Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 6 يناير 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


لماذا يتخلف «إصلاحيو» إيران عن مواكبة الاحتجاج؟

Posted: 06 Jan 2018 02:11 PM PST

«لا ريب في أنّ الشعب الإيراني يواجه صعوبات في حياته اليومية، ومن حقه أن يطالب ويحتج سلمياً. لكن الأحداث الراهنة أظهرت أنّ الانتهازيين والمشاغبين استغلوا الاحتجاجات بهدف خلق المشكلات، وتعكير الأمن، وتخريب الممتلكات العامة، بالترافق مع إهانة القِيَم المقدسة الدينية والوطنية (…) وإنّ أعداء إيران، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وعملائها، شجعوا مثيري الاضطرابات وأعمال العنف».
هذا النصّ لم يصدر عن مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، ولا عن رئاسة أركان «الحرس الثوري»، ولا حتى عن الرئيس حسن روحاني؛ بل هو فقرات من بيان أصدرته «رابطة رجال الدين المحاربين»، التي يتزعمها الرئيس الأسبق محمد خاتمي، وتضمّ في عضويتها عدداً كبيراً من أبرز رجالات الحركة «الإصلاحية» في إيران. وهذا نصّ لا يختلف، إطلاقاً، عن المنطق الذي اعتمدته السلطات الدينية والحكومية الرسمية الإيرانية؛ في أنّ من حقّ الشعب أن يحتج وينتقد، ولكن دون شغب وتخريب، ودون تحريض من أعداء إيران.
وهذا، في أول المطاف ونهايته، هو كلام الحقّ الذي لا يُراد منه إلا الباطل، وإلا تفريغ الحراك الشعبي من مضامينه العميقة وتأطيره في حدود المطالب البسيطة، أو «المصاعب» التي لا يخلو منها مجتمع؛ أو حتى «إفلاس» بعض المصارف كما في التأويل الذي اعتمده حسن نصر الله، الأمين العام لـ»حزب الله». لكنّ النصّ، من وجهة أخرى، هو البيان الأعلى فصاحة في التعبير عن تخلّف «إصلاحيي» إيران عن مواكبة تحرّك الشارع الشعبي، بل مناهضته عملياً، والاصطفاف خلف السلطة الحاكمة، الدينية والسياسية معاً.
ولعلّ هذا الاعتبار الأوّل، أي المساس بـ»القيم المقدسة»، هو الباعث الأبرز خلف عزوف «الإصلاحيين» عن تأييد التظاهرات الشعبية؛ خاصة وأنّ التعبير غائم وعامّ، ويمكن أن تُدرج في عداده أية قيمة ذات قداسة. الأرجح، من حيث المضمون الفعلي هذه المرّة، أنّ القيمة الكبرى التي يخشى «الإصلاحيون» تعريض الشارع الشعبي بها، إلى درجة المطالبة بإسقاطها، هي مبدأ ولاية الفقيه؛ الذي لم يتجاسر أي إصلاحي، بمن فيهم خاتمي نفسه، على الاقتراب منه، حتى في ذروة التناطح الشرس مع «المحافظين» الأكثر تشدداً.
والحال أنّ مواقف «الإصلاحيين» لا تخون الشارع الشعبي وحده، بل ترتكب خيانة مماثلة ضدّ تاريخ مشرّف يُنسب إلى رجال الدين أنفسهم، أمثال محمد الطباطبائي وعبد الله البهبهاني وكاظم الخراساني ومحمد حسين النائيني؛ الذين أسسوا حركة «المشروطة» وقادوا ثورة دستورية ضدّ الشاه مظفر الدين، في سنة 1905. ولم تكن مفارقة أنّ رجال دين آخرين ساندوا الشاه، واستحقوا صفة «أنصار المستبدّة»، ولم يتحرّج النائيني في تصنيفهم ضمن فريق «عَبَدة الظالمين» و»علماء السوء» و»لصوص الدين».
كان النائيني وصحبه يستلهمون جمال الدين الأفغاني وروحية «طبائع الاستبداد»، ولكن في ميدان سياسي فقهي شائك هو الإمامة الغائبة ومدى حقّ الأمّة في ولاية نفسها وتشكيل حكومة زمنية عادلة؛ بدل الركون إلى حكومة لا زمنية مطلقة (ومستبدة بالضرورة، لأنها جزء من شعبة «الاستبداد الديني» حسب النائيني أيضاً). وفي أيامهم لم يكن مبدأ ولاية الفقيه قد رأى النور، إذْ ابتدعه الإمام الخميني سنة 1971، حين كان منفياً في النجف؛ وبالتالي فإنّ إقرارهم بحقّ الأمّة في ولاية زمنية، يتناقض تماماً مع صلاحيات الولي الفقيه القصوى.
ليست مفارقة، كذلك، أنّ «إصلاحياً» مثل مصطفى تاجزاده، شارك بحماس في احتجاجات 2009 وسُجن لهذا السبب طيلة سنوات؛ ينأى بنفسه اليوم عن احتجاجات 2018، ويخشى أن تحوّل إيران إلى «سوريا ثانية»! في قلب هذا المنطق ثمة اصطفاف ليس مع «استقرار» إيران تحت راية وليّ فقيه وصفه الشارع بـ»الدكتاتور»، فحسب؛ بل كذلك مع استبداد النظام السوري، ضمناً وقياساً. وهذا، بدوره، ضرب من خيانة أخلاقيات «المشروطة»، ونكران تاريخ إيران الحديث أيضاً.

لماذا يتخلف «إصلاحيو» إيران عن مواكبة الاحتجاج؟

صبحي حديدي

«لازم نعيش»

Posted: 06 Jan 2018 02:11 PM PST

يا عم محمد: والله العظيم لم أتجاهل رسالتك ولم أتعال عليها، وكل ما في الأمر أنني كنت وقت تلقيها مرهقا ومكسور النِفس، بعد أن فُجعت بوفاة أقرب وأحبّ أساتذتي، ليمضي عام وعشرة أشهر دون كتابة، لذلك لم يكن ممكناً حين أعاود الكتابة، ألا أبدأها بالرد على رسالتك التي اتهمتني بالتعالي عليها وعليك، ليس لتصحيح صورتي لديك، فلعلك تدرك أن رضا الناس كان في الأزمنة الهادئة غاية لا تُدرك، فكيف يطلبه عاقل في هذه الأزمنة الخماسينية التي يستسهل الناس فيها فش غلهم فيمن استطاعوا إليه سبيلاً، بل لأن رسالتك الهادئة على قصرها ظلت تشغلني طويلاً، كلما فكرت في مشاعر ومصائر ملايين المصريين الذين أيدوا الوضع القائم في مصر، منذ أن ركب عبد الفتاح السيسي السلطة، ليس لأنهم بالضرورة عشقوا طلعته البهية، أو أيقنوا بعبقريته الجليّة، بل لأنهم رغبوا في أن تنتهي حالة الخوف والغموض والقلق التي عاشوا فيها منذ لحظات يناير الأولى.
كنت أرى هؤلاء الكتلة الأهم من المصريين، والأكثر تأثيراً من كُتَل الأفاّقين وأصحاب المصالح وهواة التعريص المدفوع أو المجاني، وفي اعتقادي لم يكن لهؤلاء مشكلة حقيقية مع خلع ثورة يناير لمبارك، طالما استقرت البلد سريعاً واستعادت أموالها المنهوبة لتوزع على الجميع بالعدل، لم يكن لديهم رهان على الأصوات الثورية ليس لكراهيتهم الفطرية لها، بل لعدم امتلاكها قوة ملموسة حاسمة، لم يكن لديهم مشكلة في تصدر الإخوان والسلفيين والمجلس العسكري للمشهد، طالما سينجح هؤلاء معاً أو منفردين في تحقيق الاستقرار وإخراس أصوات المظاهرات المزعجة والموتّرة، ولما بدا لهم أن حكم الإخوان لن يكون جالباً للاستقرار، بل سيتسبب في مزيد من الأزمات، وساعدهم الإخوان بعدد من الحماقات والخطايا على تأكيد ذلك الانطباع، انفضوا عنهم حالمين بعودة حاكم شاكم مخلص مسيطر، وحين توسّموا ذلك في السيسي أيدوه وفوّضوه وحاربوا من أجله في الشوارع والمقاهي والميكروباصات ومواقع التواصل الاجتماعي.
يصعب أن ألخص بمنتهى الدقة وقائع سنوات حافلة في سطور قليلة، لكن رسالتك كانت أقدر على تلخيص موقف هذه الكتلة العريضة التي تنتمي إليها، حين قلت فيها: «باختصار إزاحة الجيش عن السياسة يلزمه وجود بديل فاعل وقادر على إدارة مصر، خاب أملنا في الإخوان، وخاب أملنا في تيارات الثورة ولازم نعيش». لا أظنك غيّرت رأيك بالكامل بعد كل ما جرى من كوارث وإخفاقات خلال العامين الماضيين. عندي من حسن الظن فيك ما يجعلني أفصلك عن زمرة المهاويس الذين يرفضون الاعتراف بوجود أي كوارث وإخفاقات، وإن اعترفوا ببعض ما يستحيل إنكاره، رأوا فيه نعمة مخفية الحكمة، كأمر سيدنا إبراهيم بذبح ابنه اسماعيل. بل أظنك قد ذقت الأمرّين بفعل السياسات الخرقاء، التي خسفت بمدخراتك الأرض، وزادت أيامك ولياليك أزمات وديوناً وهموماً، إلا أني لا أظنك تبادر إلى إعلان معارضتك للسيسي، أو تؤيد الإطاحة به، فأنت في ظني لم تذكر اسم السيسي في ما كتبته، لأنك أصبحت تدرك أنه لا يمثل شخصه فقط، بل يمثل تحالفاً من جنرالات المؤسسة العسكرية ولواءات المخابرات والشرطة ومستشاري القضاء والأذرع الإقتصادية والدلاديل الإعلامية، وهذا التحالف المدعوم من قوى إقليمية ودولية، يمكن أن يفتك بشخص السيسي نفسه لو وقف ضد مصالح هذا التحالف، وربما استبدله بغيره على الفور، ولعلك تدرك أن محاولة التخلص الكامل من هذا التحالف ستكلف أثمانا باهظة لن تقوى البلد المهترئة على دفعها ولن يساعدك على أن تعيش، وهو ما يدفع رموز هذا التحالف الحاكم وأبواقه للحديث الدائم عما جرى في سوريا وليبيا واليمن بوصفه عبرة وعظة، فضلا عن الاستغلال المستمر للجرائم الإرهابية كوقود يجدد إشعال نيران الخوف من المجهول، كلما قاربت رياح السخط على إطفائها.
نعم، قد يجادلك إخواني ساخط في صحة شعورك بالخيبة من الإخوان، لأنهم لم ينالوا فرصة لائقة للحكم، وقد أحاججك في شعورك بالخيبة من تيارات الثورة، التي تعرضت لحملات قمعية وتشويهية شارك فيها الإخوان أنفسهم خلال أيام نفوذهم، لكن كل هذا ستتضاءل قيمته أمام آخر كلمتين ختمت بهما رسالتك: «لازم نعيش»، وهو ما تدركه سلطة السيسي جيدا، ولذلك لا تمل من تكرار الرسائل الواضحة «القارحة» للمصريين بأن مجرد بقاءهم على قيد الحياة، نعمة يجب أن يشكروا السيسي عليها، ولذلك يجري الضرب بأرجلٍ من حديد في محاشم وعلى أدمغة من يحاول أن يثبت للناس أن هناك بدائل عملية، غير مجرد بقاءهم على قيد الحياة، يستوي في ذلك أن يكون من رموز نظام مبارك، أو من رموز الثورة على مبارك، ولذلك تُستحكم قبضة التكويش على وسائل الإعلام لكي لا يتسرب منها بصيص وعي أو نقد، ولذلك تتم «تربية» الكتاب والإعلاميين والسياسيين الذين سبق أن باركوا قمع السيسي، وتتم مساومتهم على حياتهم ومصالحهم، ليصبح أمامهم إما التواري عن المشهد، أو أداء ما يطلب منهم بكل رُخص وفجاجة، ولذلك تستمر وطأة القمع الممنهج الذي يحسبه البعض عشوائياً من فرط غباوته وعناده، ولذلك يعود النظام ـ بعد غشومية دونالد ترامب ـ إلى لعبة التذاكي في استخدام ثنائية الحنجورية العلنية والانبطاح السري التي ابتدعها نظام مبارك من قبله، وأظنك وسط كل هذه المعجنة، تقرر أحيانا متابعة ما يجري على أمل أن تجد ما يبل ريقك، وتُفضِّل في أحيان أخرى الهروب نحو ما يفصلك عن الواقع، وأنت تردد لنفسك في الحالتين: «لازم نعيش».
يا عم محمد: لست من هواة الاستعلاء الأحمق، لأحاضرك عن فضائل الحرية التي لا يطيب بدونها العيش أياً كان الثمن، ولست من محترفي التنجيم السياسي، لأجزم باقتراب سقوط نظام يتصور دوام بقائه بفعل البطش، لتشرق من بعده شمس الحرية والعدالة، ولم أفقد ضميري بعد لأطالبك بدفع أثمانٍ لا طاقة لك بها، ولا أشعر أبدا بأفضلية متوهمة عليك، وعلى عكس ما تظن، سأسعد لو كان اختيارك صائباً وتمكنت من العيش فعلاً. وللأسف إن سألتني عن المستقبل القريب، لن أكذب عليك، ليست لدي إجابات نموذجية قاطعة، وأحسد الممتلئين باليقين في قدرتهم على صُنع عالم أفضل، وتشغلني أسئلة مربكة عن جدوى الديمقراطية الإنتخابية إذا لم تضمن عدم استبداد الواصلين إلى الحكم بمعارضيهم، وعن قدرة المواطن العادي ـ في عالم تتحكم فيه الماكينات الإعلامية الممولة ـ على القيام باختيارات سياسية لا تتحكم فيها غرائزه ومخاوفه.
لكنني برغم كل ما أعيشه من حيرة وأسى، أفكر أن هذه الفترة العصيبة التي يعيشها العالم، ربما كانت فرصة أخيرة، لكي نستعيد تعرفنا على حقائق جرّبتها شعوب كثيرة قبلنا، لكنها غابت عنّا، تحت وطأة السعي المتوهّم للحسم، تحت رغبتنا الملحة في أن نكون جزءاً من كُلٍ أكبر ننتمي إليه. فرصة لكي ندرك أنه ربما لا تكون الاختيارات الأخلاقية في السياسة مثالية بلهاء، بل هي الطريقة الواقعية لاستمرار الحياة بأقل خسائر ممكنة، فإذا لم نكن قادرين على دفع ثمنها كمواطنين، فلسنا مجبرين على التواطؤ العلني مع القتلة والجلادين، وإذا لم نستطع إيقاف الظلم والإعدامات والتصفيات والإخفاءات القسرية والتلاعب بالعدالة، فلسنا مجبرين على تبرير ذلك والاحتفاء العلني به، حتى وأن وقع على من نكرهه.
ربما ندرك يا عم محمد تحت وطأة الواقع الأليم، أن استسهال مباركة الوضع القائم لعلّنا نعيش، ليس سوى مساهمة خرقاء في صناعة أسباب جديدة لموتٍ أكيد، سيجد فينا هدفاً أسهل من جلادينا. ربما سنبقى طويلاً عائمين ومهددين بالغرق في الوقت نفسه. ربما تنجينا جينات التعايش الأزلي مع الفشل التي ورثناها عن أجدادنا. ربما كان علينا قبل كل شيء التوقف عن تصورنا أن تغيير الواقع سهل، لأن ذلك التصور دفعنا دائما نحو مسارات متسرعة خاطئة. ربما كان التغيير يتطلب أولاً أن نواجه أنفسنا بحقائق الأشياء، مهما بدت كئيبة ومريرة. ربما كانت المشكلة في إيماننا الدائم بنون الجماعة مع أنها تخفي خلفها انحيازات فردية ضيقة الأفق. ربما كانت بداية الطريق اللازم لكي نعيش، ألا نتصالح مع العيش على جثث ودموع ومظالم غيرنا، حتى ولو لم يوافقنا الجميع على ذلك الاختيار الصعب.
يا عم محمد: سلام الله عليك وعلى مصر البعيدة.

«لازم نعيش»

بلال فضل

عن الأسماء والكتابة

Posted: 06 Jan 2018 02:11 PM PST

منذ حوالي خمس سنوات كنت كتبت نصا روائيا تدور أحداثه في مدينة بورتسودان الساحلية، التي أخبرها وأكتب عنها كثيرا، ويروى بلسان بطل لم يذكر اسمه في النص أبدا، بالرغم من أن كل الشخصيات الأخرى التي تنهض بالحكاية معه، أو تطل برأسها لعدة أسطر وتختفي، كانت تحمل أسماء، وبعضها معرفا حتى باسمه الثلاثي. أيضا ذكرت منذ أيام على صفحتي في موقع فيسبوك، التي أغذيها أحيانا بالغرائب التي تصادفني، أن لدي صديقا أعرفه منذ خمسة عشر عاما، وألتقيه باستمرار، حين أذهب لما أسميه ركن الكتابة، يجلس معي أحيانا، أو أجلس معه حين لا أكون مشغولا، ونتحدث في أشياء كثيرة، مثل كرة القدم، وأخبار الحروب والدمار، ومؤشرات البورصة، لكنه لا يعرف اسمي ولا أعرف اسمه، ولم نتطرق إلى مسألة أسمائنا أبدا. وشخصيا لم أر ذلك مهما، وأظنه لم ير الأمر أيضا مهما، وإن كنت إضافة إلى ذلك أعتـــبرها مــســألة غمــوض تحــيط بشخصية موجودة في محيطي، وذلك جو أحبه وأؤيد وجوده، وأخترعه في نصوصي الروائية أحيانا كما ذكرت.
لقد بدا كثير من القراء مغتاظين من وجود رجل عاشق متجذر في نصي الروائي، يقوم ويقع ويبكي ويضحك، ويتعلق بالمواصلات العامة، ويطارد أطيافا أرهقته، من دون أن يكون له اسم يضاف إلى تخيل القارئ عنه. وكنت أتابع آراء القراء في عدد من مواقع القراءة المعروفة، وأجد معظمهم اتفقوا على الاستياء من ذلك المجهول من ناحية التعريف بالرغم من وجود صفاته كلها في النص. وراسلني البعض بدافع الفضول طبعا، ليعرفوا اسم الشخص الذي كان من الممكن أن يكتب ولم يكتب، ولم أكن لسوء الحظ أعرفه، أو اقترحته أصلا، هو موضوع أخذته من الواقع بالخامة المجهولة نفسها التي كانت متوفرة، وطورته من دون أن أحس بضرورة تعريف الرجل باسم محدد. وحتى لو أن الأمر كان مخترعا فلا أظنني أول من كتبه، فهناك كثيرون منذ عرفت كتابة الرواية، لم يضعوا أسماء لأبطالهم، ومضى الأمر عاديا ومدهشا في كثير من الأحيان، المهم فقط أن يكون ثمة أحداث تدور وحكاية متتابعة لا يضيعها شيء.
 وأذكر أنني أثناء حياتي العملية، حين كنت أعمل في مدينة بورتسودان، التقيت بشخص لم يكن في رأيي مجنونا، ولا رافضا للحياة، وبالرغم من ذلك أصر على مناداته بلقب المجهول، لأنه يحب أن يكون مجهولا. وبالفعل ناديته بذلك اللقب، وكتبت عنه في سيرة ذاتية أنجزتها مؤخرا بوصفه ذلك المجهول الذي اقتحم حياتي فترة من الزمن، بعثر بعض مجرياتها، وأعاد ترتيب بعضها الآخر.
إذن الأسماء بالرغم من أهميتها الكبرى، لا تبدو ملزمة للكثيرين ولا تبدو براقة للكثيرين أيضا، هناك من يتعرف إليك في مناسبة ما، ويذكر اسمه مباشرة، ويسألك عن اسمك أو يحثك على ذكر اسمك، ومن يتردد في السؤال بعد أن يذكر اسمه، ومن يصادقك لسنوات طويلة، ولا يخطر بباله أن صداقته ناقصة أو تحتاج إلى تكملة، من دون معرفة الاسم.
 ربما تسنح فرص معينة في يوم ما ويعرف الناس الأسماء الغائبة لبعضهم وربما لا تأتي فرصة أبدا، ويظل الحال غامضا أو مدهشا كما يحدث معي وصديق الركن الذي ذكرته.
بغض النظر عن موضوعي مع ذلك الصديق صاحب الاسم الغائب، أو بطلي في الرواية، أو الآخر الذي عرفته في زمن بعيد وسمى نفسه مجهولا، أعتبر نفسي من عشاق الأسماء. نعم أعشق غرابة الأسماء بالفعل، وكم من مرة حدقت طويلا في وجه شخص سمعت اسمه يتردد، وكان غريبا وموحيا كما أعتقد. وذكرت كثيرا أن الأسماء لها دلالاتها المعينة، وتتحدث عن أصحابها بترف ويمكن أن تكون بديلا سخيا عن الوصف المسهب في النصوص الإبداعية. ولعل وجودي في مهنة ألتقي فيها بعشرات الأشخاص يوميا، وكل يحمله اسما معينا، جعل تأملي للأسماء أكثر شغفا بحيث لا أستطيع سماع اسم غريب غير مستخدم تقريبا، ولا أدونه في ذاكرتي، أو أستخدمه في حكاية ما. مثلما حدث مع طفل كان اسمه عجيب تمبولي، وآخر كان اسمه جبار القرنين، وحتى رسائل الاحتيال التي قد ترد إلى بريدي وبريد كل من يستخدم الإنترنت، فيها أسماء من القوة والإيقاع بحيث يمكن توظيفها حالا بلا أي مشقة.
وكما ذكرت من قبل، فأنا أعتقد كثيرا في ظلال الأسماء وأنها تعبر بالضبط عن شخصيات حامليها، ومن النادر جدا أن لا تجد شخصا يشبه اسمه أو مهنته تشبه الاسم. فلن يكون غريبا أن تجد جزارا مثلا اسمه الصعب أو النعمان، بينما سيكون غريبا ان يكون اسمه هيثم أو حسام، وقد قلت لجزار التقيته مرة، وكان اسمه عاطف، ان عليه تغيير اسمه أو مهنته لأن ثمة عدم تناسق في الأمر، فاستغرب من شخص يستخدم الأسماء بهذه الطريقة.
بالطبع لا شيء ملزم لأحد من ناحية عشقي للغرائب التي إن لم أعثر عليها في محيطي، قمت باختراعها، هو أسلوب في الحياة، مثل أساليب كثيرة، يملكها الناس ويتآلفون معها بشكل أو بآخر. وخلال قراءاتي للعديد من القصص، سواء أكانت عربية أو قادمة من لغات أخرى، أحس بالتنافر في مسألة الوجه والاسم أو الشخصية والاسم، وأسعى لتعديل بعض الأشياء في ذهني. وأعرف تماما أن غيري لا يلتفت لذلك، وكاتب النص نفسه قد يستغرب من رأي غير مدعوم بأي شيء سوى الإحساس بأن ثمة خطأ.
جانب آخر كان يحملني على إزعاج كتاب بذلوا جهدا ولا يودون أن ينزعجوا، وهو ما يحدث أثناء قيامي بتحرير النصوص المنتجة في ورش الكتابة الإبداعية التي قد أكلف بالإشراف عليها. ففي كثير من الأحيان أجد شخصية رخوة في نص ما، أوكلت إليها مهام جليلة لا تشبه الاسم أو الصفات، وشخصية صلدة ومهمة تركت ثانوية بلا عمل أو فعل. أيضا أجد ولدا فقيرا متشردا في الشوارع، بلا أي ميزة، تحبه فتاة أرستقراطية مشبعة بالأناقة والجمال، وبائع خضروات متجول في الشوارع، عشقته ربة أحد البيوت وفرت معه تاركة كنزا من الفخامة والاستقرار. وهكذا، وعثرت مرة على سباك أمي، دخل بيتا لتصليح مواسير تسرب المياه، فسقطت طالبة الطب التي تسكن البيت في هواه. كنت أحرر النص بحيث يعتدل في رأيي وأخطر صاحبه الذي قد يرضى وقد يتذمر، وأذكر أن كاتبة شاركت معنا مرة في ورشة، كتبت للقائمين على الورشة، بأنها لا ترغب في أن يحرر المشرف نصها وإلا ستنسحب. لقد قرأت النص طبعا، وكان بحاجة لمجهود كبير، حتى يغدو نصا شبيها بالحياة التي تروى داخله لكنني لم أمسه أبدا.

كاتب سوداني

عن الأسماء والكتابة

أمير تاج السر

‏اعتقال دفعة جديدة من الأمراء في السعودية محمد بن سلمان يركز دعائم سلطته في المملكة بمباركة أمريكية

Posted: 06 Jan 2018 02:11 PM PST

تتسارع الأحداث في المملكة العربية السعودية بشكل لافت يجعل المتابعين يعجزون عن مواكبة حجمها وطبيعة القرارات التي تتخذ على هرم السلطة والتي اختتمت بدفعة جديدة من الاعتقالات طالت أمراء بعضهم من الدائرة المقربة، وتباينت الدوافع حولها بين الرواية الرسمية المسربة والحقيقة التي تؤكدها المصادر المتابعة.
وحاولت مجموعة دليم التابعة لولي العهد محمد بن سلمان الإيحاء من البداية عبر تسريبات لوسائل الإعلام المقربة منها أن العملية سببها اعتراض المعتقلين على قرار اتخذ لمساواتهم بالمواطنين ودفع فواتير الكهرباء.
ورمت الخطوة إلى تسويق صورة ناصعة لولي العهد الحريص على محاربة الفساد وإخضاع الجميع لنفوذ القانون. كما هدف المروجون لهذه الرسالة الإيحاء أن ولي الأمر لم يثقل كاهل المواطنين باقتطاع ضرائب على القيمة المضافة دون الأمراء وعلية القوم.
الصيغة الرسمية المسربة من دوائر بن سلمان أشارت إلى أن «كتيبة السيف الأجرب في الحرس الملكي السعودي اعتقلت 11 اميرا وأودعتهم سجن الحائر بعد أن تجمهروا أمام قصر الحكم مطالبين بإلغاء الأمر الملكي بوقف سداد الكهرباء والمياه عن الأمراء والتعريض عن حكم قصاص بحق أحد أبناء عمومتهم».
ولم تلق الصيغة المسربة من المقربين من ولي العهد للجان الإلكترونية التي يسيرها مستشاره دليم قبولا واسعا.
وسرعان ما فند المزاعم المنشورة في وسائط التواصل الاجتماعي المغرد السعودي المعروف «مجتهد» المعروف بانفراداته الحصرية لعدد من الأخبار من القصور الملكية.
وكشف في تغريدة له في حسابه الذي يتابعه الملايين أن «الأمراء تجمهروا في قصر الحكم معترضين على حملة الاعتقالات لأقاربهم من الأمراء وتغييب محمد بن نايف وليس بسبب الفواتير».
وأضاف مجتهد أن «محمد بن سلمان أدرك ان هذه بداية تمرد داخل العائلة فعمد إلى اختلاق سبب يطرب له الناس فقام دليم بتكليف سبق بنشر هذه الأكذوبة».
وتأتي هذه الأنباء بعد فترة قصيرة من صدور أوامر اعتقل بموجبها عشرات الأمراء والمسؤولين في فندق الريتز كارلتون ومن بينهم أحفاد المؤسس عبد العزيز وشخصيات تتمتع بالنفوذ داخل العائلة مثل الأمير الوليد بن طلال والأمير محمد بن نايف الذي شغل مناصب رفيعة في الدولة.
وتذهب بعض القراءات أن محمد بن سلمان يستعجل مسار الوصول إلى عرش المملكة باستبعاد أي صوت معارج وتفكيك مراكز القوى المناوئة له والتنكيل بالخصوم لترهيب أي معارض له.
وتزامــنــت هذه الأخــبار مع تـــواتر المعلومات المسربة من البيت الأبيض عن إعلان الرئيــس الأمــريكي دونالد ترامب التخطيط لانقلاب في السعودية ودعك وصول رجله محمد بن سلمان للحكم.
ويرجح أن تتوالى قريبا سلسلة القرارات التي سيتخذها ولي العهد لتنصيب نفسه حاكما فعليا على المملكة التي تشهد غليانا شعبيا بعد سلسلة قرارات طالت المواطنين تخللها رفع للأسعار وفرض ضرائب أثقلت كاهل فئات واسعة من الشعب.

‏اعتقال دفعة جديدة من الأمراء في السعودية محمد بن سلمان يركز دعائم سلطته في المملكة بمباركة أمريكية

سليمان حاج إبراهيم

 تونس: سفينة بلا ربان

Posted: 06 Jan 2018 02:10 PM PST

تجتاز تونس أزمة اجتماعية وسياسية مع بدء السنة الجديدة، بسبب تفعيل الزيادات المقررة في الأسعار، وستكون لهذه الأزمة ارتدادات وتداعيات كبيرة على النخبة القيادية وصورتها لدى الرأي العام. على مدى السنوات السبع التي مضت منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، تآكلت صدقية الأحزاب، التي حلت محل حزبه المُنحل، والتي تتصارع للظفر بمواقع متقدمة في الحكم وفي الشبكات واللوبيات المالية المُتحكمة في اقتصاد البلد. يستوي في ذلك كوادر الحركة الإسلاموية وقيادات حزب «نداء تونس» وريث حزب بن علي، إضافة إلى طيف واسع من الأحزاب الأخرى التي تسير غالبيتها على خُطاهما. وبسبب الصراع المرير على الغنائم، يستعر بين حين وآخر الخلاف بين الحزبين الكبيرين في البرلمان (حزب «النداء» وحركة «النهضة») أسوة بما حدث أخيرا في أعقاب انتخابات برلمانية فرعية لاختيار نائب عن التونسيين المقيمين في ألمانيا. وتبادل الحزبان التهم بالتقصير والاخلال بالعهد، بعدما فاز بالمقعد مُرشح من خارجهما.
وعلى الرغم من الاتفاق على إجراء انتخابات بلدية في السادس من أيار/مايو المقبل، يبدو الأمر غير ثابت لأن الأحزاب لم تستعد تنظيميا حتى الآن لتلك الانتخابات، وهي في أدنى درجات الضعف السياسي والتنظيمي والرمزي. مع ذلك تُشكل الانتخابات البلدية استحقاقا ضروريا طال انتظاره، لما له من انعكاسات متوقعة على إصلاح الأوضاع المعيشية للمواطنين، إذ لم تُجر انتخابات بلدية منذ 2010 ما أدى إلى انهيار الخدمات وتدهور البيئة وانتشار الانتهاكات والتجاوزات بلا رقيب أو مُحاسب. وترتبط البلديات في المنظور الجديد، الذي كرسه دستور الجمهورية الثانية في 2014، بتشكيل مجالس محلية ستُنقل لها كثير من السلطات المركزية، لكن من غير المؤكد أن ينتهي البرلمان من مناقشة قانون المجالس المحلية والتصديق عليه في الفسحة التي ما زالت مُتاحة.
في مقابل ضبابية الوضع السياسي تبدو مؤشرات الاقتصاد مائلة إلى اللون الأحمر بسبب تعثُر الإنتاج وشح الاستثمار الداخلي والخارجي وارتفاع نسبة التضخم إلى حوالي 7 في المئة. وعلى سبيل المثال تراجع منتوج البلد من الفوسفات إلى النصف بين 2010 و2017 مع خسارة غالبية الزبائن بسبب تذبذب الإنتاج جراء الاعتصامات والاضرابات. وتلقى قطاع المنسوجات هو الآخر ضربة قوية مع نهاية العمل بنظام الحصص، الذي كان يمنح تونس أفضلية في الأسواق الأوروبية. وفي ظل المنافسة مع المُزودين الآخرين، خسر التونسيون غالبية الأسواق التقليدية، التي غنمتها الصين، ما أدى إلى قفل 300 مصنع في قصر هلال عاصمة المنسوجات التونسية، وتسريح 40 ألف عامل في السنوات الخمس الأخيرة. مع ذلك، ماىزالت 1672 مؤسسة في القطاع واقفة على أقدامها، وهي تُؤمن 160 ألف فرصة عمل، علما أن 85 في المئة من تلك المصانع مُصدرة بالكامل، ما يعني أن تغيير التوازنات التجارية داخل الاتحاد الأوروبي سينعكس سلبا في الصناعة التونسية.
ومع توسعة الاتحاد الأوروبي الذي منح حقوقا عدة للأعضاء الجدد، صارت بلدان أوروبا الوسطى والشرقية منافسا قويا للصادرات التونسية، ما يُضاعف من مصاعب التونسيين، لاسيما أن إنشاء منطقة مغاربية للتبادل الحر ما زالت مؤجلة إلى تاريخ غير مُحدد. وفي مثل هذه الأوضاع يكتشف التونسيون أنهم لا يملكون رؤية لموقع بلدهم ولا للدور الذي يمكن أن يلعبه في محيطه القريب والبعيد. وهناك حديث حول البحث عن فضاءات جغرافية جديدة وأسواق خارج أوروبا، لكن ليست هناك رؤية لمستقبل علاقات تونس مع بلدان المغرب العربي مثلا، ولا للفرص التجارية والاستثمارية المُتاحة في افريقيا ودول الخليج وإيران وتركيا، التي يمكن أن تكون جسرا نحو آسيا الوسطى.
مع إخفاق النخب السياسية في وضع رؤية متكاملة للمستقبل، تبرز مفارقة أخرى تتمثل في أن البلد العربي الأكثر تجانسا عرقيا ولغويا وثقافيا، تتقاتل نخبه رمزيا صباح مساء على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد وتحت قبة البرلمان، وأيضا في العالم الافتراضي. وأقل ما يمكن قوله عن هذا الوضع هو أن ربان السفينة غير متفقين على وجهتها، فكلٌ يسعى لسحبها إلى بوصلته.
وبين الدفع والشد ظل المركب يدور حول نفسه منذ سبع سنوات، ما أصاب المواطن بإحباط شديد، وجعله يحنُ من شدة الضجر إلى الزمن الماضي، ويُشيح بوجهه عن شعارات الديمقراطية ولا يتجاوب مع استحقاقاتها. في المُحصلة، وعدا حالات قليلة، لم يعد من «شغل» لليساري سوى مقارعة اليميني، ولا من هدف لليميني سوى محاربة اليساري، من دون التوصل إلى مشروع وطني جامع، ينهض بالبلد، أسوة بالمشروع الألماني أو الياباني أو الفرنسي، ما جعل تونس تتحول من أيقونة وأنموذج يُحتذى بهما في الانتقال الديمقراطي، إلى ساحة حرب أهلية، الكترونية وإعلامية. وأخطر مؤشر على نتائج هذه الحالة وضع اسم تونس على لائحة الملاذات الضريبية الآمنة، ما شكل ضربة موجعة للاستثمار ولسمعة البلد عموما.
وإذا كان بعض التونسيين ينتظر من بعض «الأصدقاء» في الاتحاد الأوروبي، وخاصة فرنسا وإيطاليا، العمل على إخراج اسم بلدهم من تلك اللائحة السوداء، فإن الحل الحقيقي يكمن في ضرب شبكات التجارة الموازية، وضبط عمليات التهريب المكثفة عبر الحدود، وتنشيط القاعدة الإنتاجية لإنعاش الصادرات، باعتباره الوسيلة الوحيدة لوقف انزلاق الدينار والحد من التضخم.

 تونس: سفينة بلا ربان
اخفاق النخب وارتفاع نسبة التضخم
رشيد خشانة

لبنان: جنبلاط يرغب في أوسع تحالف انتخابي في الجبل

Posted: 06 Jan 2018 02:10 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: «سأخوض المعركة ضد النائب وليد جنبلاط في الشوف» بهذه الكلمات صرّح رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهّاب في لقاء مع بعض الشخصيات من منطقة الجبل مفتتحاً معركة الانتخابات النيابية التي ستجري في أيار/مايو المقبل.
وما يشجّع وهّاب على خوض هذه الانتخابات وعلى الثقة بتحقيق اختراق في منطقة الشوف التي باتت دائرة واحدة مع قضاء عاليه، هو النظام النسبي الذي ستُخاض على أساسه الانتخابات النيابية بحيث أن النظام الأكثري كان يسفر عن فوز ساحق للوائح سيّد المختارة سواء في الشوف أو عاليه والتي كانت تُطعّم في الفترة الأخيرة بممثلين للقوات اللبنانية والكتائب والوطنيين الأحرار.
ويرغب النائب جنبلاط في هذه التحالفات بأوسع تحالف في الجبل مع القوى والأحزاب المسيحية لحماية المصالحة التاريخية التي رعاها البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير وكرّسها البطريرك الحالي مار بشارة بطرس الراعي، وهو يطمح لضمّ التيار الوطني الحر إلى هذا التحالف لتتشكّل لائحة إئتلافية تجمع الحزب التقدمي الاشتراكي بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب وتيار المستقبل والأمير طلال ارسلان لضمان عدم حصول أي خرق من الخصوم وفي طليعتهم وهّاب، الذي سيتحالف على الأرجح مع الحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الشيوعي وبعض المستقلين.
لكن حتى الساعة لم تسفر المساعي الجنبلاطية عن تفاهم على مثل هذه اللائحة الموسّعة، خصوصاً أن المطالب كثيرة لدى الأحزاب المسيحية، فالقوات اللبنانية التي سبق لها أن تحالفت مع جنبلاط في انتخابات 2009 لديها مرشحان هذه السنة هما الماروني في الشوف النائب الحالي جورج عدوان ومرشح أورثوذكسي عن منطقة عاليه هو أنيس نصّار، والتيار الوطني الحر لديه أكثر من مرشح هم وزير الطاقة سيزار ابي خليل عن المقعد الماروني في عاليه وماريو عون عن المقعد الماروني في الشوف ووزير البيئة طارق الخطيب عن المقعد السني في الشوف ولديه أيضا حلفاء ومرشحون محتملون مثل زياد شويري عن الموارنة من الدامور وايلي حنا من الشويفات عن الاورثوذكس وناجي البستاني عن الموارنة من دير القمر وغسان عطالله عن الروم الكاثوليك في الشوف.
أما حزب الكتائب فيتمسك بترشيح النائب الحالي عن المقعد الاورثوذكسي في عاليه فادي الهبر، ويطرح حزب الوطنيين الأحرار ترشيح كميل دوري شمعون عن المقعد الماروني في دير القمر. ويقدم تيار المستقبل مرشحاً من إقليم الخروب لم يُحسم بعد، علماً أن ممثله الحالي هو النائب محمد الحجار.
كل هذه الترشيحات ستجعل من الصعب التوافق على سحب مرشحين وتزكية آخرين ما يرجّح طرح أكثر من لائحة في الشوف. وتشير خريطة التحالفات لغاية تاريخه، أن هناك تحالفاً اشتراكياً قواتياً وتحالفاً ارسلانياً مع التيار الوطني الحر فيما تيار المستقبل من شأنه ترجيح كفة الحاصل الانتخابي للائحة على حساب الأخرى. ولدى حزب الله وحركة أمل بضعة آلاف من الأصوات تصل إلى حدود 3 آلاف صوت من شأنها أن تصب لمصلحة وهّاب والعونيين في الشوف ولمصلحة ارسلان وابي خليل في عاليه إلا إذا تغيّرت المعطيات من كانون الثاني/يناير حتى أيار/مايو.
وحسب معلومات «القدس العربي» فإن النائب جنبلاط يبدو مرتاحاً أكثر بكثير في عاليه منه في الشوف بالنسبة إلى الأصوات التفضيلية، حيث لديه كتلة أصوات كبيرة في قرى وبلدات عاليه التي تتوزّع الأغلبية فيها بين الدروز والمسيحيين فيما الدروز في الشوف يشكّلون ثلث الناخبين بالمقارنة مع المسيحيين والسنّة الذين يشكّلون الثلثين.
وإلى أن يحين أوان تشكيل اللوائح يبقى مشهد التحالفات مرهوناً بالأوراق التي تختلط بين يوم وآخر لاسيما بعد الخلاف الكبير الذي وقع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري على مرسوم أقدمية ضباط الجيش والذي أطاح بما كان يُحكى عن تحالف خماسي يضم التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي.

لبنان: جنبلاط يرغب في أوسع تحالف انتخابي في الجبل

من سعد الياس

الأردن برسم السؤال: كيف ولِمَ «اختطفت» ميزانية رفع أسعار الخبز؟

Posted: 06 Jan 2018 02:10 PM PST

عمان ـ «القدس العربي»: لا تزال الأوساط السياسية والبرلمانية في الأردن تحاول البحث عن إجابة عن السؤال العالق حول مبررات ومسوغات عملية الاختطاف التي تعرض لها مشروع الموازنة المالية للدولة بطريقة غريبة حيث تم إقرارها في خمس ساعات فقط، ومن دون نقاشات حقيقية وبتسارع لم يفهم الشارع الأردني بعد مبرراته.
ويبدو أن رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة كان النجم الأبرز في هذا الترتيب، حيث أشرف على صياغة تفاهمات مع كتل البرلمان تمنع أي عضو في الكتلة من التحدث تحت القبة في حال وجود خطاب موحد باسم الكتلة.
الترتيبات كانت اعتيادية في الجلسة التي عقدت وأقرت ميزانية رفع أسعار الخبز لأول مرة منذ عام التحول الديمقراطي 1989 إلى أن أبلغ الطراونة قبل بداية الجلسة وتدشينها أن التصويت سيحصل اليوم.
وحاول عضو البرلمان نبيل غيشان الضغط لكي تمنح نقاشات الموازنة المزيد من الوقت، وحاول غيره أيضًا من النواب، لكن موقف الطراونة الفني في إدارة الجلسة كان على أساس صعوبة اتخاذ أي إجراء غير مبرر لإطالة أمد النقاش بعدما تنتهي الكتل من خطاباتها، حيث تم منح وقت قصير للتسجيل من أجل النقاش.
وبالنسبة لما أعلنه الطراونة بعد انتهاء التصويت لمصلحة ميزانية قاسية وخشنة على الناس، لم يكن ثمة ما يبرر تأجيل النقاش او إطالته بسبب عدم وجود متحدثين. ولرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي كانت تلك الممارسة مؤسسية وأظهرت أن الالتزام بترتيب نقاشات الكتل أسهم في توفير الوقت على الجميع.
لا تبدو مثل هذه الحجة مقنعة للعديد من النواب، فالنائب غيشان على سبيل المثال تحدث على هامش نقاشات في التفاصيل مع «القدس العربي» عن عدم وجود مبرر للتــســـريع والتــصـــويت في جلسة ليوم واحد وليس العكس.
وجهة نظر غيشان أن الميزانية خطيرة بحيثياتها الرقمية وقراراتها وتوصياتها تؤثر في جميع أركان وفئات الشعب الأردني ولم يكن هناك أي مبرر للتسريع في التصويت، ليس فقط من أجل إشباع البحث في ملف بغاية الأهمية ولكن من أجل الحفاظ على هيبة مؤسسة مجلس النواب.
وهو يقر أن ما حصل يسيء لهيبة المجلس وصورته عند الرأي العام. لكن تلك كلفة بسيطة مقابل الخيارات التي أدارها بدقة وكفاءة ملتزمًا بخط الحكومة، ولأسباب معروفة، رئيس المجلس الطراونة، وإن كانت النتائج وخيمة على مستوى ردة فعل الشارع، فحجم السخرية من النواب والهجوم عليهم تضاعف عند الأردنيين، وحجم الاعتراض على إقرار ميزانية خطيرة تنتهي برفع أسعار الخبز وضرائب المبيعات على غالبية سلع الاستهلاك.
المناخ الشعبي ضد مجلس النواب يمكن رصده وتلمسه بوضوح من خلال ردود الأفعال والتعليقات على مستوى وسائط الاتصال الاجتماعي. ثمة من يعتقد هنا أن قيادة مجلس النواب تعرضت لضغوط خلف الكواليس لكي تنجز الميزانية بأسرع وقت، وبالنسبة للعديد من النواب مثل هذه الضغوط لم تكن مبررة على الاطلاق، وبالتالي يمكن منح المجلس هامشا من الحفاظ على هيبته أمام الجمهور، وهو هامش بدا واضحًا أن قيادات المجلس الرئيسية لا تريد التعاطي معه ليس فقط لأنها لا تريد لحظة صدام مع الحكومة، ولكن لأن الصدام قد يدخل الجميع في سيناريوهات تغيير مجلس ممثلي الشعب وليس الحكومة.
أسباب التسارع في كل الأحوال والتسريع لا تبدو مفهومة حتى اليوم لأن خيارات إجراء مناقشة أكثر قد تكون مفيدة لكل الأطراف، وتمتص ولو جزءا يسيرا من احتقان الشارع الشعبي الذي بدأت تبرز بالنتيجة فيه أصوات تلمح إلى الدعوة لإسقاط مجلسي النواب والوزراء معًا، وبتهمة شعبية متواصلة بعنوان تجاهل معيشة المواطن والاعتداء على جيبه.
برغم ذلك قد يفهم من التسارع أن مركز القرار يغلق ملف المجاملات على حساب ما يصفه وزير المالية عمر ملحس بالحقائق الرقمية، والهدف الأبعد والأعمق في الأرجح هو نقل جميع أطراف اللعبة المحلية وفورا ومن دون تردد إلى مســتوى اللعب على المكشوف، الأمر الذي يعني مواجهة الواقع الموضوعي تمامًا والإعلان عمليا عن تدشين مرحلة الاعتماد على الذات وطي صفحة المساعدات.
لكن تلك مجازفة ليس بسمعة مجلس النواب فقط، ولكن بقواعد اللعبة الديمقراطية نفسها، برغم متطلبات الحسم المفيدة في مستوى صناعة القرار عندما يتعلق الأمر بترك مساحة التردد واتباع أسلوب الصدمة والترويع عند المواطنين المطالبين اليوم ضمنيا بمواجهة لحظة الحقيقة والواقع.
لافت جدا في السياق ان الحكومة قررت ذلك من دون تقديم أجوبة للشارع عن أسئلة الفساد العالقة، ومن دون إيضاحات وشروحات لها علاقة بمستجدات الإقليم والمحاور والأجندات والتحالفات. والحكومة فعلت ذلك بتواطؤ كبير من غالبية النواب الوسطيين وقيادتهم ومن دون حتى توضيح آلية التقشف التي تتحــدث عنها، ومن دون؛ وهذا مهم، الانتهاء من تجهيزات وترتيــبـــات آلية رفع أسعار الخبز تحـديدا التي التــزمت بها الحكومة.
هنا حصريًا برزت الصدمة الثانية التي كشف عن تفصيلاتها وزير الصناعة والتجارة يعرب القضاة، عندما ذكر عمليا أن الحكومة سترفع أسعار الخبز وتقر آلية البدل النقدي للفقراء دون أن تكمل ترتيباتها في الإطار ودون أن تقنع الرأي العام بأنها ستتدخل باسم القانون والسلطة لمنع استغلال ملف الأسعار والضرائب ضمن ما يخولها به القانون من رقابة على الأسعار والأسواق.
بدا غريبًا جدًا أن وزارة الصناعة والتجارة تقول ضمنيًا للمواطنين إن الآليات التي قدمت للبرلمان وحظيت الموازنة المالية بموجبها على الشرعية ليست جاهزة في الواقع عندما يتعلق الأمر بالخبز تحديدا.
تلك مفاجأة عبر عنها الجميع من دون تأمل لكن بالمدلول السياسي لها معنى واحد فقط، وهو أن رفع الأسعار وبرنامج دعم السلع الأساسية ورفع الضرائب هو هدف بحد ذاته مطلوب وأساسي بصرف النظر عن بقية الاعتبارات، ومثل هذا الهدف له بالتأكيد صلة بلاعب خفي واحد أيضا هو صندوق النقد الدُّولي.

الأردن برسم السؤال: كيف ولِمَ «اختطفت» ميزانية رفع أسعار الخبز؟
مناخ شعبي يطالب بإقالة النواب والحكومة معًا:
بسام البدارين

إيران: تظاهرات مطلبية أم انتفاضة شعبية؟

Posted: 06 Jan 2018 02:10 PM PST

تتوالى في عشرات المدن الإيرانية تظاهرات شعبية بدأت بشعارات مطلبية حول غلاء الأسعار وانتقلت إلى أخرى سياسية راديكالية تطالب بتغيير النظام وتمس شخص المرشد الأعلى والولي الفقيه علي خامنئي. وقد لوحظ أولاً أن هذا الحراك لم يستقطب شرائح واسعة على غرار احتجاجات 2009، كما اقتصر على الفئات الدنيا من الطبقة الوسطى، وسط تحفظ الإصلاحيين عليه أو رفضهم له. الأسئلة كثيرة ومتشعبة، إذن، وكذلك سيناريوهات تطور الأحداث.
(ملف الحدث، ص 6 ـ 13)

إيران: تظاهرات مطلبية أم انتفاضة شعبية؟

نظرة تحليلية في شعارات المتظاهرين ما بين اليوم والأمس

Posted: 06 Jan 2018 02:09 PM PST

الاحتجاجات التي اندلعت شرارتها الأولى في الأيام الأخيرة من عام 2017 في مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية دخلت أسبوعها الثاني، وانتشرت بسرعة إلى عدة مدن بشكل غير متوقع، وفاجأت المراقبين للشأن الإيراني. فما هي الأسباب الكامنة وراء اتساع رقعة الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد؟
مؤخرا برزت الكثير من التساؤلات حول طبيعة وتكوين تلك الاحتجاجات وما رافقها من أحداث يلفها الغموض، بدءاً من مطالب المحتجين في اليوم الأول التي كانت تتمحور حول قضايا اقتصادية بحتة وإن تضمنت شعارات ضد رئيس الحكومة حسن روحاني، لكن مع استمرار المظاهرات في الأيام التالية وتطور الأحداث بشكل دراماتيكي أخذت المظاهرات منحى آخر، حيث طالت تلك الشعارات النظام برمته وفي بعضها المطالبة بعودة النظام الملكي للبلاد. عدم وضوح الصورة في المشهد السياسي الإيراني الذي أصابه الإرباك في بداية الأزمة هو الذي دفع الخبراء ومراقبي الـشــأن الإيراني للـتــأني قبل توقع ما يمكن أن تسفر عنه خاصة وأن المظاهرات ليست لها قيادة محددة يمكن التواصل معها.
والسمات الرئيسية التي ميّزت المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت في 28 كانون الأول/ديسمبر الماضي عن غيرها من الاحتجاجات التي عمت إيران خلال العقود الأربع الماضية من عمر نظام الجمهورية الإسلامية، تكمن في تنوع الشعارات، واختلافها عن سابقاتها بشكل جذري. فإذا عدنا بالزمن قليلا إلى الوراء وبالتحديد إلى الحركات الاحتجاجية التي نزلت إلى الشارع في عام 2009 أو ما يعرف بالانتفاضة الخضراء، سنجد اختلافا جوهريا شاسعا سواء من حيث المطالبات أو طبيعة انتشارها جغرافيا أو حتى الشعارات التي رددها المتظاهرون بين الأمس واليوم.
ومن خلال تحليل الشعارات التي رفعها المحتجون في الأسبوع الأول من حراك الشارع والفئة العمرية المشاركة فيها، بات بالإمكان دراسة الأسباب وتداعيات الأزمة، والتي كان لها تأثيرها في انتشار الاحتجاجات على نطاق أوسع من مثيلاتها خلال السنوات الماضية.
يمكن القول أن القرائن والأدلة الرئيسية التي دفعت المحتجين للخروج للشارع واتساع رقعتها بهذا الشكل تُعزى للمشاكل الاقتصادية والمتعلقة بمعيشة المواطنين والبطالة والغلاء والفساد. فلا يمكن لأحد أن ينكر مدى تأثر الكثير من المواطنين بتردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة التي خلــقـت أرضــية خصــبة لاندلاع المظاهرات وانتــشــارها عــلـى نطاق واسع في البلاد.
ولا شك أن المظاهرات الأخيرة أخذت طابع العفوية حيث رفعت معظمها مطالب اقتصادية كمحاربة الفقر والفساد، وهي تفتقد لقيادات واضحة ومعروفة، مقارنة بالاحتجاجات السابقة. إلا أنها خرجت عن المألوف، من حيث أنها هذه المرة استهدفت رأس النظام عندما سمع فيها هتافات مست المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي والنظام برمته، وشعارات أخرى أبدى فيها المحتجون يأســهــم التام من سياسات التيارين الرئيسين المحافظين والإصلاحيين والابتــعـــاد عن جمــيع التيارات المنبثقة من داخل النظام الحاكم في البلاد. وهذا النوع من الشعارات كان وقعها قويا على النظام، حيث كانت رسالة المحتجين واضحة، أنهم فقدوا الأمل تماما في إصلاح النظام، وربطوا جذور جميع المشاكل التي تعانيها البلاد بالقيادات التي تتربع على هرم السلطة في النظام منذ عقود.
في الوقت نفسه بات من الواضح أن المجتمع الإيراني كسر جميع التابوهات والمحرمات التي تم استغلالها للعقود الأربعة الماضية لإخافته وقمعه، وكانت هذه نقطة تحول أساسية في الحراك السياسي للشارع في إيران.

اختفاء الطابع الديني

أخذت المظاهرات الشعبية التي شهدتها إيران خلال الخمسة عقود الماضية طابعاً دينيا أو مذهبيا في الكثير من الأحيان، حيث أن الشعارات التي تم ترديدها في العقود الماضية كانت تستمد جذورها من المعتقدات الدينية للمجتمع. إلا أن الأزمة الأخيرة تميزت في ابتعادها عن الشعارات الدينية، كما أن الاحتجاجات الأخيرة انتقدت استغلال النظام الحاكم للدين في قمع أي نقد قد يطاله أو يطال رموزه، حيث لوحظ في بعض المظاهرات شعار «جعلوا من الدين سلماً لإذلال الشعب».
بالنظر لاختفاء الهتافات الدينية في شعارات المحتجين، من المبكر الحديث عن تبني المجتمع في إيران توجهات علمانية وذلك لوجود علاقة معقدة لشريحة كبيرة من المجتمع بالدين.
وتجدر الإشارة إلى أنه بات من الواضح أن الاحتجاجات الأخيرة تفتقر للقيادات السياسية التي تنظم شعارات المتظاهرين ومطالبهم السياسية، على عكس المظاهرات التي خرجت في 2009 احتجاجاً على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية، حيث ركز قادة الإصلاح حينها على الشعارات السياسية المنبثقة من المعتقدات الشيعية والتي لا تخرج عن سياق النظام الحاكم رغم اختلاف التوجهات السياسية للمشاركين في المظاهرات.

القنوات الفضائية متنفسا

من خلال متابعة الصور والأفلام التي نشرت عن الاحتجاجات التي تم تداولها عبر شبكات تواصل الاجتماعي في الأسبوع الأول من الاحتجاجات يمكن ملاحظة أن الغالبية العظمى للمتظاهرين هم من فئة الشباب الذين يبلغ متوسط أعمارهم بين 20 إلى 25 عاما. وهي الفئة التي تشكوا وتنتقد دائما كبت النظام الديني للحريات الفردية والثقافية في المجتمع، كما أنها الأكثر ارتباطا بالعالم الخارجي من خــلال شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت.
وعلى العكس من ذلك فبعد مضي أسبوع من اندلاع الاحتجاجات نظمت الحكومة مظاهرات داعمة لها، شكل نسبة كبيرة من المشاركين فيها أفراد ممن تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاما، وهذا عكس الاختلاف الواضح للفئة العمرية للمتظاهرين سواء المعارضة أو الداعمين للنظام.
وأصبحت شبكة الإنترنت بالأخص شبكات التواصل الاجتماعي كـ»تلغرام» و«واتس آب» و«إنستغرام» في الوقت الراهن جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للعديد من الإيرانيين، بيد أن النظام الحاكم انتقد مرارا شبكات التواصل الاجتماعي هذه بحجة أنها تعرض أمن واستقرار البلاد للخطر. وذهب رجال دين متشددون من المقربين للنظام لأبعد من ذلك حيث أصدروا فتاوى عدة بتحريمها.
ورغم ذلك تلاقي تلك التطبيقات إقبالا كبيرا من قبل المواطنين. فحسب تقرير نشرته وكالة أنباء «الشباب» الإيرانية مؤخرا فإن أكثر من 40 مليون إيراني يستخدمون تطبيق تلغرام. ويظهر هذا ارتفاع عدد مستخدمي الهواتف الذكية في إيران وبالتالي شبكات التواصل الاجتماعي. الأمر الذي سهل على مستخدميها الحصول على المعلومات ومتابعة الأخبار في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والسياسية بعيدا عن مقص الرقـــيــب، وبالتـالي يجد الإيرانيون في هذه التطبيقات وسيلة أكثر كفاءة من وسائل الإعلام الحكومية والمحلية التي تعكس في المجمل وجهة نظر النظام الحاكم في البلاد، وهذا يفسر أيضا عزوف نسبة كبيرة من المواطنين عن متابعة قنوات التلفزيون الحكومية واللجوء للقنوات الفضائية الناطقة باللغة الفارسية.
ويلجأ الإيرانيون وبالأخص الشباب، منهم لشبكات التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات حسب رغبة كل شخص، سواء آخر الأخبار المحلية أو العالمية من منظور مختلف عن ما يسعى النظام الحاكم لترويجه، وهو ما عزز الرغبة الجماعية في تشكيل شبكات تواصل مجتمعية عبر الإنترنت للتنسيق في ما بينهم، وهذا ما لاحظناه خلال الأسبوع الأول من الاحتجاجات حيث ابتعد المتظاهرون عن ترديد الشعارات التقليدية التي كانت ترفعها التيارات المتنافسة داخل النظام الحاكم كالإصلاحيين والمحافظين.
ورفعت خلال المظاهرات التي اجتاحت مدنا عدة في البلاد شعارات مؤيدة للنظام الملكي وتترحم على ملوك أسرة بهلوي. وهناك عدة أسباب وراء تلك الشعارات، من أبرزها، سعي النظام خلال ما يقارب أربعة عقود للتلاعب بشكل ممنهج في كل ما يتعلق بتاريخ إيران وما يخص النظام الملكي وبشكل بارز نظام آخر ملوك إيران محمد رضا بهلوي، سواء من خلال ما تنشره وسائل الإعلام باستمرار أو من خلال الكتب الدراسية في المدارس والجامعات.
في المقابل عرضت الكثير من القنوات الفضائية الناطقة بالفارسية في الخارج أفلاماً وثائقية عدة رسمت صورة إيجابية عن حكام أسرة بهلوي، بعيدة عن الواقع أو أي نهج نقدي، فأفشلت رواية النظام ورسمت صورة خيالية عن محمد رضا بهلوي ووالده رضا شاه، وولدت نوعا من الشعور بالحسرة على الماضي الجميل لدى متابعيها.

نظرة تحليلية في شعارات المتظاهرين ما بين اليوم والأمس
الخروج عن المألوف في إيران
فاضل مندني

إيران: بين الثورة الخضراء ومظاهرات الخبز ما يجمع وما يفرق

Posted: 06 Jan 2018 02:09 PM PST

عندما يتناول المراقبون الوضع الإيراني وموجة الاحتجاجات الأخيرة، عادة ما يربطون ذلك بموجة الاحتجاجات السابقة التي حدثت عقب انتخابات 2009 والتي عرفت إعلاميا بالثورة الخضراء. وربما وجد البعض ان احتجاجات اليوم هي امتدادات لما حدث سابقا وان كانت متأخرة قليلا، إذ كانت مقموعة وحين توفرت لها فرصة الانطلاق خرجت الجماهير الغاضبة للتعبير عن احتجاجها، لكن من جانب آخر يدقق بعض المختصين بالشأن الإيراني في الأمر ويثبتون الاختلافات والفروق بين الحركتين، بل ويؤكدون على ان لا علاقة بين من قام بالاحتجاجات سابقا وبين من يخرجون في تظاهرات اليوم.
فما هي الفروق بين الحركتين؟ وهل هناك رابط تنظيمي أو جماهيري بينهما؟ وهل ستضع الاحتجاجات الحالية في حسابها ما آلت إليه الحركة الاحتجاجية السابقة وتحاول ان لا تكرر الأخطاء نفسها؟

الثورة الخضراء

عندما أعلنت نتائج الانتخابات عام 2009 فوز المرشح الرئاسي المحافظ محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية، وخسارة مير حسين موسوي مرشح الإصلاحيين، انطلقت مظاهرات حاشدة في العاصمة الإيرانية طهران وبعض المدن الكبرى متهمة الحكومة بتزوير الانتخابات. وقد تميزت هذه الحركة باتخاذ اللون الأخضر شعارا لها، فرفعت الرايات الخضر وأغطية الرأس النسائية الخضر، لذلك أطلق عليها إعلاميا الثورة الخضراء. وربما كان أهم ما ميز هذه الحركة انها كانت قائمة على الشريحة المتعلمة والمثقفة من الطبقة الوسطى التي تعيش في المدن الكبرى، وان مطالبها انصبت بشكل أساسي على الحريات وبعض المطالب السياسية مع هامش من مطالب اقتصادية. وقد كان لهذه الحركة الدور الريادي في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كفيسبوك ويوتيوب في التحشيد وتنظيم المظاهرات وإدامة زخم الاحتجاجات السياسية، إذ سبقت موجة الربيع العربي في ذلك الوقت ومثلت نموذجا يحتذى في الحراك الذي شهده العالم العربي بعد سنتين.
لكن ومن خلال التدقيق في بنية احتجاجات الثورة الخضراء نكتشف هشاشة الفكر السياسي الذي كان يحركها. فبالرغم من روح الزخم الثوري الذي امتلكته، إلا انها كانت منصبة على مطلب رئيسي تمثل في إعادة فرز الأصوات الانتخابية والتعامل بشفافية مع ما يحصل في المراكز الانتخابية والتأكيد على ضرورة البقاء في الشارع حتى تحقيق هذا المطلب. كما يجب ان نشير إلى ان قيادات الحركة وتحديدا في خطها الأول المتمثلة في مير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني هم شخصيات مهمة وفاعلة من داخل النظام الثيوقراطي الحاكم وقد تسنموا جميعا مناصب حساسة في الحكم والقضاء والبرلمان، لذلك كان ينظر إلى امكانية التغيير المقبل على يد الحركة الخضراء على انها مناورة أو هامش صغير في ظل نظام ولاية الفقيه المسيطر على الحياة السياسية الإيرانية.
لكن بعض المختصين بالشأن الإيراني وجدوا فيما طرحته الحركة الخضراء تحديا حقيقيا وقد يمثل بذرة تغيير سياسي قادم، وأشاروا إلى مطالبة مير حسين موسوي في مناظراته الانتخابية بزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية المنتخب لتأكل من جرف صلاحيات مرشد الثورة، وربما مثلت هذه الأطروحة سابقة سياسية خطيرة تتجرأ فيها حركة سياسية علنية لأول مرة منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران وتطرح مطالبتها بوضوح بمراجعة نظرية «ولاية الفقيه» كما وتطرح شكوكها فيها كنظرية سياسية صالحة للحكم.
ونتيجة التفاف الحركة حول رموز وقيادات واضحة، بالرغم من وجود قيادات ميدانية شعبية، إلا ان ضربة الحكومة التي وجهت إلى قيادات الحراك وعزلهم عبر فرض الإقامة الجبرية عليهم، واستخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين، بعد ان أطلقت ضدهم حملة إعلامية شرسة متهمة أياهم بالخيانة والعمالة للمؤامرة الصهيونية الأمريكية التي تحاول أسقاط النظام الإسلامي، كلهل هذه أدت إلى القضاء على الحركة الخضراء مع نهاية عام الانتخابات 2009 ولم يبق منها سوى بعض الحنين الثوري وآثار جراح في روح الشباب الذي أنشغل بمصارعة ظروفه الاقتصادية والاجتماعية التي بات يرزح تحتها.

ثورة الخبز

ما يميز موجة الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ 28 كانون الأول/ديسمبر الماضي في أكثر من 20 مدينة، انها مظاهرات خبز بشكل جلي، وانها حراك انطلق أساسا رفضا لحال اقتصادي مترد لم يعد يحتمل. فقد تمثلت محركات الاحتجاج في بعض إجراءات حكومة روحاني التي كان لها وقع كارثي على حياة محدودي الدخل من الشعب الإيراني، وهذا ما ذكره النائب عن مدينة نيسابور في البرلمان حميد جارمابي لوكالة «فارس» شبه الرسمية، حين قال؛ إن هناك أزمة كبيرة في مشهد سببتها المؤسسات المالية غير القانونية التي عملت على انتشار واسع لما عرف بـ «القروض المالية غير القانونية» في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وقد عملت حكومة روحاني منذ 2013 جاهدة على تطهير القطاع المالي، وأغلقت ثلاث مؤسسات قروض كبيرة، وهي ميزان، وفرشتيغان وثمن الحجاج، وأمر البنك المركزي بتعويض ودائع المستثمرين، وهذا ما لم يتم لحد الآن، وقد خسر المودعون أموالهم نتيجة إغلاق هذه المؤسسات. كما كانت مدينة مشهد، التي تحضى بقدسية خاصة لدى الشيعة نتيجة وجود مقام الإمام الشيعي الثامن «علي بن موسى الرضا» فيها من بين المدن الأكثر تضررا من إغلاق مؤسسة ميزان التي كانت تدير نحو مليون حساب بنكي، وأدى إغلاقها إلى العديد من المظاهرات في عام 2015 حسب وكالة الأنباء الإيرانية «إيرنا»، كما تعرضت المدينة إلى ضربة موجعة أخرى بعد فشل مشروع ضخم عام 2015 لبناء مدينة جديدة قرب مشهد، وأدى هذا الفشل إلى خسارة 10 آلاف مستثمر لأموالهم، كل ذلك جعل شرارة ثورة الخبز تنطلق من هذه المدينة تحديدا لتمتد إلى مختلف المحافظات الإيرانية، لكن الناشطين هذه المرة كانوا من الطبقات الدنيا التي سحقها تردي الوضع الاقتصادي.

الأزمة الاقتصادية وتداعياتها السياسية

ومع ان الدوافع الأولية التي أخرجت المتظاهرين منذ 28 كانون الأول/ديسمبر الماضي كانت اقتصادية، إلا انها سرعان ما تحولت ورفع سقفها وباتت شعارات سياسية تهاجم النظام ورموزه بشكل مباشر، مثل الموت لروحاني والموت للديكتاتور، وربما كان هناك شعار عابر من احتجاجات الثورة الخضراء وصل إلى احتجاجات الخبز وهو؛ «لا غزة ولا لبنان، روحي فداء إيران» والذي نجح في جذب فئات مهمة كطلاب الجامعات وبعض النخب العلمية والفكرية والاقتصادية. ومع الفرق بين المرحلتين، إذ كان الشعار في 2009 يحمل مضامين سياسية تركز على حل مشكلات الحرية والرخاء في إيران وترفض تبديد الجهود في السياسات الخارجة التي تستنزف البلد، إلا انه اليوم بات مطلبا حياتيا، إذ تهدد التدخلات الإيرانية الخارجية الاقتصاد المتعثر، فما تصرفه إيران على دعم الحلفاء الإقليميين في سوريا ولبنان والعراق واليمن، يراه رجل الشارع الإيراني تبديدا لثروات هو أحق بها.
كما ان الميزانية الخفية لتطوير قدرات تسليح الحرس الثوري الذي بات القوة الإولى إقليميا بما يمتلكه من قدرات صاروخية يجعل المواطن الإيراني يناشد حكومته الكف عن الاندفاع في الصراعات الإقليمية وان تركز جهودها على معالجة مشاكل الوضع الداخلي.

حراك بلا رأس

وأخيرا تجدر الإشارة إلى ان حراك ثورة الخبز الذي تشهده المدن الإيرانية اليوم لم يفرز قياداته حتى الآن، ويرى البعض في ذلك نقطة قوة، إذ لا تستطيع الحكومة ان تنقض على القيادات وتشل الحراك كما فعلت عام 2009، بينما يرى آخرون ان هذه المسألة تمثل نقطة ضعف وتشوش وعدم وضوح في الرؤى السياسية التي تحرك الاحتجاج.
كما ان عددا من القوى الخارجية تحاول منذ انطلاق الحراك ان تتحدث باسم الاحتجاجات رغم بعدها أو غيابها عن الشارع الإيراني، فتجد تصريحات مريم رجوي زعيمة حركة مجاهدي خلق المعارضة أو عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار، بل حتى رضا بهلوي ابن شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، قد غطوا بتصريحاتهم الفضاء الإعلامي الغربي وكأنهم يطرحون أنفسهم كمتحدثين باسم المحتجين، بينما الجميع يعلم ان جميع حركات المعارضة السياسية بعيدة عما يجري من حراك في المدن الإيرانية، ولا وجود لتنسيق جهود بين المعارضة والاحتجاجات، بل تجد الكثير من التعليقات والتصريحات من محتجين على وسائل التواصل الاجتماعي يرفضون فيها ما يعتبره البعض «دعما» سواء من المعارضة الإيرانية أو من الغرب أو من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد صرح بعض المحتجين على فيسبوك بالقول؛ ان ذلك سيؤدي إلى عدم تعاطف الشارع مع الاحتجاجات وسيوفر فرصا ذهبية للحكومة لاتهام المحتجين بالخيانة والعمالة وهو ما يضر بالحركة وهي ما تزال في بداية انطلاقها.

الرأي العالمي والإقليمي

هنالك فرق واضح في المواقف الإقليمية والدولية تجاه الأزمة الإيرانية، فبينما نجد أعلى الأصوات إقليميا تنطلق من السعودية والإمارات المتحدة، حيث تركز وسائل إعلامهما على الاحتجاجات محاولة تصويرها وكأن النظام الإيراني يتهاوى، نجد تركيا تحاول ان تعبر عن تضامنها مع الحكومة الإيرانية. بينما نجد في الموقف الدولي ان أعلى الأصوات شجبا وهجوما على الحكومة الإيرانية منطلقة من الولايات المتحدة، إذ تدعم إدارة ترامب التغيير في إيران عبر دعم الحراك الداخلي على أمل الوصول إلى إطاحة النظام أو على الأقل تحجيمه إقليميا، وهذا ما يصب في مصلحة إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأمريكا. وهذا ما صرحت به شخصيات رسمية أمريكية وإسرائيلية عديدة، بينما تنظر الآراء الأوروبية بحذر إلى الأزمة الإيرانية، وتؤكد على حقوق الإنسان ومنع استعمال القوة المفرطة تجاه المحتجين، لكنها ترى ان الدعم الأمريكي للاحتجاجات سيصب في صالح تولي المتشددين للأمور في إيران مما سيؤثر بشكل خطير على الاتفاق الذي عقدوه في شأن الملف النووي، والذي ساعدهم على إنجاح سيطرة الإصلاحيين على الحكومة الإيرانية، لذلك تحاول أطراف أوروبية عديدة في ألمانيا وفرنسا تقديم ما يمكن دعم لاخراج الاقتصاد الإيراني من أزمته.

إيران: بين الثورة الخضراء ومظاهرات الخبز ما يجمع وما يفرق

صادق الطائي

هل تطيح ثورة الجياع والمهمشين بولاية الفقيه؟

Posted: 06 Jan 2018 02:09 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: حاول النظام الإيراني من خلال لعبة تقسيم الأدوار بين الإصلاحيين والمحافظين أن يقتصر مفهوم «الشعب» في البلاد على أولئك الذين يشاركون في الانتخابات ويدخلون في لعبة أجنحة النظام. وهمّش من لم يشارك في تلك اللعبة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، بهدف تأطير الحراك الداخلي الإيراني وفق وجهة النظر الحاكمة بين إصلاحيي النظام وبين متشدديه. وما يؤكد صحة ذلك هو موقف التيار الإصلاحي من الاحتجاجات الأخيرة الذي كان أكثر تشدداً من موقف المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وزعماء المحافظين وقادة الحرس الثوري. حيث وصف حزب «مجمع المعممين المناضلين» (الذي يترأسه محمد خاتمي، الزعيم الإصلاحي البارز والرئيس الإيراني الأسبق) الاحتجاجات التي تشهدها مدن عديدة في البلاد بأنها شغب وفتنة، واتهمها بتلقي الدعم من الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين والإرهابيين.
وجاء في بيان الحزب الموقع من قبل محمد خاتمي «منذ اندلاع أعمال الشغب الجارية في إيران، شاهدنا صلة واضحة بين مثيري الشغب والفتنة وبين أعداء إيران وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين والإرهابيين، وأنهم يتلقون الدعم من الخارج»، مطالباً الشعب الإيراني بتبني «أسلوب الإصلاحيين في حل مشاكل البلاد الاقتصادية».
والنقطة الأبرز في الاحتجاجات الأخيرة هي أن المحافظات والمدن الهامشية شهدت الزخم الأكبر للمظاهرات مثل مشهد وكرمانشاه والأحواز والفلاحية والقنيطرة وبوشهر وخرم آباد ودورود وتويسركان، بالإضافة إلى أصفهان وشيراز في وسط البلاد، على عكس احتجاجات الحركة الخضراء في عام 2009 التي تركزت بشكل كبير في المدن الكبرى خاصة طهران. وأدت سياسة النظام الحاكم ومن خلفه الطبقة المتحكمة بالاقتصاد إلى تهميش سكان هذه المحافظات التي تسكن في العديد منها غالبية غير فارسية (بين بلوشي وعربي وكردي ولوري وتركي وغيرها من القوميات الأخرى) وبدأت المشاكل الاقتصادية الكبيرة والفقر والفساد الاقتصادي المتجذر، تعرض بقاء هذه الشريحة من المجتمع إلى الخطر. وانطلقت هذه الاحتجاجات بمطالب اقتصادية ومحاربة الفساد وتحسين الوضع المعيشي للأسر، لكن سرعان ما ارتفع سقف المطالب ليصل إلى استهداف رأس النظام أي الولي الفقيه، ولأول مرة بعد عام 1979 تطالب مظاهرات شعبية رأس السلطة في إيران بالرحيل وتهتف ضده ومن معه بالموت. والسبب الرئيسي في أن شعارات هذه الاحتجاجات تجاوزت خطاب «إصلاحيي النظام» هو أن قياداتها هم من بين أولئك الذين حاول المحافظون والإصلاحيون أن يهمشوهم.
وما زاد الطين بلّة هو سيطرة حالة اليأس وعدم جدوى خطاب الطبقة المتحكمة بالأمور في البلاد في إصلاح الوضع الاقتصادي وتوفير فرص العمل والحياة الكريمة للمواطن، فضلاً عن أن حالة غضب متراكمة لدى نسبة كبيرة من الشعب الإيراني بسبب ملفات الفساد الهائلة لكبار مسؤولي النظام وأفراد أسرهم التي بلغ إجمالي مبلغ الجزء المكشوف من هذا الفساد أكثر من 30 مليار دولار خلال السنوات الـ10 الماضية فقط. وأدى هذا اليأس والغضب إلى فقدان الإصلاحيين السيطرة لتأطير مطالب هذه الشريحة، وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى حالة عصيان مدني دون قيادات معروفة وواضحة وبخطاب يفوق التوقع، وانطلقت شرارة هذه الاحتجاجات بعد عرض الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مشروع قرار الموازنة العامة على مجلس النواب، حيث تم الكشف عن أن سعر المحروقات سيتم رفعه بنسبة 50 في المئة، وأن ميزانية الحرس الثوري والمؤسسات التي تخضع لإشراف الولي الفقيه، تم زيادتها بنسبة 40 في المئة، وأن الحكومة تخطط لزيادة إيراداتها من الضرائب بنسبة 25 في المئة.
وتظهر هتافات مثل «الموت لخامنئي» و«أترك سوريا ولبنان وفكّر بحالتنا» أن المحتجين يدركون جيداً أن المشروع التوسعي الإيراني واستراتيجية النظام الخارجية (التي يحددها الولي الفقيه) والتمويل المستمر للميليشيات المسلحة المتعددة هنا وهناك، كلّفتهم الكثير، وأصبح المواطن هو من يدفع فاتورة تلك السياسة مباشرة من اقتصاد أسرته، فضلاً على أن السبب الرئيسي للعقوبات المفروضة على إيران هو سياسة النظام الخارجية. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، زادت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ميزانية ذراعها في لبنان بنسبة 4 أضعاف خلال عام 2017 وارتفعت الأموال التي تنفقها طهران على حزب الله من 200 مليون دولار إلى 830 مليون دولار سنوياً.
وتعمقت فجوة الدخل الاقتصادي بين العوائل التي تسكن طهران، والتي تسكن في المحافظات الهامشية، بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، وكانت هذه الفجوة تقارب 45 في المئة لكنها ازدادت بنسبة ضعفين وبلغت أكثر من 87 في المئة خلال الأعوام العشرة الماضية. والفجوة الكبيرة بين اقتصاد الأسر في المدن الكبرى والصغرى، زادت الشعور بالحرمان والمظلومية لدى سكان المدن الهامشية بشكل كبير جداً. وصبّ حسن روحاني الزيت على النار التي كانت تحت الرماد، من خلال وضع بند في مشروع قرار الموازنة العامة الذي يفضي بقطع الدعم الحكومي والمساعدات الاقتصادية لأكثر من 30 مليون من الفقراء وأفراد الأسر ذات الدخل المنخفض، وغالبية هؤلاء يسكنون في المحافظات الهامشية والمدن الصغيرة.
ولم يكن وضع حد لتفشي البطالة في البلاد ضمن أجندة حكومة روحاني كما كان الحال في الحكومات السابقة، وبلغت مستويات خطيرة جداً على الرغم من أن إيرادات البلاد النفطية تجاوزت 1000 مليار دولار خلال السنوات الـ15 الماضية، حسب ما أعلنته وزارة النفط الإيرانية. وأعلن مركز الإحصاء الإيراني الصيف الماضي أن نسبة البطالة في البلاد بلغت 12.6 في المئة، وأنها تخص الفئة العمرية من 15 إلى 29 عاما، وفي ربيع 2017 ارتفعت إلى مستوى 26.4 في المئة، وأشار التقرير إلى ارتفاع نسبة البطالة التي تخص الفئة العمرية 15 إلى 24 عاما ارتفاعا ملحوظا في نهاية العام الماضي، حيث وصلت إلى مستوى 28.8 في المئة. لكن الإحصائيات التي نشرتها جريدة «إيران» الرسمية التابعة للحكومة في تقريرها التحليلي عن أسباب اندلاع الاحتجاجات الأخيرة، تظهر أن نسبة البطالة في المدن التي شهدت زخماً أكبر من المظاهرات، أكثر بكثير من معدل البطالة في البلاد. ومع أن إيران لا تعتبر من اشتغل لأكثر من عام واحد ولو أنه عاطل عن العمل حالياً، من ضمن نسبة البطالة، تظهر الإحصائيات الحكومية أن نسبة البطالة في إقليمي بلوشستان السني والأحواز العربي هي 35.5 و26 في المئة على التوالي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف معدل البطالة لكل البلاد. بينما كشف عضو لجنة التنمية في مجلس النواب الإيراني، حميد رضا بشنك، خلال حديثه لوكالة «إسنا» للأنباء الطلابية التابعة لوزارة العلوم والأبحاث الإيرانية، أن 70 في المئة من سكان إقليم بلوشستان يعيشون تحت خط الفقر المطلق. وتثير إحصائية الفقر في بلوشستان الشكوك حول صحة الإحصائيات الحكومية عن نسبة البطالة، ونظراً لنسبة الفقر، فان نسبة البطالة الحقيقية في هذه المحافظات الهامشية بالضرورة، هي أكثر بكثير مما أعلنته الحكومة.
و»على عكس ما تشتهيه السفن» سجل سعر صرف الدولار في إيران مستويات تاريخية جديدة، وبلغ 44 ألف و200 ريال إيراني، بسبب الاحتجاجات الأخيرة، وسيؤثر مباشرة على ارتفاع أسعار السلع والخدمات. ومن جهة أخرى، أدى حجب شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تلغرام» و«انستغرام» إلى خسارة أكثر من 30 ألف إيراني عملهم، لأنهم يعملون في مجال التسويق على هذه الشبكات. وقدّرت صحيفة «شهروند» (وتعني المواطن) أن خسائر حجب مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام التي تلت الاحتجاجات، بلغت 5000 مليار ريال إيراني، وكتبت أن حجب شبكات تواصل الاجتماعي يفسد مخطط الحكومة لتقليص نسبة البطالة من خلال اعتماد المواطنين العمل في هذه الشبكات لكسب المال. وأعرب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الإيراني، محمد جواد آذري جــهــرمي، عن بالغ أسفه بسبب حجب بعض شبكات التواصل الاجتماعي، وقدم اعتذاره إلى المواطنين الذين تضرروا بسبب ذلك.
وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، طالب أعضاء كتل الإصلاحيين في مجلس النواب الإيراني من حكومة حسن روحاني أن تقوم بتعديل مشروع قرار الميزانية العامة للبلاد بحيث تكون لصالح الفقراء والأسر ذات الدخل المنخفض، وشددوا على ضرورة تعزيز الفريق الاقتصادي في الحكومة من خلال وجوه جديدة ووضع رؤية واضحة لإصلاح البنية التحتية الاقتصادية. ووعد رئيس مجلس النواب الإيراني، علي لاريجاني، أن البرلمان لن يصادق على البنود المتعلقة بزيادة أسعار بعض السلع والخدمات في مشروع قرار الميزانية العامة، خاصة سعر المحروقات.

هل تطيح ثورة الجياع والمهمشين بولاية الفقيه؟

محمد المذحجي

جماعة «مجاهدي خلق» تضع فرنسا في قلب الأزمة الإيرانية

Posted: 06 Jan 2018 02:09 PM PST

باريس ـ «القدس العربي»: يبدو أن تصاعد حدة الاحتجاجات في إيران ومخاطر القمع القاسي عقدت المعطيات بالنسبة للأوروبيين والفرنسيين بالأخص، الذين فضلوا حتى اللحظة التزام «الحذر» في ما يتعلق برد فعلهم على ما يحدث في إيران، أملا منهم في أن «تضمن» طهران حق التظاهر للمحتجين، خلافا للموقف الأمريكي وتعهد الرئيس دونالد ترامب بتقديم ما وصفه بـ «دعم عظيم» للمحتجين في إيران مشيدا بـ«شجاعتهم».غير أن احتضان باريس لقيادات المعارضة الإيرانية، ممثلة في جماعة مجاهدي خلق، يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين طهران والدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا.
فخلال المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الثلاثاء، 02 كانون الثاني/يناير الجاري، مع نظيره الإيراني حسن روحاني، أعرب الرئيس الفرنسي لنظيره الإيراني عن «قلقه» بشأن «عدد الضحايا على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت» في إيران، داعيا إلى «ضبط النفس والتهدئة»، ومشددا، في الآن نفسه، على «وجوب احترام الحريات الأساسية وخصوصا حريتي التعبير والتظاهر» حسب ما جاء في بيان قصر الإليزيه. وأوضح البيان، أيضا، أنه في ظل السياق الحالي والتطورات في إيران، قرر الرئيسان تأجيل الزيارة التي كان يفترض أن يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، إلى إيران نهاية الأسبوع، على أن يتم لاحقا تحديد تاريخ جديد لهذه الزيارة والتي من المقرر أن تمهد لزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي كان قد أعلن منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي نيته التوجه إلى إيران خلال 2018.
تأجيل الزيارة رأى فيه بيار لوي ريمون، الباحث الأكاديمي الفرنسي: «رسالة مهذبة من باريس مفادها استحسان عدم صب الزيت على النار».
واعتبر ريمون أن النهج الدبلوماسي الجديد الذي يطبقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يهدف إلى «تكريس توازن يجعله في موقع الزعيم الذي يخاطب الجميع»، رأي شاطرته الدكتورة سلين جريزي، الأكاديمية المتخصصة في الجيوسياسة، في باريس، التي اعتبرت أن جيوسياسية فرنسا في الشرق الأوسط عامة وفِي إيران خاصة أصبحت «محددة وواضحة»، خاصة منذ تولي ماكرون السلطة، في أيار/مايو الماضي، «ورغبته في التميز واظهار دبلوماسية فرنسا الناعمة كقوة مواءمة ووساطة» وهذا ما تعول عليه إيران في موضوع النووي والاتهامات الموجهة لها حول تدخلها في شؤون المنطقة وزعزعة أمنها ورغبتها في التمدد على حساب جيرانها.
روحاني يتهم مجاهدي خلق بالإرهاب، والجماعة تقول إن الانتفاضة ضده واجب وطني، وباريس تلتزم الحياد
خلال مكالمتهما الهاتفية، ومساء الثلاثاء المنصرم، أبلغ الرئيس الإيراني حسن روحاني، نظيره الفرنسي ماكرون تنديد طهران بوجود جماعة مجاهدي خلق في فرنسا واصفا إياها بأنها تتحرك ضد الشعب الإيراني عبر تأجيج أعمال العنف، حسب ما أورد بيان للتلفزيون الرسمي الإيراني. وأضاف روحاني، حسب البيان نفسه، أن طهران تنتظر تحركا من السلطات الفرنسية ضد هذه المجموعة.
هذه المطالب رأى الدكتور رامي الخليفة العلي، أستاذ الفلسفة السياسية في باريس، أنها، على المدى القصير، تخدم «الدعاية التي يقوم بها النظام الإيراني ضد الانتفاضة القائمة في إيران بالقول إن هناك أيادي خارجية أدت لاشتعال تلك الانتفاضة».
وردا على اتهامات الرئيس الإيراني، اعتبر الدكتور سنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في تصريح لصحيفة «القدس العربي» اعتبر أنها « تعكس قبل كل شيء خوف نظام الملالي من توسع الانتفاضة العارمة ضد نظام الإرهاب الحاكم في إيران باسم الدين والترحيب العام بمنظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية». وأضاف زاهدي إنه «لا شك أن هذه الانتفاضة المباركة تهدف إسقاط نظام ولاية الفقيه وهذا الهدف عملت له منظمة مجاهدي خلق منذ 36 عاماً وقدّمت في سبيل ذلك أكثر من مئة ألف شهيد».
كما أن «منظمة مجاهدي خلق وشبكات المقاومة هي التي تقود هذه المظاهرات وتعتبرها واجباً وطنيا».

أداة باريس لمقايضة طهران

ومع أن بيان الرئاسة الفرنسية، حول نتائج المكالمة الهاتفية بين روحاني وماكرون، لم يتطرق إلى موضوع مجاهدي خلق، إلا أن صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، نقلت، في عددها الصادر، يوم الأربعاء، 03 كانون الثاني/يناير الجاري، عن أوساط الرئيس ماكرون تأكيدهم أن الأخير أوضح لنظيره الإيراني عدم وجود أي اتصال لحكومته مع جماعة مجاهدي خلق، واصفا اتهامات الحكومة الإيرانية لهذه الجماعة بالإرهابية بأنها «خطيرة» وأن باريس ستنظر في موضوع هذه الجماعة. وفي هذا الصدد تعلق الدكتورة سيلين جريزي قائلة إن «فرنسا تعول على منظمة مجاهدي خلق كأداة ضغط على النظام الإيراني من أجل الحصول على تنازلات إن لم نقل مقايضات» في ظل الدور الفاعل والتأثير الكبير لهذه الجماعة التي تعتبر أقوى وأنشط جبهة معارضة للنظام في طــهــران وتمـتـــاز بســعـــة شبكتها وبعلاقاتها المتميزة والرفيعة مع أصحاب القرار في أوروبا عامة وفي فرنسا على وجه التحديد، غير آبهة لتنبيهات طهران لباريس.
وتحظى جماعة مجاهدي خلق بدعم مجموعة من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ والوزراء السابقين في فرنسا. وتنظم سنويا مؤتمرا في باريس تشارك فيه شخصيات سياسية ومثقفون أمريكيون وغيرهم. وفي عام 2016 شارك في المؤتمر ولأول مرة مسؤول سعودي، هو الأمير تركي الفيصل، المدير السابق للمخابرات السعودية، بالإضافة إلى «أبواق» فرنسية كما وصفها الصحافي في جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، المتخصصة في شؤون منطقة الشرق الأوسط، جورج مالبرينو، في مقاله حول موضوع إيران، بتاريخ 3 كانون الثاني/يناير الجاري. ونقل مالبرينو، في المقال عن دبلوماسي فرنسي وصفه بالمتابع الجيد للملف الإيراني منذ فترة طويلة، قوله إن «الأمريكيين يتلقون مبلغ 25 ألف دولار للواحد مقابل مداخلة مدتها لا تتعدى 15 دقيقة على هامش هذا المؤتمر. فيما يتقاضى الفرنسيون مبلغ حوالي 12 ألف يورو عن المداخلة.
ورغم أن الموقف الفرنسي والأوروبي القاضي بالتمسك بالاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 يبدو ثابتا حتى اللحظة، في معارضة التوجه الأمريكي الرامي إلى نقض هذا الاتفاق، منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم، وتشبث الرئيس الفرنسي ماكرون بمبدأ الحوار مع طهران لتجاوز الخلافات بشأن السياسة الخارجية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن العديد من المراقبين الفرنسيين للشأن الإيراني يرون أن استمرار الحركة الاحتجاجية في إيران قد يدفع في نهاية المطاف إلى تقارب بين ضفتي الأطلسي في الموقف من الحكومة الإيرانية.
وتؤكد أوساط الرئيس إيمانويل ماكرون أن إدارة الأخير لديها متطلبات، تتلخص في توقيف دعم طهران للميليشيات الشيعية في العراق، التي يطالب ماكرون بتفكيكها، وأن تعطى الأولوية مستقبلا لعملية انتقالية حقيقية في سوريا، وهي نقاط ينتظر أن تتصدر المحادثات المرتقبة بين ماكرون وروحاني خلال الزيارة المفترضة للرئيس ماكرون إلى طهران، خلال العام الجاري، والتي ستعد الأولى من نوعها لرئيس فرنسي إلى إيران، منذ أكثر من أربعين عاما.

جماعة «مجاهدي خلق» تضع فرنسا في قلب الأزمة الإيرانية

آدم جابيرا

احتجاجات إيران اختبار لحدود النهج العدواني لإدارة ترامب

Posted: 06 Jan 2018 02:08 PM PST

واشنطن ـ «القدس العربي»: عززت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييدها للاحتجاجات التي تشهدها إيران وحثت الدول الأخرى على اتخاذ موقف ضد حملة طهران ضد المتظاهرين حيث حاولت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تحريض المجتمع الدولي ضد إيران وطالبت عقد اجتماعات طارئة ودعت وزارة الخارجية الحكومة الإيرانية إلى عدم حجب مواقع التواصل الاجتماعي في حين قدم البيت الأبيض دعمه للاحتجاجات كنقطة فاصلة تشير إلى انتهاء الطريقة التي اقترب منها الرئيس السابق باراك أوباما من إيران. وكتب ترامب انه يراقب الاحتجاجات المناوئة للحكومة، كما وجه اللوم إلى الاتفاق النووي الإيراني في عهد أوباما على تدهور الوضع في البلاد.
وستختبر الاحتجاجات في إيران، والتى تعتبر الأكبر في البلاد منذ الثورة الخضراء عام 2009 بعد الانتخابات الرئاسية، حدود النهج العدواني لإدارة ترامب، التي ركزت على مهاجمة رد الفعل البطيء الشديد على احتجاجات إيرانية سابقة حسبما ذكرت سارة هوكبي ساندرز، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، حيث قالت ان الرئيس ترامب لن يجلس بصمت مثل أوباما، وهو يؤيد بالتأكيد الشعب الإيراني ويريد ان يعلن ذلك بوضوح.
ولم تصل تعليقات ساندرز إلى حد المطالبة بتغيير السلطة في طهران على الرغم من التأييد الواضح للاحتجاجات. وقالت ان نهاية اللعبة ستكون لمنح الشعب الإيراني حقوقه الأساسية ورؤية البلاد وهي تتوقف عن دعم الإرهاب.
ومن غير الواضح ما هي الإجراءات الإضافية، ان وجدت، التي ستتخذها الإدارة الأمريكية ردا على الاحتجاجات على الرغم من تكثيف البيت الأبيض لخطابه بشأنها في حين أشارت تقارير متنوعة إلى ان إدارة ترامب تدرس فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب تدهور وضع حقوق الإنسان فيها علما انها رفضت حتى الآن الإجابة عن تساؤلات حول ما قد يترتب على تلك العقوبات.
وحذر خبراء في السياسة الخارجية الولايات المتحدة من التورط في الاحتجاجات، لان ذلك سيمنح قادة طهران الفرصة لرسم التظاهرات وكأنها مؤامرة أمريكية للإطاحة بالحكومة، وفي الواقع، اتهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية اية الله خامنئي بالفعل (اعداء إيران) بانهم وراء المظاهرات في ما اتهم على شمخاني أمين عام مجلس الأمن القومي الأعلى الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية، واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ترامب بامتلاكه المعايير المزدوجة مشيرا إلى علاقات الرئيس الوثيقة مع السعودية التي تدان بشكل تلقائي بسبب ضعف سجل حقوق الإنسان.
ولاحظ مراقبون يميلون إلى انتقاد إيران ان رد فعل ترامب على الاحتجاجات كان فوريا وقالوا انه يتعين على الإدارة مواكبة هذا الخطاب وفرض «عقوبات ذكية» تستهدف الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. وقال بنهام بن تاليبو من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ان المفتاح هو جعل الخطاب مطابقا للواقع على الأرض في إيران ودعم الخطاب الذي يتضمن عقوبات تدعم الشعب الإيراني.
واعترف المحللون الأمريكيون، بمن فيهم الخبراء الذين لا يكنون أي ود للنظام الإيراني، ان هناك مخاطر من استخدام الحكومة الإيرانية للولايات المتحدة لدعم تقويض شرعية الاحتجاجات وقالوا ان الولايات المتحدة لا ينبغي لها ان تقود الاحتجاجات.
وقال محللون أمريكيون يدعمون الاتفاق النووي ان ترامب هدد مصداقيته مع الشعب الإيراني بأعماله السابقة وخطابه بشأن إيران وأضافوا انه ليست لديه شعبية ولا مصداقية في الشارع الإيراني، واقترح هؤلاء ان يزيل ترامب إيران من لائحة الدول التى يمنع مواطنيها من السفر إلى الولايات المتحدة إذا كانت إدارته تريد حقا مساعدة المتظاهرين، وقالوا «لا يمكن الادعاء انك إلى جانبهم ثم تفرض حظرا على المسلمين وتعاملهم كإرهابيين».
وانتقد المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية المركزية جون برينان إدارة ترامب لموقفها من إيران قائلا ان موقف ترامب المتشدد تجاه طهران والتخلي عن صفقة تاريخية نووية قلل في النهاية من احتمال حدوث تغيير سياسي سلمي هناك، وأضاف، ان إدانة إيران بشكل عام والاتفاق النووي خلال العام الماضي قلل من فرصة دعم الإصلاحيين وآفاق الإصلاح السياسي السلمي في إيران. وأوضح ان التهديد ليس استراتيجية ولا آلية لممارسة السلطة والنفوذ الأمريكي.
وسأل كثيرون في جميع أنحاء العالم عما إذا كانت الانتفاضات العربية «الربيع العربي» قد أفسحت المجال أمام ثورة «فارسية» وتساءل المحللون في واشنطن عما إذا كان عام 2018 سيجلب تغييرا للنظام في إيران؟ في حين ركزت جميع القراءات والتعليقات في الولايات المتحدة على عدم التدخل المباشر في الاحتجاجات أو احداث تغيير من الخارج وتركها للمقاومة الداخلية، وزعم المراقبون ان إدارة ترامب لديها العناصر اللازمة لمساعدة الشعب الإيراني في احداث التغيير الديمقراطي الذي يسعى إليه.
وقال محللون من الاتجاه اليميني، ان الرئيس جورج بوش وخلفه أوباما لم يدعما حركة تغيير الحكومة في طهران في أعقاب احتجاجات ظهرت خلال فترة ولايتهم، وبالتالي، فان لترامب الفرصة لتغيير التاريخ، وقالوا انه يمكن لترامب اتخاذ إجراءات حاسمة في عام 2018 لدعم الإطاحة بالثيوقراطية المعادية للولايات المتحدة، في حين كشف العديد من السياسيين الأمريكيين، ومن بينهم السناتور ليدسي غراهام انهم ناقشوا فكرة احتضان الاحتجاجات المتوقعة المناهضة للنظام الإيراني منذ عام 2017. وحرض جمهوريون ترامب على القيام باعتراف رسمي بحق الشعب الإيراني في تغيير النظام وشرعية المقاومة المنظمة كوسيلة لزيادة التوازن لصالح اولئك الذين يسعون إلى التغيير في إيران.
ولفت المحللون الأمريكيون الانتباه إلى سر حرص الإدارة الأمريكية على مطالبة إيران بإعادة فتح طرق الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي حيث اتضح ان هناك اعتقادا في واشنطن ان ابقاء العناصر المتظاهرة على اتصال رقمي سيسهل وسيسمح للمجتمع الدولي بمراقبة الأحداث. وأكد مراقبون أمريكيون، أيضا، ان واشنطن غير سعيدة بسلسة النجاحات التى حققتها في الشرق الأوسط على حساب الولايــــات المتحدة وحلفائها الخليجيين ناهيك عن إسرائيل.
ما هي الخطوات التى يمكن توقعها من الإدارة الأمريكية ردا على احتجاجات إيران؟ وفقا للعديد من المحللين، فان هناك اقتراحات بفرض عقوبات اضافية على شخصيات متهمة بانتهاك حقوق الإنسان، وعقوبات تستهدف الحرس الثوري الإيراني وحشد المجتمع الدولي ضد طهران والضغط على الاتحاد الأوروبي لتقليل النشاط التجاري و(تحديد) قادة المستقبل في إيران وتزويدهم بالدعم الذين يحتاجونه وإعادة تنفيذ العقوبات على البنك المركزي الإيراني والكيانات الأخرى التي توزع الأموال إلى وكلاء إيران في المنطقة.

احتجاجات إيران اختبار لحدود النهج العدواني لإدارة ترامب
الخبراء يحذرون واشنطن من التدخل
رائد صالحة

تظاهرات إيران ضد ولي الفقيه والمغامرات الخارجية: نظام يقاوم الإصلاح والثورة مستحيلة

Posted: 06 Jan 2018 02:08 PM PST

شهدت إيران في تاريخها الحديث ثلاث ثورات مهمة تختلف كل واحدة عن الأخرى ولكنها تشترك في المحفزات التي أدت إليها وهي الفساد وسوء الحكم والاستبداد. فالأولى هي الثورة الدستورية ما بين عام1905- 1911 والثانية تأميم محمد مصدق للنفط الإيراني 1951- 1953 وتخليصه من احتكار بريطانيا والثالثة الثورة الإسلامية بين 1978-1979. وجاءت كل واحدة من هذه الثورات تعبيرا عن تغيرات كان المجتمع الإيراني يمر بها من انتشار التعليم إلى زيادة في توقعات الطبقة المتوسطة النامية وعدم الرضا بتضخم ثراء طبقة رجال الأعمال وسوء إدارة المؤسسة الحاكمة لطرق توزيع الثورة. وكانت تعبر عن طموح بنشوء شكل من أشكال الحكم الديمقراطي وانتهت جميعا بالخيبات. فالثورة الدستورية التي أدت لولادة برلمان لكي يكون رقيبا على سلطة الشاه انتهت بالسماح للشاه بعد عقدين من الثورة لأن يحكم البلاد بطريقة مطلقة. أما مصدق الذي كان داعية للنظام الليبرالي وشعبويا في تفكيره ورافضا للحكم الملكي، فقد أحبطت محاولاته عملية مشتركة للسي آي إيه والمخابرات البريطانية أعادت الشاه وسجنت مصدق. وأدى قمع الشاه بعد عقدين للثورة الإسلامية التي منحت القوى السياسية في البلاد وهم نشوء دولة ديمقراطية وانتهت بالحال الآن دولة دينية تحمل إشارات من الأنظمة الديمقراطية من انتخابات وبرلمان وتداول في السلطة ولكنها في جوهرها تأتمر بأمر ولي الفقيه – المرشد الأعلى للجمهورية، وتعتمد على القمع كأداة للبقاء، ووسائلها هي الحرس الثوري والباسيج وقمع حرية التعبير وملاحقة المعارضة. ما يعني ان حلم التغيير الديمقراطي ظل معلقا وأي محاولة للتغيير السلمي للسلطة كانت تواجه بالقمع. لكل هذا يرى ميساغ بارسا البروفسور في دارتماوث كوليج في كتابه «الديمقراطية في إيران» (2016) أن الديمقراطية في إيران لن تتحقق عبر التغيير السلمي بل وعبر الثورة.
وتاريخ الجمهورية الإسلامية الحالي يمنح فكرة عن استحالة تحقيق الثورة، فانفجاراتها المتعددة، الداخلية والشعبية انتهت بسيطرة القوى القمعية في البلاد على مقاليد الأمور واستمرار الحكم كما هو «ولاية الفقيه». وهذا يعكس بالضرورة ديناميات داخل النخبة الحاكمة وديناميات مجتمعية تتأثر بالواقع المعاش وما يجري في العالم. ففي الوقت الذي يفهم فيه الإيرانيون ما يجري حولهم ويطمحون لأن يكونوا جزءا من تغيرات العالم في ظل ثورة المعلومات والتواصل الاجتماعي، إلا أن العالم وخاصة أمريكا لم تفهم رغم العداء الطويل بينها والجمهورية الإسلامية الشعب الإيراني وترتكب إداراتها الخطأ بعد الآخر، وباراك أوباما الذي جاء يحمل وعود «الحلم» للعالم ليس مبرأ من الأخطاء رغم أنه أغضب حلفاءه العرب ومد يده عام 2015 لإيران لوقف مشروعها النووي. وهو ما يقوم دونالد ترامب اليوم بتمزيقه تحت شعار وقف الهيمنة الإيرانية على المنطقة العربية.
لكل هذا تكشف دعوة أمريكا مجلس الأمن الدولي لمناقشة التظاهرات التي اندلعت في المدن الإيرانية نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن سوء فهم للدينامية الإيرانية الداخلية وأسباب التظاهرات الاقتصادية في الجوهر والتي جلبتها العقوبات الأمريكية على النظام بالإضافة للسياسة الخارجية الإيرانية ومغامراتها في سوريا والعراق واليمن ولبنان والفساد المستشري في مؤسسات الدولة وتغول الحرس الثوري وسيطرته على اقتصاد الدولة. لكن نيكي هيلي سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة وجدت نفسها محلا للاتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية الإيرانية، وتساءل ممثل روسيا إن كان هذا هو الحال فلماذا لم يدع مجلس الأمن للانعقاد عندما قتلت الشرطة الأمريكية فتى اسود في ميسوري؟ ونقلت صحيفة «التايمز» (4/1/2018) دورا للحرس الثوري الذي وزع أشرطة فيديو للتظاهرات في محاولة لإحراج حكومة روحاني التي تم تسريب ميزانيتها التي أعطت المؤسسات الدينية والحرس الثوري والمنظمات الداخلية والخارجية حصة الأسد فيها فيما تم رفع أسعار السلع الرئيسية بشكل أغضب الطبقات المحرومة في المجتمع الإيراني.
وتقول مجلة «إيكونوميست» (2/1/2018) إن الكثير من الذين تجمعوا في تظاهرة مشهد كانوا من أنصار إبراهيم رئيسي المرشح الرئاسي الخاسر وهتفوا «الموت لروحاني» قبل أن تتطور إلى هتافات معادية للديكتاتورية أي خامنئي. وانتشرت التظاهرات حسب تقديرات مسؤولين في «سي آي إيه» إلى 80 بلدة ومدينة ووصلت إلى العاصمة طهران ولكن ليس على القاعدة التي شهدتها عام 2009 فيما يعرف بالثورة الخضراء التي خرج فيها حوالي 3 ملايين متظاهر احتجاجا على نتائج الانتخابات التي أعادت محمود أحمدي نجاد إلى السلطة على حساب المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي. واعترف الرئيس روحاني بأحقية المتظاهرين التعبير عن مشاعرهم ولكن بطريقة سلمية. وهو اعتراف بالضرورة بالغضب الذي يتخمر منذ شهور، فسكان المناطق الشمالية التي يعيش فيها الأكراد حانقون على اللامبالاة الذي أبدته الحكومة حيال الهزة الأرضية التي ضربت مناطقهم في تشرين الثاني (نوفمبر) ولا يزال الآلاف يواجهون البرد القارص في ملاجئ مؤقتة. وكانت طهران شهدت تظاهرات بعد انهيار مؤسسات إقراض مالية مرتبطة بالحرس الثوري وخسر فيها الكثيرون كل توفيرهم. واشتكى عمال المصانع عدم تلقيهم رواتبهم منذ شهور. ورغم حديث حكومة روحاني عن تخفيض التضخم وزيادة في النمو الاقتصادي إلا أن نسبة البطالة ارتفعت 27في المئة.
والملاحظ من هتافات المتظاهرين أنها تعبير عن غضب من أركان النظام سواء كانوا متشددين أو إصلاحيين «لا للمحافظين ولا للمتشددين» وهتف آخرون «الموت للحرس الثوري» و «اتركوا سوريا وانظروا إلينا». وبعيدا عن اللهجة التصالحية من روحاني، انتقد خامنئي القوى الخارجية واتهمها بالوقوف وراء المتظاهرين، خاصة السعودية التي وعد ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان بنقل الحرب إلى داخل إيران وإسرائيل التي رحب زعماؤها بالتظاهرات وشجعوها وفوق كل هذا ترامب الذي وعد بمساعدة المحتجين في الوقت المناسب. وتعبر التظاهرات مثل الربيع العربي عام 2011 عن دينامية الأطراف التي خرجت بدون قيادة ونجحت بإسقاط قوى مستبدة قبل أن تستفيق القوى المضادة وتعود للسيطرة كما في مصر واليمن وتونس بدرجة ما. وكما كتب كريم ساجد بور في مجلة «ذا أتلانتك» (31/12/2017) فالحركة الاحتجاجية الأخيرة مثلها مثل حركات التغيير في العالم العربي «تواجه عقبات قمعية كبيرة ومن النادر أن تنتهي بنهايات سعيدة، حتى عندما ينجح المتظاهرون بالإطاحة بمستبد فإنهم نادرا ما ينجحون بالقضاء على الاستبداد». وفي إيران فالصعوبات أكثر، لأن المتظاهرين لا يقاتلون نظاما علمانيا بل دينيا مدججا بالسلاح ويحب أفراده الموت. كما أن ما جرى في المدن الإيرانية لم يكن منظما ولم تقد النخب الليبرالية التظاهرات كما في عام 2009. وما يهم في «الانتفاضة» الحالية هو سعتها الجغرافية. وأكد ساجد بور كغيره من المعلقين ان انتشارها السريع سببه ثورة «الهواتف الذكية» ففي عام 2009 لم يكن يملك هواتف ذكية في إيران إلا أقل من مليون شخص. أما اليوم فعدد حملة الهواتف الذكية من الإيرانيين 48 مليونا، وكل واحد مرتبط بوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات. ويعتقد ان عدد مستخدمي تطبيق «تلغرام» يزيد عن 40 مليون شخص وهم بعيدون عن رقابة الحكومة. وهذا التميز الاتصالي لا يعني أن المتظاهرين سيحققون التغيير المنشود، لأن الدولة تملك من أدوات القمع ما يجعلها قادرة على إخماد أي محاولة لتغيير النظام، من الحرس الثوري للباسيج للميليشيات التي دربتها ورعتها في الخارج. ويرى بور أن التغيير لن يحدث بسهولة أو قريبا، فالمعركة على مستقبل إيران طويلة. والمهم هو أن الهزات التي تضرب النظام الديكتاتوري تفقده الحس بالثقة، وهو ما حدث لنظام الشاه الذي أكدت «سي آي إيه» في آب (أغسطس) 1979 أنه لا توجد حالة «ما قبل الثورة» ولا حتى ثورة. وبعد شهر سقط الشاه وخرج من إيران بدون عودة وانتصرت الثورة.
ولا نعرف إن كانت هذه الاحتجاجات هي «بداية للتغيير» كما كتب ديفيد إغناطيوس في صحيفة «واشنطن بوست» (4/1/2017) وأكد أن النظام الإيراني لن يستمر بالانتصار للأبد وعاجلا سيظهر من بين الجماهير قائد يدير دفة التغيير. ويعتقد أن روحاني ضيع فرصة ذهبية لقيادة التظاهرات الحالية. وأكد أن النظام الذي أغلق مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكنه السيطرة على الفضاء الالكتروني بالكامل. ويشير إلى أهمية انتهاز الولايات المتحدة فرصة انشغال طهران بمشاكلها الداخلية وضرب وكلائها في سوريا والعراق ولبنان واليمن. ما يعني تجنب ترامب الملف النووي في الوقت الحالي. وهو ما تبنته صحيفة «واشنطن بوست»(1/1/2018) وقالت إن خمسة أيام من الاحتجاجات كشفت عن ضعف النظام الإيراني الذي يوصف عادة في واشنطن بالقوة الإقليمية الضاربة. فرغم رفع العقوبات في عام 2015 بعد توقيع الاتفاقية النووية لم تكن الجمهورية الإسلامية قادرة على الوفاء باحتياجات الإيرانيين اليومية والذين شاهدوا كيف بذر رجال الدين مصادرهم الوطنية على الفساد والمغامرات الخارجية. وفي الوقت نفسه حرموهم من أبسط مبادئ الحرية. وقالت إن المطالب الشعبية بالتغيير مبررة وتستحق الدعم الدولي. وأكد دينس روس في «فورين بوليسي» (2/1/2018) أن الإدارة الأمريكية التي وعدت بمواجهة التمدد الإيراني الخارجي لم تفعل إلا القليل، وتظاهرات الإيرانيين تذكير بأنهم لن يتسامحوا مع الثمن الذي تدفعه بلادهم لحماية أنظمة خارجية. ومن هنا يذكر روس أنه تعلم من عام 2009 عندما كان مستشارا لأوباما بشأن إيران أن على الولايات المتحدة ان لا تسكت أمام ما يجري في هذا البلد كما اختارت أثناء تظاهرات الحركة الخضراء خشية من أن تعطي نظام الملالي الفرصة لوسم المتظاهرين بالمرتبطين بالغرب. ويجب على الإدارة الربط بين المظالم الاقتصادية والمغامرات الإيرانية في الخارج. وهذه لن تتوقف كما يرى الباحث ري تاكيه، من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في مقالة له بمجلة «بوليتكو» (2/1/2018) حيث يرى أن ضعف النظام في الداخل قد يدفعه لإظهار قوته في الخارج. كما أن طبيعة النظام نفسه تقوم على «ثورة بلا حدود» مشيرا إلى أن ضحايا تظاهرات الأسبوع الماضي هما خامنئي وروحاني، مؤكدا أن الأخير ظل موظفا في خدمة نظام ولي الفقيه وشارك في كل القمع وملاحقة المتظاهرين وليست لديه الرغبة بالإصلاح أو التغيير، مع أنه قضى العام الماضي وهو ينتقد الفساد والفاسدين. ويرى أن التظاهرات هي نهاية لمحاولات النظام إصلاح صورته أمام الجماهير بعد قمع عام 2009 ولهذا سمح لروحاني بالفوز. وأصبح هذا ضحية للتوقعات التي أسهم في رفع سقفها.
ويرى أن الثورة الإيرانية مشروع مستحيل يقوم من خلاله خامنئي بتقوية مداميكه المهتزة أمام طموحات جيل شاب يدخل البلاد مرحلة انتقالية طويلة المدى. فالثورة قادمة مع أن الثوريين لم يتجمعوا بعد على بوابة المدينة.

تظاهرات إيران ضد ولي الفقيه والمغامرات الخارجية: نظام يقاوم الإصلاح والثورة مستحيلة

إبراهيم درويش

إيران أمام مجلس الأمن: النفاق السياسي الأمريكي في أبشع صوره

Posted: 06 Jan 2018 02:08 PM PST

نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: عقد مجلس الأمن جلسة مفتوحة يوم الجمعة تحت بند «الحالة في الشرق الأوسط» لمناقشة الوضع الداخلي في إيران على ضوء المظاهرات التي انطلقت يوم 28 كانون الأول/ديسمبر الماضي، واستمرت لتسعة أيام في أكثر من مدينة وأدت إلى مقتل نحو 22 مواطنا. مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، نيكي هيلي، هي التي دعت لعقد الجلسة. وحاول المندوب الروسي تعطيل عقدها بالدعوة إلى عقد جلسة مشاورات مغلقة قبل الموعد الرسمي للجلسة بنصف ساعة والتي تتطلب تسعة أصوات إيجابية لعقدها وإلا تلغى. ولكن روسيا لم تتمكن من حشد سبعة أعضاء للاعتراض على عقد الجلسة فعقدت. المشكلة أن هناك ستة أعضاء جدد دخلوا عضوية المجلس غير الدائمة في غالبيتهم من حلفاء أو أصدقاء الولايات المتحدة مثل بيرو وبولندا وهولندا وساحل العلاج والكويت ولا يريدون أن يبــاشــروا عملهم في المجلس بنزاع مع الولايات المتحدة ومندوبتها نيكي هيلي.
الجلسة مخالفة لبنود الميثاق في ثلاث نقاط رئيسية: أولا – يختص مجلس الأمن بالمسائل التي تعتبر تهديدا للأمن والسلم الدوليين، ولا أحد يتفق مع وجهة نظر هيلي أن أحداث إيران تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين. وما قالته نيكي هيلي حول البند 34 من الميثاق لا ينطبق على الحالة في إيران بل هي عملية ليّ عنق النص الذي يتحدث عن حق مجلس الأمن بالتحقيق في خلاف أو وضع قد يتطور ليشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
ثانيا: أن المظاهرات والإضطرابات الداخلية، ما لم تتحول إلى مجازر أو حرب أهلية بين مكونات البلد الواحد أو تنتقل إلى دول مجاورة، تبقى ضمن صلاحيات الدولة أو ما يسمى في الميثاق بالشؤون الداخلية والتي لا يجوز التدخل فيها حسب البند السابع من الفصل الأول في الميثاق.
ثالثا: مسائل حقوق الإنسان ليست من اختصاص مجلس الأمن بل من اختصاص مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف واللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة. ويقوم مجلس حقوق الإنسان بمراجعات دورية لحالات حقوق الإنسان في كافة الدول دون استثناء ومن بينها إيران. وإذا وجد أن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقع في بلد ما يقوم بتعيين مقرر خاص مهمته جمع المعلومات والتحقق وتقديم تقارير دورية للمجلس. وعين المجلس في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 أسمى جهانغير مقررة خاصة لحالة حقوق الإنسان في إيران. وانتقد تقريرها الأخير المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان واللجنة الثالثة الظروف القاسية في السجون، وحرمان السجناء من الوصول إلى العلاج الطبي الكافي، وخطر الموت. وطالب السلطات بـ «إنهاء القيود الواسعة الخطيرة على حرية التعبير والمعتقد، والاجتماع، وحرية التجمع السلمي باستخدام الفضاء المجازي أو خارج الحدود، وإنهاء المضايقات والترهيب وتعذيب المعارضين السياسيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، والأقليات، والقيادات العمالية، ونشطاء حقوق الطلبة، ومنتجي الأفلام السينمائية، والصحافيين، والمدونين، ومديري صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والعاملين في وسائل الإعلام، والقادة الدينيين، والفنانين، والمحامين، والأشخاص الذين ينتمون إلى الأقليات الدينية المعروفة وغير المعروفة، وأسرهم».
وناقشت اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة تقرير جهانغير عن حالة حقوق الإنسان في إيران وصوتت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على قرار يدين إنتهاكات حقوق الإنسان التي تشمل اضطهاد الأقليات والاعتقال التعسفي وإعدام القاصرين وتضييق حريات التعبير والتجمع والتعذيب، كما يحث القرار إيران على القضاء على جميع أشكال التمييز وانتهاكات الحقوق ضد النساء والفتيات. وصوت لصالح القرار 83 دولة مقابل 30 دولة ضده بينما اختارت 68 دولة التصويت بـ «امتناع».
يبدو أن نيكي هيلي مولعة بتسجيل سوابق في الأمم المتحدة، فمن جهة تخفض مساهمات الدولة المضيف في ميزانية الأمم المتحدة ومن جهة تطالب الأمم المتحدة بتبني قضاياها فيما يتعلق بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية والإضطرابات الداخلية في فنزويلا والآن جاء دور إيران. استغلت هيلي مظاهرات عارمة وقوية في إيران لكن لم تخرج عن كونها ضمن حدود المعقول، بل وسارت مظاهرات مثيلة أيضا تأييدا للحكومة. ولو أن مثل هذا النوع من المظاهرات يعرض على مجلس الأمن لتحول إلى جهاز يبت في شؤون الدول الداخلية. فمصر قمعت مظاهرات 2013 بالقوة ولم يدع المجلس للانعقاد والبحرين قمعت عام 2011 مظاهراتها السلمية بل واستعانت بجارتها السعودية للقمع ولم يدع المجلس للانعقاد، والولايات المتحدة قمعت حركة «احتلوا سوق المال» التي بدأت في أيلول/سبتمبر 2011، ومظاهرات لوس أنجيلوس عام 1992 وقتلت أكثر من 63 شخصا واعتقلت 12،000 شخص كما قامت قوات الأمن بالهجوم على اعتصام جماعة دايفيديان في واكو تكساس عام 1993 مخلفة 83 قتيلا من المدنيين، وفعلت كذلك فرنسا عام 2005 في اضطرابات مناطق المهاجرين المغاربة وبريطانيا قمعت المظاهرات عام 2011 واعتقلت أكثر من 3100 شخص، ولم نشهد في تلك الأحداث والعشرات غيرها دعوة لمجلس الأمن للاجتماع لبحثها.
إذن ما هو السبب الحقيقي وراء تلك الدعوة؟ الجواب كان في العديد من كلمات المندوبين. لقد تنبه الأعضاء إلى مآرب هيلي الحقيقية هي ورئيسها في البيت الأبيض، وهو التنصل من الاتفاق النووي مع إيران بحجة تفجر الأوضاع الداخلية. لكن الدول الأعضاء في المجلس كانت واعية لهذه النقطة وسلطت الأضواء عليها.
السفير الفرنسي، فرنسوا ديلاتر، تنبه إلى نقطة مهمة تتعلق بالطموحات الشخصية لهيلي والرئيس ترامب. وقال في كلمته إن اتفاقية الدول الست مع إيران حول الأنشطة النووية راسخة ولا يجوز التنصل منها.
انتهت جلسة مجلس الأمن بدون أي بيان صحافي أو رئاسي أو حتى عناصر بيان صحافي، بل كانت ممارسة في الخطابة وفرصة للتعرف على مندوبي الدول الست الجديدة. لقد أساءت هيلي لنفسها ولمجلس الأمن بعقد مثل هذه الجلسة التي تحولت إلى شبه محاكمة لموقف الولايات المتحدة التي أقحمت المجلس في مسألة داخلية بدأت تتراجع إلى طبيعتها العادية رغم دق طبول الحرب في إدارة ترامب وبعض حلفائها في بعض عواصم المنطقة العربية.

إيران أمام مجلس الأمن: النفاق السياسي الأمريكي في أبشع صوره

عبد الحميد صيام

عبلة أحمد سعدات: لا أحد يعرف معاناة أهالي الأسرى إلا من يعيش التجربة

Posted: 06 Jan 2018 02:08 PM PST

لاهاي ـ هولندا ـ «القدس العربي»: كان من بين المدعوين للمؤتمر الرابع للجنة الأوروبية للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين الذي عقد في مدينة لاهاي الهولندية بين الثامن والعاشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، المناضلة عبلة الريماوي سعدات، زوجة المناضل أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2006 والمحكوم بالسجن مدى الحياة. فقد اقتحمت قوات الاحتلال الصهيوني سجن أريحا بعد حصار وتدمير جدران السجن، وخلال تلك العملية أقدمت على اختطاف القائد أحمد سعدات ورفاقه، وأخضعتهم للتعذيب في أقبية تحقيقها، ومن ثم قدَّمت أحمد سعدات للمحاكمة العسكرية بتهمة مقاومة الاحتلال، ولم يكن من بين هذه التهم قتل وزير السياحة الصهيوني رحبعام زئيفي.
أجرت «القدس العربي» حوارا مع عبلة الريماوي سعدات (أم غسان) حول تجربتها التي تمثل تجربة آلاف العائلات التي يقبع أبناؤها في سجون الظلم والقهر. وهنا نص الحوار:
○ أود في البداية أن تحدثيني عن ظروف اعتقال الأمين العام أحمد سعدات؟
• اعتقل زوجي أحمد سعدات (أبو غسان) عام 2002 لدى السلطة الفلسطينية ثم تم نقله إلى سجن أريحا عام 2004 بناء على طلب الأمريكان هو وخمسة من ورفاقه. وتم حجزه في أريحا بناء على اتفاق بين السلطة الفلسطينية وأمريكا وبريطانيا وإسرائيل لمدة خمس سنوات ثم تم الغدر بهم واختطفوا من سجن أريحا يوم 14 آذار/مارس 2006 وهدم السجن بكامله وتم تحويلهم إلى معتقلات داخل الخط الأخضر.

○ وهل أنتم على تواصل مع سعدات؟ وكيف يتم ترتيب الزيارات؟
• التواصل مع أحمد قليل جدا. مسموح لنا زيارة شهرية واحدة لي فقط دون غيري من العائلة، فبقية أفراد الأسرة من البنات والأولاد ممنوعون من الزيارة. أنا أحمل الهوية المقدسية لذلك أستطيع زيارته.
○ أين هو الآن في أي سجن؟
• هو الآن في سجن ريمونيم في النقب. قريب من سجن نفحة الصحراوي وبني حديثا، وهو من السجون الأكثر صعوبة وحصانة أمنية. والزيارة لهذا السجن متعبة وتستغرق يوما كاملا. نقضي 12 ساعة سفر ذهابا وإيابا، لنراه لمدة 45 دقيقة فقط. أكلمه من خلال جهاز الهاتف. هو من داخل الحاجز الزجاجي وأنا من خارجه وبيننا مسافة قصيرة بحيث لا يمكن أن ألمس يده أو أسلم عليه.
○ كيف تتم الزيارة؟
• نخرج من رام الله الساعة الثالثة صباحا ونذهب إلى القدس ومن هناك ننتقل إلى حافلة صغيرة تابعة للصليب الأحمر الدولي. تستغرق الرحلة من القدس إلى ريمونيم ثلاث ساعات. ثم ننتظر ساعتين أو ثلاث حتى يأتي دورنا للمقابلة حسب نفسية الجنود الذين يتلذذون بتعذيبنا وقهرنا حتى في زيارة إنسانية بسيطة. يسمح لكل 25 أسيرا الخروج للزيارة دفعة واحدة وبعد 45 دقيقة تقطع خطوط الهاتف وتغلق النوافذ الزجاجية آليا فيخرج الزوار ثم ينادى على الدفعة الثانية وهكذا. ونعود بعد ذلك في رحلة تستغرق ثلاث ساعات. أبنائي لا يستطيعون زيارة والدهم. كبروا وهو بعيد عنهم. معاناة أهالي الأسرى متواصلة ليل نهار، ولا أحد يحس بها ويعرف مراراتها إلا من جربها. حتى بعد خروج الأسير تبقى المعاناة متواصلة، لأن الأسير المحرر يبقى يترقب عودته مرة أخرى إلى السجن. فأحمد دخل السجين أكثر من ثماني مرات قبل المرة الأخيرة.
○ حدثيني عن أحمد الإنسان.
• أحمد دائماً يتمتع بمعنويات عالية. إنه مثال للمناضل الفلسطيني الحقيقي. يقول إن المناضل يتابع مسيرة نضاله أينما كان، وهو يعتبر السجن مرحلة أخرى من النضال ولكن بوسائل وأهداف أخرى.
○ هل يقوم خبراء حقوق الإنسان بزيارة هذه السجون للاطلاع على أحوال المعتقلين؟
• خلال تضامننا مع الأسرى من خلال حملة «الحرية لأحمد سعدات» نستقبل عادة بعض الخبراء والحقوقيين. وقد زارنا مرة سبعة برلمانيين أجانب معظمهم من أوروبا. حاولوا زيارة الأسرى والسجون فمنعتهم السلطات الإسرائيلية وحاولوا ان يصلوا إلى غزة ومنعوهم كذلك.
○ وهل هناك وعي بقضية الأسرى على مستوى الشارع الفلسطيني؟
• قضية الأسرى من أهم جوانب القضية الفلسطينية. خذ قضية القدس أو الأرض، من الذي سيحمي القدس أو يحرر الأرض؟ هم هؤلاء المناضلون. كثير من المناضلين يدفعون أرواحهم أو يقبعون في السجون دفاعا عن قضيتهم. المخطط الصهيوني الأمريكي ومن معهم من المتواطئين ينص على أن يزجوا بالمناضلين في السجون لإضعاف نضال الشعب الفلسطيني وصموده وسلطته الوطنية. من يرفع راية النضال يعاقب، ويرمى في السجون. أو يحاصر أو يقتل. بعد اتفاقية أوسلو هناك من يعمل على كسر نضال الشعب الفلسطيني. الاحتلال لم يستطع ان يكسرنا، لكن الكسر جاء منا وبنا.
اعتقل أحمد مرتين أو ثلاث من البيت على يد الأمن الفلسطيني. كنت أتعجب كيف لهذا الفلسطيني أن يقتحم البيت ويعتقل مناضلا فلسطينيا. وقد كان سعدات مختفيا عن الأنظار لمدة طويلة والذي كشف وجوده رموز أمنية معروفة أخذوه للمقاطعة بحجة حمايته. وحاول المرحوم ياسر عرفات ان يبقيه إلى جانبه لكنه رفض إلا أن يكون مع الأسرى الخمسة ومن بينهم الشويكي المتهم بشراء سلاح من إيران.
○ كيف تصفين حملة « الحرية لأحمد سعدات».
• قمنا بتأسيس هذه الحملة منذ اعتقاله في أريحا بهدف تسليط الضوء على معاناة الأسرى، وبدأناها مع محامية أمريكية هي شارلوت هنز متزوجة من فلسطيني، وأعلنا عن تشكيل اللجنة التي تضم محامين وحقوقيين ورفاقا ونشطاء وبدأنا نعمل على تنظيم حملات لتسليط الضوء على قضية أحمد سعدات والأسرى بشكل عام. نحن نعرف أن حدود هذا النشاط محدود ولكننا نريد أن تبقى قضية الأسرى حاضرة في أذهان الناس. لا أترك منبرا إلا خاطبته، ولا دعوة إلا قبلتها للحديث عن أحمد وعن بقية الأسرى. القضية أكبر من أحمد. ودائما يوصيني أحمد عندما أقبل دعوة لمؤتمر أو لقاء أن أتحدث عن الأسرى وليس عن قضيته فقط. فهو يؤمن في أن البطل الفردي لا يحرر ولا ينجز بل العمل الجماعي. إنه لا يحب أن يكون موضع الحديث فقط. الحقيقة أنني أتابع مسلكياته وأخباره ليس منه بل من رفاقه المحررين الذين يزورونا في البيت من كل الفصائل بمن فيهم حماس والجهاد ويتحدثون عن أخلاقه وممارساته وتواضعه.
○ وماذا عن موقفه من إضراب الأسرى عن الطعام الذي قاده مروان البرغوثي؟
• كان مؤيدا. مروان كان يريد أن يوحد فتح، وهذا الموضوع كما يرى أبو غسان قوة للشعب الفلسطيني كله. لذلك دعم إضراب فتح ودعم موقف مروان البرغوثي، علما أن بعض الاضرابات التي قامت بها الجبهة الشعبية لم تلق التأييد والصدى من الفصائل الأخرى.
○ كيف يقضي أحمد وقته؟
• أحمد يعيش مع بقية الأسرى حياة نضالية. يعقدون جلسات تنظيمية وثقافية ويعملون على تثقيف غير المثقف، وأحد رفاق أحمد اسمه عاهد حصل على الماجستير وهو في السجن. بالنسبة لزوجي، أهم شيء عنده الكتاب. أحمل معي بعض الكتب وأحيانا يطلب هو كتابا بعينه وأعمل على تأمينه. تقوم سلطات السجن بتمحيص كل الكتب وقد ترفض إدخال كتاب ما. وقد كتب أحمد كتابا عن «العزل الإنفرادي» ويحكي قصة 18 أسيرا وضعوا في عزل إنفرادي من كل الفصائل وكان من بينهم إثنان من الشعبية أحمد ورفيق آخر. قمنا بعدة اضرابات عام 2012 إلى أن تم فك العزل الإنفرادي. كتب عن كل واحد من الثمانية عشرة، وطبع الكتاب في بيروت وإقيم احتفال بمناسبة إطلاقه، وننتظر الآن إصداره في رام الله وسنعمل على تنظيم حفل لهذا الغرض-.
○ في موضوع تبادل الأسرى مع إسرائيل، وفي صفقة التبادل مع جلعاد شاليط وضعت حماس على رأس القائمة أحمد سعدات ومروان برغوثي فما الذي حدث؟ لماذا لم يطلق سراحهم؟ وما هي رؤيتك للصفقة الجديدة التي يتم الحديث عنها الآن حيث يقال إن حماس تحتجز أسيرين وجثتين؟
• الذي حصل أنهم فعلا وضعوا إسمه على رأس القائمة وقد يكون ذلك جزءا من تسجيل مواقف. نعم كانوا جادين. وبقيت المفاوضات سنتين وحماس مصرة على إخراج البرغوثي وسعدات. لكن ضغط الدولة الوسيط (مصر) أدى في النتيجة إلى تراجع حماس وتمت الصفقة في تشرين الأول/أكتوبر 2011 وحذف اسم مروان وأحمد. والحديث الآن يدور عن صفقة جديدة وقد أكد لي أحد قادة حماس الجديين، أن أحمد سعدات سيكون على رأس المطالبين به. والخوف أن تكون هناك ضغوط خارجية فيحذف اسمه في اللحظة الأخيرة. ومن بين الأسماء المطروحة، كما عرفت، الأسير المريض وليد دقة الذي جاوز 32 سنة في المعتقل، وكريم يونس من بلدة عارة في الداخل الفلسطيني. قد تكون الصفقة أكبر لكن حركة حماس متكتمة تماما على مجريات الأمور. نحن متفائلون وقد سمعت كلاما جادا من قيادات حماس ونأمل أن نرى شمس الحرية تعود وتشرق لكل أسرى الحرية بمن فيهم رفيقي وزوجي وأبو أطفالي الأربعة أبو غسان.

عبلة أحمد سعدات: لا أحد يعرف معاناة أهالي الأسرى إلا من يعيش التجربة

عبد الحميد صيام

تونس تتخذ جملة من الإجراءات للحد من التحرش الجنسي

Posted: 06 Jan 2018 02:08 PM PST

تونس ـ «القدس العربي»: بات التحرش الجنسي بالفتيات ظاهرة لافتة في تونس في السنوات الأخيرة دفعت ببعض المنظمات الحقوقية والمدافعة عن المرأة إلى إطلاق حملات توعوية للحد أو القضاء على هذه الظاهرة شملت حتى وسائل النقل العمومي. كما دفعت هذه المنظمات البرلمان باتجاه سن قوانين وتشريعات جديدة تتضمن عقوبات زجرية رادعة للمتحرشين بالتونسيات من أهل البلد والأجانب على حد سواء.
فكثير من الرجال لا يميزون عادة بين المرأة الحرة غير المستعبدة وغير الممتهنة كرامتها والتي نالت حقوقها كاملة واقتحمت جميع الميادين جنبا إلى جنب مع الرجل، وهو حال غالبية نساء تونس، وبين المرأة التي لا تقيم وزنا للضوابط والقيم الاجتماعية والتي تبيع نفسها بأبخس الأثمان. كما أن هناك حالة من التعميم تعاني منها المرأة التونسية، إذ يتم أخذ الأغلبية بذنب القلة، ونتيجة لسلوك بعضهن تتم الإساءة للكل ويعتقد أنهن ينتمين جميعا إلى فئة من البشر لا يخلو منها مجتمع في هذا العالم بما في ذلك المجتمعات التي يدعي أهلها التقوى والورع وإتباع «الشريعة».
ولعل الأزمة الأخيرة التي حصلت بين تونس ودولة الإمارات والتي منعت خلالها شركة طيران الإمارات نساء تونسيات من استخدام إحدى طائراتها، وردت الدولة التونسية بتعليق عمل شركة طيران الإمارات في تونس، هي التي أعادت إلى السطح هذا الملف. إذ اعتبر البعض أن ما حصل للتونسيات من منع في مطار تونس من ركوب الطائرة الإماراتية ومن ايقاف لنساء تونسيات رفقة أفراد عائلاتهن في مطار دبي واضطرارهن للانتظار لساعات طويلة دون مبرر هو نوع من أنواع التحرش وامتهان لكرامة المرأة دون مبررات مقنعة.

ظاهرة عامة

ولا يقتصر التحرش على التونسيات، إذ بدا وكأن الحالة عامة وتشمل مختلف البلدان العربية وربما العالم، خاصة بعد أن نشرت نسوة عربيات على مواقع التواصل الاجتماعي شهادات حية عن تعرضهن للتحرش. واعتبر النشر في حد ذاته خطوة هامة في مجتمعات محافظة تضطر العادات والتقاليد المرأة فيها إلى السكوت عما يتعرضن له درءا للفضائح.
كما أن حملة التوعية بالتحرش التي دعت إليها الممثلة الأمريكية أليسا ميلانو من خلال هاشتاغ «أنا أيضا» ساهمت في حصول حركة على مستوى العالم للتصدي لظاهرة التحرش الجنسي. ولعبت فضيحة المنتج الأمريكي هارفي وينستون المتهم بالتحرش بالفنانات، دورا بارزا في ظهور هذه الحملة التي لقيت موجة من التعاطف منقطعة النظير.
وتبقى أشهر فضائح التحرش الجنسي فضيحة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون مع متدربة البيت الأبيض مونيكا لوينسكي والتي كادت أن تؤدي إلى نهايته سياسيا. فقد كان الرئيس الأمريكي الأسبق مهددا بالخروج من البيت الأبيض قبل نهاية ولايته الثانية وتم الحديث يومها عن فخ نصبه اللوبي الصهيوني الأمريكي لرئيس بلاده حتى لا يمضي قدما في مفاوضات السلام المتعلقة بالشرق الأوسط ويجبر الكيان الصهيوني على الانخراط فيها.
ويتساءل البعض في هذا الإطار عن أحوال العالم العربي الأكثر انغلاقا وكبتا، إذا كان هذا حال البلدان الغربية المنفتحة والتي ترسخت فيها المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وإلى متى سيبقى هذا الموضوع من التابوهات التي يحظر الحديث فيها الأمر الذي يعرض المرأة العربية إلى مخاطر جمة من رب العمل وكل من له سلطة معنوية عليها وحتى خارج العمل، أي في الشوارع ووسائل النقل العمومي؟

نضال حقوقي

بلقيس مشري الناشطة الحقوقية النسوية ونائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سابقا، أكدت في حديثها لـ «القدس العربي» ان المجتمع المدني التونسي، وخاصة جمعية النساء الديمقراطيات، خاض نضالا واسعا من أجل مناهضة العنف ضد المرأة وخاصة التحرش الجنسي. ولفتت إلى ان هذه الظاهرة عامة وتنتشر بشكل لافت في الفضاء الخاص والعام على حد سواء. وأضافت: «صحيح ان الكريديف (مركز البحوث والدراسات والتوثيق حول المرأة) هو من أطلق هذه الحملة مؤخرا، ولكننا نبهنا كناشطات لهذا النوع من العنف ضد المرأة والذي يتفشى بشكل لافت وزاد أكثر بعد الثورة».
وأضافت: «لقد صدر قانون في العهد السابق حول حماية المرأة من التحرش الجنسي لكنه لم ينصفها كليا، خاصة ان من الصعب في مجتمعاتنا إثبات عملية التحرش، ونحن قمنا بحملات عديدة وانطلقنا حتى إلى مستشفيات للوقوف على حالات انتشار التحرش الجنسي، وقد سجلت إحدى المستشفيات في تونس تعرض طبيب لزميلاته بالتحرش والاعتداء عليهن مرات عدة إلى ان تشجعت إحداهن مما دفع الأخريات إلى الكشف عن أطوار الحادثة وتقدمت بشكوى إلى جمعية النساء الديمقراطيات آنذاك».
واعتبرت ان هذه ظاهرة موجودة، خاصة في الإدارة ويصل التحرش إلى محاولة الاعتداء على النساء جسديا واغتصابهن في بعض الأحيان. وقالت ان المشكلة في مجتمعاتنا هو أن هناك صمتا إزاء هذه الظاهرة وغالبا ما تلجأ الضحية إلى السكوت خوفا من نظرة المجتمع لكن الآن وقع تغيير في تعاطي النساء مع هذه الاعتداءات، وبدء الحديث عن هذه الحالات يخرج إلى العلن ونحن في «نساء ديمقراطيات» قمنا بمحاضرات للتوعية».
وتضيف الناشطة الحقوقية التونسية انه بعد الثورة صدر الدستور الجديد الذي فرض عقوبات تصل إلى السجن بحق المتحرش مع دفع غرامة وعقوبة مالية. وقالت: دخل هذا القانون حيز التنفيذ لكن لاحظنا ان حالات التحرش في وسائل النقل العمومي لم تتوقف بعد الثورة، لذلك هناك جدل حاد في مجلس النواب اليوم حول كيفية التصدي لهذه الظاهرة بطرق أخرى، ولعل أهمها ادخال مادة التثقيف الجنسي في المدارس منذ المرحلة الاعدادية من أجل توعية التلاميذ بكل ما له علاقة بالثقافة الجنسية وحرمة جسد الأطفال». وتتابع: «نستذكر هنا المواطنة مريم التي اغتصبها أمنيون ولولا وقفة المجتمع المدني في عدة جلسات أمام المحكمة لتحولت من ضحية إلى متهمة، لأن من اعتدى عليها أراد تحويلها إلى جانية، فدائما المرأة في مجتمعاتنا هي التي تعاقب ويجرمونها بسبب لباسها ولا يمكن التصدي لهذه الظاهرة سوى بالتثقيف الجنسي والتوعية».

الضرب بقوة

وفي إطار الحفاظ على كرامة المرأة التونسية وحمايتها والضرب بقوة على المتحرشين بها من التونسيين وغير التونسيين أقر القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة وتحديدا في فصله 17، العقاب بالسجن مدة عام، كل من يعمد إلى مضايقة امرأة في مكان عمومي، بكل فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تنال من كرامتها أو تخدش حياءها. كما يعاقب القانون بغرامة مالية قدرها ألفي دينار، كل من يتعمد التمييز في الأجر عن عمل متساوي القيمة على أساس الجنس، وتضاعف العقوبة في صورة العود والمحاولة موجبة للعقاب.
وأقر القانون المشار إليه أيضا الترفيع في العقوبات الواردة بالقانون الجزائي التونسي كلّما كان لمرتكب العنف ضد المرأة سلطة عليها. ومن بين من لهم سلطة، رب عمل المرأة أو من كان أعلى منها في الهرم الوظيفي وتأتمر المرأة المتحرش بها بأوامره، وكذا الأستاذ على تلميذته أو طالبته التي يقوم بتدريسها وغيره.
ورأى البعض أن شركة الطيران الإماراتية التي منعت التونسيات من امتطاء طائراتها ينطبق على من اتخذ فيها القرار، النص الجزائي المشار إليه ويمكن مقاضاة أفرادها لدى المحاكم التونسية. فالجريمة حصلت على الأراضي التونسية ويمكن في هذا الإطار تطبيق النص القانوني التونسي وإثارة اختصاص المحاكم المحلية رغم أن جنسية الطرف المعتدي غير تونسية، كما يمكن التشكي بالناقلة الإماراتية على أساس الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطيران. ويشار إلى أن هذا القانون قد جرم أفعالا لم تكن مجرمة سابقا في القوانين في إطار حماية المرأة ودفاعا عن كرامتها، مثل جريمة مضايقة امرأة في مكان عمومي، وجريمة التمييز في الأجر على أساس الجنس. وهناك جرائم أخرى تم التنصيص عليها ما جعل البعض يعتبر هذا القانون ثورة حقيقية تكريسا للمساواة بين الجنسين وحماية للمرأة التونسية التي يبدو أنها باتت مستهدفة وتشن عليها حملات تشويه من قوى رجعية محلية وخارجية يزعجها ما باتت تتمتع به من حقوق.
وقد فرض القانون التونسي الجديد على وكيل الجمهورية (ممثل النيابة العمومية في المحاكم الابتدائية) أن يكلف مساعدا له أو أكثر بتلقي الشكاوى المتعلقة بالتحرش ضد المرأة ومتابعة الأبحاث فيها إلى جانب تخصيص فضاءات مستقلة داخل المحاكم الابتدائية تضم القضاة المختصين بقضايا العنف ضد المرأة على مستوى النيابة العمومية والتحقيق وقضاء الأسرة. كما فرض القانون إحداث وحدة مختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة، بكل منطقة أمن وطني وحرس وطني في كل الولايات ويجب أن تضمّ من بين عناصرها نساء.
ويعتبر المحامي التونسي صبري الثابتي في حديثه لـ»القدس العربي» أن القانون الجديد المتعلق بحماية المرأة من التحرش وكل أشكال العنف، هو قانون هام ورد فعل طبيعي على حملة التشويه الذي تتعرض لها المرأة التونسية في السنوات الأخيرة. وما يلاحظ هو أن المشرع كان صارما من خلال التوسع في الأفعال المجرمة حماية للمرأة التونسية ومن خلال فرض إجراءات على النيابة العمومية أن تقوم بها تتبعا للمتحرشين سواء أكانوا تونسيين أو عربا أو أجانب.

التحرش الجنسي

ويعرف المشرع التونسي التحرش الجنسي أنه كل اعتداء على الغير بأفعال أو إشارات أو أقوال ذات طبيعة جنسية من شأنها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه، وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغبات المتحرش أو رغبات غيره الجنسية أو بممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الأفعال.
كما يعتبر البعض استهداف المرأة بالعنف اللفظي والجسدي وإهانتها على أساس الجنس أو إهانة شعب بأسره من خلالها أو تعريضها لضغط عصبي ونفسي، أفعالا تدخل في باب التحرش. وبالتالي فإن هذه الأفعال تدخل تحت طائلة العقوبات التي أقرها القانون التونسي الجديد المتعلق بالعنف ضد المرأة.

التحرّش في وسائل النقل العمومية

أعلن مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة «الكريديف» بالتعاون مع شركة نقل تونس عن إطلاق حملة توعوية ضدّ التحرّش في وسائل النقل العمومية يوم 25 أيلول/سبتمبر الماضي.
وقالت المديرة العامة للمركز، دلندة الأرقش الهدف من هذه الحملة هو التحسيس بخطورة هذه الظاهرة وكسر ثقافة الصمت والحث على التبليغ عن مثل هذه الانتهاكات.
وأضافت أن الدراسة التي أجراها المركز سنة 2015 تشير إلى أن 53.5 في المئة من النساء المستجوبات (من بين 3000 امرأة) من كامل تراب الجمهورية ومن كل الشرائح العمرية تعرّضهن للعنف في الفضاءات العامة.
وأوضحت أن القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة ينص في الفصل 17 على فرض خطية تتراوح بين 500د و1000 د ضدّ كل من يضايق امرأة في الفضاء العام.

تونس تتخذ جملة من الإجراءات للحد من التحرش الجنسي
ظاهرة باتت شائعة في مختلف المجتمعات
روعة قاسم

حكاية «النأي بالنفس» للحكومات اللبنانية والمخرج اللفظي!

Posted: 06 Jan 2018 02:07 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: من باب خرق «حزب الله» لمبدأ «النأي بالنفس» استقال رئيس الحكومة سعد الحريري، ومن باب تأكيد الالتزام بـ«النأي» عاد عن الاستقالة. بات تعبير «النأي بالنفس» يتداوله الصغار والكبار ومصطلحاً مُلازماً للسياسة الخارجية اللبنانية، وإنْ كان قولاً لا فعلاً وشكلاً لا مضموناً.
في الأصل، كان حزب الكتائب اللبنانية بزعامة بيار الجميل من الداعين الدائمين لاعتماد لبنان سياسة «الحياد الإيجابي». ويعود ذلك إلى الرغبة في تحييد لبنان عن الصراع العربي – الإسرائيلي الذي دفع فيه هذا البلد ثمناً أكبر من قدرته، خصوصاً بعدما انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان وتوقيع لبنان «اتفاق القاهرة» لتنظيم الوجود المسلح الفلسطيني.
لم يشق هذا المطلب طريقه إلى حيز التنفيذ بفعل رفض قوى لبنانية عدة له، لكنه بقي على الدوام مطلباً رئيسياً للمسيحيين وللكنيسة المارونية بشكل عام.
في السابق كان شعار «قوة لبنان في ضعفه» السمة الغالبة. عقب تنامي دور المقاومة في لبنان التي بدأت علمانية وانتهت إسلامية لظروف عدة، وعقب انسحاب إسرائيل من جنوبه عام 2000، أصبح هذا الشعار مدار سخرية لدى شريحة من اللبنانيين يعتبرون أن قوة لبنان في معادلته الذهبية «جيش وشعب ومقاومة»، وهي المعادلة التي أمنت الغطاء الشرعي لوجود سلاح «حزب الله»، والذي ارتدّ على الداخل اللبناني في 7 أيار/مايو 2008 ولا يزال يتحكم به.

الفرصة الضائعة!

مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري في لبنان وبروز الانقسام العامودي، عاد المطلب إلى الواجهة، وعمل رئيس الجمهورية في ثمانينات القرن الماضي أمين الجميل الإبن على الدفع قدما لتبني سياسة الحياد كي يصبح شعار «قوة لبنان في الحياد الإيجابي» السمة الجديدة، غير انه بقي يصطدم بالرفض، رغم أن المفهوم القانوني لـ»الحياد الإيجابي» لا يعني الابتعاد عن مناصرة القضايا العادلة بل الابتعاد عن سياسة المحاور.
لكن مفهوم «الحياد» بحد ذاته يشكل «نقزة سياسية» لدى كثير من الأطراف الداخلية ربما بفعل ارتباطاتها الخارجية، ذلك أنه يُعبر عن سياسة متكاملة للدولة تحتاج إلى التزام صارم وإجراءات وتعهدات تشمل الدول المجاورة لها واعترافاً دولياً.
لبنان الذي عُرف بـ«سويسرا الشرق» يطمح بعض أبنائه إلى استكمال تمثله أو تماهيه بسويسرا الغرب، الدولة الحيادية الأولى في العالم. هو طموح مشروع دون شك، لكنه ليس طموح جميع اللبنانيين، ودونه عقبات سياسية كثيرة.
غير أن اشتداد حدة الانقسام الداخلي على وقع التطورات الإقليمية والدولية جَعَل لبنان على مفترق طرق، فكان أن اجتمعت «هيئة الحوار» التي تضم مختلف الأطياف السياسية برئاسة رئيس الجمهورية يومذاك ميشال سليمان في 11 حزيران/يونيو 2012، وخرجت بما يُعرف بـ«إعلان بعبدا» الذي شكّل نوعاً من الاتفاق السياسي أو ملحقاً لـ»اتفاق الطائف» نصّ على تحييد لبنان. لكن بعضاً من الزعامات والقيادات يتجنب ذكْر هذا الإعلان الذي تبناه مجلس الأمن الدولي والمجموعة الأوروبية والجامعة العربية، بعدما قال «حزب الله» للبنانيين بالعامية «بلو واشربو ميتو» يوم تم انتقاده على خرق «إعلان بعبدا» بانخراطه في الحرب السورية.
الخشية، من جهة، و«الكيدية السياسية» لبعض القوى، من جهة ثانية، تُغيّب الإشارة إلى «إعلان بعبدا» الذي تؤكد عليه على الدوام المنظومة العربية والمجتمع الدولي ويغيب معها تعبير «التحييد» ليحل مكانه تعبير «النأي بالنفس».
في الاعتقاد السائد لبنانياً، أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي تشكّلت على أنقاض الإطاحة بحكومة الحريري الأولى عام 2011، هي من أدخل تعبير «النأي بالنفس» إلى القاموس السياسي اللبناني. والرئيس ميقاتي الذي دأب على الدوام إلى الاستعانة بجملة «أنأى بنفسي» ولاسيما في الأزمة السورية، ينتابه الفخر بأن الحكومات التي تلت حكومته تعتمد التعبير نفسه.

غضب إيران وأمريكا

لكن التدقيق في هذا الموضوع يؤول إلى الاستنتاج أن هذا التعبير حول سياسة «النأي بالنفس» قد تعمّم في زمن حكومة ميقاتي التي تمّ «إعلان بعبدا» في زمنها، إنما استُخدم للمرة الأولى أيام الحكومة الأولى للحريري.
ففي العام 2010، كان لبنان يمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن، وجرى طرح مشروع قرار بعقوبات جديدة على إيران. فوقعت الحكومة في مأزق لم يكن في حسبانها. التصويت مع العقوبات سيؤدي دون شك إلى «7 أيار جديدة» لأن إيران سترد عبر ذرائعها السياسية والعسكرية في لبنان. والتصويت ضد القرار سيخلق غضباً أمريكياً على لبنان. فكان المخرج أن يتم عرض الموضوع على مجلس الوزراء للتصويت، بحيث يحصل على أصوات متساوية بين المؤيدين والمناهضين، بما يؤدي إلى اتخاذ قرار بامتناع لبنان عن التصويت.
حين حصل التصويت في جلسة مجلس الوزراء وتساوت الأصوات، طلب رئيس الجمهورية من وزير الخارجية أن يبلّغ سفير لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة آنذاك نواف سلام أن لبنان «ينأى بنفسه» عن التصويت، بمعنى أنه بين الخيارات الثلاثة: الموافقة أو الاعتراض أو الامتناع، فإنه سيذهب إلى الخيار الثالث – خيار الامتناع.
وهكذا، جنب لبنان نفسه من المأزق. مرّ القرار 1929 الذي فرض «قيوداً جديدة على الاستثمارات الإيرانية وحظراً على بيع إيران بعض الأسلحة الثقيلة كدبابات وطائرات ومروحيات قتالية ووسع لائحة الأفراد والكيانات الإيرانية التي تطاولها العقوبات من دون أن يكون لبنان مؤثراً سلباً أو مشاركاً ومؤيداً للقرار»، مما وفّر رضى أمريكياً وإيرانياً في آن.
تعريف «النأي بالنفس» هو الامتناع عن القيام بعمل ما أو التدخل في مسألة ما. وهو في رأي، مستشار رئيس الجمهورية السابق بشارة خير الله، مبدأ يتم اعتماده خدمة لسياسة التحييد التي هي سياسة عامة تتخذها الحكومة كفعل إرادي من ذاتها. فالتحييد كسياسة قد يتطلب أحياناً كثيرة موقفاً بالنأي بالنفس وأحيانا أخرى موقفا بالانخراط أو موقفاً صارماً أو رافضاً، فيتم اتخاذه من أجل ضمان سياسة التحييد.

التحييد في زمن الثورة

البند 12 من «إعلان بعبدا» نص على «تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلْمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة المحقّة، بما في ذلك حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم».
انتهاج مبدأ «التحييد» يومها لم يُحدث «رعباً سياسياً». أتى على خلفية «الثورة السورية» التي دعمتها قوى الرابع عشر من آذار. كانت الثورة لا تزال في بداياتها، وحين بدأت تتعسكر، ونظراً إلى تماس الحدود السورية بغالبيتها مع المناطق السنيّة، كانت مصلحة «حزب الله» في تبني القوى اللبنانية سياسة التحييد التي من شأنها أن تقطع الطريق على إمكانات انخراط الشبان السنة في صفوف المعارضة السورية. ولم يشكل أنزعاجاً لدى الأطراف المؤيدة لخط «الاعتدال العربي» بل قبولاً، لأنه لا يؤثر على موقع لبنان كجزء لا يتجزأ من الاجماع العربي ومن المنظومة الدولية.
ويروى خير الله «أن إعلان بعبدا هو الذي كان الدافع وراء إنشاء المجموعة الدولية لدعم لبنان، التي تألفت من أجل مساندة لبنان في انتهاج هذه السياسة». وقد حرصت المجموعة في اجتماعها الأخير في باريس بعد عودة الحريري في حكومته الثانية عن استقالته في السادس من كانون الأول/ديسمبر الماضي على دعوة «جميع الأطراف اللبنانية إلى تنفيذ سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الخارجية وعدم التدخل فيها» وإيلاء المجموعة «أهمية كبيرة لهذا الأمر، وفقا لما ورد في الإعلانات السابقة وتحديدا في إعلان بعبدا لعام 2012».
على أن سياسة «النأي بالنفس» كتعبير معدّل لسياسة «التحييد»، والتي يُفترض أن يكون وليد اقتناع فعلي لدى مختلف القوى بما يؤمن مصلحة لبنان العليا، لا تعدو كونها مخرجاً لفظياً عند نشوء أزمة لها علاقة بالصراع الإقليمي، وتحديداً المواجهة السعودية – الإيرانية أو الأزمة السورية.

حبر على ورق

فرئيس الجمهورية الحالي ميشال عون كان أكد في خطاب القسم «ضرورة إبتعاده عن الصراعات الخارجية» وتبنّت ذلك حكومة الحريري التي تضم ممثلين لحزب الله، لكن ذلك بقي حبراً على ورق. هكذا كان ويبقى ويستمر/ وفق كثير من المراقبين المتشائمين.
فحين رأى «حزب الله» ضرورة انخراطه عسكرياً وبشكل مُنَظم وفعال في الحرب إلى جانب النظام، نفض يده من «إعلان بعبدا» وسياسة «التحييد» و«النأي بالنفس» وكل التعابير الأخرى التي قد تعوق وجوده في سوريا أو تدينه. وحين رأى أمينه العام حسن نصرالله أن «عاصفة الحزم» في اليمن تتطلب توليه شخصياً المعركة الإعلامية المساندة للحوثيين لم يتوان عن ذلك، وحوّل منابر بيروت وصحافتها وإعلامها المحسوب عليه ساحة شتم على السعودية وقادتها.
ولا يقف الأمر عند حدود الدعم الإعلامي بل يتعداه ومنذ سنوات إلى الدعم العسكري واللوجستي والعملاني، الذي استمر على تصاعد مع العهد الجديد، ومع الحكومة التي ألفها الحريري ما جعل الرياض تنظر إليها على أن حكومة تؤمن الغطاء لـ»حزب الله» ومشروعه في المنطقة ولاستهدافه المباشر للمملكة عبر مشاركته العسكرية في اليمن وإشراف خبرائها على الهجمات على الحدود اليمنية – السعودية وعلى إطلاق الصواريخ البالستية.

تراجع تكتيكي

بدا واضحاً أن على «حزب الله» أن يتراجع بعدما أطاحت السعودية بحكومة الحريري عبر استقالته من الرياض. تراجع تكتيكياً بما أفسح المجال أمام رئيس الحكومة إبن المملكة للعودة عن استقالته بضمانة فرنسية من إيران وبمواكبة مصرية، وأشّر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قبل أسابيع إلى ضمانة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي هو أحد طرفي «الثنائية الشيعية» المتمثلة بـ«حزب الله» بزعامة نصرالله و«حركة أمل» بزعامة بري.
ولكن سريعاً انقض «حزب الله» على «التسوية المُجَددة». فما أن مرّ قطوع الحريري وعاد على استقالته بعد «تجديد التسوية الرئاسية»، التي لم تتكشف بعد مساراتها المُعدّلة، حتى رجع «حزب الله» إلى خرق «النأي بالنفس» سواء إعلامياً من طهران على لسان نائب نصرالله الشيخ نعيم قاسم أو عملياً بزيارة كل من قائد «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي أحد قيادات الميليشيات العراقية في الحشد الشعبي وقائد لواء الباقر السوري أبو العباس إلى الحدود اللبنانية – الإسرائيلية في رسالة واضحة بتوقيع إيراني لواشنطن عبر إسرائيل، أو سواء سياسياً على لسان نصرالله نفسه الذي أعلن أخيرا أن الحرب اليمنية طويلة لأن السعودية تريد نصرا مدرجاً بالدم أو إعلانه عن التحضيرات التي يقوم بها «محور المقاومة» ضد إسرائيل في الحرب الكبرى التي ستشهد مجيء مئات الآلاف من المقاتلين من المحور الممتد من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان وفلسطين المحتلة والذي أضاف إليه حوثيي اليمن، معلناً أن عبد الملك الحوثي أبلغه أنه على استعداد لارسال عشرات الآلاف من المقاتلين اليمنيين. خروقات شهد لبنان ردأ رسمياً من رئيس الحكومة في بدايتها، حين ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو الخزعلي «يتمخطر» على «بوابة فاطمة» عند الحدود. طلب يومها تحقيقاً وإتخاذ إجراءات أمنية ومنع دخول الميليشياوي العراقي، وتوقف بعد ذلك. فإذا أراد أن يسجل موقفاً على كل خرق، سيكون عليه التفرغ. هي صورة هزلية عن واقع السلطة اللبنانية العاجزة!
يتحدث نصرالله وكأن لا دولة لبنانية ولا جيش ولا حكومة ولا من رئيس جمهورية يُطلق عليه تسمية «الرئيس القوي»، إنما الواقع يدل على تلك «الحقيقة المرة» لكثيرين، إذ تبدو الدولة ومؤسساتها في حالة عجز مع صمتها المطبق تراهن على عوامل الزمن الذي قد لا يأتي، وإن أتت فقد تكون متأخرة وتكون تكرست كل الاختلالات في التوازنات السياسية، بحيث عندها قد تصبح سياسة «النأي بالنفس» من الأحلام الوردية للبنانيين غير قابلة التحقّق. هو زمن يتغيّر ويتبدل، لكن التغيير عندما يكون على حساب هيبة الدولة ومكانته وسلطتها، فإنه لا يحتاج إلى كبير عناء لمعرفة مآلاته.
«نأي بالنفس» أو «تحييد» أو «إعلان بعبدا» أو حتى «حياد ايجابي» سياسات وتعبيرات ومبادئ لا يعود لها مكان وسط الصراعات الكبرى والحروب المُدمرة التي تكون الشعوب وحدها الضحية على الدوام!.

حكاية «النأي بالنفس» للحكومات اللبنانية والمخرج اللفظي!

رلى موفق

عاصمة الإمبراطوريات الغابرة

Posted: 06 Jan 2018 02:07 PM PST

«المدائن» مدينة صغيرة تقع على مقربة من العاصمة بغداد وتبعد عنها حوالي 35 كم. هي مركز قضاء تابع إداريا لمحافظة بغداد وتتبع هذا القضاء أربع نواحي، هي ناحية سلمان باك وناحية جسر ديالى وناحية الوحدة وناحية النهروان، ويقدر عدد سكان قضاء المدائن بحوالي 450 ألف نسمة، وتمثل الزراعة النشاط الأبرز للمدينة كما تمثل النشاطات التجارية المرتبطة بالسياحة الدينية والآثارية نشاطا ملموسا في المدينة.
وحملت «المدائن» عدة أسماء على مر تاريخها الطويل الذي يقدر بحوالي 2500 سنة، حيث يتم بناء مدينة جديدة على مقربة من بقايا المدينة الأقدم، فهي سلوقية الاغريقية الهلنستية التي بناها أحد القادة الثلاثة الذين ورثوا إمبراطورية الاسكندر الأكبر سلوقوس نيكتار الذي أسس دولة كبرى حكمت الجزء الشرقي من إمبراطورية الاسكندر الذي كان يمتدّ مـن سـوريا وبلاد ما بـيـن الـنّـهـريـن وبلاد فارس إلى الهـند. وعلى مقربة منها بنى الفريثيون الفرس مدينتهم التي عرفت باسم قطيسفون أو طيسفون أو كتيسفون التي أصبحت عاصمتهم حتى سيطر الساسانيون على العراق فصارت طيسفون عاصمتهم الشتوية بينما مدينة أصطخر القريبة من برسيبوليس عاصمتهم الصيفية حتى الفتح الإسلامي الذي أطاح الإمبراطورية الساسانية.
وبعد الفتح الإسلامي، ونتيجة لكون المدينة تضم مجموعة مدن (طيسفون، وسلوقيا، وميناء اوبيس النهري) لذلك أطلق عليها العرب تسمية «المدائن»التي يقال انها كلمة ذات أصل آرامي تعني المدن، وعاش فيها الصحابي الجليل سلمان الفارسي، الذي كان عامل الخليفة عمر بن الخطاب (رض) على المدائن، ومات ودفن فيها، لذلك أخذت المدينة اسم الصحابي الجليل عند العراقيين المعاصرين حيث باتت تعرف باسم «سلمان باك» أي سلمان الطاهر، وأصبحت منتجعا يبعد حوالي 35كم جنوب شرق العاصمة بغداد، حيث كان البغداديون يذهبون مع إطلالة الربيع إلى بساتين المدائن ويزورون ما تبقى من قصر كسرى المعروف باسم «طاق كسرى» ويزورن أيضا مراقد الصحابة الأجلاء سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن جابر الأنصاري المدفونين في هذه المدينة، وقد أصبح شعار هذه السفرات العائلية أهزوجة أو أغنية بغدادية تتردد في سفراتهم هي؛ «الما يزور السلمان عمره خسارة وندمان» حيث يتغنون بها وهم يرقصون رقصات «الجوبي» و»الساس» على ألحان العازفين على الربابة والطبل.

سلوقيا دجلة العاصمة الأولى

استقل سلوقس نيكاتور (أي المنتصر) بالجزء الشرقي من إمبراطورية الاسكندر بعد ان شب الخلاف بين قادته الثلاثة، وقد امتدت الدولة السلوقية من الشام وشملت العراق وإيران وأرمينيا وآسيا الصغرى حتى الهند، وقد استمرت مدينة بابل بمكانتها الكبيرة كعاصمة للدولة الناشئة لبضع سنوات، ثم ارتأى سلوقس نيكاتور أن يبني له عاصمة جديدة تكون رمزا لإمبراطوريته، فاختار المكان الذي يتوسط مملكته قرب ميناء قديم عرفه اليونانيون هو ميناء أوبـيـس على نهر دجلة (جنوب مدينة بغداد قرب مدينة المحمودية اليوم) فأسس مدينة سلوقيا التي أطلق عليها هذا الاسم نسبة للامبراطور سلوقس، وقد جلب لها البنائون والحرفيون وأهم التجار والصناع من مدينة بابل، ولان من عادة الفاتحين الاغريق بناء عدة مدن في البلاد التي تفتح بالاسم نفسه، لذلك أصبح اسم العاصمة «سلوقيا دجلة» تميزا لها عن بقية المدن التي تحمل الاسم نفسه، لكن سلوقس لم يطق صبرا على مفارقة البحر وهو اليوناني الأصيل، فأنتقل ليؤسس مدينة وميناء على البحر المتوسط صارت مدينة انطاكية التي اختار اسمها تيمنا بـاسـم أبـيـه «أنـطـيـوخــوس» والتي أصبحت عاصمة صيفية للدولة السلوقية، بينما بقيت سلوقيا عاصمة شتوية للدولة يقيم فيها ولي العهد.
وأصبحت سلوقيا أهم المدن التي تنشر الثقافة الهلنستية، أي الثقافة اليونانية التي اختلطت بالحضارة الشرقية في الشرق الأدنى القديم، ونافست بذلك مدينة الاسكندرية في مصر وأثينا في اليونان عاصمتا الدولتان المنافستان، وأهم ما يميز سلوقيا انها لم تكن مدينة يونانية بالمعنى الحرفي للكلمة، بل كانت مدينة ذات بصمة عراقية واضحة في نمط العمارة ومواد البناء المختلط بالهندسة اليونانية وربما كان أوضح مثال لذلك الملعب اليوناني في قلب مدينة سلوقيا.

طيسفون العاصمة الثانية

عندما أطاح الفريثيون الفرس بالدولة السلوقية بعد حوالي 200 عام على تأسيسها، احتلوا عاصمتهم الشرقية سلوقيا عام ( 139 ق.م) واستمروا باتخاذها عاصمة لهم، ثـمّ قرر الملك الفريثي مـثـريـدات الـثّـاني (حـكـم مـن 123ق.م إلى 88 ق.م) أن يـشـيـد لـه عـاصـمـة جـديـدة هي طـيـسـفـون، في الـضّـفـة الـمـقـابـلـة لـسـلـوقـيـا دجـلـة، حـكـم مـنـهـا كـلّ دولـتـه. ويذكر صباح الناصري في دراسة له عن مدينة سلوقيا «ورغـم سـقـوطها بـأيـدي الـفـريثـيـيـن، فـقـد ظـلّـت سـلـوقـيـا دجـلـة مـديـنـة مـزدهـرة. ويـذكـر الـمـؤرخ الـرّومـاني بـلـيـنـيـوس الأكـبـر (الّـذي عـاش مـن سـنـة23م إلى سـنـة 97م) أنّ جـمـارك الـمـديـنـة كـانـت مـا تـزال بـأيـدي سـكـانـهـا مـن الإغـريـق في زمـنـه، وأنّ عـدد سـكـانـهـا كـان يـقـارب 600 ألـف يـحـكـمـهـم مـجـلـس شـيـوخ عـدد أعـضـائـه 300». وبـعـد أن أسـقـط الـمـلـك الـفـارسي الـسّـاسـاني أردشـيـر الأوّل دولـة الـفـريثـيـيـن عـام 224 م، أصـبـحـت طـيـسـفـون عـاصـمـة الـدّولـة الـسّـاسـانـيـة الشتوية. وظّـلـت كذلك حـتّى الـفـتـح الإسـلامي بعد معركة القادسية عـام 636 م. الّـذي أسـقـط آخـر مـلـوكـهـم يـزدجـرد الـثّـالـث.

مدينة المدن

عندما أطاح العرب بالإمبراطورية الساسانية واحتلوا عاصمتهم الشتوية طيسفون، أقاموا ما عرف بمدينة «المدائن» المكونة من مدينتين على ضفتي نهر دجلة هما سلوقيا على الضفة الغربية وطيسفون على الضفة الشرقية، واصبحت المدينة مركزا تدار منها الفتوحات الشرقية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وبالرغم من تأسيس مدن عربية جديدة هي مدينتا الكوفة والبصرة، لكن بقيت «المدائن» المدينة الأهم في العراق في بداية حقبة الفتوحات، وقد ولى الخليفة الثاني عليها أحد أحب الصحابة إلى رسول الله (ص) وهو سلمان الفارسي الذي قال عنه الرسول (ص) في حديث صحيح «سلمان منا آل البيت» الذي عاش في المدائن وتوفي ودفن فيها عام 34 هجرية. كما دفن فيها عدد من الصحابة الأجلاء منهم حذيفة بن اليمان وعبد الله بن جابر الأنصاري. ومما يروى في أضرحة الصحابة المدفونين في مدينة المدائن، ان فيضان دجلة كان يهدد قبري الصحابين حذيفة بن اليمان (رض) وعبد الله بن جابر الانصاري (رض) لذلك ارتأت الحكومة العراقية عام 1932 ان تنقل رفاتهما إلى ضريح الصحابي سلمان الفارسي (رض)، وقد تمت عملية النقل بموكب عسكري مهيب يتقدمه الملك غازي وكبار شخصيات العراق ومنهم مفتي الديار العراقية وكبار العلماء حيث تم نقل الجَسدين الطاهرين من ضفة دجلة في المدائن إلى جوار قبر الصحابي سلمان الفارسي (رض).

ايوان كسرى بقايا القصر الملكي

في مدينة طيسفون بنى الملك الساساني خسرو الأول (حكم للفترة 531م – 578 م) قصره الملكي المهيب الذي تسمى بقاياه اليوم «طاق كسرى». وتذكر بعض الروايات ان المسلمين عندما فتحوا المدينة اتخذوا من القصر مسجدا مؤقتا. وقد وصف أطلال القصر الكثير من الرحالة والكتاب ومنهم الرحالة الفرنسية مدام ديولافوا التي زارته في رحلتها حين وصلت المدائن في 10 كانون الأول/ديسمبر 1886 وبعد ان انتقلت مـن الـسّـفـيـنـة «الـمـوصـل» التي كانت تستقلها برفقة زوجها المهندس والآثاري مارسيل ديولافوا من المحمرة إلى حلب، حيث ذهـبـت بـقـارب إلى ضـفـة الـنّـهـر لـرؤيـة طّـاق كسرى، وكـان يـحـيـطـه جـنـاحـاه، قـبـل أن يـنـهـار جـنـاحـه الأيـمـن في يـوم 15 نـيـسـان/ابريل مـن عـام 1887 وقد وصفته في كتابها قائلة؛ «شـيّـد طـاق كـسـرى بـأكـمـلـه بـالـطّـابـوق الـسّـمـيـك. واجـهـتـه طـولـهـا 91 مـتـراً وارتـفـاعـهـا 35 مـتـراً، وهي مـسـتـطـيـل هـائـل تـنـفـتـح في وسـطـه قـاعـة مـعـقـودة الـسّـقـف عـرضـهـا 35 مـتـراً. ويـصـل ارتـفـاع هـذه الـقـاعـة الـرّئـيـسـيـة إلى قـمّـة الـبـنـايـة ولـهـذا أطـلـق أهـل الـبـلـد عـلـيـهـا كـلّـهـا «طـاق كـسـرى»، وكـان عـلى يـمـيـن هـذه الـقـاعـة وعـلى يـسـارهـا أروقـة تـحـاذيـهـا، كـانـت ولا شـكّ مـخـصـصـة لـلـحـرس ولـلـحـاشـيـة وكـتّـاب الـبـلاط وكان مقر سكن الملك ومقر حكومته».
ومن الإشارات المهمة التي يجب التوقف عندها تأكيدات الآثاريين والباحثين والمعماريين مثل د. فوزي رشيد وجبرا ابراهيم جبرا والمعماري عدنان أسود، حيث أشاروا إلى أن هندسة وعمارة الطاق هي عمارة عراقية محض، بشكلها المقوس الشبيه بمضايف القصب السومرية في جنوب العراق، كما ان المواد المستخدمة في بنائه وهي الآجر البغدادي هي مواد عراقية تماما، وتختلف عما استعمله الساسانيون من عمارة صخرية في بناء عاصمتهم برسيبوليس أو اصطخر التي بنيت على أنقاضها.

التنقيبات الآثارية

ربما يجهل بعض من يعيش اليوم في «المدائن» بعضا من تاريخها العريق، ولابد من القول ان هناك قصورا كبيرا في أعمال التنقيب في هذه المدينة، ويذكرد. صباح الناصري متحدثا عن تاريخ البعثات الآثارية التي عملت في المدينة قائلا؛ لقد «عـثـر الـمـنـقّـبـون عـلى آثـار سـلـوقـيـا في عـشـريـنـيـات الـقـرن الـعـشـريـن خـلال بـحـثـهـم عـن مـديـنـة أوبـيـس، الّـتي ذكـرتـهـا الـمـصـادر الإغـريـقـيـة الّـتي تـكـلّـمـت عـن الإسـكـنـدر الـمـقـدوني في بـلاد مـا بـيـن الـنّـهـريـن». ويضيف قائلا «وقـد بـدأت الـتّـنـقـيـبـات الأمـريـكـيـة الّـتي أشـرف عـلـيـهـا وتـرمـان مـن جـامـعـة مـيـشـغـان الذي استمر بالعمل من عـام 1927حتى عـام 1932. ثـمّ نـقّـب فـي سـلـوقـيـا الآثاري هـوبـكـنـس عامي 1936- 1937. ثم قـامـت جـامـعـة تـوريـنـو الإيـطـالـيـة بـتـنـقـيـبـات في الـمـوقـع مـن 1964 إلى 1968، ومـن 1985 إلى 1989». كما يشير الناصري إلى ان «أهـم جـزء مـن مـديـنـة سـلـوقـيـا وجـد في المنطقة التي تعرف اليوم بـ (تـلّ عـمـر)، مـقـابـل طـاق كـسـرى في طـيـسـفـون، ولا شـكّ في أنّ مـعـرفـتـنـا بـهـذه الـفـتـرة الـمـهـمّـة مـن تـاريـخ الـعـراق سـتـتـحـسـن إذا مـا نـقّـب الـمـوقـع بـكـامـلـه في يـوم من الأيّام، وإذا ما أوليـناه شـيـئاً أكبر مـن الجهد والاهتمام».

عاصمة الإمبراطوريات الغابرة
مدينة «المدائن» العراقية
صادق الطائي

رغم أنه ظل عراقياً إلى نخاع العظم: السياب وعالمية الشعر

Posted: 06 Jan 2018 02:07 PM PST

مرة أخرى، بحلول الشهر الأخير من السنة، تثقل عليّ ذكرى غياب الكبار في ثقافتنا العربية من شعراء وأدباء. ليس تشاؤماً في عدم تذكّر «فهي ابتسامٌ في انتظار مبسَم جديد» كما أرادها السيّاب «في كل قطرة من المطر».
فقد بقي السياب يحمل موهبته الشعرية التي دونها موهبة قرينه في العذاب والموت المبكر، بضربة مرض السل، الشاعر الرومانسي الإنكليزي كيتس (1795 ـ 1821). ولد بدر شاكر السياب في قرية جيكور، من أعمال البصرة بجنوب العراق في 24/12/1926 وتوفي في المستشفى الأميري بالكويت في 24/12/1964 بمرض «سل ّالعظام» كما أخبرني الطبيب الأديب الفلسطيني ـ العراقي الدكتور علي كمال، الذي كان يشرف على علاجه في بغداد. ثمان وثلاثون سنة بالتمام والكمال. يا ترى ما الذي كان سيبدعُه كيتس لو امتد به العمر قليلا؟ بل ما الذي كان سيبدعه السيّاب لو نفعه العلاج في مدينة «دَرَمْ» البريطانية التي غادرها يائساً، وهو يردِّد: «دَرَمْ، بنفسي مما عراني بَرَمْ». وبعد عودته إلى العراق يائساً، تلقّفه واحد من عشاق شعره، وأدخله المستشفى الأميري في الكويت، بعد أن عجزت عن علاجه مستشفيات العراق الذي تفانى الشاعر في حبِّه، وتوفي «غريباً على الخليج» ونُقِل جثمانه بجنازة ضئيلة في يوم عاصف، من الكويت إلى مقبرة الحسن البصري في الزبير، جنوب البصرة.
كان السياب عراقيا إلى نخاع العظم منه. في شعره جميعا كان العراق حاضرا، بدءاً من جيكور، وظلال نخيلها. التصاق الشاعر بوطنه ينفي عنه صفة المحليَّة أو الإقليميَّة، إذ كان لا يعادي الأوطان الأخرى. وهذا ما نجده في شعر السياب، ويضفي عليه صفة العالمية، لأن شعره سيخاطب جميع من يحب وطنه، ويثير فيه حماسته الصحيّة للوطن.
تقول إيزابيل غارثيا لوركا شقيقة الشاعر: «أخي فيديريكو شاعر عالمي، لأنه اندلسي. لقد كان دوماً قريبا ًمن تربة موطنه». وهذا القول ينطبق على بدر شاكر السياب، الذي بقي مرتبطاً بوطنه، على الرغم مما تعرض له الوطن من هزّات، سياسية دخيلة حيناً، ومحلية في أحيان أخرى.
إذا ما ذُكِر السياب وشعره، بادر محبو الشعر للتغنّي بقصيدته الكبرى «أنشودة المطر». وقد لا يكون من باب التجاوز على ذائقة محبّي شعر السياب أن نشير إلى بعض الجوانب التي قد تُضيف إلى جمال القصيدة. ثمّة تساؤل يتردّد: هل كانت عينا إقبال حبيبة الشاعر وزوجته خضراوين ليتغزّل بهما بذلك الغزل الجميل؟ ونسأل: هل يُحاسَبُ الشاعر على صورة جميلة يتخيلها لمن يحب؟ في خمسينات القرن الماضي شاعت أغنية اسبانية/ إيطالية بعنوان «أوخوس فيرذيس» أي العيون الخضر. شاعت في أوساط الصفوة من عشاق الأغاني الأجنبية. وأحسب أن القصيدة من عمل الشاعر الأسباني القتيل، العاشق الدائم غارثيا لوركا فأنا لم أعُد أذكر كلماتها اليوم. ولكن خيال الشاعر المرهف طوّر مشهد وداع روميو حبيبته جولييت في مشهد الشرفة المعروف في مسرحية شكسبير. الوداع كان آخر الليل، وروميو لا يريد الابتعاد ولو أنه كان في خطر أن يكتشفه أهل جولييت، وهو شعور السيّاب بخطر أن يكتشف محاولتَه الهروب رجالُ السلطة، إذ كان الشاعر ملاحقاً، فقرر الهروب من وطنه مكرها، «ساعة السحر» التي لا يتبيّن فيها لون العيون لأنهما «غابتا نخيل». وهذه الخضرة في لون العينين خضرة نخيل عراقية ـ بصراوية. وهما «شرفتان» لا شرفة جولييت الواحدة، وقد «راح ينأى عنهما القمر» لأن ساعة السحر هي إيذان بنهاية الليل الذي يغني فيه البلبل، قبل غناء القبّرة عند طلوع الصباح الذي تخشى جولييت ـ إقبال طلوعه. لذا يصرّ روميو ـ السياب: «دعيني أقُل إنه البلبل/ وأن الذي لاح ليس الصباح». وهاتان العينان الخضراوان «حين تبسمان تورق الكروم/ وترقص الأضواء كالأقمار في نهر/ يرجّه المجذاف وَهناً ساعة السَحَر/ كأنما تنبض في غوريهما النجوم». الصورة «بصراوية النَّهَر» خضراء الكروم، خضراء نخيل البصرة، تغرقان في ظلام من أسى شفيف. وتستمر جماليات وصف الفراق حتى تبدأ «أقواس السحاب» التي «تشرب الغيوم… تَسحُّ ما تَسحُّ من دموعها الثقال». هنا ينتقل الشاعر من تضمين الصور الشكسبيرية إلى تضمين صور تنطوي على مخاطر قادمة، قوامها صور الشاعرة إيدث سيتويل في قصيدتها «الماكابر» بعنوان «ما زال يهطل المطر» ولكنه مطر قنابل النازي الهاطلة على لندن في الحرب العالمية الثانية. خيَّم مساء الفراق «والغيوم ما تزال/ تسحُّ ما تسحُّ من دموعها الثقال»، ثقل قنابل «بْلِتْزْ» الألمانية، دموع فراق ينذر بالموت في الغربة. المطر يبعث الحزن عند الفراق. لكن «مقلتاكِ بي تطيفان مع المطر/ وعَبرَ أمواج الخليج تمسح البروق/ سواحلَ العراق بالنجوم والمحار/ كأنّها تهمّ بالشروق». لكن الليل «يسحبُ عليها من دمٍ دثار». الشاعر في هروبه من الوطن يبقى مسكوناً بالوطن. وفي الخليج يصيح الهارب «يا خليج، يا واهبَ اللؤلؤ والمحار والردى» لكن الصدى يغدو «واهب المحار والردى». فهو لا ينتظر اللؤلؤ، بل سيكون نصيبه الردى، وهو الموت الذي انتهى إليه في المستشفى الأميري بالكويت على الخليج. هكذا يتطور مشهد الغزل الحزين إلى مشهد مطر لا يعشب الثرى، بل يتسبب في جوع، لأن «في العراق ألف أفعى تشرب الرحيق/ من زهرة يَرِبُّها الفرات بالندى». هكذا هو الشاعر «الرائي» بالمصطلح اللاتيني، وقبله شاعر كلكامش الذي «رأى». لا يدور الشاعر في تهويمات، بل يبقى مرتبطاً بالوطن، على ما فيه من آلام، يبقى «في انتظار مبسم جديد».
وعراقيّة السياب نجدها في أغلب قصائده، إذ يتحيَّن مناسبة، أو حدثاً في موضوع يكتب فيه، فيتغنى بحب وطنه. في قصيدة «غريب على الخليج»، تعود إلى اغترابه عام 1953 في الكويت، نقرأ: «وعلى الرمال، على الخليج… صوتٌ تفجّر في قرارة نفسي الثكلى: عراق/ كالمدِّ يصعدُ، كالسحابة، كالدموع إلى العيون». ثم: «الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام/ حتى الظلام ـ هناك أجملُ، فهو يحتضن العراق». ثم: «بين القرى المتهيِّبات خُطايَ والمدن الغريبة/ غنَّيتُ تُربَتكَ الحبيبة، وحَمَلتُها فأنا المسيح يجرُّ في المنفى صليبه».
حنين العاشق «أبداً لأول منزل». وهذا المنزل الأول للعاشق الأبدي لوركا ـ السياب هو مسقط رأسه: غرناطة ـ جيكور. ففي «المدينة» يبقى الشاعر العاشق يذكر القرية «فينتي فاكيروس» ـ جيكور، القريبة من غرناطة ـ البصرة. لكن حنينه إلى الموطن الأول، فيسأل: «وجيكور، من غلَّق الدورَ فيها ـ وجاء ابنها يطرق الباب ـ دونه؟/ ومن حوّل الدربَ عنها.. فمن حيثُ دارَ اشرأبَّت اليه المدينة؟/ وجيكور خضراء مسّ الأصيل ذرى النخل فيها بشمسٍ حزينة/ يمدّ الكرى لي طريقا إليها/ من القلب يمتدّ عَبر الدهاليز عَبر الدُّجى والقلاع الحصينة../ وجيكور من دونها قام سورٌ وبوّابةٌ واحتوَتها سَكينة». هذا ما يقوله في قصيدة «جيكور والمدينة» حيث تبقى قرية المولد أكثر قرباً إلى قلب الشاعر من المدينة. وفي «العودة إلى جيكور» ما يزال ينادي «يا شمسَ أيّامي، أما من رجوع/ جيكور نامي في ظلام السنين».
مثل كثير من أبناء جيله، شَهِدَ السيّاب تطوّرات في فكر الشباب، في الفترة بعد الحرب العالمية الثانية وبدايات الخمسينات. كانت الأفكار اليسارية ـ الاشتراكية والشيوعية هي المسيطرة على جيل يتطلع إلى الخلاص من الحكم الأجنبي الرأسمالي. ولم يكن السيّاب بعيداً عن ذلك التيار الفكري، لكنه كان مرتبطا بالإنسان لا بالسلطان. يتساءل في «ليلة في العراق» قصيدة كتبها في البصرة 8 ـ 4 ـ 1963 بعد أن مضى «بالأسى عامان، ثم يهدّه الداء»… يتساءل «كيف يجوع آلاف من الأطفال ملتفّه/ بآلاف الخروق تُعربِد الريح الشتائية/ بها وأظل أحلم بالهوى، والشط والقمر؟» لكنه يستدرك: «وإذ يتمرّد الإنسان فيّ على العبودية/ أثور على الشيوعية/ ولكن البنادق ما تزال عيونها الغضبى/ تطاردني، لأني غير ربّي وحدَه، لم اتَّخذ ربّا/». يا ترى كم شاعِراً أو أديبا ممن نعرف قد «ثار على العبودية» وبقي أميناً على وطنه وشعبه في غنائه وشعره؟

رغم أنه ظل عراقياً إلى نخاع العظم: السياب وعالمية الشعر

عبد الواحد لؤلؤة

فيلم السيرة «كارل ماركس الشاب»: ابتعاد عن التقديس وتركيز على السياقات السياسية والاجتماعية

Posted: 06 Jan 2018 02:07 PM PST

القاهرة ــ «القدس العربي»: على غير المعهود من الأعمال الدرامية التي تناولت سيرة كارل ماركس (5 أيار/مايو 1818 ــ 14 اذار/مارس 1883) سواء السينمائية أو المسرحية، وحتى في مجال الكتابة الروائية، حيث جرى تصويره شخصاً رصيناً متجهماً إلى حدٍ ما، تسبقهم إما حالة الإجلال القصوى أو التبخيس وفقاً لوجهة النظر التي تتناول مشروع الرجل، الذي لا ينكر أحد مدى تأثيره في تاريخ الإنسانية. يأتي فيلم «كارل ماركس الشاب The Young Karl Marx» لمخرجه راؤول بيك، الذي كتب السيناريو وشاركه باسكال بونيتسر. خاصة وهو يستعرض بدايات ماركس والمعارك التي خاضها، وصولاً إلى كتابته وإنجلز «البيان الشيوعي» الشهير. تلك المرحلة التي صنفها النقاد إلى مرحلة شباب ماركس، والتي تختلف نوعاً ما عن مرحلة النضج التي توّجت بعمله الأعظم «رأس المال». هذا العمل الذي رحل صاحبه قبل أن يُنهيه، وكأنه أراد ألا يقف الأمر بموقف دوغمائي، ليبتعد العمل عن صفة التقديس، بل كما كان يفعل ماركس دوماً من تطوير للفكرة، وعدم الوقوف عند آراء جامدة، على العكس من الشائع كما يروّج دراويش الماركسية، حتى أن ماركس نفسه في إحدى المناسبات، وحينما كان يستمع لآخر يقوم بشرح أفكاره ويتباهى أنه يفهمها تماماً، صرّح ماركس قائلاً: «أنا لستُ ماركسياً». بهذه الروح الساخرة تبدو شخصية ماركس في الفيلم، السخرية الحادة، والانتقام من الخصوم، وكأن حياته تدور في ساحة قتال، لا تختلف الحياة العائلية عن مسيرته الفكرية. الأمر الآخر هو إعادة الاعتبار إلى فريدريك إنجلز (28 تشرين الثاني/ نوفمبر 1820 ــ 5 اب/أغسطس 1895) وكيف استفاد ماركس من قدرته التحليلية لعالم العمال، والرؤية الناقدة التي أفادت كثيراً في بلورة النظرية الماركسية، التي لم تكتف بتفسير العالم، بل السعي إلى تغييره كما هو معروف، وحدث فعلاً. الفيلم أداء أوغوست دييل، وشتيفان كونارسكه، وفيكي كريبس، وهانا ستييل.

مقالات ومطاردات

يبدأ الفيلم بتحقيق أجراه ماركس حول مصير بعض الفلاحين في الراينلاند، يقومون خلسة بسرقة الحطب من الغابة للتدفئة، إلا أن مصيرهم كان القتل أو العاهة التي لحقت بهم طوال حياتهم، حيث تجمّع السادة فوق خيولهم، وانقلب الأمر إلى حرب غير متكافئة من حروب العصور الوسطى. جاء تعليق ماركس فوق هذه المشاهد، وكأن الفيلم يبدأ من شكل وأجواء بدائية للسلطة والقوة التي تمارس نفوذها بحق الفقراء. كانت النتيجة غلق الصحيفة وصعود البوليس لأخذ ماركس بالقوة. وكأنها ثيمة يتم تكرارها بعد ذلك على مدار الأحداث. على الجانب الآخر نجد إنجلز نجل صاحب المصنع الذي يستغل عماله، خاصة الإيرلنديين، والذي لا يتورع في فصلهم وتسريحهم من العمل، حتى يقع إنجلز في غرام إحدى العاملات، الوحيدة التي تحدت سلطة الرجل، وبينما يقتاد البوليس ماركس، يقوم أحد رفاق الفتاة بضرب إنجلز، الذي يُصاب بالإغماء، خاصة وقد أفهمه إنجلز أنه يقوم بدراسة من خلالهم ويريد الاستشهاد بآراء بعضهم.

ماركس وإنجلز

ورغم معرفة كل منهما بالآخر، من خلال المقالات أو الكتيبات، إلا أن نظرة ماركس كانت ترى في إنجلز مجرد ثري يحاول من خلال كتاباته نفي تهمة الثراء، كفكرة رومانتيكة، إلا أن اللقاء الفعلي بينهما جعلها يتخطيان مسألة سوء الفهم، ويعترف كل منهما بأنه قرأ كتاب الآخر «حالة الطبقة العاملة في إنكلترا» لإنجلز، و»مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي» لماركس. ويفرّان معاً من أمام البوليس الباريسي، كبديل لحالة الفرار الدائم الذي سيكون نهجاً يتبعانه في ما بعد، ليصبح فراراً من أفكار بالية، واختلاق عداوات رغماً عنهما مع معارضيهم، كل ذلك من خلال سخرية مريرة وثقة مطلقة في عقيدة علمية يعملان من خلالها. لا يخفي الفيلم مدى المساعدات المعنوية والمادية التي قدمها إنجلز إلى ماركس، حتى يستمر في كتابة المقالات والرد على الخصوم من خلال الكتيبات، فيكتب ماركس «بؤس الفلسفة» رداً على كتاب «فلسفة البؤس» لبرودون، كذلك كتابه الذي اختارت عنوانه زوجته «نقد نقد النقد». والأهم من ذلك محاولات إنجلز لجعل لغة ماركس أكثر تواصلاً، وتنقيحها من جفاف الكتابة الفلسفية، خاصة وأنها في الأساس موجة إلى العمال، والإيحاء بانتقاد فكرة ديكتاتورية البروليتاريا. ظهر هذا جلياً عند الصياغة النهائية للبيان الشيوعي عام 1848.

الإله الأوليمبي

جاءت شخصية ماركس بالفيلم دون قداسة، بل رجل يغضب ويسخر في مرارة من الآخرين، ويعرف تماماً قيمة عقله وما يريده، والجدل والسخرية من خصومه وقد انتصر على الكثيرين في عهده من الزعماء الاشتراكيين، كتطبيق عملي لنظرية الانتقاء الطبيعي التي وضعها داروين، واحتفى بها ماركس وكأنها المنطق العلمي الذي كان يبحث عنه. وصولاً إلى إلحاقه وإنجلز بـ «رابطة العدالة» والتي سوف يحولانها إلى جماعة ثورية في ما بعد «العصبة الشيوعية». من ناحية أخرى تأتي تفاصيل علاقته بزوجته، التي كانت تعي تماماً ما يفعله ويفكر به، بل كانت ترد بدلاً عنه في حواراته مع زعماء الاشتراكية الفرنسية أمثال جوزيف برودون. كذلك مدى معاناة هذه المرأة الارستقراطية، التي اختارت حياة المخاطرة الدائمة مع زوجها. على العكس من ذلك تأتي علاقة إنجلز بصديقته الإيرلندية ــ عاملة المصنع ــ التي لا تؤمن بالحياة الزوجية، وتصبح الصورة المجسدة للفكر الثوري في أقصى حالات الشطط. المقارنات كانت تأتي في لمحات خاطفة، دون مباشرة، من تعليق على موقف، أو الرأي في مسألة ما، لنصبح أمام حياة حقيقية بالفعل للشخصية وما يحيطها من علاقات وأفكار متحاربة، ونضالات مستمرة، حتى لو انتهى الفيلم بالبيان الشيوعي، الذي جاء في سياق تحول جذري في أوروبا، وثورات انفجرت. كان السياق السياسي والاجتماعي متوائما تماماً وقت إصدار البيان، هذا الذي يُعد من الأسس التي استند إليها ماركس في عمله الأهم «رأس المال» من حيث تطور الأفكار والوصول إلى صياغة نظرية فائض القيمة.

دولارات تحترق وعالم سيزول

ومن موت فلاحي الغابات إلى دولارات تلتهمها النيران، تكون الرحلة التي انتوى الفيلم خوضها من خلال حالة وحياة ماركس الشاب، كتذكير بأصل الأفكار التي صاغها، بخلاف تحريفها من خلال الأحزاب والدول التي انتهكت هذه الأفكار حد التشويه. كذلك تبدو النهاية وكأنها تحمل أملاً كبيراً في تجاوز ما يحدث، باستعراض عدة مشاهد من نضال شعوب وشخصيات مختلفة، فأفكار ماركس لم تنته، ولم تصبح في ذمة التاريخ، وتبقى أفكاراً إنسانية صالحة لكل نضال إنساني، دون حزب أو زعيم أوحد أو سلطة مطلقة، لقطات تستعرض نيلسون مانديلا، وسقوط جدار برلين، وتشي جيفارا، وعمال فلسطينيين أمام الجدار الإسرائيلي، وتجمعات حركة احتلوا وول ستريت، كل ذلك مقابل عصابة رؤساء العالم، حتى تشتعل النيران في أوراق الدولارات، وكأنها إيذاناً بانتهاء عصر الرأسمالية، الذي طالما حاربه ماركس وإنجلز، وصاغا في مواجهته أفكارهما، كردٍ أخير على فلاحي الغابة المطاردين من قبل سادتهم حتى الموت.

فيلم السيرة «كارل ماركس الشاب»: ابتعاد عن التقديس وتركيز على السياقات السياسية والاجتماعية

محمد عبد الرحيم

صخب وسهر ومغامرات خلف قضايا سياسية واجتماعية

Posted: 06 Jan 2018 02:06 PM PST

دائماً هناك تَعلَّة، بغية السرد، والمثول أمام الحكاية، دائماً هناك صيغة ما، مفتاح معيَّن، سبب مختلف، يتجلى أو يضيء، أو يلمح لوجود مثل هذه التعلة، لكتابة سرد طويل متمثل بحكاية ما، تُعين الكاتب والروائي على ولوج عالم سردي حافل بالرؤى والحكي والروي الأليف، ربما لشخصية روائية ما، ستكون هي العنصر الرئيس والمركزي في الرواية، أو لشخصيات فاعلة داخل النص، تُفعِّل النص المحكي وتحرّكه، وتمنحه الدينامية والفانتيزمات الإكزوتيكية، كي ينهض النص ويتكامل، ليَفي الحكاية والمَسرَد حقَّهما الجمالي، وبُعدهما الفني، وحبكتهما المنسوجة وفق التقنية المطلوبة لهندسة المرويات، والوقائع والأحداث بطريقة حديثة ومُقنعة، تجعل القارئ يتابع السرود والمحكيات، حتى نهاية العمل الروائي.
وضمن هذا النسق تظهر الحبكة المتسمة بالمفتاح، أو التعلة الفنية، مثل العثور على حقيبة فيها رسائل، تكشف مصير إحدى الشخصيات البارزة في الرواية، أو وجود مدوَّنة فيها تفاصيل معيَّنة عن حياة أحدهم، أو حياة شخص ما، مهم وله دور كبير في صناعة الأحداث في الجسم الروائي، أو العثور على صور وذكريات تحكي سيرة عائلة وشخوص مرَّوا ذات يوم بوقائع مأساوية، ونكبات، وما رافقها من مصائب هذه العائلة، أو الشخوص الغابرين، والعابرين في نهر الحياة ومصبَّاته، هذه الحفنة من الصور وبعض الوريقات، مثل الوثائق والشهادات والإحداثيات المكتوبة ستكون العون للراوي، سارد الحكاية، وباني العمارة القصصية التي تعتمد التدوين والمدوَّنات، كتعلِّة للنصوص الروائية. لقد قرأنا الكثير مثل ذلك لكتَّاب عرب وأجانب، يميلون إلى اتخاذ سند وبرهان ودليل، يدعم ويؤازر صنيعهم الإبداعي، وقد قرأت أخيراً في هذا الحقل لكتاب وظفوا التدوينة كهيكل للنص الروائي، كعمل الإيطالي تابوكي، والأرجنتيني مانغويل، وفي العربية قرأت لإيمان حميدان «خمسون غراماً من الجنة» و «سيرة مسلم في حانة آرتين» لعلي نصار، وهي الرواية التي ستكون مدار حديثنا في هذا الحيز، وهي آخر ما صدر للروائي بعد «بائع الكعك» عمله السابق.
تفتتح الرواية مسارها بوجود حقيبة يعثر عليها الراوي العائد حديثاً من برلين لغرض الدراسة في بيت الأهل، في الحقيبة مدونة سردية لذكريات العائلة التي ينتمي إليها الراوي الذي يتخذ من صيغة المتكلم نسقاً فنياً لكتابة النص، وتتداخل في الرواية شخصيات أخرى، تتحدَّث بالصيغة الفنية ذاتها، ليتشكل النص في المآل، عبر دعامات ومداميك الرواة، في داخل الرواية التي تتخذ من المكان الوسيط الجمالي للعمل، وهو حانة في شارع «الحمرا» المعروف في العاصمة اللبنانية بيروت، وتتخذ من الزمن راعياً للنص، وللشخوص الذين يتحرَّكون داخل الرواية، وهو زمن الحرب اللبنانية في منتصف السبعينيّات من القرن المنصرم، وما تلاها من عقود رسَخَتْ في ذاكرة الإنسان العربي، نتيجة هول وقائع ومجريات وإحداثيات الحرب الأهلية اللبنانية، وما تركته وخلفته من جروح وويلات وذكريات أليمة، على كل من ذاق مرارتها وعاش فصولها الحربية والدموية في ذلك الوقت .
يصل الراوي إلى بيروت، فلا يجد أحداً في انتظاره خارج صالة المطار، فالأب في سوريا، والأم في دبي، وحتى زينب صديقة العائلة التي ترتبط بهم بقوَّة، وتعتبر واحداً من أفراد العائلة، لم تكن هناك.
انه الابن الوحيد العائد إلى بيروت توَّا، من برلين في إجازته الجامعية، حاملاً معه خبر الطلاق الصادم والمفاجئ بين والده وأمه، فيتصل بزينب التي لم تأت حتى لأخذه من المطار، تجيب زينب على الاتصال، وتعتذر من عدم القدوم إلى المطار، لكنها سترتِّب لجلسة مسائية، في حانة آرتين من أجل الاحتفاء به، كونه مثل ابنها، وهي مثل مربِّيته، نتيجة السنوات الطويلة التي تربطها بالعائلة.
يصف الراوي، أو الابن سيرة والده في مطلع صفحات الرواية، والده الشيوعي سابقاً، والمُتملص من اليسارية لاحقاً، في عهد الحريري الأب، والداعم لمسيرته الجديدة، في التغيير وبناء بيروت، والرافض للهيمنة السياسية والعسكرية، من قبل نظام البعث السوري في عهد الأسد الأب، فهو الناشر الثري، والمُتملق والمُتزلف والمُرتزق، فيما بعد من نظام القذافي، هذا الذي كان يُموِّل مشاريع النشر التي يضطلع بها، والمُوالي والمنخرط في سياسة الولي الفقيه فيما بعد، غبَّ غياب النظام السوري، وسيطرة الميليشيا الشيعية على مقاليد القرار في لبنان، ومباركتها لإيران ومشروعها التوسعي والطائفي في المنطقة .
على أن الأب الذي تبدو عليه سِمات الثراء والرفاه وبحبوحة المال الذي جمعه، جرَّاء الحرب، عبر صداقته مع نجوم السطو واحتلال الشقق والبيوت التابعة للمسيحيين في المنطقة الغربية من بيروت، أثناء أيام الحرب الأهلية التي دامت خمس عشرة سنة، كان يريد لابنه أن يتعلم، ويرتقي المناصب ويكون نافذاً في البلاد، لكن الريح كانت تجري دائما بغير ما تشتهي السفن، فالابن العائد سيعثر على الحقيبة في البيت، أثناء وجود والده في دمشق، وسوف يبدأ بقراءة تلك السطور التي يتبيَّن من خلال السرد المدوّن، أن الوالد نفسه قد كتبها، مؤرخاً لعلاقته المتعدِّدة، وسيرته وتفاصيله الكثيرة مع أصدقائه، وكذلك مع زوجته، وطبعاً مع زينب، كونها ضلع المثلث والتي تدور أغلب فصول الرواية حول سيرتها وعلاقاتها المريبة مع الابن والأب والأم، وأيضاً مع الشخصيات الأخرى، تلك التي تظهر في مسار الرواية، من أمثال حسن الهرش، وعيسى سعيد، وبولص، وآرتين صاحب الحانة، وغيرهم ممن يسهرون ويشربون ويكونون على رابط وعلاقة مع الأب أو الأم ، أو زينب المثيرة والمُغوية والجذابة.
لذا تتمحور الرواية حول زينب، فهي الشخصية المحورية في العمل، وعليها يتكئ السر الذي يحاول ابن مسلم فك شفرته، عبر قراءاته للمذكرات المكتوبة من قبل والده، فهو المؤرخ لمحنته ويومياته الشخصية في بيروت الحرب الأهلية، الأب الدوغمائي، المتقلب والمُتلوِّن عبر لون المرحلة التي يعيشها، فهو الأحمر أيام المدِّ اليساري في الستينيّات والسبعينيّات، والأزرق أيام النيو ليبرالية، وظهور الكومبودورات في زمن الحريري، رجل المال والاقتصاد والمشاريع التجارية، وذي النفوذ السياسي، التكتيكي في أزمنة ما بعد الحرب، مراحل بناء بيروت، وهو الأخضر والأسود والبرتقالي في حقبتي ظهور قوة حزب الله وولاية الفقيه الإيرانيتين، والتكتلات المسيحية المنضوية في أحزاب موالية لهذا وذاك.
بين هؤلاء، بين هذه التيارات المتصارعة والمتحاربة والمتطاحنة، نشأ ابن مسلم الطالب في ألمانيا، والمضغوط عليه من قبل الأب، على تحصيل علمه الديني من مدينة النجف العراقية .
من هنا يقع الراوي، أو ابن مسلم ضحية هذه الضغوط اليومية التي يحياها ما بين الوالد المهموم بالجنس والمال والنشر، وبين الأم المسيحية، ذات الأهواء والدوافع التي لا تخلو من جرعات الحرية الزائدة، سهر وليل ورقص وشراب شبه يومي في حانة آرتين، أو في العُلب الليلية والحانات والمقاهي المنتشرة، ضمن أماكن اللهو والسهر وطلب المِتعة، حيث أجواؤها العابقة بالدخان وروائح الأشربة والأطعمة، ناهيك عن أصناف من المخدرات التي تتعاطاها الشلة، خلال مشاويرها اليومية .
تكشف الرواية عبر مسارها المتشابك بين الزمان والمكان، عن شخصيات محبطة، قلقة، تعاني من أزمات وجودية، ممزّقة ومتشظية، من خلال تكالب الأزمنة المتواتر، حروب وجنس وضياع ومتاهات ومصائر حائرة.
من هنا تقع هذه المصائر، ضحية الحياة وتحولاتها الأنثروبولوجية، داخل مجتمعات تنتج حالات ومشكلات وهيئات سايكولوجية، سايكوباثية، تسوسها نظريات متنوعة دينية، ويسارية، وليبرالية. إنها مجتمعات تحتاج الى دراسات سوسيولوجية، لكثرة ما أصابها من تآكلات، وتمزُّقات، وخروقات، وأمراض وافدة ومتوطنة، بينما نرى الراوي وهو الشخصية المتوازنة إلى حد ما في العمل، ولسان حاله يقول: «طوَّقتني الحقائق بقسوة، الحقائق التي طالما سعيت إليها، طوقتني باختناق، فأنا مولود لأب ربّاني على التعصّب للأفكار الماركسية، وكان يوحي لي بأن الأيمان شكل من أشكال العته، ثم فجأة صار يضغط عليَّ للعودة إلى حضن الطائفة، أما والدتي التي تتحدر من عائلة ارثوذوكسية عاشت في أكناف المتصرّفيات، فيما عرَّابتي زينب الشيوعية الراديكالية والتي تكره وتحتقر كلَّ ما له علاقة بالأديان، كانت في الوقت عينه، تبكي على الحسين في عاشوراء، أما عيسى سعيد، آخر آباء ماركسيتي ومَثَلي الأعلى، في طفولتي ومراهقتي، لم يكن سوى أحد نماذج الفطريات التي تنمو حول الأثرياء والمشاهير».
تثير رواية «حانة آرتين» أسئلة عدَّة، وتخوض في قضايا مجتمعية برزت أثناء الحرب اللبنانية، أسئلة الكائن الوحيد وغير المتآلف والنافر من العلاقة المريبة التي أنتجتها الحرب، علائق ترتبط بالمصالح والامتيازات والفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فساد الروح والأخلاق والمواقف، هذا ما تكشفه الرواية، في حمأة الروايات العاملة على ثيمة الحرب ومشتقاتها، وهي كثيرة، وبالأخص الحرب اللبنانية التي كُتب وقيل وسُرِد فيها الكثير من فن الحكي والقص والروي، وها هو علي نصَّار ينضاف إلى القائمة، ولكنه اختار نسقاً خاصاً به وسار عليه، ليضعنا أمام شخصياته المنحرفة، بدءاً بالأم والصديقة المُرَبِّية وبقية شلة المثقفين، من شعراء ورسّامين وروائيين وصحافيين ومتسكعين ومتبطلين، شلة أنس وسهر وضياع روحي، محوره المِتعة والمال وتهريب الوقت وقتله، بأية طريقة ممكنة. ويضعنا المؤلف ايضاً أمام التابوات المُخترَقة، والديستوبيات القائمة فوق هذه الحياة، وأبرزها كما تظهره الرواية، هو عقدة الرواية وشفرتها التي كُشِفتْ في السطور الأخيرة من الرواية، والمتجلي في انحراف الأم ومثليتها، واتخاذها من زينب العشيقة، والحبيبة، وصديقة العائلة، تلك العلاقة التي أفرزت طلاق الوالدين، لينتهي الأمر بالابن بالعودة من جديد إلى برلين، تاركاً كل تلك الحوادث خلفه، ليحيا حياته الأخرى في البعيد.

علي نصَّار: «سيرة مسلم في حانة آرتين»
دار النهضة العربية، بيروت 2017
302 صفحة

صخب وسهر ومغامرات خلف قضايا سياسية واجتماعية
رواية علي نصار «سيرة مسلم في حانة آرتين»:
هاشم شفيق

توجه أردوغان الإسلامي سعى إلى ضبط دور الجيش وانقلاباته ومواجهة الانفصاليين

Posted: 06 Jan 2018 02:06 PM PST

الكاتب اللبناني محمد نور الدين، واحدٌ من أبرز اختصاصيي الشؤون التركية في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط، وله مؤلفات بارزة في المجال. وهو يتحدث عن هذا الموضوع في ندوات تلفزيونية ويحاضر في مؤسسات أكاديمية ومنابر عامة كلما حدثت تطورات هامة في تركيا.
كتابه الأخير بعنوان «تركيا القلقة: في الحداثة والكيان والعلاقة بين الجماعات» يتناول خصوصاً السياسة الخارجية لتركيا في ظل قيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئاسته للبلد ولـ «حزب العدالة والتنمية»، حزب الأكثرية الحاكمة هناك، وعلاقة السياستين الخارجية والداخلية في تركيا.
يشمل الكتاب عرضاً مفصلاً لدور حزب أردوغان كنموذج للحداثة والإسلام ولجمع الديمقراطية مع التوجه الإسلامي سياسياً بعد خمس عشرة سنة من الحكم، ويتناول المراحل المختلفة التي مر بها «حزب العدالة والتنمية» منذ تسلمه السلطة عام 2002 وحتى الساعة.
في الفصول الأولى، يتحدث نور الدين عن تركيا بعد الحرب العالمية الأولى والطريقة التي تم فيها رسم حدودها بعد سقوط الدولة العثمانية وبعد صعود القائد العلماني التوجه مصطفى كمال اتاتورك إلى السلطة وفرضِهِ سياسات جديدة على البلد منذ عام 1923 وحتى التحولات الجذرية في هذه السياسات في مطلع الألفية الثانية عندما أصبحت السلطة بيد «حزب العدالة والتنمية».
يعتبر المؤلف ان أردوغان اعتمد سياسة خارجية في المنطقة والعالم مختلفة عن سياسة اتاتورك «العلمانية» بالإضافة إلى تطويره الكثير من التوجهات التي ارتكزت عليها الأنظمة التركية السابقة.
وفي رأيه في خلاصة الكتاب، ان العلمانيين بقيادة اتاتورك ومن تبعه من معتنقي سياساته لم يطبقوا علمانية حقيقية، كما ان الإسلاميين بقيادة أردوغان و»حزب العدالة والتنمية» لم يريدوا أصلاً أي نوع من العلمانية الاقصائية في تركيا. وما تم التوصل إليه في الفترة الأردوغانية الحالية هي دولة حديثة دينية التوجه يقودها رئيس أصبح المقرر الرئيسي لشتى الأمور، وقد فعل ذلك تدريجيا. وبالتالي، اقترب في نموذج حكمه (إلى حدٍ ما) من نموذج الدولة العثمانية. كما انه نجح (تدريجيا أيضاً) في ضبط وتقليص دور السلطة العسكرية التي هيمنت على السلطة السياسية في تركيا منذ منتصف القرن الماضي وخصوصا منذ عام 1970.
يشير نور الدين إلى ان دوافع تدخل أردوغان في سياسات الدول المجاورة لتركيا تعود إلى عاملين أساسيين له ولنظامه، أولهما منع نشوء دولة كردية في جنوبي وشرقي البلاد قد تتوحد في إقليم واحد مع أكراد العراق وسوريا وتهدد المصالح النفطية والسياسية للسلطة المركزية التركية وثانيا، منع هيمنة الدول التي استعمرت منطقة الشرق الأوسط وقسّمتهُ حسب مصالحها (خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى) من إعادة تقسيمه حالياً بشكل يهدد مصالح تركيا، أي عبر انشاء كيانات طائفية واثنية (على شاكلة الكيان الكردي المستقل) في سوريا والعراق ولبنان تصبً في النهاية في مصلحة الكيان الصهيوني في إسرائيل والدول الاستعمارية سابقاً الساعية لتحقيق مصالحها أولاً.
في الصفحة (58) يوُرد نور الدين قولا لأردوغان انه لو نجح انقلاب 15 تموز (يوليو) 2016 في تركيا لأعادَ الاستعمار الأجنبي البلد إلى «اتفاقية سيفر» التي وُقّعت عام 1920 ولأعاد معها المصاعب التي وقعت على كاهل تركيا آنذاك. وبالتالي، يربط هذا الأمر بتدخل تركيا في الشؤون السورية لمنع حدوث مثل هذه التطورات.
في الفصل الثالث (ص 105 ـ 107) يشير الكاتب إلى ان «اتفاقية سيفر» (1920) منحت الأكراد حق الحكم الذاتي في شرقي نهر الفرات وحتى حدود سوريا مع تركيا وإلى جنوب الحدود الجنوبية لأرمينيا. ولم تتم المصادقة على هذه الاتفاقية بسبب خشية بعض الدول الاستعمارية على مصالحها النفطية في تلك المنطقة.
وبعد تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 يقول نور الدين، أعيد توزيع الأكراد على دول في المنطقة في معاهدة لوزان (تموز/يوليو 1923) التي لم تشر إلى الأقليات الاثنية، بل إلى الأقليات الدينية مما أغضب الأكراد من سياسات اتاتورك.
أما عن نشوء «حزب العمال الكردستاني»، خصم أردوغان الرئيسي، فيقول الكاتب ان هذا الحزب نشأ في عام 1978 بعد انخراط الشباب الأكراد اليساري التوجه فيه لصعوبة انتسابهم إلى أحزاب أخرى، وان مؤسسه ورئيسه عبد الله اوجلان (المعتقل حاليا في تركيا) لجأ وحزبه إلى سوريا حتى عام 1998 ما ولد أزمات في العلاقة السورية ـ التركية إلى أن أخرجه الرئيس السوري السابق حافظ الأسد من سوريا عام 1998 واعتُقلَ لاحقا في كينيا بعد تعاون استخباراتي إسرائيلي ـ أمريكي ـ تركي ـ كيني.
وبعد تصاعد شعبية الأحزاب الكردية التركية وتوصلها إلى نيل المقاعد في البرلمان التركي، قبل فترة تسليم أردوغان وبعدها، تنوعت سياسات «حزب العدالة والتنمية» إزاء هذه الأحزاب الكردية التوجه فانفتح أردوغان تجاهها (إلى حد ما) في عام 2005، ولكنه تراجع عندما نالت هذه الأحزاب المؤيدة للقضية الكردية نسبة أكثر من عشرة في المئة في الانتخابات الرئاسية عام 2011، وبعد ذلك حصل «حزب الشعوب الديمقراطي» الكردي التوجه والانتساب نسبة اتاحت له تمثيلاً أكبر في البرلمان (80 نائباً ثم 60 نائباً) فاصبح أردوغان أكثر حذراً من نفوذه، وأجرى إصلاحات دستورية تناسب تمسكه وتمسك حزبه بشؤون البلد (انتخابات رئاسية من الشعب مباشرة، وصعوبة اسقاط الرئيس من السلطة ديمقراطياً أو عبر تدخل الجيش) كما أزاح الرئيس التركي بعض كبار حلفائه من القياديين في «حزب العدالة والتنمية» وواضعي برنامجه السياسي أو قلص أدوارهم، واعتبر ان تدخله في سوريا يساهم في قدرته على مواجهة أي جهات دولية أو إقليمية ترغب بفرض نفسها على السلطة التركية عن طريق دعم الأكراد وتقويتهم سياسيا وعسكريا لمساعدتهم في تحقيق الانفصال عن تركيا أو التدخل في شؤونها الداخلية.
وحسب الفصل الثاني بعنوان «وضع المسيحيين في تركيا»، يعتبر المؤلف ان سياسة «التتريك» التي خطها اتاتورك والسياسيون الذين اعتمدوا منهجه السياسي كانت تشمل أيضا تطهير تركيا من نفوذ المسيحيين واليهود والارمن واليونانيين في المجالين الاقتصادي والسياسي، فيما كان توجه أردوغان مختلفاً عن هذه العلمنة المتشددة والاقصائية الدوافع، إذ كان أقرب إلى توجه الدولة العثمانية التي كانت تعترف بأدوار الملل الدينية وحقوقها إلى درجة أكبر في ظل «تنظيماتها» حتى مطلع القرن الماضي. فقد فرض نظام اتاتورك (حسب المؤلف) ضرائب باهظة على التجار المسيحيين واعتقل من لا يدفع منهم، فيما يتواجد حالياً عددٌ وافر من التجار والصناعيين غير المسلمين يعملون بنجاح في تركيا تحت قيادة «حزب العدالة والتنمية» وتصاعد دورهم خصوصا في الفترة التي حاول فيها أردوغان إدخال بلاده في المجموعة الأوروبية والاتحاد الأوروبي.
ويفسر الكاتب انفتاح تركيا على اليهود والأقليات الدينية في فترة قيادة طانسو تشيلر في عام 1995، وبعدها، بأنها كانت لاقناع أمريكا والكونغرس بعدم الاعتراف بإبادة تركيا الأرمن في مطلع القرن الماضي. وفي الذكرى المئوية لهذه الإبادة (أي في عام 2015) فتحت تركيا بقيادة «حزب العدالة والتنمية» الباب لانتخاب نواب مسيحيين وأرمن في البرلمان التركي (ص 88). غير ان الأزمة بين الأتراك واليونانيين في جزيرة قبرص، التي انطلقت في منتصف خمسينيات القرن الماضي وتفاقمت في عام 1974 بعد انقلاب نفذه القبارصة اليونانيون وحصل على اثره الغزو التركي للجزء الشمالي من الجزيرة، دفعت إلى هجرة عدد كبير من غير المسلمين وخصوصا من أصول يونانية من تركيا. وحسب الكاتب، ما زالت سياسة التمييز ضد الأقليات مستمرة إلى حد ما في تركيا لدى بعض الأحزاب المتشددة قومياً ولدى بعض فئات الشعب التي لم تتجاوز تطرفها الإثني. وهذا يدفع الجميع لأخذ مواقفها في الاعتبار بما في ذلك أردوغان وحزبه.
علمنة اتاتورك، حسب ما يشير إليه الكاتب في الفصل الأخير من كتابه، لم تكن بالفعل تدعو لفصل الدين عن الدولة بقدر ما كانت تفرض إشرافاً للدولة على الشؤون الدينية، وعدم تركها للطوائف ومجالس المذاهب. وينتمي معظم المسلمين السنّة في تركيا (حسب قوله) إلى المذهب الحنفي، وهو أكثر المذاهب انفتاحاً بين المذاهب السنيّة المسلمة، وقد عمل اتاتورك ومن بعده أردوغان، بنظر نور الدين على تعزيز هذا المذهب ولكن كلاً منهما على طريقته.
وفي انتقاد الكاتب لبعض سياسات أردوغان الداخلية يقول في الصفحة (231) من الكتاب انه بعد الفوز في كل انتخابات اشتراعية كان أردوغان يُعزز سلطته على حساب الجهات التركية الأخرى. وبلغت ذروة هذا التوجه بتعديل الدستور في نيسان (ابريل) 2017 لمنح الرئيس صلاحيات إضافية بعد تقدمه بنسبة ضئيلة في استفتاء شعبي آنذاك مما يتيح له البقاء رئيسا حتى عام 2032.
ويرى نور الدين ان «حزب العدالة والتنمية» بقيادة أردوغان لم يعزز الديمقراطية بشكلها الموجود في الدولة الأوروبية والغربية، ولكنه لم يستخدم الإسلام لنشر التعصب، كما في بعض البلدان والمجموعات التي تعتبر نفسها إسلامية، بيد أنه نجح في استخدام التوجه الإسلامي لحزبه ولنظامه لإبعاد الجيش عن السلطة السياسية ونجح في ذلك، بعد أن بالغَ الجيش بالقيام بانقلابٍ تلو الآخر لتنفيذ مصالح خارجية، في كثير من الأحيان.

محمد نور الدين: «تركيا القلقة: في الحداثة والكيان والعلاقات بين الجماعات»
دار رياض الريّس للنشر، بيروت 2017
255 صفحة.

توجه أردوغان الإسلامي سعى إلى ضبط دور الجيش وانقلاباته ومواجهة الانفصاليين
محمد نور الدين في «تركيا القلقة»:
سمير ناصيف

بسمة الحسيني: «العمل للأمل» اكتشفت مواهب حقيقية

Posted: 06 Jan 2018 02:06 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: التعبير من خلال الفنون هو جزء من علاج بات معتمداً خلال الأزمات الفردية أو العامة التي تلمّ بالبشر، والمراهقين منهم على وجه الخصوص. فهؤلاء يعجزون عن فهم التبدلات الدراماتكية التي تطرأ على حياتهم. «العمل للأمل» مؤسسة تعمل منذ سنة 2015 مع النازحين من سوريا إلى لبنان، وتستهدف شريحة منهم من خلال برامجها المتعددة. نتائج هذا النشاط برزت في مهرجان «أوان» الذي ختمت به «العمل للأمل» العام 2017.
«القدس العربي» التقت مديرة «العمل للأمل» بسمة الحسيني وكان هذا الحوار:
○ نشأت «العمل للأمل» في خضم أزمات الشعب السوري، فما هو عدد الذين طالهم نشاطكم؟
• منذ الإنطلاقة وصلنا لحدود 10 و15 ألف شخص حضروا أنشطة أو كانت لهم مشاركة بشكل أو بآخر. وطال النشاط المباشر وعلى مدى طويل عدداً وصل لـ400 شخص.
○ لماذا التركيز على العمل الفني؟ وما هو دوره في شحن النفوس بالحيوية خلال الأزمات؟
• نحن مؤسسة تعمل في الثقافة والفنون. نؤمن بأن الفن يمد الناس بقوة كبيرة، لكنه مغفل جداً في برامج التنمية والإغاثة لدى المنظمات الدولية. من يعانون من ظروف حرب، وعنف أو تهديد وتهجير يعيشون تفككاً في النسيج الاجتماعي، وعدم قدرتهم تفسير ما حدث. نعمل مع شريحة عمرية تبدأ من 12 سنة، وهؤلاء يعانون من عدم فهم ما الذي حدث، وعدم القدرة على التعامل معه، ويتحول هذا بالتدريج لنوع من الانعزال والغضب المكتوم. يمنح الفن هؤلاء أدوات التعبير عن عدم الفهم هذا، وبشكل يؤدي لتعاطف الآخرين. ويتيح قدرة التعبير عن مشاعر غير الغضب والحزن، كما الاحساس بالجمال، البهجة وغيرها. وبالتالي يسهل التواصل مع هؤلاء. وهذا ما يؤسس لعلاقة بين الطرف الذي اعتاد أنه ضحية ويعامل على هذا الأساس، والطرف الثاني المتعاطف أو اللامبالي ويمتلك امكانات محدودة في مساعدة الضحية. وعندها يكون لمن يحتاج المساعدة قدرة مساعدة الطرف الثاني. الشخص الضحية الذي أنظر لحاجته للمساعدة العينية أو المعنوية بإمكانه أن يصور فيلما، وأن يعزف الموسيقى، وبالتالي يمكنه أن يمنحني ما ليس عندي.
○ كيف للبشر أن يعبروا عن مهاراتهم ومواهبهم وهم لا ينعمون بأي نوع من الاستقرار؟
• تبدو المسألة صعبة، وواقعياً هي أسهل من التخيل. عندما بدأنا العمل اكتشفنا أن اللاجئين ومن لديهم ظروف صعبة، والمهمشون اجتماعياً لديهم تعطش للإنخراط في الفن وللأسباب التي سبق ذكرها. جميعنا يرغب في أن يكون في موقع قوة وعطاء، وهذا ما يؤمنه هذا الموقع. طبعاً نواجه مصاعب عملية نظراً لتنقل الناس من مكان لآخر. ونأخذ بالاعتبار القدرة المادية المنعدمة، لهذا نؤمن المواصلات للجميع، فكلفة الانتقال في لبنان والأردن عالية. وحدث أن بعض طلابنا حصلوا على الهجرة، واثنين منهم استقروا في نيوزيلندا. فشلنا في متابعتهم لبعد المسافة وفرق التوقيت. معظم الموجودين معنا منذ بدأنا سنة 2015 مثـــابرين، ونحــاول التأقلم مع الضغوط التي يعيشون فيها.
○ هل تمكنتم من اكتشاف مواهب مميزة بين النازحين؟ وكيف تتم متابعتها؟
• نجري اختبارات قبول صعبة نسبياً في مختلف المجالات التي نعلمها من موسيقى، وفيديو ومسرح، ونقبل من لديهم مواهب أولية من أذن موسيقية، وخيال بصري قوي وقدرة سرد قصة. لهذا الأعداد غير كبيرة، وتلزم الدراسة الحضور ثلاثة أيام في الأسبوع وبمجهود كبير. ومن يستمرون هم فنانون حقيقيون ويتعاطون مع الدراسة بجدية. في الرسم والموسيقى هناك عدد كبير من المواهب اللافتة جداً سواء عازفين أو مغنين. في أيلول/سبتمبر الماضي تخرجت أول دفعة من العازفين وعددهم 24، بينهم 18 من المواهب المهمة. وتستعد مدرسة الفيديو لتخريج أول دفعة آخر الشهر وهم 20 طالبة وطالباً. وتضم مدرسة الفيديو طلاباً يصل عمر بعضهم لـ25 سنة ونتوقع احتراف بعضهم في أي من مجالات صناعة السينما.
○ ما هي قوافل المساعدة التي تنظمونها على مستوى عربي؟ أي من العرب يتعاونون فيها؟
• قوافل الإغاثة الثقافية أول نشاط لنا. وهي الخطوة الأولى لنا في أي موقع عمل جديد لنقل العراق أو السودان. تتألف تلك القافلة من فنانين محترفين متطوعين لديهم خبرة العمل مع المجتمع، ونختارهم بعد مقابلات. نحاول استكشاف قدراتهم في التعامل مع من يمرون في ظروف نفسية خاصة. تطوع لأسبوعين دون أجر. تعاونا مع خيرة الفنانين من الدول العربية. تتألف قافلة الإغاثة الثقافية من حوالي 15 متطوعة ومتطوعا. تراكم لدينا عبر السنوات عدد كبير من المتطوعين، أكثرهم من تونس ومصر. ومتطوعين من المغرب، والسودان، والسعودية، والعراق، والأردن، وفلسطين، ولبنان وسوريا. البيئة التي تستهدفها القافلة تُقبل استثناءات أو شروط. فنحن نحتاج لأن نفهم المجتمع المستهدف، ويحتاج بدوره لأن يتعرّف علينا. آخر قافلة نُظمت في تموز/يوليو الماضي إلى عكار ـ لبنان حث اشتغلنا مع سبعة مخيمات، ركزنا على الغناء، والتصوير الفوتوغرافي، والفيديو، والمسرح والدمى. وهذه السنة بدأنا متابعة ما بعد القافلة، إذ أن التقييم أفضى إلى ضرورة القيام بدورة في التصوير الفوتوغرافي والفيديو.
○ المسرح جزء من العمل الذي تقومون به، كيف لك وصف التعبير من خلال المسرح لمن يعيش في خيمة؟
• فريقنا المسرحي الذي تدرب عبر السنوات يتكون من 14 شابا وفتاة، ومؤخراً قدم عرضاً من اخراج كريستال خضر والنص للكاتب سعدالله ونوس. جال العرض في أماكن متعددة من لبنان، وتم اختياره من قبل لجنة تحكيم للمشاركة في مهرجان أدنبرة للفنون العربية. مصاعب الحصول على تأشيرات وتصاريح العودة إلى لبنان حال دون السفر.
○ هل يُقبل الأطفال والشباب على المسرح والفنون لأنها أتت إليهم فقط أم هي حاجة كانت تنتظر فرصة مناسبة؟
• أكيد وكما في أي مجتمع هي حاجة تنتظر فرصة مناسبة. ثمة اعتقاد خاطئ بأن الفن مرغوب لدى الطبقات المتوسطة وما فوق. وأن هؤلاء يرسلون أبناءهم إلى الكونسرفتوار، ولهذا يجب أن يكونوا في منزل ولهم دخلهم الثابت. في الواقع أن كافة البشر لهم ذات الاحتياجات سواء لهم قدرة على تلبيتها أم لا. لأبناء الطبيب أو المهندس ذات احتياجات لاجئ يعيش في خيمة. وإن كان الطعام والشراب شرطا من شروط الحياة، فالفن شرط من شروط ممارستها. الفن ضروري للمجتمع كمساحة آمنة ينمي الخيال والنقد. والعمل الفني المهم يبقى كنزاً للبشرية.
○ تقدمون منحاً لدراسة الفنون، كم طالت من الطلاب وأين يدرسون؟
• للأسف نحن قدمنا فقط خمس منح للدراسة الجامعية في لبنان، وبعضها جزئي. واجهنا صعوبة في ايجاد تمويلها. المنح الخمس مولها المجلس الثقافي البريطاني الذي تغيرت أولوياته، ولم نتمكن من مواصلة البرنامج في العام الماضي. الطلاب يدرسون في الجامعة اللبنانية، تخرّج اثنان منهم والآخرون هذا العام.
○ كيف وبأي هدف وصل نشاطكم إلى ألمانيا؟
• نعمل على مستويين. مستوى مجتمعات اللاجئين والمشردين والمهمشين. والمستوى الثاني هو الحوار والنقاش وفتح آفاق معرفية ونظرية مع فنانين، ومع منظمات أخرى تعمل في الثقافة والمجالات الاجتماعية. ومن هنا أتى الحدث الذي نظمناه في ألمانيا في العام 2016 بعنوان مساحات الأمل. كان حدثاً ثقافياً امتد لثلاثة أيام في برلين. وشكل منصة لعدد من الفنانين والناشطين، والمهتمين بالأفكار الخاصة بالتغيير الاجتماعي للفتح النقاش. مستوى ضروري من العمل، فالعمل على الأرض يجب ان لا ينسينا الاجتهاد النظري. وهذا ما يتيح شبكات تواصل، بحيث لا يكون عملنا أو ما يماثله في بلد آخر من العالم موضعي، بل يفتح امكانية الالتقاء بمشاريع أخرى، وتالياً التوسع في التأثير.
○ هل يُقبل النازحون على العمل التطوعي؟
• لا شك بوجود شباب وشابات من مجتمع النازحين يساعدون في العمل على الأرض كونهم يعرفون البيئة جيداً. الراغبون في التطوع أكبر من قدرتنا في الاستيعاب.
○ لماذا حمل مهرجان 2017 عنوان «أوان»؟
• شعرنا بـ»أوان» الظهور للعلن بعد سنتين من العمل على الأرض. الحدث الذي نظمناه في المانيا كان له صدى كبير، ولم ننظم مهرجاناً في لبنان وقلنا بأنه الأوان.
○ ما هو الجواب على السؤال المطروح في إحدى ندواتكم «هل ترى ضرورة لإرتباط العمل الفني بمردود سياسي أو اجتماعي»؟
• كانت حلقة نقاش بين أربعة فنانين من بلدان مختلفة حول تأثير التوجه الاجتماعي والسياسي على العمل الفني. الفنانون الأربعة محترفون. كان الاتفاق بينهم أن التوجه الاجتماعي والسياسي له تأثيرات سلبية وإيجابية، مع وجود شبهة الاستغلال من قبل الفنان لأجل ترويج عمله. وشبهة الاعلام الذي يمكن أن يُعطي أفضلية لهذا العمل وبالتالي يستفيد الفنان مادياً. وأجمعوا على وجود نوع من الاستجابة للظرف الاجتماعي والسياسي الذي يصعب تجاهله.
○ هل ستقفل مدرسة العمل للأمل للموسيقى أبوابها مع عودة النازحين إلى سوريا؟
• تشكل المدرسة نموذجاً للتعليم الموسيقي البديل لمن ليس لديهم وسيلة للتعلم الموسيقي. عملنا مع مجتمعات اللاجئين، وإن هي لم تعد موجودة نعمل مع الفئات المهمشة، ليس في سوريا ولبنان، إنما في أي بلد آخر. التعليم الموسيقي البديل ليس مرتبطاً بظرف سياسي بل بظرف اجتماعي موجود في كافة المجتمعات.
○ من خلال العلاقة مع النازحين أطفالا، يافعين وشبابا ما هي وسيلة التعبير الأكثر قبولاً لديهم؟
• حسب الموهبة. منهم لديهم مواهب بصرية فيتجهون إلى الفيديو. والمواهب الموسيقية إلى الموسيقي. ومن يبرع في التعبير الجسدي واللفظي والكلام يتجه للمسرح. واختبارات القبول تحدد التوجه.
○ هل تعملون مع الأمهات ووفق أي برنامج؟
• برنامج «الحكي» هو الوحيد الذي نقدمه للأمهات والفتيات، بدأ سنة 2015. بالتواصل مع السيدات طلبن ببرنامج لمحو الأمية. ونظرا لتكرار الطلب قدمنا البرنامج لمرة واحدة بعد الاستعانة بخبراء. 87 سيدة تدربن، بالتزامن مع دخول الجانب الإبداعي، فكتبت السيدات قصصاً من حياتهن. من بين تلك المجموعة استمرت 25 امرأة في التدريب على الكتابة الدرامية مع الكاتبتين إيمان صعيد وياريفان حسن. وكانت مجموعة قصصية نشرت وأطلقت في المهرجان الأخير بعنوان «بلكون الورد». ونتج عرض مسرحي بعنوان «حُمرة». هو برنامج ناجح جداً وأتمنى استمراره.
○ وماذا عن حفل «زهورات» الذي قدمته نساء من اللاجئات؟
• هنّ مجــمـــوعة من خريــجـــات مدرسة الموسيقى وكان حفلهن ممتازاً. وفي الربيع ستكون لهن جولة.
○ وفق أي رؤية تبنون برنامجكم السنوي؟
• بعد تقييم السنة التي مرّت من قبل فريق العمل ومجلس الإدارة وبناء عليه نبني تصور السنة الجديدة. في 2018 سنركز على رفع جودة كافة البرامج. هي سنة هادئة بحيث نعمق ما نقوم به، ونركز الكيفية. وجديدنا انشاء أول مسرح متنقل لنا في البقاع.
○ ما هو حجم الأمل الذي بثه نشاطكم؟
• سؤال صعب. قد نكون نساهم في بناء مجموعة مميزة من الشباب ترى الأمل، وتؤمن بالحرية وبأن مجتمعاتنا تستحقها. مقابل ما ننجزه نحن وسوانا، يقدم الواقع تحديات رهيبة.

بسمة الحسيني: «العمل للأمل» اكتشفت مواهب حقيقية
المهمشون واللاجئون يحتاجون دراسة الفنون كما أبناء المهندسين والأطباء
زهرة مرعي

الفنان محمد بكري ينقل احتجاج فلسطينيي الداخل: إسرائيل تعتبرنا مذنبين حتى نثبت براءتنا والعرب يعتبروننا يهودا حتى نثبت عروبتنا

Posted: 06 Jan 2018 02:06 PM PST

الناصرة ـ «القدس العربي»: يعبر الفنان الفلسطيني محمد بكري عن خيبة أمله من أوساط عربية واسعة ما زالت تتعامل معه ومع زملائه من داخل أراضي 48 بجهل وتهميش دون مبرر، مؤكدا أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة فعلا. ويقول محمد بكري ذلك رغم حيازته على جائزة أفضل ممثل ضمن مهرجان دبي السينمائي في الأسبوع الماضي هو ونجله الفنان صالح بكري عن دوريهما في فيلم «واجب». وبعد حملة التحريض على بكري لزيارته بيروت في الشهر الماضي تجددت الحملة مؤخرا وانضم لها المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، إلى الدعوى القضائية التي قدمها ضابط إسرائيلي ضد الفنان بكري حتى يكون شريكا في الدعوى القضائية المقدمة ضده بخصوص فيلم «جنين جنين» والمطالبة بتعويض مادي قيمته 600 ألف دولار. ويؤكد أن ملاحقة المؤسسة الإسرائيلية تجدد بمساندة وسائل الإعلام العبرية. ويستذكر بكري في حديث لـ «القدس العربي» ان لقائه الأول مع العالم العربي كان عام 1983 من خلال فيلم عالمي شارك في بطولته وهو «حنا كي» من إخراج كوستي غابرا وذلك ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. وأضاف «سافرت حاملا كل أحلامي وآمالي في الزيارة الأولى للقاهرة التي كنت أعارض زيارتها قبل ذلك رفضا للتطبيع مع إسرائيل والاحتلال. ذهبت إلى هناك وكلي آمال وطموحات أنني سأصبح نجما في العالم والقاهرة أيضا وهي حلمنا الثقافي حيث تربينا على أفلامها وشعرائها وأدبائها من نجيب محفوظ حتى أم كلثوم وبقية الكلاسيك المصري في كل الفنون والمجالات. حينما وصلت القاهرة أخذتني الصدمة لأنهم أولا طلبوا مني لا تقول إنك من إسرائيل، وخبأ حقيقة حملك الجواز الإسرائيلي ولا تذكر كلمة إسرائيل في الصحافة، فكنت أقول: أنا هكذا ولكنني قادم من هناك فما العمل؟ مرة واحدة وقعت أحلامي ومرت من وقتها 35 سنة ولم أعمل في أي فيلم مصري».
○ وكيف أثرت عليك الحادثة؟
• أثرت تلك الحادثة جدا علي وعلى وعيي، فقد كنت شابا حالما وبانيا آمالا لممثل عالمي. أول ممثل عالمي بعد عمر الشريف هذا كان العنوان في «الجمهورية». كتب هذا العنوان الراحل سمير فريد رئيس رابطة النقاد السينمائيين وهو مثقف كبير ومعادي لإسرائيل فاستبشرت خيرا بهذا العنوان وانتظرت بعده أن أصبح نجما في القاهرة فاتضح لاحقا أنني كرمت هناك قبل أربع سنوات فقط بعد كل هذا المشوار الفني الطويل وكان المبادر للتكريم هو عمر الشريف. بعد ذلك لم تحصل أي مشاركة وكان هناك نوع من المقاطعة وذنبي الوحيد أنني أحمل جواز سفر إسرائيليا. المفارقة أنني من مناهضي التطبيع لكنني أدفع الثمن وهذا موجع جدا. في هذه الفترة شاركت في ثلاثة أفلام إسرائيلية فقط بينما شاركت في عشرات الأفلام العالمية وحصدت جوائز دولية في مهرجانات كبيرة مثل دبي وروما والأرجنتين. ظلم ذوي القربى أشد مضاضة فعلا. لاحقني الإسرائيليون على أفلامي ومواقفي وإعلامهم يعتم علي وهذا غير مفرح ومفهوم لكن غير المفهوم هو التجاهل العربي. هاجمني الإسرائيليون خلال زيارتي الأخيرة لبيروت ولم يهمني وكان هذا متوقعا ومفهوما ولكن أن يقال عني مشارك في التطبيع من قبل عرب وفلسطينيين؟
○ لماذا في رأيك هوجمت؟
• لا أعرف لماذا هذا الهجوم علي لكنني أظن أن مرد ذلك عدة أسباب منها الجهل وعدم معرفة وعدم فهم مشواري الفني وعدم متابعتها منذ بداياتها وبناء مواقف بناء على قيل وقال وبدون مسؤولية ولا تعمق. نحن متهمون هنا وهناك أيضا:
في إسرائيل متهمون ونعتبر طابورا خامسا ويتعاملون معنا باعتبارنا مذنبين حتى نثبت براءتنا وهكذا نحن لدى العرب متهمون ويهود حتى نثبت عروبتنا.
شاركت مرة في مسلسل سوري بعنوان «عرب لندن» عام 2011 وهو عن حياة العرب في بريطانيا ومع ممثلين بارزين وبعضهم ربطتني بهم صداقة ممتازة ومن وقتها لم تتكرر التجربة على نفس الخلفية، هوجم مخرج الفيلم من قبل أوساط فنية عربية معروفة لأنه أخذني لدور في هذا الفيلم. لا يوجد مخرج عربي لا سوري ولا مصري ولا عراقي يجرؤ على التعاون معي عدا تونس. في تونس حزت على أربع جوائز ذهبية على أفلام وعلى مسرحية وفعلا صدق محمود وهو يقول كيف نشفى من حب تونس؟ حب فلسطين هناك كبير. تونس الحضن الدافئ الوحيد حضاريا وفنيا وسياسيا شعبا وحكومة وأكثر من كل العالم العربي. التوانسة يحترمون فلسطين ويقدرون الفن كثيرا. والقيادة الفلسطينية كرمتني في عدة دول بمبادرة السفارات الفلسطينية التي كانت ترعى فعاليات ثقافية بمشاركتي خاصة «المتشائل». أهم جائزة في حياتي جائزة فلسطين للسينما عام 1987 وأشعر باني معتبر ومحترم جدا من قبل مختلف الجهات الفلسطينية خاصة بعد أفلامي مثل «جنين جنين».
○ تلقيت دعوات لزيارة الجزائر وسوريا ولم تتم لأسباب تقنية لكن زيارة بيروت كانت الأولى وصاخبة؟
• هذه الزيارة كانت أولى وتاريخية وكنت مطمئنا لأن الجهات التي دعتني مسؤولة ومنظمة ضمن أسبوع محمد بكري. عرضت «المتشائل» في بيروت مرة واحدة واشتعلت القاعة حماسا بعد عرضها والفنانة الكبيرة نضال الأشقر مؤسسة مسرح المدينة دخلت القاعة وعانقتني ومنحتني مفتاحا كبيرا وقالت أمام الجمهور: هذا مفتاح بيروت وهي لك وبيوتنا كافتها مفتوحة لك. المفارقة أنني عندما عدت تغلبت في مطار عمان دون سبب وخلت أنني في مطار بن غوريون الدولي وسئلت كيف خرجت من هنا؟ وحينما فتشت موظفة حقيبتي سألتني عن المفتاح فقلت: هذا مفتاح حق العودة. عندما وصلت المعبر الإسرائيلي توقعت اعتقالي بعد موجة تحريض كبيرة خلال تواجدي في بيروت. ليس فقط أنهم لم يحبسوني بل لم يسألونني عن المفتاح. بيروت صرح ثقافي كبير وتسير في شوارعها كشارع الحمرا فتتذكر أنه بهذا المقهى كان يجلس محمود درويش وهناك كانت تزور فيروز وترى مقر ياسر عرقات ومقر قيادة جورج حبش وصلاح خلف فتمتلأ انفعالا، فالمدينة مشبعة بالتاريخ وغنية بالفن. بالحمرا انفعلت كثيرا لكن الدمعة فرت من عيوني في المخيمات في شاتيلا وبرج البراجنة ومار الياس وصبرا وهي في قلب بيروت. لم أعلن زيارتي للمخيمات وعمدا لم أتصور في المخيم لئلا يقال إن محمد قدم لهنا كبعض الأشخاص لالتقاط الصور.
○ ربـمـــا أنك تدفع ثمن «المتشائل» فبعض خصوم إميل حبيبي تهاجمه من خلالك؟
• لن أندم على ما أؤمن به ولا أحاكم إميل حبيبي لخطأ ارتكبه أو خطأين وجل من يسهو. بالنسبة لي ما زال حبيبي منارة من منارات شعبنا وقمة أدب المقاومة ومن ناحية ما قدمه لشعبه بالأدب. بالنسبة لي إميل حبيبي هو أديب لا سياسي. نعم هناك شيء من الحقيقة بهذا التشخيص لأنني استمرار لإميل حبيبي. لا حبي لحبيبي ليس أعمى. ولا أقوم بتأليه أحد رغم أنني أحبه. نعم كان يحبني بقدر ما أحبه وهذا ما كنت أشعر به. كان يحب محمد ويحب أبي ويحبني كفنان ومقدم للمتشائل وقد شاهدها مئات المرات وكان له ملاحظات حول المسرحية. أحببتها فعرضتها أكثر من ألفي مرة. قرأت روايات كثيرة محلية وعربية وأجنبية وهي من أجمل ما قرأت.
○ لا تتفق معه كسياسي؟
• لا أتفق مع كل السياسيين ولو كنت اتفق معهم لكنت سياسيا.
○ متى ولماذا غيرّ العالم العربي معاملته مع فلسطينيي الداخل؟
• وجود أشخاص مثل محمود درويش واميل حبيبي وسميح القاسم ومحمد بكري وآخرين في الداخل حسن صورة عرب 48 بعيون العرب عامة والفلسطينيين خاصة. هذا ملموس وأنا أحسسته وهناك ناس بالخارج تحلف برأسنا خصوصا أكثر الناس بحالة مزرية وهم لاجئو لبنان الذين يرون بنا أملا وضوءا ومرجعية وبوصلة وكذلك المثقفين العرب الذين يعرفوننا ويشعرون تجاهنا بنفس الشعور. من تجربتي الشخصية أتحدث طبعا. هناك مثقفون مثل الطاهر وطار، ويوسف القعيد وأدونيس وغيرهم أحسست بقوة بالتقدير الذي يكنوه لنا. كنت شاهدا كيف قام مثقف مصري كبير بإمساك قبعة إميل حبيبي وقبلها أمام كل الأدباء في برلين عام 1987. كان ذلك تعبيرا لدور الرجل بعدما شاهد المتشائل. ولكن هم أيضا وبضغوط الرأي العام ينتقدون إميل حبيبي.
○ عوامل أخرى؟
• اعتقد أن يوم الأرض الأول عام 1976 كان نقلة نوعية بنظرة العرب والفلسطينيين لنا. كذلك موقفنا من حرب لبنان الأولى وخروجنا بمظاهرات احتجاجية. كذلك نحن تغيرنا وباتت هويتنا الفلسطينية أكثر وضوحا وبلورنا جيلا منتصب القامة وأنا أتحدث عن زبــدة مجتـمــعنا وهم لا يواجهون سؤال الهوية وليسوا تائهين رغم وجود قطاعات ضائعة ولكن أمثال هؤلاء موجودين بكل مجتمع.
○ دور الإعلام؟
• نوعا ما نعم ولكن ليس للعمق. ساعدت بعض الفضائيات بنقل صورة إيجابية عنا. لكن ما زالت جيوب وأوساط عربية تجهلنا جهلا مطبقا. ما يتعلق بالعرب هذا يختلف من مكان لآخر. الحب الكبير لفلسطين يتجلي لدى النخب وفي الشارع شاهدته في تونس وهذا لم ألمسه في مصر وغيرها. المغرب العربي هو الأقرب لفلسطين من كل العرب.

الفنان محمد بكري ينقل احتجاج فلسطينيي الداخل: إسرائيل تعتبرنا مذنبين حتى نثبت براءتنا والعرب يعتبروننا يهودا حتى نثبت عروبتنا

وديع عواودة

غضب العظماء يتحدى الثلوج المتراكمة على بوابة «الميركاتو»!

Posted: 06 Jan 2018 02:06 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»:ظلت سوق انتقالات اللاعبين الشتوية في أوروبا، تقريبا بلا فائدة ولا قيمة كبيرة في السنوات الماضية، وتحديدا منذ 2011، الذي شهد صفقات من الوزن الثقيل، أشهرها انتقال المهاجم الإسباني فرناندو توريس من ليفربول إلى تشلسي مقابل 50 مليون جنيه إسترليني، كأغلى لاعب في البريميرليغ آنذاك، وهو المبلغ الذي استثمره أصحاب «أنفيلد» في التوقيت ذاته، بضم الثنائي أندي كارول (أغلى لاعب بريطاني سابقا) ولويس سواريز من نيوكاسل وأياكس.
اعتدنا دائما منذ حصول اللاعبين على كامل حقوقهم بموجب قانون «بوسمان»، الذي جعل قدم اللاعب أغلى بكثير من الذهب في وقتنا الحالي ومنحه الحق في الرحيل بدون مقابل بعد انتهاء عقده مع ناديه، أن تكون موجة الانتقالات في فصل الصيف، وتُخمد تماما مع انتهاء «الديد لاين»، لكن الجديد في السنوات الماضية، أن الميركاتو الشتوي كان يمر مرور الكرام، فقط حدثت استثناءات تُعد على أصابع اليد بعد شتاء 2011، مثل انتقال خوان ماتا من تشلسي إلى مانشستر يونايتد مقابل 37 مليون إسترليني بيناير 2014، والذي تزامن مع عودة نيمانيا ماتيتش إلى تشلسي من بنفيكا مقابل 21 مليونا، وقبلهما بعام اقتنى ليفربول جوهرة الإنتر فيليب كوتينيو بأقل من 9 ملايين. أيضا باريس سان جيرمان أنفق قرابة 70 مليون يورو في يناير الماضي، بضم يوليان دراكسلر وغونزالو غويديس، وتشلسي ربح حوالي 70 مليونا، منها 60 مليونا جراء تصدير الموهوبة البرازيلية أوسكار لشانغهاي إيست الصيني، مع الوضع في الاعتبار أن بيع لاعبين آخرين خارج بريطانيا مثل ديميتري باييه، وممفيس ديباي وأدوين إيغالو، مع صحوة الأندية الصغيرة كبيرنلي الذي أبرم أكبر صفقة في تاريخه بشراء جناح نوريتش روبي برادي بـ13 مليون إسترليني، من الأمور التي ساهمت في انتعاش الانتقالات الشتوية الأخيرة في إنكلترا، التي شهدت ثاني أعلى معدل إنفاق (215 مليونا) بعد شتاء 2011 (225 مليونا). وباعتراف دون غونز الشريك في مجموعة «سبورتس بيزنس»، فإن القفزة الهائلة في حجم إنفاق الانتقالات الشتوية الإنكليزية الماضية، سببها الظهور المفاجئ للأندية التي تُصارع للبقاء في البريميرليغ، مستشهدا بإنفاق أصحاب المراكز الستة الأخيرة 110 ملايين، وهذا يعكس مدى القوة الشرائية للأندية الإنكليزية التي تتربح ملايين طائلة من عائد البث التلفزيوني، لكن الآن كل المؤشرات والتوقعات تُظهر أننا على أعتاب ميركاتو شتوي تاريخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وفي الغالب ستعود الهيمنة للأندية الكبيرة بحجم إنفاق سيتخطى كل التوقعات.
قبل أن نستقبل أول ساعات العام الجديد، فجر ليفربول أولى المفاجآت بإعلان أغلى صفقة في تاريخ المدافعين بضمه الهولندي فيرجيل فان دايك بـ76 مليون استرليني، وأغلى صفقة شتوية منذ انتقال النينيو إلى «ستامفورد بريدج» عام 2011، وفي اليوم التالي، بدأ الفصل الجديد من مسلسل فيليب كوتينيو وبرشلونة، وهذه المرة هناك شبه إجماع أن إدارة الريدز «غيرت لهجتها» في حديثها مع رئيس البارسا جوسيب ماريا بارتوميو، وهناك احتمالات أن تتم الصفقة مقابل 110 ملايين بالإضافة لـ40 مليونا اضافات بحسب ما سيُقدمه اللاعب مع ارنستو فالفيردي في المرحلة المقبلة، ناهيك عن المصائب التي هبطت فوق رأس الكتالوني الآخر بيب غوارديولا، الذي يخشى من فقدان أهم أسلحته بشكل إجباري كيفن دي بروين وغابريل جسيوس بداعي الإصابة، ومن قبلهما أصيب بنجامين ميندي الذي انتهى موسمه مُبكرا، بخلاف اللغز العجيب حول اختفاء دافيد سيلفا عن المشهد، ما يعني أنه بنسبة تزيد عن 70٪ أن السيتي سيتعاقد مع لاعب أو اثنين على أقل تقدير قبل الأول من نوفمبر، حتى لا يُعطي أكثر المتفائلين تشلسي ومانشستر يونايتد فرصة لتقليص الفارق قبل شهر الحسم. من الأمور التي قد تُساهم في حدوث رواج غير مسبوق في الانتقالات الشتوية، رغبة اللاعبين الدوليين الذين لا يلعبون مع أنديتهم بصفة مستمرة في الرحيل، بحثا عن فرصة في مكان آخر للعب كل أسبوع للتشبث بأمل الظهور في كأس العالم قبل فوات الأوان، والأمثلة كثيرة، منها على سبيل المثال مدافع تشلسي دافيد لويز، المُحتمل رحيله لإنقاذ موسمه بعد خروجه من حسابات كونتي منذ السقوط المفزع أمام روما بالثلاثة في قلب «الأولمبيكو»، ومهاجم آرسنال أوليفييه جيرو ودانيال ستاريدج وثيو والكوت وخافيير ماسكيرانو ودراكسلر وآخرون، ولا ننسى ذعر الأندية من مصير فقدان نجومها بالمجان إذا فاتت فرصة البيع الأخيرة قبل انتهاء عقودهم في منتصف العام، أبرزهم ثنائي آرسنال مسعود أوزيل وأليكسيس سانشيز، كما أن موجة الغلاء والتضخم التي ضربت السوق بعد صفقة نيمار بالتحديد، انعكست بشكل سلبي على الانتقالات الصيفية الأخيرة، وهذا في حد ذاته يُزيد من احتمال تزايد الإنفاق والتنقلات هذا الشتاء بشكل مختلف، خاصة مع احتياج جُل أندية الصفوة لدماء وصفقات جديدة لإنقاذ موسمها في النصف الثاني.
ولنبدأ ببطل أوروبا في آخر عامين ريال مدريد، رغم خروجه من عام 2017 بخمسة ألقاب للمرة الأولى في تاريخه، إلا أن زيدان يواجه مشاكل فنية بالجملة، أخطرها غياب الفاعلية الهجومية في مباريات الليغا، بسبب انخفاض المعدل التهديفي لرونالدو وكريم بنزيمة، في الوقت الذي لا يوجد فيه بديل على ذات المستوى بعد بيع ألفارو موراتا وخاميس رودريغز بجانب بيع دانيلو وترك بيبي يرحل بالمجان، ما أثر على نتائج الفريق على مستوى الليغا بشكل غير مسبوق، لدرجة أن فارق النقاط مع المتصدر برشلونة وصل 14 نقطة، لذا لن تكون مفاجأة إذا جلب بيريز لاعب مثل إدين هازارد أو محمد صلاح أو أي مهاجم سريع قبل نوفمبر، بالإضافة لقلب دفاع وحارس هو حامي عرين بلباو كيبا أريزابلاخا.
أما برشلونة، فلا شك أبدا بأن ميسي ورفاقه يسيرون بشكل أفضل مما كان مُخططا له قبل بدء الموسم، لكن الرئيس بارتوميو ما زال يرغب في تعزيز القوة الهجومية لفالفيردي بضم كوتينيو بالذات، والمفارقة العجيبة أن مسلسل إصابات الدولي البرازيلي تتجدد مع بدء انتشار الشائعات حول اهتمام برشلونة، بنفس الطريقة التي حدثت في أغسطس الماضي، فهل هذه إشارة على شيء ما قد يَحدث؟
مانشستر سيتي، الآن بات غوارديولا بحاجة لبديل على نفس مستوى غابريل في الهجوم، لصعوبة المقامرة بمهاجم كثير الإصابات كأغويرو لمدة شهرين، اضافة إلى أن الأخير لا يعيش أفضل لحظاته مع بيب في الأسابيع الماضية، رغم إنجازه باعتلاء صدارة هدافي السيتي على مر التاريخ، لكنه بحاجة ماسة لقلب دفاع، للتخلص من كابوس إصابات القائد كومباني التي لا تتوقف أبدا، بجانب احتمال رحيل الفرنسي مانغالا بعد اكتمال شفاء جون ستونز، لذا قد يعود السيتي لطلب مدافع الأعداء السابق جوني إيفانز، الذي تعثر انتقاله من وست بروميتش ألبيون الصيف الماضي، بجانب الهدف الرئيسي أليكسيس سانشيز، الذي اعترف غوارديولا، أنه سيضطر لطلبه من جديد بعد كوارث الإصابات الأخيرة.
المطاردون: تنفس أتلتيكو مدريد الصعداء برفع عقوبة الإيقاف التي حرمته من قيد لاعبين جُدد الصيف الماضي، وعلى الفور أدرج الثنائي فيتولو ودييغو كوستا للقائمة التي ستستكمل الموسم بأثر فوري، على أمل أن يقترب أكثر من برشلونة ويُصحح أوضاعه في الدوري الأوروبي بعد الخروج الصادم من دوري مجموعات الأبطال، وفي إنكلترا يُحاول تشلسي تصحيح خطأ التخلي عن ماتيتش بشراء متوسط ميدان بايرن ميونيخ آرتورو فيدال، مع البحث عن مدافع لتفادي الوقوع في ورطة إذا رحل دافيد لويز، فيما يرتبط مستقبل أوزيل بمانشستر يونايتد، لحاجة مورينيو لصانع ألعاب قادر على تنفيذ أفكاره بدلاً من مختاريان المُرشح للعودة إلى ناديه السابق بوروسيا دورتموند أو الدخول كجزء من صفقة أوزيل. وآرسنال هو الآخر يضع عينيه على أكثر من اسم لامع، لحل أزمة سانشيز وأوزيل، في مقدمتها توماس ليمار، الذي رفض موناكو التفريط فيه نظير 90 مليون إسترليني في آخر ساعات الميركاتو الصيفي، ومؤخرا عادت الصحف لربط مستقبل رياض محرز بالمدفعجية، وفقط توتنهام مع مدربه الأرجنتيني ماوريسيو بوتشتينو لن يُغامر، إلا بصفقة على سبيل الإعارة مع الاحتفاظ بخيار الشراء بعقد دائم على غرار ما حدث مع ديلي آلي، والاحتمال الآخر أن تعود المفاوضات مع لاعب وسط إيفرتون روس باركلي.
وفي إيطاليا، هناك أنباء عن تجدد مفاوضات يوفنتوس مع لاعب ليفربول إيمري تشان، ونابولي يقترب من تعزيز هجومه برأس حربة بولونيا سيموني فيردي، في المقابل يواجه الإنتر معركة شرسة للاحتفاظ بمهاجمه وقائده إيكاردي، الذي يُريده الريال، فيما تتجه النية داخل ميلان للتخلص من بعض الأسماء لتخفيف ميزانية الأجور، بعد تراجع الفريق للمركز السابع، رغم تدعيمه بصفقات جديدة تجاوزت حاجة الـ200 مليون يورو… فهل ستصدق التوقعات ويَصل حجم الإنفاق في ميركاتو شتاء 2018 لرقم غير مسبوق؟

غضب العظماء يتحدى الثلوج المتراكمة على بوابة «الميركاتو»!
مؤشرات تُنذر بسوق انتقالات شتوية أكثر «إثارة ونشاطا» من الصيف
عادل منصور

الجدول المزدحم في البريميرليغ… نعمة أم نقمة؟

Posted: 06 Jan 2018 02:05 PM PST

ازدادت وتيرة الاعتراضات في الأيام الاخيرة على الجدول المزدحم والمباريات المتلاحقة التي تخوضها أندية الدرجة الممتازة الانكليزية، حيث خاض بعض الفرق 10 مباريات في نحو أربعة اسابيع، أي بمعدل مباراة كل ثلاثة أيام خلال فترة الاعياد.
كل الانتقادات جاءت من المدربين الاجانب في البريميرليغ، على هذا التقليد المتبع من عقود طويلة، فاعتبر مدرب مانشستر سيتي بيب غوارديولا ان كثافة المباريات وتسارعها «تقتل اللاعبين»، بعدما لعب فريقه 4 مباريات في 11 يوماً، في حين لام مدرب أرسنال آرسين فينغر رابطة الدوري الممتاز على استهداف فريقه بجدول مزدحم لم ينصفه، فيما صب مدرب ليفربول يورغن كلوب جام غضبه الموسم الماضي، على هذا الجدول «اللاعقلاني».
ورغم محاولة الاتحاد الانكليزي جهده تقسيم المباريات بالتساوي والعدل من جهة عدد المباريات المقامة داخل الأرض وخارجه، ووضع الجماهير في الحسبان من حيث اختيار لقاءات الفريق القريبة جغرافيا كي يسمح لهم بالتنقل السريع والآمن، فان الاتحاد نفسه قال انه عرض على كل الفرق في مطلع الموسم هذا البرنامج ولم يعترض أحد من الاندية الممتازة العشرين.
طبعا السبب الرئيسي خلف هذا الاختيار، هو اقتصادي وتجاري بحت، ففي حين يكون نجوم الدوريات في اسبانيا والمانيا وايطاليا وفرنسا وغالبية الدوريات الاوروبية في اجازة قصيرة خلال فترة الكريسماس، فان الاتحاد الانكليزي ينظر الى كرة القدم على انها عروض ترفيهية واستعراضية، يكون جمهورها الاكبر خلال فترة الاجازة من العمال، فلا يعقل ان تتوقف المنافسات، والملايين مجازون من أعمالهم، وهذا ما قاد الى زيادة المداخيل من حضور الملاعب ومن حقوق البث التلفزيوني وأيضاً زادت المداخيل من الاعلانات التجارية التي تصادف زيادة وتيرتها خلال فترة الاعياد، فبات من المنطقي ان يزيد عدد هذه المباريات. وهذا أحد أهم أسباب ان البريميرليغ هو الدوري الاثرى في العالم، وهو الذي تشاهده الشريحة الاكبر من عشاق اللعبة حول العالم، لان خلال هذه الفترة التي تتوقف فيها غالبية الدوريات وتغيب فيها كرة القدم عن شاشاتنا، نجد ان منافسات الدوري الانكليزي تكون ملتهبة ومشتعلة، على غرار مباراة أرسنال وتشلسي يوم الاربعاء الماضي، فحتى لو لم تكن من عشاق الدوري الانكليزي ستجد نفسك مضطرا الى متابعة بعض مبارياته خلال هذه الفترة، وستجد نفسك تلقائيا مشجعا لأحد فرقه.
من الاسباب الاخرى التي تزيد فيها المباريات خلال هذه الفترة، ان الاتحاد الانكليزي يعامل بطولة كأس الاتحاد (بدأت منافسات دورها الثالث هذا الاسبوع)، بجدية واستثناء واحترام كبير، لانها أقدم مسابقة كأس في العالم. وفي حين ان منافسات بطولات الكأس المحلية في أوروبا تقام في منتصف الاسبوع، فان منافسات كأس انكلترا تخصص في نهاية الاسبوع (ويك اند)، وهو الموعد المعتاد لمباريات الدوري، وبالتالي يعوض عن خوض مباريات الدوري في أيام لاحقة، قد تكون في منتصف الاسبوع، او بزيادة عدد الجولات خلال فترة الاعياد، لان هناك نحو 5 جولات كأس ستقام يومي السبت والاحد المخصصين لمباريات البريميرليغ.
طبعا الفرق الممتازة تملك ما يكفي من العمق للتعامل مع ضغط المباريات، وليس بالضرورة باشراك أفضل 11 لاعبا دائماً، لكن بالنظر الى الأندية الاخرى في الدرجات السفلى، فاننا لن نجد أي شكوى منها، رغم انها تلعب العدد ذاته من المباريات المضغوطة والمتلاحقة، والسبب ان هذه هي الفترة الأفضل خلال العام التي ترتفع فيها معدلات حضور الجماهير الى الملاعب، وبالتالي تزداد مداخيل الادارات والمكافآت للاعبين.
وأخيرا، للذين يسألون عن سبب اخفاق الاندية الانكليزية في السنوات الاخيرة في التألق في مسابقة دوري أبطال أوروبا، ربما تكون فترة الانهاك الحالية اجابة مقنعة على خور القوى بحلول فبراير/ شباط المقبل، وقد تنعكس أيضاً على نجوم المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم في روسيا.

twitter: @khaldounElcheik

الجدول المزدحم في البريميرليغ… نعمة أم نقمة؟

خلدون الشيخ

الصفقات الخيالية تهيمن على 2017

Posted: 06 Jan 2018 02:05 PM PST

بوينس آيرس ـ «القدس العربي»: فيما أثبتت السنوات الماضية أن كرة القدم أصبحت تجارة وأن هذه حقيقة لا يمكن لأحد نكرانها، جاء عام 2017 ليعكس هذا بشكل خاص ومزعج.
وشهد هذا العام صفقات انتقال بأسعار ضخمة للغاية وزيادة في حجم البطولات من خلال قرارات زيادة عدد الفرق المشاركة فيها. وجاءت صفقة انتقال البرازيلي نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان لتكسر كل الأرقام القياسية، حيث سدد سان جيرمان قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب وبلغت 222 مليون يورو ليصبح نيمار اللاعب الأغلى في تاريخ اللعبة. ولكن هذه الصفقة لم تكن الوحيدة في قائمة الصفقات الخيالية التي شهدها صيف هذا العام حيث أعقبتها صفقة انتقال النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي إلى برشلونة مقابل 105 ملايين يورو بخلاف 42 مليون يورو أخرى نظير المشاركة والأداء. والمثير أن برشلونة أبرم هذه الصفقة بعد موسم واحد فقط تألق فيه ديمبيلي في بوروسيا دورتموند حيث سعى برشلونة من خلال ضم هذا اللاعب تعويض خسارته برحيل نيمار. وضم سان جيرمان الفرنسي كيليان مبابي من موناكو بعقد إعارة لعام ثم شراء اللاعب نهائيا في 2018 مقابل 180 مليون يورو حتى يتجنب سان جيرمان الوقوع تحت طائلة قواعد «اللعب المالي النظيف». وفاقت هذه الصفقات كثيرا ما دفعه ريال مدريد لضم الويلزي غاريث بيل حيث بلغت الصفقة في ذلك الوقت 100 مليون يورو، فيما بلغت صفقة انتقال الفرنسي الآخر بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد 105 ملايين يورو. وبدت هذه الأسعار وقتها مجنونة لكنها توارت الآن خلف الصفقات الخيالية في 2017 .
وشهدت سوق انتقالات اللاعبين في صيف 2017 تحطيم الرقم القياسي لإجمالي القيمة المالية للانتقالات في كل من إنكلترا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا. وأوضح موقع «ترانسفير ماركت» المتخصص أن الدوري الإنكليزي يأتي في الصدارة، حيث أنفقت أنديته مليار و400 مليون استرليني، في سوق الانتقالات لدعم صفوفها وأن معظم اللاعبين الذين تم التعاقد معهم لا يحظون بأسماء كبيرة وبراقة. وعلى سبيل المثال، أنفق مانشستر سيتي 52 مليونا لضم بنيامين ميندي من موناكو وهو رقم قياسي لضم أحد المدافعين. وكان لهذا التضخم عواقبه وتأثيراته في عدة أمور، منها لجوء الأندية إلى رفع قيمة الشرط الجزائي المدرج في عقود اللاعبين المتميزين. وحدد الريال الشرط الجزائي في عقد كل من رونالدو وبنزيمة بمليار يورو، كما حدد برشلونة الشرط الجزائي في عقد ليونيل ميسي بـ700 مليون يورو. وقال الإيطالي كارلو أنشيلوتي المدرب السابق لبايرن ميونيخ، بعد أسابيع من إقالته: «سوق الانتقالات أصبحت مجنونة تماما». وكان البايرن من أكثر الأندية انتقادا لهذا الإسراف، لكنه لم يفلت من عادة «نفاد الصبر» التي تهيمن على أجواء كرة القدم، حيث أقيل بعد أسابيع قليلة من بداية الموسم بسبب سوء النتائج. وواصل اتحادا كرة القدم الأوروبي (يويفا) والدولي (فيفا) النقاش والجدل بشأن إجراء إصلاحات في قواعد «اللعب المالي النظيف»، ولكن الضغوط من الأندية الأوروبية والمطالبات بفرض عقوبات على أندية مثل سان جيرمان أو مانشستر سيتي لم تترك أي أثر فعلي. وفي المقابل، واصل اليويفا والفيفا إنهاك الدجاجة التي تبيض لهما ذهبا وهي البطولات الكبيرة. واجتذب قرار الفيفا بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم من 32 إلى 48 منتخبا بداية من نسخة 2026 اهتماما كبيرا في هذا العام، رغم عدم انتهاء الفيفا من أزمة فضائح الفساد التي أحاطت بالفساد على مدار الأعوام الأخيرة. ويرجح أن يحظى الملف الثلاثي، الذي تشترك فيه الولايات المتحدة مع جارتيها المكسيك وكندا باستضافة مونديال 2026 فيما ينتظر أن يكون تنظيم البطولة التالية في 2030 من نصيب ملف ثلاثي آخر يضم الأرجنتين مع أوروغواي وباراغواي. وكان اليويفا قرر سابقا اقامة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2020) فـــي 12 بلدا بالـــقــارة العجوز ولكن هذه القارة ستـشهد أولا تجربة «دوري الأمم» في 2018 و2019 .
وأعربت الأندية وروابط بطولات الدوري المحلية في أوروبا عن شكواها من كثرة جولات المباريات الدولية ولكن شكواها لم تلق أي استجابة. وللمرة الأولى، بدأ موسم الدوري الإنكليزي مساء أحد أيام الجمعة ليكون موعدا جديدا تستطيع شبكة «سكاي» التلفزيونية من خلاله بث نحو عشر مباريات على مدار الموسم في ذلك التوقيت. كما سيشهد الدوري الألماني في 2018 للمرة الاولى إقامة بعض المباريات في أيام الاثنين.
ومن ثم، ستضمن كرة القدم استمرار مبارياتها على مدار أيام الأسبوع بحيث تقام مباريات الدوري المحلية في أيام الجمعة والسبت والأحد والاثنين، فيما تقام البطولات الدولية ومباريات الكؤوس في أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس. ويبدو أن العجلة لن تتوقف حيث تسعى بطولات دوري محلية في أوروبا إلى محاكاة ما يحدث في الدوري الإنكليزي، وبالتحديد ما يتعلق بالمباريات التي تقام في فترة الكريسماس. ولهذا، تحددت مباراة الكلاسيكو بين الريال وبرشلونة يوم 23 كانون الأول/ديسمبر الماضي كما استمر الدوري الإيطالي بلا توقف حتى نهاية العام. وأصبحت الإصابات عملة شائعة في مختلف الفرق. ولكن عام 2018 لن يشهد أي تحسن في فترات العطلة حيث يترقب العالم كله كأس العالم 2018 في روسيا عقب انتهاء الموسم الحالي.

الصفقات الخيالية تهيمن على 2017

قافلة المعتزلين في 2017: بولت وتوتي ولامبارد وهينغز وكليتشكو

Posted: 06 Jan 2018 02:05 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: ربما حظي اعتزال العداء الجمايكي يوسين بولت بقدر هائل من الاهتمام الإعلامي، خاصة مع الإخفاق الذي صاحب لحظة النهاية في مسيرة هذا العداء الحافلة بالإنجازات والأرقام القياسية. لكن عام 2017 كان شاهدا على اعتزال العديد من النجوم البارزين في مختلف الرياضات والذين ترك بعضهم بصمة ربما لا تقل عن بصمات بولت في عالم سباقات العدو.

كرة القدم

● الأرجنتيني مارتن ديميكيليس: بعد مسيرة حافلة امتدت 15 عاما في الأندية الأوروبية، أعلن المدافع الأرجنتيني الدولي مارتن ديميكيليس اعتزاله اللعب نهائيا وهو في السادسة والثلاثين من عمره. وبدأ ديميكيليس مسيرته الاحترافية بأوروبا في 2003 عندما انتقل من ريفر بليت الأرجنتيني إلى بايرن ميونيخ وظل في الفريق البافاري حتى 2010 ثم انتقل إلى ملقة الإسباني ومنه إلى مانشستر سيتي في 2013 قبل العودة في مطلع هذا العام إلى ملقة لينهي معه مسيرته، وخلالها، توج بلقب الدوري الألماني (أربع مرات) ودوري أبطال أوروبا مرة واحدة مع البايرن وبلقب الدوري الإنكليزي مرة مع مانشستر سيتي. وخاض ديميكيليس مع منتخب الأرجنتين نسختين لكأس العالم.

● الإنكليزي فرانك لامبارد: ودع نجم الكرة الإنكليزية المخضرم فرانك لامبارد لاعب وسط تشلسي الإنكليزي سابقا الملاعب في مطلع شباط/فبراير الماضي بعد مسيرة احترافية طويلة وحافلة امتدت لأكثر من عقدين. وخلال مسيرته الاحترافية، خاض أكثر من 100 مباراة دولية مع المنتخب الإنكليزي، سجل خلالها نحو 30 هدفا، كما قاد تشلسي الذي قضى في صفوفه معظم مسيرته الاحترافية إلى الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا في 2012 ولقب الدوري الأوروبي في 2013 إضافة لثلاثة ألقاب في الدوري الإنكليزي وأربعة ألقاب في كأس إنكلترا ولقبين في كأس المحترفين. لكنه ختم مسيرته مع فريق نيويورك سيتي الأمريكي.

● الإسباني ألفارو أربيلوا: بعد فوزه بلقب الدوري الإسباني الموسم الماضي، أعلن المدافع الإسباني الدولي المخضرم ألفارو أربيلوا (34 عاما) اعتزاله بعد مسيرة حافلة مع ريال مدريد والمنتخب الإسباني الذي فاز معه بكأس العالم 2010 وبطولتي كأس أمم أوروبا (يورو 2008 و2012) .

الإيطالي فرانشيسكو توتي: ودعت الملاعب الإيطالية في 17 تموز/يوليو الماضي واحدا من أبرز نجومها عبر التاريخ حيث أعلن النجم الأسطورة فرانشيسكو توتي اعتزاله بعد 25 موسما في صفوف روما الإيطالي. وبدأ توتي مسيرته مع الفريق الأول لروما في 1993 عندما كان في السادسة عشرة من عمره. ومنذ ذلك الحين، ظل اللاعب الأسطورة في صفوف فريق العاصمة وخاض مع الفريق ما يقرب من 800 مباراة سجل خلالها أكثر من 300 هدف. كما خاض توتي (40 عاما) مع المنتخب الإيطالي (الآزوري) أكثر من 50 مباراة دولية وساهم مع الفريق في الفوز بلقب كأس العالم 2006 بألمانيا.

● الإيطالي أندريا بيرلو: لم يكن فرانشيسكو توتي النجم الإيطالي الوحيد الذي ودع الملاعب في 2017 وإنما لحق به النجم الشهير الآخر أندريا بيرلو (38 عاما) الذي لعب إلى جواره في كأس العالم 2006 وتوجا مع المنتخب الإيطالي باللقب. وتوج بيرلو بلقب الدوري الإيطالي أربع مرات مع يوفنتوس ومرتين مع ميلان لكنه أنهى مسيرته في صفوف نيويورك سيتي الأمريكي.

ألعاب القوى

● يوسين بولت: ودع العداء الجمايكي يوسين بولت مضمار سباقات العدو بأسوأ شكل ممكن عندما فشل في استكمال سباق 4×100 متر تتابع خلال بطولة العالم لألعاب القوى التي استضافتها العاصمة البريطانية لندن في آب/أغسطس الماضي. وحرمت آلام الإصابة بولت، صاحب الرقم القياسي لكل من سباقي 100 متر (9.58 ثانية) و200 متر (19.19 ثانية)، من استكمال سباق التتابع ليكون الوداع الحزين للمضمار الذي سبق وأن حقق عليه أكثر من ميدالية ذهبية في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها لندن في 2012 .وكان بولت، المتوج بثماني ميداليات ذهبية أولمبية و11 ذهبية في بطولات العالم، توج قبلها بأيام قليلة ببرونزية سباق 100 متر على المضمار ذاته ضمن فعاليات البطولة ذاتها لتكون المرة الأولى في مسيرته الرياضية التي يخسر فيها ذهب هذا السباق.

● الأمريكي أشتون إيتون: بعد شهور قليلة من إنجازه في دورة الألعاب الأولمبية (ريو 2016)، قرر الأمريكي أشتون إيتون نجم المسابقة العشارية الاعتزال وهو في الثامنة والعشرين من عمره. وأعلن إيتون في مطلع كانون الثاني/يناير 2017 اعتزاله بعدما أصبح ثالث رياضي في التاريخ ينجح في الدفاع عن لقبه بالمسابقة العشارية في دورات الألعاب الأولمبية حيث فاز بذهبية المسابقة في أولمبياد لندن 2012 ثم أولمبياد ريو 2016. ولم يسبق لأي رياض الفوز بلقب العشاري في دورتين متتاليتين بالألعاب الأولمبية سوى بوب ماتياس (1948 و1952) ودالي طومسون (1980 و1984) . ويستحوذ إيتون أيضا على الرقم القياسي العالمي للمسابقة (9045 نقطة) كما فاز بلقب المسابقة في بطولتي العالم 2013 و2015 .

● الأمريكية كارميليتا غيتر: أسدلت العداءة الأمريكية كارميليتا غيتر (37 عاما) الستار على مسيرتها الرياضية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وخلال مسيرتها الرياضة، حققت غيتر العديد من الإنجازات وفازت بثلاث ميداليا في أولمبياد لندن 2012 (ذهبية 4×100 متر تتابع وفضية 100 متر وبرونزية 200 متر) كما توجت في بطولة العالم 2011 في دايغو بذهبيتي 100 متر و4×100 متر تتابع وفي بطولة العالم بأوساكا عام 2007 بذهبية 4×100 متر تتابع.

التنس

● التشيكي راديك ستيبانيك: بعد أكثر من عقدين كاملين من احتراف التنس، أعلن التشيكي راديك ستيبانيك في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي اعتزاله. ورغم فوزه بالعديد من بطولات المحترفين إضافة لفوزه بكأس ديفيز مع المنتخب التشيكي مرتين، لم ينجح ستيبانيك في الفوز بأي من ألقاب بطولات «غراند سلام» الأربع الكبرى على مستوى الفردي وإنما توج فيها بلقبين في منافسات الزوجي.

● السويسرية مارتينا هينغيز: أعلنت لاعبة التنس السويسرية المخضرمة مارتينا هينغيز (37 عاما) المصنفة الأولى على العالم سابقا اعتزالها النهائي، علما أنها سبق وأن ابتعدت عن الملاعب بسبب الإصابات وعادت إلى الملاعب.

فورمولاـ 1

● البريطاني بيرني إكليستون: بعد أكثر من ثلاثة عقود أحكم فيها قبضته على عالم سباقات فورمولا-1، اضطر البريطاني بيرني إكليستون (86 عاما) رئيس الرابطة المنظمة (مالكة الحقوق التجارية) لبطولة العالم (الجائزة الكبرى) لسباقات فورمولا-1 إلى التنحي عن منصبه طبقا لرغبة مجموعة «ليبرتي ميديا» الإعلامية التي اشترت الحقوق التجارية للبطولة.

● البرازيلي فيليبي ماسا: بمجرد انتهاء فعاليات الموسم الماضي لبطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا-1، أعلن البرازيلي فيليبي ماسا (36 عاما) سائق فريق وليامز اعتزاله نهائيا. وكان ماسا أعلن اعتزاله في نهاية 2016 ولكنه وافق على خوض موسم 2017 طبقا لرغبة فريقه. وعلى مدار مسيرته الرياضية الطويلة، فشل ماسا في التتويج بلقب البطولة لكنه فاز بالمركز الثاني في موسم 2008 عندما كان سائقا في صفوف فيراري.

كرة السلة

● الأمريكي بول بيرس: بعد خروجه مع فريقه لوس أنجليس كليبرز أمام يوتا جاز في الدور الأول لمرحلة الدور الفاصل لدوري السلة الأمريكي للمحترفين، أعلن النجم الأمريكي بول بيرس (39 عاما) اعتزاله اللعب. وعلى مدار أكثر من عقدين كاملين، تنقل فيها بيرس بين أكثر من ناد، فاز اللاعب بلقب وحيد في الدوري الأمريكي وذلك في 2008 مع فريقه السابق بوسطن سيلتكس.

الملاكمة

● الأوكراني فلاديمير كليتشكو: أنهى الملاكم الأوكراني فلاديمير كليتشكو (41 عاما) مسيرته الرياضية الحافلة بالإنجازات حيث اعتزل اللعب في الثالث من آب/أغسطس الماضي. وكان فلاديمير وشقيقه فيتالي فرضا سيطرتهما على عالم الملاكمة للوزن الثقيل، حيث احتفظ فلاديمير باللقب العالمي لهذا الوزن لسنوات طويلة وحقق العديد من الأرقام البارزة في عدد النزالات التي انتهت لصالحه.

قافلة المعتزلين في 2017: بولت وتوتي ولامبارد وهينغز وكليتشكو

«جوردان الاقزام»… يثبت أن الحجم ليس كل شيء حتى في كرة السلة!

Posted: 06 Jan 2018 02:04 PM PST

نيويورك ـ «القدس العربي»: أثبت جاهماني سوانسون، المعروف بـ»مايكل جوردان الاقزام»، أن الحجم ليس كل شيء حتى في رياضة مثل كرة السلة، إذ تجاوز عائق أن طوله لا يتجاوز الـ135 سنتمترا وأصبح معشوق الجماهير بفضل أدائه المشوق جدا مع فريق الاستعراضات هارلم غلوبتروترز.
ودخل سوانسون، البالغ 32 عاما، قلوب الجماهير منذ مباراته الأولى مع الفريق الاستعراضي الذي ضمه الى صفوفه اوائل الشهر الحالي من أجل جولته العالمية لعام 2018. وولد وترعرع في حي هارلم (نيويورك)، أصبح اللاعب الملقب بـ»هوت شوت» الأكثر شعبية في فريق هارلم غلوبتروتز منذ مباراته الأولى التي خاضها على ملعب «باركليز سنتر» في بروكلن. وانتقلت شعبية سوانسون من موقع «يوتيوب» حيث نشر العديد من مقاطع الفيديو يظهر فيها أسلوبه الفريد الذي يتراوح بين المراوغة وتمرير الكرة بين ساقي المنافسين والتغلب على الممثل الشهير جيمي فوكس أو التسديد من كافة الزوايا، الى ارضية الملعب بعد مباراته الأولى مع الفريق الاستعراضي. ورأى كينيون بيكيرينغ الذي شاهد المباراة بصحبة اولاده، أن سوانسون «يشكل اضافة جميلة نظرا الى حجمه. هذا الأمر (قصر قامته) يجلب الكثير من الاهتمام. من المؤكد أنه سيعزز حجم مبيعات التذاكر». ويشكل سوانسون الذي أصبح أقصر لاعب على الإطلاق يشارك مع غلوبتروترز، واجهة اعلانية رائعة لهذا الفريق الاستعراضي الذي أبهر الملايين حول العالم، لكن مشاركته مع رفاق الدرب الجدد ليست لمجرد أنه قصير القامة وحسب، بل أنه لاعب يتمتع بمهارات رائعة وشخصية قوية جدا جعلته يتعامل مع كافة المصاعب التي اعترضت طريقه وما زالت. ويؤكد سوانسون مع ابتسامة على محياه: «أنا أثبت ذاتي كل يوم» بمواجهة كل الذين يشككون به ويسخرون منه بسبب حجمه، مضيفا: «في كل ناد رياضي، في كل مدينة ازورها، الناس ينظرون الي من فوق، بعضهم يضحك متسائلا من هذا الشاب الصغير؟ ماذا بإمكانه أن يفعل؟، ثم بعد التسديدة الأولى، أو الحركة الأولى، يفقد الناس صوابهم (بسبب مهارته)».
ولد من أم قزم ووالد متوسط القامة، تعلم سوانسون المشي ومداعبة الكرة في الوقت ذاته بحسب ما تتذكر والدته صابرينا، وأصبح سريعا متعلقا بها واحتفظ على الدوام بسلة متحركة ومارس اللعبة ليلا نهارا، ما دفع الجيران لفقدان صوابهم بسبب الضجة التي كان يحدثها. ويكشف سوانسون: «كنت أقرأ كتابي واتلاعب بالكرة في الوقت ذاته». عندما بدأ يلعب كرة السلة النظامية حين كان في الثامنة أو التاسعة من عمره «أرادوا معاملته بشكل مختلف بعض الشيء» عن اللاعبين الاخرين بحسب ما كشفت والدته، مضيفة: «قلت لهم: كلا، عاملوه كسائر اللاعبين». لكن على سوانسون أن يبذل جهدا مضاعفا لاثبات ذاته بين الاخرين، ونجح بمثابرته في صقل مهاراته في المراوغة والتسديد في سلة مصممة للاعبين أطول منه بـ40 سنتم على أقل تقدير. بالنسبة للوالدة، فهي عاملته وشقيقه كأنهما شخصان عاديان تماما لا يعانيان من مشكلة حجم بحسب ما يؤكد سوانسون، قائلا: «لقد حضرتنا… أنا أعيش حياتي بهذه الطريقة. عندما أمشي في الشارع أشعر وكأني بطول سبعة أقدام (أكثر من 213 سم)». إن المثال الأعلى لسوانسون ليس لاعبا قزما، بل اسطورة شيكاغو بولز ودوري السلة الاميركي للمحترفين مايكل جوردان. ويؤكد سوانسون أن «كل ما فعله (جوردان)، تمرنت عليه»، حتى في حركة مد اللسان التي اشتهر بها جوردان، الفائز بلقب الدوري 6 مرات مع شيكاغو بولز والحائز على جائزة أفضل لاعب خلال خمسة مواسم. الوالدة صابرينا، البالغة 50 عاما، فخورة جدا بنجلها «الذي وإن لم يصل الى دوري السلة الاميركي للمحترفين لكنه مسل ويلهم العالم بأجمعه حول كيفية القيام بأي شيء تريده إن كنت عازما ومصمما عليه». لكن صابرينا تشدد على «أننا لا نريده أن يشعر بالغرور، ولهذا السبب أنا أبقى الى جانبه». وسوانسون يستمتع الى اقصى الحدود لأنني «حلمت بهذه اللحظة. لم أفكر يوما بإمكانية أن أصبح جزءا من غلوبتروترز. ما حصل مشابه للقصة الساحرة لسندريلا. انه مدهش حقا. هذه الرحلة. العمل. التمرن يوميا. التغلب على الشدائد. الاثبات للناس أنه باستطاعتي التواجد هنا، بإمكاني أن ألعب».

«جوردان الاقزام»… يثبت أن الحجم ليس كل شيء حتى في كرة السلة!
لا يبلغ طوله أكثر من 135 سنتمترا

بعجز قياسي وصل إلى 55 مليار جنيه أسوأ موازنة في تاريخ السودان

Posted: 06 Jan 2018 02:04 PM PST

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في آخر يوم من العام الماضي أجاز البرلمان بالأغلبية، مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2018 واعتبر العديد من الخبراء أنها أسوأ موازنة في تاريخ البلاد.
واكتفى النواب، قبل إجازته بالأغلبية، بإجراء تعديلات بسيطة على مشروع الموازنة تمثلت في تعديل ينص على إلغاء ضريبة القيمة المضافة على سلع الأرز، والعدس، والفول والخميرة.
ويقول الخبير الاقتصادي خالد التيجاني إن إعداد مشروع الموازنة لهذا العام شابه الكثير من الخلل الفني والمهني مما هو معروف في إعداد الموازنات. ويورد بعض الأرقام التي يؤكد بها وجهة نظره ويرى أن العجز وصل إلى 55 مليار جنيه وهو حجم قياسي لعجز الموازنة بزيادة 289 في المئة. وفي إشارة إلى ما حدث من تخفيض قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار يقول إن ما تم يعد تمهيداً للتعويم الكامل وذلك بعد تخفيض قيمة الجنيه بنسبة 260 في المئة.
ويرى أن موازنة العام الحالي فيها إشارات سالبة وتضخيم غير مسبوق في حجمها ويفسر ذلك بارتفاع الانفاق العام بنسبة 88 في المئة، وزيادة الإيرادات 51 في المئة، ويشير إلى أن الصحة والتعليم في ذيل الأولويات بنسبة إنفاق 5،6 فقط من الموازنة. ومن الأرقام المزعجة حسب التيجاني، ارتفاع الإنفاق العام من 92 مليار جنيه حسب موازنة العام الماضي إلى 173 مليار جنيه بزيادة 81 مليار جنيه بمعدل نسبة قياسية بلغت 88 في المئة، ومقارنة بما تم في موازنات الأعوام الأربعة الماضية يجد خالد التيجاني أن معدل التغيير يتراوح بين 10و12 في المئة.
وينتقد عدم إتاحة الفرصة كاملة للنقاش حول الموازنة بدءا من تأخير إيداعها البرلمان قبل أيام معدودات من نهاية العام، مرورا بحشد السلطة كوادرها للدفاع عنها في وسائط الإعلام الرسمية ختاما بإلزام نواب الحزب الحاكم على تمريرها وعدم انتقادها.
وسبق إجازة الموازنة تعديل سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار من 6.9 إلى 18 جنيها وذلك امتثالا لتوجيهات صندوق النقد والبنك الدوليين حسب العديد من الخبراء، ويشكل هذا السعر قفزة للموازنة بالعملة المحلية إلى 173مليار جنيه وخفضها بالدولار إلى 9 مليار دولار حسب سعر الصرف الجديد.
ورفع سعر الجنيه أمام الدولار يلقي بآثار كارثية على المواطن حيث يتسبب في ارتفاع أسعار كل السلع بصورة كبيرة، فعلى سبيل المثال فإن أسعار الخبز سترتفع بنسبة 50 في المئة على الأقل. وحسب المتابعين لهذا الملف فإن سعر قطعة الخبز سترتفع إلى جنيه بدلا من قطعتين مع تقليل حجم القطعة بشكل كبير!
واجيزت الموازنة بعجز يبلغ 28 مليار جنيه لكن العجز الحقيقي الذي رصده الخبراء يبلغ 55 مليارا، وتستهدف الموازنة معدل تضخم 19 في المئة والمعدل الحالي يبلغ 34 في المئة وتستهدف معدل نمو يبلغ 4 في المئة وتم رصد 18مليار جنيه للتنمية (مليار دولار) أقل من 15في المئة.
ويقول المحلل الاقتصادي محمد الناير محمد النور، إن موازنة هذا العام لم تعمل بمبدأ الموازنة الشاملة، ويرى أن السياسات المتبعة لا تساهم في الاستقرار الاقتصادي وفيها العديد من التناقضات ولا تشجع الإنتاج والإنتاجية.
وأشار إلى تخبط سياسات البنك المركزي الأخيرة وتأثيرها على المصدرين والموردين وتوقع أن يعمل السوق الموازي في الخفاء مما يخلق إشكالية حقيقية في توفير النقد الأجنبي. وأضاف: «عندما تُقبل الدولة على مواجهة السوق الموازي يجب أن تكون مستعدة لذلك من خلال مخزون كاف ومصادر تمويل حقيقية».
واعتبر الناير أن سياسات الدولة لتغطية العجز في الميزان التجاري غير مجدية مع وجود سياسات ناجحة كان يمكن اتباعها مثل تحفيز المغتربين بشكل مجز وحقيقي لتوفير 8 مليار دولار وإنشاء بورصة للذهب توفر 4 مليار دولار وبذلك يمكن توفير 12مليارا في حين أن العجز يبلغ 4 مليارات دولار.
ووضع بعض الإجراءات التي في إمكانها إعادة الاستقرار الاقتصادي ومن بينها ترشيد الإنفاق العام فعليا والقضاء على الفساد بأشكاله المختلفة بما في ذلك البيروقراطية والعقبات التي تكبل وتعيق الاستثمار.
ويرى الصحافي والمحلل الدكتور أنور شمبال، أن موازنة العام الحالي «غير واقعية وبنيت على فلسفة سياسية بحتة، في ظاهرها استجابة لمخرجات الحوار الوطني الذي تعتبره حكومة الانقاذ البوابة التي تخرجها إلى الانفتاح العالمي والاندماج مع الاقتصاديات العالمية، ومع أمريكا بالتحديد».
وعملياً يقول إن ما تم هو تطبيق لتوصيات صندوق الدولي، واستجابة لضغط قوة جديدة لربما يكون لها شأن ودور أساسي في مجريات الأحداث في مقبل الأيام، وهي قوة المستحوذين على (80 في المئة) من ثروات السودان والذين يمثلون (0،5 في المئة) من تعداد السكان البالغ (39) مليون نسمة، التي تتمركز (70 في المئة) من أنشطتهم في ولاية الخرطوم، «والشاهد على ذلك أن كل الحيثيات التي بنيت عليها الموازنة من الاهتمام بالمعيشة، ودعم الإنتاج والإنتاجية، في وادي وواقع الحياة في واد آخر وهناك غلاء طاحن وارتفاع في كل السلع والخدمات بلا استثناء». ووصف شمبال سوء الموازنة في ما اعتبره عجز وزير المالية عن الدفاع عن الموازنة التي قدمها مما اضطره لاستخدام مفردات التهديد والعنف للرد على منتقديه، ويضيف: «كأن هذه الموازنة لم تعدها وزارته أو أنه غير ملم بها الماماً جيداً» وأشار لوجود تحفظ وحذر ممن هم تحته من البوح بأي معلومة.
ويختم حديثه بقوله: «اعتقد ان ما يقوم به بعض منتسبي المؤتمر الوطني من جمع توقيعات لإعفاء الطاقم الاقتصادي، ومنافحتهم عن حقوق المستهلك إلا محاولة للتغطية للقوة الجديدة، ومحاولة اجهاضية لأي مساع من قوى أخرى للقيام بأي منشط يرفض الاتجاه الجديد».
إجازة الموازنة صحبتها بعض الأحداث من بينها انسحاب كتلة التغيير من جلسة البرلمان واستقالة النائب من كتلة المؤتمر الوطني، الطاهر دفع الله الزاكي. وتشير ردود الأفعال إلى وجود تململ ورفض كبير لهذه الموازنة حتى من قبل بعض أفراد الحزب الحاكم. وحسب صحيفة «سودان تريبيون» فقد نشطت قطاعات مهمة في الحزب في حملة توقيعات لمخاطبة رئيس الوزراء بكري حسن صالح، ورئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر ونائب رئيس الحزب إبراهيم محمود، عبر مذكرات دعت فيها لتبديل مسؤولي القطاع الاقتصادي في الحكومة والحزب والبرلمان لفشلهم في معالجة الأزمة الاقتصادية وباعتبارهم المسؤولين عن حالة التردي الحالية.
ورغم الانتقاد الواسع الذي وجدته موازنة 2018 لكن الوزراء من ذوي الصلة بالفعل الاقتصادي أشادوا بها، فقد وصفها وزير المالية محمد عثمان الركابي في المؤتمر الصحافي الذي أُعلنت فيه، أنها «منحازة للشرائح الضعيفة في المجتمع، إضافة للقطاع الخاص».
وأشار الوزير إلى أن الموازنة اشتملت على إلغاء كافة الرسوم الجمركية المفروضة على مدخلات الإنتاج وإلغاء ضريبة التنمية والرسم الإضافي، وإعفاء السكر المحلي من رسوم الإنتاج وكذلك عدد من السلع الغذائية الأساسية من بينها الفول، والعدس، والأرز، وخميرة الخبز.
وأوضح حاتم السر وزير التجارة الخارجية أن الموازنة هدفت لمعالجة الدين الخارجي وطالب بتنفيذ القرارات الخاصة بخروج الشركات الحكومية من العمل التجاري وإفساح المجال بالكامل للقطاع الخاص.
واستبق حزب المؤتمر السوداني المعارض، الموازنة الجديدة بدعوته لحملة جماهيرية واسعة تجعل الدولة تتحمل مسؤولياتها في توفير العيش الكريم لكافة مواطني ومواطنات البلاد. وتهدف الحملة التي أطلق عليها «حقنا كاملا» لرفع الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص إلى 4250 جنيه، وإنشاء شبكة ضمان اجتماعي تغطي كافة مواطني البلاد وتشمل القطاع غير المنظم ممن لا يتوافر عملهم على أجر شهري.

بعجز قياسي وصل إلى 55 مليار جنيه أسوأ موازنة في تاريخ السودان

صلاح الدين مصطفى

اقتصاد الأردن في 2017: نقطة اللاعودة!

Posted: 06 Jan 2018 02:04 PM PST

عانى الاقتصاد الأردني في عام 2017 من مشاكل متعددة، نجحت الحكومات المتعاقبة بترحيلها بمهارة، وكنسها تحت البساط لسنوات متتالية، إلى أن وصلنا نقطة اللاعودة.
الأرقام في 2017 تشير إلى أننا ما زلنا نسير في ذات النفق المظلم الذي دخلناه منذ سنوات، حيث حققنا هذا العام نسبة نمو متواضعة في الناتج المحلي الاجمالي بلغت 2.1 في المئة ووصلت نسبة البطالة إلى معدل غير مسبوق (18.5 في المئة) أضف إلى ذلك ارتفاع العجز في الموازنة العامة، وتوقع البنك الدولي في التقرير الصادر عنه منتصف الشهر الماضي بوصول المديونية ما نسبته 97 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.
في السياق ذاته، تأثر الاقتصاد الأردني في الأعوام الأخيرة من الفوضى في الإقليم، حيث اغلاق المعابر الحدودية مع العراق وسوريا، والتي تعتبر أسواقا رئيسية للمنتجات الأردنية وممرات عبور لها أيضاً. كما تأثر اقتصادنا من الأزمة التي تعانيها دول الخليج العربي والتي تعتبر أيضاً أسواقاً رئيسية للمنتجات الأردنية، عدا عن ارتباط الاقتصاد الأردني هيكلياً بها من ناحية المساعدات التي تتلقاها من دول الخليج العربي، والاستثمارات الخليجية في الأردن، وباعتبارها مُشغلاً رئيسياً للعقول الأردنية؛ حيث تشكل حوالات المغتربين الأردنيين في دول الخليج العربي 71 في المئة من مُجمل حوالات المغتربين في كافة أنحاء العالم.
علاوة على ذلك، فإنه لم يعد من الممكن الاعتماد على المساعدات الخارجية، حيث أشارت دراسة صادرة مؤخراً عن منتدى الاستراتيجيات الأردني أن الاعتماد على المساعدات الخارجية يؤدي إلى زيادة المصاريف الجارية على حساب المصروفات الرأسمالية، وهو ما يؤثر بدوره على تقليص فرص تحقيق نسب نمو اقتصادي أعلى.
وبالنسبة للمساعدات أيضاً، يشهد الأردن في الآونة الأخيرة تضارُباً في المصالح مع حلفائه التقليديين، فمثلاً؛ هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صراحةً بقطع المساعدات الأمريكية عن الدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار الذي يُدين اعتراف واشنطن بالقدس كعاصمة لإسرائيل. وتزايد الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن تضارب في الأولويات واختلاف في السياسات الاقليمية بين الأردن وبعض الدول العربية المانحة.
حاصل جمع هذه العوامل يقودنا إلى ما أسميته «نقطة اللاعودة» حيث لا خيار لنا مع بداية العام الجديد غير مواجهة مشاكلنا، واصلاح اقتصادنا، باللجوء إلى حلول مُغايرة عن الطرق التي اتبعناها في التعامل مع قضايانا لسنوات طويلة.
على الجانب الآخر، هناك العديد من الفرص القائمة التي يتوجب علينا اغتنامها، أبرزها؛ إعادة فتح معابرنا الحدودية مع العراق أمام الحركة التجارية، واتفاقية تبسيط قواعد المنشأ المُوقعة مع الاتحاد الأوروبي، وانفتاح القطاع الصناعي الأردني على أسواق جديدة مثل الأسواق الافريقية، بالإضافة إلى تعافي قطاع السياحة في الأردن. أيضاً، امكانية إعادة النظر بموازنة العام المقبل وتبَني سياسة مالية تذهب بجدية نحو الاعتماد على الذات، وتُنوع مصادر دخل الخزينة، وتعديل قانون ضريبة الدخل، من خلال زيادة شريحة المكلفين، وبطريقة أكثر تصاعدية، والأهم من ذلك أن تشمل مظلة ضريبة الدخل المغتربين الأردنيين حيث تُقدر حوالاتهم السنوية بـنحو 3.5 مليار دينار أردني. يتوازى مع ذلك، تخفيض الحكومة للانفاق الجاري، وتوجيه هذه المبالغ المُجمعة للانفاق الرأسمالي الذي من شأنه أن يحفز النمو الاقتصادي، ويرتقي بالبنية التحتية لجذب الاستثمارات للمناطق الأقل حظاً.
وبالنسبة للسياسة المالية أيضاً، أشار منتدى الاستراتيجيات الأردني في دراسته التحليلية لموازنة 2018 إلى أن من الضروري الالتفات إلى بند نقات التقاعد (تبلغ 1.321 مليار دينار) التي من المتوقع ان تنخفض إلى نسبة الصفر بعد اخضاع الموظفين الجدد في الدولة منذ عام 1995 وموظفي الأجهزة الأمنية في 2003 لمؤسسة الضمان الاجتماعي. وبناءً على هذا التغيير فإن من الضروري دراسة تطور هذا البند وبرمجة قيم الانخفاض به واستغلالها في استثمارات رأسمالية ذات أبعاد تنموية.
وحسب تقرير أصدره البنك الدولي مؤخراً، فإن قطاع الخدمات كان الأكثر مساهمةً في الناتج المحلي الاجمالي وبنسبة 56 في المئة، وجاءت هذه النسبة نتيجة تعافي قطاع السياحة في الأردن حسب البنك الدولي. انطلاقاً من هذه النقطة يتوجب علينا الاستثمار في البنية التحتية في المناطق السياحية، والعمل على ترويج البلد سياحياً في الخارج، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات السياحية في الأردن بما يرتقي بالخدمات السياحية ويخلق فُرص عمل للشباب الأردني العاطل عن العمل.
ثاني القطاعات رفداً للاقتصاد الأردني حسب البنك الدولي كان القطاع الصناعي، والذي ساهم في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 24.8 في المئة، وهنا يجدر بنا التركيز على رفع جودة المنتجات الأردنية للاستفادة من اتفاقية تبسيط قواعد المنشأ المُوقعة مع الاتحاد الأوروبي، بالاضافة لتعزيز قدرة المنتجات الأردنية على منافسة المنتجات الإيرانية في السوق العراقية، ولتعزيز قدرة المنتجات الأردنية على المنافسة في الأسواق الجديدة مثل الأسواق الافريقية. وهنا أتساءل لماذا لا نتطلع ايضاً إلى اختراق أسواق أمريكا اللاتينية التي تُعتبر من الدول التي تنمو فيها الطبقة المتوسطة بشكل سريع وبالتالي يرتفع بها الطلب على المنتجات المُختلفة؟
خُلاصة القول، رغم المشاكل والتحديات الاقتصادية التي يواجهها الأُردن، الا أن هنالك الكثير من الفرص تلوح في الأُفق يتوجب علينا استغلالها. نحن اليوم أمام نُقطة لا رجعة منها، فإما أن نستغل الفُرص المُتاحة ونواجه التحديات أو أن نزيد الأزمة عُمقاً!!

اقتصاد الأردن في 2017: نقطة اللاعودة!

ليث العجلوني

حسابات وهمية على شبكات التواصل لضرب مصداقية «الجزيرة»

Posted: 06 Jan 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تبين أن جهات غير معلومة أنشأت حسابات وهمية على شبكات التواصل الاجتماعي تنتحل اسم قناة «الجزيرة» الفضائية من أجل إيهام المتابعين أنها تابعة للقناة ومن ثم بث أخبار كاذبة من خلالها بهدف النيل من مصداقية القناة في الشارع العربي.
وتعتبر قناة «الجزيرة» واحدة من الملفات العالقة بين دول الحصار الأربع وبين دولة قطر، حيث تطالب الدول الأربع بإغلاق القناة بسبب انتشارها وتأثيرها في الشارع العربي، وتمسكها بإتاحة الفرصة للمعارضين للإدلاء بآرائهم عبر شاشاتها ومواقعها الالكترونية.
وكشفت القناة في بيان لها تلقت «القدس العربي» نسخة منه عن حساب وهمي يحمل اسم «Aljazeerairan» على شبكة «تويتر» وهو حساب يبدو أنه يحاول استغلال أزمة إيران من أجل استقطاب متابعين، ومن ثم بث أخبار لا صلة لها بقناة «الجزيرة» من أجل النيل من مصداقيتها.
ومنذ اندلاع الأزمة في إيران تحاول دول الحصار الأربع ترويج أن قناة «الجزيرة» تتجاهل الأحداث هناك على الرغم من التغطية اليومية الموسعة لهذه الأحداث على شاشة القناة، كما تحاول دول الحصار الادعاء أن قناة «الجزيرة» تتحالف مع النظام في إيران ضد المحتجين، وهو ما يبدو أن الحساب الوهمي المشار إليه يحاول الترويج له من خلال بث أخبار تؤكد هذه الادعاءات وتضر بمصداقية القناة.
واستنكرت شبكة «الجزيرة» الإعلامية ما سمّته «محاولات بعض المجموعات ولأشخاص للنيل من مصداقية الشبكة، وذلك بإنشائهم حسابات وهمية ومضللة على منصات التواصل الاجتماعي لنشر أخبار مفبركة وغير صحيحة».
وقالت «الجزيرة» إن «أحدث هذه المحاولات كانت إنشاء حساب وهمي «@Aljazeerairan» على موقع تويتر، لنشر معلومات مضللة وأخبار مفبركة حول الاحتجاجات الجارية في إيران».
واستنكرت الشبكة هذه المحاولات، واصفة إياها بـ»الجائرة على هويتها ومهنيتها» مؤكدة أنها «شرعت في اتخاذ الإجراءات اللازمة عبر تويتر لإغلاق الحساب الوهمي».
كما دعت متابعيها إلى «اليقظة بشأن هذه الحسابات المزيفة» وجددت الشبكة لمتابعيها التزامها تقديم محتوى موضوعي محايد على كافة منصاتها الإعلامية.
وحسب ما تابعت «القدس العربي» فإن الحساب المشار إليه والوارد في بيان «الجزيرة» تم إغلاقه من قبل إدارة شبكة «تويتر» بحلول يوم الأربعاء الماضي، أي بعد يوم واحد من صدور بيان الشبكة، وهو ما يعني أن قناة «الجزيرة» اتخذت على الأرجح الإجراءات اللازمة لإغلاق الحساب الذي ينتحل اسمها وصفتها.

حسابات وهمية على شبكات التواصل لضرب مصداقية «الجزيرة»

إغلاق ومهاجمة قنوات فضائية واعتقال عشرات الإعلاميين في العراق

Posted: 06 Jan 2018 02:03 PM PST

بغداد ـ «القدس العربي»: تعرض الإعلام العراقي خلال الأيام الأخيرة من عام 2017 إلى عدة انتهاكات شملت إغلاق قناتين واعتقال مجموعة من العاملين في مجال الصحافة من قبل الأجهزة الحكومية، وسط إدانات من قبل قوى سياسية وشعبية ومنظمات حقوقية معنية.
ففي العاصمة العراقية بغداد، تعرض المبنى الجديد لقناة «دجلة» مع بداية عام 2018 إلى حريق ما تسبب بخسائر مادية في الاستديوهات الجديدة وباقي أقسام المبنى. وأعلنت القناة تعرضها إلى ما سمته «هجوم إرهابي» ادى إلى احتراق مبنى القناة، داعية وزارة الداخلية إلى التحقيق في الحادث ومتهمة جهات فاسدة بالوقوف خلفه. وكان كادر القناة قد تعرض إلى اعتداء من عناصر ترتبط بميليشيات في إحدى مناطق بغداد أثناء تغطية موضوع عن نقص الخدمات.
وفي إقليم كردستان، وبعد تغطية قناة «NRT» التظاهرات الاحتجاجية في الإقليم، أقدمت الأجهزة الأمنية الكردية على إغلاق القناة التي مقرها في السليمانية لمدة 11 يوما وقطع بثها بتهمة التحريض على التظاهر، كما تم اعتقال رئيس القناة سشوار عبد الواحد وعدد من العاملين فيها قبل إطلاق سراحهم لاحقا، إضافة إلى قيام السلطات الأمنية بتطويق وإغلاق مكتب القناة في أربيل بعد تعرضه لهجوم من مجهولين.
وحمل نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي، الجهات الأمنية والحكومية في إقليم كردستان مسؤولية الحفاظ على حياة الصحافيين وحماية أمنهم وسلامتهم في الإقليم، كما تعهد بمقاضاة تلك الجهات أمام المحاكم الدولية بخلاف ذلك.
واستنكر «المرصد العراقي للحريات الصحافية» في بيان «الحملة الأمنية التي تقوم بها ميليشيات كردية ضد الصحافيين والاطقم الإعلامية في السليمانية على خلفية الاضطرابات التي تشهدها المحافظة منذ عدة أيام، وأدت إلى اعتقال العديد من المراسلين والمصورين والمحررين واقتحام مقار لوسائل إعلام مستقلة مثل «Nrt» وأخرى تغطي الأحداث (الاتجاه، وبلادي، وآسيا) وقد أفرج عن كوادرها الذين احتجزوا، بينما تداهم ميليشيات شقق صحافيين وتنقلهم إلى أماكن غير معلومة».
وضمن السياق، طالب المرصد سلطات الإقليم توفير الحماية للصحافي بهمن سعيد أحمد الذي تعرض لتهديد بالقتل لأكثر من مرة خلال الأيام الماضية لكشفه ملفات فساد في بيع الأسلحة والنفط في الإقليم من قبل عناصر في البيشمركه.
وكانت المصادر الصحافية في مدينة السليمانية ذكرت أن خدمة الإنترنت وخطوط الاتصال الأرضية في عموم السليمانية تم قطعها على خلفية التظاهرات التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية.
وفي الأنبار غرب العراق، أقدم محافظها محمد الحلبوسي على إغلاق مكتب قناة «الشرقية» ومنع كادرها من العمل في المحافظة، إثر قيام القناة بنشر تقارير عن فساد المحافظ وتورطه في قضايا منها مشروع المنطقة الصناعية وتزوير الانتخابات.
وقد أدان سياسيون ووسائل إعلام ومنظمات حرية الصحافة وجهات دولية معنية، القرار المجحف الذي اتخذه محافظ الأنبار مؤكدين ان قرار الإغلاق كان بدوافع سياسية، ومحاولة لإسكات الاصوات التي تكشف الفاسدين.
وفي الموصل، تعرض صحافي إلى الاعتداء بالضرب من قبل عناصر حماية المحافظ نوفل العاكوب.
ودعت منظمات صحافية عراقية، رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى التدخل العاجل والتحقيق مع مكتب المحافظ بعد تكرار اعتداءات بالضرب المبرح يقوم بها مقربون منه، وعناصر حمايته ضد صحافيين كان آخرها الاعتداء على، محمد أمين عبد الجواد.
وأفادت المصادر ان الصحافي عبد الجواد استدعي إلى مبنى المحافظة حيث تم التحقيق معه حول تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيها إدارة المحافظة. وقد تعرض إلى ضرب مبرح، ثم سلم إلى الاجهزة الأمنية.
وجراء استفحال الانتهاكات ضد الصحافيين، عبرت سفارة الولايات المتحدة في بغداد، عن القلق على حرية الصحافة في العراق، فيما حملت حكومتي بغداد وكردستان مسؤولية حماية حرية الصحافة والسماح لوسائل الإعلام بممارسة مهنتها بمسؤولية. وأضاف البيان «نشعر بالقلق ازاء الأحداث الأخيرة الرامية لكبح عمل بعض وسائل الإعلام عن طريق القوة أو التخويف وبالأخص حادث مداهمة مكاتب قناة NRT في السليمانية من قبل قوات أمنية تابعة لحكومة إقليم كردستان».
وتابعت السفارة انها «تشعر أيضأ بالقلق إزاء نداءات بعض المسؤولين في الحكومة الاتحادية والمحافظات لإغلاق مكاتب قناة الشرقية» مؤكدة ان «من واجب الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان حماية حرية الصحافة والسماح لوسائل الإعلام بممارسة مهنتهم بمسؤولية».
ويذكر ان المرصد العراقي للحريات الصحافية التابع لنقابة الصحافيين العراقيين، سجل مقتل 15 صحافيا في العام 2017 قضى معظمهم في تغطية المعارك ضد تنظيم «الدولة» الإرهابي وجرح العشرات منهم، بينما شهد إقليم كردستان قمعا غير مسبوق ضد صحافيين ووسائل إعلام، وغلق مكاتب قنوات فضائية، ومحاكمة مراسلين ومصورين وإداريين على خلفية التظاهرات التي عمت الإقليم منذ مطلع العام 2017 وحتى إعداد التقرير، وأشار المرصد إلى خضوع صحافيين إلى محاكمات واحتجاز آخرين لأوقات محددة.
ويعد العراق ضمن أخطر دول العالم بالنسبة للعمل الصحافي، حيث أعلن نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي مؤخرا، ان حصيلة ضحايا الصحافيين العراقيين الذين قضوا خلال الـ14 عاما الماضية، وصلت إلى 465 صحافيا قتلوا، إضافة إلى مئات اصيبوا أو اعتقلوا في مواجهات مع الاحتلال الأمريكي أو الإرهاب أو على يد مافيات الفساد.

إغلاق ومهاجمة قنوات فضائية واعتقال عشرات الإعلاميين في العراق

مصطفى العبيدي

حصار غزة يضرب وسائل الإعلام ويؤدي لإغلاق فضائية وتسريح موظفيها

Posted: 06 Jan 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تسبب الحصار الإسرائيلي والمصري الخانق على قطاع غزة بإغلاق قناة «الكتاب» الفضائية التابعة للجامعة الإسلامية، وإلى تسريح العاملين فيها وهم بالعشرات.
ونظم الموظفون المسرحون من قناة «الكتاب» الفضائية اعتصاماً أمام مبنى القناة، وعددهم 51 شخصاً، مطالبين بإعادتها إلى العمل، أو إيجاد بديل وظيفي لهم، في الوقت الذي يعاني فيه أصلاً آلاف الموظفين في قطاع غزة من عدم سداد السلطة الفلسطينية لرواتبهم.
ورفع المعتصمون لافتات وشعارات تطالب بإنصافهم وتعتبر ما جرى معهم فصلاً تعسفياً، بالإضافة إلى لافتات أخرى تحذر من تكرار النهج نفسه مع موظفي الكليات والأقسام المختلفة في الجامعة الإسلامية في قطاع غزة.
واضطرت الجامعة مؤخراً إلى إغلاق القناة التابعة لها بسبب الأزمة المالية وعدم قدرتها على دفع وتغطية رسوم الحجز الفضائي للقناة على قمر «نور سات» بالإضافة إلى عجزها عن توفير رواتب موظفيها العاملين الذين جرى تقليص عددهم في أوقات سابقة.
وأصدر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين بياناً استنكر فيه ما وصفه أنه «قرار صادم بإغلاق قناة الكتاب ونحن أحوج ما نكون لوسائل إعلامية تعزز الرواية الفلسطينية للحقيقة وليس بفقدان مؤسسة إعلامية».
وقال إن قرار الاغلاق يعني فقدان أكثر من 50 موظفاً ما بين صحافيين وفنيين موقع عملهم، وحرمانهم وعائلاتهم من حقهم بالعمل الكريم، رغم عدم معارضتهم السابقة قرار الخصم من رواتبهم مقابل استمرار العمل والقناة».
ودعا المنتدى إلى التراجع عن هذا القرار وعودة عمل القناة بأسرع وقت، وضمان عودة موظفيها كافة إلى مواقع عملهم وتأدية رسالتهم.
وأعرب المنتدى عن تضامنه الكامل مع موظفي القناة، كما دعا جميع المعنيين بالإعلام الوطني الفلسطيني إلى مساعدة قناة «الكتاب» في تجاوز أزمتها المالية وعودة القناة إلى العمل في أقرب وقت.
ولفت إلى أنه اتصل برئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية الدكتور نصر المزيني الذي أكد بدوره «محاولة إيجاد حل للأزمة المالية بخصوص قناة الكتاب».
إلى ذلك عقد ممثلون عن العاملين في القناة اجتماعاً مع نقابة الصحافيين الفلسطينيين لبحث قرار إغلاق القناة، حيث قال الموظفون: «ندعو الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية والحكومة الفلسطينية والكتل الصحافية، للوقوف بجانبنا ومساندتنا، والعمل بكل قوة من أجل عودتنا إلى العمل بشكل فوري دون تسويف».
وقال نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين تحسين الأسطل إن النقابة ستتبنى قضية موظفي قناة «الكتاب» بشكل رسمي، مؤكداً على ضرورة إعلان نزاع عمل تتبناه نقابة الصحافيين، وتوكيل محامِ لأخذ الإجراءات القانونية، وإخبار وزارة العمل به، من أجل حقوق الموظفين وإعادة بث القناة.
وأكد ممثلو الكتل والأطر الصحافية، أن غياب القناة يعتبر خسارة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، مقترحين العمل على إجراءات قانونية لوزارة الإعلام وتشكيل مجلس إدارة جديد لإنشاء شركة جديدة تنطلق من جديد وتصبح مملوكة للموظفين.
وكانت قناة «الكتاب» الفضائية تأسست بقرار من مجلس أمناء «الجامعة الإسلامية» قبل عدة سنوات، فكانت المؤسسة الإعلامية الأولى التابعة لجامعة في قطاع غزة، قبل أن تتوقف منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي بسبب الأزمة المالية.

حصار غزة يضرب وسائل الإعلام ويؤدي لإغلاق فضائية وتسريح موظفيها

موجة غضب سعودية على شبكات التواصل: الراتب ما يكفي و«حساب المواطن» 300 ريال

Posted: 06 Jan 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: بدأ السعوديون عامهم الميلادي الجديد بموجة غضب واسعة عبروا عنها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب بدء سريان ضريبة القيمة المضافة التي أدت على الفور إلى ارتفاع أسعار مئات السلع والخدمات في المملكة، في الوقت الذي تواصل فيه الغضب من «حساب المواطن» الذي يمثل دعماً حكومياً للمواطنين المحتاجين والذي تبين أنه لا يفي بالحاجات ولا يغطي ارتفاع الأسعار.
وأطلق النشطاء في السعودية عدداً من الحملات الاحتجاجية خلال الأيام الماضية على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما صعدت وسوم هذه الحملات إلى قوائم الأكثر نشاطاً وتداولاً على مستوى العالم بأكمله على شبكة «تويتر» التي يستخدمها السعوديون على نطاق واسع.
وانتشرت العديد من الوسوم بينما تداول المغردون على «تويتر» آلاف التدوينات التي استعرضوا فيها الأوضاع الجديدة في البلاد، أما الحملة الأوسع انتشاراً وتأثيراً ـ حسب ما تابعت «القدس العربي»- فكانت تحت الوسم (#الراتب_مايكفي_الحاجة)، ولاحقاً لذلك أطلق النشطاء حملة (#الراتب_مايكفي_الحاجة1) و(#الراتب_مايكفي_الحاجة2) و(#الراتب_مايكفي_الحاجة3) و(#الراتبما_يكفي_الحاجة4) وفي كل المرات صعد الهاشتاغ إلى قوائم الوسوم الأكثر نشاطاً وتداولاً على شبكة «تويتر».
وبدأت السعودية تطبيق ضريبة القيمة المضافة على آلاف السلع والخدمات اعتباراً من بداية العام الجاري، وأعلنت أن أكثر من 90 ألف منشأة اقتصادية وتجارية مسجلة وملتزمة بهذه الضريبة، وهو ما يعني أن أغلب السلع سترتفع بنسب متفاوتة تصل إلى الضعف في بعض الحالات.
وفي اليوم الأول من العام الجاري قررت السلطات السعودية رفع أسعار البنزين أيضاً بنسب تراوحت بين 82 في المئة و126 في المئة، وقالت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية إن الزيادة في الأسعار تأتي «ضمن خطة برنامج التوازن المالي لتصحيح أسعار منتجات الطاقة، التي تهدف إلى تقليص النمو المتسارع في الاستهلاك المحلي لمنتجات الطاقة في البلاد».
وجاء تطبيق الضريبة الجديدة ورفع أسعار البنزين بعد أيام من صرف السلطات السعودية الدفعة النقدية الأولى للمواطنين المسجلين في برنامج «حساب المواطن» والذي يهدف إلى مساعدة المواطنين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض في مواجهة تداعيات الإصلاحات الاقتصادية، إلا أن كثيرا من السعوديين والنشطاء على الانترنت أكدوا أن قيمة التعويضات لا تساوي شيئا أمام حجم الضرائب وفرق الأسعار الجديد.
وتداول آلاف السعوديين تغريدات على «تويتر» تنتقد ارتفاع الأسعار وتآكل القدرة الشرائية لديهم وتراجع قيمة رواتبهم، حيث كتب أحدهم: «المضحك المبكي أن تخصص ميزانية خاصة لترفيه شعب لم يمتلك حتى الآن نصف أساسيات الحياة! لسنا في حاجة لترفيه». وكتب آخر: «ابدأوا بضرائب على من استفاد من ثروات البلد: عائلة مالكة، تجار، عقاريين الخ، عندها لو احتجتم لقمة المواطن سيشارككم بها».
وكتبت مواطنة سعودية تُدعى منال تدوينة على الانترنت تقول فيها: «خلافنا في نقطتين: أولاً، إذا بتفرض ضرائب على الطاقة وفر وسائل نقل بديلة قبل كل شي وللمواطن حرية الاختيار! وثانياً، لا تتحجج بالأزمة الاقتصادية وبعض الوزارات تصرف ملايين الريالات على أمور تافهة وإعانات رياضية لدول أخرى فهذا التناقض والهدر الحقيقي للمال!».
ونشر محمد اليحيا تغريدة على «تويتر» قال فيها: «نعم هناك عدد كبير من المواطنين يعانون من الرواتب المتدنية التي لا تغطي إحتياجاتهم الأساسية وستزداد معاناتهم بعد رفع أسعار البنزين والكهرباء خاصة وأن الدعم الذي يحصلون عليه من حساب المواطن غير كافٍ. نتمنى أن يتم النظر في وضعهم فهم أهم من الرياضة ومن الترفيه».
أما أحمد التويجري فاكتفى بالقول: «الفساد الحقيقي سرقة جيب المواطن». بينما كتب مغرد آخر على «تويتر»: «لماذا أنا المواطن تأخذون علاوتي وتدفعون مليارات لوزارة ترفيه؟ لماذا أنا لا أجد قوت أطفالي وغيري يُبنى لهم ملاعب؟ لماذا ثروتي براميل بترول يستفيد منها غيري؟».
وكتب آخر: «إلى من يهمه الأمر: ترى الشعب أمانة، والوطن أمانة، وثروة الوطن أمانة، والأمانة تبرت منها الجبال فخافوا الله فينا».
وغردت سعودية تُطلق على نفسها اسم «نورا»: «زيدوا الرواتب، أكرموا العسكر واعفوهم من قروضهم، ارفعوا الحد الأدنى لراتب التقاعد. المواطن أهم من الأغاني والسينما».
وعلق أحد النشطاء بالقول: «عند الضريبة المضافة يذكرونك بأوروبا وعند المساواة باوروبا يذكرونك بسوريا ونعمة الأمن والأمان».
وتعرض موقع «حساب المواطن» على «تويتر» لاختراق حيث تم نشر تغريدة على الحساب أثارت جدلاً واسعاً، لكن عدداً من المتابعين وصفوها بأنها «الوحيدة الصادقة على الحساب».
وفي التفاصيل، فقد قام «حساب المواطن» يوم الاثنين الأول من كانون الثاني/يناير 2018 بالرد على استفسار أحد المتابعين حول الدعم، وتغطيته للماء والبنزين أم لا، ليجيب أحد أفراد خدمة العملاء، قائلا: «عزيزي المستفيد، حساب المواطن هو برنامج وطني أنشئ لتسكيت المجتمع السعودي، والضحك عليه من الأثر المباشر وغير المباشر المتوقع من الإصلاحات الاقتصادية المختلفة، من خلال تقديم دعم نقدي مباشر للمواطنين المستفيدين».
ولاقت التغريدة صدى واسعا بين النشطاء، حيث التقط لها النشطاء صورا ومقاطع فيديو، وذلك قبل حذفها، ونشر اعتذار عنها.
وقالت «خدمة العملاء» في تغريدة لاحقة: «نقدِّم اعتذارنا للعملاء عن الرد السابق الصادر من حساب خدمة العملاء، حيث تعرّض الحساب للاختراق، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخترق».
وعلَّق حساب «مجتهد» على «تويتر» على هذه التغريدة بالقول: «هذه التغريدة حقيقية من حساب المواطن قبل حذفها. أكد ذلك عدد كبير من متابعي الحساب رأوها قبل حذفها. يبدو أن أحد الموظفين الذين لهم سيطرة على الحساب بلغ به الغضب مبلغه فقال الحقيقة في تغريدة من الحساب نفسه».
كما أثار الدعم الحكومي السعودي عبر «حساب المواطن» والذي لم يتجاوز الـ300 ريال لكل عائلة موجة من الانتقادات والسخرية بسبب أن المبلغ بسيط جداً لا يغطي الارتفاع في الأسعار، حسب ما يقول المنتقدون.
يشار إلى أن الكثير من الخبراء يحذرون من مخاطر الارتفاع الحاد والمفاجئ في الأسعار بالسعودية، حيث حذرت الفدرالية الدولية للحقوق والتنمية (إفرد) وهي منظمة دولية تتخذ من العاصمة الايطالية روما مقراً لها، من مخاطر تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار في السعودية وما يحمله ذلك من تأثير سلبي على مواطني المملكة.
وأعربت المنظمة عن بالغ قلقها من مخاطر تسارع وتيرة ارتفاع الأسعار في السعودية وما يحمله ذلك من تأثير سلبي على الطبقتين المتوسطة والفقيرة من مواطني المملكة.
ونبهت المنظمة إلى الارتفاع القياسي في السلع والمنتجات في السعودية بما لا يتوافق مع ما يحدث في الأسواق العالمية التي تشهد انخفاضا ملموسا في الأسعار خاصة المواد الغذائية.
وفي خطوة تهدف إلى «التخفيف من أعباء المعيشة على بعض شرائح المواطنين» أصدر الملك سلمان أمرا ملكيا مساء الجمعة بصرف بدل غلاء معيشة للموظفين المدنيين والعسكريين.
وأكد بيان رسمي زيادة منح الطلاب بنسبة 10 في المئة.
وأعلنت السعودية زيادة الرواتب والمزايا الاجتماعية للمواطنين بهدف التخفيف من أعباء الاصلاحات الاقتصادية ومنها فرض ضريبة للمرة الأولى بعد تراجع أسعار النفط.
وبموجب الأمر الملكي الجمعة ستدفع للجنود المنتشرين على الحدود مع اليمن، حيث تقود المملكة تحالفا ينفذ ضربات ضد المتمردين الحوثيين، مكافأة قيمتها خمسة آلاف ريال (1333 دولار، 1108 يورو). وستغطي الدولة ما يصل إلى 850 ألف ريال (227 ألف دولار، 188 ألف يورو) من مبلغ الضريبة على أول منزل يشتريه المواطنون. وقال البيان ان التدابير جاءت بناء «على ما عرضه» ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يعزز قبضته على الحكم منذ تعيينه المفاجئ وليا للعهد في حزيران/يونيو الماضي.

موجة غضب سعودية على شبكات التواصل: الراتب ما يكفي و«حساب المواطن» 300 ريال

طبيب آلي في بريطانيا يكتشف أمراض القلب بدقة عالية وتكلفة منخفضة

Posted: 06 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن مستشفى متقدم في بريطانيا من ابتكار «طبيب آلي» هو «الروبوت» الأول من نوعه في العالم ويختص في تشخيص أمراض القلب وفحص الشرايين واستكشاف حالة القلب عند المرضى، فيما يقول الباحثون إن «الطبيب الآلي» أثبت براعة ودقة تتفوق بشكل كبير على أداء الأطباء البشر، فضلاً عن أنه سوف يوفر على الحكومة البريطانية ملايين الدولارات سنوياً. وقالت جريدة «دايلي ميل» البريطانية إن «الروبوت» المبتكر قد يؤدي إلى إنقاذ هيئة الخدمات الوطنية الصحية في بريطانيا برمتها وينهي الأزمة المالية التي تعاني منها منذ سنوات، وذلك لأن يوفر على الحكومة أكثر من 300 مليون جنيه استرليني (400 مليون دولار) سنوياً، وذلك بفضل التكلفة المنخفضة لهذا «الروبوت» مقارنة بالفحوص التقليدية التي يخضع لها مرضى القلب.
ويتواجد الطبيب الآلي الذي يستخدم الذكاء الصناعي في مستشفى «جون رادكليف» في مدينة أوكسفورد، ويتمتع بقدرة عالية على التشخيص السريع والفعال لأمراض القلب، كما يتمتع بدقة عالية مقارنة بأداء الأطباء البشر.
وحسب المعلومات التي نشرتها المستشفى فان التجارب التي أجريت على «الروبوت» الجديد انتهت بنجاح وأثبتت أنه قادر على استكشاف أمراض القلب بالسرعة والدقة المطلوبة، على أنه يتوقع أن يتوافر في مختلف مستشفيات بريطانيا قريباً فور الانتهاء من تطويره وسوف يؤدي إلى الحفاظ على حياة أعداد كبيرة من مرضى القلب.
وأطلق الباحثون والمطورون على «الروبوت» الجديد اسم «Ultromics» وهو قائم على استخدام تكنولوجيا الذكاء الصناعي التي بدأت تغزو العالم في السنوات الأخيرة وتشهد تطوراً هائلاً، وهي التكنولوجيا المستخدمة في كافة أنواع «الروبوت» في العالم.
وكشفت «دايلي ميل» أن بريطانيا تُسجل سنوياً أكثر من 60 ألف حالة مسح للقلب لدى أشخاص يشك الأطباء في إصابة قلوبهم بأمراض ما، إلا أن المفاجأة أن أكثر من 12 ألف عملية مسح سنوياً يتبين أن نتائجها خاطئة نتيجة أن الأجهزة الطبية الموجودة في العالم حتى الآن لا تزال غير دقيقة بالشكل الكافي.
وحسب ما أعلنت المستشفى البريطانية فان البروفيسور باول ليسون هو الذي قام بتطوير الجهاز الجديد الذي أطلق عليه اسم «Ultromics» وهو الذي قاد الفريق البحثي الذي قام بتجربة الجهاز الذي يهدف إلى تحسين عمليات تشخيص أمراض القلب والشرايين.
ولدى الجهاز قدرة فائقة على تحليل أداء القلب من خلال العودة إلى ألف عملية تحليل سابقة للقلب خلال السنوات السبع السابقة، مستخدماً بذلك تكنولوجيا «الذكاء الصناعي» وهو ما يعني أن الجهاز الجديد لديه القدرة على تحليل أداء القلب السابق وليس فقط الأداء الحالي له، وذلك بهدف الوصول إلى استنتاج أدق بخصوص حركة القلب وقدراته وما إذا كانت هناك إصابة بمرض ما.
وحسب البيانات الأولى التي نشرتها السلطات الصحية في بريطانيا فإن نجاح هذا النظام الجديد سوف يعني توفير أكثر من 300 مليون جنيه استرليني على الدولة من الانفاق المالي الهائل على تشخيص وعلاج أمراض القلب.
وقال أخصائي الأمراض الوراثية السير جون بيل لشبكة «بي بي سي» إن «النظام الجديد في حال نجاحه وانتشاره قد يؤدي إلى خفض التكاليف بنسبة تصل إلى 50في المئة، أي بأكثر من 300 مليون جنيه استرليني سنوياً، وهو ما يمكن أن ينقذ الخدمات الطبية في بريطانيا بأكملها». وأضاف إن أطباء القلب أيضا يعلمون أن نسبة كبيرة من الفحوص والمسوح التقليدية للقلب تكون نتائجها خاطئة أو غير دقيقة، وبهذا النظام فقد يتم تحسين الأداء وتقليل نسبة الخطأ.
يشار إلى أن الكثير من الخبراء يتوقعون أن تتفوق تكنولوجيا «الذكاء الصناعي» على عقل الإنسان في كافة المجالات، حيث توقع باحث في شركة «غوغل» الأمريكية العملاقة أن يكون ذكاء الآلات بحجم ذكاء عقل الإنسان خلال خمس سنوات فقط من الآن.
وتأتي هذه التوقعات لتؤكد أن تكهنات الخيال العلمي يمكن أن تتحول إلى حقائق قريباً، حيث يسود الاعتقاد لدى كثير من العلماء أن نهاية الإنسان يمكن أن تكون على يد رجل آلي «روبوت» أكثر ذكاء منه، وهو ما سيؤدي حينها إلى انتهاء الحياة البشرية على كوكب الأرض.
وقال جيوفري هينتون الذي يعمل باحثاً في مجال الذكاء الاصطناعي لدى «غوغل» ولدى جامعة تورونتو أن الآلات ستوازي الإنسان ذكاء خلال خمسة أعوام من الآن.
وأضاف هينتون الذي يوصف بأنه الأب الروحي للذكاء الصناعي أن أقوى الآلات الحالية هي أصغر من دماغ الإنسان بملايين المرات، ورغم أنها تمتلك ما يُعادل حوالي مليار نقطة اشتباك عصبي للدماغ مقارنةً بألف تريليون نقطة في الدماغ البشري، إلا أنها تتطور بسرعة كبيرة وتُصبح أكثر تعقيداً كل عام.
وفي إجابة على السؤال الذي طرحته مجلة «ماكلينز» الكندية حول ما إذا كان علينا أن نخشى من الذكاء الصناعي، قال أن أي تقنية جديدة قد تكون مثيرة للخوف في حال تمت إساءة استخدامها، وقال إن النقطة الأساسية هنا هي كيفية تعاملنا مع التكنولوجيا بشكل لا يجعل منها مؤذية للبشر.
ويقف هينتون خلف تطوير برنامج «غوغل» الذكي الذي يحمل الاسم «AlphaGo» والذي تمكن من هزيمة بطل العالم في لعبة «Go» الكوري لي سيدول عبر تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية. وتلعب «Go» على لوحة تحتوي على تسعة عشر سطراً أفقياً ومثلها عمودياً وتحتوي على 361 حجراً بلونين مختلفين، وقد اعتبر الخبراء في عام 2014 أن تقنيات الذكاء الصناعي ستحتاج إلى 10 سنوات على الأقل قبل أن تتمكن من هزيمة البشر في هذه اللعبة على عكس العالم في الشطرنج حيث هزم كمبيوتر آي بي إم «Deep Blue» بطل لعبة الشطرنج كاسباروف قبل عقدين من الزمن، لهذا اعتبر أن إنجاز «AlphaGo» إشارة إلى القفزة النوعية والمتسارعة في تقنيات ذكاء الآلة.
وتعتمد تقنيات الذكاء الصناعي الحديثة على مفهوم «التعلم العميق» الذي يعتمد على عصبونات عصبية افتراضية تشبه تلك المشكلة لدماغ الإنسان، ويستخدم هذا المفهوم أساليب مشابهة لأساليب البشر في التفكير وابتكار الحلول والوصول إلى نتائج جديدة لا تعتمد بالضرورة على المدخلات والمعلومات الأولية التي تم تلقينها للكمبيوتر.

طبيب آلي في بريطانيا يكتشف أمراض القلب بدقة عالية وتكلفة منخفضة

«واتس آب» يتوقف على ملايين الأجهزة ذات الأنظمة القديمة

Posted: 06 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: توقف تطبيق التراسل الفوري الأوسع انتشاراً في العالم «واتس آب» على ملايين الأجهزة اعتباراً من بداية 2018 وذلك بقرار من الشركة المطورة للتطبيق التي توقفت عن دعمه على بعض الأجهزة.
وأوقفت الشركة التابعة لـ»فيسبوك» دعم التطبيق على بعض الأجهزة لأنه «مصمم بتقنيات جديدة لا تتماشى مع بعض الأنواع القديمة من الهواتف» حسب ما قالت. وتشمل الأجهزة التي توقف عمل التطبيق عليها تلك التي تعمل بنظام «بلاكبيري OS» و»بلاكبيري 10» و»نوكيا سيمبيان S60 « و»ويندوز فون 8.0 « الذي تطوره شركة مايكروسوفت، وتقدر أعداد تلك الهواتف بالملايين أو بمئات الآلاف على مستوى العالم.
أما بخصوص مستخدمي هواتف «نوكيا S40» فلن يكون بإمكانهم تشغيل واتساب بحلول نهاية 2018. على أن يتوقف على أنظمة أندرويد 2.3.7 يوم 1 شباط/فبراير 2020.
وأوضحت إدارة «واتس آب» أن «بعض خصائص هذا التطبيق قد تتوقف في هذه الأجهزة في أي لحظة».

«واتس آب» يتوقف على ملايين الأجهزة ذات الأنظمة القديمة

تطور مهم: علماء يحددون مصدر الإشارات الواردة من الفضاء إلى الأرض

Posted: 06 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء فلك من تحقيق تطور مهم في مجال ملاحقة واستكشاف المخلوقات الفضائية التي يسود الاعتقاد أنها موجودة خارج كوكب الأرض وأنها ترسل إشارات إلى البشر بين الحين والآخر، حيث نجحوا في تحديد مصدر الإشارات الراديوية التي ترد من الفضاء البعيد إلى الكرة الأرضية والتي كانت تحير العلماء طوال السنوات الماضية.
وتمكن فريق من العلماء الإيطاليين والأمريكيين من تحديد مصدر الإشارات الصادرة من المجرة «Abell 2626» حيث تبين أن مصدرها التيارات المضطربة بين المجرات. وتبعد المجرة «Abell 2626» عن الأرض مسافة 700 مليون سنة ضوئية، وهي مجرة منتشرة على شكل عنقود يبلغ نصف قطره 1.6 ميغافرسخ فلكي (الفرسخ الفلكي يعادل 3.26 سنة ضوئية).
ويميز هذه المجرة وجود عدد من الهياكل القوسية المتماثلة، بقيت نشأتها غامضة لفترة طويلة، مع أن بعض العلماء افترضوا أنها مصدر إشارات الراديو. ورآى آخرون أنها تكونت تحت تأثير قوى الجاذبية المتبادلة بين النواتين «IC5338» ولكن كان يظهر حينها قوسان فقط شمالي وجنوبي، وبعد اكتشاف القوسين الشرقي والغربي، أصبح هذا الافتراض موضع شك.
واستخدم الباحثون معلومات جديدة حصلوا عليها بواسطة تلسكوب الأشعة السينية تشاندر، على أمل العثور على نواة المجرة النشطة المرتبطة بإشارات فضائية ثنائية، وانبعاث مواد ساخنة وباردة من مجرات قريبة، قد تكون سبب صدور الإشارات الفضائية الشاذة. ولكنهم اكتشفوا أن هذه الأقواس قد تكون الجزء الأكثر سطوعا من « radiohalo» غير ملحوظة، نشأت نتيجة التيارات الغازية المضطربة المرتبطة بتعجيل الإلكترونات النسبية.
ومع ذلك يعتقد الفلكيون أن انبعاث إشارات الراديو الشاذة حالة نادرة، عندما تكون ناتجة عن تصادم الغاز مع بلازما من نواة المجرة النشطة التي تتحرك بسرعة شاذة قريبة من سرعة الضوء.
وكان التلسكوب اللاسلكي «باركس» في استراليا قد رصد في أواخر العام 2015 إشارات غامضة من المحتمل أنها مرسلة من الفضاء البعيد.
وتقول الباحثة ايميلي بيتروف من جامعة سوينبرن الاسترالية إنه لم يتم تحديد مصدر الإشارات التي وصفتها أنها آتية من «مصدر مجهول» وتؤكد انها وصلت إلى الأرض من كواكب واقعة خارج المنظومة الشمسية.
وتضيف: «لم يتمكن العلماء من تحديد مصدر هذه الإشارات ولكنهم يعتقدون أنها قد تكون مرسلة من سكان كوكب آخر. طبعا يحتاج العلماء لفك شيفرة هذه الأصوات إلى وقت طويل. وهم حاليا يحاولون تحديد المجرة التي صدرت منها هذه الإشارات الصوتية، وفي حالة توصلهم إلى معرفة مصدرها وفك شيفرتها سوف تنقلب معارفنا العلمية رأسا على عقب».
وقال جون غرانسفيلد الباحث في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» في مؤتمر صحافي بشأن هذه الإشارات، إن هناك حياة خارج كوكب الأرض وإن سكانها يراقبوننا من خلال جو الأرض، وهو واثق من أن الإنسان يترك في جو الأرض آثاراً تسمح باكتشافه في دائرة نصف قطرها 20 سنة ضوئية عن الأرض. أي إذا وجدت الحياة على كوكب ما ضمن هذه الدائرة فإنهم يعرفون بوجودنا.

تطور مهم: علماء يحددون مصدر الإشارات الواردة من الفضاء إلى الأرض

خلافاً للمخاوف: «الذكاء الصناعي» سيزيد الوظائف في العالم ويعزز الإنتاجية

Posted: 06 Jan 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: قلبت مؤسسة أبحاث متخصصة بالتكنولوجيا التقديرات بخصوص الذكاء الصناعي رأساً على عقب، وقالت إن هذه التكنولوجيا التي تسبب قلقاً حالياً للعالم ستؤدي إلى زيادة فرص العمل لا تقليصها بحلول العام 2020.
وقالت مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «غارتنر» أن عام 2020 سيكون محورياً بالنسبة لديناميكيات التوظيف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، خصوصاً مع تحوله إلى حافز إيجابي فيما يخص البحث عن العمل.
وأضافت إن «من المتوقع أن تتنوع الوظائف التي يمكن أن تتأثر بتوجهات الذكاء الاصطناعي حسب قطاعاتها، حيث ستشهد وظائف الرعاية الصحية والقطاع العام وقطاع التعليم طلباً متزايداً ومستمراً خلال العام 2019 في حين تتأثر وظائف قطاع التصنيع سلباً بشكل كبير خلال العام نفسه. واعتباراً من بداية العام 2020 ستشهد فرص العمل المرتبطة بالذكاء الاصطناعي انتعاشاً إيجابياً لتصل أعدادها إلى مليوني وظيفة جديدة بحلول عام 2025».
وقالت سفيتلانا سيكيولار، نائبة رئيس الأبحاث في «غارتنر»: «ارتبطت العديد من الابتكارات الهامة في الماضي بفترات تحوّل عانت خلالها من حالة مؤقتة من فقدان الوظائف، تليها حالة من الانتعاش، ومن ثم تحول كبير في سير الأعمال، ومن المرجح أن تتبع توجهات الذكاء الاصطناعي المسار ذاته. كما أن الذكاء الاصطناعي سوف يحسّن من إنتاجية العديد من الوظائف، مع إقصاء ملايين الوظائف ذوات المناصب المتوسطة والدنيا، وفي الوقت نفسه خلق ملايين المناصب الجديدة المتميزة ذات المهارات الإدارية العالية، وحتى المناصب منخفضة المهارات ذات المستوى الأول».
وأضافت: «معظم التحذيرات المأساوية التي تدور حول فقدان الوظائف تخلط لسوء الحظ بين الذكاء الاصطناعي والأتمتة – التي تلقي بظلالها على أهم مزايا الذكاء الاصطناعي ألا وهي الذكاء الاصطناعي المُعزز، وهو عبارة عن مزيج بين الذكاء البشري والاصطناعي بحيث يكمّل كل منهما الآخر».
ولا ينبغي لقادة تكنولوجيا المعلومات التركيز فقط على الزيادة المتوقعة في أعداد الوظائف. فمع كل استثمار جديد في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يجب أن يأخذ هؤلاء القادة بعين الاعتبار الوظائف التي سوف تضيع، وفرص العمل التي سوف يتم إنشاؤها، وكيف سيساهم هذا الاستثمار في كيفية تعاون العمّال مع الآخرين وكيفية اتخاذهم للقرارات وإنجاز العمل المطلوب.
وتقول «غارتنر» بحلول عام 2022 سيكون واحداً من بين كل خمسة عمّال ممن تقع على عاتقهم المهام غير الروتينية يعتمدون على الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عملهم.
وأضافت: «لقد تم بالفعل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتنفيذ المهام كثيرة التكرار، بحيث يمكن تحليل كميات كبيرة من الملاحظات والقرارات لتحديد نماذج العمل. كما أن تطبيق الذكاء الاصطناعي لتنفيذ الأعمال الأقل روتينية، التي تُعد أكثر تنوعاً بسبب قلة تكرارها، سوف يبدأ قريباً بتحقيق فوائد كبيرة للغاية. فمن الملاحظ أن الذكاء الاصطناعي المُطبق على الأعمال غير الروتينية هو أكثر عرضة لمساعدة البشر في تنفيذ أعمالهم بدلاً من استبدالهم بشكل كامل، حيث يمكن للعمل المشترك بين البـــشر والآلات أن يقدم فعالية أكبر بدلاً من عمل البشر أو الآلات القائمة على الذكاء الاصطناعي بشكل منفرد».
وتُقدر المؤسسة البحثية العالمية أن يؤدي تعزيز الذكاء الاصطناعي إلى توليد 2.9 تريليون دولار ضمن قطاع الأعمال في عام 2021 كما سيستعيد 6.2 مليار ساعة من إنتاجية العمّال.
وتقول «غارتنر» إنه في حين أن العديد من القطاعات ستشهد قيمة أكبر لأعمالها المتنامية من خلال الذكاء الاصطناعي، إلا أن قطاع التصنيع سيحصل على حصة كبيرة للغاية من فرص تعزيز العمليات ككل. حيث ستؤدي عمليات الأتمتة إلى تحقيق وفرة كبيرة في التكاليف، بالإضافة إلى أن التخلص من مشكلات سلاسل القيمة سيزيد من الإيرادات بشكل أكبر. على سبيل المثال تحسين سلاسل الإمداد وأنشطة الوصول إلى الأسواق.

خلافاً للمخاوف: «الذكاء الصناعي» سيزيد الوظائف في العالم ويعزز الإنتاجية

شارع المتنبي: جزيرة ثقافية معزولة عن العنف في العراق

Posted: 06 Jan 2018 02:01 PM PST

يعود شارع المتنبي الواقع في قلب بغداد بمنطقة يطلق عليها اسم القشلة، إلى أواخر العصر العباسي، وكان يعرف أولا باسم «درب زاخا» واشتهر منذ ذلك الحين بازدهار مكتباته واحتضن أعرق المؤسسات الثقافية.
وأطلق عليه اسم المتنبي في 1932 في عهد الملك فيصل الأول تيمنا بشاعر الحكمة والشجاعة أبو الطيب المتنبي.
وتحوّل شارع المتنبي في أوائل التسعينيات، في ظل الحظر الدولي الذي فرض على العراق، إلى ملتقى للمثقفين كل يوم جمعة، حيث يتم عرض آلاف الكتب وتنتشر فيه مكتبات الرصيف.
ويبدأ الشارع الذي يمتد لأقل من كيلومتر، بتمثال للمتنبي مطل على نهر دجلة، وينتهي بقوس بارتفاع نحو 10 أمتار، نقش عليه بيت الشعر الأشهر للمتنبي «الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم».
وتباع في الشارع الذي تحيط بجانبيه أبينة تراثية كانت تشكل معا مقر الحكم العباسي، كافة أنواع الكتب، وعلى رأسها السياسية والاجتماعية والتاريخية.
وتعرض شارع المتنبي الواقع على الجانب الشرقي لنهر دجلة لهجوم بسيارة مفخخة العام 2007 قتل فيه 30 شخصا وأصيب أكثر من 65 آخرين بجروح.

شارع المتنبي: جزيرة ثقافية معزولة عن العنف في العراق

بلهجة شامية ومناهج مصرية مراكز تعليمية للجالية السورية

Posted: 06 Jan 2018 02:01 PM PST

«الحاجة أم الاختراع» مقولة ملهمة طبقها اللاجئون السوريون في مصر بإنشائهم مراكز تعليمية، للتغلب على الصعوبات الدراسية التي واجهها أبناؤهم في مراحل التعليم المختلفة بالمدارس المصرية.
ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على تدفق السوريين إلى مصر، والسماح لأبنائهم بالتسجيل في المدارس منذ عام 2012، لكنهم لا يزال يواجهون صعوبات، بينها التعلم باللهجة المصرية العامية (الدارجة).
وفي نيسان/ابريل الماضي، قال مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، السفير طارق القوني، إن عدد اللاجئين السوريين في مصر يقدر بنحو 500 ألف، بينهم حوالي 120 ألفا مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وخلال العام الدراسي الحالي (2017-2018) انتظم قرابة 40 ألف طالب سوري في المدارس المصرية، علاوة على تقديم الرعاية الصحية الأساسية لحوالي 20 ألف طفل سوري، وفق الحكومة المصرية.

خطوة للأمام

«لم يكن أمامنا سوى توفير مراكز تعليمية تُخفف مرارة الغربة» هكذا رأت نور مصطفى، المعلمة في «مركز سوريا الغد» التعليمي بمدينة العبور، شرقي القاهرة، الحل لتعثر الأطفال السوريين في تعلم المناهج الدراسية المصرية. نور أضافت، «نحاول تحسين مستواهم العلمي، الذي تدهور بسبب سوء حالتهم النفسية (جراء معاناة الحرب واللجوء)، وتعثر متابعتهم للمناهج المصرية باللهجة العامية الدراجة».
وتابعت: «السوريون اللاجئون في مصر أتوا بعد عام ونصف العام من الحصار في بلداتهم السورية، وتعرضوا لأهوال الحرب ودوي القنابل، ما جعلهم، ولا سيما الأطفال، بحاجة إلى معاملة خاصة تراعي حالتهم النفسية». وشددت المعلمة السورية على أن الجالية السورية في مصر لم يكن أمامها سوى توفير مراكز تعليمية للأطفال، تراعي احتياجاتهم النفسية، وتُدرس المناهج المصرية باللهجة الشامية السورية.

أساليب حديثة

وفق فاتن عبد اللطيف، مديرة «مركز الأوائل» التعليمي السوري بمدينة 6 أكتوبر في الجيزة (غرب القاهرة)، فإن المراكز السورية في مصر تعتمد على تطبيق أساليب حديثة في التعليم تقوم على اقتران الدراسة باللعب والأنشطة.
وأضافت فاتن، أن «تعليم الأطفال السوريين بأساليب حديثة وشيقة يُهون عليهم مرارة الغربة ومأساة الحرب والعقبات التي تواجههم في التعليم داخل المدارس المصرية».
وقال هاني إبراهيم حصاص، مدير «مركز جسور العلم» التعليمي في مدينة 6 أكتوبر، إن «الأطفال السوريين واجهوا مشاكل عديدة في الالتحاق بالمدارس المصرية، أبرزها بطء إجراءات استخراج أوراق الإقامة وتجديدها كل عام».
ووفقا للقانون المصري، يُسجل حملة الجنسية السورية الوافدين أسمائهم في مفوضية اللاجئين في البلاد، لاستخراج بطاقة «صفراء» تمنح الحاصلين عليها مختلف الخدمات الطبية أو التعليمية في البلد المضيف.
وأضاف حصاص أن «الذين يتمكنون من الالتحاق بالمدارس المصرية من أبناء الجالية السورية ما زالوا يواجهون صعوبات تتعلق بفهم المناهج باللهجة العامية الدارجة، وتكدس الفصول الدراسية بالطلاب ما يحول دون التعلم الجيد».
وأوضح أنه مع تزايد الصعوبات التي واجهت السوريين في مراحل التعليم بمصر ولدت فكرة إنشاء مراكز تعليمية على غرار نظيرتها المصرية، من حيث الالتزام بالمناهج المصرية، ولكن باللهجة الشامية السورية، وأساليب التعليم الحديثة.

الحاجة أم الاختراع

لكن ثمة عقبة تواجه المدارس السورية في مصر، وهي العمل من دون ترخيص أو اللجوء للعمل تحت مظلة جمعيات أهلية عاملة في البلاد، حيث يتيح القانون المصري للجمعيات غير الحكومية إنشاء فصول تقوية أو مراكز تعليمية للطلاب، وفق حصاص.
وقالت ياسمين زيادة، مديرة «مركز سوريا الغد» التعليمي: «نعاني استخراج تراخيص إنشاء المدارس، ولكن علينا احترام قوانين الدولة التي نعيش فيها، ونحاول أن نسير الأمور حتى نعود إلى بلادنا».
وأضافت زيادة: «رجال أعمال مصريون وسوريون يدعمون المدارس السورية ماديا، كما أن الطلاب يدفعون رسوما مالية رمزية سنويا، وبعضهم يدرس بالمجان لسوء حالتهم المادية».
وأوضحت أن المراكز التعليمية السورية تقوم بتدريس المناهج التعليمية المصرية، لكن بكوادر ولهجة سورية.
ويبلغ عدد المراكز التعليمية السورية في محافظتي القاهرة والجيزة نحو عشرين مدرسة، تستوعب كل منها نحو ثلاثة آلاف طالب في مختلف المراحل الدراسية، بداية من رياض الأطفال وحتى شهادة الثانوية (المرحلة قبل الجامعية).

أجواء دمشقية

ويفرض القانون المصري على اللاجئين تجديد أوراق الإقامة في تشرين الأول/اكتوبر سنويا، غير أن بطء عملية استخراج تصاريح الإقامة، التي تستغرق غالبا نحو أربعة أشهر، يحول دون التحاق طلاب سوريين بالمدارس في مصر.
داخل أحد فصول «مركز جسور العلم» وقف المعلم السوري، محمد القلعاني، يشرح لعدد من طلاب المرحلة الإعدادية أحد دروس مادة الرياضيات باللهجة الدمشقية، وبدا وكأنه يشعل حماسة الطلاب اللاجئين، ويعيد إليهم ذكريات الدراسة في بلدهم.
بانتباه ملحوظ، يتجاوب معه الطلاب، الذين لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، رغم اختلاف المناهج الدراسية المصرية عن نظيرتها السورية، في مشهد يحاول فيه الطرفان تخفيف آلام ومرارة الغربة عن بعضهما.
يجلس مهند على مقعد خشبي داخل فصل مخصص للصف الثالث الإعدادي بذهن شارد ويقول: «فررت مع أسرتي وأنا في العاشرة من عمري من جحيم الحرب في بلدي، تاركا منزلي ورفاقي، لكنهم لم يغيبوا يوما عن مخيلتي وأتمنى العودة إليهم قريبا». (الأناضول)

بلهجة شامية ومناهج مصرية مراكز تعليمية للجالية السورية

كوردون بلو

Posted: 06 Jan 2018 02:01 PM PST

المقادير: نصف كيلو صدور دجاج فيلية
بهارات التتبيل
فلفل أسود
سبع بهارات
جوزة الطيب
قليل من البابريكا
ملح
دقيق بقسماط
مرقة بودر أو فجيتار
فلفل أسود
كورن فليكس
خلطة القلي
ملعقة زبدة
2 كوب لبن
مكعب مرقة
جبن شيدر مبشور
جبن بارمزان مبشور
دقيق
بقدونس
خلطة الصوص
ملعقة دقيق
كريمة للطبخ

للتزيين:
خضار سوتية مقطع

طريقة التحضير

نقطع الصدور بالعرض شرائح كبيرة ونغسلها ونضعها في مصفاة لنزيل الماء.
نخلط بهارات التتبيل ونتبل شرائح الفيلية.
نخلط عدة القلية ونتبل بها الشرائح ونقليها في زيت غزير ونضعها على ورق المطبخ.
نجهز الصوص بوضع الزبدة في طاسة ثم ملعقة الدقيق ونقلب لمدة دقيقتين ونصب عليها اللبن مع التقليب جيدا ونضع مكعب المرقة والفلفل الأبيض والجبن الشيدر المبشور ويتم ضبطه حسب السماكة الملائمة.
نجهز طبق التقديم ونضع فيه ملعقة كبيرة من الصوص
ثم نرص عليها قطع الصدور الفيلية المقلية ونجمل بالخضار السوتية.
نضع باقي الصوص فوق الصدور ونجمل بالبقدونس ونرش الجبن البرميزان ونقدمه ساخنا.

كوردون بلو

طبق الأسبوع

دراسة: النوم الجيد ليلاً علاج لاضطرابات القلق والاكتئاب

Posted: 06 Jan 2018 02:01 PM PST

نصحت دراسة أمريكية حديثة، خبراء الصحة النفسية بإدماج النوم الجيد ليلا كعلاج للاضطرابات ومنها القلق والاكتئاب.
الدراسة أجراها باحثون بجامعة بينغهامتون الأمريكية، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية (ScienceDirect) العلمية.
وأوضحت الدراسة التي تأتي استكمالات للأبحاث التي تجرى حول فوائد الحصول على قسط كاف من النوم ليلا، أن النوم أقل من 8 ساعات ليلاً، يمكن أن يزيد فرص الإصابة بالتفكير السلبي المتكرر الذي يرتبط باضطرابات القلق والاكتئاب. وللوصول إلى نتائج الدراسة، أخضع الباحثون مجموعة من المشاركين الذين ناموا ساعات أقل أو أكثر من 8 ساعات ليلاً، إلى النظر لمجموعة من الصور المختلفة التي تحفز الاستجابات العاطفية.
وتتبع الباحثون حركات العين للمشاركين، واكتشفوا أن انخفاض ساعات النوم ليلاً عن 8، يرتبط بصعوبة في تحويل انتباه الشخص بعيدًا عن المعلومات السلبية.
وأضاف الفريق أن النتائج تشير إلى أن عدم حصول الإنسان على كفايته من النوم ليلاً يجعل الأفكار السلبية تتداخل في حياته، ويتعزز لديه الشعور باضطرابات مثل القلق والاكتئاب.
وأشار الباحثون إلى أن نتائج الدراسة يمكن أن تمكن أخصائيي علم النفس من معالجة مرضى القلق والاكتئاب عن طريق تعزيز عدد ساعات النوم للمرضى ليلاً، ما يسهم في طرد الأفكار السلبية لديهم. ولفت الفريق إلى أن قلة عدد ساعات النوم لا ترتبط وحدها بالمشاعر السلبية، بل إن طول فترة النوم عن 8 ساعات أيضًا يرتبط بنفس الأعراض، لذلك يفضل الحصول على القسط الكافي من النوم ليلاً دون زيادة أو نقصان للوقاية من اضطرابات القلق والاكتئاب.
وكانت أبحاث سابقة كشفت أن الحصول على قسط كاف من النوم ليلاً؛ أي من 7 إلى 8 ساعات يوميًا يحسن الصحة العامة، ويقي الإنسان الكثير من الأمراض، وعلى رأسها السكري والسمنة والزهايمر.
كما ربطت الدراسات بين اضطرابات النوم وخطر التعرض للإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية وضعف الجهاز المناعي. (الأناضول)

دراسة: النوم الجيد ليلاً علاج لاضطرابات القلق والاكتئاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق