النخب والناس ومن حكومته ورموزه ومؤسساته ومواطنيه وقفة حقيقية مع الذات لأن الدولة التي فقدت الشعور بالأمان لأي سبب خارجي او داخلي لا يمكنها أن تتقدم باتجاه تكريس الأمن الاجتماعي. ثمة أسطر هنا ليس من اللائق الخوض فيها. لكن ينبغي على الجميع الادراك أن عدم الشعور بالأمان عند السلطة مماثل لعدم الشعور به عند الفرد حيث تتصدر العشوائية ويتفوق الارتجال ويصبح الخوف والرغبة في البقاء أقوى من الاطمئنان والرغبة في الانتاج. ما الذي ينبغي أن نفعله كأردنيين حتى نتجاوز هذه المنطقة الحساسة خصوصا وأننا نعيش في بلد تعايش مع أحلك الظروف وأصعبها أصلا وفي ظل نظام تجاوز تماما سؤال الشرعية وفي ظل علاقة بين الحكم والمحكومين لم تشبها بالماضي أي شائبة وفي ظل العلو الرفيع لقيم التسامح والمحبة والمبايعة على أساس المصلحة المشتركة في استقرار الوطن. أزعم ومن باب الاجتهاد أن الاجابة على السؤال الأخير المثير جدا للقلق غير ممكنة بدون البدء بإرادة سياسية مكشوفة وواضحة بالفصل التام بعد الآن ما بين الأعمال والبزنس والتجارة وبين السلطة بكل تعبيراتها ومؤسساتها. ينبغي أن تتغير وفورا وبدون تردد قواعد اللعبة فقد اخفقت تماما تجربة الزواج الكاثوليكية بين السلطة والمال ولم يعد المواطن الأردني يحفل بهما معا إذا ما استرسل ذلك الزواج على حساب اولا معيشته وقوت يومه، وثانيا وحديثا حياته. أظهرت حادثة البحر الميت وبما لا يدع مجالا للشكوك وبعد حادثة صوامع العقبة التي ادت لوفاة سبعة شبان حرقا أن الفساد الاداري والترهل في العمق الأردني لم يعدا يقفان عند حدود الانتهازية والانتفاع وجمع المال بل أصبحا في تحول دراماتيكي يقتل الأردنيين ويفتك ببعضهم. ذلك باختصار وأمري إلى الله تعالى لم يكن ممكنا لولا سواد تجربة ونظرية وسيناريو التزاوج ما بين السلطة والمال وتحولها مع الوقت إلى نمط الإدارة وأسلوب قرار ومحاصصة بغيظه جديدة تماما تشاء الصدف هنا ان تكون عابرة للمكونات الاجتماعية. وباختصار أيضا نستعيد ذلك المشهد الدرامي الشهير في السينما المصرية والذي كان يهتف به عاشق محروم وهو يتجول على حماره في القرية قائلا: «زواج عتريس من فؤاده باطل» حتى نصل لنؤكد بان انقاذ الوطن الأردني اليوم وبدون مزاودات يتطلب ليس الحداد على أرواح ضحايا صوامع العقبة وسيول البحر الميت بل اعلان بطلان الزواج بين السلطة والمال.. بين «البزنس» والإدارة فقد طويت الصفحة. إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي» |
الاعتراف بجرائم الحرب والاعتذار واجبان أخلاقيان وسياسيان Posted: 30 Oct 2018 02:11 PM PDT تستعدُ بلدان أوروبية عدة للاحتفال بمئوية اتفاق السلام الذي وضع حدا للحرب العالمية الأولى بين قوات الحلفاء ودول المحور يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1918. وشكلت فرنسا منذ سنة 2012 لجنة للتحضير لإحياء المئوية في احتفال كبير يُتوقع أن يُشارك فيه وفود من ثمانين دولة وعدد كبير من رؤساء تلك الدول. قبل ذلك يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام بجولة على المواقع التي كانت جبهات قتال رئيسة بين الألمان والفرنسيين في مقاطعات الشمال والشرق الفرنسيين. إذا كان هذا الحدث يرتدي كل تلك الأهمية في تاريخ أوروبا المعاصر، فما هي قيمته في تاريخ العرب، وهم الذين دافع أبناؤهم ببسالة عن دول كانت تحتل أراضيهم وتستحوذ على ثرواتهم؟ بتعبير آخر هل نحن معنيون بنصر 11 نوفمبر، وبأي معنى يمكن أن نُصنف أنفسنا أو يُصنفنا المؤرخون في صف المنتصرين؟ عندما يقوم الرئيس الفرنسي بجولته المُرتقبة على جبهات القتال سيكتشف في مقابر لاسوم وإيبر ولا مارن وشومان دي دام وكثيرٌ غيرها، صفوفا لا تُحصى من القبور على مدِ البصر، لكن لو توقف عند بعضها لقرأ على الشواهد أسماء جنود مغاربة وجزائريين وتونسيين وسينغاليين كانوا وقود تلك الحرب. وبعض الشواهد لا تحمل أسماء، لكن الأرجح أنها لجنود آتين من المستعمرات الفرنسية. نتفهم أن البلدان الغربية تولي كل هذا الاهتمام لإحياء الذكرى، بدافع استخلاص العبر والدروس، مثلما كتب أخيرا مؤرخون وإعلاميون فرنسيون، أما نحن فماذا يمكن أن يكون محلُنا من الاعراب في صراع عالمي بهذا الوزن، وماذا استفدنا منه؟ أولى الحقائق التي ينبغي تسجيلها في هذا المضمار هي أن السرديات التي تُؤرخ لتلك الحرب تنطلق في معظمها من الغرب، باعتباره مركز الكون ونحن مُلحقاته وضواحيه. على سبيل المثال تحديد تاريخ اندلاع الحرب باغتيال فرانسوا فرديناند وليّ عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية في ساراييفو عام 1914 غير دقيق، وليس عليه إجماعٌ، فهو ينبع من رؤية مركزية أوروبية، لأن بداية الحرب يمكن إرجاعُها إلى الحرب الإيطالية العثمانية في ليبيا سنة 1911-1912، التي أطلقت يد إيطاليا لاستعمار هذه الأخيرة، أو إلى الصراع الألماني الفرنسي على المغرب، خصوصا بعد زيارة الإمبراطور غليوم الثاني (1888- 1914) إلى طنجة (1905)، وهي منافسة انتهت باحتلال فرنسا للمغرب في 1912. بهذا المعنى ينبغي أن نتعمق أكثر في دراسة السياق الجيوسياسي للحرب الكبرى. كما أن منهج الدراسة المقارنة يقتضي تقصي الأوضاع خلال تلك الفترة في بلدان جنوب الصحراء، وهي مالي والسودان الفرنسي وتشاد والسينغال وأيضا موريتانيا، التي جندت السلطات الاستعمارية قسما من أبنائها عُنوة وأرسلتهم إلى شمال أفريقيا لإخماد الثورات وحركات العصيان المناهضة للاحتلال التي اندلعت أثناء الحرب. دفعت إفريقيا ثمنا باهظا في الحرب العالمية الأولى بعدما فرضت الامبراطوريات الاستعمارية على أبنائها إما المشاركة في العمليات القتالية على جبهات الحرب في أوروبا أو الاشتغال بأعمال السخرة في القطاعات المدنية. أكثر من ذلك، شكلت تلك الحرب مقدمة لتقاسم المناطق والمستعمرات العربية والأفريقية بين البلدان المنتصرة فيها. وفي الجملة قُدر عدد المُجندين في الحرب من القارة الافريقية بنصف مليون مُجند وجدوا أنفسهم في أتون صراع وحشي لا علاقة لهم به وفي مناخ غريب عنهم، خاصة في شتاء 1917 القارس، وهو عام حرب الخنادق التي قضى خلالها عشرات الآلاف من المجندين العرب والأفارقة من شدة البرد وقسوة الطبيعة. كانت تلك هي المرة الأولى التي يُرسل خلالها مُجندون من المستعمرات إلى خارج القارة الأفريقية، وكانت فرنسا هي القوة الاستعمارية الوحيدة التي استدعت مُجندين من المستعمرات، وخاصة من أفريقيا السمراء، إلى ساحات الوغى الأوروبية، لقتال جيوش أمم مُهيمنة وبيضاء (مارك ميشال: أفريقيا في دوامة الحرب الكبرى). وبحسب المؤرخ ميشال أمدَت القارة الأفريقية آلة الحرب الفرنسية بثلاثة أرباع المجندين من امبراطوريتها، من بينهم 170 ألفا من أفريقيا الغربية الخاضعة للاحتلال الفرنسي، وأكثر من 172 ألف مسلم من الجزائر وقرابة 100 ألف مجند من تونس والمغرب، إضافة إلى 40 ألفا من مدغشقر. وقدر ميشال عدد القتلى الأفارقة في الحرب بأكثر من ثلاثين ألف قتيل. السرديات التي تُؤرخ للحرب الأولى تنطلق في معظمها من الغرب، باعتباره مركز الكون ونحن مُلحقاته وضواحيه في غالب الأحيان كانت عمليات التجنيد تتم بواسطة القوة والعنف، في ظروف مُذلة تتراوح بين الاكراه بواسطة الملاحقات والاعتقالات، وبين شراء ضمائر شيوخ القبائل بالعطايا والهدايا. وكانت تلك العمليات على درجة من القسوة والهمجية ما أدى إلى حدوث انتفاضات بين المجندين، مثلما فعل المجندون التونسيون في ميناء بنزرت، أو الجزائر، ومثل حركة التمرد الواسعة في كل من مدغشقر وفولتا العليا (بوركينا فاسو حاليا). وكان بعض الكتاب والسياسيين الفرنسيين دعوا طيلة السنوات التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى إلى جعل أفريقيا جنوب الصحراء «خزان القوة الفرنسية». وبرز الأفارقة فعلا ببسالتهم خلال المعارك، خاصة في معارك أبريل/ نيسان 1917 عندما أرسلت القيادة الفرنسية الجيش السادس، الذي كان يقوده الجنرال شارل مانغان، والمؤلف أساسا من الأفارقة، إلى منطقة «شومان دي دام» بدافع المحافظة على دماء الفرنسيين. وكانت النتيجة أن 45 في المئة من تلك القوات تعرضوا لإصابات، بينما احتُسب 20 في المئة من عناصرها في عداد القتلى أو المفقودين، ما أضفى على هذا الجنرال لقب «جزار السود». وإذا ما ضربنا مثلا بالمُجندين المغاربة سنكتشف أن ما لا يقل عن 12000 رجل من أصل 45000 من الرماة والسباهي المغاربة الذين أرسلوا إلى جبهات شمال فرنسا والمشرق العربي، لقوا حتفهم، أي ما نسبته 26.6 في المئة من العدد الإجمالي. وتتجاوز هذه النسبة بشكل واضح حجم الخسائر التي تعرض لها سكان فرنسا (17.4 في المئة). وتكشف رسائل المجندين إلى أسرهم والمراسلات العسكرية والدبلوماسية قساوة الظروف التي عاشها هؤلاء المجندون، خاصة في الخنادق شمال فرنسا خلال حرب المواقع سنتي 1915 و1916. وقضى آلاف منهم في الخنادق نتيجة البرد القارس، وكذلك لأنهم كانوا عُرضة للقتل بالأسلحة الكيميائية أو التقليدية لكونهم يوضعون في الصفوف الأولى. في المقابل لم يتقبل الألمان الهزيمة والإهانة والاحتلال على أيدي جنود سُمر البشرة. والتقطت الدعاية القومية الاشتراكية بعد الحرب ذلك الشعور بالمرارة ليجعل منه أدولف هتلر ركنا أساسيا في كتابه «كفاحي» مُحذرا من تعريض القارة الأوروبية لـ»الهجانة» التي وقعت فرنسا في شباكها، باعتبارها تتجه نحو التحول إلى دولة أفريقية/أوروبية على الصعيد العرقي على ما كتب في ذلك الكتاب الشهير. على هذا الأساس كان مصير الناجين الأفارقة القليلين من الحرب هو إما خصيهم أو تصفيتهم بكل بساطة. وفي المحصلة بلغت نسبة المُجنَدين الأفارقة الذين قضوا جراء الحرب أكثر من 22%، في مقابل 17.4% من المجندين الفرنسيين و15.4 % من الألمان و10.2% من البريطانيين. غير أن المجهود الحربي لم يقتصر على المهمات القتالية في ساحات الحرب، وإنما شمل أيضا العمال المُجندين في الأنشطة المدنية، للحلول محل القوى العاملة التي أرسلت للجبهات في البلدان المشاركة في الحرب. وأتى معظم هؤلاء المجندين المدنيين من المغرب العربي أيضا، وتوزعوا على المدن الفرنسية الكبرى، وخاصة باريس وليون ومرسيليا وسانت أتيان، وأحيانا في بعض المناطق الريفية للحلول محل العمال الزراعيين الذين استُدعوا للجبهة. وطرح هذا الوضع مشاكل جمة بعدما وضعت الحرب أوزارها، فهؤلاء العمال الذين حُشروا في ما يُشبه المعازل وجدوا أنفسهم مُهمشين ومنبوذين من أهل البلد بعد الحرب، وتجاهلتهم حتى المنظمات النقابية والأوساط العمالية. وينبغي أن نضيف إلى جميع تلك الأعباء التي تحملتها البلدان العربية والافريقية جراء الحرب، عبئا إضافيا يخص تموين البلدان الأوروبية المتحاربة بالغذاء من كل الأصناف النباتية والحيوانية، خصوصا في ظل تراجع الانتاج المحلي بسبب نقص الأيدي العاملة. اليوم يعرف العالم، بعد مرور قرن على نهاية الحرب الكبرى، حروبا اقليمية دفع العرب ثمنها من العراق إلى ليبيا مرورا بسوريا واليمن، وسط مناخ مهيأ لاندلاع صراعات أكثر تدميرا. ولا ينبغي أن ننسى في هذا السياق أن الحرب الكبرى شكلت إطارا للاتفاق السري بين الفرنسي فرنسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس في 16 مايو/ أيار 1916 لتقاسم جلد «الرجل المريض» أي الامبراطورية العثمانية. وكانت لذاك الاتفاق تداعيات سلبية مباشرة وغير مباشرة على جميع أجزاء العالم العربي، فبعدما كانت حروب الماضي تقرر مصير الشعوب المتحاربة فقط، حددت هذه الحرب العالمية مصائر كل الشعوب الضعيفة. بهذا المعنى يتطلبُ الاحتفال بمرور قرن على نهاية الحرب، أقلُهُ أخلاقيا، من الدول المُتحاربة أولا الاعتراف بجرائم الحرب المُرتكبة في حق المجندين، فضلا عن الفظائع التي رافقت إخماد عمليات المقاومة في المستعمرات السابقة، وثانيا الاعتذار اعتذارا صريحا، بلا مواربة، للشعوب المُولى عليها عن كل ما تجرعتهُ من مآس وفظاعات أثناء تلك الحرب. وثالثا يستتبع الاعتراف والاعتذار، العملُ على صعيد الجهد التأريخي، على بلورة قراءة للتاريخ تنطلق من الجنوب لتصحيح الرؤية الأحادية الأوروبية للحرب الكبرى، التي أخفت كثيرا من الوقائع، ومنها المذابح التي نفذها الجيش الفرنسي في حق سكان القرى والأرياف التي انتفضت أثناء سنوات الحرب، في كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ضد الغزو العسكري الفرنسي. كاتب تونسي |
عن الدولة والثورة المهدية في السودان Posted: 30 Oct 2018 02:10 PM PDT «هم مجرد دراويش»، هذا كان الوصف الأشهر الذي قدمته المخابرات البريطانية للحراك الذي قاده الثائر محمد أحمد، الذي عرف بلقب «المهدي» نهاية القرن التاسع عشر. لم يكن ذلك التوصيف يشير فقط لكون المهدي ورفاقه مجرد متصوفة متحمسين، ولكنه كان يشير بشكل أقوى لبعد آخر أكثر سلبية، وهو أن هؤلاء الثوار ليسوا سوى مجموعة مسدودة الأفق السياسي وغير قادرة على القيام بتخطيط بناء بما يشكل خطراً فعلياً على الوضع الإقليمي الذي كان لبريطانيا اليد العليا فيه. ورغم أن المهدي ودراويشه كانوا قد بدأوا ينتصرون في معارك متصلة، إلا أن وجهة النظر البريطانية كانت ما تزال هي التقليل من شأنهم، ومما يحققونه من تقدم. في وقت لاحق سيرد سياسيون فاعلون تلك الهزائم المريرة أمام جيش المهدي، لأسباب داخلية متعلقة بالجيش الغازي وليس لأسباب تتعلق بقوة الطرف الآخر. هذا هو ما فعله ونستون تشرشل حين رد هزيمة الجيش المختلط (بريطانيا ومصر) في معركة شيكان 1883 لكون ذلك الجيش المختلط لم يكن منضبطاً بما يكفي، ما عجّل بهزيمته. كان ذلك الجيش بحسب وصف تشرشل: «أسوأ جيش سار على وجه الأرض، بلا تدريب أو نظام أو مرتبات»، كما «كان له من الروابط مع أعدائه ما يفوق ما له مع قادته». قد يكون في تعليق تشرشل على تلك المعركة الحاسمة بعض التحامل المفهوم، لكن عبارته تعيد إلى أذهاننا بعض الحقائق التي منها تلك العلاقة الخاصة والتاريخية بين شعبي وادي النيل، وهو العامل الذي سيلعب لاحقاً دوراً مهماً في السياسة الاستعمارية تجاه كل من مصر والسودان. كان كثير من الجنود المصريين لا يستطيعون فهم منطق تلك الحرب، ما جعلهم لا يرون حرجاً في الهرب وعدم التقدم، خاصة أن عصب تلك الحملة كان بقايا جيش الثائر الآخر على الجانب الآخر من الوادي، أحمد عرابي. لم يمض وقت طويل على تلك الهزيمة حتى كان جيش المهدي يقترب من الخرطوم. رد الفعل الاستعماري تجاه ذلك الاقتراب كان أقرب للامبالاة، إما بسبب أن السلطات البريطانية كانت ما تزال ترى أن هذه الحركة لا تشكل تهديداً إقليمياً جاداً، أو بسبب عدم وجود قدرة أو رغبة قوية في تحمل تكاليف الاحتفاظ بالحدود السودانية. كان للجنرال غوردون المتحصن في الخرطوم وجهة نظر أخرى. كان يؤمن بأهمية هذه المنطقة وبضرورة بقاء بلاده فيها. اللافت أنه، وحتى مع اقتراب الخطر وتحوله لحقيقة وشيكة، فإن غوردون كان يكتفي بإبعاد النساء والأطفال، بدون أن يفكر هو نفسه بالانسحاب أو بوضع خطة بديلة للهرب أو النجاة. في تلك المرحلة بدا غوردون متصوفاً على طريقته الخاصة، ومقتنعاً بأنه هنا لأجل تقديم رسالة تبشيرية في مواجهة بربرية الدراويش. بفضل هذا الإيمان تولدت قناعة لديه بأن بريطانيا لن تتركه وأن السماء سترسل له في الوقت المناسب من ينقذه وينقذ الخرطوم من السقوط بين يدي زمرة من المهووسيين. انتظر غوردون لوقت طويل في حين كانت النقاشات تتصاعد في لندن، حول ما يجب فعله. بدا الأمر وكأن الحكومة البريطانية قد تخلت عن رجلها في الخرطوم. في الواقع فقد تحركت فرقة إنقاذ متباطئة، لكنها لم تصل، لسوء حظ القائد البريطاني، إلا بعد أن كان الأوان قد فات. لم تدم الدولة المهدية لأكثر من خمسة عشر عاماً، وهي بلا شك فترة شديدة القصر في تاريخ الأمم، رغم ذلك فإن التغيرات وعمليات التأسيس الاجتماعي التي وضعتها الحركة المهدية ما تزال مؤثرة على الوضع السوداني حتى اليوم. كانت المهدية حالة خاصة امتزج فيها اليقين الصوفي بالحرب والدروشة بالسياسة من اللافت أن الحركة الثورية المهدية، ومن ثم الدولة التي بنيت عليها قد وجدت كثيراً من المدح ليس فقط على الصعيد الوطني السوداني، بل العربي أيضاً. هذا المديح كان محل إجماع من قبل أشخاص وجماعات بتوجهات فكرية مختلفة، فقد رأى الإسلاميون في المهدية تجربة متقدمة للحكم الإسلامي، في حين رأى فيها القوميون العرب وغيرهم من العلمانيين والليبراليين ثورة ناجحة ضد النفوذ العثماني/الإسلامي، الذي كان يضم إسمياً أو فعلياً كل المنطقة تحت مظلته. البعض حاول توظيف النقطة الأخيرة ووضعها في سياق الحراك العربي للخلاص من السيطرة العثمانية، وهو ما سيسمى في بداية القرن العشرين بالثورة العربية الكبرى، التي ستساهم في تقويض الخلافة الإسلامية. «ثورة» ساهمت فيها القوى الاستعمارية بالتخطيط وتولي القيادة، وبتغذية المبالغات المجحفة في سرد أخطاء الحكم العثماني، كما ساهمت فيها شخصيات عربية سياسية وثقافية كان ترى أن طريق التقدم الوحيد يكمن في التخلص من نظام الخلافة والانفصال عنه لتكوين اتحاد عربي بديل. كان تحمس الإسلاميين للدولة المهدية مفهوماً، لكن حماس القوميين لها لم يكن يخلو من تناقضات، سرعان ما تم الانتباه لها، وهي التي تتمثل في أن مدح هذه التجربة هو بشكل ما مدح للمشروع الإسلامي الذي كان قد دخل في حالة من التنافس مع غيره من المشاريع الليبرالية والعلمانية، التي حاولت بناء مشروع نهضة بمعزل عن المرجعية الدينية. ليس هذا فقط، ولكن إدخال السودان في سياق الحراك من أجل الثورة العربية، لم يكن أيضاً متسقاً مع السياق التاريخي الذي يخبرنا أن تلك الدولة العربية الموحدة الكبرى، التي كان يحلم بها بعض سياسيي المشرق لم تكن في الغالب، حتى إن تحققت، لتشمل بلاد السودان. في وقت المهدية كانت الامبراطورية العثمانية قد بدأت تتآكل، وكانت قبضتها قد بدأت تخف بالفعل على كثير من الأقاليم التي كان على رأسها الإقليم المصري، الذي لم يكن تحت سيطرة العثمانيين بقدر ما كان واقعاً تحت السيطرة البريطانية، التي امتدت لتشمل أجزاء واسعة من السودان. أبرز مثال على هذا هو أن بريطانيا دفعت قائدها المخضرم غوردون من أجل المساهمة في استعادة الإقليم السوداني، الذي خرج بشكل شبه كامل عن النفوذ المصري بعد الثورة. هذه المفارقة وغيرها تدل على أن إطلاق اسم «الحكم التركي المصري» أو «الحكم العثماني» على تلك الحقبة التي سبقت قيام دولة المهدي ليس دقيقاً من الناحية الواقعية، وإن كان شائعاً. من المبالغات الرائجة كذلك الحديث عن الظلم والتجبر الذي مارسه الأتراك، وعن الضرائب الباهظة التي كانت مفروضة على الأهالي، والتي تسببت في حماس الناس للثورة بغض النظر عن أيديولوجيتها. هنا يجب أن نتذكر أن الضرائب لم تخف بعد الثورة، بل زادت والحالة الاقتصادية لم تتحسن بشكل عام، بل ازدادت سوءاً بسبب السياسات الخاطئة وموجات الحروب. أما التجبر في عهد المهدية فقد وصل درجة أبعد بكثير، حيث كان الإيمان بالمهدي يساوي الإيمان بالله ورسوله، وكان كل من لا يقر بهذا يدخل تحت طائلة العقوبات القاسية التي تصل حد الإعدام بتهمة الردة، الحكم الذي تعرض له بالفعل عدد من شيوخ القبائل ومن علماء الدين ممن كانوا يرون في الدعوة المهدية مجرد بدعة. كانت المهدية حالة خاصة امتزج فيها اليقين الصوفي بالحرب والدروشة بالسياسة. هذا الامتزاج النادر لعب الدور الأهم في تأسيس الدولة وفي تغلبها على بعض التحديات في البداية، لكنه ساهم أيضاً في ذبول المهدية السريع وسقوطها. كاتب سوداني |
أزمة الأحزاب في عراق اليوم Posted: 30 Oct 2018 02:09 PM PDT حدثني صديق قدم من العراق مؤخرا فقال، «لقد انتهى الموسم الحزبي، وصفّت أغلب الأحزاب وجودها على الأرض». فاستفسرت منه عما يعنيه، واستفسرت عن مصير مقرات الأحزاب في المدن العراقية؟ فأجابني «إنها مقرات تؤجر عادة لبضعة أشهر فقط، ثم يتم إغلاقها عند نهاية موسم الانتخابات، لتتم إعادتها لمالكيها. فبعد الانتهاء من تشكيل الحكومة لا يعود للاحزاب السياسية عمل تؤديه». قال كلماته ببساطة ووضوح، وحديثه متأت من معرفته الدقيقة بواقع حال الحياة الحزبية وأزمتها في العراق، لأنه سياسي، بل وقيادي في أحد الأحزاب العراقية. المعلومة صدمتني وأذهلتني وفتحت أبواب الأسئلة أمامي، فسألته، ألا تشتغل الأحزاب على تطوير أداء قواعدها بعد ذلك؟ ألا تعمل على إقامة مؤتمرات مثلا؟ ألا تعمل على تكوين لوبيات ضغط على الحكومة والبرلمان؟ أجابني ضاحكا، «لا يوجد هذا المستوى من الوعي بأهمية العمل الحزبي في عراق اليوم. ربما يمكننا استثناء بعض الأحزاب العقائدية كالحزب الشيوعي وبعض الأحزاب التي تعد على أصابع اليد من هذا التعميم ، هذه الأحزاب قد تستمر بالعمل طوال أيام السنة، وبشكل خاص إذا امتلكت منافذها الإعلامية الخاصة بها». إذن لابد أن نبدأ الموضوع بأسئلة من نوع: كم عدد الأحزاب السياسية العاملة في الساحة العراقية اليوم؟ ماذا تفعل كل هذه الأحزاب والائتلافات والكتل والتيارات في الحياة اليومية بعد موسم الانتخابات؟ وما هو دور الأحزاب في الحياة العامة؟ وهل يمكن ملاحظة انعكاس عمل الأحزاب على حياة رجل الشارع؟ وماذا تفعل القيادات السياسية، التي لم يتسن لها الفوز في الانتخابات لتشترك في السلطتين التشريعية والتنفيذية؟ عراق ما قبل 2003، أو كما بات يعرف عراق صدام حسين كان، كما هو معلوم، من نمط الدول ذات الحزب الواحد، التي تعيش تحت ظل نظام شمولي يمنع التعددية الحزبية، وبالتالي لم يكن هنالك ما يستتبع ذلك من تداول سلمي للسلطة يقوم على التنافس الحزبي الديمقراطي، لكن كانت هنالك أحزاب معارضة ممنوعة من ممارسة عملها السياسي داخل العراق، لكنها نشطت في المنافي المختلفة وبشكل خاص في دول الجوار. لم تكن الأحزاب السياسية العراقية تمتلك رؤية واضحة لشروط تحول طبيعة عملها الواجب توفرها عندما انتقلت من مرحلة المعارضة إلى مرحلة احزاب تشارك في بناء الدولة، وهذا ما يشهد عليه حال العراق بعد 2003. فقد أقر الدستور العراقي الدائم عام 2005، وقد أشار هذا الدستور إلى ضرورة تشريع قانون ينظم عمل الأحزاب في العراق، لكن الأمر بقي معلقا لمدة عشر سنوات حتى تم إقرار قانون رقم (36) لعام 2015 الذي ينظم عمل الأحزاب. علما أن عمل الأحزاب العراقية خلال السنوات العشر التي سبقت إصدار القانون كان منظما بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة المرقم (97) لسنة 2004 المعروف باسم «قانون الأحزاب والكيانات السياسية» الذي أصدره الحاكم المدني للعراق آنذاك بول بريمر. الحياة السياسية العراقية قائمة على أحزاب طائفية وأحزاب قومية، وتيارات سمتها الأساسية الصراع في ما بينها طائفيا ودينيا وعرقيا المشهد اليوم وفقا لقانون الأحزاب غائم وغير مشجع على إيجاد حياة حزبية حقيقية في العراق، ففي البلد أكبر عدد من الأحزاب والحركات السياسية نسبة إلى حجم السكان طبعا، لكن واقع العمل الحزبي في العراق مترد بشكل لا لبس فيه، إذ يتم تسجيل الأحزاب والكيانات السياسية المستحدثة في المفوضية العليا للانتخابات، ولا أحد يعلم لماذا؟ ولم لا يصار إلى تسجيل الأحزاب لدى هيئة قضائية مستقلة تراقب عمل الأحزاب السياسية وتبت في نزاعاتها، علما بأن عمل المفوضية العليا للانتخابات يجب أن يقتصر على تنظيم الحراك والتنافس السياسي إبان عمليات الانتخابات البرلمانية والمحلية، أو أي استفتاءات يتم اجراؤها في البلد. واقع التعددية الحزبية في العراق لا يؤشر إلى ديمقراطية حقيقية كما يفهم البعض، فاذا نظرنا إلى برامج الأحزاب لن نجد بينها فروقا واضحة، ولن نجد في مناهجها السياسية ما يميز بعضها عن بعض. ومع أن قانون الأحزاب قد قنن بعض الأسس المنظمة للعمل الحزبي، إلا أن الواقع ينبئنا بعدم التزام الجميع بهذه القواعد المنظمة. مثال ذلك المادة الخامسة من قانون الأحزاب رقم (36) لعام 2015 التي نصت على أن، «يؤسس الحزب أو التنظيم السياسي على أساس المواطنة، وبما لا يتعارض مع أحكام الدستور، ولا يجوز تأسيس الحزب أو التنظيم السياسي على أساس العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التعصب الطائفي أو العرقي أو القومي». ونحن نرى أن الحياة السياسية العراقية قائمة على أحزاب طائفية وأحزاب قومية، وتيارات سمتها الاساسية الصراع فيما بينها على تمثيل المكون الطائفي أو الديني أو العرقي، ولا نحتاج إلى حذاقة مفرطة كي نثبت ما هو واضح ومعلوم من سلوكيات الأحزاب، التي لا تسمح للعناصر الخارجة عن مكونها، مذهبيا وعرقيا، من الانضمام لها. كما أن المادة الثامنة، الفقرة رابعا من قانون الأحزاب أشارت إلى نقطة مهمة جدا وهي، «ألا يكون تأسيس الحزب وعمله متخذا شكل التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية، كما لا يجوز الارتباط بأي قوة مسلحة» لكننا نجد قوة المليشيات المسلحة والكيانات التي تمتلك فصائل مسلحة تتحرك بوضوح في الساحة العراقية، وربما من باب الالتفاف على القانون الذي يمنع القوات المسلحة من الاشتراك في الحياة الحزبية، رأينا بعض القوى المليشياوية تشكل أحزابا كارتونية تمثلها في العملية السياسية والبرلمان، والكل يعلم ويصرح بأسماء قيادات التكوينات المسلحة الميليشياوية والعشائرية وشبه العسكرية في البرلمان، على أنها واقع حال لابد من التعامل معه. النقطة الأكثر خطورة، التي يرى بعض المحللين السياسيين المختصين في الشأن العراقي أنها هي التي أدت إلى تأخير إصدار قانون الأحزاب على مدى عشر سنوات، هي آلية تمويل الاحزاب. وهذه نقطة في غاية الاهمية والخطورة، لانها تمثل المنفذ الاهم للتدخلات الخارجية في الحياة السياسية العراقية، ومنفذ ممارسة أجندات القوى الدولية والاقليمية في البلد. وقد جاءت المواد المنظمة للشؤون المالية في قانون الأحزاب غير واضحة ومائعة وتتحمل التفسيرات المختلفة، فالمادة (34) من القانون، مثلا، منعت الحزب السياسي من التجارة بقصد الربح، لكن من جانب آخر أقر القانون أن للاحزاب السياسية الحق بممارسة الاستثمار على أن يمتاز هذا العمل بالشفافية والخضوع لعمليات تفتيش الجهات الرقابية المختصة، التي يجب أن تراجع الحسابات البنكية للأحزاب بشكل دوري، لكن هذه المادة جاءت بصيغة ضبابية لم تحدد طبيعة الاستثمار وحدوده. والكل يعلم اليوم أن معظم أحزاب العملية السياسية تمتلك ما يسمى بـ»اللجنة الاقتصادية» وهي جهة حزبية تحدد عمل الحزب السياسي في الاستثمارات التي تبرمها الوزارة، أو المؤسسة التي يرأسها أحد أعضاء الحزب وما قد يفتحه هذا الأمر من فرص الفساد. واقع ما بعد الانتخابات وقبيل تشكيل الحكومة يشير إلى وجود حوالي (300) كيان سياسي اشترك في العملية السياسية، وبحسب بيانات تسجيل هذه الكيانات في المفوضية العليا للانتخابات، يمكننا التعرف على أن كل حزب سجل حوالي خمسة الاف عضو ينتمون لكيانه، علما انه لم يتم التأكد من مصداقية الاسماء المنتمية للأحزاب، وهنالك تسريبات تفيد بأن الكيانات السياسية تأخذ قوائم اعضائها من بعضها بعضا وتسجلها بدون أي اعتراض من (دائرة الاحزاب) في المفوضية العليا للانتخابات، التي تمثل الجهة الرقابية التي تبت في شرعية الكيانات السياسية في العراق، وربما تم ذلك بالتعاون مع بعض الفاسدين في هذه الدائرة. ويتساءل البعض- ربما بحسن نية – لماذا لا يكون لدينا في العراق عدد محدود من الأحزاب التي تتنافس في اللعبة الديمقراطية، مثل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة أو العمال والمحافظين والليبراليين في بريطانيا؟ وأجيب أن الحياة الحزبية في العراق تحتاج إلى اصلاح حقيقي باجراءات صارمة للتخلص من فوضى الأحزاب التي يعيشها العراق، لان كل الحراك الآتي سيبنى على حجر الاساس هذا. كاتب عراقي |
كيف تثأر جميلة الجزائرية لجمال السعودي؟ Posted: 30 Oct 2018 02:08 PM PDT لم يفزعهم ويربكهم وهو حي مثلما فعل عندما سلم الروح بعد اغتياله الوحشي في مبنى القنصلية. لقد تحول جمال خاشقجي من كاتب معروف في دوائر الحكم في السعودية، ليست بيده لا مفاتيح الحل ولا الربط ولا سلطة التأثير المباشر فيها، إلا بالقدر الذي كانت تتركه شمعاته القليلة من بعض الضوء في دياجير بلاده، إلى مرآة عاكسة لا فقط لطبيعة الانتهاكات الفظيعة التي تجري داخل مملكة الخوف، بل أيضا لكل ما يعتمل داخل النظام الاقليمي والدولي من زيف وخداع ونفاق، وشراء ذمم واحتكام نزق لشرعة الصفقات بديلا عن شرعة الإنصاف. ورأينا جيدا كيف اجتمعت حكومات وخرجت بيانات وظهرت تصريحات وتنديدات وتهديدات من هذا البلد وذاك، وكيف تصاعد الحديث بين عشية وضحاها عن أن التوزان الاقليمي كله بات قاب قوسين من أن يتزعزع، وأن العاصفة صارت على الأبواب، وأنها ستقتلع في طريقها كثيرا من الجبابرة وتطيح بهم وبكراسيهم، وأنها قد تعيد في الاثناء حتى رسم خرائط سيسبيكوية جديدة. لكن وبغض النظر عما اذا كانت كل تلك التوقعات ستصح أم لا، فإن جمال السعودي صار ظاهرة كونية تتعدى انتمائه المهني أو القطري الضيق. فمن لم يقرأ له ولو حرفا واحدا في السابق صار يعرف اليوم أدق التفاصيل عما كتبه في «الواشنطن بوست» وعن آخر اقواله ومواقفه ولقاءاته الإعلامية. أما بالنسبة لجيوش المطحونين والمسحوقين والمظلومين التي تملأ العالم العربي، فقد مثل مقتله بتلك الطريقة الشاذة والفظيعة الدليل العملي الأقوى على أن خط الرجعة بين الانظمة والشعوب قد رسم بشكل بات لم يعد هناك سبيل لتصويبه. ولعل الشيخ الغنوشي كان محقا حين قال قبل أيام «إن المناخ السياسي العالمي الحالي يشبه المشهد التراجيدي لاحتراق الشاب محمد البوعزيزي وما فجره من تعاطف اقليمي ودولي، ونقمة على الظروف التي قدفت به إلى ذلك المشهد». فالمناخات تبدو شديدة الشبه بالفعل. ففيما مثّل موت البوعزيزي الإشارة الأقوى لحكام المنطقة على أن عروشهم وكراسيهم لم تعد بمنأى أو بمأمن من غضب الشعوب وثوراتها، فإنه من المفترض والمتوقع أيضا أن يكون اغتيال خاشقجي، كلمة السر في انطلاق حرب التحرير العربية الثانية. لكن هل نضج الوعي الشعبي لذلك؟ وهل تهيأت الآن بالفعل كل الظروف المطلوبة حتى تبدأ معارك التحرر العربي من الاستبداد الطويل الذي كتم الأنفاس وداس الرقاب لعقود طويلة؟ إن نظرة سريعة لردات الفعل العربية على جريمة اغتيال الصحافي المغدور، ستصيبنا بحالة من بالقنوط والإحباط، وستجعلنا نيأس تماما من إمكان تحقق ألأي صحوة جماهيرية في الوقت الراهن. ففيما لم تخرج المواقف الرسمية عما كان منتظرا ومتوقعا، كانت المفاجأة على الطرف الآخر، هي أن التعاطف الشعبي العربي بدا بسيطا ومحدودا وشديد الضعف والوهن، ولم يبرز ابدا بأي شكل من اشكال التعبير المعروفة والمكشوفة، إذ لم تخرج من أي عاصمة عربية مثلا ولو مظاهرة واحدة للتنديد أمام السفارات السعودية، أو حتى الاعتراض على الاعتراف السعودي المتأخر والناقص بها. فهل كان ذلك النتيجة المنطقية لتعمق حالة الخوف والعجز والإحباط؟ أم أنه الدليل ببساطة على ضعف أو قلة استشعار هول المأساة الانسانية التي حصلت؟ ربما كانت القيادات والرموز العربية الشعبية التي ادارات ظهرها للاغتيال الرهيب وتجاهلته، رغم بكائياتها المستمرة على الشاشات، ولم تدفع بالقوة المطلوبة نحو الاحتجاج الصارخ عليه، هي المسؤولة في جانب كبير عن ذلك. ولكن ما الذي كان بوسع تلك القيادات والرموز الشعبية المعروفة أن تفعله؟ لقد قالت جميلة بوحيرد مثلا، وهي أيقونة الثورة الجزائرية، في تصريح لصحيفة «الشروق» المحلية إنه «بعد الذي حصل لجمال خاشقجي، وبعد أن أصبح واضحا لكل العالم، أن المعارض السعودي اغتيل وبتخطيط من مستويات عليا في المملكة السعودية، فقد قررت أن لا أحج طالما أن القتلة لم يعاقبوا». الثأر الحقيقي لدم جمال يبدأ فقط ساعة التحرر الذاتي من سطوة الاستبداد والخروج من منطق التناقض والازدواجية غير أن المناضلة الشرسة للاستعمار الفرنسي، لم تطلق بالمقابل أي مبادرة أو دعوة صريحة لحشد الجزائريين أو حتى العرب ودعوتهم للتظاهر، أو حتى لمقاطعة أو معاقبة النظام السعودي على ما اقترفه في حق الصحافي الراحل، وحق آلاف آخرين يقبعون حتى الآن في السجون والمعتقلات والمنافي، ولم تقل أبدا ما الذي ينبغي على السعوديين وعلى باقي العرب فعله للتخلص من مستبديهم، أو ما الذي ستفعله هي إن باءت خطوتها بالمقاطعة الشخصية للحج، حتى يعاقب القتلة، بالفشل، أو كانت بلا جدوى وذهبت أدراج الريح. لن نشكك أبدا في نبل المشاعر الإنسانية للبطلة جميلة الجزائرية أو في تعبيرها العفوي عن اصطفافها وراء الحق والعدالة، ولن نحملها كل الأوزار والنقائص والعيوب والخطايا. ولكن ألم يكن جديرا بالمرأة الرمز، التي وقفت ضد الاستعمار الفرنسي المباشر، أن تقف الآن وقفة اخرى أكثر قوة وصلابة ضد الاستبداد العربي وما خلفه من خراب ودمار، وما اقترفه على مر السنين من جرائم مريعة في حق أبناء شعبه؟ إن جميلة هنا ليست سوى الشجرة التي قد تحجب الغابة، فالقلة القليلة ممن قد يطلق عليهم أيقونات أو رموز عربية خالدة، كافحت من أجل طرد الاستعمار من بلدانها لم تستمر طويلا في طريق النضال من أجل بناء مجتمعات حرة تضمن فيها الكرامة الإنسانية. لقد فضلت في أحسن الأحوال السكون والانزواء والابتعاد عن الأضواء، مثلما فعلت جميلة. غير أن ذلك لم يحل دون أن تكون عرضة للاستثمار والاستغلال السياسي من الأنظمة المستبدة، التي أرادت أن تستخدمها لتبيض بها سجلها الاسود في قمع الحريات. لقد ذهبت بطلة التحرير الجزائرية في فبراير/شباط الماضي إلى مصر، ولم تهتم إلى أن مجرد وجودها في بلد تقمع فيه الحقوق وتداس تحت جزمة العسكر وتمتلئ فيه السجون والمعتقلات عن آخرها بأصحاب الفكر الرأي، سوف يعني مباركتها الضمنية للافعال والانتهاكات الجسيمة التي يمارسها وسط صمت عالمي مطبق. ونقلت عنها وكالة الانباء الرسمية في ذلك الوقت إشادتها بعبد الفتاح السيسي الذي قالت عنه إنه «يخوض حرب وجود لمنع تقسيم العالم العربي». والمشكل الإضافي هو أن الرموز الشعبية وقيادات الرأي في معظم الدول العربية لم تتحرر بعد من لعبة المصالح ومن النظرة القطرية، وربما الانانية الضيقة، فحتى إن هي أبدت تعاطفا أو تضامنا مع ما حصل لجمال خاشقجي، فإنه يظل بنظر قسم واسع من هؤلاء صحافيا سعوديا قد لا يهم مصيره أحدا اخر في النهاية غير السعوديين انفسهم. وهو المنطق الذي لم يكن موجودا بالقدر نفسه على الاقل زمن الاستعمار المباشر، وبالحدة التي نراه عليها اليوم. ان كل ذلك يجعلنا نقول إن الثأر الحقيقي لدم جمال يبدأ فقط ساعة التحرر الذاتي من سطوة الاستبداد والخروج من منطق التناقض والازدواجية، وحينها فقط يمكن أن نجزم بأن دمه لم يذهب هدرا، وانه لم يفزع المستبدين فقط، بل حرك ايضا شعوبهم وأيقظها من سباتها العميق. كاتب وصحافي من تونس |
التطبيع العربي مع الاحتلال يمسح جرائمه Posted: 30 Oct 2018 02:00 PM PDT |
الفن والخلافات السياسية بين الأنظمة… «رحيل الفنان عبدالعزيز جاسم» Posted: 30 Oct 2018 02:00 PM PDT الفن الراقي النبيل والسامي يتجاوز السياسة والحدود واللغة والعرق واللون والدين، والفنان هو صاحب رسالة إنسانية فوق الانتماء الفكري والسياسي والديني والمذهبي. فالفنان المحترم هو من يحترم رسالة الفن ليكون محل احترام وتقدير لجميع المشاهدين من بلاده أو خارجه، ولكن للأسف الشديد في العصر الحالي تقوم بعض الأنظمة العربية الفاشلة في إدارة القطر الذي تسيطر عليه – في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي – والتي تعمل على قتل الإنتماء العربي والتمسك بأهم قضية عربية وهي فلسطين والقدس، وتمارس أساليب حقيرة لتدمير روح الإنتماء العربي عبر محاولتها بالزج بشعبها العربي المغلوب على أمره نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل للأرض العربية الفلسطينية، واستخدام المواطنين في تصفية خلافتها مع الأنظمة العربية الاخرى، واستغلال الفنانين والمشاهير الذين يحملون جنسيتها في حربها مع تلك الدول، والمؤسف أن بعض الفنانين تخلوا عن رسالتهم الفنية الحقيقة ليكونوا مجرد حطب لنار الخلافات بين الأنظمة الحاكمة. التمسك بالقيم تحية لكل فنان واعي يحافظ على فنه وجمهوره داخل وطنه وخارجه فلا يسقط في الخلافات السياسية التي تخدم مصالح الأنظمة فقط بينما تضر بمصالح الأمة وتدمر الوحدة بين الشعوب العربية العاشقة للعدالة والحرية والكرامة والعزة. الفنان الناجح هو من يتمسك بالقيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية ووحدة الأمة ودعم كل ما فيه خير لشعوبها، وهو القريب من الناس القادر على تجسيد حياتهم الطبيعية مشاكلهم ومعاناتهم وتطلعاتهم وأحلامهم، وطرح الحلول أو إثارة قضية ما من خلال تمثيله بصدق وشفافية وعفوية وبإبتسامة وضحكة..، يحب الناس وهم يحبونه، فالناس تحب من يملك قلبا كبيرا يتسع للآخرين ويحرص على إدخال الفرح والسرور لقلوبهم. من الفنانين المتميزين في صناعة الإبتسامة على وجه المشاهد والفرحة في قلبه هو الفنان القطري عبدالعزيز جاسم – رحمه الله – الذي رحل عن عالمنا بشكل مفاجئ ليشكل صدمة محزنة لمحبيه ومشاهديه على مستوى الخليج العربي وخارجه وليس فقط في دوحة الخليج. الفقيد ترك بصمة خاصة له لدى المشاهدين خلال مشواره الفني الطويل، لقد استطاع الفنان عبدالعزيز ان يقتحم القلوب قبل البيوت، فلقد كان رسولا لبث الفرح والابتسامة للناس. لقد شكل الفنان عبدالعزيز جاسم مع صديق عمره الفنان القطري المعروف غانم السليطي ثنائي في عدد من المسلسلات الرمضانية الخفيفة في أيام الثمانينيات اي قبل طفرة البث الفضائي والأقمار الصناعية حيث كان أهالي الخليج في قطر والبحرين والمنطقة الشرقية وبالخصوص الأحساء القريبة لقطر، وفي الإمارات والكويت يحرصون على متابعة تلك المسلسلات منها: عيد وسعيد وفايز التوش وغيرها عبر التلفزيون القطري الذي كان متميزا جدا ببرامجه المتنوعة اعتمادا على البث والإرسال الهوائي الأرضي، وكانت تلك الأعمال متنفسا للمشاهد لما تحمله من فكاهة ونقد للوضع الإجتماعي الخليجي بسقف عالي حسب تلك الفترة الزمنية. الراحل عبدالعزبز جاسم فنان حافظ على بساطته وتواضعه وحبه لعمله واحترامه لفنه والتقرب من الناس طوال مشواره الفني الطويل ووصوله للنجومية لم يتغير ولم يصل الغرور إلى ملابسه، بل بقت روحه متألقة بالبساطة وبحب الناس. لقد كان همه الكبير أن يدخل الفرح والسرور على المشاهد بحركة أو كلمة. فمن حق هذا الفنان الذي صرف عمره لتقديم أعمال فنية لرسم الفرح والسرور على وجوه وداخل قلوب الناس، أن يقف الناس المشاهدون معه عند رحيله ولو بكلمة ودعاء له بالرحمة والمغفرة وتقديم الشكر. محبة الإنسانية شكرا من يحمل قلبا محبا للإنسانية ولكل فنان ولكل مشاهد ومتابع ومحب لفن عبدالعزيز جاسم وبالخصوص من حضر لتشييعه أو كتب كلمة بحق الفنان الراحل. الفنان الناجح هو من يعمل بإخلاص ليجسد حياة الناس بطريقة فنية عبر الشاشة لأنه من الناس للناس، ورسالته الفنية والإنسانية لا تنتهي بموته بل تستمر، فاعماله شاهدة عليه، فالفنان يبقى حيا ولهذا من المهم أن يختار الفنان الأعمال التي فيه بصمة افتخار وعزة وتحمل أهدافا وقيما نبيلة وسامية،.. فمع مشاهدة تلك الإعمال بعد رحيله تترحم عليه الناس وتذكره بخير. مؤلم جدا أن يقف بعض الناس مع أو ضد الفنان بسبب الجنسية أو القومية أو الدينية أو المذهبية أو القبلية أو حسب المواقف السياسية في محاولة لتأطيره وتحجيمه، وهذا مخالف لرسالة محبة الفنون في أي مجال، فرسالة الفن الشريف والنبيل والأصيل تتجاوز السياسة والحدود واللغة والعرق واللون والدين. العائلة المقسمة من المصائب التي ابتليت بها منطقة الخليج التي كانت بمثابة البلد الواحد، والعائلة الواحدة مقسمة بين تلك الدول بسبب التنقل الطبيعي قبل التقسيم الجيوسياسية لدول حديثة، وكان المواطن الخليجي قبل فترة قصيرة يردد أغنية «خليجنا واحد وشعبنا واحد»، فجأة أصبح اليوم بمثابة العدو بسبب جنسيته، والسبب سياسة بعض الأنظمة التي تصنف الدولة التي لا تخضع لها بالعدو والأسوأ من ذلك أن تزج بشعبها في مشاكلها وخلافتها السياسية ليكونوا مجرد حطبا لنار صراعاتها أن تجبرهم على تبني مواقفها والإساءة لتلك الدولة ولشعبها لدرجة قطع العلاقة والتواصل، كما حدث من جانب السعودية والإمارات والبحرين الرسمي ضد قطر وشعبها الشقيق، وللأسف أن بعض المواطنين في تلك الدول تبنوا مواقف النظام الرسمي لدرجة الإساءة ومقاطعة الشعب القطري ومنهم الفنانون. الفنان يتجاوز الحدود والسياسة والجنسية، فلا ينبغي الزج به بالاجبار بتبني القضايا الخلافية، فالسياسة تخضع للمصالح والمصالح تتغير، وربما تعود العلاقة الودية بين رجال السياسة والحكم في أي وقت، بينما الجرح والإساءة للأشخاص تبقى وتسجل على من أساء وبالخصوص للفنان أو غيره. الفنان الواعي لا يسمح لنفسه أن يكون مجرد كومبارس ومطية لسياسة النظام الحاكم في القضايا التي فيها إساءة للاشقاء، الفن يجمع لا يشتت، والفنان رسول محبة وسلام لا إساءة. إن الفنان الذي يتهجم على فنان آخر لمجرد أنه من بلد ما أو يحمل أفكارا خاصة مختلفة عنه، فهو غير فنان ولا يحمل فنا أصيلا فالفن ذوق وأخلاق وقيم، وإساءته للآخرين هي إساءة لنفسه وستبقى بصمة عار في تاريخه. رحم الله الفنان عبدالعزيز جاسم وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. وتحية لكل فنان يسعى لتقديم أعمال راقية ذات أهداف سامية تسلط الضوء على قضايا الأمة وشعوبها ومشاكل ومعاناة المجتمع وتقدم الحلول الناجعة. كاتب سعودي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق