Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الجمعة، 2 نوفمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


إعادة نظر أمريكية في حرب اليمن أم في بن سلمان؟

Posted: 01 Nov 2018 02:15 PM PDT

فتحت الدعوة المفاجئة التي أطلقها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، يوم الثلاثاء الماضي، لوقف كافة الأعمال القتالية في اليمن خلال 30 يوماً، الباب لبدء مرحلة جديدة يمكن أن تنهي الحرب اليمنية المستعرّة التي تحوّلت إلى مصنع كوارث ومطحنة دموية هائلة للشعب اليمنيّ.
لقيت المطالبة الأمريكية ترحيباً من قبل وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، كما استقبلت باستحسان من قبل طرفي النزاع اليمنيين، الحكومة الشرعية التي يقودها الرئيس عبد ربه منصور هادي، والمدعومة من التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، والحوثيون، الذين تدعمهم إيران، ولكنّها ووجهت، حتى الآن، بصمت من قبل السعودية وحلفائها.
المعنى من تأخر التحالف في الرد واضح فالدعوة الأمريكية هي حين تحدد فترة زمنية معينة لإنهاء الأعمال العسكرية فهي تبدو أقرب للأمر منها للمناشدة، وبما أن الحرب اليمنية الحاليّة قد ارتبطت شخصياً باسم وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان فالأمر الأمريكي، سيعتبر بمقاييس بن سلمان، موجها إليه شخصيّا، وهو شكل من سحب الثقة بأحد أهم مرتكزات حكم وليّ العهد السعودي.
قرار الحرب في اليمن كان إعلانا من الأمير عن سيطرته على المقدرات العسكرية للمملكة، كما كان مقدّمة لإعلان حرب من نوع آخر على الداخل السعودي تمثّل بسيطرة شخص واحد على المقدرات السياسية والأمنية والمالية والإعلامية لمملكة وهو ما فتح الباب لأشكال من الغطرسة غير المسبوقة على النخب السياسية والماليّة السعودية، بل إن هذه الغطرسة فاضت خارج المملكة وتعرّضت لشخصيات عربيّة وغير عربية مؤثّرة كسعد الحريري، اللبناني، وصبيح المصري، الفلسطيني الأردني، ومحمد حسين العمودي، الأثيوبي، كما اشتبكت برعونة كبيرة مع دول كبرى وازنة في العالم، كما حصل مع ألمانيا وكندا.
وصلت هذه الغطرسة حدّها الأقصى مع اغتيال الصحافي جمال خاشقجي بالطريقة الرعناء والوحشيّة التي ما زالت تفاصيلها تتوالى، ما أدى إلى ردود فعل عالميّة لم يكن طاقم الأمير السعودي يتوقعها.
وكما ارتبطت كل التطوّرات الكبيرة في السعودية بصعود وليّ العهد والمجموعة الصغيرة المحيطة به فقد كان طبيعياً أن يحمّل بن سلمان مسؤولية مباشرة عما حصل وأن تؤدي مفاعيل القضية إلى ضغوط على حماة الأمير في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتنتج المطالب السياسية والإعلامية مراجعة أمريكية للعواقب الخطيرة للاستثمار السياسي الأمريكي في دعم الأمير الشاب ولكل النتائج الكارثية التي أدت لها، في اليمن، وفي المنطقة العربية، وفي الداخل السعودي، وفي أرجاء العالم.
بهذا المعنى فإن مطلب واشنطن ومساندة لندن وقف الأعمال العسكرية في البلد المنكوب المجاور للسعودية وتحديد مدة 30 يوماً لإنجاز ذلك هو أمر لا يتعلّق فقط باليمن بل يتعلّق أيضاً بوضع نقاط على «رخصة القيادة» السياسية المعطاة لبن سلمان من واشنطن (تمهيدا لسحبها كلّياً إذا لم يمتثل؟)، أي أنه بدء لسحب الغطاء السياسي الذي أمّنته إدارة ترامب لوليّ العهد، وهو أمر شديد الأهمية في سير موازين القوى السياسية في المملكة.
أشارت وسائل إعلاميّة إلى أن الخطوة الثانية المتوقع الضغط على الأمير فيها هي العمل على وقف حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر، أما الخطوة الثالثة فتتعلق بإعادة ترتيب تشكيلة الحكم السعودي نفسه وتخفيف قبضة بن سلمان على جميع مناحي القوّة في المملكة.
وقف الحرب في اليمن، بهذا المعنى، هي مقدّمة ضرورية لإعادة ترتيب البيت السعودي نفسه لوقف المتوالية الهندسية للخسائر السياسية والمالية والعسكرية التي أنتجها صعود نجم بن سلمان.

الولايات المتحدة في اليمن: ما الأثخن من النفط؟

Posted: 01 Nov 2018 02:14 PM PDT

في مثل هذه الأيام، ولكن قبل سنتين، حين كان باراك أوباما في البيت الأبيض وجون كيري في الخارجية، طالبت الولايات المتحدة وبريطانيا بوقف لإطلاق النار في اليمن «خلال ساعات»؛ إذْ أنّ «الوقت قد حان لوقف إطلاق نار غير مشروط، والتوجه فوراً نحو طاولة المفاوضات»، كما قال كيري، من لندن، بحضور وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، والمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ. وأمّا «الوقت» المقصود في تصريح كيري، فقد كان مقتل 140 يمنياً وجرح 525 خلال عملية قصف جوي سعودية على مجلس عزاء؛ وهو «الوقت» الذي نظر إليه ولد الشيخ من زاوية أخرى: كانت المحاثات بين أطراف الصراع قد بلغت مرحلة متقدمة، وبالتالي (ما لم يقله المبعوث الدبلوماسي) جاءت المجزرة السعودية لتقلب الطاولة، وتضرّجها بالدماء!
فما هو «الوقت»، اليوم، الذي يحثّ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ثمّ وزير الدفاع جيمس ماتيس، في عهد دونالد ترامب (الغارق حتى أذنيه في عقود الـ110 مليارات مع السعودية)، على الدعوة إلى وقف لإطلاق النار، والدخول في مفاوضات متجددة خلال 30 يوماً من تاريخه؟ ليس دماء أبناء اليمن هذه المرّة، فالغارات السعودية لم تتوقف عن إراقتها منذ ابتداء عمليات «عاصفة الحزم» في نيسان (أبريل) 2015؛ بل هي، بالأحرى، دماء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، القتيل داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، بأوامر يصعب أن تصدر عن سلطة أقلّ من ولي العهد محمد بن سلمان شخصياً.
وأمّا المنطق وراء هذه المبادرة الأمريكية، الجديدة/ العتيقة في الواقع، فهو معادلة تجارية بالغة البساطة وعالية الذرائعية، لا تصدر هنا أيضاً عن مستوى أقلّ من الرئيس الأمريكي ذاته: لأننا لا نريد خسران عقود الـ110 مليارات، فلنجرّب إعلان النيّة على إبقاء السلاح المصدّر في صناديقه داخل المخازن السعودية، وليس هنا وهناك في أجواء اليمن وعلى أرضه؛ على مستوى القول والتصريح بادئ ذي بدء، وليس من باب الفعل بالضرورة. في عبارة أخرى، نمتصّ ما يمكن امتصاصه من غضب البعض في الكونغرس والرأي العام الأمريكي، على أعتاب الانتخابات النصفية، وعن طريق مبادرة قد لا تخرج عن حدود اللفظ والبلاغة، وقد تبقى حبيسة الثرثرة والإلهاء وحرف الأنظار…
والحال أنّ الإدارة أدرى بشعابها في الكونغرس وفي صفوف جمهور ترامب الوفيّ، بحيث أنها تكتفي اليوم بوسيلة إلهاء مثل هذه، مفضوحة ومكشوفة وركيكة. فالجمهور الترامبي منشغل، بمعنى الالتفاف والتأييد والتهليل، بقرارات ترامب «التاريخية» حول إسقاط حقّ الجنسية عن طريق الولادة، وبناء الجدران العازلة، وإرسال الجيش الأمريكي إلى الحدود؛ وآخر ما يعنيه أن تسقط الضحايا بالمئات، أو الآلاف، في أيّ مكان على وجه البسيطة، بالسلاح الأمريكي تحديداً.
وأمّا الكونغرس، أو الشطر الجمهوري فيه، فقد كان قد عطّل مشروع قرار يقضي بوقف المعونة العسكرية الأمريكية للسعودية في حربها ضد اليمن، ولم يكن التوقيت عبثياً لأنه تمّ خلال زيارة بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وحين كان ترامب يشيد بصداقة أمريكا مع السعودية، «الدولة الثرية». ويومذاك، تعليقاً على تعطيل مشروع القرار، قال ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، إنّ «سحب الدعم الأمريكي سوف يزيد، وليس ينقص، من خطر سقوط الضحايا المدنيين، لأنه سوف يعطي إشارة بأننا لسنا جادّين حول احتواء إيران أو أتباعها».

اغتنام الاشتباك الإيراني ــ السعودي على أرض اليمن، بغية تسويق المزيد من تلك البضاعة الأثخن من النفط، وقطف مئات المليارات في عقود التسليح

وكما في كلّ مناسبة تتضمن نقاش السياسات الأمريكية العابرة للرؤساء، جمهوريين أو ديمقراطيين، فإنّ من الإنصاف إدراج أفعال أسلاف ترامب في البيت الأبيض، وعدم الاقتصار عليه وحده. ففي تقرير مفصل نشرته مجلة «نيويوركر» حول دور الولايات المتحدة في «عاصفة الحزم»، وكيف جعلتها أشدّ دموية على الشعب اليمني؛ تابع نيكولاس نياركوس خيوط تدخل إدارة أوباما أولاً بأوّل، ومنذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، عند توقيع عقود تسليح مع السعودية بقيمة 1.29 مليار دولار أمريكي، بينها أكثر من 7000 قنبلة من طراز Paveway ـ II الموجهة بأشعة الليزر. وفي نهاية عهد أوباما، كانت الولايات المتحدة قد زوّدت السعودية بما قيمته 115 مليار دولار من الأسلحة، أي ــ للتذكير المفيد ــ أكثر من العقود الراهنة التي يتفاخر بها ترامب!
كذلك فإنّ تاريخ صفقات التسليح بعشرات المليارات يعود إلى أواخر الستينيات، حين أدركت مصانع الأسلحة الأمريكية أنها يتوجب ألا تكتفي بمنافسة السلاح السوفييتي أو الفرنسي في أسواق الشرق الأوسط، بل أن تتفوق عليه أيضاً؛ كما يفصّل القول في هذا كتاب الأمريكية راشيل برونسون «أثخن من النفط». يُضاف إلى هذا ما يخفى عادة عن الجمهور العريض، أي عقود صيانة بعض الأسلحة الأمريكية، والتي ترتب على الخزانة السعودية عشرات المليارات الثابتة؛ كما، على سبيل المثال، صيانة 230 طائرة من طراز ف ـ 15، بقيمة 2.5 مليار دولار. ولكي لا يبقى ترامب وحيداً في الميدان، فإنّ سلفه أوباما سبق جميع رؤساء أمريكا، منذ فرنكلين روزفلت، في التقرب من آل سعود؛ فلم يرخّص عقود تسليح للسعودية أكثر من أيّ رئيس قبله، فحسب؛ بل تفوّق عليهم في عدد الزيارات إلى المملكة أيضاً.
من جانب آخر، كان النفوذ الأمني الأمريكي في اليمن، أيام نظام علي عبد الله صالح، قد بلغ مستوى من التدخل المباشر والصلافة دفع صحيفة «المؤتمر»، الناطقة باسم الحزب الحاكم، إلى اتهام السفير الأمريكي في صنعاء (إدموند ج. هَلْ، يومذاك) بأنه «يتصرّف مثل مندوب سامٍ لبلده وليس كسفير لدولة أجنبية، وآن الأوان لكي يدرك أنّ اليمن بلد مستقلّ ذو سيادة». المؤشر الأهمّ في هذا الصدد وقع أواخر العام 2003، حين تمت تصفية ستة مواطنين يمنيين كانوا يسافرون على طريق صحراوي شرق العاصمة صنعاء، بينهم علي قائد الحارثي ومحمد حمدي الأهدل، اشتبهت واشنطن بأنهما كانا يشغلان مواقع قيادية في منظمة «القاعدة». ولقد تأكد، بعد ذلك، أنّ ما حدث كان في الواقع عملية اغتيال منظمة نفّذتها القوّات الأمريكية الخاصة عن طريق قصف السيارة بصاروخ من طائرة أمريكية بلا طيّار. وتردد أيضاً، وعلى نطاق واسع، أنّ السفير الأمريكي كان قد زار منطقة الحادث قبل ثلاثة أيام، وتوفّر مَن اتهمه بالإعداد اللوجستيّ والإلكتروني الذي سمح بتوجيه الطائرة من الأرض.
وفي العموم، كان خبراء الإدارات الأمريكية المتعاقبة، في ميادين الأمن والدبلوماسية بصفة خاصة، على يقين من أنّ اليمن هي أهمّ المواقع التي يُحتمل أن يتحوّل إليها أسامة بن لادن ومنظمة «القاعدة»؛ خصوصاً وأنّ البلد ملائم تماماً لهذا، من حيث الجوانب اللوجستية (المناطق الوعرة في الجبال والوديان والصحارى، هيمنة القبائل في مناطق لا تخضع للسلطة المركزية إلا بالاسم، وجود أحزاب إسلامية ومجموعات أصولية متشددة، الخ…)؛ فضلاً عن كونها بلد بن لادن الأصلي، ومسقط رأس أبيه. لاحقاً، وبعد انطلاقة الانتفاضات العربية واهتزاز نظام صالح واندلاع الحرب الأهلية مع الحوثيين، ثمّ تحالف صالح معهم ضدّ ما اعتُبر «سلطة مركزية» يترأسها عبد ربه منصور هادي؛ عادت المقاربة الأمريكية إلى جذورها الأولى، أي اغتنام الاشتباك الإيراني ــ السعودي على أرض اليمن، بغية تسويق المزيد من تلك البضاعة الأثخن من النفط، وقطف مئات المليارات في عقود التسليح.
وفي ضوء هذا الميزان، فإنّ ما يُسمّى «رؤية جديدة» للولايات المتحدة في اليمن ليس سوى ذرّ للرماد في العيون، ومسعى لغسل يدَيْ بن سلمان من دماء خاشقجي، ثمّ متابعة وزن دماء اليمنيين بمثاقيل العقود المليارية.

كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

العراق: البرامج الحكومية وغياب القضايا الجوهرية

Posted: 01 Nov 2018 02:12 PM PDT

تحدثنا في مقال سابق عن البرامج الحكومية في العراق التي ظلت مجرد مدونات إنشائية لا يقرأها أحد! وإلى أن البرنامج الحكومي للسيد عادل عبد المهدي بشكل خاص، والذي حصل بموجبه على الثقة في الأسبوع الماضي، قد جاء مفرطا في عموميته، وإنشائيته، وأنه قد خلا من أي إشارة إلى القضايا الجوهرية والخلافية والتي تحولت الى مسائل الحساسة ومزمنة وقد فشلت الحكومات المتتالية في التعاطي معها!
لقد اشترط الدستور العراقي ان يقدم رئيس مجلس الوزراء المكلف «المنهاج الحكومي» على مجلس النواب، كما أشترط الدستور حصول هذا «المنهاج» على الثقة لتمرير مجلس الوزراء. وقد كرر النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي هذه الشروط، فضلا عن تأكيده على إحالة البرنامج الحكومي إلى لجنة خاصة يرأسها أحد نائبي رئيس المجلس، لإعداد تقرير يقدم للمجلس قبل التصويت عليه. ولو راجعنا الجدول الزمني لما حدث، سنكتشف أن المنهاج الحكومي تم تقديمه إلى مجلس النواب قبل يوم واحد من جلسة التصويت على الحكومة والمنهاج معا! وأن اللجنة المشكلة لم تجتمع سوى اجتماع واحد صباح يوم جلسة التصويت 24 تشرين الأول/ أكتوبر لدراسة المنهاج وتمريره! وهو ما يثبت أن لا أحد في العراق يتعامل مع المنهاج/ البرنامج الحكومي بجدية، وأنه مجرد إجراء شكلي لتمرير الحكومة التي تحظى بتوافق سياسي مسبق لا علاقة له بالبرنامج الحكومي المفترض بأي حال من الاحوال!
والمفارقة هنا، ان المنهاج الحكومي الذي قدمه السيد عادل عبد المهدي، أشار صراحة إلى أنه يمثل ما أسماه «الإطار العام» الذي سيفصل، وفقه، البرنامج الحكومي بخططه المحددة لكل وزارة، جداوله الزمنية، وصولا لتحقيق الاهداف المرسومة. وإلى أنه سيطلب من الوزارات كافة دراسة بياناتها لتوضع ضمن برنامج وزاري تفصيلي ينطلق من هذا المنهاج! وهو ما يعني أن السيد عادل عبد المهدي يميز تمييزا واضحا بين المنهاج الحكومي العمومي الذي قدمه، والبرنامج الحكومي التفصيلي الذي سيوضع لاحقا! ولكن المنهاج نفسه، في موضع آخر، يعرف البرنامج الحكومي أنه «خارطة الطريق للحكومة، والوثيقة الرسمية التي تعبر عن توجهاتها وسياساتها العامة، ويحدد اولوياتها في ضوء المحددات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية» وأن هذا البرنامج يأتي «تنفيذا للمادة الدستورية التي توجب على رئيس مجلس الوزراء المكلف عرض «المنهاج الحكومي» لنيل الثقة! وهو ما يضعنا أمام معضلة التوحيد بين المنهاج والبرنامج الحكومي وعدم التمييز بينهما! وهذا الفهم هو الذي حكم الحكومات السابقة دون أي استثناء! ففي النهاية الحكومة ملزمة بما تم التصويت عليه في مجلس النواب، وليس بالوثائق التي ستقدمها كل وزارة منفردة حول برنامجها! وهو ما يؤكد حقيقة شكلية المنهاج/ البرنامج الحكومي، وعدم جدية التعاطي معه!
بالعودة إلى المنهاج الحكومي الذي نال الثقة في مجلس النواب، سنجد أنه يتحدث عن الشعب بوصفه «الجيش الحقيقي للبلاد»! وبعيدا عن إنشائية هذا التوصيف الذي لا يمكن ان يحيل إلى شيء! تتحدث الفقرة نفسها عن قوات مسلحة يتم تشكيلها من صفوف الشعب تضم «الجيش والشرطة والحشد والبيشمركة، وأية قوات أخرى تؤسس وفق القانون والنظام، بكافة فصائلها وصنوفها»! فنحن هنا أمام تعمية مقصودة تجعل الشرطة جزءا من القوات المسلحة! وتجعل الحشد الشعبي امرا واقعا، مع وجوده الإشكالي من الناحية الدستورية، وطبيعة تشكيله، حيث لا يخضع لسيطرة وزارة الدفاع التي يقرر قانونها النافذ انها الوحيدة المسؤولة عن القوات المسلحة! ويدار من هيئة يفترض أنها هيئة مستقلة بموجب قانونها، وجزء من القوات المسلحة بموجب قانونها في الوقت نفسه، في تحايل صريح على مرجعيته التي لا يريد أحد مواجهتها!

مجلس النواب نفسه قد منح الثقة لهذا المنهاج/ البرنامج، دون الالتفات الى ما جاء فيه، بل وأكاد أجزم أن 90٪ من النواب الذين صوتوا عليه لم يطلعوا عليه أصلا!

ثم تتحدث الفقرة نفسها عن البيشمركة التي لا ذكر لها في الدستور العراقي، بل وردت بصيغة «حرس الإقليم»! بأنها جزء من القوات المسلحة، على الرغم من معرفة الجميع بطبيعة العلاقة الإشكالية بين الطرفين، استمرت طوال السنوات الماضية! لاسيما ان النص الدستوري يتحدث عن حرس الإقليم بوصفه من اختصاصات حكومة الإقليم حصرا (المادة 121/ خامسا).
ولكن المنهاج نفسه يعود مرة أخرى ليميز بينهما عندما يتحدث عن «ايلاء أهمية خاصة للاستمرار في بناء القوات المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة»، فضلا عن «بقية القوى المتصدية للإرهاب»! من دون ان ينتبه إلى التناقض الذي يقع فيه بسبب تعمده إغفال الإشكاليات الجوهرية التي تتعلق بالعلاقة بين هذه الاطراف، والتي كانت طوال السنوات الماضية موضع خلافات سياسية جدية!
كما يتحدث المنهاج عن «سحب الجيش خارج المدن إلى المعسكرات والتوقف عن استخدامه في أعمال هي من اختصاصات الشرطة والأمن الداخلي». ولكنه لا يشير إلى الحشد الشعبي الذي ما زال ينتشر في المناطق التي استعيدت من تنظيم الدولة/ داعش، مع ان موضوع انسحاب الحشد الشعبي من هذه المناطق كان أحد محاور التفاوض الرئيسية لتشكيل الحكومة! كما انه لا يشير إلى مستقبل قيادات العمليات غير الدستورية التي تشرف على العمليات العسكرية والامنية في المحافظات كافة.
وفي إطار الأمن أيضا، يتحدث المنهاج عن بناء «قوة امنية قضائية قادرة على ضبط النظام العام وتنفيذ القوانين» دون الانتباه إلى مسألة الفصل بين السلطات التي يعتمدها الدستور العراقي!
ويشير المنهاج الحكومي ايضا الى العمل على «التخلص من مفهوم الأرض الاميرية الموروث من النظم العثمانية السابقة، وملكية الدولة بشخص وزارة المالية، وبقية الوزارات لمعظم أراضي البلاد»، والعمل على «توزيع الأراضي بأسعار رمزية أو حتى مجانية عبر احياء مفهوم الأرض لمن أحياها»! وهذا يعني إعادة صياغة علاقات الملكية التي حكمت الأراضي الأميرية في العراق طوال عقود من الزمن، مع ما كل ما يستتبع ذلك من إشكاليات تتعلق بتوزيع هذه الأراضي، والآليات التي تحكم ذلك، في بلد يشهد انقساما مجتمعيا حادا، وصراعا على هذه الأراضي! وهو ما يمكن أن يضيف عامل صراع آخر على ملكية الأرض ويفاقم الحالة القائمة حاليا، خاصة وأن الكثير من الصراعات ذات التمظهرات القومية أو المذهبية القائمة في العراق اليوم تقوم أساسا على الصراع من اجل الاستحواذ على هذه الأراضي!
ويتحدث المنهاج عن خصخصة القطاع العام بلغة أخرى أكثر حيادية! من خلال الحديث عن «تحويل الأصول الجامدة إلى أصول متحركة وعرض المنشآت المتوقفة او الخاسرة وطرحها للمشاركة والاستثمار أو البيع للمواطنين العراقيين»! بشرط «تشغيلها واستيعاب العاملين المنتجين فيها»! على الرغم من أن موضوع القطاع العام في العراق، والإشكاليات المتعلقة به، لا يمكن معالجته بأسطر في منهاج حكومي مفترض، خاصة وأن هذا الموضوع يتعلق بمئات الآلاف من العاملين في هذا القطاع الذين لا يمكن استيعاب الغالبية العظمة منهم في حال خصخصة هذا القطاع!
لسنا بصدد التحليل التفصيلي للمنهاج/ البرنامج الحكومي بكل تأكيد، بل تعمدت فقط إيراد بعض الإشارات لإثبات شكلية ما جاء فيه، وعدم تفطن أحد الى ثغراته، بدليل ان مجلس النواب نفسه قد منح الثقة لهذا المنهاج/ البرنامج، دون الالتفات الى ما جاء فيه، بل وأكاد أجزم ان 90٪ من النواب الذين صوتوا عليه لم يطلعوا عليه أصلا!

كاتب من العراق

قضية خاشقجي وصراع النماذج في السياسة الدولية

Posted: 01 Nov 2018 02:11 PM PDT

منذ حوالي عقدين من الزمن، تبلورت أطروحات أساسية في دعم التحولات الديمقراطية في العالم، وأصبحت قضايا حقوق الإنسان محددا أساسيا في عدد من السياسات الدولية، ومنها على وجه الخصوص السياسة الخارجية الأمريكية والأوربية.
لكن هذا التحول لجهة المبادئ والمعايير القيمية في السياسات الخارجية الأمريكية والأوربية لم يصمد كثيرا أمام ديناميات السياسة، وبشكل خاص، التناقضات المفصلية مع المصالح الاستراتيجية. فأوروبا، بحكم تضخم هواجسها الأمنية، كانت الأسبق لتبني رؤية محافظة تغلب الأمن على ما عداها من الاعتبارات، بما في ذلك الاعتبارات القيمية، أما الإدارات الأمريكية، فكانت ـ حسب تقديرات أهم مستودعات التفكير عندها ـ تأخذ بالحسبان التناقض المفصلي بين دعم التحولات الديمقراطية في العالم العربي، وبين صعود نخب غير حليفة أو صعود نخب لا تتواءم مع مصالحها الاستراتيجية. ولذلك، وعلى الرغم من تغير السياسات الأمريكية من دعم الأنظمة الشمولية الاستبدادية، إلى دعم التحولات الديمقراطية لحظة الربيع العربي، إلا أنها اختارت في التعاطي مع دول الخليج، وبشكل خاص السعودية والبحرين، نفس محددات الموقف القديم الداعم للسلطوية، وانتهت مع الحالة المصرية إلى إعطاء الشرعية للانقلاب على مخرجات العملية الديمقراطية، مع سابق إعلانها عن دعم التحولات الديمقراطية، وذلك مراعاة منها للمصالح الإسرائيلية الضاغطة.
خلاصة الموقف، أن الإدارة الأمريكية والتجربة الأوروبية على السواء، فشلتا في بناء نموذج مبدئي ينتصر للدمقرطة وحقوق الإنسان في السياسات الدولية، بل دلت مؤشرات عدة على تحول هذه القيم إلى أدوات استثمار سياسي من قبل أمريكا وأوروبا، تستعمل كآليات للضغط والابتزاز السياسي لتكوين مجال دولي له قابلية لهدر مفهوم السيادة لجهة توسيع وتمديد للمصالح الأجنبية.
قضية خاشقجي، جاءت هذه المرة لتضع النموذج الأمريكي والأوروبي في الانتصار لحقوق للإنسان على المحك، لكن التحدي هذه المرة، لا يكمن في مدى قدرة هذا النموذج على الانتصار للمبدأ على حساب المصلحة، أو حتى البحث عن معادلة تضمن المصلحة دون المس بالمعيار والمبدأ، وإنما يتمثل في وضع النموذج في محك نموذج آخر، يعلي من قيمة المبدأ وينتصر له، حتى وثمة تقديرات ترى أن كلفة ذلك إهدار لحظة ثمينة قد تشكل فرصة لتوسيع المصالح وتجاوز التحديات القوية التي تعرض لها.
بلغة المواقف، فالإدارة الأمريكية اليوم تواجه معادلة دقيقة، لا تستطيع فيها الموازنة بين مصالحها التي لا يتردد دونالد ترامب في تفصيلها بالدولار كل لحظة وحين، وبين التستر على جريمة بشعة تمس بالقانون الدولي، ليس لأن سياستها الخارجية فشلت في هذه النازلة في تعريف مصالحها، ولكن لأنها وضعت أمام النموذج التركي الذي يحاصرها باحتكار تفاصيل المعلومة من جهة، ويحاصرها بعد ذلك بمناعته من الارتهان لمنطق المصلحة في قضية تمس المبدأ والمعيار.

النموذج التركي محرج لغيره، وكاشف لهشاشة النموذج الأمريكي والأوروبي في الانتصار لحقوق الإنسان في السياسات الدولية

أوروبا، مثلها في ذلك مثل أمريكا، منقسمة في شأن علاقة قضية تصفية خاشقجي بقضية بيع السلاح للسعودية، ففرنسا، لا تتردد في رفض هذه العلاقة، والتأكيد بدلا عن ذلك، بأن قناعات بعض الدول الأوربية بشأن منع بيع السلاح للسعودية له علاقة بموقفها من حرب اليمن وليس بقضية خاشقجي، أي أن القضية بالتأويل الفرنسي لها علاقة بتقدير المصالح لا بالمبادئ والمعايير، وأنه لهذا الغرض لا يمكن لفرنسا أن تساير هذا المنطق، أما ألمانيا التي تبدو أكثر صرامة في الامتناع عن إتمام صفقة السلاح مع السعودية، فيعزو البعض ذلك إلى أن قيمة الصفقة تبقى محدودة ومقدورا على تعليقها. البعض يرى أن الإدارة الأمريكية تقع في الحرج بسبب ضغط الكونغرس وضغط الإعلام أيضا، وأنه لم يعد هناك من خيار سوى المضي إلى نهاية المسار في الضغط على السعودية لإظهار الحقيقة كاملة وبأسرع وقت ممكن، لكن، هذه القراءة، تلغي من حسابها دور تركيا في توفير المادة الأخلاقية والمبدئية والمعلوماتية للضغط على الإدارة الأمريكية، وأيضا الضغط على بقية النظم الغربية، لمخاطر مسايرة لغة المصالح وتجاوز القضية الحقوقية.
النموذج التركي أصبح محرجا لبقية النماذج، ليس لأن سياسته الخارجية لا تدرك مصالحها بشكل جيد، وليس لأنها لا تعرف كيف تبتز سياسيا، وتستثمر اللحظة لتحقيق مكاسب اقتصادية ومالية وسياسية، تعينها على الخروج من أزمة انهيار الليرة، وتستجلب استثمارات خليجية كبيرة، وتنهي الأزمة الخليجية، وربما تضغط على مصر لخلق أجواء الانفراج السياسي مع القوى الديمقراطية، وربما تتسلم من تحت الطاولة رشوة سياسية كبيرة، وذلك لقاء مجرد السكوت عن طرح سؤال: من أمر بتصفية خاشقجي؟
النموذج التركي أصبح محرجا، لأنه انتصر في هذه القضية للعدالة، والعدالة فقط، ورسم في سبيل ذلك معادلة دقيقة، تنتصر للمبدأ والقيمة، دون أن يدفع في اتجاه الإضرار بعلاقاته الخارجية، فكسب بذلك تحسين علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية، وكسب من جهة ثانية ثقة المجتمع الدولي في صدقية تحقيقاته وإجراءاته والتزامه بمقتضيات القانون الدولي، ووضع المملكة العربية السعودية في الحرج الدولي دون أن يتسبب لحد الآن في الإضرار بعلاقاته الدبلوماسية معها، ولا مع أي طرف آخر يفترض مشاركته في هذه الجريمة.
قضية خاشقجي هي بالفعل قضية واحدة، لا تستطيع معها الجزم بأن تركيا في جميع النوازل المحتمل حدوثها في المستقبل، ستتعامل بنفس المنطق المنتصر للمبدأ، لكن، مع حجم القضية وبشاعة الجريمة، والوصمة السلبية التي يمكن أن تلحق بالقانون الدولي في حالة التستر على الجريمة والانتصار للغة المصالح، تجعل من النموذج التركي محرجا لغيره، وكاشفا لهشاشة النموذج الأمريكي والأوروبي في الانتصار لحقوق الإنسان في السياسات الدولية.
تقديري أن السياسة الأمريكية والأوروبية اليوم لا يحركها العقل المناور الذي يحاول البحث عن تركيب يضمن مصلحتها دون أن يظهرها في مظهر المتخلي عن حقوق الإنسان، ولكن يحركها خيار البحث عن ترتيب وضع ما بعد الاضطرار لإعمال المبدأ على حساب المصلحة والتغطية على الجريمة، ويمكن أن نقرأ الضغط الأمريكي والأوروبي لإنهاء حرب اليمن ضمن هذا الترتيب الواسع، الذي يمكن أن نرى في بعض تفاصيله قريبا تغييرا في بنية الحكم في المملكة العربية السعودية وإنهاء حكم محمد بن سلمان، وترشيح بديل آخر يرعى المصالح الأمريكية أكثر، ويتجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء المحرجة التي تضع الأصدقاء في ورطة تختبر فيها جدية اختياراتها المبدئية أمام النماذج الناشئة.

كاتب وباحث مغربي

الشعب المثقف مفيد للديمقراطية

Posted: 01 Nov 2018 02:11 PM PDT

الافتقار إلى الوعي والثقافة يجعل الشعب عاجزا عن فهم قضاياه الحقيقية، فيتم التلاعب به والهاؤه بأشياء هامشية ليست من صميم أزماته الحارقة، ومن يرغب في الحكم عن طريق مفاهيم أخلاقية، من قبيل الصداقة أو الثقة أو الحب، فهو يتستر بمفاهيم فضفاضة، توصل لا محالة إلى الطغيان والديكتاتورية، فتلك مسميات استبدادية تخدم الفرد الحاكم ويُطوع بها الجميع حسب خياراته، وينتهي الأمر بترانيم معهودة: أنت الزعيم، نفوضك مدى الحياة، أنت أو لا أحد.
وهكذا تصنع الشعوب أصنامها من الديكتاتوريين، فالحاكم لا يولد ديكتاتورا مستبدا، ولكن في غياب القوانين ووعي الشعب ويقظته ينمو التسلط ويزداد التغول وتتعفن الحياة السياسية. والحياة الديمقراطية هي ممارسة وليست قوالب جاهزة يجب اتباعها، ومن البديهي ضمن إطار الممارسة الديمقراطية أن يخطئ الشعب في اختياراته، وعليه أن يتعلم من أخطائه ليصلح منظومة الحكم إن أرادها أن تكون مواطنية، والأهم الوعي بالحقوق السياسية لأجل تطبيق الديمقراطية، التي تعكسها لحظة تحول الحالة الوطنية من شعب في خدمة النظام إلى نظام في خدمة الشعب، مع إذكاء صفة المواطنة والتخلص من السلطة الرعوية والأنظمة السلطانية، ومقولة المستبد العادل الخاطئة في جوهرها، التي تحاول أن تجعل من الاستبداد الذي يحوي الظلم في داخله يفضي إلى حاكم عادل، وتلك مفارقة في التنظير والتبرير الحاصل تاريخيا ووثائقيا.

الحاكم لا يولد ديكتاتورا مستبدا، ولكن في غياب القوانين ووعي الشعب ينمو التسلط وتتعفن الحياة السياسية

وليس مستبعدا أن تكون اللحظة الحضارية مبشرة بعودة الشعوب العربية إلى الفاعلية التاريخية، خاصة بعد اهتزاز الأنظمة وسقوط عروشها، وأن تنتقل بإرادتها من ثقافة الخنوع والأمر والطاعة، إلى ثقافة الإرادة والفعل. وعلى هذا الأساس فإن تمثل ألف باء الديمقراطية مسألة جوهرية ضمن أطر الوعي الجماهيري، والمسألة تُحسم عمليا في معاملة الناس على أنهم مواطنون لا رعايا، ولا يكون ذلك بدون ضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان وتهيئة الأرضية للتعددية السياسية والثقافية، وتمثيل الشعب تمثيلا حقيقيا يضمن أن يكون له رأي في خيارات بلاده الاقتصادية والاجتماعية، وتجنب الإقصاء والأحادية في الرأي والتصرف. ولا نرغب في «أنظمة ورقية» ترى المواطن ورقة انتخابية وتزرع فيه وعيا زائفا بإمكانية التغيير، ويصبح الخطاب الديمقراطي الذي يتم تسويقه مجرد خطاب استهلاكي ديماغوجي يُلهي الجماهير ويسيرها كقطيع نحو الحظيرة. وإن كنا نعلم جيدا أن النظام الفردي الاستبدادي متجذر في الذهنية العربية الحاكمة تلك الذهنية التي تنزع إلى السلطوية الشاملة وهي التي عرقلت إمكان الحياة المواطنية لعقود، ولهذا نحترز كثيرا عندما نسمع ما يدعى أنه ديمقراطية في تونس أو غيرها، فالأمر لا يتعدى كونه ديمقراطية مستبدة يتقاسم فيها الحكم أفراد إن لم تكن في يد متسلط واحد يجود بالفتات على بعضهم ليضمن ألسنتهم في سوق الدعاية وتجميل الصورة. وتنتهي القضية عند «عاش الزعيم» في سلطة مطلقة ليست سوى طريق مفتوحة للاستبداد والطغيان.
وما نشهده اليوم في الفضاء الجيوبوليتيكي العربي، تزايد القطيعة بين الدولة والمجتمع، وتراجع ثقة الناس في الحكام وتنامي اللجوء إلى العنف ولغة القوة المتبادلة من جهة الأفراد أو من قبل الدولة، التي يُخول لها أن تحتكر العنف الشرعي، كما نظر لذلك عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر. ومثل هذا الاحتباس المواطني الذي تعكسه لغة العنف، ترتسم من خلاله أزمة الديمقراطية العميقة في الوطن العربي، التي تتفاقم في سياقاتها القطيعة بين السياسي والمثقف، وهذا الأخير غالبا ما يكون عزوفه استبعادا مقصودا لا اختيارا مرغوبا. وضمن لعبة الاستدراج المفاهيمي يريدون أن تنطلي أكذوبة الديمقراطية والحكم للشعب على الجماهير، التي يُفيد واقعها الحقيقي أنها ظاهريا تختار بعد مدة زمنية طويلة من يمثلون السلطة، في حين تبقى كل الوقت تتفرج ولا تشارك في شيء يُذكر، أو تُصحح مسارا ما أعوج وارتُهن قصدا. هذا هو الميدان السياسي الذي يُنعت «بالديمقراطي» ويجعلك تُنصت لآراء الحمقى والمغفلين، إن لم يوصلهم صندوق الاقتراع إلى المناصب القيادية في هذا النظام المختل سلفا، فالشعب إذن لا يمتلك أي دور لا في مجال السياسة ولا في الميدان الاقتصادي، الذي يُستبعد منه تماما وبالمحصلة الحكم بتفويض شعبي ليس موجودا في أي قطر عربي، فنتائج الانتخابات معدة سلفا وإن باشر الشعب حقه الانتخابي أم لم يباشره، والمسألة محسومة باسم «الشرعية الشعبية الموهومة». ويبقى السؤال الذي لم نحقق بعد شروطه التعاقدية ، كيف يمكن للجماعة السياسية أن تصبح جماعة ديمقراطية فعلا لا ايهاما؟
كاتب تونسي

صعود الشعبوية السياسية ومصير العالم المتشظي

Posted: 01 Nov 2018 02:10 PM PDT

ما من شك في أن اجتياح العالم لموجة صعود اليمين السياسي بأشكاله وأنواعه المختلفة، أمر لا يصيب المرء بالدهشة فحسب، بقدر ما يذكّر بالماضي القريب الذي سبق اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية، عندما كانت الأحزاب اليمينية تهيمن على مراكز صنع القرار في الدول الكبرى.
فمن الفلبين إلى الولايات المتحدة مرورا بالبرازيل مؤخرا، من دون أن ننسى الهند والمكسيك وباكستان، تجتاح العالم موجة من القادة المثيرين للجدل، الساعين لتقديم الوعود لشعوبهم بتغيير مسار النظام السائد، مع السعي لزعزعة الحياة السياسية في بلدانهم. آخر موجات اليمين السياسي الصاعد بقوة حول العالم، بعد أن انطلق من القارة العجوز أوروبا، هو الرئيس البرازيلي الجديد جايير بولسونارو، مرورا بالرئيس الفلبيني رودريغو دوترتي المنتخب في 2016، الذي تقول الصحافة إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “يبدو كالصبي مقارنة به”. يجمع هؤلاء القادة قاسم مشترك وهو أنهم “ترامبيون” إن لم يكن بعضهم أشد همجية وغطرسة من ترامب.
والحال أن مفهوم الشعبوية ما يزال ينتابه بعض الغموض لدى السياسيين، إذ يرى بعضهم أنه يمثل الديمقراطية غير الليبرالية، بينما يرى البعض الآخر أنه يمثل “الديمقراطية الاستبدادية”، وفي جميع الحالات، فالشعبوية أنتجتها ظروف معينة، منها الهجرة والفقر المتصاعد بين الطبقة الوسطى، والخوف من العولمة، والاستلاب الثقافي. يجسد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكثر من أي شخص آخر هذه النزعة الشعبوية الثائرة، إذ وضع نفسه منذ انتخابه عام 2016 كمتحدث باسم “البيض من الطبقة الوسطى المهمشة” من لدن النظام في واشنطن. ونجح هذا المليونير الجمهوري بالفعل في كسب أصوات الطبقة العاملة في شمال شرق الولايات المتحدة، كما نجح بولسونارو في أن ينصب نفسه بطلاً يقود الحرب ضد الفساد في البرازيل، رغم أن ماضيه السياسي لم يعرف سوى بعض الجدل في البرلمان وغياب المسؤولية.
يتوجه بولسونارو بصفة خاصة إلى الطبقة الوسطى المتعلمة، لكن هؤلاء الناس لديهم الانطباع بأن الأحزاب الأخرى لا تختلف عن بعضها بعضا وأن السياسة عمل فاسد، الناس بذلك غير مخطئين، فالبرازيليون كانوا فعلا شهوداً في السنوات الأخيرة على الكثير من فضائح الرشوة في صفوف السياسيين. ويعود جزء كبير من نجاح بولسونارو إلى المجموعات الإنجيلية شديدة التأثير، الذين دعا خطباؤهم علانية إلى انتخابه. وهذا ليس صدفة، لأن الشعبويين والإنجيليين يعتمدون أجندة محافظة متطابقة، يتعلق الأمر بالنظام والعائلة وبالقيم التقليدية، وكلاهما (الشعبويون والإنجيليون) يبحثون عن التواصل المباشر مع الناس ويخاطبون العواطف قبل العقل.
ارتفع صوت الشعبويين في الهند مع رئيس وزرائها نارندا مودي، ومع رئيس الفلبين دوترتي، كما ارتفع في المكسيك مع الرئيس أندري أبرادور، ذي الميول اليسارية، رغم اختلافه عن الباقين. لتحقق الشعبوية نجاحات غير متوقعة، خاصة في الديمقراطيات الناشئة، وهي في الوقت نفسه تمثل تهديدا لهذه الديمقراطيات.

الشعبوية أنتجتها ظروف معينة، منها الهجرة والفقر والخوف من العولمة، والاستلاب الثقافي

لكن السؤال الذي يبقى يتمحور حول سر هذا النجاح، هل لأن الشعبوية استطاعت أن تحمل هموم ومشاكل الفئات المتوسطة كما يزعم المدير العام لمعهد فوندابول وأستاذ العلوم السياسية في باريس دومينيك رينيه؟ أم لأنها أصبحت استثماراً رابحاً لمن يحسن استغلال امتعاض أو حرمان وتهميش الشعوب، كما يرى مدير الدراسات في معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية جاك سابير. ويرى رينيه أن نجاح الشعبوية لا يعبر عن وجود شعور شعبي متواصل عبر الحدود، يعبر عن المشاكل نفسها في كل دول المعمورة، بل إنها تركز على إبراز الاختلاف بين الشعوب.
تتغذى الشعبوية من الرشوة وانعدام الأمن، ومن الطبيعي جدا أن تكون حافزاً على كراهية الأجانب ومكافحة العولمة التي ترى فيها تكريساً للهيمنة الأمريكية.
تتميز “الشعبوية بنزعتها الانطوائية كما يلاحظ ذلك في أوروبا، التي يمكن اعتبارها مختبراً جنينياً لهذه الظاهرة، إذ يرى الساسة الشعبويون هناك بلدانهم، (بريطانيا البريكست والمجر وبولندا)، كأنها قلاع محاصرة يجب الدفاع عنها وتحصينها، ما حدا بالبعض لاعتبار الشعبوية ضرباً من الفاشية المنطوية على ذاتها عكس الفاشية المعروفة بنزعتها التوسعية.
في فرنسا أجرى الإخصائي في علم الاجتماع، كريستوف غيلي، بحوثاً عن انهيار الاشتراكيين الفرنسيين، يُعنى فيه بالطبقة الاجتماعية الوسطى التي تهمشت اجتماعياً وجغرافياً. ليس هناك حزب، لاسيما من اليسار يمثل مصالحها ويعتني بيأسها. والمنظمات المعنية بما في ذلك النقابات لم تعد تمثلها. وبالتالي فإن كثيراً من المواطنين يلتفتون إلى شخصيات سياسية جديدة، في هذه الحالة في اتجاه امرأة، هي مارين لوبين، رئيسة الجبهة الوطنية. لا يقتصر الأمر على أوروبا فقط، فهو ينطبق في جزء كبير على الولايات المتحدة الأمريكية. فالطبقة الوسطى التي تشعر بالتهديد ساعدت هناك ترامب على إحراز فوزه الانتخابي، ليس الفقراء هم من صوتوا لترامب، بل هي أصوات أشخاص من وسط المجتمع. وهؤلاء الأشخاص يشعرون في الغالب بأنهم لم يعودوا يعرفون وطنهم. وبعضهم يخشى الانهيار الاجتماعي، وآخرون يعارضون أمريكا المتنوعة والمفتوحة، ثم يأتي شخص مثل ترامب يتجاهل جميع القواعد القائمة ويعطي الانطباع بأنه يريد العمل في واشنطن والعالم من أجل فرض مصالح ناخبيه.
حالة الهياج القائمة في العالم والنزوع نحو الانطواء بعد عصر العولمة، والانزواء إلى الهوية المحلية والأسرية السياسية حالة تذكر بماضي العالم القريب، عندما كانت هذه الموجات من تفاقم النزعات القومية مدخلاً لاندلاع حربين حصدت الملايين من أرواح البشر، فهل بتنا أمام خيار تصفية ذواتنا والانكفاء نحو الداخل ومحاربة كل من هو مختلف عنا بحجة البحث عن الهوية الوطنية، التي تكاد تتشظى أمام التنوع القائم حالياً في المجتمعات الغربية؟ وهل سيتمكن النظام السياسي في البلدان الغربية تحديداً من وقف عدوى الانغلاق السياسي والاندفاع نحو اليمين المتطرف قبل فوات الأوان، وقبل أن تخوض الدول حروباً في ما بينها، وربما حروب أهلية!
كاتب وباحث فلسطيني في العلاقات الدولية

السيول تجرف الثقة في حكومة الرزاز الأردنية

Posted: 01 Nov 2018 02:09 PM PDT

فجعت الأردن الأسبوع الماضي بحادثة غرق طلاب مدرسة فكتوريا في منطقة البحر الميت، أثناء رحلة مدرسية في منطقة خطرة في الظروف الجوية السيئة التي لم تكن سراً مع ما أعلنته الأرصاد الجوية قبل فترة كافية، وأكدته العديد من المواقع المختصة، وفي وسط الحزن الشعبي العام في الأردن تجاه هذه الحادثة الصادمة، إلا أن الأسئلة توالت حول المسؤولية التي يتوجب أن يتحملها أحد الأطراف، وكالعادة وجدت الحكومة المدرسة صيداً سهلاً لتوجيه أصابع الاتهام.
بالطبع تتحمل المدرسة حصة كبيرة من المسؤولية، ولكن ذلك لا يعفي الحكومة نفسها من المسؤولية التي توزعت مبدئياً وفي ضوء ملابسات الحادث بين وزارات التربية والتعليم والسياحة والأشغال العامة، قبل أن تدخل وزارة الصحة فوضى تحديد الخلل وتقاسم المسؤولية، وذلك لأدائها في عمليات العلاج والتعامل مع جثامين الطلبة، وتحت الضغط الشعبي وجدت الحكومة نفسها مضطرة لأن تتخذ موقفاً، وضمن البروتوكولات الأردنية الاعتيادية، تشكلت لجنة أتت للمفارقة من ضمن الحكومة نفسها، وهو الأمر الذي وضع المتهمين في مكان المحققين والقضاة في تهمة موجهة لهم.

يشعر الأردنيون بأن الرزاز اعتلى أكتاف المتظاهرين في الدوار الرابع لينقلب عليهم لدى وصوله لرئاسة الوزراء

هذه الحيلة، وتحت الضغوط الشعبية، باءت بالفشل ووضع العديد من الاستفهامات حول الذهنية الحكومية وطريقة معالجة الأمور في أروقة مجلس الوزراء، وعلى الرغم من المطالبات بالإقالة أو الاستقالة، إلا أن وزيري الصحة والسياحة، أصرا على إخلاء المسؤولية من طرفيهما، ورفضا فكرة الاستقالة، ولذلك أتى التوجيه الملكي بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ضمن مهلة زمنية محدودة.
دخلت الموسوعة السياسية الأردنية مصطلحات جديدة أثناء الأزمة، كان من أبرزها مقولة جهة الاختصاص، وهي الذريعة التي أخذ كل وزير يركلها ليضع المسؤولية عن ظهره، وهنا تبدت مشكلة أعادت الحديث عن اختيار الوزراء وكفاءتهم في المواقع التي يشغلونها، خاصة أن الوزراء ليسوا سياسيين بالمعنى الشائع، أي أنهم لا يعبرون عن قوى سياسية فاعلة في الأردن، ويفترض أن تكون مبررات قدومهم لمواقع قيادية في الدولة الأردنية قائمة على خبرات محددة تسوغ وجودهم، على أساس أنهم جزء من مرحلة انتقال إصلاحية تجاه تشكيل الحكومة النيابية أو الحزبية التي تعتبر طموحاً أردنياً معلناً.
على هامش الأزمة، وجدت الحكومة نفسها مرة أخرى أمام امتحان مؤتمر منظمة “مؤمنون بلا حدود” الذي ألغته وزارة الداخلية بناء على شكوى من نائب من التيار الإسلامي، وعلى الرغم من استخدام الباحث معاذ بني عامر مصطلحات غير موفقة في شرح ورقته التي تتحدث عن مفهوم الألوهية في الإسلام، وذلك بحذفه وصف المفهوم أو الفكرة من العنوان، واللجوء إلى ما يشبه المانشيت الصحافي تحت عنوان “ولادة الله”، وبالطبع وجدت عبارة “جهة الاختصاص” مكانها في معالجة الأزمة التي لم تكن موفقة، وأظهرت إلحاحاً من رئيس الحكومة للتملص من فكره التنويري الذي كان يزعمه طويلاً، على الرغم من أنه لم يجد ما يعززه عملياً أثناء السنوات الماضية منذ ظهور الرئيس عمر الرزاز على الساحة السياسية الأردنية، وهو ظهور أتى تحت شعار “التكنوقراط” و”الإصلاح”.
تعثرت الحكومة مرة بعد الأخرى، وأهدرت فرصة استعادة الثقة بين الحكومة والشارع مع التعديل الوزاري، الذي أتت ملامح المحاصصة والتوزيع المناطقي واضحة فيها، فبدلاً من الحديث عن الوزراء وأدائهم، وجد الأردنيون الوزراء التأزيميين أنفسهم في مواقعهم، مع خروج مجموعة من الوزراء الذين لم تتواجد ملاحظات على أدائهم، ولم تكن الوزارات التي يشغلونها عاملاً للتوتير أصلاً، وأمام الذكاء الشعبي الأردني انكشفت الهوية المناطقية للتعديل الوزاري، فأمام كل وزير يخرج كان الرزاز يقدم وزيراً من المنطقة نفسها، وبما يجعل حديثاً عن الكفاءة أمراً مستبعداً، في ظل تغيير أتى لمجرد التغيير، أو حتى لتوفير فرصة للرئيس من أجل التخلص من وزراء غير محسوبين سياسياً أو مهنياً أو شخصياً عليه.
يراهن البعض على الذاكرة القصيرة للأردنيين، ويتذرعون بعدم وجود أسبقيات للاستقالة أو الإقالة نتيجة مثل هذه الحوادث، وهو الأمر الذي دفع الذكاء الشعبي الأردني للبحث في الدفاتر القديمة والخروج بمجموعة من السوابق التي وضعت أمام الرزاز، ليعلن تحت ضغط من الملك من جهة، ومن الفعاليات الشعبية من جهة أخرى، بمسؤولية الحكومة بدون أن يحدد طبيعة هذه المسؤولية.
تدخل الملك بمقال جديد حول مواقع التواصل الاجتماعية، في محاولة للوصول إلى معادلة جديدة في هذه المواقع، التي بدأت تشكل أداة ضغط هائلة على أجهزة الدولة التنفيذية والتشريعية، ولا يمكن لأحد أن ينكر وجود الكثير من الشائعات والحملات على مواقع التواصل، إلا أن السؤال المهم الذي يرفق بالمقال الملكي الذي تلقفته الحكومة بحفاوة في محاولة منها لتوظيفه لمصلحتها، يبقى حول القدرة على الاستجابة لتحديات الحالة الراهنة في الأردن، اتسمت بكثير من التردد والتأخير بوصفه سبباً يفتح المجال بدوره لموجة من التوتر والقلق على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الحكومة نفسها من خلال رئيسها ونشاطه الواسع على موقع تويتر حتى قبل توليه المسؤولية الوزارية، كانت دافعاً لمنازلة الحكومة في هذه الساحة تحديداً، ولذلك، ففصل هذا المقال تحديداً عن أوراق نقاشية سابقة أصدرها الملك يعد اجتزاء خطيراً من قبل الحكومة للدخول في لعبة منحها عمراً إضافياً بالطريقة التي مارسها العديد من الحكومات السابقة.
يشعر الأردنيون بشكل أو بآخر بأن الرزاز استطاع أن يعتلي أكتاف المتظاهرين في الدوار الرابع لينقلب عليهم لدى وصوله إلى منصب رئاسة الوزراء، وهذه نتيجة مضللة للغاية، فالرئيس لا يمتلك في تاريخه الشخصي أو المهني بطولات أو منجزات تجعل الناس تؤمن بوجود ميول فعلية لديه من أجل الإصلاح والتغيير والاشتباك الايجابي مع الواقع، فهو أقرب لمواطن عالمي يؤمن بالليبرالية الاقتصادية أكثر منه مواطنا مشتبكا مع الهموم اليومية للأردنيين، ويمتلك معرفة واسعة بتوجهاتهم وأفكارهم العامة والمنعطفات التي شكلت الشخصية الأردنية، ولذلك فإن الحديث عن قدرته على التعامل مع التحديات الراهنة في الأردن يحمل طموحاً مفرطاً وأملاً ساذجاً، وأفضل ما يمكن أن يفعله الرئيس أن يعلن عن صبغته الانتقالية، وأن يحدد خطوات يتوجب اتخاذها للوصول إلى حكومة نيابية أو حزبية، تقوم على أساس الشفافية والمحاسبة، وتفعيل المشاركة السياسية للأردنيين خارج نطاق مخاوفهم التاريخية التي تشكلت في عصر الحرب الباردة، ولا تتوافق ولا تليق بعصر تكنولوجيا المعلومات الذي يعرف الرئيس، أو يفترض أنه على معرفة كافية، بشروطه وكواليسه وأنفاقه التي تستطيع أن تتعامل مع الأسوار التقليدية والعرفية التي يستخدمها الرئيس ويحاول أن يلجأ لها في أزمته الحالية.
لم يكن الأردنيون بحاجة لهذه الصدمة للتحرك، فكثير من القلق والتوتر كان يجعل العودة للحركة في الشارع مسألة وقت، ولكن الأطفال الشهداء سيضعون أنفسهم كنقطة تحول في ثقة الأردنيين في المنظومة القائمة نحو تحولات جذرية، يجب أن تجد مكانها على أرض الواقع، فسيول البحر الميت لم تأخذ في طريقها الأجساد الطرية لأطفال في عمر الورود، ولكنها جرفت أيضاً العديد من الإدعاءات التي أدمنتها الحكومات الأردنية المتعاقبة.

كاتب أردني

القاسم المشترك في قضايا خاشقجي والتطبيع الخليجي ومذبحة الكنيس اليهودي

Posted: 01 Nov 2018 02:08 PM PDT

أحداث عديدة تشابكت خيوطها الأسبوع المنصرم، وكأنها في سباق على من يحتل حيزا أكبر من الأثير الفضائي، في عالم صغير تتابعه أينما كنت وحيثما حللت. فما زالت ذيول الجريمة المروعة التي ارتكبتها أجهزة المخابرات السعودية بحق الصحافي السعودي جمال خاشقجي تملأ فضاء عالم المعلومات، وقد زاحمتها عربيا زيارات إسرائيلية ثلاث لدول الخليج، قام بالأولى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لسلطنة عمان، ووفدان رياضيان لكل من الدوحة وأبو ظبي، بينما كانت قذائف الكيان الصهيوني تنهمر على غزة.
أما الأخبار في الولايات المتحدة فقد انشغلت قليلا عن قصة خاشقجي لتغطي قصة المذبحة التي ارتكبها عنصري أبيض صباح السبت في كنيس “شجرة الحياة” اليهودي في مدينة بتسبيرغ بولاية بنسلفانيا، التي ذهب ضحيتها 11 من كبار السن وهم لربهم عابدون. وقد سبق هذه الجريمة حدث آخر مرتبط بها وهو توزيع 14 طردا متفجرا على أشخاص ومؤسسات إعلامية من معارضي الرئيس دونالد ترامب.
ما الذي يجمع بين هذه الأحداث؟ وهل هي مترابطة ببعضها بعضا؟ وإذا كانت كذلك فأين تلتقي جذورها القريبة أو البعيدة؟ الجواب في رأينا أن السبب الجذري لكل هذه الأحداث هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما يمثله من أيديولوجية عنصرية فوقية استعلائية تعتبره الرئيس المخلص، الذي أعاد الهيبة لبلاده، والاعتبار للعنصر الأبيض المتفوق عرقيا على كل الأجناس الدونية الأخرى، وأن سياساته سليمة وكل من يعارضها منبوذ يستحق القتل، وأن من يقف معه من دول العالم يستحق الحماية، ومن يعارضه يستحق التدمير والإقصاء والعزلة والحصار والعقوبات. ويرفع أنصاره شعارات في الحملات الانتخابية النصفية الحالية تقول، إن ترامب هو “أول رئيس أمريكي يثبت تفوق العنصر الأبيض”.
وسنختار ثلاثة أحداث مهمة لنرى كيف أنها ارتكزت بشكل مباشر أو غير مباشر على سياسة ترامب، واستندت إلى مرجعياتها وارتوت من معينها واختمرت في عقول منفذيها وتحولت إلى إجراءات عملية رغم بشاعتها.

ترامب وخاشقجي

ما زال العالم ينتظر نتائج التحقيق النهائية في جريمة قتل خاشقجي، خاصة الأسئلة الثلاثة المهمة: من أعطى الأوامر؟ وأين الجثة؟ ومن هو المتعاون المحلي؟ لكن كل المؤشرات تقود إلى رأس الحكم في السعودية، ولي العهد محمد بن سلمان، سواء صدرت التعليمات عنه أو عن الأشخاص العاملين معه مباشرة، الذين يعرفون كيف يفكر وما هي الخطوات التي تسعده وتشفي غليله من المعارضة. فهل كان يمكن لرأس الحكم السعودي أن يتصرف بهذه الطريقة العنجهية لولا الدعم اللامحدود من إدارة ترامب؟ وهل كان يجرؤ على ارتكاب مثل هذه الفعلة الشنعاء، لولا أن إدارة ترامب غضت الطرف عن جرائم أخرى فظيعة بعد انقلابه الداخلي ضد ولي العهد محمد بن نايف، وتغييبه عددا من الأمراء بطريقة مشبوهة، وزج عدد كبير في السجون يقدر بـ 1500 مصيرهم مجهول إلى اليوم. ثم كيف سكتت إدارة ترامب عن الجرائم الشنيعة التي ترتكب في اليمن بحق المدنيين؟ وكيف غضت الطرف عن حجز رئيس وزراء لبنان وإهانته وإجباره على الاستقالة؟
ترامب هو الذي جاء إلى قمة الخليج وجرف أموال السعودية والإمارات، وعندما رفضت قطر أن تدفع حصتها عن طريق السعودية، قامت الدول الثلات بإعلان الحصار غير المسبوق، وتقديم شروط تعجيزية أقرب إلى تفكيك الدولة منها إلى إمكانية التنفيذ. استثمر ترامب تلك الخلافات وبدأ يجرف أموال الدولتين معا، في سباق بينهما على التقرب من الولايات المتحدة. ولا أريد أن أخوض في الجرائم الأخرى التي ارتكبت على مسمع ومرأى ترامب، مثل اعتقالات أصحاب الرأي والمدونين، وإعدام الشيخ النمر، وإعدام سيدات بقطع الرأس. في ظل تلك المعاملة الاستثنائية التي لقيها الأمير الصغير من إدارة ترامب، يجب ألا نعجب للطريقة التي تم فيها إستدراج جمال خاشقجي إلى القنصلية وتقطيع جسده بطريقة وحشية، ظنا من المنفذين ومن وراءهم أنهم في مأمن من المساءلة.

في ظل التعبئة العنصرية من يستهدف اليهودي لأنه يهودي لا يتورع أن يستهدف المسلم لأنه مسلم، والأسود لأنه أسود

ترامب والتطبيع الخليجي

في اللقاء الأول بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في فبراير/شباط 2017 أي بعد انتخابه بأقل من شهر، لم يتحدث نتنياهو مع الرئيس الجديد المحاط بغلاة الصهاينة عن المشكلة الفلسطينية أو السلام في الشرق الأوسط، ولم يطلب منه أن يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأنه يعرف أن ذلك أمر مفروغ منه بعد الوعد الانتخابي. نتنياهو بخباثته المعروفة ركّز حديثة على مسألتين اثنتين: الأولى الاتفاق النووي مع إيران وضروة الانسحاب منه لخطورته على إسرائيل في حالة استرداد الاقتصاد الإيراني عافيته بعد إلغاء العقوبات، والثانية ضرورة الضغط على الدول العربية الحليفة، خاصة دول الخليج من أجل التطبيع الشامل والعلني مع إسرائيل، والخروج من علاقة الحب السري.
وقد دشن ترامب هذه العلاقة الجديدة بقيام طائرته في رحلة مباشرة من السعودية إلى إسرائيل لأول مرة، وكأنها إشارة إلى أين تتجه الأمور في المستقبل. منذ ذلك اليوم إلى الآن لم يمض أسبوع واحد بدون خبر أو تسريبة عن لقاءات واتصالات واجتماعات وحفلات وتصريحات من مسؤولين رفيعي المستوى من دول الخليج، خاصة من الإمارات، تشير إلى التطبيع والاتصالات المباشرة، وإعادة النظر في المواقف السابقة، سواء بالاعتراف بحق إسرائيل في الأرض، أو بالهجوم على الفلسطينيين، أو التأكيد على أن إيران هي العدو الرئيسي، الذي يبرر العلاقة الحميمية مع إسرائيل والتخلي عن الحقوق الفلسطينية وقبول صفقة العصر، ابتداء بالتطبيع العلني.
توقيت الزيارات الثلاث ليس صدفة، حيث تزامن وصول الوفود إلى ثلاث عواصم عربية، والطائرات تعجن لحوم أطفال خانيونس، وإمعانا في إهانة مشاعر الأمة، يعزف النشيد الوطني الإسرائيلي في أبو ظبي، وتتجول ميري ريغيف، أكثر وزيرة عنصرية في الكيان كله، في مسجد الشيخ زايد بن سلطان، وتتعمد أن تربطه بمسجدي مكة والمدينة في تجاهل مقصود للمسجد الأقصى. وقد يخرج علينا أفيخاي أدرعي بلغته العربية بفتوى شد الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي ومسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، لكن بالتأكيد المقبل أعظم.

ترامب ومذبحة الكنيس اليهودي

خلال أسبوع واحد أرسل مجهول 14 طردا متفجرا إلى ناقدي ترامب من السياسيين ووسائل الإعلام وفنانين، شملت الرئيس السابق أوباما وهيلاري كلينتون وجورج سوروس والممثل روبرت دينيرو وجوزف بايدن ومقر “سي أن أن” في نيويورك. ولم تتردد عضو مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا، ماكسن وارتر، المستهدفة أيضا في أحد الطرود، بأن تضع اللوم في رسالة مصورة على ترامب وخطابه العنصري “وتحريضه لأنصاره وتشجيعهم على العنف”. وصرحت في الشريط القصير: “أقول هذا ولست خائفة، إن أسوأ ما أصابنا أن يكون لدينا رئيس كهذا. إنه يشجع أنصاره على أن يكونوا عنيفين أو عنصريين أو انفصاليين”.
تم اعتقال سيزر سايوك الشخص المتهم في فلوريدا، لكن القصة لم تنته هناك. أحد العنصريين البيض، واسمه روبرت باورز، وعمره 46 سنة حمل بندقية آلية وثلاثة مسدسات يدوية ودخل كنيسا يهوديا صباح السبت في مدينة بتسبيرغ وأفرغ رصاصاته في المسنين، وأردى 11 شخصا وجرح ستة آخرين، وبعد تبادل إطلاق النار مع الشرطة وإصابته قام بتسليم نفسه ونقل إلى السجن وقال للشرطي الذي يعتقله “أكره اليهود إنهم يرتكبون جريمة الإبادة ضد شعبي ولذلك أريد أن أقتلهم”. ترامب عندما سمع عن الحادثة المروعة، وبعد تعبيره عن الأسى عاد وانتصر لفكرة حرية حمل السلاح الفردي فقال: “بصراحة لو كان هناك حارس مسلح داخل المعبد ربما لن يقتل أحد إلا المهاجم نفسه”. هزت الجريمة كل أنحاء الولايات المتحدة وتنفست الجالية العربية الإسلامية الصعداء، عندما تبين أن القاتل ليس مسلما، وإلا لانقلبت الدنيا عليهم وصنفت الجريمة على أنها إرهابية، واتهم الإسلام نفسه بالمسؤولية.
في ظل التعبئة العنصرية كل شيء يمكن أن يحدث، ومن يستهدف اليهودي لأنه يهودي لا يتورع أن يستهدف المسلم لأنه مسلم، والأسود لأنه أسود والمرأة لأنها امرأة والأجنبي لأنه أجنبي. لقد وقع من حوادث القتل الجماعي في عهد ترامب لغاية مذبحة السبت 297 حادثة، وهو ما فاق كل توقع، حتى أن مجلة محلية أطلقت عليه عام 2017 لقب “رئيس المذابح” بعد مذبحة لاس فيغاس (58 قتيلا و546 جريحا- أكتوبر/تشرين الأول 2017) ومذبحة كنيسة السود في تكساس (26 قتيلا ـ نوفمبر/تشرين الثاني 2017). وبالمنطق نفسه لا توجد إدارة أمريكية مثل إدارة ترامب التي انصاعت تماما للإملاءات الصهيونية المتطرفة، وأطلقت أيادي إسرائيل لابتلاع الأرض وتصعيد المذابح ضد الفلسطينيين من جهة، والتطبيع العلني مع الدول العربية من جهة أخرى.
في عهد ترامب لقد وقعنا، نحن من تبقى من المؤمنين بفلسطين والعروبة والأخوة الإنسانية واحترام حقوق الإنسان وحرية الاختيار وحرية الدين والعقيدة، بين كماشتين: العنصرية الحاقدة والصهينة المتغطرسة، فعلى أي جانبينا نميل؟

محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بنيوجرسي

عّداد ترامب يتحرك صعودا وهبوطا حسب الصفقات

Posted: 01 Nov 2018 02:00 PM PDT

بعيدا‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬أنقذوا‭ ‬أطفال‭ ‬اليمن‭ ‬وسوريا

Posted: 01 Nov 2018 02:00 PM PDT

بعد‭ ‬مرور‭ ‬أربعة‭ ‬أعوام‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬أصبح‭ ‬البلد‭ ‬ميدان‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭ ‬العالمي،‭ ‬ومعاناة‭ ‬أطفال‭ ‬اليمن‭ ‬لا‭ ‬توصف،‭ ‬سوء‭ ‬تغذية،‭ ‬حرمان‭ ‬من‭ ‬التعليم،‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬الدمار‭ ‬النفسي‭ ‬والمادى‭ ‬لأطفال‭ ‬اليمن‭ ‬أين‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬أين‭ ‬مؤسسات‭ ‬رعاية‭ ‬الأطفال؟
‭ ‬أين‭ ‬المتشدقون‭ ‬بحقوق‭ ‬الطفل‭ ‬والإنسان؟
وكذلك‭ ‬أطفال‭ ‬سوريا‭ ‬بين‭ ‬القتل‭ ‬والمخيمات‭ ‬ونقص‭ ‬السلع‭ ‬الغذائية‭ ‬فهل‭ ‬من‭ ‬آلية‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الأطفال‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬التى‭ ‬أفسدت‭ ‬وقضت‭ ‬على‭ ‬الحرث‭ ‬والنسـل؟
فبعد‭ ‬تأكيد‭ ‬تقارير‭ ‬صحافية‭ ‬يمنية‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬استغلال‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الحوثيين‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجنيدهم‭ ‬للعمل‭ ‬ضمن‭ ‬ميليشياتهم‭ ‬المسلحة،‭ ‬كشف‭ ‬تقرير‭ ‬لليونيسيف‭ ‬حجم‭ ‬معاناة‭ ‬أطفال‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقرير‭ ‬تم‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬5000‭ ‬طفل‭ ‬يمني‭ ‬خلال‭ ‬1000‭ ‬يوم‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭.‬
ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬أكد‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬يمني‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية؛‭ ‬منهم‭ ‬1.8‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬الغذاء‭.‬
وأوضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬385‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬يمني‭ ‬عرض‭ ‬للموت‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬لانعدام‭ ‬وجود‭ ‬غذاء‭ ‬ودواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإحصائيات‭ ‬عكست‭ ‬تأثير‭ ‬الحرب‭ ‬الشديدة‭ ‬على‭ ‬أطفال‭ ‬اليمن‭ ‬والتي‭ ‬تهدد‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬لهم‭.‬
وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬السوري‭ ‬وأطفال‭ ‬سوريا‭ ‬قال‭ ‬مسؤولو‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬مخيم‭ ‬الركبان‭ ‬للنازحين‭ ‬السوريين،‭ ‬إن‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭ ‬‮«‬وافق‮»‬‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬بتوصيل‭ ‬مساعدات‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬لآلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬العالقين‭ ‬والمهددين‭ ‬بالموت‭ ‬جوعاً‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الأردنية‭ ‬السورية‭. ‬
ونقلت‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬الأربعاء،‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وسكان‭ ‬من‭ ‬المخيم،‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬حصارا‭ ‬فرضه‭ ‬النظام‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬على‭ ‬المخيم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬منع‭ ‬الأردن‭ ‬دخول‭ ‬المساعدات،‭ ‬تسببا‭ ‬في‭ ‬نفاد‭ ‬مخزونات‭ ‬الطعام‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الركبان‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬سوريا‭. ‬
وأضافوا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬لوفاة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬12‭ ‬شخصاً‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬المخيم‭ ‬ومعظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬
‭ ‬وأكد‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬أن‭ ‬الاستعدادات‭ ‬جارية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إرسال‭ ‬قافلة‭ ‬مساعدات‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬إلى‭ ‬سكان‭ ‬المخيم‭. ‬لا‭ ‬طمأنينة‭ ‬من‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬علي‭ ‬الزعتري‭ ‬منسق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المقيم‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬بيان،‭ ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬داخل‭ ‬مخيم‭ ‬الركبان‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬حرجة‭ ‬وإن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬العربي‭ ‬السوري‭ ‬سيصلان‭ ‬إلى‭ ‬المخيم‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحيوية‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭. ‬
وقالت‭ ‬منظمات‭ ‬إغاثة‭ ‬محلية‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬إن‭ ‬مسؤولين‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬اتصلوا‭ ‬بهم‭ ‬لإبلاغهم‭ ‬أن‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬لإرسال‭ ‬قافلة‭ ‬مساعدات‭ ‬يوم‭ ‬25‭ ‬أكتوبر‭/ ‬تشرين‭ ‬الأول‭. ‬وأشار‭ ‬عقبة‭ ‬العبد‭ ‬الله‭ ‬مسؤول‭ ‬الإغاثة‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أبلغتنا‭ ‬أنها‭ ‬ستوصل‭ ‬المساعدات،‭ ‬وقد‭ ‬وعدونا‭ ‬مرات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬عللوا‭ ‬عدم‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬لم‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بذلك‮»‬،‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬نتمنى‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الكلام‭ ‬صحيحاً‮»‬‭. ‬
حياة‭ ‬الآلاف‭ ‬مهددة‭ ‬وحذرت‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للطفولة‭ (‬يونيسف‭) ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬بدون‭ ‬المساعدات‭ ‬ستكون‭ ‬حياة‭ ‬آلاف‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬المخيم‭ ‬مهددة‭. ‬وقال‭ ‬مصدر‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬بالعملية‭ ‬لوكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬مسؤولي‭ ‬المنظمة‭ ‬يضغطون‭ ‬على‭ ‬موسكو‭ ‬لتحث‭ ‬حليفتها‭ ‬دمشق‭ ‬على‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬شحنات‭ ‬المساعدات‮»‬‭. ‬وفرّ‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬الماضية‭ ‬إلى‭ ‬المخيم‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬كان‭ ‬يسيطر‭ ‬عليها‭ ‬تنظيم‭ ‬‮«‬الدولة‭ ‬الإسلامية‮»‬،‭ ‬استهدفتها‭ ‬ضربات‭ ‬جوية‭ ‬شنتها‭ ‬روسيا‭ ‬والتحالف‭ ‬بقـيادة‭ ‬الولايـات‭ ‬المـتحدة‭. ‬
وشددت‭ ‬قوات‭ ‬الأسد‭ ‬حصارها‭ ‬للمخيم،‭ ‬الواقع‭ ‬كذلك‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬الحدود‭ ‬العراقية،‭ ‬لمنع‭ ‬المهربين‭ ‬والتجار‭ ‬من‭ ‬توصيل‭ ‬الغذاء‭. ‬وقال‭ ‬الأردن‭ ‬الذي‭ ‬وافق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬بمرور‭ ‬مساعدات‭ ‬لمرة‭ ‬واحدة،‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬المخيم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬داخل‭ ‬أراضيه‭ ‬وإن‭ ‬المخصصات‭ ‬المستقبلية‭ ‬له‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬مخازن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬داخل‭ ‬سوريا‭. ‬
لا‭ ‬يعلم‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬في‭ ‬رقاب‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬بكافة‭ ‬دوله‭ ‬ومنظماته‭ ‬فعندما‭ ‬يقتل‭ ‬الأطفال‭ ‬ويموتون‭ ‬جوعاً‭ ‬فقد‭ ‬ماتت‭ ‬الإنسانية‭ ‬فبأي‭ ‬ذنب‭ ‬يقتلون؟

‭ ‬كاتب‭ ‬وباحث‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق