Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأحد، 28 يناير 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


تركيا تنضم إلى نادي احتلالات سوريا

Posted: 27 Jan 2018 02:14 PM PST

الذين فوجئوا بالاختراق التركي في عمق الأراضي السورية، على امتداد منطقة عفرين أوّلاً، ونحو منبج لاحقاً كما يتردد؛ يتجاهلون حقيقة ماثلة للعيان منذ عقود، وأغراضها الجيو ـ سياسية تسبق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حزب «العدالة والتنمية»، لأنها إنما ترتدّ إلى جذور أتاتوركية، وتتطابق استطراداً مع عقائد الأحزاب التركية القومية ومختلف قوى المعارضة التركية باستثناء المجموعات الكردية.
تلك الحقيقة هي الرفض القاطع، المسلّح بخيار القوّة العسكرية حين يلزم الأمر، لأيّ مشروع يمكن أن يفضي إلى كيان كردي، أياً كانت سوية انفصاله عن تكوين المنطقة الجغرافي وتشكيلها الحدودي الراهن، وأياَ كانت درجة استقلاله أو تمتعه بأيّ مستوى من الحكم أو الإدارة الذاتية. وفي تركيا على وجه الخصوص، أكثر من سوريا والعراق وإيران، يكتسب هذا النزاع مع الكرد صفة المسألة الوجودية، القومية بامتياز؛ ولتي استوجبت، وتستوجب، اضطهاد المواطنين الكرد وحجب الكثير من حقوقهم السياسية والثقافية.
بهذا المعنى فإنّ التدخل العسكري التركي المباشر لتفكيك شبكة «روج آفا»، بوصفها مشروع كيان كردي جنيني يمكن أن يتطوّر إلى صيغة سياسية وإدارية أرقى، حتى إذا كانت خيوطها لم تنعقد تماماً، لم يكن احتمالاً مرجحاً بقدر ما ظلّ خياراً وشيكاً لا يعيق أنقرة عن تنفيذه إلا نضج الظروف الملائمة والسياقات المريحة؛ في بلد يشهد احتدام التنافس بين مصالح، وجيوش وميليشيات وقواعد، ثلاث قوى إقليمية ودولية كبرى، روسيا وأمريكا وإيران، إلى جانب تركيا ذاتها.
ومن الواضح أنّ عوامل كثيرة مواتية قد نضجت مؤخراً على نحو يسوّغ انطلاق الخيار العسكري: الداخل التركي مهيّأ، بالنظر إلى النفور الشعبي من الممارسات العنفية التي طبعت سلوك حزب العمال الكردستاني، والكاريزما الشخصية (العثمانية ـ الإنكشارية، في بعض جوهرها) التي يتمتع بها أردوغان؛ وموسكو سعيدة بدقّ إسفين إضافي بين تركيا والولايات المتحدة، فضلاً عن الحلف الأطلسي؛ وطهران تعتبر أنّ الجيش التركي يقوم ببعض مهامها، لجهة وأد مطامح الكرد هنا كي يسمع أخوتهم الكرد في إيران؛ وواشنطن لا تملك سياسة متكاملة في الملفّ السوري أصلاً، وما يغريها في التعامل مع الكرد شرق الفرات، لا ينطبق بالضرورة على الكرد غرب النهر؛ وأمّا الكرد، أياً كانت القوّة الدولية أو الإقليمية التي تعاضدهم أو تناهضهم، فقد ظلوا عرضة للغدر والخيانة والتحالفات قصيرة النظر، طيلة قرون!
وهكذا فإنّ الاختراق التركي الراهن لا صفة أخرى له سوى الاحتلال، من جانب قوّة أجنبية، تسعى إلى خدمة مصالحها عن طريق فرض أمر واقع على الأرض، أداته العمل العسكري. وهو، في هذا التعريف البسيط، يستدعي الرفض والإدانة من كلّ وطني سوريّ، عربياً كان أم كردياً؛ خاصة إذا توسّعت عملية «غصن الزيتون»، كما يبشّر أردوغان، لتشمل منبج تالياً، ثمّ سائر مناطق الشمال السوري المحاذية للحدود مع تركيا، وصولاً إلى العراق.
لكنه احتلال لا جديد فيه سوى أنه ينضم إلى نادي الاحتلالات في سوريا!
إيران وميليشياتها وقواعدها، خاصة في الضمير والـ»تي فور» والشعيرات وريف حماة وريف دمشق وحوض اليرموك وإزرع؛ وروسيا، في الساحل السوري عموماً، وحميميم وطرطوس خصوصاً؛ وأمريكا، في الرقة ومنبج والرميلان ومناطق انتشار «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات؛ وحزب العمال الكردستاني ـ قيادة جبال قنديل، في عشرات البلدات والقرى والمدن السورية؛ وأخيراً، نظام بشار الأسد، في ما تبقى له من مناطق سيطرة…
وأن يقف امرؤ ضد الاحتلال التركي الوشيك لمنطقة عفرين أو سواها، أمر يقتضي منه اتخاذ الموقف ذاته إزاء كل الاحتلالات، أياً كانت هويتها؛ تضامناً، بصرف النظر عن العرق والدين والمنطقة، مع المواطن السوري الذي كان ويبقى الضحية الأولى لهذا النادي غير المقدس؛ وإحقاقاً لحقّ الكيل بمكيال واحد متوازن، أخلاقياً على الأقلّ.

تركيا تنضم إلى نادي احتلالات سوريا

صبحي حديدي

تجاوز يناير!

Posted: 27 Jan 2018 02:13 PM PST

(مقاطع من رسالة إلى باحثة)
… «هل كان الأمر يستحق المشاركة في ثورة يناير/كانون الثاني بعد كل ما جرى في مصر؟» ربما تسمعين إجابات على سؤالكِ هذا بعدد من اشتركوا في الثورة، وهو ما سيحدث لو طرحتِ أي سؤال يتعلق بالثورة: تقييمها، مساراتها البديلة، أحلامها، إحباطاتها، ماضيها، مستقبلها. لن تجدي أبداً إجابات نموذجية أو متطابقة، لأن الثورة، وإن شارك فيها الملايين، تظل تجربة شخصية لكل فرد منهم، وحتى الذين ينتمون منهم إلى كُتل متجانسة، ستجدين لدى كل فرد منهم تفاصيل ترتبط بتجاربهم الشخصية.
عن نفسي لا زلت أعتبر يوم الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير لعام 2011 الشهير بجمعة الغضب، من أفضل أيام حياتي وأقربها إلى قلبي، لكن ذلك ليس بالضرورة رأي من فقد فيه حبيباً أو قريباً أو عيناً، ولا من تمر عليه ذكراه وهو معتقل أو مختفٍ قسرياً أو مطارد ظلماً، ولا من يحاول نسيان الذكرى برمّتها ودمها ودخانها، ليتمكن من المشي في شوارع يسيطر عليها القهر الفاجر. ربما أستطيع تقييم تجربتي بهدوء أكثر من غيري، لأن ما تعرضت له من ظلم أقل من غيري. نعم أنا معكِ، كانت حياتي قبل يناير/كانون الثاني أهنأ وأكثر استقراراً ونجاحاً، لكنني لا أقيِّم تجربتي في الثورة بالمكاسب والخسائر الشخصية، وإلا لما كنت شاركت فيها من الأصل. أظن أنني برغم كل مشاكلي أعقل مما تظنين، أو على الأقل كنت أكثر إدراكاً لما أنا مقدم عليه، وقد كتبت عن هذا المعنى ونشرته قبل اشتراكي في الثورة.
حين دُعيت من شباب أصغر مني سنّاً للمشاركة في مظاهرات يوم 25، الذي مهّد لانفجار ثورة الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني، كنت أعيش أنجح مراحل حياتي مهنياً ومادياً، وكان يمكن أن أدير وجهي وأكتفي بالكتابة، خاصة وقد كنت أكتب كل يوم تقريباً في معارضة نظام مبارك. لكنني شاركت بكل ما استطعت دون تردد، بسبب مشهد لم يفارقني منذ عشته قبل الثورة بنحو عشر سنين: ضابطا شرطة وأمناء وحبّة عساكر يضربون، بالأحزمة والعصيّ، جمعاً من مرضى الأورام وأهاليهم المتزاحمين في مدخل المعهد القومي للأورام بكورنيش النيل، لمنعهم من الدخول إلى مكان أنساهم أمل الشفاء وألم المرض أنه لن يستطيع استقبالهم جميعاً في الوقت نفسه. كنت وأمي بين هؤلاء، لم أكن وقتها قادراً على علاجها، ولم أنجح في إدخالها إلى المستشفى بعدها إلا بالواسطة. كان ما تعانيه أهون مما خشينا، لكني لن أنسى وطأة الأيام التي قضيناها في ذلك المكان القبيح الذي فرحت حين قالوا إنه تصدع، ثم لُمتُ نفسي حين تذكرت أنه لا زال يعالج الفقراء، فتمنيت أن يبنوا بدله مكاناً إنسانياً، لكنني لم أدرِ هل رمّموه أم طوّروه أم أبقوه على قبحه ورثاثته؟ لأنني حين أصيبت أمي بالمرض الخبيث قبل الثورة بأشهر، كنت بحمد الله قادراً على علاجها، وكان من سخرية القدر أن الطريق الأقصر إلى مركز الإشعاع الذي ظللنا نذهب إليه حتى شفاها الله، كان يمر بمعهد الأورام نفسه، وهو مشهد لن أتمكن من وصف بؤسه بدقة مهما حاولت.
تجربتي الشخصية تلك هي التي دفعتني إلى الشارع والميدان، دون أن أفكر في مصالحي، وأظنكِ ستجدين لدى كل من نزل إلى ميادين يناير/كانون الثاني تجربة خاصة وحلماً خاصاً لوطنه، قرر من أجلهما أن يخاطر بحياته وحريته، في مواجهة نظام يعلم أنه سيفعل أي شيء للإبقاء على مصالحه. هذه اللحظة التي يختلط فيها الشخصي بالعام، هي التي تشعل الثورات الشعبية، ويمكن أن نتحدث طويلاً عن أسباب غيابها الآن، وعن جدواها وعواقبها. لكن ذلك لن يلغي فخر أي حُرّ باللحظة النبيلة التي كان أكبر فيها من أنانيته وخوفه، يستوي في ذلك من شارك في الثورة حالماً أو مقهوراً، آملاً أو غاضباً. وإذا أردتِ أن تدركي خطورة هذه اللحظة وأهميتها، فتأملي كل ما يجري في مصر الآن، وستجدين أن نظاماً قتل المئات واعتقل الآلاف وقهر الملايين، لا يزال مرعوباً من تلك اللحظة، وسيظل يستميت في تشويهها ومحوها من الوجدان والذاكرة، لأنه برغم استحواذه على كل شيء في البلد، فشل حتى في تقديم مشروع بديل عما طرحته يناير/كانون الثاني من أحلام ومطالب، بل ويقوم بتعميق التناقضات والأزمات التي كانت سبباً في تفجّر يناير. وأتمنى أن تراجعي كل ما يصدر عن رموزه وأذرعه من قرارات وأحكام وتصريحات، ثم قولي لي: كيف يمكن أن يكون هذا أداء منتصر واثق من نصره الحاسم؟
صدقيني، ستجدين أكثر الناس إيماناً بثورة الثامن والعشرين من يناير/كانون الثاني، أقل الناس رغبة في الحديث عنها الآن، ليس فقط لما تبعثه من آلام تذكّر أثمان الأمل، ومشاعر الشفقة الممتزجة بالغضب على من أداروا ظهورهم لأكبر فرصة شهدتها مصر للتغيير الآمن، بل لأنهم ربّما يدركون أن ما طرحته يناير من أحلام قد تم تجاوزه. فلم يعد ممكناً بعد كل ما جرى من دماء ودموع، أن نتظاهر بالنسيان ونعود إلى حدود 11 شباط (فبراير)، ليشيل كل منّا على قدّه من مسؤوليات وأدوار كما كان ينبغي سابقاً. للأسف لن يكون ذلك سهلاً بعد أن اشتعلت نيران الغضب والكراهية في ملايين البيوت، نيران موقَدة تُمسك في قلوب لوّعها الحزن على الأحبّاء الذين سقطوا في المذابح الغشيمة والإعدامات العمياني والتفجيرات الإرهابية في الكنائس والكمائن والعشوائية الانتقامية بعد كل فشل أمني. نيران الحزن على أعمار ضيّعتها السجون وعربات الترحيلات والمستشفيات والمحاكم. نيران لن يجدي في إطفائها لعن سنسفيل يناير/كانون الثاني، خاصة أن طريق يناير كان الأكثر واقعية وعقلانية لتجنب هذا كله، لكنهم سدّوه بالحيطان القمعية التي يظنون أن كل حكم ظالم أو قانون باطش يزيدها متانة، وقد ظن ذلك قبلهم الذين حكموا سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلاد التي يجعلون من مآسيها مبرراً للظلم، بينما يعيدون خلق ما أفضى بها إلى تلك المآسي.
تعرفين؟ كنت كلما اقتربت ذكرى جمعة الغضب، أغيِّر صور حسابَيّ في «تويتر» و»فيسبوك»، لأضع صورة شهيد يناير/كانون الثاني طارق عبد اللطيف الأقطش، الذي اتخذته أيقونتي وملاكي الحارس، منذ أن كتبت عنه عقب الثورة مباشرة حين كان مختفياً، لا يعرف أهله باستشهاده. وقد ترك طارق زوجة حزينة وطفلتين كبرتا الآن، وأظنهما تحزنان حين تريان ذكرى أبيهما مرتبطة بثورة يلعنها أغلب الذين قامت من أجلهم، وتلك سُنّة الثورات، ولذلك أخذت أسأل نفسي: هل يحق لي أن أنشر صورة طارق فأجدد أحزان أسرته، خاصة وأنا لا أعرف هل سيحزن ذلك ابنتيه أم سيشعرهما بالفخر؟ وإذا كنت قد حرصت على أن أشرح لبناتي سبب مشاركتي في الثورة، في خطاب نشرته قبل يوم 25 يناير/كانون الثاني، فمن سيشرح لابنتَي طارق لماذا أنكرت بلاده دمه؟ ولماذا تطوع قضاة الإفك وشهود الزور الذين شارك بعضهم في الثورة، بتبرئة مبارك ورجاله من مسؤوليتهم عن قتله هو وكل شهداء يناير/كانون الثاني؟
أسئلة مشروعة، لكنني لن أظل أسيراً لها، لأن فيها مصادرة على مستقبل لا أملك التحكم فيه، فلماذا أفترض أن أبناء وبنات كل من فقد روحه ظلماً، أو من سكت يأساً، أو حتى من شَهِد زوراً، سيعيشون أسرى لأحلامنا وأحزاننا ومخاوفنا نفسها؟ ولماذا أفترض أنه لن تكون لهم تصورات مخالفة عن الحياة والوطن والدولة وطرق التغيير ومساراته؟ لعلي لا أدري هل سينظرون إلى تجربة يناير/كانون الثاني بوصفها إلهاماً أم موعظة أم كابوساً لا ينبغي تكراره؟ لكن ما أدريه أن ذلك سيتوقف على ما نتركه لهم من ذاكرة غنية تقاوم التزييف ليصلوا إلى استنتاجاتهم ويصنعوا أحلامهم، وهي مهمة لن تكون سهلة، في ظل ظن أغلبنا أن الأسهل هو استعادة حشود يناير/كانون الثاني دون تأمل أزماتها ومشاكلها، في ظل رغبتنا المشروعة في ألا نفقد إيقاع حاضرنا، وخوفنا من أن نظل رهائن لماضينا، وأملنا في أن نرى ولو ملامح مستقبل مختلف لبلادنا. وهو ما سيعيدنا ثانية إلى اللحظة الشخصية التي سيختار كل منا فيها شكل علاقته بوطنه، والتي قد توصلنا إلى لحظة عامة، نشارك فيها آخرين في العمل من أجل التغيير، بعيداً عن وهم التوافق الهلامي، ونختلف مع آخرين بل ونكرههم دون أن نستحل قتلهم.
لكن كيف نسعى أصلاً إلى تلك اللحظة دون تغيير تصوراتنا القديمة للدولة والوطنية والمواطنة ومسارات التغيير؟ وإذا لم نكن سنبدأ في ذلك الآن فمتى سنبدأ؟ لا أظنكِ ستسمعين إجابات على هذه الأسئلة، فأغلبنا لا زال يعتقد ـ معذوراً ومخطئاً أو ربما محقاً ـ أن وقتها لم يأتِ بعد.

تجاوز يناير!

بلال فضل

هل العربيّة لغة صعبة؟

Posted: 27 Jan 2018 02:13 PM PST

من السمات التي تتّسم بها العربيّة عند الأجانب عامّة، أنّها لغة صعبة. وهي مسألة يتشعّب فيها البحث، وتتعدّد فيها الآراء والنظريّات؛ ولا يمكن بأيّ حال أن نستوفيها حقّها في حيّز محدود كهذا. بل هي في تقدير معهد الخدمة الخارجيّة لتعلّم اللغات الأجنبيّة التابع لوزارة الخارجيّة الأمريكيّة، أصعب اللغات؛ وتأتي بعدها الصينيّة واليابانيّة والكوريّة. بل هي عندهم أصعب من الأمهريّة (لغة اثيوبيا الرسميّة، وهي من بين الساميّات الأوسع انتشارا بعد العربيّة) والعبريّة والسنهاليّة (لغة السنهاليّين في سريلانكا) ولغة الخمير، على ما قرأت في كتاب ديفيد جوستيس «علم دلالة المبنى في العربيّة في مجلي اللغات الأوروبيّة». وقد ذكر في إشارة لطيفة منه إلى ضرورة تنسيب هذا الحكم؛ أنّ الناطقين بالإنكليزيّة يعتبرون الألمانيّة أصعب من الفرنسيّة، بالرغم من أنّها أمسّ رحما بالإنكليزيّة، وأقرب نسبا إليها. وينبغي أن نقرّ، ونحن نمهّد السّبيل إلى جواب سائغ مقبول، أنّه ليس من حقّ أيّ منّا في مقال خاطف كهذا، أن يستصدر حكم قيمة على لغة عريقة مثل العربيّة، أو على مجامع اللغة العربيّة وبيوت الحكمة التي تنهض من بين ما تنهض به؛ بتطوير العربيّة وتذليلها أو تيسيرها سواء للناطقين بها أو غير الناطقين (وأنا أنتمي إلى أحدها منذ خمس سنوات وهو المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون: بيت الحكمة) وهي المؤسّسات التي تؤدّي عملها في ظروف مادّية صعبة.
ثمّة سرّ ما في العربيّة يذهلنا نحن أهلها عن «صعوبتها»، ويجعلنا نضعها في المكانة الأسمى؛ ولعلّ ذلك السرّ هو في قوّة نظامها فضلا عن قوّة شعريّتها. أمّا من حيث نظامها اللغويّ المجرّد وهو البنيويّ الخالص، فلا علاقة له بهذه الصعوبة كما يقول ديفيد جوستيس؛ عن حقّ، ذلك أنّنا إذا ما انتقلنا من التعميم إلى التخصيص، وقفنا من حيث البنية على لغة مطّردة مصقولة على نحو غير معهود. والعربيّة بشهادة هؤلاء الأجانب، وأنا أقصر كلامي عليهم في هذا المقال، «لغة رياضيّة» محكومة بخطّة الاشتقاق الوزني، وتطّرد على نسق محكم من سلاسة الأوزان وسهولة المأخذ. ولا أزال أتذكّر وأنا طالب في السنة الأولى، قول المستشرق الفرنسي ريجيس بلاشير؛ في درس له أواخر الستينيات في الجامعة التونسيّة، وهي في أوّل حُدثانها؛ أنّ «الجذر التربيعي» هو كُنه اللغة العربيّة وأصلها. والعربيّة هي اللغة الساميّة الوحيدة التي ترتكز على وزن واحد، كما ذكرت في مقال سابق؛ تتولّد منه فروع اللغة وأغصانها وأوراقها. ومن الميسور في كلّ الحالات تقريبا، إرجاع كلّ الكلمات العربيّة من أسماء وأفعال، إلى ذلك الجذر؛ ما جاء منها على وزن اسم الفاعل أو على وزن اسم المفعول أو المصدر أو اسم الآلة أو أفعل التفضيل… والأغرب الآسر، أنّ كلّ هذه الصيغ الاشتقاقيّة صيغ وزنيّة إيقاعيّة. وبسبب من ذلك سمّاها العرب أوزانا، لا في علم العروض فقط، وإنّما في علم الصرف أيضا. وعددها لا يتجاوز العشرين. وربّما شذّ بعضها، ولكن دون أن يخلّ بالقالب أو ينال منه. وهو رأي سلفستر دي ساسي أيضا، إذ يوضّح ما تتميّز به العربيّة من قابليّة الجذر الواحد لأن تشتقّ منه صيغ كثيرة. وهذه في تقديره أمارة على غنى العربيّة، بل تجعلها أكثر سهولة.
وهذا وغيره ممّا قد يحسر فكر القارئ العادي أو يكدّ ذهنه، قد يسوّغ القول بـ»صعوبة» العربيّة، إذا صرفنا النظر عن مشكلة جمع الاسم وعدم كتابة الحركات ورموز الكتابة التي تمثّل عقبة كأداء للأجنبي؛ أو يجعلنا نردّ هذه «الصعوبة» إلى كون العربيّة لغة أدبيّة مكتوبة. يقول انطون شبيتالر إنّ اللّغويّين العرب في القرن الرّابع الهجري (العاشر للميلاد)، كانوا يذهبون إلى البدو ليدرسوا لغتهم؛ بحثا عمّا يفتقدونه في المدن، وهو العربيّة. والمقصود بها في هذه الحالة هو لغة الشّعر العربيّ القديم على الأخصّ التي قد تكون ضمرت، بسبب من ذيوع العربيّة المولّدة في المدن، وتراخي قليل أو كثير من الحضر في التمكّن اللّغويّ الفصيح. ولا عجب أن يجدوا ضالّتهم عند البدو؛ لأنّ لغة الشّعر القديم التي مثّلت مددا سخيّا لهم في وضع القواعد ووجوه التّخريجات اللّغوية كانت متداولة في بيئة البدو «الذين تُرْضى عربيّتهم» بعبارة سيبويه، أو قوله «العرب الموثوق بعربيّتهم»، لسبب لا نخاله يخفى وهو أنّ الشّعر القديم كان في مجمله شعرا بدويّا.
ولعلّ علم النّحو كما وضعه النحاة الأوائل، أن يزكّي هذا التّأويل ويرجّحه. فهو نحو معياريّ يتّخذ من الفصحى باعتبارها لغة مثالا أو لغة معياريّة موضوعا له، على حساب الاستعمالات اللّغويّة الأخرى، ويعزّز وشائج القربى بين مفهوم النّحويّة ومفهوم الصّواب النّحويّ. ولم يكن غرضه وصف قدرة المتكلّم اللّغويّة؛ وإنّما إكسابه هذه القدرة وتمكينه من الاستعمالات الفصيحة. وهو ما تؤكّده مدوّنة النّحو المعروفة وتلك المؤلّفة في «لحن العامّة «، فلم يكن غرضها وصف لهجات البدو أو العربيّة المولّدة وإنّما إثبات الصّواب اللّغويّ والتّنصيص على أخطاء العامّة في اللّغة ونطقهم بأسلوب مخالف للمألوف. يرجّح الألماني يوهان فك في كتابه «العربيّة: دراسات في اللّغة واللهّجات والأساليب»، وهو أشبه بدائرة معارف واسعة، إنّ اللّحن استعمل أوّل مرّة بهذا المعنى عندما تنبّه العرب، بعد اختلاطهم بالأعاجم، إلى فرق ما بين التّعبير الصّحيح والتّعبير الملحون.
من البديهيّ إذن أن نعدّ مبدأ «تهذيب اللّغة» الذي أخذ به علماء اللّغة والنّحو منذ أواخر القرن الأوّل للهجرة ثمرة أوضاع لغويّة وتاريخيّة مخصوصة، وأن نقف فيه على مشادّة بين أداء شفهيّ وآخر كتابيّ، تؤكّدها الأوضاع التي بنيت عليها مصنّفات اللّغة والنّحو. فهي تخرّج قارئها تصفّحا وقراءة على نحو ما تخرّجه البادية سماعا وتلقينا، وهي التي أخذ أصحابها في تدوين اللّغة وجمعها بأنواع وطرائق من التحمّل كالسّماع والعرض والإجازة والقراءة… تدين كلّها للأداء الشّفهيّ ويربطها به نسب لا يخفى. على أنّ هذا المبدأ، «مبدأ تهذيب اللغة»، يظلّ قرين لغة مكتوبة تتميّز عن الّلغة المنطوقة بعدد من الخصائص مثل استخدام قواعد النّحو ومفردا ت اللّغة استخداما محكما حتّى لا يعتريها اللّبس والغموض.
ويعزو انطوان ماييه ذلك إلى الكتابة، فليس لها ما للمتكلّمين من «تعبيريّة الجسد» أو ما يملكونه من مناسبة وحركات ونغمة أو نبرة في الصّوت توضّح الكلام الملفوظ، فإنّه لا بدّ لها من أن تستخدم في دقّة قواعد النّحو ومفردات اللّغة استخداما محكما وإلاّ جاءت غامضة غير مفهومة. ومن ثمّ فاللغة المكتوبة توضّح الصّيغ النّحويّة كما توضح قيم المفردات. فلا غرابة أن تكون المحافظة على الاستعمالات القديمة والتخلّف عن مجاراة اللّغة المنطوقة من أظهر خصائص اللّغة المكتوبة التي كثيرا ما تكون لغة خاصّة لا علاقة لها باللّغة المنطوقة؛ كأنْ تكون لغة دينيّة أو لغة شعريّة كما هو الشأن في العربيّة الفصحى لغة القرآن والشّعر.
ولعلّ حديث اللّغويين عن « السّليقيّة « ممّا يؤكّد هذا الاختلاف الذي كان يضيق أو يتّسع بين الفصحى ولغة التّخاطب عند البدو. فإذا كانت الأولى معربة تُكتسب بالدّربة والمراس والرويّة؛ فإنّ الثّانية متحرّرة من علامات الإعراب وتصاريف القواعد جريا على السّليقة. وربّما كان هذ ا» التحرّر» القاسم المشترك المميّز بين العربيّة المولّدة ولغة التّخاطب عند البدو. وفي ما عداه احتفظت كلّ منهما بقواعدها وأعرافها وطرائق أدائها. ومع ذلك يبقى السؤال قائما في المنظور الأجنبي: هل العربيّة لغة صعبة؟ وإذا كانت كذلك فما هي أوجه صعوبتها؟
قد يكون مردّ الصعوبة إلى أسباب من خارج اللغة، كما يقول ديفيد جوستيس، وقد اختار وجها أو سببا واحدا كما يفعل المحامي عادة؛ هو في تقديره تاريخيّ اجتماعيّ أدبيّ في ذات الآن. فالعربيّة كما يقول ذات تراث أدبيّ غنيّ لا مثيل له، ولغة دين عالميّ وممالك وامبراطوريّات؛ ولكنّها لغة كتابيّة أكثر منها لغة استعمال يوميّ أو معيش. ونحن نقرّ بأنّ السمع هو أبو الملكات اللسانيّة كما يقول ابن خلدون، والكلمة مسموعة تنطبع في الذهن والذاكرة أفضل ممّا تنطبع الكلمة مكتوبة. ولعلّ هذا ممّا جعل أندريه رومان يقرّر وهو يتقصّى خصائص العربيّة الصوتيّة، أنّها لغة مثال أو لغة أنموذج.
٭ كاتب تونسي

هل العربيّة لغة صعبة؟

منصف الوهايبي

بعد أسبوع من العملية العسكرية في عفرين: الحذر عنوان الهجوم التركي

Posted: 27 Jan 2018 02:12 PM PST

تباين التصريحات حول حقيقة المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأمريكي والتركي، الأربعاء الماضي، يعكس بشكل كبير أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة ليست على ما يرام الأمر الذي دفع مصادر رسمية تركية إلى تصحيح ما جاء في بيان البيت الأبيض. وقالت مصادر في الرئاسة التركية إن: «الولايات المتحدة لم تطلع الرأي العام بدقة على فحوى الاتصال، وأنها أطلعت الصحافة على مواضيع لم يجر التطرق إليها خلال المحادثة».
وجاء في بيان البيت الأبيض أن «ترامب أعرب عن قلقه من أن العنف المتصاعد في عفرين ينطوي على خطر الإضرار بأهدافنا المشتركة في سوريا»، وهو ما نفته المصادر التركية الرسمية لـ «وكالة الأناضول»، مضيفة أن ترامب لم يتحدث أبدا عن «قلق إزاء العنف المتصاعد» بخصوص عملية «غصن الزيتون» في عفرين السورية.
وأضافت المصادر أن مناقشة الرئيسين للعملية اقتصرت على تبادل وجهات النظر فحسب، ونفت استخدام عبارة «الخطابات الهدامة والخاطئة الواردة من تركيا» التي ذكرها بيان البيت الأبيض تعليقا على المكالمة، وأكدت أيضا أنهما لم يتطرقا إلى حالة الطوارئ في تركيا على الإطلاق. لكنها أكدت طلب ترامب من أردوغان «إطلاق سراح مواطنين أمريكيين موقوفين»، وهو ما اعتبره الرئيس التركي من «اختصاص عمل القضاء».
كما شدد بيان البيت الأبيض على ضرورة ضبط عملية «غصن الزيتون» بوقت محدد، مع الإشارة إلى الوجود العسكري الأمريكي في منبج، والدعوة إلى أخذ الحيطة لمنع احتمال وقوع اشتباكات ساخنة هناك. في حين أشارت المصادر التركية إلى أنه «جرى التشديد خلال المحادثة على ضرورة انسحاب إرهابيي ب ي د من منبج إلى شرقي نهر الفرات وفقا لما تم الاتفاق عليه من قبل، وعند انسحابها ستتم حماية المدينة من أي تهديد محتمل لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من خلال الجيش السوري الحر بدعم عسكري تركي».
كما لم يتطرق الجانب الأمريكي في بيانه إلى تشديد أردوغان، خلال المحادثة، على ضرورة وقف واشنطن دعمها لتنظيم «ب ي د / ي ب ك الإرهابي» في سوريا، حسب وكالة الأناضول.
تضارب التصريحات يظهر بشكل جلي أن العلاقات التركية – الأمريكية أصبحت في أسوأ لحظاتها منذ قررت أمريكا اعتماد «وحدات حماية الشعب»، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، والذي تعتبره تركيا الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني. ولعل التفاهم التركي الروسي شمال سوريا يزيد من الحساسية الأمريكية تجاه تركيا ويساعد في تدهور تلك العلاقة.
العملية العسكرية المستمرة في عفرين والتي بدأت في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري بدأت من ستة محاور من الأراضي التركية، ولعل السمة الأبرز لتلك العملية هي الحذر التركي الواضح. فالجيش التركي، الذي يعتبر ثاني أكبر جيوش الناتو يتقدم بهدوء ودقة لتأمين شريطه الحدودي مع عفرين السورية، ويركز قصفه الجوي في محاولة تخفيف الأخطاء المحتملة ضد المدنيين حيث تكتظ عفرين بآلاف الأسر السورية النازحة من مناطق سورية عدة. ويساعد القوات التركية المهاجمة امتلاكها تقنيات متطورة تستطيع من خلالها تجنب الأهداف المدنية، حيث تستخدم القوات الجوية طائرات الاستطلاع المتطورة من طراز فانتوم-4-RF وتايغر-5-RF إضافة الى الطائرات المسيرة الأحدث.
في سياق متصل، وتعليقا على العمليات العسكرية في عفرين، قال رئيس المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، في تصريح لـ»القدس العربي»: «إن الجيش التركي القوي بالتأكيد يلاقي مقاومة كبيرة، ولو استطاعوا الدخول إلى عفرين التي تبلغ مساحة منطقتها أقل من أربعة آلاف كيلو متر لفعلوا، كما حصل مع قوات الحشد الشعبي في إقليم كردستان العراق». وانتقد مشاركة بعض فصائل الجيش الحر في معركة عفرين مع الجيش التركي، قائلاً: «كان من الأجدى مشاركتهم في صد قوات النظام المتقدمة في حماة وإدلب وريف حلب الجنوبي بدل الهجوم على عفرين»، معتبرا أنهم «فقدوا البوصلة».
إلى ذلك أصدر المركز الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، تقييما للعملية العسكرية التركية في عفرين اعترف خلاله بمقتل 43 من مقاتليه، بينهم ثماني مقاتلات من «وحدات حماية المرأة»، إضافة الى مقتل 59 مدنيا في القصف المدفعي والجوي. وأحصى 699 قذيفة مدفعية ونحو 191 طلعة جوية، وحدد 136 اشتباكا مباشرا في محاور تقدم الجيش التركي.
وقال المركز في تقييمه إنه «بالرغم من أن تركيا دفعت بكل إمكاناتها العسكرية والتقنية مستخدمة أسلحة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والدبابات الألمانية، إلا أنها عجزت عن تحقيق نصر عسكري حقيقي على الأرض، وتكبدت خسارة فادحة في العدة والعتاد». إلا أن وزارة الصحة التركية أعلنت عن مقتل ثلاثة من جنودها، فيما أعلنت فصائل درع الفرات عن مقتل نحو 13 مقاتلا بينهم قيادي في لواء سمرقند.
العملية العسكرية التركية مازالت في بدايتها، ومع عدم حسم عسكري قريب فيها يرجح خيار الحل السياسي، حسب ما أبلغ التحالف الدولي الذي يدعم «قسد» سابقا حيث تنسحب عناصر وحدات حماية الشعب منها إلى شرق نهر الفرات وتبقى المنطقة تحت حكم محلي وشرطة محلية تتبع لحكومة النظام السوري. وهي الصيغة التي تفضلها روسيا أيضا، وكانت قد طرحتها سابقا في منطقة ريف حمص الشمالي التي تسيطر عليها المعارضة.
سير المعارك ومحاور الهجوم يدلل على أن تركيا تريد تأمين حدودها وإبعاد الوحدات عنها، ولا ترغب في الدخول إلى عمق منطقة عفرين. الحذر التركي مرده رغبة أنقرة في ألا يكون التدخل لمصلحة روسية ـ إيرانية ضد أمريكا.

بعد أسبوع من العملية العسكرية في عفرين: الحذر عنوان الهجوم التركي

منهل باريش

الألغام والضباب يعيقان محاولات الجيش التركي لتحقيق تقدم قُبيل تعاظم الضغوط السياسية الدولية

Posted: 27 Jan 2018 02:12 PM PST

إسطنبول ـ «القدس العربي»: دخلت عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي إلى جانب الجيش السوري الحر ضد المسلحين الأكراد في مدينة عفرين السورية يومها التاسع وسط محاولات حثيثة من الجيش التركي لحسم العركة أو تحقيق تقدم لافت في العملية قبيل تعاظم الضغوط السياسية الدولية التي تتزايد يومياً على أنقرة.
ويبدو أن القيادة السياسية والعسكرية التركية التي أطلقت العملية العسكرية في عفرين عقب حسابات سياسية وعسكرية وتوصلها إلى تفاهمات دولية حساسة، لم تتنبه إلى جزئية صغيرة تتمثل في الأحوال الجوية التي باتت تعتبر العائق الأكبر والأصعب أمام التقدم العسكري البري وتسببت في تجميد العملية في العديد من المحاور وإبطائها بشكل كبير في محاور أخرى. فالتقدم البري الذي انطلق في اليوم الثاني لعملية «غصن الزيتون» من 7 محاور مختلفة حقق تقدماً لافتاً في الـ48 ساعة الأولى بالتوغل 5 إلى 7 كيلومترات من معظم المحاور، لكن سرعان ما اصطدم بالأحوال الجوية حيث انخفضت درجات الحرارة بشكل كبير وسط تساقط غزير للأمطار. لكن الأصعب على الجيش التركي كان الضباب الذي غطى المنطقة وحجب الرؤية من مسافات قصيرة، وهو ما رفع نسبة الخطر بشكل كبير ودفع القوات المهاجمة إلى التروي ومحاولة الحفاظ على المواقع التي تمت السيطرة عليها.
وأعلن الجيش التركي أنه لم يتمكن من انتشال جثماني اثنين من جنوده قتلا في المعارك داخل عفرين، وسط ترجيحات بأن المسلحين الأكراد تمكنوا من السيطرة عليهما، في حين أظهرت صور جرى التقاطها من النقاط الأمامية للمواجهة تقلص الرؤية بشكل كبير بسبب الضباب وتحول الأرض إلى أوحال وعرة من شدة الأمطار.
وحسب وسائل إعلام تركية لجأ الجيش إلى تحصين المواقع التي سيطر عليها وليتمكن من صد الهجمات المتتالية للمسلحين، إلى جانب اضطراره إلى تكثيف الغارات الجوية والضربات المدفعية والصاروخية التي كان الجزء الأكبر منها بهدف تمشيط الخطوط الأمامية ومنع أي محاولة للهجوم المضاد على القوات المتقدمة ومنع المسلحين الأكراد من الاستفادة من الضباب لإيقاع خسائر في صفوف القوات المهاجمة.
إلى جانب الأحوال الجوية يواجه الجيش التركي و»السوري الحر» مقاومة عنيفة من المسلحين الأكراد الذين يقول الجيش التركي إنهم زرعوا كميات هائلة من الألغام في مناطق سيطرتهم ويستغلون الأنفاق والممرات الأرضية لتنفيذ هجمات ضد القوات المتقدمة وإيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوفها.
وبينما تنصب التوجهات العسكرية على ضرورة التقدم التدريجي برياً لتقليل الخسائر في الجيش والمدنيين، تضغط القيادة السياسية التركية باتجاه تسريع العملية ومحاولة حسم المعركة مبكراً أو تحقيق إنجازات عسكرية لافتة قبيل تعاظم الضغوط الدولية التي بدأت بالتزايد تدريجياً خلال الأيام الماضية. وتخشى القيادة التركية من الضغط السياسي الدولي، لا سيما مع الإعلان الأمريكي الصريح عن معارضة العملية وحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وقفها أو جعلها محدودة زمنياً وجغرافياً، والتحذير من إمكانية أن تؤدي إلى اشتباك مع القوات الأمريكية شمالي سوريا.
يضاف إلى ذلك الضغط الذي مارسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاتصال الهاتفي مع أردوغان وتأكيده على ضرورة تجنب وقوع خسائر في المدنيين، وهو ما تكرر مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تحدثت مع أردوغان هاتفياً حول عملية عفرين، يضاف إلى ذلك العديد من المواقف الغربية المعارضة للعملية.
لكن الخشية الأكبر تتمثل في إمكانية توجه فرنسي جديد إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لمطالبة تركيا بوقف العملية العسكرية في عفرين وهو ما قد يحظى بدعم أمريكي وغربي بشكل عام ويضع القيادة التركية في موقف صعب ويجبرها على تقليص أو وقف العملية.
كما أن أنقرة لا ترغب في حصول أي تطورات قد تؤدي إلى تراجع الموقف الروسي الذي وفر الضوء الأخضر للعملية التركية، وفي ظل الكشف عن أن روسيا دعت الميليشيات الكردية لتسليم عفرين للنظام السوري قبيل منح أنقرة الضوء الأخضر ودعوة الوحدات الكردية مؤخراً النظام السوري لحماية المدينة، تخشى أنقرة أن تطلب روسيا من تركيا وقف الهجوم مقابل تسليم المدينة للنظام.
وعلى الرغم من أن تركيا ترى في النظام السوري خطراً أقل بكثير من الوحدات الكردية في منظورها للأمن القومي للبلاد، إلى أنها ترغب في إتمام العملية وتدمير مواقع الوحدات الكردية وتحصيناتها في عفرين وتطهيرها من المسلحين لتصعيب أي سيناريو لاحق لإعادة فرض سيطرتهم على المدينة.
وعلى الرغم من أن الجيش والسياسيين الأتراك أكدوا مراراً أنهم يعملون كل الممكن من أجل ضمان عدم التعرض للمدنيين في عفرين إلا أن تركيا تواجه حملة إعلامية واسعة من قبل أطراف دولية والنشطاء الأكراد حول العالم الذين بدأوا يشكلون لوبيات للضغط على الحكومات الغربية للعمل على وقف العملية العسكرية التركية في عفرين.
وفي هذا الإطار شكلت وسائل الإعلام التركية ووكالة الأنباء الرسمية فرقا إعلامية خاصة وكبيرة من أجل ما تقول إنها لمواجهة «الدعاية السوداء» ضد عملية «غصن الزيتون»، وتقول إنه يجري نشر صور مزورة وأخرى من فلسطين واليمن ومناطق أخرى في سوريا على أنها «جرائم يرتكبها الجيش التركي بحق المدنيين في عفرين»، وتقول إنها تعمل على كشفها وتوثيقها بالأدلة.
وفي أول الخطوات الغربية ضد تركيا قررت حكومة تسيير الأعمال في ألمانيا تجميد أي قرار بشأن تحديث دبابات «ليوبارد 2» ألمانية الصنع والتي تستخدمها أنقرة ضمن عملية «غصن الزيتون»، وسط أنباء عن نية برلين وقف تصدير الأسلحة إلى تركيا.
وعلى الرغم من أن تركيا تقول إن 75% من الأسلحة والذخائر التي يستخدمها الجيش التركي في العملية هي من الأسلحة الوطنية والمصنعة محلياً، إلا أنها تخشى أن تتصاعد هذه الحملة وتشمل قرارات منع تصدير الأسلحة إلى تركيا لدول أخرى مثل بريطانيا وأمريكا وغيرها.
لكن أردوغان يُظهر عدم اكتراثه بالمواقف الدولية المعارضة للعملية ويؤكد نيته الاستمرار بها حتى «تطهير عفرين من آخر إرهابي»، وذهب إلى أبعد من ذلك بالتأكيد على أن الجيش التركي سوف يواصل عملياته لتطهير جميع الحدود السورية التركية من الإرهابيين وصولاً لحدود العراق.
وقال أردوغان، الجمعة: «بعد السيطرة على عفرين سنطهر منبج من الإرهابيين، بعدها نواصل كفاحنا حتى لا يبقى إرهابي حتى الحدود العراقية»، مضيفاً: «البعض يطالبنا بإلحاح بان نعمل على أن تكون هذه العملية قصيرة الأمد، اسمعوا! إنها لا تزال في يومها السابع. كم من الوقت استمرت العملية في أفغانستان؟ كم من الوقت استمرت العملية في العراق؟»

الألغام والضباب يعيقان محاولات الجيش التركي لتحقيق تقدم قُبيل تعاظم الضغوط السياسية الدولية

إسماعيل جمال

معركة عفرين والأسبوع الأول الساخن

Posted: 27 Jan 2018 02:12 PM PST

يكتمل الأسبوع الأول من المعارك في عفرين، بين تركيا والجماعات السورية المعارضة القريبة منها وبين قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمادها، من نهايته. تلك المعارك التي ما زالت محصورة في الأطراف الحدودية لمنطقة عفرين، حيث عمليات الكر والفر مستمرة بين الجانبين. تلك العمليات التي تجدها تركيا ضرورية لحماية أمنها القومي يجدها الأكراد مصيرية لمستقبلهم الشامل في سوريا. الطرفان المتحاربان في عفرين يعانيان من زوايا مختلفة عن بعضهما البعض، فتركيا بدأت تسمع سؤالا من داخلها عن سبب فشلها في التقدم ببقعة جغرافية صغيرة كعفرين رغم كل التبجح الصادر من الرئاسة والخارجية كل هذه المدة، وكذلك من الخارج حيث بدأ الضغط الدولي لوقف العمليات يزداد على أنقرة، في المقابل بدأت المنطقة الكردية المحاصرة في أقصى الشمال الغربي السوري تشعر بالمسؤوليات الصعبة لإدارة الحالة الإنسانية هناك حيث المنطقة التي تحتوي بالإضافة إلى عشرات الآلاف من سكان المنطقة الأصليين آلاف النازحين السوريين الهاربين من مناطق الاحتدام بين النظام والجماعات المعارضة له. ومع الوقت تزداد الأسئلة عن الزمن المتوقع لنهاية العمليات، وعن تبعاتها الوخيمة على الناس هناك، وعن النتائج المتوقعة منها.

روسيا الصامتة والمتهمة

كانت عفرين التي تتصدر الأخبار حالياً حتى الوقت القريب في ميزان النفوذ على سوريا ضمن النفوذ الروسي، وكانت القوات الكردية هناك تلقت الدعم الجوي الروسي في معاركها قبل شهور في تل رفعت ومنغ وغيرهما. روسيا التي كانت تملك قاعدة عسكرية هناك قررت مع بدء العمليات نقلها إلى تل رفعت، وهو ما اعتبرته قوات سوريا الديمقراطية ضوءا أخضر روسيا للأتراك لبدء الهجوم. روسيا التي اتهمت أمريكا بالتسبب في هذه الأزمة نتيجة دعمها المفرط للأكراد ظلت ساكتة على العمليات طيلة هذه الأيام، وهو بحد ذاته عزز الفكرة التي تتحدث عن رغبتها في الضغط على الأكراد لتسليم مناطقهم للنظام أو أضعافهم قدر المستطاع على يد تركيا في حالة رفضهم لتسليم عفرين للنظام نكاية بواشنطن، وهو ما رفضه علنية الساسة الكرد هناك. وإذا كان الرفض الصادر من القيادة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية صحيحاً، فهذا يعني أن الإدارة الذاتية وصلت لمستوى إعلان الخروج من مخاوفها من النفوذ الروسي في سوريا. لا يعني هذا الحديث أن تلك القيادة تستخف بروسيا، ولكن، الحديث هنا عن أنها ثبتت بوصلة العلاقات الخاصة بها مع الخارج، ولم تعد هناك حاجة للتوازن القلق لعلاقاتها مع الخارج. أصبحت البوصلة مع الغرب تماماً باستثناء لندن ذات العقل السياسي التقليدي. قوات سوريا الديمقراطية فيما يبدو قررت خوض المعركة والإنتصار فيها وحيدة لرفع الحرج عن أمريكا أمام تركيا، وللتخلص من الترهيب الروسي بتركيا لها في عفرين البعيدة عن مراكزها الرئيسيّة، ولسحق ما تبقى من نفس تركي باحتلال شمال سوريا، وللقضاء على آخر تطلعات لواحقه من جماعات المعارضة المسلحة هناك.

النظام والمكتسبات

وترافق الهجوم على عفرين من قبل الجماعات المعارضة ذات النفس المذهبي وتركيا على عفرين دخول قوات النظام إلى مطار أبو الضهور العسكري في إدلب. المطار الذي حاول النظام والجماعات الحليفة معه السيطرة عليه طيلة الفترة الماضية، ظل عصياً عليهم حتى موعد بدء العلميات في عفرين وهو ما زاد الاعتقاد على حدوث صفقة بين روسيا والنظام من جهة وبين تركيا والمعارضة السورية القريبة منها من جهة أخرى، حيث تسمح روسيا لتركيا بالهجوم على عفرين وتغض تركيا والمعارضة المسلحة النظر عن هجوم النظام على أبو الضهور في تكرار لسيناريو جرابلس مقابل شرق حلب الشهير حينها. وما كان التصريح الصادر من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) التي تقاتل في إدلب عن تواطؤ بين بعض جماعات الجيش الحر والنظام للسيطرة على أبو الضهور في مقابل تحرك هؤلاء للهجوم على عفرين إلا واحدا من الأدلة التي ترجح تلك الصفقة. التصعيد الصادر من دمشق ضد أنقرة قبل بدء العمليات في عفرين خفت مع الوقت، وتحدثت الإدارة الذاتية عن أن دمشق أبلغتهم أن روسيا لم تسمح لهم المساعدة في الدفاع عن عفرين، وكان البيان الذي نشرته وكالات الإعلام عن نداء من قبل الإدارة الذاتية في عفرين للنظام على ضرورة الدفاع عن حدوده في وجه تركيا جزءا من الحرب الإعلامية التي تحاول من خلالها القوات الكردية تجريد النظام من حقيقته التي يتبجح بها وهي اهتمامه بالسيادة الوطنية لعموم البلاد. وتتحدث الكثير من القراءات التحليلية عن معرفة الإدارة الذاتية المسبقة بعدم تحرك النظام ولكنهم رغبوا بتوضيح ذلك للرأي العام السوري والعالمي من خلال تكذيب خطاب النظام المفرط عن وقوفه في وجه التدخلات الإقليمية في البلاد وخاصةً أن عفرين محاصرة من ثلاث جهات من المهاجمين والجهة الرابعة هي مع النظام الذي يرفض حتى تقديم الدعم الإنساني للمدينة من خلال الهلال الأحمر السوري. البيان الذي تحدثت المصادر الكردية عن تأطيره للتدخل المطلوب من النظام بمجرد الانتشار على الحدود دون تسليم عفرين بالكامل له هو تظهير رسمي للصفقة السياسية بين تركيا وروسيا والنظام، وهو تجريد للحجج التي سيقدمها النظام في طاولة المفاوضات للعودة لعفرين فيما بعد ضمن مفهومه المركزي لسيادة الدولة.

الجماعات المعارضة

المعارك التي تحدث في عفرين لن تأتي في ما يبدو مع مرور الأسبوع الأول بالنتائج المرجوة منها للمعارضة المسلحة والهيئات السياسية التي تغطيه من شاكلة الائتلاف السوري المعارض. المعارضة المسلحة المشاركة في المعارك في عفرين والتي تتألف حسب تقرير صادر من «بي بي سي» من «لواء السلطان مراد» التي  تشكلت نتيجة اندماج مجموعات «لواء السلطان محمد الفاتح» في ريف حلب ولواء «الشهيد زكي تركماني» ولواء «أشبال العقيدة « مع قوات «السلطان مراد» ومن «فرقة الحمزة» وهي جماعة دربتها تركيا وأعلنت عن تأسيسها في نيسان/ابريل 2016 وانضمت إليها جماعة تركمانية تدعى «لواء سمرقند» نسبة إلى مدينة سمرقند في أوزبكستان، ومن «فيلق الشام» وهي عبارة عن اتحاد 19 فصيلا إسلاميا مقربا من جماعة الإخوان المسلمين السورية في حلب، وإدلب، وحمص، وحماة، ومن «حركة نور الدين الزنكي» التي تحالفت لفترة طويلة مع هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة» ومن حركة أحرار الشام السلفية التي نشأت في السنوات الأولى من الأزمة السورية وذلك باتحاد أربع مجموعات جهادية هي «كتائب أحرار الشام، وحركة الفجر الإسلامية، وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان» والتي تتبع لجماعة الإخوان المسلمين، ومن «لواء صقور» الجبل، ومن الجبهة الشامية ذات التشكيل السلفي، كلها ذات نفس عرقي (تركماني) وذات نفس مذهبي (سني) وهي مجتمعة حسب المتابعين تعاني عقدة الهزيمة المتكررة أمام النظام وروسيا وحزب الله. هجوم هؤلاء تحت الغطاء التركي، وبموافقة روسية، وبصمت من النظام في دمشق، لن تجد في تلك المعارك أي فائدة مرجوة منها في صراعها مع النظام حسب العديد من المتابعين، بل هي فقط على ما يبدو عملية تقديم خدمة لأنقرة من دون مقابل، بل حتى تقديم خدمة مع خسائر في جغرافية السيطرة لصالح النظام. قتلى تلك الجماعات رغم الدعم التركي تزيد عن خسائر الوحدات الكردية العسكرية وهو ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقريره الأخيرعن المعارك هناك حيث فقدت المعارضة المسلحة خمسين مقاتلا مقابل أربعين للوحدات الكردية. مصداقية تلك الجماعات في الحضيض في الشارع الكردي وهم أصبحوا جزءا من منظومة الأعداء بالنسبة لمعظم الجهات السياسية والشعبية للمجتمع الكردي ككل. ولا يعلم ما الموقف الذي ستكون عليه تلك الجماعات إذا صمدت قوات سوريا الديمقراطية حتى توقف المعارك وكيف ستواجه الشارع السوري ككل. وما زال الحديث عن سبب بقاء تلك الجماعات صامتة لشهور رغم جوارها الملاصق للنظام في شمال حلب رغم ادعائها الثورية والمعارضة له، وبين اختيارها للهجوم لجغرافية تعتبر آمنة، وليست تحت سيطرة النظام، وتحتوي العديد من النازحين السوريين، وهو ما يزيد من ريبة الأكراد والعديد من حلفائهم العرب بمن يسمون نفسهم بالمعارضة الثورية المسلحة التي تهاجم عفرين.
ويترقب الأكراد وحلفاؤهم العرب الموقف الأمريكي من الهجوم على عفرين. فالولايات المتحدة التي تعتبر قوات سوريا الديمقراطية حليفها الموثوق والوحيد في عموم سوريا محرجة من كيفية تحقيق التوازن بين حليفتها في الناتو «تركيا» وبين حلفائها في سوريا «قسد». ولكن، مع اشتداد المعارك، ومرور الوقت، وزيادة عدد القتلى والنازحين، يزداد غضب واشنطن على أنقرة، وخاصة أنها تجد في الهجوم التركي خديعة روسية لها. وكان الاتصال الأخير لترامب الغاضب مع أردوغان جزءا من الإشارات الأمريكية لتركيا بضرورة ضبط النفس، وكان اللغط الصادر عن فحوى المحادثة صورة من صور الخلاف الحاد بين الطرفين. أمريكا التي تخشى أن يدفع جمودها في وجه تركيا لأن تفقد ثقة حلفائها في «قسد» وأن يزيد ذلك من تمدد النظام وإيران في مناطق جديدة في سوريا تبحث عن مخرج غير محرج للجميع. وطلبت واشنطن رسمياً من تركيا ان تكون عملياتها محدودة ومؤطرة زمنياً، ويسمع في بعض الزوايا عن تحفيزها «قسد» بالصمود قدر المستطاع لأنها تدرك أن أي خسارة لقوات سوريا الديمقراطية في عفرين قد تتبعها خسارات أخرى في منبج وغيرها، وقد تؤسس لظهور «داعش» من جديد. وتحاول واشنطن الدفع بفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الفاعلة للتنديد بالعمليات التركية لتوسيع دائرة الضغط على أنقرة لوقف العمليات، ولعدم حصر السجال بينها من جهة وبين أنقرة وموسكو من جهة ثانية.
لا يمكن التصور بقبول الأكراد لسيطرة المعارضة السورية المسلحة على مناطقها مع كل هذه التساؤلات المريبة عن تلك الجماعات، ولا يمكن للولايات المتحدة القبول بزيادة نفوذ دمشق، وطهران، وموسكو، على حساب حلفائها الوحيدين في سوريا. ومع مرور الأسبوع الأول من المعارك بدأ الهيجان الذي تبع إعلان العمليات العسكرية التركية المرفقة ببعض التوابع من السوريين في «عفرين» يخفت مع الوقت. محافل المعركة والتحرك البطيء للقوات التركية يحرج حلفاء تركيا من السوريين التائهين ومنصات الإعلام التابع لهم، والحمل الأعلى هو على المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية في مقاطعة عفرين التي تسعى وحيدة على تدبير الاحتياجات الخاصة للناس هناك. الحديث عن هزيمة عسكرية لقوات سوريا الديمقراطية هناك بدأ في الغياب فيما يبدو، والحديث الحالي هو عن كيفية إيجاد نهاية للمعارك بصورة تخرج فيها تركيا غير محرجة لأن الجميع يعلم مدى غرورها السياسي. التصريحات الفضفاضة للخارجية والرئاسة التركية تجلب الحرج للعسكريين المتوترين بكيفية تحقيق التوازن بينها وبين الحقائق العسكرية على الأرض، وبين الضغوط الصاعدة على تركيا من دول العالم لوقف تلك العمليات. ولم تتجاوز تركيا بضعة كيلومترات داخل «عفرين» البعيدة أصلاً عن مراكز قوات سوريا الديمقراطية كل هذه الأيام، وما زالت الرئاسة التركية والخارجية تتحدث عن عملية سريعة للسيطرة على عفرين ومعها منبج وكأنها تنسى عدد الأيام التي مرت وعدد القتلى في صفوف توابعها من السوريين.

معركة عفرين والأسبوع الأول الساخن

براء صبري

«غصن الزيتون»: إجماع الفصائل السورية على الحملة وتوافق مع رؤى النظام

Posted: 27 Jan 2018 02:11 PM PST

بدت المعارضة السورية المسلحة والسياسية متفقة على دعم العملية العسكرية في كانتون عفرين التي تنفذها قوات تركية مساندة لقوات تابعة لفصائل من الجيش السوري الحر بهدف إخراج المقاتلين الاكراد من المدينة.
وأعلن الائتلاف السوري المعارض كممثل لفصائل الثورة المسلحة في بيان دعمه عملية «غصن الزيتون» التي أعلنت عنها تركيا السبت 20 كانون الثاني/يناير لاخراج مقاتلي وحدات الحماية الشعبية من مدينة عفرين السورية التي تمثل مركزا للكانتون الكردي الثالث في أقصى غرب سوريا.
وتنظر عموم الفصائل السورية إلى وحدات الحماية الشعبية بأنها أداة كردية تعمل على فصل أجزاء من سوريا لتشكيل كيان كردي يقوده حزب العمال الكردستاني ضمن مشروع أوسع لإقامة كيان كردي يتشكل من أجزاء من أربعة بلدان، العراق وسوريا وإيران وتركيا.
وتلتقي فصائل الثورة السورية على توصيف وحدات الحماية الشعبية بانها جزء من مشروع انفصالي يتعارض مع أهداف الثورة في الحفاظ على كامل التراب السوري، وان هذه الوحدات ساهمت في تشريد العرب من مناطق سيطرتهم وإرهابهم وإجبارهم على القتال إلى جانبهم من خلال فرض التجنيد الإجباري، وتتفهم تلك الفصائل المخاوف التركية على أمنها القومي كأحد مبررات عملية «غصن الزيتون». ومن وجهة نظر تركية مشتركة مع المعارضة السورية المسلحة فإن وحدات الحماية الشعبية هي جناح عسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض قتالا مع الجيش التركي منذ عام 1984؛ كما يتشاركان في رؤيتهما لخطوة الحزب والتنظيمات المرتبطة به على وحدة الأراضي التركية والسورية.
لكن الرئيس السوري بشار الأسد وصف العملية التركية بأنها «عدوان غاشم» خلال لقاء جمعه بدمشق مع رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي الذي أكد على «وجوب بذل المزيد من الجهود لتطهير بقية الأراضي السورية من الإرهابيين».
وترتبط تركيا مع سوريا باتفاقية أضنة التي تجيز للقوات التركية ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي السورية بعمق عدة كيلومترات بمحاذاة الشريط الحدودي، أي ان عملية عفرين تفسرها جهات حقوقية بانها تأتي في إطار اتفاقية أضنة وهي أيضا يجيزها القانون الدولي وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما صرحت به تركيا في الساعات الأولى لشن العملية العسكرية.
ومن غير المستبعد ان يتفق أكراد عفرين مع الحكومة السورية لإعادة ارتباط الشمال السوري والمناطق ذات الكثافة السكانية الكردية بالعاصمة دمشق في إطار التسوية السياسية التي قد تعطي للأكراد إدارة ذاتية بصلاحيات محددة في المجالات غير السيادية على ان يكون ارتباطها بحكومة المركز في دمشق وتابعة له.
ولا تجد تركيا أي غضاضة في عودة النظام السوري للسيطرة على الشريط والمدن الحدودية القريبة من تركيا إذا وجدت ان قوات النظام قادرة على حماية الحدود ومنع عمليات التسلل أو شن هجمات على المدن التركية، طالما ان الحكومة السورية هي الجهة السورية الوحيدة المعترف بها دوليا كممثلة لسوريا والشعب السوري، وهذا ما تتفهمه تركيا.
وعلى صعيد الفصائل السورية، يشارك نحو 25 ألف مقاتل سوري في العملية العسكرية بعفرين إلى جانب قوات تركية مسنودة بقصف جوي وبري، وفقا لتصريحات ياسر عبد الرحيم أحد قيادات الفصائل السورية، غير ان واقع العمليات وحجم الاشتباكات وزخم الاندفاع في عمق مناطق سيطرة وحدات الحماية الشعبية لا يؤيد وجود مثل هذا العدد الكبير في معركة عفرين.
ومع نفي جميع الأنباء التي تحدثت عن انسحاب مقاتلين من جبهات ريف إدلب أو حلب أو حماة لتعزيز مقاتلي جبهة عفرين، بدت حادثة سقوط مطار أبو الضهور في اليوم ذاته الذي بدأت فيه عملية عفرين مسوغا لعدد من قيادات وكوادر ناشطة في الفصائل المسلحة دعت لتشكيل غرفة عمليات لإيقاف استمرار زحف قوات النظام نحو مركز محافظة إدلب التي تواجه خطرا حقيقيا خاصة المناطق في ريف إدلب الشرقي من مطار وبلدة أبو الضهور وصولا إلى سراقب، وأهمية هذه الجبهة في الدفاع عن مدينة إدلب.
وتنظر فصائل المعارضة السورية المسلحة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب إلى ان هذه الوحدات منظمة «إرهابية» نكلت بالسوريين واعتقلت الكثير منهم، فيما قضى المئات تحت التعذيب أو عبر الاستهداف المباشر، كما جاء في بيان للائتلاف السوري؛ لذلك لا تبدو هناك حالة ود بين المقاتلين الأكراد وفصائل المعارضة السورية المسلحة التي تتناقض أهدافها في الخروج من الحرب الأهلية بسوريا موحدة مركزية فيما ترى هذه الفصائل ان الأكراد يريدون الخروج من الصراع بكيان سياسي مستقل أو شبه مستقل.
حتى الآن، لا توجد أي إشارات على سعي كردي لإقامة دولة كردية مستقلة في شمال سوريا، كما ان الولايات المتحدة لا تسمح بأكثر من مناطق إدارة لا مركزية مرتبطة بالحكومة المركزية بدمشق، وهذه أيضا لا تخرج كثيرا عن رؤية الحكومة السورية التي أقرت بمنح الأكراد صلاحيات موسعة لإدارة مناطقهم في المجالات الخدمية البعيدة عن الأمن والدفاع والسياسة الخارجة والموازنة العامة.
ولا تزال فصائل المعارضة السورية المسلحة تميز بين الأكراد كجزء من الشعب السوري ومقاتلي وحدات الحماية الشعبية الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي تضم مقاتلين أكرادا وعربا وقوميات أخرى. ومع ان مقاتلي وحدات الحماية الشعبية أصبحوا في صدارة المشهد، لكن ثمة مواقف أخرى تعارض توجهاتها المرتبطة كلية بسياسات حزب العمال الكردستاني التي لا تتفق مصالحه مع مصالح الشعب السوري بمن فيهم أكراد سوريا.
ويرى كثير من الأكراد السوريين غير المرتبطين بالأحزاب السياسية ان وحدات الحماية الشعبية تنفذ أجندات خارجية تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي المنشأ أو تابعة لسياسات الولايات المتحدة بعيدا عن مصالح الأكراد في سوريا والدفاع عنهم، مستدلين بذلك على عدم نقل قوات سوريا الديمقراطية مقاتليها من الرقة ودير الزور إلى جبهة عفرين لحماية الأكراد هناك أو الدفاع عنهم وعن مدينتهم.

«غصن الزيتون»: إجماع الفصائل السورية على الحملة وتوافق مع رؤى النظام

رائد الحامد

الجيش الحر: دخول قوات الأسد «عفرين» لن يغير شيئا من سير المعارك

Posted: 27 Jan 2018 02:11 PM PST

انطاكيا ـ «القدس العربي»: لم تستغل وحدات حماية الشعب الكردية، شمالي سوريا، الدعم العسكري والسياسي والمادي الأمريكي المقدم إليها منذ سنوات لتشكيل تحالفات مع قوى المعارضة السورية المسلحة أو السياسية منها، بل على عكس ذلك استخدمت كل ما قدم إليها لصالح بناء مشروعها الخاص الذي يصفه الكثير من السوريين بأنه مشروع انفصالي خارج الجغرافيا السورية، فهاجمت الوحدات الكردية قوى المعارضة السورية المعتدلة وهجرت القرى والبلدات العربية بأكملها. كما شكل المشروع الكردي خطراً استراتيجياً على الأمن القومي التركي لا بد من استئصاله، بحسب التصريحات المتداولة للمسؤولين الأتراك.
وحدات حماية الشعب الكردية رسمت من خلال الدعم الأمريكي الكبير خطوطاً عريضة لمشروعها الخاص «روج آفا»، إلا إن هذا المشروع بحسب صحيفة «إندبندنت» قد أصبح في مهب الرياح مع دخول عملية «غصن الزيتون»، المنفذة من قبل الجيش التركي وبمساندة كبيرة من فصائل الجيش السوري الحر، حيز التنفيذ.
المدنيون السوريون «المكون العربي» بالإضافة إلى فصائل الجيش السوري الحر كانوا أكثر من دفع ضريبة الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية، ففي ريف حلب الشمالي فقط أكد المعارض السوري ماجد عبد النور أن الوحدات الكردية سيطرت على 17 بلدة وقرية عربية بالإضافة إلى عشرات القرى والبلدات شرقي نهر الفرات.
وقال عبد النور: سياسة القطب الواحد التي كانت تنتهجها الوحدات الكردية طيلة الأشهر الماضية أدت إلى تهجير أكثر من مئتي ألف سوري، غالبيتهم من المكون العربي، كما ساهمت في خلق عداء وتنافر بين المكونين العربي والكردي الأمر الذي بات يهدد النسيج الاجتماعي السوري.

أهداف مشتركة

تمثل عملية «غصن الزيتون» التي بدأها الجيشان التركي والسوري الحر نقطة التقاء للأهداف المشتركة بين تركيا والمعارضة السورية، ويرى المحلل السياسي محمد العطار، أن تركيا بدأت معركة «عفرين» بهدف رفع السكين عن رقبة مستقبل تركيا، والذي يسعى الكثير من الدول لنقل الفوضى من الداخل السوري إلى العمق التركي، وأن تركيا دخلت سوريا وفق معادلة «الهجوم خير وسيلة للدفاع».
وقال العطار: تعتبر عملية عفرين ذات أهداف هامة للمعارضة السورية، فالمعارضة دفعت أثماناً باهظة على يد الوحدات الكردية التي استعانت بتحالفها مع واشنطن لتمرير مشروعها، وأن مضي الجيش السوري الحر في المعركة بهذا الحجم، مرجعه لتراكم الانتهاكات والتجاوزات من قبل الوحدات الكردية بحق المدنيين، والحفاظ على الجغرافيا السورية، وكان «السوري الحر» يحتاج لدولة داعمة له حتى يبدأ بمواجهة مشروع الميليشيات الكردية، ومن هنا نجد التحالف الكبير بينه وبين تركيا.

محاربة التقسيم

رئيس اللجنة العسكرية في وفد المعارضة إلى أستانا، العقيد الركن فاتح حسون، الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام لحركة تحرير الوطن، قال لـ «القدس العربي»: «نرى كجيش سوري حر أن الأهداف الأولى لعملية غصن الزيتون هي إعادة الاهالي الذين هجرتهم قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وإنهاء آمالهم بأن يقتطعوا جزءا من سوريا لدولتهم (المزعومة)، فلن ندخر جهدا في محاربة من يريد تقسيم سوريا.»
الهدف النهائي من المعركة، بحسب ما قاله المسؤول العسكري حسون، يكمن في طرد الأحزاب الانفصالية والإرهابية من الأراضي السورية، وذلك بعد ما رأيناه من ظلم هذه الأحزاب الانفصالية للشعب السوري ولما وجدناه من خيانة الثورة.
كما اتهم حسون الأحزاب الكردية بالتنسيق التام مع النظام السوري وبتعاون عسكري عال ضد قوات الجيش الحر، منوهاً إلى إن مشاركتهم في معارك «غصن الزيتون» ثأر لشهداء عين دقنة فقط، الذين مثلت هذه الميليشيات بجثثهم، وأن المعركة هي معركة ثورة وقطع كل أذرع النظام.
وأضاف كما قاتلنا تنظيم الدولة في مدينة الباب بريف حلب وغيرها سنقاتل الأحزاب الانفصالية في عفرين وغيرها لأن داعش وهذه الأحزاب هي أذرع النظام في المنطقة، وأما الأكراد فهم جزء ومكون من مكونات الشعب السوري ولا مشكلة لنا مع الأكراد إنما مشكلتنا مع الأحزاب الانفصالية التي احتلت قرى الأخوة الأكراد ومعركتنا لتحرير هذه القرى».
قتال النظام السوري
وتعهد القيادي المعارض بقتال قوات النظام السوري في حال دخلت مدينة عفرين، وقال: «لا فرق لدينا بين الميليشيات الانفصالية، وقوات النظام، فكلاهما عدو للشعب السوري وثورته، وفي حال دخلت قوات النظام مدينة عفرين فلن يحدث أي طارئ على سير العمليات العسكرية هناك».

الرئيس التركي يشيد

إلى ذلك أشاد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بدور الجيش السوري الحر خلال عمليات «غصن الزيتون» قائلا: «أحيي جنود الجيش السوري الحر الذين يقدمون نضالا مشرفا جنبا إلى جنب مع أبناء الجيش التركي»، وأضاف «لا علاقة لـ (بي كا كا) و(ب ي د) و(داعش) بالإسلام، لأنهم مجرمون يقتلون إخواننا المؤمنين من دون رحمة».
من جانبه رأى العميد أحمد رحال أن الجيش السوري الحر قوة لا يستهان بها، خاصة مع وجود أعداد كبيرة ما بين 10 إلى 15 عنصرا في مناطق درع الفرات، ولو تهيأت له الظروف لكان معادلة صعبة في المشهد السوري، خاصة مع خبرات قتالية كبيرة.
وقال رحال إن المشكلة ليست بالإمكانيات القتالية كما يتصور البعض، بل جوهر المشكلة في العملية العسكرية في مدينة عفرين، ترافقها عملية سياسية، وإن لم تحسم التوافقات الدولية بين تركيا وغالبية الدول الأوروبية والفاعلة في المشهد السوري فإن نصف مفاتيح الحل في عفرين، والموجودة في موسكو، لا تكفي لاستمرار العملية التركية. وأضاف: لذلك نرى أن العملية التركية تتحرك بحذر، فالإنجازات على أرض المعركة لا توازي التحضيرات الكبرى التي أعدت للمعركة، فتركيا تمتلك قدرات عسكرية كبيرة جداً، سواء على صعيد المقاتلات الحربية أو القوات البرية وحتى الصاروخية، بالإضافة لقوات الجيش السوري الحر، وهذه القدرات تقول إن المعركة ستنتهي خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ولكن مضى الأسبوع الأول ونحن أمام تعثر على كل الجبهات، ليس لقوة المدافع، وإنما لعدم تمكن تركيا من استخدام القوة العسكرية الكافية، وإذا لم تحسم المعركة السياسية المحيطة بعملية عفرين فإن المعركة ذاهبة لمعركة استنزاف طويلة الأمد.

خسائر عسكرية

وقال وزير الصحة التركي الجمعة إن 14 من الجيش التركي ومقاتلي الجيش السوري الحر قتلوا بينما أصيب 130 آخرون في أعقاب الهجوم التركي على منطقة عفرين السورية.
وقال الوزير أحمد دميرجان للصحافيين بعد زيارة الجنود المصابين في المستشفيات إن ثلاثة جنود أتراك و11 مقاتلاً من الجيش السوري الحر الذي تدعمه تركيا قتلوا حتى الآن في الاشتباكات الدائرة في شمال سوريا.

الجيش الحر: دخول قوات الأسد «عفرين» لن يغير شيئا من سير المعارك

حسام محمد

إيران حول «غصن الزيتون»: مخاوف ومواقف متضاربة

Posted: 27 Jan 2018 02:11 PM PST

بدت الاعتراضات الإيرانية وإن تعددت مستويات المسؤولين الذين صرحوا بها، على عملية «غصن الزيتون» التركية في عفرين، خجولة رغم حدتها في بعض الأحيان، وكأن شيئاً ما يجري تحت الطاولة بين تركيا وإيران وروسيا، وطبعاً سوريا، بما يعطي الانطباع أن الجميع لا يريدون أن تنهار التحضيرات الواسعة (آنذاك) لعقد مؤتمر «سوتشي» الذي تريده الأطراف المتحالفة مع سوريا منصة لإعلان «انتصار» هذه الأطراف في الحرب السورية.
وبرز واضحاً منذ الوهلة الأولى لبدء العملية العسكرية التركية أن ظل «التفاهم» الذي انعكس منه الكثير على المعركة المستمرة في إدلب كان بارزاً في سيطرة الجيش السوري وحلفائه على مطار أبو الظهور العسكري الاستراتيجي الذي يصفه الخبراء بالمفتاح إلى تحقيق انتصارات أخرى تفوق بكثير ما يمكن أن تخسره هذه الأطراف المتحالفة في العملية العسكرية التركية في عفرين والتي يجزم خبراء على صلة وثيقة بهذه الأطراف المتحالفة، أن نتائجها أيضاً ستكون في صالحها خصوصاً لجهة إيران ومشروعها الرامي إلى إنشاء خط بري يصلها بالعراق فسوريا ولبنان لتأمين إمداداتها اللوجستية إلى حليفها السوري وحزب الله وتحقق حلمها في أن تصبح جاراً مزعجاً لإسرائيل.
وتستفيد إيران من عملية «غصن الزيتون» ويخدم ذلك سوريا أيضاً رغم التنديد السوري العلني بها، في أنها تساعد في إجهاض أو عرقلة -على الأقل في الوقت الحاضر-مخطط واشنطن الذي يمهد للإبقاء على قوة عسكرية أمريكية في سوريا، عبر تشكيل أمريكا قوة عسكرية في شمال سوريا تضم 30 ألف جندي من الكرد لقطع الطريق الاستراتيجيه على إيران من العراق في سوريا وإضعاف القوات الموالية لطهران تدريجياً. ومع أن إيران طالبت بوقف «غصن الزيتون» وحجتها أنها تقوي الجماعات «الإرهابية»، مؤكدة على لسان المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي، بجدية، ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام السيادة الوطنية لسوريا، ومشددة على أنها تعتقد أن «جذور الأزمة السورية تعود إلى الممارسات غير المسؤولة والتدخلات غير الشرعية للقوات الأجنبية وخاصة التابعة للحكومة الأمريكية وبعض الأنظمة الطامعة في المنطقة ومنها الكيان الصهيوني». إلا أن حدة المعارضة هذه وجهها قاسمي صوب الولايات المتحدة ومخططاتها المتعارضة مع المشروع الإيراني بقوله «مادامت القوات الأمريكية وحلفاؤها من الجماعات التكفيرية والإرهابية متواجدة في سوريا خلافا للقوانين الدولية والمصالح الوطنية للشعب السوري فإن هذه الأزمة سوف تستمر».

تباين في الداخل

وعلى خطى موقف الخارجية الإيرانية، لم يوجه رئيس الأركان الإيراني «محمد باقري» أي تصريحات سلبية للعملية، خلال مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره التركي الجنرال خلوصي أكار، مساء الأحد، إلا أن وسائل إعلام إيرانية شنت حملة ضد العملية، واعتبرتها احتلالاً وتدخلاً سافراً في شؤون دولة مستقلة وانتهاكاً لسيادتها.
وكان لافتاً أن وكالة أنباء فارس التابعة للحرس الثوري تجاهلت عن عمد الإشارة إلى أهداف الجيش التركي وحليفه الجيش السوري الحر في مقاتلة تنظيم «ب ي د/ بي كا كا» واكتفت بالقول إن قوات الجيش السوري الحر، التي دخلت إلى الأراضي السورية من ولاية كليس التركية (جنوبا) للمشاركة في عملية «غصن الزيتون»، اشتبكت مع «القوات الكردية»، دون ذكر اسم التنظيمين! فيما نقلت صحيفة « إيران» الرسمية التي تمثل الحكومة الإيرانية أخبار العملية للقُرَّاء، تحت عنوان «تركيا تبدأ عملياتها ضد أكراد سوريا» متجاهلة هي الأخرى الإشارة إلى الأهداف التركية المعلنة رسمياً، في حين وصفتها صحيفة «جهان صنعت» بأنها «مغامرة جديدة للرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان». أما الصحف المحسوبة على التيار الإصلاحي الداعم للحكومة في إيران، مثل «مردم سالاري» و»شرق»، فقد نقلت أخبار العملية تحت عنوان «تركيا تشن هجوما على قلب الأكراد في سوريا» منسجمة في ذلك مع موقف يكرره الإصلاحيون دائماً مفاده أن التدخل الخارجي (ومنه الإيراني) في الأزمة السورية، يزيدها تعقيداً ويلحق ضرراً بالدول المتدخلة ومنها إيران.
وقالت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية في مقال نشرته على صفحتها الأولى تحت عنوان «أطماع النفوذ التركي في سوريا» وكأنه يمنح أنقرة الحق في تنفيذ «غصن الزيتون» إن وقوف «العناصر الكردية المسلحة إلى جانب نظام بشار الأسد» كان الدافع الرئيسي الذي دفع تركيا لشن العملية.
أما وكالة أنباء «إيسنا» الطلابية فإنها أبرزت موقف النواب الإيرانيين الأكراد في مجلس البرلمان ونقلت بياناً عنهم «يعترضون فيه على العملية العسكرية التركية ضد الأكراد في سوريا».
كذلك قالت صحيفة «دنياى اقتصاد» وموقع «فرارو» الإخباري، إن عملية «غصن الزيتون» حيَّدت نحو ألف إرهابي ينتمون للولايات المتحدة، ومكّنت تركيا من إلقاء الكرة في ملعب الولايات المتحدة».
واعتبرت وكالة «مهر» للأنباء (شبه رسمية تابعة للأمن) العملية «انتهاكا» لسوريا»، في الوقت الذي اعتبر فيه التلفزيون الإيراني «برس تي في» الناطق بالإنجليزية وهي توجه إشارات إلى الغرب عن انتهاك أنقرة لحقوق الإنسان، أن عمليات القوات المسلحة التركية ضد الأهداف العسكرية لتنظيم «ب ي د/ بي كا كا» في عفرين، على أنه «حملة جوية ضد المدنيين في شمال سوريا».
أما صحيفة «كيهان» المتطرفة فإنها وصفت عملية «غصن الزيتون» بأنها «انتهاك واضح للقانون والاتفاقات الدولية».
واستغلت الصحيفة التي تعارض على الدوام سياسات حكومة الرئيس حسن روحاني وتحرض عليه، العملية التركية، لتوجه انتقادات حادة إلى موقف كل من الولايات المتحدة وروسيا حيال عملية «غصن الزيتون»،
وقالت صحيفة «كيهان»، التي يشرف عليها ممثل المرشد علي خامنئي، إن روسيا تواطأت مع تركيا، على خلفية عملية «غصن الزيتون» التركي أطلقتها القوات المسلحة التركية مساء السبت ضد ميليشيات «وحدات حماية الشعب» (YPG) في منطقة «عفرين» السورية.
وقالت الصحيفة الإيرانية إنه لا بد من القول إن موسكو حصلت على بعض المكاسب من الأتراك من عمليات عفرين، وإن هناك تفاهما روسيا تركيا تم حول هذه العمليات. واعتبرت كيهان أن ما حدث «لا يتفق مع ذكاء الروس حتى الآن؛ لهذا يجب انتقاد الروس على عدم تحركهم وعدم ردة فعلهم أمام تركيا». وأشارت إلى أن تركيا تحاول إعادة تنظيم «الجماعات الإرهابية السورية» في جيش يتشكل قوامه من 22 ألف جندي سوري للهجوم على عفرين.
وأضافت كيهان: «خلافا لمحادثات أستانا وسوتشي بين إيران وروسيا وسوريا، وخلافا للمفاوضات السورية -السورية التي انطلقت تحت رعاية الأمم المتحدة، فإن تركيا بدأت بقصف مدينة عفرين التي تبعد عن حدودها 100 كلم، وفي الوقت ذاته الذي تهاجم فيه عفرين، تعمل تركيا على تشكيل جيش من الإرهابيين السوريين». على حد تعبيرها.
ووصفت كيهان عملية غصن الزيتون بالعدوان التركي، وقالت: «إن عمل الحكومة التركية وفقا للقوانين المتفق عليها بين الدول هو بالتأكيد عدوان تركي، وستكون له عواقب وخيمة على المنطقة».
وتابعت كيهان انتقادها: «العمليات العسكرية التي تنفذها تركيا ستزيد من التدخلات الخارجية في سوريا، ويمكننا القول إن العمل أحادي الجانب في عفرين من قبل تركيا يتعارض مع مهام الجيش التركي في سوريا».
وتوعدت الصحيفة بالرد على تركيا، قائلة: «إن التجربة تقول إن الجيش السوري وحلفاءه (إيران وروسيا) قادرون على التغلب على هذا العدوان العسكري التركي».
ويعكس انتقاد صحيفة كيهان لعملية غصن الزيتون، وجود مخاوف لدى طيف عام في دهاليز القرار الإيراني من عودة قوات المعارضة السورية في المناطق التي سيطر الجيش السوري الحر عليها في بداية الثورة السورية، خصوصاً بعد تقارير تتحدث عن مشاركة «فيلق الشام» في العملية.

المحصلة

ورغم هذا التباين فإن خبراء عسكريين قريبين من دوائر القرار الإيراني في سوريا يرون في الوهلة الأولى أن العملية التركية في عفرين تخدم الخطة الأمريكية المتمثلة بإطالة أمد الأزمة السورية لفرض مشروع التقسيم ولو في المستقبل غير المنظور، واستخدام الكرد شرق تركيا للأهداف نفسها في الجزء الغربي من الحدود التركية وقطع الطريق أمام إيران لتحقيق مشروع الاتصال بسوريا من العراق، وبالتالي قطع الطريق على الجيش السوري من الوصول إلى الحدود التركية في المرحلة الثالثة من معركة إدلب التي بدأها مع حلفائه وتوجت بالسيطرة على مطار أبو الظهور ليكون معبراً نحو انتصارات أخرى إذ يتوسط المطار ثلاث محافظات سورية، هي حماة وحلب بالإضافة إلى إدلب، كما يعتبر مدخلاً إلى البادية من جهة الشرق.
ويبعد المطار عن مدينة سراقب، المعقل الهام للجماعات المسلحة في ريف إدلب، حوالي 23 كيلومترا، وبالتالي يعطي إمكانية لفتح الطريق وفك الحصار عن الفوعة وكفريا. كما يبعد عن نقاط سيطرة الجيش السوري في ريف حلب الجنوبي 17 كيلومترا، فإذا لم تنسحب تركيا عن عفرين أو سلمتها للمعارضة السورية التي تدعمها، وتخطت تفاهمات أستانا فإنها ستعتبر من قبل سوريا، وحليفها الإيراني تحديداً، في موقع المحتل وعندها قد يأتي الطوفان!

إيران حول «غصن الزيتون»: مخاوف ومواقف متضاربة

نجاح محمد علي

هل حصلت أنقرة على موافقة ضمنية من موسكو لبدء عملية «غصن الزيتون»؟

Posted: 27 Jan 2018 02:10 PM PST

موسكو ـ «القدس العربي»: وَقَعَ في السبت الموافق 20 كانون الثاني/يناير 2018 حدث شكك في إمكانية وقوعه عدد كبير جدا من الخبراء الروس والأجانب، وحتى الأتراك، وتمثل في إطلاق القوات المسلحة التركية عملية عسكرية في عفرين السورية. وقامت القيادة التركية بهذه الخطوة بعد عدد من مظاهر استعراض القوة العسكرية على الحدود. وأولت وسائل الإعلام التركية لعدة أيام اهتماما خاصا للموقف الذي ستتخذه موسكو في حال بدء العملية العسكرية التركية «غصن الزيتون».
وأعربت موسكو رسميا «عن القلق من استعمال تركيا قواتها المسلحة في منطقة عفرين في شمال/ غرب سوريا». وقال تعليق للخارجية الروسية نشرعلى موقعها الرسمي في الانترنت الاحد الموافق 21 كانون الثاني/يناير : «ان روسيا تلتزم بثبات موقف البحث عن حل للنزاع السوري يقوم على الحفاظ على وحدة أراضي واحترام سيادة هذا البلد، والبحث عن تسوية سياسية طويلة الأجل بموجب قرار مجلس الأمن 2254 والاتفاقات التي تم التوصل لها في إطار عملية استانا المتعلقة بعمل مناطق تخفيف التصعيد». وفي ضوء ذلك دعت موسكو «الأطراف المتنازعة التحلي بضبط النفس». وذكر التعليق «ان الهدف الرئيسي الآن للقوات الروسية المتبقية في سوريا، بعد ان خرج الجزء الكبير منها عقب الحاق الهزيمة العسكرية والسياسية ببؤر الإرهاب المشخص بالدولة الإسلامية، هو ضمان نظام وقف العمليات العسكرية في مناطق تخفيف التصعيد».

اتفاق مع موسكو

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب له في أنقرة، ان تركيا توصلت إلى «اتفاق» مع روسيا بشأن إجراء «عملية لمكافحة الإرهاب» ضد الأكراد في عفرين السورية. وأبلغ السكرتير الصحافي للرئيس الروسي ديمتري بيسكوف في 22 كانون الثاني/يناير، ان موسكو على اتصال بالحكومتين السورية والتركية. بيد انه امتنع عن التعليق على كلمات أردوغان بصدد وجود اتفاقية بين موسكو وأنقرة. غير ان وسائل الإعلام تشير إلى ان رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية خلوص أكار ومدير الاستخبارات الوطنية هاكان فيدان زارا موسكو وأجريا مباحثات مع وزير الدفاع سيرجي شويغو ورئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السورية فاليري جيراسيموف. كما أجرى الرئيس التركي أردوغان في 23 كانون الثاني/يناير محادثة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وناقش الرئيسان التطورات الأخيرة في سوريا التي من بينها عملية «غصن الزيتون». ويشير بعض المراقبين إلى ان خطوة الرئيس أردوغان غير المسبوقة جاءت في سياق دعم الولايات المتحدة للحزب الكردي «الاتحاد الديمقراطي» و»وحدات حماية الشعب» الكردية وتسليمهم أسلحة متطورة،
وفندت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الرأي الشائع بين المحللين السياسيين الذي مفاده إن روسيا لا تعترض على العمليات التي يقوم بها الجانب التركي بل تدعمها، ولفتت إلى ان أي مصدر رسمي تناول الموضوع لم يشر لذلك، موضحة ان موسكو تعمل على التسوية السلمية وتصب الآن جل جهودها على عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، كما لم تتفق زاخاروفا مع تصريحات القيادة الكردية في عفرين من ان روسيا تخلت عن الأكراد. وقالت ان موقف روسيا ثابت من القضية الكردية، معربة عن الأسف من ان بعض الأطراف بات يستخدم الورقة الكردية لأهدافه الخاصة. وأشار بعض القراءات غير الرسمية إلى ان القيادة الروسية قدمت تنازلا لتركيا في قضية إجراء عملية ضد الأكراد نظرا لأن تركيا وبفعل تأثيرها على التشكيلات الموالية لها من المعارضة السورية المعتدلة، أتاحت لقوات النظام السوري القيام في كانون الثاني/يناير الحالي بهجوم واسع ضد مسلحي المعارضة المتطرفين من بقايا جبهة النصرة في محافظة إدلب، وتوسيع سيطرة الحكومة السورية في محافظات إدلب وحماة وحلب، ولا يستثني المراقبون ان روسيا تنتظر من أنقرة مقابل عفرين خطوات إضافية مثل تأمين مشاركة الجماعات المعارضة الموالية لها في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي في نهاية كانون الثاني/يناير الجاري. وربط بعض المراقبين صمت موسكو على عملية «غصن الزيتون» التركية في عفرين، باعتقاد الكرملين ان خطة أردوغان غير واقعية، فضلا عن انها تتحرك في هذا الإطار ضد الولايات المتحدة الأمريكية. ويشيرون في هذا السياق إلى ان روسيا تسعى من خلال عملية «غصن الزيتون» إلى تعزيز استراتيجيتها الرامية لعزل النخبة السياسية التركية عن المعسكر الأمريكي وفتح فضاء أوسع لتركيا في سوريا.

غضب كردي

ونقلت «وكالة أنباء نوفستي» عن ممثل شمال كردستان في موسكو رودي عثمان قوله: ان الكرد السوريين طلبوا من موسكو وقف العملية العسكرية التي بدأتها تركيا. وقال عثمان «ان تأييد مثل هذه العملية ضد عفرين خطأ فادح. وان على روسيا وقف العملية ورفع الضوء الأخضر الذي أعطته موسكو لها وعدم الوقوف إلى جانب ذلك النظام (في إشارة إلى نظام أردوغان).
وقالت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الصادرة الاثنين الموافق 22 كانون الثاني/يناير «إن العملية العسكرية التركية في منطقة عفرين السورية، الأكثر هدوءا نسبيا، لم تكن أن تبدأ إلا بموافقة ضمنية من روسيا». وقالت «ان وزارة الدفاع الروسية سحبت قواتها العسكرية من منطقة عفرين عشية قصف الطائرات التركية للمنطقة على نطاق واسع والتي راح ضحيتها المدنيون فقط». وفسرت الوزارة ذلك «باستباق الاستفزازات المحتملة من قبل التشكيلات الإرهابية، وتلافي الخطر على حياة وصحة الجنود الروس». وقالت وزارة الدفاع الروسية، في لهجة تفهم للعملية: ان «تحركات الولايات المتحدة أججت «الأزمة في المنطقة» وذلك من خلال «تسليم البنتاغون الأسلحة الحديثة للتشكيلات المؤيدة للولايات المتحدة في شمال سوريا» وإن «خطوات الولايات المتحدة الإستفزازية تهدف إلى الفصل بين المناطق، حيث توجد غالبية كردية، مما يؤدي إلى انهيار عملية السلام ومنع مفاوضات التسوية السورية في جنيف التي كان من المفترض ان يشارك فيها الأكراد على قدم المساواة مع الأطراف الأخرى». وأشارت الصحيفة إلى «أن كل شيء يبدو منطقيا، ولكن قيادة قوات الميليشيا الكردية (YPG) اتهمت روسيا بالخيانة» ووصفتها بأنها «الشريك في جريمة تركيا في قتل المدنيين في المنطقة.» ونوهت إلى ان وزارتي الدفاع والخارجية الروسية لم توضحا لحد الآن سبب ترحيل قوات حفظ السلام الروسية في عفرين وبذلك فانها قامت تقريبا بتصفية منطقة تخفيف التصعيد هناك التي أعلنتها بداية ايلول/سبتمبر 2017 والتي سجلت فيها وزارة الدفاع الروسية مؤخرا «عودة المدنيين الكثيفة لها». ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي نيتكاشيف، أن أردوغان بدأ حربا جديدة ضد الأكراد، وجند دعم موسكو لأنه أدرك ان القيادة الروسية حتما ستدعمه «في سياق بداية حملة الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في روسيا، وسيكون غير ملائم جدا لمكانة بوتين وسمعته انهيار المؤتمر الوطني السوري للمصالحة في سوتشي، لان بوتين هو الذي دعا له» أي ان انهيار عقد المؤتمر الوطني سيضر بشعبية بوتين. فأنقرة تستطيع تعطيل هذا المؤتمر من خلال الضغط على الجماعات المسلحة الموالية لتركيا التي تقاتل الأسد والأكراد ومنعها من المشاركة. وبدوره قال الخبير العسكري فلاديمير بوبوف ان الحرب ستسمتر بكثافة في عفرين حتى «تتلقى تركيا إدانة دولية واسعة النطاق وفرض عقوبات مناسبة على أنقرة وربما حتى على موسكو».

هل حصلت أنقرة على موافقة ضمنية من موسكو لبدء عملية «غصن الزيتون»؟

فالح الحمراني

محاولات أمريكية لمنع توسع العملية التركية إلى مناطق أخرى أو استمرارها لفترة طويلة

Posted: 27 Jan 2018 02:10 PM PST

واشنطن ـ «القدس العربي»: تريد الولايات المتحدة محدودية من حيث النطاق والمدى للعملية التركية الأخيرة في بلدة عفرين السورية التي تسيطر عليها ميليشيات كردية. ووفقا لتعليقات صادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية من مسؤولين كبار فإن واشنطن لا تريد أي نوع من التصعيد في شمال غرب سوريا التي تعتبرها الإدارة الأمريكية منطقة مستقرة نسبيا بالنسبة للبلاد التي مزقتها الحرب.
ولم ترد الإدارة الأمريكية على تصريحات وزير الخارجية التركي التي أكد فيها أن تركيا لا ترى أي طريقة للتعاون مع الولايات المتحدة في حال بقاء وحدات حماية الشعب في الصورة، واكتفت السكرتيرة الصحافية لوزارة الخارجية بالقول إن واشنطن قلقة جدا إزاء الوضع في تلك المنطقة بما في ذلك المخاوف من بدء هجرة جديدة للمدنيين بسبب شعورهم بعدم الأمان .
ولوحظ أن وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون تحدث بإيجاز حول لقائه الأخير مع وزير الخارجية التركي، وهو لقاء يأتي ضمن سلسلة من المحادثات الأمريكية – التركية التي جرت في الأيام الأخيرة إضافة إلى مكالمات صريحة وجادة بين الطرفين بشأن المخاوف من العملية التركية في سوريا، ناهيك عن نشاطات كبيرة للعديد من المسؤولين في السفارة الأمريكية في تركيا تهدف إلى التوصل لاتفاق بشأن الأزمة.
ودعت الولايات المتحدة حتى الآن الأتراك إلى ضبط النفس والحد من عملياتهم في الجيب الكردي، فيما لم تصدر عن الجانب التركي إشارات تفيد الاستجابة بل تصاعد الحديث في انقرة عن توسيع العمليات إلى منبج وغيرها من المناطق التي تتواجد فيها قوات أمريكية.
ومن الواضح أن هناك مشاعر من القلق في الإدارة الأمريكية بشأن مشكلة عفرين التي يردد العديد من المسؤولين الأمريكيين في كل مرة بأنها كانت مستقرة نسبيا. وأكد معظم التصريحات على ضرورة التركيز على مكافحة تنظيم «الدولة الاسلامية» وقالت إن الولايات المتحدة أنها هناك لذلك السبب مع الإشارة إلى أن تركيز الأتراك على قضايا أخرى سيعمل على نقل الموارد المتوفرة والقوات من محاربة التنظيم الإرهابي إلى محاربة الأكراد وهذا سبب مشكلة للولايات المتحدة.
واعترفت وزارة الخارجية الأمريكية بالمخاوف التركية إذ قالت السكرتيرة الصحافية هيثر نويرت إن الولايات المتحدة تتفهم مخاوف الأصدقاء الأتراك، وهم حليف مهم في الناتو، بشأن المنظمات الإرهابية المختلفة وإن الولايات المتحدة تتفهم مخاوفهم بشأن حزب العمال الكردستاني ولذلك تجري واشنطن محادثات مع الحكومة التركية بهذا الشأن من أجل معالجة هذه المشاكل ومحاولة تحقيق الاستقرار. وأشارت نويرت إلى أن الولايات المتحدة تريد تشجيع الأتراك على تخفيف التوتر.
المهمة الدبلوماسية الأمريكية لتحقيق دعوة واشنطن لمحدودية في النطاق والمدة للعملية التركية في عفرين هي مهمة شاقة بالتأكيد حيث تصاعدت التساؤلات عن مدى التزام الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب شركائهم الأكراد الذين قاتلوا مع القوات الأمريكية وساعدوا على طرد «تنظيم الدولة» من الرقة وغيرها من المدن ومدى التزام الولايات المتحدة من جانب آخر بالوقوف إلى جانب حليف مهم في الناتو والمعركة ضد التنظيمات الإرهابية وسط تعقيدات دولية ونزاعات إقليمية لا تحتمل المزيد من التوتر .
وحذرت الإدارة الأمريكية من تصريحات روسية تتضمن اتهامات تقول إن مسؤولية الهجمات التركية تقع على واشنطن لأنها مدت الأكراد بأسلحة إلى وحدات حماية الشعب على الرغم من أن موسكو تغض الطرف عن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن هذه التصريحات ليست مفيدة على الإطلاق وإنما هي دعاية تسعى إلى دق إسفين بين حليفين في حلف شمال الأطلسي ولكن هذا الشيء لن يحدث ولن ينجح .
وحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على تقليص العمليات العسكرية في الجيب الكردي، وحذره من أن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يتسبب في اشتباك محتمل بين القوات التركية والأمريكية. وقال إن انقرة وواشنطن يجب أن تركزا بدلا من ذلك على هزيمة مسلحي «تنظيم الدولة».
وطالب السناتور ليندسي غراهام بعقد جلسة استماع بشأن الأزمة مع تركيا قائلا إنه لا يمكن أن تكون الاستراتيجية الأمريكية في سوريا قائمة على تمسك الأكراد بالأراضي العربية بمساعدة من أكراد من حزب الشعب الديمقراطي، وهو ما تعتبره تركيا وسوريا أمرا غير مقبول.
وفي تطور لاحق صعدت إدارة ترامب من ضغوطها على تركيا والجماعات الكردية للانسحاب من الصراع العسكري المتزايد في سوريا، محذرة انقرة من عدم استهداف شركائها الأكراد ومطالبة المقاتلين الأكراد بعدم الانضمام إلى المعركة ضد تركيا. وحث بيان للبيت الأبيض تركيا على توخي الحذر وتجنب أي عمل قد يخاطر بحدوث نزاع بين القوات الأمريكية والتركية. وصرح مسؤول أمريكي «من الواضح تماما أنه ستكون هناك عواقب إذا ما تحرك الأتراك إلى منبج» .
وحذر مسؤولون أمريكيون الأكراد من احتمال فقدان الدعم الأمريكي إذا حاربوا تركيا واستخدموا أسلحة أمريكية من المفترض استخدامها فقط لمحاربة «تنظيم الدولة»، ووصفوا ذلك بأنها مشكلة جدية .
من الواضح تماما أن واشنطن ترغب في إنهاء القتال في عفرين ولكنها ليست مستعدة للقيام بضغط شديد حول المشكلة. وفي الواقع هناك اتفاق وسط العديد من المحللين الأمريكيين بأن الإدارة الأمريكية لا تملك خيارات واسعة للتعامل مع الأزمة ولكنها غير سعيدة قطعا بالإجراءات التركية.
ما الذي يمكن استنتاجه من تحركات تيلرسون بشأن الأزمة السورية بما في ذلك مشكلة العملية التركية في عفرين؟ بشكل عام الولايات المتحدة عالقة في الشرق الاوسط إلى أجل غير معلوم. ومن الواضح أن هناك رغبة أمريكية غير نقية بالبقاء وسط الصراعات في المنطقة إذ أن إعلان ريكس تيلرسون أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا إلى أجل غير مسمى يعني أن الإدارة الأمريكية ترغب في البقاء في حرب مفتوحة لأهداف غير معلنة، ويعني هذا أن سوريا أصبحت جبهة جديدة في (الحرب الطويلة) وأن واشنطن مصممة على خوض القتال في الشرق الأوسط حتى بدون تقديم خدمة للمصالح الأمريكية الحيوية.
ذهبت القوات الأمريكية إلى سوريا بهدف دفع تنظيم «الدولة» إلى خارج الأراضي التي سيطر عليها هناك، وقد تحقق هذا الهدف في لحظة مثالية للولايات المتحدة لإعلان النصر والانطلاق ولكن واشنطن اختارت عدم الانسحاب، وهذا نهج متأصل في شخصية السياسة الأمريكية، وأصبح عدم القدرة على الخروج من الرمال المتحركة للشرق الأوسط سمة مميزة للسياسة الأمريكية الخارجية مما يعكس فشلا في تكييف السياسة الخارجية مع الظروف المتغيرة.

محاولات أمريكية لمنع توسع العملية التركية إلى مناطق أخرى أو استمرارها لفترة طويلة

رائد صالحة

«غصن الزيتون» في عفرين: بداية جولة ثانية للحرب السورية تحركها مصالح اللاعبين الخارجيين

Posted: 27 Jan 2018 02:09 PM PST

منذ بداية الحرب الباردة ظلت تركيا واحدة من أكبر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، فقد انضمت إلى حلف الناتو عام 1952 وساعدت أمريكاعلى بناء حاجز ضد التمدد الشيوعي في المنطقة، وفتحت قاعدتها الجوية «إنجرليك» للطيران الأمريكي أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991. ورغم تصويت البرلمان التركي عام 2003 على عدم السماح للقوات البرية غزو العراق من الأراضي التركية إلا أن الحكومة فتحت المجال أمام الإمدادات. وفي الحملة الأخيرة لعبت تركيا دورا مهما في الحرب على تنظيم «الدولة» في العراق وسوريا عندما فتحت القاعدة لطيران دول التحالف الدولي بقيادة أمريكا وبهذا قصرت الرحلة أمام الطائرات التي كانت تنطلق من القواعد الأمريكية في الخليج العربي. إلا أن نهاية الحرب على تنظيم «الدولة» وهزيمة الجهاديين فتحت الباب أمام مواجهة جديدة بين الدولتين الحليفتين وعضوي الناتو بسبب الخلافات حول الدعم الأمريكي لقوات حماية الشعب الكردية التي ترى فيها تركيا جماعة إرهابية شقيقة لحزب العمال الكردستاني (بي كا كا). ووصل التوتر في العلاقات الأمريكية- التركية لدرجة الخلاف حول فحوى مكالمة هاتفية أجراها الأربعاء الماضي الرئيس دونالد ترامب مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد رفضت الرئاسة التركية ما جاء في بيان البيت الأبيض من دعوة ترامب لضبط النفس وتجنب قتل المدنيين. في إشارة للحملة العسكرية «غصن الزيتون» التي أعلن عنها الجيش التركي في الأسبوع الماضي بمنطقة عفرين ضد قوات حماية الشعب. وفي الحقيقة فالعملية لا تستهدف عفرين تحديدا ولكنها تعبر عن نفاد صبر الأتراك عما رأوا فيه محاولة أمريكية لتقوية كيان كردي على حدودهم الجنوبية، وجاءت نتاجا لرسائل متضاربة عبرت عن التشوش داخل حكومة ترامب نفسها وفي الوقت نفسه تعبر عن ترتيبات ما بعد الحرب على تنظيم «الدولة» حيث تتنافس القوى على تحديد مواقعها تحضيرا لأي مفاوضات. ومن هنا جاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي ريكس تيلرسون أن أمريكا ستحافظ على 2.000 جندي وقواعدها العسكرية في مناطق شرق سوريا بشكل يضمن حماية للأكراد الذين يريدون إقامة كيان للحكم الذاتي. ثم جاءت الترتيبات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع وهي تشكيل قوة حدود قوامها 30.000 مما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل الأكراد العنصر الرئيسي فيها وهو ما أثار غضب الأتراك وتحركوا لمواجهة «جيش الإرهاب». في قراءة لدلالات العملية التركية في عفرين فإنها تؤشر في صورة منها إلى مرحلة جديدة في الحرب السورية يمكن أن نطلق عليها الجولة الثانية. فالجولة الأولى شهدت حربين في وقت واحد، الأولى جرت بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد، أما الثانية فبين تنظيم «الدولة» والتحالف الدولي بقيادة أمريكا، وحسمت الأولى بالتدخل الروسي في إيلول (سبمتمبر) 2015 أما الثانية فقد حسمت تقريبا في العام الماضي بعدما خسر تنظيم «الدولة» كل مواقعه وأصبح قادته مطاردون. وتمخضت الجولة الأولى كما يقول جوناثان سباير في «فورين بوليسي» (25/1/2018) عن دولة سورية تحت قيادة الأسد لا يملك حق القرار فيها بدون الروس والإيرانيين، ومنطقة كردية بحماية أمريكية ومنطقة تحت سيطرة الجماعات المتشددة في محافظة إدلب. من هنا فالتوغل التركي هو تذكير أن الحرب السورية لم تنته وأن الملفات التي تم تجنبها أثناء قتال تنظيم «الدولة» طفت من جديد على السطح وعاد المتصارعون إلى رقعة الشطرنج السورية. ولعل الأحداث الأخيرة في عفرين تكشف عن الدينامية الجديدة، ففي الوقت الذي شجب فيه نظام بشار الأسد التوغل التركي وهدد بسحقه إلا أن حلفاءه الروس هم من سهلوا له عندما انسحبت قواتهم من المدينة حيث كانت تقدم الدعم لقوات حماية الشعب، ضمن اللعبة السورية الرقص مع كل الأطراف، أو محاولة من فلاديمير بوتين الإستفادة من الخلاف التركي- الأمريكي لصالحه. ويشير سباير إلى أن الأحداث الأخيرة تشير للكيفية التي تحولت فيها القوى السورية المعارضة إلى جماعات وكيلة إن بيد الإيرانيين أو الأمريكيين أو الأتراك الذين دخلوا سوريا بالتعاون مع جماعات مثل فيلق الشام ونور الدين زنكي وجبهة الشرق. وتقاتل هذه من أجل النجاة بعدما أصبح حلم التخلص من الأسد بعيدا. وهو حال الجماعات السورية الأخرى نفسه في الجنوب التي تتعامل مع الأردنيين، الأمريكيين والإسرائيليين. وعليه فالجولة الجديدة في سوريا ليست نابعة من ديناميات سورية داخلية كتلك التي أدت لانتفاضة عام 2011 بل من خلال التنافس على المصالح بين القوى الخارجية: الأتراك ضد الأكراد، إسرائيل ضد إيران وجماعاتها الوكيلة، الولايات المتحدة ضد إيران وربما الآن ضد أنقرة. وتسعى كل واحدة من هذه القوى إلى تعزيز مكاسبها على حساب الأخرى. ومن هنا فالحديث لا يدور حول مسار التسوية في سوريا الذي أصبح منسيا، بل عن تداعيات العملية التركية أولا على العلاقة مع أمريكا وثانيا المكاسب الروسية والإيرانية وبالضرورة النظام منها وثالثا مستقبل الكيان الكردي.

تركيا ضد أمريكا

يتفق الكثير من المحللين حتى من يوجهون النقد الدائم لأردوغان أن إدارة الولايات المتحدة للملف السوري كانت عشوائية ومضللة وتجاهلت عمدا كما ورد في تقرير «نيويويورك تايمز» (25/1/2018) حجم المخاوف التركية من الأكراد عندما دفعت باتجاه دعم وتسليح الجماعات الكردية «الإرهابية». ففي تعجل الأمريكيين لإيجاد قوة محلية شريكة لهم على الأرض في قتال تنظيم «الدولة» تجاهلوا كل مظاهر القلق التركي وعلاقة الفرع الكردي بعبدالله أوجلان الذي علق الأكراد السوريون صوره في قلب المدينة العربية الرقة، بعد تحريرها من تنظيم «الدولة». وفي الأزمة الحالية حاولت واشنطن الفصل بين دعمها للأكراد في مناطق شمال- شرق سوريا وبين عفرين التي قالت إنها ليست داخلة في التعاون، مع أن الأكراد لا يرون فرقا بين عفرين والحسكة وكوباني. وربما كان دخول الأتراك بضوء أمريكي أخضر بعدما سمح الروس لهم باستخدام المجال الجوي السوري. ومع تهديد أردوغان بالمضي نحو منبج فالمواجهة قد تحدث بين حليفين خاصة أن القوات الأمريكية الخاصة موجودة في المدينة مع ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية. وكانت إدارة باراك أوباما قد وعدت تركيا بالإنسحاب من منبج ولم تفعل.

تركيا أهم

وتواجه واشنطن خيارات صعبة بين حليف استراتيجي وآخر تكتيكي وقتي لأن أمريكا لن تظل طويلا في سوريا، أما تركيا فهي حليف مهم كما قال قائد حلف الناتو جيمس ستافريديس في موقع «بلومبيرغ» (24/1/2018). وعليه يجب تسهيل عملية الأتراك في عفرين طالما ظلت محدودة وإلا فالمستفيد من مواجهة الحلفاء هو النظام الديكتاتوري للأسد وتأثر عمليات ملاحقة تنظيم «الدولة». كما ودعا واشنطن لكي تعترف بمظاهر القلق التركي وإرسال مبعوث أمريكي قوي وعلى قادة الإدارة خاصة وزير الدفاع، جيمس ماتيس السفر إلى أنقرة وتطمين الأتراك. ويؤكد الأدميرال على أن هدف الإدارة يجب أن يركز على حماية العلاقة مع تركيا التي تعتبر الحليف الثاني بعد إسرائيل في المنطقة من حيث الأهمية. ويرى ستافريديس أن دين أمريكا للأكراد لا يعني التفريط بتركيا التي قد تنحرف باتجاه روسيا وإيران.

الفائز

ولا شك أن أي مواجهة بين الحليفين ستفيد الرئيس الروسي بوتين. وكما يرى ديفيد غاردنر في صحيفة «فايننشال تايمز» (23/1/2018) فالمعنى الحقيقي لعفرين ربما كان خسارة الغرب لتركيا، وربما كان انتصارا لبوتين لا أردوغان، فالعملية في حد ذاتها تؤشر لاعتماد أردوغان في حربه للأكراد السوريين على روسيا. وربما استخدم بوتين العملية لترتيب ملف إدلب الذي يقول إن الأتراك أسهموا فيه، أو حدثت مقايضة بين عفرين وإدلب. وقد تسمح العملية الأخيرة لبوتين الذي أنشأ ترويكا مع إيران وتركيا التأكيد على عودة بلاده للمشرق وإنجاح مؤتمر سلام سوتشي لحل الأزمة السورية بديلا عن مسارات جنيف. لكن المشكلة هي أن عملية عفرين تؤشر للتقاطع في الأولويات بين تركيا وأمريكا وهذا قد يقود لمواجهة تستفيد منها الأطراف التي تعاديها أمريكا خاصة إيران. ويرى جيمس جيفري وديفيد بولوك في «فورين بوليسي» (25/1/2018) أن التحرك التركي جاء بعد سنوات من المطالب لتبني أمريكا سياسة متماسكة تحقق المصالح الإستراتيجية التركية من ناحية الحفاظ على سوريا موحدة بدون كيان إنفصالي والحد من التأثير الإيراني في سوريا بشكل يحمي مصالح الدولة ويحتوي الخطر الروسي والإيراني وهي السياسة التي تبنتها الدولة العثمانية منذ قرون. ورغم الحلول التي يطرحها الكاتبان حول قيام أمريكا بقيادة حوار بين أنقرة وحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يسيطر على مناطق شمال- شرق سوريا وإقناعه بفض علاقته مع «بي كا كا» إلا أن هذه الحلول تظل مثالية في ضوء التوتر الحالي والمزاج القومي التركي والديني. فقد نظمت دائرة الشؤون الدينية التركية صلاة خاصة لدعم الجنود الأتراك في عفرين وتمت قراءة سورة الفتح في عشرات الألوف من المساجد ليلة بدء العملية. وغطت القنوات التلفزيونية في البلاد العملية بشكل واسع ولاحقت تقدم القوات من خلال الشاشات التي أظهرت الطيران التركي وهو يضرب مواقع قوات حماية الشعب. وفي منطقة هاتاي حيث انتظرت الدبابات أمر التقدم صنعت النساء الطعام وقدمته للجنود الذين سيشاركون في العملية. وعزفت الفرق العسكرية بالزي العثماني الأغاني الوطنية بصورة تقدم المزاج الوطني العام كما نقلته صحيفة «لوس أنجليس تايمز» (25/1/2018).

الجيب الكردي

وفي الوقت الحالي، لن تتخلى أمريكا عن حماية الجيب الكردي، إلا أن عملية عفرين ليست بالضرورة عنه بقدر ما هي محاولة من أنقرة إسماع صوتها ودعوة حليفتها الكبيرة أن تدير الملف بعقلانية. فالأكراد يعرفون أن الدعم الأمريكي ليس دائما ولهذا احتفظوا بعلاقات مع الروس ولم يحرقوا جسورهم مع نظام الأسد. ويرى أرون ستين في «فورين أفيرز» (23/1/2018) أن ما يهم الإستراتيجية الأمريكية في سوريا هي كيفية إدارة انتصار الأسد وعلاقته مع الأكراد وبالضرورة البحث عن استراتيجية خروجها من سوريا. ويبني ستين مقاربته على فكرة صفقة بين الأكراد والنظام السوري لخروج الولايات المتحدة من سوريا. ولو تمت الصفقة بشروط مقبولة فإنها ستتلاقى مع المصالح الروسية التي ترغب بنظام مستقر، تفضل أن يقوده الأسد. وعند هذه النقطة فستتوفر فرصة خروج أمريكي مع ان العلاقة المتوترة بين الأتراك والأكراد ستظل قائمة. مشيرا إلى ان تركيا ستظل في وضع ضعيف، خاصة أنها لا تستطيع ضرب مناطق الأكراد بوجود الجيش الأمريكي وتتحرك في مجال روسي شمال سوريا، كما أن الجماعات التي تعتمد عليها والراغبة بمواجهة النظام ضعيفة، وبالنسبة لأنقرة فلم يعد وجود الأسد شاغلا لها بقدر ما يهمها الأكراد. وقد يفر هؤلاء كما تقول مجلة «إيكونوميست» (26/1/2018) باتفاق مع النظام حول منطقة الحكم الذاتي شمال- شرق سوريا (روجافا) مقابل تخليهم عن المناطق الخارجة عنهم والتي سيطروا عليها بعد طرد تنظيم «الدولة» منها بالإضافة للمنشآت الحيوية في دير الزور وغيرها. وبعيدا عن الحسابات السياسية وما يمكن أن تنجلي عنه غبار معركة عفرين، فالدلالة الأهم هي أن الأكراد الذين استخدموا وعبر السنوات الماضية كبندقة إيجار ضد تنظيم «الدولة» يواجهون اليوم تبعات طموحهم الزائد. وربما رأت تركيا ما حدث لأكراد العراق في تشرين الأول (أكتوبر) 2017 وخسارتهم كل ما كسبوه من مناطق كانت تحت سيطرة تنظيم «الدولة» وانتهت مغامرة مسعود بارزاني بالإستفتاء على استقلال إقليم كردستان بخسارته مسيرته السياسية. لكن تركيا هي لاعب أمام عدد من المتنافسين على الساحة السورية وكلهم لديهم الكثيرمن الأوراق القوية. وبالمحصلة فنحن ندخل الجولة الثانية وإحدى مبارياتها لحليفين في الناتو. فهل ستتصرف واشنطن بحكمة أم تفرض العقوبات على حليفتها وتمنع عنها الصيانة للدبابات كما فعلت ألمانيا؟

«غصن الزيتون» في عفرين: بداية جولة ثانية للحرب السورية تحركها مصالح اللاعبين الخارجيين

إبراهيم درويش

الصحافي الفرنسي جورج مالبرينو: الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيفرض نفسه على أوروبا والدبلوماسية القطرية كانت فعالة أثناء أزمة الخليج

Posted: 27 Jan 2018 02:09 PM PST

يُعَدُّ جورج مالبرينو أحد أبرز الصحافيين الفرنسيين المتخصصين في شؤون منطقة الشرق الأوسط. اختُطف عام 2004 في العراق مع زميله كريستيان شينو، وأمضيا 120 يوماً رهن الاعتقال. التقيناه في مكتبه داخل مبنى صحيفة «لوفيغارو» العريقة في باريس، وأجرينا معه حواراً مطولاً عن توجهات دبلوماسية فرنسا الشرق أوسطية في عهد الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون والدور الذي يمكن لباريس أن تلعبه لحل الأزمات التي تعصف حالياً بهذه المنطقة. هنا نص الحوار:
■ لو بدأنا معك بالأزمة الخليجية التي تدخل شهرها العاشر فرنسا تحافظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف المشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في حصار قطر. برأيك، ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الرئيس إيمانويل ماكرون للمساعدة في حلحلة هذه الأزمة؟ 
■ فرنسا انزعجت من اندلاع الأزمة الخليجية إذ أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع كل أطراف هذه الأزمة. لديها قاعدة عسكرية في الإمارات العربية المتحدة وشراكة استراتيجية مع المملكة العربية السعودية واتفاق دفاع مع قطر. لذلك حرصت باريس على عدم إحراج أي من الأطراف، واكتفت بالدعوة إلى الحوار ودعمت المبادرة الكويتية. ولكن يبدو أنه حصل تحول في الموقف الفرنسي في إعقاب زيارة أمير قطر الشيخ تميم إلى باريس، في شهر سبتمبر/ايلول الماضي. فقد طالبت الحكومة الفرنسية لأول مرة برفع الحصار عن قطر. ولاحقا توجه الرئيس إيمانويل ماكرون إلى الدوحة، ومن هناك أكد على ثبات الموقف الفرنسي القاضي بالتزام الحياد من الأزمة الخليجية. وفي هذا السياق تم تعيين برتران بزانسونو، الذي يحظى بصداقة مع الأمير الوالد الشيخ حمد والذي كان سفيراً في الرياض لمدة طويلة ويعرف جيداً القيادة السعودية، إلا أن دوره يبقى هامشياً. فليست فرنسا هي التي تستطيع أن تحل الأزمة الخليجية الحادة والقوية. 
ثم لاحظنا خلال زيارة ماكرون إلى الدوحة أن الدبلوماسية القطرية كانت فعّالة، حيث استطاعت الدوحة «تَحييد» الدول التي كان من الممكن أن يكون لها موقف صارم ضدها بإقامة شركات مع هذه الدول، كما هي الحال مع فرنسا التي أبرمت معها اتفاقيات تجارية بقيمة 11 مليار يورو.  

حضور فرنسي خجول في اليمن
بسبب الأطماع الاقتصادية 

■ تظل لغة السلاح هي السائدة في اليمن بعد فشل كل المساعي الدولية لوقف القتال. وقد أعربت الأمم المتحدة مراراً عن أسفها للانتهاكات بحق المدنيين، محذرة من عواقب قصف التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية على هؤلاء المدنيين. في هذا السياق يُنحي بعض المعلقين باللوم على فرنسا بشأن مواقفها «الخجولة» حيال الأضرار البشرية التي طاولت الأطفال بسبب ضربات التحالف. كيف يمكنك الحكم على الموقف الفرنسي إزاء هذا النزاع؟ 
■ في ما يخص الأزمة اليمنية هناك مرحلتان: الأولى كانت خلال فترة حكم الرئيس السابق فرانسوا هولاند، بالتحديد عندما كان لوران فابيوس وزيراً للخارجية، حيث إن الموقف الفرنسي كان يتسم بـ»الصمت» حتى لا تنزعج السعودية، التي كان هولاند يأمل في أن يوقع معها اتفاقيات تجارية ضخمة. لذلك لمسنا صمتاً شبه تام من فرنسا، خلافاً لمواقف دول أخرى كألمانيا وبريطانيا والسويد وغيرها والتي أدانت بعض المجازر التي ارتكبها التحالف الدولي العربي بقيادة السعودية في اليمن.  
أما المرحلة الثانية، فكانت مع وصول إيمانويل ماكرون إلى سدة الحكم في منتصف شهر أيار/مايو الماضي حيث أصبحت الدبلوماسية الفرنسية بقيادة جان إيف لودريان، تحاول أن تحدث نوعا من «التوازن»، وذلك عبر التركيز على الأزمة الإنسانية في اليمن والتي تعد الأكثر خطراً من نوعها في المنطقة منذ سنوات، وذلك أملاً من باريس في التخفيف من حدة هذا النزاع الذي أودى بحياة الآلاف. ورغم ذلك، يبقى الموقف الفرنسي حيال هذه الأزمة « خجولا». كما أن فرنسا تشارك ولو بشكل هامشي في الحرب في اليمن، عبر تزويد التحالف بقيادة السعودية بعض الصور عبر الأقمار الاصطناعية.  
■ لكن ما الذي يمنع فرنسا من الاستجابة للدعوات المتكررة من المنظمات الدولية غير الحكومية: مثلا أن تشكل لجنة مستقلة للتحقيق في الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المشاركة في النزاع اليمني؟ 
■ مع أن هناك تحولا ولو خجولا نسبيا في لهجة الدبلوماسية الفرنسية حول الشأن اليمني، إلا أن هناك في واقع الأمر غياب «رغبة سياسية حقيقية» لأن فرنسا تسعى إلى إبرام صفقات تجارية ضخمة مع دول التحالف لا سيما السعودية والإمارات، ولذلك فهي حريصة على الحفاظ على علاقة جيدة معهما. 

علاقة معقدة بين باريس والرياض

■ هناك زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باريس، ما الذي يمكن أن يتغير في العلاقة الفرنسية السعودية بعد هذه الزيارة خصوصا أن رؤية البلدين الجيوسياسية لا تبدو متطابقة بخصوص ملفات شائكة عدة؟
■ العلاقات الأمريكية ـ السعودية تبدو اليوم قوية بين الأمير محمد بن سلمان وصهر ترامب جاريد كوشنير. وتجسد ذلك خلال زيارة ترامب إلى المملكة وحصوله على صفقات ضخمة جدا وصلت إلى نحو 380 مليار دولار. إذن نرى أن الأولوية بالنسبة إلى السعودية هي للولايات المتحدة الأمريكية وآسيا، وبالتالي فإن دور فرنسا هامشي بالنسبة إليها. 
الأمير محمد بن سلمان سيأتي إلى باريس كما تم الإعلان عن ذلك من الجانبين الفرنسي والسعودي ولكن لا نعلم إن كان فعلا سيأتي في ظل الأزمة الداخلية التي تمر بها المملكة. ومهما يكن الأمر فإنني أعتقد في الوقت الراهن أن العلاقة بين باريس والرياض «معقدة»، بعد أن اتسمت بالكثير من الحميمية خلال فترة حكم الرئيس السابق فرانسوا هولاند. ورغم ذلك كان هولاند ضحية لــــ «الدبلوماسية الاقتصادية السعودية»، بعد أن وعده الملك سلمان بن عبد العزيز بعقود تجارية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، مقابل تبني فرنسا لسياسة متشددة تجاه الملف النووي الإيراني وهو ما فعلته باريس، لكن في الجهة المقابلة لم تنفذ الرياض وعودها واكتفت بالتوقيع على القليل جداً من الصفقات التجارية بين البلدين. 
إيمانويل ماكرون أخذ العبرة من هذه الوعود السعودية التي لم تنفذ وأيضا من الدبلوماسية الفرنسية، التي لم تكن بدورها «فعالة» وتميزت بسياسة «الخضوع». فهو لا يريد القطيعة مع الملكيات الخليجية، بقدر ما يسعى إلى أن يكون صارما في ما يتعلق ببعض المبادئ. فالموقف الذي تبناه ماكرون يقضي بقول الأشياء مباشرة لكل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ولكن أيضا للأمير تميم، وحتى اللحظة يبدو أن الأمور تسير على أحسن ما يرام بالنسبة إليه. فقد استطاع أن يخرج رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من السعودية حيث كان محتجزاً. إذن في المحصلة يمكن أن نلحظ أن هناك إعادة تموقع واضحة للدبلوماسية الفرنسية بما في ذلك تجاه المملكة العربية السعودية.
■ تحرص فرنسا على تعزيز وجودها في السوق الإيرانية. كيف يمكن -حسب رأيك ـ لـ «فرنسا ماكرون» أن تتخطى المنافسة بين طهران والرياض وأن تفرض نفسها كشريك لهاتين الدولتين الخصمين؟ 
■ يجب الاعتراف أنه لا يمكن لفرنسا أن تلعب دوراً محورياً في ما يتعلق بمسألة التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية، والذي يبدو في الوقت الراهن مستحيلا، خاصة أن هناك هوساً سعودياً من إيران. فقد أراد الرئيس إيمانويل ماكرون منذ البداية « إعادة التوازن» في علاقة باريس بالبلدين، بالقول إنه يتحدث مع الجميع وإن فرنسا لا يجب أن تكون حكما في الصراع السني-الشيعي. ولكن في ظل استمرار الأزمات في العراق وسوريا واليمن، لاحظنا في الأشهر الأخيرة، إدانات فرنسية متكررة للدور الذي تعلبه إيران في عدم استقرار المنطقة. 
وأشكّك في أن الزيارة المنتظرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باريس ستحدث تغيراً في الموقف الفرنسي حيال إيران وسعي فرنسا إلى تعزيز وجودها في السوق الإيرانية، لأنه يجب أولاً انتظار أن تكون هناك عقود مع السعودية بالمليارات ذلك أن الحكومة السعودية سبق أن تعهدت بإبرام صفقات مع فرنسا في عهد الرئيس السابق هولاند، ولم تفِ بوعدها. 
ويجب التنويه إلى أن ماكرون لايزال متمسكا بفكرة ضرورة الذهاب إلى إيران، وقبلها سيزور وزير الخارجية جان ايف لودريان طهران في بداية شهر آذار/مارس. وتأتي هذه الزيارة على خلفية تمسك فرنسي وأوروبي بالاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015. غير أن باريس تسعى في المقابل إلى فتح فصول أخرى من المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها الباليستي وأيضا حول تأثير إيران في منطقة الشرق الأوسط. ولهذا السبب وذاك، نرى أن العلاقة بين باريس وطهران شهدت توترا في الآونة الأخيرة. 

دبلوماسية ساركوزي وهولاند
حيال سوريا تشل تحركات ماكرون 

■ أزمة أخرى تنخر المنطقة وهي الأزمة السورية. ومنذ وصول إيمانويل ماكرون إلى الإليزيه، أدلى بتصريحات عن الملف السوري، بدت متناقضة في كثير من الأحيان، لدرجة أن بعض المراقبين يعتقد اليوم أن صوت فرنسا غير مسموع على نحو متزايد للمساعدة في تسوية الأزمة. كيف تُقَوِّم الموقف الفرنسي الحالي حيال النزاع السوري؟ 
■ اعتقد أن المواقف التي اتخذها الرئيسان السابقان، تشل تحركات الرئيس ماكرون الذي يرغب في عودة فرنسا إلى الواجهة في المشهد السوري. فنيكولا ساركوزي (2007-2012) ثم فرانسوا هولاند من (2012- 2017)، تمحورت مواقفهما حول ضرورة رحيل بشار الأسد. وهو شرط أصر الرئيسان السابقان على التمسك به مما أدى إلى تهميش الدور الدبلوماسي لفرنسا في النزاع السوري. 
إيمانويل ماكرون أخذ العبرة من الفشل الذي أصاب الدبلوماسية الفرنسية، خلال السنوات العشر الأخيرة، فتخلى عن «النزعة المحافظة الجديدة والأخلاقية» التي تميزت بها السياسة الخارجية الفرنسية خلال ولايتي ساركوزي وهولاند، وعاد إلى اتباع دبلوماسية أكثر نفعية وبراغماتية، باعتبار أن الإصرار على شرط رحيل بشار الأسد لن يجدي نفعا، كون هذا الأمر لا يبدو واقعيا في الوقت الراهن ويقوض كل مسارات التفاوض لإيجاد مخرج سياسي للنزاع السوري. إلا أن ماكرون في الوقت ذاته يعتبر أن بشار الأسد مجرم حرب ويجب أن تتم محاكمته دوليا. وبالتالي نلاحظ أن هناك نوعا من الضبابية في موقف الرئيس الفرنسي. وأعتقد أن هذه الضبابية تعود إلى كونه باختصار حبيساً لمواقف داخلية لا يمكن أن ينحرف عنها كثيرا حتى لا تعتبرها بعض وسائل الإعلام والإعلاميين والسياسيين أيضا خيانة لمبادئ فرنسا حيال الثوار السوريين. ولذلك اعتقد أنه رغم محاولات فرنسا الحالية إلا أن عودتها للعب دور محوري في سوريا تبدو أمرا بعيد المنال في ظل المشهد والوضع الحاليين.

اعتراف رئيس بلدية فرنسية
بدولة فلسطين خطوة رمزية مهمة  

■ ننتقل إلى موضوع ملف القضية الفلسطينية التي يمكن وصفها بأم القضايا العربية. إن لـ «فرنسا ماكرون» علاقات جيدة مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لكن إصرار الرئيس الفرنسي على أن هذين الطرفين هما اللذان سيقرران مفاوضات السلام يُعرض الرئيس الفرنسي نفسه للانتقادات من قبل مؤيدي القضية الفلسطينية لاسيما عبر تكرار مواقف نتنياهو وترامب من دون أن تكون لديه طموحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ولا وزن الرئيس الامريكي؟
■ نعم هي مجازفة! نرى أنه في ما يتعلق بالملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي يبدو إيمانويل ماكرون حذراً أو حتى خجولا. لقد سألته على هامش لقائه الأخير مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: لماذا لا يطلق مبادرة مستغلا ما يمكن أن نطلق عليه إقصاء الولايات المتحدة، عقب قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل ويعترف بالدولة الفلسطينية؟ فكان رده كالتالي: «أنا أريد أن يكون لي دور فعّال والاعتراف بدولة فلسطينية لن يجدي نفعاً…الخ»
 فمع أنه كانت هناك توقعات بأن يقوم الاتحاد الأوروبي وفرنسا في المقدمة باقتراح خطة بديلة للوساطة الأمريكية، إلا أننا لم نر أي مؤشر على هذا الأمر.
السؤال المطروح حالياً هو معرفة ما إذا كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيرضخ أخيراً لضغوط المصريين والأردنيين الذين قد يقبلون بدورهم بالخطة الأمريكية المستقبلية المتعلقة بالسلام ما قد يفسر سبب عدم إقدام إيمانويل ماكرون وقادة الدول الأوربية الأخرى على اقتراح خطة بديلة للسلام. يجب أن نوضح أيضا هنا أن الإسرائيليين -حتى قبل دونالد ترامب – كانوا دوما يعتبرون أن هناك حَكَماً واحداً هو الحليف الأمريكي، لكن ترامب عزز هذا الموقف الاسرائيلي بتبني مواقف اليمين المتطرف الاسرائيلي.
إذن أعتقد أن الرئيس الفرنسي يدرك أن هذا الملف معقد وأن له تداعيات سياسية في فرنسا عن طريق مجموعات الضغط المؤيدة للجانب الاسرائيلي واُخرى أيضا مؤيدة للجانب الفلسطيني.  
■ بحديثك عن مجموعات في فرنسا مؤيدة للفلسطينيين، ما رأيك في القرار الذي اتخذه مؤخراً باتريك لوكلير رئيس بلدية ضاحية «جانفيلييه» الباريسية والذي أكد فيه اعتراف البلدية التي يترأسها بدولة فلسطين؟ 
■ هو اعتراف رمزي، لكن يمكنه أن يكون عاملاً محفّزاً لاعترافات أخرى بدولة فلسطين. على أي حال عاجلا أو آجلا، أعتقد بأن مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول الأوروبية ستفرض نفسها تدريجيا. لا يمكننا أن نمنع رؤساء بلديات أو غيرهم من اتخاذ قرارات أحادية الجانب، في الوقت الذي تتخذ فيه الولايات المتحدة الأمريكية قرارات أحادية ولكن مع عواقب وخيمة جدا.
■ بعد بضعة أسابيع من بدء تفعيل الدبلوماسية الفرنسية في عهد ماكرون، وصفْتَه بأنه «ناشط» و «واقعي». الْيَوْم وبعد مرور ثمانية أشهر على وصول الرئيس الشاب إلى سدة الحكم، كيف تقوم دبلوماسيته بشكل عام، بخصوص القضايا الساخنة المطروحة في العالم العربي؟
■ اعتقد أن دبلوماسية إيمانويل ماكرون تتميز بالواقعية والبراغماتية، ويتجلى ذلك من خلال موقفه من الملف السوري والعلاقة مع إيران ومع دول الخليج، حيث أعطى السياسة الخارجية الفرنسية حضوراً، بعد أن غابت عن الساحة الدولية لعشر سنوات، أي خلال فترتي حكم ساركوزي وهولاند واللتين اتسمتا في أكثر المواقف بالتخبط. 
نشعر أن ماكرون أصبح ملماً بجميع الملفات الخارجية الحساسة، وعندما نطرح عليه الأسئلة يجيب بطريقة تقنية. وتوصله إلى إنقاذ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، بعد أن كان محتجزاً في السعودية، يُعد فعلاً نجاحاً كبيراً للدبلوماسية الفرنسية. 
ماكرون يستغل فرصة «البريكست» الذي أضعف بريطانيا العظمى وتراجع الدور الألماني في أوروبا بعد النتيجة المخيبة التي حصلت عليها ميركل في أعقاب الانتخابات الألمانية التشريعية الأخيرة. كما يستغل تخبط دونالد ترامب داخليا وخارجيا، ليظهر بوصفه صوت الاعتدال والتهدئة. 
في نهاية المطاف، من السابق لأوانه الحكم على سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون الخارجية، فلم يمض على حكمه سوى ثمانية أشهر. لكن يمكن القول إنه منح الدبلوماسية الفرنسية صوتا مسموعا، من الناحية الشكلية على وجه الخصوص وحتى من ناحية المضمون في بعض الأحيان، بعد أن خفت صوتها خلال العقد الأخير. 

الصحافي الفرنسي جورج مالبرينو: الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيفرض نفسه على أوروبا والدبلوماسية القطرية كانت فعالة أثناء أزمة الخليج

حاوره: آدم جابيرا 

الضحايا 186 شخصا خلال سنة 2017 الاختطاف ظاهرة متفشية تؤرق الليبيين

Posted: 27 Jan 2018 02:09 PM PST

تونس ـ «القدس العربي»: عرفت ليبيا في السنوات الأخيرة بروز ظواهر سيئة عديدة لفتت إليها الإنتباه، أساءت إلى صورة الشعب الليبي المسالم والمحافظ، الذي كان، وإلى وقت غير بعيد، يحتضن أعراقا عديدة على أرضه عاشت بسلام طيلة عقود ولم تتعرض إلى الأذى. ومن بين هذه الظواهر، حوادث الإختطاف التي انتشرت كالنار في الهشيم وطالت كبار السن واليافعين على حد سواء، ولم تميز بين ذكر أو أنثى، ولا بين مسؤول سياسي كبير أو «عبد فقير».
وتبقى الحادثة الأشهر هي تلك المتعلقة بالصحافيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري اللذين انقطع خبرهما وتعددت الروايات والتأويلات بشأن مصيرهما. فقد توجها إلى القطر الليبي لإجراء تحقيق صحافي إستقصائي عن الأوضاع في بلد عمر المختار فوقعا في الأسر وفي قبضة أطراف عديدة ما جعل عملية اقتفاء أثرهما مغامرة شديدة التعقيد وغير محمودة العواقب.
لكن ما يؤكد عليه جل العارفين بطبيعة الشعب الليبي وبتركيبته القبلية وروابطه الأسرية المتينة، على أن هذه الشرذمة من المرتزقة وزعماء الميليشيات المتورطين بعمليات الإختطاف، لا يمثلون الشعب الليبي ولا علاقة لهم بقيمه الأخلاقية والدينية. ولعل فضح المنظمات الحقوقية والإعلام الليبي لهذه الممارسات دليل على أن هناك رغبة شعبية حقيقية في القضاء على هذه الظاهرة السيئة التي لا تمت بصلة لأخلاق الشعب الليبي.

أسباب عديدة

وفي هذا الإطار تعتبر المحامية الحقوقية الليبية فاطمة أبو النيران رئيسة التجمع العالمي من أجل ليبيا موحدة وديمقراطية في حديثها لـ»القدس العربي» وفي إجابتها على سؤال متى وكيف ظهرت جرائم الاختطاف في ليبيا؟ وما هي دوافعها؟ أن ظهور جرائم الاختطاف في ليبيا كان منذ اندلاع الأزمة في 2011. فظهر الاختطاف الجماعي والفردي على حد سواء ومن ذلك جريمة اختطاف عشرات الأطفال من دار الأيتام في مدينة مصراتة في اذار/مارس 2011. أطفال وردت عنهم بعض المعلومات التي مفادها انهم اخذوا عبر البحر إلى تركيا وحتي اليوم لم يعرف أي شيء عن مصيرهم ولا يوجد حتى من يطرح قضيتهم أو من يثيرها، لا أطراف محلية ولا دولية. وتؤكد الناشطة الحقوقية الليبية على أن جرائم الخطف التي ترتكب بحق النساء والرجال في ليبيا توالت بشكل لافت، وكثيرات وكثيرون يجهل مصيرهم حتى الآن، والعشرات وجدوا مقتولين، والمئات بل الآلاف تزدحم بهم المعتقلات العالمية والسرية المسيطرة عليها الميليشيات المسلحة في ليبيا، ودوافع الاختطاف عديدة، حسب فاطمة أبو النيران، منها ما هو بدافع الرأي السياسي وكذلك هناك الخطف من أجل الهوية بالإضافة إلى دوافع أخرى.
وتضيف محدثتنا قائلة «ثم شهدت ليبيا انتشارا لجرائم اختطاف من نوع آخر يختلف من حيث الدوافع وشخوص المقتولين، حيث صار الخطف يرتكب ضد شخصيات مسؤولة أو عناصر في السلطة ان صح التعبير، مثلما حصل مع المدعو علي زيدان والذي كان رئيسا للحكومة آنذاك. وكذلك خطف المدعو نوري أبو سهمين من قبل أمراء ميليشيات معروفين. فالمختطفون يصنفون في هذه الحالات في خانة المسؤولين ويتم تصويرهم وتسجل لهم مشاهد مشينة أحيانا ويتم إبتزازهم لدفع أموال أو اصدار قرارات وهذا ليس بخاف على أحد.
كما عرفت ليبيا ظاهرة خطف بعض المعتقلين من الخاطف أو المعتقل الأصلي، واستخدامهم كأوراق ضغط أو وسائل لتحقيق مكاسب أو جني أموال، مثلما حصل في حالة اختطاف المعتقلة عنود السنوسي من قبل المدعو هيثم التاجوري والذي قبض الملايين مقابل تسليمه للمخطوفة. وأيضا هناك جرائم خطف ترتكب ضد الأجانب سواء من أعضاء البعثات الدبلوماسية أو عناصر الشركات كما حصل في جنوب ليبيا قبل أسابيع عند اختطاف خبراء ومهندسين من مكان عملهم لأحد الحقول النفطية. وهناك أيضا خطف الإعلاميين كما هو الحال مع اختطاف الإعلاميين التونسيين منذ فترة طويلة. ولعل المقصود من هذا النوع من جرائم الخطف هو الضغط على بعض الدول أو لإخفاء حقائق الأحداث الجارية في ليبيا والتعتيم عليها في حال استهداف الإعلاميين مثلا».
وتعتبر الحقوقية الليبية أن انتشار هذه الممارسات بشكل لافت جعل جرائم الاختطاف ظاهرة تسود أغلب مدن ليبيا خاصة المدن والمناطق التي تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة. فصار الخطف للابتزاز وطلب الفدية يمارس، حسب أبو النيران، ضد الليبيين وغير الليبيين وطال عائلات رجال الأعمال والتجار وموظفي المصارف والإدارات، بل طال حتى الأطفال والمسافرين للعلاج وأيضا الأجانب العابرين من عناصر الهجرة غير الشرعية حيث يتم الاتصال بأهلهم وذويهم وإرسال صور ومشاهد لهم وهم يعذبون ليجبروا الأهالي على دفع المال. وكثيرون هم الذين تم قتلهم، حسب محدثتنا، عند عجز ذويهم عن دفع ما طلب منهم.
وفي جوابها عن سؤال يتعلق بالأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الآفة في ليبيا، تعتبر فاطمة أبو النيران أن من أسباب انتشار هذا السلوك الاجرامي والذي أصبح ظاهرة تهدد كل من يقطن ليبيا من ليبيين أو أجانب هو الانفلات الأمني وانتشار السلاح وغياب القانون وانهيار المؤسسات الأمنية في ظل سيطرة الميليشيات، وكذلك الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد والتدني في المستوى المعيشي للمجتمع الليبي، هذا إلى جانب استمرار الصراع المسلح الذين ينتج مزيداً من الدمار والنزوح والتهجير وبالتالي تتضاعف الدوافع وتكثر أسباب ظاهرة الاختطاف في ليبيا. وتضيف جوابا عن سؤال بشأن الأطراف المسؤولة عن انتشار جرائم الإختطاف في ليبيا، بالقول: «المسؤول الأول عن انتشار هذا النوع من جرائم الاختطاف هو من تدخل عسكرياً وسياسياً منذ2011 في ليبيا وأوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من انهيار أمني واقتصادي وضياع سياسي، ثم تأتي في المرتبة الثانية كل الحكومات والأجسام السياسية المسلطة والمتمكنة والممكنة من مواقع النفوذ والقوة والمسؤولة عن اتخاذ القرار في ليبيا طيلة سنوات الأزمة التي تمر بها البلاد. ولا حل يلوح في الأفق للقضاء على هذه الظاهرة الإجرامية إلا بالعودة لمعالجة المشكلة بإزالة الأسباب الذي نجمت عنها، وبإيجاد حلول جذرية تؤدي لاستقرار البلاد وبناء الدولة بكل مؤسساتها وفي مقدمتها المؤسسة الأمنية وتفعيل العدالة والقضاء وإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي الذي يداهمها.

أرقام مفزعة

ويعتبر عبد المنعم الحر الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان فرع ليبيا في حديثه لـ»القدس العربي» أن الإحصائيات المتعلقة بضحايا الاختطاف والاعتقال القسري في عموم البلاد تشير إلى اعتقال 143 شخصا تعسفيا، واختطاف 186 شخصا خلال سنة 2017. وأبرز حالات الاختطاف والاعتقال القسري وقعت، حسب الحر، في مدن طرابلس وسبها وبنغازي ودرنة وورشفانة وسرت وجدابيا وراس لأنوف والخمس والعجيلات والكفرة وتاجوراء وقصر بن غشير وترهونة والزاوية،‎ وتشكل ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في البلاد، حسب الناشط الحقوقي الليبي، عاملا رئيسيا في تفشي جرائم الميليشيات ضد المدنيين. ‎ويؤكد على أن نزع سلاح الميليشيات وضمان سلطة الدولة وسيادة القانون هو الركن الأساسي في شرعية حكومة التوافق الليبية، وأنه لا يجوز أن تسمح الحكومة للميليشيات باستثمارها كغطاء سياسي لجرائمهم بحق المدنيين والمحتجزين الذين يبقون بمعزل عن أي ضمانات قانونية للاحتجاز والتعذيب، ‎ويرى أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مطالبة بالعمل على تفعيل قرارات مجلس الأمن المعنية بحماية المدنيين والنهوض بمسؤولياتها في توثيق هذه الجرائم الجسيمة ذات الطابع المنهجي، وضمان أن تكون موضع محاسبة جدية للجناة.
ويضيف الحر قائلا: «المجتمع المدني في ليبيا وخاصة المنظمات الحقوقية قد طال أعضاءها أيضا الإعتقال أو الخطف والقتل، لذلك فهي أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تعمل من خارج البلاد أو من داخل البلاد مكتفية برصد وتوثيق الحالات والابتعاد عن الميادين والساحات بشكل مباشر. الاختفاء القسري جريمة مدانة لا يمكن ان ترتكبها أو تشارك في ارتكابها مجموعة تؤمن بالديمقراطية والرأي الآخر ومن يقوم بتلك الجريمة إنما هو قد خرق المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن لكل فرد حق الحياة والحريّة والأمان على شخصه، وكذلك قد خرق المادتين 1/6 و 1/9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. جريمة الاختفاء أو الخطف هي جريمة ينتهك فيها أكثر من حق من حقوق الإنسان كحق الحياة ، فقد يُعدم الأشخاص المفقودون تعسفياً أو يلقون حتفهم أثناء الاحتجاز نتيجة المعاملة القاسية، وكذلك ينتهك أيضاً الحق في الحرية والأمان الشخصي، والحق في عدم التعرض للتوقيف التعسفي، وفي محاكمة عادلة، وحق الفرد في الاعتراف له بالشخصية القانونية وغيرها من الحقوق اللصيقة بشخصه».

ظاهرة متفشية

واعتبرت الناشطة الحقوقية الليبية دلال هذلول في حديثها لـ»القدس العربي» أن الإختطاف هو ظاهرة تفشت في المجتمع الليبي مؤخرا وتسببت فيه عوامل عديدة مثل الانفلات الأمني المسيطر على البلاد والأفراد دونما إستثناء للسن أو الجنس أو الطبقة، ثم النزاع السياسي الدائر بين الفرقاء سواء على مستوى القبيلة أو المدينة أو الأطر الليبية بشكل عام تقريبا. ثم يأتي دور العوز المادي الذي جعل من البعض يستغلون مثل هكذا ممارسة لجلب المال أو لبسط نفوذ أو لتكوين ميليشيا أو لدعم تنظيم أو تأمين مساع وأغراض شخصية للبعض ممن هم داخل أو خارج البلاد.
كما تعزي انتشار هذه الظاهرة إلى غياب دور الهيئات القضائية التي لم تتمكن بدورها من فرض نفسها على الساحة لتقاضي مرتكبي هكذا جرائم، وأيضا إلى إنتشار السلاح وتفكك النسيج الاجتماعي الحاصل الآن والذي بات ذريعة لبعض الفئات التي تحول دون النهوض بالوطن ورأب الصدع ولملمة الشتات بين الأطراف المتنازعة، أو حتى بين أولئك الذين يزعمون الوطنية وإصلاح ما يمكن إصلاحه لإبراز الوطن كحاضن للجميع دونما تمييز أو محاباة أو إقصاء بين كل فئاته على اختلاف توجهاتهم العرقية أو القبلية أو اللغوية أو الدينية إن وجدت. وترى محدثتنا، في إطار الحد من استفحال هذه الظاهرة، أن من الضروري عدم تقزيم دور المؤسسات المدنية في توطئة مثل هكذا أمر والتقليل منه قدر ما أمكن.
وتضيف:»لقد اختلفت صنوف الاختطاف بين أن يكون المختطف كشخصية بارزة وفاعلة في المجتمع أو لإسكات صوت حق أو ابتزاز مادي أو حتى أفرادا بسطاء، أو أن يكون المختطف شيئا من المحتويات كآليات أو مقتنيات أو أموال بشكل مباشر أو أبناء بعض العائلات ذات النفوذ أو المال. والمستفيد من هكذا مرض هو كل من يسهم في إنجاحه أو التعامل معه على إنه ظاهرة عابرة وستزول بزوال المهللين لها سواء القابعين في ليبيا أو من يلوحون بسهامهم خارج الوطن، فزوال المؤثر لا يعني زوال المعاناة من أذهان أولئك الذين تعرضوا لتجربة الإختطاف أو زوال تلك العاهات النفسية المتولدة عنها».

الضحايا 186 شخصا خلال سنة 2017 الاختطاف ظاهرة متفشية تؤرق الليبيين

روعة قاسم

الجزائر: تطوير اللغة الأمازيغية رهينة صراعات بين الحرفين العربي واللاتيني

Posted: 27 Jan 2018 02:08 PM PST

الجزائر ـ «القدس العربي»: عاد موضوع الهوية ليحتل واجهة الأحداث في الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة من سنة 2017 وبداية السنة الجديدة، ومعه عاد الجدل بخصوص الأمازيغية التي تبين أن المشكل القائم بشأنها ليس مطروحا على مستوى السلطة فقط، بل حتى على مستوى النخب التي ما زالت لم تحسم صراعاتها وحساباتها الضيقة التي تجعلها كمن يطلق رصاصة في إحدى قدميه معتقدا أن ذلك يجعله يسير بطريقة أسرع!
كل شيء بدأ عندما قرر البرلمان الجزائري ودون ضجيج كبير وفي إطار مناقشة قانون الميزانية لسنة 2018 رفض مقترح تقدمت به نائب عن حزب العمال «تروتسكي» لتطوير اللغة الأمازيغية، ولأن الذين رفضوا هذا المقترح لم يعوا عواقب هذا القرار، فإنهم تسببوا في اندلاع موجة احتجاجات في مدارس وجامعات في منطقة القبائل، احتجاجا على هذا الرفض الذي اعتبر تنكرا لمكون أساسي من مكونات الهوية الجزائرية، واحتقارا للغة الأصلية للجزائريين.

شرارة جديدة

وتحولت هذه الاحتجاجات في كثير من الأحيان إلى صدامات مع قوات الأمن، التي لجأت في بعض المرات إلى استعمال القوة لمنع المظاهرات، الأمر الذي تسبب في وقوع جرحى وتوقيف العشرات، ما كان ينبئ بأن كرة الثلج تتدحرج وتكبر، خاصة وأن الاحتجاجات انتقلت بعدها إلى مدن أخرى مثل العاصمة وباتنة، وبدأ التخوف يرتسم من تكرار سيناريو الربيع الأمازيغي سنة 1980 الذي انطلق بسبب منع السلطات الدكتور مولود معمري من إلقاء محاضرة حول الشعر الأمازيغي القديم في جامعة تيزي وزو، لتتحول هذه الحادثة «البسيطة» إلى أول انتفاضة شعبية في الجزائر بعد الاستقلال، خلفت قتلى وجرحى وموقوفين وجرح ينزف في منطقة من أهم مناطق البلاد وفي نفوس الملايين من الجزائريين الذين عاشوا وشعور الإقصاء ينغص عليهم حياتهم، وتكرر السيناريو الدامي مرة أخرى سنة 2001 عندما اندلعت موجة احتجاجات عنيفة في منطقة القبائل، على إثر مقتل الشاب ماسينيسا قرماح داخل مركز للدرك، وبدل أن تسارع السلطات آنذاك إلى تهدئة النفوس ومعاقبة المسؤول عن مقتل الشاب، اكتفى وزير الداخلية الأسبق نور الدين يزيد زرهوني بأن قال إنه «شاب منحرف». تصريح كان كافيا لصب مزيد من الزيت على النار، وليفتح جرحا جديدا في منطقة كانت ما زالت تنزف.
السلطة التي بقيت في أول الأمر تتفرج على تصاعد الاحتجاجات بسبب قضية رفض تطوير اللغة الأمازيغية، سارعت في وقت ثان إلى اتخاذ إجراءات أبعد من تلك التي طالب بها الذين خرجوا للتظاهر، وأثبتت أنها تعلمت من دروس الماضي، وأنها أضحت قادرة على سماع أجراس الخطر، وبالتالي أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن ترسيم عيد كانون الثاني/ينّاير أي رأس السنة الأمازيغية، وجعله يوم عطلة مدفوعة الأجر، وتقرر الاحتفال بشكل رسمي وشعبي عبر كل مدن البلاد بهذا العيد، كما طالب الرئيس الحكومة بالإسراع في تأسيس الأكاديمية الوطنية للغة الأمازيغية، والتي سيكون من مهامها تطوير اللغة الأمازيغية.
القرار الذي أعلنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يضع حدا للجدل الدائر، بل أعاد بعثه من جديد، لأن هناك من اتهم السلطة الجزائرية باستغلال قضية الأمازيغية، والمزايدة في هذا الموضوع، وأنها أصبحت تقدم تنازلات مبالغ فيها، وذلك بخلفيات سياسية، وحسابات استحقاقات مقبلة، خاصة وأن البلاد مقبلة في العام المقبل على انتخابات رئاسية، تسعى السلطة إلى تحضير الأجواء الخاصة بها من الآن، بنزع فتيل أي أزمات يمكن أن تنغص عليها مشاريعها المقبلة، خاصة في ظل وضع متشنج ومتوتر أصلا بسبب أزمة مالية واقتصادية حرمت السلطة من عديد الأوراق التي تعودت لعبها لتهدئة الشارع وإخماد الفتن والاحتجاجات.

لغة ولكن؟

قضية الأمازيغية رغم الفصل فيها على مستوى السلطة (بصرف النظر عن الخلفيات) ما زالت تطرح إشكالا حقيقيا، خاصة على مستوى النخبة، فجزء من هذه النخبة يعتبر أن الأمازيغية ليست لغة، وإنما لهجات، وأن داخل هذه اللغة التي اعترفت بها السلطة وجعلتها وطنية سنة 2002 ثم رسمية في 2016 توجد عدة لهجات، مثل القبائلية، والميزابية، والشاوية، والشلوحية، والتارقية، وأنه ليس واضحا حتى الآن، على حد قول هؤلاء، ما هي «اللهجة» (من بين اللهجات المذكورة) التي سيتم اعتمادها كلغة أمازيغية. أما الإشكال الثاني فيخص الحرف الذي ستكتب به، وهو أيضا موضوع خلافي كبير، ومادة دسمة لجدل لا ينتهي، خاصة وأنه يحتوي على كل التوابل التي تجعل منه موضوع سجالات وصراعات إيديولوجية في المقام الأول.
السلطات الجزائرية لم تعلن بعد عن الحرف الذي سيعتمد في كتابة اللغة الأمازيغية رسميا، ففي وقت يطالب فيه البعض بكتابة اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني، يرى آخرون أن الحرف العربي هو الأقدر على استيعاب الأمازيغية والتعبير عنها، فيما يرى طرف ثالث أن حرف التيفيناغ هو الأنسب لكتابة الأمازيغية، والذي حدث هو أنه قبل الفصل في الخلاف القائم قامت وزارة الداخلية بإصدار أول بيان رسمي باللغة الأمازيغية، ورغم أن المبادرة كانت إيجابية وتأتي في إطار الجهود التي تبذلها السلطة لطي صفحة الماضي، والتصالح مع الذات، لكن الإشكال الذي وقع هو أن البيان كان مكتوبا بالحرف اللاتيني، وهو ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت السلطات قد فصلت في الأمر حتى قبل تأسيس أكاديمية اللغة الأمازيغية، التي من شأنها الفصل في الموضوع، واختارت الحرف اللاتيني، وهو ما جلب إليها اتهامات بالسعي إلى إرضاء التيار الفرانكفولي في القضية الأمازيغية.
وقال الباحث والمؤرخ محند أرزقي فرّاد في تصريح لـ»القدس العربي» إن النضال في سبيل القضية الأمازيغية عمره على الأقل 70 سنة، وأنه بدأ في أربعينيات القرن الماضي، أي منذ فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، وطوال عقود وعقود النضال لم يتوقف، مشيرا إلى أنه ربما أن يكون هناك عقلاء في السلطة تنبهوا إلى الأخطار التي يمكن أن تنجم عن استمرار التنكر للأمازيغية، خاصة في ظل التوترات التي يعرفها العالم العربي ودول الجوار، وأنهم قرروا تبني الأمازيغية لغلق هذا الباب، أما الاحتمال الثاني فقد يكون له علاقة بالتحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة، لأن النظام يدرك أن المنطقة الوحيدة التي تمارس عليه الضغط، والتي بإمكانها إقلاقه هي منطقة القبائل.
أما فيما يتعلق بموضوع الحرف الذي تكتب به الأمازيغية فاعتبر فراد أن الجدل القائم موضوعي لأسباب تاريحية، مشيرا إلى أن حرف التيفيناغ موجود في أقصى الجنوب فقط، وأنه كمختص في التاريخ قام بأبحاث كثيرة في الموضوع، وجد أن هناك شبه إجماع لدى المؤرخين الفرنسيين، أن الأمازيغ كتبوا لغتهم بالحرف العربي منذ مئات السنين وإلى غاية اليوم، فالفنان شريف خدام أحد أعمدة الأغنية القبائلية كان يكتب الأغاني بالحرف العربي، والشيخ الحسناوي أيضا، موضحا أن هناك كما هائلا من المخطوطات الأمازيغية بالحرف العربي، لكن الاستعمار الفرنسي الذي دخل إلى الجزائر في 1830 اختار كتابة القبائلية بالحرف اللاتيني. فالفرنسيون نقلوا في البداية النصوص الأمازيغية بالحرف العربي، لكن بداية من 1868 شرعوا في استعمال الحرف اللاتيني، وفي 1880 أصبح هناك ما يسمى دبلوم في اللغة القبائلية وليس الأمازيغية، وأصدر بلقاسم بن سديرة كتابا عنوانه دروس اللغة القبائلية، وذلك لأن فرنسا كانت تخطط لإقامة لبنان جديد في الجزائر، عملا بسياسة فرق تسد، وكان هدفها تقسيم الجزائر إلى دويلات صغيرة.
واعتبر محند أرزقي فرّاد أن أول خطأ ارتكبته السلطة الجزائرية كان في سنة 1962 لأنها سعت لإلغاء الأمازيغية، لأنه لو كان النظام ديمقراطيا لاعترف بالأمازيغية في الدستور، ولشرع في تدريسها بالحرف العربي، دون أن يطرح ذلك أي إشكال، لكن الذي حدث هو أن السلطة رفضت الاعتراف بالأمازيغية وقامت بمحاربتها، والذين أرادوا تعلمها ذهبوا إلى فرنسا، وبالتالي درسوها بالحرف اللاتيني، ثم جاء ما عرف بـ»إضراب المحفظة» سنة 1994 والذي تقرر على إثره إنشاء محافظة سامية للأمازيغية، والتي راحت تكتب الأمازيغية بالحرف اللاتيني، رغم أن الدولة الجزائرية لم تفصل بعد رسميا في الحرف الذي تكتب به الأمازيغية، بدليل أن في المقررات الدراسية نجد أن الحروف الثلاثة موجودة.
وأضاف المصدر نفسه، أننا ورثنا مشكلة موضوعية، مشيرا إلى أنه هو شخصيا يؤمن بالحرف العربي لاعتبارات علمية، ولكنه كباحث اقترح إقامة ثلاثة مخابر في إطار الأكاديمية الوطنية للأمازيغية التي تقرر تأسيسها، واحد للأبجدية العربية وآخر لللاتينية وثالث للتيفيناغ، على أن يكون هناك تنافس علمي، وأن الحرف الذي يأتي بالخير ويكون الأنسب للأمازيغية يتم اعتماده بعيدا عن أي صراعات أو صدامات.
واعترف فراد، أن الأمازيغية ما زالت تطرح إشكالا على مستوى النخب وحتى على مستوى العوام، لأن عقودا من الأحادية السياسية أنتجت أحادية ثقافية وفكرية، وتشنجا وتطرفا لدى الجانبين، مشددا على ضرورة إنقاذ الأمازيغية والعربية من التشنج والتطرف، لأن لا العربية ولا الإسلام يرفضان الأمازيغية أو يتعارضان معها، وأن من الضروري العودة إلى لغة العقل والاعتدال، لأن أجدادنا عاشوا 14 قرنا في إطار تعايش وتكامل، وأنجبت الأمازيغية الكثير من الألسن والأقلام للعربية، لكن الاستعمار زرع بذرة الانفصال، وظهرت في المقابل الذهنية العروبية المتشجنة المستوردة من المشرق.
وأعرب عن تخوفه من أن تكون السلطة قد تحالفت مع دعاة الطرح اللاتيني، وهو ما يزيد في تعميق الهوة، لأن الجزائري عموما لا يقبل الأمازيغية بغير الحرف العربي، وإذا تم ربط اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني فإن الهدف هو تمزيقها عن المشرق، رغم أن البحوث والكتابات القديمة كانت دائما تشير إلى تناغم وتواصل بين الأمازيغية والعربية المقبلة من الشرق.
ويرى الدكتور عثمان سعدي رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية، أن السلطة قدمت تنازلات في موضوع الأمازيغية بخلفيات سياسية وحسابات انتخابية، من أجل كسب أصوات منطقة القبائل في استحقاقات مقبلة، مشيرا إلى وجود أكثر من 12 لهجة في الأمازيغية، وأن لا وجود للغة أمازيغية، وأن العملية لن تنجح، إلا إذا تم اختلاق لغة.
واعتبر سعدي في تصريح لـ»القدس العربي» أنه لا توجد لغة أمازيغية أم، بل توجد عشرات اللهجات الشفوية، والمعتمدة منها هي القبائلية المكتوبة بالحرف «الفرنسي» وأن قرار تعميم تعليمها غير سوي، لأن الكردية في العراق تدرس فقط في المناطق التي يوجد فيها أكراد. موضحا أنه في الوقت الذي تقوم فيه الدول المحترمة على اعتماد لغة وطنية ورسمية واحدة، تتخذ الجزائر قرارها باعتماد لغتين وطنيتين ورسميتين، وهذا سيؤدي، حسب الدكتور سعدي، إلى وجود لغة ضرة وضارة للعربية، لأنهما ستدخلان في صراع، وأن المستفيدة من هذا الصراع هي اللغة الفرنسية.
أما فيما يخص اعتماد التقويم الأمازيغي، الذي بدأ 950 قبل الميلاد، فيقول أن هذه السنة مفتعلة، لأنها تقوم على أساس رواية تقول إن الملك شيشناق الأمازيغي انتصر على رمسيس الثالث، في حين أن هذا الأخير حكم مصر سنة 1183 قبل الميلاد، وشيشناق الأول حكم سنة 950 قبل الميلاد، مشددا على أن الهدف هو فصل الجزائر عن بعدها العربي، وأن الجزائر كانت وستظل عربية.

الجزائر: تطوير اللغة الأمازيغية رهينة صراعات بين الحرفين العربي واللاتيني

كمال زايت

اشتهرت بمعالمها الدينية وأسْر لويس التاسع مدينة المنصورة المصرية بلد الجمال والحضارة

Posted: 27 Jan 2018 02:08 PM PST

القاهرة ـ «القدس العربي»: حين يذكر اسم مدينة المنصورة في مصر وبين عاشقيها، ذُكر جمال ساكنيها وأثرها في التاريخ، الذي كتبه الملك الأيوبي الكامل محمد بن الملك العادل عام 1219 ميلادية، وكانت قبل ذلك التاريخ تسمى بـ«جزيرة الورد». إذ تذكر كتب التاريخ المصري أن المدينة كانت محاطة بالمياه من ثلاث جهات وكانت فيها أكبر حدائق الورود في مصر.
تقع المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية على الضفة الشرقية لنهر النيل «فرع دمياط» وتواجه مدينة طلخا على الضفة الغربية، وتبعد 120 كيلومترا إلى شمال شرق العاصمة المصرية القاهرة.
ويرجع اسم «المنصورة» إلى حين انتهى النصر الذي حققه الشعب المصري على الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع الفرنسي في معركة المنصورة. ونقل بن لقماق من كتاب «الانتصار عن كتاب تقويم البلدان» للمؤيد عماد الدين، أن المنصورة بناها الملك الكامل عند مفترق النيل على دمياط وأشموم، وبينهما جزيرة البشمور التي بناها في وجه العدو حين حاصر الفرنج دمياط، وقال بن لقماق إن «المنصورة تقع قبالة بلدة تسمى طلخا وهي مدينة فيها حمامات وأسواق».
ظهرت أول خريطة لمدينة المنصورة في نهاية القرن التاسع عشر سنة 1887 ميلادية، ويتضح منها أن العمران كان مقصورا على الرقعة المحصورة ما بين نهر النيل شمالاً والمدافن القديمة «الساحة الشعبية حاليا».
كانت مدينة «أشمون طناح» التي تعرف اليوم باسم «أشمون الرمان» في مركز دكرنس، قاعدة لإقليم الدقهلية ومقر ديوان الحكم فيه إلى آخر أيام دولة المماليك في مصر، وحين استولى العثمانيون على مصر رأوا بلدة أشمون الرمان فضلاً عن بعدها عن النيل الذي كان هو الطريق العام للمواصلات في ذاك الوقت ـ قد اضمحلت وأصبحت لا تصلح لإقامة موظفي الحكومة، ولهذا أصدر سليمان الخادم والي مصر أمرا في عام 1527 ميلادية بنقل ديوان الحكم من «أشمون الرمان» إلى مدينة المنصورة لتوسطها بين بلاد الإقليم وحسن موقعها على النيل، وبذلك أصبحت المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية ومقر دواوين الحكومة من تلك السنة إلى وقتنا هذا.
في سنة 1871 ميلادية أنشئ قسم المنصورة، وجعلت المنصورة قاعدة له ثم سمي مركز المنصورة منذ ذلك الحين، ولاتساع دائرة المنصورة وكثرة أعمال الإدارة والضبط فيها أصدرت نظارة الداخلية في سنة 1890 ميلادية قرارا بإنشاء مأمورية خاصة لبندر المنصورة، وبذلك أصبح البندر منفصلا عن مركز المنصورة بمأمورية قائمة بذاتها.
وقعت في المدينة معركة المنصورة الجوية في 14 تشرين الأول/اكتوبر 1973 وتعد من أهم المعارك الجوية العربية، إذ كان لها دور كبير في انتصار مصر في حرب تشرين الأول/اكتوبر.

معالم دينية

تعد دار بن لقمان التي تقع إلى جوار مسجد الموافي وسط مدينة المنصورة، من أشهر معالم المدينة بعد أن سجن فيها لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية السابعة على مصر عام 1249 ميلادية لمدة شهر، حيث فدته زوجته وأطلق سراحه في 7 ايار/مايو 1250 ميلادية.
وأنشئ في الدار متحف تاريخي يحوي الكثير من اللوحات والمعلومات والصور التي توضح دور الشعب المصري في تحطيم قوات الصليبيين، إلى جانب بعض الملابس والأسلحة التي استخدمت في المعركة.
أما مسجد الموافي، فهو من أشهر مساجد المنصورة، وأسسه الملك الصالح نجم الدين أيوب، وكان مسجدا صغيرا إلى أن نزل فيه الشيخ عبد الله الموافي فنسب إليه وأصبح معهداً دينياً تعقد فيه المحاضرات الدينية والحلقات الدراسية بمعرفة كبار العلماء في الدلتا، وقد هدم هذا المسجد الأثري لبناء مسجد جديد على الطراز الحديث، كما هدمت مئذنته بعده في عام 2000 بسبب ميلها واقتراب سقوطها.
ويعد مسجد الصالح أيوب «مسجد المحمودية» أقدم مساجد المنصورة، إذ بناه الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 616هـ وكان فيه استراحة للزوار من المماليك، ويتصف بكونه تحفة معمارية، ويقع في شارع الملك الصالح أول العباسي.
فيما يقع مسجد النجار في منطقة سوق التجار، وقد بني عام 566 هـ وما زال محتفظا ببنائه الرصين وسقفه الخشبي القديم ومئذنته المائلة مثل برج بيزا المائل.
كما يقع «مسجد سيدي حالة» في شارع سيدي حالة، وقد بني عام 711 هـ إبان دولة المماليك ولا يزال على حالته.
وبني «مسجد سيدي سعد» عام 611 هـ وهو يقع في حي ميت حضر، وقد أجريت له العديد من أعمال التجديد والصيانة، لكنه لا يزال يحتفظ ببعض معالمه القديمة.
وتشمل معالم المدينة «مسجد الجمعية الشرعية» في شارع بورسعيد، وكان في الأصل مقاما صغيرا لأحد «الصالحين» ويسمى الشيخ المصري، وعُدّ هذا المقام جزءا من مقابر المنصورة القديمة التي كانت تشمل مدرسة فريدة حسان ونادي المنصورة الرياضي وصولا إلى آخر شارع بورسعيد الحالي، وتم هدم مقام الشيخ المصري أثناء إعادة بناء المسجد عام 1997 ميلادية، وأدخلت مساحته مكان الحمامات الحالية في المسجد ولا يزال الشارع المواجه له والمعروف بشارع «بائعي الرسيفر» يسمي باسم الشيخ المصري.

آثار الحضارة

توجد في محافظة الدقهلية مناطق أثرية عديدة تمثل حضارة طويلة من تاريخ مصر في مختلف العصور، وقد جرت أعمال التنقيب والبحث عن الآثار في تلك المناطق.
فهناك منطقة أثرية تبعد 8 كيلومترات شمال غرب مدينة السنبلاوين، وتجمع بين منطقتين أثريتين متجاورتين هما «تل الربع وتل تمى الأمديد» وكان الأول يقع في الجهة الشمالية من الفرع المنديسي من فروع النيل، والثاني من الجنوب منه.
وتل الربع، هو أطلال مدينة منديس «كانت تمسى في العصور الوسطى تل المندر» وتسمى في أيام الفراعنة «وت» وكانت عاصمة لإقليم 16 من أقاليم الوجه البحري.
وعثر في هذا النيل على أحجار معابد من أيام رمسيس الثاني وابنه منقاع كما عثر أيضا على أسماء ملوك من الأسر 21 و22 و26.
 وأهم الآثار الحالية قطعة واحدة ضخمة من حجر الغرانيت، تقع أبعاده على «جبانة / مدافن أكباش المقدسة» التي كانت في الركن الشمالي الغربي من سور المدينة.
أما «تل تمى الأمديد» فُسمي في اليونانية «ثمويس» ويسمى أيضا «تل ابن سلام» وقد عثر فيه على آثار من عهود مختلفة، لأن المدينة لعبت دورا هاما في جميع عصور التاريخ وخاصة في العصر المتأخر هي وجارتها «منديس» التي كان منها ملوك الأسرة 21.
 وإلى الشمال الغربي من شربين يقع تل البلامون، ويبعد عنها حوالي 8 كيلومترات وأمام قرية أبو جلال، ومساحة هذا التل 158 فدانا وتحيط به حقول خضراء، وهذه المنطقة هي المقاطعة رقم 17 من مقاطعات وجه بحري في ذلك الوقت «عهد الرمامسة».
وتم العثور على عدد من الحفائر والآثار في هذه المنطقة منها قناعان من الذهب الخالص، ونشرت هذه الحفائر في حوليات مصلحة الآثار باللغة الإنكليزية، وتقع هذه المقاطعة 17 تحت أنقاض قرية تل البلامون وحلت عبارة آمون في العصور التاريخية محل عبارة حورس الإله المحلي.
 وتل بلة، يقع بالقرب من مدينة دكرنس، وهو من أهم التلال الأثرية حيث له طابع خاص وهو مكان المدينة القديمة التي أطلق عليها دبلله، ثم حرفت إلى «تبالة» و»تبلة» وهي تقع على الترعة القديمة المسماة «اتوينس» ولها شهرة في العهد اليوناني والروماني، وقد استخرج من هذا التل قطع أثرية هامة محفوظة حاليا في المتحف المصري.
وفي منطقة كفر المقدام يقع «تل المقدام» الذي يبعد 10 كيلومترات عن مدينة «ميت غمر». ولهذا التل أهمية كبيرة تاريخيا، إذ تبلغ مساحته حوالي 120 فدانا حيث يسمى في العصر اليوناني الروماني «هيلوبولس» وتظهر به حالياً بعض بقايا من التماثيل والأحجار المنقوشة بكتابات هيروغليفية، كما اكتشفت فيه بعض الأواني الفخارية والمسارج.

إرهاب يصيب الحضارة

في ايلول/سبتمبر 2015 عبر أهالي المنصورة عن غضبهم، بعد أن ألمح رئيس الوزراء حينها إبراهيم محلب، إلى هدم مبنى مسرح المنصورة القومي وإعادة بنائه، لاستحالة ترميمه بسبب الأضرار التي لحقت به بسبب تفجير مديرية أمن الدقهلية فى 24 كانون الأول/ديسمبر 2013.
كما أعلن مالك قصر إسكندر التاريخي في حي المختلط في المنصورة عن بيعه مع أرضه تمهيدا لإزالته وبناء أبراج سكنية على أنقاضه.
وتأسس مسرح المنصورة القومي كأقدم بناء مسرحي خارج القاهرة والاسكندرية، وذلك حسبما أشار رئيس المركز القومي للمسرح وأستاذ الأدب المسرحي في جامعة حلوان، سيد علي إسماعيل، لصحيفة «الأهرام» حينها، وكما وصفت جريدة «المؤيد» في افتتاحيتها في 18 كانون الأول/ديسمبر 1889 هذا المسرح بأنه «بناية حسنة الوضع متقنة الصنع، ينشر حُسن اتقانها على مشيديها ألوية الحمد والشكر».
وأضاف د. إسماعيل أن المسرح أطلق عليه كذلك اسم «تياترو التفريح» ومثل عليه الجوق العربي بإدارة سليمان القرداحي مسرحية «الأمير حسن» بطولة الشيخ سلامة حجازي.
وظلت الفرق تعرض عليه باستمرار، وكذلك حفلات الغناء والطرب، وكان أيضا للمسرح المدرسي نصيب.
وظل اسم المسرح «تياترو التفريح» حتى سنة 1921 تقريباً حين تم تغييره إلى «تياترو البلدية».
بعد تضرر مبنى مسرح المنصورة القومي من الأعمال الإرهابية قبل نحو أربعة أعوام، شكلت لجان فنية لتقرير وضعه وانتقلت تبعيته من إدارة المسارح في وزارة الثقافة إلى دار الأوبرا.

قصر إسكندر

أما قصر اسكندر في حي المختلط، فقد فوجئ سكان المنصورة بلافتة كبيرة عليه تفيد أنه معروض للبيع مع أرضه، والقصر شيده الخواجة الفريد دبور عام 1920 ميلادية.
وكانت تحيط به حديقة من أربع جهات تنبت فيها أندر أنواع الأشجار. واشتهر القصر بين أبناء مدينة المنصورة باسم «القصر الأحمر» نظراً لجدرانه الخارجية المطلية باللون الأحمر، وعُرف أيضا بقصر «بارون المنصورة» نظراً لتشابهه مع «قصر البارون امبان» في حي مصر الجديدة في القاهرة، ويتميز بطرازه القوطي الفريد وببرجه الأثري الذي يعلوه سقف مخروطي مغطى بالقرميد القشريى «كقشور السمك ذيى الدلالة في الديانة المسيحية».

اشتهرت بمعالمها الدينية وأسْر لويس التاسع مدينة المنصورة المصرية بلد الجمال والحضارة

مؤمن الكامل

مزجت بين البوح الشفيف والأنا الغنائية: الشاعرة المغربية مليكة العاصمي

Posted: 27 Jan 2018 02:08 PM PST

لم أعد أذكر من أطلق على مليكة العاصمي اسم إلزا المراكشية، في أوج شبابها، وشُبوبها، واشتعالها الشعري من سبعينيات القرن المنصرم. لعله الشاعر الفلسطيني الراحل معين بسيسو، ولعله الشاعر العراقي الراحل عبد الوهاب البياتي.
وفي كل حال فإن مليكة العاصمي التي لم يكن لها أم شعرية، سَلَفٌ شعري أنثى، ما لم نعد إلى الوراء، لنصل رَحِمَها بِرَحِم جدَّاتها الملكات، والأميرات الأندلسيات والمغربيات اللواتي قلن شعرا، وأفصحن عن خلجاتهن وعواطفهن، وبُحْن باعتمالات الذات وجيشانها وهي تحترق بين الواجب والرغبة، والخلس في أُوَيْقات الغلس.
ولنا أنْ نُكْبِر هذا الانبثاق، هذا الخروج الرهيف لفتاة بدأت منها، شقت طريقا وَعْراً وَلاَحِباً اعتمادا على نفسها، وقدراتها الذاتية والمتحصلة، وعلى محيطها القريب الحميم الذي استمدت منه العنفوان والجسارة، والطاقة، والمجابهة. وعلى تشكيل ثقافتها، وبناء شخصها، وإطلاق صوتها وسط صوت الرجال، حاملي الصولجان البطريركي، بل وتعلو على بعضهم في المضمار عينه حيث الفانتازيا والبارود، وَلَفُّ «الرَّزَّة»، وإحكام العمامة كرمز مضحك لفحولة بائسة.
ومع أن مليكة سليلة بيت علم وتصوف ووطنية، فلم يكن في طوق ومنطق المرحلة التاريخية، والشروط «الموضوعية»، ولا في قابليتها وَمُتَّسعها، إن كان لها مُتَّسَع، أن تصيخ السمع للمرأة، ولاسيما إذا تعلق الأمر بالبوح الوجداني، واتخاذ اللغة مطية للكشف عن دفائن النفس والقلب والواقع السياسي الذي لم يكن يحتمل النقد والفضح والإدانة. لكنها فعلت ذلك، وأتت القصيدة من باب مؤسسيها الذين هالَهُمْ ما هي فيه (أيْ القصيدة) من تحجر وفقهية، ونظم متخشب مكرور، ونمطية بالية شائهة، تواطأ عليها نظَّامون مُصَفِّفون، يعاودون إحياء المُسْتَتَبِّ، ويؤبدون السالف الذي رضع من ثدي بعض الأحقاب الضامرة، والأعصر المتثائبة.
استحقت مليكة العاصمي تسمية الشاعرة ولم يكن الأمر مجانية ولا مجاملة ولا ترضية ولا جَبْراً بخاطر امرأة تخاطر بنفسها في يَمٍّ منبسط منساب، ومضطرب هائج، يكاد أن يكون مقتصرا على سباحة «الرجال»، وغوص «الفحول». وما هَمَّ إنْ كان الرجال يحسنون العوم في البحر اللّجي أو الهاديء، إن كانوا يقلدون الفراشة أو الضفدعة، أو يعطون ظهورهم للماء، أو يغطسون ثم يشهقون وهم يتنفسون سريعا حَذَرَ الاختناق والموت، أو يقفون على الرمل فقط، أرجلهم قصيرة، وبطونهم منتفخة مُدَلاَّة كالقِرَبِ المعلقة، ورؤوسهم بين أكتافهم تَتَدَحَدَل وتتمرجح.
في «سوق المربد» الشعري الشهير، تسمت مليكة بـ»إلزا» إسوة بمعشوقة وزوجة الشاعر الفرنسي لويس أراغون، «إلزا تريولي» الروسية العظيمة والملهمة. ولم يكن احتضان نصها الشعري «كتابات خارج أسوار العالم»، في مجلة الآداب البيروتية – وما أدراك ما مجلة الآداب البيروتية في تلك الأيام ـ إلا جواز سفر شعري عربي مختوم، أيام كانت جوازات السفر الشعري، والمرور في «التَّرَنْزيتْ» الشعري نادرة، بل وتَعْتاصُ حيازتها، ويعسر الإذن بها للغلام للخفيف الذي عناه امرؤ القيس في معلقته:
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوي بأثواب العنيف المثقل

ما لم يكن المرء (رجلا أو امرأة)، ذا عتاد فعلي، وملف شعري يشهد له/ لها بالنضوج والإشراق، وما يشبه «الاكتمال» الشعري، أو «البناية الشعرية»، ذات العتبات والأبواب والنوافذ، والغرف، والأعماق المضيئة والمعتمة. أي ذات حضور شعري معتبر ومنتظر، شَرْعَنَهُ النقد المواكب الجديد الذي طفق يُبَصِّرُ بالجديد، بالتفعيلي، بالأسطوري فيه، وبتحقيق واجتراح ما بات يصِمُه بـ «الثورة» الشعرية. ومن ثمة، وبناء على النُّتَف إياها، أصبح للمغرب شاعرته، إلى جَنْبِ شعرائه المعدودين المؤسسين، البناة، الماهدين جماليا ولغويا وفنيا لشعرية سَتُكْسَى ريشا ناعما براقا وملونا هو بعض ريش الشوام والمصريين، ولكن عليها كد وجهد واجتهاد في محاولة حثيثة، وسعي لاَ يَعْيا، لافتكاك نفسه، وتحريرها من الوطأة المشرقية الجبارة، وللتحرر من أسر التقليد والصدى والرَّجْع الشعري.
لم تكن مليكة رومانسية كما يتوقع. الأحرى أنها مزجت بين البوح الشفيف والواقع النزيف، بين الأنا الغنائية بمعناها الشعري الواسع، لا التطريبي حَسْبُ، وبين الإنسان المُعَنَّى. بين قول حرائق ما تبتغيه، وقول حرائق ومواجع الأنثى في مجتمع مقهور بالتضعيف: مجتمع يئن تحت ظلم بنيه الأُلَى بأيديهم القرار النافذ، أصحاب الحل والعقد. ومجتمع يسلط أعتى أدوات الكبح والتحقير، والتشهير بالمرأة، بوصفها «عورة»، وبوصفها «ناقصة عقل ودين» فيما زعموا وداولوا وتعاوروا في الكتب الصفراء، والأسمار الكسلى الخاملة ـ كاذبين ـ حديثا نسبوه إلى النبي الأكرم.
في هذه الثَّنيَّة العميقة، المُكَمّمة، المرتوقة، والمفتوقة، يقع شعر مليكة العاصمي، أي أنه شعر غرف ويغرف من موج الواقع العاتي، وصحراء قوانينه ومؤسساته، ومن أعماق أناها، وسويداء قلبها، ودفين رؤيتها ورؤياها للذات وللعالم وللإنسان، وهذا ما يسلكها في نظيمة التشييد، والإضافة، والريادة.
ويؤسفني أن أقول بأن مليكة العاصمي، ظلمت، وهي الشاعرة المُجيدة، والباحثة العميقة، والأستاذة الجامعية المرموقة، والفاعلة السياسية والحقوقية النشيطة، من حيث القفز على اسمها عند ذِكْرِ الشعر المغربي الحديث والمعاصر، وآنَ ذِكْرِ رواده التاريخيين والفنيين، وحين ذِكْرِ السبعينيين، وما أتوه وقاموا به من أجل كتابة قصيدة مغربية ملامحَ وسماتٍ، وطعما ورائحة، ونكهة.
قصيدة لا خضراء الدِّمَنِ، بل جميلة، جليلة، ساطعة الحضور، فوارة موارة بالتاريخ، وبخصائص الثقافة، والتنوع الإثني، والتعدد اللغوي، والبعد الأنثروبولوجي، بما يجعلنا نقول مطمئنين: إن القصيدة المغربية التي كتبتها مليكة، وأضراب مليكة من مجايليها الشعراء، تقوم شاهدا على انخراطها في سؤال الشعر، في لغته العليا، وجمالياته، وفي ما به يَتَقَوَّمُ كل شعر، ويوصَمُ بذلك.

وثيقةٌ لمْ تُوَقَّعْ بعد
مليكة العاصمي
مقاطع
لو أنني طبعت لاستحال في فمي الصبَّار
كالعبق
لردَّد النهار لي أغنية سعيدة
لكنت قد شدَدْتُ ألف نجمة مضيئة
رتعت في مشارف الحديقة
لأشرب الهواء والضياء
لكنت بدَّدت دمي وراء خطوتك
هويت أو تشعبتْ بي الدروبُ
في زواياك وفي أنحاء غرفتك
لكنت متُّ
متُّ أو حييت
لأنني أموت كل لحظة في غيبتك
لكنت قد حملت للنهار
أصداء رحلتي المشتتة
في الكوكب المنهار
لكنت حوّلتُ الحياة في عيَنيْ
شرانقاً من الحرير.
مطرٌ فوق الأطلس
عبد الوهاب البياتي

إلى مليكة
ساحرةٌ في الدار البيضاء،
وفي الأندلس المفقود، افْتَضَّتْ خَتْمَ الشعر،
وقالت للطِّلَسْم العسليِّ بعينيها:
أنت مريدي
فاخترني من بين ملكات الأطلس، ملهمةً.
أمي كانت كاهنةً
تبحث عن يُنبوع الحب الضائعِ
في الملكوتِ،
وأنا كنت أتابع رحلتها في الغيهب.
قال الملك الإشبيليُّ لها يوما:
هل وُلِدَتْ
من كنتُ أُقَبِّلُ عينيها وضفائرها
وأنا في منفاي أموتُ.
كنت أراها نجما يتألق
رغم عمايَ
أراها في أَغْماتَ
تشير لقبريَ المجهولِ.

مزجت بين البوح الشفيف والأنا الغنائية: الشاعرة المغربية مليكة العاصمي

محمد بودويك

غناء الإنس والجن: براعة روبرت شومان في التأليف للجوقة دون مرافقة الآلات

Posted: 27 Jan 2018 02:07 PM PST

كتب جبران خليل جبران (1883-1931) في «النبيّ» (1923): «لقد أنّبتني روحي وجعلتني أتعلم الاستماع إلى أصوات أتت لا من ألسنة ولا من حناجر. وقبل أن تؤنّبني روحي، كان قد خفّ سمعي، إذ لم أعد أسمع سوى الصخب والضجيج. أما الآن فكلّي آذان تصغي إلى الصمت وجوقاته التي تغني ترانيم الزمان وترتّل بحمد السماء وتكشف أسرار الخفاء».
أما الفكاهي الأمريكي فرَد آلَن (1894-1956) فقد اشتهر عنه قوله: «حينما غنّيتُ في جوقة الغناء الكنسية أول مرة، خرج مئتا شخص عن دينهم».
هذان المقتطفان يجسدان البون الشاسع بين عالمي موسيقى جوقة الغناء: فهناك الموسيقى المغرقة في الدين والروحانيات السديمية والأمثلة العليا في الحياة، وثمة تلك التي لا تطرب إلا لشؤون الدنيا اليومية. ويندر أن تجتمع الاثنتان مناصفة في شخص مؤلف واحد، إذ نجد أن المؤلفين يميلون إما إلى هذا اللون الموسيقي أو ذاك.
ولنقل إن مؤلفنا يميل إلى ممازحة الجمهور وتسليته، فماذا يمكننا أن نتوقع أن يكون عليه أسلوبه في التأليف؟ هل سيشترط توفّر جوقة غناء ضخمة ذات مئة مغنٍّ بالإضافة إلى عدة مغنين منفردين وجوقة عزف هائلة ذات عدد مماثل، كما هو الحال في السمفونية التاسعة لبيتهوفن، بغية إطلاق حفنة من النكات الموسيقية؟ قطعاً لا، فمن شأن الأعداد الكبيرة أن تقف سدّاً منيعاً يحول بين المؤلف وبين مبتغاه، لذا تجده يحدد نفسه بجوقة غناء صغيرة من عشرين مغنيا أو أقل قد ترافقها جوقة عزف أصغر منها، أو آلة البيانو أو الهارب وحسب، أو دون مرافقة من أية آلة كانت، وعندئذ يجب أن يكون أعضاء جوقة الغناء على درجة عالية من الجودة، إذ لا مجال لتلقّف النوتة من أحد! وهذا الاقتصاد المتعمّد يحمل الجمهور على التركيز على النصّ المغنّى وعلى تشديد المؤلف على مقاطع كلمات معينة على حساب غيرها، مثلاً، وعلى تناسق الأصوات عند الرضا أو تنافرها بغية مجاراة التهكّم الوارد في النص، أو حتى التهكّم على النص ذاته، إذ لطالما كانت الكلمة الأولى للشاعر، أمّا الأخيرة فهي دون أدنى شك في يد المؤلف.

لقد اتّخذ المؤلف الألماني روبرت شومان (1810-1856) من خمس قصائد للشاعر الإسكتلندي روبرت بَيرنز (1759-1796) نصّاً له، لكن الترجمة الألمانية لمعاصره فِلهَلم جَيرهارد (1780-1858) لم ترُق له كلياً، فحذف منها وحوّر فيها عبارات وأشطراً عدة، ما جعل النص المغنى أخفّ ظلاً حتى من القصيدة الأصلية:

خطاب إلى وجع السنّ

كاد نصلك السّام
يمزّق فكّيّ إرباً!
طعنتك القاتلة تئزّ
في أذني دون هوادة!
أنتَ عذاب أعصابي وعبؤها الثقيل-
اللعنة عليك!

يفتتح بيرنز قصيدته ذات المقاطع الستة باستمطار اللعنات على وجع السن، لكن جيرهارد يؤجل ذلك ويجعل منه قفلة موفقة للمقطع الشعري نالت استحسان شومان فأبقاها كما هي. ولحّن شومان الكلمات وفق وزنها الطبيعي في الألمانية وفي نبض سريع صاخب يموج بالغضب هبوطاً ثم صعوداً على سلم النوتات، وتتوحد جوقة الغناء من نساء ورجال في إيقاعاته المقتضبة. ولم يغفل مؤلفنا لا تكرار كلمات «فكّيّ/ طعنتك القاتلة/ دون هوادة/ اللعنة عليك» لإبراز جو اليأس في القصيدة، ولا تقسيم كلمة «يمزّق» على ثلاث نوتات متباعدة، إمعاناً في تصوير التمزيق.

حين تحرقني الحمّى ثم تجمّدني
وتلتهب مفاصلي ويعصرني المغص،
يواسيني في محنتي
تأوّه الجار المتعاطف.
أمّا أنتَ فتزيد على ألم جهنم
السخرية من تنهّدي.

في هذا المقطع الشعري الثاني يزيل شومان عبارة «ويعصرني المغص» ويستعيض عنها بعبارة «هنا وهناك» دون الإخلال بالوزن في الألمانية، ونجده يلحّن الأشطر الأربعة الأولى بانسيابية سلسة هادئة تصعد سلم النوتات رويداً رويداً وتخالف الاقتضاب الماثل في المقطع الأول. وتشدد هذه السلاسة على فكرة التعاطف والمواساة واستجدائهما. لكن شومان يستعيد أسلوبه في الإيقاع المقتضب من المقطع الأول في الشطرين الأخيرين، فيمدّ لفظة «أنتَ» حين يعود إلى مخاطبة وجع السن وهو يستشيط غضباً من جديد، ثم يكرر الشطر الأخير جاعلاً منه قفلة للمقطع.
ويعود شومان فيعيد الكرّة في المقطعين الشعريين التاليين فيصقلهما كي يكونا متناظرين مع المقطعين الأولَين على نسق أ-ب-أ-ب. كما يحوّر عبارة «يتقاطر لعابي على لحيتي» – التي أوردها جيرهارد في مستهل المقطع الشعري الثالث كذا: «يتقاطر لعابي على ذقني» – فيجعلها «يتقاطر برد الثلج على ذقني». بَيد أن شومان، حين بلغ المقطع الشعري الخامس، وجده يموء بالمبالغات – إذ يعلن بيرنز أن وجع السن أشرس عذابات جهنم! – فتخطّاه شومان كلياً وتوجه إلى المقطع الأخير حيث يختتم الشاعر القصيدة وهو يخاطب سيد العالم السفلي:

أعطِ كل مَن يكره إسكتلنده
وجع سن لسنة كاملة!

وحتى في الشطر الأخير حوّر شومان في النص فصار: «وجعك لسنة كاملة!» مكتفياً بالإشارات المتعددة حتى ذلك الحين لموقع الوجع.
وقد يعجب المرء من زج موطن الشاعر في قصيدة كهذه، لكن بيرنز اشتهر بحبه الشديد لإسكتلنده وكان يتفاخر بقدرته في ذكرها في كل قصائده مهما تكن مواضيعها.

وتستغرق هذه القطعة دقيقتين من الأداء لكنها تبدو للمستمع وكأنها أقصر من ذلك بكثير لسرعة إيقاعها ولغزارة الصور التي رسمتها نوتات شومان.

يا ليتني طيراً صغيراً

لو كنتُ طيراً
وكان لديّ جناحان،
لطرتُ إليك.
وما دام ذلك من المحال،
هأنذا باقٍ هنا.

لئن كنتُ بعيداً عنك،
ظللتُ في الحلم معك
وتحدثتُ إليك.
وحين أصحو،
أجدني وحيداً.

لا تمضي ساعة من الليل
إلاّ ويصحو فيها قلبي
فيتذكر
أنك أهديتني قلبك
آلاف آلاف المرات.

في هذه القصيدة الوديعة لجَيَورج كرِستِيان دِيفِنباخ (1822-1901) وجد شومان ضالته فلحّنها لجوقة غناء من النساء فقط.
الجدير بالذكر عند التأمل في هذه القصيدة أن الضمير في الألمانية لا يكشف عن جنس المتحدث، إذ يجوز الوجهان، فتكون الترجمة البديلة، مثلاً، «هأنذا باقية هنا»، و»لئن كنتُ بعيدة عنك» وهكذا. لكن شومان حدد أن تقوم جوقة غناء نسوية بأداء القطعة، وللقارئ أن يستنتج من ذلك ما يشاء.
تميل هذه القطعة إلى البطء وقد اختار لها شومان لحناً غاية في البساطة والمباشرة، يصعد نوتات السلم بتصاعد التوق في كلمات كل شطر، لكنه لا يلبث حتى يتساقط، وحين يصل إلى الشطر الرابع من كل مقطع، يكرر الشطر على درجة أعلى وبصوت أقوى، ثم يعود فيتهاوى في الشطر الأخير من كل مقطع. ويبرز شومان ذروة العمل بإبطاء الغناء قبيل بلوغ كلمة «وحيداً» ثم المكوث عندها وإيقاف القطعة من بعدها لوهلة. ويستغرق أداء هذه القطعة أقل من دقيقتين، لكن السحر الذي يضمّنه إياها شومان تحمل المستمع على الظن بأن الوقت قد توقف تماماً.
لقد كتب شومان أربع سمفونيات وكونجيرتوات للبيانو وللجلو وللكمان بمرافقة الأوركسترا وعدة قطع لجوقة الغناء المختلطة بمرافقة الأوركسترا وعدداً كبيراً من القطع للبيانو المنفرد – وهي آلته الأصلية – ولموسيقى الصالة، بَيد أنه لم يصل في كل هذه القطع إلى العذوبة التي بلغها في قطعه للغناء المنفرد بمرافقة البيانو وفي قطعه لجوقة الغناء التي لا ترافقها الآلات. وقد حاول آخرون أن يجاروه في إنجازه هذا، وها هم ما يزالون يحاولون… بعد قرنين من الزمان.

غناء الإنس والجن: براعة روبرت شومان في التأليف للجوقة دون مرافقة الآلات

بشّار عبد الواحد لؤلؤة

الروائية السورية سمر يزبك في «المشاءة»: عمل فني رفيع يحاكي واقعاً يفوق الخيال

Posted: 27 Jan 2018 02:07 PM PST

خَلَلَ غلالة الدمع التي تجمدت شاشةً في عيني، تشكلتْ وردةٌ حمراء قانية، فاتنة آسرة، تثير كل ما في خلايا يدي من رغبة للمسها، وانسحبتْ عدسة عيني ببطء يكبر معه ما يحيط بالوردة التي تصغر، ليتضح أمام حزني كادر فم تمساح مفتوح يوشك على الإطباق؛ وليتحول لون غلالة الدمع إلى لون أحمر قانٍ كامل بلون وردتي…
هذا ما حدث لعيني في تجمدهما أمام الصفحة الأخيرة، أو كوكب رقم 206، من «المشاءة» للروائية السورية سمر يزبك، وما حدث لذهني في ذهانه بخلق كوكب الوردة والتمساح الذي أحببت أن يكون الكوكب السري الخامس من كواكب ريما سالم المحمودي، بطلة الرواية وراويتها التي يرد اسمها كاملاً مرة واحدة عرضاً، وواحدة مفرداً خفياً «كإحدى درجات الأبيض في صفة الظبي». وهذا الكوكب هو ما أحتار في تسميته: هل يكون «كوكب القراءة» باعتباري كنت قارئاً متفاعلاً مع الكلمات والمعاني في أبجدية ريما المتحررة من قيدها والمنتهية أحرفها بأشكال مرسومة في قصصها المرسومة الملونة؟ أم «كوكب المشاهدة» باعتباري كنت مشاهداً لحركة الأحداث وصور المشاهد التي تشبه ما تكتبه وترسمه ريما من ضروب ما مر بها وحوّل رأسي إلى شاشة مقلوبة تقذف المشاهد قذفاً إلى شغف الأعصاب بالتفاعل؟ أم أدع اسمه فارغاً لكي يكون مليئاً بذائقة تأثر كل قارئ يقيم علاقة تشارك كوكبية سرية مع هذه الرواية المدهشة…؟
«المشاءة»، رواية مؤثرة، مهداة إلى الناشطة في الثورة السورية «رزان زيتونة، في غيابها المر»، كرمز عن المعاناة المزدوجة للديمقراطيين السوريين من استبداد النظام ومن القوى الدينية المتطرفة التي خطفت رزان، داخل المدن والبلدات المحررة المحاصرة. وهي رواية فتاة مصابة بإعاقة المشي في خط مستقيم دون توقف بمجرد تركها طليقة، لكنها فاتنة ببراءتها وموهبتها في الرسم والكتابة، ونعرف مباشرة أن الرواية تجري على لسانها، متوجهةً إلى كائن لا تعرف هي ولا نعرف نحن من سيكون: الذي سيجدها في الرمق الأخير من حياتها مقيدة وجائعة ومصابة بالأمراض ولسع الذباب، في القبو المحاصر الذي تكتب منه، في منطقةٍ هجرها الناس رعباً من هول القصف؟ أم الذي يجدها، مثل ما يحدث في الزقاق أمام النافذة المقيدة بها، جثةً منهوشة بأنياب الكلاب، بين أوراقها المتناثرة التي تشكل رواية «المشاءة»؟ أم الذي تصله رسالتها غير المباشرة، المتضمنة بروايتها ونعرف الآن بقراءتنا لها أنه نحن، البعيدون كثيراً أو المجاورون الذين يسمعون صوت المتفجرات التي تقتل الناس؟ وأن الرسالة التي وصلتنا هي صوت المحاصرين الذين يُجزرون بكل أنواع الأسلحة، حتى الكيماوية في الغوطة الشرقية؟ الصوت الذي لا يريد أن يخبرنا عن موته المهول: قصفاً وتجويعاً من قبل النظام، وقيداً وتنكيلاً ممن بيده قوة الجهل من المقاومين المقاتلين فحسب، وإنما أيضاً الصوت الذي يريد بلمسة أصابع هذه الفتاة الساحرة أن يخفف عنا عبء الموت، وأن يقول لنا إنه مجرد اختفاء وإن الحكاية لا تنتهي:
ـــ حكايتها عن نفسها، المشغولة رسماً وألواناً بالنسج الخلاق مع كتاب «الأمير الصغير»، وكواكبه السرية، «أليس» في بلاد العجائب، وقطها المبتسم، «فقه اللغة» للثعالبي وثعلبه الأحمر الذي يرافقه، «كليلة ودمنة» ابن المقفع وفيلها وحيواناتها الناطقة.
ـــ حكاية أمها، التي شكلت قيد الأمان والحماية لها، لكن بمفاهيم التقاليد والخوف الذي يقتل إبداعها.
ــ حكاية الفتاة الصلعاء، المعتقلة والمصابة في أحد مشافي النظام الذي يتم فيه تعذيب المعتقلين حتى الموت على أيدي أطباء وممرضات ومخابرات النظام، وفيه يتم اغتصابها واختفاؤها.
ـــ حكاية أخيها الشاب الذي يمثل شباب الثورة السورية بتوقه للحرية والكرامة، واندفاعه للتظاهر ومساعدة الناس، واضطراره للقتال بالسلاح دفاعاً عنهم، والموت إلى جانبهم.
ـــ حكاية حسن، الحامي لها بعد أخيها، ومنقذها من الموت اختناقاً بغازات السارين في المشفى أو الغرفة المائية التي تعوم فيها أرواح الأطفال والنساء والرجال.
ـــ حكاية أم سعيد المرأة التي اعتنت بها في بيت اللجوء الأول، وشَطَرها القصف إلى نصفين، تحوّل العلوي منهما إلى تمثال نصفي من الطين.
ـــ حكاية الولدين اللذين يجمعان الأعشاب لعائلتهما تحت القصف وتحويم طائرات الموت، بعد أن اضطر الحصارُ الناس إلى أكل الأعشاب.
ـــ حكاية الكلب الذي نبش يد جثة من تحت تراب القصف والتهم أصابعها أمامها، كما رأته من نافذة قبو قيدها وحصارها.
ـــ وحكاية الذبابة الكبيرة الملونة بالأزرق والأخضر، المثيرة للاشمئزاز، والتي علقت، ليس بنقطة الدم السوداء اللزجة على الجدار فحسب، وإنما بأرواحنا التي استلمت رسالة المشاءة، ولم تعد تستطيع الهروب من أعين المحاصَرين التي تحاصرنا.
وتوصل سمر يزبك رسالة المشاءة، أو حكاياتها التي ترويها لنا، بأسلوب السرد البسيط لما يحدث، وبمفهوم أن الواقع يفوق الخيال، لكن بالتقاط فريد لتفاصيل الواقع الجوهرية المؤثرة، التي لا تشمل الأحداث فقط وإنما أيضاً:
ـــ ما يرافق أحداث الواقع من غنى الظلال والإضاءة واللون، بما يتجاوز حدودها المرئية إلى دواخل النفس البشرية ومشاعرها تجاه الخوف على سبيل المثال، حيث تعرض لون الخوف الذي يحير بطلتها: «هل توجد جمل تستطيع وصف اللون الذي كانت تتركه القذائف الكيماوية؟ هل كان أزرق؟ رمادياً مائلاً إلى الزرقة؟ هل كان شفافاً وأزرق»؛ أو تجاه الموت، حيث تعرض لون الموت إلى جانب ألوان معاني الحياة.
ـــ وما يتشابك مع الأحداث من ثقافات تبلورت بأعمال فريدة عبرت حدود القارات، واستقرت في الثقافة الجمعية الإنسانية المشتركة، مثل «الأمير الصغير»، «أليس في بلاد العجائب»، «فقه اللغة»، «كليلة ودمنة»، وطبعاً «ألف ليلة وليلة» التي يشير إليها أسلوب القص المتداخل، لكن بخصوصية أسلوب السرد الطفولي على لسان بطلتها: «أستطيع أن أخبرك الآن كيف سارت القصة بعد ذلك وعلى طريقتي، كما ألعب بالكرة الجنية! وكما لو أن في داخلها نتفاً صغيرة من مرايا مكسورة، وأنا أرمي الكرة الجنية، أمسكها بأصابعي، وأكز على أسناني، ثم بضربة قوية أرميها على الأرض، في تلك اللحظة، ترتطم الكرة الجنية بالأرض، وتتحرك المرايا الصغيرة داخل السائل الأزرق… الذي سيحرك النتف الصغيرة للمرايا التي ستعكس تلك التوهجات المشعة الكبيرة»، كما تشير إليها شخصية حسن الذي تسميه الشاطر حسن؛ يضاف إلى ذلك أعمال شاغال ولوحته عن الرجل والمرأة اللذين يطيران.
ـــ وما يرقى أيضاً بالحكايات إلى رحاب السرد المتألق، مثل معالجة الزمن في حياة المشاءة: «الزمن مثل الوقت الذي مرّ قبل أن أولد، كان لا شيء والآن هو لا شيء. لا أفهمه. لا أعرفه. وأبقى معلقة في نقطة ثابتة، مثل عقارب الساعة التي تدور بالاتجاه المعاكس».
ـــ وما يغاير المألوف، والعادات، والمعتقدات، بما لا يتضح فقط باستخدامها الأمير الصغير لإبراز الفهم المغاير للأشياء بين عين الطفل الطازجة وعقل الكبار المكون بمفاهيم مسبقة، وإنما أيضاً باللعب الإبداعي المحرض على المخالفة، مع الأعمال التي استخدمتها مثل اقتراحها على مؤلف رواية «أليس» الكلاسيكية: «أن يضيف مجموعة أسماك تطير في دروب الغابة التي تجتازها أليس مثل الجنيات، وتطلق فقاعات في سماء الغابة، وهذه الفقاعات يجب أن تكون ملونة، وكل سمكة لها فقاعاتها الخاصة بلونها، وهذه هي أنوار الغابة التي كانت تنقص الحكاية». واقتراحها على كاتب «الأمير الصغير» أن يضيف «مجموعة أخرى من الكواكب، مختلفة الحجوم، كواكب هي ساعات عملاقة تحيط بكواكب الأمير الصغير، وأصوات عقارب الثواني هي التي تضبط حركة دورانها حول نفسها». وتجاوزها ترتيل آيات القرآن، وبالأخص سورتيْ يوسف ومريم، إلى تلحينها: «أم سعيد أخبرتني بأنه يجب أن أجعل تتالي الآيات أقل موسيقية. قالت: حرام تغني هيك، ما تحطي لحن ع القرآن! لم أستجب لها. لا أعرف تلاوة القرآن إلا بهذه الطريقة».
ويبدو أن هذه المغايرة هي جزء أساسي من الخلاف حول جوهر الثورة السورية الذي يعرض في مشاهد عديدة أبرزها المشهد المأساوي في منع الرجال المتدينين نزع ثياب النساء المصابات بغاز السارين، وصراخ الشاب حسن في الرجل الذي يفعل ذلك: أنت تقتلهم، لأن الثياب ملوثة بالغاز»…
في تجمد أيدينا عن إطباق صفحاتها، كي نبقى مع مشاءتنا في قبوها السري، يمكننا أن نختم بأن هذه الرواية عمل فني رفيع ممتع، وحابس للأنفاس، يقتادنا برضى تامّ إلى الدوران في أفلاك كواكبها السرية، وربما ابتكار كوكب خامس… كما فعلتُ شخصياً!

سمر يزبك: «المشاءة»
دار الآداب، بيروت 2017
206 صفحة.

الروائية السورية سمر يزبك في «المشاءة»: عمل فني رفيع يحاكي واقعاً يفوق الخيال

المثنى الشيخ عطية

داني رابينوفيتش في «رابين – جندي، سياسي وزعيم»: اسحق رابين آمن في إمكانية إدارة الصراع لا تسويته

Posted: 27 Jan 2018 02:06 PM PST

الناصرة ـ «القدس العربي»: «رابين – جندي، سياسي وزعيم» كتاب السيرة الجديدة لرئيس حكومة الاحتلال الراحل اسحق رابين الذي قتله إسرائيلي لتوقيعه اتفاق سلام مع منظمة التحرير الفلسطينية نهاية 1995 ومن وقتها اصيب اتفاق أوسلو في حالة موت سريري. السيرة الجديدة عن رابين كتبها داني رابينوفيتش، وهو أكاديمي ومؤرخ شهير كان قد شغل منصب رئيس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع سوريا خلال فترة رابين. يقول رابينوفيتش أن القاتل ليس هو من بلور موروث رابين، وذلك في تلميح أن التسوية لم تكن لتتحقق مع الفلسطينيين حتى بدون قتل رابين ومع ذلك فهو يتساءل ماذا كان سيجري لو لم تحدث عملية الاغتيال؟ إلا أن الكتاب يفضي إلى نتيجة مفادها في سياق الإجابة على هذا التساؤل أنه ربما ما كان ليتغير أي شيء لأنه قبل موعد القتل وفي الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1995 لم يغير رابين السياسي كثيرا من ما فعله نحو التسوية وانهاء الصراع. رابينوفيتش يشدد في كتابه على احترام ذكرى رابين وتبجيل شخصيته وتاريخه وإغفال سقطاته من وجهة نظر إسرائيلية، بعكس المؤرخ العسكري الأهم في إسرائيل د. أوري ميليشطاين الذي كتب كثيرا عن جبن رابين وهروبه من ساحة الوزغي في معركة باب الواد غربي القدس عام 1948 أمام قوات فلسطينية غير مدربة وقليلة العدد بقيادة المحامي إميل الغوري سكرتير المفتي. كما يغفل الكاتب حقيقة فشل رابين في السياسة، ويحرص على تناوله في صف واحد مع إيغئال يدين وإيهود براك.

اللد والرملة

وبدأ اسم رابين يلمع كضابط في مقتبل العمر عندما كان نائبا لإيغئال ألون، وقاد الرجلان طرد آلاف المواطنين العرب الفلسطينيين من اللد والرملة بأمر من دافيد بن غوريون خلال تموز/يوليو 1948. حول هذا الموضوع هناك روايات مختلفة بينها شهادات من قبل رابين نفسه، وقد اختار رابينوفيتش الرواية التي جرى تسريبها لصحيفة «نيويورك تايمز» وهو يقتبس دون تحفظ تفسير رابين حيث يورد على لسانه، «كان واضحا أننا لا نستطيع إبقاء سكان اللد المسلحين والمعادين في داخلنا، لأن ذلك كان سيشكل خطرا على تزويد وحدة يفتاح، في طريق تقدمها نحو الشرق». ورغم أن هذا الإدعاء يحتاج إلى فحص من قبل المؤرخ الذي يكتفي بالقول إن قضية اللد تحولت إلى إحداثية هامة في الجدل الدائر حول قضية اللاجئين الفلسطينيين، وهو ينهي النقاش حولها بالقول، «إنه بمعزل عن وجهة النظر التي يتم من خلالها فحص القضية في العقد الثاني من القرن الحالي، فإنها ستكون بعيدة عن اعتبارات القيادة السياسية والعسكرية التي وجدت نفسها في تموز/يوليو 1948، حائرة بشأن مصير السكان العرب في اللد والرملة».

جائزة نوبل

استنتاج رابينوفيتش، مستهلك ومتصدع، لأن البعد التاريخي في النقاش حول قضية اللد والرملة ذي صلة بالعقد الثاني من القرن الحالي، خاصة في وقت يدور فيه الحديث عن الطرد والترانسفير، بما يتعلق بالقدس والمثلث بشكل خاص، والكتاب من هذه الناحية إذن أقرب لقصيدة مديح منها إلى سيرة شخصية عسكرية وسياسية بما لها وبما عليها من زاوية النظر الصهيونية. وبالانتقال إلى عملية الاغتيال التي وقعت بعد فترة قصيرة من حصول رابين على جائزة نوبل للسلام على مساهمته في اتفاق أوسلو، وتكريسها لصورته بنظر الكثيرين كـ «رجل سلام» فرغم أن رابينوفيتش لا يعطي تعريفا لنظرة رابين إلى العرب، إلا أنه يحاول فهم موقفه من النزاع العربي الإسرائيلي من خلال التحولات التي طرأت على هذا الموقف بما يتعلق بـمصر، والأردن، وسوريا، ولبنان والفلسطينيين، وهي طريقة ممكنة للوصول لجواب السؤال الأساسي، وهو: هل آمن رابين بالسلام؟
ويرجح الكاتب هو الآخر أنه لم يؤمن بوجود حل للنزاع ولذلك يمكن إدارته فقط.
في كلا الحالتين فإن اعتقاد رابينوفيتش بأن وجود معادلة واحدة لتعامل رابين مع الموضوع هو أمر غير مقنع تماما، لأن رابين بنظره كان «صقرا عسكريا وحمامة سياسية»، وهو كصقر عسكري حلم منذ 1963 في توسيع حدود إسرائيل حتى نهر الأردن وقناة السويس ونهر الليطاني. كما يحاول رابينوفيتش تقزيم الضرر الذي تسبب به الصقر العسكري حتى قبل حرب 1967 عندما كان رئيسا للأركان، من خلال عملية الرد واسعة النطاق في قرية السموع الأردنية عام 1966 والتي عكست خطأ خطيرا في التقدير وفاقمت التوتر الذي أدى في النهاية إلى الحرب. في الفترة ذاتها صعد رابين التوتر مع سوريا عبر التصريحات «الحربجية» الاستفزازية، وكان تقديره أن مصر لن تتدخل في النزاع مع سوريا والأردن والمنظمات الفلسطينية، وربما كانت تلك غلطته الكبرى.

انهيار عصبي

يربط رابينوفيتش دعوات رابين «الحربجية» وقتذاك بمحاولته لاستبعاد رئيس الحكومة، ليفي إشكول، عن مواقع السيطرة في الجيش. في المقابل يعتبر رابينوفيتش انهيار رابين وإصابته بحالة نفسية عشية حرب 1967 دون الإشارة إلى حالة مشابهة حصلت له في 1948 خلال معركة باب الواد المذكورة حالة إنسانية جدا، رغم أنها لا يجب أن تحدث لقائد أركان، وهو يصفه بتواضع كمهندس انتصار حرب الـ 67. رابين رفض بعد الحرب التنازل عن الأراضي المحتلة لأجل تحقيق السلام، وفي هذا السياق يرى رابينوفيتش أن الصقر العسكري تغلب على الحمامة السياسية، حيث منع في كل مرة أي تغيير في حدود إسرائيل بعد الحرب، كذلك رفض الانسحاب من القدس من منطلقات «قومية» و»سياسية»، كما يزعم رابينوفيتش، لكن هذه محاولة لإخفاء حقيقة كونه غير مؤمن بالتسوية منذ البدايات.

المفاوضات مع سوريا

رابينوفيتش بتوسع، رئيس الوفد الإسرائيلي للمفاوضات مع سوريا، والتي بدأت مع مطلع عام 1993، يتعرض للرسالة التي نقلها وزير الخارجية الأمريكية للرئيس السوري حافظ الأسد، حول استعداد إسرائيل للانسحاب الكامل من الجولان، وانهيار المفاوضات بسبب الخلاف على السيطرة على شاطئ بحيرة طبريا من الجهة الشمالية الشرقية. الكتاب يتعرض لعلاقة رابين بالولايات المتحدة خلال إشغاله منصب سفير إسرائيل في واشنطن، وعلاقته المركبة بوزير الخارجية آنذاك، هنري كيسنجر، ويشير إلى أنه وعلى غرار نتنياهو وبراك، كان معجبا بـ»الأمركة»، فقد عاش والده في أمريكا قبل أن يهاجر إلى إسرائيل. ويؤخذ على رابينوفيتش أنه لم يحاول تفكيك أسباب وجذور الخلاف التاريخي بين رابين وبين شيمون بيريز زميله وخصمه الدائم في قيادة حزب «العمل» لصالح امتداح رابين كزعيم، خلال تعرضه للموضوع في كتابه. ويتجاهل رابينوفيتش حقيقة أن كراهية رابين لبيريز قد شكلت في كثير من الأحيان اعتبارا مركزيا، وأحيانا وحيدا، في عملية اتخاذ القرار لديه، وهي جذور تعود ربما إلى تطوير بيريز للبرنامج النووي الإسرائيلي ومعارضة رابين له في البداية، ورغم تغيير رابين لموقفه لاحقا إلا أنه لم يغفر له على ما يبدو لأنه سبقه نحو حيازة إسرائيل السلاح النووي.

التحريض الإسرائيلي

لم يمنع رابين من بيريز المضي في محادثات «أوسلو»، لكنه قتل قبل أن يتطلب الأمر مواصلة العملية، ويجيد رابينوفيتش بوصف أجواء التحريض التي سبقت الاغتيال وإشارته إلى التحذيرات المتعددة له، من قبل صحافيين ومن قبل رئيس «الشاباك»، وإلى رفض رابين ارتداء درع واق، أو استخدام سيارة مصفحة وإلى مواصلته التجول بحرية بين الجمهور والاستهتار بقواعد الحذر وهي صفة ميزت أعضاء «البلماح» القوة الضاربة لمنظمة «الهغاناه».
رابينوفيتش، الذي يحاول على امتداد مساحة الكتاب، عدم الوقوع في سحر «فتى الملصق الصهيوني» والأسطورة العظيمة، التي بنيت بعد موته حول الميراث المنسوب له، لا يصمد وينهي بقوله، إن إسرائيل التي تواجه اليوم القضايا الأساسية نفسها، هي أحوج ما تكون إلى زعيم مثل رابين، وهو قول مختلف عليه في أوساط الباحثين والسياسيين في إسرائيل حتى اليوم.

داني رابينوفيتش:
«رابين ـ جندي، سياسي وزعيم»
كنيرت، زموراه، بيتان، دفير، تل أبيب 2017
304 صفحة.

داني رابينوفيتش في «رابين – جندي، سياسي وزعيم»: اسحق رابين آمن في إمكانية إدارة الصراع لا تسويته

وديع عواودة

مونودراما مسرحية ونيللي معتوق خافت جرأة النص ولم تتردد

Posted: 27 Jan 2018 02:06 PM PST

بيروت ـ«القدس العربي»: زهرة مرعي: «كيفك يا ليلى؟» عنوان لعرض مسرحي يمتد لساعة وعشر دقائق مشحون بتفاصيل واختبارات خاضتها فتاة بدءاً من المراهقة. بيسكودراما تجسدها الممثلة نيللي معتوق وحيدة، أعدها وأخرجها ميشال جبر عن تجربة حياة حقيقية. وفيها تشوِه بطريركية أب طاغية طفولة ابنته. هو يحكم على جسدها بمقاييس مجتمع معلبة وفاسدة في النظرة للمرأة.
في هذا العرض المسرحي الذي عاد في 2018 إلى مسرح المدينة، بعد أن حطّ في 2017 في مسرح مونو، يقف الجمهور مصفقاً لنيللي معتوق التي نطقت بمواجع ليلى، وربما غيرها من الفتيات والنساء اللواتي تألمن وما زلن لأسباب شتى. وفي طليعة تلك الأسباب نظرتهن إلى أجسادهن التي تنطلق من رغبة إعجاب الآخر الرجل، وليس إعجاب الذات والتصالح معها أولاً وآخراً. تمكن المخرج ميشال جبر بسلاسة، وعبر فيلم مصور شكل الكاستينغ لمن ستفوز بتمثيل النص من الدخول المباشر في الوجع، ومن خلال علم النفس.
مع نيللي معتوق التي نافست شهيرات في عالم التمثيل على هذا الدور الجريء كان هذا الحوار:
■ هل نيللي معتوق المرأة معجبة بسيناريو «كيفك يا ليلى»؟
■ نعم. شعرتها شخصية تتكلم وتبوح عن داخلها. هذا ما أحببته في قراءتي الأولى للنص. ليلى كسرت الصمت، وقلة فعلن هذا. أحببت الشخصية أكثر عندما علمت من المخرج ميشال جبر أنها حقيقية، وأن صاحبتها أودعته التفاصيل. لاحقاً تقربت من الشخصية عبر متابعة مسار حياتها.
■ هل تحملين مسألة تهميش المرأة بشراً ومشاعر وحاجات كقضية؟
■ لا شك بذلك. لكني في هذا العرض المسرحي تحديداً أرى الطفل هو القضية. فالطفل الذي عاشه كل منا، نجسده في مستقبلنا رجالا كنا أم نساء. الطفل المشوه في حياة ليلى أمسك بيدها إلى تلك المطارح الصعبة. والطفولة المشوهة عينها قد تأخذ آخرين إلى الصمت.
■ تحلم المرأة بالأمومة لكن لماذا لا تتحمل جميع النساء تبعاتها من وزن زائد، تعب، ترهل وسواه. أليس في الأمر تناقضاً في رأيك؟
■ أسمع هذا الخطاب كثيراً من النساء. أنا كأم لم أفكر بالوزن الزائد ولا بالترهل لأني كنت أجهل مفاعيل الحمل والولادة. في الحمل كنت في غاية السرور رغم الوزن الزائد. بعد أمومة لأربع سنوات أقول نعم من الصعب على المرأة أن تقبل بكل تلك التغيرات السلبية كنتيجة للإنجاب. التغيرات كثيرة وليست سهلة.
■ لنعد إلى النص هل فرحت بفوزك بالدور؟
■ للغاية، والسبب أني في عمر الـ18 سنة تسجلت للمشاركة في ورشة عمل مسرحية أعلن عنها ميشال جبر، فالمسرح شغفي من الصغر، لكني درست التربية الموسيقية. لم أشارك في الورشة لأن مواعيد دراستي تناقضت مع مواعيدها. عندما اختارني ميشال جبر لأقدم العرض كان يوماً جميلاً. بين فوزي بالدور وورشة العمل التي لم تتحقق مرّ 13 عاما، وهذا ما لم يكن يعرفه جبر.
■ ألم تخيفك جرأة النص؟
■ ممثلات محترفات أحترمهن قرأن النص ولم يتجرأن. لن أقول أني بطلة بصراحة خفت من النص، لكني لم أتردد. خوفي راح نحو والديَ وماذا ستكون ردة فعلهما حين يحضران العرض؟ قبل حضورهما العرض الأول الذي تمّ بمناسبة العيد العشرين لمسرح المدينة، قلت لهما بأني في مسرحية لن تسركما. فقد سبق وراقبت ردة فعلهما خلال مسلسل مثلت فيه دور مدمنة مخدرات. لم يكونا على ما يرام. قررا حضور «كيفك يا ليلى؟» لأنهما يعرفان مدى سروري وانتظاري لتصفيقهما. فحضرا.
■ وماذا عن زوجك؟
■ يشجعني دائما. هو ليس بعيداً عن المسرح فوالده مسرحي عتيق هو طوني نجم. تخصص زوجي في المرئي والمسموع، وهو يردد دائماً شوقه لمشاهدتي على المسرح أو التلفزيون.
■ هل ترددت في أي من الجمل التي تضمنها نص المسرحية؟
■ لم أتردد، بل لم أكن مرتاحة، لاحقاً اقتنعت بها. كممثلة أعيش مع الشخصية طويلاً خلال التمارين وهذا ما يزيد القناعة بها.
■ وهل ناقشت ميشال جبر في بعض ما تضمنه النص؟
■ كثيراً جداً، لكنه عنيد. وعندما توثقت الصلة بيننا مع التمارين كبرت جرأتي في محاورته، وصار كلانا يقنع الآخر بموقف ما من النص. العمل مع ميشال جبر مريح للغاية.
■ أن يكون النص حكاية لأمرأة من الحياة يعرفها الكاتب – المخرج ألهذا أثر أيجابي أم سلبي عليك؟
■ لا شك. في الحياة بشر معذبين بقدر كبير، وليلى واحدة منهن.
■ فوكاليز كيف عشت بجسمك «تيرا رارا رارا» جميل. هل يصلح الجسد لأن يكون سيمفونية في رأيك؟
■ أكيد. للمرأة أن تختار السيمفونية الخاصة بحياتها وما تعيشه. تمر المرأة في رأيي خلال حياتها بسيمفونيات متعددة.
■ المواجهة الأولى التي عاشتها ليلى مع العنف الذكوري كانت مع والداها. هل تعتقدين أن المشكلة في ليلى أم والدها؟
■ يلد الطفل عجينة بين يدي والديه. بعض الأهل ينسون هذه الخاصية. الأهل يبنون هذا الإنسان الطيّع كلياً حتى عمر السبع سنوات تقريباً. وبذلك هم يبنون الإنسان المستقبلي رجلاً أم امرأة. وهذا ما لا يعرفه مطلقاً والد ليلى. أعتقد تعنيفه لابنته لصالحها، وكذلك محاولاته لأن تكره جسدها. لكن سلوكه حيالها كان سلبياً للغاية، وصارت ضحيته في كامل مسار حياتها. فصورة الأب التي تسنِد الفتاة في حياتها النفسية صارت سلبية وعنيفة. أن يقول أب لابنته بأنها لا تجذبه لأنها «ناصحا» قضية أساسية. سألت ليلى نفسها «ما بعرف عم انصح نكاية ببيي أو حتى أشبه أمي»؟ إنها الاوديبية. من هنا ارتفع البناء النفسي لهذه الفتاة على أسس غير متينة.
■ كم تشكل «كيفك يا ليلى؟» تشجيعاً للبوح غصباً عن مجتمعنا؟
■ يمكنني الإجابة من خلال الجمهور الذي يتوالى على حضور المسرحية. شاهدت الفئة التي تعي وجعها وما عاشته، وأبدت حماسها لهذه المكاشفة. فئة ثانية لم تتفاعل، ولم تمتلك حماس التفكير بما يختلج في صدرها، فقط كانت في موقع المتلقي. أما الفئة الثالثة والذين تزيد أعمارهم عن الخمسين سنة يأتون لي رافضين تقبل البوح الذي تضمنه العرض، لكنهم يصرحون بالتحية لي لجرأتي بما حكيته. هم في أغلبهم من النساء اللواتي يؤيدن قانون الصمت وستر الوجع.
■ هل في العرض أي تحريض كي تحب المرأة «حالها»؟
■ في رأيي تتضمن تحريضاً كي تفكر المرأة بذاتها. وأن تحب نفسها وتتفاعل معها. والأهم أن تتصالح مع ذاتها. وأكرر أن الطفل الذي كان فينا هو الأساس. تقدم مني شاب دامعاً بعد العرض شاكراً. معه شعرت أن الطفل الذي فيه تفاعل معي.
■ في الغرب حيث للمرأة نديتها النسبية مع الرجل هل تكون السمينة متنافرة ومتخاصمة مع جسدها في رأيك؟
■ نعم. برامج تلفزيون الواقع الغربية تؤكد هذا. كثيرات يأتين إلى الشاشات بهدف النحافة والحصول على قوام مقبول. ترغب المرأة في تحقيق الإعجاب. أن تُعجب نفسها، أو تُعجب امرأة أو رجلا. المهم أن تُعجب نفسها وترتاح معها أولاً.
■ أبو قاسم الرجل هو السند الوحيد الذي دافع عن ليلى. لماذا تلك الصورة لتاجر المخدرات؟
■ نعم وجدت ليلى الحنان في هذا الإنسان المؤذي. المفارقة أنها وجدت جانباً إيجابياً في إنسان عاطل. وهذا دليل على جمالها الداخلي. مسار ليلى الدائم في حياتها هو البحث عن الذات.
■ هل ارتحت للعمل مع ميشال جبر المخرج والكاتب الذي أخذك بيدك إلى الحالة التحليلية النفسية لمؤثرات الطفولة في حياتنا؟
■ سياق السيناريو مريح للغاية. خاصة فيلم «الكاستينغ» الذي يُدخل الممثل في أجواء العمل. هو استدراج لطيف للدخول في نص ليس عادياً.
■ ثمة تصاعد درامي في حياة ليلى أي المراحل هي الأصعب؟
■ أكرر التركيز على الطفولة وهي الأصعب في حياة الشخصية. غيرتي كبيرة على الطفولة، وأتمنى لو أتمكن من تخليص الأطفال من عذاباتهم. أرغب بعمل ما، وأجهل طريقه. يحتاج الأهل للتوعية حول كيفية رعاية أطفالهم. من أصعب الصور في مخيلتي أن يتوجه الطفل إلى العاملة المنزلية حين يحتاج مساعدة، وليس إلى والدته.
■ هل تلمسين تضامناً من النساء مع المسرحية؟
■ كثر منهم يشكرونني بصوت منخفض أو ينتحون بي جانباً. لا تعد النساء اللواتي لديهن وجع داخلي لكنهن عاجزات عن الكلام. ما يجول في خاطر بعض النسوة يصل مع كلمة الشكر.
■ الملاحظ أن أكثر الحضور نساء؟
■ وكذلك الرجال كثر، هم يصفقون ويقولون برافو. حضور النساء ملحوظ أكثر ربما لأن المسرحية قضيتهن.
■ ميشال جبر الرجل كتب وأخرج، كم أصاب في رأيك مشاعر المرأة؟
■ كثيراً جداً. بعد العرض ترغب النساء جداً باللقاء معي والتعبير. وهذا دليل على التفاعل. كذلك يحرص أكثر المتفرجين للوقوف والتصفيق عندنا يعتلي ميشال جبر المسرح للشكر. بعد العرض الأول للمسرحية في عيد مسرح المدينة العشرين أمسكتني مديرة المسرح من كتفيَ لتقول لي «تذكري انه ثاني عرض يلقى كل هذا التصفيق بعد عرض عصام بو خالد». فرحت كثيراً.
■ ماذا في سيرتك الذاتية في التمثيل؟
■ تخصصت في التربية الموسيقية. قُبلت في برنامج ستار أكاديمي في موسمه الرابع دون قناعة كبيرة بهذه المشاركة. الهدف في خاطري التواجد في مكان يفتح لي باب التمثيل. الممثلة كارمن لبس، ساعدتني في هذه الخطوة حيث كانت تردد لي «لازم تمثلي». وأخذتني إلى مسلسل «بين بيروت ودبي». فرحت بما كان خاصة أني معجبة بالممثلة. بعده كنت في حوالي سبعة مسلسلات، إنما المسرح هو الهدف. أعدنا مسرحيات للرحابنة في بلدتنا بعبدا. وكرت عدة مسرحيات في مسارح بيروت وصولاً إلى «كيفك يا ليلى؟».

مونودراما مسرحية ونيللي معتوق خافت جرأة النص ولم تتردد
ميشال جبر يُطلق لسان المرأة مديناً البطريركية والنماذج المعلبة العنيفة

الزعماء والساسة على شاشة السينما المصرية بين الخوف والهوى

Posted: 27 Jan 2018 02:06 PM PST

القاهرة ـ «القدس العربي»: تأتي الغالبية العظمى من الأفلام التي تناولت السير السياسية للزعماء والرؤساء وبعض الشخصيات العامة المؤثرة محكومة بأطر وسياسات المرحلة التي قدمت خلالها، فالقليل منها فقط هو الذي تحرر نسبياً من هذه الإشكالية. وربما يكون النموذج الأوضح لهذا التحرر النسبي هو فيلم «أسد الصحراء» للمخرج مصطفى العقاد، الذي جسد حياة المناضل الليبي عمر المختار، إذ لم يكن هناك خلاف على عظمة الشخصية واعتبارها النضالي والسياسي، لذا بقي عمر المختار أيقونة السينما العربية رغم إنتاج عشرات الأفلام التي جاءت بعد ذلك. وقد يكون لتوجه هذه الأفلام أسباب تتعلق بشروط رقابية وتمويلية وميول أيديولوجية، فمن الممكن أن يتم إنجاز فيلم عن شخصية وطنية مهمة في مرحلة ما، ويتأخر عرضه لأسباب لم تكن في حسبان صناعه حين شرعوا في إنجازه.

من مصطفى كامل إلى الملك فاروق

وهناك مثال لحالة من هذا النوع دلل عليها فيلم «مصطفى كامل « للمخرج الراحل أحمد بدرخان، وهو الفيلم الوحيد تقريباً الذي عرض حياة وتاريخ الزعيم مصطفى كامل في مرحلة مبكرة من عمر السينما المصرية، قبل قيام ثورة يوليو/تموز، وظل حبيساً لفترة طويلة إلى أن أفرج عن الفيلم بعد تدخل بعض كبار المسؤولين، وبتأثير حالة الحراك الثوري التي صاحبت المرحلة آنذاك، ولا يزال الفيلم إلى الآن يعرض على استحياء وفي المناسبات الوطنية فقط.
ولو دققنا النظر سيتأكد لنا مدى ارتباط هذه النوعية من الأفلام والأعمال الدرامية الأخرى بسياقات المرحلة التاريخية فقبل 50 عاماً لم يكن مطروحاً على الإطلاق إنتاج فيلم مصري عن الملك فاروق، ومن ثم لم يأت ذكر اسم الملك إلا متضمناً داخل الأحداث، وعلى نحو ما يتفق مع التوجه العام للفيلم، كما حدث في فيلم «رد قلبي» بوصفة العمل الأكبر والأشهر والأوضح من الناحية التاريخية، في حين جاءت أعمال أخرى حديثة بإنتاج ضخم لتعيد النظر في تاريخ الملك فاروق، برؤى منحازة تختلف عن ذلك التناول الهامشي للشخصية. ولم يكن يتأتى هذا التغير في المفاهيم الإبداعية إلا بتغير المرحلة السياسية. وكذلك ظلت شخصية الزعيم جمال عبد الناصر في طور التعتيم الفني طوال فترة حكم الرئيس السادات، فلم يكن مسموحاً بورود اسم ناصر أو ظهور صورته إلا في إطار النقد السلبي، كما حدث في أفلام مثل «ميرامار» و»الكرنك» و»ثرثرة فوق النيل» و»طائر الليل الحزين» و»إحنا بتوع الأتوبيس» وغيرها.

عودة عبد الناصر

بيد أن ذلك كله اختلف في مراحل تالية فرضت خلالها الزعامة الناصرية نفسها بفعل المتناقضات الاجتماعية والسياسية، وحالة التأزم القصوى التي انتابت الجماهير بالتراكم، منذ كامب ديفيد، وصولاً إلى حالة التردي العام والسخط الكامل إبان حكم مبارك، فاستدعت الجماهير ذكرى ناصر وأمجاده الثورية مجدداً، فكان طبيعياً أن تستلهم السينما من هذه الأجواء فيلمي «جمال عبد الناصر» للمخرج أنور قوادري و»ناصر 56» للمخرج محمد فاضل. وتنحو الدراما التلفزيونية النحو نفسه فتخرج مسلسلات أخرى تحمل اسم الشخصية لتتناول السيرة الذاتية وتتوغل في عمق المواقف السياسية والأحداث التاريخية كنوع من التوثيق برؤى متباينة ومتعددة، وهو ما شكل ثراءً فنياً إبداعياً متميزاً كان له أثر بالغ في تعريف الأجيال الجديدة بالمتواري والغامض عليهم في سيرة الرئيس عبد الناصر.

تجربة السادات وكوميديا مبارك

وبالتبعية ووفق التيار السينمائي الذي ساد في فترة التسعينيات جاء فيلم «أيام السادات» للمخرج محمد خان ليصبح امتداداً لما قبله على مستويات كثيرة، تاريخية وفنية واستثمارية، حيث لم يكن للسينما وصناعها هدف واحد، بل تداخلت كل الخطوط فأسفرت عما رأيناه من إنجازات وتجارب كان لكل منها موقعه. ولهذا لم تتردد السينما المصرية ذاتها في تناول شخصية الرئيس الأسبق حسني مبارك في فيلم «طباخ الريس» ولكنها عمدت هذه المرة إلى إعمال الحيلة الذكية في التناول، لتخرج من مطب التقييم الشخصي له ولفترة حكمه، فاحتمت في الكوميديا كسياق يزيل عنها الحرج، فلم يشر السيناريو بشكل صريح إلى مبارك وتركت المسألة للاستدلال على الشخصية من حيثياتها الشكلية والجوهرية. وللتمرير أخذت الشخصية الثانية، شخصية «الطباخ» مساحة واسعة، فظهرت كأنها البطل الرئيسي وهي التي رفعت من أسهم الممثل الثانوي طلعت زكريا، فصار من بعدها نجماً، فيما ظلت شخصية الرئيس المسندة للممثل القدير خالد زكي واجهة وعنوانا. وكان من مقتضيات الهروب أن تركزت الدعاية كلها في الفيلم على دور الطباخ باعتباره المعني والمقصود على عكس الحقيقة بالطبع، ولكنه الخوف والحذر الطبيعيان من التصادم المحتمل إذا لم يرق الدور لصاحبة الأصلي.

في ظل المناخ السياسي

وقياساً على كل التجارب السابقة تبقى عملية تجسيد الشخصيات المهمة بمختلف أدوارها مسألة معضلة تراعى فيها التوازنات ودقة التفاصيل، ولابد من إظهار حسن النية تجاه القامات والرموز، كشرط لإتمام العملية الإبداعية حتى لا يساء الفهم فتضيع الفرصة على السينما والجمهور، ويبقى موقع الشخصية محل النظر والاعتبار شاغراً في أرشيف السينما المصرية وتاريخها.

الزعماء والساسة على شاشة السينما المصرية بين الخوف والهوى

كمال القاضي

كونتي يعيش في الوقت بدل الضائع مع تشلسي

Posted: 27 Jan 2018 02:05 PM PST

بات الانطباع السائد في غرب لندن، ان المدرب الايطالي أنتونيو كونتي، لن يستمر مدربا لتشلسي الى أبعد من نهاية الموسم الجاري، بل هناك من يراهن ان تحصل القطيعة فور خروج «البلوز» من منافسات دوري أبطال أوروبا أمام برشلونة الشهر المقبل.
ورغم التصريحات الرسمية الايجابية من كونتي، بانه سعيد في تشلسي، وأنه قنوع بما يملك من لاعبين، وأن وظيفته تطوير اللاعبين وتحقيق نتائج ايجابية للنادي، فان ادارة النادي تقرأ ما بين السطور، وتستلهم استياء المدرب الايطالي من تصريحات مثل: «النادي هو الذي يقرر في سوق الانتقالات»، و»صاحب القرار ليس أنا»، ما يدفع دائما الى القناعة بان هذه العلاقة لن تدوم طويلاً.
في الموسم الماضي، وهو الأول لكونتي في الدوري الانكليزي، بل الاول خارج بلده ايطاليا، نجح في احراز بطولة الدوري، بعد موسم سابق مخيب تحت ادارة جوزيه مورينيو، وقاد الفريق الى نهائي كأس انكلترا، بل فعل ذلك بتحقيق أرباح للنادي في سوق الانتقالات بلغت 50 مليون استرليني، وكان يتوقع ان في مطلع هذا الموسم سيسخى النادي على ضم صفقات من العيار الثقيل، فهو طلب نجوما مخضرمين وموهبين مثل المدافع بونوتشي ولاعب وسط أرسنال أوكسليد تشامبرلين وظهير يوفنتوس أليكس فيدال، وايضا المهاجم البلجيكي رومالو لوكاكو، لكن في النهاية حصل كونتي على المدافع روديغر ولاعب الوسط درينكووتر والظهير زاباكوستا والمهاجم موراتا، وكلهم من خامة نجوم الصف الثاني، حتى موراتا، والذي يجمعهم انهم جميعا كانوا تحت سن الثلاثين، وهو أحد التحولات الجذرية في سياسة الانتقالات الي انتهجها تشلسي في الموسمين الأخيرين، فمنذ خسارة ثلاثة مواهب فذة، بسبب اخفاق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بتوقع مواهبهم الحقيقية، وهم كيفن دي بروين ولوكاكو ومحمد صلاح، فان النادي تكبد ارباح كان ممكن ان يجنيها من بيعهم تفوق 250 مليون جنيه استرليني، عدا عما كان يمكن ان يقدموه للفريق لو ظلوا معه. فهنا تغيرت سياسة الانتقالات من جذورها، ولم تعد الكلمة الاخيرة للمدرب، في ضم لاعب او بيعه، بل لادارة تقودها سيدة هي مارينا غرانبوسكافيا، التي، ومنذ رحيل المدير الكروي مايكل ايمنالو قبل شهور، اصبحت تمسك بكل الخيوط، بل لهذا السبب أصبحنا نرى أعداد اللاعبين المعارين من تشلسي الى اندية أخرى تفوق 30 او 40 لاعباً في الموسم، وهم يدخلون ما يقل عن 40 مليون استرليني في كل موسم الى خزينة النادي. لكن سبباً آخر يجعل سياسة الانتقالات أكثر تقشفا، وباتت الاهداف من اللاعبين تنحصر بين المغمورين بيتر كراوتش وأندي كارول وآشلي بارنز، وهو ان النادي تلقى موافقة بناء استاد جديد مكان الاستاد الحالي «ستامفورد بريدج»، وبكلفة مليار جنيه استرليني، وهو مبلغ لا ينوي المالك رومان أبراموفيتش استعارته، بل دفعه من ثروته الخاصة، لكن هذا سيكون مكلفا أيضا على ميزانية النادي، ولهذا باتت الاهداف من اللاعبين، تبدو رخيصة او مغمورة، او كشرط اساسي تحت الثلاثين عاما، كي تتسنى اعادة بيعهم لاحقا.
بالنسبة لأنصار البلوز سيشعرون بالاستياء، كون النادي يمارس عادة غريبة في السنوات الاخيرة في دفع المدرب الناجح الى الرحيل بعد احراز اللقب، لكن بالنسبة لكونتي فانه مدرب باتت لديه ما يكفي من الخبرة ان يدرك ان ليس هناك ما يدوم، وان تجربته مع يوفنتوس مرت بلحظات مماثلة، عندما طالب ادارة اليوفي بضم نجوم من العيار الثقيل كي يتسنى له مقارعة كبار أوروبا في دوري الابطال بعدما احتكر اللقب المحلي، لكن ادارة اليوفي استعصى عليها ذلك، فأصبح كونتي مدربا للمنتخب الايطالي، واليوم باتت مؤشرات كثيرة تؤكد ان كونتي سيصبح مدرب ميلان الجديد بدءا من الموسم المقبل.

كونتي يعيش في الوقت بدل الضائع مع تشلسي

خلدون الشيخ

أليكسيس سانشيز: صفقة مثالية لمورينيو ومزعجة لرونالدو

Posted: 27 Jan 2018 02:05 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: أعاد مدرب مانشستر يونايتد جوزيه مورينيو إلى الأذهان مسلسل خطف الصفقات الثقيلة قبل ألد أعدائه، بتحويل مسار أليكسيس سانشيز من الجزء السماوي للعاصمة الثانية إلى نصفها الأحمر، بمباركة من الفرنسي آرسين فينغر، الذي اشترط اقتناء الموهوب الآرميني هنريخ مخيتاريان، في صورة تبادلية بدون نقد، ليفوز «سبيشال وان» في معركته الخاصة مع غريمه الكتالوني بيب غوارديولا، الذي رفض بدوره الدخول في ما وصفه «مزادا علنيا» على لاعب من المفترض أنه سيكون حرا الصيف المقبل.
 صحيح على الورق يبدو أن المُثير البرتغالي خسر أحد أهم معاركه مع بيب داخل المستطيل الأخضر، بتقلص فرص اليونايتد في المنافسة على لقب الدوري الإنكليزي الممتاز الغائب عن «مسرح الأحلام» منذ تقاعد الأسطورة سير أليكس فيرغسون في نهاية موسم 2012-2013، لكن الواقع يقول أن موسم اليونايتد لم ينته بعد، كل ما في الأمر أنه خسر بطولة (كأس الرابطة)، وما زالت أمامه اثنتان (كأس الاتحاد ودوري الأبطال)، مع صراع الاحتفاظ بالمركز الثاني للتشبث بأمل ملاحقة المتصدر بـ12 نقطة، وأيضا للابتعاد عن صداع الحرب الطاحنة بين تشلسي وليفربول وآرسنال وتوتنهام على مراكز الأبطال.
والشيء المُلاحظ أن جماهير مانشستر يونايتد تعاملت مع الصفقة باحترافية مُدهشة، فبرغم حملة التعليقات الساخرة على استنساخ حديثه الأول مع آرسنال قبل ثلاث سنوات ونصف السنة بصورة كربونية في ظهوره الأول أمام الكاميرات بقميص اليونايتد، بوصف انتقال هنا وهنا بحلم الطفولة الذي أصبح حقيقة، إلا أن الغالبية العظمى من جماهير النادي العريق لم تلتفت لهذه الموجة، وهذا لحاجة فريقهم الماسة لخدمات سانشيز داخل الملعب أكثر من أي شيء فعله في الماضي أو سيفعله في حياته الشخصية على الأقل في الأشهر الستة المقبلة.

هل سانشيز المُنقذ؟

قبل التطرق للمكاسب الهائلة من صفقة هداف تشيلي التاريخي، دعونا لا ننسى أن سانشيز بات اللاعب رقم 12 الذي نال حظ اللعب مع مورينيو وغوارديولا، بعد تشابي ألونسو وسيسك فابريغاس وزلاتان إبراهيموفيتش وآريين روبن وبيدرو رودريغز وصامويل إيتو وإيدور غديونسون وكلاوديو بيتزارو وماكسويل وأوريول روميو وكيفن دي بروين، ولا يُخفى على أحد أن تفجر موهبة الأخير بالذات تحت قيادة الثائر الكتالوني، عكس ما كان عليه مع تشلسي، حيث انتهى به المطاف بالبيع النهائي لفولفسبورغ، أعطى فرصة ذهبية لأعداء «المو» لتذكيره بماضيه المتواضع مع لاعبيه الذين تطوروا وأصبحوا من ألمع النجوم بعد الانفصال عنه، كمحمد صلاح وليوناردو بونوتشي وفيليبي لويس وإيزيكيل غاراي، وماتا ولوكاكو قبل أن يلم شمله بهما تحت شعار اليونايتد، والآن تبدو الفرصة متاحة لمورينيو لرد الصاع صاعين لنظيره في السيتيزينز، خاصة وأن مسيرة سانشيز مع بيب لم تكن مُشرقة أو بالأحرى ليست الأفضل على المستوى الفردي، لكن على المستوى الجماعي، ظفر بالليغا وكأس إسبانيا.
من يعرف ابن مدينة تاكوبيلا التشيلية منذ ظهوره على الساحة بشكل حقيقي في فترة إعارته مع ريفر بليت موسم 2007-2008، لاحظ فيه الغيرة والقتال وشخصيته العنيدة التي لا تكترث لأي شيء سوى تقديم الأفضل داخل المستطيل الأخضر، واللعب على الفوز حتى الثانية الأخيرة بدون كلل أو ملل، بالإضافة إلى ذلك هو لاعب متعدد الحلول، وقادر على صنع الفارق في الأوقات الحاسمة، لتمتعه بلياقة بدنية فولاذية، ويظهر هذا بوضوح في مشاهد ركضه بالسرعة القصوى في آخر لحظات المباراة بنفس قوته وتركيزه في بداية المباراة، لكن هذه الطاقة لم يستغلها غوارديولا بالشكل المثالي، نظرا لتخمة النجوم في تلك الحقبة متمثلة في أسماء من نوعية تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا وسيسك فابريغاس وبيدرو وميسي وفيا وبقية أسماء هذا الجيل الاستثنائي، بدليل أن موسمهما معا، خرج منه سانشيز بـ12 هدفا في 25 مشاركة في الليغا، بعدها تحسن تدريجيا مع الراحل فيلانويفا ثم مع تاتا مارتينو، لكن هذا لم يكن كافيا للاعب طموح لم يأت إلى «كامب نو» للجلوس على مقاعد البدلاء.
الشاهد، أن سانشيز قدم أفضل ما لديه كلاعب في السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية تحت قيادة فينغر، وها قد أتت الفرصة لمورينيو لرد الدين لغوارديولا، إذا واصل على النهج ولم يستغرق أي وقت للتكيف على أجواء ولا طريقة لعب فريقه الجديد، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يملك صاحب القميص رقم 7 مقاومات التوهج السريع  في كتيبة جوزيه مورينيو؟
1- بالنظر إلى إستراتيجية مورينيو باعتماده شبه الدائم على الرسم التخطيطي 4/2/3/1، بتثبيت نيمانيا ماتيتش وبول بوغبا كمحوري ارتكاز وأمامهما الثلاثي خوان ماتا وجيسي لينغارد وأنطوني مارسيال أو ماركوس راشفورد وروميلو لوكاكو في المقدمة كرأس حربة صريح، سنجد أن أقرب ضحايا الصفقة الجديدة سيكون الثنائي مارسيال وراشفورد، لصعوبة إبعاد سانشيز عن مكانه المُفضل كجناح حر من الجهة اليسرى، يقوم بأدواره الدفاعية والهجومية على أكمل وجه. أما إذا قرر مورينيو الاعتماد على الوافد الجديد كجناح أيمن، ستكون الضربة القاضية لماتا، والتي قد تُعجل بعودته لفالنسيا، وبدرجة أقل سيخرج لينغارد من الحسابات، وهذا يبدو صعبا، في ظل تألقه اللافت في الآونة الأخيرة، وسواء لعب أليكسيس كجناح أيمن (مكانه مع أودينيزي وبرشلونة) أو في الجهة الأخرى كما كان يفعل مع آرسنال، سيكون مورينيو الرابح الأكبر، بلاعب يملك من الحس التهديفي ما يؤهله للتسجيل من أنصاف الفرص وليس من انفرادات سهلة يتفنن لوكاكو وراشفورد في إهدارها بغرابة، بالإضافة إلى ذلك، يُجيد اللعب كمهاجم وهمي، وهذا الدور أجاده باقتدار في النصف الثاني من الموسم الماضي، في فترة إصابة جيرو ولوكاس بيريز وويلبيك.
2- في الوقت الذي سيستكمل فيه فيليب كوتينيو موسمه باللعب في الليغا وكأس إسبانيا فقط، سيستمتع أليكسيس سانشيز بفرصة الظهور مساء الثلاثاء والأربعاء في سهرات دوري أبطال أوروبا، ووجوده في القائمة التي ستبدأ رحلة الأدوار النهائية الإقصائية بمواجهة إشبيلية في دور الـ16، تعتبر إضافة قوية جدا للخط الأمامي بوجه خاص وللفريق بأكمله، لخبرته الكبيرة التي اكتسبها من اللعب في دوري الأبطال ستة مواسم متتالية، عكس أغلب الجيل الحالي الذي تنقصه خبرة دوري الأبطال، وسيُعاونه زلاتان إبراهيموفيتش كلما أتيحت له الفرصة ولو لدقائق قليلة، فهذا في حد ذاته، يُعطي المدرب خيارات متنوعة، ويجعل الأجنحة ورؤوس الحربة على أطراف أصابعهم في كل لحظة، خوفا على أماكنهم في التشكيلة الأساسية، بالتالي سيُحاول كل لاعب استغلال الفرصة التي ستتُاح له أمام المرمى، وهذه أول خطوة في طريق إنهاء أزمة العقم التهديفي الذي يضرب الفريق، خصوصا في مبارياته أمام الفريق التي تُبالغ في طرقها الدفاعية في «مسرح الأحلام».
3- أكثر السعداء بهذا التوقيع هو الفرنسي بول بوغبا، الذي سيجد مساحات بالجملة أمام منطقة جزاء الخصوم، فدائما تشعر أنه يُحاول القيام بدور لاعبين اثنين في الوقت ذاته ليُظهر أنه كان يستحق في يوم من الأيام أن يكون أفضل لاعب في العالم، ومن سوء طالعه لم يكن في تشكيلة اليونايتد اللاعب القادر على إثارة الرعب في دفاعات الخصوم بسرعته ومهارته باستثناء مارسيال وراشفورد، لكن الأول لديه أزمة مع المدرب بسبب عدم اهتمامه بأدواره الدفاعية، والثاني العكس، أما سانشيز فيملك مميزات الاثنين، بالإضافة لدقة إنهاء الهجمات بعطر ألمع من ارتدوا قميص اليونايتد رقم 7 الخاص جدا في هذا النادي، وغيرته المُفرطة على تحقيق الانتصارات لفريقه، ستُقرب المسافات بينه وبين مورينيو، بجانب موهبته التي تتحدث عن نفسها، فهو مُراوغ من طراز فريد ومن الصعب جدا افتكاك الكرة من بين قدميه، ودائما تركيزه على الشباك، والشيء الأهم على الإطلاق، نضجه في اتخاذ القرار المثالي في الوقت الصحيح، بمعرفة متى يعتمد على الحل الفردي ومتى يتعين عليه اللعب الجماعي. باختصار شديد، مورينيو ظفر بلاعب من الطراز العالمي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فهو من الناحية التجارية، صفقة بوزن الذهب، وهذا أمر يحتاجه شعار «مانشستر يونايتد» ليبقى أطول وقت في مقدمة الأندية الأعلى دخلاً في العالم.
مع ذلك، هناك آراء تضع احتمالات لعواقب وخيمة من الصفقة، ليكون في النهاية آرسنال هو الرابح الأكبر من الصفقة التبادلية، لا سيما إذا توهج مخيتاريان تحت قيادة كشاف النجوم، ولم يُحسن مورينيو استغلال موهبة سانشيز على غرار ما حدث مع صلاح ودي بروين والكتيبة التي أشرنا إليها، بالإضافة إلى ذلك، فإن حصول قائد تشيلي على القميص الخاص، فسره البعض على أنه إشارة واضحة على إنهاء أمل كريستيانو رونالدو في العودة إلى «أولد ترافورد»، ناهيك عن الأزمة التي ستتفجر خلف الكواليس، بالارتفاع الوشيك لأجور اللاعبين، بعد تسريب أنباء عن وصول راتبه لـ500.000 جنيه إسترليني كل أسبوع! وحتى في أسوأ الظروف إذا كان 300.000 كما تقول التقارير الواردة من النادي، فهذا سيُصعب مهمة تجديد عقود اللاعبين من الآن فصاعدا، وقد يفتح المجال أمام نجوم الصف الأول كبوغبا ولوكاكو للتساوي في أجورهم مع زميلهم الجديد، في الوقت الذي يتواجد فيه خمسة من نجوم الفريق ضمن قائمة العشرة الأعلى أجرا في الدوري، لكن الآن دعونا ننتظر ما سيُقدمه سانشيز مع مورينيو على أرض الملعب.

أليكسيس سانشيز: صفقة مثالية لمورينيو ومزعجة لرونالدو

عادل منصور

أثرياء عالم كرة القدم

Posted: 27 Jan 2018 02:05 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تفوق مانشستر يونايتد الانكليزي بفارق بسيط على ريال مدريد الاسباني ليبقى النادي صاحب الايرادات الاكبر في العالم، بحسب تقرير «ماني ليغ» (الدوري المالي) لمكتب ديلويت، في ظل النمو الكبير لأندية البريميرليغ.
وهذه المرة العاشرة يتصدر فيها يونايتد الترتيب، بايرادات بلغت 676 مليون يورو لموسم 2016-2017، وبفارق 1,7 مليون يورو عن العملاق الاسباني. وأكد يونايتد يوم الاثنين الماضي تعاقده مع المهاجم التشيلي اليكسيس سانشيس من ارسنال، مقابل التخلي عن لاعب وسطه الارميني هنريك مخيتاريان، وذلك في صفقة ستجعل من المهاجم التشيلي اللاعب الاعلى راتبا في الدوري، بقيمة 570 الف يورو اسبوعيا قبل حسم الضرائب، بحسب ما ذكرت تقارير. واحتل برشلونة المرتبة الثالثة، في النسخة الـ21 من تقرير شركة الاستشارات البريطانية التجارية، يليه بايرن ميونيخ ومانشستر سيتي وارسنال. وعرفت ايرادات الاندية الـ20 الاولى لموسم 2016-2017 نموا بلغ 6% بقيمة 7,9 مليار يورو، وهو رقم قياسي جديد. وكان تتويج يونايتد بلقب الدوري الاوروبي (المسابقة الرديفة لدوري الابطال) عاملا هاما في نتائجه المالية، فيما تعززت ارقام الريال بعد تتويجه بلقبي دوري الابطال والدوري الاسباني. وكان لافتا تواجد 10 اندية انكليزية في ترتيب العشرين الاوائل، وهو رقم قياسي، بايرادات بلغت 3,8 مليار يورو، نتيجة دخلها من الموسم الاول لحقوق النقل التلفزيوني الجديدة. وتعد عائدات البث التلفزيوني الاكثر دعما لخزائن الاندية، اذ بلغت 45% من مجمل الايرادات، وهناك تكهنات متزايدة بان امثال «أمازون» و»فيسبوك» قد يصبحون لاعبين جديين في عملية ضخ الاموال للاندية. وقال تيم بريدج المدير الاول في مجموعة الاعمال الرياضية في ديلويت: «للدوري المالي نكهة انكليزية خاصة هذه السنة، ومع حقوق النقل الجديدة والاداء في المسابقات القارية التي ادت الى نمو ايرادات البث لاكثر من نصف مليار جنيه استرليني للاندية العشرين الاوائل، فهذا لا يشكل مفاجأة». وأضاف: «وفي حين تبدو البريميرليغ في خضم مناقصة حقوق الدورة المقبلة بدءا من 2019-2020، فان هذه النتائج ستكون حاسمة في تحديد التكوين الطويل الامد لدوري المال». وللحلول بين العشرين الاوائل، تعين على الاندية الحصول على ايرادات تناهز 200 مليون يورو، وهو ضعفا القيمة المطلوبة لتصنيف 2010، بحسب ما اضافت ديلويت. وفي دراسة منفصلة لمؤسسة سوكريكس نشرت في وقت سابق هذا الشهر، ظهر مانشستر سيتي الانكليزي كصاحب القوة المالية الاكبر في عالم كرة القدم، يليه مواطنه ارسنال في حين حل يونايتد سابعا. وصنفت «سوكريكس فوتبول فاينانس 100» ابرز الاندية العالمية بحسب القيمة المالية للاعبيها وأصولها الثابتة (مثل ملاعب المباريات وملاعب التدريب)، أرصدتها في المصارف، الاستثمار المحتمل لمالكيها وصافي الدين.
قائمة أثرياء موسم 2015-2016:
مانشستر يونايتد الانكليزي 676,3 مليون يورو
ريال مدريد الاسباني 674,6 مليون
برشلونة الاسباني 648,3 مليون
بايرن ميونيخ الالماني 587,8 مليون
مانشستر سيتي الانكليزي 527,7 ملي
ارسنال الانكليزي 587,6 مليون
باريس سان جيرمان الفرنسي 486,2 مليون
تشلسي الانكليزي 428 مليونا
ليفربول الانكليزي 424,2 مليون
يوفنتوس الايطالي 405,7 مليون
توتنهام الانكليزي 355,6 مليون
بوروسيا دورتموند الالماني 332,6 مليون
اتلتيكو مدريد الاسباني 272,5 مليون
ليستر سيتي الانكليزي 271,1 مليون
انتر الايطالي 262,1 مليون
شالكه الالماني 230,2 مليون
وستهام الانكليزي 213,3 مليون
ساوثهامبتون الانكليزي 212,1 مليون
نابولي الايطالي 200,7 مليون
ايفرتون الانكليزي 199,2 مليون

أثرياء عالم كرة القدم

النمل الطائر وتقنية الفيديو الأكثر جدلا في الرياضة العالمية

Posted: 27 Jan 2018 02:04 PM PST

لندن – «القدس العربي»: انتصارات بطولية وأخرى غير متوقعة بالإضافة إلى إخفاقات مدوية، على هذا النحو شهدت الرياضة العالمية في 2017 مواقف فريدة لن تنسى، كما برز أيضا جانبها المظلم. وفي ما يأتي أبرز المواقف المثيرة والعجيبة التي حدثت في عالم الرياضة في 2017:

تكنولوجيا «الفيديو» في كأس القارات:

دشنت المباراة التي فازت فيها ألمانيا 3/1 على الكاميرون في تلك البطولة الظهور الأول لتقنية «الفيديو» المساعدة للحكام في المنافسات الكروية الدولية لتنبئ بأن تطبيقها لن يكون سهلا. ولجأ حكم ذلك اللقاء، الكولومبي فيلمار رولدان، إلى تطبيق هذه التقنية مرتين كي يقرر في النهاية طرد المدافع الكاميروني ارنست مابوكا. وتعمد مابوكا في الدقيقة 64 التدخل بشكل خشن مع الألماني ايمري جان ولكن الحكم أظهر البطاقة الصفراء لزميله سيباستيان سياني، الذي لم يشارك في اللعبة من الأساس. وبالرجوع إلى تقنية «الفيديو» عدل رولدان قراره وأظهر البطاقة الحمراء لسياني بدون الالتفات إلى خطأه الأول في تحديد هوية اللاعب المستحق للعقوبة. وتلقى رولدان تنبيها ثانيا من الحكام المسؤولين عن تقنية «الفيديو»، ليعود مرة أخرى لمشاهدة تلك اللعبة ليقوم على إثر ذلك بتصحيح قراره مستدعيا سياني لاستكمال المباراة والقيام بطرد مابوكا.

النمل الطائر يخرق هدوء
بطولة ويمبلدون للتنس:

شنت الألاف من اسراب النمل الطائر هجوما على لاعبي التنس في بطولة ويمبلدون في مشهد غير مألوف بملعب «أول انغلاند» الذي يستضيف مباريات البطولة. واضطر اللاعبون في كل مرة إلى إزاحة هذه الحشرات الصغيرة من على ملابسهم البيضاء وتنظيف وجوههم منها والتلويح بمضاربهم لمواجهتها، حتى أن اللاعبة الكرواتية دونا فيكيتش رشت مبيدا حشريا خلال مباراتها أمام البريطانية جوانا كونتا. وتعتبر هذه الظاهر عادية للشعب البريطاني ويطلقون عليها مصطلح «يوم النمل الطائر». وتحدث هذه الظاهرة عندما تغادر الملكة الجديدة لهذا النوع من النمل مستعمرتها لتنطلق الاسراب في طلبها.

بطاقة حمراء بسبب التبول خلال المباراة:

لم يتمكن الحارس النيوزيلندي ماكس كروكومب مقاومة رغبته في التبول خلال مباراة في دوري الدرجة السابعة الإنكليزي بين ناديي سالفورد وبرادفورد. ولم يتردد حكم اللقاء في إظهار البطاقة الحمراء للحارس المذكور، البالغ 24 عاما ويلعب لسالفورد. وقال كولن باركر، لاعب برادفورد: «تم تحذيره مرتين ولكنه لم يأبه». وقام كروكومب بالتبول خلال الأمتار الأخيرة من المباراة بجانب أحد المدرجات. وقال الحارس النيوزيلندي عقب اللقاء: «أرغب في الاعتذار عن هذا الفعل، كنت في وضع غير مريح وارتكبت فعلا أخطأت في تقديره أضر بهذا الانتصار الكبير، لم أكن أقصد إهانة أي أحد».

علامة ركلات الجزاء وتسديدة في الهواء:

أين الكرة؟ تصدر حارس ماينز الألماني روبن زينتر أحد المشاهد الرياضية العجيبة للعام، بعدما أخطأ في التعامل مع تمريرة من زميل له خلال مباراة لفريقه أمام مونشنغلادباخ في الدوري الألماني. ومرت التمريرة من تحت قدم الحارس المذكور ولكنه لم يدرك ذلك على الإطلاق وتصور أن علامة ركلات الجزاء هي الكرة ليقوم بركل الهواء. ولحسن طالعه نجح زينتر في تدارك الأمر سريعا قبل أن تدخل الكرة إلى شباكه.

السفر لمسافة ألفي كيلومتر للعب ركلات ترجيح:

سافر أحد فرق كرة اليد في آيسلندا لمسافة تعدت ألفي كيلومتر حتى مدينة سان بطرسبرغ الروسية للعب ركلات ترجيح في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي لكرة اليد، ثاني أهم البطولات في القارة العجوز. وكان نادي هافنارفيوردور هو صاحب هذه الرحلة العجيبة على إثر خطأ ارتكبه الحكام الذين أداروا المباراة الثانية له أمام سان بطرسبرغ في أحد الأدوار الإقصائية لبطولة الاتحاد الأوروبي لكرة اليد. وفاز الفريق الآيسلندي في المباراة الأولى بفارق خمسة أهداف، فيما فاز الفريق الروسي بنفس الفارق في مباراة العودة، وبدلا من أن يحتكم الفريقان لركلات الترجيح قرر الحكام إطالة أمد المباراة الثانية لوقت إضافي، ليفوز الفريق الزائر. بيد أن الفريق الروسي احتج على هذا القرار لاحقا، ليقرر الاتحاد الأوروبي لكرة اليد إلزام الفريقين بالاحتكام إلى ركلات الترجيح. وبعد ثلاثة أسابيع من انتهاء مباراة العودة، سافر فريق هافنارفيوردور مرة أخرى إلى سان بطرسبرغ ونجح في الفوز 4/3 في ركلات الترجيح والمرور للدور التالي.

خطأ في شعار نادي مونبيليه الفرنسي:

قام نادي مونبيليه الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي هذا العام بطرح قميص فريقه الأول لكرة القدم للبيع رغم وجود خطأ في الشعار الموضوع عليه. وبرز الخطأ في اسم النادي الموجود على الشعار ليظهر بحرف ناقص، وأرجع النادي هذا الخطأ إلى غفلة المصنع المسؤول عن حياكة قمصان الفريق وعدم التفات النادي إليه قبل طرح القميص للبيع. يذكر أن النادي الفرنسي خاض بعض المباريات وهو يرتدي القميص الذي يحمل الشعار الخاطئ، كما كشفت وسائل الإعلام الفرنسية. وأمام احتجاجات الجماهير، اعتذر نادي مونبيليه عن هذا الخطأ وقدم عدة خيارات للمشجعين الذين اشتروا القميص: إما إعادة النقود إليهم أو تغطية مكان الخطأ في الشعار أو تسليمهم قميصا آخر.

انحراف عن المسار والتفريط
في الفوز بميدالية:

بعدما كانت مرشحة بقوة للفوز بسباق ثلاثة آلاف متر حواجز في بطولة العالم بلندن، فرطت العداءة الكينية بياتريس تشيبكويتش في فرصة فوزها بميدالية بطريقة عجيبة، فعندما كانت في مقدمة السباق اعترتها حالة من عدم التركيز لتتجاوز عائقا مائيا وتكمل ركضها على المضمار الرئيسي. وعندما أدركت تشيبكويتش هذا الخطأ عادت أدراجها واجتازت العائق المائي ولكن بعد أن تجاوزها منافسوها بمسافة ليست بالقصيرة. واستمرت الأحداث الدرامية في هذا السباق مع العداءة الكينية بعد بضع مئات من الأمتار من الواقعة الأخيرة عندما تعثرت أمام حاجز آخر لتتجاوزها العداة الألمانية جيزا فيليسيتاس كراوس. وبذلت تشيبكويتش بعد ذلك جهدا مضاعفا لتحل في نهاية السباق في المركز الرابع، وهو ما يعد نتيجة متواضعة ومخالفة لكل التوقعات التي رشحتها لنيل اللقب.

النمل الطائر وتقنية الفيديو الأكثر جدلا في الرياضة العالمية

عداءة مغربية حصدت 50 لقباً تعدو وراء «تذكرة سفر»

Posted: 27 Jan 2018 02:04 PM PST

قلعة مكونة (المغرب) ـ «القدس العربي»:عداءة مغربية أحرزت نحو 50 لقبا على المستوى الوطني والدولي في المسافات الطويلة، لكنها تعتبر أن عدم الحصول على تذكرة سفر للمشاركة في مسابقة خارجية، العدو الذي ما زالت تحاربه باستمرار.
عزيزة الراجي (31 سنة)، عصامية نجحت في نقش اسمها في كبرى المنافسات الوطنية والعربية لأم الألعاب، تعيش بين أحضان عائلة قروية فقيرة بضواحي مدينة قلعة مكونة (جنوب) المعروفة بأقدم مهرجان للورود بالمغرب. وغادرت المدرسة قبل ثماني سنوات بسبب الفقر وحبا في رياضة الجري، كما تحدت ثقافة المجتمع المحافظ وعزمت على المضي قدما في معانقة هضبات وتلال البلدة بحثا عن هواء نقي يغذي رئتيها، وبعيداً عن كثير من عيون الرجال الذين لم يغيروا بعد نظرتهم للجنس الآخر ولم يقبلوا بعد ارتداء المرأة زي ألعاب القوى. مسارها حافل بقلة الإمكانيات، لكنه حافل أيضاً بالقصص المثيرة، مثل تلك التي قالت فيها، إنها «تراجعت مرارا عن المشاركة في ملتقيات كبرى فقط لأنها لا تملك قيمة تذكرة السفر».
كانت البداية بسباقات الألعاب المدرسية، حيث فازت في سباق محلي بمدينة بومالن دادس (جنوب) القريبة من مسقط رأسها. حينها حصلت على مكافأة 40 دولاراً وهو المبلغ الذي أسعدها وحفزها على الاستمرار، رغم قلته. وفرضت العداءة المغربية نفسها في ألعاب القوى بالبلاد في المسافات الطويلة، رغم كونها لم تنشأ يوما في أي ناد رياضي، ولَمْ تحظَ بأي تدريب تقني. فقد بلغت حد السيطرة على الصف الأول في ماراثون سلطنة عمان الدولي لثماني دورات متتالية. كما فازت بماراثون التحدي الدولي بزاكورة (جنوب شرق) ثماني مرات متتالية. ولا تزال تسيطر على سباق طرانس أطلس الدولي (265 كيلومترا على ست مراحل) والذي فازت به خمس مرات، إضافة إلى فوزها بالمراتب الثلاثة الاولى في 70 كلم في ماراثون تافراوت الدولي (ضواحي أكادير). وضمن مسارات التتويج حصلت عزيزة الراجي على المرتبة الأولى وطنيا، والخامسة من بين 700 مشاركة في ماراثون الرمال العالمي (225 كلم) الذي ينظم بزاكورة المغربية. كما حصلت على المركزين الرابع والعاشر في مشاركتين بماراثون مراكش الدولي، وفازت بالمركز الأول بماراثون الأرز بمدينة إفران، وتصدرت ماراثون توبقال (42 كلم) ضواحي مراكش، بالإضافة إلى المركز الرابع في ماراثون الرباط. وتصنف في بطولة المغرب للعدو الريفي في المركز 24. لكن فوزها بعشرات المسابقات في ألعاب القوى وتتويجها من جانب العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والرياضة والثقافة، لم يفسح لها المجال لتُنصَفَ ولو مرة واحدة، ولم تشفع لها، كما قال متتبعون لمسارها، في أن تحظى بالاهتمام المطلوب من وسائل الإعلام الحكومية.
ومثل أية فتاة بقريتها لا تزال عزيزة ملتزمة بجميع أعمال البيت كفتاة قروية تحكمها عادات وتقاليد المحيط الأمازيغي الذي نشأت فيه. وتقول بلكنة أمازيغية (دادسية نسبة لواحة وادي دادس بالجنوب): «أنا كباقي نساء القرية أقوم بجميع الأعمال التي تنسب للمرأة من طبخ وغسل للملابس يدويا، وبحث عن العشب للماشية وتربية الدواجن، وهو برنامج المرأة القروية اليومي». وتضيف: «بالمقابل أحرص على التدريب في الجبال المحيطة بالقرية وهي كذلك مهمة صعبة أقاوم فيها الإحباط بشكل يومي كوني أتدرب وحيدة وبدون أي مدرب». وعلى الرغم من تجاهل نجاحاتها من القائمين على الشأن الرياضي، تبقى الرياضة هي المورد الوحيد لعزيزة، بالإضافة إلى مساعدة أسرتها لها. وتقول: «سر نجاحي هو تفهم إخوتي ووالدي، رحمه الله، لرغبتي وحبي للرياضة، ولولا دعمهم المادي والنفسي لما حققت هذه الألقاب». ولا تخفي أنها تقترض أحيانا كي تتمكن من السفر للمشاركة في بعض التظاهرات الرياضية، وتقول: «مؤخرا تلقيت دعوة من البرازيل للمشاركة في ماراثون دولي، ولم أستطع توفير تذكرة السفر، لقد حرمت من لقب جديد». بالمقابل، تحكي الراجي بوجه بشوش وابتسامة بريئة، أنها تنفست الصعداء بعد شروع مجلس جهة درعة تافيلالت (منتخب) في صرف الدعم المالي للفرق الرياضية، ورصد دعم مالي للعدائين الذين يمثلون الجهة (المحافظة) خارج البلاد. وتضيف: «تقدمت في 26 ديسمبر/كانون الأول 2017 بطلب يضم جميع إنجازاتي لمجلس الجهة، بهدف الحصول على الدعم الممكن للمشاركة في ماراثون بقطر خلال الأسبوع الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري، لن أستطيع المشاركة بدون الحصول على تذكرة السفر على الأقل، هذا هو العدو الذي أحاربه باستمرار. وعادة ما تقدم وزارة الشباب والرياضة بالمغرب مكافآت مالية لأبطال الألعاب الفردية، غير أن أبطال تلك الألعاب يشكون من ضعف تلك المكافآت في ظل التكاليف المرتفعة للتدريب والمشاركة في المسابقات خارج البلاد.

عداءة مغربية حصدت 50 لقباً تعدو وراء «تذكرة سفر»

التصنيع العسكري العراقي: بين الامكانيات وآفاق تطويره

Posted: 27 Jan 2018 02:04 PM PST

بغداد ـ «القدس العربي»: تصاعد اهتمام الحكومة العراقية مؤخرا في إحياء الصناعة العسكرية العراقية من الأسلحة والمعدات والذخيرة، لسد احتياجات القوات المسلحة وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، بالاستفادة من تراكم الخبرات الوطنية وتجربة الحرب على تنظيم «الدولة».
وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، اهتمام حكومته بتطوير قدرات القوات المسلحة، داعيا إلى وضع استراتيجية لإعادة الصناعة الحربية في العراق.
وأشار العبادي خلال اجتماع لهيئة الصناعات الحربية، إلى ضرورة دعم التسليح والصناعة المحلية، مركزا على أن تكون ضمن المواصفات العالمية، والعمل على إنتاج خطوط سلاح خفيف ومتوسط وهاونات، إضافة إلى صناعة الطائرات المسيَّرة. وتم التأكيد خلال الاجتماع على أهمية تكامل الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص، والحاجة إلى الخبرة الخارجية من أجل أن يكون الإنتاج بأفضل المواصفات، بما يسد الاحتياج الفعلي للمؤسسة الأمنية والعسكرية.
وفي معرض الصناعات العراقية المقام حاليا على أرض معرض بغداد الدولي، اهتمت وسائل الإعلام والزائرون بجناح الأسلحة والأعتدة المصنعة عراقيا. وقد أكد مدير العلاقات والإعلام في جناح مديرية الإنتاج الحربي ميثم نجم عبد لـ»القدس العربي» توجه الدولة بعد الانتهاء من تنظيم «داعش» نحو بناء صناعة عسكرية متطورة والسعي إلى الاكتفاء الذاتي في مجال تصنيع بعض الأعتدة.
وقال عبد ان «شركة الصناعات الحربية العامة التابعة لوزارة الصناعة، نهضت في السنوات الأخيرة وبجهود ذاتية بعد التدمير والسرقة المنظمة التي تعرضت لها معامل الأسلحة ومكائنها عقب الاحتلال الأمريكي عام 2003 وان الشركة تضم حاليا 16 مصنعا لصناعة أنواع الأسلحة والمعدات والعتاد أبرزها القنابل الجوية التي تلقيها الطائرات باوزان (100 – 200) كلغم من المتفجرات، والتي كنا نستوردها من الخارج بمبالغ باهضة». مبينا ان لدى الشركة الآن خط متكامل لإنتاج القنابل الجوية بمواصفات دولية عالية. وأضاف ان أبرز الأسلحة التي تنتجها الشركة أيضا، هي صواريخ اليقين (أرض – أرض) بعدة حمولات من المتفجرات تتجاوز الألف كلغم وبمدى 35 كلم وتمت صناعتها وفق احتياجات القوات المسلحة في الحرب على «داعش» وكلفة الصاروخ لا تتجاوز 55 ألف دولار وهو أقل بكثير من سعر المستورد، كما يتم إنتاج صاروخ 107 كاتيوشا المطور، وقنابل الهاون بعيارات متعددة، إضافة إلى تصنيع آلاف قطع الغيار للأسلحة المدمرة والمعطلة جراء المعارك.
وكشف عبد عن المساعي الرامية لإنشاء خطوط إنتاج عتاد جديدة بالاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة، حيث استلمت وزارة الصناعة العراقية مؤخرا، عروضا من 36 شركة أجنبية لإنشاء خطوط إنتاج متطورة للعتاد بإدارة الخبرات العراقية التي أثبتت كفاءة عالية في هذا المجال، مؤكدا ان العراق يستورد أسلحة وعتادا بمبلغ 13 مليار دولار سنويا، وان التصنيع المحلي للأسلحة والعتاد يقلل من هذا الرقم كثيرا، إضافة إلى تجنب الضغوط السياسية الدولية على العراق مقابل تزويده بالأسلحة.
وفي السياق نفسه، عقدت وزارة الصناعة والمعادن مؤتمرها الثاني للصناعات الحربية بمشاركة شركة الصناعات الحربية العامة وبالتعاون مع اتحاد الصناعات العراقي، ليكون «انطلاقة وخطوة حقيقية نحو توحيد الرؤى والتوجهات لدعم وتطوير الصناعات العسكرية في العراق». وحضرت المؤتمر قيادات وزارات الصناعة والداخلية والدفاع وجمع من القادة الأمنيين ورجال الأعمال والمستثمرين والمعنيين في هذا المجال.
وأكد وزير الصناعة والمعادن محمد شياع السوداني، في كلمته التي ألقاها في المؤتمر، أنه بعد الانتصار الساحق الذي تحقق على تنظيم «داعش» فان الجهود الحكومية تتجه صوب التحديات الأخرى والتي تأتي في مقدمتها التحدي الاقتصادي والخدمي والسعي لتطوير قطاعات الدولة وتنويع موارد الموازنة غير النفطية، مشيرا إلى ان دعوات إعادة تأهيل وتنشيط الصناعات الحربية تهدف إلى التقليل من استنزاف مبالغ طائلة من موارد البلد لتأمين الأعتدة الضرورية لديمومة زخم المعركة على الإرهاب.

التحرر من الضغوط السياسية

وشدد السوداني، على أن العراق يسعى إلى التحرر من الضغوط السياسية على صعيد التسليح من خلال البدء قريباً بإنتاج أنواع مختلفة من الأسلحة بمشاركة شركات عالمية متخصصة، مبينا ان العراق كان يعتمد في تسليح قواته المسلحة وأجهزته الأمنية على الاستيراد بالنسبة إلى الأعتدة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة، التي تكلف الدولة نحو مليار و700 مليون دولار كل سنة. ودعا إلى خلق شراكة استراتيجية بين القطاعين الحكومي والخاص لإحداث نقلة نوعية في الصناعات العسكرية وفق رؤية شاملة تحددها الحكومة لتحقيق أهداف محددة، كاشفا عن توجيه دعوات إلى 36 شركة عربية وعالمية من الشركات الرصينة والمتخصصة للمساهمة في هذا المجال.
وأشار رئيس اتحاد الصناعات العراقي إلى اعداد خطة عمل تنسجم مع الاستراتيجية الحكومية لتنظيم آلية شراكة طويلة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة وجود استعداد حقيقي لتسويق وشراء المنتجات الحربية من قبل وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية الأخرى.
وتناول المؤتمر استعراض الامكانيات والقدرات التصنيعية التي تتمتع بها شركة الصناعات الحربية العامة والمنتجات والخبرات التي تمتلكها مصانعها ومعاملها. وقد أقر المؤتمرون عددا من التوصيات منها تخصيص نسبة (10 إلى 15 في المئة) من ايرادات وزارتي الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية المخصصة للذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة لغرض التعاقد مع شركة الصناعات الحربية.
وسبق أن أعلنت وزارة الصناعة والمعادن، عام 2016 عن قيام مصانعها بإنتاج صواريخ كاتيوشا وقنابل هاون عيار 107 ملم. وفيما بينت أن كلفة الصاروخ الواحد تبلغ 1200 دولار، وهو أقل بكثير من أسعار المستورد منها، إلا انها حذرت من المشاكل التي يخلقها المتضررون من عملية الإنتاج، في إشارة إلى سماسرة صفقات السلاح الأجنبي. 
 وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في 5/8/2015 تشكيل هيئة الصناعات الحربية باشراف القائد العام للقوات المسلحة، حيث كانت البنية الأساسية لتشكيل هذه الهيئة هي معامل شركة الصناعات الحربية العامة التي تكونت في حينها بعد دمج 16 شركة تابعة لوزارتي الصناعة والدفاع.

إنتاج أنواع مختلفة من الصواريخ

وخلال زيارة «القدس العربي» إلى معرض الأسلحة في بغداد عام 2017 اطلعت على العديد من الأسلحة والمعدات التي تنتجها الصناعات العسكرية العراقية، أبرزها صواريخ (أرض – أرض) أنواع اليقين والبتار والقاصم بقدرات متنوعة، إضافة إلى إنتاج أنواع مختلفة من صواريخ الكاتيوشا وقنابل المدفعية وقنابل الهاون بمختلف الأحجام والأعتدة الخفيفة وقنابل جوية خفيفة، كما عرضت شركات حكومية أخرى منتجاتها من الطائرات المسيرة ووسائل الاتصالات والزوارق السريعة للاستخدام العسكري وغيرها من المعدات العسكرية. وشمل المعرض العديد من المعدات التي تقوم الكوادر العراقية بإجراء تعديلات عليها أو اصلاح أعطالها مثل الدبابات والمدافع والمدرعات والعربات.
وأكد المهندس في وزارة الصناعة عماد اللامي لـ»القدس العربي» ان العراق لديه خبرات كبيرة في التصنيع العسكري تكونت خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) وتعتمد هذه الخبرات على الكادر البشري والبنية التحتية المتوفرة في المصانع العراقية المختلفة.
وأشار إلى هجمة منظمة تعرضت لها الصناعة العسكرية عقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 حيث قامت عصابات منظمة بتفكيك المكائن والمعدات من المصانع العسكرية وجرى نقل خطوط إنتاج كاملة إلى دول مجاورة بعلم واطلاع من قوات الاحتلال ضمن خطتها لإنهاء مقومات التصنيع العسكري في العراق.
وكشف اللامي ان جهات سياسية متنفذة في الحكومة بعد 2003 تعمدت إعاقة أي محاولة لإحياء التصنيع العسكري في العراق وقامت بتشتيت الكوادر العاملة في التصنيع أو إبعادها عن الوظائف بمختلف الحجج والمبررات، وذلك بهدف استمرار البلد في الاعتماد على الاستيراد من الخارج للحصول على رشاوى كبيرة من عقد صفقات الأسلحة مع الشركات الأجنبية الموردة، مؤكدا ان الضائقة المالية الحالية للحكومة وضخامة كلفة استيراد الأسلحة والعتاد من الخارج لمواجهة الإرهاب، أجبرت الحكومة العراقية على التفكير في احياء التصنيع الحربي خاصة مع توفر البنى التحتية من كادر وخطوط إنتاج وامكانية تطويرها بالاستفادة من الخبرات الأجنبية.
ونوه إلى سبب آخر لتسريع الحكومة من وتيرة التصنيع الحربي، وهو تلكؤ دول أجنبية في عملية توريد السلاح والعتاد للعراق خلال الحرب مع تنظيم «داعش» التي استمرت فترة طويلة، وهو ما ترك أثرا في القرارات الحكومية تجاه القضايا الوطنية. مبينا ان التصنيع العسكري العراقي، يمكن ان يدعم الاقتصاد العراقي ليس بتقليل كلفة استيراد السلاح والعتاد من الخارج فقط، بل وفي تصدير بعض أنواع السلاح والعتاد الحربي الفائض إلى الدول الأخرى في حال توفير خطوط الإنتاج الحديثة في المصانع العراقية، مشيرا إلى ان العديد من المصانع العراقية المدنية مثل معامل صناعة السيارات والسفن والمعدات الثقيلة وغيرها، يمكن تحويل أجزاء منها إلى التصنيع العسكري.
ومن جهة أخرى، يذكر متابعون للشأن العسكري العراقي في بغداد، ان بعض الفصائل والميليشيات العراقية تقوم منذ سنوات، وبجهود ذاتية، بانشاء مصانع لإنتاج بعض أنواع الصواريخ والراجمات والمعدات العسكرية مستعينة بدعم وخبرات إيرانية. وقد زاد هذا الدعم بعد تشكيل الحشد الشعبي بموجب فتوى المرجع الأعلى الشيعي علي السيستاني عام 2014 عقب ظهور تنظيم «داعش» في العراق، مبينين انه لا توجد إشارات من الحكومة أو تلك الفصائل عن مصير معامل الحشد الشعبي لتصنيع الأسلحة، فيما إذا كانت ستنضم إلى مؤسسة التصنيع العسكري الحكومية بعد انتهاء صفحة «داعش» خاصة وان رئيس الوزراء حيدر العبادي دعا مرارا إلى سعي حكومته لحصر السلاح بيد الدولة.
وكانت العديد من القوى السياسية والعسكرية والدينية ومنها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، قد دعوا الحكومة العراقية مرارا، إلى إعادة إحياء الصناعة العسكرية العراقية السابقة، وخاصة خلال المواجهة مع تنظيم «داعش» لمواجهة متطلبات المعركة ولتقليل كلفة استيراد الأسلحة والعتاد من الخارج.

التصنيع العسكري العراقي: بين الامكانيات وآفاق تطويره

مصطفى العبيدي

«25 يناير» تهيمن على شبكات التواصل في مصر وتغيب عن إعلام النظام

Posted: 27 Jan 2018 02:03 PM PST

لندن – «القدس العربي»: هيمنت الذكرى السنوية السابعة لثورة 25 يناير على اهتمامات المصريين على شبكات التواصل رغم غيابها عن وسائل الإعلام التقليدية ومحاولة قنوات التلفزيون المحلية في مصر والصحف ومواقع الانترنت المقربة من النظام استبدالها بـ»عيد الشرطة» والاحتفال به مع تجاهل ذكرى الثورة التي أطاحت نظام الرئيس محمد حسني مبارك في العام 2011.
وانشغلت معظم القنوات التلفزيونية في مصر بالاحتفال بـ»عيد الشرطة» الذي يصادف يوم 25 يناير/كانون الثاني، كما نقلت أغلب محطات التلفزيون المحلية فعاليات الاحتفال الذي حضره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتكريم عدد من رجال الشرطة والجيش وعائلاتهم، حسب ما رصدت «القدس العربي»، فيما غابت أي ملامح للاحتفال بذكرى ثورة يناير أو أي شكل من أشكال إحياء الذكرى.
وحسب ما رصدت «القدس العربي» فقد وضعت كافة القنوات التلفزيونية الحكومية التابعة لـ»ماسبيرو» شعار الشرطة بشكل ثابت على الشاشة لعدة أيام وكتبوا الرقم (66) في إشارة إلى الاحتفال بالعيد السادس والستين للشرطة المصرية، بينما لم تشر أي من القنوات الحكومية إلى ثورة يناير ولم تحتفل بها على الرغم من أن المناسبتين متزامنتين مع بعضهما البعض.
وخصصت الفضائية المصرية الحكومية ساعات من البث للحديث عن عيد الشرطة، من بينها تغطية كاملة لحفل التكريم الذي حضره السيسي وتمت فيه الاشادة بعدد من رجال الشرطة المصرية الذين قتلوا في مهام رسمية حيث تم تكريم عائلاتهم وأطفالهم، كما خصصت القناة برنامجها الديني «مجلس الفقه» الأسبوع الماضي للحديث عن «فضل رجال الشرطة في الإسلام» واستضافت الدكتور سعد الدين الهلالي الذي تحدث عن أهمية رجال الشرطة ورجال المباحث والمخابرات، وقال إن هذه المهن كان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب قد اشتغل فيها.
وبينما غابت ذكرى مرور سبع سنوات عن وسائل الإعلام التقليدية والمقربة من النظام في مصر، فان شبكات التواصل الاجتماعي غرقت في الحديث عن هذه الذكرى، وانشغل آلاف النشطاء في الحديث عن يناير وحُلم التغيير، فيما أطلق النشطاء العديد من الوسوم على «تويتر» من أجل التغريد عن الذكرى السابعة للثورة.
ومن بين الوسوم التي لاقت رواجاً كبيراً على «تويتر» وصعدت إلى قوائم الأكثر تداولاً في مصر: (#25يناير) و(25JAN) و(#راجعين_من_تاني_للميادين) وغير ذلك من الوسوم.
وكتب المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح مغرداً على «تويتر»: «#25_يناير.. شباب مصر هو ثروتنا الحقيقية وهذا سبب الحرب عليه بإستهداف نشر اليأس والاحباط بينه بفرض نظم حكم فاشلة تعمل في الحجر دون البشر وتقضي على قيم العدل والحريّة والإنسانية بأداء أمني وإعلامي منحط.. أبدا لن نيأس فإنه لا ييأس من روح الله الا القوم الخاسرون… الاحباط هو ثروة الاستبداد».
وكتبت المذيعة في قناة «الجزيرة» سلمى الجمل: «سبعُ سنيين مرت على حلم مشروع.. تعلقنا به وما زلنا نأمل بالغد الحر.. فليسقط الطغاة والعسكر.. ولتسقط مشاريع التقسيم والتدجين».
وكتب أحد النشطاء مستذكراً شهداء الثورة: «سلام على أرواحٍ اختارت أن ترقد تحت التراب لتمنح الحرية لعقول مكانها التراب».
أما الناشط هيثم أبوخليل فغرد قائلاً: «في الذكرى السابعة لثورتنا المجيدة، أستطيع أن أقول أن سبب عدم إكتمالها هو: تنازعنا جلد العسكر قبل إصطيادهم .. فأكلونا، الخلاف والإستقطاب كانوا كلمة السر في فشلنا في إكمال ثورة، وما زالوا هم كلمة السر في فشلنا في إسقاط إنقلاب!».
وغرد آخر قائلاً على «تويتر»: «مين قال #25يناير فشلت دي 25 يناير إن لم تسقط نظاماً فقد أسقطت أقنعة تمهيدا لسقوط كل الوجوه بالأنظمة».
وكتبت رانيا منصور تعلق على الثورة: «25 يناير اليوم اللي حسينا فيه بمعنى الأغاني الوطنية اللي ما بقاش لها طعم ولا ريحة حاليا وبقى مجرد سماعها في الإعلام المصري سواء في الراديو أو في التلفزيون كخلفية لانجازات السيسي الوهمية منفر ومستفز لأي مشاعر وطنية حقيقية». وأضافت في تغريدة ثانية: «صباح معطر برائحة الحرية حتى ولو بقيت ذكرى هاتفضل في القلب أحلى ذكرى بنحلم بها كل يوم وبنتمنى انها تعود #25يناير».
أما الإعلامي في قناة «الحوار» الفضائية أسامة جاويش فكتب: «خير يوم طلعت فيه شمس مصر يوم 25 يناير».
ونشر ناشط مصري صورته على «تويتر» وكتب يقول: «زي النهاردة من أربع سنين اتقبض عليا بسبب تي شيرت مكتوب عليه وطن بلا تعذيب، واتعرضت بسببه لأبشع أنواع التعذيب بالكهرباء والخ، فضلت محبوس سنتين حبس إحتياطي انا وصديقي اسلام وبعد ما خرج بشهر مات.. كان نفسي ينتهي التعذيب بس للأسف انا كنت مجرد حالة وعدت وفيه قبلها وبعدها كتير».
وكتب ناشط آخر: «أخبروا أولادكم أن ثورة يناير هي الأعظم على الإطلاق، وأن لا ثورة إلا هي».
وعلق أحد النشطاء على «تويتر» قائلاً: «#25 يناير ثورة لم تحافظوا عليها كالرجال.. فابكوا عليها كالنساء.. موت من لا يستحق الموت من أجل حياة من لا يستحق الحياة».
وغردت شيماء محمد: «ستبقى يناير حلم شعب أراد الحياة بكرامة وعزة وحرية.. رفض الظلم ولم يرهبه سلاح العسكر ولا بلطجية الداخلية»، وأضافت في تغريدة ثانية: «أقسى شيء أن يمر يوم 25 يناير ونحن في بيوتنا، فهل سنعيش نتحسر على ما فات أم سيكون لنا رأي آخر؟».
وكتب آخر: «وتبقى ثورة #25 يناير ما بقينا.. ويبقى العسكر أكبر خاين لها»، فيما علق آخر: «عندما نؤمن أن الحرية أهم من الخبز ساعتها فقط سنتغير للأفضل».
وغرد الناشط إبراهيم عبد الفتاح: «تقول أمٌ وهي تنزع الرصاصَ الميت من صدر شهيدها الحي: ماتَ ليمنحني الكلام، وتقول جارتها وهي تودع أولادها: رأيتُ الله في الميدان فاذهبوا آمنين».
وقال منير وصفي: «رحم الله كل من سالت دماؤهم وزهقت أرواحهم في 25 يناير وذهبوا ولن يتركو لنا الا ذكرى وتاركين لأهلهم مرارة الحنضل على فراقهم».
وكتب أحد الثوار: «لن أندم أبداً على الثورة وعلى مشاركتي فيها وهي أجمل وأطهر وأنبل حدث في حياتي وليس ذنبا أننا قمنا بها وسط انتهازيين وجهال معدومي الوعي.. وهيا دي الحكاية».
وكتبت إحدى المعلقات: «إن رفضنا لرسائلهم يعني مقاومتنا للاستسلام فاكتبوا عن رفضكم لهذا النظام ورفضكم لرسائله وفضح جرائمه أولاً بأول، أكتبوا دائما عن شجاعتكم وجرأتكم وحقكم المسلوب وطنياً وديمقراطياً واجتماعياً.. أكتبوا (دون) شرط التمكن من الكتابة بحرفية وحسن الصياغة».
يشار إلى أن ثورة 25 يناير 2011 انتهت بتنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم بعد 18 يوماً من انطلاقها، ولاحقاً لذلك انتخب المصريون أول رئيس مدني منذ ستة عقود وهو محمد مرسي الذي وصل إلى الحكم في شهر حزيران/يونيو 2012 إلى أن تدخل الجيش في الثالث من تموز/يوليو 2013 وأطاح به وبحكومته وألغى الانتخابات والدستور وأودعه السجن، ومن ثم أصبح وزير الدفاع الجنرال عبد الفتاح السيسي هو الرئيس الفعلي للبلاد إلى أن تم انتخابه في العام 2014 كرئيس رسمي للجمهورية خلفاً للرئيس المؤقت عدلي منصور والذي تم تعيينه من قبل سلطات الانقلاب العسكري في صيف 2013.

«25 يناير» تهيمن على شبكات التواصل في مصر وتغيب عن إعلام النظام

محاكمة أربعة صحافيين في المغرب وسط جدل بشأن الحريات في البلاد

Posted: 27 Jan 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: بدأ القضاء المغربي الأسبوع الماضي النظر في دعوى قضائية ضد أربعة صحافيين قد تنتهي بهم إلى السجن أو الغرامة، رغم أن المحكمة لم تأمر بايقاف أي منهم كما لم يتعرض أي منهم للاعتقال، فيما رفض زملاؤهم من الصحافيين مثولهم أمام القضاء لبحث معاقبتهم على معلومات وأخبار وتقارير نشروها عبر وسائل الإعلام المحلية.
وفي التفاصيل التي جمعتها «القدس العربي» من المصادر المغربية فقد مثل الصحافيون الأربعة، وهم: عبد الحق بلشكر، وعبد الإله سخير، ومحمد أحداد، وكوثر زكي أمام المحكمة يوم الخميس الماضي للنظر في الدعوى المقامة ضدهم بتهمة «نشر معلومات» وتقارير حول أعمال لجنة تقصي حقائق برلمانية بشأن صندوق التقاعد الشهر الماضي.
وبينما كان الصحافيون يمثلون أمام القاضي للنظر في التهمة المنسوبة لهم، كان العشرات من زملائهم الصحافيين والحقوقيين يشاركون في وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية في الرباط، رافضين المحاكمة ومحاولة عقاب الصحافيين على أداء واجبهم المهني والوظيفي.
ورفضت النقابة الوطنية للصحافة في المغرب إحالة الصحافيين للمحاكمة وأكدت أنهم قاموا بـ»واجبهم في الإخبار بمعلومات صحيحة ودقيقة».
ويعمل الصحافيون في أكثر من صحيفة ومواقع إلكترونية غير حكومية، نشرت تلك التقارير.
ورفع المشاركون في الوقفة الاحتجاجية التي جاءت بدعوة من النقابة الوطنية للصحافة المغربية شعارات تندد بالمحاكمة و»التضييق» على الصحافة، مطالبين بـ»الوقف الفوري» لمحاكمة هؤلاء الصحافيين و»ضمان حرية التعبير ونشر الأخبار» رافعين لافتات كتب عليها «لا لمتابعة الصحافيين ولا لكسر الأقلام الحرة».
ونشر الصحافيون أخباراً حول لجنة تقصي الحقائق في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) التي تشكلت للتدقيق في صندوق التقاعد في البلاد، وجاءت المحاكمة إثر شكوى تقدم بها ضدهم حكيم بن شماس رئيس مجلس المستشارين.
ورفضت النقابة الوطنية للصحافة في بيان لها إحالة الصحافيين للمحاكمة، وقالت إن الصحافيين قاموا بـ»واجبهم في الإخبار بمعلومات صحيحة ودقيقة». وصادق مجلس النواب المغربي في تموز/يوليو 2016 بالأغلبية على مشاريع قوانين إصلاح أنظمة التقاعد، وبينها رفع سن التقاعد من 60 عاماً إلى 63 فيما جاءت مصادقة مجلس النواب على مشاريع القوانين على الرغم من رفض بعض النقابات في البلاد هذه الإصلاحات حيث سبق أن نظمت العديد من الاحتجاجات. وتأتي إحالة الصحافيين الاربعة في المغرب إلى القضاء بالتزامن مع الجدل الذي تشهده البلاد منذ مصادقة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) بداية الشهر الجاري على مشروع قانون ينظم الحق في الحصول على المعلومة، وهو القانون الذي يؤثر في أعمال الصحافيين.
ويهدف مشروع القانون الذي طرحته الحكومة للنقاش قبل سنة ونصف إلى تطبيق مواد الدستور المتعلقة بحماية الحريات وضمان الحق في الوصول إلى المعلومة، لاسيما المتعلقة بالمؤسسات الحكومية.
ومن المنتظر أن يناقش مشروع القانون في جلسة لاحقة بمجلس النواب، وسط حالة من الجدل بين القبول والرفض للمشروع في أوساط الإعلاميين والمتخصصين في المغرب.
وتقول الحكومة إنها أعدت مشروع القانون سعيا منها إلى تعزيز ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية وتقريب الخدمات من العملاء.
لكن الكثير من الباحثين والمختصين يبدون استياءهم من الاستثناءات التي وردت في المادة 19 من مشروع القانون، حيث لن يكون بوسع المواطن ولا الصحافي طلب معلومات تخص الدفاع الوطني أو أمن الدولة أو حياة الأفراد الخاصة أو المعلومات التي من شأنها الإضرار بعلاقات الدولة الخارجية أو التأثير على مجريات الأبحاث القضائية.
ويقول الباحث في شؤون الإعلام جمال محافظ إن مشروع القانون جديد في شكله لكنه قديم من حيث المضمون، ودعا إلى وضع آليات لحماية الصحافيين من المحاكمات عند نشرهم للأخبار وعدم التضييق عليهم خلال البحث والتحقيق في بعض القضايا السياسية والاقتصادية.
ويرى مراقبون أن الحكومة تأخرت في طرح هذا القانون ودعوها إلى التعجيل بالتصديق عليه مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات وتحفظات الصحافيين خاصة ما يتعلق بحق السبق في نشر الخبر دون تضييق أو تعتيم.

محاكمة أربعة صحافيين في المغرب وسط جدل بشأن الحريات في البلاد

موجة سخرية تجتاح الأردن بعد السطو على بنكين في غضون ثلاثة أيام

Posted: 27 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: اجتاحت موجة من السخرية شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن بعد أن نجح اثنان من اللصوص في السطو على بنكين مختلفين في غضون ثلاثة أيام فقط الأسبوع الماضي، وهي عمليات سطو جاءت بعد فترة قصيرة من قرارات حكومية برفع أسعار الخبز وبعض السلع الأساسية إضافة إلى فرض ضرائب جديدة تسببت في ارتفاع كافة السلع والخدمات في البلاد تقريباً.
وكان اللافت في موجة السخرية أنها تضمنت تعاطفاً غير مسبوق مع اللصوص الذين نفذوا عمليات السطو، وهو ما دفع السلطات الأمنية إلى تحذير الأردنيين من هذا التعاطف والإعلان عبر وسائل الإعلام بأن التعاطف مع الجريمة يمثل جريمة قد تعرض صاحبها للمساءلة القانونية، وذلك في محاولة لوقف فيضان التعليقات على شبكات التواصل حول عمليتي السطو اللتين استهدفتا البنوك.
واعتبر الكثير من المراقبين والمحللين والمعلقين أن موجة التعاطف والسخرية مع عمليات السطو التي تعرضت لها البنوك إنما تأتي في سياق الاحتجاج الشعبي ضد قرارات الحكومة الأردنية رفع الأسعار وفرض مزيدٍ من الضرائب.
وبثت وكالة الأنباء الأردنية المحلية «بترا» تصريحاً على لسان الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام في الأردن عامر السرطاوي دعا فيه الأردنيين إلى «عدم نشر أخبار غير دقيقة أو الترويج لها» مستهجنا «التعاطف الذي أظهره البعض مع الجريمة، وهو الأمر الذي لا يمكن القبول به تحت أي ظرف كان، فالجريمة تبقى جريمة ويتم التعامل معها وفقا للقانون».
وقال السرطاوي في التصريح إن «هذه الجرائم مثل السطو والسلب هي من الجرائم الخطيرة خاصة استخدام مرتكبيها الأسلحة النارية ما قد يؤدي لوقوع إصابات، لذلك فإن أي تعاطف معها غير مقبول».
وأضاف إن «بعض الأشخاص يقومون بنشر رسائل تحريضية لارتكاب الجريمة حيث أن مثل تلك المنشورات يحاسب عليها القانون ولا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها».
ويقول أغلب المعلقين إن «موجة التعاطف والسخرية» التي شهدها الأردن واجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي في أعقاب جريمتي السطو المسلح على البنوك الأسبوع الماضي غير مسبوقة وتحمل دلالات مهمة.
وكان شاب في الـ22 من عمره أقدم صباح الاثنين الماضي على تنفيذ عملية سطو مسلح ضد أحد فروع بنك الاتحاد في منطقة عبدون الراقية غربي العاصمة عمان، سلب خلالها نحو 138 ألف دولار، قبل أن يتم ضبطه وبحوزته المبلغ المذكور، وبعدها بيومين فقط نفذ شخص آخر عملية سطو مسلح استهدفت بنكاً في منطقة الوحدات شرقي العاصمة عمان.
وأطلق أردنيون الوسم (#سطو_عبدون) على «تويتر» ليشعلوا بذلك موجة من الجدل والسخرية والتعاطف مع الجريمة، فيما تساءل بعض المغردين بعد إلقاء القبض على مرتكب الجريمة الأولى عن مصير «اللصوص الكبار» في إشارة إلى بعض المسؤولين الفاسدين في المملكة.
وكتب أحد المغردين تعليقاً على سرعة اعتقال الجاني: «كم تمنيت أن يُقبض على اللصوص الذين دمروا الاقتصاد والبلد بربع هذه السرعة.. الشعب المقهور تعاطف مع الفتى روبن هود».
وكتبت مغردة أخرى: «أنا ما عم ببرر للسارق، بس مشان الله الحكومة تشوف الشعب لوين رايح، الناس وضعها من سيئ لأسوأ».
وكتب النائب الأسبق في البرلمان الأردني الدكتور أحمد الشقران تدوينة على «فيسبوك» تساءل فيها: «للمرة الأولى أشعر بتعاطف شعبي كبير مع سارق بنك!! ألا يعني ذلك شيئًا؟».
وكتب مغرد أردني على «تويتر»: «من الأشياء المثيرة للمرح أن تنشر صورة متهم بجريمة سرقة قبل أن يبدأ التحقيق معه وقبل أن يحاكم، فيما ما زلنا لا نعرف اسم قاتل رائد زعيتر بعد 4 سنوات من التحقيق».
والقاضي الأردني زعيتر كان قد استشهد برصاص جنود إسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل عدة سنوات، فيما فوجئ الأردنيون مؤخراً بالتوصل إلى اتفاق تسوية مع إسرائيل أنهى قضيته وأعاد فتح السفارة الإسرائيلية في عمان.
وكتب الإعلامي الأردني عمر عياصرة مقالاً عن الظاهرة قال فيه إن «السخرية بدل القلق، التعاطف بدل السخط، معادلات بحاجة إلى تفكيك وتركيب، بل هي مؤشرات على قادم صعب يتعلق بالجريمة والموقف منها، كما انه يمهد إلى تغيرات كمية ونوعية في الفعل الجرمي».
وأضاف عياصرة: «اللاوعي الشعبي غاضب من السياسات الاقتصادية، وأخشى ما أخشاه، انه قد يدعم السلوك الجرمي تحت عناوين المظلمة الاقتصادية، وهنا قد تتفاقم الظواهر كالرشوة مثلا، لتصبح مؤسسة مرعية من المجتمع والدولة».
أما الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي فنشر مقالاً أيضاً قال فيه: «أشعرُ بخوف وارتباك وضيق، فحوادث السطو على البنوك جاءت بعد موجة ارتفاع الأسعار وفرض ضرائب مجنونة وغير مدروسة هذا يعني أن الجوعَ سمُنَ واستطالت مخالبه وأنيابه وخرج من قفص الكرامة».
وانتهى إلى القول: «لو كنتُ صاحب قرار في الأردن لتوقّفتُ كثيراً عند تعليقات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وما حملته من تعاطف شديد مع الفاعل وأمنيات السلامة له والإفلات من العقاب، هذا المنحنى المرعب، يدلّ أن حقداً شعبياً قد نضج على الدولة وأمن الدولة وسينفجر في ساعة الصفر».
يشار إلى أن أجهزة الأمن الأردنية ألقت القبض على مرتكب الجريمة الأولى بعد ساعات قليلة واستعادت المبلغ المسروق وأحالته على الفور إلى المحكمة، لكن السلطات لم تتمكن من القاء القبض على مرتكب الجريمة الثانية بالدرجة نفسها من السهولة على الرغم من أن كاميرات المراقبة التقطت الجريمة بالكامل وسجلت ما جرى في البنك.

موجة سخرية تجتاح الأردن بعد السطو على بنكين في غضون ثلاثة أيام

بطارية الهاتف المحمول قد تتحول إلى قنبلة.. فاحذروها

Posted: 27 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تبين من تسجيل فيديو تم تداوله على نطاق واسع في الصين أن البطارية المستخدمة في تشغيل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية يمكن أن تتحول إلى قنبلة وتؤذي صاحبها وتسبب الكثير من الأضرار، وذلك في حال ثنيها أو العبث بها، بما يوضح حجم المخاطر التي تسببها هذه البطاريات.
وأظهر تسجيل الفيديو الذي شاهدته «القدس العربي» رجلاً يقوم بـ»عض» بطارية هاتف محمول في أحد المحلات التجارية التي تبيع الالكترونيات، وهو ما أدى على الفور إلى انفجار هذه البطارية في وجهه، ووجه الفتاة التي كانت تقف جانبه.
وتم التقاط هذا الفيديو بواسطة كاميرا المراقبة التي كانت مثبتة داخل المحل التجاري في الصين، فيما تم تداوله لاحقاً على نطاق واسع ونشرته العديد من وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم، حيث يُظهر هذا الفيديو المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المستخدمون بسبب هذه البطاريات، بمن فيهم الأطفال الذين يعبثون على الدوام بالهواتف المحمولة وبطارياتها بعيداً عن مراقبة البالغين.
وفي تسجيل الفيديو يظهر شاب في أحد محلات بيع الالكترونيات في الصين وهو يقوم بـ»عض» بطارية الهاتف المحمول بفمه فما كان إلا أن انفجرت على الفور وأحدثت ضرراً بمن كان في المكان، وهو الشاب والفتاة التي تقف مقابله.
ويظهر الحادث في تسجيل فيديو تمكنت كاميرات المراقبة في المحل التجاري من التقاطه، ومن ثم تم تداوله على نطاق واسع في الصين من أجل التحذير من العبث ببطاريات الليثيوم المستخدمة في تشغيل الهواتف المحمولة، بما في ذلك محاولة عضها أو ثقبها أو ثنيها أو الضغط عليها، إذ يمكن أن تنفجر على الفور وتؤدي إلى إيذاء حاملها.
وقال موقع «تايوان نيوز» إن الحادثة تعود إلى التاسع عشر من كانون القاني/يناير الحالي، فيما يشير الموقع في تقريره إلى أنه ليس واضحاً إن كان الانفجار نتج عن البطارية وهي في وضعها الطبيعي، أما أنها بطارية مقلدة وتالفة أدت إلى هذا الحادث.
وكانت العديد من التقارير والدراسات أطلقت تحذيرات من بطاريات الهواتف المحمولة وما يمكن أن تؤثر به على المستخدمين، كما أن العديد من المختصين والخبراء ينصحون بعدم إبقاء الهاتف على الشحن خلال الليل أو خلال النوم بسبب المخاطر من أن تسبب البطارية حريقاً بسبب الشحن الزائد لها.
وكانت شركة «سامسونغ» قد اضطرت في العام 2016 إلى سحب أحد طرازات هواتفها بعد أن تبين أن بطاريات الهاتف تعاني من خلل يؤدي إلى انفجارها أو احتراقها، وهو ما دفع كافة شركات الطيران في العالم إلى حظر حمل هذا الهاتف خلال السفر، سواء داخل قمرة الطائرة أو في الحقائب الكبيرة.
وأوقفت مبيعات جهاز «غالاكسي نوت 7» بسبب تقارير عن انفجار بطاريته في خطوة غير عادية من جانب شركة التكنولوجيا العملاقة، وقالت الشركة إن هناك مشكلة في البطارية.

بدائل آمنة

وكانت هواتف «سامسونغ» التي أثارت ضجة في العالم قد دفعت الكثيرين إلى الدعوة لإيجاد بدائل أكثر أماناً من «الليثيوم» حيث قالت كلير غراي الخبيرة في تخزين الطاقة والتي تعمل في جامعة «كامبردج»: «اعتقد أنه يجب على المرء أن يشعر بالقلق ويدفع باتجاه إيجاد تكنولوجيا أكثر أمانا في البطاريات».
وأضافت: «ينبغي أن يتم التركيز على هذا المحور في أبحاث وتطوير هذه الصناعة».
وأردفت: «بالرغم من أنه يتم اكتشاف معظم عيوب التصنيع خلال الاختبارات الأولية، فإن هذه العملية ليست معصومة من الخطأ».
وتحتوي بطاريات الليثيوم على الكاثود (مهبط في الدائرة الكهربائية) والأنود (مصعد في الدائرة الكهربائية) ومادة الليثيوم، حيث يتم الفصل بين المهبط والمصعد بسائل عضوي يسمى الإلكتروليت ومادة مسامية تسمى الفاصل، وينتقل الليثيوم عبر الفاصل، داخل السائل، بين الاثنين.
وإذا كانت البطارية تشحن بسرعة كبيرة، وينتج عن ذلك توليد الحرارة، يتجمع الليثيوم حول الأنود، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث ماس كهربائي يؤدي إلى اشتعالها.
وتقول غراي: «عادة ما يكون لديك نظام لشحن البطارية يتحكم في معدل الشحن تتحسن جودة البطاريات باستمرار، لذا لا تكون مضطرا لشحنها بسرعة – وإذا فعلت ذلك فستتكون طبقات الليثيوم».
وتشمل العيوب الأخرى التي يمكن أن تتسبب في حدوث ماس كهربائى، التلوث الناجم عن الشظايا الصغيرة للمعدن أثناء عملية الإنتاج أو الثقوب الدقيقة في إغلاق البطارية، والتي قد لا تصبح واضحة حتى يتم شحن البطارية عدة مرات حيث تتمدد وتنكمش المواد.
وتقول غراي: «أصبح التصنيع موحدا بشكل أكبر عما كان عليه قبل 10 أو 15 عاما».

عُطل البطارية

وتقول شركة «غيك سكواد» المتخصصة في توفير وإصلاح البطاريات إن هناك علامات قد تشير إلى أن البطارية على وشك العطل، وهو ما تحث المستخدمين على ترقبه ومتابعته.
وتقول الشركة على موقعها على شبكة الانترنت: «في بعض الأحيان، تبدأ البطارية في الانتفاخ قبل أن تتعطل تماما، إذ تتمزق الخلايا الداخلية وتتكسر».
وتضيف: «لكن الانتفاخ لا يحدث دائما. إذا لم يحدث ذلك، قد تلاحظ أن الجهاز أصبح ساخنا قليلا أكثر من المعتاد – لكن دعونا نكون صادقين، فهواتفنا تكون ساخنة إلى حد ما أثناء الاستخدام العادي على أي حال».
وتوصي الشركة بالتخلص من أي بطاريات تظهر عليها هذه العلامات.

بطارية الهاتف المحمول قد تتحول إلى قنبلة.. فاحذروها

أحدث صيحات الذكاء الصناعي: يتنبأ بموعد وفاة المريض

Posted: 27 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: نجح باحثون من جامعة «ستانفورد» الأمريكية في تطوير ذكاء صناعي يمكنه التنبؤ بموعد وفاة المريض وبدقة تصل إلى 90 في المئة.
ويقول فريق البحث إن التكنولوجيا المطورة يمكنها تحسين الرعاية المقدمة للمرضى في نهاية أعمارهم، من خلال تحديد موعد وفاة المريض بدقة أكبر، وتحديد أولويات رغباته وضمان إجراء محادثات هامة قبل فوات الأوان.
وفي دراسة جديدة نشرتها مجلة علمية واستعرضت نتائجها جريدة «دايلي ميل» البريطانية أوضح فريق «ستانفورد» أن هناك تناقضا كبيرا بين الطريقة التي يرغب المريض في أن يعيش بها بقية حياته، وكيف يحدث الأمر في الواقع.
ويقول الباحثون إن حوالي 80 في المئة من المرضى الأمريكيين يرغبون في قضاء أيامهم الأخيرة في منازلهم، بيد أن ما يصل إلى 60 في المئة منهم، يموتون في المستشفى.
وفي محاولة لسد الفجوة، قام فريق جامعة ستانفورد بتدريب شبكة عصبية عميقة على بيانات السجل الصحي الإلكتروني المأخوذة من مستشفى ستانفورد ومستشفى الأطفال، لوسيلي باكارد، والتي تضم حوالي مليوني مريض بالغ وطفل.
وسمح حجم البيانات المتاحة ببناء نموذج للتنبؤ بالوفاة استنادا إلى جميع الأسباب الممكنة. ولم تصمم الأداة للعمل ذاتيا على توجيه عملية الرعاية، حيث يمكن استخدامها إلى جانب تقييم الطبيب، لاتخاذ قرارات استباقية متعلقة بتخطيط نهاية العمر.
وأوضح الباحثون أن هناك صعوبة في التوصل لمعايير تحديد المرضى الذين يستفيدون من الرعاية «التلطيفية» اللازمة.
وتقول الدراسة: «تتنبأ الخوارزمية بموعد وفاة مريض معين خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، وتستخدم النتائج لتقديم توصيات حول معايير الرعاية المطلوبة».
ويُسجل الذكاء الاصطناعي تطوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، كما أنه يُعرَّف بأنه الذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكي القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه اسم لحقل أكاديمي يُعنى بكيفية صنع كمبيوترات وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي.
ويُعرّف كبار الباحثين الذكاء الاصطناعي بأنه «دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها»، في حين يعرفه جون مكارثي – الذي وضع هذا المصطلح سنة 1955- بأنه «علم وهندسة صنع آلات ذكية».
وخلال السنوات الأخيرة، قفز التطور في تقنية الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة، وتعد تقنية «التعلم العميق» أبرز مظاهره، وهي ترتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيا دون تدخل الإنسان.
وأثبتت تقنية «التعلم العميق» قدرتها على التعرف على الصور وفهم الكلام والترجمة من لغة إلى أخرى، وغير ذلك من القدرات التي أغرت الشركات الأمريكية في وادي السليكون، وتحديدا فيسبوك وغوغل، على الاستثمار وتكثيف الأبحاث فيها، متجاهلين تحذيرات من أن تطور الذكاء الاصطناعي قد يهدد البشرية.

أحدث صيحات الذكاء الصناعي: يتنبأ بموعد وفاة المريض

اكتشاف كواكب جديدة شبيهة بالأرض وصالحة للحياة

Posted: 27 Jan 2018 02:01 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء الفضاء من تحقيق اختراق جديد في مجال استكشاف الحياة في الفضاء الخارجي واستشعار إن كان ثمة مخلوقات فضائية في الكواكب الأخرى أم لا، حيث اكتشفوا كوكبين تبين أنهما شبيهان بالكرة الأرضية من حيث ظروف الحياة، وموجودان داخل المجموعة الشمسية التي يعيش فيها البشر.
وحسب المعلومات التي نشرتها وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» واطلعت عليها «القدس العربي» فإن الحرارة على الكوكبين المشار إليهما قريبة من الحرارة على كوكب الأرض كما توجد كمية أيضاً من الماء تكفي لأن تكون ثمة حياة على هذين الكوكبين، أما المسافة بين الكرة الأرضية والكوكبين فهي 39 سنة ضوئية فقط، ما يعني أنهما قريبان نسبياً من كوكب الأرض.
ويقع الكوكبان في منطقة يُطلق عليها العلماء اسم «Trappist-1» وهي مدار داخل المجموعة الشمسية كانت وكالة «ناسا» قد اكتشفتها قبل سنوات إلا أن هذا المدار منذ اكتشافه وهو يثير جدلاً في أوساط العلماء والمختصين والفلكيين حول ما إذا كان ثمة حياة هناك أم لا، حيث يسود الاعتقاد بأنه إذا كانت هناك حياة أخرى في المجموعة فسوف تكون هناك، فيما يأتي اكتشاف هذين الكوكبين الجديدين ليعزز من هذه الاحتمالات.
وأطلق العلماء على الكوكبين اسم (D) و(E) وقالوا إنهما يتضمنان حرارة وماء تكفي للحياة على سطحيهما، فيما قد يبدأ علماء الفلك بدراسة هذين الكوكبين بسهولة بفضل بعض المعدات المتطورة المتوافرة في العالم حالياً ومن بينهما تليسكوب «جيمس ويب» وبفضل قربهما النسبي من الكرة الأرضية.
وتقول «ناسا» إنه لا يوجد أي مجموعة أخرى في الكون تتضمن هذا العدد من الكواكب والنجوم التي تصلح للحياة، أو التي تتضمن شروطاً وظروفاً تدفع للاعتقاد أنه ربما يكون ثمة حياة على سطحها.
وهذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها أماكن تصلح للحياة خارج الأرض، أو تظهر فيها إشارات حول إمكانية الحياة خارج الكرة الأرضية، حيث أعلنت وكالة «ناسا» العام الماضي إمكانية الحياة على قمر جديد «مكتشف» يحتوي على معظم الظروف الضرورية للحياة من ماء وكيمياء حيوية.
وأكدت «ناسا» إمكانية الحياة على قمر إنسيلادوس الذي يدور حول كوكب زحل، والذي يحتوي على معظم الظروف الضرورية للحياة من ماء وكيمياء حيوية، ويمكن أن يحتوي على حياة وفيرة تشبه الكائنات الحية الأرضية.
ورجح التحليل الكيميائي الذي قام به المسبار كازيني، أن القمر «إنسيلادوس» ينفث أبخرة لسوائل دافئة تشبه إلى حدٍ كبير الأبخرة الموجودة على الأرض، والتي ترتبط بوجود الحياة.
وقال الخبير في معهد ساوثويست للأبحاث هانتر وايت إن «مجرد وجود نظم مائية حرارية لا يمكن أن يكون ضمانا لوجود حياة كائنات على هذا القمر الصغير، وربما تكون البيئة هناك غير صالحة للحياة. لكن النتائج الجديدة تؤكد ضرورة العودة إلى هذا القمر بمعدات وتكنولوجيا أكثر تطورا تمكننا من إعادة جمع عينات من المياه للحصول على أدلة واضحة على أن الحياة البيولوجية موجودة هناك أيضاً».
وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي قال مجموعة من علماء «ناسا» أنه يمكن العثور على الكائنات الفضائية في كواكب أخرى تدعم الحياة خلال العقود القليلة المقبلة، وذلك بعد أن تمكنوا خلال السنوات الأخيرة من تحقيق العديد من الإنجازات في مجال الفضاء، وتحديد أكثر من 3500 كوكب خارجي.
وأكد علماء الفضاء والفلك أنه خلال 20 عاماً من الآن سيتمكنون من تحقيق هدفهم والعثور على حياة خارج كوكب الأرض.
وقال توني ديل جينيو من معهد «غودارد» للدراسات الفضائية التابع لوكالة «ناسا»: «قبل أن نبحث عن الحياة، نحاول معرفة أنواع الكواكب التي يمكن أن يكون لها مناخ مناسب للعيش، وهذا باستخدام النماذج المناخية المشابهة للأرض نفسها، وهناك العديد من العوامل التي تساهم في قابلية الكوكب للسكن، بما في ذلك قربه من نجمه، لأن ذلك يوضح إذا كانت لديه الظروف المناسبة للحفاظ على المياه السائلة، وإذا كان قريباً أو بعيدا جداً، يمكن أن يكون سطحه جافا وقاحلا أو متجمداً تماما».
وكشف علماء البحوث من المختبرات التابع لوكالة «ناسا» في «باسادينا» في ولاية كاليفورنيا أن اكتشاف المياه غيَّر آراء العلماء تماما حول الأقمار الجليدية، خاصة بعد أن عثرت بعثة كاسيني على المياه السائلة على قمر «إنسيلادوس».
وكانت وكالة «ناسا» أكدت العام الماضي أن الرحلات إلى كوكب المريخ ستبدأ خلال عشرين عاماً من الآن، حيث قال توماس زوربوكين المسؤول المساعد في إدارة المهمات العلمية لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أن «جميع التقديرات تشير إلى أننا سنكون قادرين على إرسال رحلات فضائية مأهولة إلى المريخ خلال الأعوام الـ 20 المقبلة، ومن المرجح أن يحدث هذا الأمر عام 2030 أو بعده بقليل. الأمر يعتمد على ميزانية وكالة ناسا وشركائها».
وأضاف قائلا: «في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لهذه الرحلة، ما زلنا نواجه بعض المشكلات التقنية، فنحن بحاجة لجعل الصواريخ الفضائية أكثر سرعة، بالإضافة إلى تطوير أنظمة دعم الحياة في الفضاء، فهي التي ستساعد مستعمري المريخ الأوائل على الحصول على الأوكسجين والماء وحتى الغذاء اللازم لبقائهم على سطح الكوكب الأحمر».
واعتبر أن مهمة اكتشاف المريخ من «المهمات الاستراتيجية» التي يجب على العلم الاهتمام بها ومتابعتها، ولذا أعرب عن عزم ناسا «إرسال روفر استكشافي جديد إلى الكوكب الأحمر العام 2020 حيث سيقوم بدراسة سطح الكوكب وجمع العينات من سطحه».
لكن كل هذه المعلومات والتصريحات تأتي في الوقت الذي أظهرت فيه دراسة علمية أن التركيبة الخلقية لجسم الإنسان والتي لا يمكن تغييرها تجعل من المستحيل للبشر أن يعيشوا على كواكب أخرى غير الكرة الأرضية.
ووجد عالم أمريكي مختص في الفيزياء الفلكية أنه بالرغم من أن الإنسان باتت لديه القدرة التكنولوجية على ترك الأرض والعيش في كوكب آخر إلا أنه سيواجه عثرة جديدة تمنعه من استعمار كواكب أخرى مثل المريخ، وهي تركيبته الخلقية التي تتناقض مع ذلك، ولا تتواءم إلا مع كوكب الأرض.
وقالت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية إن مليارات السنوات من التطور جعلت من الصعب مغادرة الإنسان كوكب الأرض والاتجاه صوب كوكب آخر.

اكتشاف كواكب جديدة شبيهة بالأرض وصالحة للحياة

«سناب شات» يلهث من أجل استقطاب مستخدمين جُدد

Posted: 27 Jan 2018 02:01 PM PST

لندن – «القدس العربي»: يحاول تطبيق «سناب شات» للتواصل الاجتماعي استقطاب مستخدمين جدد بمختلف الطرق وسط منافسة ساخنة ومتصاعدة مع العديد من الشبكات الأخرى المماثلة، حيث أعلن «سناب شات» أنه بصدد إطلاق خاصية جديدة تسمح للمستخدمين بمشاركة المنشورات العامة مع الأصدقاء وأفراد الأسرة غير المشتركين في التطبيق.
وتحاول الشركة جذب المزيد من المستخدمين وإضافة خصائص تهدف لزيادة الوقت الذي يقضيه المستخدمون على التطبيق.
وأعلنت أن عدد المستخدمين النشطين بلغ 178 مليون شخص يوميا في الربع الثالث الذي انتهى في 30 ايلول/سبتمبر وهو أقل من المتوقع.
وقالت إنه سيكون في استطاعة مستخدمي التطبيق مشاركة المنشورات الرسمية أو الشخصية أو منشورات البحث عبر رابط سيكون متاحا على موقع سناب شات.
وأضافت الشركة صاحبة التطبيق الذي تختفي رسائله بعد ثوان من قراءتها، إن رسائل المنشورات الخاصة ومنشورات البحث ستكون متاحة على الموقع الإلكتروني لمدة 30 يوما بينما تختفي المنشورات الرسمية بعد 24 ساعة.
وجرى تحديث تطبيق سناب شات في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لتبسيط التصفح بعد شكاوى من صعوبة استخدامه.
وكانت شركة «سناب شات» قد كشفت عن العديد من المزايا الجديدة لمستخدمي تطبيقها على هواتفهم العاملة بنظام «أندرويد» أو نظام «iOS» وهي تتضمن إمكانية مشاركة المحتوى خارج التطبيق، وإطلاق مشغل للفيديوهات عبر موقع الخدمة على الويب.
ووفقا لما نشره موقع «انجادغيت» التقني فإن المستخدمين عبر تطبيق «سناب شات» سيتاح لهم إمكانية مشاركة المحتوى من تبويب Discover الآتي من وسائل الإعلام وصناع المحتوى، وكذلك تبويب Our Stories المتعلق بالأحداث المختلفة، وكذلك المحتوى الذي يظهر في قائمة البحث.
وأعلنت الخدمة أن المستخدمين في كندا وأستراليا سيكونون أول من يستقبل المزايا الجديدة، حيث أنهم سيتمكنون من مشاركة «ستوري» عبر الرسائل النصية القصيرة «أس أم أس» وكذلك رسائل تطبيق «iMessage» ومختلف تطبيقات التراسل، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت منصات الماسنجر وفيسبوك وواتساب ستكون ضمن تلك المنصات أم لا.
وسيتمكن المستخدمون من مشاهدة وتصفح المحتوى عبر موقع الويب الخاص بالخدمة من خلال مشغل المحتوى الذي يظهر لأول مرة، بحيث يمكنك مشاهدة محتوى «Our Stories» والمحتوى الذي يظهر في جزء البحث لمدة 30 يوما، بينما أمامك فقط 24 ساعة لتطالع محتوى Discover وهي إحدى مميزات سناب شات الرئيسية.
وكشف تقرير نشرته «دايلي بيست» مؤخرا أن الشركة لجأت إلى تطوير تصميم التطبيق، بهدف تشجيع المستخدمين على التفاعل ببعض المزايا التي هجروها، مثل خرائط السنابات «Snap Map» وكذلك ميزة التراسل الفوري، وبذلك توسع المزايا التي تجذب المستخدمين بجانب المزايا الأقل إغراءً لهم.
ووسط المنافسة الشديدة بين تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي فقد أعلنت منصة «انستغرام» عن ميزة جديدة تتيح للمستخدمين، نشر صور وأشكال متحركة مختلفة على طريقة «سناب شات» الشهيرة نفسها.
ويأتى ذلك بعد آخر تحديث الذي يقوم بنشر صور مجمعة دفعة واحدة، يمكنك بكل بساطة استخدام تلك الميزة من وضع «storymode» التي تستمر لمدة 24 ساعة فقط لمتابعيك على انستغرام.
وتأتي تلك الخطة في المنافسة الشرسة بين سناب شات وانستغرام، ومحاولة كل منهما جذب أكبر عدد من المستخدمين بكل السبل المتاحة.

«سناب شات» يلهث من أجل استقطاب مستخدمين جُدد

«عند التقاء روحينا» مهارات الاستماع وبناء الجسور مع أطفالنا

Posted: 27 Jan 2018 02:01 PM PST

«حب يمكنني من إحتواء الطفل بانفعالاته وثوراته وغضبه وسكونه، تواصل يشعر الطفل أنني أقدره وأتقبله بعفويته وبنجاحه وإخفاقه وتعبه دون ان أهاجمه وأسخط عليه، وان أراه بكينونته مستقلا عن ذاتي ليس نسخة مني ولا امتدادا لقناعاتي بأسلوب يحميه من أي خدش أو تعقيد أو آثار سلبية وبوعي وإدراك وتواصل روحاني بأسمى معاني الشفافية والصدق».
هذه الكلمات مقتطفات من كتاب جديد بعنوان«عند التقاء روحينا» لسناء محمد علي عيسى من مؤسسة «التربية بالحب» للتدريب والإستشارات. ورغم حداثة إصداره إلا انه يعتبر من المراجع التربوية لما يقدمه من نصائح للعائلة وتحديدا للوالدين حول كيفية التربية بالحب، واستيعاب الطفل بكل تصرفاته وبناء علاقة بالثقة والحب.
ولكن كيف يمكن بناء جسور التواصل مع أطفالنا؟ وكيف نتعامل مع المشاعر السلبية ككبار دون نقلها إلى أولادنا؟ وماذا لو تعرض الطفل لصدمات نفسية كيف يمكن علاجه؟
في حديث مع «القدس العربي» أشارت سناء عيسى إلى ان هذا الكتاب يهدف إلى نشر التربية بالحب، لأنها تأمل ان ترى كل طفل في مجتمعنا العربي ينشأ ويكبر وهو يمتلك ثقة عالية ومتصالحا مع ذاته وعنده مهارات الحياة ويكون إيجابيا. ومن أجل ذلك هناك أساليب مختلفة يحتاجها الأهل في التعامل معه.
وتقول: يعتبر الكتاب مختلفا جدا عن باقي كتب التربية، ويعتمد آخر الأبحاث في علم النفس وكل ما توصل له العلماء حول الدماغ وغيرها مما ساعدني على إنجاز كتابي هذا. رغم انه غير أكاديمي وليس مكتوبا بطريقة علمية، بل بالعكس أسلوبه سهل ومبسط، فهو يلامس مشاعر الأهل ويحفزهم على التغيير.
قد يحرك هذا الكتاب ساكنا، ويفتح جروحا وذكريات ويتسبب في ألم ووجع، ولكن أيضا نرى فيه رحلة قد تضع الناس على الطريق من أجل التربية الصحيحة. فكيف يمكن ان نحول شوائب الماضي وألم الذكريات إلى سلوكيات إيجابية تساعدنا على تربية أولادنا بالطريقة الصحيحة؟
تجيب عيسى: أغلبنا يعاني من شوائب وعقد الماضي والطفولة أو مر بمواقف، وهناك أمية مشاعر في المجتمع، وللأسف
الناس لا تنتبه أصلا إلى ان لديها مشاعر مكبوتة أو مدفونة.
لذلك أتحدث في الكتاب عن ريم التي تراها الكثيرات كأم أو طفلة، حيث بدأت معها من ولادتها إلى ان أصبحت أما.
وتضيف: أحببت ان أتفرد وأتميز بهذا الكتاب، فلم أرغب ان يكون تربويا بحتا مثل الكتب الموجودة اليوم، وأضفت له لمسة خاصة واستخدمت أسلوب القصة، فهو يعطي المتلقي طريقة سهلة في إيصال المعلومة.
وتطرقت عيسى إلى مضمون الكتاب مشيرة إلى اعتماده على الحيلة فيشعر القارئ انه أحس بالتشويش بعد الانسجام في القراءة منذ البداية، وعلى نظرية التنويم بالإيحاء وهي متخصصة فيه حيث تبنى النظرية عن طريق إشغال العقل الواعي للتعامل مع العقل الباطني والتغيير فيه بطريقة سهلة وسريعة.
وعندما يحاول القارئ أن يفهم المعلومة تعيده الكاتبة إلى القصة لتشويقه.
وركزت عيسى على الدواخل البشرية، مشيرة إلى وجود موروث تربوي عقيم، حيث بدأ الناس يفتقدون المعاني والمتعة في التربية بسبب تسارع الحياة وانشغال الأبوين بأعمالهما.
وتضيف: اليوم نتعامل بما يعرف بتربية القشور فقط، ونهتم بالسلوكيات، فمع الضغوط الاجتماعية وتغيير المفاهيم وقلة المتعة في التربية، أصبحنا نطلب من الأطفال أن ينفذوا أوامرنا، وفقدنا التواصل والقدرة على الاستماع له. وبدأنا نقدم لهم الهدايا من أجل ان يدرسوا، اما الأمور التي تبني الإنسان من الداخل فلا نهتم بها.
الفصل الأول من الكتاب يتعلق بمعرفة مقومات الطفل الإنسان وما هي احتياجاته لينشأ وكيف يكون متصالحا مع ذاته وعنده ثقة في نفسه.
أما الفصل الثاني فيتعلق بالأهل وكيف يستطيعون تفريغ المشاعر السلبية والذكريات المؤلمة.
وترى سناء عيسى انه لا يوجد داعي للتوتر من مشاعر الطفل السلبية، لأنه في النهاية سيخرج ويرى بعينه ما في المجتمع من سلبيات وقد يرى ذلك داخل العائلة أيضا. وترى ان الكتاب يعالج موروثا تربويا خاطئا، فمشاعر الغضب والعصبية ليست خاطئة، بل هي مشاعر طبيعية نتيجة ظروف يتعرض لها الإنسان لكننا يجب ان نسيطر عليها حتى لا تؤذي الآخرين أو تؤذينا. إن مشاعر الغضب معضلة المجتمع، وأكثر الناس لا يستطيعون التعامل ولا التعاطف معها وهو الشعور الوحيد الذي لا يعرف الناس إدارته.
وتتابع: الناس ترى التعبير عن المشاعر خطأ أو أنهم يخافون ويريدون إنقاذ أولادهم من مشاعر الضيق والحزن التي يمرون بها. وحتى أستطيع التعاطف وأساعد شخصا آخر، يجب أن أتمكن من التعامل مع مشاعري، يجب ان تكون لدي القدرة على تقبل مشاعري.
وبالنسبة للأم تقول: هناك أمور تجعل الأم تنكر مشاعر أبنها أو تخاف ان تراه حزينا أو يشعر بخيبة الأمل، فهي لم تستطع احتواء هذه المشاعر لأنها مرت بها وهي صغيرة وكبتتها، الخلل فينا ككبار وفي طريقة تربيتنا الخاطئة، كلنا نحمل أوجاع الماضي وفي الكتاب يوجد فصل يركز على كيفية التخلص من الشوائب المرتبطة بالماضي.
نصائح التربية بالحب

وعن أهم النصائح التي يجب التركيز عليها بالنسبة لتغيير أسلوب التعامل مع الأولاد تقول:
- نحن لا نتقبل أن يكبر أولادنا وتستقل شخصيتهم، ونشعر بنوع من الفقدان عندما تفلت الأمور من بين أيدينا، لأننا ببساطة نتمنى ان يكونوا نسخة طبق الأصل عنا وهذا خطأ كبير. فالأم يجب أن تنتبه إلى أن أولادها ليسوا ملكا ولا امتدادا لها، حتى لا يصبح الطفل سلبيا وغير مسؤول ولا يستطيع اتخاذ القرار.
- لو لم تعالج المشاعر السلبية فستظل مستمرة مع الشخص إذا لم يعبر عنها، فالمعروف ان المشاعر هي طاقة تطلق ذبذبات تجذب شيئا يشبهها، وهنا يجب مساعدة الأهل للتخلص من المشاعر السلبية عن طريق منهاج التربية بالحب.
- ليس عيبا ان نرتكب أخطاء تربوية لم نكن نعلم تأثيرها السلبي، لكن العيب ان لا نعالج هذه الأخطاء وعن طريق المساعدة يستطيع الأهل أيضا تفريغ المشاعر السلبية ولا يقتصر الأمر على الطفل فقط.
- المهارات التربوية وتم ذكرها في الفصل الرابع، حيث يتم العمل على إصلاح العلاقة بين الأهل والطفل، وطالما تواصلت مع طفلي واستمعت له وبنيت جسور الصداقة والمصارحة فسنكون وقتها بألف خير.
- أي شيء تقدمه الأم لأولادها يجب أن تعتبره ادخارا للمستقبل،
ولو صبرت وطبقت هذه المهارات وتوقفت عن الانتقاد ومدحت مديحا إيجابيا واهتمت بنفسها وصحتها فذلك سوف ينعكس على أولادها.
- حتى أبني جسورا متينة يجب ان أتحلى بالصبر ويكون نفسي طويلا وأغير في نمط الحياة وأسلوب التعامل مع الأطفال.
وبناء جسور التواصل يتم على عدة مراحل، أن نكون معا نقضي أوقاتا مفيدة، نتخلص من العصبية، نهتم بمشاعرنا ومشاعر أبنائنا.
- يجب أن نتعلم أن أولادنا يختلفون عنا وأن نغير أفكارنا الموروثة الخاطئة، على سبيل المثال «سلوك أطفالي يهددني وأنا فشلت في تربيتهم» أو «الطفل الداخلي يستفزني» كما أخطئ أحيانا في المعنى الذي أفسره لسلوك ابني وإصدار أحكام غير دقيقة.
- علينا إحتواء مشاعر الغضب منذ الصغر والتعبير عنها بالكلام بدون عنف، ولا أتحدث معه إلا عندما يهدأ ونقوم بتدريب الطفل على التعبير عن الغضب دون إيذاء من حوله. والعصبية والصراخ أثرها النفسي أكثر من الضرب خصوصا عندما يكون متكررا، فالطفل يكون في حالة تلقي وامتصاص كل شيء يراه ويسجله في اللاوعي.
وتوتر العلاقة بين الأزواج داخل البيت يبرمج الطفل، الأفضل عدم سماع الطفل للمشاكل المادية وصعوبة الحياة لانها قد تؤثر على حياته.
- ضرورة الإستمتاع بالتربية، على أن نبدأ بأنفسنا أولا. فكل شيء يقدمه الوالدان لأبنائهم من احتضان واستماع وبناء جسور محبة، كلها تكون ذخرا للمستقبل.

«عند التقاء روحينا» مهارات الاستماع وبناء الجسور مع أطفالنا

وجدان الربيعي

طاجين السردين

Posted: 27 Jan 2018 02:00 PM PST

المكونات
1 كيلو سمك سردين مغسول ومنقى 
فلفلة خضراء مقطعة مربعات ومشوية 
فلفلة حمراء مقطعة مربعات ومشوية 
6 فصوص ثوم 
كزبرة ومعدنوس 
ثلاث حبات بطاطس كبيرة مسلوقة 
ملح وفلفل أسود وكمون 
خرقوم وزنجبيل وتحميرة (توابل مغربية)
قليل من الخل 
بيضة 

طريقة التحضير

نقوم بغسل السردين ونضعه على جنب وكذلك البطاطس المسلوقة المهروسة.
نتبل السردين والبطاطس بالملح والكركم والفلفل الأحمر وكل التوابل، مع أخد فصوص الثوم وتقطيعها جيدا ونخلطها مع قليل من الكزبرة وبقدونس ونخلط الكل بقليل من الخل.
في إناء خاص ندهنه بالزيت نضع فيه السردين الذي وضعنا عليه التوابل من قبل ونبدأ بوضع كل سمكة بالقرب من الأخرى.
نحتفظ بالقليل من السردين لاننا سوف نغطي به الحشوة من فوق. 
نضع البطاطس ثم الفلفل الأخضر والأحمر ونضيف آخر طبقة من السمك ونغطي الحشوة به وندخله إلى الفرن حتى يستوي ويحمر ونقدمه مع الأرز أو الخبر.

طاجين السردين
من المطبخ المغربي

علماء يفتحون الباب أمام إحياء مرض الجدري

Posted: 27 Jan 2018 02:00 PM PST

لقي عرض مخطط التسلسل الجيني لمرض الجدري على موقع إلكتروني انتقادات كبيرة، حيث يخشى النقاد من أن تقع هذه المعلومات في أياد غير مسؤولة وتستغلها لنشر هذا الوباء الفتاك.
وقام عالمان من جامعة ألبيرتا الكندية بنشر مخطط التسلسل الجيني لمرض الجدري، الذي يعتبر مقضياً عليه رسمياً، ونشرا نتائج دراستهما في الموقع الإلكتروني لدورية «بلوس وان» العلمية. ولقي نشر العالمان الكنديان لهذه الدراسة وعرضها على العامة انتقادات كبيرة من طرف خبراء وعلماء عدة. وبرر عالما الفيروسات ديفيد إيفانس وزميله ريان نويس بأن دراستهما كانت ممولة من شركة للأدوية بهدف ابتكار فيروس اصطناعي يمكن أن يقود إلى تطوير لقاح أكثر فاعلية ضد مرض الجدري كما جاء في موقع «فوخن كورير» الألماني.
ويرى عالم الفيروسات الألماني شتيفان بيكر أن «هناك بالفعل ما فيه الكفاية من لقاحات ضد مرض الجدري» وأن لا داعي لتطوير لقاحات أخرى. وانتقد عالم الفيروسات توماس إنغليسبي من مركز الأمن الصحي من جامعة جونز هوبكينز الأمريكية هو الآخر هذه الخطوة ووصفها بـ»الخطأ الفادح»، مضيفاً أن «العالم أصبح الآن أكثر عرضة للجدري»، حسب ما جاء في موقع «فوكوس» الألماني.
ويخشى علماء الفيروسات أن يُحفز نشر مخطط مرض الجدري على إحياء هذا المرض الخطير مرة ثانية وأن يستغله البعض لشن اعتداءات بيولوجية ونشر هذا الوباء من جديد. وقد استغرق استئصال الجدري، الذي يعد من أبشع الأوبئة في تاريخ البشرية، عقوداً واستثمار جهود وأموال طائلة، لاسيما أن منظمة الصحة العالمية بدأت في تنظيم حملة عام 1967 للقضاء على هذا الوباء الفتاك، لتعلن عام 1980 نجاحها في القضاء على المرض نهائياً. (dw)

علماء يفتحون الباب أمام إحياء مرض الجدري

العشرات يعتصمون أمام البرلمان اللبناني احتجاجاً على العنف ضد المرأة

Posted: 27 Jan 2018 07:39 AM PST

20180127125533afpp--afp_y08j4.h

بيروت: اعتصم العشرات السبت أمام البرلمان اللبناني في بيروت احتجاجاً على عدم تحرك السلطات ازاء ازدياد العنف ضد المرأة بعدما قتلت ثماني نساء في حوادث مختلفة منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي.

ودعت منظمات حقوقية عدة على رأسها منظمة “كفى عنف واستغلال” المعنية بحقوق المرأة إلى الاعتصام تحت عنوان “8 مش عدد” لإدانة “تخاذل السلطات” والمطالبة بتعديلات قانونية تحمي المرأة من العنف الأسري وتشدد العقوبات في جرائم القتل التي تطالها.

وأمام مبنى البرلمان في وسط بيروت، وقف العشرات أمام مجسمات حمراء اللون كتب عليها أسماء الضحايا، وحملت ناشطات لافتات كتب عليها “الغضب مش حجة، لا لتخفيف العقوبة، نعمل لتعديل المادة 252 عقوبات”، و”لا للأسباب التخفيفية، نعم لتعديل المادة 252 عقوبات”.

وتنص المادة 252 من قانون العقوبات على أنه “يستفيد من العذر المخفّف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه”.

ومنذ كانون الأول/ديسمبر، قتلت ثماني نساء في حوادث مختلفة، كان آخرها حين أقدم مواطن الاثنين على اطلاق النار على زوجته في بيروت.

ومن بين القتلى أيضاً الشابة البريطانية ريبيكا دايكس التي كانت تعمل في سفارة بلادها في بيروت، وعثر على جثتها في 16 كانون الأول/ديسمبر بعدما قتلها سائق سيارة الاجرة الذي كان يقلها.

وشهد العام 2017، 17 حادثة قتلت خلالها نساء بينهنّ فتاة تبلغ من العمر 15 عاماً أقدمت على الانتحار بعد ارغامها على الزواج.

وشددت المنظمات الحقوقية في بيان على أن “هذه الجرائم ليست حوادث فردية منفصلة عن بعضها البعض بل هي نتيجة مباشرة للمنظومة الثقافية والسياسية والاقتصادية التي تنتج العنف الممنهج ضد النساء وتكرسه في القوانين والعادات”.

وأضافت “تسقط المرأة تلو الأخرى أمام تخاذل السطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في التعامل مع الموضوع كأولوية”.

ولطالما أثارت حالات وفاة عدة لنساء لبنانيات في قضايا عنف اسري بشكل خاص موجات استنكار في المجتمع اللبناني ووسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ويعزو ناشطون دفاعا عن حقوق المرأة هذا الامر الى مجتمع لا يزال ذكوري النزعة، رغم تحرره الى حد كبير.(أ ف ب)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق