Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 25 فبراير 2017

Alquds Editorial

Alquds Editorial


حلّ الدولتين وقمر عرفات

Posted: 25 Feb 2017 02:17 PM PST

حين صوتت الأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين، في تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، ولاح أنّ منطق الدولتين لا محيد عنه؛ سارع قادة الصهيونية العالمية، وعلى رأسهم دافيد بن غوريون، إلى قبول الخطة رغم أنّ «الدولة» التي اقترحها القرار كانت أقلّ بكثير من اشدّ أحلامهم تواضعاً. ولقد عوّلوا، يومذاك، على أنّ مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني، سوف يرفض خطة التقسيم، وبالتالي سوف يُحمّل عبء مواجهة «المجتمع الدولي».
وفي سنة 1977، حين وصل حزب الليكود إلى السلطة، كان رفض التقسيم في طليعة القرارات «الكبرى» التي اتُخذت على الفور، ومعه ارتفعت دعوات ضمّ الضفة الغربية إلى «إسرائيل الكبرى». وحين عقدت إدارة جورج بوش الأب مؤتمر مدريد (تحت ضغط مناخات «عاصفة الصحراء»، ومبدأ «الربط بين الاحتلالات» الذي أعلنه صدّام حسين)؛ توجّب على جيمس بيكر، وزير الخارجية الأمريكي يومها، أن يذكّر الإسرائيليين برقم هاتف الوزارة في واشنطن… إذا ارتأوا الانخراط في العملية السلمية.
لكنّ الدولة الغاصبة، التي زرعتها قوى عظمى في المنطقة بقوّة السلاح، هي نفسها الدولة التي تدير ظهرها لاتفاقات ومواثيق رعتها واحتفلت بالتوقيع عليها القوى العظمى ذاتها. وهي دولة لا تطيق عتاباً من حليف، فكيف بنقد أو ملامة أو ضغط: إسرائيل ليست جمهورية موز، قال أرييل شارون في توبيخ الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، أحد أكثر رؤساء أمريكا انحيازاً إلى الدولة العبرية؛ وإسرائيل ليست تشيكوسلوفاكيا، كما قال شارون نفسه في توبيخ جورج بوش الابن. وإسرائيل، تابع جنرال اجتياح لبنان ومجازر صبرا وشاتيلا، ليست معنيّة بحاجة البيت الأبيض إلى عمليات الضحك على لحي العرب ودغدغة مخاوفهم (قبيل اجتياح العراق)؛ وإنّ تنظيف جنرال ـ دكتاتور مثل الرئيس الباكستاني برويز مشرّف، أمرٌ لا يبرّر أبداً غسل ياسر عرفات من صفة «أسامة بن لادن إسرائيل».
هذا غيض من فيض إسرائيل، وأمّا على الجانب الأمريكي، وخلال العقود المعاصرة وحدها؛ ظل حلّ الدولتين يراوح في المكان تارة، وتارة أخرى يتقدّم خطوة إلى الأمام، لكي يتراجع ثلاث خطوات! ومن الرئيس الأمريكي بوش الأب، إلى خَلَفه بيل كلنتون، ثمّ بوش الابن، وخَلَفه باراك أوباما، لكي نضع جانباً ريشارد نكسون وجيمي كارتر ورونالد ريغان؛ ومن واشنطن إلى كامب دافيد ومدريد وأوسلو، ومن واي بلانتيشن وشرم الشيخ إلى طابا وأنابوليس… ظلّ إنزال القمر إلى الأرض (كما في عبارة ياسر عرفات الشهيرة: «نحن لا نطلب القمر»)، أسهل منالاً من زحزحة إسرائيل قيد أنملة في مسائل تعريف الدولة العبرية لأمنها، وتفسيرها لمفهوم المستوطنة، وقراءتها لحقّ العودة، وتحديدها لجغرافية مدينة القدس بوصفها «عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة».
وفي الأساس، حين لا يراوح في المكان، أو يتقدّم ليتراجع أكثر؛ كان حلّ الدولتين بمثابة الـ»جوكر» في تسعة أعشار الحلول السياسية للصراع العربي ـ الإسرائيلي عموماً، والفلسطيني ـ الإسرائيلي خصوصاً؛ مع فارق أنّ هذه الورقة ليست محض لافتة للزخرف والمناورة والاستغفال، فحسب؛ بل هي عملياً فاقدة الفاعلية، مائعة الوظيفة، وغامضة المحتوى. أكثر من هذا وذاك، مضى زمن فقد فيه الحلّ صفته الثنائية ذاتها، وصار «حلّ الدول الثلاث»، حين طُرح الأردن لإدارة الضفة الغربية، ومصر لإدارة قطاع غزّة!
وسواء كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاداً في تخلّي إدارته عن «حلّ الدولتين»، أم كان قد انخرط في واحدة من شطحاته الكثيرة، التي من قبيل كلام ليل يمحوه النهار التالي؛ فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى دون الإعلان صراحة، منخرط في هذا الخيار منذ عقود، وربما منذ انتمائه إلى الليكود. وبذلك فإنّ قمر عرفات، الذي في الأعالي، يظلّ أسهل منالاً من دولة فلسطينية، سيّدة مستقلة!

حلّ الدولتين وقمر عرفات

صبحي حديدي

خطواتنا المتقهقرة

Posted: 25 Feb 2017 02:16 PM PST

قرأت في موقع تويتر، الأسبوع الماضي، تغريدة متفردة، قال صاحبها إنه قرأ مؤخرا رواية صغيرة، لكاتب عربي معين، ذكر اسمه، لم يسمع به من قبل، ويعتقد أنه من الكتاب الشباب المظلومين إعلاميا، لذلك كتب الاسم ليتذكره الناس.
الكاتب الذي وضح صاحب التغريدة ذلك عنه، هو في الحقيقة من جيل قديم في الكتابة العربية، بل هو من جيل الرواد في القصة والرواية، وظهرت أعماله منذ ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، وأنه كان وما يزال مشهورا جدا، وصاحب قراء وتلاميذ بلا حصر، ومات منذ سنوات ليست بعيدة، وكان قد شاخ في العمر، لكن قلمه ظل نابضا بالإبداع كله، حتى رحل.
حقيقة أشعر بالأسف فعلا أن يكون القارئ العربي، في أيامنا هذه، متلهفا للكتابة في تويتر وفيسبوك، وغيرهما، ووضع الصور والفيديو، في انستغرام، وسناب شات، من دون أن يفكر لحظة أنه قد يكون يدون أشياء مضحكة، وممعنة في الغباء.
 ليس الناس بالطبع مطالبين بأن يعرفوا كل من كتب ومن رسم ومن لعب الكرة في الشوارع والأزقة، ومن غنى، ومن طرب ومن رقص، ومن قتل قتيلا ومن مات مقتولا ومن فعل أو لم يفعل أي شيء في هذه الأرض. لا نطلب ذلك من أحد بكل تأكيد ولن يتحقق حتى لو طلبناه، لكن لوحة مفاتيح الكومبيوتر، التي تركض بسرعة غريبة نحو تويتر، وغيره لتسجل جملة ما، يمكنها أيضا أن تركض، أو حتى تزحف ببطء إلى غوغل وغيره من محركات البحث المنتشرة على الإنترنت، لتتأكد من صدق المعلومة قبل أن تبثها قولا محكما.
 غوغل بالذات محرك قوي وشديد البأس، ويأتي بالنملة الإلكترونية من جحرها في ثوان معدودة، ولطالما استخدم في أغراض كبيرة وصغيرة، ومعروف أن عددا كبيرا من الطلاب الدارسين في مختلف المراحل التعليمية، والتخصصات، يستخدمونه في البحث عن معلومات يريدونها، عوضا عن المكتبات القديمة، التي كانت مصادر سخية ووحيدة للمعلومات، فيما مضى، والكتاب أيضا، يستخدمونه مصدرا للمعلومات التي يلمونها من أجل الكتابة. وكل الأخبار التي تأتي فيه حتى لو كانت غير دقيقة، تبدو أخبارا يمكن الاعتماد عليها إلى حد ما. وتوجد بالطبع بعض الخرافات التي يلهث خلفها من يهمهم الأمر، كأن يقرأ أحدهم عن اكتشاف علاج قاطع لمرض السكر، الذي ليس له علاج قاطع حتى الآن، فيلهث إلى الطبيب حاملا البشرى ومستفسرا عن ذلك العلاج الذي لن يكون متوفرا يوما ما. وقد جاءني مرة أحد المرضى برسوم تخطيطية، استخلصها من غوغل، وكانت لجهاز قيل إنه يوضع على البطن، فينشط البنكرياس، وينتهي مرض السكر، ولم يكن في الحقيقة جهاز بهذه المواصفات.
صاحب التغريدة، إذن، قرأ رواية للكاتب الكبير، الرائد، الراحل، وربما لا يكون قرأها لأن سيرة الكاتب وصورته غالبا ما توضع على الغلاف الخلفي، وأي متصفح لكتاب لا بد يقلب أوراقه قبل أن يبدأ المطالعة. وحتى لو لم تكن الصورة موجودة، والسيرة موجودة، فالقارئ الجيد يشم العتاقة في الأسلوب والمفردات، ويعرف إن كان الكاتب كبيرا وهو لم يسمع به من قبل جهلا منه، أو صغيرا ومغمورا ويمكن أن يكون ظلم إعلاميا خاصة إن كان نصه جيدا.
مع ذلك كله، هناك مبدعون يبدون محصنين ضد عدم المعرفة هذا، ولدرجة أحس معها أنهم موجودون في حليب الأمهات الذي يرضعونه للأطفال. فلا أحد في الدنيا حتى لو لم يكن قارئا منتظما للأدب، لا يعرف غابرييل غارسيا ماركيز، وقصته الخالدة «مئة عام من العزلة». ولا أحد في وطننا العربي من أي جيل، وحتى لو كان أميا لم يدخل المدرسة، ولم يقف على أبوابها، لا يعرف توفيق الحكيم وطه حسين ومصطفى لطفي المنفلوطي وجرجي زيدان وجبران خليل جبران ونجيب محفوظ، هؤلاء ركائز الكتابة في كل زمان ومكان، تأتي الأجيال وتبدع، ويظلون موجودين وشامخين، تماما مثل البنيان القوي الصلد، موجود ويظل موجودا في أي وقت. وأذكر أنني كنت في المرحلة المتوسطة حين بدأت أقرأ لهؤلاء، ولم تكن أسماؤهم غريبة أبدا، وبالذات الكاتب الذي ذكره صاحب التغريدة. كنا في مدينة الأبيض في غرب السودان البعيد في ذلك الوقت، وكانت كتبه موجودة هناك، ويشتريها الناس بعادية مطلقة، ولا أحد يحس بالغرابة أو الرغبة في طرح سؤال عن هوية الكاتب. وصادف أن أقيمت فعاليات ثقافية حضرت جزءا منها في مقر فرقة الفنون كما أذكر، وكانوا يناقشون رواية «السمان والخريف» لنجيب محفوظ، ورواية «في بيتنا رجل» لإحسان عبد القدوس، بجدية كبيرة، شارك فيها قراء من كل الأجيال.
لقد تحدثت وربما تحدث آلاف غيري عن موضوع سطوة التكنولوجيا على العقل، في زمننا هذا، بحيث أصبح من المستحيل أن يحدث شيء واقعي لا يتم نقله إلى الفضاء الافتراضي الرحب، في ثوان معدودة: الأكل، الشرب، السفر، التنزه، التسوق، اتساخ البيوت ونظافتها، الآهات في الشوارع، الفرح، الحزن. وتجد شخصا صادف حصاة عادية جدا وخاملة في أحد الأزقة، وضع صورتها وكتب، صادفتني هذه الحصاة، وابنا من المفترض أن يكون مهتزا، مكلوما على فراق أمه التي ماتت منذ دقائق، يسرع إلى موقع التواصل ليكتب: أمي ماتت، ويظل مرابطا حول الموقع ينتظر من يعلق ومن يضع علامة إعجاب، ومن يختار ملصقا الوجه الحزين الدامع، ليضعه تعبيرا عن المؤازرة، هكذا. وقد كتب صديقنا الروائي السوري خليل صويلح مرة يقول: غير معقول ذلك، فإن موت أمك ليس خبرا عاجلا للبشرية، لتنقله إلى الفضاء بهذه السرعة، اجلس قليلا، مع نفسك، إبك امك، استعد ذكريات معها، بدلا من وضعها خبرا والجلوس في انتظار ما تحصده من زيارات لمنشورك الخالي من أي عاطفة.
في السياق نفسه، أي استخدام لوحة المفاتيح في نقل أشياء ليست حقيقية، ولم يرد صاحبها أن يتأكد منها، ما نراه من نعي للكتاب والفنانين، وأخبار زيجات وطلاقات لنجوم أو هكذا يسمون، ربما لم تحدث أبدا. وأذكر أن شاعرا تم نعيه عشرات المرات وما زال حيا، ويمشي مستقيما بلا عصا حتى، ويكتب الشعر العاطفي أيضا، وروائيا من جيل قديم مات بعد تكرار نعيه الذي استمر ثلاثة أو أربعة أعوام. وقد اعتدت حين أعثر على خبر مستفز أن أنقب جيدا، وأستعين بكل إمكانيات البحث المتوفرة لأستوثق منه قبل أن أتذوقه تماما.
في النهاية، وبقدر السعادة الغامرة التي نحس بها حين نسمع عن تكوين جمعيات للقراءة في البلاد العربية، يحاول أعضاؤها اقتناء الكتب، ومناقشتها في جلسات جماعية، وبعض تلك الجمعيات، في بلاد تبدو خـالـيـــة من روح الــحــيــاة حتى، بسبب الحروب والمجاعات والحصار، يأتي من يذكرنا بأن الزمن ليس للقراءة الحقة، واقتناء الكتب عند الكثيرين، مجرد تسوق عادي، بلا مزاج ولا رغبة جادة في المعرفة.

كاتب سوداني

خطواتنا المتقهقرة

أمير تاج السر

هل تأكدت معارضة داود أوغلو وعبد الله غُل لنظام أردوغان الرئاسي؟

Posted: 25 Feb 2017 02:16 PM PST

إسطنبول ـ «القدس العربي»: تتزايد التساؤلات منذ فترة طويلة عن موقف رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو والرئيس السابق عبد الله غُل من التعديلات الدستورية التي تتضمن تحويل نظام الحكم في البلاد إلى رئاسي والتي يسعى الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان إلى حسمها بالاستفتاء المقبل في السادس عشر من نيسان/أبريل المقبل.
وعلى الرغم من أن كلاً من داود أوغلو وعبد الله غُل لم يعلنا في أي مناسبة سابقة بشكل مباشر عن رفضهما أو تأييدهما للنظام الرئاسي المثير للجدل والذي يلقى انتقادات كبيرة من المعارضة التركية، إلا أن أطرافا عديدة رجحت عدم قناعتهما بالسياسات التي يتبعها أردوغان في الآونة الأخيرة وخاصة مساعيه لتمرير التعديلات الدستورية وتوسيع صلاحياته التنفيذية بشكل كبير.
لكن مع انطلاق الحملات الرسمية لدعم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء، بدأت تظهر مؤشرات رأى فيها البعض دليلاً قوياً على موقفهما الرافض للاستفتاء أو بالحد الأدنى رفضهما أن يكونا جزءا من الحملات التي تسعى لتحشيد الشارع للتصويت مع أو ضد النظام الرئاسي.
أبرز المؤشرات ظهرت، السبت، عندما لم يشارك داود أوغلو وعبد الله غُل في المهرجان الأول والأضخم لحزب العدالة والتنمية الحاكم للإعلان عن انطلاق الحملة الرسمية للحزب لدعوة الجمهور التركي للتصويت بنعم في الاستفتاء المقبل، وباستثنائهما حضر جميع وزراء ونواب الحزب من الجدد والسابقين وجميع الشخصيات المقربة منه والداعمة له.
وقبل المؤتمر بأيام قليلة، أُعلن أن داود أوغلو وغُل لن يشاركا في المهرجان بسبب وجود الأول في السعودية لأداء العمرة والأخير ضمن برنامج له خارج البلاد، وهو مبرر لم يتقبله الشارع التركي والمراقبون الذين اعتبروا الأمـــر مؤشــراً قوياً على رفضــهما الخوض في حملات دعم التعديلات الدستورية حتى وإن لم يعلنا معارضتهما لها.
كما لم ينضما إلى الحملة الواسعة التي جرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تمثلت في إصدار فيديو يقول فيه إنه «أنا موجود من أجل تركيا قوية سوف أصوت بنعم في الاستفتاء»، التي شارك فيها جميع الوزراء والنواب وقيادات الحزب وعدد كبير من مؤيديه.
وعلى الرغم من أن عبد الله غُل يعتبر من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب العدالة والتنمية إلى جانب أردوغان، إلا أنه أبدى العديد من المواقف في السابق تعبر عن رفضه لبعض السياسات التي يتبعها أردوغان خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضين لسياساته سواء من خارج أو داخل الحزب، ولاحقاً عمد أردوغان إلى إسقاط اسمه من قائمة القادة المؤسسين للحزب.
في حين يعتبر داود أوغلو أو كما يسميه مناصروه «الهوجا» من أبرز قيادات الحزب ويمتلك قاعدة شعبية مهمة في الشارع التركي واضطر لتقديم استقالته من رئاسة الوزراء ورئاسة الحزب بضغط مباشر من أردوغان بعد أنباء عن خلافات واسعة بينهم حول العديد من الملفات منها سياسات الحكومة في التعامل مع دول الجوار والاتحاد الأوروبي، لكن السبب الأساسي كان حسب العديد من المراقبين هو رفض داود أوغلو لمساعي أردوغان آنذاك في البدء بالعمل على إجراء تعديل دستوري يحول نظام الحكم في البلاد إلى رئاسي.
وعقب ذلك قام أردوغان بتعيين بن علي يلدريم في رئاسة الحزب والوزراء لانجاز المهمة الموكلة إليه وهي التفرغ والعمل من أجل تمرير التعديلات الدستورية وهي المهمة التي رفضها داود أوغلو وأدت إلى الإطاحة به بشكل أساسي.
ومنذ أن أطاح به أردوغان من رئاسة الوزراء والحزب اعتاد داود أوغلو على عدم الظهور في الإعلام إلا في مواقف نادرة مع رفضه الحديث حول العديد من الملفات الحساسة في البلاد لا سيما المتعلقة بسياسات أردوغان.
وبينما قالت تقارير إعلامية سابقة إن أردوغان ربما يلجأ إلى اتهام عبد الله غُل بالانتماء أو دعم حركة الخدمة وزعيمها فتح الله غولن المتهم حالياً بقيادة تنظيم إرهابي ومحاولة الانقلاب في حال أبدى معارضة علنية له، يرى مراقبون أن هاجس هذه التهمة نفسه بات يواجه داود أوغلو بقوة وهو ما يمنعه من أبداء أي نوع من المعارضة أو الانتقاد العلني لسياسات الرئيس القوي.

هل تأكدت معارضة داود أوغلو وعبد الله غُل لنظام أردوغان الرئاسي؟

اليمن: القوات الحكومية تحقق مكاسب عسكرية في تعز وصعدة

Posted: 25 Feb 2017 02:16 PM PST

تعز ـ «القدس العربي»: ذكرت مصادر محلية أن القوات الحكومية حققت مكاسب عسكرية مهمة في محافظتي تعز، وسط اليمن، وصعدة، معقل الميليشيا الانقلابية الحوثية في شمال اليمن، التي قامت خلال اليومين الماضيين بتهجير سكان العديد من القرى في محافظة تعز وزراعة مناطقهم بالألغام الأرضية.
وأوضحت أن القوات الحكومية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي تمكنت ليل الجمعة السبت من السيطرة على مناطق جديدة في محافظة صعدة مسنودة بغطاء جوي من قبل مقاتلات قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وذكر مركز صعدة الإعلامي في صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ان الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنا من السيطرة على مواقع شطيب 1 وشطيب 2 بعد فرار الميليشيا الحوثية من جبل الثأر بمحور البقع، شمالي محافظة صعدة.
وكشف عن فرار واسع لميليشيا جماعة الحوثي المسلحة من تلك المواقع في جبل الثأر على وقع الغارات الجوية لقوات التحالف عليها وهو ما أسهم في تحقيق تقدم كبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ووقوع خسائر كبيرة في صفوف الميليشيات.
وجاءت هذه المكاسب الجديدة بعد وقت قصير من إعلان قوات الجيش الوطني سيطرتها على عدة مواقع مهمة منها مثلث الجوف، المحاذي لمنفذ البقع ومنطقة مندبة في بلدة باقم وتكبّدت خلالها ميليشيا الحوثيين خسائر بشرية كبيرة، مع استيلاء قوات الجيش الوطني على أسلحة متنوعة.
وقالت مصادر عسكرية لـ«القدس العربي» ان المكاسب العسكرية في محافظة صعدة، تظل في غاية الأهمية، نظرا لأنها المعقل الرئيسي لجماعة الحوثي المسلحة، التي تمردت على سلطات الدولة وتآمرت عليها عبر الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، واجتياح العاصمة صنعاء عبر القوات العسكرية الموالية للرئيس السابق علي صالح، في أيلول (سبتمبر) 2014.
وذكرت أن التركيز العسكري يتجه حاليا نحو محافظة صعدة، لأنها لو سقطت في أيدي القوات الحكومية، فإن هذا يعني ممارسة الضغط العسكري على قيادة الجماعة وتسهيل مهمة استعادة السيطرة على العاصمة صنعاء من قبل القوات الحكومية.
في غضون ذلك أكدت مصادر ميدانية وقوع انسحابات كبيرة لميليشيا الحوثي وصالح وآلياتهم العسكرية من الجهة الغربية لمدينة تعز باتجاه وادي رسيان في الجهة الأخرى، عقب تعرضهم لضربات قوية من قبل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبغطاء جوي من قبل مقاتلات التحالف العربي، تكبدت خلالها الميليشيا الانقلابية خسائر فادحة.
وذكرت أن مقاتلات التحالف العربي كثّفت غاراتها على المواقع العسكرية للميليشيا الانقلابية وكذا على تعزيزاتهم المسلحة في جبهة المخا، غربي محافظة تعز، بالتزامن مع استمرار تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية باتجاه معسكر خالد، وهو المعسكر الفاصل بين مدينة المخا ومدينة تعز، والذي تتجه الجهود والخطط العسكرية نحو استعادة السيطرة عليه من قبل القوات الحكومية وتحريره من الميليشيا الانقلابية، وهو يعد أحد أهم المعسكرات في منطقة غرب تعز.
وأوضحت المصادر المحلية ان عشرات القتلى والجرحى من مسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية لصالح، قضوا نحبهم في القصف الشديد الذي شنته مقاتلات التحالف العربي ليل الجمعة السبت، على بعض المناطق الغربية التي ما زالت تتمركز فيها الميليشيا الانقلابية في محافظة تعز، وسط اليمن.
وقال موقع «المصدر أونلاين» الاخباري المستقل إن «المقاتلات الحربية قصفت تعزيزات الحوثيين ومواقع بمفرق موزع قرب معسكر خالد بن الوليد، شرق مدينة المخا، وان الضربات الجوية استهدفت عدة مواقع. حوثية».
إلى ذلك ذكرت العديد من المصادر المحلية لـ«القدس العربي» ان الميليشيا الحوثية الانقلابية لجأت إلى تهجير سكان العديد من القرى في مناطق غربي تعز، وإجبارهم على ترك منازلهم وقراهم وبالتالي التمترس فيها وزرع محيط القرى بالألغام الأرضية المضادة للأفراد والمعدات الثقيلة للاحتماء بهذه القرى ومحاولة منع دخول القوات الحكومية إليها.
وأوضحت أن عملية التهجير شملت العديد من القرى في مناطق غربي تعز، حيث تحقق القوات الحكومية والمقاومة الشعبية المساندة لها تقدما عسكريا بشكل شبه يومي وهو ما شكل خطرا واضحا على التواجد العسكري للميليشيا الانقلابية هناك، وأجبرها على اتخاذ تدابير غير تقليدية لحماية أنفسهم ومحاولة الإبقاء على أي تواجد عسكري لهم ولو شكلي وبالتالي محاولة تفادي سقوط المناطق الغربية بالكامل في أيدي القوات الحكومية.
وأضافت ان الميليشيا الانقلابية الحوثية تتجه من خلال خططها الراهنة إلى محاولة خلق جيوب مستقبلية لمقاومة القوات الحكومية التي أصبحت تتقدم بشكل متسارع في المناطق الساحلية الغربية لمحافظة تعز، وأصبح تحريرها بالكامل مسألة وقت، وربما يكون قريبا.

اليمن: القوات الحكومية تحقق مكاسب عسكرية في تعز وصعدة

خالد الحمادي

العراق بين التدخل الدولي ومشاريع المصالحة «المعلولة» واقتراب تحرير الموصل

Posted: 25 Feb 2017 02:15 PM PST

بغداد ـ «القدس العربي»: حرص المجتمع الدولي على ابقاء بصماته على القضية العراقية وبالتحديد في ملف مكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم «الدولة» والقضية الكردية وملف المصالحة المجتمعية الضرورية لمنع التشدد والتفرد والاقصاء الذي يقود نحو بروز المزيد من الحركات المتطرفة مثل تنظيم «القاعدة» و«الدولة». وكان مؤتمر جنيف حول مستقبل العراق محاولة لرسم معالم دور ومواقف المكون السني في العراق للمرحلة المقبلة، ولكنها محاولة باءت بالفشل كسابقاتها رغم الغطاء الأمريكي والدولي لسبب بسيط هو ان قادة المكون السني يلهثون وراء مصالحهم ولا تجمعهم معاناة أهلهم الموزعين بين مخيمات النزوح والسجون والمدن المدمرة. ولم تكن الانتقادات لهذا المؤتمر موجهة من قبل التحالف الشيعي الذي يرفض أي محاولة لتوحيد الموقف السني أو التدخل الدولي بهذا الشأن فحسب، بل ومن معظم قادة المكون السني ممن يخشون بروز وجوه جديدة تنافسهم على مواقعهم وامتيازاتهم أو من الذين يتقربون للتحالف الشيعي.
كما جاء اعلان مؤتمر ميونيخ الأمني عن استمرار الدعم للحكومة العراقية بمواجهة التنظيم المتطرف في المنطقة، بمثابة استمرارية للدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي إلى الحكومة العراقية وحكومة الإقليم، بهدف التخلص من هذا التنظيم المتطرف المثير للمتاعب أينما حل. ويبدو ان دول العالم متفقة على ان القوات العراقية والبيشمركه هي الأقدر على انهاء هذا التنظيم في العراق، الأمر الذي شجع رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني المشارك في المؤتمر إلى استثمار هذا الدعم والتأكيد على حق تقرير المصير والتمهيد لاعلان الدولة الكردية من خلال لقاءاته مع القادة المشاركين اضافة إلى توجهه لزيارة باريس وطرح الموضوع نفسه طلبا للدعم في مطلبه الذي يجد تناغما فرنسيا قديما حوله.
وشهدت هذه الأيام المزيد من مشاريع «المصالحة المجتمعية» التي قدمتها كتل تقود السلطة منذ 2003، تدعو إلى مشاريع لإصلاح أوضاع العراق لمرحلة ما بعد الانتهاء من تنظيم «الدولة»، رغم ان هذه الكتل تقود الدولة منذ 14عاما دون ان تحقق أي مصالحة حقيقية.
ورغم ان حبر مشروع «التسوية» الذي طرحه رئيس التحالف الوطني الشيعي عمار الحكيم، لم يجف بعد ولم يحصل عليه توافق وطني أو سياسي حتى الآن، بادر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى طرح مشروع لمرحلة ما بعد تحرير الموصل يتضمن 29 فقرة عن كيفية إدارة الدولة والعلاقة بين مكونات البلد والعلاقة مع دول العالم، وليفاجأ العراقيون بعد أيام بمشروع «المصالحة المجتمعية» الذي طرحه رئيس الوزراء حيدر العبادي. والغريب ان جميع هذه المشاريع طرحتها قوى منضوية ضمن التحالف الشيعي الحاكم، تتحفظ على مشاريع المصالحة التي طرحها شركاؤها في التحالف، لتثير تساؤلات العراقيين عن سبب عدم اتفاق تلك القوى على مشروع موحد بدل ثلاثة مشاريع، ولماذا يصر التحالف الشيعي على طرح مشاريع دون الاتفاق مع القوى والمكونات الأخرى كالسنة والكرد والتركمان، للتوصل إلى مؤتمر وطني جامع بهدف الخروج بمشروع موحد لمستقبل الدولة بدل فرض رؤيته على الآخرين، ولماذا لم يطبق التحالف الشيعي بنود المصالحة وهو الذي يدير الدولة طوال السنين الماضية؟!

قلق على مصير حوالي 750 ألف مدني

وفي التطورات العسكرية والأمنية، فتحت القوات العراقية صفحة حاسمة في المواجهة مع تنظيم «الدولة» عبر اعلان بدء معركة تحرير الجانب الأيمن من الموصل، آخر معاقل التنظيم الكبيرة في العراق، حيث تمكنت في الأيام الأولى من اقتحام قرية البوسيف الاستراتيجية ومطار الموصل المدني ومعسكر الغزلاني، ووصلت إلى مرحلة التطويق الكامل للجانب الأيمن والتقدم التدريجي نحو أحياء المدينة القديمة التي يتوقع ان تدور في شوارعها وأزقتها الضيقة والقديمة أعنف وأشرس المعارك التي سيلعب فيها العنصر البشري الدور الأساسي في الحسم وسط استخدام محدود للأسلحة ذات القدرة التدميرية الكبيرة مثل الدبابات والمدفعية والصواريخ والطائرات، وحيث ستكون عناصر التنظيم المحاصرين أمام خيارين لا ثالث لهما أما القتال حتى الموت أو الاستسلام، بالتزامن مع تحذيرات دولية وقلق على مصير حوالي 750 ألفا من المدنيين العالقين وسط معمعة المعارك.
ومع تطورات معركة الموصل، عمد تنظيم «الدولة» إلى محاولة التخفيف من ضغط القوات العراقية والدولية على عناصره، من خلال تنفيذ سلسلة تفجيرات انتحارية كبيرة في مناطق التجمعات المدنية في العاصمة العراقية، اضافة إلى شن هجمات بسيارات مفخخة على نقاط السيطرات الأمنية في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى ما أسفر عن سقوط أعداد جديدة من الضحايا المدنيين والعسكريين.
وفي خضم أوضاع الموصل، قوبلت تظاهرة لبعض العرب في مناطق من محافظة نينوى بحماية من قوات البيشمركه، تطالب بالانضمام إلى إقليم كردستان، برفض شديد من قوى المحافظة التي عدتها مسعى جديدا لتكريد مناطق عربية بأدوات عربية، خاصة انها تأتي بعد أيام من اعلان تشكيل أول لواء عربي يضم 2000 مقاتل تحت امرة وزارة البيشمركه في مناطق غرب الموصل، ما يزيد من حدة التوتر والقلق لدى العراقيين، من الصراعات المحلية والإقليمية المحتملة للسيطرة على المحافظة بعد الانتهاء من احتلال التنظيم المتطرف الجاثم على صدر سكان المحافظة منذ حزيران/يونيو 2014.

العراق بين التدخل الدولي ومشاريع المصالحة «المعلولة» واقتراب تحرير الموصل

مصطفى العبيدي

الأردن برسم الحراك الشعبي مجددا و«المجسات» تراقب «الديموغرافية الحرجة»: في عمان والزرقاء هتاف متصاعد يطالب بإسقاط حكومة الملقي

Posted: 25 Feb 2017 02:15 PM PST

عمان ـ «القدس العربي»: بين الأشخاص الذين تجمعوا بعدد محدود جدا أمام بلدية السلط الأردنية نهاية الأسبوع الماضي للمطالبة بسقوط حكومة الرئيس هاني الملقي يمكن تصنيف البعض: مراسل صحافي عربي ومعارض طوال الوقت يحلم بالتحول إلى جمهورية وناشط منشق عن الإخوان المسلمين وعشرات الفضوليين والمارة والعابرين.
وبدا واضحا ان ما سمي بـ«حراك مدينة السلط» العريقة يعني مجموعة صغيرة جدا من الأشخاص وجزء حيوي من هؤلاء يقيم في عمان العاصمة. لكن النسخة الصغيرة من حراك السلط حظيت عمليا بتغطية إعلامية واسعة بحكم الجغرافيا والتركيبة، فرئيس الوزراء الأسبق الذي ينتمي لمدينة السلط بدوره الدكتور عبد الله النسور رفع الأسعار والضرائب هو الآخر مرات عدة.
في المقابل أعلنت مدينة ذيبان التي يحترف بعض نشطائها الشباب الحراك والاعتراض انضمامها للحراك الشعبي تحت لافتة اسقاط حكومة الملقي. هنا أيضا تجمع العشرات فقط لكن بصوت مرتفع وباحتراف في الهتاف جراء التمرس. لم تشذ عن القاعدة مدينة الطفيلة والإخوان المسلمين قرروا ركوب الموجة لاحقا.
وقصة الحراك الشعبي المستجد في الأردن بدأت مع مدينة الكرك حيث قرر عضوا البرلمان صداح الحباشنة ومحمد الرياطي اللجوء للشارع وعدم التحدث تحت القبة فقط بين النواب والنشطاء وحتى الوزراء برز النقاش حول عدد الذين خرجوا وتجمعوا حول الحباشنة في احدى بلدات الكرك معلنين المفارقة الغريبة حيث رفعت صور الملك مع هتافات تطالب بإسقاط حكومته.
البعض تحدث عن ثلاثة آلاف مواطن والبعض الآخر عن ألف. أقرب طرف لرئيس الوزراء داخل الحكومة يفضل الحديث عن عشرات وليس مئات من المواطنين الذين تجمعوا في الكرك والذين يمكن ان يتجمع أضعافهم في أي مناسبة خصوصا إذا أراد عضو بالبرلمان يحظى بشعبية ذلك مثل الدكتور صداح الحباشنة.

ما هي الخطوة التالية؟

حتى الآن وبعد سلسلة الحراكات الصغيرة التي شهدتها بعض الأطراف والمحافظات جنوبي الأردن خصوصا يمكن التحدث عن شريحة صغيرة جدا من المواطنين تطالب اليوم بإسقاط حكومة الملقي وبطبيعة الحــال دون برنـــامج ســـيــاسي بديل أو موازي يقول لنا ما هي الخطوة التالية أو يجيب على السؤال التالي: مالذي سيفعله خليفة الملقي عندما يسقط الأخير؟
في كل الأحول وجود عدد محدود من المطالبين في الشارع بإقالة الحكومة يعني في المقابل ان الغالبية الساحقة من المواطنين غير مهتمة أو لا تريد اسقاط الحكومة دون ان يعني ذلك عمليا الموافقة على سياستها في رفع الأسعار والضرائب.  يعرف الجميع بمن في ذلك الذين يحترفون ويمتهنون الحراك بانه انفعالي ومحدود وغير منظم وان القصة تصبح جدية فقط عندما تنزل جماعة من الإخوان المسلمين إلى الشارع وذلك لم يكن خيارا بالنسبة للقيادي في الجماعة الشيخ مراد العضايلة خصوصا مع وجود كتلة تمثل الجماعة في البرلمان تستطيع اتخاذ موقف في إطار الدستور وقواعد التعبير السلمي.
في رئاسة الوزراء يصر الدكتور الملقي على التمييز بين التجريح والإساءة والاتهام وبين الاعتراض على قرارات حكومته بطريقة سلمية. حتى اللحظة يرفض الملقي بعد الاسبوع الأول من مؤشرات الحراك التي استهدفته التسليم بتلك النظرية التي تقول ان نظام الأولويات المستجد داخل بعض مراكز القوى النافذة في الحكم والقرار قد يغذي مطالبات الشارع.
وفي أقرب مسافة من رئاسة الوزراء أيضا يسأل بعض المسؤولين عن هوية الحراكيين الجدد وما يمثلونه والرواية التي يتم تداولها تقول التالي: لا ينجح أي حراك في تغيير أي وضعية سياسية ما لم تنضم شوارع مدينتي حصريا إلى الحركة المطالبة بإسقاط الحكومة والحديث هنا عن عمان العاصمة والزرقاء المكتظة.
مبكرا بدأ بعض الوزراء مثلا يطرحون تساؤلات عن التسويات التي قفزت بالحراك مجددا في أحضان حكومتهم مع العلم ان الإجراء الاقتصادي المالي الخشن الذي اتخذته الحكومة كان إجباريا ونتج عن أزمة مالية متراكمة يقتضي الانصاف عدم الربط بينها وبين حكومة الملقي. يعرف في النتيجة صناع القرار ان تحريك الشارع في عمان والزرقاء ثم مدينة اربد شمالي البلاد هو وحده العنصر الكفيل بالتوقف والتأمل، فاحتياطات أجهزة الدولة قبل موجة الأسعار الأخيرة كانت كبيرة وتحت عنوان عدم السماح بعبور وولادة النشاط الحراكي تحت أي ظرف.
ذلك قرار في مستوى الأمن السياسي، لكن الأمن يجد نفسه مرة أخرى في مواجهة تداعيات قرارات بيروقراطية قد تتخذ بدون استشارته أصلا خصوصا ان الحكومة تقول انها اجتهدت في تجنيد المواد الأساسية التي يعتمد عليها الفقراء وذوو الدخول المحدودة موجة التسعير الجديدة.
يقر وزراء بارزون في الحكومة بان واحدة من اشكالات برنامج وقف عجز الميزانية للحكومة الحالية هو ضعف تقديم أجوبة لها علاقة بميزانية العام المقبل، حيث لا يعلم الناس أولا بطبيعة الأزمة المالية التي لم تشرح لهم في الماضي وحيث لا يمكن للرأي العام عمليا تقبل الاستمرار في إدارة الأزمة على حساب كلفة التضخم ومستوى المعيشة.

الأردن برسم الحراك الشعبي مجددا و«المجسات» تراقب «الديموغرافية الحرجة»: في عمان والزرقاء هتاف متصاعد يطالب بإسقاط حكومة الملقي

بسام البدارين

حلّ الدولتين: مسمار جديد في نعش قديم

Posted: 25 Feb 2017 02:15 PM PST

ألمح الرئيس الأمريكي ترامب، خلال لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، إلى إمكانية تخلّي واشنطن عن حلّ الدولتين، مقابل “صفقة كبيرة” تشمل المنطقة بأسرها. ولأنّ صيغة الدولتين لم تلق أيّ نجاح منذ طرحها، بعد قرار التقسيم سنة 1947 وحتى اليوم، فإنّ مصير خطة ترامب ليس الفشل الذريع فقط، بل المزيد من تأجيج الصراع.
(ملف حدث الأسبوع، ص 6 ـ 13)

حلّ الدولتين: مسمار جديد في نعش قديم

ترامب والقضية الفلسطينية: دولة أو دولتان أو خيار ثالث؟

Posted: 25 Feb 2017 02:14 PM PST

نيويورك ـ «القدس العربي»: لم يمنع بنيامين نتنياهو نفسه من الضحك والذي ظهر واضحا وهو يشارك الرئيس الأمريكي مؤتمره الصحافي يوم الأربعاء 15 شباط/فبراير عند لقائهما في البيت الأبيض. قال «أنا أستطيع التعايش مع حل الدولتين، أو الدولة الواحدة. لقد كنت أعتقد أن حل الدولتين هو الأسهل من بين الخيارين. وإذا كان الفلسطينيون والإسرائيليون سعداء، فأنا أفضل الحل الذي يفضلونه هم».
سفيرة ترامب في الأمم المتحدة نيكي هيلي عبرت أيضا عن هذه المواقف المترددة والمثيرة للشك. فبعد الاحاطة الشهرية التي قدمها، نيكولاي ملادينوف، المبعوث الأممي في الأرض الفلسطينية المحتلة يوم 16 شباط/فبراير في مجلس الأمن حول آخر تطورات المنطقة وتعرض حل الدولتين لضربة قاصمة بالتصويت على «قانون التسوية» لشرعنة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية في حالة اقراره من قبل المحكمة العليا، خرجت علينا هيلي، لتتحدث وبطريقة غير متناسقة عن حل الدولتين أو حل الدولة الواحدة. وعندما ضغط عليها الصحافيون بأسئلتهم قالت «نحن ما زلنا نؤيد حل الدولتين ولكن الرئيس ترامب ينظر إلى بعض الأفكار الجديدة- انه يريد أن يخرج من داخل الصندوق المغلق، وهو يسأل ما الذي يمكن أن يعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات؟».
أما ديفيد فريدمان، مرشح ترامب لتولي منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، والمعروف بتأييده للاستيطان ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، قال في استجوابه أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، مامأمام لجنة العلاقات الخارجيةحول كفاءته للمنصب « إن الحل القائم على الدولتين، إذا كان تحقيقه ممكنا، سيعود بالفوائد للطرفين إسرائيل والفلسطينيين. وقد عبرت عن تحفظي على هذا الحل لسبب عجز الفلسطينيين التخلي عن العنف ورفضهم الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل». وعن التوسع الاستيطاني المحموم قال فريدمان «أعتقد أن التوسع في الاستيطان الذي يشمل أراضي جديدة خلف الحدود (ولا نعرف ما يقصد بالحدود) وهنا اتفق مع الرئيس، قد لا يكون مفيدا. يجب التقدم بحذر في هذا المجال».
وقد أثار هذا الموقف الاستخفافي موجة من التحليلات في الصحف الأمريكية وغيرها بل وراح مسؤولون إسرائيليون يعلنون أن حل الدولتين قد انتهى وأسدل عليه الستار كما صرح بذلك نافتالي بينيت، وزير التعليم الصهيوني المتطرف ورئيس حزب «إسرائيل بيتنا»، «إن عصر الحديث عن دولة فلسطينية انتهى». حتى الرئيس الإسرائيلي، روفين ريفلين، نفسه صرح يوم الأحد 19 شباط/فبراير أن على إسرائيل أن تضم كل المناطق في الضفة الغربية وأن تلغي حل الدولتين وتستبدله بحل الدولة الواحدة التي تمنح المواطنة المتساوية لساكينها جميعا. بينما استغل موشيه إيرنز، وزير الخارجية الإسرائيلية السابق، أعاد إلى الأذهان ما كان يطرحه إرييل شارون، أن الحل الآن يكمن في الخيار الأردني كما كتب مؤخرا في جريدة هآرتس. «كل من يعرف الشرق الأوسط يعرف أنه توجد للفلسطينيين دولة ـ الأردن. حيث أن أكثر من 70 في المئة من سكانه هم فلسطينيون. وإذا لم تكن هذه هي دولة فلسطينية فما هي اذن؟».

ردود الفعل الأمريكية

اعتبر بعض المسؤولين السابقين أن الرئيس ترامب بتصريحاته هذه إنما «يعبر عن أسلوبه الارتجالي، غير التقليدي في التعامل مع قضايا بالغة الدقة والحرج، كما يعبر عن حقيقة أن الرئيس ليس ضالعاً بهذه القضية المعقدة، حسب قول أحد المسؤولين السابقين في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
ويضيف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: «لقد أمضينا سنوات طويلة وعبر إدارات متعاقبة ديمقراطية وجمهورية، ومن ثم ديمقراطية، في تمحيص تفاصيل هذه المشكلة التي طالما اعتبرنا -كما يعتبرها حلفاؤنا العرب والأوروبيون – المشكلة الأساسية في فسيفساء القضايا الملتهبة في الشرق الأوسط، وأنا أعتقد، كما يعتقد المختصون أن التحول في هذه المسألة بأسلوب عرضي عن السياسة الثابتة للولايات المتحدة يعرض مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل للخطر».
مارتن انديك، الذي ترأس مفاوضات السلام من الجانب الأمريكي بين اب/أغسطس 2013 ونهاية اذار/مارس 2014 بتكليف من وزير الخارجية السابق جون كيري، صرح لصحيفة «نيويورك تايمز» أن الرئيس ترامب سيكتشف بسرعة أنه لا يوجد «حل الدولة الواحدة» للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأنه إذا كان جاداً بشأن السلام فسوف يعود حتماً إلى تأييد حل الدولتين، الذي تبناه الرؤساء الأمريكيون السابقون منذ بيل كلينتون. وحسب قول انديك «ترامب عاد مجدداً إلى سياسة الصين الواحدة لأن الصين دولة قوية للغاية، وسيتراجع مجدداً عن موقفه في حالة الفلسطينيين لأنه لن يكون قادراً على تغيير موقفهم».
عضو مباحثات السلام في عهد الرئيس كلينتون آروون ميلير قال تعليقا على تصريحات ترامب «ربما من غير المضر التشكيك في الافتراضات القديمة، ولكن المشكلة هي أن الرئيس ترامب لا يدرك في أحيان كثيرة المبررات المعقدة للمبادئ التي يتحداها. يتحدث ترامب عن صيغة الدولتين أو صيغة الدولة الواحدة للسلام كما لو أنهما وجبتان على قائمة طعام».
غيث عمري (من أصول فلسطينية) ويعمل باحثاً في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» الذي يسوق للسياسات الإسرائيلية، صرح لصحيفة «نيويورك تايمز» أن «ترامب لم يحاول تقويض مصداقية صيغة حل الدولتين، ولكنه فتح الباب أمام خيارات أخرى. فبمجرد أن يتجاوز المسؤولون الفلسطينيون حالة الغضب الأولى سيعودون للتركيز على مضمون تصريحات الرئيس الأمريكي عوضاً عن الانشغال بالشكليات».
دينيس روس، مستشار أوباما للشرق الأوسط بين عامي 2009 و 2011، وأحد الذين أشرفوا على المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية أثناء إدارة كلينتون، يعتقد في مقال في «واشنطن بوست» أن ترامب يمكنه أن يتوصل إلى إتفاق مع الطرفين ولكن يجب ألا يكون التركيز أولا على دولة واحدة أو دولتين، بل العمل على إقناع كل طرف أن يبدد شكوك الآخر وأن يكون التركيز على بناء الاقتصاد الفلسطيني من أسفل إلى أعلى وأن يكون الآن أي حل في إطار عربي موسع وأن يرتبط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة بناء على تصرفهم في حفظ الأمن الإسرائيلي وبالتالي يصبح الآن الحديث عن دولة واحدة أو دولتين غير وارد.
صحيفة «كريستان سيانس مونيتور» المتزنة تعتقد أن تصريحات ترامب تعتبر تخليا عن سياسة ثابتة للولايات المتحدة وبهذا «يكون ترامب قد انحرف بعيدا عن فرضية الدولتين التي كانت لعقود طويلة في صلب جهود السلام في الشرق الأوسط». وتذكر الصحيفة أن «فكرة تقسيم الأرض بين الإسرائيليين والفلسطينيين تعود إلى عام 1947، وذلك عندما صوتت الأمم المتحدة لصالح تقسيم فلسطين تحت الحكم البريطاني، وخلق دولتين واحدة يهودية وأخرى عربية، إلا أن تلك الفكرة حظيت بقبول اليهود، ورفض الدول العربية». وتتابع الصحيفة «لكن الرئيس قلب كل تلك الموازين يوم الأربعاء الماضي عندما أعلن أنه لم يعد متمسكا بحل الدولتين بإعتباره الوسيلة الوحيدة لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني».

نهاية حل الدولتين

نستطيع أن نستنتج بشيء من الموضوعية أن انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة قد ساهم بشكل مباشر، على الأقل في المدى المنظور، في تراجع أسهم حل الدولتين وارتفاع أسهم الدولة الواحدة أو أي شيء آخر. لكن الأمر المؤكد أيضا أن الحديث عن الدولة الواحدة أو الدولتين ما زال غير محسوم في الإدارة الأمريكية الجديدة لغاية الآن. وهذا التخبط قد فتح مجالا جديدا للحديث عن خيارات أخرى كالحل القائم على ثلاث دول (دولة غزة) أو الحل القائم على الخيار الأردني. في ظل حالة الفوضى وعدم الحسم باتجاه سياسة معينة يستطيع اللوبي المناصر لإسرائيل المتطرفة أن يملأ الفراغ ويشهر حل الدولة الواحدة القائمة على نظام الأبرتهايد أو الخيار الأردني.
لا نريد أن نحمل الرئيس الأمريكي ترامب مسؤولية نهاية حل الدولتين لأن هذا الحل، في رأينا، قد انتهى قبل انتخابه بزمن ولكننا نظن أن الخطاب القائم على الأقل بشكل رسمي حول حل الدولتين سيتراجع كثيرا ليفسح المجال أمام خيار الدولة الواحدة (الأبرتهايد) أو الخيارات البديلة الأخرى. التأييد الأمريكي لحل الدولتين الذي تلقفته قيادة الفلسطينيين، كان في جوهره خطابيا وعلى الورق واقتنعت به ودخلت النفق المظلم وسوقت فكرة «الدولة الوهم» على أنها قادمة لا محالة «شاء من شاء وأبى من أبى». الآن نستطيع أن نقول إن ذلك الوهم قد انتهى رسميا هذه الأيام مع العلم أنه، في رأينا، انتهى منذ ارتكب باروخ غولدشتاين مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل في رمضان 1994.

ترامب والقضية الفلسطينية: دولة أو دولتان أو خيار ثالث؟

عبد الحميد صيام

غموض السياسة الأمريكية في المنطقة يصعب على القيادة الفلسطينية التعامل معها

Posted: 25 Feb 2017 02:14 PM PST

رام الله ـ «القدس العربي»: يبدي الفلسطينيون تخوفاً منذ اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خاصة التصريحات الأمريكية حول حل الدولتين وحل الدولة الواحدة. ورغم أن الفصائل الفلسطينية حذرة إلى حد بعيد في التعاطي مع هذه التصريحات إلا أن غموض السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة يزيد من حالة التخوف لدى القيادة الفلسطينية ويصعب رسم سياسة للتعامل معها.
ويتلخص موقف القيادة الفلسطينية فيما يتعلق بالتصريحات الأمريكية في شقين، الأول أنها لم تسمع مباشرة أو بشكل رسمي من الجانب الأمريكي رؤيته وطروحاته للحل، والثاني هو مواجهة إسرائيل على الأرض خاصة وأن سياستها وتحديداً فيما يتعلق بالاستيطان لم يبق لحل الدولتين أي شيء بالمطلق، وهذه المواجهة غالباً ما ستكون على المستوى الدولي عبر مؤسسات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
وقال حسام زملط مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس للشؤون الاستراتيجية لـ «القدس العربي» أن الجانب الفلسطيني يريد فعلاً أن يسمع من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته ما المقصود فعلاً في حل الدولة الواحدة، لأن ما صرح به ترامب غير مفهوم. وأضاف «نحن نفهم أن هناك إجماعا دوليا وعلى مدى عقود على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة وضمان احقاق الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة للاجئين الفلسطينيين وهذا تصور واضح على وجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية».
وعاد المستشار الاستراتيجي للرئيس الفلسطيني للقول من جديد «مقصد حل الدولة الواحدة غير واضح ولم نفهمه، لكننا مستعدون أن نسمع رؤيته لحل الدولة الواحدة، خاصة أنه قال ذلك في أكثر من مناسبة وأكثر من تصريح للصحافة».
وتحدث محمود العالول نائب رئيس حركة فتح عن أبرز التحديات التي تواجه القيادة الفلسطينية وعلى رأسها موقف الإدارة الأمريكية الجديدة حيال عملية السلام. وقال «كانوا يتحدثون عن خطة لحل الدولتين والآن يتحدثون عن حل الدولة الواحدة، كما أنه ليس لدى القيادة الأمريكية الجديدة أي تفسير ولا رؤية واضحة لأي شكل من أشكال الحلول».
وقال في تصريحات صحافية عن وجود خطة للقيادة الفلسطينية قد تخرج إلى العلن خلال الأيام المقبلة تتمثل بحراك سياسي واسع والذهاب إلى منظمات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتفعيل قضايا في المحكمة الجنائية الدولية ضد الاستيطان وضد المواقف المتوقعة من قبل الإدارة الأمريكية اضافة إلى حراك ميداني يهدف إلى التصدي للاحتلال.
وأضاف: «للدفاع عن حل الدولتين تتواصل جهود القيادة الفلسطينية للتنسيق مع القيادتين المصرية والأردنية على وجه الخصوص، في مسألة نقل الموقف الفلسطيني العربي المتفاهم عليه». مشيرا إلى أن بعض وسائل الإعلام تناولت في الأيام الماضية الحديث عن تنسيق من أجل حل إقليمي لكن «لا يمكن مرور أي حل دون رضى وعلم ومساهمة الفلسطينيين».

صناعة السلام

وكانت الرئاسة الفلسطينية أكدت مباشرة بعد لقاء ترامب نتنياهو تمسكها بخيار الدولتين والقانون الدولي والشرعية الدولية وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل على حدود الرابع من حزيران عام 1967 واستعدادها للتعامل بإيجابية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لصناعة السلام.
وشددت على أن تكرار رئيس الوزراء الإسرائيلي للغة الإملاءات حول استمرار سيطرتها على الحدود الشرقية من أراضي دولة فلسطين المحتلة والمطالبة بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية يعتبر استمرارا لمحاولة فرض الوقائع على الأرض وتدمير خيار الدولتين واستبداله بمبدأ الدولة بنظامين «الأبرتهايد».
وأكدت في الوقت ذاته استعدادها لاستئناف عملية سلام ذات مصداقية بعيداً عن الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض وحل قضايا الوضع النهائي كافة استنادا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002. وأوضحت أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على تدمير خيار الدولتين من خلال استمرار الاستيطان وفرض الوقائع على الأرض سيؤدي إلى المزيد من التطرف وعدم الاستقرار، مشددة على وجوب هزيمة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله حتى تتمكن شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام واستقرار.
لكن القيادة الفلسطينية اصطدمت بتصريحات ترامب حول حل الدولتين، فقد هاجم صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إسرائيل بالقول ان «من يريد دفن حل الدولتين بحدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، من خلال الاملاءات وتوسيع الاستيطان وسرقة الأرض والموارد والمياه فإن البديل الوحيد هو دولة ديمقراطية واحدة وحقوق متساوية للجميع من المسيحيين والمسلمين واليهود. إلا أن هذه المعادلة تحتاج إلى طرفين والطرف الإسرائيلي ليس مستعدا لهذا الحل».
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً في مقابلة صحافية مع «رويترز» انه مع حل الدولتين ولكن في النهاية سيكون مع ما تقرره الأطراف في المفاوضات بينهما.
وقال ترامب عندما سئل عما إذا كان قد تراجع عن مـفــهــوم وتـصـور حــل الدولتين خلال لقائه في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «أحب حل الدولتين لكنني أحب في نهاية المطاف ما يحبه الطرفان». وتابع «لقد كان الناس يتحدثون عن حل الدولتين لسنوات عديدة وحتى الآن لم ينجح».

غموض السياسة الأمريكية في المنطقة يصعب على القيادة الفلسطينية التعامل معها

فادي أبو سعدى

دعم المقاومة وسحب الاعتراف بإسرائيل خيار الفصائل الفلسطينية لمواجهة مخطط ترامب لتحطيم حلم الدولة

Posted: 25 Feb 2017 02:14 PM PST

غزة ـ «القدس العربي»: لم تجد الفصائل الفلسطينية سبيلا غير مهاجمة الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب، الذي أعطى شحنة دعم كبيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد أن عاد الأخير «منتصرا» حسب التوصيف الإسرائيلي من زيارته الأولى لسيد البيت الأبيض الجديد وحصوله على دعم مخططات الاستيطان، دون النظر لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 بما يحطم أحلام الفلسطينيين الخاصة بـ «حل الدولتين».
وعاد نتنياهو بعد اللقاء الذي جمعه وترامب، أكثر ثقة في عدم تعرضه مستقبلا لأي ضغط دولي بخصوص تطبيق قرار مجلس الأمن المندد بالاستيطان، إذ صرح أن إبقاء إسرائيل سيطرتها الأمنية غربي نهر الأردن (الضفة الغربية) «يعتبر شرطا ضروريا لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين»، ويتعين على الفلسطينيين الاعتراف بـ «دولة إسرائيل كدولة الشعب اليهودي» بغض النظر عن مسألة الحدود، وأن قضية الاستيطان لا تشكل لب النزاع مع الفلسطينيين، وأنه اتفق مع الرئيس ترامب، على تشكيل طواقم عمل مشتركة لمتابعة موضوع البناء في المستوطنات.
تصريحات نتنياهو كانت متزامنة مع تصريحات ترامب، ولم تظهر وجود خلافات في المواقف، فالرئيس الأمريكي فهم من تصريحاته أنه يستبعد الوصول قريبا لحل سياسي يقوم على أساس «حل الدولتين» فلسطينية وأخرى إسرائيلية، حين قال انه يدرس حل الدولتين وحل الدولة الواحدة، وسيقبل بالحل الذي يرضى به الطرفان.
وفي ظل توقع الفصائل الفلسطينية لنتائج اللقاء قبل حدوثه، بالاستناد للدعم الذي تقدمه الإدارات الأمريكية لإسرائيل، وما قطعه ترامب نفسه من تعهدات قبل الوصول للبيت الأبيض، لم يخف فيها نيته اتخاذ مواقف داعمة كبيرة، وأهمها نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، دعت الفصائل إلى توقف السلطة الفلسطينية عن أي مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل، إضافة إلى مطالبتها بسحب الاعتراف بإسرائيل، وتصعيد الموقف لأعلى الدرجات.
فحركة حماس التي كثيرا ما نادت بوقف المفاوضات، قال الناطق باسمها حازم قاسم أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة «منحازة للاحتلال الإسرائيلي»، وأنها لم تعمل في يوم من الأيام بجدية لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه.
واتهم الإدارة الأمريكية بتوفير غطاء للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني ومصادرة أرضه، مشيراً إلى أن تراجع واشنطن عن مواقفها «الضعيفة» يعد ترجمة لتصاعد الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي خاصة مع وصول الرئيس دونالد ترامب.
وفي إطار الردود العملية على ما جرى في واشنطن من تفاهم أمريكي إسرائيلي دعا قاسم السلطة الفلسطينية للتخلي عن وهم الحل عن طريق المفاوضات، وفكرة وساطة الولايات المتحدة.

التوافق على برنامج نضالي

وطالب المتحدث باسم حماس، التوافق فلسطينيا على «برنامج ميداني نضالي» لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية. كما دعا الرئيس محمود عباس على التخلي عن «التفرد بالقرار الوطني» والبدء بخطوات عملية لتحقيق المصالحة الوطنية.
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي أن الموقف الأمريكي والتبجح الإسرائيلي المعلن في أعقاب لقاء واشنطن «شكل رسالة مشتركة من ترامب ونتنياهو للنظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية».
وأكد القيادي في الحركة خالد البطش أن رسالة لقاء ترامب نتنياهو فحواها أن «مشروع التسوية السياسية الملهاة وعنوانه العريض حل الدولتين شارف على الانتهاء الآن».
وتوقع أن يكون عنوان المرحلة المقبلة متمثلا في الاستيطان في الجولان وتعزيز التطبيع مع بعض الدول العربية والإسلامية، التي قال انها «انتقلت بموقفها من دول معادية لإسرائيل إلى صديقة».
ودعا إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتقوية الجبهة الداخلية لـ «مواجهة التداعيات على القضية الفلسطينية».
وطالب السلطة الفلسطينية بسحب الاعتراف بإسرائيل بعد سنوات طويلة من الرهان على خيار التسوية وسراب الحلول السلمية، والخروج من «اتفاق التسوية السياسية وفتح الطريق لكل الخيارات أمام أبناء الشعب الفلسطيني».
ولم ينس أن يوجه انتقادات للنظام العربي الذي اتهمه بـ «الصامت» على ما يجري وقال ان الصمت العربي على إجراءات التهويد والاستيطان «ساعد العدو وإدارة ترامب على اتخاذ قرار بنقل السفارة الأمريكية للقدس».
ودعا البطش الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لاتخاذ «موقف حقيقي وجاد لمواجهة هذه التحديات».

نقلة لا ينقصها الوضوح

أما الجبهة الشعبية فقد اعتبرت أن المواقف التي أعلنها كل من ترامب ونتنياهو «نقلة لا ينقصها الوضوح في مساعي تصفية القضية الفلسطينية».
ورأت الجبهة في المواقف الأمريكية المعلنة في هذا المؤتمر إعادة تأكيد على الانحياز السافر، والداعم بشكل مطلق للكيان الصهيوني.
وأكدت أن موقف الإدارة الأمريكية يمثل «انقلاباً على المرجعيات الدولية وقراراتها ورؤيتها لأسس حل الصراع»، مؤكدة أن الموقف يوفر لإسرائيل الغطاء الكامل في سياساتها وممارساتها المناقضة للقانون والشرعية الدولية.
ودعت الجبهة الشعبية لمواجهة ذلك عبر إعلان موقف فلسطيني موحد يرفض المواقف الأمريكية والإسرائيلية، والانسحاب من اتفاقيات أوسلو وما ترتب عليها من قيود، وسحب الاعتراف بإسرائيل، بعد أن انتفت كل المبررات التي سيقت لتوقيع هذه الاتفاقيات وتوقيع الاعتراف، ودعت كذلك إلى عقد اجتماع عاجل لجميع القوى الوطنية والإسلامية لتدارس استراتيجية وطنية جديدة تواجه التحديات القائمة وتحفظ الحقوق الوطنية.
أما حركة فتح التي لا تعارض المفاوضات من حيث المبدأ، وتضع شروطا قبل العودة مجددا لها، فقد اعتبر عضو لجنتها المركزية محمد اشتيه أن تصريحات نتنياهو خلال تواجده في واشنطن هي «نسف نهائي لحل الدولتين»، وقال أن تصريحاته تعد «برهانا على مساعيه لشرعنة قتل إمكانية قيام دولة فلسطين» وأكد أن قول نتنياهو أن نهر الأردن هو الحدود الأمنية والجغرافية لإسرائيل «يعتبر نسفاً نهائياً وتاماً لحل الدولتين، وقتل إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة»، ورأى أن الجانب الإسرائيلي حاول زرع فكرة انعدام قابلية مبدأ حل الدولتين للتطبيق العملي في عقل سيد البيت الأبيض.
وشدد على ضرورة أن يكون الرد الفلسطيني والدولي حاسماً وقوياً، خاصة وأن موقف الرئيس الأمريكي من الطرح الإسرائيلي «بدا غائبا فيما يتعلق بالرؤيا الشاملة للحل».
وأكد على ضرورة ان لا يذهب العرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية منفردين، معرباً عن أمله أن يشهد مؤتمر القمة العربي المقبل الذي سيعقد في عمان، مجموعة مصالحات عربية عربية.
ويخشى الكثير من السياسيين والمراقبين للتطورات الجارية، أن يكون تأجيل الرئيس الأمريكي ترامب لوعده بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، مقابل تمرير مخططات دعم أخرى كبيرة لإسرائيل.

دعم المقاومة وسحب الاعتراف بإسرائيل خيار الفصائل الفلسطينية لمواجهة مخطط ترامب لتحطيم حلم الدولة

أشرف الهور

الدولة الواحدة لن ترث الدولتين بعد لفظها آخر أنفاسها

Posted: 25 Feb 2017 02:13 PM PST

الناصرة ـ «القدس العربي»: في 1996 احتل بنيامين نتنياهو ديوان رئاسة الوزراء بعدما تفوق على رئيس حكومة وزعيم أسطوري يدعى شيمون بيريز وكان سر نجاحه الأساسي الهجوم على تسوية الدولتين المعتمد في اتفاق أوسلو. جاء ذلك ترجمة فعلية لرؤيته الأصلية الواردة في كتابه «مكان تحت الشمس». وبعد عودته لرئاسة الحكومة في 2009 بادر لارتداء قناع والتظاهر بقبوله تسوية الدولتين تزامنا مع انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة قبل ذلك بعام. وقتها رحبت أوساط اليسار الصهيوني بـ «التغيير الكبير» لدى نتنياهو معتبرة تسوية الدولتين مصلحة استراتيجية لإسرائيل وفي المقابل تعرض لحملات شرسة من قبل أوساط اليمين التي خشيت أن يكون نتنياهو الثاني قد غير جلده وخان جمهور منتخبيه. أمام الحملات الشرسة خرج والد نتنياهو وهو مؤرخ صهيوني متشدد للدفاع عن ولده بالقول للقناة الثانية إن ما أدلى به من تصريحات ليس سوى تكتيك كي يحول دون تصادم إسرائيل مع الولايات المتحدة مؤكدا على أن نتنياهو الابن مصمم على رفض حل الدولتين باعتبار أن الضفة الغربية هي لب «أرض إسرائيل». ومن وقتها ملأ نتنياهو الفضاء تصريحات عن التزام إسرائيل بتسوية الدولتين ولكنه على الأرض لم يقم بخطوة واحدة تدعم صدق نواياه ماضيا في إستراتيجية إدارة الصراع مع الفلسطينيين وكسب الوقت لتكريس حكمه دون قلاقل وعلامات سؤال. فعل نتنياهو ذلك من خلال وضع العصي في دواليب عربة المفاوضات باشتراطات تعجيزية حتى أفرغها من مضمونها وصارت ثرثرة إعلامية حتى ما توقفت بالكامل جراء إصابتها بالشلل. اتهم نتنياهو الفلسطينيين برفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وبرفضهم استنكار «الإرهاب» تارة وبالزعم تارة أخرى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير قادر للتقدم بالمفاوضات بأحسن الحالات.
وعملا بمبدأ إلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني من أجل الفوز بالمعركة على الرواية وظف نتنياهو فشل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وسابقيه إيهود براك وإيهود أولمرت للإدعاء بأن الفلسطينيين لا يريدون السلام مهما قدم الاحتلال من «تنازلات». وهكذا تبنى نتنياهو فرية اللاشريك الفلسطيني التي ابتدعها براك بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد 2000. وربما تنبهت السلطة الفلسطينية لضرورة النظر لما تصنعه أيدي نتنياهو من تهويد واستيطان بدلا من سماع ما يلهج به لسانه من ترهات وذرائع وتسويف بيد أنها واصلت ملاحقة «العيار لباب الدار» على أمل استئناف المفاوضات أو إحراج إسرائيل. المؤكد أن العالم حذا حذو الولايات المتحدة واكتفى بضرائب شفوية بدلا من إلزام نتنياهو عبر خطوات فعلية وعقوبات من أجل احترام اتفاق أوسلو والقرارات الأممية وإنهاء الاحتلال. مع انتخاب دونالد ترامب واستخفافه المبطن بتسوية الدولتين وترك الخيار للاحتلال أن يترك احتلاله على غرار مطالبة القط بترك اللبن الماثل أمامه كشف نتنياهو مجددا عن حقيقة أطماعه وموقفه حيال الصراع. واعترف بموقفه الأصلي بتكرار قوله منذ بدء العام إنه ليس مستعدا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة تماما، وإن ما يستطيع إعطاءه للفلسطينيين هو ليس دولة كاملة الصلاحيات. وكأنه بذلك يقدم هدية للفلسطينيين. زعم نتنياهو أن ما يستطيع إعطاءهم هو ليس تماما دولة كاملة الصلاحيات، وإنما أقل من دولة ولذلك فإنهم لا يوافقون على ذلك.

حزب الليكود
يعارض حل الدولتين

وجاءت تصريحات نتنياهو الأخيرة بعد توضيح الوزير المتطرف اوفير اوكونيس (الليكود) بأنه خلافا لنتنياهو، يعارض حل الدولتين، وأن هذا هو موقف حزب الليكود. ورد نتنياهو مدعيا أن اوكونيس لا يفهم موقفه في موضوع إقامة الدولة الفلسطينية، وقال له: «أنا متأكد من أنك لو سمعت موقفي بالتفصيل لما كنت ستعارضه». ولم يمر أسبوعان عن قوله هذا حتى قال من استراليا حيث ينهي غدا الإثنين زيارة رسمية لها باح علانية بما يضمر به بتأكيده رفض الدولة الفلسطينية لافتا لقبوله حكم ذاتي فقط متبنيا بذلك ما دعا له أول رئيس حكومة في إسرائيل عن حزب «الليكود» الراحل مناحيم بيغن.
في الواقع نتنياهو ليس العقبة الوحيدة في إسرائيل أمام تسوية الدولتين فنصف الإسرائيليين على الأقل يرفضونها أو يقبلون بها قولا دون أي فعل حقيقي فيما تواصل حكوماتهم المتعاقبة بتسمين الاستيطان الذي تضاعف ثلاث مرات منذ توقيع اتفاق أوسلو نتيجة سياسات فرض الحقائق على الأرض تحت غطاء ساتر يدعى مفاوضات السلام في الشرق الأوسط. وثمة معطيات عربية تواصل تغذية الجشع الإسرائيلي تكمن بانشغال العرب بمسائل داخلية أو تجاهل الاحتلال والتقرب من إسرائيل ضد «العدو المشترك» الجديد، إيران.
ولا شك أن حالة الانقسام الفلسطينية تنطوي على تبعات مدمرة من هذه الناحية أيضا فقد تسببت في لامبالاة العالم بمن فيه أصدقاء الفلسطينيين وانشغالهم بما يلهيهم عن مقاومة الاحتلال وإلزام إسرائيل للتقدم لمائدة المفاوضات وقبول الحد الأدنى من التسويات المتمثلة في حل الدولتين الذي يقضم وطنهم بنسبة 78 ٪. كما كان متوقعا تمضي ماكينة الدعاية الإسرائيلية في توظيف الانقسام الفلسطيني لتبرير موقفها ائتلافا ومعارضة أن تسوية الدولتين غير ممكنة الآن نظرا لعدم نضوج الحالة الفلسطينية لها في ظل وجود دولتين واحدة في رام الله وأخرى في غزة. كما تدلل تجربة الصراع وتجارب أخرى طبعا على أن عمر الاحتلال حينما يكون مجانيا ويقصر نتيجة اضطرار المحتلين إلى تسديد أثمانه المختلفة. على خلفية المعطيات العالمية، الإقليمية والعربية والفلسطينية لا يلوح في الأفق ما ينقذ تسوية الدولتين من الموت السريري والأهم هو حقيقة أن من يظن أن البديل للدولتين هو الدولة الواحدة فإذا كانت إسرائيل غير مستعدة سياسيا لقبول الفلسطينيين جيرانا لها فكيف ستقبل بهم شركاء داخل شقة سكنية واحدة؟ حتى لو رفضت السلطة الفلسطينية التسليم رسميا بهذا السيناريو فإن الواقع سيفرض نفسه عما قريب وسيجدون أنفسهم على طرفي الخط الأخضر في مواجهة إسرائيل الكبرى المعتمدة على نظام فصل عنصري (أبرتهايد) رغم الجزر والإمارات الفلسطينية التائهة في بحره الواسع فهل يستعد أصحاب الحق لبلورة خطة ملائمة للوضع السياسي الناشئ أم سيتركون نهر الأيام يجرفهم إلى حيث ما شاءت مياهه؟

الدولة الواحدة لن ترث الدولتين بعد لفظها آخر أنفاسها

وديع عواودة

الأردن واللقاء مع السيسي: مشروع لإحياء «حل الدولتين» وتذكير ترامب ونتنياهو بمعسكر الاعتدال العربي

Posted: 25 Feb 2017 02:13 PM PST

عمان ـ «القدس العربي»: النص في البيان المشترك لآخر قمة مصرية أردنية عقدت على نحو سريع بعد لقاء ترامب ونتنياهو الشهير على حل الدولتين مجددا له ما يبرره، ليس فقط من وجهة نظر أردنية مصلحية، ولكن أيضا انطلاقا من سعي الأردن الدؤوب لإحياء ما يسمى بنظام الاعتدال العربي الذي روج لأكثر من عشرين عاما أو حتى لربع قرن لعملية السلام. الأردن لم يقل إطلاقا أي كلمة رسمية من أي نوع تعليقا على ما ورد في البيان الشهير للقاء ترامب ونتنياهو بعنوان اسقاط حل الدولتين.
طوال الوقت ومنذ تلك اللحظة لم تعلق السلطات الأردنية على مسار الأحداث ولم يصدر بيان رسمي يوضح موقف عمان إطلاقا من الاشكالية التي زرعتها إدارة الرئيس ترامب في منهجية عملية السلام لصالح اليمين الإسرائيلي الذي قام بدوره وكما يرجح رئيس الوزراء الأردني الأسبق والمخضرم طاهر المصري بغزوة منظمة وموقتة ومبرمجة لإنتاج مشهد جديد يخدم استراتيجية تصفية القضية الفلسطينية.
خلافا للمنطق الذي افترضه بعض السياسيين والبسطاء في عمان لا يؤمن خبير من وزن المصري ان إنهاء حل الدولتين يمكنه ان يقفز إلى السطح بخيار الدولة الديمقراطية الواحدة، لان مثل هذه الدولة غير متاحة في ظل الإصرار على الدولة اليهودية، حيث لا يمكن الجمع بين دولة واحدة ديمقراطية تحسم السلام والصراع وبين مشروع يهودية الدولة.
من هنا كان المصري وحيدا في المضمار السياسي النخبوي الأردني تقريبا وهو يحذر الأردن دولة وشعبا عبر عدة نقاشات مع «القدس العربي» من أهداف مرحلية تتحقق في الواقع لصالح اليمين الإسرائيلي تحت عنوان يهودية الدولة وتصفية القضية الفلسطينية بحيث يكون نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة جزءا حيويا مكملا من هذا السياق والإطار وضمن مضمونه.
لن يحصل ذلك بدون الاعتداء على الأردن والمساس به بتقدير المصري ولن يتحول إلى خطة بديلة يغذيها اليمين الإسرائيلي بدون العودة لخيارات تصفية القضية وفرض وقائع على الأرض بدون ثلاثية دولة فلسطينية أو حل الدولتين أو حتى الدولة الواحدة الديمقراطية حيث لا يوجد ما يبرر للإسرائيلي لا على صعيد المجتمع الدولي ولا على مستوى ميزان القوى العربي تقديم أي تنازل في القضية الفلسطينية.
بطبيعة الحال لا تحب رموز الحكومة في الأردن التفكير في الأمر وفقا لهذه القواعد المقلقة وان كان اعلان ترامب بخصوص حل الدولتين يعبر عن هجمة عميقة ومبرمجة وقاسية ضد الاستراتيجية التي اعتمدها الأردن طوال الوقت ومنذ عام 1994.

الاستعانة بالرافعة المصرية

في مقابل الصمت الرسمي والحكومي الأردني وجدت المؤسسة ضالتها في محاولة العودة لمربع معسكر الاعتدال العربي، فزار الملك عبد الله الثاني القاهرة مساء الثلاثاء والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي وأجرى معه مباحثات لعدة ساعات من الواضح انها برمجت على أساس التحديات التي فرضها لقاء ترامب نتنياهو عندما أثار الشكوك حول حل الدولتين وبالتالي قفز تلقائيا بسيناريو الحل على حساب الأردن حصريا وبالتوازي مع الشعب الفلسطيني.
 هنا كان لا بد من الاستعانة بالرافعة المصرية حيث خرج بيان القمة الأردنية المصرية التي استمرت لساعات فقط برسالة ممثلة للطرفين وقوامها ان حل الدولتين هو الطريق الوحيد لإنهاء الصراع.
 اختيار مثل هذه الكلمات يعني تلقائيا ان عمان والقاهرة قررتا التخندق دبلوماسيا والرد على مستجدات الإدارة الأمريكية بموقف يرفع الصوت قليلا ويناكف بشكل محسوب المضمون الذي ورد بخصوص حل الدولتين على لسان الرئيس الأمريكي.
وفي الحد الأدنى يعترض الأردن برفقة مصر بجملة واحدة في بيان مشترك على التصور الذي يحاول نتنياهو تسويقه في أروقة طاقم ترامب وبالتالي تعلن العاصمتان موقفا قوامه التذكير ان معسكر الاعتدال العربي ورغم التفوق الإسرائيلي ما زال على قيد الحياة وما زالت لديه كلمته وبالتالي ينبغي على واشنطن الاستماع له.
 عنصر الذكاء في الجملة التكتيكية الأردنية هذه المرة يتمثل في الاستعانة بالزعيم العربي الاقرب للرئيس ترامب وهو السيسي، على أمل ابلاغ واشنطن ان النظام العربي المعتدل يعترض على فكرة ترامب بعنوان ان حل الدولتين ليس الطريقة الوحيدة لصنع السلام في قضية الشرق الأوسط المركزية.
الجملة المصرية الأردنية تبدو تذكيرية وجريئة نسبيا لكن السؤال حول مقدار فعاليتها لاحقا مسألة أخرى تماما قد لا يكون من المناسب الآن الغرق في تفصيلاتها خصوصا ان عمان استطاعت اقناع القاهرة ان دورهما الإقليمي معا قد يتأثر سلبا إذا ما سمح لنتنياهو بالتأثير إلى هذا المستوى من العمق في موقف الإدارة الأمريكية من مقترح مرجعي بعنوان حل الدولتين.
المرتقب في السياق ان يكمل الأردن بصفته مستضيف القمة العربية المقبلة جملته التكتيكية نفسها بعدما رتب مع المصريين الصيغة التي تعتبر حل الدولتين الخيار المرجعي الأفضل لصناعة السلام. ويمكن القول ان الخطوة التالية إذا ما انضمت لها السعودية باعتبارها من محور ومعسكر دول الاعتدال ستتمثل في تبني قمة عمان العربية لهذا الخطاب على أمل إعادة إنتاج الموقف. وبالحد الأدنى على أمل لفت نظر واشنطن إلى بعض الكلف التي ستنتج عن اسقاط حل الدولتين لصالح حكومة نتنياهو اليمينية المغرقة في التشدد.

الأردن واللقاء مع السيسي: مشروع لإحياء «حل الدولتين» وتذكير ترامب ونتنياهو بمعسكر الاعتدال العربي

بسام دارين

هل ينقل ترامب الأقصى بجوار المسجد الحرام؟

Posted: 25 Feb 2017 02:13 PM PST

القاهرة ـ «القدس العربي»: من حق العرب والمصريين على وجه الخصوص ان يقلقوا، فقد قرر ترامب ان يقتطع جزءا من أرض ما زالت في رحم الغيب كي يقيم وطناً بديلاً للفلسطينيين وليطهر إسرائيل من صفة «المحتل» الذي سيظل يلاحقها للأبد ولينهي على طريقته الخاصة مأساة شعب تحالفت ضده البشرية جمعاء.
الأسبوع الفائت كان كاشفاً عن الوجوه التي سكتت دهراً ثم نطقت كفراً برسائلها الدافئة لـ«الصديق» الإسرائيلي، فقد وعدوه بالسلام من غير ان يطلبوا منه ان يتنازل عن الأرض التي احتلها وقتل وشرد أهلها. قلبت التصريحات التي تسربت من إسرائيل حول لقاء العقبة الذي جمع بين السيسي وعبد الله ونتنياهو والذي أشارت الأنباء إلى تعرضه لحل الدولتين وانهاء الصراع التاريخي بإقامة دولة فلسطينية على أجزاء من سيناء وهو الأمر الذي نفاه السيسي مؤخراً. وأكد السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن ما تم ترديده مؤخرا عبر وسائل الإعلام بشأن وجود مقترحات لتوطين الفلسطينيين في سيناء، أمر عار عن الصحة ولم يسبق طرحه على أي مستوى من جانب أي مسؤول عربي أو أجنبي مع الجانب المصري، مؤكداً استحالة الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة أن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن، ولا يزال يشهد أغلى التضحيات من جانب أبناء مصر الأبرار.
غير ان السؤال الذي يتردد على لسان الرأي العام والمراقبين ولم يلتفت له الناطق بلسان مؤسسة الرئاسة هو لماذا كان هذا اللقاء سريا؟ فقد ندد العالم العربي قبل أربعين عاماً بالرئيس السادات لأنه عقد لقاء في العلن مع قادة إسرائيل فكيف نمرر اللقاءات السرية التي يجتمع خلالها قادة عرب مع إسرائيليين ولا نسمع عنها إلا عبر الجانب الإسرائيلي، ولماذا فشل الاجتماع كما أكدت الصحيفة الإسرائيلية؟ وما هو هدف إسرائيل وأمريكا من تسريب الخبر في هذا التوقيت؟ وإذا غابت القضية الفلسطينية عن اجتماع كهذا فعن أي القضايا تحدث الثلاثة في اجتماعهم السري؟
من اللافت ان بيان السفير جاء ضعيفا لا يتناسب مع حجم الهجمة التي لاحقت النظام قبل ان يتبرأ منها السيسي الذي أثارت تصريحاته ارتياحاً محفوفاً بالريبة أيضا لأسباب لا يمكن تجاهلها أهمها:
ليس بوسع المتابع والمواطن على حد سواء ان يغيب عن الذاكرة تصريحات سابقة للسيسي ومنها: «فيه ناس بتحتفل بالانتصار والاستقلال»، في إشارة إلى المحتل الصهيوني المغتصب للأرض، و«ناس بتحتفل بالانكسار والانهزام، يا ترى إحنا هنغتنم الفرصة ونتحرك في هذا الإطار» مؤكداً ان الأمر في منتهى الأهمية: «إن شاء الله لو هذا تحقق سنرى في المنطقة العجب، ولو تحقق ده إحنا هيبقى واقع جديد جدا».
السؤال الأهم الذي ولد على ما تواتر من معلومات وأنباء حول حل الدولتين، هل يرغب النظام في التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ضمن صفقة كبرى يرعاها حاكم البيت الأبيض الجديد الذي يخاطب المسلمين والعرب بلهجة المتعجرف لإعادة ترتيب المنطقة، وليستجيب لمطالب نتنياهو بإشراك السعودية والإمارات فيها، خاصة مع تواتر أنباء تؤكد مشاركة مسؤول سعودي بارز في اجتماع العقبة؟ هل سيتم دفن فلسطين فوق الخريطة ليدفع بها نحو المتاحف لنرى أخرى غير التي تحدثت عنها الكتب السماوية؟
وبعد ان تبرأ السيسي من التنازل عن سيناء للفلسطينيين مع قبوله بمبدأ الدولتين وترحيبه بالسلام الدافئ مع إسرائيل والذي يعني بقاء الأوضاع على ما هي عليه فأين ستقام الدولة التي ما زالت في ذاكرة ترامب والزعماء العرب في رحم الغيب؟ بالطبع فإن دول الجوار هي المرشحة لأن تتنازل عن جزء من أراضيها، غير ان الواقع على الأرض يجعل الأمر مستحيلاً. لن تكون تلك الدولة «الحلم» على شرف الأراضي اللبنانية، التي تضيق بأهلها، وبالنسبة للسعودية هل ستقبل بالتنازل عن جزء من أرضها ليقترب الأقصى من البيت الحرام بقرار من ترامب أم ان الأنظار تتجه نحو الشعب السوري الجريح المستباحة حدوده كي يستضيف تلك الدولة؟ أم هل ينقل الشعب الفلسطيني نحو العراق؟ إذ كشفت بعض الأوساط السياسية الأمريكية عن امكانية توطين نسبة كبيرة من الفلسطينيين في المنطقة الوسطى لدعم الطائفة السنية هناك.
إن ما يدعو للقلق حقاً تلك المعلومات التي لا تنقطع والسيناريوهات التي تطرح منذ زمن المخلوع مبارك في مسألة البحث عن وطن بديل للفلسطينيين للخروج من عمق المحنة وتجنباً للعار التاريخي الذي يلاحق الحكام الذين فرطوا في واجباتهم وخذلوا شعباً بأكمله.
لقد تحدث ترامب بصراحة مطلقة بشكل أوحى للمراقبين ولكل المهتمين بالقضية على ان دولة جديدة ستنشأ ليحل السلام فهل سنشهد وعد بلفور عربيا؟

هل ينقل ترامب الأقصى بجوار المسجد الحرام؟

حسام عبد البصير

أسطورة حل الدولتين: ترامب ونتنياهو واستعمار فلسطين

Posted: 25 Feb 2017 02:13 PM PST

منذ لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 15 شباط (فبراير) الحالي لم يتوقف الحديث عن مسار السياسة الخارجية الأمريكية، هل طلقت الإدارة الجديدة العملية السلمية التي رعتها خلال العقدين الماضيين وجعلت حل الدولتين أساسا معياريا لها؟ أم أن الرئيس ترامب كشف في تصريحاته العشوائية عن جهل مطلق بتعقيدات القضية الفلسطينية ولم يعرف فيها ما هو المعنى الحقيقي لأزمة معقدة وطويلة؟ فعندما قال في مؤتمره الصحافي أنه مع ما يوافق عليه الطرفان كان يتحدث بلهجة الإسرائيليين مع أنه أضاف قائلا انه يريد تعبئة أطراف ودول أخرى للحل وهو ما رفضته إسرائيل. وهو وإن شطب مواقف سياسية التزم بها أربعة رؤساء قبله بشأن الحل العادل للقضية الفلسطينية والقائم على دولتين تعيشان بأمن وسلام جنبا إلى جنب، فإنه قدم موقفا أكثر تطرفا من اليهود الأمريكيين الذين يتفق معظمهم وحل الدولتين، ومنهم لجنة العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية (إيباك) اللوبي المؤيد لإسرائيل والمؤثر في أمريكا. إلا أن الموقف الأمريكي الجديد، إن كان هناك من موقف أثار أسئلة حول مجمل العملية السلمية. ففي الحقيقة لم يكن هناك شيء اسمه عملية سلمية ولا حل دولتين بل دولة واحدة واسمها إسرائيل تمتد من النهر إلى البحر. وكان المؤرخ والأكاديمي الفلسطيني رشيد الخالدي فصيحا وصريحا لكشفه عما اسماها «اسطورة» العملية السلمية. ففي مقال نشرته صحيفة «الغارديان» (18/2/2017) قال فيه إن ترامب كان مدفوعا في موقفه لإرضاء ضيفه نتنياهو الواقع تحت تأثير حماس المتطرفين في حكومته التي رفض فيها أربعة علانية إنشاء دولة فلسطينية، وهم وزير السلامة العامة غيلعاد إردان ووزير التعليم نفتالي بينت ووزيرة الرياضة ميري ريغيف ونائبة وزير الخارجية تزيفي هوتزوفلي.
وقال الخالدي إن إسرائيل التي تقوم باستعمار ما تطلق عليها «أرض إسرائيل» عملت على تدمير الشروط اللازمة لقيام دولة فلسطينية مستمرة ودائمة وذات سيادة عاصمتها القدس. ويرى المؤرخ الخالدي، الذي يعمل أستاذ كرسي إداورد سعيد في جامعة كولومبيا أن اسطورة الدولة والعملية السلمية هي من أكثر الأفكار الخيالية التي شهدها الزمن الحديث. وكانت هذه الاسطورة مهمة لاستمرار الاحتلال واستعمار إسرائيل الطويل للضفة الغربية والقدس الشرقية واستخدمتها غطاء حمتها من الضغوط الدولية. ومن هنا فالدفن النهائي للعملية السلمية سيجبرنا على مواجهة الحقيقة الواضحة وهي أن هناك دولة واحدة قائمة وبسيطرة أمنية كاملة: إسرائيل. ولهذا لم يكن نتنياهو متصنعا في كلامه عندما وقف إلى جانب ترامب وقال إن «إسرائيل يجب ان تحافظ في أي عملية سلمية على الأمن في كل منطقة غرب نهر الأردن». وظل يقول إنه مستعد لمنح الفلسطينيين «ناقص دولة» تظل فيها المستوطنات الإسرائيلية في مكانها وتبقى القدس تحت سيطرة إسرائيل ونسبة ما بين 50- 60٪ من أراضي الضفة الغربية بما في ذلك الأرض الخصبة في وادي الأردن. لكل يقول الخالدي إن الخلاف على تسمية هذه المهزلة، دولة أم دولتان وفيما إن سمح للفلسطينيين رفع علمهم على البانتوستان البائس أم لا، تظل غير مهمة. ويعتقد الخالدي أن مؤتمر ترامب- نتيناهو وجلسة مصادقة الكونغرس على تعيين ديفيد فريدمان سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل يقدمان لنا صورة عن الكيفية التي تغيرت فيها العلاقة الأمريكية- الإسرائيلية منذ 20 كانون الثاني (يناير) 2017. والحقيقة التي لا غبار عليها هي أن الإدارة الحالية كشفت عن عوار العملية السلمية، ففي الوقت الذي ظل فيه الرؤساء الأمريكيون منذ بيل كلينتون يتمسكون بالدولة الفلسطينية ويشجبون التوسع الاستيطاني إلا انهم لم يتوانوا عن دعم وتمويل كل النشاطات في الأمم المتحدة التي من المفترض أنهم يعارضونها، أي دعم مواقف إسرائيل حقا وباطلا. وكغيره من الرؤساء الأمريكيين وقف ترامب متواطئا إلى جانب نتنياهو الذي حدد ما هو مطلوب من الفلسطينيين: الإعتراف بيهودية الدولة، وهو شرط لم يطلب من أي دولة أخرى ولم تتبنه إسرائيل نفسها رسميا.

تنازلات

ولا بد من النظر إلى تصريحات ترامب في جزء منها على أنها نتاج للعبة تنازلات أمريكية ـ إسرائيلية كما لاحظت مجلة «إيكونوميست» (16/2/2017)، فالتخلي عن «حل الدولتين» كان ثمنا لتنازل الزائر الإسرائيلي لواشنطن عن مطالب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الذي وعد به ترامب أثناء الحملة الانتخابية ولم يف به بعد. مع أنه قال في المؤتمر الصحافي أنه يدرس قرار النقل «بقوة جدا». ويبدو أن الرئيس الجديد يعي الآن وبعد دخوله البيت الأبيض وتحذيرات نقلها له قادة أجانب من تداعيات النقل «الرمزي» على الوضع في المدينة التي يراها الطرفان عاصمة لهما. أما التنازل الثاني فقد بدا من عدم مطالبة نتنياهو بإلغاء الاتفاق الإيراني الذي توصلت إليه إدارة أوباما ووصفه ترامب بأنه «من أسوأ الصفقات». وعلى ما يبدو فقد أخبر حلفاء أمريكا الأجانب وأفرادا من فريقه مثل وزير الدفاع جيمس ماتيس أن الاتفاق هو الخيار الأسوأ لمنع إيران من مواصلة نشاطاتها النووية، طالما طبقت مبادئه بشدة واستعدت واشنطن لفرض عقوبات على إيران في أمور أخرى مثل مشروع تطوير واختبار الصواريخ الباليستية. وكما تقول المجلة «فقد عزى الزعيم الإسرائيلي نفسه بكيل المديح على موقف الرئيس المتشدد من عدوان إيران» ومضى مع لعبة الرئيس الجديدة التي تدعو لمواجهة تنظيم «الدولة» رغم ما يبدو من تناقض في الموقف الإسرائيلي، ذلك أن إيران تقف على الخط نفسه عندما يتعلق الأمر بقتال تنظيم «الدولة» في العراق وسوريا.

موقف خطير

وأيا كانت طبيعة التنازلات التي قدمها كل طرف للآخر، فعلينا أن نشعر بالقلق من اللغة المتناقضة والتشوش الظاهر من الإدارة التي قالت «الغارديان» (16/2/2017) إن مواقفها لا تقوم على فهم استراتيجي للأمور. وقالت إن ترامب يظل خطيرا وهذا نابع من جهله وإصراره على الخوض في الموضوعات التي لا يعرف عنها إلا القليل «فما يقوله الرئيس مهم حتى لو غير رأيه في اليوم التالي». وحذرت الصحيفة من مخاطر حل الدولة الواحدة الذي سيقضي على صورة إسرائيل نفسها ويؤثر على الطابع الديمقراطي واليهودي للدولة والذي يراه نتنياهو شرطا للتسوية مع الفلسطينيين. وبالمقابل فإن الحديث عن دولة ثنائية الجنسية يظل فنتازيا. فعدم التوازن بين دولة معترف بها دوليا وجماعة غير دولة تعيش تحت الاحتلال تعني استمرار تغريب وتهميش الفلسطينيين وانزال مرتبتهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية. ولن يكون هذا خيانة لهم بل للمبادئ التي قامت عليها إسرائيل فقط، بل هو خطأ وكارثي، فشعبان مختلفان حول شروط انفصالهما لا يمكنهما التعايش معا.

البحث عن صفقة

ولا يفهم ترامب هذا أو أنه لا يلقي له بالا. فهو مسكون كما يقول جاكسون ديل في «واشنطن بوست» (19|/2/2017) بحس الرجل القادر على عقد «الصفقة الكبرى» وأنه سيكون الرئيس الذي يتوسط للتوصل إلى صفقة سلام شامل في الشرق الأوسط مشيرا لما قاله خلال مؤتمره الصحافي مع نتنياهو إنها «قد تكون صفقة أكبر وأفضل مما يستطيع الناس في هذه القاعة أن يستوعبوا». وفي السياق الأمريكي فطموحات ترامب الدبلوماسية الكبيرة ليست فريدة، فهي لا تختلف كثيرا عن تلك التي حلم بها جون كيري وباراك أوباما. ويرى ديل أن الزعماء الأمريكيين، عندما ينظرون إلى بريق الفوز بتحقيق حل سلمي للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يصابون بالعمى من واقع الشرق الأوسط المعقد. ويصابون بالصمم تجاه نصائح المستشارين الخبراء الذين ينبهونهم إلى أن مبادراتهم العظيمة مكتوب عليها الفشل وتصبح لديهم قناعة أن استراتيجية أمريكية جديدة للسلام يمكن أن تجعل النجاح ممكنا فجأة. وقد فعل هذا أوباما عام 2009 وظن أنه سينجح بممارسة شيء من الضغط الأمريكي على إسرائيل، ابتداء من المطالبة بتجميد كامل لبناء المستوطنات في الضفة الغربية، وخطوة أخرى للتحاور مع العالم الإسلامي بشكل يساعد على اتفاق سلام خلال عامين. إلا أن خطة أوباما فشلت بسرعة للسبب نفسه الذي قال له مستشاروه أنها ستفشل، فالضغط الأمريكي لن يجعل إسرائيل توافق على وقف بناء المستوطنات وذلك أعطى عباس العذر لرفض التفاوض. والآن جاء دور ترامب الذي يفكر على ما يبدو مثل أوباما بأن على أمريكا تخفيف التزاماتها العالمية والتأكيد على بناء «أمريكا من الداخل» والذي لا يختلف عن شعار «أمريكا أولا» للرئيس الجديد. وكذا التوقف عن بناء الدولة، وهي سياسة اليمين المحافظ. إلا أن ترامب مثل أوباما استثنى الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومرة أخرى يطلق الخبراء المخضرمون صفارات الإنذار فيقول خبيرا الشرق الأوسط ديفيد ماكوفسكي ودنيس روس «لسوء الحظ فالظروف الآن ليست ملائمة لاتفاق سلام إذا ما اعتبرنا حجم الهوة بين الطرفين والتي لم يسبق لها مثيل». وكتب مارتين إنديك «لا يعتقد الإسرائيليون ولا الفلسطينيون أن السلام ممكن ولا حتى مرغوب فيه». إلا أن ترامب يقول إن لديه فكرة جديدة، وهي في الواقع قديمة، شحنها نتنياهو العام الماضي عندما اقترح التعاون مع الدول السنية مثل مصر والسعودية والأردن لاحتواء التمدد الإيراني ومن خلاله سيتم تقديم تنازلات للفلسطينين. وفكرة ترامب كما يقول ديل لا تختلف عن المبادرة العربية عام 2002 والتي تبنتها الجامعة العربية فيما بعد وفيها اقترحت السعودية تطبيعا مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة.

التجريب

والتفت إلى هذه النقطة ديفيد غاردنر في صحيفة «فايننشال تايمز» (22/2/2017) الذي قرأ في محاولة حشد الدعم العربي ضغطا أمريكيا خفيا على الدول العربية السنية الإنضمام لتحالف ضد إيران، وهو ما عبرت عنه بعض الصحف «بناتو عربي» إلا أن المشكلة وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل مختلفة. صحيح كما يقول أن الحكام العرب تعاونوا سرا مع إسرائيل فيما واصلوا تضامنهم الأخوي مع الفلسطينيين باعتباره «مسألة تقنية مأخوذة من كتيب تعليمات صيانة النظام» إلا انهم سيتجنبون المخاطرة. فلا حاجة للقول اليوم أن العرب وإسرائيل يقرأون من الكتاب نفسه وكما بدا في مؤتمر ميونيخ، وأنهم ظلوا يتصلون مع إسرائيل كما كشف دراسات المؤرخ الإسرائيلي آفي شليم إلا أنهم سيتردون بالمخاطرة بمسائل تتعلق بوجودهم أما ترامب فيمكنه التجريب وقول ما يريد تماما كما جرب الرؤساء الأمريكيون من قبل. وقد يطاله غضب اليهود في حالة حاد عن النص، تماما كما حصل مع أوباما عندما رفض استخدام الفيتو العام الماضي في مجلس الأمن. فكان عقابه وهو الرئيس الداعم الأكبر لإسرائيل دعوات لمنعه من الانضمام لنادي وودمونت في ميرلاند. وهي دعوة رأى فيها توماس فريدمان في»نيويورك تايمز» (15/2/2017) محاولة منع أول رئيس أسود من اللعب في النادي اليهودي بشكل نسي فيه اليهود ماضيهم عندما كانوا يمنعون من دخول النوادي.

أسطورة حل الدولتين: ترامب ونتنياهو واستعمار فلسطين

إبراهيم درويش

 المؤرخ اللبناني د. عمر عبد السلام تدمري لـ «القدس العربي»: ينبغي إعادة البحث عن المخطوطات العربية والإسلامية الضائعة في المكتبات الغربية

Posted: 25 Feb 2017 02:12 PM PST

الحديث مع المؤرخ اللبناني د. عمر عبد السلام تدمري هو غوص في الماضي والذاكرة…نعود معه إلى محطات خلت في تاريخ المنطقة لنقف على الحقائق علنا نفهم ما يحدث اليوم في العالم العربي. ربما من الأهمية بمكان إعادة قراءة التاريخ للتمعن في أحداثه والتعلم من تجاربه بما قد يفيد المعركة من أجل التطور والتقدم والرقي وكسب الرهان الحضاري في هذه اللحظة الفارقة التي نعيشها بكل صعوباتها وتحدياتها وعبثها. رحلة المؤرخ تدمري – المولود في طرابلس لبنان عام 1940- مع التاريخ والذاكرة بدأت منذ حيازته على الدكتوراه في التاريخ والحضارة من جامعة الأزهر عام 1976 عن اطروحته «تاريخ طرابلس السياسي والحضاري منذ التأسيس حتى نهاية دولة المماليك» وأصدرها في كتابين (حوالي 1250 صفحة). وكان أصدر قبلها كتابين الأول «الحياة الثقافية في طرابلس الشام خلال العصور الوسطى» والثاني «تاريخ وآثار ومساجد ومدارس طرابلس في عصر المماليك». نشر عددا من الموسوعات الفكرية والتاريخية استنادا إلى مخطوطات نادرة أخذت منه عمره ووقته للوصول إلى اصولها عبر مكتبات العالم. وفيما يلي نص الحوار:
○ لديك العديد من المؤلفات والإصدارات عن تاريخ طرابلس والشام وتخصصت في تاريخ هذه المدينة، لماذا طرابلس تحديدا وفي ضوء ما نعيشه من تحديات وحروب، إلى أي مدى نحن في حاجة إلى إعادة قراءة تاريخنا؟
• كنت أضع نصب عيني هدفا أساسيا هو دراسة ونشر كل ما يتعلق بمدينتي من تاريخ وآثار ومن تراث الطرابلسيين ومصنفاتهم القديمة غير المنشورة والمنتشرة في دور الكتب العربية والأجنبية ولا يهتم بها الباحثون. ولهذا جمعت ما يتعلق بعلماء طرابلس من المكتبات العربية والأجنبية وقمت بتحقيقها ونشرها ومنها الأحاديث النبوية الشريفة التي كان يرويها كبير محدثي طرابلس وبلاد الشام خيثمة بن سليمان الأطرابلسي (250 – 343 هـ ، 864 – 955 م). وله «فضائل الصحابة» في المكتبة الظاهرية في دمشق ومكتبة شستربتي في ايرلندا الجنوبية. كما نشرت ودققت في أحاديث أول محدّث من طرابلس من أهل القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) واسمه معاوية بن يحي الأطرابلسي، وهو أول من حدثنا عن بناء حصن القائد الصحابي سفيان الازْدي، الذي حصل في أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه في الموضع الذي بنى عليه ريموند الصنجيلي حصنه بعد نحو 450 عاما، وذلك للتأكيد على عروبة هذا الحصن في الأساس. واجتهدت لأكثر من عشرين عاما في البحث عن الديوان الضائع للشاعر احمد بن منير الطرابلسي المعاصر للحروب الصليبية، والمرافق لعماد الدين زنكي وابنه نور الدين زنكي، إلى ان حصلت على قسم من ديوانه المخطوط في مكتبة أمبروزيانا في ايطاليا فنشرته وأضفت إليه أشعاره المتفرقة في المصادر التاريخية والأدبية وأصدرته في طبعتين.
وفي أثناء هذه الأبحاث والمطالعات نشأت لدي فكرة اعداد معجم بأسماء الأعلام الطرابلسيين منذ فتح طرابلس حتى نهاية القرن الخامس الهجري وبدأت رحلة البحث والتجميع والترتيب على الحروف لأوائل الأسماء وهكذا حتى تجمعت لدي مئات البطاقات للعلماء الطرابلسيين. وكنت منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي أنشر بعضا من تلك المعلومات والأخبار في مجلة الفكر الإسلامي التي كانت تصدر عن دار الفتوى اللبنانية في بيروت. وفي نهاية القرن الرابع عشر الهجري قررت منظمة المؤتمر الإسلامي التحضير للاحتفال بإطلالة القرن الخامس عشر الهجري وصدرت توصية بان تحتفل كل دولة من دول المنظمة بالطريقة التي تليق بهذه المناسبة واظهار الدور الحضاري للمسلمين. وشكلت لجنة عليا في دار الفتوى في لبنان ضمت هيئة من كبار علماء المسلمين السنة والشيعة والدروز يرأسها الدكتور صبحي الصالح رحمه الله وحينها قدمت عمل «معجم العلماء» لأنه يتفق مع أهداف الاحتفال والمناسبة التاريخية. وكان علي ان أعيد النظر في المعجم فلا يقتصر على الأعلام الطرابلسيين فحسب بل أضفت إليهم كل الأعلام المسلمين من جميع المدن والقرى والمناطق اللبنانية ومن جميع المذاهب واستبدلت عنوان المعجم إلى موسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان وهي في خمسة مجلدات وتشمل الأعلام في خمسة قرون ونالت ثناء وتقدير اللجنة العلمية العليا.
لم أتوقف بالموسوعة عند هذا الحد بل رأيت ان أتابع العمل بها لأصل إلى نهاية القرن 14، فكنت إلى جانب التأليف وتحقيق كتب التراث أعطي الموسوعة اهتماما بين حين وآخر إلى ان صدرت في 16 مجلدا في نحو 6500 صفحة تضم نحو ستة آلاف محدث وفقيه وأمام وقاض وخطيب وأديب ومقرئ ومدرس من الرجال والنساء. وقدر لهذا العمل الذي استمر عدة سنوات ومطالعة آلاف الكتب المطبوعة والمخطوطة الموزعة في مكتبات العالم ان يكون الفائز الأول بجائزة مؤسسة عبد الهادي الدبس للأعمال الخيرية في مجال العلوم الإسلامية عام 1996.
ومع ذلك لم اكتف بما أنجزته من الموسوعة فقمت بتطويرها لتشمل كل الأعلام اللبنانيين أو الذين دخلوا لبنان من كل الديانات والمذاهب وأعدت اصدارها تدريجيا على تسلسل القرون بدءا من الصحابة الذين أسهموا في فتح المدن والمناطق في لبنان ثم التابعين وثم القرن الثالث وهكذا وصدر منها حتى الآن ثمانية قرون في 16 مجلدا. ويجري العمل الان في كتابة القرنين التاسع والعاشر الهجريين وهي تحمل عنوانا رئيسيا جديدا باسم موسوعة العلماء والأعلام في تاريخ لبنان وساحل الشام. ومن المتوقع -إذا كتب الله لنا فسحة من الأجل -ان تأتي هذه الموسوعة عند انجازها في أكثر من 35 مجلدا.
ولا يفوتني ان أذكر ان مجموع ما صدر لي حتى الآن في نهاية سنة 2016 هو 86 عنوانا في 185 كتابا بين تأليف وتحقيق لنوادر المخطوطات، وفي مقدمتها موسوعة تاريخ الإسلام والمشاهير والأعلام للمؤرخ الحافظ الذهبي وقد صدرت في 52 مجلدا ثم نشرت وأصدرت «الكامل في التاريخ» لابن الأثير في 11 مجلدا وغيرها من الكتب والمجلدات من تأليف عبد الباسط بن خليل بن شاهين الذي أخذ علومه في الجامع المنصوري الكبير في طرابلس، والسيرة النبوية لابن هشام، وقد طبعته للمرة العاشرة وغير ذلك من المخطوطات النادرة التي لم يكن الباحثون يعرفون أسماء مؤلفيها وكشفت عنها لأول مرة. هذا عدا عشرات الأبحاث المنشورة في كتب المؤتمرات العالمية وغيرها.
○ وماذا عن مشاريعكم ومؤلفاتكم المستقبلية؟
• في مجال الاهتمام المحلي في مدينة طرابلس قمت بجمع عدد من المواقع الأثرية والتاريخية لم تعترف بها وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار بموجب المرسوم الصادر سنة 1972 وتقع داخل أحياء طرابلس القديمة. وحققت فكرة الاحتفال بمناسبة مرور 700 عام على بناء الجامع المنصوري الكبير في طرابلس وشارك في الاحتفال وزير الثقافة والتعليم العالي ميشال ادة في نيسان -/ابريل سنة 1994. وكذلك أوجدت فكرة الاحتفال بمرور 1400 عام هجري على الفتح الإسلامي الأول لطرابلس، وأخيرا قمت مع ابني خالد تدمري بالمعرض التاريخي لآثار طرابلس التاريخية المصورة الذي يضم أكثر من مئة لوحة لآثار المدينة الموجودة في أكثر من عشرين دولة وهو معرض دائم منذ عشر سنوات في قاعة المؤتمرات الكبرى في غرفة طرابلس للتجارة والصناعة والزراعة.
وأنجزنا فيلما عن طرابلس بعنوان «درة الشرق» بإسهام من بلدية طرابلس كما أصدرنا 30 ألف نسخة من كتب «جولة في طرابلس» ونتطلع إلى تحقيق مشروع العرض بالصوت والصورة داخل قلعة طرابلس أو على واجهة السور يستعرض تاريخ طرابلس وآثارها بإيجاز بعدة لغات.
○ انطلاقا من أبحاثكم في تاريخ المنطقة ودراستكم لعصورها الذهبية، ما سبب الانحطاط الذي وصلنا إليه من تعصب ومن انتشار للإرهاب؟
• لا شك ان التخلف الاقتصادي يؤدي إلى التخلف الاجتماعي والثقافي والفكري، ومن هذه الثغرة التي تعاني منها امتنا منذ عقود استطاعت الصهيونية والدول الاستعمارية ان تنفذ إلى مجتمعاتنا العربية بكل الوسائل غير المشروعة لتضليل أفكار شعوب الوطن العربي باعتناق المذاهب والأفكار الهدامة والمتطرفة، لتضرب أسس الأمة من جذورها وتشوه معتقداتها وتصرفها عن التوجه للتصدي لعدوها التاريخي إلى تدمير تراثها وبلدانها من الداخل، كما هو حاصل اليوم في سوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر والصومال، وكاد ان يحصل في لبنان مثل ذلك وهذا ما يريده العدو الصهيوني المستفيد الأول مما يحصل من تخريب وتدمير لمقدرات الأمة.
○ هل ما نعيشه اليوم هو انتفاضات، ثورات أم انحطاط فكري وحضاري؟
• ان المخطط واضح للعيان وهو تدمير الدول القومية التي تملك المقدرات العسكرية الوطنية وكانت البداية في العراق بكذبة امتلاكه الأسلحة النووية ثم تدمير ليبيا وتفكيكها وتقسيم السودان وضرب قدرات الدولة السورية وسط التضليل الأعلامي بما سمي بـ «الربيع العربي» وهو التخريب والتدمير بعينه.
وللمرء ان يتساءل هل الربيع العربي يتحقق بإحراق مكتبة جامعة الموصل وآلاف المخطوطات العربية النادرة وتدمير تحفها وتحطيم التراث الحضاري؟
أليس هذا ما فعله القرامطة في العراق وبلاد الشام قبل أكثر من ألف عام، أليس هذا ما فعله الفرنج الصليبيون حين دخلوا طرابلس الشام وأحرقوا مكتبة دار العلم فيها عمدا سنة 1109 وكان فيها ثلاثة ملايين مخطوطة؟ وهل ننسى ما فعله المغول من تدمير لمكتبات بغداد وما فعله القوط في مكتبات الأندلس؟
ان الصهيونية العالمية ودول الغرب الاستعمارية تريد ان تقضي على التراث الحضاري في امتنا بأيدي المتطرفين الذي أزاغت قلوبهم وأعمت أبصارهم فدمروا جزءا من حضارة بلاد الرافدين من خلال آثار بابل ونينوى ودمروا في سوريا مدينة تدمر وآثارها العالمية وكذلك الحال في اليمن.
○ وكيف يمكن مواجهة تنامي التيارات المتطرفة في مجتمعاتنا العربية؟
• ليس أمام الأجيال الا التمسك بقيمها وموروثها الحضاري في قراءة تاريخها لتعيد من تجارب هذه الأمة وتحافظ على مكامن قوتها ووحدتها. وعلى العلماء المتنورين ان يقوموا ببث روح الوحدة والتسامح ونبذ الاحقاد وبث الفتن والفرقة والعصبيات بين الفرق والمذاهب والاعتصام يدا واحدة وقلبا واحدا على ما فيه من تعزيز لوحدة الأمة لتحرير فلسطين وإليها يجب توجيه البندقية.

 المؤرخ اللبناني د. عمر عبد السلام تدمري لـ «القدس العربي»: ينبغي إعادة البحث عن المخطوطات العربية والإسلامية الضائعة في المكتبات الغربية

حاورته: روعة قاسم

الخطر الآتي بعد التسويات في سوريا واليمن: «الأطفال الجنود» وقود الغد للإرهاب والجريمة!

Posted: 25 Feb 2017 02:12 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»:تجنيد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة، ولا سيما في الساحات العربية المشتعلة، أصبح مسألة بالغة الخطورة نتيجة تنامي هذه الظاهرة، واحتمال توسّعها مع طول أمد الصراع العسكري وتفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني في مناطق الحروب، وانسداد الأفق أمام الأجيال الناشئة التي تُعاني النزوح والتهجير وتقطن في مخيمات في ظروف معيشية صعبة، يصبح معها التعليم نوعاً من أنواع الترف بدل أن يكون شرطاً أساسياً لضمان مستقبل أطفال اليوم… رجالات الغد. وهو ما ينطبق بصورة رئيسية على كل من مناطق النزاع في سوريا والعراق واليمن وغيرها من مناطق الحروب مثل ليبيا والصومال وجنوب السودان وأفغانستان.
المعضلة هي أن القيم الإنسانية، خلال الأزمات والحروب، تُداس ويصبح كل شيء مباحاً، خصوصاً إذا لم تكن حروباً كلاسيكية بين دول تُشكّل الاتفاقات الدولية رادعاً لها، ولو في الحد الأدنى، تجنباً لإدانتها ومحاكمتها دولياً لارتكابها جرائم حرب. الحروب الممتدة اليوم من العراق إلى سوريا واليمن وحتى ليبيا وأفغانستان والصومال وجنوب السودان وغيرها، تغيب فيها الضوابط كلياً بفعل تفلّت القوى المتصارعة، من قوات نظامية إلى التنظيمات والجماعات والميليشيات المسلحة، من أي ضوابط تستبيح معها كل شيء من دون وازع.
لكن ما هو مقلق على الساحات العربية، ما تشهده كل من سوريا واليمن وسط التقارير الأممية التي توثق ارتفاع أعداد تجنيد الأطفال في ظل استمرار الحروب وغياب أفق الحل ووجود الملايين من النازحين وسقوط مناطق تحت سيطرة الميليشيات والتنظيمات المتطرّفة.
هذا لا يعني أن العراق في وضع أفضل، ذلك أن الأرقام المتدنية حول حالات التجنيد، التي وردت في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة للدورة السبعين حول «الأطفال والنزاع المسلح»، تعود إلى نقص في المعلومات الواردة من مناطق المواجهات ومناطق سيطرة تنظيم «الدولة»، وعدم القدرة على التحقق مما يجري هناك. إذ أن التقرير لم يتحدث سوى عن أعداد تم التبليغ عنها لم تتجاوز 230 حالة تجنيد، تم بعضها في صفوف «حزب العمال الكردستاني» وغيره من الجماعات المسلحة الكردية، وفي صفوف قوات «الحشد الشعبي» التي أصبحت منذ نيسان/أبريل 2015 تخضع لسلطة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فيما العدد الأكبرمن عمليات تجنيد الأطفال يعود إلى «تنظيم الدولة الإسلامية» في محافظتي الأنبار ونينوى. وقد عُرضت في وسائل التواصل الاجتماعي، صور لـ «جنود أطفال»، أثناء تنفيذهم لعمليات إعدام.

مدارس غسل أدمغة الأطفال

تلك الأرقام المتواضعة في العراق لا تعكس حقيقة الواقع. فالتقارير الصحافية التي كانت ترد من مناطق سيطرة «تنظيم الدولة الإسلامية» سابقاً في العراق لا تختلف عن تلك التي ترد من مناطق سيطرته في سوريا، حيث السياسة المتبعة هي سياسة واحدة حيال الأهالي الخاضعين لسلطتهم والقوانين والأنظمة التي يطبّقونها. فمدارس «تعليم الشريعة» للأطفال، والتي تقوم بمهمة «غسل أدمغتهم» موجودة بالصوت والصورة ويتباهى بها «التنظيم». وكذلك معسكرات التدريب التي يصوّرها «التنظيم» وينشر من خلالها كيفية إعداد الأطفال لاكتساب المهارات القتالية واستخدام الأسلحة، بحيث يظهرون وهم يسيرون تحت «الراية السوداء»، وبتسميات عدة منها «أشبال العز» و «أشبال الزرقاوي»، ويطلقون النار على أهداف محددة. ويتحوّل «الأطفال الجنود» إلى عناصر انتحارية أو جواسيس في غالب الأحيان، فضلاً عن انخراطهم في جبهات القتال الدائرة.
ما هو غير واضح يرتبط في حقيقة الأمر بأعداد المنتسبين من الأطفال إلى «داعش»، وإن كانت الاتهامات التي توجه إليه في غالب الاحيان تشير إلى أن تجنيده للأطفال يتم عبر الخطف والترهيب أو الترغيب وثقافة الضخ الديني. بعض الإحصاءات العائدة إلى الحكومة السورية المؤقتة، ومقرها في غازي عنتاب، تشير إلى أن أغلبية المنتسبين إلى داعش هم بين 9 ـ 18 سنة ونسبة السوريين منهم قد تصل إلى 30 أو 40 في المئة.
عمليات التجنيد ليست محصورة بتنظيم «داعش»، بل تطال أيضاً تنظيمات أخرى منها المتشددة، ومنها المعتدلة وإن كانت بأرقام محدودة، لكن الأهم أنها تطال أيضاً القوات النظامية السورية، وهي تتم عبر التشكيلات المسلحة مثل «مليشيات الدفاع الوطني» و «اللجان الشعبية» و «كتائب البعث» التي تم إنشاؤها بعدما بات النظام أمام خطر السقوط الفعلي، وبعد دخول الميليشيات الشيعية لمساندته، حيث جرى تجنيد الأطفال وإخضاعهم لدورات تدريبية، بحيث يتولون أعمال الحماية للأحياء وإقامة حواجز التفتيش ونقاط المراقبة والأعمال اللوجستية.
إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن أطفال سوريا باتوا مجهولي المستقبل نتيجة نسبة الأمية المخيفة بين صفوفهم. فمعظم التقارير الدولية، ومنها تقرير» اليونيسف» لعام 2013 الذي تحدّث عن «وجود نحو 3 ملايين طفل في سوريا والدول المجاورة غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بانتظام. ويشكل هذا الرقم نحو نصف سكان سوريا ممن هم في مرحلة الدراسة، كما أن ما يقدر بمليون طفل سوري محاصرون أو في مناطق يصعب الوصول إليها، وأن الملايين مهدّدون بأن يكونوا جيلاً ضائعاً، يسهل استقطابه واستغلاله».
وفي رأي معارضين سوريين أن حجم المشكلة هو أكبر إذا ما تم أخذ أعداد الولادات التي حصلت منذ إندلاع الأزمة السورية وحصول عمليات التهجير والنزوح، سواء إلى مناطق داخل سوريا، أو إلى مناطق خارجها في تركيا والأردن ولبنان. فتلك الولادات تُعدّ بمئات الآلاف، وهؤلاء أطفال لا يعيشون حالاً من الاستقرار، ولا يعرفون معنى وجود وطن وبلد، ولن يتسنى لهم دخول المدارس، وهم تالياً سيتحوّلون إلى «قنابل موقوتة» مع أقرانهم من الأطفال الذين غادروا بلادهم ولم يعرفوا سوى البؤس والتشرّد والفقر، وحين يعودون إلى ديارهم يوماً، سيكونون فتية غير متعلمة وغير قادرة على الاندماج في المجتمع، يعتريهم الإحباط والنقمة، بحيث يسهل استخدامهم إذا لم تجد الأزمة السورية طريقها إلى تسوية سياسية عادلة تترافق مع مشروع دولي وعربي لإعادة تأهيل الإنسان السوري قبل الحجر ودمجه في وطنه عبر مشروع مصالحة وطنية حقيقية.

ثلث المقاتلين في اليمن أطفال

الأرقام في اليمن تبدو مرتفعة جداً مقارنة مع ما هو موثق ومنشور من أرقام حول العراق وسوريا. فوفقاً لصندوق الأمم المتحدة للطفولة ـ «اليونيسف» فإن الأطفال في صفوف الحوثيين وغيرهم من الجماعات المسلحة يشكلون نحو ثلث المقاتلين في اليمن.
ووثقت الأمم المتحدة، حسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة للدورة 70 حول «الأطفال والنزاع المسلح»، «زيادة بمقدار خمسة أضعاف في حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة، ولا سيما بعد تصاعد القتال في 26 آذار/مارس 2015، بالرغم من الصعوبات في التحقق من الحالات بسبب القيود المتعلقة بالأمن وإمكانية الوصول الى مناطق النزاع. ومن أصل 762 حالة تجنيد مؤكدة للأطفال (جميعهم من الفتيان)، عُزيت غالبيتها إلى الحوثيين (72 في المائة)، ثم اللجان الشعبية الموالية للحكومة (15 في المئة) وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (9 في المئة). وساد التجنيد في معاقل الحوثيين، مثل أمانة العاصمة، وتعز وعمران. ولوحظ تحول من التجنيد الطوعي إلى حد كبير إلى التجنيد القسري أو غير الطوعي عن طريق الإكراه، بسبل منها توفير الحوافز أو المعلومات المضللة.»
وذهبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير لها في حزيران/يونيو 2016 إلى الاستنتاج نفسه من أن جماعة الحوثيين المسلحة، منذ سيطرتها على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، زادت من وتيرة تجنيد الأطفال وتدريبهم، وإرسالهم للقتال في انتهاك للقانون الدولي، بحيث يستخدم الأطفال بشكل متزايد ككشافة وحراس وعدّائين ومقاتلين، وقد قتل بعضهم.
عدد الضحايا الذي تتحدث عنه الحكومة اليمنية للأطفال الذين جندهم الحوثيون وصل وفق نبيل عبد الحفيظ إلى 670 قتيلاً و1953 مصاباً، بينهم حالات مصابة بإعاقات دائمة.
لا يؤكد ولا ينفي رئيس منظمة «سياج» لحماية الطفولة في اليمن أحمد القرشي الرقم الذي تذكره وزارة حقوق الإنسان حول تجنيد الحوثيين لعشرة آلاف طفل في صفوفهم، إذ انه لا توجد احصائية لدى المنظمة ولا لدى أي طرف حقوقي في اليمن تحدد رقما معيّنا، لكنها تبقى تقديرات استقصائية خاضعة للأشخاص في الميدان والملاحظات المعاشة يومياً وليس نتيجة احصاءات دقيقة بالأرقام.
الأكيد بالنسبة للقرشي، كما يقول لـ «القدس العربي» أن تجنيد واشراك الأطفال في النزاعات المسلحة قد إرتفع بنسبة كبيرة جداً خلال 2015 و2016، وذلك بما يشكل نسبة 7 إلى 8 أضعاف ما كانت عليه قبل أيلول/سبتمبر 2014. ويعزو ذلك إلى سقوط مؤسسات الدولة وسيطرة الجماعات المسلحة على المدن اليمنية وعلى البلاد عموماً، وإلى اتساع مساحة الحرب في اليمن التي شملت محافظات أكثر مما كانت عليه في 2013. وربما الأهم بالنسبة إليه هو قبول الناس بخيارات بديلة لتحسين سبل معيشتهم باللجوء إلى ممارسة منتهكة لحقوق الطفل ومنها تجنيد الأطفال.

ثقافة قبلية ودينية متطرفة

صحيح أن الأمم المتحدة تتهم الحوثيين بأنهم أكثر جماعة تجند الأطفال، لكنه يعتبر أن كل الفئات العسكرية في البلد ليست نظيفة من عملية تجنيد الأطفال إنما بشكل نسبي.
في المعطيات المتوافرة لدى منظمة «سياج»، فإن وجود الأطفال في الجيش النظامي انخفض كثيراً عما كانت عليه قبل العام 2014، وذلك بعد حملات المنظمة ضد تجنيد الأطفال، لكن هناك الكثير من القبائل التي توالي القوات النظامية التي لا يستبعد وجود مقاتلين أطفال في صفوفها. ولا شك لديها من أن المقاومة التي تضم تنظيمات مسلحة قد لا تكون تطبق المعايير القانونية في ما يتعلق بعمر المقاتلين. كما أن وجود «أطفال جنود» لدى الجماعات الأخرى مثل «القاعدة» هو أقل عدداً من جماعة الحوثي بسبب عمليات تلك الجماعات النوعية وعدم انخراطها في مواجهات على الأرض. ويعود إرتفاع العدد لدى الحوثيين إلى أنهم يسيطرون على المحافظات الأكثر كثافة سكانية ويخوضون مواجهات على الأرض ويحتاجون إلى عدد كبير من المقاتلين، إضافة إلى توقف المدارس الشمالية مثل حجة وصعدة وعمران وبالتالي جزء كبير من الطلبة يذهبون الى الالتحاق بالقتال فضلاً عن عمليات التحشيد التي تمارس بشكل كبير في وسائل الإعلام وفي الخطاب الديني الذي يحثهم على الحرب.»
تجنيد الأطفال في اليمن هي ظاهرة مزمنة تستند إلى ثقافة قبلية ودينية متطرفة تشجع على حمل السلاح. ولكن كان اليمن قد نجح في العام 2014 في خلق أرضية للانطلاق منها في عمل حقوقي مثمر لمناهضة تجنيد واشراك الأطفال في النزاعات المسلحة. وهذا أدى إلى توقيع حكومة محمد سالم باسندوة مع الأمم المتحدة فى أيار/مايو 2014، خطة عمل تلتزم الحكومة بموجبها بالحقوق العالمية للطفل ومعايير حماية الأطفال التي حددتها اتفاقية الأمـم المتحدة بشأن حقوق الطفل، وعلى مبادئ باريس 2007 التي تعتبر هي المرجعية النظرية لمعالجة وضع الأطفال الملتحقين بالقوات النظامية والمجموعات المسلحة. وكان الجيش الموالي لشباب الثورة في العام 2011 بقيادة اللواء علي محسن الأحمر آنذاك بادر لتسريح كافة الأطفال الملتحقين بالقوات النظامية. لكن هذه الجهود أجهضت، وفق القرشي، بعد سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء.
وكما العراق وسوريا، فإن المشكلة في اليمن تبقى في ما يتنظر الأطفال في الغد، إذ نحو 50٪ من الأطفال في سن الدراسة لا يتواجدون في مدارس ولا تعليم لديهم، وكثير منهم هو عملياً ملتحق بالجماعات المسلحة لأسباب عدة منها ما هو معيشي لتأمين مصادر دخل للعائلة أو تعبوي ديني أو نتيجة عادات وتقاليد قبلية.
السؤال المحوري: ماذا سيحل بهؤلاء حين تضع الحرب أوزارها وينتهي دورهم بانتهاء المعارك؟
الصورة قاتمة، إذ أن ملايين الأطفال في ساحات النزاع العربي سيكونون في الغد رجالا أميين لا يفقهون سوى حمل السلاح العبثي. لا يمكلون حرفة وليسوا سوى كتلة بشرية غير منتجة من السهل استقطابهم في جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة. وهذا سيمثل الخطر الآتي على أمن تلك الدول حتى إذا نجحت في الخروج من حروبها وبدء عملية بناء الدولة، إذ أن التحدي يكمن في التعامل مع هذا الخطر القادم عبر وضع استراتيجيات فعالة تستهدف هؤلاء الشباب وإعادة دمجهم وتأهيلهم اقتصاديا واجتماعيا وحتى فكريا وثقافيا وعلمياً… وإلا فالانفجار الحتمي آت.

«الطفل الجندي»

في تعريف «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» فإن «الطفل الجندي» هو «كل شخص لم يتجاوز عمره 18 سنة وعضو في القوات المسلحة الحكومية أو في الجماعات المسلحة النظامية أو غير النظامية، أو مرتبط بتلك القوات، سواء أكانت هناك، أم لم تكن، حالة من الصراع المسلح». والتعريف هنا، يطال السن، نوع المشاركة التي قد تكون مباشرة أو غير مباشرة، والتي تذهب من حدود المشاركة بالأسلحة في الأعمال العدائية، إضافة إلى زرع الألغام الأرضية والمتفجرات، ومهام التجسّس والاستطلاع والطبخ، أو حتى الذين يجري «استعبادهم» جنسياً.
و «الأطفال الجنود» هي صفة تنطبق، على سبيل المثال لا الحصر، على الأطفال والغلمان والفتيات. وثمة عوامل عديدة تدفع بهؤلاء للتحوّل إلى «جنود». أولى هذه العوامل تعود إلى الظروف غير الطبيعية التي يعيشونها.

الخطر الآتي بعد التسويات في سوريا واليمن: «الأطفال الجنود» وقود الغد للإرهاب والجريمة!

رلى موفّق

بعد 119 عاما على التهجير الأول أبناء الجنوب يبحثون توحيد كلمتهم: النوبة في مواجهة مشروعات السيسي

Posted: 25 Feb 2017 02:12 PM PST

تخيل أبناء النوبة في مصر، أن مشكلتهم الممتدة منذ 116 عاما، انتهت، بالموافقة على دستور عام 2014 الذي أقر حق عودتهم للقرى التي هجروا منها في أربعة أحداث مختلفة، عندما تضمن مادة حملت رقم 236  نصت على : «تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة ومنها الصعيد وسيناء ومناطق النوبة، بمشاركها أهلها في مشروعات التنمية، والاستفادة منها مع مراعاة الأنماط الثقافية والبيئية للمجتمع المحلي خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور وذلك على النحو الذي ينظمه القانون، وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات على النحو الذي ينظمه القانون».
إلا أن ثلاث سنوات جدد أضيفت لتاريخ الأزمة، ليدخل أبناء النوبة العام 2017، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مع أحد أهم المشروعات القومية التي دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، وليبدأوا حركات نضال ضد تملك الأراضي في توشكى، وغيرها من المواقع التي تضمنها المشروع في أقصى الجنوب المصري.
وكانت أحلام النوبيين بانتهاء مشكلتهم، بإقرار الدستور، اصطدمت بعد أشهر من إقرار الدستور، بالقرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014، الخاص بتحديد المناطق المتاخمة لحدود جمهورية مصر العربية والقواعد المنظمة لها، وطعن عدد من النوبيين على القرار، بسبب وضع أكثر من 17 قرية من القرى النوبية القديمة من ضمن المناطق المحظورة والممنوعة التي ﻻ يجوز التوطين فيها و ﻻ الإقامة عليها، ما اعتبره أهالي النوبة، مخالفا لأحكام الدستور المصري الجديد الذي قرر أحقية أهالي النوبة في إعادة توطينهم في قراهم القديمة.
وبينما دخل النوبيون في أزمات جديدة مع الدولة، دعا الاتحاد النوبي العام، لعقد مؤتمر خلال الأيام القليلة المقبلة، يجمع كل الحركات والجمعيات التي تمثل النوبة، لبحث الضغط من أجل تنفيذ مطالب العودة، واختيار ممثلين للتحدث باسمهم مع الجهات المصرية الرسمية، بعدما دبت الخلافات في المجتمع النوبي على خلفية الاتهامات المتبادلة بمحاولة التحدث باسم النوبة والالتفاف على مطالب الأهالي.

أزمة تعدد المتحدثين

وقال إبراهيم عابدين عضو الاتحاد النوبي العام لـ «القدس العربي»، إن الاتحاد سينظم المؤتمر النوبي الثالث لتوحيد كلمة النوبيين، وحل أزمة تعدد المتحدثين باسمه، الذي يعطي الحكومة المصرية فرصة الالتفاف على مطالب النوبيين، مؤكداً أن المؤتمر سينظم إما في 24 شباط/فبراير الجاري أو 3 اذار/مارس المقبل على أقصى تقدير في مدينة أسوان
وانتقد عابدين، اجتماع رئيس الوزراء المصري شريف اسماعيل، بأشخاص لا يمثلون أهالي النوبة، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لحل مشكلة تملك الأراضي، معتبرا ذلك التفافا على مطالب النوبيين، مؤكداً ان حديث البعض باسم النوبيين والتفاف الحكومة على مطالبهم، يدفع الشباب للتخلي عن الحوار والاحتجاج على الأرض مثل قافلة العودة التي نظمها الشباب وغيرها.
وأكد وجود كيانات عبارة عن جمعيات مجتمع مدني  تتآمر مع الحكومة على حقوق النوبيين، مشيراً إلى ضرورة وجود رؤية واضحة لإصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية للنوبيين.
وقال وليد عدنان المتحدث الرسمي للتنسيق بين قرى الشلال، ومنكوبي الخزان، لـ «القدس العربي»، إن المؤتمر يهدف إلى تفعيل المادة 236  من الدستور المصري، وإلغاء قرار 444، وأيضاً المطالبة بتشكيل هيئة لإعمار النوبة وإعادة السكان إلى قراهم الأصلية.
وأكد على ضرورة تمليك منازل قرى الشلال، ومنكوبي الخزان بالمجان، بجانب إلغاء القرار 498 بالسطو على أراضي غرب أسوان، مطالبا بإلغاء توشكى من كراسات مزادات هيئة الريف المصري أسوة بقرار الرئيس الخاص بإلغاء منطقة فورقندي من مشروع المليون ونصف المليون فدان .
وشدد على ضرورة تمليك الظهير الصحراوي لكل قرى النوبة، إضافة لإحلال وتجديد منازل نصر النوبة.
وقال محمد عزمي، رئيس الاتحاد النوبي، لـ «القدس العربي»، إن المؤتمر يهدف إلى تشكيل مجموعة للتحدث باسم أهالي النوبة مع الجهات الرسمية من خلال ورقة شاملة عن كل المشكلات والمطالب النوبية.
وفي إطار الخلافات النوبية النوبية، قال النائب ياسين عبد الصبور، عضو مجلس النواب عن دائرة نصر النوبة في محافظة أسوان، إنه تقدم بطلب إحاطة في مجلس النواب المصري لوزارة التضامن الاجتماعي، للكشف عن نشاط مؤسسة المرأة الزنجية. وأشار إلى أن البشرة السمراء للنوبيين هي لون بشرة القدماء المصريين مثل توت عنخ آمون ورمسيس الثاني وغيرهما وليس للنوبيين علاقة بالزنوج، مؤكدا، أن بعض وسائل الإعلام سبب أساسي في الترويج لمؤسسة «المرأة الزنجية» إضافة إلى الادعاءات إنها تطالب بتعويضات النوبة.
وطالب عبد الصبور، وسائل الإعلام بتوخي الحذر والدقة فيما ينقل بشأن هذه القضايا التي تثير القلاقل والعنصرية داخل الوطن الواحد، محذراً إياها من اللعب بورقة المطالب النوبية تحت أي مسمى قد يؤثر سلباً على الوئام الاجتماعي.
ونفى وجود أي علاقة بين النوبيين وما أطلق عليه مؤسسة المرأة الزنجية التي أشيع إشهارها في مركز نصر النوبة، موضحا، أن وزارة التضامن الاجتماعي أبلغته بعدم وجود أي مؤسسة تحمل هذا المسمى للنوبيين.
وقال الكاتب ذو الأصول النوبية رامي يحيى لـ«القدس العربي»: «يهمنا كمواطنين تفعيل الدستور ككل، فهو العقد بين المواطن وأجهزة الدولة، وهو الضمانة الوحيدة لتحقيق السِلم المجتمعي» متهما النظام الحالي بأنه يضرب بالدستور برمته عرض الحائط، ويتعامل معاه بوصفه تفصيلة شكلية لاستكمال الديكور اللازم للبقاء ضمن أسرة المجتمع الدولي، لكن في حقيقة الأمر فلا وجود هنا لما يتعارف عليه «الدولة المدنية الحديثة» أو «دولة القانون».
وتابع: «من أكثر المواد التي تهمني كنوبي مصري هي المواد الخاصة بالتنوع الثقافي وبحقنا في العودة لأراضينا، لكن الدولة لا تكترث للثقافة كفكرة، ويكفي تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي قال فيه (يعمل إيه التعليم في وطن ضايع)، فإذا كان رئيس الدولة لا يعرف أهمية التعليم… فهل ستعرف باقي أجهزة الدولة أهمية الثقافة؟».

الاطاحة بأراضي 17 قرية نوبية

وبشأن المادة رقم 236 من الدستور المصري التي تنص عن حق عودة النوبيين إلى قراهم الأصلية، قال يحيى: « المادة لا تطبق نتيجة إصرار الدولة على عدم إتمام العودة، فكل الخطوات الفعلية تؤكد أن هناك إرادة سياسية لتصفية الملف النوبي عن طريق خلق أمر واقع مغاير يستحيل تعديله مستقبلًا، من أول القرار الرئاسي رقم 444 لسنة 2014، الذي بمقتضاه تتحول المنطقة من خط الحدود مع السودان وحتى 110 كيلومترات شمالًا إلى منطقة عسكرية، ما يطيح بأراضي حوالي 17 قرية نوبية، وحتى استمرار التقاعس عن اتخاذ أي خطوات إيجابية في طريق تفعيل المادة، مرورًا باستمرار المسلسل المزيف الخاص بالحديث عن نية خفية عند النوبيين للانفصال إلى آخر المؤامرات الخفية التي لا يراها إلا النظام ورجاله وتابعيه من إعلاميين أو نواب برلمانيين».
وزاد يحيى: « النظام لا يفعل الدستور لعدة أسباب، منها أسباب اقتصادية مثل الاستيلاء على الثروات المعدنية شرق النيل، وبيع الأراضي الخصبة غرب النيل، بخلاف طبعا العداء الأصيل لهذا النظام العسكري لكل مختلف، خصوصا ثقافيًا، كمان التوجه العروبي للنظام واللي انعكس على المناهج والثقافة جعلى حالة من الاستعراب تحيط بكل شئ وترفض كل ما هو مختلف ثقافيًا، وهي الأزمة نفسها التي مزقت وتمزق السودان، ونرى آثارها أيضًا في سوريا والعراق».
وعبر عن أسفه لعدم وجود كيان نوبي جامع، قائلا : «حالنا كحال كل الشعب المصري، نتفق على غضبنا من النظام لكن لا نستطيع – حتى الآن- أن نلتف حول خطة سياسية أو كيان سياسي واحد، ما يستغله النظام ببراعة، لكن طبعًا يحق لنا استخدام كل وسائل الضغط السياسية والقانونية، بداية من الكتابة على وسائل التواصل الاجتماعي مرورا بالتظاهر والاعتصام وصولًا للتقاضي أمام المحاكم المصرية أو حتى رفع الأمر للمنظمات الإقليمية والدولية التي تنخرط فيها مصر. بل وحتى مقاضاة الحكومة البريطانية بوصفها من قام بترسيم الحدود وتقسيم النوبة وأيضًا من بدء مسلسل إغراق النوبة، من خلال بناء خزان أسوان، باختصار يحق لنا الوصول لأبعد مدى في القتال الشريف من أجل حقوقنا التاريخية… أم أن حرية الحركة حكر فقط على الطغاة واللصوص؟».

قافلة العودة النوبية

وكانت الأزمة النوبية، شهدت مرحلة جديدة، حينما أعلنت الحكومة عن المرحلة الأولى من مشروع «المليون ونصف فدان»، وطرح كراسات شروط لـ500 ألف فدان للبيع، في الفرافر وغرب المنيا وتوشكى.
النوبيون اعترضوا على هذا الأمر، وطالبوا باستبعاد أراضي النوبة من البيع في مشروع المليون ونصف فدان، والتأكيد على أحقية أبناء النوبة في تملك منطقة توشكى، لأنها الظهير الصحراوي لأراضيهم الأصلية، ولكن الحكومة لم تستجب لهم.
وقررت الكتل النوبية في أسوان في نهاية العام الماضي، تنظيم وقفة احتجاجية بمنطقة توشكى جنوبي الوادي لرفض طرحها للبيع أو الاستثمار ضمن مشروع المليون ونصف فدان، وأطلقوا «قافلة العودة النوبية» إلى منطقتي خور قندي وتوشكى جنوبي الوادي، للتأكيد على رفض بيعهما في المزاد العلني للمستثمرين باعتبارهما من المناطق التاريخية الخاصة بالنوبيين.
 وخرج 19 ميكروباص، محمل بالأهالي تجمعوا من 44 قرية نوبية، 19 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وفي أثناء طريقهم إلى توشكى اعترضتهم قوة أمنية على طريق أسوان – أبو سمبل، ومنعتهم من استكمال رحلتهم، لتنشب مشادات واشتباكات بينهما.
وتفاقمت الأزمة واضطر الأهالي إلى الاعتصام وقطع الطريق في الاتجاهين، لتتعطل الحركة المرورية بين أسوان وأبوسمبل.
الخبر انتشر بسرعة الصاروخ في أرجاء النوبة، لتقوم مجموعة أخرى من النوبيين، بقطع طريق السادات أمام نادي النوبة ومحكمة الأسرة في أسوان، مطالبين باستكمال أهلهم رحلتهم إلى توشكى وخور قندي.
مجموعة ثالثة قطعت طريق (مصر- أسوان) الزراعي، بجانب قطع السكة الحديد، لتشل الحركة المرورية تمامًا بين القاهرة وأسوان.
في حين اتجهت مجموعة رابعة محاولة قطع طريق السادات أمام منطقة الكرور، ولكن الأمن تصدى لهم لتحدث اشتباكات عنيفة تطورت إلى إطلاق الأعيرة النارية، ما أسفر عن إصابة شخصين بطلق ناري نقلوا إلى المستشفى.
يذكر، أن أهالي النوبة تعرضوا للتهجير من أراضيهم التاريخية أربع مرات، الأولى عام 1902 لبناء خزان أسوان، وعام 1912 بسبب تعلية المياه في الخزان، وعام 1934 بسبب تعلية الخزان، إضافة إلى التهجير الأخير من أجل بناء السد العالي.

بعد 119 عاما على التهجير الأول أبناء الجنوب يبحثون توحيد كلمتهم: النوبة في مواجهة مشروعات السيسي

تامر هنداوي

 تيمقاد الجزائرية: الرومانية الوحيدة في افريقيا تصارع الزمن

Posted: 25 Feb 2017 02:11 PM PST

الجزائرـ «القدس العربي»: تعتبر مدينة تيمقاد الأثرية الواقعة في ولاية باتنة شرقي العاصمة الجزائرية متحفا في الهواء الطلق، فهي مدينة أثرية رومانية شاهدة على عصور غابرة، والوحيدة التي بقيت شامخة صامدة في افريقيا، رغم مرور الزمن ورغم الإهمال، وقد اشتق اسم تيمقاد العربي والمقصود به أم الرخاء أو أم الهناء من الاسم اللاتيني «تاموقادي» وصنفت سنة 1982 كواحدة من المدن التراثية العالمية من قبل منظمة اليونيسكو التابعة للأمم المتحدة.
يرجع أصل اسم مدينة باتنة إلى لفظ «بتنه» الذي كان يقصد به الـ «مبيت» وخلال فترة الاستعمار الفرنسي، وبالتحديد سنة 1848 قررت السلطات الاستعمارية تسميتها بـ«لومباز الجديدة» لكن سرعان ما تمت العودة إلى التسمية الأولى بعد حوالي سنة من تغييرها، وحافظت المدينة على الاسم بعد استقلال الجزائر سنة 1962.
ورثت منطقة باتنة تاريخا حضاريا عريقا، حيث تعاقبت عليها عدة حضارات، بداية بالحضارة النوميدية التي ما زالت آثارها ماثلة للعيان، خاصة على مستوى منطقة إشوكان وقرية بالول، المعروفة بحصنها الشهير الواقع في دائرة منعة، وكذا ضريح إمدغسن في دائرة المعذر، قبل أن تتعرض إلى غزو روماني نجح في السيطرة عليها، بعد حروب طاحنة مع النوميديين سنة 42 بعد الميلاد.
وشهدت المدينة في عهد الرومان ازدهارا عمرانيا، فتم تشييد عدة مدن مثل لومبازيس سنة 81 بعد الميلاد، وثاموقادي المعروفة بتيمقاد حاليا، وديانة المعروفة بزانة حاليا سنة 100 بعد الميلاد، وتواصلت سيطرة الرومان على المنطقة حتى القرن الرابع بعد الميلاد، حيث احتلها الونداليون سنة 431 بعد الميلاد، إلى غاية 534 بعد الميلاد، ثم قدم إليها البيزنطيون.
بعد ذلك جاءت الفتوحات الإسلامية، وتم فتح المنطقة على يد عقبة بن نافع سنة 669 ثم جاء الأتراك سنة 1585 وخضعت المنطقة إلى حكم باي قسنطينة، واستمرت السيطرة العثمانية عليها، حتى جاء الغزو الفرنسي، الذي وصل إليها سنة 1844 وبعد السيطرة عليها، قررت السلطات الفرنسية اخضاعها إلى نظام عسكري بسبب موقعها العسكري الاستراتيجي.

اكتشاف مذهل

ذهل المستكشف الاسكتلندي جيمس بروس سنة 1765 عندما اكتشف آثارا رومانية مدفونة في الرمال، مثل قوس نصر روماني على أبواب الصحراء الجزائرية، دون أن يدرك أن مدينة رومانية كاملة مدفونة تحت الرمال، ولكن لم يتم الكشف عن آثار المدينة حتى عام 1881 عندما قام علماء آثار فرنسيون بالتنقيب عن باقي آثار المدينة، وتم الكشف عن الكثير من الأبنية، وتبين أن سكان المدينة كانوا يعيشون في رخاء، وأن الآثار التي تم العثور عليها تشير إلى نمط معيشي يغلب عليه الرفاه، إذ اختار الرومان بناء هذه المدينة على بوابة الصحراء الجزائرية.
وتمكن الرومان من بسط سلطتهم على منطقة شمال افريقيا في القرن الأول قبل الميلاد،‏ رغم المقاومة الشرسة التي أبدتها بعض القبائل البدوية، ورغم ذلك لم يأمن الرومان على أنفسهم، فقاموا بتشييد العديد من المعسكرات المحصنة ومراصد الحراسة في المنطقة الجبلية شمال الجزائر، ثم اختاروا بناء مدينة تيمقاد، التي قالوا إن الهدف من بنائها هو ايواء الجنود المتقاعدين،‏ لكن الحياة الرغيدة التي كان ينعم بها سكان المدينة من الرومانيين، استساغها سكان المناطق المجاورة الذين كانوا يقصدون المدينة من أجل بيع وشراء السلع، واستهواهم العيش فيها، لكن السلطات الرومانية كانت تمنع الإقامة فيها على غير الحاصلين على الجنسية الرومانية، الأمر الذي جعل الكثير من سكان المناطق المجاورة يتطوعون للخدمة في الجيش الروماني من أجل الحصول على الجنسية للإقامة في تيمقاد، وكانت الخطة تهدف إلى استمالة سكان المنطقة الأصليين، وتحييدهم ومنعهم من مقاومة الوجود الروماني.
وعمل الرومان على المساواة بين جميع المواطنين، حيث قسمت الأراضي بالتساوي بين قدماء الجنود الرومان والسكان الأصليين، وشيدت بيوت بالمساحة نفسها، الأمر الذي استحسنه السكان الأصليون، الذين باتوا شيئا فشيئا يقتنعون بأن الغزو الروماني ليس بذلك السوء، وأن الرومان حملوا إليهم من مظاهر التمدن والمساواة في الحقوق، ما يجعل العودة إلى محاربتهم أمرا مستبعدا.
وذهب الرومان أبعد في استمالة السكان، من خلال تعريفهم بآلهتهم عبر النقوش التي كانت مرسومة على الجدران، وترمز إلى آلهة الرومان ومعتقداتهم، وتم نقش العديد منها على جدران الحمامات التي كانت جزءا أساسيا من يوميات سكان مدينة تيمقاد، وشيئا فشيئا أصبحت هذه الرسوم تنقش في قبور السكان الأصليين ما يعكس تأثرهم بحضارة الرومان وديانتهم.

مدينة الامبراطور

شيدت مدينة تيمقاد سنة 100 بعد الميلاد بأمر من الامبراطور تراجان، وبعد تأسيسها شجع الرومان السكان الأصليين على إنتاج الحبوب وزيت الزيتون والخمر، مستغلين خصوبة الأرض، وازدهرت الزراعة بمختلف أنواعها في تلك الفترة، إلى درجة أن تيمقاد أصبحت هي التي تمون الامبراطورية الرومانية بالكثير من المواد الغذائية الضرورية، الأمر الذي جعلها مركز اهتمام بالنسبة إليهم، وزاد الإقبال على العيش فيها، حتى ضاقت بسكانها، الأمر الذي فرض توسعا عمرانيا خارج أسوارها وحصونها.
وأصبح سكان المدينة من أصحاب الأراضي أغنياء بفضل بيع منتوجاتهم الزراعية، أما المزارعون المحليون فلم يكونوا يجنون إلا القليل، فضلا عن الضرائب التي كانت تفرض عليهم، وشيئا فشيئا وقع الخلل، وزادت الهوة بين الأغنياء والفقراء، وغابت مظاهر المساواة التي حاول الرومان إرساءها، فوقعت انتفاضة قام بها المزارعون الصغار في القرن الثالث بعد الميلاد، إلى درجة أن بعضا ممن اعتنقوا الديانة الكاثوليكية انضموا إلى الدوناتيين الذين كانوا يناهضون الفساد والانحراف في الكنيسة الكاثوليكية.
ولم تعرف المدينة بعد ذلك الهدوء، ودخلت في صراعات دينية وحروب أهلية وتعرضت لغزوات، ومع مرور الزمن لم تعد قادرة على الصمود، ولا الرومان كانوا قادرين على مواصلة بسط سيطرتهم على منطقة شمال افريقيا، وبعد عدة قرون رحل الرومان عنها وحل محلهم البيزنطيون، وشيئا فشيئا أصبحت المدينة عرضة للإهمال والنسيان فغطتها الأتربة والرمال ودخلت في سبات طويل تجاوز الـ1000 سنة، قبل أن يكتشف الاسكتلندي جيمس بروس بعضا من آثارها، ليواصل الفرنسيون المهمة بعد احتلالهم الجزائر سنة 1830 وشروعهم شيئا فشيئا في التوسع شمالا وجنوبا للسيطرة على كامل التراب الجزائري.
عاش سكان تيمقاد في كنف رغد العيش، بدليل أن أحد النقوش التي عثر عليها في المدينة يقول ما يلي: «الصيد،‏ الاستحمام،‏ اللهو،‏ الضحك.‏ هذه هي الحياة!‏». ورغم أن الرومان كانوا متدينين، إلا أنهم كانوا أيضا مقبلين على اللذات الحسية بشراهة، وكانوا يفضلون الاستمتاع بحاضرهم بدل البحث والتفكير في جوهر الحياة والقصد منها، كما عثر على غربي المدينة تيمقاد آثار لبازيليك تضم بركة معمودية، والتي تعتبر شاهدا على أن المدينة بحلول القرن الرابع ميلادي وقعت في أيدي الدوناتيين، الذين انشقوا عن الكنيسة الكاثوليكية بدعوى انحرافها، كما أنهم اعترضوا على تدخل أباطرة الرومان في شؤون الكنيسة، واعتبروا أن انشقاقهم عن الكنيسة الكاثوليكية مرده أنهم أكثر استقامة وطهارة، لكنهم في الواقع لم يكونوا بالاستقامة التي تحدثوا عنها، بدليل أنهم تورطوا في نزاعات عدة، وجلبوا لأنفسهم نقمة السلطات الرومانية.‏
تشبه الآثار الرومانية لمدينة تيمقاد بشكلها المُربع رُقعة أحجار الشطرنج، كما تنتشر البيوت القديمة في أطراف المدينة، والتي كانت تقيم فيها العائلات التي سكنت في هذه المدينة، وما زالت هذه المنازل تحافظ على شكلها الأصلي وفي أطراف المدينة تنتشر البيوت، والمنازل التي كانت مخصّصةً للعائلات التي عاشت في تيمقاد، وتحتوي أيضا على مجموعة من المرافق العامّة التي حافظت على شكلها الأصلي، والتي استُخدمت في نشاطات مختلفة، مثل حفظ الماء والطعام، ومخازن المياه.
ومن بين أهم المواقع في هذه المدينة الأثرية نجد منتدى تيمقاد، وهو عبارة عن ميدان كبير يقع وسط المدينة، وقد تم تشييده في الأخير بعد الانتهاء من بناء المدينة، ويسمح له موقعه الذي يتوسط البنايات بأن يكون همزة وصل بين مختلف أرجاء المدينة الأثرية، ويوجد فيه العديد من المعالم مثل المعبد والكاتدرائية والمسرح.

مهرجان الطرب

أما مسرح المدينة الشهير، فيتسع لأكثر من 3500 متفرج، ويعتبر من أبرز المعالم الأثرية في المدينة، وكان يخصص للعروض الفنية والترفيهية المختلفة، ويستقطب الفنانين من داخل المدينة وخارجها، وقدمت في المسرح عروض شهوانية تناولت مواضيع الفسق والعنف الذي كان يميز حياة الرومان، ورغم مرور قرون من الزمن إلا أن المسرح الروماني في تيمقاد ما زال حتى يومنا هذا يستضيف سنويا مهرجانا للطرب، وقد غنى على مسرحه العديد من الفنانين العرب مثل ماجدة الرومي وكاظم الساهر وغيرهما من رموز الطرب العربي. معبد سريسيوس من أشهر المعابد في تيمقاد، وقد تعرّض للتدمير الجُزئيّ بفعل العوامل الطبيعيّة، وخصوصاً الزلازل التي ضربت المدينة، وقامت السلطات الجزائريّة بترميم المعبد، وإعادة بنائه ليعود إلى شكله السابق.
ويقطع المدينة طريقان رئيسيان وهما المحور الرئيسي الشمالي الجنوبي، والمحور الرئيسي الشرقي الغربي، ولها أربع بوابات رئيسية وهي بوابة الشرق المتوجه نحو مدينة خنشلة، وبوابة سيرتا الشمالية، وبوابة تبسة الجنوبية، وبوابة الغربية نحو مدينة «لامبيز».
وتوجد في تيمقاد مكتبة تمّ اكتشافها في عام 1906 وعثر فيها على نصوص باللغة اللاتينيّة القديمة، تتناول التاريخ الرومانيّ القديم، وتم أيضا العثور على العديد من الوثائق التاريخيّة، فيما تعرضت مخطوطات أخرى وكتب إلى التلف بسبب عوامل الطبيعة، وتُقدّر الإحصاءات أن المكتبة كانت تحتوي على أكثر من 28000 مخطوط وكتاب.
ويمثل قوس النصر الموجود عند المدخل الجنوبيّ لمدينة تيمقاد واجهةً بالنسبة إليها، إذ كان يستعمل كبوابة كبيرة للمدينة، يتم من خلالها تنظيم حركة السير، سواء تعلق الأمر بالمشاة أو العربات التي تدخل وتخرج من المدينة، وتمت إضافة بعض النقوش إلى القوس في عهد الامبراطور الروماني سيفيروس، وتوجد أيضا «ساعة شمسية» في قلب الميدان المسمى «المنتدى» وقد صنعت في شكل خطوط طويلة متعامدة تحدد الوقت بالاعتماد على انعكاس أشعة الشمس.
أحد النقوش التي عثر عليها في المدينة يقول ما يلي: «الصيد،‏ الاستحمام،‏ اللهو،‏ الضحك.‏ هذه هي الحياة!‏»

 تيمقاد الجزائرية: الرومانية الوحيدة في افريقيا تصارع الزمن

كمال زايت

من نازك الملائكة ورجاء النقاش إلى البياتي وبلند الحيدري: استحضار الأرواح والذكريات

Posted: 25 Feb 2017 02:11 PM PST

في المقال عن الرائعة غادة السمان، قبل أسبوعين حاولَتْ، ونجحتْ في استحضار أرواح عدد من الأدباء والشعراء الذين كنّا، أنا وأبناء جيلي، نحب أعمالهم. وقد نجحت، كذلك، في استحضار ذاكرتي عن بعض أولئك الأدباء، والشعراء منهم بخاصة، الذين كانوا روّاد الحداثة في شعرنا العربي، كلٌّ وطريقته، ولا بأس من البداية بالشاعرة الكبيرة نازك الملائكة.
أغاظني قليلاً كلام رجاء النقاش عن نازك، أنها قد «ترهَّلت بعد الزواج والإنجاب» هل هذه ملاحظة «جنتلمان»؟ ومن رجل، متأدب، لا يتمتع هو نفسه بقامة مثالية، بل يميل إلى «الإمتلاء»؟ أعرف نازك شخصياً، منذ عام 1957، وكانت قد عادت من جامعة وسكنسن الأمريكية وتعينت للتدريس بقسم اللغة العربية، في الكلية التي تخرَّجت فيها في عام 1944 وتخرجتُ أنا فيها عام 1952. هي جاءت بماجستير في الأدب المقارن، وأنا جئتُ بماجستير باللغة الإنكليزية وآدابها من هارفرد. كان وجود نازك في الكلية التي أنجبت شعراء الحداثة في العراق مكسباً للشعر الحديث. هنا تخرج كبار شعرائنا العرب: سليمان أحمد العيسى، عبد الرزاق عبد الواحد، عبد الوهاب البياتي، لميعة عباس عمارة، عاتكة وهبي الخزرجي وقد سبقهم جميعاً نازك، فأسست لشعر الحداثة، الذي انتشر إلى كلية الآداب التي تأسست في أوائل الخمسينات، وأنجبت الشاعر العربي العراقي، الكبير بجميع المقاييس: مظفر النّواب.
ثم تعرَّفتُ على نازك بشكل أكبر لما جاءت هي وزوجها إلى جامعة الكويت عام 1968. وكان لها ولد واحد هو برّاق الذي حصل بعد سنوات على دكتوراه في الأدب الأمريكي من جامعة نيفادا، وعمل لبعض حين في الجامعة الأمريكية في القاهرة. لم تكن نازك «مترهِّلة» لا قبل الزواج ولا بعده، فمن أين جاء «النقّاش» بهذه الملاحظة غير الشعرية، وغير اللائقة؟ لما تزوجت نازك من أستاذنا د. عبد الهادي محبوبة، الشيعي المذهب لم نعرف، ولم نسأل إن كانت هي شيعية المذهب كذلك. فقد كان ذلك لا يعنينا، لا أنا ولا أبناء جيلي، حتى جاء جيل «التحرير والديمقراطية» بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. فصرنا نسمع بنســــبة الشيـــعة في العراق وبالمظلومية ومصطلحات غريبة على الأذن العراقية، متعددة الأعراق والأديان.
واستحضار ذاكرتي جاءت بحكاية طريفة عن رجاء النقاش تعود إلى العام 1958. كان ثمة احتفال شعري في بغداد برعاية وزارة الثقافة وكان النقّاش من المدعوين. جاء يسأل عني بالاسم، ولم أكن أعرفه شخصيا، بل كنتُ أقرأ له في الصحف المصرية. قال لي بعد المجاملات المصرية اللطيفة «عاوز تاخدني النجف» ولفظ الجيم قاهرية، فصلَّحتها له لأن أحداً لن يفهم تلك الكاف الأعجمية. لماذا النجف؟ قال: سمعتُ أن فيها «تُلتمية وخمسين شاعر وأنا أحب الشعر وبلد نازك». فسلَّمته إلى أحد الشباب من مرافقي الوفود. ولما عاد مساء سألته: «إزاي شفت النجف؟» فقال بحماسة: «أنا حتجنن يا خواتي». «ليه؟ كفى الله الشر؟» قال: «رحت داخل في السوق القديم، فوجدتْ راجل عجوز أمامه قفة تمر وبيده منشة يكش بيها الدبان ومفيش مين يشتري التمر». قال: أحببت «أناكفه!» ولم أفهم الكلمة. قال سألته سؤالاً لا يسأله أحد في النجف: ياعم فين مقام سيدنا علي؟ فرفع رأسه وبدأ يؤشِّر بالمنشّة، قائلاً: أمامكَ فاختَر أيّ نهجيك تنهجُ/طريقان شتى: مستقيم وأعوجُ. إذا كان هذا العجوز يجيب بالشعر، معناها النجف فيها مش «تلتُمية وخمسين شاعر بس، إنّما ألف شاعر».
لكن نازك قضت أيام مرضها الأخير في القاهرة، ولها فيها كثير من الأصدقاء والأدباء. ولما توفيت، لم يخرج في جنازتها أكثر من عشرين من محبي الشعر!
ومن ذاكرتي عن شعراء الحداثة في العراق: عبد الرزاق عبد الواحد، الذي تحدثتُ عنه كثيراً في مقال سابق. فقد عرفته من أول سنة لنا في دار المعلمين العالية عام 1948 وبقينا على تواصل حتى وفاته في مستشفى في باريس في 8/11/2015.
والحداثي المهم الآخر عبد الوهاب البياتي كان يسبقني سنة في «العالية». كان البياتي مثار كثير من الجدل بين الشعراء وأدباء الخمسينات والستينات، بسبب من ميوله اليسارية، جداً، لكن شعره كان يتميز بالتجريب الدائم في الأوزان وفي اعتماد الإيقاع الذي يوحي باختلال الأوزان لمن لا يجيد الاصغاء. من دواوينه الأولى «عشرون قصيدة من برلين» جلبت عليه توكيداً ليساريته المفرطة: «قميصُه الممزَّق الأردان/وفرشةُ الأسنان/وخصلة من شعره لوّثها الدخان/صديقنا تِلمان». وتندَّر الشعراء والأدباء ما حلا لهم بالصور الغريبة في هذه القصيدة وأمثالها من شاعر عربي، بغدادي، من باب الشيخ، يرثي شاعراً من المانيا الشرقية، اغتاله «أعوان الاستعمار». فماذا عن المناضلين العرب من شعراء وغيرهم، اغتالهم الاستعمار (قالت: أيُّهم، فهمو كُثرُ)؟
لكنني نشأتُ على محبة الشعر والشعراء، مهما تكن ميولهم، فبقيتُ معجباً بالبياتي شاعراً، وهو كان يعرف ذلك. وفي عام 1996 أقاموا له في عمان احتفالاً ببلوغه عامه السبعين وكان الحضور من الأدباء والشعراء، وأولهم (المرحوم) الدكتور إحسان عباس الذي كتب عن البياتي كتاباً مهما في أول ظهوره شاعراً. أراد عريف الحفل من يقدِّم البياتي، فكنتُ واثقاً أنهم سيطلبون من الدكتور إحسان عباس، أبرز الحضور، أن يفتح الحفل. فلما استمزجوا رأي البياتي طلب أن أكون أنا من يفتتح الاحتفال، قائلاً «إنني قد عاصرتُ جميع شعراء الحداثة». فأصابني حرج شديد وأنا أقف أمام قامة أدبية كبيرة مثل الدكتور إحسان عباس، لأقدم شاعر حداثة بلغ السبعين.

إلى مثوى البياتي

وفي عام 2008، كنتُ مدعوَّاً من وزارة الثقافة السورية إلى مناسبة لم تتكرر مع الأسف، بعد حلول «الصقيع العربي». كان المشروع تكريم النابهين من الأدباء العرب، وبدأوا بعبد الرزاق عبد الواحد. وطلبوا مني تقديم ورقة بحثية عن شعر عبد الرزاق. وهكذا كان. لكن وجودي النادر في دمشق لم يُنسني أن البياتي الذي توفي في دمشق/طلب أن يُدفن قريباً من ضريح محي الدين ابن العربي. فأخذني سائق الوزارة إلى ضريح ابن العربي، على أن نرتقي المنطقة الوعرة بعده إلى مثوى البياتي. لكن سائق الوزارة رجاني ان نعود في الغد، لاقتراب موعد جلسة نقدية في المؤتمر. لكن هذا الأمل لم يتحقق لي، ولن يتحقق بعد الذي جرى للبلاد والعباد. فمعذرة من روح البياتي.
والشاعر الحداثي الآخر الذي يجب أن يأخذ استحقاقه في الدراسات النقدية هو بلند الحيدري. هذا شاعر عجيب، لم يلتحق بالجامعة بل لم يتعدّ المدرسة المتوسطة. لكنه موهوب، وقارئ نهم، أخرج مجموعة شعرية مبكرة في أواسط الاربعينات بعنوان «خفقة الطين» واستمر في الإنتاج الشعري بنفس حديث. وكان على علاقات حميمة مع جميع شعراء الحداثة في عراق الخمسينات فصاعداً، ومع جميع الفنانين التشكيليين الذين كانت تفخر بهم بغداد الخمسينات والعقود اللاحقة. وهو معروف بخفة الدم وروح الفكاهة وتدبير المقالب. مرة في أوائل الثمانينات جاءني يحمل قصيدة جميلة بعنوان «حوار عَبر الأبعاد الثلاثة» وطلب مني ترجمتها إلى الإنكليزية. فأكملتها خلال أسبوع. وبقينا نبحث عن ناشر. وفي ليلة بغدادية شتائية عاصفة رن الهاتف وبادرني بلند بالسؤال: كيف حالك هذه الليلة؟ فقلت عندنا الأستاذ جبرا والدكتور عبد الرحمن منيف على العشاء… تفضل! قال، ولكن أنا معي صديقي. فقلت أهلاً بك وبالصديق، وحسبتُ أنّه قد وجد ناشراً وجاء مع الكتاب والناشر. وبعد دقائق وصل بلند ملتفعاً بمعطفه المطري، وأخرج من تحت المعطف زجاجة ويسكي قائلا: هذا صديقي الصدوق، وليس القصيدة. فضحكنا كثيراً للمفاجأة، وهو يعرف مع الضيفين أن المشروب لم يدخل دارنا قط وأنا لم أذق في حياتي أي مشروب كحولي. وبين ضحكات د. منيف الصاخبة وتكرار: تستاهل، تستاهل. هات الكؤوس. فأسقط في يدي لأن لم يكن لدينا كؤوس مناسبة للمشروبات… يا لطيف. فاقترحَتْ «نصفي الأحسن» هدية لم تفتحها فيها اثنا عشر كأساً كروية الشكل. قلنا نستعملها ثم نكسرها في الغد. وهكذا كان.
ومما يتصل بشعراء الحداثة ذكريات ذلك الجدل اللامجدي عن من بدأ «الشعر الحرّ» في العراق، بل في العالم العربي: نازك أم السياب؟ لقد كتبتُ كثيراً عن سوء ترجمة المصطلح في وصف «شعر التفعيلة» الذي بدأته نازك عام 1949 في قصيدة «الكوليرا» حيث لم تلتزم بعدد التفعيلات في البيت الشعري التراثي ولو أنها التزمت بالتفعيلة التراثية. ونازك أول من يعلم أن «الشعر الحر» الذي أوجده الشاعر الأمريكي والت وتمان عام 1855 كان كتابة جميلة تخلو من أي وزن أو قافية، الا ما جاء عرضاً من إيقاع يشبه التفعيلة، لكنه لا يستمر على انتظام. كانت عبارة «شعر التفعيلة» قد سمعتُها أول مرة من الشاعر العربي السوري الكبير، من الإسكندرونة، سليمان أحمد العيسى وكان ذلك في مؤتمر المربد في البصرة عام 1973. ثم شاعت هذه التسمية التي هي أحسن الحلول السيئة، لأن الشعر التراثي يقوم على التفعيلة كذلك، لكن الفرق بين الأسلوبين هو فرق في «عدد التفعيلات» في البيت الشعري هنا وهناك. فحتى نهتدي إلى تسمية أدق، ليكن «شعر التفعيلة» هو الاسم الجديد. ولكن «ماذا في الاسم؟» تقول جولييت في مخاطبة روميو.

من نازك الملائكة ورجاء النقاش إلى البياتي وبلند الحيدري: استحضار الأرواح والذكريات

عبد الواحد لؤلؤة

بين العمل الأدبي واستعادة الذاكرة والتوجه الواقعي: سينما الفعل… سينما المغايرة

Posted: 25 Feb 2017 02:11 PM PST

بعيدا عن جلبة الأفلام الأحادية المعنى، يمكن التفكير في السينما انطلاقا من معيارين بارزين، وهما سينما الفعل ارتباطا بقضايا المجتمع وتحولاته الفكرية والاجتماعية والسياسية، وسينما المغايرة. الأولى يمكن الحديث عن جمالياتها من خلال فيلم: «Far from the MaddingCrowd» للمخرج الدنماركي توماس فينتربيرغ. حيث تعود الرواية لتجدد سفرها نحو ممكنات الصورة السينمائية ارتباطا بالرواية الكلاسيكية الشهيرة للروائي والشاعر الإنكليزي توماس هاري.
فيلم «بعيدا عن الحشد الصاخب» الطافح بجماليات الفن السينمائي الكلاسيكي يعيد للسينما «الفعل» بريقها بعد الهيمنة الكبيرة للمؤثرات الصوتية والبصرية وتزييف الأداء الفني بالمزاوجة بين الحضور الشكلي للممثل وبين الطابع الأداتي للتكنولوجيا البصرية الدقيقة التي تتوخى الإبهار بدل القيمة الفنية للعمل السينمائي. وفيلم «بعيدا عن الحشد الصاخب» المبني على سحر الحكاية ودرامية الأحداث، وجماليات الحوار، وشاعرية الصورة السينمائية ارتباطا بالمشاهد الخارجية وبتناسق الألوان وتساوق مكونات الحياة في البادية، بيد أن الحضور القوي للمكون النفسي من خلال شخصية غابرييل أوك الثري الذي تعرض للإفلاس، والفتاة الثرية باتشيبا إيفردين المتمردة والثرية في الآن نفسه وما يرتبط بالشخصيتين من دينامية درامية تكون مجمل أحداث الفيلم السينمائي الروائي خاصة في أشد اللحظات الميلودرامية توترا حين تقف باتشيبا حائرة بين حب الثري ويليام بولدوود (مايكل شين) الذي طلبها للزواج بعد أن أغرم بها، والفارس فرانك تروي (تومستوريدغ) الذي ينجح في الزواج منها لكنه يفشل في الحفاظ على هذا الحب بسبب إدمانه للقمار مما جعله يختار الإنتحار كحل نهائي وجعل زوجته باتشيبا تعود من جديد لحبيبها غابرييل أوك. وقد برز الأداء المتميز للممثلة كاري موليغان بشكل واضح في هذا الفيلم الراصد للحقبة الفكتورية بكل عنفوانها وتحولاتها وهو ما عكسته الأحداث الدرامية للفيلم الذي وظف مشاهد تكاد تنتمي للفيلم التسجيلي من خلال التركيز على الرؤية التوثيقية التطابقية Visual contex بما تقتضيه سلطة المضمون الروائي المقتبس، ولم تخلصنا من سطوة اللقطات الثابثة إلا اللقطات الدائرية «خروج الماشية»، «الحريق»،»الطريق» فضلا عن متتاليات (الحب والخيانة والقدر والسخرية) التي ساهمت في إبراز الأداء المتميز لكاري موليغان.
النوع الثاني من السينما، وهو سينما المغايرة، يمكن الحديث عنه باستحضار جزء من فن الذاكرة السينمائية وعلى نحو خاص صاحب التحف السينمائية «ليالي كابيريا، ويوكاشيو، وضوء القمر» المخرج الإيطالي العبقري فيدريكو فلّيني من خلال قولته الشهيرة «أنْ نبدع، يعني أنْ نتذكّر» علاقة الفعل السينمائي كفعل تخييلي بالذاكرة تستدعي مقاربات فكرية لمفهوم الفعل السينمائي والتباسات التخييل في علاقته بالذاكرة ليس بوصفها مخزونا، بل كمؤثر في فاعلية الإبداع والحوار مع ما تشكل في الماضي على ضوء التمثل البصري السينمائي.

رقابة الأنظمة الشمولية

سينما الهامش الأوروبي أو ما كان يصطلح عليه بـ«أوروبا الشرقية» رغم أنها كانت مقيدة برقابة الأنظمة الشمولية الاستبدادية زمن الحرب الباردة، إلا أنها كانت تتمتع بقوة استثنائية جعلتها تنافس أفلام أوروبا المركزية خاصة وأن فرنسا كانت تعيش في وهج سينما «الموجة الجديدة» تزامنا مع اكتساح أفلام القتل والعصابات الهوليوودية. واليوم رغم كمية الصبيب الهائل عبر الانترنيت وتزايد القرصنة لا أكاد أعثر على تجارب جديدة لسينما ما كان يسمى سابقا بـ«المعسكر الشرقي» إلا ما يعرض في بعض المهرجانات السينمائية وعلى نحو خاص مهرجان لشبونة للسينما المستقلة، ومهرجان القاهرة السينمائي.
سينما «المعسكر الشرقي» تخلصت من نزعتها الشمولية لكنها ظلت وفية في كثير من تجاربها المشرقة للمدرسة الواقعية، واستطاعت كبريات استديوهاتها مواكبة التطور الذي تعرفه الصناعة السينمائية على نحو بلغاريا التي تحولت إلى هوليوود البلغارية باستضافتها لتصوير أفلام أو جزء منها من قبيل فيلم «300» للمخرج زاك سنايدر، وفيلم «الدالية السوداء» للمخرج براين دي بالما، وفيلم «كونان البربري» للمخرج المتميز أوليفر ستون. وفي وقت تشهد فيه الصناعة السينمائية هيمنة مطلقة للتجارب السينمائية الهوليودية. وتبرز بين الفينة والأخرى أفلام رفيعة لسينما «المعسكر الشرقي» ودول بحر البلطيق، روسيا وأكرانيا، وآخرها الفيلم البولندي «Ida» للمخرج بول باولكوسكي الذي حضي بترشيح للمنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، بفضل قوته الجمالية وحبكته السينمائية العاطفية من خلال السرد الفيلمي لقصة الفتاة البولندية اليتيمة أنا ورحلتها للبحث عن عائلتها بعد الحرب العالمية الثانية. وهذه القوة الدرامية بتساوقها مع البناء الجمالي للمشاهد السينمائية والأداء المتميز لآغاتا تريزبوشواسكا، وجماليات الأبيض والأسود تزامنا مع تقنيات الفلاش باك، جعل فيلم «Ida» يتوج بجائزة أفضل فيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان لندن السينمائي في دورته الـ57.
وفي السياق نفسه يمكننا استحضار تجارب سينمائية رفيعة لعدد من المخرجين مثل التحفة السينمائية البولندية «الياسمين» للمخرج جاكوب كولسكي. ويمكن في الآن نفسه استحضار المخرج المجري كارلوي ماك وفيلمه «ايفا» الذي فاز بجائزة أحسن ممثلة ورشح للسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي، وفيلم «العذراء» للمخرج اليوغسلافي سرجان كرانوفيتش الفائز في الجائزة الذهبية في مهرجان فالنسيا لسينما البحر المتوسط، وجائزة أحسن ممثلة دور ثاني في جوائز الفيلم الأوروبي. والفيلم الألماني (ألمانيا الشرقية قبل سقوط جدار برلين) «الخروج» للمخرج هاينر كارو الفائز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي. والفيلمي التشيكي»ليسوا ملائكة ولكنهم ملائكة» للمخرج فيكتور جروديسكي.
ورغم الهيمنة الأمريكية على الصناعة السينمائية، لا تزال تجارب الهامش الأوروبي أو ما كان يصطلح عليه بسينما» المعسكر الشرقي» تؤكد قدرتها على مواكبة التحولات السياسية والمجتمعية وصناعة التميز بالخروج عن المألوف السينمائي في المحكي السينمائي وآليات إنتاج المعنى الفيلمي عبر الصورة، وحركيتها المشهدية.

بين العمل الأدبي واستعادة الذاكرة والتوجه الواقعي: سينما الفعل… سينما المغايرة

عبد السلام دخان

الشاعر الفرنسي بيير ريفردي في «رجل عاش بلا شكوك ولم يقتله الطقس السيئ»: الرائد المجهول لقصيدة النثر العالمية

Posted: 25 Feb 2017 02:10 PM PST

أزعم أن الشعر العربي الذي عرف السرياليين والدادائيين في فرنسا، والحركة المستقبلية في الاتحاد السوفييتي سابقاً، وجيل البِيت في أمريكا، وجيل 27 في اسبانيا، وغيرها من الحركات والتيارات والثورات الفنية والجمالية التي اكتسحت العالم بُعيد الحربين العالميتين، كان لا يعرف الرواد المجهولين من الشعراء والمُحرِّكين والمُثوِّرين لهذه الاتجاهات والأساليب والأشكال التعبيرية داخل الفن الشعري، فثمة قادة مجهولون، كانوا يشعلون الفتيل، ثم يأتي من يحمل الشعلة، ليضيء فيها الزوايا والبقاع والأمكنة المتاحة للمخيلة.
لعل بيير ريفردي، الشاعر الفرنسي الذي ترجمه الشاعر إسكندر حبش، هو من هذه الطينة، تلك التي ثوَّرتْ وفتحت الطريق لفن القصيدة الحرة، وتحديداً قصيدة النثر العالمية، فهو الأول الذي أعطاها الشكل المتعارف عليه كقصيدة، لها بنيان وهيكل ومعمار القصيدة المعاصرة والحالية بعد «سأم باريس» لبودلير الذي لم تتوضح صورة القصيدة لديه في شكلها المتاح، كقصيدة متسلسلة كحبات، ومبنية بمفردات الواقع وصوره وغرائبيته وفنطازيته العجائبية، حين يكون الواقع أغرب وأبعد من الخيال، وهنا السؤال، هل بيير ريفردي جندي مجهول؟ ربما يبدو هكذا، على الأقل في عالمنا العربي، وفي بعض الأحايين حتى في فرنسا ذاتها، لولا وجود شعراء بحجم أراغون وأندريه بريتون وبول إيلوار، يعترفون بريادة ريفردي للقصيدة الجديدة، فهو كان أول من كتبها وأعطاها الهُوية التعبيرية الحديثة، وكان باعتراف بريتون وأراغون المعلم الأول، فهم كانوا يلجأون إليه للنظر في أساليب كتابتهم للقصيدة، أولاً كونه استاذاً، وثانياً كونه ناشراً لمجلة شعرية نشرت القصيدة الطليعية، والريادية، الخالية من التزويق اللفظي والثيمات المكرورة، في دوزنة الشعر الفرنسي المكتوب حول نغمات بعينها، والترديدات النمطية للجملة الشعرية المعروفة بالوزن المتداول لدى الشعراء.
إذاً بفضل نشاطه الثقافي والشعري وبفضل أيضا نشاط غيوم أبولونير نشأت الحركة السريالية، نشاط عمَّمه ريفردي عبر مجلته التي أصدرت كتيِّبات شعرية لرموز تلك الحركة، مزيَّنة برسومات كبار رسامي تلك المرحلة، من الذين زاملهم ريفردي وعاش حقبة التشرد والتصعلك والفن والشعر معهم، مقذوفا على الأرصفة في حي مونمارتر، مع فناني تلك الآونة من أمثال جورج براك وماكس جاكوب وهنري ماتيس وبابلو بيكاسو وجوان غريز. فالتكعيبية في الفن التشكيلي كانت تتوازى وتتساوق وتقوم بالدور ذاته الذي كانت تقوم به الحركة السريالية في الشعر.
وبذا فلقد وصف الشعراء الشباب ريفردي أوانذاك مثل بريتون وغيره من الشلة السريالية بعد موت غيوم أبولونير، وصفوه على أنه «أكبر شاعر حي». ووصفه أراغون في كتاب خاص به، يحمل شهادات عنه بعد وفاته قائلاً: «حين كان حياً، كان ريفردي بالنسبة الينا سوبو وبروتون وإلوار وأنا طهارة العالم».
ولد الشاعر الفرنسي بيير ريفردي عام 1889 ورحل عام 1960 في القرية التي اختار العيش فيها، بعيداً عن الأضواء الباريسية، في عزلته المختارة والمبكرة، حيث هجر باريس، باحثاً عن الخالق والشعر، وملتزماً طريقته الصوفية، ليترهبن في دير قرية «سويلسم» لكنه لم يجد ما بحث عنه حسب تعبيره، فعاد لينكفئ في ضواحي القرية ذاتها، معبراً عن ذلك في قوله: «الشعر موجود في اللا موجود، موجود في الذي ينقصنا، في ما نتمنى حدوثه، الشعر في داخلنا بسبب الذي نحن لسنا عليه».
حين أبصر ريفردي الحياة أبصرها ليجد نفسه بلا أبوين، كان مجهولاً تماماً حتى بلغ السادسة، تعرف إلى عائلته التي تمتهن حرفة العمل بالحجارة والخشب، وقد وصفهم في إحدى قصائده بـ «الدراسات السيئة» ولذا نجد ريفردي ينقطع عن الأهل في سن مبكرة ثم ينقطع عن الدراسة وينقطع عن الريف الذي ولد فيه، متجهاً في عمر العشرين إلى باريس ليعيش غربته الوجودية هناك، كالراهب المتنسك، ساجداً في محراب الشعر والخالق، باحثاً عن السر والعلامة، ولكنه حين لم يحصل على التماس مع الخالق، ويصبح قديساً حقيقياً، ينشد الرهبانية، حصل على نار التجربة وجمرة التواصل مع الإنسان والحبيبة التي كانت زوجته التي رعت خيال الشاعر وآثرت البقاء معه حيثما كان ، وحيث سعى به المصير والقدر.
يعد نتاج ريفردي الشعري قليلاً، مقارنة بتلاميذه مثل إيلوار وأراغون، شاعر حسم أمره باتجاه القليل، شعر قليل، ينضاف إليه أصدقاء قليلون، وسنوات عمر قليلة، لكن هذه القلة، جعلت منه رائدا ومعلما، وهو في الثلاثين من عمره، وله مريدوه ومحبوه وتلامذة تولهوا به، وكالوا له المديح والإطراء وغمروه بكتاباتهم، وجعلوا منه رائياً ومكتشف سبيل جديد للشعر الفرنسي وحتى العالمي.
تجمع هذه المختارات القصائد الدائرية المسترسلة، والمتواترة كسرد نثري، وتلك المتسلسلة كحبات عنقودية، تمتد في متوالية متقطعة، ذات جملة قصيرة وسطر ناقص، ومعنى مبتور وملموم على نفسه. ففي الدائري المبني على شكل وتيرة سردية واحدة، نلقى مثل هذه القصائد كقصيدة «تعويذة» التي فيها يقول: «دمية صغيرة، عروسة جالبة للحظ، تتخبط على نافذتي، تحت رحمة الريح، بلل المطر ثيابها، وجهها، يديها المتراخيتين، حتى أنها فقدت ساقاً، بيد أن خاتمتها بقيت مكانها، ومعها سلطتها، في الشتاء تضرب الزجاج بحذاء قدمها الأزرق وترقص، ترقص من الفرح، من البرد كي تدفئ قلبها، قلبها الخشبي جالب الحظ، في الليل ترفع ذراعيها متضرِّعة إلى النجوم».
في الظن أن الشاعر ريفردي هو رسام صور، رسام مشاهد وزوايا ومناظر طبيعية، في كلماته ثمة لون، ينزاح ليضيء عالمه ومحيطه ورؤياه إلى المكان والمحيط والعالم، وأظن أيضاً، أنه قد استمد ذلك من صحبته الطويلة، في مطالع حياته مع كبار الرسامين، أيام المونمارتر، حي الفن الشهير منذ ذلك الزمن وحتى كتابة هذه السطور. إن اللون يتدفق في قصائد ريفردي، راسماً عبر ذلك لوحته الشعرية، أو قصيدته الملونة بالصور والوقائع، كقوله في قصيدة الشتاء التي جاءت دائرية: «عبر مطر هذا المساء الكثيف والثلجي، حيث ينبعث النور من البوليفار، ثمة رجل صغير أسود ذو وجه مزرق، هل سبب ذلك البرد؟ أم من النار الداخلية التي تشعلها الكحول؟».
لذا نجد العلاقات الحسية وعناصرها ومفرداتها ماثلة في أعماق قصائده، ممتدة في صوره الشعرية، متخذة مساحات واسعة من سطوره الممسرحة، والناحية صوب خلق حوار مع الآخر الوحيد والموجود في الشارع والحانة والزوايا الكثيرة للمدينة، رغم الهاجس الصوفي الذي يلف روحه ويُسبغ على مسيرته اليومية والحياتية ذلك الطابع الكنسي، الساعي إلى التصومع، والعيش في المصير المعزول والأوحد، بيد أن هذا الحس ذا الطابع الديني، لم ينسحب كلية على شعره الموسوم بالصورة واللقطة المشهدية، المولعة بتأكيد الغاية اليومية، ينضاف إليها حالته وطبيعته الشخصية وحالة اللحظة الإنسانية التي يكونها، فضلاً عن عامل الوحدة: «أمن مواقدهم يتصاعد الدخان، أم من غلايينكم؟ فضّلت زاوية الغرفة هذه، الأحد، كي أكون وحدي، والنافذة المقابلة مشرَّعة، هل ستأتي؟ في الشارع حيث تتشكل ذراعانا جسراً، لا أحد رفع عينيه، تتمايل المنازل، حين تتجاور السقوف، لا نعد نجرؤ على الكلام، نخشى الصرخات كلها، تنطفئ المواقد، يشتد السواد».
أما في القصائد المتسلسلة، ذات الانحدار العمودي، المنفرط على شكل كلمات قليلة وسطور مقصوصة، ودفق سائل على شكل قطرات متراكبة، كعقد في سلسلة، فإننا نقرأ الموضوعات ذاتها تقريباً، مع تغيير في الأسلوب والمنحى الذي جعل القصيدة تكون بشكلها الحالي، متواترة، في صيغة تراتبية، وريفردي يمكن أن يكون، من أوائل من أبدع في هذا النسق، وأعطى لقصيدة النثر شكلها المتعارف عليه الآن، ألا وهو الشكل غير المسرود على طول الصفحة، كما كتب بودلير في «سأم باريس»، وقد أكدت على ذلك الناقدة التي أرخت لتلك الفترة، أدريان مونيه، بقولها عن ريفردي:
«لقد أعطى للذين اقتربوا منه الثقل اللازم الذي لم يكونوا يعرفونه لولا وجوده» ومن هذا النسق الذي أكده كشكل للقصيدة الحديثة نقرأ:
«لهاوي الفن العجوز ضحكة بلهاء
مزور ولص،
حيوان جديد،
كل شيء يدفعه للخوف،
يجفف نفسه في متحف
ويشارك في معارض
وضعته في كتاب
على الرف الأخير».
في قصيدة «فائض القسوة» يحاكي ريفردي الحياة ويسائلها عن الآلام التي تمر بها البشرية، فهو قد خبر وعاش سنوات حربين مهولتين، وَسامَه العذاب عبر ذلك، والبرد والخطر، كما أكده في قصائد عديدة «دموع بلا سبب تنهمر من كل الجهات،
لكن ثمة سماء أخرى تستمر بالسطوع من أجل كل هؤلاء الرجال الذين استيقظوا».
وحسب حبش فإن ريفردي «يشكل الشارع والبيت والدرج والغرفة واللمبة والكرسي، الأرض التي حرثها، أو لنقل إن ذلك كلّه كان فضاءه المقفل والطاغي، بمعنى آخر، كانت هذه الأشياء واقعه الكثيف، حيث تجيء النظرة، لا لتصدمه، وإنما لتلامسه».
بيير ريفردي: «رجل عاش بلا شكوك ولم يقتله الطقس السيئ» ترجمة إسكندر حبش
طوى للثقافة والنشر والإعلام ـ بيروت، 2015
152 صفحة

الشاعر الفرنسي بيير ريفردي في «رجل عاش بلا شكوك ولم يقتله الطقس السيئ»: الرائد المجهول لقصيدة النثر العالمية

هاشم شفيق

ولاء إسماعيل و«النقدية العراقية في مجلة الأقلام»: انفتاح المناهج رغم انغلاق الثقافة

Posted: 25 Feb 2017 02:10 PM PST

تجتهد الباحثة العراقية ولاء إسماعيل في كتابها «النقدية العراقية في مجلة الأقلام» في تتبع مجلة «الأقلام» التي صدر عددها الأول في أيلول/سبتمبر من العام 1964. ضم الكتاب ثلاثة فصول وتمهيدا، فضلاً عن مقدمة وضّحت فيها الباحثة أهداف الكتاب وكيفية اشتغالها على المباحث النقدية التي ضمتها المجلة لأكثر من خمسين عاماً، وتحولات النقدية العراقية من خلال هذه المجلة.
وبيّنت إسماعيل سبب اختيار مصطلح «النقدية» ليكون عنواناً للدراسة بديلا عن النقد الأدبي، أو الاتجاهات النقدية أو غيرها من المسميات، مشيرةً إلى أننا نفهم مصطلح «النقدية» ونتعامل معه، مثل فهمنا لمصطلح «الشعرية» أو «الأدبية» التي تجعل من الأدب أدباً، أو الكيفية التي تجعل الكلام العادي كلاماً أدبياً؛ فكذلك «النقدية» هي محاولة لاستخلاص العناصر والخصائص التي تجعل من الكتابة خطاباً نقدياً، فنحن نتفق على أن النقد نوع كتابي يتمتع بخصائص وكيفيات مميزة، لاسيما بعد استقرار المناهج النقدية وانفتاح معالمها وتوجهاتها عبر تراكم الكتابات النقدية لنقاد عرب كبار عبر ما يزيد عن القرن.
أمّا لماذا اختيار مجلة «الأقلام» نموذجاً لبحثها فتجيب أن هذه المجلة كانت قادرة على تمثيل الخطاب النقدي العراقي، واستيعابها للتوجهات النقدية الحديثة، وارتباطها بالتراكمات النقدية. ولذا جاء البحث في الصوغ النقدي في مجلة «الأقلام». أمّا عن اختيار المرحلة الزمنية (1990-2003) فلسنا بصدد تسجيل تأريخ المجلة منذ تأسيسها والتحولات التي أصابتها، أو الملفات التي كُتبت فيها، وإنما نبحث عن الكتابة النقدية في مرحلة الانفتاح رغم انغلاق الثقافة العراقية بفعل الحروب والحصار، لكنّ هذه المجلة كانت قادرة على إيصال صوت المثقف والناقد العراقي في تلك الحقبة، ولذا وجدت الباحثة في اختيار هذا الموضوع، وتلك المرحلة، والكيفية التي يدرس بها، الشيءَ الكثير الذي يوفّر أرضية صالحة للاقتراب من الهوية الثقافية العراقية والنقدية منها على وجه الخصوص وبيان بقائها أو استمرارها ضمن حاضنتها السابقة، أو أن تواصل مواكبة التطور في التحولات النقدية الحادثة في المنطقة العربية، ولذا كان التوجه الذي اعتمدته الدراسة في منهجها يعتمد توصيف العناوين والاستهلالات وتأويلها في الفصل الأول، ويعتمد التوصيف والتحليل في الفصل الثاني، أما الفصل الثالث فكان وصفا للخطوات الإجرائية التي مارستها النصوص النقدية في المجلة، ولكن هذا الأمر يتطلب محايثة النصوص في دراسة أنماط القول النقدي وكيفياته لا الاعتماد الإحصائي في تقسيم المادة العلمية، إذ إن الدراسة تعتمد الشكل النقدي الذي كانت عليه الدراسات في مجلة الأقلام مجالاً للإجراء.
قسّمت إسماعيل مفاهيمها في دراسة النقد في مجلة «الأقلام» على فصول الكتاب الثلاثة، وقفت في الفصل الأول (عتبات الدراسة النقدية في المجلة) عند ثلاث عتبات مهمة ومهيمنة في الدراسات النقدية هي (العنوان) و(اسم المؤلف) و(الاستهلال)، وهيمنت عتبة العنوان على هذا الفصل لما تحمله من قيمة إغوائية وتأثيرية وقصدية على القارئ والنص والوسط الثقافي، وكان الوقوف عند العناوين الشاعرية، والشاعرية المكانية، وعناوين المفارقة، وعناوين الإضافة، ودخول العنوان في علاقة التناص مع النص المدروس ثم الانتقال إلى تحول العنوان من المجلة إلى الكتاب؛ الذي كشف عن قيمة عنوان الدراسة النقدية في مجلة الأقلام، وكذلك حاولت أن تقف عند العنوان الفرعي وما اكتسبه من دلالات وصيغ خلال هذه المرحلة النقدية، ثم انتقلت إلى عتبة المؤلف التي أشَّرت فيها إلى القيمة والدلالة التي تحملها مجمل الأسماء النقدية سواء من داخل الوسط الأكاديمي أم النقدي، ثم انتقل البحث إلى عتبة الاستهلال واقترحت إسماعيل شكلين للتعامل مع هذه العتبة في المجلة، هما الاستهلال الداخلي والاستهلال الخارجي.

مرحلة تدفق المناهج ومصطلحاتها

أما الفصل الثاني فقد كان معاينة للغة الخطاب النقدي العراقي في مجلة «الأقلام»، ولم يكن فصلاً يسيراً، بل كان يحتاج مزيداً من العناء في فهم لغة النقاد ومن ثم تصنيفها. وقد اقترحت إسماعيل تصنيف العمل حسب التوجهات النقدية، أي أن هذه التوجهات فرضت نوعية اللغة والعبارة التي يوظفها الناقد في الدراسة النقدية، فكانت التقسيمات على ثلاث صور هي: لغة النقد السياقي وهذه منقسمة إلى الانطباعية والنقد القيمي/ الانعكاسي، أما الصورة الثانية فهي لغة الخطاب الشارح للنظرية النقدية، وهي الصورة الأكثر حضوراً كما يبدو لأننا نشتغل في مرحلة تدفق المناهج ومصطلحاتها، ولذا كان الناقد العراقي يحتاج التعريف بالمصطلح وشرح النظرية النقدية، أمّا الصورة الثالثة فهي لغة المتن النقدي الشارح للنص الإبداعي، أي لغة الإجراء المعتمد النقد النصي، كما وجدت إسماعيل في هذه الحقبة عناية بلغة العلامة تحت أنواع منها الرسوم، والمخططات، والجداول، وكان لهذا الاستخدام دلالاته سواء كانت العلامة أو المخطوط باليد أم بالطباعة.
في حين أخذ الفصل الثالث مساحة أكثر من الدراسة مقارنة بالفصول الأخرى وهذا أمر قد يكون طبيعياً، لأنّ البحث يشتغل على المرجعيات النقدية المتشكلة داخل الخطاب النقدي وما تثيره هذه المرجعيات من تحول في المناهج النقدية، فلها صور مختلفة نابعة من تغيّر المرجعية، وقد تشكّلت هذه المرجعيات في مجلة «الأقلام» سواء كان النقد سياقياً، فهناك مرجعيات تاريخية واجتماعية ونفسية، أم نقداً نصياً فهناك البنيوية والأسلوبية والسيميائية، أم نقداً ينتمي لمرحلة ما بعد النصية، فهناك التفكيكية والتلقي، ومن ثمَّ وقفت إسماعيل بشيء من الإيجاز عند أسس كل مرجعية نقدية ومن ثم الانتقال إلى الدراسات التي اعتمدتها وتشكّلت بها، وقد أعطت أكثر من نموذج عن كل مرجعية من هذه المرجعيات، محاولة توصيف العمل النقدي سواء كان نظرية أم إجراء، وقد اتسعت بعض المباحث لما تمتلكه من حضور في هذه المرحلة مثل الدراسات البنيوية.
وخلصت إسماعيل في كتابها إلى نتائج عدّة، منها ارتباط المرحلة التي درستها بالأسس المعرفية التي أُنتِجَتْ عبر مراحل متراكمة من تاريخ النقد في العراق، وتباين الوظائف التي يحققها النقد، وانشغاله بذاته في تحقق الوظيفة النقدية، ويبدو أنّ هذه المرحلة- بانعزال العراق عن الثقافة العربية- جعلته ينشغل بالذات من أجل إكساب الخطاب النقدي العراقي هويته الخاصة؛ وهذا ما حدث فعلاً في قراءة تلك المرحلة. ومما ينسجم مع النتيجة الثانية هو أن الاعتناء بـ(العناوين) يمثل جزءاً من الانشغال بتشكيل النقدية، إذ المعهود أنّ (النص الإبداعي) أكثر عناية بالعنوان، لكننا وجدنا أن نصوص النقد العراقي في تلك المرحلة كانت مهتمة في اختيار العناوين، ولذا هيمنت الوظيفة الشعرية في هذا الاختيار. كما مارست بعض العناوين هيمنتها على المرحلة اللاحقة، فاختيرت لتكون منتقلة من صفحات المجلة لتتصدر عتبة الكتاب النقدي. ومن ثمَّ فقد برز العنوان الفرعي في هذه المرحلة النقدية، وحقق الكثير من الدلالات، منها بيان نوعية القراءة النقدية أو مكانها أو السمة التوضيحية التي لم يتمكن العنوان الرئيسي من تأديتها. وبالنتيجة، هيمنت عتبة الاستهلال الطويلة الشارحة لتفاصيل نوعية القراءة النقدية ومصطلحاتها؛ إذ بدأت شيئاً ما تغادر عتبة الاستهلال التقليدية التي تقدّم نتائجها وتعرّفنا بها قبل الدخول في البحث وجاء الاستهلال الذي يؤمّن المقدمات. وظهر في مرحلة التسعينيات نوع جديد من الاستهلال هو الاستهلال الخارجي الذي صار فيما بعد تقليداً عند النقاد والباحثين الأكاديميين.

المنهج والمرجعية

وأشارت إسماعيل إلى أن هذه المرحلة النقدية فيها الكثير من المتغيرات لاسيما في حضور اسم المؤلف/ الناقد، إذ غابت أسماء، وحضرت أخرى، وأخرى رفضت أن تغيب، وأسماء نقدية شعرت بأن التغير النقدي أمر لابد من مجاراته، وأسماء هاجرت بفعل صعوبة المرحلة بكل صورها، وثمة أسماء برزت بقوة وبكثرة لكنها لم تكن مؤثرة أو لها صداها في الجيل اللاحق أو أن تكتب اسمها في تشكيل وتوجيه الأجيال النقدية، وثمة أسماء ظلت متواصلة لأنها فتحت لنفسها مكاناً ومنطقة معرفية لم يكن نقادنا منشغلين به وهذا ما فعلته د. بشرى موسى صالح في دراساتها عن (الأسلوبية) كما برزت أسماء في النقد النسوي كان لها حظوة من النقد العراقي.
إضافة إلى ذلك، حاول الكتاب أن يقف عند مفهومي المنهج والمرجعية، ليؤكد حضور المرجعية النقدية في داخل المتن النقدي وتشكّلها مع النظر إلى المناهج بوصفها الرؤية المنظمة لعمل هذه المرجعيات النقدية…. ومع تغير التوجه النقدي تتغير طبيعة الكتابة النقدية التي تكتب بها، فظهرت لنا مجموعة الكتاب السياقيين، والنصيين أو الوصفيين، وقد كان للغة الخطاب الشارح للنظرية حضور أكثر على مدار الفصل؛ أي: أن اللغة التعريفية كتب بها الناقد البنيوي أو السيميائي وغيرهم، لاسيما مع ظهور المناهج الحداثية التي كانت تحتاج إلى تعريف القارئ بأهم مصطلحاتها ونقادها وإجراءاتها، وظهور نمط آخر من المتن النقدي الذي يعتمد طريقة جديدة امتثل لها النقاد الذين رفضوا أن يظلوا ضمن النقد السياقي أو أن يكونوا جزءاً مسيّراً للنقد الحداثي ومصطلحاته ولغته.
ولا شك أنّ مرحلة التسعينيات وما بعدها هي مرحلة النقد الحداثي أو البنيوي وما بعده، لذا كانت هذه المناهج متسيدة في تلك المرحلة، أما النقد الاجتماعي فلم يكن إلا قابلاً لنصوصه التي يرتضيها وهي النصوص القصصية والروائية حتى مع تطوره وبروز المنهج البنيوي التكويني ظل منشغلا بهذه النصوص الإبداعية التي تحمل وعيا إيديولوجيا. وكانت هناك دراسات خجولة اعتمدت المرجعية النقدية التفكيكية والسيميائية والتلقي لقصر عمر هذه المناهج في تلك المرحلة.

ولاء إسماعيل: «النقدية العراقية في مجلة الأقلام»
دار الرافدين، لبنان، العراق 2017
صفحة 185.

ولاء إسماعيل و«النقدية العراقية في مجلة الأقلام»: انفتاح المناهج رغم انغلاق الثقافة

صفاء ذياب

 سليم بركات: «الأبواب كلها»

Posted: 25 Feb 2017 02:10 PM PST

منذ «كل داخل سيهتف لأجلي، وكل خارج أيضاً»، 1973، أصدر الشاعر السوري سليم بركات 19 مجموعة شعرية؛ وهذه هي المجموعة العشرون، فضلاً عن «الأعمال الشعرية» التي سبق أن صدرت عن المؤسسة العربية، سنة 2007. ويعلّمنا تاريخ الإنجازات الإبداعية الفردية درساً كبيراً، مفاده أن أعمال الأدب الاستثنائية قامت بواحد من إنجازَين: إما أنها أسست أسلوبية جديدة، أو تسببت في مُحاق أسلوبية قديمة؛ الأمر الذي يعني أنها – في النتيجتين – حالات خاصة للغاية. وأدب بركات نموذج رفيع على تلك الحالات الخاصة: شعره ضخّ حياة جديدة في المشهد الشعري العربي المعاصر، وروايته أحيت عالماً سردياً يكون فيه العجائبي مادة كبرى جبارة لالتماس إنشاء العالم الفعلي. الأهم من ذلك، وهذه ليست مفارقة البتة، أن بركات الكردي كتب بلغة عربية فصحى -حية، دافقة، بليغة، إعجازية، فاتنة، طليقة، بالغة الثراء والجسارة والجزالة – ولعب دوراً كبيراً في تحديث قوامها التركيبي واستخداماتها البلاغية ووظائفها الخطابية؛ الأمر الذي يغني عن القول إنه بات بؤرة استقطاب، ومعيار قياس، ونموذج تأثير.
المجموعة الجديدة، هذه، تحمل العنوان الفرعي: «ترديد الصدى في التلاعب بأخلاق الليل»؛ وهي قصيدة واحدة طويلة، موزعة على فقرات ومقاطع فرعية، هنا نموذج منها: «العالقون عالقون أمام أبواب المخامر، لا تزجروهم، والناكصون ناكصون: وراء أولاء الأبواب تُبعثُ الأنهارُ للحساب أولاً، والحدائق للحساب على فضائح الشجر، ومروق الظلال، وهرطقة الممرات. حساب من سُكْرٍ. عقابٌ/ وثواب/ من/ سُكْر/ وصدىً للنهائي قادماً في قباقيبه/ السُكرة ريحانية ـ تلك السكرة قبل اللون، وبعد اللون/ السكرة قبل النقض وبعده/ قبل العقل وبعده/ السكرة/ الريحانية/ في/ الأفواه/ نبيذٌ/ في الأفواه».
دار المدى، بغداد 2017. 

 سليم بركات: «الأبواب كلها»

شكري المبخوت: «أحفاد سارق النار»

Posted: 25 Feb 2017 02:09 PM PST

الأصل في شخصية المؤلف أنه أستاذ جامعي، ومفكر لغوي، وناقد ثقافي؛ له، بين أعمال عديدة متميزة: «الاستدلال البلاغي»، «المعنى المحال»، «توجيه النفي»، «جمالية الألفة: النصّ ومتقبّله في التراث النقدي»، «نظريّة الأعمال اللّغويّة»، و«تخييل الأصول: الإسلام وكتابة الحداثة». ثم كان أن طلع على المشهد الثقافي العربي برواية مفاجئة، «الطلياني»، سرعان ما أثبتت خصوصيتها حين فازت بجائزة الـ»بوكر»، دورة 2015؛ أعقبتها مجموعة قصصية بعنوان «السيدة الرئيسة»، ورواية ثانية، «باغندا». عمله الجديد هذا سيرة ذاتية وفكرية، كما يقول العنوان الفرعي. وعلى الغلاف الأخير جاء، بقلم المبخوت: «… إذا كان أقصى التأميل في النقد الادبي التعرّفُ إلى الإنسان وهو يتحرك في المكان والزمان مضطلعاً بمنزلته الإنسانية، تحولاً وترقياً وتردداً وتفاعلاً مع بيئته، فإنّ العمق الإنساني والوجداني الذي صيغت به السير الذاتية الفكرية مرتبط بصورة نمطية اتخذت أشكالاً متنوعة في التعبير عنها وترتيبها في حبل القصّ وبناء الهويات السردية لأصحابها. وقوام هذه الهويات السردية تمرّدُ صاحب السيرة الفكرية في البدء وبحثه عن معنى وجوده، أداته في ذلك المعرفة والثقافة. وقصارى جهد هذا المتمرد على مجتمعه، المتبصر بذاته وبالآخر، المظفر في تحقيق مشروعه المعرفي، إنما هو جعل الآخر، شريكه في الإنسانية والانتماء الثقافي، يؤمن، في ضرب من حوارية الذوات وتفاعلها، بفكرة التقدم والترقي الإنساني عبر تقديم أنموذج للنجاح والترقي الفردي، يمثّله أشخاص صنعوا، بجهدهم وكدّهم وطموحهم، نماذج بطولية. وأكبر ظننا أن هذه الملامح التي قدّمنا الأساسي منها، هي ملامح برومثيوس سارق النار من الآلهة في الأسطورة اليونانية وبعض تأويلاتها وملامح معادله فاوست كما رسمها الدارسون. أفليست أقباس النور التي اختلسها برومثيوس من الآلهة دليلاً على تمرّد وتبصّر فكريين مرتبطين بظهور الوعي الإنساني؟».
دار مسكلياني، تونس2017.

شكري المبخوت: «أحفاد سارق النار»

منصورة عز الدين: «أخيلة الظل»

Posted: 25 Feb 2017 02:09 PM PST

في سنة 2011 نشرت الكاتبة المصرية منصورة عز الدين عملها الأول، وكان مجموعة قصصية بعنوان «ضوء مهتز»؛ اتسم بالمزج الدائب، ولكن البارع والتجريبي باتزان، بين الملموس والغرائبي، وبين الافتراضي الاستيهامي والواقعي الوقائعي. ذلك الخيار كان أشبه بالإعلان المبكر عن هوية أسلوبية، لعلها سوف تغري القاصة (غاوية اللعب بالسرد، أصلاً!) بالانتقال إلى الرواية؛ وهذا ما تحقق بالفعل في رواياتها الأربع، حتى الساعة: «متاهة مريم»، «وراء الفردوس»، «جبل الزمرد»، و«أخيلة الظل». لكنّ مزاج القصة القصيرة، وبعض جاذبية الـ»نوفيلا»، والاشتغال على ما يجمع بينهما والرواية، وما يفرّق؛ ظلّ يلازم عز الدين، وتجلى في مجموعة قصصية ثانية، بعنوان «نحو الجنون».
وبين القاهرة والجسور على النيل، وبراغ والجسور على الفلتافا؛ وبين كاميليا مجدي وآدم كوستاكي، ونظائرهما في انشطارات الأزمنة والأمكنة، والشخوص والنفوس؛ كما في التشكيل الإيقاعي لتوزيع فصول الحكاية، ودلالات عناوينها، وتشابك وظائفها… فإنّ عز الدين، في هذا العمل الجديد، تواصل ذلك الشغف المستحبّ، ولكن الشاقّ أيضاً، الذي يُعنى إطلاق ألعاب السرد على عواهنها؛ ليس دون حساب، وضبط، واقتصاد.
هنا فقرة من ختام الرواية (وعنوانه «انتهى قبل أن يبدأ؟»): «في الوقت نفسه، وبعيداً عن الفلتافا وبراغ ومتحف كافكا، في حديقة عامة مهملة ومنسية على مقربة من النيل، كان ثمة امرأة في التاسعة والثلاثين، تتحسر على طفل أجهضته قبل أن يولد، وتحدق في صورة التقطتها سابقاً بعدسة تلفونها المحمول، صورة مثل ركلة غير متوقعة، تظهرها وحيدة منهكة وأكبر من عمرها الفعلي بسنوات. رفعت المرأة وجهها إلى السماء، تتأمل تشكيلات السحب، وانفصلت عن ضجيج الشارع القريب، ثم وضعت يديها على جانبي رأسها، وركزت على تأمل الأرض في المسافة الفاصلة بين قدميها».
دار التنوير، بيروت 2017. 

منصورة عز الدين: «أخيلة الظل»

ماهر أبي سمرا: وجود الخادمة دلل الرجل وخفف أعباء المرأة

Posted: 25 Feb 2017 02:09 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: عندما وصل الصوت متسللاً من ليل المنازل، مجيباً على سؤال إشكالي عن وجود «العاملة المنزلية» في حياة العائلات اللبنانية، وتكرر المشهد برتابة دون مواجهة الشاهد، نجح مخرج فيلم «مخدومين» في جعلنا نحاكم ذاتنا. ولج ماهر أبي سمرا إلى منطقة مطبق عليها في وعينا بتأكيده أن مسلمة قولنا ككفلاء «منعاملا كتير منيح» وحدها كافية لمحاكمتنا على فعل عبودية نمارسه على الغير كما يمارسه أرباب عملنا علينا، في القطاع الخاص أو العام.
«مخدومين» فيلم وثائقي من ساعة وعشر دقائق لعب في متروبوليس ـ صوفيل طرح قضية اليد العاملة المنزلية وغياب الحقوق المهنية والإنسانية. معالجة ولجت الجانب السياسي والاقتصادي المحلي والعالمي وما أفرزته الليبرالية الجديدة من ممارسات. حتى وإن حكى «مخدومين» عن خصوصية لبنانية في العمالة غير المحمية قانوناً، إلاّ أنه يخاطب حالة قائمة في العالم، منها العمالة الوافدة من أوروبا الشرقية إلى أوروبا الغربية. لهذا وجد ترحيباً حيث عُرض في ألمانيا، وفرنسا، والأرجنتين، وهولندا، وبلجيكا، ودبي وأخيراً بيروت. كما نال جوائز عدة وتنويهات.
يحكي المخرج ماهر أبي سمرا عن اليد العاملة الرخيصة كموضوع عالمي. ويقول لـ «القدس العربي»: الأمريكيون يستخدمون أعداداً هائلة من اليد العاملة الفلبينية. تطور الاقتصاد الليبرالي وصار استخدام اليد العاملة الرخيصة دون حدود. غزت مصانع الملابس والأحذية الشهيرة من أوروبا والولايات المتحدة بلدان العالم الثالث هرباً من الحقوق المكتسبة للعمال في بلدانها. والتصنيع في البلدان الفقيرة يعتمد الاستغلال الهائل. وهذا ما أورده الفيلم عن مصنع الملابس الضخم الذي هبط وقضى على 1135 من العمال في بنغلاديش. ولدى عرض الفيلم في ألمانيا تبعه حوار طويل تناول في جزء منه نساء الخدمة المنزلية من بلدان أوروبا الشرقية، حتى وإن اختلفت الظروف نتيجة اختلاف الوضع الاقتصادي. النيوليبرالية تركتنا نرى مدراء شركات شهيرة يرافقون رؤساء دولهم الأوروبية في زياراتهم لبلدان العالم الثالث، بهدف توقيع عقود لاستخدام اليد العاملة الرخيصة. نظام قائم عالمياً، نعتمده كلبنانيين حتى أقصاه مع تشويهه.
للوهلة الأولى قد نرى الربط بين استخدام معلمة لبنانية لعاملة أجنبية وبين «السيستام» أو النظام العالمي الليبرالي مثيراً للعجب، ولأبي سمرا موقف: كسبت المرأة حقوقها بعد نضال كبير من إجازة أمومة ملائمة، ودعم للحضانة وغير ذلك. في لبنان تواطأت الدولة مع السيستام لعدم وجود أي ناظم لحياة البشر. والمجتمع برمته قاصر عن إحقاق حقوقه البديهية. وهذا ما يتم التعويض عنه بامرأة تحل مكان أخرى في تلبية الحاجات.
ماهر ابي سمرا المخرج يمسك في أفلامه بعنوان اجتماعي أو سياسي ويترك كل منهما في خدمة الآخر وصولاً لتسليط الضوء على جانب اقتصادي مالي هو الأصل. ما هي حوافزه للتعبير السينمائي؟ يقول: لأفلامي نصوص، ووجهة نظر سياسية واجتماعية. لا قناعة عندي ببراءة فكرة الموضوعية، بل نحن حيال وجهات نظر مبنية وفق منطق سياسي اجتماعي. في «مخدومين»، أو «دوّار شاتيلا» عن اللاجئين الفلسطينيين أو غيره يستفزني كمواطن يعيش في هذا البلد أن تصبح عدم العدالة شكلاً طبيعياً للحياة.
ماذا بعد التصفيق الأوروبي والجوائز لأفلام تحكي العدالة المفقودة عندنا؟ لا يوافق أبي سمرا على هذا التساؤل عن علاقة الغرب بأعمالنا الفنية ويبلغنا جديده: أمس تلقيت رسالة تفيد بنيل «مخدومين» جائزة من مهرجان يحمل عنوان «صوِّر الشغل» في فرنسا. للمهرجان لجنة تحكيم، لكن وزارة العمل هي التي قدّمت الجائزة المالية. لم أكن موجوداً في المهرجان وطلب مني كتابة كلمة. لم يكن عابراً عندي المرور على مشروع قدمه وزير العمل الحالي في فرنسا لخفض الرواتب وزيادة ساعات العمل. رسالتي تضمنت هذا السلوك الرسمي وتمت تلاوتها. في الغرب يشاهدون الفيلم ومن ثم يناقشون السيستام المتبع عندهم.
سرد صوت المخرج في فيلم «مخدومين» حكاية «سلمى» التي اشتغلت «صانعا» ومن ثم افتتحت سنة 1960 أول مكتب للخدم. مكتب «الست سلمى» كان يُشغّل بين 5 و10 آلاف فتاة سنوياً. «فرط» شغل سلمى مع بدء وفود العاملات من سيريلانكا سنة 1978. بعدها تقول سلمى بنفسها «بعت المكتب وتوفيت سنة 1985». هكذا تقول بما يتطابق مع السرد الدرامي للفيلم، ويأتي في سياق رؤية المخرج للشخصية. ومن خلال حكاية «سلمى» بدا تاريخ اليد العاملة المنزلية من لبنانية، فلسطينية وسورية أشد إيلاماً مما هو واقع الأفريقيات والأسيويات، فهن مطلوبات بعمر الطفولة «بين 7 و12 سنة». كمشاهدين رسمنا لهن صوراً قاسية للغاية. «سلمى» تحولت من خادمة شغّلتها البعثة البابوية حين كانت تمد اللاجئين الفلسطينيين بالمساعدات بعد نكبة 1948 إلى مشغلة للخدم. عن «صانعات» المرحلة الشهابية حين كثر من يطلبون الخدم يقول ماهر أبي سمرا: يريدونهن صغيرات العمر لأنهن غير مزعجات، يتعاملون معهن كغير مرئيات، ويمكن تربيتهن حسب رغبة ست البيت. في حاضرنا الخادمة غير مرئية أيضاً لأننا نريدها لا تعرف لغتنا وليس لديها أصدقاء. هي موجودة في منازلنا إنما حضورها غير مربك لأنها مشيئة.
قد يقصد أحدنا صالة متروبوليس لمشاهدة «مخدومين» وفي باله أنه سيكون وجهاً لوجه مع صاحبات البشرة السمراء اللواتي يتولين تربية أطفالنا. هذا ليس وارداً سوى في مشهد واحد تؤدي فيه الممثلة برناديت حديب دور السيدة وحولها خادمتان. تعلمت من والدتها ما يفيد أن الخادمة التي تجيد عملها، هي التي تعمل ولا نراها ولا نشعر بوجودها «Invisible». هو التعريف العالمي للخدم حسب أبي سمرا، وينسحب كذلك على النساء ربات المنازل. نعم الخادمات غير مرئيات في الخلفية الفكرية وكذلك في هندسة غرف نومهن في العمارات.
لماذا العاملات غير مرئيات في فيلم عنهن والحوار برمته يدور حولهن؟ هن الضحايا نعم يقول أبي سمرا، لكني قررت تسليط الضوء على صاحب المكتب. أن تحكي خادمة فلن يكون قرارها، كفيلها سيمنحها الإذن، فهي ملكه. لم أرغب بعاملة تتكلم، فلا سعي عندي لحسن النوايا. وفي مكتب الاستخدام سمعنا صوتهن ولم نرهن.
في «مخدومين» يتداخل السرد مع المشهدية، تتنقل الكاميرا بين العمارات وتصلنا ردود النساء أو الرجال على سؤال المخرج. في روايته السردية نعرف من أبي سمرا أن من قالوا «نعامل الخادمات منيح» رفضوا الظهور أمام الكاميرا. لكن أبي سمرا نجح في وضعنا أمام محاكمة ذاتية والسؤال «شو يعني منيح»؟ وفي تعليقه لنا قرأ في «المنيح»: سلطة جديدة مسلّطة على الخادمات. فإن هنّ تنكرن لـ»المنيح» سيكون لهن رب عمل قد لا يكون «منيح». «المنيح» صار عطاءً وغير مُكتسب.
في البحث عن حقوق المرأة سجل أبي سمرا انتصاراً للرجل الذي صار حراً من أي التزام منزلي، عندما صارت لزوجته مساعدة. صار الزوج يمنن زوجته بالخادمة، فيما المطلوب أن يتحرك في منزله ليقوم كما زوجته بكافة المهام. فواقع العاملة المنزلية أنها تقوم بمهام الرجل بنسبة 100٪ وبنسبة 50٪ من مهام المرأة. وهكذا يتدلل الرجال.
استسلام صاحب مكتب الخدم زين ومعاونته أمال للكاميرا كلياً أتى لصالح الفيلم، وحضورهما المتواطئ جعل الزبائن في حال اطمئنان فاكتمل المشهد. في رأي أبي سمرا أن الكاميرا خاصته أتت من ضمن منطق العلاقة بينه وبين الشخصية. حضرت الكاميرا بكل ثقلها، وأتت الصورة حصيلة العلاقة التي بنيت مع زين ووضوح الـــهـدف. كـنــت في بحث عن منـطـــق نظــام الاستخدام وليس عن «أبلسة» زين. وبعيداً عن مكتب زين رغب المخرج بتوجيه الإصبع نحو من يقول «نحنا مناح» وهم حسب أبي سمرا 90 في المئة من اللبنانيين.
التعايش اللبناني الكلي مع الخادمات اللواتي فاق عددهن 200 ألف عاملة رغم الديون التي ترزح تحت عبئها الدولة انعكس على المخرج أبي سمرا حالا من الهدوء خلال الأبحاث الخاصة بالفيلم وصولاً لإنجازه بالشكل الذي شاهدناه. في المحصلة هو ليس فيلماً مختصاً بالخادمات فقط، بل جذوره متصلة بالنظام العام للعمل أو «السيستام» ونحن براغي فيه حسبه. وهو على صلة كذلك بالمساواة في المهمات بين النساء والرجال، والمساواة بين الأبيض والأسود، وتأمين الخدمات العامة المفقودة للمواطنين. ينهي أبي سمرا الحوار قائلاً: هي البرودة التي حكمت أبحاثي، لهذا لم أواجه ما يدهشني. فقط تعمق حزني على حالنا.

ماهر أبي سمرا: وجود الخادمة دلل الرجل وخفف أعباء المرأة
«مخدومين» يتغلغل إلى نسيج «سيستام» الاستغلال العالمي
زهرة مرعي

«الإرادة لا تعرف المستحيل»: تجربة إنسانية جديرة بالاقتداء من لدن الشباب

Posted: 25 Feb 2017 02:08 PM PST

الرباط ـ «القدس العربي»: لم يعد تدوين السير مقتصرا على الأدباء والمفكرين والفنانين، بل صار يشمل أيضا السياسيين والرياضيين ورجال الأعمال. وبذلك، تجاوزت كتب السير الغايات الأدبية والجمالية والنفسية، لتصبح شهادات حية عن عصر أو تجربة أو عن مسار.
وتتوزع السير ما بين ذاتية، أي تلك التي يكتبها مؤلفوها أنفسهم عن حياتهم، وغيرية يُقصد بها تلك التي يوكل أصحابها أمر كتابتها إلى غيرهم ممّن يمتلكون ناصية الكتابة وكذلك الوقت الكافي لمجالسة صاحب السيرة، وتسجيل مسارات حياته وفق الرؤية المطلوبة والمتفق عليها، ثم التفرغ للصياغة والتنقيح والمراجعة، قبل انتقال الكتاب إلى عملية الطبع.
ضمن هذا الصنف الثاني، يندرج كتاب «الإرادة لا تعرف المستحيل: سيرة رجل أعمال عصامي: الحاج لحسن الطلبة» لمؤلفه باسو أوجبور، وهو كتاب تغيّى منه المؤلف وصاحب السيرة معًا، تقديم نموذج حي جدير بالاقتداء من لدن الشباب خاصة. فالسيرة هنا، تعكس قدرة الشخص على تحدي الصعاب وشظف العيش والمعاناة، وامتطاء صهوة المغامرة الخلاقة، من أجل تحقيق النجاح في الحياة والتألق في المسار المهني، دون التفريط في القيم الأخلاقية والإنسانية النبيلة.
إذا كانت ثمة قواسم مشتركة تجمع بين صاحب السيرة وكاتبها، كالعصامية والجذور الدينية الصوفية والانتماء إلى مناطق مهمشة، فإن عنصر الاختلاف بينهما يكمن في المسار المهني الذي ارتضاه كل واحد منهما لنفسه: فالحاج لحسن الطلبة (صاحب السيرة) ارتمى في أحضان عالم البناء والمقاولات، بينما اختار الكاتب باسو أوجبور لذاته مجال الإبداع في مجال الشعر والغناء الأمازيغي وتنشيط الحفلات الفنية والبحث في التراث الأدبي، وذلك بعدما كوّن نفسه بنفسه، ونهل من حياض المعرفة بمجالاتها المختلفة، وصقل ذلك بأسفاره المتعددة في أقطار كثيرة.

المقاولة المواطنة

يقول مؤلف الكتاب في التمهيد «إن من يطلع على هذه السيرة التي اقترحتُ كتابتها على صاحبها صديقي لحسن الطلبة عبر مراحل حياته، سيكتشف أنه ذلك الرجل البسيط الذي لم تطأ قدمه مدرسة ولا معهدا، والذي استطاع بقوة إرادته أن يؤسس لمنهج في الحياة نتائجه مضمونة بعون الله، إنه منهج العمل المتقن بجد وإخلاص». ويضيف الكاتب قوله إن صاحب السيرة ساهم بشكل كبير في ترسيخ وتفعيل «المقاولة المواطِنة» التي تجعل من مصلحة الوطن أولى أولوياتها.
أما لحسن الطلبة فيوضح في مقدمة الكتاب الهدف من رواية سيرته قائلا: «حسبي الله أنني لا أبتغي من خلال سيرتي هذه مجدا ولا عزة، فالعزة لله؛ إنما أطمح إلى أخذ المبادرة في تحريك الإرادة في نفوس الشباب الذي قد يتهاون منتظرا ما قد يأتي أو يحصل دون بذل الجهد. أنا على يقين تام أنه لن يتم أي إنجاز إلا بالعمل الجاد والمبادرة الشخصية في بناء الذات».
ويتابع الطلبة قوله: «كثيرا ما راودتني كتابة هذه السيرة، بعد أن اقترحها عليّ كاتبها، لأنقل عبرها تجربة حياتي إلى الجيل الصاعد الذي قد يتزامن عصره مع الحروب الاقتصادية العالمية بالأسلحة التجارية التي تفتك بالنفس البشرية، فتجعل الشباب محبطا متذمرا. في كل مرة، أتردد وأسائل نفسي عن جدوى هذه الخطوة التي تقتضي مني أن أبوح للمجتمع بأدق تفاصيل حياتي. عندما قارنت بين البوح والكتمان في هذه الحالة بالذات، وجدت أن البوح بهذه التفاصيل أنفع للناس من كتمانها… ولهذه الغاية النبيلة، أسرد تجربتي في هذه الحياة بصدق وأمانة، أبوح بأحزاني تارة، وأعلن أفراحي تارة أخرى».

بُعد تربوي

في هذا الكتاب الواقع في 143 صفحة من القطع المتوسط، تستوقفنا العوامل المساعدة التي كانت تؤازر صاحب السيرة في شق طريقه الصعب، كما نقترب أيضا من العوامل المعاكسة التي كانت تقف أحيانا حجر عثرة في ذلك الطريق. بمعنى آخر، إننا أمام ثنائية الخير والشر التي تطبع الكائن البشري منذ الأزل، فبعض الناس لا يتردد في تقديم الدعم والمساعدة، والبعض الآخر يرتدي أكثر من قناع من أجل محاربة الإنسان الناجح.
وحيث إن الغاية من كتابة هذه السيرة تربوية في الدرجة الأولى، فإن فصولها تنضح بعناوين تجسد هذا البعد، حيث نقرأ: «بتغيير المحطات تكسب الرهانات»، و«الصبر الشديد للبناء والتشييد»، و«بعد نقمة التعب نعمة الراحة»، و«من يسعى للعمل قد يحقق الأمل»، و«الحرية سريرة العمل». ويختتم الكتاب بمقولات تجسد قناعات صاحب السيرة التي استخلصها من تجربته في الحياة.

«الإرادة لا تعرف المستحيل»: تجربة إنسانية جديرة بالاقتداء من لدن الشباب
الشاعر والفنان الأمازيغي باسو أوجبور يروي سيرة رجل الأعمال لحسن الطلبة:
الطاهر الطويل

59 فيلما من 23 دولة في مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة

Posted: 25 Feb 2017 02:08 PM PST

يبدأ مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة دورته العاشرة الأسبوع المقبل بمشاركة 59 فيلما من 23 دولة عربية وأجنبية جميعها من صنع النساء.
يفتتح المهرجان في الرابع من آذار/مارس بالفيلم الأرجنتيني «فرانسسكو سانكتيس وليلته الطويلة» إخراج أندريا تسلا. وسبق للفيلم المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي كما نال العديد من الجوائز في مهرجانات عالمية أخرى.
ويشمل المهرجان ستة أقسام يأتي في مقدمتها (البرنامج الدولي) ويضم 13 فيلما و(قافلة سينما المرأة العربية واللاتينية) ويضم ثمانية أفلام و(نظرة على أعمال مخرجة) الذي خصص هذا العام للاحتفاء بالمخرجة الفرنسية آنيس فاردا ويعرض 10 أفلام من أعمالها.
كما يقدم المهرجان بمناسبة مرور عشرة أعوام على تأسيسه في 2008 قسم (أفضل أفلام في العشر سنوات) وتعرض في هذا القسم مجموعة مختارة من أفضل الأفلام التي عرضت في الدورات السابقة للمهرجان مثل الفيلم السوري «أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها» والفيلم اللبناني «12 لبناني غاضب» والفيلم المصري «عن الشعور بالبرودة» والفيلم الفلسطيني «رحلة في الرحيل» والفيلم الإيراني «المهنة: صانعة أفلام وثائقية».
وقالت إدارة المهرجان في بيان امس السبت إن سويسرا ستحل ضيف شرف الدورة العاشرة للمهرجان. وستعرض أربعة أفلام سويسرية هي «أن أشبه أمي» و»كوبك» و»يوم أن سقطت الشمس» و»حياة أخرى» كما ستقوم المخرجة السويسرية دومينيك مارغوت بإلقاء محاضرة عن الفيلم التسجيلي الشخصي.
كذلك يقدم المهرجان قسم (دراسة حالة) عن شركة إنتاج الفيلم التسجيلي الدنماركي التي أسستها مخرجات ومنتجات وحققت نجاحاً باهراً حتى أصبحت من الشركات الرائدة في مجال صناعة الأفلام الوثائقية في الدنمارك.
ويعرض القسم ثلاثة أفلام وثائقية من إنتاج هذه الشركة ويعقد كذلك حلقة نقاش مع المخرجة ميكالا كروج وهي واحدة من مؤسسات الشركة. وكعادته في كل عام بدعوة معهد سينمائي للمشاركة دعا المهرجان لهذه الدورة معهد الفيلم والتلفزيون لأكاديمية الفنون في براغ (معهد سينما فامو) ويعرض القسم مجموعة من الأفلام القصيرة من إنتاج هذه المدرسة.
وتستمر عروض وأنشطة المهرجان حتى التاسع من آذار/مارس في مسرح الفلكي ومعهد غوته ومركز الإبداع التابع لصندوق التنمية الثقافية. (رويترز)

59 فيلما من 23 دولة في مهرجان القاهرة الدولي لسينما المرأة

في غضون 9 شهور: رانييري… من بطل تاريخي الى خائب وفاشل!

Posted: 25 Feb 2017 02:08 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: أعلن نادي ليستر سيتي حامل لقب الدوري الانكليزي الممتاز يوم الخميس الماضي إقالة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري في خطوة أدهشت المتابعين وعشاق اللعبة حول العالم.
ويغادر رانييري، الذي يبتعد فريقه بنقطة وحيدة عن منطقة الهبوط، النادي قبل أقل من عام على قيادته لفوز تاريخي باللقب. ويحتل الفريق المركز الـ17 هذا الموسم، ويبتعد بنقطة واحدة عن منطقة الهبوط بعد خسارته آخر خمس مباريات في الدوري. وهو الفريق الوحيد في أول أربع درجات من الدوري الانكليزي الذي لم يسجل أي هدف في 2017. وقال النادي في بيان: «انفصل نادي ليستر سيتي لكرة القدم عن مدرب الفريق الأول كلاوديو رانييري.» وتابع: «قاد كلاوديو رانييري الذي عين مدربا لليستر سيتي في يوليو/ تموز 2015 الفريق الى تحقيق أعظم انتصار في تاريخ النادي الممتد عبر 133 عاما الموسم الماضي. حيث توجنا بلقب الدوري الانكليزي الممتاز لأول مرة في تاريخنا. ستبقى مكانته كأكثر المدربين نجاحا في تاريخ ليستر سيتي محفوظة. لكن النتائج في المسابقة المحلية خلال الموسم الحالي تهدد بقاء النادي في الدوري الممتاز ويشعر مجلس الادارة ان تغيير القيادة بات ضروريا لمصلحة النادي رغم أن الألم يعتصرنا لهذا القرار».
وجاء القرار بعد 24 ساعة من الهزيمة 2-1 أمام اشبيلية في ذهاب دور الستة عشر لدوري أبطال اوروبا وسط اعتراضات من غاري لينكر المهاجم السابق لليستر وانكلترا. وكتب لينكر على حسابه على موقع «تويتر»: «إقالة رانييري بعد كل ما فعله للفريق لا يمكن تفسير هذه الاقالة ولا تغتفر ومحزنة للغاية.»
وتعرض رانييري لضغوط شديدة عقب فوز ليستر المذهل باللقب، وبات الفريق يصارع الهبوط الآن وسط تقارير صحفية عن أن المدرب الايطالي بدأ يفقد السيطرة على اللاعبين. ومنح النادي رانييري «دعما قويا» في بيان قبل أسبوعين لكن ليستر مني بلطمة أخرى مطلع الأسبوع الجاري بعد خروجه من كأس الاتحاد الانكليزي أمام ميلوول المنتمي للدرجة الثانية. وأداء ليستر في الموسم الحالي يبتعد كثيرا عما قدمه الفريق في الموسم الماضي في طريقه نحو الفوز بالدوري. وحصد الفريق، الذي نجا من الهبوط قبل موسمين، اللقب بفارق عشر نقاط عن أقرب منافسيه بعد أداء اعتمد على الهجمات المرتدة. لكن رانييري الذي لم يسبق له الفوز ببطولة دوري قبل ذلك رغم مسيرته الطويلة، التي من بينها فترات مع يوفنتوس وروما وانتر ميلان الايطالية وموناكو الفرنسي وتشلسي الانكليزي عانى لاستخراج أفضل ما لدى لاعبيه في الموسم الحالي. وبعد رحيل نغولو كانتي لاعب الوسط، لم يقدم المهاجم جيمي فاردي ورياض محرز أداء جيدا في رحلة الدفاع عن اللقب. ولم يسجل فاردي الذي أحرز 24 هدفا في الموسم الماضي سوى خمسة أهداف في الموسم الحالي، بينما اهتزت شباك ليستر 43 مرة في 25 مباراة هذا الموسم مقابل 36 مرة في الموسم الماضي. وأشار اياوات سريفادهانابرابها نائب رئيس النادي إلى أن المشاكل التي يواجهها الفريق هذا الموسم أجبرت مالكيه التايلانديين على التحرك. وقال سريفادهانابرابها: «يجب علينا وضع مصلحة النادي فوق أي عواطف شخصية بغض النظر عن قوة هذه العواطف. كلاوديو قدم الكثير للنادي. إدارته للفريق ودوافعه وأفكاره ظهرت بسبب خبرته الكبيرة التي كنا على ثقة من أنه سيمنحها للنادي.» وأضاف: «سحره وشخصيته ومشاعره الدافئة ساعدت على تغيير صورة الفريق وتحسين مكانته على المستوى العالمي. سندين له بالفضل إلى الأبد لما ساعدنا على تحقيقه».

في غضون 9 شهور: رانييري… من بطل تاريخي الى خائب وفاشل!

هل ادارة ليستر محقة في اقالة رانييري الآن؟

Posted: 25 Feb 2017 02:07 PM PST

أدهشت ادارة نادي ليستر ليلة الخميس الماضي عالم كرة القدم باعلان اقالتها مدربها الايطالي كلاوديو رانييري، صاحب أبرز انجاز في تاريخ النادي، بل الابرز في العصر الحديث لكرة القدم العالمية عندما تفوق على عمالقة الكرة الانكليزية بمواهب قليلة وفريق مغمور ليحرز اللقب، ليكون بمثابة مثل أعلى يحتذى به، ويعطي املاً للصغار بأن هناك دائما فرصة.
واستلهم هذا الموسم كثيرون من انجاز ليستر، فتألق لايبزيغ وهوفنهايم في الدوري الالماني وأتالانتا في الدوري الايطالي ونيس في الدوري الفرنسي، لكن بعد نحو 9 شهور وجد رانييري نفسه يجذب الأنظار والاهتمام مجدداً، لكن هذه المرة بسبب اقالته، التي اعتبرها كثيرون قاسية ولا تغتفر، وكالوا اللوم والاهانات على ملاك النادي التايلنديين لسوء تقديرهم للموقف وعدم فهمهم لحيثيات كرة القدم.
هذه العاطفة الجياشة التي تمالكت الكثيرين، هل هي مجرد ردود فعل اللحظة تفاعلت بناء على انجاز الماضي وليس الحاضر؟
بالنسبة لي فان ادارة ليستر كان مرغمة على أخذ قرار لتغيير مسار الفريق الحالي، الذي خسر في المباريات الخمس الاخيرة في الدوري، بل هو الوحيد من بين كل الفرق الـ92 في الدرجات الاربع المحترفة في انكلترا الذي لم يسجل أي هدف طيلة 2017، وبالمقارنة مع الموسم الماضي، الذي خسر فيه 3 مباريات فقط، فانه تعرض لـ14 هزيمة حتى الآن مع بقاء ثلث الموسم. ومثلما كافأته وكافأت الفريق على انجاز الموسم الماضي بالهدايا والعطايا ورفع الرواتب بصورة خيالية، فانها تعاقبه اليوم على اخفاق غير متوقع، لان المكافآت السخية تواكبت مع انجاز غير متوقع، ولان المتوقع هو الحلول في منتصف الترتيب في هذه المرحلة من الموسم، فان غير ذلك سيقود الى التدخل والتغيير، لان الادارة لن تستطيع تحمل أعباء ميزانية ضخمة جراء رفع عقود اللاعبين والموظفين، واعتبارهم نجوم فريق بطل مثل غيرهم من نجوم الفرق الكبيرة، في حال الهبوط الى الدرجة الاولى، والذي سيعني هلاكا اقتصاديا وماديا لا يحتمل، وبما أن الفريق عانى هذا الموسم مقارنة بالموسم الماضي، الا انه لم يصارع مع الفرق المهددة بالهبوط ولم يكن قريبا من هذه المنطقة الا في الجولتين الاخيرتين، بل هناك احتمالية بحلول موعد مباراته المقبلة غداً الاثنين مع ليفربول، فانه قد يكون يحتل قاع الترتيب لو نجح أصحاب المراكز الثلاثة الاخيرة في جني نتائج ايجابية.
وعادة عندما لا تسير الأمور على ما يرام، فان الحلقة الأضعف دائماً هي المدرب، لان من الصعب على الادارة أن تغير 20 أو 25 لاعباً، لكن من السهل جداً تغيير المدرب، في محاولة لتغيير حظوظ الفريق.
أنا أعتبر رانييري مدرباً محظوظاً بما حققه الموسم الماضي، لكنه ليس مدرباً من النخبة، وأستغرب من تغريدات بعض المخضرمين مثل اسطورة ليستر ومنتخب انكلترا والاعلامي الحالي غاري لينكر الذي اعترف ببكائه بعد سماع خبر اقالة رانييري، وكتب: «اقالة رانييري… حقاً؟»، وهو الذي كان أول المشككين بقدرات رانييري عندما عينه ليستر وغرد يومها: «رانييري مدربا لليستر؟ حقا؟». وهو أيضاً الذي قدم الحلقة الاولى من برنامجه الشهير «ماتش أوف ذا داي» بسرواله الداخلي فقط بعد تشكيكه بقدرة فريقه على احراز اللقب.
ما أراه أن رانييري دفع ضريبة نجاحه الخيالية، فلو أنه لم يفز بلقب الموسم الماضي، ربكا لكانت فرصته في البقاء والكفاح مع فريقه حتى نهاية الموسم أفضل. وللذين يذرفون الدمع ويعلنون الأسى على هذه الاقالة، فانني أتمنى أن أرى رانييري مدربا لفريقهم، لانني لا أتصور أنه سيصبح مدرباً لفريق كبير، لان ما رأيناه هذا الموسم هو أقرب الى قدراته الحقيقية مقارنة بالموسم الماضي.
والآن بات انطونيو كونتي قلقاً من الفوز باللقب، لان جوزيه مورينيو اقيل من تدريب تشلسي بعد 7 شهور على فوزه بلقب 2015، ورانييري بعد 9 شهور، فكم سيصمد المدرب الايطالي؟!

twitter: @khaldounElcheik

هل ادارة ليستر محقة في اقالة رانييري الآن؟

خلدون الشيخ

بين صمت ميسي وضجيج داني ألفيش… برشلونة ينسحب إلى دهاليز الاحباط!

Posted: 25 Feb 2017 02:07 PM PST

مدريد ـ «القدس العربي»: بدأت دلائل وعلامات الشعور بالاحباط وخيبة الأمل تتكالب على نادي برشلونة الأسباني، فها هو ليونيل ميسي لا يحتفل بتسجيل هدف حاسم، كما أصبحت مدرجات ملعب «كامب نو» تضج بصافرات الاستهجان ضد اللاعبين، هذا بالإضافة إلى تنامي الشائعات حول رحيل المدرب في نهاية الموسم الجاري، وكذلك هجوم داني ألفيش، اللاعب السابق للنادي الكتالوني ضد إدارته. ووقعت كل هذه الأحداث في الوقت، الذي حقق فيه برشلونة فوزا معنويا مهما على ضيفه ليغانيس في الدوري الأسباني الأحد الماضي، لكن لسان الحال يغني عن المقال، فقد بات برشلونة مطالبا بالظهور بشكل إيجابي على الأقل من الناحية المعنوية عقب هزيمته المذلة برباعية نظيفة أمام باريس سان جيرمان في دوري أبطال أوروبا، لكن ما حدث في مباراته أمام ليغانيس جاء على عكس المنتظر. وفي واقع الأمر ظهر ليغانيس المتواضع، الذي صعد هذا الموسم إلى دوري الأضواء ويجد نفسه في الوقت الراهن غارقا في صراع الإفلات من الهبوط، بشكل أفضل من برشلونة على ملعب «كامب نو» وسنحت له فرص أكثر خطورة من تلك، التي سنحت لأصحاب الأرض، الذين أفلتوا من السقوط في فخ التعادل بركلة جزاء تصدى لها ميسي بنجاح قبل دقيقتين فقط من انتهاء المباراة. ولم يظهر اللاعب الأرجنتيني أي إيماءة تعبر عن فرحته باقتناص نقاط المباراة الثلاث، وهو حال المدافع جيرارد بيكيه، الذي اعتاد في مواقف مشابهة إظهار فرحة عارمة، لكنه بقى هذه المرة في مكانه على مقاعد البدلاء بملامح جامدة، كما لو كان أحد عناصر الفريق المنافس.
وأزالت تلك المباراة بكل صدق النقاب عن الوضع الحالي للفريق الكتالوني، الذي بات لا يحكم سيطرته على مجريات اللعب في المباريات، وتوارى وسط ملعبه عن الأنظار وأصبح بلا فاعلية، بالإضافة إلى غياب التواصل بين الخطوط وتهديد المنافسين لمرماه بكل سهولة، ليبقى طوق النجاة الوحيد له مرتبطا بما قد يتفتأ ذهن مهاجميه للقيام به، وهو ما أضحى قليلا في الفترة الأخيرة. وحضر اللقاء 63 ألف و378 مشجعا، وهو أقل عدد يحضر مباراة لبرشلونة في «كامب نو»، الذي يتسع لـ100 ألف شخص، هذا الموسم. وشن الحاضرون طوال المباراة هجوما كبيرا على اللاعب البرتغالي اندريه غوميش، ولم يتركوا فرصة إلا وأطلقوا في مواجهته وابلا من صافرات الاستهجان، الأمر، الذي طال أيضا مدرب الفريق لويس انريكي. وكشفت هذه الصافرات الفجوة الكبيرة، التي أصابت غرفة ملابس برشلونة وبدأت رقعتها في الاتساع مع كل مباراة، حيث أكد الألماني مارك أندريه تيرشتيغن، حارس مرمى برشلونة، أنه لا يستطيع أن يتفهم صافرات الاستهجان، فيما طالب لويس انريكي الجماهير بتوجيه هذه الصافرات له وليس للاعبين. وتزامنت كل هذه التوترات مع المقابلة الصادمة للاعب البرازيلي داني ألفيش، نجم برشلونة السابق، مع صحيفة «إيه بي سي» الأسبانية، والتي قال خلالها: «من يقودون برشلونة حاليا ليست لديهم أي فكرة عن كيفية التعامل مع لاعبيهم».
وجاء الدور على خوان لابورتا، الرئيس السابق للنادي الأسباني والعدو اللدود للإدارة الحالية، ليصطاد في الماء العكر، مستغلا الفترة السيئة، التي يمر بها النادي، حيث قال عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «الفريق يعاني والجماهير منقسمة ولاماسيا (قطاع الناشئين في برشلونة) مفككة». وبالنظر إلى ما قاله ألفيس عن الإدارة في برشلونة وعن سوء أدائها في التعامل مع اللاعبين، يبقى صمت ميسي خارج الملعب أيضا أمرا ذا معنى، فلا أحد يعرف شيئا عن مسألة تجديد تعاقده، وكل يوم يمر تتزايد الشكوك في نفوس أنصار النادي الكتالوني حول هذا الموضوع. وفي الوقت ذاته تتحدث العديد من وسائل الإعلام عن تفسخ العلاقة بين لويس انريكي ولاعبي الفريق، كما ادعوا أيضا أن النادي يبحث عن مدرب يخلفه، بل ورشحوا بعض المدربين أيضا لهذه المهمة مثل الأرجنتيني خورخي سامباولي مدرب اشبيلية، وارنستو فالفيردي مدرب أتلتيكو بلباو. ويضاف كل ما سبق إلى المشاكل الأخرى، التي تعاني منها إدارة النادي، فقد أصبح لزاما على برشلونة رسميا أن يقف بين صفوف المتهمين في قضية صفقة ضم نيمار، بجانب قضية شركة «دي أي إس» البرازيلية، التي كانت تملك حقوق رعاية اللاعب، والتي اتهمت النادي الكتالوني بتزوير القيمة المالية للصفقة. وتحت وطأة هذه الظروف يستعد برشلونة لمباراته المقبلة اليوم في الدوري الأسباني أمام أتلتيكو مدريد، بالإضافة إلى حاجاته إعادة شحن معنوياته من أجل عودة إعجازية أمام باريس سان جيرمان في مباراة الإياب لدور الستة عشر لبطولة دوري أبطال أوروبا. لكن من أجل هذا الغرض يجب أن تتغير الكثير من الأشياء وأن تتوافر أجواء أكثر إيجابية، فبرشلونة في الوقت الراهن هو مجرد فريق يعاني من الاحباط ويحتاج إلى اللجوء إلى أسلوب العلاج بالصدمة.

بين صمت ميسي وضجيج داني ألفيش… برشلونة ينسحب إلى دهاليز الاحباط!

صراع كاسياس وبوفون… «بداية بلا نهاية»!

Posted: 25 Feb 2017 02:06 PM PST

بورتو (البرتغال) ـ «القدس العربي»: لم يأت اللقاء المرتقب بين الحارسين الأسباني ايكر كاسياس والإيطالي جانلويجي بوفون على النحو المتوقع، بسبب التفوق الكاسح ليوفنتوس على بورتو، في المباراة، التي فاز بها الأول بهدفين نظيفين الأربعاء الماضي في ذهاب دور الستة عشر من دوري أبطال أوروبا. وبعيدا عن المقارنة المستحيلة بين أداء الحارسين، اللذين أطلقت صحيفة «لا غازيتا ديلو سبورت» الإيطالية على المنافسة بينهما لقب «مواجهة بلا نهاية»، نجح بوفون في التغلب على كاسياس، بفضل النتيجة الإيجابية، التي حققها فريق السيدة العجوز في المباراة. وعاد الحارس الإيطالي إلى تورينو بشباك نظيفة، حافظ عليها بأقل مجهود، نظرا لندرة الهجمات، التي شنها بورتو، صاحب الأرض، على مرماه. وتعتبر هذه المباراة هي السادسة من أصل سبع مباريات، التي لا يتلقى فيها بوفون أي أهداف.
وعلى النقيض، عاش كاسياس في حراسة مرمى بورتو ليلة عصيبة، فرغم استقبال شباكه لهدفين، فقد ذاد عن مرماه في بعض الهجمات ونجح في التصدي لكرات خطرة، أبرزها تسديدة المهاجم الأرجنتيني غونزالو هيغواين، والتي ارتطمت بأحد مدافعي بورتو، ليضطر كاسياس للارتماء بجانب القائم الأيمن للمرمى لإنقاذ فريقه من هدف محقق. ولم يكن بمقدور الحارس الأسباني فعل أي شيء حيال الهدفين، اللذين هزا شباكه، حيث جاء الهدف الأول بأقدام الكرواتي ماركو بياكا من تصويبة قوية، عقب ارتداد الكرة بشكل خاطئ من مدافع الفريق البرتغالي، ميغيل لايون، فيما جاء الهدف الثاني بأقدام البرازيلي داني ألفيش، الذي نجح في السيطرة على الكرة بمهارة كبيرة قبل أن يسدد من داخل منطقة الجزاء.
ويبقى الاحترام المتبادل بين الحارسين شيئا مميزا، وهو ما ظهر جليا بعد عناقهما الحار لبعضهما بعضا قبل اللقاء، بالإضافة إلى ما قاله كاسياس عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» معتبرا بوفون الحارس الأفضل في التاريخ. ورد بوفون على تغريدة الحارس الأسباني المخضرم، قائلا: «أنا لا أختار، نحن الأفضل». وقال كاسياس، الذي خرج من حسابات المدرب الجديد للمنتخب الأسباني الأول لكرة القدم، قبل المباراة: «تجمعنا منافسة صحية وإيجابية، نشبه بعضنا بعضا، اللعب أمامه دائما ما يكون مصدرا للسعادة».
ووصل مجموع عدد المباريات، التي لعبها الحارسان، في بطولة دوري أبطال أوروبا إلى 250 مباراة، ولكن الحارس الأسباني يملك الرقم القياسي في عدد المشاركات في هذه البطولة، بواقع 163 مباراة، بما فيها مباراة الأربعاء الماضي. وبعد أن وصلت عدد مبارياته في البطولة الأوروبية إلى 102 مباراة، دخل بوفون إلى نادي المئة، الذي لم ينل شرف عضويته سوى خمسة حراس فقط. وقد تكون النسخة الحالية من البطولة هي الفرصة الأخيرة لحارس المنتخب الإيطالي (39 عاما) للفوز بلقب دوري الأبطال، الذي وصل إلى مباراته النهائية مرتين. وفي المقابل، حصد كاسياس، الذي يصغر بوفون بخمسة أعوام، على اللقب الأوروبي ثلاث مرات مع ريال مدريد، إلا أنه لا يزال يطمح في المزيد. وقال كاسياس: «لقب مثل هذا يمكنه أن يؤكد على أهميتك كلاعب، أتمنى أن أفوز به للمرة الرابعة»، ولكن يبدو أن تحقيق هذه الأمنية في النسخة الحالية من البطولة بات أمرا صعبا للغاية بعدما آلت إليه نتيجة مباراة الاربعاء الماضي.

صراع كاسياس وبوفون… «بداية بلا نهاية»!

فوزنياكي… تستعيد بريقها داخل ملاعب التنس وخارجها

Posted: 25 Feb 2017 02:06 PM PST

الدوحة ـ «القدس العربي»: رغم خسارتها المباراة النهائية لبطولة قطر المفتوحة للتنس الاسبوع الماضي، كانت الأيام القليلة الماضية كفيلة للتأكيد على العودة القوية لنجمة التنس كارولين فوزنياكي إلى ساحة المنافسة في عالم التنس.
وسقطت فوزنياكي ضحية للإجهاد الذي كان واضحا عليها في المباراة النهائية لبطولة قطر وخسرت أمام التشيكية كارولينا بليسكوفا 3/6 و4/6 .لكن العروض القوية التي قدمتها فوزنياكي في البطولة ووصولها للمباراة النهائية كان مؤشرا قويا على عودتها القوية للمنافسة على العودة للمراكز الأولى في التصنيف العالمي لمحترفات التنس.
وخاضت فوزنياكي (26 عاما) المباراة النهائية الأولى لها منذ شهور حيث كانت آخر مباراة نهائية خاضتها عندما توجت بلقب بطولة طوكيو في أيلول/ سبتمبر الماضي. ورغم الفارق الكبير في التصنيف بين فوزنياكي المصنفة الثامنة عشرة عالميا وبليسكوفا المصنفة الثانية للبطولة والثالثة عالميا، كانت فوزنياكي ندا قويا لمنافستها التشيكية، بل إنها كانت على وشك قلب نتيجة المجموعة الثانية من المباراة لصالحها، لكنها عانت من الإجهاد الشديد بعدما خاضت مباراتي دور الثمانية والمربع الذهبي للبطولة في يوم واحد.
وكانت بليسكوفا (27 عاما) أكثر قدرة على التخلص من الإجهاد رغم خوضها مباراتي دور الثمانية والمربع الذهبي في يوم واحد أيضا بسبب الارتباك في جدول مباريات البطولة بعد الطقس غير المستقر والأمطار المفاجئة التي ضربت الدوحة على مدار الأيام القليلة الماضية. لكن الخسارة في المباراة النهائية لم تقلل من حجم الإنجاز الذي حققته فوزنياكي في البطولة الحالية، خاصة وأنها تغلبت على أكثر من منافسة قوية في طريقها للنهائي. وكانت البصمة الحقيقية الأولى لفوزنياكي في البطولة عندما أطاحت بالبولندية أغنيسكا رادفانيسكا المصنفة الرابعة للبطولة والمصنفة السادسة عالميا من الدور الثاني (دور الستة عشر) للبطولة، كما تغلبت في دور الثمانية على الأمريكية المتألقة لورين ديفيس ثم في المربع الذهبي على مونيكا بويغ لاعبة بورتوريكو والفائزة بالميدالية الذهبية لمسابقة فردي السيدات في دورة الألعاب الأولمبية الماضية (ريو 2016) .وأعربت فوزنياكي عن خيبة أملها بعد خسارتها في المباراة النهائية لبطولة قطر. وقالت: «لم أفز بالبطولة… بالطبع أشعر بخيبة أمل الآن لأنني أرغب دائما في الفوز بكل شيء». وأوضحت: «لعبت بليسكوفا بشكل جيد. وأعتقد أنني أيضا لعبت بصورة جيدة وقدمت أفضل ما لدي. شعرت بإرهاق شديد بسبب ضغط المباريات وحاولت الاستشفاء بقدر استطاعتي». وأضافت: «أشعر بأنني أقدم مستويات جيدة وأنني أستطيع مواصلة التحسن في بعض النقاط… أشعر الآن بالثقة وبالقدرة على المضي قدما… أود أولا الحفاظ على لياقتي وتجنب الإصابات، فعندما أتجنب الإصابات سأتمكن من تقديم أداء قوي. أعتقد أنني قادرة على التطوير من مستوى أدائي. لم أتعرض لإصابات منذ بطولة أمريكا المفتوحة». وأكدت فوزنياكي المصنفة الأولى على العالم سابقا، عمليا عودتها بقوة للمنافسة على الألقاب من أجل استعادة مكانها في المراكز الأولى بالتصنيف العالمي.
وتزامن سطوع فوزنياكي في الدوحة مع حدثين مهمين للاعبة خارج الملعب حيث كانت فوزنياكي إحدى نجمات التنس التي نشرت صورهن بملابس البحر في الإصدار الجديد لمجلة «سبورتس أولستريتيد». كما استغلت مناسبة عيد العشاق (فالنتاينز داي) للكشف عن علاقتها العاطفية الجديدة والتأكيد على ارتباطها بلاعب السلة الشهير ديفيد لي. ويبدو أن الاستقرار العاطفي لفوزنياكي في الوقت الحالي لعب دورا بارزا في تألقها، حيث كانت بداية التراجع الواضح في مستوى فوزنياكي وخروجها من المراكز العشرة الأولى بالتصنيف العالمي في 2015 أي بعد شهور قليلة من انفصالها عن خطيبها السابق نجم الغولف الشهير روري ماكلروي. وكانت فوزنياكي على وشك الزواج من ماكلروي في 2014، بل إنهما شرعا في توزيع بطاقات الدعوة لحفل زفافهما قبل أن يعلن نجم الغولف فسخ الخطوبة. وبعدها بشهور تراجع مستوى فوزنياكي بشكل واضح وودعت المراكز العشرة الأولى بالتصنيف العالمي للمحترفات. لكنها استغلت مناسبة عيد العشاق قبل أيام قليلة ونشرت صورة لها مع باقة زهور مع توجيه الشكر إلى ديفيد لي، لتؤكد ضمنيا أن ما تردد قبل شهور عن علاقتها بنجم السلة لم يكن شائعات وأنه قد يكون صديقها الجديد الذي ترتبط به عاطفيا. ويأمل مشجعو فوزنياكي في فوزها بلقب إحدى بطولات «غراند سلام» الأربع الكبرى في الشهور المقبلة، لأن هذا سيكون عنصرا مهما للغاية تستطيع من خلاله تحسين تصنيفها والعودة للمنافسة على صدارة التصنيف العالمي للمحترفات.

فوزنياكي… تستعيد بريقها داخل ملاعب التنس وخارجها

أول كفيفة في غزة تلعب الكاراتيه وتتطلع إلى «الحزام الأسود»!

Posted: 25 Feb 2017 02:05 PM PST

غزة ـ «القدس العر بي»: تخرج الفتاة الكفيفة منة الله البيطار عن حدود «المألوف» وهي تؤدي تمارين وتدريبات خاصة برياضة الكاراتيه داخل نادي المشتل الرياضي في مدينة غزة.
البيطار (13 عاما) والفاقدة للبصر بشكل كلي، بدلا من أن تستعين بعكاز كما يفعل أي ضرير، كانت تتفادى بمهارة لافتة ضربات قد تباغت وجهها، وتتحاشى أي كدمات تصيب جسدها الغض بفعل حفظها المتقن لكافة الحركات الخاصة بالفنون القتالية. ولم يثنها غياب البصر الذي فقدته منذ ولادتها من القفز في الهواء برشاقة وبدون تعثر، وهي تؤدي باحتراف حركات الدفاع عن النفس. وتقول الطفلة التي بدت في كامل تركيزها الحسي، إنها تشعر بثقة عالية في نفسها جراء لعبـها الـكـــاراتيه. وتضيف: «أريد أن أكــون قوية وأن أدافع عن نفسي».
ووفرت لها عائلتها كامل الدعم والإمكانات كي تنطلق في رحلتها التي تعترف أنها لم تكن سهلة في بدايتها. وكادت في يوم من الأيام أن تفقد الثقة في الحياة، إلا أن هذه الرياضة أعادت لها الروح، وتستدرك: «الهمة العالية انتصرت أخيرا على الإعاقة (…) بفضل الكاراتيه تلاشت طاقتي السلبية». وحركات الكاراتيه كسرت روتين حياتها اليومية إلى درجة باتت تعشقها وتواظب على ممارستها بشكل دائم. وتقول إنها تقضي وقتا طويلا في غرفتها قبل الذهاب إلى مدرستها وتعكف على مراجعة التمارين الرياضية التي تلقتها على يد مدربها. ولا تأبه البيطار، بصعوبة الحركات التي تمارسها، فكل يوم يمضي يشكل لها تحديا جديدا، تريد أن تكون فيه الأفضل وفق قولها. وتفخر الطفلة الكفيفة، بلعبها للكاراتيه رغم نحافة جسدها، فعقلها الباطني يستوعب ما يتم تلقينه لها بسهولة وسلاسة بحسب تأكيدها. وتجلس على أرضية إسفنجية مخصصة للألعاب الرياضية، وتنشغل بسماع صوت مدربها أثناء إلقائه التعليمات للاعبيه .
وتتمنى البيطار التي غطت رأسها بحجاب قصير وارتدت زي «الكاراتيه الأبيض» لمشوارها أن يستمر وأن ترى نفسها لاعبة كبيرة تشارك في بطولات دولية كما تقول. مدربها حسن الراعي يشعر بالانبهار لإتقانها حركات التدريب بصورة يصفها بـ«المثيرة للدهشة». ويضيف الراعي إن منة الله أول لاعبة عربية من فئة الإعاقة البصرية الكاملة تلعب فن «الكاراتيه». ويتابع: «نقوم بتدريبات لمدة ساعتين لثلاثة أيام في الأسبوع، ويتم تدريبها وفق برنامج معد مسبقا يعتمد على الحركات والألفاظ التي تتناسب مع إعاقتها البصرية». وتعتمد التدريبات بشكل أساسي مع اللاعبة الكفيفة على برنامج الإدراك الحسي الذي يعتمد على الصوت وحفظ الاتجاهات والحركات. ويشعر الراعي بسعادة بالغة وهو يقوم بتدريبها مضيفا: «لديها قدرات فائقة في الاستيعاب، والاستعداد للوصول إلى درجات عالية في فن الكاراتيه، أنا أثق أنها ستصل لمستويات متقدمة في الأحزمة». وتستعد منة بعد شهر من التدريب المتواصل للتخرج من المرحلة الأولى المتمثلة بـ«الحزام الأبيض»، أملاً في الوصول إلى المرحلة الأخيرة بـ«الحزام الأسود». ويختلف ترتيب الأحزمة من بلد إلى آخر، فالحزام هو للدلالة على مستوى المهارة القتالية التي وصل إليها صاحبها، والتي تتراوح بين المستويين المبتدئ «كيو»، والمتقدم «دان». ويؤكد الراعي أن أصحاب ذوي الاحتياجات الخاصة، لهم الحق في ممارسة الرياضة، وما يفعله الأصحاء. وتابع: «لدينا في النادي أطفال وفتيان مكفوفون يلعبون فن الكاراتيه، لكن منة أول طفلة تمارس هذه الرياضة». وبحسب إحصائية لـ«الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني»، فإن عدد الأفراد الذين يعانون من إعاقة بصرية، في قطاع غزة يبلغ 6905 أفراد.

أول كفيفة في غزة تلعب الكاراتيه وتتطلع إلى «الحزام الأسود»!

أكاديميون وسياسيون ليبيون وتونسيون يعتبرون التعاون الثنائي مدخلا للتكامل المغاربي

Posted: 25 Feb 2017 02:05 PM PST

بعد مرور ستين عاما على اكتشاف النفط في ليبيا وخمسين عاما على اكتشافه في تونس، ما زال الخبراء يتحدثون عن إمكانات شراكة افتراضية بين البلدين في قطاع الطاقة. ينطلق الخبير حبيب الأزرق، الذي شغل منصب وزير الصناعة والطاقة في تونس، من هذه الملاحظة ليضع خريطة طريق لتعاون متقدم بين البلدين في هذا القطاع الاستراتيجي يشمل أيضا الجزائر. بهذا المعنى ركز الكتاب الذي أصدرته أخيرا «مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات» في تونس، على إبراز مساهمة الشراكة التونسية الليبية في التكامل المغاربي، بالرغم من الأوضاع الصعبة التي تعيشها ليبيا حاليا. ويضم الكتاب الأوراق والأبحاث المقدمة إلى مؤتمر عقدته المؤسسة الناشرة تحت عنوان «مساهمة الشراكة التونسية الليبية في التكامل المغاربي». أما الخلاصة التي وصل إليها الكتاب فهي أن تطوير الشراكة الثنائية لا يُعطل التكامل المغاربي، وإنما يشكل أحد البدائل المتاحة للاقتراب منه.
يضم الكتاب ثماني عشرة دراسة قطاعية (394 صفحة) تطرقت لفرص الشراكة والتكامل في التعليم والصناعة والعلوم والمصارف والطاقات المتجددة وكذلك في المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم. وأشار الدكتور عبد الجليل التميمي في مقدمة الكتاب إلى أنه لم تقم أي شراكة بحثية بين البلدين خلال العقود الأربعة الماضية، مع كثرة الخطب الرنانة عن التكامل والوحدة والمصير المشترك. وتوقف الدبلوماسي الليبي مختار دريرة عند المفارقة المتمثلة بإقدام شباب تونسيين على عبور البحر المتوسط على مراكب متهالكة، طمعا بالوصول إلى فرصة عمل في أوروبا، فيما تستورد ليبيا العمالة من كوريا والهند وباكستان.
وذهب الأكاديمي موسى الأشخم إلى ما هو أبعد من المجاملات والأرقام الباردة، فاستعرض المعوقات الثقافية والنفسية التي تعيق الشراكة الثنائية، فالليبيون مثلما قال يعتقدون أن التونسيين محكومين بعقدة الخواجة فهم يُفضلون الشراكة التجارية مع الفرنسيين والأوروبيين، ولا ينظرون إلى ليبيا بوصفها شريكا، وإنما بوصفها مصرفا لتمويل المشاريع التنموية التونسية فحسب. أما التونسيون فينظرون إلى الليبيين على أنهم بدو ومتخلفون لا يصلحون كشركاء تجاريين ولا يتجاوز دورهم أدوار المستهلكين للسلع والخدمات التونسية ومصدرا للعملة الصعبة. ورأى الأشخم أن إزالة المعوقات يبدأ بحل المشاكل الأمنية العالقة والقضاء على فوضى السلاح في ليبيا وتفعيل الاتفاقات المبرمة في إطار الاتحاد المغاربي.
واستعرض السفير السابق صلاح الدين الجمالي الاتفاقات الموقعة بين تونس وليبيا بعد استقلال البلدين، ليلحظ أن البعد السياسي يسيطر على مآلات التعاون الاقتصادي، على عكس الوضع في أوروبا. وعزا ذلك إلى أن «الذهنية العربية تتسم بالحساسية المفرطة وانعدام الثقة في تعاطيها مع محيطها العربي، وهي حساسية ساهمت التجارب الثنائية السابقة في ترسيخها». وأشار إلى أن الاتفاقات التي يتم التوصل لها بين العرب تواجهُ صعوبة كبيرة في التنفيذ، ويتم وأدُها أحيانا مباشرة بعد التصديق عليها. واستدل بالاتفاقات التونسية الليبية التي قُتلت جميعا في المهد (اتفاق الإخاء وحسن الجوار في 1957 ومشروع الوحدة الاندماجية في 1974 واتفاق الاندماج في 1992).
واعتبر الجمالي أن الأسرتين الحاكمتين سابقا في تونس وليبيا هما اللتان استفادتا من العلاقات الثنائية وأقامتا مشاريع مشتركة، «إلا أن ذلك لم يُؤسس لشراكة حقيقية ومستدامة بين البلدين». مع ذلك انتقد الجمالي تجاهل المسؤولين الحاليين الاتفاقات السابقة، مُشددا على أنه «خطأ فادحٌ لأن بناء المستقبل لا يتم من فراغ». وفي هذا السياق طالب بتحويل الحدود إلى جسور للمنافع المشتركة «وليس إلى مرتع للإرهابيين والمهربين». وشدد على أن انخراط البلدين في الحوكمة الرشيدة كفيل بالنأي بالتعاون عن قبضة السلطات السياسية، فيجري التعاون بين البلدين في سلاسة بعيدا عن أمزجة المسؤولين، مثلما تجري العلاقات بين بلدين أوروبيين.

صناعات صغرى تكاملية

على الصعيد العملي قدم الأكاديمي الليبي موسى الطويل في بحث بعنوان «دور مصارف التنمية في دعم الصناعات الصغرى» اقتراحات تخص تقديم التسهيلات لإقامة صناعات صغرى تكاملية من دون وضع العراقيل البيروقراطية في طريق المستثمرين. وشدد على ضرورة السماح بتنقل الرساميل وضمان حق التملك، مع التشجيع على إنشاء حاضنات الأعمال. وحض المجتمع المدني في البلدين على إقامة الحاضنات التكنولوجية لمساعدة المبدعين على إنجاز مشاريعهم، ما يحدُ من انتشار البطالة بين الشباب. وأكد الدكتور الطويل على ضرورة إيجاد حلول للمشاريع المتعثرة «وتأمين الحماية اللازمة لمنتوجات الصناعات الصغرى عن طريق سن قوانين ومراسيم تقضي بتخصيص خدمات ونشاطات وسلع ينفرد هذا القطاع بإنتاجها كي نضمن لها عدم المنافسة» على ما قال. غير أن العودة إلى الاحتكار باتت اليوم محظورة بموجب انخراط البلدان المغاربية في المنظمة العالمية للتجارة وهي صعبة التنفيذ بحكم انتشار اقتصاد السوق.
وعزز الدكتور عامر مصباح القيلوشي هذا الجانب من الشراكة الثنائية بدراسة شاملة عن «استراتيجيا المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشراكة التونسية الليبية»، فيما ركز كل من الوزير التونسي السابق أحمد فريعة والأكاديمي الليبي خالد الفار على آفاق التعاون في مجالي التعليم والعلوم. وكتب حاكم البنك المركزي التونسي السابق مصطفى كمال النابلي والخبير الاقتصادي مروان العباسي بحثا عن الشراكة الاقتصادية التونسية الليبية انطلقا فيه من المقولة التي مفادها أن انفتاحا تجاريا أكبر على تونس وعمالها يؤديان إلى تأزيم الأوضاع في ليبيا، لأنهما يحدان من فرص الإنتاج الذاتي ويُقللان من فرص العمل للمواطنين الليبيين.
وتبلغ نسبة البطالة في ليبيا حاليا نحو 30 في المئة، وهي أعلى لدى فئة الشباب وخريجي الجامعات. وتُعتبر الدوائر الحكومية المُشغل الرئيسي في ليبيا بنحو 1.4 مليون موظف. يتزامن ذلك مع تزايد استجلاب العمالة الأجنبية، خاصة في مواقع العمل التي لا يميل لها الليبيون. وحسب النابلي والعباسي يختلف الوضع الليبي عن أوضاع البلدان العربية الأخرى المنتجة للنفط، إذ يوجد في سوق العمل الليبية مليونان ونصف مليون ناشط غالبيتهم من الفئة الشبابية، التي تعاني من نقص في التكوين والتدريب، بسبب تردي مستوى التعليم. وهذا الوضع يبعث على القلق لأن هؤلاء الشباب ساهموا في إطاحة النظام السابق، وهم اليوم مسلحون وغير عاملين، كما أنهم يعتقدون أن من حقهم الحصول على «حصتهم» من إيرادات النفط. وتبعا لذلك يعتقد الخبيران أن الأيدي العاملة التونسية ليست بالضرورة منافسة للعمالة المحلية، لا بل قد تكون متكاملة معها وتساهم في تحسين القدرة التنافسية للعمالة الليبية، خاصة في القطاعين السياحي والخدمي. واشترطا لنجاح التكامل أن تكون المشاريع والخطط المشتركة مُستمدة من الاستراتيجيات الوطنية ومندمجة مع خطط التنمية المحلية في كل بلد من البلدين. وفي هذا الإطار اقترحا إنجاز مشاريع في ليبيا في مجال توصيلات المياه الصالح للشرب وتدوير النفايات والصحة الأساسية والصرف الصحي والتدريب المهني والخدمات البريدية والتعليم الابتدائي.

كاتب وإعلامي تونسي

أكاديميون وسياسيون ليبيون وتونسيون يعتبرون التعاون الثنائي مدخلا للتكامل المغاربي

رشيد خشانة

الشفافية الدولية: الرشوة في المغرب «مزمنة» رغم اعتماد خطة لمكافحة الفساد

Posted: 25 Feb 2017 02:05 PM PST

الرباط ـ محمد الطاهري: اعتبرت منظمة الشفافية الدولية «ترانسبرانسي»، امس السبت، أن الرشوة في المغرب «مزمنة وشاملة»، رغم اعتماد الحكومة استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد.
جاء ذلك على لسان فؤاد عبد المومني، الكاتب العام لجمعية «ترانسبرانسي المغرب» (فرع المنظمة الدولية غير الحكومية)، في افتتاح المؤتمر السنوي للجمعية، في العاصمة الرباط، والذي يستمر ليوم واحد.
وقال عبدالمومني، خلال قراءته للتقرير السنوي للجمعية، إن «ظاهرة الرشوة ما زالت مزمنة وشاملة ونسقية ببلادنا».
وأضاف «لم نلاحظ أي تطور إيجابي في محاربة الرشوة خلال العام الماضي».
وأشار، إلى أن «المغرب استمر على نهج التراجعات التي طبعت مجال الشفافية ومحاربة الرشوة خلال السنوات الماضية».
واعتبر أن «الرباط ما فتئت تواجه صعوبات للخروج من هذا المأزق رغم التدابير المتخذة».
ورغم تسجيله بإيجابية اعتماد الحكومة لـ«الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة» نهاية 2015، إلا أن عبدالمومني قال «منذ الإعلان عن هذه الاستراتيجية لم يكن هناك أي إجراء لتطبيق ما جاء فيها».
وأضاف «رغم الخطابات والتصريحات السياسية المعلنة عنها منذ مدة طويلة، فإن هناك تماطل في تفعيل الاستراتيجية الوطنية التي تم تبنيها في 2015».
وتابع «بعد تبني هذه الاستراتيجية فإن سنة 2016 لم تأت بأي جديد، بل إنها ترسخ التراجع الملحوظ فيما كان المفترض أن يكون بمثابة التزام من طرف الدولة لمواجهة آفة الرشوة».
وسجل التقرير ما وصفه بـ «استمرار بطء العدالة في القضايا المتعلقة بالرشوة، خاصة في الملفات التي تهم المؤسسات العمومية والمنتخبين المحليين (رؤساء وأعضاء مجالس البلديات)».
وقال عبد المومني «رغم أن قضايا الرشوة الرائجة في المحاكم المغربية وصلت إلى 8 آلاف قضية سنويا، فإن هناك بطء كبير في البت بهذه القضايا».
وواصل «يتم التركيز فقط على قضايا الرشوة الصغرى التي ليس فيها مصالح كبرى، أما القضايا الكبرى فلا تصل إلى القضاء أو تقبر أو تتبخر في ردهات المحاكم بسبب التقادم»، حسب تعبير المتحدث.
واحتل المغرب الرتبة 90 في مؤشر إدراك الرشوة ضمن 176 دولة، خلال سنة 2016 متراجعة بمرتبتين عن 2015، حسب نتائج مؤشر الرشوة لـ 2016 الذي أصدرته «ترانسبرانسي»، الشهر الماضي.
وحصل المغرب، حسب هذا المؤشر، على 37 نقطة (علامة) من 100، في مؤشر الرشوة، واحتل بذلك الرتبة التاسعة بين الدول العربية، فيما احتلت الإمارات العربية الرتبة الأولى عربيا (24 عالميا) واحتلت الصومال المرتبة الأخيرة عربيا وعالميا.
وسنة 2015، احتل المغرب المرتبة 88 في مؤشر إدراك الرشوة، وحصل على 36 نقطة (علامة). (الأناضول)

الشفافية الدولية: الرشوة في المغرب «مزمنة» رغم اعتماد خطة لمكافحة الفساد

جدل مصري واسع في وسائل الإعلام حول المصالحة بين النظام والإخوان

Posted: 25 Feb 2017 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: أثارت قناة تلفزيونية مصرية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين وتبث من خارج مصر، موجة من الجدل الواسع على شبكات التواصل الاجتماعي وعبر الانترنت بعد أن طرحت في برنامج خاص فكرة المصالحة بين النظام والإخوان، فيما اشتعل الجدل أكثر بسبب أن مقدم البرنامج الذي بدا مؤيداً لفكرة المصالحة هو أحد أشهر الإعلاميين المناهضين لنظام السيسي.
وظهر الإعلامي المصري محمد ناصر في أول حلقة من برنامج «كلام كبير» على قناة «مكملين» المحسوبة على جماعة الإخوان والمؤيدة لهم، وهو يناقش فكرة المصالحة، فيما تلقى سيلاً من الانتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي بسبب ما اعتبره كثيرون ترويجاً لفكرة المصالحة على أساس التسليم بالنظام القائم وبأن عبد الفتاح السيسي هو الرئيس المصري.
وازدحمت شبكات التواصل الاجتماعي بالانتقادات لقناة «مكملين» حيث اقترح أحد المغردين على «تويتر» بسخرية أن يتم تسمية القناة باسم «متصالحين» أو «مستسلمين» أو «مهزومين» فيما نشر بعض النشطاء صوراً لضحايا «رابعة» أو معتقلين في سجون النظام المصري الحالي لتذكير من يروج للمصالحة بالوضع الحالي.
ووجهت الكاتبة آيات عرابي رسالة إلى الإعلامي محمد ناصر عبر «فيسبوك» قائلة: «صحيح أن الإعلامي يمكن أن يتبنى وجهة النظر المقابلة، لكننا هنا لسنا بصدد برنامج «الاتجاه المعاكس» مثلا، ولا أظن أن قناة «مكملين» قالت لمشاهديها منذ البداية إنها قناة «الجزيرة» أو أنها سوف تقدم برامج (توك شو). الناس في مصر تسمي القنوات التي تبث من تركيا (إعلام الشرعية) وهذا يعني أن تتبنى وجهات نظر معسكر الشرعية، تماما كبرنامجك المميز على قناة (مصر الآن) قبل أن يغلقوها».
وتساءلت عرابي: «لماذا تروجون للمصالحة؟ وهل لهذا علاقة بتمويل القناة؟». وأضافت أن «الإعلام الحالي لا يمكن أن يشعل ثورة، ولا أن يشعل موقدا لتسخين حساء».
وطالبت قناة «مكملين» بأن تعتذر عن بث حلقة كهذه، وألا تعود لاستضافة من «تلوثت أيديهم بالدماء وتورطوا في الانقلاب، وألا تعود لاستضافة من يروجون للمصالحة والهزيمة»، مضيفة: «أما إن كانت القناة ستصر على الخط نفسه فلتعلن هذا صراحة للجميع حتى يقرر المشاهدون أن يستمروا في مشاهدتها أو يقاطعوها».
وانتقد الصحافي صابر مشهور قناة «مكملين» ومحمد ناصر قائلا: «قناة مكملين انقلابية، ومحمد ناصر هو الوجه الآخر لأحمد موسى، وبرنامج (كلام كبير) دعا وروّج للخيانة تحت مسمى المصالحة»، مؤكدا أن نائب رئيس ومدير قسم السياسة الخارجية في مؤسسة بروكنغز مارتن إنديك هو من يقف وراء مبادرة «منتصر الزيات» الرامية للاستسلام للسيسي، بحسب قوله.
أما الناشط محمد عباس فكتب على «فيسبوك» قائلاً إن «ما حدث في قناة مكملين يعتبر نكسة خطيرة لمسيرة القناة ولمحمد ناصر شخصيا. وما يدفع للعار والخزي أن جل المناقشين في برنامج (كلام كبير) لم يكن لديهم أي مرجعية تستطيع أن تحتكم إليها فتدينهم أو تنصفهم أو تحكم عليهم بها».
وتابع: «ما آلمني أن الجل كان يخفي ما في نفسه، ولا يسمي الأشياء بأسمائها، فالاستسلام صلح والكفر مرونة والتاريخ عاهرة تمنح نفسها لكل ذرب اللسان فيستشهدون به على المتناقضات»، مضيفا: «حزني خاص جدا على اثنين أحببتهما: منتصر الزيات ومحمد ناصر».
ووصف البرنامج بأنه «حوار غوغائي»، وأضاف: «سبح بي الخيال فتخيلت بدلا من الحوار وحوشا تتصارع على فريسة: وحش واحد هو الذي سيفوز بها ويفرض سطوته على الآخرين. المعيار الوحيد لانتصاره ليس الحجة والمنطق بل القوة، والمرجعية الوحــيــدة هي المخالب والأنياب»، معلنا مقاطعة القناة.
وقال البرلماني السابق ممدوح إسماعيل إن «حديث المصالحة في توك شو أمام الكاميرات ليس (كلاما كبيرا)، ولكن كلاما فاضيا، القوي يفرض ما يريد على الضعيف المستسلم، لكن يهمني أنه يوجد شخص اسمه ياسر الغرباوي قال كلمة خطيرة لو مزجت بماء البحار كله لأفسدته، قال إنه في عهد النبي لم يوجد حل عادل بل حل عاقل! كبرت كلمة خرجت من فمك، وهل جاء النبي – صلى الله عليه وسلم- إلا لكل حل عادل.. للأسف لم يوقف أحد هرتلته».
يشار إلى أن طرح قناة «مكملين» لفكرة المصالحة بين النظام والإخوان ونقاشها على الشاشة يأتي في الوقت الذي تتردد فيه الأحاديث عن وجود مبادرة في هذا المجال.
ونقلت وسائل إعلام مصرية الأسبوع الماضي عن نائب رئيس «منظمة الحق لحقوق الإنسان» في مصر عمرو عبد السلام قوله ان مجموعة من المهتمين بالعمل الوطني بصدد تشكيل لجنة وطنية للمصالحة ولم الشمل بين كل من مؤسسة الرئاسة وجماعة «الإخوان المسلمين».
وقال عبد السلام إن «المبادرة ستكون بالتنسيق بين المحامي منتصر الزيات وبين حركة «دافع عن العلماء» و«منظمة الحق لحقوق الإنسان»، وتشارك فيها جميع التيارات السياسية والمدنية؛ وذلك من أجل الإفراج عن المعتقلين، ووقف نزيف الدماء».
وقال المحامي الحقوقي إنه حتى هذه اللحظة هناك قبول كبير من عدد من الشخصيات عامة للمبادرة، بالإضافة إلى موافقة 26 عالما من الأزهر الشريف عليها.

جدل مصري واسع في وسائل الإعلام حول المصالحة بين النظام والإخوان

رجال آليون يزاحمون المشاة في الطرقات والأرصفة قريباً

Posted: 25 Feb 2017 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي يواجه فيه المشاة وسائقو السيارات كماً هائلاً من المنغصات على الطريق، وعدداً كبيراً من المشاكل التي تسبب ازعاجاً لهم، فان من المتوقع أن تهبط على الشوارع والأرصفة والطرقات قريباً مخلوقات جديدة ليست سوى «إنسان آلي» أو «روبوت» وهو ما يمكن أن يزيد من الأعباء والمخاوف على الطريق، سواء بالنسبة للمشاة أو السائقين.
وحسب تقرير لمجلة «إيكونومست» فان سلالة من «الروبوت» ستغزو الشوارع في العالم قريباً، كما أن أسرابا من طائرات الـ«درونز» بدون طيار ستغزو الأجواء المحيطة بنا، وهو ما يزيد المخاوف بشكل كبير من وقوع حوادث ومخاطر على الطرقات قريباً.
ولفتت المجلة إلى أن شركة إيطالية معروفة تُدعى (Piaggio Fast Forward) أعلنت أنها ستطرح الرجل الآلي «غيتا» وهو عبارة عن «روبوت» يشبه حقيبة الأمتعة التي يستخدمها المسافرون، ومعه ما يشبه الاسطوانة التي يدور عليها إضافة إلى عجلتين من الجانبين، ومن المفترض انه سيبدأ السير على الأرصفة مع المشاة قريباً.
والشركة الايطالية المشار إليها معروفة بإنتاج الدراجات النارية الصغيرة المسماة «سكوتر» أو الدراجات الكهربائية الشبيهة بها، وهو ما يعني أنها متخصصة في إنتاج المركبات صغيرة الحجم، إلا أن الابتكار الجديد لها سيكون آلياً بالكامل، ويبدو أنه سيستخدم في توصيل الطلبات والمشتريات لأصحابها، على غرار الطائرات بدون طيار التي تعتزم شركة «أمازون» الأمريكية استخدامها في توصيل الطلبات إلى زبائنها.
ويسير الرجل الآلي «غيتا» بسرعة تصل إلى 35 كيلو مترا في الساعة، وهو ما يعني أنه أسرع من الإنسان الطبيعي بكثير، لكنه في الوقت ذاته أبطأ من السيارات والمركبات التقليدية. والرجل الآلي الجديد مزود بكاميرا دائرية تلتف على كل الجهات منه، وتقوم بتخطيط الطريق وتحديد الخريطة والمسار، كما أنه قادر على حمل أمتعة تصل حتى 18 كيلو غراما، ويمكنه السير بشكل متواصل لمدة تصل إلى ثماني ساعات دون أن يضطر صاحبه لإعادة شحنه، وهو ما يعني انه يمكن أن يعمل مع أي شركة طيلة ثماني ساعات، وهو يوم دوام كامل، دون الاضطرار إلى التوقف من أجل إعادة الشحن.

ملايين الوظائف مهددة

وبينما ينتظر المشاة رجالاً آليين يزاحمونهم في الشوارع، فان ملايين الوظائف في مختلف أنحاء العالم أصبحت في مهب الريح بسبب طفرة صناعة «الروبوت» حيث يتوقع أن يحل رجال آليون بدل البشر في العديد من المواقع والوظائف في مختلف أنحاء العالم.
وحذرت الأمم المتحدة مؤخراً من تأثير طفرة صناعة «الروبوت» على الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية في البلدان النامية ومن انتفاء الحاجة إلى العمالة الرخيصة وهو ما يمكن أن يكون كارثياً على أعداد هائلة من البشر.
وحسب تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) فان من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي من خلال الاعتماد على النظم الاوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارا في مجال صنع السيارات والالكترونيات.
وجاء في التقرير: «إن زيادة استخدام الروبوتات في البلدان المتقدمة قد تحد من الاعتماد على العمالة المنخفضة التكلفة الموجودة في البلدان النامية، وإذا اعتُبرت الروبوتات شكلا من أشكال رأس المال وبديلا موثوقا للعمال ذوي المهارات المتدنية، فسيؤدي الأمر إلى تقليل حصة العمالة البشرية في اجمالي تكاليف الإنتاج».
وبالرغم من أن هذه الخطط افتراضية، فإن الصين التي تعمل بجهد كبير لكي تصبح واحدة من بين أكبر اقتصادات في العالم على خلفية وجود يد عاملة رخيصة لديها، ستنضم هي الأخرى إلى ثورة الروبوتات، حيث يقول التقرير: «تشتري الصين سنويا منذ عام 2013 المزيد من الروبوتات الصناعية أكثر من أي بلد آخر. وبحلول نهاية العام الحالي من المرجح أن تتفوق على اليابان كأكبر مشغل للروبوتات الصناعية في العالم».
وتقترح الأمم المتحدة فرض ضريبة على هذه الروبوتات للحد من التغيرات الكبيرة في الاقتصاد العالمي. ومن الواضح أن من غير الممكن زيادة الإيرادات المالية اللازمة لتمويل ودعم العمالة وكذلك الحد الأدنى للأجور ووقف انخفاض مستوى المعيشة لدى العمال، دون فرض ضرائب كبيرة على الروبوتات وباقي المعدات الرأسمالية.

أذكى من الإنسان

وكان أشهر عالم فيزياء في العالم قد أطلق تحذيراً مرعباً بالقول إن «شراً ما يكمن في وادي السيليكون ويتخمر هناك شيئاً فشيئاً» في إشارة إلى أن الذكاء الصناعي الذي تقوم أضخم شركات التكنولوجيا في العالم بتطويره في منطقة «وادي السيليكون» في كاليفورنيا سوف يؤدي يوماً ما إلى تدمير البشرية إذا استمر على حاله في التطور.
وجاء هذا التحذير على لسان عالم الفيزياء البريطاني المعروف والحاصل على جائزة نوبل البروفيسور ستيفن هوكينغ، الذي أشار إلى أن «الذكاء الصناعي سوف يكون من الصعب أن يتوقف ما لم تتوافر الضمانات المناسبة لذلك»، مشيراً إلى أن سباق التكنولوجيا سوف يؤدي إلى صناعة رجل آلي يتطور ذكاؤه بصورة تسبق الإنسان وتتفوق على العقل البشري وبالتالي يمكن أن يخرج عن سيطرة البشر.
وقال إن «الذكاء الصناعي» المصمم ليكون مساعداً تقنياً للإنسان ومصمما لابتكار سيارات بدون سائق وطائرات بدون طيار وما إلى ذلك، إنما هو يتطور بصورة سريعة ليوجد له موطئ قدم ويصل الأمر يوماً إلى إنهاء البشرية.
وحسب عالم الفيزياء الذي يوصف بأنه عبقري ويحظى بشهرة عالمية عالية المستوى، فإن الرجال الآليين يتطورون حالياً بوتيرة أسرع من العقول البشرية، وهو ما سيجعل أهدافهم وتصرفاتهم في المستقبل غير متوقعة.
وأضاف هوكينغ: «أنا لا أعتقد أن التطورات التي يشهدها عالم الذكاء الصناعي سوف تكون بالضرورة أمراً حميداً»، وتابع: «عندما تصل الآلات إلى المرحلة الحرجة، وهي اللحظة التي تصبح فيها قادرة على تطوير ذاتها، سوف لن يكون بمقدورنا توقع أهدافهم وتصرفاتهم».
وقال إن «الذكاء الصناعي أصبحت لديه القدرة على التطور بشكل أسرع في سباقه مع الإنسان» وهو ما يمكن أن يؤدي به إلى القدرة على حسم السباق مع البشر لصالحه، وتدمير البشرية في المستقبل.
وكانت منظمة «هيومان رايتس وتش» وكلية القانون في جامعة «هارفارد» قد أصدرا تقريراً مشتركاً دعيا فيه إلى حظر دولي لأجهزة الروبوت «الرجال الآليون» القاتلة، مشيرين إلى ضرورة أن تظل كل أنظمة السلاح المستخدمة في العالم تحت سيطرة البشر، في الوقت الذي تشهد فيه التكنولوجيا تطورات متسارعة جداً.
يشار إلى أن الشركات العالمية تعمل حالياً على إنتاج سيارات بدون سائق، كما أنتجت طائرات بدون طيار، فيما قامت شركة صناعية عملاقة في الصين بتشغيل رجال آليين كعمال في مصانعها ووجدت أنهم أفضل من الناحية الاقتصادية، ومن حيث الإنتاجية والأداء، من العمالة البشرية.

رجال آليون يزاحمون المشاة في الطرقات والأرصفة قريباً

جدار واق للرصاص يمكن حمله والتنقل به من قبل رجال الشرطة

Posted: 25 Feb 2017 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن مجموعة من المهندسين والخبراء من تطوير أول واقي رصاص من نوعه لحماية رجال الشرطة خلال الاشتباكات وقتال الشوارع، حيث يمكن حمل الواقي بعد طيه وبعد أن يصبح صغير الحجم، على أن يبقى مع الشخص لحين الحاجة له.
وقالت جريدة «دايلي ميل» البريطانية في تقرير إن المهندسين يعملون على تطوير وسيلة للحفاظ على أمن رجال الشرطة وقد توصلوا بالفعل إلى حل غير عادي، حيث استلهموا فكرتهم من الفن الياباني في طي الورق، وقام فريق البحث بابتكار درع خفيف الوزن يمكنه صدّ الرصاص.
ويتكون البالستي الحاجز من 12 طبقة من ألياف الكيفلار ويزن 25 كيلو غراماً فقط، ويستطيع الحماية من الرصاص، لكنه غير قادر على صد كل القذائف الصادرة عن المسدسات الأكثر شيوعا.
وتم إنشاء الحاجز من قبل المهندسين في جامعة بريغهام يونغ (BYU) وهي جامعة بحثية خاصة في يوتا.
ويمكن طي «الدرع» عند الانتهاء من استخدامه، الأمر الذي يسهل نقله ووضعه في حقيبة صغيرة الحجم دون عناء، ولا يستغرق فتحه سوى 5 ثوان فقط، وبذلك يمكن لهذا الدرع حماية رجال الشرطة من رصاص عدة أنواع من المسدسات.
وخلال الاختبارات، تمكن الحاجز من صد رصاص أصغر المسدسات، عيار 9 مم وصولا إلى مسدسات عيار ذخيرتها ما بين 44. ماغنوم و357. ماغنوم.
وتعود فكرة هذا الحاجز إلى، لاري هويل، أستاذ الهندسة الميكانيكية، وفريقه في جامعة بريغهام يونغ في يوتا، وتم تصميم الدرع باتباع طريقة الأورغامي، وهي فن طي الورق، وهذه الطريقة توفر حماية أكبر لرجال الشرطة المحتمين خلفها.
ويمكن للدرع حماية شخصين أو 3 أشخاص، وهو ما يجعله مناسبا لعمل الضباط في حالات تبادل إطلاق النار. وعلى الرغم من أن الحاجز ما يزال مجرد نموذج أولي، إلا أن التجارب الأولية أبدت نجاعته ونجاحه إلى حد ما.
يشار إلى أن حماية رجال الشرطة خلال الاحتجاجات والاشتباكات وأعمال الشغب تشكل هاجساً لدى كافة دول العالم، حيث تريد أغلب دول العالم أن تحمي رجال الشرطة وتوفر لهم القدر الأكبر من الأمان، مع ضمان عدم الاضطرار إلى قتل المطلوبين وإنما اعتقالهم فقط.

جدار واق للرصاص يمكن حمله والتنقل به من قبل رجال الشرطة

«جاكيت» عجيب يحتال على شركات الطيران ويختصر الوقت في المطارات

Posted: 25 Feb 2017 02:01 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن رجل وزوجته في استراليا من ابتكار سترة عجيبة (جاكيت) تغني عن حقيبة السفر، وتمكن الشخص من الاحتيال على شركات الطيران بخصوص الحمولة والأمتعة والحقائب والوزن الزائد، كما أنه يقلل من الإجراءات الأمنية التي يخضع لها المسافر في المطار ويهدر فيها وقتاً طويلاً.
ونقل موقع «مشابل» الأمريكي عن الزوجين الاستراليين أنهما حاولا عبر «سترة المطار» التخفيف من متاعب السفر من خلال التخلص من هم حمل الأمتعة.
ووفقا للزوجين فإن السترة قادرة على حمل ما يصل إلى 13.5 كيلوغرام بجيوبها الـ14، ويمكن تحويلها إلى حقيبة تقليدية أيضاً، ما يعني أن من الممكن ارتداء «الجاكيت» في حال لم تسمح شركة الطيران للمسافر حمل الكثير من الأمتعة، أو أنها تريد تغريمه نظير الوزن الزائد، أو في حال كانت الشركة تتقاضى رسوماً مالية نظير الحقائب التي يتم تحميلها على متن الطائرة.
وتحتوي السترة جيوبا قابلة للانفصال، ومع بعض التخطيط الدقيق، قد تكون قادرة على تحسين تجربة السفر بدرجة كبيرة، فيمكنك أن تضع مثلا شاحن هاتفك في أحد هذه الجيوب المنفصلة.
وقال صانعا السترة إنها يمكن أن تحمل جهاز كمبيوتر محمول، وزوجين من الأحذية، وزوج من الجينز، وثلاثة تي شيرتات، وزوجين من السراويل والملابس الداخلية وسترة خفيفة، وفستانا، وكيس سوائل، ومحفظة، وهاتفا وجواز السفر. ويمكن ارتداء السترة بثلاث طرق مختلفة، تتوقف على ما تحمله من أمتعة في رحلتك، وهناك أيضا سترات للربيع والصيف، ومعاطف شتاء دافئة، وكل ذلك لونه أسود.
وأضاف مخترعا السترة أنه أثناء اختبارها في المطار، وضعوا كل ما يحملونه بها، ثم مرروها على الأمن في هيئة حقيبة عادية، وبعد المرور من التفتيش تم ارتدائها ثانية، ما يعني أنهم نجحوا في خداع شركة الطيران التي تفرض في العادة قيوداً صارمة على الأوزان الزائدة والحقائب الاضافية.

«جاكيت» عجيب يحتال على شركات الطيران ويختصر الوقت في المطارات

تصاعد معدلاته في المجتمعات العربية: لماذا بات العنف اللفظي والجسدي بديلا عن الحوار؟

Posted: 25 Feb 2017 02:01 PM PST

تونس ـ «القدس العربي»: أطلق أخصائيون نفسيون في تونس مؤخرا صيحة فزع إزاء ارتفاع منسوب العنف، وأشاروا إلى ان المجتمع التونسي يعيش ما يسمى بـ»الكآبة الاجتماعية» التي تتمثل ملامحها في ارتفاع منسوب العنف على الطرقات وفي المنازل وداخل الأسر.
وحقيقة الحال فان ارتفاع منسوب العنف الأسري بات ظاهرة تجتاح أغلب مجتمعاتنا العربية خاصة في ظل ما نعيشه من حروب وصراعات محلية، وينعكس ذلك في ازدياد حالات الجرائم والقتل داخل الأسر والتي تتناقلها وسائل الإعلام يوميا، وهو ما لفت نظر الإعلام الغربي على غرار صحيفة «بليك» السويسرية التي جاء في أحد تقاريرها الصادرة مؤخرا أن السياسة الفاشلة لدى بعض الدول العربية اتجهت بالمجتمعات نحو العنف. وأكدت الصحيفة أن حالات القتل تزايدت في جميع أنحاء الوطن العربي دون أن تقدم أرقاما. واعتبرت أن أحداث العنف أصبحت متتالية ومكثفة ولا تقتصر على البيوت وبين أفراد العائلة الواحدة بل بات ظاهرة لافتة في الشوارع في غياب الأمن في كثير من هذه البلدان. واعتبرت الصحيفة أيضا أن موجات العنف ستتزايد في السنوات المقبلة في البلاد العربية مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومع حالة السخط العام في المنطقة.
الروائي اللبناني واستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية د. قاسم قاسم قال لـ «القدس العربي» إن الانسان يتربى على عادات وتقاليد تترجم معنى السلوك وهناك سلوك ايجابي وسلبي وكلاهما ناتج عن عدة أسباب أهمها الوضع المادي للأسرة، الوضع البيئي الذي يختلف حسب المنطقة التي يعيش فيها، وأيضا المعاشرة. ويتابع محدثنا: «يقول المثل قل لي من تعاشر أقول لك من انت. وهناك أمثلة كثيرة في مجتمعاتنا وأمراض تتفشى بفعل عنصر العدوى مثل ادمان الكحول، القمار، وغيرها، إضافة إلى الوضع النفسي بشكليه سواء ذلك الناتج عن ضغوط معينة أو الوضع النفسي الناتج عن حالة فردية وهذه الأمور وغيرها تؤدي إلى خلق العنف الأسري.

هشاشة التربية الاجتماعية

الاخصائية النفسية ريم عبد الناظر أوضحت لـ «القدس العربي» ان العنف الأسري من أهم الأخطار التي تهدد استقرار العائلة، ويؤثر بنسبة 80٪ على نفسية الأفراد لاسيما الأولاد وهذا العنف له انعكاسات مدمرة تهدد بانهيار الأسرة وتصدعها. وتشير إلى انه هو نوع من أنواع الصدمات النفسية التي تصيب الفرد والمجموعة. أما عن الأسباب فترجع إلى ثلاثة عوامل: ذاتية اقتصادية واجتماعية. وتضيف «الذاتية نقصد بها ما ينبع من ذات الإنسان وما تربى عليه من عنف داخل أسرته منذ الصغر وما عايشه من مبادئ في بيته فيصبح العنف هو الحل الوحيد في نظره للتعبير عن عدم قبول الرأي الآخر، فعندما يغيب الحوار يصبح العنف الذي يعيشه الطفل داخل عائلته والذي تربى عليه هو الحل الطبيعي حسب هذه التنشئة لحل مشاكله مع المحيطين به وبالأخص مع عائلته المصغرة المستقبلية».
أما عن العوامل التي تودي إلى الأسباب الذاتية فتقول عبد الناظر: «هناك أسباب فيزيولوجية مثل تعاطي الخمور والمخدرات والعاهات الجسمية والعوامل العقلية والنفسية». وأكدت ان العنف في البيت العربي يودي إلى التوتر في العلاقة مع البالغين وانعدام ثقافة الحوار وهذا يقودنا إلى الانحراف وهشاشة الشخصية ما يسهل على بعض الأطراف استقطاب بناتنا وشبابنا في عمر الزهور للإرهاب وإيهامهم بالاستماع إليهم وتصويرهم كأبطال وشخصيات خارقة.
وتوضح الاخصائية النفسية ان الأسباب الاجتماعية لها دور رئيسي في مجتمعاتنا العربية ومنها تنشئة الذكر حسب مقتضيات العادات والتقاليد على ممارسة العنف كطريقة لفرض رجولته بحيث لا يتوسل في قيادة أسرته إلا عن طريق العنف والقوة وهنا نشير إلى الدراسات التي أثبتت ان العنف مرتبط بالعنصر الذكوري أكثر ولكن هذا لا ينفي وجود العنف في صفوف الإناث.

قضايا العنف الزوجي

تجدر الإشارة إلى ان وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس نزيهة العبيدي أكدت في جلسة استماع أمام مجلس نواب الشعب مؤخرا ان «حالات العنف المسلط ضدّ النساء والأطفال في تونس وصلت إلى أرقام مفزعة جدا». وكشفت أن قضايا العنف الزوجي وصلت إلى 38 ألف قضية خلال الفترة بين 2011 و2015. كما أشارت إلى أن «حالات العنف الجنسي ضد الأطفال إناثا وذكورا بلغت 301 حالة عنف جنسي سنة 2015 مقابل 262 حالة سنة 2013» وهذه الحالات من العنف الموجه ضد الأطفال في تزايد كبير. وتفيد الاحصائيات المتعلقة بوزارة المرأة التونسية إلى ان 53 في المئة من النساء في تونس تعرضن إلى أحد أنواع العنف خلال الفترة من 2011 إلى 2015 و78.1 في المئة (من هذه النسبة الـ53 في المئة) تعرضن للعنف النفسي، و74.4 في المئة تعرضن للعنف الجنسي، و41.2 في المئة من النساء تعرضن للعنف الجسدي، وفق دراسة ميدانية حول العنف المبني على النوع الاجتماعي في الفضاء العام، أنجزها مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة».

في ضرورة المقاربات العلمية

أحلام الكامرجي الناشطة الحقوقية والسياسية التونسية تقول ان ظاهرة العنف الأسري تتفاقم في تونس والعالم العربي وهي ظاهرة اجتماعية خطيرة يجب مقاومتها عبر مقاربات علمية وطرح سوسيولوجي لأن المقاربات المطروحة انطباعية ولا تستند إلى مرجعيات علمية. وعن أسباب تفاقم الظاهرة تضيف: «من المؤكد ان المناخ العام الذي نعيشه له تأثير على سلوكيات الفرد، فالإنسان يتأثر بالمحيط وكما نرى فان المحيط مشحون بأجواء العنف والصراعات السياسية والمجتمعية».
وتشير إلى ان البعد الاقتصادي من العوامل التي تؤدي إلى العنف وتضيف: «أغلب المشاكل الزوجية أسبابها اقتصادية مثل ضعف المقدرة الشرائية للأسرة أمام تزايد التحديات المطروحة من مشاكل السكن والنقل وهذا كله ينعكس على المزاج ويجعل العلاقات تتوتر وهي تلقي بظلالها على الطفل أولا ثم تتدحرج مثل كرة الثلج. واعتبر ان العنف مرض معد ووباء يجتاح مجتمعاتنا لأنه عندما تتوتر العلاقة الزوجية فذلك يؤثر على الصحة النفسية للأطفال. وأعتقد ان استراتيجية دولنا ضعيفة ومؤسساتها لا تعطي للبعد النفسي اهتماما كبيرا وما زالت تستعمل أساليب مادية بدائية في التعامل مع هذه الظواهر» . وتتابع: «اعتقد ان مشاريع التوعية ضد العنف مناسباتية وتتم في أغلب الأحيان دراسة هذه الظواهر من قبل المختصين النفسيين في نزل مغلقة في حين ان مواجهة العنف الأسري هو عمل دؤوب يتطلب تغيير العقليات وهي المهمة الأصعب».

اغتراب وصراع فكري ونفسي

ولفتت كامرجي إلى ان العنف بات ظاهرة مشتركة بين كل المجتمعات العربية. وتؤكد ان هناك ثقافة مبنية على العنف وهناك اشكال اليوم بين الحفاظ على الموروث الثقافي من جهة وتحديات التطور بشكل يستجيب لمتطلبات العصر من جهة أخرى. وتضيف: «ان المقاربة والمراوحة بين الأصالة والتفتح عمل تلزمه منهجية علمية حتى نخلق إنسانا متصالحا مع نفسه، ونجد ان الشباب يعيش حالة اغتراب لأنه يلقى نفسه ممزقا بين هاجس الحفاظ على هويته وبين الانفتاح ومواكبة روح العصر».
كما أشارت إلى ان العنف السياسي المتفشي في العالم العربي والصراعات والحروب المسيطرة، كلها تنعكس بشكل مباشر على الأسر وهنا يجب ان تتحمل النخب مسؤولياتها في التوعية ضد العنف من خلال الأعمال الثقافية وغيرها لأنها سلاح فكري ضد تفاقم ظاهرة العنف على اختلاف أنواعها ومسبباتها. لكن للأسف النخب دورها تراجع وهي بدورها دخلت في مهاترات سياسية وسجالات عقيمة.

مسببات اقتصادية

ويوضح الباحث والمحلل الاقتصادي الأردني مازن ارشيد في حديثه لـ «القدس العربي» المسببات الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر في ازدياد حالات العنف الأسري ويقول: «اننا نعيش في أصعب الأوقات الاقتصادية، والاحصائيات تتوالى حول تزايد حوادث العنف الأسري وحالات الانتحار وغيرها من الحوادث الاجتماعية». ويضيف: «بالتأكيد لا يمكن الجزم بأن العامل الاقتصادي وحده المسبب الأساسي لارتفاع حالات العنف الأسري، لكنه عامل مهم وخطير. فمن الطبيعي عند تردي الأحوال المعيشية والاجتماعية فإن هذه الضغوط عادة تظهر على السطح على شكل عنف سواء كان عنفا مجتمعيا أو أسريا.
والعكس في أوقات الرخاء الاقتصادي فإن حالات العنف الأسري تتراجع بشكل أكبر، إذ ان من الطبيعي ان تراجع الضغوط الاقتصادية يلعب دورا في تحسين نفسية الفرد وبالتالي نفسيات الأسرة والمجتمع ككل». وقال: «سوء الوضع الاقتصادي مثلا يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة ولنا ان نتخيل الوضع المعيشي البائس لعائلة ما بلا مورد مالي مستمر ومنتظم. بالتأكيد ان هذه الضغوط سوف تظهر على السطح من خلال الاستخدام الزائد للعنف أو من خلال ما يسمى بالعنف الجسدي واللفظي».
ويرى ان الاقتصاد هو عصب الحياة. ولا يمكن في أي حال من الأحوال فصل الحياة الاجتماعية عن الأوضاع الاقتصادية للمجتمع. ولذلك من الأفضل ان يبدأ الاصلاح الاجتماعي جنبا إلى جنب مع الاقتصادي. وأضاف: «مثلا في الأردن معدل البطالة عند أعلى مستوياته التاريخية، حوالي 16 في المئة، وارتفاع معدل العنف الأسري خلال السنوات الأخيرة مرتبط بشكل أو بآخر بتردي الوضع الاقتصادي».

تصاعد معدلاته في المجتمعات العربية: لماذا بات العنف اللفظي والجسدي بديلا عن الحوار؟

برياني الروبيان

Posted: 25 Feb 2017 02:00 PM PST

المكونات: كيلو روبيان متوسط الحجم
كوبان ونصف أرز
عدد 2 كوب شرائح رقيقة من البصل
وملعقة صغيرة ثوم مفروم وملعقة صغيرة زنجبيل 6حبات هيل
3ملاعق كبيرة معجون الطماطم
3ملاعق كبيرة كزبرة مفرومة
قرفة، فلفل أسود وزعفران منقوع في ربع كوب ماء
3ملاعق كبيرة سمن
زيت للقلي

طريقة التحضير: ننظف الروبيان جيداً ثم نغسله ونسلقه لمدة 3 دقائق. نستبدل الماء ونضع معه بصلة وفصا من الثوم ونترك الخلطة حتى تنضج بعض الشيء ثم نصفيها من الماء.
نسخن السمنة ونضيف البصل مع الثوم المفروم ونحمرها جيدا.
نضيف الروبيان إلى البصل ونقلبه جيداً ثم نضيف جميع البهارات ومعجون الطماطم والملح ونترك الخليط على نار هادئة.
نضيف الأرز إلى خليط الروبيان ونقلبه على نار هادئة ثم نغطيه بالماء المغلي ونتركه
على نار عالية حتى يغلي ويبقى ربع كمية الماء تقريباً، ثم نتركه على نار هادئة جداً حتى ينشف تماماً ثم نضيف إليه الزعفران.
ممكن وضع البصل المحمص والكزبرة المفرومة على سطح الأرز عند التقديم.

برياني الروبيان

طبق الأسبوع

دراسة أمريكية تكشف عن فوائد الزواج الصحية

Posted: 25 Feb 2017 02:00 PM PST

كشفت نتائج دراسة حديثة عن وجود فوائد صحية جديدة للزواج. وحسب الباحثين فالزواج يحد من التوتر ويحفز المرء على الالتزام بأسلوب حياة صحي أو تفادي سلوكيات قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض بسبب التدخين أو شرب الخمر.
وأظهرت الدراسة أن المتزوجين ربما يكونون بصحة أفضل من العزاب أو المطلقين أو الأرامل لأسباب من بينها انخفاض مستويات هرمون للتوتر له علاقة بمشكلات صحية شتى. وكانت أبحاث سابقة ربطت بين الزواج وإطالة العمر وفوائد صحية أخرى. وقد يرجع الفضل في ذلك إلى العلاقة الزوجية نفسها أو عوامل أخرى مثل ارتفاع دخل الأسرة أو وجود تأمين طبي أفضل أو سهولة الحصول على الرعاية. لكن الدراسة الجديدة تلمح إلى فائدة أخرى محتملة للزواج وهي الحد من التوتر.
ولإجراء الدراسة فحص الباحثون مستويات هرمون يعرف باسم كورتيزول يفرزه الجسم عند التوتر. وشارك في الدراسة 572 رجلاً وامرأة من الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و55 عاماً. وقال كبير باحثي الدراسة برايان تشين، وهو باحث في علم النفس بجامعة كارنيجي ميلون في بيتسبر بولاية بنسلفانيا الأمريكية، «تقدم نتائجنا رؤية جديدة ومهمة وأولية للطريقة التي تتغلغل فيها علاقاتنا الحميمة تحت الجلد لتؤثر على الصحة الجسدية». وأضاف برايان تشين: «لا يمكننا استخلاص أي نتائج قوية وفقا لدراستنا لمعرفة كيف يحدث هذا على وجه التحديد لكن بإمكاننا التوصل لبعض التخمينات المدروسة استناداً إلى أبحاث سابقة».
وأضاف أن الزواج قد يساعد في تحفيز المرء على الالتزام بأسلوب حياة صحي أو تفادي سلوكيات قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض مثل التدخين أو شرب الخمر. وعكف الباحثون على دراسة مستويات الكورتيزول في المجمل وكذلك تقلباتها لدى المشاركين على مدار اليوم. وأشار الباحثون في
دورية «سايكونيورواندوكرينولوجي» إن مستويات الكورتيزول تصل في العادة إلى ذروتها عندما نستيقظ ثم تنحسر خلال اليوم.
وأضافوا أن مستويات الهرمون كانت تنخفض بوتيرة أسرع لدى المتزوجين وهو ما يؤدي إلى فوائد صحية من بينها الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب وإطالة العمر بين مرضى السرطان. وتقول الدراسة إن السبب في انخفاض مستويات الكورتيزول في أجسام المتزوجين وتراجعها بسرعة أكبر خلال اليوم ربما يكون لأنهم أكثر رضا عن علاقاتهم ولا يشعرون بالتوتر المرتبط بكون المرء في علاقة عاطفية سيئة أو غير متزوج. (رويترز)

دراسة أمريكية تكشف عن فوائد الزواج الصحية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق