إنقاذ ترامب لبن سلمان من قضيّة خاشقجي سيكون صعبا Posted: 23 Nov 2018 01:15 PM PST شنّ أحد الصحافيين السعوديين هجوماً على السيناتور بوب كروكر، عضو لجنة الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، معتبرا أن موقفه الحازم من قضية اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي سببه مصالح موعوداً بها في قطر، وهو اتهام، على ركاكته، يعتبر ضرباً في الغيب وإهانة مجانية للمؤسسات الديمقراطية الأمريكية. سبب انزعاج الصحافي الموالي لوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، على ما يظهر، هو أن كروكر، وزميلاً آخر له في لجنة الخارجية في الكونغرس، قاما بتفعيل قانون ماغنيتسكي الشهير بطلبهما من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رداً رسميّاً على سؤال إن كان وليّ العهد السعودي متورّطا في مقتل خاشقجي أم لا، وباستخدامهما هذا السؤال في إطار قانون ماغنيتسكي (الذي يجيز للولايات المتحدة الأمريكية محاسبة دول على جرائم ضد حقوق الإنسان) فإن لدى إدارة ترامب 120 يوماً للإجابة بشكل رسميّ ودقيق وموثّق على السؤال. يضاف لذلك أن لجنة الأمن في الكونغرس قرّرت بدورها البدء بتحقيق في المعلومات التي تمتلكها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بعد تناقل أنباء عن كونها تملك تسجيلا لمحمد بن سلمان يأمر فيه بإسكات خاشقجي (وهو ما قد يعتبر دليلا على صدور أمر القتل من وليّ العهد مباشرة)، وكذلك بالتحقيق في ردود أفعال ترامب حول القضية وهل تعتبر شكلا من أشكال التغطية على علاقة بن سلمان بالجريمة. والواقع أن العالم فوجئ بتصريحات ترامب الأخيرة التي حاول فيها إضعاف استنتاج وكالة الاستخبارات الأمريكية أن MBS (كما يسمى وليّ العهد السعودي في وسائل الإعلام العالمية) متورّط في جريمة الاغتيال ثم تأكيده بعدها أن الولايات المتحدة الأمريكية ستبقي على علاقاتها الوطيدة مع السعودية بغضّ النظر عن القضية، وأن ما يهمّه هو مصالح أمريكا وإسرائيل فحسب، والذي أتبعه، بسرعة، بتصريح آخر يشكر فيه الرياض على خفضها أسعار النفط! التقييم العامّ لهذه التصريحات لخّصه ناشر صحيفة «واشنطن بوست» باعتبارها رسالة لطغاة العالم أن «ادفعوا مبلغا كافيا من المال للرئيس الأمريكي وانجوا بأنفسكم من الجريمة»، ولخّصه أيضاً أحد المغرّدين على «تويتر» بالقول: «لا أهتم بمقتل أي صحافي طالما تعطونني مالا. إذا أعطيتموني مالا فاقتلوا من تشاؤون»، فيما علّق النائب الجمهوري توم ماليناوسكي على موقف ترامب قائلا «إن الرئيس لديه تعاطف غريزيّ مع القادة الأقوياء الذين يعادون الأخلاق ولا أعتقد أن من الصعب فهم السبب». يشبه عمل السعودية على خفض سعر النفط ما قامت به سلطاتها من زيادات في الرواتب وعطايا ماديّة أخرى للسعوديين بعد شيوع خبر الجريمة فهي رشوة سريعة تتعامل مع المواطنين كمجاميع لا يهمّها سوى التحسين الظرفيّ لأحوالها المادية، وفي حالة النفط فالرشوة موجّهة للأمريكيين مباشرة ولإعطاء تبرير لترامب على موقفه المشين. يستخدم النفط، بهذا المعنى، لتغطية الدم المنتهك، سواء في جريمة خاشقجي أو في اليمن أو في السجون السعودية التي زجّ فيها الناشطون والأكاديميون والعلماء والدعاة، أما بالنسبة لترامب فهو الحجّة العظمى التي تلغي الحجج الأخرى، وهنا أيضاً يظهر فهم ترامب للمواطن الأمريكي الذي لن يهتمّ لمقتل أيّ كان ما دامت فاتورة بترول سيارته قد نقصت عدة بنسات. لكن بالعودة إلى ما قرره الكونغرس، والحملات التي ما يزال يشنّها الساسة والناشطون ووسائل الإعلام، فإن الدم سيبقى أثقل وزناً من النفط، ومحاولة ترامب إخراج ولي العهد السعودي من الورطة قد تورّطه هو شخصياً بتهم كثيرة على رأسها الإساءة للمصالح الأمريكية التي يزعم الدفاع عنها. |
ما أصدق الرئيس الأمريكي وما أحلاه! Posted: 23 Nov 2018 01:14 PM PST كم هي مضحكة وكوميدية ومضللة الهجمة الإعلامية والسياسية على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأنه ضرب عرض الحائط بتقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية التي خلصت إلى أن المسؤول الأول عن اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي بطريقة أبشع من الطريقة الداعشية هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. يا جماعة الخير، لماذا تصورون الإدارة الأمريكية كما لو أنها كفرت برب العالمين لمجرد أنها باعت دم خاشقجي مقابل تخفيض أسعار النفط أو صفقات مليارية مع السعودية؟ لماذا تلومون وزير الخارجية الأمريكي عندما يقول إن المصالح العليا الأمريكية أولاً وأخيراً؟ لماذا تهاجمون الرئيس الأمريكي عندما يغرد قائلاً: «أمريكا أولاً»؟ ما أنفق وما أسخف الذين يحاولون تصوير أمريكا على أنها بلد المبادئ والأخلاق، وأن الرئيس ترامب شوه سمعتها في العالم عندما رفض اتهام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بإعطاء الأوامر لاغتيال خاشقجي؟ هل نحن فعلاً نواجه صراعاً حقيقياً داخل أمريكا بين الإدارة الأمريكية التي تمارس السياسة الواقعية real politics وبين بعض أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ ووسائل الإعلام الأمريكية وعلى رأسها صحيفة واشنطن بوست ونيويورك تايمز اللتان تتزعمان الحملة للاقتصاص من قتلة خاشقجي ومعاقبة المسؤولين السعوديين على فعلتهم الشنيعة؟ هل فعلاً هناك نوازع أخلاقية عظيمة لدى المؤسسات الأمريكية السياسية والإعلامية التي ترفض موقف الرئيس الأمريكي من ولي العهد السعودي، وتتهمه بالعمل لدى المملكة كمدير علاقات عامة لتبرئة ساحتها وتلميع صورتها التي تشوهت عالمياً بعد اعترافها باغتيال خاشقجي وتقطيع جثته وربما إذابة جثته بالأسيد؟ أخشى أن تكون الحملة المضادة لترامب في أمريكا بخصوص موقفه النفعي من قضية خاشقجي مجرد ضحك على الذقون لإيهام العالم بأن أمريكا أم الأخلاق، وأنها لا ترضى عما تفعله الإدارة. بصراحة لا يمكن لذي عقل أن يصدق مطلقاً هذه الهيصة الأمريكية المناهضة لدونالد ترامب. ولا شك أن كثيرين يعتبرونها لعبة توزيع أدوار بين الإدارة من جهة وبين المؤسسات الإعلامية وبعض المؤسسات السياسية من جهة أخرى. الإدارة تمارس السياسة النفعية المفضوحة، والإعلام يهاجمها لذر الرماد في العيون. متى اتبعت أمريكا سياسة أخلاقية في تاريخها؟ ألم تقم أصلاً على جماجم أكثر من مائة مليون هندي أحمر قتلتهم وهجرتهم واحتلت وطنهم؟ أليست صاحبة أطول سجل للعدوان على الدول الأخرى؟ لا شك أننا نرفع القبعة لصحيفة واشنطن بوست التي تتحدى البيت الأبيض، وتتبنى قضية جمال خاشقجي من منطلق أخلاقي وإنساني… رائع، لكن أين أخلاقيات هذه الصحيفة وغيرها من الصحف الأمريكية من قضايا ملايين العرب في سوريا واليمن والعراق وليبيا الذين ماتوا او تشردوا او يتعرضون للتعذيب المنظم؟ الأخلاق والمبادئ لا تتجزأ. هل ننسى أن كبريات الصحف الأمريكية هي من قادت الحرب على العراق وغزوه وإعادته إلى العصر الحجري؟ لقد كانت بعض الصحف تنشر الأخبار والمقابلات الداعية إلى غزو العراق على صفحاتها الأولى، ثم تنشر آراء المعارضين للحرب في الصفحات الداخلية التي لا يراها أحد، حسب الناشطة الأمريكية الشهيرة إيمي غودمان. ثم لماذا تنبري بعض الصحف للدفاع ليل نهار عن قضية صحافي واحد، بينما تتجاهل محنة ملايين المعذبين والمشردين واللاجئين العرب؟ لو أفردت هذه الصحف خمسة بالمائة من موادها للدفاع عن خاشقجي لمهاجمة الطواغيت العرب كبشار الأسد وغيره على ما فعله بسوريا والسوريين، لكانت قد خلقت رأياً عاماً أمريكياً ضاغطاً على الإدارة لمعاقبة ذلك المجرم التاريخي الذي قتل أكثر من مليون سوري واعتقل وشرد الملايين ودمر ثلاثة أرباع البلد. والسؤال الأهم: متى اتبعت أمريكا سياسة أخلاقية في تاريخها؟ ألم تقم أصلاً على جماجم أكثر من مائة مليون هندي أحمر قتلتهم وهجرتهم واحتلت وطنهم؟ أليست صاحبة أطول سجل للعدوان على الدول الأخرى؟ فلماذا تلومونها الآن على التضحية بدم صحافي، وتنسون أنها باعت شعوباً وبلاداً من قبل من أجل مصالحها القذرة؟ ألا يتعامل الإعلام الأمريكي المملوك أصلاً للشركات التي تدير أمريكا بمبدأ: «قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر»؟ هل يمكن أن تقبل الشركات الكبرى التي تملك الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية الأخرى أن تخسر أمريكا صفقاتها المليارية مع السعودية وغيرها من أجل تحقيق العدالة لصحافي أو كاتب؟ دعكم من هذا النفاق. أليست الشركات التي تسيطر على الإعلام الأمريكي هي جزء لا يتجزأ من الطبقة الأمريكية الحاكمة؟ وكي لا نلوم أمريكا وحدها على سياستها النفعية، هل هناك دولة في العالم مستعدة أن تضحي بمصالحها الحيوية والاستراتيجية من أجل شخص أو حتى من أجل شعوب؟ حتى الأفراد أنفسهم ينسون قتلاهم وشهداءهم بسهولة مقابل دية بسيطة أو مصالحة تحفظ لهم ماء وجوههم، فما بالك الدول. لاحظوا الآن كيف تتقارب الدول من النظام السوري بعد أن شاركت في تدمير بلده ونظامه، وكيف يتقرب النظام من نفس الدول التي لعنت سنسفيل نظامه على مدى سنوات. ليس هناك أخلاق في السياسة، بل هناك مصالح فقط. ومن يطلب الأخلاق في السياسة كمن يطلب الدبس من ذنب النمس. وسلامتكم. ٭ كاتب واعلامي سوري falkasim@gmail.com |
عودة «صفقة القرن» ونظرة على واقع متناقض ومرتبك Posted: 23 Nov 2018 01:13 PM PST لا يشك أحد في أن الهدف من «صفقة القرن» هو تصفية القضية الفلسطينية، وتأجيج مزيد من الفتن والتفتيت والاقتتال.. وهي بهذا المعنى نكبة ذات أبعاد شاملة؛ وطنية وقومية وسياسية وثقافية وروحية وإنسانية، ويجب أن يرتقي الموقف منها إلى مستوى معاكس لها؛ خاصة إن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان منساق وراءها ومقر بها، وللتخفيف من وطأتها يصورها مجرد أزمة إنسانية وطبيعية، فيبرئ صناعُها من مسؤوليتهم التاريخية والسياسية والأخلاقية عن جريمة شنعاء لا تسقط بالتقادم.. واعتمد بن سلمان على خلط الأوراق، وطمس وقائع التاريخ المروي والمدون والمعتمد، فيتماهى مع المشروع الصهيوني، ويتبناه كحل لا فكاك منه. ومن ناحيته يختزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نكبة فلسطين؛ مع اتساعها وشمولها «القارة العربية» بين المحيط والخليج، وما يحدث لتلك الرقعة المحصورة بمحافظة غزة، وما حدث لكل فلسطين قبلها لم يكن بحال كارثة طبيعية؛ نتجت عن إعاصير أو فيضانات وطوفان أو زلازل وبراكين، أو ما شابه؛ نكبة نفذها غزو وإرهاب وعدوان مسلح صنعته حقبة استعمارية لم تنته بعد، ونفذها عصابات منظمة.. عنصرية.. استعمارية.. توسعية.. غاشمة؛ اغتصبت الأراضي وغيرت معالمها، ودفعت سكانها للفرار والهروب إلى ملاجئ ومنافي لأكثر من سبعين عاما. ومع ذلك عرف الفلسطينيون طريقهم، وجددوا وأبدعوا في طرق وسبل الصمود والمقاومة.. استعدادا للحظة قادمة يجب الإمساك بها لإعادة «القارة العربية» إلى عمق وامتداد لقوى المقاومة بكل أشكالها ودرجاتها، وأهل غزة ضربوا الأمثال الأسطورية في الجَلَد والتحمل، وفرقوا بين الصديق والعدو والمتردد، وبين من مع ومن ضد، وبين من هو بَيْن بَيْن؛ قارعوا الاحتلال وواجهوا الحصار، وصبروا على ظلم الأشقاء، وتآمر الحكام، واستمروا قابضين على جمر المقاومة والذود عن المقدسات؛ لا يتنازلون عن القدس، ويرفضون «الوطن البديل»، واستبدال الأراضي والسكان مقابل مشروعات وهمية مُلَغومة ومسمومة. ويعود الحديث عن صفقة القرن مجددا؛ في ظروف مرتبكة ومأساوية على كل الجبهات، وأخطرها جبهة البيت الأبيض، وموقف ترامب الذي ندد بمقتل جمال خاشقجي، ووصف توابع الجريمة السعودية بـ«أسوأ عملية تستر في التاريخ»، ثم عاد ووصف السعودية بـ«الحليف الرائع»، في تناقض واضح مع ما أعلنته المخابرات الأمريكية، على لسان كبار مسؤوليها بتورط بن سلمان فيما حدث لخاشقجي. وخاطر بالصدام مع أجهزة الأمن والمخابرات. وعزل نفسه داخليا وخارجيا من جهة أخرى قد تُجْهض جريمة مقتل جمال خاشقجي صفقة القرن؛ حسب تقرير لوكالة «اسوشيتد برس» الشهر الماضي جاء فيه: «إن مقتل خاشقجي يهدد خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطموحة في الشرق الأوسط»، وتضع حدا لصفقة القرن لدور بن سلمان الرئيسي في توفير «الغطاء الدبلوماسي» لطرفي النزاع. الهدف من «صفقة القرن» هو تصفية القضية الفلسطينية، وتأجيج مزيد من الفتن والتفتيت والاقتتال.. وهي بهذا المعنى نكبة ذات أبعاد شاملة؛ وطنية وقومية وسياسية وثقافية وروحية وإنسانية وأشار نفس التقرير إلى ترجيح مراجعة ترامب لاستراتيجيته الشرق أوسطية، وجاء على لسان السفير الأمريكي لدى تل أبيب في عهد أوباما، دان شابيرو، بأن مقتل خاشقجي عَقَّد خطط ترامب بشأن صفقة القرن؛ «إن كانت موجودة في الواقع» حسب قوله. وأضاف حتى لو أن الرياض استمرت في التمسك بها؛ اعتمادا على ما كان من قدرة لبن سلمان على كسر المحرمات والضغط على الأطراف الفلسطينية بتقديم تنازلات مطلوبة لإنجاح الصفقة؛ هذه القدرة تلاشت. وتَبَنِّي ترامب لصفقة القرن أسقط حل الدولتين؛ معوّلا على المال السعودي والوزن النفطي للرياض لتمريرها، ومعتمدا على مستشاره وصهره جاريد كوشنر، وعلاقاته الشخصية بابن سلمان، التي وطدتها زيارة سرية للرياض العام الماضي، وبدا ذلك غير ممكن الآن. وكان موقع «ميديل إيست آي» البريطاني قد أفصح عن ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر 2017؛ حسب مصادر غربية وفلسطينية حصرت عناصر الصفقة في: 1 ـ إقامة دولة فلسطينية تشمل قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية. 2 ـ توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة وإسكان وزراعة ومناطق صناعية ومدن جديدة. 3 ـ تأجيل قضايا وضع القدس وعودة اللاجئين لمفاوضات لاحقة. 4 ـ بدء المفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين تل أبيب والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية. وأشار تقرير «اسوشيتد برس» السابق ذكره إلى أن «إحلال السلام» بين الفلسطينيين والدولة الصهيونية يسمح لترامب بإقامة تحالف من تل أبيب والرياض وأبو ظبي والقاهرة لمحاربة إيران برعايته، وهو تحالف يواجه برفض رسمي فلسطيني للدور الأمريكي؛ رد على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، وبسبب حرب السعودية ضد اليمن، وخلافها مع كندا، وحصارها لقطر. وأكدت مصادر أمريكية مطّلعة على الحرص على إتمام صفقة القرن، ونفي أي تأثير لمقتل خاشقجي عليها، وأشارت نفس المصادر إلى أن الفريق المختص لم يبحث الموضوع منذ الاعتراف الرسمي بالجريمة، وأشار موقع دويتشه فيله DW الألماني إلى «فيتو» سعودي ضد «صفقة القرن» (بتاريخ 01/08/2018)، ورَفْض الملك سلمان لصفقة لا تلبي المطالب الفلسطينية، مع إدراك طبيعة التحديات، التي قد تؤدي لإتمام «الصفقة» دون ضوء أخضر عربي. وتجدر الإشارة إلى أن مشروع «نيوم» استهدف فتح صفحة جديدة مع الدولة الصهيونية.. وتحسين العلاقات العربية ـ الصهيونية، خاصة وأن جزءاً من المشروع سيقام في صحراء سيناء. وأوردت تقارير صحافية صهيونية اهتمام شركاتها بالمشاركة فيه، وسبق وصرح «لورام ميتال»، الباحث بجامعة بن غوريون، لصحيفة بلومبيرغ الأمريكية إن (إسرائيل) ستشارك في المشروع، و«اتفاقية السلام» مع القاهرة تضمن للدولة الصهيونية منفذاً في البحر الأحمر، وتأكد ذلك منذ تنازل «المشير السيسي» عن جزيرتي تيران وصنافير اللتين سيعبُر فوقهما جسر «نيوم». ويرتبط نجاح المشروع بتنفيذ صفقة القرن، ومَهَّد بن سلمان لذلك برسائل دافئة لتل أبيب؛ اعترف فيها بحق (إسرائيل) في الوجود، وهو تطور إضافي إلى العلاقة السعودية القوية بالدولة الصهيونية. وليس في مقدور الملك سلمان ولا ولي عهده المخاطرة برفض صفقة القرن، وأشار الموقع إلى تحول كبير في نهايات شهر تموز/يوليو (2018) الماضي؛ حين نقلت الصحافة السعودية على لسان الملك رفض «صفقة القرن» ما لم تتضمن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وما لم تلتزم بعودة اللاجئين، وبمبادرة السلام العربية لعام 2002. وحسب تصريح السفير الفلسطيني في الرياض لوكالة «رويترز» فإن الملك سلمان أبلغ الرئيس عباس بأنه لن يتخلى عن الفلسطينيين، ويقبل ما يقبلون ويرفض ما يرفضون. ولفت الموقع الألماني إلى ما نشرته مجلة «ذا نيويوركر» من قَبْل، باستعداد القادة العرب لدعم الخطة الأمريكية لكنهم تراجعوا، لما تبيّنوا أن نقل السفارة الأمريكية للقدس أثار تنديداً شعبياً واسعاً، وكشفت وسائل الإعلام قبل أشهر عن ضغط بن سلمان على الرئيس الفلسطيني لتأييد الخطة الأمريكية، وجاء موقف الملك سلمان فأوضح أن السعودية غير مستعدة لحلٍ لم تقبل عواصم غربية؛ عارضت نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وتساءل مراقبون عن اهتمام ترامب بغزة، وكأنه لا يعلم عنها شيئا، وواقع الحال أنها مناورة لكسب الوقت تمريرا للصفقة. هل تابع أحد واقعا أكثر تناقضا وارتباكا من هذا الواقع؟! كاتب من مصر |
ادّخر جهدك للحرب العالمية الثالثة! Posted: 23 Nov 2018 01:12 PM PST أتذكر أني شاهدت فيلما يوغسلافيّا، في إطار مهرجان قرطاج السينمائي، مطلع الثمانينيات، يتمحور حول سيرة صحافي يحاول أن ينجز عمله بنزاهة في صلب مؤسسة إعلامية لم يكن لها خيار آنذاك سوى الامتثال الحرفي للتوجيهات السياسة الرسمية. ومعروف أن نظام المارشال تيتو قد تميز عن باقي الأنظمة الاشتراكية، أولا بالاستقلال التام عن الاتحاد السوفييتي حتى أثناء السطوة الستالينية، وثانيا بإتاحة هامش معقول من مشاركة العمال والموظفين في رسم الخطط وتنفيذها، في قطاعي الصناعة والخدمات وحتى في صلب الجامعات، في إطار ما كان يعرف آنذاك باسم «التسيير الذاتي» أو «الإدارة الذاتية». إلا أن ذلك لم يكن يعني أن النظام يقبل بحرية التعبير أو استقلالية الإعلام. وقد أمكن لي عام 1983 القيام بزيارة، ضمن وفد طلابي، إلى مؤسسات إعلامية في بلغراد، مثل الإذاعة والتلفزيون وجريدة بوربا الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم، فلاحظت أن الصحافيين اليوغسلاف (لم يكن أحد يعرّف نفسه آنذاك بأنه صربي أو سلوفيني، الخ.)يتحدثون بحرية نسبية في المجالس الخاصة، ولكنهم كانوا ملتزمين بالخط الرسمي في التصريحات العلنية. وقد كان الشعار السائد حينها (بعد ثلاث سنوات من وفاة الزعيم) «ليس بعد تيتو إلا تيتو!» وما أذكره هو أن الصحافي بطل الفيلم اليوغسلافي كان كلّما رأى زميلا له مغضبا من تكسر الطموحات الصحافية على صخر البيروقراطية، قال له: امسك أعصابك وادخر جهدك للحرب العالمية الثالثة! كانت الدعابة غالبة على العبارة، ولكنها ألقت في روعي واقعية هذا الاحتمال. كان السبب الأول آنذاك هو أن توازن الرعب بين القوتين العظميين يمكن أن يختل بمجرد إطلاق أي قذيفة نووية عن طريق الخطأ. وكان الخطأ واردا، ولا يزال. أما اليوم فإن العامل الأكبر في ترجيح احتمال وقوع الحرب العالمية الثالثة ليس العامل النووي، بل تخوف القوة السائدة (أمريكا) من القوة الصاعدة (الصين) ورغبتها في وقف هذا الصعود، تماما كما أن تخوف القوة السائدة (بريطانيا) من القوة الصاعدة (ألمانيا) قد كان الدافع الأساسي للحرب العالمية الأولى. الذكاء الاصطناعي… الذي يبشرنا الخبراء بأنه سيطلق تسونامي يقضي على 47 بالمائة من وظائف العمل البشري في غضون الأعوام العشرين القادمة وسواء وقعت المواجهة العسكرية أم لم تقع، فإن الحرب العالمية الثالثة قادمة لا محالة، إذا فهمت بالمعنى الذي يقصده النقابي الفرنسي المعروف برنار تيبو في كتابه الجديد «الحرب العالمية الثالثة ستكون اجتماعية». إذ إن الواقع الاجتماعي في معظم بلدان العالم قد تدهور تدهورا خطيرا بفعل تعطل التقدم الإنساني الذي ظل يعني طيلة عقود تقدما في الحقوق والحريات وتحسنا في مستوى المعيشة بالنسبة لمئات الملايين من العمال. ذلك أن البطالة تستفحل في كل مكان، وأن عشرات الملايين من الأطفال يضطرون إلى الانقطاع عن الدراسة لكسب لقمة العيش، وأن ما لا يقل عن 40 بالمائة من العمال في العالم يشتغلون دون عقود عمل، أي دون ضمانات، وأن أكثر من مليار ونصف المليار شخص يعيشون على أقل من ستة دولارات في اليوم. كما أن 70 بالمائة من سكان المعمورة لا يحظون بأي تأمين اجتماعي، هذا فضلا عن أن الحق في التمثيل النقابي وفي الإضراب منتهك في بلدان كثيرة، بل إن المطالبة به تعرّض لأقسى العقاب: قطع الأرزاق. وقد عمّت موجة الانحطاط هذه حتى اجتاحت أوروبا الغربية ذاتها التي كانت تعدّ قلعة التقدم الاجتماعي. إذ صار المنطق السائد يصور الحقوق الاجتماعية على أنها امتيازات تعود إلى عهد بائد لأن الصيغة النيوليبرالية من العولمة قد حولت المنافسة إلى بقرة كونية مقدسة. إنها حرب اجتماعية عالمية حقيقية ضحاياها هم البشر. ولكن المنطق السائد لا يعترف للبشر حتى بكرامة اعتبارهم ضحايا، بل إنه يعدّهم مجرد «أضرار جانبية». حرب عالمية ثالثة بدأت تحصد مستقبل مئات الملايين، هذا حتى من قبل أن تبدأ النيوليبرالية في استخدام سلاحها الجديد الفتاك: الذكاء الاصطناعي… الذي يبشرنا الخبراء بأنه سيطلق تسونامي يقضي على 47 بالمائة من وظائف العمل البشري في غضون الأعوام العشرين القادمة. ذلك أن المعوّل من الآن فصاعدا هو على الولد المدلّل: الروبوت. أما الإنسان فإنه قد صار، حسب وصف باحثة سويسرية، «مجرد حبة رمل تعرقل الدورة الطبيعية للماكينة الإنتاجية»! كاتب تونسي |
البراق المغربي Posted: 23 Nov 2018 01:10 PM PST تحقق أخيرا المشروع السككي الثوري الذي طال انتظاره في المغرب. قطار فائق السرعة يطوي في ساعتين وربع الساعة المسافة الفاصلة بين طنجة والدار البيضاء، بعد أن كان يتطلب قطعها أربع ساعات وخمس وأربعين دقيقة على السكة العادية. قطار من طراز الذي ينقلني من ليون إلى باريس، سأتشرف بالركوب في متنه خلال رحلاتي المقبلة إلى المغرب. «حلم تحول إلى حقيقة» صرح هذا المواطن عبر أثير الإذاعة هذا الصباح، «في وقت بات فيه احترام القطارات لمواعيدها أمرا ميؤوسا منه» يضيف آخر، بينما يترقب ثالث انقشاع غيوم منطقة مازالت ضبابية، تدعى كلفة التذاكر (التي سيعلن عنها بعيد انتهائي من كتابة هذا المقال). يقول المثل: «في التأني السلامة وفي العجلة الندامة» والتأني هنا تمثله مدة المشروع التي دام مخاضها أكثر من عشر سنوات، أما السلامة، فصارت هذه المرة ملاذا للعجلة، العجلة المشروعة التي يجيزها التقدم التكنولوجي. فما أقدر العجلة، متى كانت مرجعا لمحاسن السرعة لا مساوئها، على إطلاق دعوة للمضي قدماً. هذه الدعوة، تلقفها المغرب فصنع الحدث فنال قصب سبق إفريقيا في اختزال المسافات، وتخطي الحدود بأنواعها ليجعل من سجله في الحداثة نموذج مثابرة لا تكل ولا تمل في خدمة التوفيق بين الأصالة والمعاصرة. لقد اخترع البراق المغربي العجلة. وإن لم يخترعها طبعا على سبيل من نداعبه عندما نستعمل هذا التعبير في معناه المجازي، فكأنه يجبرنا على استخدام العبارة في اتجاه لا يعتاده السماع اللغوي، وكيف لا فهو خرق العادة ! لقد اخترع البراق المغربي العجلة حقا في النقل السككي في إفريقيا وبذا خلق ثورة. ثورة نشأت في قلب زماننا المعولم، فجسدت هويتها المعولمة. والتداعيات واضحة: قطار فائق السرعة يصل رئتي المملكة الاقتصاديتين ببعضهما ليجسد ثلاثة أعمدة تشكل قوائم المثلث العولمي: التنقل، التواصل والتبادل، والمقبل في الطريق… المقبل، اسمه مراكش وأكادير، اللتان طالما قيل لي أيام طفولتي في المغرب «إنهما تقعان خارج المدار السككي إلى الأبد»: فمراكش تصلها حافلة المكتب الوطني للسكك الحديدية أصلا، ولن يضاف إلى المسار الطرقي مسار سككي بأي حال من الأحوال، أما أكادير (وقد كانت مدينتي آنذاك) «فأسقطها من المعادلة تماما فـ «تضاريس الجغرافيا» لا تسمح بإقامة خط للسكك الحديد تربطها بباقي مدن المملكة البتة. غيّر البراق صورة الرحلة في المغرب كما غيّر صورتها في الخارج.وجاء لينقض المثل الشائع فجرد «الندامة» عن العجلة ليجعل منها منارا للتنمية. باحث وأكاديمي فرنسي |
«دول خليجية تهرول نحو إسرائيل» Posted: 23 Nov 2018 01:08 PM PST سؤال فرض نفسه وأنا أقرأ قول الحاخام اليهودي مارك شناير، حول «تنافس وهرولة زعماء وقادة خليجيين نحو التطبيع مع دولة الاحتلال إسرائيل». والسؤال هو لماذا يحب الزعماء والقادة العرب عموما، وقادة بعض الدول الخليجية خصوصا، من يوجه إليهم الإهانة ويقلل من شأنهم، خاصة إذا كان مصدر الإهانة من الأصدقاء الأمريكيين والحليف الجديد إسرائيل، وهم يقبلون منهم ما لا يقبلونه من أي كان، وأرفض مقولة إن الخوف من الاطماع الإيرانية سبب ذلك. فالخطر الإيراني، إن وجد أصلا، قائم ليس منذ وصول نظام الآيات إلى طهران في أواخر سبعينيات القرن الماضي، بل خلال عهد الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي، الذي كان العصى الطويلة التي كانت تستخدمها إسرائيل لتطويع أي من هذه الأنظمة التي تعارضها. ونذكّر بأن الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى لم تحتلها إيران في زمن الآيات، بل في عهد الشاه، وظلت المطالبة باستعادة هذه الجزر حبرا على ورق رغم مرور نحو47 عاما على احتلالها. ويذكر أن هذه الجزر احتلت في 30 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1971، أي قبل أيام من استقلال هذه الامارات عن بريطانيا. ولم تكلف بريطانيا الدولة القائمة بالاحتلال خاطرها باستعادة هذه الجزر، وربما قدمتها هدية للشاه في حينها على حساب قادة عرب «لا تهتز لهم قصبة»، قادة وزعماء يقبلون لأنفسهم بان يكونوا «الحيط الواطي» الذي يقفز من فوقه كل من اراد طالما الارض مباحة. إيران لن تخوض حربا مع أي من الدول الخليجية، كما لن تفعل إسرائيل ذلك من أجلها. ولا تشكل إيران تهديدا عليها، فهي ترتبط معها بمصالح اقتصادية كبيرة لاسيما الإمارات، وإيران ليست معنية بتوريط نفسها في أزمات جديدة، فلديها ما يكفيها في سوريا والعراق واليمن وغيرها، وإلا فما الذي يعيقها إن كان هذا هو هدفها، فهي إن ارادت تستطيع أن تقلقل الامارات وتشعل الأرض تحت رجلي ملك البحرين وتحرك الشيعة في المنطقة الشرقية النفطية في السعودية. وتهول هذه الأنظمة الخطر الإيراني المصطنع، لا عن قناعة لأنها تعرف في قرارة نفسها أنه غير قائم وغير موجود أصلا، على الأقل في المستقبل القريب، ولكنه قد يصبح قائما إذا ما واصلت هذه الانظمة عداءها لهذا البلد الجار القائم منذ آلاف السنين. والغرض من تهويل الخطر الإيراني والنووي على وجه الخصوص، لتبرير تحالفاتها مع دولة الاحتلال إسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. تلك العلاقات التي بدأت في الآونة الاخيرة، الخروج من السر إلى العلن، كما حصل في زيارة نتنياهو إلى عمان وريغيف للامارات وآخرين للبحرين بدعوات رسمية. لقد أصبحت هذه الأنظمة تعتمد اعتمادا كبيراعلى دولة الاحتلال في كثير من الخدمات والتكنولوجيا الأمنية والتجسس حتى على شعوبها، لذلك فإسرائيل لن تكتفي في المقابل بزيارة رسمية بين الحين والاخر، ولن يقنعها المال الوفير الذي تتقاضاه شركاتها الأمنية والتكنولوجية، ولن تقبل بأقل من التطبيع الكامل، الذي يفتح أمامها أبوابا موصدة، وآفاقا اقتصادية وامنية وسياسية واسعة، والأهم من كل هذا إفراغ المبادرة العربية/ السعودية من مضمونها وطي صفحة القضية الفلسطينية في هذه الدول. طبعا يبقى هذا طموح دولة الاحتلال وأنظمة هذه الدول الخليجية، ولكن ليس كل ما تتمنى إسرائيل وهذه الدول، تدركه وستجري الرياح بما لا تشتهيها سفنها، بفضل نضال الشعب الفلسطيني وصموده وقضيته العادلة، التي تحقق الانتصارات وتحظى بالتعاطف والدعم على الصعيدين الشعبي والعالمي الذي تتسع رقعته، رغم كل الدعم والخدمات التي تقدمها لها الولايات المتحدة، وآخرها ما صرح به ترامب في ما يخص ذبح الصحافي السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه أو تجزئته، كما يقول السعوديون، في القنصلية الامريكية في إسطنبول، بأن الولايات المتحدة ستظل الشريك القوي للسعودية، ليس لضمان المصالح الأمريكية، بل للحفاظ على دولة الاحتلال. وأعود إلى ما قاله الحاخام شناير من إنه خلال زيارته الأخيرة إلى الخليج العربي، شهد ما وصفه بـ «الثورة التي يمر بها تطور العلاقات الإسرائيلية مع دول في الخليج»، معتبرًا أن هذه الدول تتنافس في ما بينها على إقامة علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل. وأضاف في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية على أن دولًا في الخليج «تهرول» نحو إسرائيل، وتتنافس حول من ستكون أول دولة تعلن عن إقامة علاقات دبلوماسية معها. وربما يقول شناير الحقيقة فهو المعروف بعراب العلاقات الخليجية الاسرائيلية. ويتوقع أن تكون البحرين أولى هذه الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وسيتبعها الجميع، حسب قوله. وتابع شناير الذي تنفتح امامه أبواب قصور ملوك وأمراء الخليج منذ نحو15 عاما، «إذا قيل في الماضي إن دول الخليج لن تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل إلا بعد توقيع اتفاق سلام مع الفلسطينيين، اليوم أسمع من القادة أن استئناف المفاوضات سيكون كافيا لإقامة علاقات علنية»، وقال إنه يعتقد «أننا سنرى علاقات دبلوماسية مع جميع دول الخليج خلال 2019». بيد انه في الوقت الذي يحاول فيه العرب المتصهينون والمتأسرلون والمتأمركون، كل لأسبابه، اللاهثون وراء التطبيع مع إسرائيل، كما يقول شناير، النأي بانفسهم عن القضية الفلسطينية، وهذا بالتأكيد لصالح القضية، لانهم بافعالهم هذه إنما يعرون انفسهم امام شعوبهم، تحقق القضية الفلسطينية العادلة نجاحات على الصعيد العالمي وتستقطب المؤيدين من جميع أنحاء العالم. مثل هؤلاء المؤيدين لا مصالح أو منافع شخصية لهم، انما دوافعهم الوقوف إلى جانب العدل ورفض الظلم والظالمين ومن يقف معهم». وفي هذا السياق أتذكر مسنا استراليا اسمه جون ساليسبوري، قرر السير مسافة 727 كيلومترا، من مدينة ملبورن إلى آديلايد، وتحديدا أمام مركز المؤتمرات في المدينة، الذي سيحتضن مؤتمر حزب العمال المعارض، والهدف من هذه الرحلة التي ستستغرق نحو شهر وتنتهي في منتصف ديسمبر/كانون الأول، دفع بلاده للاعتراف بدولة فلسطين، بعدما أعلنت حكومته نقل سفارتها إلى القدس، واعتبره أمرا خاطئا. وجاء قرار ساليسبوري بعد مشاركته في فعالية أقيمت في ملبورن تحت عنوان «تكلم من أجل حقوق الإنسان للفلسطينيين». ويقول إن «نقل السفارة إلى القدس هو مطلب إسرائيلي، وهذه الخطوة لن تساهم في حل القضية الفلسطينية، وعلينا أن نبعث برسالة إلى إسرائيل مفادها أنها لن تستطيع تحقيق كل ما تريده». ودعا لدعم مسيرة الشعب الفلسطيني ومطالبه في الحرية والاستقلال. وفي السياق ذاته وجهت حركة مقاطعة إسرائيل المعروفة عالميا بـ«BDS» ضربتين قاسيتين لدولة الاحتلال والاستيطان في يوم، اولها أن منصة «ايربي أن بي» العالمية ومقرها ولاية كاليفورنيا، لتأجير الغرف السياحية، أعلنت عن وقف نشر معلومات عن شقق تأجير في المستوطنات. وجاءت الضربة الثانية، حسبما ذكرت صحيفة «جيروساليم بوست» الاسرائيلية من إحدى الكنائس في بريطانيا، تطلق على نفسها «كويكرز» تعود جذورها إلى منتصف القرن السادس عشر، ولها انصار في جميع انحاء العالم، التي أعلنت سحب الاستثمار من شركات تحقق ارباحا من نشاطات اقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وقالت إن هذا يعادل الربح من تجارة العبيد في القرن التاسع عشر. واختتم بالقول إننا، وكما قلنا مرارا وتكرارا، أن هرولة بعض الدول الخليجية نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، لن يثبط عزائمنا، فحقيقة الإقبال على تبني سياسة «BDS» واتساع رقعة تأثيرها، إلى حد أن تتخذ منصة «ايربي أن بي» قرارا بمقاطعة المستوطنات في زمن إدارة ترامب الصهيونية، دليل قاطع على أن قوة القضية الفلسطينية وعدالتها تثبتان أنها لا تزال تحظى بالتأييد الشعبي الكبير على الصعيدين العالمي والعربي، الذي لا يزال يرفض تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال. وهناك ايضا دول تساند هذا الشعب في حربه المستعرة مع دولة الاحتلال والحركة الصهيونية من ورائها. ويؤكد ذلك موقف دول مثل إندونيسيا التي رفضت اتفاقا تجاريا مع أستراليا قيمته مليار دولار، بسبب إعلان رغبتها بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة. أما انظمتنا لاسيما الخليجية، فهي التي تدفع مئات مليارات الدولارات. *كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي» |
أربعة أطراف متنازعة في معارك الشمال السوري الأخيرة Posted: 23 Nov 2018 01:03 PM PST بات الشمال السوري، إن كان المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد ودرع الفرات، أو جيب إدلب، مسرحا لمعركتين قد تكونان الأخيرتين في سوريا، وتتنافس أربع قوى متنازعة على السيطرة النهائية على تلك المناطق التي ستختتم مرحلة الحرب الأهلية الدموية في سوريا وهي، النظام السوري وحليفاه الايرانيين والروس، الذين يسعون لاستعادة كامل الأراضي السورية، لكن امامهم طرفا أكثر صعوبة هذه المرة، وهو القوى الكردية المدعومة من الأمريكيين. الاتراك يحاولون اقتناص ما يمكن اقتناصه بالتنسيق مع الطرفين، حسب اعتبارات أمنهم القومي المتوجس من الطموحات الكردية، فمرة يتوغلون بعملية «درع الفرات» بتنسيق مع الأمريكيين، ومرة يتوغلون بعملية «غصن الزيتون» في عفرين بتنسيق مع الروس، الأقرب لهم ضمن مجموعة أستانة حول سوريا، التي تضمهم مع حلفاء دمشق، طهران وموسكو. بين تلك الاطراف المتنازعة، الأكراد والأمريكيون من جهة، والنظام وحلفاؤه من جهة، والأتراك الذين يدخلون سوريا بالتنسيق مع أحدهما، يأتي طرف رابع، أقل قوة ولكنه ما زال يفسد حفلة اقتسام الكيكة على الأطراف، وهم الجهاديون، الذين باتوا على مدى السنوات الأخيرة، التيار الأخير الباقي بفعالية من حالة التمرد السني المسلحة ضد الأسد، ففي إدلب يحتفظ مقاتلو «تحرير الشام» بنسبة كبيرة من السيطرة على المنافذ الحدودية ومراكز المحافظة وبعض القرى، بينما يشاركهم وتنازعم الأمر في إدلب ومن قربها عفرين، فصائل مقربة للأتراك تعمل ضمن المرجعية الخاصة بأنقرة، ولكنها لا تعتبر طرفا في هذا النزاع، لانها خرجت عمليا من كونها فصائل تستهدف قتال النظام، إلى كونها فصائل توالي أنقرة وتلتزم بأحد أهم شروط دخولها لشمال سوريا، عدم التصادم مع قوات النظام. قد يبدو الجولاني، نجح للان في استثمار كل التقاطعات الممكنة لتأجيل معركته المقبلة بلا شك مع النظام، لكن لا يبدو أن الأمر سيطول كثيرا، حتى يقدم النظام في الأشهر القليلة المقبلة، على تصفية هذا الجيب الأخير الكبير المتبقي للمعارضة السورية. ومن إدلب غربا، حتى دير الزور شرقا، يظهر الجهاديون كطرف مشاغب لا مرجعية له سوى إصراره على البقاء، حتى لو ضمن بضع قرى ريفية صغيرة في دير الزور، معظمهم من مقاتلي دير الزور والعناصر العراقية المنسحبة مع عائلاتها من الموصل والأنبار وصلاح الدين، بعد هزيمتها من قوات الحشد الشيعية المدعومة أمريكيا، وتعرضت هذه القرى في هجين وما حولها لمجازر رهيبة بحق المدنيين في الأيام الاخيرة، بسبب قصف الطائرات الامريكية الغاضب من خسارته، بعد عامين من الجهد العسكري مع حلفائه الأكراد، لمساحات واسعة في ريف الدير الممتد نحو الحدود العراقية شرقا، وهو الامر الذي رجح إمكانية تدخل قوات الحشد الشعبي العراقية أو على الاقل مشاركتها في الاسناد الجوي والقصف المدفعي. ولكن فرصة هذا الجيب الصغير لتنظيم «الدولة» في لعب دور أكبر، تبقى محدودة، وسيظل النزاع متمحورا بين طرفين رئيسيين في هذه المنطقة، القوى الكردية وداعميها الأمريكيين، والنظام وداعميه، مع طرف تركي يحاول استغلال هذا النزاع ليبعد الأكراد عن حدوده، ومن المرجح أن الأكراد إن شعروا بتزايد النوايا الامريكية بالانسحاب من مناطقهم، سيفضلون مجددا دخول النظام لمناطقهم على دخول الاتراك، وهو الأمر الذي يسعى إليه محور دمشق طهران موسكو، فدمشق لا تريد حالة كردية انفصالية تخرج عن سلطتها، وطهران وموسكو تشتركان في حذرهما من السيطرة الأمريكية في ساحات نفوذهما، وتأليب قوى كردية على مراكز سلطة حلفائهم في بغداد ودمشق، وقد نجحوا في تقليم أظافر الأكراد في كركوك، ويبدو أنهم مصرون على تكرار الأمر شمال سوريا، وإن استغرق الامر سنوات عدة، مستغلين انكماش الامريكيين في المنطقة مقابل التمدد المطرد لهيمنة طهران وموسكو في الشرق الأوسط. *كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي» |
تركيا وحروب الطاقة في المنطقة Posted: 23 Nov 2018 01:01 PM PST من الأسباب الرئيسية التي جعلت الحكومة التركية تعلن صراحة رفضها للعقوبات الأمريكية على إيران، هو حاجتها إلى النفط الإيراني، وبالأخص أن تاريخ بدء العقوبات الأمريكية على إيران جاء في مطلع شتاء هذا العام، في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أي في لحظة يصعب على الشعب التركي فيها الاستغناء عن النفط، الذي تزداد الحاجة إليه في موسم الشتاء عادة، فحسمت تركيا أمرها بتوفير الطاقة من إيران أولاً، فتركيا تستورد 10 مليارات متر مكعب من الغاز من إيران في الوقت الراهن، ولا يمكنها ترك مواطنيها عرضة للبرد في الشتاء، امتثالا للعقوبات الأمريكية. كما أن الحكومة التركية دشنت خلال هذا الشهر المرحلة الأخيرة لانطلاق السيل التركي لنقل الغاز الروسي إلى تركيا أولاً، ثم إلى أوروبا ثانياً، وهو ما أعلن عنه الرئيسان أردوغان وبوتين، في احتفال خاص بهذه المناسبة في إسطنبول بتاريخ 19 نوفمبر الجاري، فقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان:» إن مشروع السيل التركي سيكون جاهزاً وسيدخل الخدمة عام 2019». هذا المشروع التركي الروسي باسم مشروع «السيل التركي» كما سماه أردوغان بموافقة بوتين، سينقل 31.5 مليار متر مربع من الغاز الطبيعي سنويا، فروسيا مصدر مهم من مصادر الطاقة العالمية والقريبة لتركيا، وكانت تركيا قد اشترت من روسيا 387 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، منذ عام 1987، وهذه أرقام هائلة، تؤكد عدم قدرة تركيا عن الاستغناء عن الغاز الروسي، وأن السيل التركي سيوفر على تركيا الكثير من الكلفة في نقل الغاز بالطرق السابقة، وسوف يوفر لتركيا مصادر دخل جديدة من نقل الغاز عبر الأراضي التركية إلى أوروبا، وان ذلك سيكون سببا مهما لاستقرار العلاقات التركية الروسية والأوروبية معاً، وإتمام هذا المشروع سوف يفرض علاقات جديدة وقوية بين تركيا وروسيا، قائمة على مبدأ استقرار المنطقة لأسباب «جيوسياسية» الطاقة في المنطقة كلها. تمّ التوقيع على مشروع السيل التركي بتاريخ 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، ويبلغ طول أنبوبي الجزء البحري من مشروع السيل التركي 930 كيلومترا وبعمق أكثر من كيلومترين تحت مياه البحر الأسود، استمر العمل بهما لسنتين، وقد واجه المشروع الكثير من الصعاب، بما فيها توتر العلاقات التركية الروسية بسبب الأوضاع في سوريا، ولكن روسيا وتركيا توجهتا إلى بناء علاقات ثنائية غير خاضعة للصراعات العسكرية والسياسية في المنطقة، فتركيا وجدت صعوبات كبيرة في تأمين استقرار اقتصادي، من خلال اعتمادها على العلاقات التركية الأوروبية أولاً، وكذلك في العلاقات التركية الأمريكية، التي ربطت العلاقات الاقتصادية مع التطورات السياسية داخل تركيا، وأثرت سلبا على الأوضاع الاقتصادية وسعر الليرة التركية أكثر من مرة في السنوات الأخيرة. لقد جاء تطوير العلاقات التركية مع روسيا لتأمين الاستقرار الاقتصادي لتركيا وللمنطقة معاً، فوضع تركيا كدولة مركزية في أسواق الطاقة العالمية، لتوزيع ونقل الغاز الروسي إلى أوروبا سيصبح ضابطا من ضوابط الاستقرار السياسي في المنطقة، وهذا ما أكده أردوغان بقوله «تتزايد يوماً بعد يوم أهمية أمن وتوريد الغاز الطبيعي في أسواق الطاقة العالمية، والمهم هنا هو أن مشاريع الطاقة يمكن تنفيذها اقتصاديًا، ويجب احترام قرارات البلدان في ما يتعلق بظروفها، ومن أين تريد الحصول على الغاز الطبيعي، وقال اردوغان «لم نحدد إطلاقا إطار علاقاتنا الثنائية مع روسيا، وفقا لمطالب أو إملاءات الدول الأخرى، نحن نسعى دوما إلى إقامة تعاون طويل الأمد مع روسيا». الرئيس الروسي نظر إلى المواقف التركية للمشاركة في بناء مشروع «السيل التركي» للغاز موقفا شجاعاً فقال يوم الاحتفال:» لولا الشجاعة والإرادة السياسية لما رأى المشروع النور، في ظل تصاعد الشروط التنافسية»، فمثل هذه المشاريع الدولية الكبيرة لا يمكن إقامتها في ظل غياب الثقة بين البلدين، وهذا النجاح لا يتوقف على بناء المشروع فقط، وإنما إلى بناء تعاون أوثق في المجالات الاقتصادية الأخرى، ومنها رفع مستوى التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بين البلدين، وكذلك السعي لاستقرار المنطقة، ومنع توسع النزاعات والحروب فيها، وتعزيز التعاون التكنولوجي والبيئي بينها. في الجانب الآخر من نزاعات منابع الطاقة، وهو شرق البحر الأبيض المتوسط فإن تركيا تطالب بعدم اتخاذ قرارات أو إجراءات عملية من عمليات التنقيب والبحث عن الطاقة في تلك المنطقة، إلا بعد التفاهم الكامل لدول المنطقة، فالتفاهمات الخاصة بين مصر وقبرص الرومية وإسرائيل لا يسمح لها بالتنقيب من دون موافقة تركيا أولاً، ومن دون موافقة جمهورية قبرص التركية ثانياً، فوزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أعلن في اليوم الأول من شهر نوفمبر الجاري أن «على نظرائنا أن يعلموا بأن أي مشروع لن ينجح في بحر إيجة والمتوسط من دون مشاركة تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية فيه»، وهو ما أكده الرئيس أردوغان في الرابع من هذا الشهر قائلا: «إن بلاده لن تقبل أبداً بالمساعي الرامية لإقصاء تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، وسلب الموارد الطبيعية المتوفرة شرق المتوسط «، هذا التصريح جاء بمناسبة تعزيز القوات البحرية التركية بسفن حربية جديدة، فخطوط الغاز والطاقة ومنابعها في المياه الاقليمية للدول، إما أن تكون سببا للاستثمار والتجارة والاستقرار في ما بينها، وإما ان تكون سببا للحروب والعدوان الذي يؤدي إلى خسارة الجميع. لا شك أن مشروع السيل التركي سيكون منافساً أو بديلاً أو معطلاً لمشروع الغاز الروسي العابر من أوكرانيا إلى أوروبا، وهذا شأن روسي أوكراني بالكامل، وليست تركيا طرفا مباشراً فيه، ولكن المشروع الآخر الذي كانت تسعى له إيران هو بناء مشروع نقل للنفط والغاز من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان فالبحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، هذا الخط تخطط له إيران مع حكومات البلدان المذكورة، ولكنه لم ينجح حتى الآن، وقد لا تتوفر له شروط النجاح في المستقبل أيضاً، لأن إيران لم تنجح في السيطرة على سوريا منفردة، كما فعلت في العراق، إضافة إلى أن الميليشيات التي كانت تراهن عليها إيران لتأمين نفوذها شمال سوريا وهي الأحزاب الكردية قد رجحت العمل مع أمريكا والبنتاغون وتخلت عن التعاون مع إيران أولاً، كما تخلت عن التعاون مع روسيا ثانياً، فإيران خسرت نفوذها شمال سوريا، بسبب التواجد الأمريكي شمال سوريا. كما أن أمريكا لا تفكر بالرحيل من شمال سوريا، كما جاء على لسان وزير الدفاع الأمريكي ماتيس يوم 21 نوفمبر الجاري قائلاً: «سنشكل نقاط مراقبة على طول الحدود الشمالية لسوريا.. نحن في تعاون وثيق مع تركيا في هذا الخصوص، وتركيا شريك في حلف الناتو ولديها مخاوف مشروعة حيال التهديد الإرهابي النابع من سوريا، التي يحكمها نظام بشار الأسد، وسنعمل على مراقبة أي تهديد محتمل نراه ضد تركيا»، فهذا يعني نهاية الأحلام الإيرانية في أن تكون سوريا محل نفوذ خالص لها، إضافة إلى أنه ليس من مصلحة روسيا تحقيق أي نجاح لإيران في سوريا أو في المنطقة يهدد مصالحها، سواء في سوريا أو ضد أي دولة حليفة لروسيا. *كاتب تركي |
متى يعود جثمان الخطابي إلى المغرب؟ Posted: 23 Nov 2018 01:01 PM PST عودة رفات جثمان الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي مسألة وطنية، وأكثر مبدئية، بحيث أنها تهم كل مغربي ومغربية، لأن الخطابي رمز من رموز الاستقلال المغربي، إن لم يكن الزعيم الوحيد الذي شرّف المغاربة بمواجهته للاحتلال الإسباني في ربوع الريف ثم الاحتلال الفرنسي على تخوم وجبال صنهاجة المحاذية لجهة فاس تازة. من هنا، فإن إثارة موضوع عودة جثمان الرجل إلى تراب بلده ووطنه، وبمناسبة ذكرى وفاته التي تصادف السادس من شهر شباط/فبراير من كل سنة، لا ينبغي أن تكون – في نظرنا- مجرد حديث عابر أو مادة للاستهلاك الصحافي والإعلامي، بل ينبغي أن تكون هناك تعبئة وطنية، تشمل المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية السياسية والثقافية، من أجل الضغط على الدولة المغربية التي يُفترض أن تكون هي المبادرة إلى استعادة جثمان المجاهد الخطابي قبل غيرها، إن كانت – فعلا – تسعى إلى المصالحة مع الذات وطي صفحة الماضي السوداء. هذا هو المنطلق السليم، والمنهجية العملية المُثلى لترميم الذاكرة الوطنية وإعادة ترتيب صورها، مما يسمح بجبر الأضرار – وما أكثرها – بالنسبة لأهل الريف، رجالا ونساء… ولا سيما في فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني… وأعتقد أن المجاهد محمد بن عبد الكريم ملك لكل المغاربة، رغم كل القيل والقال، ورغم أيضا كل ما ينسب إليه زورا بخصوص النزعة الانفصالية، التي يرفع شعارها البعض اليوم، بدون ترو وحكمة. تحرير البلاد والعباد محمد عبد الكريم مغربي حتى النخاع، ولم يكن يختزل مشروعه في الريف فقط، بل كان يسعى إلى تحرير المغرب من الاستعمار بكل أنواعه وتحرير الإنسان المغربي – وهذا هو الأهم – من العبودية والاستبداد والإقطاع، وغير ذلك من سلط القهر والتحكم في رقاب الناس بغير أي موجب قانوني أو شرعي.. لكن، المؤسف اليوم صعود نجم نخبة تتحدر من الريف، كانت إلى وقت قريب تنتمي اجتماعيا وطبقيا للفئات المسحوقة، تبدو أصولية في اللسان والمعجم وانتهازية في ممارساتها السياسية، المتماهية كليا مع الاختيارات اللاشعبية للدولة المغربية العميقة ! هذه الأخيرة – للأسف- أساءت كثيرا لإرث الخطابي التاريخي والسياسي والثقافي والفكري، وذلك بمحاولاتها اليائسة والمكرورة في استغلاله استغلالا سياسويا وتوظيفه في أغراضها الشخصية المباشرة بهدف الاغتناء الفردي والأسري لا غير! ومن ثم تركيز ثروتها التي راكمتها من الرعي السياسي في المدن والحواضرالكبرى، غير عابئة بمصير ومستقبل أبناء وبنات الريف..الأمر الذي عمق جراح الناس بالمنطقة فهرعوا للتعبير بأشكال مختلفة عن مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية المشروعة.. لكن، للأسف الدولة المغربية لم تتفاعل مع هذه المطالب الاجتماعية والثقافية بشكل إيجابي، بل وقفت في وجه المحتجين في ربوع الريف بقوة، وأحيانا بعنف، في محاولة منها لإخراس الأصوات الحرة المستقلة، المعبرة عن سوء أحوال الناس وحياتهم اليومية!! النخبة الفاسدة ذاتها التي لم تستطع بل لم تسعفها تحركاتها المشبوهة في إخماد شرارة الاحتجاج الشعبي بالريف، لا لشيء سوى أنها فاقدة للشرعية والمصداقية..مما يسفر أنها لا ولن تنجح في وساطتها ما بين السكان والسـلطة. تلكؤ الدولة هذا هو الخطابي، الذي يستحق منا الخروج عن صمتنا، والالتفاف حول فكرة عودة جثمانه، بعيدا عن المهاترات الكلامية والمزايدات السياسية، عودة تليق بجثمان زعيم سياسي مغربي، وتشرف المغاربة أينما كانوا. ورغم تلكؤ الدولة المغربية أو جهات ما، تخشى حتى الحديث عن الخطابي ووطنيته، لابد من تتبع هذا الملف وإنهائه..طالما أن ذلك يخدم المصلحة الوطنية العليا.. ويسبغ لون الصفاء في النظام مع ربوع الريف. هذه الجهات تقوم بعمل مناف للوطنية، ومناف لمسلسل المصالحة وجبر الضرر.. وتعيد إلى أذهان المغاربة أن الدولة المغربية لم تغادر بعد، مواقع الممانعة والعناد ومعاكسة حق الشعب المغربي في تكريم رموزه الوطنية، حتى لو كانوا أمواتاً. كاتب من المغرب |
تطبيع عربي Posted: 23 Nov 2018 01:00 PM PST |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق