Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأحد، 25 فبراير 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


أوجلان والأسد كتفاً إلى كتف؟

Posted: 24 Feb 2018 02:16 PM PST

أصدر فرات خليل، القائد العام لـ«وحدات حماية الشعب» في حلب، بياناً إلى الرأي العام يشرح فيه السبب وراء دخول قوات النظام السوري إلى أحياء حلب الشرقية، خاصة الشيخ مقصود. وقال خليل: «لأنّ كل العالم التزم الصمت حيال الهجمات الإرهابية [ويقصد عملية «غصن الزيتون» التركية]، نحن كوحدات حماية الشعب والمرأة في حلب توجهنا إلى إقليم عفرين، لذلك وقعت الأحياء الشرقية من مدينة حلب تحت سيطرة النظام السوري».
هذا نموذج يوضح مقدار اختلاط الحسابات والأوراق لدى القوى الكردية، «حزب العمال الكردستاني» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات حماية الشعب» و«قوات سوريا الديمقراطية» على حدّ سواء، في سلوكها العام إزاء مختلف الملفات التي تشكّل عصب حضور العامل الكردي ضمن المعادلة السورية العامة الراهنة: مناطق الجزيرة السورية، محيط دير الزور وشرق الفرات، أحياء حلب الشرقية، منبج، ثمّ عفرين.
هي شرق الفرات، في مثال أول، تواجه تحالف النظام السوري وميليشيات الجنرال الإيراني قاسم سليماني ومتعاقدي «فاغنر» الروس، وتقاتل هؤلاء بالتنسيق مع القوات الأمريكية التي لم تتردد في توجيه الضربة الأقسى لهذا التحالف منذ أن دخلت واشنطن طرفاً عسكرياً في نزاعات الأرض المعقدة على امتداد ريف دير الزور وشرق الفرات. لكنها، في مثال ثانٍ، تنسحب في الشيخ مقصود لصالح النظام السوري، مبررة ذلك بضرورات الدفاع عن عفرين؛ وفي الآن ذاته تسمح لميليشيات النظام/ سليماني بالدخول إلى المدينة. وهي، في مثال ثالث، تتلاقى مع جهود موسكو الساعية إلى إقامة حوار كردي مع النظام السوري، حول ترتيبات حكم ذاتي كردي ذي صيغة ملموسة تحت سقف النظام، ثم تفترق عنها فتفضّل البقاء تحت المظلة الأمريكية حتى إذا أسفر ذلك عن موافقة موسكو على «غصن الزيتون»…
ولعلّ الاتفاق الأخير مع النظام السوري، حول دخول قوات موالية إلى قلب مدينة عفرين، هو آخر تجليات هذا الاختلاط/ الاختلال في الحسابات. ذلك لأنّ بشار الأسد لم يرسل وحدات عسكرية نظامية، بل عشرات من عناصر ميليشيا تمّ تأسيسها خصيصاً لهذه المهمة. هذا في ضوء تفصيل أقرب إلى السرّ المفضوح، مفاده أنّ مخطط «غصن الزيتون» لم يكن أصلاً يستهدف احتلال عفرين ذاتها، بل تطويقها من جهات ثلاث، وترك خاصرتها الجنوبية مفتوحة على جيش النظام وحده؛ أيّ مقيدة ومحاصرة، من هذه الجهة الرابعة أيضاً!
الوقائع على الأرض تؤكد عواقب هذا الاختلاط/ الاختلال، إذْ أنّ رقعة الاحتلال التركي لمحيط عفرين آخذة في التوسع، بل باتت مؤخراً أسرع وتيرة حتى من أفضل تقديرات الخبراء العسكريين. وبعد قرابة شهر على التوغل التركي في محيط الإقليم، تشير التقارير إلى احتلال أكثر من 100 نقطة كانت تحت سيطرة القوى الكردية، بينها 72 قرية، و20 تلّة. هذا فضلاً عن نجاح أنقرة في انتزاع اعتراف رسمي من واشنطن، بلسان وزير الخارجية الأمريكي نفسه، يدرج «غصن الزيتون» من باب تفهّم مخاوف الأمن القومي التركي.
فأيّ تكتيك هذا الذي، بعد إعطاء قيادات قنديل سلطات مطلقة في إدارة عفرين بمنطق الاحتلال، يستنجد بالنظام السوري ويستقبل ميليشياته التي تمارس طرازاً ثانياً من الاحتلال، في أحياء حلب الجنوبية، وتل رفعت شمالها، ثمّ في عفرين المدينة؛ وفي الآن ذاته يواصل الانكسار أمام زحف مفارز الاحتلال التركية؟ وأيّ اتساق منطقي في القتال مع أمريكا شرق الفرات، وابتلاع مهانة سكوت واشنطن عن الغزو التركي في عفرين؟ وأخيراً، أيّ منطق سياسي، وعقائدي وأخلاقي، ذاك الذي يبرر أن تشهد عفرين، المعذبة الصابرة الضحية، رفع صورتَيْ عبد الله أوجلان (قائد حركة تحرر كردية يسارية)، وبشار الأسد (قاتل أطفال فاشي مرتهن)… كتفاً إلى كتف؟

أوجلان والأسد كتفاً إلى كتف؟

صبحي حديدي

من يوميات أب تحت التمرين: الأسئلة

Posted: 24 Feb 2018 02:16 PM PST

يوماً بعد يوم، وعاماً بعد عام، سيتأكد لك أن الأبوة ليست فقط رحلة ممتدة مع الالتزامات والمسؤوليات والمصاريف، بل هي أيضاً رحلة طويلة مع الأسئلة المحيّرة والمباغتة.
كنت قد حدثتك عن تجاربي الصعبة مع أسئلة بناتي قبل تجاوزهن سن العاشرة، خصوصاً أسئلتهن عن الموت والقدر والألوهية وحكمة الوجود الإنساني، ولعلك ظننت وأنت تحاول الاستفادة من تجاربي، أننا لو التزمنا الصبر وضبط النفس، وعبرنا سن العاشرة بسلام، ستختفي مهمتنا مع الأسئلة المحيّرة، أو ستصبح أسهل. وهو ظن كنت أشاركك فيه، حتى اكتشفت أنه ظنٌ موغل في الإثم، فقد اتضح أن الأسئلة الوجودية الكبرى التي لم تتفق البشرية على إجابات قاطعة لها، أسهل وأفضل لأنها تعطيك مساحة واسعة في الحركة كأب وأنت ترتجل الإجابة، تكون حينها أشبه بمهاجم يقوم بترقيص الكرة في منطقة خالية من المدافعين، وإذا تمسكت بجدية الملامح، واخترت مفردات مناسبة لبعضها جرس موسيقي رنان، سيبدو لأطفالك أنك تعرف جيداً ما تقوله، حتى لو لم تكن تفقه شيئاً عنه، وإن أوغلت في الغموض المنضبط، ستساعدك على النجاة من مأزقك، تلك السمة الطفولية الأصيلة، والتي ترافق بعضنا حتى قبره، سمة الخجل من إعلان عدم الفهم. عليك فقط ألا تكون طماعاً، وألا تستغل الأمر لمزيد من تعويم الإجابات، بل استخدم ذلك التكنيك لأقصر وقت ممكن، واسلك على الفور أقرب مخرج مشرف لكليكما، وانهِ النقاش على وعد باستئنافه مجدداً، مراهناً على ضعف ذاكرة طفلك وعلى تلاهي الزمان وستر الإله الرحيم.
للأسف، بعد سن العاشرة يختلف الوضع تماماً، أنت الآن مهاجم وحيد ومرهق، في منطقة مزدحمة بالمدافعين النزقين، ولدى كل منهم رغبة عارمة في عرقلتك وجذبك من الفانلة وإسقاطك أرضاً. المهم أن يظهر تفوقهم عليك، ويا حبذا لو أثبتوا خطأ ما سبق أن أفتيت به، لن يعطوك حق الاسترسال في مقدمة إنشائية، لتأخذ فرصتك في التفكير ما يتلوها، لأنك ستُقاطع على الفور بعبارات من نوعية: «بابا ممكن تخش في الموضوع.. ده ما كانش سؤالي أصلاً.. ممكن تقول كلام محدد»، ولن يكون مجدياً حينها أن تبدي غضبك من إساءة الأدب والمقاطعة، لأن ذلك الغضب له رائحة ستكشف موقفك الضعيف أكثر. وبالطبع سيكون الوقت قد فات لتغيير صيغة «الأب الصديق الودود المتفاهم غير التقليدي المنفتح على كل الأسئلة»، إلى صيغة «الأب البطريرك الجنرال العليم ببواطن الأمور». وحتى لو اضطرتك ضغوط الحياة لتغيير الصيغة، ستدرك بعدها أن ما يأتي مع صيغة الأب الصديق المتفاهم، أفضل وأكثر أمناً، مع ما يأتي مع صيغة الأب البطريرك العليم.
ولكي لا تدخل في أي مخاطرات غير محسوبة، لن تنجيك سوى اللياقة الذهنية العالية، التي تستلهم من تراث السوفسطائيين من أجدادنا وجداتنا، سواءً كانوا سوفسطائيين بالسليقة أو بالتدريب، أولئك «البرنسات» الذين يؤمنون أن أفضل طريقة للإجابة على سؤال محير ومحرج، إما أن ترد عليه بسؤال أشد إحراجا وحيرة، تلقيه في حجر السائل، فينشغل بمحاولة إطفائه، أو أن تحاول الهرب مختبئاً في ظلال حكاية تبدو واقعية، وتكون مشوقة وبارعة في استهلالها، وتوجد بها نقلات درامية جذابة وغير حادة، وتنتهي بحكمة جليلة لا يبدو إطلاقاً أنها موعظة. ولا تطلب مني مثالاً على ذلك، لأن حكاية من هذا النوع، تأتي كرزق من السماء، ينزله الله على الآباء الذين يطلبون منه الستر على الدوام، وفي العادة ينسون حكاية كهذه فور انتهائهم من ارتجالها، وكذلك ينساها أبناؤهم الذين سرعان ما ينشغلون بتدبير سؤال خازوقي جديد لآبائهم. وقد اختصصت الآباء بالذكر، لأن الأمهات تلجأن في مواجهة الأسئلة إلى واحد من أقوى وأمكر أسلحتهن المتوارثة عبر الأجيال، سلاح «روح اسأل أبوك يا حبيبي»، مستغلات رغبة أي أب في إظهار نفسه دوماً بمظهر «الموسوعي الفلّوطة».
قبل أسابيع كنت في غاية السعادة، بعد أن قرأت مقالاً كتبته ابنتي الكبرى في مجلة المدرسة عن مخاطر الزواج المبكر. لا تسألني عن سر اختيار الموضوع، لأني خفت أن أسأل عنه فأتورط في أسئلة إن تُبدَو لي تسوءني. اختارت ابنتي أن تصيغ مقالها في صورة رسالة موجهة للأهل الذين تجبرهم ضغوط الحياة على الزواج المبكر، قبلها كانت قد كتبت أغنية راب عن مفهومها للحياة، فقلت لها «متفلحساً» أنه سيكون أجمل لو صاغت المقال في صورة أغنية راب تنصح بها البنات أن كل شيء في الدنيا له أوان ولا داعي للاستعجال، فكان جزاء حذلقتي أن باغتتني بسؤال مباشر زاحف يقول: «هل للحب أوان؟ ومتى نتأكد أن هذا الوقت هو أوان الحب؟».
لم أكن بالأب الغشيم الذي يعامل سؤالاً كهذا بوصفه قرينة اشتباه، ويفتح بعده جلسة تحقيق عن سر طرحه في هذا الأوان، وما إذا كان مرتبطاً بتلك النظرة إياها، التي بدت لك ملفتة في صور الرحلة المدرسية الأخيرة. وسط تدافع الأفكار في رأسي، شعرت أن سؤالاً كهذا يحتاج إلى قصة «خزعبلية» تحمل جرعة فعالة ومحسوبة من التحذير من تعجل الحب، الذي هو أخطر وأضل من تعجل الزواج. لكن قصة كهذه لن تنطلي بسهولة على طفلة لم تعد المسلسلات العربية وحدها مصدر ثقافتها الدرامية، بل أضيفت إليها الأمريكية والكورية والهندية والتركية. لكني استعنت بالله، وبدأت التمهيد لقصتي بطرح سؤال مضاد يقول: «أولاً لا بد أن نسأل أنفسنا ما هو الحب؟ فربما كان ما نظن أنه الحب ليس سوى إعجاب أو استلطاف أو خداع نظر سببه الانبهار بصفات جميلة أو سلوك حسن». وقبل أن أترك أي فرصة لأي إجابة، قفزت إلى بحر الارتجال، بادئاً بتجربة زعمت أنها حدثت لي في نفس عمرها، ثم قمت بتلصيم أجزاء من قصص مختلفة لأشخاص آخرين في أعمار مختلفة، بشكل لا أنسب الفضل في نجاحه المفترض ـ وربما المتوهم ـ لنفسي، فما هو إلا كرم الله الذي ساعدني على أن أوصل أنني لست ضد الحب الذي طالما تغنيت به في ما أكتب، بل أنا ضد التعجل في وصف مشاعر مبهمة ناشئة ومتضاربة بأنها حب. ولم أكن أطلب في هذا التوقيت سوى هذا الإنجاز المبدئي، لأشغل نفسي بعدها في التفكير في كيفية البناء عليه مستقبلاً بحذر حنون، وبشكل يجعلني سعيداً بها ومطمئناً عليها إلى أقصى حد ممكن.
للأسف، لم يصادفني نفس الحظ مع ابنتي الأصغر، التي تفاجئني دائماً بالتوقيت الذي تختار فيه طرح أسئلتها، كأن تسألني بالإنكليزية ونحن نمتطي المصعد المزدحم ببعض سكان عمارتنا في نيويورك: «بابا هل الشيوعية جيدة أم سيئة؟». استقبل رفاق المصعد السؤال بابتسامات ودودة، ولم أكن لأحول ذلك الود إلى توجس، لو أجبت باللغة العربية، لأجدني خلال فترة قصيرة مطالباً بإرضاء شغف ابنتي المعرفي، ومحلاً لتقييم أربعة من جيراني. وإذا أضفت إلى ذلك برودة الجو وسماجة الصُّداع، فأرجوك لا تحكم بالفشل على إجابتي التي كانت: «كان يفترض أن تكون جيدة، لكنها مثل أشياء كثيرة لم تطبق بشكل جيد، لكن ليس بالضرورة أن كل الأشياء الجيدة تطبق بشكل جيد، ولذلك سيظل البعض يعتقد أنها في ظل ظروف جيدة يمكن أن تكون جيدة، وطبعاً هناك من يعتقد أنها لم تكن جيدة من الأساس». لم أفكر في الالتفات إلى أعين جيراني لاستطلاع آرائهم، قانعاً بنظرات التقدير التي رمقتني بها ابنتي، والتي اتضح لاحقاً أنها كانت نظرات شفقة، حين مررت إلى جوارها في اليوم التالي، فوجدتها تقرأ على كمبيوترها بعض ما رشحه لها (غوغل) عن التجارب الشيوعية، وكانت الصفحة المفتوحة أمامي تتحدث عن جرائم ستالين وعدد ضحاياه في مجاهل سيبيريا.
كنت حين خرجنا من المصعد، قد قلت لها بحزمٍ حاسم وحسمٍ حازم: «ما تسألنيش أسئلة بالانكليزي بعد كده قدام الناس، ويستحسن ما تسألنيش أسئلة في الأسانسير خالص»، ولأنها مهذبة وتسمع الكلام، لم تسألني بعدها أي أسئلة في المصعد، مع أنها لا تتوقف بحكم سنها عن الأسئلة. لكننا بعد أسبوع، كنا في عربة المترو المزدحمة كالعادة، وهناك بالذات قررت أن تسألني باللغة العربية عما إذا كان ترامب سيقوم بضرب كوريا الشمالية بالسلاح النووي وهل كوريا الشمالية دولة إرهابية، ولأنها نطقت كلمات (إرهابية) و(السلاح النووي) بالإنكليزية لأنها وجدت ذلك أيسر، ولأن لحيتي كانت أطول من اللازم، ولأن الحياة صعبة ومعقدة وقصيرة، فقد كان لا بد من أن أبدأ بترجمة سؤالها، بصوت يصل إلى جميع المحيطين بنا منعاً لأي التباس، ثم أشرع في الإجابة عليه عازماً على تطعيمه ببعض المقولات الشائعة عن السلام العالمي وخطورة الإرهاب الذي لا بد أن يدينه كل أصحاب الضمائر الحرة وتعقيدات الحرب وعبثها، لتقاطعني بسؤال تلقائي، وبالإنكليزية هذه المرة: «بابا، إنت مش قلت بلاش أسألك أي أسئلة بالإنكليزي؟».

من يوميات أب تحت التمرين: الأسئلة

بلال فضل

صفقة القرن أم كرة الشحم؟

Posted: 24 Feb 2018 02:16 PM PST

ماذا تريد أمريكا من الفلسطينيّين؟ ماذا تبيّت لهم؟ بل ماذا يريد العرب أو أنظمتهم أو بعضها من الفلسطينيّين؟
المستر دونالد ترامب والحكّام العرب لم يقرؤوا قصّة «كرة الشّحم» للكاتب الفرنسيّ غي دوموبسان؛ لذلك فإنّ تشابه الأحداث جاء مجرّد صدفة. نبدأ بقصّة دوموبسّان. خلال حرب 1870 بين فرنسا وبروسيا (ألمانيا)، اجتاح البروسيون مدينة ران في النّورماندي، يحدث هذا في كلّ الحروب تقريبا. عشرة أشخاص فرنسيين من سكّان المدينة قرّروا الهرب بعيدا عن مخاطر الحرب؛ يحدث هذا أيضا في كلّ الحروب تقريبا. الهاربون العشرة هم زوجان من التّجّار وزوجان من البرجوازيّة وزوجان من النّبلاء وراهبتان، السّتّة الأوائل لا تعوزوهم الفلوس ليتدبّروا أمرهم. والرّاهبتان روح الرّبّ في الأرض، ولا بدّ أنّ الرّبّ قد تدبّر أمرهما. وتاسع العشرة رجل ديمقراطيّ حتّى النّخاع، لا ندري من تدبّر أمره، ولكنّه كان هناك في العربة التي تجرّها الخيول. وعاشرةُ العشرة هي صاحبتنا اليزابيث رووسيه، وهي امرأة مومس معروفة، لا تخفي مهنتها، وكنايتها (بول دو سويف) أي كرة الشّحم، والأصوب «كرة الودك»؛ والودك لغة هو الدسم من اللحم والشحم. وهي امرأة بدينة قصيرة مدوّرة، ولكنّها جميلة مثيرة ذات عينين سوداوين ووجه كالتفّاحة. لأقل هي مثل «دجاجة وَدِيكة» كما يقول العرب عن الدجاجة السمينة.
يحدث هذا أيضا. المسافرون التّسعة لم يتزوّدوا بمؤونة لرحلة قد تطول وقد تقصر؛ وقد تتقطّع بهم السبل. كان ذلك سوء تقدير، وأكثر النّاس يسيء التّقدير في مثل تلك الأحوال. لكن كرة الشّحم أو الودك لم تسئ التّقدير، وكانت كريمة فقاسمت الرّكّاب طعامها بالرغم من نفورهم منها، أو هي على رأي عروة بن الورد عافية الإناء، تقسّم جسمها أو قوتها في جسوم كثيرة. حدث هذا ويحدث أيضا. وفي مدينة توتس، يلجأ الرّكّاب العشرة إلى فندق للاستراحة، ولسوء حظّهم، كان البروسيون قد استولوا على الفندق وأقاموا فيه مركز القيادة. سوء الحظّ أيضا يحدث زمن الحرب كما زمن السّلم. ولسوء حظّهم أيضا رفض الضّابط البروسيّ أن يمنحهم رخصة العبور إلاّ بمقابل: أن تمنحه كرة الشّحم جسدها ليلة واحدة. ولكنّ كرة الشّحم المومس التي تقتات بجسدها، وتأكل به؛ ترفض رفضا قاطعا أن تمنح العدوّ جسدها. تلك مسألة مبدأ. ولكنّ رفقتها لم يستوعبوا، فهذه مهنتها، فما دخل المبدأ في القضيّة؟ قالت مدام لوازوا بغضب: هذه هي مهنتها، فليس من المعقول أن تسمح لرجل ولا تسمح لآخر؟ ولا أحد منهم استهجن موقف الضّابط الرّخيص! وحده الرّجل الدّيمقراطيّ، بتجربة السّنين، وبحنانه الأبويّ المتصنّع، ظلّ يهوّن عليها الأمر؛ حتى استطاع أن يقنع كرة الشحم وهي التي فقدت أباها طفلة؛ فاستسلمت للضّابط البروسي.
 دعنا الآن من بقيّة القصّة، فقد أوفى الضّابط بوعده، وهناك ضبّاط يحاربون بشرف ويصالحون بشرف. يحدث هذا أيضا زمن الحرب، وتواصل المركبة رحلتها، ويزداد نفور الرّكّاب من اليزابيث رووسيه؛ حتى أنّهم لا يقاسمونها طعامهم، وهي التي لم تتزوّد هذه المرّة بمؤونتها لرحلة قد تطول وقد تقصر. لا المستر ترامب قرأ هذه القصّة ولا أيّ من الحكّام العرب. مستر ترامب ليس لديه متّسع من وقت وهو رجل أعمال وتاجر لا يشغل نفسه بالقراءة، والحكّام العرب لا يقرؤون أصلا. مستر ترامب لم يرغب في كرة الشّحم، ولكنّه رغب في غيرها من نساء المركبة؛ والأزواج بكلّ ما فيهم من نخوة، يحاولون أن يردّوه عن رغبته: «كرة الشّحم أشهى وألذّ!»، ومستر ترامب رجل عنيد، فكرة الشّحم في قبضته ولن تفلت! وكان عند وعده، فقد أخلى سبيل المركبة، ولكنّ الرّجال لم يرفعوا أبصارهم إلى كرة الشّحم. مازالت الرّحلة طويلة، وفي كلّ مدينة فندق وفي كلّ فندق ضابط اسمه مستر دونالد ترامب. من هم ركّاب العربة؟

***

يتضمن كتاب «النار والغضب» شهادات من ستيف بانون، مستشار دونالد ترامب السابق، يتحدث فيها عن «صفقة القرن» أو «صفعة القرن» كما سمّاها الرئيس أبو مازن، أو «صفقة العصر» ولا أفهم شخصيّا لماذا ترجموها هكذا، إلاّ أن يكون المقصود بـ»العصر» عصرَ الثمرة مثل الليمونة أي ضغطها واستخرج ما فيها من سائل، أو عصر الدمّل إذا استخرج مِدّته، أو عصر يده إذا دعكها، أو عصر الثوب إذا لواه واستخرج ماءه، أو عصر بمعنى منع وحبس وأيبس وعرّق… وليس العصر بمعنى الدهر أو الزمن أو الحقبة منه. وها هم جميعا يعصرون الفلسطينيّين عصرا، بحثا لهم عن «أرض ميعاد» أو «أرض استبدال».  وليس قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، سوى جزء من تدابير تنفيذ هذا الاتفاق الذي تمّ إبرامه مع الجانب الإسرائيلي فقط، وربّما كان هناك تواطؤ عربيّ ما.

***

 ومع ذلك فقد يكون من الرجاحة بمكان أن نشيد بالتعامل العقلاني مع هذا الوضع المعقّد حيث القضيّة الفلسطينيّة تقع أو تكاد في آخر اهتمامات الأنظمة العربيّة، بل لعلّ بعضها يستعجل أيّ حلّ حتى لو كان مؤقّتا، أو هو يزيّنه للفلسطينيّين، كما فعل المسيو لوازوا مع كرة الشحم. هل الحلّ في المقاومة؟ ولكن أيّة مقاومة؟ وبأيّ شكل؟
 الحلم الفلسطينيّ لايزال حلما مبتورا؛ ونحن نرى هول المأساة في غزّة وعذاب الناس اليومي، أو نرى من رام الله المستوطنات وهي مدن قائمة على التلال والهضاب مسوّرةً بجدار الفصل العنصري وبالأسلاك الشائكة؛ تطوّق القرى والمدن الفلسطينيّة بما فيها القدس؛ فنتساءل: أيّ سلام سيستتبّ في ظلّها؟ بل كيف لحلّ الدولتين أن يتحقّق؟ ومع ذلك فإنّ الحلم الصهيوني حلم مبتور؛ ماهيّته جغرافيا لاهوتيّة تجعل من إسرائيل في المنظور الصهيوني دولة الصعود والعودة والتجمّع وإعادة التكوين.
كان لدى كثير أو قليل منّا، منذ عودة بعض الفلسطينيّين إلى جزء من أرضهم، حلم بإقامة دولة فلسطينيّة على حدود ما قبل 1967. ولكن يبدو أنّه يتبدّد؛ خاصّة أنّ الأغلبيّة من الإسرائيليّين لا تزال تطرح المسألة من حيث هي حقيقة مطلقة. فلا جبل صهيون حتى بالنسبة إلى المسيحيّ، مملكة من هذا العالم. وهو تأكيدا لا يعني فلسطين. والجغرافيا اللاهوتيّة على ما يقرّره بول ريكور في نصّ قديم له، وأظنّه تراجع عنه تحت ضغط ما، مرحلة ألغاها تاريخ الأنبياء اليهود الروحي. وعليه فإنّ الماهية المؤسّسة للوجود الإسرائيلي، ليست الماهية المؤسّسة لوجود المسلم أو المسيحي، واعتبار إسرائيل نفسَها امتدادا لإسرائيل الذاكرة إنما سنده المخيال الديني وليس التاريخ في كلّ الأحوال.

***

لكأني الآن في «الخيمة البيضاء» أطلّ مع كاتبتها ليانة بدر على رام الله، وعلى المستوطنات والحواجز والجدار العازل، من نافذة قطار يسير بطيئا سريعا.. سريعا بطيئا.. في حركة دائريّة سيكودراميّةّ، تأخذ بنقلات سريعة مفاجئة، ثمّ تتأنّى، وتتباطأ في سلسلة من الأحداث المنفصلة المتّصلة؛ وكلّ ذلك على مدار 24 ساعة تستغرق هذا العالم الفلسطينيّ المتحوّل، حيث تكاد فلسطين المظلومة و»الظالمة» نفسها أيضا بجرحها الداخلي الذي لا ندري متى سيندمل؛ وهي تكاد تنزل سهل الأباطح، حيث لا حلّ الدولتين بالقائم، ولا الدولة الواحدة.. حيث الخيمة التي تنهار هي «خيمة أوسلو».. حيث لا أمل إلاّ في الجحيم.
 عبرت إلى رام الله مرّتين: أواخر شهر سبتمبر 2000  مع نفر من الشعراء العرب في ملتقى فلسطين الشعري الأوّل، وكان محمود درويش معنا طوال رحلة الأيّام الستة تلك؛ وأواخر ديسمبر 2013 وحدي بدعوة من متحف محمود درويش.
وفي المرّتين قطعت الطريق من عمّان إلى جسر الملك حسين فأريحا فرام الله. استشعرت أنّني كنت أخرج من سجن، ولكن دون أن أذوق طعم الحرّيّة؛ وأظنّ أنّ هذا هو الشعور الذي ظلّ يلازمني في الرحلتيْن كلتيهما، كما كتبت في مذكّراتي، ولا أزال أرى فلسطين حتى الآن من مشبّك، وأقول لعلّ الفردوس صُنع ليظلّ مسيّجا؛ والجنّة مغلقة أبدا. غير أنّ فلسطين ليست الفردوس المفقود؛ ولن تكون صورة من الأندلس.

***

لكأنّ الفلسطينيّين الآن في صَهْريجٌ غسّان كنفاني، المُشرب بِأكْسيدِ البُرونْزِ. ونحن نعرف أنّهمْ طرَقُوا منذ احتلال فلسطين، ولا يزالون يطرقون. ونحنُ هناك نسمعُهمْ. ولكنّنا سددنا آذاننا بشمع النحلِ.. ولم نفتحْ لهمْ.. وإذْ دقّوا على الخزّان مرّاتٍ.. ومرّاتٍ؛ قطعنا آذاننا لنخرسهم.
 «صفقة القرن» اليوم ليست بالون اختبار، بل هي في المنظور الأمريكي استشراف أساسه تهيئة العرب للقبول بطيّ صفحة القضيّة الفلسطينيّة. ومسعى محكوم بسيناريوهات أو احتمالات. وكلّ فعاليّة مستقبليّة تعني أنّ المستقبل ليس مكتوبا ولا هو نتاج قدر أمريكي. إنّما هو صنيعنا نحن البشر مثلما هو صانعنا.
 واليأس من كلّ شيء قد يكون مفتاح الأمل في كلّ شيء. والفلسطينيّون ليسوا بـ»كرة الشحم» ولن يكونوا أبدا.
كاتب تونسي

صفقة القرن أم كرة الشحم؟

منصف الوهايبي

المسؤولون اللبنانيون يؤكدون: «لسنا ضعفاء سياسياً ولا عسكرياً»

Posted: 24 Feb 2018 02:15 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: السباق حول تثبيت حقوق لبنان في البحر والنفط يتزامن مع السباق الانتخابي الذي يشتد في ظل عدم حسم التحالفات بين الأطراف السياسية قبل فترة قصيرة على إقفال باب الترشيحات وإبلاغ وزارة الداخلية بشكل اللوائح.
ولم تسفر جولة نائب وزير الخارجية الأمريكية دافيد ساترفيلد في بيروت قبل أيام عن أي جديد في ظل تمسك لبنان بكامل حقوقه النفطية ورفضه المساومة على هذه الحقوق رغم تحايل إسرائيل في مطالبها وإيحائها عن تراجع عن الحصول على 360 كيلومتراً مربعاً من أصل 860 وانتقالها إلى المطالبة بـ 25 في المئة من كامل البلوك رقم 9 المتنازع عليه في البحر.
ونُقل عن مصادر متابعة للمحادثات بين ساترفيلد والمسؤولين اللبنانيين أن الوسيط الأمريكي لم يعد يسوّق «خط هوف» القائل بأن تؤول 40 في المئة من المنطقة المتنازع عليها البالغة مساحتها 860 كلم مربعاً، لتل أبيب. إذ ان الأخيرة باتت تطالب بـ25 في المئة من البلوك النفطي 9 الذي لا يقبل لبنان أي جدل حول ملكيته.
وسمع المسؤولون اللبنانيون من ساترفيلد أن الإدارة الأمريكية تتحرّك من منطلق تفادي أي انزلاق نحو تدهور أمني بين لبنان وإسرائيل من شأنه أن يزعزع الاستقرار في هذه البقعة الباقية من الشرق الأوسط، وأنه يعمل بكل ما في وسعه للتوفيق بين مطالب تل أبيب ومواقف الدولة اللبنانية والتوصل إلى نقاط مشتركة تعزز عملية الاستقرار في المنطقة وتتلاقى مع النظرة الاستراتيجية الأمريكية.
وكان الملف النفطي محور بحث بين ساترفيلد ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي «أبلغ الموفد الأمريكي الموقف ذاته الذي أبلغه اياه سابقاً ولا ينقص حرفاً واحداً» كما جاء في بيان المكتب الإعلامي للرئيس بري. ولفتت مصادر عين التينة إلى «أن لبنان متمسك بحقوقه النفطية ولا تراجع عنها»، مشيرة إلى ان «الأمريكيين ليس لديهم من طرح سوى اقتراح هوف، وأن الإسرائيليين يحاولون التحايل بشتى الطرق».
والتقى وزير الخارجية جبران باسيل بدوره ساترفيلد قبل أن ينتقل إلى قيادة الجيش للاجتماع بالعماد جوزف عون ومن ثم برئيس الحكومة سعد الحريري فأكد «أننا أمام فرصة حقيقية لتحقيق نصر جديد باستعادة أراض على الحدود البرية متنازع عليها منذ رُسم الخط الأزرق عام 2000»، وعزا هذه «الفرصة» إلى «قوة الموقف اللبناني السياسي والدبلوماسي، والعسكري المستند إلى قوة الجيش والمقاومة وقرار المجلس الأعلى للدفاع بالرد على أيّ اعتداء».
وقال في حديث صحافي «نجحنا في تثبيت سقف أدنى، وهو أن أي بحث في قضية ترسيم الحدود البحرية يبدأ من تأكيد حقوقنا النفطية». وأضاف: «في ما يعنينا، أكّدنا دائماً أن لا تفريط بالسيادة ولا بالنفط، وأن إسرائيل غير قادرة على الاعتداء علينا في هذا الأمر، لأننا قادرون على الرد بالمثل». وشدّد على «أننا لسنا ضعفاء سياسياً أو عسكرياً، ونحن قادرون على حماية نفطنا. لم نتعاطَ مع الأمر باستعجال، لأن الاسرائيليين غير قادرين على بدء التنقيب في المنطقة المتنازع عليها. ولا هم قادرون على منعنا من العمل في البلوك 9». وقال إن ترسيم الحدود البحرية «ليس مجرد رسم خط حدودي فاصل فوق الماء، بل يتعلق بالحصول على الحصة اللبنانية من النفط في المكامن المشتركة تحت الماء. نريد حقوقنا في النفط، وليس في البحر فقط».
كذلك، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «ان الوضع الحالي لا يسمح لإسرائيل ان تتخطى الحدود لان هناك قراراً لبنانياً بالدفاع عن هذه الحدود براً وبحراً». وكشف أنه «أثار أمام وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيليرسون مشكلة النزاع مع إسرائيل حول حدود لبنان البحرية والبرية» وأوضح له أن «لدى لبنان خرائط تعود إلى عشرينات القرن الماضي تثبت حقوقه بأرضه وهي موجودة بيد العالم بأسره، ولا يمكن التلاعب بها»، معتبراً ان «ما تطالب به إسرائيل في هذا السياق يؤدي إلى خسارة هذه الحقوق»، ومطالباً اياها باللجوء إلى التحكيم، «وإلا قد تكون النتائج مأساوية وإسرائيل تدرك ما معنى ان نصل لهذه النتائج».
وكان الاجتماع الدوري الثلاثي اللبناني ـ الأممي ـ الإسرائيلي إنعقد في الناقورة، وخصص للبحث في ملفي الجدار الاسمنتي والحدود البحرية إلا انه لم ينته إلى أي مقررات وتم الاكتفاء بعرض الموضوعين من الزاوية التقنية. وقد حضر الوفد اللبناني الاجتماع وفي جعبته خرائط ووثائق لإثبات حق لبنان في البلوك 9 مع التمسّك «بخط الهدنة» المُتّفق عليه منذ العام 1949 وهو الخط الذي يفصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، وقد كرر موقف لبنان الرافض إقامة الجدار الإسرائيلي على النقاط الـ13 المتنازع عليها.

المسؤولون اللبنانيون يؤكدون: «لسنا ضعفاء سياسياً ولا عسكرياً»
إسرائيل تتحايل على حقوقها النفطية وساترفيلد قلق
سعد الياس

قطر تستعيد حلفاءها وتسحب الأوراق من خصومها

Posted: 24 Feb 2018 02:14 PM PST

الدوحة «القدس العربي»: مع اقتراب الأزمة الخليجية من شهرها العاشر ينبعث ضوء خافت من آخر النفق، يدفع للتفاؤل بأن بوادر أمل لحل الأزمة بدأت خيوطها ترتسم في الأفق، مع قراءات سياسية وإعلامية تراهن على القمة الخليجية الأمريكية السنوية في كامب ديفيد في أيار/مايو المقبل لإنهاء أزمة طال أمدها، وتحولت إلى عبء ثقيل على إدارة أمريكية منشغلة بضغوطات داخلية ومعضلات خارجية.
ورغم عدم صدور أي تأكيد رسمي عن إدارة البيت الأبيض، بشأن انعقاد قمة كامب ديفيد السنوية، وأجندتها، إلاّ أن تصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون في محطته الخليجية الأخيرة إلى الكويت، والتي أعلن فيها – لأول مرة منذ بداية الأزمة – أن إطالة الأزمة الخليجية يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة، أكدت حدوث انقلاب جذري في مواقف الإدارة الأمريكية التي ظلت على مدار تسعة أشهر كاملة تتخبط في مواقف متضاربة ومتقلبة بين الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته.
وجاءت تصريحات تيلرسون لتؤكد أن البيت الأبيض حسم قراره، وباتت نظرته لخطورة الأزمة وتداعياتها أكثر نضجاً، ورغبته في إيجاد حل لها، أكثر وضوحاً وقوة من ذي قبل، بعد أن استنفدت الأزمة مبررات استمرارها، وحققت لترامب مكاسب اقتصادية ومالية تفوق ما كان يطمح له!

أولويات واشنطن

لم يعد خافياً أن تَعمُد دول الحصار إطالة الأزمة بلا مبرر مقنع، بات يؤرق إدارة البيت الأبيض ويعكر صفو تركيزها على ملفات أعقد، من قبيل التحقيقات المثيرة لوكالة الاستخبارات الأمريكية التي تضيق الخناق على ترامب ورجاله يوماً بعد يوم، موازاة مع مشاكل داخلية تستنفر المجتمع جراء انتشار الجريمة وتعطل قوانين الهجرة ومشاكل داخلية أخرى، بجانب رهانات خارجية أكثر إلحاحاً وأولوية في أجندة ترامب، في صورة منافس روسي يزداد نفوده السياسي والعسكري اتساعا في سوريا ومناطق كثيرة، وزعيم كوري شمالي يثير القلاقل بتهديداته النووية، وخصم إيراني عنيد لم تجد معه التهديدات والعقوبات الاقتصادية، وقضايا أخرى معقدة تشغل الرأي العام الأمريكي وتقضّ مضاجع ساسة البيت الأبيض، ولم تعد تحتمل مزيداً من استنزاف الجهود وتضييع الوقت، بعد أن حققت الأزمة الخليجية مكاسب مالية وآلاف الوظائف للشعب الأمريكي، وانتفت مبررات إطالة أمدها.

خيبات دول الحصار

تكشف تطورات أزمة الحصار التي تدخل شهرها العاشر في السادس من آذار/مارس المقبل، مضي قطر في حصد مزيد من الإنجازات الدبلوماسية، ليس أقلّها عودة العلاقات الدبلوماسية مع تشاد، وقبلها عودة سفير السنيغال إلى الدوحة، وإعلان التحالف العالمي لمنظمات حقوق الإنسان (يضم 110 مؤسسة وطنية حقوقية عبر العالم) دعمه لتحركات اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية، وحثّها على المضي قدماً في رصد انتهاكات دول الحصار.
في المقابل، يواصل رباعي الحصار (السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر) جرّ مزيد من خيبات الأمل والانكسارات، ليس آخرها قرار جيبوتي فضّ شراكتها مع موانئ دبي العالمية، بعدما انكشفت لها خفايا أطماع دولة الإمارات السياسية والأمنية وتخطيطها للسيطرة على القرار السيادي لدولة جيبوتي، واستغلال الصفقة التجارية مظلّة لبسط نفوذها على البلد العربي الافريقي الذي تتنافس على أراضيه أقوى الجيوش العالمية التي سارعت لفتح قواعد عسكرية فيها، واتخذته الإمارات بوابة لاكتساح القارة الافريقية، ضمن مخططاتها للسيطرة على أهم الموانئ والمعابر الدولية، تحت غطاء الاستثمارات التجارية!
وطيلة الشهور التسعة للأزمة، لم يتوقف توافد الرؤساء والملوك وقادة الدول على الدوحة، رغم جهود دول الحصار المضنية لمحاولة إقناع دول العالم بالتضييق على قطر، عبر تكرار أسطوانة مشروخة واتهامات بلا أدلة، تزعم دعم قطر وتمويلها للإرهاب، في وقت أثبتت الدوحة نجاعتها وقوة حجتها، وأقنعت العالم بفضل دبلوماسية عقلانية، وبالحجة والمنطق، مُعلنة في أكثر من منبر ومناسبة استعدادها للحوار، بوصفه الأسلوب الوحيد لحل الأزمة، شرط عدم المساس بسيادتها أو فرض إملاءات عليها، موازاة مع مضيها في اتخاذ مزيد من الإجراءات لتأكيد جديتها في الالتزام بالقوانين الدولية، من قبيل توقيع اتفاقيات لمكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة، وانخراط تام في الحرب العالمية لمكافحة تنظيم «الدولة»، والمشاركة في مناورات عسكرية مع أكبر الجيوش العالمية.
ولم تغب قطر طيلة الأشهر الماضية عن المنابر الدولية، فكان أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حاضراً في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وصولاً إلى مؤتمر ميونيخ للأمن، والذي دُعي للمشاركة في جلسته الافتتاحية وإلقاء خطاب أمام نخبة من رؤساء وقادة العالم لشرح رؤية قطر للأمن العالمي وفهم تداعيات أزمة الحصار، خلافاً لقادة دول الحصار الذين لم توجه لهم الدعوة!
وفي مواجهة خطاب التشويه والحملات التحريضية، والاستعانة بمنظمات وهمية لتشويه سمعتها، انتهجت قطر دبلوماسية الإقناع والحوار منذ اليوم الأول، فأثمرت تلك الجهود إقناع السّواد الأعظم من دول العالم التي أعلنت دعمها للدوحة ورفض الحصار المفروض عليها، وعدم اقتناع تلك الدول بالمبررات التي ساقتها لفرض حصار جائر تسبّب في معاناة إنسانية لآلاف المواطنين والمقيمين في قطر ودول الحصار نفسها، ممّن حرموا من حقوقهم الأساسية، كالحق في التنقل ولم الشمل، وفرض حصار قاسٍ تضمن عقوبات أحادية الجانب، لم تتضرر منه الحكومة القطرية، بقدر المعاناة التي واجهها المواطنون والمقيمون في دول الخليج!

تفاوض من موقع القوة

لقد بلغت الأزمة الخليجية ذروة التصعيد، ولم تعد دول الحصار تملك أي أوراق لممارسة تصعيد إضافي على قطر أو تبرير إطالتها للأزمة، وباتت تبحث عن مسلك للنزول من شجرة المطالب الثلاثة عشر التي علقت فوقها، وفشلت في تحقيق أي منها، أو إقناع العالم بأحقيتها.
كما أن رهان دول الحصار على دعم الرئيس دونالد ترامب لم يعد ممكنا، بعد انقلاب موازين القوى في دوائر القرار الأمريكي لصالح قطر كما أكدته تقارير إعــلامية أمريــكــيــة، وميــل إدارة البيت الأبيض إلى ضـــرورة حل الأزمة ووقـــف الحــصار فوراً. حقيقة لخّصها نائب رئيـــس الوزراء وزير الخـــارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن في قوله «إن واشنطن لا تقف في صف دول الحصار، وإن الولايات المتحدة لن تسمح بإطالة الأزمة لأنها باتت تهدّد مصالحها».
وإلى أن تكشف الأيام المقبلة عن الخطوة التي ستعلن بداية مسار الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، يستمر أطراف الأزمة الخليجية في تبادل التصعيد السياسي والإعلامي، في انتظار حوار مرتقب والتفاوض على حلول، لا مفرّ أنها ستفرض تنازلات على كل الأطراف، لكن الأكيد أن المفاوض القطري بات يملك أوراقا أكثر من خصومه، ودعماً دوليا لحجته، ما يجعله يفاوض من موقع قوة.

قطر تستعيد حلفاءها وتسحب الأوراق من خصومها
تيلرسون يبعث بوادر تفاؤل بعد انقضاء تسعة أشهر على الأزمة الخليجية
إسماعيل طلاي

إيران: أزمة تلد أخرى

Posted: 24 Feb 2018 02:13 PM PST

بدا واضحاً هذه الأيام في إيران وجود «قوى خفية داخل النظام نفسه» تعمل باستمرار على تقويض هذا النظام بممارساتها ومعالجاتها المتشددة التي تساهم في تفكيك عراه تمهيداً لتقسيم إيران إلى دويلات كما حصل للاتحاد السوفييتي السابق، والحديث حول هذا الملف -أي تفكيك إيران، دفع بالكثير من الإيرانيين إلى إطلاق صيحات تحذير جدية من وجود هذه القوى والفكر المتطرف الذي تؤمن به، الذي يرجح الحلول الأمنية لأي أزمة، وإن كانت بسيطة، يختفي صداها في زحمة هذه الأزمات وأصوات كبار غلاة المتطرفين.
ودفعت التظاهرات المطلبية المشروعة، التي تحولت الشهر الماضي إلى اعتراضات شملت معظم المدن وأطلق عليها «اعتراضات سراسري» مرشد البلاد نفسه إلى الاعتراف بوجود أخطاء ترتكبها مؤسسات إيران الرسمية وفقدان العدالة وتقديمه الاعتذار شخصياً للشعب. و«صناع» الأزمات داخل نظام الجمهورية الإسلامية، وهم نافذون بما يملكون من قوة وسطوة وأدوات من خلال سيطرتهم على الكثير من مفاصل النظام، يتحركون داخلياً بوعي متعمد أو بجهل في إيقاع ثابت وكأنهم لا يرغبون أن تبقى إيران من دون أزمات داخلية، وإن بدت بسيطة يمكن حلها بالعودة إلى مفاهيم الإسلام وقواعده والحريات العامة التي سمح بها ودعا لها في إطار المصلحة العامة وحفظ النظام القيمي العام في البلاد مثل قضية «فتيات الحجاب» اللائي تحدين ولا يزلن بطريقة سلمية عبر نزع غطاء الرأس، قانون الحجاب الحالي، بالرغم من أن دوريات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما عادت تعمل كما في السابق في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وخففت في عهد الرئيس حسن روحاني من قبضتها الأمنية المتشددة في التعامل مع غير الملتزمات بالحجاب الإجباري.
ويمكن القول إن بإمكان القوى الخيرة والعاقلة في إيران معالجة موضوع «الحجاب الإجباري» داخل أروقة مجلس الشورى ومجمع تشخيص مصلحة النظام، والاستعانة بالآراء المعتدلة والمرنة للفقهاء واختيار الأكثر سماحة منها وتجنب التفسيرات المتشددة التي يتبناها بعض الفقهاء على قاعدة «الشريعة السهلة السمحاء» وحدود الزمان والمكان التي هي السقف الأعلى لأي اجتهاد.
أما الاعتداء على فتيات «خلع الحجاب» كما حصل الأربعاء مع الفتاة في منطقة «قيطرية» شمال العاصمة، ودفعها من قبل أحد عناصر الأمن الداخلي على الأرض من مكان مرتفع كانت تقف عليه، والقيام داخل مراكز الشرطة بالاعتداء عليها وعلى زميلاتها المعتقلات من فتيات «خلع الحجاب» بالضرب والشتم، وهو ما تؤكده المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة نسرين ستودة، فمن شأنه أن يعقد هذه المسألة البسيطة، ويمنحها أبعاداً سياسية وحتى أمنية، تسمح باستغلالها من قبل المعارضة المتربصة وقوى أخرى في الخارج، تتربص هي أيضاً أخطاء النظام.
وبينما لم تتوقف ظاهرة «خلع الحجاب» ورأت فيها السلطة القضائية والمؤسسة الدينية المتشددة أن هذه الأفعال يحرض عليها أجانب ووصفت النساء المتظاهرات ضد الحجاب بـ«المخدوعات»، بعكس السلطة التنفيذية التي تعاملت السلطات معها بكثير من سعة الصدر والمرونة، برزت في إيران أزمة جديدة أطلق عليها قضية الدراويش الكناباديين، وهم أتباع طريقة صوفية مسالمة، ويسمون بالكناباديين (الغناباديين) نسبة إلى مقرهم الرئيسي الواقع في منطقة كناباد جنوبي محافظة خراسان رضوي، شمال شرقي إيران.
هؤلاء الدراويش معروف عنهم أنهم مسالمون وكانوا نظموا احتجاجات تحول آخرها ليل الاثنين الماضي، إلى مأساة دموية عندما قام أحد هؤلاء الدراويش بقيادة باص دهس به عناصر من الشرطة المحلية فقتل ثلاثة منهم، وقتل رفاق له – حسب الرواية الرسمية- بالسواطير والسكاكين الكبيرة إثنين آخرين من عناصر التعبئة الباسيج.
وجاءت الاحتجاجات الدموية بعد صدور قرار قضائي باعتقال زعيم الدراويش أو الذي يعرف اصطلاحاً بقطب طريقتهم الصوفية الطاعن في السن نور علي تابندة (90 عاماً)، وقد تجمع الدراويش أمام منزله لمنع اعتقاله رغم التواجد الأمني المكثف في محيط المنطقة الواقعة في شارع باسدران شمال العاصمة طهران، وأبدى المحتجون امتعاضهم من القرار القضائي الذي يرى فيه البعض أنه صدر بتأثير ودفع من (القوى الخفية داخل النظام)، على خلفية إحراق عدد من المساجد والحسينيات خلال التظاهرات العامة التي خرجت في عدة مناطق من إيران الشهر الماضي، واتهام الدراويش بالتحريض على ذلك. وكانت أزمة النظام مع الدراويش تصاعدت أساساً في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد عندما وقف قطب الدراويش الكناباديين إلى جانب المرشح الإصلاحي مهدي كروبي خلال انتخابات 2009 التي أعقبتها احتجاجات سُميت بانتفاضة الحركة الخضراء، إذ كان كروبي انتقد سابقاً الهجوم من قبل حكومة أحمدي نجاد ومن كان يسانده في قوى الأمن، على أماكن عبادة للدراويش.
واعترض الدراويش الكناباديون سابقاً على المساس بأماكن عباداتهم، إضافة للاعتقالات التي استهدفتهم خلال رئاسة أحمدي نجاد وبأوامر منه ومن الحلقة الأمنية التي ساندته في تلك الانتخابات المثيرة، وشارك الدراويش في تجمعات اعتراضية أمام البرلمان الإيراني في سنوات ماضية.
وفي تفاصيل ليل الاثنين الدامي، عادت اعتراضات الكناباديين للواجهة، حين احتجوا على اعتقال زميل لهم، مطالبين بالإفراج عنه فحصلت مواجهات أدت إلى مقتل 5 من قوى الأمن (الشرطة والباسيج) واعتقال 300 من الدراويش، وإصابة 30 عنصرا من قوات الأمن بجروح متفاوتة، فضلا عن وقوع إصابات في صفوف الدراويش، فيما نقلت مواقع غير رسمية وتابعة للمعارضة الإيرانية أن بعض المحتجين الدراويش أصيبوا بجروح خطرة للغاية.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإيرانية، كذلك، إن ما حدث ليل الاثنين تسبب بأضرار مادية كبيرة طالت السيارات المركونة، إضافة إلى زجاج بعض المنازل والمحال.
‏وفِي خطوة لقيت استحساناً في الشارع الإيراني، قام الثلاثاء قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري برفقة عدد من قادة الحرس الثوري وكبار المسؤولين بزيارة لافتة إلى الدكتور نور علي تابندة القطب الأكبر لدراویش‬ كناباد في منزله المحاصر أمنياً، ونقل عنهما أنهما اتفقا على آلية لإنهاء الأزمة الراهنة مع الدراويش التي يؤكد الرئيس حسن روحاني بإلحاح على حلها بعيداً عن الأساليب والرؤى الأمنية، عندما فصل وزير داخليته بين هذه الجماعة المسالمة ومن ينتسب لها ممن اتهم بممارسة العنف في الأحداث الأخيرة.
يشار إلى أن هناك اتهامات يوردها بعض المطلعين للمؤسسة الأمنية في البلاد بأنها تسعى إلى فرض قطب أعلى موال لها يخلف نور علي تابندة في زعامة دراويش كناباد، إذا انتقل إلى الرفيق الأعلى. وقيل في هذا السياق إن زيارة جعفري له في منزله ترد بطريقة غير مباشرة على تلك الاتهامات، لكنها لا تجيب على سؤال طرحه المشككون في نوايا «القوى الخفية»: لماذا تدخل الباسيج التابع للحرس الثوري في المواجهات مع الدراويش بينما لم يصدر مجلس أمن العاصمة ولا حتى مجلس أمن مدينة طهران الذي يرأس الأول محافظ العاصمة، والثاني حاكم طهران أي قرار بعجز الشرطة عن حلها؟
ويقولون: ألا يشير ذلك إلى أن هناك في داخل النظام من يريد لإيران أن تغرق في أزمة تلد أخرى؟

إيران: أزمة تلد أخرى

نجاح محمد علي

معركة عفرين والصيف الساخن

Posted: 24 Feb 2018 02:13 PM PST

إذْ تحرز قواته تقدماً سريعاُ وملموساً نحو عشرات القرى والتلال الاستراتيجية في محيط عفرين، يتوعد الرئيس التركي أردوغان بصيف ساخن ينتظر القوى الكردية، ويلوّح بالانتقال نحو منبج وتأمين شرق الفرات. في الآن ذاته تعقد “وحدات حماية الشعب” اتفاقاً مع النظام السوري، لا يلوح أنه سيبدّل المعادلات العسكرية على الأرض لأن هدف العمليات التركية ليس احتلال عفرين المدينة. وفي غضون ذلك، تواصل واشنطن وموسكو اتخاذ موقف المتفرج، والمؤيد ضمناً.
(ملف الحدث، ص 8 ـ 13)

معركة عفرين والصيف الساخن

الجيش التركي يقترب من إتمام «الهلال العسكري» في عفرين والشرطة الخاصة تتولى «حرب الشوارع» في راجو وجندريس

Posted: 24 Feb 2018 02:13 PM PST

إسطنبول ـ «القدس العربي»: في إحدى ضواحي مدينة غازي عنتاب الحدودية مع سوريا جنوبي تركيا، أنشأت وزارة الداخلية التركية مقراً جديداً أطلقت عليه اسم «مركز تنسيق العمليات المشتركة» ليكون مقراً لقيادة وتنسيق العمليات بين عدة تشكيلات أمنية أوكلت إليها مهمة البدء في قيادة «حرب الشوارع» داخل المناطق المأهولة في مدينة عفرين، وذلك بعد أن اقترب الجيش من إتمام إنشاء «الهلال العسكري» على طول حدود المدينة.
ومنذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» التي دخلت، الأحد، يومها السابع والثلاثين، قاد الجيش التركي لا سيما قوات «البوردو» وهي أبرز تشكيلات القوات الخاصة في الجيش، العمليات العسكرية هناك، وخاض معارك شرسة للسيطرة على التلال والجبال الإستراتيجية في طول حدود المدينة.
وحسب ما يقول الخبراء العسكريون الأتراك، فإن الجيش عمل منذ البداية لإنشاء ما يطلق عليه عسكرياً «هلال عسكري» ويعني السيطرة على جميع حدود المنطقة المستهدفة على شكل هلال مع إبقاء ممر صغير لخروج المسلحين وتجنب الحصار التام الذي يدفع المسلحين إلى المقاومة بشراسة أكبر ـ القتال حتى الموت ـ في حال عدم توفر خيار الانسحاب بأمان.
وعملياً اقترب الجيش التركي والقوات المشاركة معه من الجيش السوري الحر من إنشاء هذا الحزام الذي يمتد من مناطق سيطرة قوات «درع الفرات» ومنطقة أعزاز في سوريا مروراً بطول حدود مدينة عفرين مع مدينة كيلس التركية ومن ثم مدينة هاتاي وصولاً إلى مناطق انتشار الجيش التركي في نقاط المراقبة التي أقامها بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد في مدينة إدلب.
وبالتزامن مع تواصل عمليات الجيش التركي للسيطرة على منطقتين فقط متبقيتين لإتمام السيطرة فعلياً على جميع مناطق «الهلال»، انتهت جميع التجهيزات والتحضيرات التي قامت بها وزارة الداخلية التركية لتولي المرحلة الجديدة من عملية عفرين والمتمثلة في بدء «حرب الشوارع» مع مسلحي الوحدات الكردية والمتوقع أن تبدأ خلال الساعات المقبلة في عمق منطقتي راجو وجندريس.
وستتولى ثلاثة أفرع أمنية تتبع وزارة الداخلية وليس الجيش العمليات العسكرية داخل المناطق المأهولة بالسكان، وهي «قوات الشرطة الخاصة» وهي عبارة عن قوات شرطة عالية التدريب ولديها تجربة واسعة جداً في الحرب على مسلحي تنظيم العمال الكردستاني داخل المناطق المأهولة بالسكان في جنوبي وشرقي تركيا، وهو ذات التشكيل الذي تصدر إفشال محاولة الانقلاب التي جرت ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخامس عشر من تموز/يوليو عام 2016.
كما انضم الآلاف من عناصر «القوات الخاصة التابعة لقوات الجندرما (الدرك)» وهي أيضاً قوات عالية التدريب ولديها تجربة واسعة في قتال المدن مع المسلحين الأكراد داخل تركيا، يساندهم أيضاً مئات ممن يطلق عليهم اسم «حراس القرى» وهو تشكيل أمني يتبع وزارة الداخلية التركية ومهمته حماية القرى من هجمات العمال الكردستاني.
والعامل المشترك بين هذه التشكيلات الثلاثة التي أقيم لها مركز عمليات وتنسيق مشترك لكي تقود العمليات في عفرين تحت مضلة واحدة، هو تجربتها الواسعة في حرب المناطق المأهولة مع المسلحين الأكراد، حيث تتوقع تركيا أن مسلحي عفرين يتمتعون بالقدرات ويتبعون التكتيكات العسكرية نفسها التي اتبعها مسلحو «بي كا كا» في جنوبي وشرقي البلاد. وتقول مصادر تركية إن عدد هذه القوات سوف يصل إلى 6 آلاف عنصر.
ومع السيطرة على مجموعة قرى وتلال جديدة، أكدت مصادر عسكرية تركية اكتمال السيطرة على جميع القرى والمناطق المحيطة ببلدة «راجو»، فيما بدأ الجيش التركي بإلقاء منشورات والنداء على السكان المدنيين بالخروج من البلدة، تمهيداً لإعلان ساعة الصفر لمهاجمة البلدة المأهولة، حيث يسعى الجيش بكل الطرق لتجنب سقوط مدنيين في ظل ما يقول إنها حملات إعلامية تهدف إلى تعزيز الضغط الدولي عليه لوقف العملية.
وبالتوازي مع التحرك نحو راجو، يُكمل الجيشان التركي والسوري الحر السيطرة على ما تبقى من عدد قليل من القرى وصولاً لمركز ناحية جندريس، التي فيها أكبر تجمع سكاني يقترب منه الجيش التركي حتى الآن، ويتوقع أن تشهد معارك عنيفة خلال الأيام المقبلة. وتعتبر منطقتي راجو وجندريس من أهم 5 نقاط إستراتيجية مركزية في عفرين والسيطرة عليهما سوف تؤدي إلى تغيير خريطة مناطق السيطرة في المدينة.
وخاطب قائد الجيش التركي الثاني وعملية «غصن الزيتون» إسماعيل متين، آلاف عناصر الوحدات الخاصة، قائلاً: «نقوم بعملية عسكرية هامة جداً، لكن عليكم أن تفهموا جيداً، أن هدفنا هم الإرهابيون فقط لا غيرهم، سكان المنطقة هم أصدقاؤنا وأحبتنا» داعياً إياهم للحذر وحماية المدنيين وتحمل ظروف المعركة الصعبة، على حد تعبيره.
والسبت، سيطر الجيشان التركي والسوري على قريتي «حجلار» و«أبو كعب»، جنوب غربي «عفرين»، وقال الجيش التركي بذلك ارتفع عدد المواقع المحررة منذ انطلاق العملية إلى 103 مواقع، بينها مركز ناحية، و75 قرية، و6 مزارع، و20 جبلًا وتلة إستراتيجية، وقاعدة عسكرية. كما أعلن الجيش أن قواته الجوية دمرت 782 موقعا للمسلحين في عفرين منذ انطلاق العملية، وارتفع عدد المسلحين الذين تم تحييدهم إلى 1931.

الجيش التركي يقترب من إتمام «الهلال العسكري» في عفرين والشرطة الخاصة تتولى «حرب الشوارع» في راجو وجندريس

إسماعيل جمال

عفرين: تقلبات صعبة ومواقف لا مفر منها

Posted: 24 Feb 2018 02:12 PM PST

يمر الشهر الأول من المعارك في عفرين بين الوحدات الكردية من جهة والجيش التركي وحلفائه من جماعات الجيش الحر السورية من جهة ثانية بقلق شديد، وبزيادة في الحسابات والضحايا، وتقلبات صعبة في المواقف، والتحالفات، ومناطق السيطرة بين الجهتين، في وقت يُلاحظ المراقبون كيف أن الجبهات السورية الأخرى تشهد المزيد من الضجة وخاصة ان الحرب الداخلية على مناطق النفوذ في إدلب بين حركة أحرار الشام الإسلامية وصقور الإسلام من جهة وبين هيئة تحرير الشام الإسلامية (جبهة النصرة) من جهة أخرى في بلدات أريحا ومعرة النعمان والمسطومة وغيرها مستعرة في الوقت الذي زادت فيه تركيا عدد نقاط تمركزها هناك إلى ست. ويُلاحظ تزايد الهجوم الجوي الوحشي للنظام مدعوما بحلفائها من الروس والإيرانيين على منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة بترافق مع إعلان كتائب الجنوب السوري في درعا عن فض الهدنة مع النظام مع وصول الأخبار عن مقتل المئات من المدنيين في الغوطة، وتأتي الأخبار عن قيام الأمريكان بدحر هجوم لجيش النظام وحلفائه على نقطة تمركز لقوات سوريا الديمقراطية والجيش الأمريكي في وادي الفرات وما تبعه من ضجة إعلامية عن وجود مواطنين روس يقاتلون مع النظام هناك ضمن حملة السيطرة على نقاط النفط والغاز في شرق سوريا. كل هذه الأحداث التي ترسم معالم الأوضاع العامة السورية تُعتم إلى حد ما على الأحداث في عفرين وتجعلها معركة هامشية رغم ارتباط معظم الأحداث في سوريا بعضها ببعض، ورغم كونها مصيرية على مركز الأكراد السياسي والعسكري في سوريا المستقبل، وتجعل من مواقف القوات الكردية التي «تدافع بشراسة» حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان لدرجة اضطرارها إلى طلب المساعدة من جهة تعتبرها تلك القوات نداً وعدواً لها وهي جيش النظام السوري الذي دخلت بعض قواته الرديفة إلى عفرين قبل أيام للمساعدة في صد الهجوم التركي عليها.
ما زالت المعارك في عفرين تتمحور على أطراف المقاطعة رغم الحديث عن عمليات كر وفر مستمرة بين الطرفين في معارك القرى هناك. وما زالت نسب السيطرة التركية على المنطقة غير معلومة، وان كانت التقارير تتحدث عن سيطرة تركيا على نسبة من الأراضي هناك تتراوح ما بين العشرة في المئة إلى السبعة عشرة، وهي نسبة صغيرة قياساً بنوعية الأسلحة وحجم القوات التركية والقوات الرديفة لها من السوريين، وهي نسبة مؤثرة كردياً على اعتبار أن عفرين نفسها ليست بتلك المساحة الكبيرة وكل تقدم تركي ولو صغير يزيد من صعوبة موقف الإدارة الذاتية هناك من حيث كيفية إدارة الموقف، واحتواء الوضع الإنساني، وكيفية إيواء للنازحين إلى بلدة عفرين من مناطق الاشتباك الساخنة، وكذلك يجعل خيارات الوحدات الكردية أكثر ضيقاً على اعتبار أن المجتمع الدولي يتفرج حتى اللحظة، ويخشى لجم تركيا الغاضبة من الغرب لملفات خلافية عدة رغم التذكير الفرنسي والأمريكي المستمر لها بضرورة ضبط النفس والهدوء، ولقربها السياسي الحالي في سوريا مع موسكو على رغم الحديث المتقطع لروسيا عن تفاصيل ثانوية هنا وهناك، وتأكيدها على ضرورة الحوار المباشر بين أنقرة ودمشق لوضع حل لتلك الأحداث في قفز على المواضيع الرئيسية المتعلقة بعفرين.

الدعوة الكردية للنظام للدخول
وفصل الملفات

ظل الأكراد يطالبون النظام التدخل في عفرين ضد الهجوم التركي منذ اللحظات الأولى من خلال إغلاق المجال الجوي السوري بوجه الطائرات التركية دون التدخل المباشر لعدم إعطاء النظام الفرصة للعودة إلى السيطرة هناك على اعتبار ان عفرين خالية من النظام منذ أكثر من ثلاث سنوات، وان الأكراد يرتابون من عودة المركز إلى ممارسة سلطته الاستبدادية التي عانوا منها لعقود في مناطقهم. ولكن، ظل النظام الذي صرح نائب وزير خارجيته فيصل المقداد قبل بدء العمليات التركية هناك أن الدفاعات الجوية السورية ستتصدى للطائرات التركية عند دخولها المجال الجوي السوري متفرجاً عند بدء العمليات. النظام الذي رفض طلباً من الوحدات الكردية للانتشار على الحدود للدفاع عن «السيادة السورية» تحت ضغط الروس حسب توصيف المصادر الكردية في بدايات المعارك، أعلن قبل أيام عن وصوله لصيغة غير واضحة تماماً لدخول عفرين للمساعدة في الدفاع عنها.
يتحدث القادة الأكراد عن أن ظروف المعركة حتمت عليهم دعوة دمشق للدفاع عن حدودها الخارجية، وهو جزء من نهج يتبعونه من خلال فصل الملفات الداخلية عن الخارجية، حيث يذكر هؤلاء، أن واجب حماية الحدود عند وجود هجوم خارجي يقع على عاتق المركز وغير ذلك من الملفات كملف إدارة المنطقة، وملف الأسلحة الثقيلة والمقاتلين، وشكل الحكم، هي ملفات خلافية مع المركز لا علاقة لها بموضوع الدفاع المشترك عن الحدود الخارجية لعفرين. حاول النظام الترويج على أنه حامي البلاد، وأنه عاد للمنطقة كمنقذ، وظل الأكراد يرسمون خطوط انتشاره المتواضعة حتى اللحظة حسب المراقبين هناك. ففيما تصر الوحدات الكردية على تخصيص الخطوط الأمامية فقط لتلك القوات القادمة والتي يسميها النظام بالقوات الشعبية (وهي جلها فيما يبدو من منطقتي نبل والزهراء المجاورتين لعفرين والتابعتين للنظام)، يحاول النظام الترويج على عودته الكاملة للمنطقة، وتحاول في ذات الوقت الجماعات السياسية المعارضة القريبة من تركيا اعتبارها جزءا من تحالف قديم بين الوحدات والنظام، في الوقت الذي يرد القادة الأكراد على تلك الجماعات وعلى النظام نفسه من خلال تسليط الضوء على الأخبار الواردة عن القتال المستمر لقوات سوريا الديمقراطية ضد النظام وحلفائه على مناطق النفوذ في شرق الفرات.
وظلت أمريكا تحاول تخفيف التشنج الحاصل على حدود عفرين بين جهتين تعتبرهما حليفتين لها في المنطقة دون جدوى. وطالبت أمريكا تركيا مرات عدة ضبط النفس، وحاولت تمرير الرسائل من خلال التصاريح الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع والخارجية لأنقرة عن ضرورة تركيز القوة على محاربة «داعش» لا على معركة عبثية.
وظلت أمريكا تذكر الوحدات الكردية أن المعارك في عفرين رغم عبثيتها من قبل تركيا، إلا أنها خارج النفوذ الأمريكي وهي لا تستطيع سوى تقديم الدعوات للطرفين بالهدوء. وكان التصريح الرسمي الذي ركز على أن القوات الأمريكية لم تقدم أي سلاح للوحدات الكردية الموجودة في عفرين جزءا من الصراحة الأمريكية للوحدات الكردية عن حقيقة الأمور وطبيعة التصرف الأمريكي مع ملف عفرين الساخن، في وقت كانت الأخبار تتحدث عن رفض أمريكي التخلي عن منبج التي تطالب بها تركيا واستعدادها الدفاع عن وجودها وشركائها هناك. لم يكن الرد الكردي الرسمي في عفرين على الموقف الأمريكي فوضوياً بل فيما يبدو من التفاصيل حسب المراقبين، أن الأكراد اختاروا البراغماتية في التصرف فقرروا البحث عن بدائل وإن كانت موجعة لهم في الوقت الذي عززوا تحالفهم مع الأمريكان في شرق الفرات ومنبج أيضاً. كانت الأخبار الصادرة عن الدفاع الصارم للقوات الأمريكية عن قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمادها في وادي الفرات أمام هجوم النظام جزءا من تلك البراغماتية التي يمارسها الطرفان. تقبل الأكراد تباعد الأمريكان معهم في ملف عفرين، وتأقلموا مع الوضع، ويقدر الأمريكان فيما تقول المصادر عدم تهور الأكراد بسحب المقاتلين من مناطق التشابك مع «داعش» والنظام السوري في وادي الفرات إلى عفرين كرد فعل على عدم تدخل أمريكا القوي لوقف تركيا عملياتها هناك. بحثت الوحدات عن دعم بديل فوجدته لدى النظام وعلى اعتبار ان الهجوم التركي بدأ بضوء أخضر روسي، لا يصلح طلب المساعدة من الروس بعدها، وعلى اعتبار أن الوحدات تجد في إيران دولة مريبة، وتقبل الأمريكان الخيار البديل الوحيد المتوفر للوحدات واستمروا في علاقتهم ودعمهم للوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في مناطق التواجد المشترك بينهما رغم الدخول العسكري للنظام إلى عفرين.
وبينما تأخذ العمليات العسكرية في عفرين طابعا جديدا مع دخول بعض الطلائع العسكرية التابعة للنظام، يبدأ الحديث عن المصير الذي ستكون عليه الأوضاع العامة لمستقبل الإدارة في عفرين في الشارع الكردي العام وعن الآليات التي سيتبعها القادة الأكراد لتحقيق التوازن بين خططهم الخاصة وتشويش النظام عليها، وكذلك تطفو على السطح تساؤلات عن موقف تركيا في مواجهة الوجود الرسمي للنظام على الحدود، فبينما يتخوف البعض من تحول المعارك إلى إقليمية في حالة المواجهة المباشرة بين النظام وتركيا، يظن البعض أن الأتراك سيضطرون إلى التوقف عن هجومهم الذي قد يحرج قيادتهم في الداخل التركي، ويجعل موقف المعارضة السورية المسلحة أضعف عن ما قبل من حيث وقوفها صامتة أمام عدوها الرئيسي المفترض وهو النظام، حيث ما زال البعض في عفــرين يتحدث وبإصرار عن ان بنادق هؤلاء المقاتلين تفتح فوهاتها مع فوهات البنادق التركية وتغلق بإغلاقها ليس إلا.

عفرين: تقلبات صعبة ومواقف لا مفر منها

براء صبري

الأسد يتحسس الموقف التركي عبر الميليشيات والأكراد يميلون نحو إيران

Posted: 24 Feb 2018 02:12 PM PST

شكلت الثورة السورية محوراً فاصلاً في العلاقات الرسمية السورية التركية بعد أن شهدت تقارباً كبيراً بين الجانبين قبل اندلاع الحراك الشعبي، فيما كان تعنت النظام السوري بخياره العسكري ورفضه الحلول الدبلوماسية التي كانت تقترحها تركيا لمنع قتل السوريين على يد الأسد، سبباً رئيسياً في توسع دائرة الخلافات بين الجانبين، ليصبح أصدقاء الأمس ألد أعداء اليوم.
لعل المشهد اليوم في معركة عفرين، التي يخوضها الجيشان التركي والسوري الحر ضد الوحدات الكردية ومشروعهم الخاص، يوضح ما يرسمه الأسد مع تحالفه الذي يضم كلاً من روسيا وإيران وحزب الله وباقة من الميليشيات الطائفية المنصهرة في ذات التحالف ضد تركيا والثورة السورية.
دخول النظام السوري أو الأذرع الإيرانية إلى عفرين، في ريف حلب، جرى بعد مفاوضات مع الميليشيات الكردية، بهدف مساندتها أمام عملية «غصن الزيتون»، إلا إن دخول الميليشيات الموالية للأسد إلى عفرين يراه متابعون للشأن السوري، أنه ليس تأييداً أو حباً بالأكراد أو مشروعهم، بقدر الانتقام من الموقف التركي حيال الأسد، وأن الميليشيات الكردية أو الموالية للأسد هي مجرد أدوات لذلك.
ويرى المعارض السوري فراس ديبة، أن تركيا حققت أهم أهدافها من خلال «غصن الزيتون»، وهي تأمين حدودها مع عفرين، وفتح طريق بين ريف حلب الشمالي من جهة، وريف حلب الغربي ومحافظة إدلب من جهة ثانية، إضافة إلى نزع السلطة – ولو شكلياً – من قوات حماية الشعب في منطقة عفرين.
وسيطرت تركيا وفصائل الجيش الحر المشاركة ضمن عملية «غصن الزيتون» على القوس المحيط بعفرين من الشمال والغرب، من خلال سلسلة الجبال والمرتفعات على طول الحدود، وأصبحت معظم مناطق عفرين محكومة نارياً من قبل تركيا وحلفائها.
ويرى ديبة، أن لا ضرورة تركية للتوغل في عمق عفرين أكثر، وتكبد خسائر في العتاد والمقاتلين بسبب وعورة المنطقة، كما يرى أن المتبقي لعملية غصن الزيتون، هو القليل من القرى والجيوب العسكرية، ثم تتوقف بعدها العمليات العسكرية.

الأسد يحتمي بالروس

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن من الممكن حلّ الأزمة في منطقة عفرين عبر الحوار المباشر بين أنقرة ودمشق، التي دعاها هي الأخرى للحوار مع الأكراد.
أما بشار الأسد، حسب فراس ديبة، فلا يرغب بمواجهة عسكرية مع تركيا، لكنه يجازف بميليشيات مرتزقة، مقابل رؤية ردة فعل تركيا، تمهيداً منه لانتشار عسكري أكبر لاحقاً، مراهناً على ضغط روسي يحميه من أي تحرك تركي محتمل.
وكانت للأسد وإيران، حليفته تجربة مريرة في وقت سابق أمام الجيش التركي، ففي ريف حلب الجنوبي – تلة العيس- تلقت قوات الأسد والميليشيات الإيرانية ردا صاروخياً تركياً حازماً آنذاك، تمثل بثمانية صواريخ باليستية استهدفتهم بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من القوات إبان حلمتها العسكرية التي كانت الأخطر، وفق ما قاله ديبة.
مصادر إعلامية موالية لإيران والنظام السوري، تحدثت عن وصول عشرات المقاتلين تحت مسمى «القوات الشعبية» على مراحل إلى مدينة عفرين، لمساندة الميليشيات الكردية في مواجهة الجيشين التركي والسوري الحر.
أما وزير الدفاع التركي نورالدين جانيكلي، في تعليقه على إرسال النظام السوري مجموعات موالية له إلى عفرين فقال
«المجموعات المسلحة التي أرسلها النظام السوري إلى عفرين ليست لديها القدرة على تغيير نتيجة محاربة الإرهاب التي ننفذها في تلك المنطقة على الإطلاق، ولن يكون لها ذلك.
استنزاف تركيا

وقال الضابط السوري المتقاعد فراس تمام لـ «القدس العربي»: «حال تركيا من حال الثورة السورية، أعداء كثر يتربصون بمستقبلها، وأن إيران وروسيا رغم حالة التقارب بينهما وبين تركيا، إلا إنهما لا يرغبان بأي دور تركي فعال في سوريا، وأن سقف الثقة بين الأطراف متدني، واعتبر ما يجري في عفرين يشير إلى أزمة كبيرة تسيطر على المشهد، خاصة بين الأتراك والإيرانيين».
واعتبر أن التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى مدينة عفرين مصدرها الأول إيران، وأن هدف طهران من ذلك، عدم السماح لتركيا بالتدخل الكبير في الملف السوري، ما لم تقدم تنازلات سياسية، وعلى رأسها فتح باب التواصل مع النظام السوري، أو ايقاع تركيا بكمين الاستنزاف الزمني والعسكري في سوريا، بهدف تكبيدها أكثر الخسائر الممكنة، مستبعداً الصدام المباشر معها في المراحل الحالية.
ما يعقد المشهد في عفرين، ويفتح مستقبل تطوراته على كافة الاحتمالات حسب تمام، هو غياب موقف أمريكي واضح من المآلات الأخيرة، خاصة أن الميليشيات الكردية تقترب أكثر فأكثر من المحور الروسي الإيراني، وتوسع الخلافات التركية الأمريكية حول ذات الملف.

الأسد يتحسس الموقف التركي عبر الميليشيات والأكراد يميلون نحو إيران

حسام محمد

روسيا بين الأكراد وتركيا في عفرين

Posted: 24 Feb 2018 02:12 PM PST

إلى جانب التطورات المتسارعة في الغوطة الشرقية، تراقب روسيا عن كثب التصعيد في عفرين. وعكس عمق اهتمام الكرملين بالوضع هناك، ان الرئيس فلاديمير بوتين وعلى غير العادة، عقد في منتصف الاسبوع اجتماعا مع أعضاء مجلس الأمن الروسي ناقش فيه الوضع في سوريا ولاسيما في عفرين، كما ناقش المسألة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وتنظر روسيا للتطورات هناك من زاوية الدور الأمريكي فيها، الذي أثار مخاوف تركيا الأمنية، وهدد بنسف مناطق تخفيف التصعيد ومنع القوات الحكومية من انتزاع المناطق التي ما زالت تسيطر عليها «الدولة» الإسلامية أو قوى المعارضة المسلحة التي لم تنضم لعملية التسوية السلمية أو الالتحاق بواحدة من المنصات التي تقود التفاوض مع الحكومة السورية حول تنفيذ مبادئ بيان جنيف.
وتحدثت مصادر مطلعة عن ان موسكو طلبت من الأكراد التفاهم مع بشار الأسد والخضوع له، مقابل دعم مطالبهم بالحصول على حكم ذاتي في إطار الدولة السورية، بيد انهم رفضوا هذا الخيار. وكانت وزارة الدفاع الروسية سحبت القوة العسكرية من عفرين وأعلنت انها لن تتورط بالحرب فيها إلى جانب الجيش التركي، وستدعو إلى وقف إطلاق النار بالوسائل السياسية والدبلوماسية. ووصفت القيادة الكردية الموقف الروسي ذاك بانه تواطؤ مع أنقرة وخيانة لقضيتهم، وردت روسيا بحدة على هذه التهم وحملت الأكراد مسؤولية التصعيد بتحالفهم مع أمريكا.
وحذرت موسكو النظام السوري من تداعيات التورط بدخول قواته لعفرين. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفيدرالية المجلس الأعلى للبرلمان الروسي قسطنطين كوساتش: ان احتمال دخول القوات الحكومية السورية إلى عفرين محفوف بخطر نشوب مواجهات مباشرة بين سوريا وتركيا. وفي رأيه «ان هذا قد يعني بالنسبة لدمشق توسيع الأراضي التي تسيطر عليها، بيد ان هذا بطبيعة الحال سيزيد في الوقت نفسه من مخاطر المواجهات المباشرة بين سوريا وتركيا، وأقل ما يقال ان هذا غير مناسب في الوقت الحالي».
وتأخذ روسيا في هذه الأثناء البعد الدولي في التطورات في عفرين وتورط دول أخرى فيها، فالولايات المتحدة تدعم الأكراد بكثافة رغم ارتباطها بعلاقات تحالفية مع تركيا من خلال حلف الناتو، وكذلك إسرائيل وروسيا وإيران. ومن الخطأ الاعتقاد ان طرفا واحدا يفرض سيطرته على هذه المنطقة. وتقف روسيا في هذه الحالة في وضع صعب بين موقفها المعلن عن دعمها للأكراد بالحصول على تطلعاتهم كأمة، وسعيها لترتيب علاقة مستقرة مع تركيا، والإبقاء على وجود أنقرة في محور استانا الذي يضم إيران وروسيا، والإفادة منها للتأثير على قوى المعارضة السورية التي تدور في مدارها، فضلا عن عدم المس بالروابط الاقتصادية والمشاريع الكبرى في مجال الغاز والطاقة النووية للأغراض السلمية وصفقة منظومة اس 400 للدفاعات الجوية، التي تنطوي أيضا على اعتبار ان تركيا عضوة فيه.
بيد ان روسيا أعربت في الآونة عن عدم ارتياحها لتحركات القوى الكردية وخيارتها السياسية، وفي الدرجة الأولى ما يتعلق في وقوعها في المدار الأمريكي. وترى موسكو ان الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تلعب بالورقة الكردية لتحقيق أهداف جيو/ سياسية. وترى ان واشنطن تتحمل مسؤولية تأجيج الوضع في عفرين وما حولها.
وتشير بهذا إلى واقع انشاء قوى أمن حدودية، خُصصت لها الأموال الطائلة لتدريب «قوى سوريا الديمقراطية»، التي أصبحت الميليشيات الكردية أساسا لها. وقال وزير الخارجية لافروف «لقد جرى هذا التطور في الوقت الذي ظهرت لدى تركيا الكثير من التساؤلات حول تلك الخطط، وخاصة عندما تم الإعلان عن إقامة منطقة آمنة على طول الحدود بين سوريا والعراق». موضحا «نحن جميعنا نعرف ما هو موقف تركيا إزاء هذه أو تلك من وحدات الميليشيات الكردية. ويمكن تقييم الموقف التركي هذا بمختلف الصور، ولكنه واقع». وقال ان من قصر النظر العمل مع تجاهل هذا الموقف تماما. وأضاف «اننا نلاحظ نتائج قصر النظر هذا، بما في ذلك في عفرين». وأكد ضمن هذا السياق: «روسيا كانت منذ البداية وستظل مؤيدة لمشاركة الأكراد بصورة مباشر في كافة الجهود بشأن التسوية السورية. ان الأكراد ـ جزء لا يتجزأ من المجتمع السوري. ان قرار 2254 لمجلس الأمن الدولي انطلق من هذا الأمر» مطالبا بـ «عملية تسوية بمشاركة الحكومة وطيف المعارضة والمجتمع السوري بأسره. وبدون مشاركة الأكراد لن يتيسر لنا تحقيق تسوية الأزمة السورية بشكل نهائي وثابت. ولكن ينبغي التقدم نحو هدف مثل هذه التسوية الشاملة بمشاركة الأكراد، من خلال التوصل إلى وفاق مشترك بين جميع اللاعبين السوريين سواء في الداخل أو في الخارج، من المشاركين في العمليات التي تدور في سوريا وحولها».
وترى موسكو ان الولايات الأمريكية تهدف من خلال دعم القوى الكردية الانفصالية والمعارضة التي تقف إلى جانبها، لإقامة «شبه دولة» على جزء كبير من الأراضي السورية على الضفة الشرقية من نهر الفرات وحتى الحدود العراقية. وبات كل هذا يشبه على نحو متزايد خط تقويض وحدة الأراضي السورية. ويجري في هذه الأراضي إنشاء أجهزة سلطة محلية ذاتية ومستقلة عن دمشق. وتُرسل إلى هناك الأموال من أجل ان تعمل أجهزة السلطة تلك، وتُزود بالأسلحة، وبدعم أمريكا يجري إنشاء أجهزة حفظ النظام. «لقد طرحنا هذه الأسئلة مرات عديدة، ولكننا لم نحصل على أجوبة واضحة باستثناء شعار عام حتى لا نشعر بالقلق، من انهم يؤيدون وحدة سوريا. ولكن في الواقع يبدو كل شيء مختلفا» كما قال لافروف.
يتضح ان الجانب الروسي ينظر إلى التطورات في عفرين من منظارين مختلفين، تعزل القضية الكردية كقضية أمة تسعى لنيل حقوقها القومية، عن قضية القوى السياسية الحالية التي تقوم بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها على التصعيد وعرقلة المضي في تصفية وتدمير ما تبقى من الهياكل السياسية والعسكرية لتنظيم «الدولة» الإسلامية ومواجهة هيئة تحرير الشام التي تسيطر على شرق الغوطة. وعلى وفق تقييمها، الذي جاء على لسان نائب وزير الخارجية مبعوث الرئيس الروسي لشئون الشرق الأوسط وبلدان افريقيا ميخائيل بوغدانوف: «ان مسؤولية تأجيج الميول الانفصالية بين جزء من الأكراد تقع في الدرجة الأولى على الأعمال الخرقاء لشركائنا الأمريكيين». وكما قال انهم خلقوا لدى الأكراد الوهم ان أكراد شمال سوريا، ومهما فعلوا، سيكونون بحماية ورعاية الولايات المتحدة. وأثاروا لدى الأتراك ـ المخاوف الشديدة على أمن حدود البلاد الجنوبية، التي اعتزم الأمريكيون، كما يُفهم من بعض بيانات ممثليهم الرسميين، تسليمها للتشكيلات الكردية التي دربها وسلحها مدربون أمريكيون. والنتائج المحزنة معروفة. ولذلك، فان عنصرا إضافيا من وصفتنا هو توصية لجميع القوى الخارجية التي تحاول التأثير على الوضع في سوريا، ان تأخذ بعين الاعتبار الحقائق الإقليمية المُعقدة، وخصوصية سوريا، هذا البلد الفريد للغاية في نوعه.
وقال بوغدانوف وهو الذي يدير ملفات الشرق الأوسط في الخارجية الروسية، ان روسيا الاتحادية مستعدة عند الضرورة القيام بدور الوسيط لتسوية النزاع المسلح في عفرين. وأوضح « لا نفرض دورنا على أي طرف، ولكن إذا استدعى الأمر، فنحن مستعدون للقيام بمساع حميدة من أجل وقف إراقة الدماء، وإيجاد القواسم المشتركة».

روسيا بين الأكراد وتركيا في عفرين

فالح الحمراني

 الطريق إلى عفرين والواقع المر

Posted: 24 Feb 2018 02:11 PM PST

إلى أين تمضي تركيا في عمليتها السورية؟ وهل سيحقق الرئيس رجب طيب أردوغان أهداف عملية «غصن الزيتون» ويطهر بلدة عفرين من مقاتلي حماية الشعب «الإرهابيين» ويخلق الأجواء لعودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم؟ الجواب على هذه الأسئلة مرتبط بالحقائق على الأرض التي وجد أردوغان كغيره من القوى المتنافسة على أرض سوريا أنفسهم يواجهونها. فشبكة العلاقات والولاءات والمصالح الإقليمية والدولية متباينة ومتجادبة في الوقت نفسه. فإصرار الرئيس أردوغان على منبج وضعه وجها لوجه أمام مواجهة مع الولايات المتحدة التي وضعت قواتها هناك لحماية حلفائها الأكراد ضمن مظلة «قوات سوريا الديمقراطية» ولم يكن الطيران التركي قادرا على التحرك في المجال الجوي بدون إذن من الروس الذين سحبوا مستشاريهم من عفرين قبل بدء العملية التركية. ولم تمنع القوات الأمريكية في شرقي الفرات المقاتلين الأكراد من التدفق للدفاع عن عفرين، وحسب المتحدث باسم حماية الشعب فلا فرق بين عفرين ومناطق الأكراد الأخرى، مع ان الأمريكيين تعللوا أن البلدة ليست داخلة ضمن ترتيبات التعاون بينهم وبين الأكراد الذين استخدمتهم لقتال تنظيم «الدولة».
وقالت إن وجودها شبه الدائم في سوريا هو لمنع ظهور الجهاديين ومواجهة التأثير الإيراني. وعليه لا يمكن فصل العملية التركية التي بدأت 20 كانون الثاني (يناير) عن التطورات الأخيرة بين إيران وإسرائيل والهجوم الذي يقوم به النظام السوري على آخر معاقل المقاومة في الغوطة الشرقية، قرب دمشق وهو الذي غطى على العملية التركية التي وجدت نفسها عالقة بين مواقف أمريكية وروسية غامضة واتفاقيات تكتيكية بين قوات موالية للنظام السوري والمقاتلين الأكراد لتسليمهم المدينة بدلا من السماح للقوات الكردية والمقاتلين الموالين لها من الجيش السوري الحر السيطرة عليها. وتحرك الأكراد ليس غريبا لأن سجلهم يظهر أنهم مستعدون للتعاون مع النظام طالما خدم مصالحهم وحماهم من عدوهم التركي.
ويواجه النظام التركي في عملية عفرين حربا إعلامية غربية شككت بقدرات أردوغان كقائد عسكري وتبنت بالمطلق تصريحات ومواقف المتحدثين باسم الأكراد وقوات حمايتهم مثل زعم استخدام الجيش التركي الأسلحة الكيميائية ضد عفرين بالإضافة لاستهداف المدنيين وهي مزاعم اعتبرها أردوغان «كاذبة». وعلى العموم يمكن تحليل مسار العملية التركية من خلال تطورين حدثا خلال الأيام الماضية وهي دعوة الأكراد في عفرين القوات الموالية للنظام دخولها وزيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون للمنطقة والتي شملت تركيا.
فعلى صعيد دخول القوات الموالية للأسد المدينة ترى صحيفة «نيويورك تايمز» (22/2/2018) أن الصور الاحتفالية للمقاتلين الموالين للرئيس بشار الأسد والأكراد الذين حملوا صور الزعيم الكردي عبدالله أوجلان، سرقت اللحظة من الجيش التركي الذي يقاتل منذ شهر لدخول البلدة. مشيرة إلى أن هذه واحدة من النكسات الكثيرة التي واجهت طموحات الرئيس التركي في سوريا.
ونقلت عن مايكل ستيفنز من المعهد الملكي للدراسات المتحدة قوله: «هذا أمر «سيحد من خيارات تركيا» التي هددت بضرب القوات الموالية للنظام. ورغم اعتماد تركيا على آلاف من المقاتلين الذين دربتهم «سي آي إيه» إلا أن تقدمها ظل بطيئا وخسرت 32 جنديا في العملية التي كان من المفترض ان تكون سريعة وأهدافها واضحة وهي تنظيف المنطقة من مقاتلي حماية الشعب- فرع حزب العمال الكردستاني وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين. ورغم سيطرة الأتراك وحلفائهم السوريين على عدد من القرى قرب الحدود التركية إلا أنهم لم يصلوا بعد إلى المدن. وكان النظام عارض العملية التركية منذ البداية وهدد بمواجهة الجنود الأتراك لكن الروس سمحوا لتركيا بالعمل. ولم يكن دخول القوات الموالية للأسد بدون ضوء أخضر روسي، فقد ذكرت تقارير أن مسؤولا روسيا مع مسؤولين من الحكومة السورية التقوا في حلب، سابان حمو، قائد الحماية الكردية في البلدة واتفقوا على شروط انسحاب مقاتليه وفتح المجال أمام دخول القوات الموالية للنظام. وتعلق الصحيفة أن قبول الأكراد دعما من النظام يهدد بخسارتهم حكمهم الذاتي، خاصة أن عفرين هي الحلقة الضعيفة من «روجافا» أو كردستان الغربية التي يعمل أكراد سوريا على بنائها وتحاول تركيا منع السيناريو.

تلاعب روسي

وأكد المسؤولون الأكراد أن عمليتهم مستمرة ضد عفرين بعيدا عن دخول القوات الموالية للأسد. ويرى عدد من المحللين في الشأن السوري أن روسيا تريد ان تظل ممسكة بأطراف اللعبة السورية. ويرى كريم هاس، المحاضر في جامعة موسكو الحكومية أن «روسيا ليست خارج العملية بل هي في مركز الصفقة». ويضيف أن روسيا تستخدم عفرين لإجبار الأكراد السوريين والنظام على الجلوس معا ويستخدمون العصا التركية لتحقيق جلوس قادة الأكراد مع النظام على الطاولة. ويمكن أن يمنح التدخل الروسي مخرجا لأردوغان الذي أصر على أن العملية ضرورية للأمن القومي ولإنشاء منطقة آمنة تسمح بعودة اللاجئين. ولهذا انضم عدد من مقاتلي الجيش الحر للعملية على أمل العودة إلى قراهم. ولكنهم تكبدوا خسائر ولا يقتربون لتحقيق أهدافهم. ويرى ستيفنز من المعهد الملكي للدراسات المتحدة بلندن أن أردوغان يستطيع ادعاء تحقيق نصر من نوع ما حالة تحرك النظام ضد قوات حماية الشعب. ويقول إن الموقف الإستراتيجي التركي ضعيف ودائما ما يبحث الأتراك عن مكاسب تكتيكية، خاصة أنهم يواجهون لاعبين أكثر تمترسا في سوريا وغيروا استراتيجيتهم أكثر من مرة لتتناسب مع احتياجاتهم الأمنية التي باتت تركز على التهديد الكردي والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة على حدودها. والتعاون الكردي مع النظام سيؤثر سلبا على الطموحات التركية الهادفة لمنع ولادة كيان كردي على حدودها، هذا إن صدقنا ما قاله المعلق ديفيد إغناطيوس في صحيفة «واشنطن بوست» (22/2/2018) من أن الأمريكيين والروس والإسرائيليين يناقشون فكرة تتمحور حول تعاون الأكراد مع الدولة السورية التي يتم إصلاحها وليس بالضرورة النظام، خاصة أن أمريكا لا تستطيع البقاء طويلا في سوريا ولا يمكنها دعم الكيان الكردي للأبد.
وفي الوقت الذي كان فيه الأكراد والسوريون يناقشون برعاية روسية موضوع عفرين، اجتمع مسؤولون أمريكيون وأتراك لبحث موضوع منبج، حيث طالب الرئيس أردوغان بإخراج قوات حماية الشعب منها.
وطرح في الاجتماع آلية تعاون أمني أمريكي- تركي في منبج. ويتزامن هذا التطور مع إنفراجة في العلاقات بين البلدين بعد زيارة ريكس تيلرسون لأنقرة في 16 شباط (فبراير). وفي أثناء الزيارة اعترف تيلرسون أن هناك أزمة في العلاقات ووافق على إنشاء لجنة مشتركة تجعل من منبج أولوية لها وقد أسهمت لهجة تيلرسون التصالحية في ترطيب الأجواء. إلا أنه قال ـ وهذا مهم ـ إن اللجنة المشتركة قد لا تناقش المناطق التي حررت من تنظيم «الدولة»، مشيرا إلى أن السبب الذي جعل الأمريكيين ينشرون قواتهم كان للتأكد من بقاء مبنج تحت سيطرة «حلفائنا» أي قوات سوريا الديمقراطية. ويظل السؤال فيما إن عملت الولايات المتحدة على إرضاء انقرة بحل في منبج، لكن أردوغان يبدو مصرا على السيطرة عليها رغم أن الوقائع والتطورات كلها تقف ضده. فتعاون الأكراد مع النظام السوري كوسيلة لوقف أنقرة يمكن ان يكرر في منبج كما في عفرين.
ويريد الأكراد من هذه المناورات القول ان لديهم خياراتهم رغم حنقهم على روسيا التي سمحت للطيران التركي بضربهم. وعلى خلاف جرابلس التي سيطر عليها الأتراك عام 2016 فالوضع في منبج مختلف، فسكانها الذين عاشوا تحت حكم تنظيم «الدولة» ورحبوا بقوات سوريا الديمقراطية لن يتقبلوا دخول الأتراك إلى بلدتهم. وكما يقول فهيم تاستكين من موقع «المونيتور» (23/2/2018) فإن سكان منبج سيفضلون الجيش السوري على التركي. ويرى الأكراد انه حتى لو خرجت القوات الأمريكية كما فعل الروس في عفرين فسيتم تكرار السيناريو نفسه في منبج، أي تسليمها للنظام. وفي الوقت الحالي يعول الأكراد على الموقف المتشدد من البنتاغون الداعم لهم خلافا للبيت الأبيض الذي عادة ما يميل لاسترضاء تركيا. وهذا نابع من أهمية البلد للمصالح التركية مع أن أصواتا بدأت تطالب الإدارة الأمريكية باتخاذ موقف متشدد من أنقرة، كما في كتابات إغناطيوس في «واشنطن بوست» أو مقالة إريك إلدمان، السفير الأمريكي السابق في تركيا وجيك سوليفان، مستشار الأمن القومي لجوزيف بايدن، نائب الرئيس باراك أوباما اللذان قالا في مقال لهما بمجلة «بوليتكو» (13/2/2018) إن تركيا خرجت عن السيطرة وأن أردوغان يريد تدمير التحالف الأمريكي- التركي.

حل

إلا أن صحيفة «وول ستريت جورنال» (21/2/2018) تحدثت عن خطوات واجتماعات مكثفة عقدها المسؤولون الأمريكيون مع نظرائهم الأتراك في محاولة لإبعاد أنقرة عن موسكو وطهران. وأشارت لاجتماعات تيلرسون وجيمس ماتيس، وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي، أتش أر ماكمستر. ونقلت عن مستشار في إدارة دونالد ترامب أن «اصطفاف تركيا مع روسيا وإيران هو ضد المصالح التركية».
وتقول الصحيفة أن الولايات المتحدة تريد تركيا في صفها خاصة وأنها تحاول الوقوف أمام الجهود الإيرانية بالمنطقة وتخشى من نجاح الروس بتقسيم الناتو من خلال بيع أنظمة دفاع صاروخي إلى تركيا. وكان الرئيس أردوغان تحدث مع فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني لترتيب قمة تعقد هذا الربيع في تركيا لبحث الأزمة السورية. وهو ما يغضب الأمريكيين الذين يرون أن خطة بوتين بدون جوهر. وتعترف أمريكا أن مشكلة العلاقة مع تركيا هي في دعمها الأكراد السوريين وتحاول والحالة هذه البحث عن توازن بين الخلافات التي لا يمكن ردمها. فقد قدم الأمريكيون عروضا مثل إنشاء رقابة عسكرية مشتركة للتأكد من عدم ضرب الأكراد الأراضي التركية. وتحاول واشنطن البحث عن طرق لتخفيف قوة الأكراد الذين عملت على تقويتهم بالمال والسلاح والتدريب على يد القوات الأمريكية الخاصة، عبر تسليمهم المناطق ذات الكثافة العربية لسلطات محلية. إلا أن المطلب التركي الأهم وهو التوقف عن دعم قوات حماية الشعب الكردية ليس على قائمة اهتمامات إدارة ترامب. وبدلا من ذلك تقترح على أنقرة أن تتقدم ببديل وتحديد القيادات الكردية في سوريا التي ترغب بالعمل معها.

 الطريق إلى عفرين والواقع المر

إبراهيم درويش

التفهم الأمريكي للمخاوف التركية لا يقبل بهجمات واسعة في سوريا

Posted: 24 Feb 2018 02:11 PM PST

واشنطن ـ «القدس العربي»: أكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس على تفهم الولايات المتحدة للمخاوف التركية الأمنية المشروعة، ولكنه قال ان هذا التفهم لا يصل إلى حد الموافقة على شن هجمات على مناطق لم تكن مصدرا للعنف مثل عفرين، مشيرا إلى ان المباحثات بين واشنطن وأنقرة مستمرة لبحث كل القضايا التي تسبب الاحتكاك أو قد تؤدي إلى فقدان العلاقة مع حليف الناتو.
وألح ماتيس أثناء استعراضه للموقف الأمريكي العسكري في سوريا على فصل القضايا الأمنية والعسكرية في سوريا على الرغم من تشابكها بصورة واضحة، بما في ذلك قضية مشاركة قوات روسية غير نظامية على هجوم ضد قوات الدفاع الذاتي. إذ قال انه لا يعرف تفسيرا لذلك ولكنه يشك في ان 257 شخصا قد قرروا بأنفسهم عبور النهر إلى أراضي العدو وقصف المواقع والقيام بمناورة للدبابات.
وقالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انها تتفق مع تركيا على ضرورة السيطرة المحلية على المناطق المحررة وانها ستعمل مع تركيا في هذا الموضوع إضافة إلى قضايا أخرى قد تكون محل خلاف. وقالت الإدارة ان قضية تركيا وعفرين ليست ذات اتجاه واحد ولكنها قضية هامة اتفقت واشنطن وأنقرة على حلها والعمل من خلالها.
ولكن ما هي الآليات التي ستحرك التفاهمات الأمريكية ـ التركية في عفرين؟ ماتيس قدم إجابة غير شافية على هذا التساؤل، إذ قال ان هذا ما علينا القيام به فوق قاعدة الالتزام.
وردا على الاتهامات التي شنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بان الولايات المتحدة تدعم إنشاء سلطة محلية وإقامة حكم ذاتي للأكراد في سوريا، قالت هيثر نويرت، المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية، ان الولايات المتحدة تدعم سوريا آمنة ومستقلة مع الحدود الحالية وان واشنطن لا تدعم تغيير الوضع أو إضافة أي نوع من مناطق الحكم الذاتي.
هذا التأكيد لم يمنع دول المنطقة من الشك في النوايا الأمريكية مما دفع العديد من المحللين إلى القول ان الولايات المتحدة تبدو وكأنها تقوم بأمور غير مفهومة في معركة خاطئة مما أدى إلى تصورات غير صحيحة تجاه الدور الأمريكي، وبالتالي، ردات فعل عدوانية من أطراف النزاع ضد واشنطن. وأوضحت نويرت ان بعض الدول تقوم بأعمال مضللة بهذا الشأن ولكن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على الاستجابة لكل إجراء.
وقد أعربت إدارة ترامب عن قلق بالغ إزاء تصاعد العنف في ضواحي دمشق في الغوطة الشرقية حيث تشير التقارير إلى ان الغارات الجوية استهدفت المستشفيات وما تبقى من الهياكل المدنية الاساسية مما يؤدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية الخطيرة لما يقارب من 400 ألف شخص، ولكن إدارة ترامب لم تعلق كثيرا على موضوع عفرين بحجة ان المعرفة الأمريكية محدودة بما يحدث هناك لان القوات الأمريكية غير متواجدة في تلك المنطقة.
ولم تقنع هذه الاجابة أي مراقب، فالولايات المتحدة لديها من الوسائل الاستخبارية والامكانيات ما يدعم فكرة انها تعرف تماما ما يحدث، وكالعادة في مثل هذه المواقف، وزارة الخارجية تطلب من الإعلاميين مخاطبة وزارة الدفاع للحصول على إجابات والبنتاغون بدوره يطلب منهم العودة إلى الخارجية ضمن لعبة روتينية معروفة.
هنالك اتفاق مبدئي بين واشنطن وأنقرة على تهدئة الأمور وإصلاح العلاقات، وكان من المفترض ان تبدأ هذه العملية في شمال سوريا، وخاصة في منبح، ولكن الأمور تبدو في حالة انهيار وهي حقيقة لا تريد وزارة الخارجية الاعتراف بها، حيث قالت نويرت، ان وزير الخارجية ريكس تيلرسون اجتمع مع نظيره التركي، وكذلك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتأكيد على ضرورة الالتزام بهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» والعمل بطريقة أفضل لتحقيق الاهداف المتبادلة، والأهم من ذلك كله اعترفت وزارة الخارجية ان هناك محادثات دبلوماسية خلفية وغير معلنة بشأن معركة عفرين بعيدا عن اللقاءات المعلنة من أجل التوصل إلى تفاهم من غير المهم إعلان بنوده إذا اقتضى الأمر.
توقعات الخبراء في واشنطن بشأن المعارك في عفرين تتجه إلى سيناريوهات غير مؤكدة مثل قيام الجماعات الكردية بإحداث أكبر ضرر ضد تركيا وعندما تشعر هذه الجماعات بانها لا تستطيع الاستمرار فإنها ستسلم المنطقة إلى قوات النظام السوري. وقال المحللون ان روسيا ستكون سعيدة بهذا السيناريو ولكن الولايات المتحدة لن توافق على هذا العرض رغم الإشارات المتكررة من جانبها ان عفرين ليست مشكلتها.
ووصلت تحليلات البعض إلى حد القول ان الولايات المتحدة قد أدركت انها لا تملك بالفعل خيارات إلى جانب حليفها الكردي في عفرين بعد ان شاهدت تركيا وهي تتحرك بتخطيط وحزم ولذلك فقد قررت، بطريقة ماكرة وغير مباشرة، وضع تركيا في مواجهة قوات الأسد ولكن من غير المرجح، وفقا لأقوال العديد من المحللين، ان تدخل دمشق في صراع جديد إلا إذا هاجمت القوات التركية من داخل عفرين نفسها.
وتحدث المحللون عن مشاكل محتملة تواجه الآليات الضرورية للتحكم في مجريات الأمور في شمال سوريا مثل المخاوف من امكانية وجود اتفاق بين حزب العمال الكردستاني والنظام السوري قد يفسح المجال أمام هذا الإقليم ليكون مركزا للإرهاب والتدريب المسلح كما كان عليه الحال، إضافة إلى مشكلة عدم رغبة أولئك الذين هاجروا إلى تركيا من عفرين للعودة لديارهم إذا تولت قوات الأسد زمام الأمور هناك.
وقال مراقبون أمريكيون انه لا يمكن التحقق من بعض ما يجرى في عفرين بشكل مستقل، حيث وردت تقارير متناقضة عن الأضرار الجسيمة في المدينة والأطراف المسؤولة، ولكنهم قالوا ان المعركة ستزيد من تعقيد الصراع في شمال سوريا إذ ان المحاولة التركية لإبعاد الأكراد عن عفرين ستضع الولايات المتحدة في موقف صعب للغاية، فمن جهة أمريكا لا تستطيع التخلي عن حليفها الكردي الذي ساعدها في هزيمة «داعش» لان من شأن ذلك إضعاف مصداقيتها وعدم رغبة الآخرين في التعاون مع الولايات المتحدة ومن جهة أخرى لا تريد أمريكا خلافات جانبية مع حليفها في الناتو، والحل الوحيد هو ان تعمل الولايات المتحدة من خلال القنوات الدبلوماسية للحد من التوتر في المنطقة ومنع مواجهة قد تؤدي إلى حرب منفصلة قد تعيد الجماعات الإرهابية إلى المشهد من جديد.

التفهم الأمريكي للمخاوف التركية لا يقبل بهجمات واسعة في سوريا

رائد صالحة

مبعوث الجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي: لا مخرج من النفق إلا بإعطاء الكلمة للشعب الليبي حتى يقرر ماذا يريد

Posted: 24 Feb 2018 02:10 PM PST

تطرق مبعوث الجامعة العربية في ليبيا صلاح الدين الجمالي، في هذا الحديث لـ «القدس العربي» إلى التحديات التي تواجه ليبيا، مشددا على ان إقبال الليبيين على التسجيل في الانتخابات يعطي أملا بنجاح العملية السياسية. وقال ان ليبيا تحتاج إلى بناء جيش وأمن موحد وحكومة موحدة وبرلمان غير منقسم ومسؤولين يفكرون في مستقبل ليبيا ومصالح دولتهم. مشيرا إلى ان التجاذبات السياسية طوال الأعوام الماضية أخرت الحل وإعادة الاستقرار إلى البلاد. وقال ان غياب الدور العربي كان له تأثير سلبي على وضع ليبيا وجميع الدول العربية التي شهدت اضطرابات خلال الأعوام الماضية، مشددا على أهمية إعادة اللحمة بين الليبيين من أجل بناء مستقبل البلد بعيدا عن منطق الصراعات التي جعلت ليبيا دولة ضعيفة وهدفا سهلا للأطماع الخارجية على حد قوله. وهنا نص الحوار:
○ غياب الدور العربي أثر سلبا على الأزمة الليبية كيف يمكن تفعيل هذا الدور من خلال الجامعة العربية؟
• عند اندلاع الثورات العربية لم تلعب الجامعة العربية الدور المنتظر منها. فوضعها أيضا كان انعكاسا لحال الدول العربية التي كانت تعيش اضطرابا، لذلك لم يكن موقف الجامعة واضحا مما حصل والأمين العام بين أخيرا ان موقف الجامعة في البدء لم يكن الموقف المنتظر منها بسبب الظروف الخاصة التي مرت بها العديد من الدول العربية مثل مصر وسوريا واليمن وتونس، ولا نستبعد تأثيرات التدخلات الخارجية. لذلك فالجامعة العربية لم تكن قادرة على توجيه الدور العربي كما يمكن ان يكون لأن الوضع العربي صعب وغير واضح وضبابي. واليوم بدأ الموقف، يتحسن فقرارات الجامعة العربية في السابق مختلفة عن الحاضر. اليوم تمنع وتندد بكل تدخل خارجي في ليبيا، وتندد بالإرهاب في كل الدول العربية وتدعو إلى احترام السيادة ووحدة ليبيا شعبا وأراضا. وهذه مواقف لم تكن متاحة من قبل بحكم ان الدول نفسها كانت في وضع غير مريح.
○ فيما يتعلق بالجانب الإنساني وعودة النازحين في ليبيا ومنهم نازحو تاورغاء، هل هناك أي دور للجامعة العربية في هذا السياق؟
• الجامعة العربية مهتمة بالوضع الإنساني الخطير، وأنا شخصيا كممثل للأمين العام، قابلت جماعة تاورغاء واستقبلت وفدا نسائيا منهم وهدفنا هو عملية الجمع، وان نجد حلا لهذا الجانب وان نبعد ملف إعادة النازحين عن التجاذبات السياسية لأننا نتحدث هنا عن معاناة لعائلات تعيش تحت الخيام وفي ظروف صحية ومناخية صعبة، وهناك أطفال من غير مدارس، وهنا يجب ان نوضح ان أبناء تاورغاء دخلوا في المنظومة الليبية القديمة ولا يجب ان نظل نعيش في الماضي، فهؤلاء هم جيران، ويجب إعادة اللحمة بين الليبيين لأنهم أبناء أرض واحدة من أجل بناء المستقبل. ويجب ان نتجاوز في هذه المرحلة منطق الثورة وننتقل إلى منطق الدولة. ويجب التركيز قبل كل شيء على بناء الدولة.
○ ما تقييمكم لدور الأمم المتحدة؟ هل تتوقعون ان تفتح خريطة الطريق التي جاء بها الدكتور غسان سلامة أفقا جديدا لحل الأزمة في ليبيا؟
• لنأخذ الدور الأممي من أيام برناردينو ليون، لنرى انه ليس في الإمكان أفضل مما كان. لا أقول ان اتفاق الصخيرات ممتاز، ولكن لنسأل أنفسنا لو لم يكن هناك اتفاق الصخيرات كيف كان سيكون الوضع في ليبيا؟ اتفاق الصخيرات هو اليوم أشبه بدستور وتنظيم سياسي مؤقت في ليبيا في انتظار التنظيم النهائي الذي يقوم به الشعب عن طريق مؤسساته الدستورية. الأمم المتحدة بذلت مجهودا وهي مشكورة عليه، وفعلا غسان سلامة من ميزاته انه يسمع كل الليبيين.
لا أشك ان كوبلر كان مخلصا ونشيطا، ولكن أعتقد ان هناك مشكلة لديه في الاتصال مع الليبيين بسبب عوائق اللغة وعدم دقة الترجمة، الذي ربما استغلت من قبل البعض مما خلق حساسية من قبل بعض الأطراف الليبية التي طالبت برحيله. مارتن كوبلر كان مخلصا وناجحا في مهمته، لكن يجب تغيير الأشخاص، وأعتقد انه عندما جاء الدكتور غسان خلق حركية جديدة عبر اتصاله بكل الأطراف وعرف الملف الليبي بتفاصيله في فترة وجيزة وهو بصدد تنفيذ مخطط للأمم المتحدة وهي المبادرة الجديدة المكملة لاتفاق الصخيرات والتي تعتمد على تطوير الاتفاق السياسي من خلال: أولا الانتخابات وتحوير بعض الفقرات والهدف منها تطويع اتفاقية الصخيرات لتصبح قادرة على دفع المسيرة السلمية. في السابق كانت هناك مشاكل في اتفاقية الصخيرات بسبب تداخل وضبابية صلاحيات كل من أعضاء المجلس الرئاسي مما خلق صعوبات في الأداء، إضافة إلى نقاط أخرى خلقت حساسيات. اليوم هناك مفاصل إيجابية في المبادرة وهناك تقبل لليبيين للانتخابات، وهذا يعطي أملا كبيرا في العملية السياسية، فلا مخرج آخر الا بإعادة إعطاء الكلمة للشعب حتى يقرر ماذا يريد.
○ كيف تنظرون إلى دور المرأة في صنع السلام في ليبيا؟
• زارني وفد نسائي ليبي في مكتبي قبل يومين، واطلعت منه على حركية الشارع الليبي ورؤيته تجاه الانتخابات ورؤية نساء ليبيا لما يحصل. فهناك اليوم مليون امرأة تسجلت في الانتخابات وهذا مهم، لان دور المرأة سيكون واعدا في مستقبل ليبيا كما كان في مستقبل تونس، فهي تنقذ العائلة التونسية وناشطة وأقل تلاعبا وأكثر صدقا. المرأة الليبية يجب ان تأخذ دورها، فهي كانت مغيبة وهذا لا بد من تغييره. وفي الواقع غياب المرأة العربية عن دورها السياسي أضر بالعالم العربي، إذ لا يمكن له ان يحلق بجناح واحد.
○ كيف يمكن تحقيق انتخابات آمنة مع عودة التفجيرات الإرهابية؟
• ليبيا تحتاج إلى جيش وأمن وحكومة موحدة وبرلمان غير منقسم ومسؤولين يفكرون في مستقبل ومصالح دولتهم. مشكلة ليبيا ان التجاذبات السياسية أخرت الحل وإعادة الوضع المستقر إلى البلاد. إذن هناك أمل في ان تجرى الانتخابات وطبعا هناك بطء وأملنا ان يستأنف الحوار بين مجلسي النواب والأعلى للدولة. كنت في ليبيا وقابلت الإخوان المسؤولين ورئيس الحكومة، وكان موقفه متفتحا وهو يسعى ويدفع إلى الانتخابات، وقابلت المشير حفتر، ويبدو انه سائر مع الانتخابات ويشجع الجيش كي يساهم في العملية، لكن هناك تخوفا من قبل بعض الأطراف وترددا من قبل بعض النواب في إجراء انتخابات في جو الميليشيات. هم محقون في ذلك، لكن التشاؤم يجب ان لا يطغي. يجب إيجاد القوة للتغيير وان يتحقق شيء من المجازفة الإيجابية وليس السلبية. والأمم المتحدة أكيد هي الضامن، وكذلك ستشرف على الانتخابات مع الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والاتحاد الأوروبي.
وممكن ان تكون هناك قوات أممية لتأمين الانتخابات إلى جانب القوات الليبية، وجميع السياسيين يجب ان يلتزموا بقبول نتائج الانتخابات وهذا أهم شيء لكي لا يستمر الانقسام. فالانتخابات تعوض الأجهزة التشريعية والتنفيذية الموجودة حاليا لانها ستؤدي إلى قيام حكومة واحدة وبرلمان واحد وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة، وتجعل الليبيين يقبلون على
إعادة الإعمار وتوحيد الأمن والجيش لكي تصبح ليبيا دولة قوية وتخرج من مرحلة الضعف الذي تعيشه.
○ هل تحدثنا عن أهمية توحيد الجيش الليبي، وهل يمكن الحديث عن تسليم سلاح الميليشيات؟
• حصلت محادثات في القاهرة من أجل بحث هذه المسألة بين الفرقاء الليبيين، النتائج كانت إيجابية ربما التوحيد سيأخذ وقتا لأنه يأتي خاصة بعد التقارب السياسي. إذ يجب ان يتحقق التقارب السياسي أولا، لأن الجيش محكوم بسلطة سياسية موجودة سواء في الغرب أو الشرق. أملنا كبير في التقارب السياسي لانه متواصل، واللقاءات التي جرت في القاهرة حققت نتائج كبيرة، توحيد الجيش هو أساسي وأيضا توحيد الأمن.
○ تحولت ليبيا إلى منطقة عبور للمهاجرين غير القانونيين كيف تنظرون إلى هذا الملف؟
• ليبيا تعيش فراغا أمنيا، ورأينا كيف ان الميليشيات والعصابات الإجرامية الدولية أصبحت تستغلها. فليبيا ضحية التحرك من قبل العصابات خاصة في الجنوب، حيث ان حدودها متاخمة لدول ضعيفة مثل تشاد وغيرها من الدول غير القادرة على السيطرة على حدودها. يقع تجريم ليبيا وتحميلها مسؤولية بشأن المهاجرين وهي ضحية، هناك اليوم 750 الف مهاجر افريقي يهيمون دون أوراق جاؤوا هاربين من دولهم باحثين عن عمل وكانوا يتطلعون للمرور إلى أوروبا ولكن مع الإجراءات الجديدة في البحر والرقابة القوية، صار هناك تكدس لهؤلاء البشر في ليبيا. والبلاد أمام أزمة اقتصادية بسبب العصابات الإجرامية الدولية الافريقية وحتى الأوروبية لتهريب البشر مقابل المال، وحتى المافيا الايطالية متورطة فيها، وإذا كان هناك ليبيون متورطون فهؤلاء خارجون عن القانون ضمن جنسيات متعددة .
○ الدور الغربي في ليبيا كيف ترونه؟
• الدور الغربي قديم في ليبيا ليس جديدا، لأنهم يعتبرون أنفسهم معنيين بما يحصل بحكم القرب مثل ايطاليا واليونان، فيهمهم ما يحصل في ليبيا ويؤثر عليهم سواء اقتصاديا أو استراتيجيا أو أمنيا. ثم هناك مصالح غربية اقتصادية مع ليبيا. وفي ظل ضعف الأمن في البلاد تسعى ايطاليا إلى تأمين حدودها البحرية، وحقيقة يبدو الدور الأوروبي ظاهريا موحدا بشأن ليبيا لكن ثمة مصالح متشعبة. فموقف فرنسا يختلف عن موقف ايطاليا وكذلك بريطانيا. قبل شهر اجتمع وزراء خارجية خمسة زائد خمسة، وهي الدول المطلة على الحوض الغربي للمتوسط، وبحثوا كيف يمكن مقاومة الهجرة السرية والإرهاب وكيف يمكن تصور مستقبل المنطقة. مشكلة أوروبا انها تود معالجة مسألة الإرهاب والهجرة السرية بالطريقة الأمنية فقط، لكن بودنا لو يكون هناك نوع من التعاون المتضامن بين الضفتين في الاقتصاد وفي كل شيء. إذا قامت أوروبا بمشاريع في هذه المنطقة ستقوى الدولة، ونتمنى لو طورت الدول الغربية علاقاتها ويكون تعاملها إيجابيا أكثر، وان تنظر إلى مقاومة الإرهاب من جميع النواحي وخاصة الاقتصادية والأمنية، وتقوي جيوش المنطقة، وان لا يكون هدفها فقط غلق الأبواب أمام المهاجرين، وهذا ما يجب ان يفهمه الأوروبيون.

لا مخرج من النفق إلا بإعطاء الكلمة للشعب الليبي حتى يقرر ماذا يريد
مبعوث الجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي:
حاورته: روعة قاسم

المغرب: متابعة الصحافيين حسب القانون الجنائي بدل قانون الصحافة يعرض حياتهم للخطر

Posted: 24 Feb 2018 02:10 PM PST

الرباط ـ «القدس العربي»: بداية لا تبشر باحتمال تقدمه على سلم حرية الصحافة، تلك التي بدأها المغرب مع مطلع سنة 2018 حيث تواترت محاكمة الصحافيين والصحف. وبعد أن حاز على المرتبة 133 على 180 في الترتيب العالمي لحرية الصحافة سنة 2017 حسب منظمة «مراسلون بلا حدود» العالمية، ما زالت هذه الأخيرة ومعها جمعيات ومنظمات غير حكومية مغربية، تدق ناقوس الإنذار بخصوص ما تصفه مسا بحرية الصحافة وتضييقا على الصحافيين.
توالت حكايات الصحافيين عن متاعبهم مع السلطة، من سجن إلى غرامات إلى متابعات طويلة، إلى ضرب خلال تغطيات صحافية لأحداث احتجاجية، وتعددت معها التهم من المس بأمن الدولة إلى السب والقذف ونشر خبر زائف، كما تراوحت حالات التعنيف من الضرب والركل إلى السب وكيل الشتائم، هذا كله سجلته تقارير منظمات دولية ومحلية، وشهادات حية لممارسي المهنة.
آخر القصص التي استيقظ عليها الرأي العام الوطني، اعتقال الصحافي رشيد البلغيتي بتهمة شيك بدون رصيد، وهي حكاية تشبه ما حكاه الروائي المغربي محمد زفزاف عن الثعلب الذي يظهر ويختفي، كذلك شأن حساب جمعية يرأسها هذا الصحافي تظهر وتختفي بشكل «غريب وعجيب»، على حد وصف البلغيتي الذي قال في ندوة صحافية، بعد أن تم الإفراج عنه، أن «كل ما يقع هو بفعل فاعل» معلنا أن الملف الذي تسبب في اعتقاله والتحقيق معه مدة 16 ساعة «تقف وراءه جهة غير معروفة» عبثت بالملف على عدة مستويات، من المسؤولية الإدارية المحلية في مدينة طاطا وكذا الإقليمية وصولا إلى البنك الذي عرض حسابه لعملية قرصنة متوالية.
وقال البلغيتي لـ»القدس العربي»، ارتباطا بالسياق الذي تعرفه البلاد، أنه «انتقلنا من مرحلة ما كان يعتبره الديمقراطيون ومعهم بعض الصحافيين في المغرب، من تونسة المغرب على عهد زين العابدين بن علي» إلى ما سماه «مصرنة المغرب بالأساليب نفسها التي تعيشها اليوم مصر» وذلك من خلال ما وصفه بـ»الإجراءات السريالية لتكميم أفواه الصحافيين المستقلين».

قطع الإعلانات كعقاب مالي

والبلغيتي ليس أولى الحكايات ولا آخرها في مسلسل محنة الصحافة في المغرب. فأيام قليلة مضت حين قضت المحكمة الابتدائية في الدار البيضاء بتغريم الصحافي توفيق بوعشرين، مدير جريدة «أخبار اليوم»، بثلاثين ألف درهم، وتعويض قدره 450 ألف درهم لفائدة كل من عزيز أخنوش وزير الفلاحة ومحمد بوسعيد وزير المالية، كحكم في الدعوة القضائية التي رفعها الوزيران ضد يومية «أخبار اليوم» بدعوى نشر خبر زائف والسب والقذف، في ملف تعود أحداثه لنشر الجريدة تحقيقا صحافيا حول حيثيات سحب صلاحية الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي، وهو صندوق يضم ميزانية مهمة (ستة مليارات دولار)، من يد رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران، ووضعها في يد وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، وكان بن كيران نفسه قد صرح أن ما تم خارج علمه، الأمر الذي أثار أزمة سياسية حينئذ.
وكتب بوعشرين في افتتاحية له حول الموضوع، عنوانها «المرافعة» وتضم تفاصيل ما جرى في جلسة المحاكمة الأخيرة، أن «خبر تغيير الآمر بالصرف في صندوق تنمية العالم القروي دون علم رئيس الحكومة، خبر صحيح» وأن هيئة تحرير الجريدة اتصلت بالوزيرين لكنهما التزما الصمت، فتم نشر التحقيق وعلق عليه في افتتاحيته في اليوم الموالي، مضيفا «فما كان من السيد أخنوش إلا أن غضب وقرر مقاضاة الجريدة».
الأمر لم يتوقف عند حدود المقاضاة، بل وصل إلى حد قطع شركات تابعة لوزارة أخنوش للإعلانات عن الجريدة وهو ما اعتبره بوعشرين «سابقة من نوعها لاستعمال إعلانات الوزارة أداة لعقاب الجرائد التي لا يروق خط تحريرها سيادة الوزير».
قطع الإعلانات كنوع من العقاب المالي الذي قد يضع مواقع صحافية أو جرائد على حافة الإفلاس، هو كابوس يكتم أنفاس حلم صحافة مستقلة، ورقابة «ناعمة» تجعل قلم العديد من الصحافيين يخط خطه بحذر وفق معادلة تضمن الحق في البقاء مع الحق في الكلمة الحرة، معادلة صعبة قل من ينجح في حلها ومن لم ينجح فمصيره الإفلاس أو الاصطفاف للجهة الغالبة احتماء بها أو خوفا منها، وكلا المصيرين يهدان بيت الصحافة الهش. هذا حديث العديد من الصحافيين المغاربة الذين تؤرقهم المعادلة الصعبة في مهنة كلما ضاق هامش الحرية صارت أصعب.

التحقيق جنس صحافي منبوذ في المغرب

تحقيق هو الذي جر «أخبار اليوم» ومدير نشرها إلى قاعة المحكمة من قبل وزيرين في المحاكمة الأخيرة، والتحقيق جنس صحافي منبوذ في المغرب، خصوصا إذا اقترب من رجال أقوياء في السلطة، حول تدبيرهم ملفا ما، هذا ما تؤكده المحاكمة الماراثونية لما يعرف بـ»مجموعة المعطي منجب والنشطاء الستة»، التي ابتدأت في صيف 2015 وستعقد جلستها الحادية عشر في نهاية اذار/مارس المقبل، ومعظمهم صحافيون ونشطاء في الجمعية المغربية لصحافة التحقيق التي تقوم بتكوين الصحافيين في مجال صحافة التحقيق، وهم يتابعون بتهم منها «تهديد أمن الدولة الداخلي» و»تلقي تمويلات من الخارج». حسب هشام منصوري، أحد المتابعين في الملف، فمحنة هذه المجموعة لها علاقة بصحافة التحقيق قائلا لـ»القدس العربي»، ان «السلطات انزعجت من عملنا الميداني خاصة أننا أعطينا في برامجنا أهمية كبيرة للمناطق النائية وهو ما اعتبرته السلطات تحريضا» مضيفا «ثم هناك شخصية منجب المزعجة بتحليلاتها الدقيقة والجريئة»، معتبرا أن خشية السلطات من صحافة التحقيق مردها إلى «وعيها أن الأوضــاع قابلة للاشتعال بسبب تفشي الفساد الإداري والسياسي في كل المؤسسات وحتى في قلب النظام».
والحديث عن شرارة الاحتجاجات يأخذنا لحكاية الصحافة مع حراك الريف. فحراك الريف لم يكن مباركا على العديد من الصحافيين الذين دخلوا السجن بسبب تغطياتهم للحراك، حسب منظمة «مراسلون بلا حدود» التي كانت قد اعتبرت في تقرير لها أن «وضعية الصحافيين المغاربة والأجانب الذين يغطون الأحداث الجارية في شمال المغرب في تدهور مستمر»، مضيفة أنه «منذ بداية الأحداث الجارية في هذه المنطقة رصدت مراسلون بلا حدود انتهاكات عديدة لحرية الإعلام». وحراك الريف ترى المنظمة ذاتها أنه السبب الثانوي خلف آخر الأحكام السجنية الثقيلة في حق الصحافيين، وهو ما صدر مؤخرا في حق عبد الكبير الحر، مؤسس الصفحة الإخبارية «رصد المغربية»، من قبل المحكمة المتخصصة في قضايا الإرهاب في مدينة سلا، جارة الرباط، حيث لم يعد الحر حرا بعد أن حكمت عليه المحكمة بأربع سنوات سجنا نافذا، وهو الحكم الذي اعتبرته «مراسلون بلا حدود» أنه بـ»سبب تغطيته لحراك الريف»، موردة في بيانها الصادر غداة الحكم على الحر في أول شباط/فبراير أن الحر تمت متابعته منذ صيف 2017 بتهمة الإشادة بالإرهاب والتحريض على المشاركة في مسيرة غير مرخص لها في الريف، وإهانة هيئات منظمة. دفاع الحر، المحامي محمد أغناج كان قد اعتبر في بيان له أن الحكم «قاس جدا» وأن «كل عناصر وأفعال المتابعة مستمدة من منشورات الصفحة الفيسبوكية التي لم يعد المتهم مسيرا لها منذ 2016».
وتتوالى المحاكمات، فيوم بعد النطق بالحكم على الحر، وجه وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في الرباط، استدعاء للصحافيين، عبد الحق بلشكر، وكوثر زاكي وعبد الإله ساخير، للمثول أمام المحكمة بتهمة «نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق التي تم إنشاؤها من أجل النظر في ملف التقاعد في المغرب» التهمة تجعل هؤلاء الصحافيين يواجهون عقوبة من سنة إلى خمس سنوات حبسا. نقابة الصحافة في المغرب استغربت المتابعة، مؤكدة أن الصحافيين قاموا بواجبهم في الإخبار بمعلومات صحيحة ودقيقة وأن التقرير موضوع المتابعة لم تعد وقائعه سرية، معربة عن مخاوفها من أن يكون الصحافيون راحوا ضحية حسابات سياسية داخل مجلس المستشارين، الغرفة الثانية في البرلمان المغربي، ومستغربة كيف تتم متابعة الصحافيين بموجب القانون الجنائي في تهم النشر.
متابعة الصحافيين حسب القانون الجنائي عوض قانون الصحافة والنشر، نقاش صار يملأ قاعات المحاكم في محاكمات الصحافيين. ومن بينها محاكمة الصحافي حميد المهداوي، المحكوم بسنة سجنا نافذا في ملف حراك الريف بتهم جنائية، بعد أن تمت إدانته بالفصل 299 من القانون الجنائي الذي أدانه بالتحريض على المشاركة في مسيرة غير مرخص لها في الريف، ولا زال يأتي من سجنه إلى محكمة الاستئناف في الدار البيضاء رفقة معتقلي حراك الريف في متابعة بتهمة جنائية أثقل من الأولى وهي «عدم التبليغ عن جناية تهدد أمن الدولة».
محاكمات الصحافيين مستمرة وفصولها تثير الرأي العام المحلي، والمنظمات الوطنية والدولية المهتمة بحرية الصحافة والإعلام تدق ناقوس انجراف الدولة نحو كتم حرية الصحافة عموما. ولا يبدو ان لصراخها أي اذن صاغية. فهل صارت الصحافة المستقلة في المغرب مغامرة غير محمودة العواقب؟ وهل صار القلم المستقل معارضة سياسية في مشهد صحافي يتسابق فيه الكثيرون لنيل «بركات» الموالاة؟ وهل تستطيع أن تأمن دولة على مسيرها إذا الكل رمى وردا في عيونها، ورأت هي في من يقولون: حذار في الطريق أشواك وحفر، خطرا على أمنها؟ وأمن الصحافي في أن يكتب الحقيقة دون وجل من يحميه؟

المغرب: متابعة الصحافيين حسب القانون الجنائي بدل قانون الصحافة يعرض حياتهم للخطر

سعيدة الكامل

ظاهرة قبور الأحياء في اليمن تعايش معها المجتمع والسلطات المتعاقبة منذ عقود

Posted: 24 Feb 2018 02:10 PM PST

صنعاء ـ «القدس العربي»: هل فكرت أن تحجز لك قبراً قبل موتك وتُقيِم أركانه وتداوم على زيارته؟ هل فكرت أن تستقطع عشرات القبور (الافتراضية) إن جاز التوصيف، في موقع (مناسب) في المقبرة لتستخدمها متى تشاء؟ يحدث ذلك في بعض مقابر صنعاء ضمن ظاهرة تعايش معها المجتمع والسلطات المتعاقبة منذ عقود، لدرجة قد تجد هناك مَن اقتطع مساحة في مقبرة وأقام عليها قبوراً تخصه، ومنح تلك القبور أرقاماً أو أسماء أو يتركها بدون ذلك، لكن حراس المقبرة يعرفون أنها تخص فلانا يستخدمها لمن يريد. كل ذلك يحدث تحت عنوان «القبور المحجوزة للأحياء» في سياق مشكلة تتفاقم مع تزايد معاناة المدينة من أزمة مقابر منذ عقدين ونيف.
«القدس العربي» أول وسيلة إعلامية تناقش هذه الظاهرة، لاسيما وقد صارت تتعلق بآلاف القبور المحجوزة للأحياء في مرحلة يتزايد فيها عدد الوفيات، وبالتالي تتزايد الحاجة إلى القبور، وذلك جراء تداعيات الحرب الوحشية والحصار الظالم اللذين تسببا في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
والظاهرة تتضح في معظم المقابر الكبيرة في العاصمة، وخاصة تلك الواقعة في مناطق الكثافة السكانية، كمقبرة خُزيمة، مثلاً، الواقعة جنوب ميدان التحرير وسط المدينة، أو مقبرة النُجميات، الواقعة جنوب المدينة، وغيرها من المقابر، والتي تطورت فيها هذه الظاهرة، حتى أصبح لقبور موتاها الأحياء حكاية تُروى.

حراس ونافذون

وفيما يتحفظ حُراس بعض تلك المقابر على كشف هُوية مَن يستحوذون على مجموعات من القبور المحجوزة لهم منذ سنوات في المقابر الرئيسية في المدينة، نجدهم في الوقت ذاته، لا ينكرون الظاهرة، وكيف ينكرونها وقد صارت واقعاً له شواهد وقصص؟ ولهذا لا يخفي بعض هؤلاء الحراس وحفارو القبور هناك مخاوفهم مما صارت تمثله هذه الظاهرة من مشكلة، خاصة في الوقت الراهن مع تزايد طلبات حجز القبور، «إذ من غير المعقول أن يستمر هذا الوضع، فمعظم من يموتون فقراء ومعدمون وأحياناً لا يجدون ما يغطي كلفة القبر، وفي المقابل كثيرون يحجزون قبوراً أو يطلبون ذلك، وهؤلاء غالباً أغنياء وميسورون» يقول أحد حفاري القبور في مقبرة خُزيمة، وسط المدينة.

السكان والمقابر

تعاني مدينة صنعاء من كثافة سكانية زادت خلال الحرب المستعرة هناك، وذلك جراء ارتفاع نسبة النزوح إليها من جميع محافظات البلاد، حتى بات عدد سكانها، وفق مصادر غير حكومية، يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، وهو ما زاد من تعقيد المشكلة المترتبة عن قلة عدد المقابر فيها منذ عقود.
مَن يزور أي مقبرة من مقابر صنعاء قد لا يستطيع التفريق بين قبر حقيقي وآخر محجوز لمن لم يمت بعد، حيث هيئة القبر المحجوز مثلها مثل هيئة القبر الحقيقي، إلا أن حراس المقبرة وحفاري القبور وبعض الجيران يعرفون ويميزون بينها إلى حد ما، ويبقى حفارو القبور وحراس المقبرة همّ أكثر دراية بالقبور المحجوزة وهُويات مَن تعود لهم.
ويصل عدد مقابر المدينة إلى مئة مقبرة أصبح30 في المئة منها مغلقة بعد استنفاد مساحتها، وفق مكتب الأوقاف والإرشاد في العاصمة؛ وهنا تصبح مشكلة المقابر، (في حال تخصيصها فقط للموتى)، مؤرقة للمواطنين والجهات الرسمية، بل أن هذه المشكلة تصبح أكثر تعقيداً في ظل تجاهل السلطات القائمة وضع حدٍ لاستمرار الأحياء في الاستحواذ على ما هو حق للموتى.
مُحَمّد (35 سنة) دفن والده، مؤخراً، في مقبرة النُجيمات، جنوب صنعاء، وعندما انتهى الدفن طلبَ من حراس المقبرة حجز قبر بجانب والده لتدفن فيه والدته عند موتها، وهو ما كان، حيث أحضر طوباً واسمنتاً وعمالاً، ودفع رسوم ذلك، وأقام البناء العلوي للقبر الذي حجزه لوالدته التي ما زالت حيّةً تُرزق، إلا أنه صار لها قبر محجوز في المكان الذي أرادته بجوار قبر زوجها. محمد يعتبر المسألة أمراً اعتيادياً لا يخالف شرعا أو قانونا على حد قوله، «بل يمكن اعتباره قبرا حقيقيا من الآن، فوالدتي أرادت أن تُدفن عند موتها بجانب قبر زوجها، ولهذا حجزنا لها مساحة قبر بجوار قبره».
هكذا يأتي كثير من الناس إلى المقبرة، يقول فؤاد السفياني، وهو أحد حراس مقبرة خُزيمة، وسط العاصمة، « هذا يريد أن يحجر له قبراً بجوار قبر أبيه أو أمه أو أخيه أو جده. كنتُ في السابق لا أمنع أحداً من الحجز ما دام سيتكفل بتكاليف البناء، إلا أنني، وأنا هنا أتحدث عن نفسي فقط، وبعدما تطورت المسألة، وعرفت أنها مخالفة للشرع صرت أرفض أن أحجز قبراً لأي كان، بل بسبب رفضي لذلك صرت أتعرض إلى مشاكل من الناس». لكن فؤاد لا يقول إن مسألة حجز قبور للأحياء قد توقفت.
وأكد السفياني أن مشكلة حجز القبور هي مشكلة قديمة، كما ذكر أن القبور المحجوزة لأحياء في المقبرة صار عددها بالآلاف، وقدّر أن يتجاوز عددها الألفي قبر محجوز داخل مقبرة خزيمة.

موتى قادمون

تنقّل كاتب السطور بمساعدة أحد حفاري القبور في أرجاء مقبرة خُزيمة، للاطلاع على مشاهد من حالات (القبور المحجوزة) واستطعنا أن نكوّن فكرة عن واقع حال هذه الظاهرة المنتشرة في كثير من مقابر العاصمة، والتي تبرز واضحة هنا؛ وذلك ربما لأن معظم أهالي صنعاء يفضّلون أن يُدفنوا فيها.
تتنوع حالات القبور المحجوزة للأحياء في خُزيمة، بدءاً من وقوفنا أمام شاهد قبر عليه اسم شهيد، بينما هو في الأصل ـ وفق أحد حفاري القبور ـ قبر محجوز، ولم يسبق الدفن فيه؛ ومنه انتقلنا إلى حالة أخرى، وهي قبور يصل عددها إلى أربعين موزعة في مجموعات في أنحاء المقبرة، وتحمل شواهدها أرقاماً، وقال أحد الحفارين إنها لأحد النافذين، ويعمل وكيل وزارة (..). إلى تلك الحالات ثمة أخرى لهذه القبور متمثلة في مجموعة أخرى تحمل شواهدها لقب عائلة من كلمة واحدة مكتوبة بالطلاء. وتتنوع حالات قبور الأحياء لتشمل قبوراً تحتل أماكن هامة في بعض المقابر بعضها على ممرات كبيرة وأخرى في مقدمة المقبرة، وعلى الرغم من إنكار حراس المقابر إنه يتم البيع والمتاجرة بتلك القبور لمن يحتاجها من الأثرياء، إلا أن مصادر أكدت أنه يتم بيعها والمزايدة بأسعارها. حالات عديدة تتسع وتتمدد معها ظاهرة قبور الأحياء داخل مقابر الموتى في صنعاء.

مشكلة قديمة

قد يعتقد البعض أن هذه الظاهرة وليدة المرحلة الراهنة، بينما هي قديمة، وتعود بدايتها لما قبل خمسة عقود وفق بعض المصادر، وإن كان ذلك يحتاج لدراسة علمية لم تنفذ بعد، إلا أن تلك المصادر ترجّح بدايتها في مقبرة خُزيمة، منذ كان يتم تخصيص أماكن منها لقبور بعض موتى عائلات معينة من أهالي المدينة، وهو ما نجده، اليوم، في تجمع قبور بعض تلك العائلات في أماكن معينة في المقبرة؛ وهو الأمر الذي تطور مع نشأة مدينة جديدة خارج أسوار المدينة القديمة، وبالتالي تم إيجاد مقابر جديدة، إلا أن المقابر القديمة والجديدة في صنعاء بقيت دون تخطيط وتنظيم وإدارة ورعاية حتى الوقت الراهن، بل بقيت محصورة فيما يتم إيقافه من الواقفين أو من وزارة الأوقاف، وبقيت كذلك على تلك الحال، للأسف، من قِبل كل السلطات في الحكومات المتعاقبة، حتى تطورت مع تزايد الكثافة السكانية وظهور مشكلة قلة المقابر، في ظل افتقاد القائمة منها لإدارات معنية بشؤونها باستثناء حراس فقط.
ومع تجذر (ثقافة الاستحواذ) في الوعي الاجتماعي بموازاة ثقافة الفساد المستشرية في وعي وجسد الدولة، لم تكن المقابر بمنأى عن تلك الثقافة، فظهر مَن يقتطع لنفسه وعائلته جزءاً من مقبرة يُقيم عليها قبوراً محجوزة تصبح تحت تصرفه، وكأن امتلاك ذلك صار جزءاً من مستلزمات المظهر والنفوذ ربما، وهو ما انتقل إلى الأفراد العاديين الذين بدأوا يحجزون قبوراً لأنفسهم أو لذويهم، خاصة وأن الأمر لا يتطلب سوى بضعة آلاف من الريالات يحجز بواسطتها قبراً في المقبرة المجاورة لمنزله، وذلك قبل نفاد مساحتها أو للاستفادة من ذلك القبر واستغلاله أو حرصاً على أن يكون قبره في واجهة المقبرة أو أن يكون موقعه مناسبا لزوراه، وهو ما تطورت معه تلك الحالات إلى ظاهرة تشمل اليوم آلاف القبور المحجوزة لأحياء على حساب موتى معظمهم مُعدمين يتزايد عددهم في الفترة الأخيرة مع تدهور الأحوال المعيشية. يقول أحد حراس مقبرة خُزيمة: حجز القبور لم يعد مقصوراً على الرجل بل تأتينا نساء أيضاً، بل أن هناك شبابا لديهم قبور محجوزة منذ سنوات.

الدولة والموتى

وهنا يحذر الكاتب والباحث أحمد ناجي النبهاني من استمرار هذا الظاهرة من دون معالجة جذرية، وقال إن مؤسسات الدولة تتحمل مسؤولية معاناة مقابر الموتى مما اسماها ثقافة الاستحواذ، التي تجاوزت مظاهر الحياة إلى متطلبات ما بعد الموت، وأضاف: «هذه المؤسسات منذ نشأتها في صنعاء لم ترع حُرمة المقابر ولم تحفظ حقوق الموتى. وظاهرة القبور المحجوزة هي نتاج لخلل ثقافي قيمي في الوعي المؤسسي والمجتمعي تجاه الحقوق العامة؛ ولهذا تجد هذا التعدي على حقوق الموتى». وتساءل مستغرباً: «كيف يستحوذ أحياء على ما هو حق لموتى ويتصرفون به وكأنه ملكية خاصة لهم بينما المقابر ملكية عامة أوقِفت للموتى لا للأحياء؟». وطالب ناجي مكتب الأوقاف في صنعاء بسرعة التحرك وإزالة القبور المحجوزة قبل أن تتفاقم مشكلتها على حساب قبور الموتى الفقراء.

تصحيح الوضع

نائب المدير العام لمكتب الأوقاف والإرشاد في صنعاء محمد الغليسي تحدث عن «أن صنعاء تعاني من أزمة مقابر منذ عقود، وتتعرض مقابرها لضغط كبير، وخاصة في السنوات الأخيرة، جراء العدوان (قوات التحالف) الذي يتعرض له البلد، وما ترتب على ذلك من معاناة وتزايد في الوفيات». وقال إن المكتب يدرك حجم المشكلة الناجمة عن القبور المحجوزة، مشيراً إلى أنه نفذ نزولاً ميدانياً لإحدى المقابر، ووجد مَن يستغل أماكن هامة في المقبرة ويحجز فيها قبوراً ويبيع القبر بسعر وصل إلى خمسين ألف ريال (مئة دولار أمريكي)، مؤكداً أن الأوقاف تعمل حالياً، على معالجة مشكلات المقابر المتفاقمة من فترات سابقة، بما فيها مشكلة حجز القبور، و«سنتخذ قراراً بتشكيل لجنة وإزالة القبور المحجوزة؛ لأنها ظاهرة مخلة ومخالفة للشرع وتفاقم من معاناة الناس».

وبعد

لم تكن المقابر بمنأى عن الخلل المتجذر في مؤسسات الدولة في علاقتها اللامسؤولة بالحقوق العامة، وما نجم عنها من مشاكل كرسها تفشي ثقافة «دبر حالك» على حساب معنى الوطن وإنسانية المواطن، حتى لامس الخلل العلاقة بحقوق ما بعد الموت، وهو حق القبر مقابل تراجع أولوية الايمان بحق الحياة أمام شيوع ثقافة التملك وتمددها لتشمل القبور التي أصبحت ضمن أملاك أشخاص وربما يورثونها لأبنائهم الذين يتقاسمون بعد وفاة الأب قبوره المحجوزة باسمه في مقبرةٍ هنا وهناك.

ظاهرة قبور الأحياء في اليمن تعايش معها المجتمع والسلطات المتعاقبة منذ عقود

أحمد الأغبري

خذوني إلى فلسطين: رحلة السوريّ إلى بلاده

Posted: 24 Feb 2018 02:09 PM PST

امتحنني الشاعر خالد الناصري، مدير «دار المتوسط» للنشر بسؤاله على الهاتف من إيطاليا: هل تحب أن تذهب إلى فلسطين؟
قلت، من دون تفكير كثير، «طبعا».
السؤال الجميل كان مقدّمة لفعاليات أجمل في رام الله ونابلس وبيرزيت، من دون أن ننسى طبعاً، حيثيّات المعاناة الفلسطينية، التي جربها الفريق المرافق، لعبور خط الغزاة الإسرائيليين، الذين استلمونا بعد خروجنا من المركز الحدودي الأردني، وطلبوا منا الانتظار الذي طال ساعات.
كان الجوّ عجائبياً بحق، فالضيوف الذي كان بعض حالهم مثل حالنا، متنوّعو الجنسيات والأشكال، ولعلّ العبور البرّي لبعضهم كان طريقاً مقدّسا يمرّ بنهر الأردن الذي ذكرت عنه وقائع في الكتاب المقدس، وصولاً إلى القدس، سرّة العالم وسرّه الغريب.
راقبت باهتمام حركة الأجساد والأشخاص. كان هناك ضابط إسرائيلي يتكلم العربية ويحمل عوزي أو ما يشبهه (لست خبير أسلحة) ويبدو فرحاً بنفسه بشكل مبالغ فيه ولكنّ البعض انساقوا مع ذلك، كبعض الموظفات، وأحد الضيوف الذي وجد وصلاً بليلى.
بعد تدخّل محمود من السلطة الفلسطينية قبل موظف (لعلّه ضابط أمن) أن يلتقينا (أو يحقق معنا). كان مضحكاً، حين علم أنني سوريّ، أن يتعاطف مع السوريين المساكين، ولم ينس طبعاً أن يذكرني بمسلسل «باب الحارة». كلمات غوغل التي اختارها حققت النتيجة فخفّ التوجّس وأحسسنا أننا سنبدأ أخيراً رحلة الوصول إلى فلسطين لتتحوّل من إنشاء عاطفيّ على مدى عقود إلى حقيقة مجسّدة.
الرسميّون الفلسطينيون الذين كانوا في انتظارنا أخذونا إلى استراحة في أريحا التي طابقت الحرارة فيها التصوّر الشائع عنها، قبل أن تبدأ عيوننا، مع شرح من كانوا معنا، بقراءة بصريّة تشرح الاحتلال كما لم نفهمه من قبل: مناطق شاسعة ممنوعة على الفلسطينيين، حواجز عسكرية عالية تطلّ على أهم المراكز، مستوطنات أشد علوّا وغطرسة، ومستوطنون يمرّون من أمامنا بالسيارات أو يقفون بانتظار وسيلة نقل عامة.
الأماكن التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة تبدو قاسية وممتنعة على البشر لكنّ العين ترتاح حين تبدأ بقراءة يافطات المحلات الفلسطينية التي تعدنا بفواكه ولحم طير مما تشتهون، وبفلافل وكباب وسلطات وحلويات، وبانفلاش عربي يتحدى أنماط العمارة الاستيطانية وفلسفتها بغواية البشر الحقيقيين وملذاتهم وآلامهم، وهو مشهد سيتجلى بأفضل حالاته في رام الله التي ستكون مقرنا، في فندق «برج فلسطين»، للأيام المقبلة.
الفعالية التي جئنا لنحييها كانت حول الترجمة (التي لي بعض الباع فيها)، وكانت بدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية، وستأخذنا إلى جامعات بيرزيت ونابلس حيث سنلتقي طلابها وأساتذتها الأجلاء، ونحاول حكّ معارفنا بمعارفهم، وحكاياتنا بحكاياتهم، ولنجد أصحابا ضيعناهم من أيام بيروت ودمشق وقبرص، ونتعرّف، أقولها بصدق، على فذاذة عبقرية المكان والشعب الفلسطينيين.

على رام الله

أمسيتنا الأولى في رام الله شهدت جولة على الأزقة القديمة حيث عرفنا مضيفونا على مركز موسيقيّ أسسه من كان بطل صورة شهيرة في طفولته تظهره وهو يحمل حجراً ليواجه جيش الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، ووصول ذلك الطفل المقاوم بالحجارة إلى الرجل الذي يعلّم الموسيقى لأطفال رام الله مسار يثير التفكّر والتأمل والاحترام.
تنقلاتنا بين المقاهي جمعتني بأصدقاء قدامى، كحسن البطل، الذي كان مدير تحرير مجلة «فلسطين الثورة»، خلال إقامتي الطويلة في قبرص، وكان وقتها معلّما صحافيا حقيقياً لجميع من يعمل معه، كما كان أمثولة فلسطينية متنقلة، ولم أتعرّف أحداً في حياتي أكثر تمثّلا لذلك التفاؤل المتفاعل مع كل ما يجري من أحداث حوله، وتحويله إلى مادة صحافية شديدة العمق والإمتاع.
التقينا أيضاً بغسان زقطان، الشاعر البديع والذي يقف على خطّ سياسي قريب منا، نحن السوريين، وكان الشاعر مهيب البرغوثي هو مفاجأة رام الله بحكاياته التي لا تنتهي عن السجون التي دخل إليها، في العراق وسوريا، ونقائه الذي لا يوازيه إلا تدخّله في كل شيء يمشي أو يتحرك.
دعينا في رام الله إلى منزل يوسف الشايب، الصحافي الذي ناله أذى من جرأته في الكتابة، وزوجته الصحافية بديعة زيدان، التي كانت الدينامو الكبير للدفاع عنه أيام سجنه عام 2012 وما تلا ذلك من منعه من السفر واستدعائه للتحقيق مجددا، وامتزج مذاق «المقلوبة» الفلسطينية الفاغمة بالصحبة الجميلة.
حكايات رام الله ستمتد على مدار الأيام الأربعة التي قضيتها في فلسطين، وستتضمن زيارة قبر ومتحف ياسر عرفات الرائع الذي يوجز، عبر شخص الزعيم الراحل، تاريخ النضال الفلسطيني ولحظاته الفارقة، ولعلّ أكثرها تأثيرا في الحاضرين هي التي تذكّر بحصار عرفات في مقره (المقاطعة) ودخول الدبابات الفلسطينية إليها، وغرفته الصغيرة التي ينام فيها، ومكتبه، وغرفة حراسه.
أعجبتني كثيراً لوحة تجمع شخصيات الحكاية الفلسطينية على مدخل المتحف، وكذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة التفاعلية للتعرف على جغرافيا فلسطين، ولطافة مدير المتحف محمد حلايقة وتبحّره في موضوع شغله، وانشغل صديقنا خالد الناصري حين لم يجد بلدته التي خرج والداه منها قرب الناصرة.

أعجوبة بيرزيت

أخذنا المشرفون على الفعالية في يومنا الثاني إلى جامعة بيرزيت وهي مكان لم أر مثله أبداً، ويجسّد، مثل كل مكان سأزوره، طاقة هائلة تلخّص عشرات السنين من نضال الفلسطيني لقهر واقعه وتغييره بالتعلّم وفتح آفاق جديدة. شربنا القهوة المرّة في غرفة مدير الجامعة، الرابع في تاريخها، عبد اللطيف أبو حجلة، بحضور مجموعة من كبار الإداريين والأساتذة، وبعدها انطلقنا إلى غرفة محاضرات، مارّين بأقسام تحمل أسماء المتبرعين بها، مثل كلية الهندسة (عمر العقاد)، ومكتبة يوسف أحمد الغانم، مبنى العيادة الطبية (عزيز شاهين)، ومركز ديانا تماري صباغ، وملعب منير عطا الله، ومركز نجاد زعني لتكنولوجيا المعلومات، وسعيد خوري لدراسات التنمية، وهذه وقائع توضّح فهماً مذهلا لدور العلم في الارتقاء بالشعب الفلسطيني وقضيته.
كنت وبرهان القلق، المترجم الفلسطيني، وشقيق القيادي الفتحاوي الذي اغتالته إسرائيل عز الدين القلق عام 1972 (والذي رثاه الشاعر محمود درويش بقصيدة رائعة)، على سدّة المسرح، مع الأستاذ والمترجم الخطير إبراهيم أبو هشهش، الذي تنكّب أهوال ترجمة رواية «مالته لوريدز بريغه» للشاعر النمساوي راينر ماريا ريلكه، الذي قام بتعريفنا للجمهور.
تحدث القلق عن تجربته العفوية في ترجمة الكتب، والتي بدأت بقضايا السيبرنطيقا وانتهت بالشعر والأدب، وأفاض حول تجارب الترجمة الشفوية التي قام بها لياسر عرفات، وعلاقاته بالنخبة البلغارية، والموقع الالكتروني الذي خصصه لما كتب عن شقيقه.
الفكرة في بحث «ترجمة فلسطين» الذي قدمته، ليس بمعنى الترجمة الاعتيادية فحسب، بل بكل تأويلاتها الممكنة التي يفرضها واقع احتلال الجغرافيا، واحتلال اللغة والأماكن والمآكل والأزياء والثقافة، والتحدي الذي وضعه كل ذلك للفلسطينيين، الذين تحوّلوا، من دون أن يعرفوا إلى «شعب من المترجمين»، على حد قول أحد أساتذة الترجمة في جامعة غزة.
صعدت بنا الرحلة بعد ذلك لمتحف القدس في حرم الجامعة نفسها، والمتحدثة البارعة التي عرفتنا على انفتاح هذا المتحف على طرق حديثة لاستيعاب المدينة والتحولات الضاغطة الكبيرة التي تمارس ضدها وضد أهلها، وطرق تمظهرها في الإعلام والصورة والتوثيق والأفلام. كل ما في المتحف ينطق بالحداثة والتعاطي الفذ مع الزمن والفكرة.
أمسيتنا كانت حافلة بلقاء إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الفلسطيني الشاب، الشديد الحيوية، والشاعر، وتبادلنا شجون الثقافة والسياسة والأدب في ظل الاحتلال، كما تطرقنا إلى المعارك المحلّية، كقضية منع رواية «جريمة في رام الله»، وعتابات المثقفين للسلطة، وصراعاتهم، وكان بسيسو قد أخذنا في جولة صباحية إلى مقر المكتبة العامة الفلسطينية الذي سيكون إنجازا معرفيا كبيرا.

نابلس: البحث عن الأهل

توجهت في يومي الثالث بسيارة فؤاد عكليك، صاحب «الدار الرقمية»، الذي شكى لي أحوال الكتاب والكتّاب في فلسطين بسبب الإجراءات الإسرائيلية والرقابة العربية والكلفة الباهظة، وهو ما دفعه للنشر الرقمي وبعد صعوبات الاتفاق مع PayPal التي قامت بإلغاء الخدمة لعدم وجود قوانين لحماية النشر الالكتروني. أحد الابتكارات الجميلة للدار كتاب لأغاني فلسطين مع روابط يمكنك سماعها على الانترنت بحيث يتجول القارئ بين المقروء والمسموع، وحكى عن أن أغلب ما يُنشر في فلسطين ذا طابع سياسي حتى الروايات.
في الطريق مررنا بمستوطنة ضخمة وبمخيم الجلزون قبل أن نصل إلى نابلس وجامعة النجاح، وكما حصل في بيرزيت، فقد استقبلتنا الهيئة الإدارية للجامعة قبل أن نبدأ ندوتنا الثانية، رفقة الكاتب البرتغالي افونسو كروش، ومترجمه التونسي عبد الجليل العربي.
برهان القلق لم يرغب في إنهاء رحلته إلى فلسطين من دون زيارة بلدته التي ولد فيها قبل أن يهجره الاحتلال الإسرائيلي إلى دمشق، ونجحت الاتصالات العديدة في لقائه بدليل إليها ليعود ليلاً مفتوناً بالتجربة. أفونسو جلب إعجاب الطلاب والأساتذة بأفكاره حول كتابه الذي ينتقد فيه رؤية المجتمع الاستهلاكي للشعراء، كما تحدّث العربي عن تجاربه مع الترجمة من اللغة البرتغالية للعربية.
بعد انتهاء الندوة طلبت من زملائي النابلسيين البحث عن أقرباء لي في المدينة، وتجوّلنا في أسواقها التي ذكرتني بأسواق دمشق وفاس، وكان لابد أن نقوم بطقس تاريخيّ: أن نجرّب الكنافة النابلسية في البلد الذي انطلقت منها، وهو ما حصل، حيث قادنا المضيفون إلى خان التجار لنصل إلى «حلويات الأقصى» المفتوح منذ 50 عاماً، فوجدنا زحاماً لم أر مثله قبلاً، وتناولت الكنافة الأسطورية واقفا وأنا أتلمّظ وأتفكّر في دور الطعام (والحلوى خصوصا) في تشكيل الهويّة وحنينها الدائم للطفولة.
اختصرت رحلتي، وعدت مع رفيق الطريق اللطيف فؤاد عكليك، وخسرت بذلك يوما رابعا في بيت لحم، وربما القدس وحيفا، ولكنني حملت مخزونا كبيراً من الإعجاب للروح الفلسطينية الفذة التي تقاوم أحد أخبث وأشرس الاحتلالات الاستيطانية في العالم.
العودة كانت أصعب، لأنها مقسّمة إلى مراحل وحافلات، تبدأ مع تسليم أمتعتك التي ستذهب، لسبب ما لعلّه أمنيّ، لوحدها، لتمرّ مجددا بمركز الخروج والاستقبال الإسرائيلي.
عند وصول الحافلة مشيت مع الماشين لكنني انتبهت إلى باب آخر يطلب مني، بصفتي أجنبيا، الذهاب منه، فحاولت رفع الحبل الفاصل لأفاجأ بصراخ عنيف من حارسة أمن إسرائيلية كادت تمتشق سلاحها وتقضي عليّ، وخاف الناس عليّ وصاح أحدهم: إيش صارلك يا خوي؟
في المساء، وبعد وصول الحافلة إلى مقر الاستقبال والخروج الأردني، انتظرت سيارة أجرة نقلتني إلى عمان قبل العودة للندن، وجاءني في الطريق اتصال من الأصدقاء في نابلس يقول: لقد وجدنا أقاربك!
تذكّرت حينها قصيدة قسطنطين كافافيس الشهيرة حول رحلة عوليس إلى إيثاكا: في الطريق إلى إيثاكا صلّ أن يكون الطريق طويلا!

خذوني إلى فلسطين: رحلة السوريّ إلى بلاده

حسام الدين محمد

تكوّن الذات وعلاقات التاريخ والكتابة

Posted: 24 Feb 2018 02:09 PM PST

كلُّ روايةٍ هي تخييل، لكنَّ روايةَ رشيد الضعيف «ألواح» (دار الساقي عام 2016)، هي حكايةٌ عن الذات، ذاتِ الكاتب نفسِه، رشيد الضعيف، وليس عن آخر، أو عن آخرين إلاّ في سياق كلامه عن ذاته. إنَّها، كما يبدو، سيرة ُالذّات في علاقتها بذاتها وبمنْ كان لهذه الذات علاقةٌ بهم/ن، الأمُّ والأب والإخوة وأصدقاء الطفولة والجيران… ومنْ كان لهم أثرٌ في بنية شخصيّة هذه الذات النفسيّة، في معاناتها، وفيما آلتْ إليه من سلوكات موسومة بالرفض والتمرّد، وبرغبة الإستقلال والتحرّر.
روايةُ «ألواح»، هي بشكلٍ أساسي، حكايةٌ لمسار هذه الذات، مسارٍ من المعاناة تكْتشفُ فيه الذاتُ ذاتَها في نزوعها، زمنَ الطفولة، إلى العنف، ثم الرغبة في ممارسة الجنس، والخجل الذي مال، مع الوقت، إلى قناعة سلوكيّة/ أخلاقيّة قائمة على احترام حريّة الآخر، وخياراته، وخاصّة فيما يتعلّق بالأنثى وبالعلاقة الجنسيّة معها.
يعرف الكاتب الروائي رشيد الضعيف، تمام المعرفة، أنَّ الكاتب، حين يصبح راويًا، حتى عن ذاته، لا يعود تماماً، أو كليّاً هو هذا الراوي. فالراوي هو آخر، والسّرد عن الذات، هو تخييلٌ لا يلتزم، ولا يمكنه أن يلتزم
لماذا؟ وما هو المعنى العميق الكامنُ خلف هذا البوح، والذي به يتجاوز السّردُ ما هو ذاتي إلى ما له، عند الضعيف، علاقةٌ بتاريخيّة تكوّن هذا الذاتي، بعلاقته بالزمن، وبالكتابة؟
يقول الضعيف الذي يروي لنا عن ذاته: «لا أحد يعرفني على حقيقتي، ولا أنا أعرف نفسي على حقيقتها» (ص 6). وهو بذلك لا ينفي أنْ تكون روايتُه حكايةً عن الذات، ذاتِه، لكنّه يضعُ المرويَّ موضع الاحتمال، ويرى إلى الحقيقة بصفتها متغيّرة من متغيّرات التاريخ، فذاته التي تروي الآن، هي غيرُ ما كانت عليه ذاتُه التي يروي عنها. كأنَّ الحقيقي هو رهنُ الزّمن ورهنُ وعينا به، وكأنَّ هذا الوعي هو ما يُشرِّع لكتابةٍ قائمةٍ خارجَ الفضيحة والأخلاق، أي لكتابة تسعى، وعلى مستواها الأدبي، لإنتاج معرفة بهذه الذات. وهذا ما يمنح الكتابةَ شرعيّة أنْ تكون، وأهميّة أنْ تُقرأ.
فالكتابةُ، من منظور رشيد الضعيف الذي تزامنتْ ولادتُه مع انفجار قنبلة هيروشيما الذي هو، وكما يقول: «انفجارٌ هائلٌ مروِّعٌ مدمرٌ قاتلٌ نشر الرعب واليأس في البشريّة»، الكتابة هذه، هي انفجارٌ آخر، مختلفٌ، منعشٌ ومحيي وواعدٌ بالخلاص (ص 153). الخلاص، ربّما، من معاناته من «تلك اللحظات المروّعة، من اليأس المطلق» (ص 7).
يحكي رشيد الضعيف للخلاص من معاناته: معاناته من عقدة لقبه، «الضعيف»، الذي عندما ناداه به الأستاذ، «انفجر الصف بالضّحك انفجاراً سمعه ربما الحيُّ كلُّه» (ص 130). معاناته من كوْنه ابناً لوالدٍ لم يعرف سوى الفشل في حياته، وصبيّاً ينزع إلى العنف المتمثّل في تعذيب الحيوانات. معاناته من عذابات البراءة، براءةِ أمِّه وأثرها المتمثّل في خجله. ومعاناته من عجزه عن الخلاص من عذابات الحبّ، حبِّه لامرأة متحرّرة هي الفرنسيّةُ ناتالي.
لقد «بكى رشيد وإنْ بلا شهيق»
ذلك أنَّ للكتابة سطوةً على الزّمن (ص 155)، كما يقول رشيد الروائي. سطوةٌ لها قوّة التغيير، وتجد معناها الأعمق، في «ألواح»، في سطوة الضعيف على ذاته وهو يحكي سيرتَه بصفتها متخيّلاً تختزنه الذاكرة، ويُنسَبُ للتاريخ، التاريخ الذي يدعو الكتابةَ إلى الصّدق والإخلاص في قول ما تحكيه عنه (عن هذا التاريخ).
هكذا تتمثّل قيمة «ألواح»، وبشكلٍ خاصّ، في ابتداع الكاتب بنية فنيّة لرواية تحكي بصدق وإخلاص حكاية هذه الذات.
«ألواح» نصّ، وأثرٌ للتاريخ. للقراءة بعد مئة سنة، بعد مئات من السنين، واكتشاف أنَّ هذا الأثر هو رواية كتبها أديب لبناني، اسمه رشيد الضعيف، هذا ال رشيد الضعيف كتب هذه الألواح، ذات يوم، عن أمه الجميلة وأبيه الفاشل، وأخيه الذي بُترت ساقه، برصاصة ابن الجيران، عن أخته الصغيرة التي تاهت، عن زمن لا قيمة فيه للإنسان، زمن موسوم بالجهل والإهمال، زمن شرقي شعاره الحروب والإقتتال… وزمن غربي ينعم أناسه بالحريّة وهو، رشيد، ينعم فيه بحب ناتالي المتحرّرة، بممارسة الجنس معها. ينعم ويعاني، يعاني من تحرّر صاحبة هذا الجسد، من امتلاكها لجسدها، من حرمانه منه متى رغبت هي في ذلك، لتتركه يعاني من ذكورة مخصيّة، من تاريخ كان لهذه الذكورة فيه السلطة والقرار.
«ألواح» أثرٌ للتاريخ، للقراءة بعد مئة سنة، بعد مئات من السنين، واكتشافٌ أنّ هذا الأثر هو روايةٌ كتبها أديبٌ لبناني، اسمه رشيد الضعيف، عاش في زمن حروبٍ أهليّة لبنانيّة، وكتب أكثرَ من رواية، وأبدع بنى فنيّة لهذه الروايات تجاوز بها البنى التقليديّة للرّواية العربيّة، بنى تعبّر، بتشكّلها، عن تكسّر زمن الواقع الاجتماعي المعيش، زمن خراب المدينة، وتفتّت نسيج هويّة مواطنيها الذين لاذوا بطوائفهم، كما في روايته التحديثيّة «فسحة مستهدفة بين النعاس والنوم» (1986).
«ألواح» علامةٌ روائيّة لكاتب بنى جرأتَه في تعرية ذاته، على إدراكه بأنَّ الزمن هو متغيّرة من متغيّرات التاريخ، وأنَّ معرفة ما هو حقيقي مرهونٌ بتاريخيّته. هكذا وضع علامة استفهام على حقيقة ما يرويه عن ذاته، مكرِّراً ما قاله في بداية سرده:
«لا أحد يعرفني على حقيقتي، ولا أنا نفسي أعرف نفسي على حقيقتها» (ص6).
يتكشّفُ لنا رشيد الضعيف، وفي هذه الرواية بشكلٍ خاصّ، لا فقط عن أديبٍ مبدع، بل، وفي الآن نفسه، عن مثقّف يستند بثقافته إلى فكرٍ فلسفي مادّي خرج به من السّياسة إلى الأدب، فاغتنى وتميّز.

تكوّن الذات وعلاقات التاريخ والكتابة
رشيد الضعيف وروايته «ألواح» نموذجاً:
يمنى العيد

تصاميم الحياة هي في مكان آخر

Posted: 24 Feb 2018 02:09 PM PST

القاهرة ـ «القدس العربي»:ربما يعتبر فيلم «الخيط الوهمي» «PhantomThread» لمؤلفه ومخرجه بول توماس أندرسون، من أهم الأفلام التي ظهرت في السنوات الأخيرة، نظراً للموضوع والشخصية الرئيسية في الفيلم، والتي يؤديها دانيال دي لوي، حيث يجسد شخصية مصصم أزياء بريطاني شهير في خمسينيات القرن الفائت. وكيف يشهد بدايات غروب الشهرة إن جاز التعبير، لكنه رغم ذلك يجد نفسه في النهاية من خلال حكاية حب غريبة مع فتاة تبدو ساذجة للوهلة الأولى، جسدت الدور فيكي كريبس، لكنها أكثر قوة وإصرارا على استمرار هذه العلاقة. وربما البطل نفسه، دي لوي وهذه الحالة التي توحي بالاستمرار ولو من جهة أخرى أو في شكل سردي آخر، هو ما يجعلنا نتذكر فيلم «كائن لا تُحتمل خفته» Unbearable Lightness of Being The، الذي أخرجه فيليب كاوفمان عام 1988، عن رواية ميلان كونديرا. وما بين تريزا ــ جسدت الشخصية جولييت بينوش ــ وآلما الكثير من أوجه الشبه، كذلك تبدو حياة كل من توماس ووودكوك كتنويعة لحياة الشخصية نفسها، وإن كانت تبدو كحياة في مكان آخر. إضافة إلى إعلان دي لوي نفسه الاعتزال والتفرغ للعيش كما يريد.

توماس/ وودكوك

ينسج وودكوك تصاميمه من خبرات حياتية وأحلام وهواجس تعبر عن مدى ارتباطه بأمه، هذه المرأة التي ظلت ذات تأثير كبير على حياته ــ لعبت شقيقته جزءا من هذا الدور أيضاً ــ وعلى علاقاته المتعددة بنساء مختلفات، هذه الفئة الراقية في المجتمع الإنكليزي، وأن مجرد موافقته على تصميم وصنع رداء لإحداهن، ما هو إلا الإمعان أكثر في هاجس البحث عن المرأة المفقودة، أو الموهمة والمسيطرة على مخيلته. حتى تقابل وآلما مصادفة في مطعم متواضع ــ لاحظ لقاء توماس بتريزا ــ هنا يعثر وودكوك على ضالته، هذه الفتاة ذات الجسد المثالي لتصميمات تشتعل بها مخيلته. وتنتقل معه إلى عالمه، حيث الدقة والسيطرة على كل شيء، ليتضح أن آلما ليست المرأة الأولى التي ستجالسه وشقيقته لتناول الطعام، وتصبح شريكة الطقس اليومي القاسي. على الجانب الآخر نجد تريزا تسعى إلى توماس، وتتوسل الأسباب حتى تظل بجانبه، وهو يرتعب من مجرد كسر حالة الروتين التي يعيشها، في ظل وجود سابينا المرأة الوحيدة التي تتفهمه وتحتمل وجوده ــ سابينا وبشكل غير مباشر تتمثلها شقيقة وودكوك في الخيط الوهمي ــ وفي كل من الفيلمين أو الحالتين، لا نجد سوى نساء يحطن بالبطل، فلا وجود لآخرين، سوى ظلال لوجوده بينهن. شك وودكوك في علاقة آلما بالطبيب الشاب، وغيرة توماس، من أحد الرجال وهو بصحبة تريزا. وبينما تخلق تريزا احتفالاً لاكتشافها غيرة توماس، تقرر آلما الذهاب بمفردها إلى الحفل الصاخب، وبينما يداري توماس غيرته وينكرها في وجه تريزا، يهبط وودكوك كالمجنون إلى الحفل، ليجد آلما بمفردها وسط الصخب، ودون أن يداري عجزه وضعفه، فقط علامات الغضب ووجه المتشنج دليل حب هذه المرأة، التي أصبح يشعر بمدى سذاجة عقله أمامها.

تريزا/آلما

كل من تريزا وآلما حاولت وأصرت على أن يدور هذا الرجل في فلكها، دون أن يحيد عن دوره المرسوم. ولو بطريقة مختلفة. فإن بدت تريزا أكثر رقة ونزقاً، إلا أن آلما أكثر وعياً، حاولت تريزا خيانة توماس، لتتمثل شعوره، لكنها لم تستطع أن تتمادى، بينما آلما لم تتورع عن محاولة قتله بعناية ورفق، وكأنها تميته لتعيده إلى الحياة مرّة أخرى بصورة أفضل. حلت آلما محل الأم الشبحية، هذه التي تجلت له وهو يكاد يفقد روحه، ليتوارى الشبح إلى الأبد وتصبح آلما هي الحقيقة ومعنى الوجود. أما تريزا فكانت الأكثر صبراً ــ الأمر هنا يتعلق بالمجتمعات ومدى ثقة أفرادها بأنفسهم، وهو ما يحيل إلى تحليل آخر، ما بين المجتمع الإنكليزي والتشيكي، كدلالة على مجتمع مُستعمِر، وآخر مُحتل ــ فصبر تريزا لا حدود له، وأفعال آلما لا حدود لإثارتها الدهشة.

أخيراً رجل حُر

تاريخ طويل من القلق والتوتر والعلاقات المتشابكة، ونساء مهجورات كضحايا بالمصادفة أو بدون قصد، لتبدو هذه الثقة المفرطة، وهذا الصلف الذي يتنفسه كل من توماس ووودكوك، عبارة عن طلاء هش لشخص مهزوم في الأساس ومنذ البداية، كل هذه المظاهر ما هي سوى ألعاب طفولية وغضب من العالم. فلا الشهرة ستفي بالغرض، ولا اللامبالاة والتباهي بعلاقات نسائية مجالاً للشعور بالبطولة. فالمأساة التي ظهرت أمام توماس أنه أحب تريزا بالفعل، وأصبح مسؤولاً عنها، وهي نفسها المأساة تتجسد أمام مصمم الأزياء الشهير، في علاقته الملتبسة والمعقدة بفتاة المطعم، التي تبدو بائسة ومتعثرة الخطوات. البداية دائماً حيث يبدو البطل أكثر ثقة ووعياً ولديه عالم من الإدهاش الدائم لكل امرأة تتخطى عتبته، لكن في الحقيقة هو الأكثر ارتباكاً وضياعاً، والباحث الأبدي عن يد تمسك بيده. وبعد رحلة طويلة وتفاصيل من الصعب احتمالها إلا من خلال عمل فني ــ فيلم أو رواية ــ يتخفف هذا الكائن من ثقل وجوده، ويصبح حراً في النهاية، حتى ولو كانت هذه النهاية تتمثل في موته. تتحدث آلما عن وودكوك في بداية الفيلم، وكأنها تتحدث عن شخص انتهى، أو ذكرى، قائلة «لقد حقق لي كل أحلامي، ومنحته في المقابل كل قطعة من نفسي». ليتضح ان حديثها عن ذكرى ما كانه هذا الرجل، ولم يعد ينتمي إليه الآن.

وهم العود الأبدي

يفتتح كونديرا روايته بتعليق طويل يتناول فكرة «العود الأبدي»، التي ابتكرها ورددها «نيتشه». وإن كانت في رواية «كائن لا تُحتمل خفته» جاءت بمفهوم النقيض. فالحياة واحدة، وتتوقف على مدى الاختيارات أو ما نظن أنها اختيارات، لذا لم يكن من سبيل سوى المواصلة مع ما تم اختياره أو الاتفاق على العيش في ظله. ومن هنا نرى كيفية نسج علاقات الحب، فالأمر ليس سهلاً تماماً، لكنه صراعاً يستمر ولو إلى حين، وستبدو الحياة الأولى ــ قبل الاتفاق غير المعلن للعشق الأبدي ــ مجرد ذكرى، وحياة سنشك في أننا قد عشناها بالفعل. فـ «العود» المقصود هنا هو العود لما هو كائن، صفعة قوية لذاكرة لئيمة. ولنلحظ مدى استسلام كل من توماس أو وودكوك لمصيره، الأول الذي ترك مهنته وعاش ليعمل في مزرعة نائية برفقة تريزا، والثاني الذي استسلم تماماً لعالم آلما، وهو يستقبل تجربة الموت من جديد في سعادة بالغة، هذا ما تزامن مع انهيار عالم تصميم الأزياء، بظهور الملابس الجاهزة الصنع، وتسرّب بعض الزبائن/ النساء من سطوته. فالتاريخ ينكر أصحابه، ويمثّل بهم في وحــدة قاسية، وقد أفلحت آلما في تبديد خيوط الوهم، وخلق تاريخاً سيظل بينها وبين مَن تميته وتحييه حسب هواها.

تصاميم الحياة هي في مكان آخر
فيلم توماس أندرسون «الخيط الوهمي»:
محمد عبد الرحيم

متعة مفرطة الجمال والمرارة في وصف خراب بغداد

Posted: 24 Feb 2018 02:08 PM PST

كما يفعل الشاعر الفرنسي أرتور رامبو في القصيدة التي يصور فيها الجندي «النائم في الوادي»، باسماً وسط جمال الطبيعة الأخاذ، في سريره الأخضر الذي يهطل عليه الضياء، وعلى جنبه الأيمن ثقبان أحمران؛ كذلك يفعل «ودود»، قرين الراوي الذي سكنه في رواية «فهرس» للشاعر والروائي العراقي سنان أنطون، في فهرسه المتفرد، المتضمن «مناطق» لخراب بغداد يوم قصفها عام 2003 الذي أعقبه الاحتلال والتدمير الأمريكي للعراق. ولا يكتفي ودود بذلك، إذ هو لا يكتب «مناطقه» بشاعرية عميقة وبأسلوبِ تقمصه وإنطاقه الجماداتِ والحيوانات والبشر الذين نسجوا معاً سجادة تاريخ وحياة وهناءات ومرارات بغداد فحسب، وإنما يكتبها أيضاً كما يقول في ديباجته، ضمن علاقتها بالزمن.
إنها ليست لحظة تعيش متاهة كونها هي ذاتها في كل مكان من الكون، بل هي زمن واحد في مكان واحد يشكل «تاريخ الدقيقة الأولى من حرب ليست الأولى… الدقيقة التي ستكون فضاء ثلاثي الأبعاد ومكاناً يقتنص فيه الأشياء والأرواح وهي تسافر… وتتقاطع قبل أن تختفي إلى الأبد بلا وداع»، الدقيقة التي ينتشلها من الثقب الأسود الذي تؤول إليه شظايا وأشلاء الوجود بعد الانفجار الكبير، ويكتبها، كمنطق للحلم بتغيير الماضي، وليس لتغيير الحاضر أو المستقبل»… داخل بنية الرواية التي شكلها أنطون ببساطة مذهلة، على التالي:
 1: بدايات، تتضمن عناوين واحد وعشرين منطقاً مفتوحة على غواية القارئ بتشكيل ما يزيد عددها، وتبدأ بمنطق الطير الذي يتقاطع مع منطق فريد الدين العطار بشاعريته، وصوفيته، في تصوير الرحلة الوجودية للبشر. وتمر بمناطق تشكل موزاييك جسد بغداد مثل منطقة الزوراء، كاشان، السدرة، الشريط، العين، التنور. وتنتهي بمنطق الطير الأخير، الذي تهدد ارتحالات الطيور البشرية فيه الطيورُ المعدنية الهائلة التي تحوم لقصف بغداد.
2: لوحة مرسومة بالكلمات لملاك التاريخ الذي يشبه ودود في التفات وجهه نحو الماضي، وفي رؤيته لكارثة واحدة تراكم الحطام فوق الحطام وتلقيها أمام قدميه.
3: نهايات، تتضمن: نهاية، نهاية أخرى، منطق الطير الأخير، ونهاية الرواية وبدايتها.
داخل هذه البنية الظاهرة، وفي منطق تغيير الماضي الذي يخلخل البنية النفسية لودود ويلقي به في مصح نفسي، يضع أنطون من خلال فهرس بطله ودود لوحاً محفوظاً ومفتوحاً لخراب أو تخريب بغداد من قبل الاحتلال الأمريكي، وقبله ديكتاتورية صدام حسين التي خربت النسيج الوطني للعراق بالتمييز والاستبداد، ومعه شركاء الاحتلال، الحكام الجدد، «السرسرية» الذين جاؤوا على ظهور دبابات المحتل، وبدأوا بنهب ثروات العراق وتدمير ما تبقى من نسيجه الوطني المتآلف فيما مضى.
ويوصل أنطون فجيعة الخراب إلى ذرى مدمرة لا تتوقف عن الذكر المفجع لسرقة قطع آثار تاريخ الحضارة الإنسانية التي ابتدأت في العراق، من متاحفها، بل تتجاوز محاولة تماسك الروح أمام الفجيعة إلى كسرها دموعاً مدماة بنشر قصيدة معلمة الكتابة «شبعاد» إلى آلهة الكتابة، حاملة لوح اللازورد، «نيسابا»: «مولاتي/ يا أم الأرض وإلهتها. أنت التي تهدئين روع الأرض بالماء البارد/ الجبل العظيم أنجبك. أنجبتك الحكمة/ المجد لك زيتها الطاهرة. ياسيدة الكُتّاب/ يا حافظة سجلات إنليل، حافظة الأختام/ يا حكيمة الآلهة/ المجد لك/ المجد لنيسابا».
وإضافة إلى ذلك، من خلال جريان حياة راوي روايته، (نمير البغدادي الذي هاجر من العراق مع أهله إلى أمريكا عام 1993، والذي تتقاطع تفاصيل حياته ودراسته وتجاربه مع الكاتب نفسه)، يضع أنطون لالتباس مواقف العراقيين والأمريكيين من الحرب ومن الاحتلال كشفاً يحفل بأهوال الحرب وخطورتها ودمارها للبشر وبيئاتهم. ويستوي أن يتم هذا في الواقع من خلال ارتكابات الفظائع، أم في ثقافات الشعوب من خلال أشعار قدماء صوروا الأثر المدمر للحرب، مثل زهير ابن أبي سلمى، ومواقف المثقفين، والبشر الأسوياء من الحرب، مع صرخة احتجاج هائلة ومدوية ليس بمباشريتها ولكن بفعلها المؤثر من خلال فن الرواية المبتكر الزاخر بالثقافة والحب.
وأكثر من ذلك، يقدم أنطون بنية عميقة آسرة وممتعة بغناها.
أولاً: من جهة أسلوب لغة الكتابة، المتنوع وفقاً لطبيعة الشخصية، وتطورها، دون تخل عن الشاعرية العذبة في جميع الحالات، وقيادة الاختلاف والتلاقي في هذا التنوع بأدق تفاصيله، وبصورة مدهشة عند امتزاج شخصية نمير، وودود الذي سكنها وتغلغل فيها ليصل إلى كونها. ثم من جهة الارتقاء بلغة الرواية في عكس جسد وروح المكان، باستخدام اللغة العامية البغدادية في الحوارات، وباشتغال مبتكر كما يبدو على نجاحها في امتلاك القارئ، ووعي لمخاطر عدم الفهم الناشئ عن طبيعة اختلاف اللهجات. إضافة إلى إقامته مهرجاناً فنياً مبدعاً للتداخل اللغوي الثقافي، من خلال مقتطفاته المأخوذة من أعمالٍ تتقاطع، متآلفة بقوة مع غايات روايته، من إيتالو كالفينو في «مدن لا مرئية»، ومن كفافي، وأبي نواس، وإيلوار، مع تصعيد ارتقاء التنوع اللغوي إلى استخدام الكتابة الآلية السوريالية بهذيان حلمي مذهل في قصيدتين هاربتين من هذيان ودود في مصحّه النفسي.
وثانياً: من جهة الشخصيات، وحبك علاقاتها ببعضها، وتطورها إلى مآلاتها في نسيج الرواية، حيث لم تكن صدفةً كما أعتقد، ولا شرط أن يكون مدركاً لذلك في «منطق الإبداع»، أن يورد الكاتب «منطق التوأم» في «فهرس» بطله أو توأم راوي روايته «ودود عبد الكريم». فشخصية ودود حيث يجري سرد الرواية من قبل بطلها نمير البغدادي، تبدأ السكن داخل الراوي منذ بداية لقائه به عند قدومه إلى بغداد في مهمة ترجمة فيلم وثائقي عن الاحتلال. وتتطور برسائل ودود إليه، حيث يعيش في نيويورك، مرارة قضم تفاصيل جثة بغداد، فيهيم في شوارعها متسكعاً بلذة الهذيان، التي تتداخل بمحاولاته استعادة طفولته في بغداد، عارضاً تفاصيلها المتقاطعة مع تفاصيل الجسد الذي يتآكل، معانياً من عدم القدرة على الكتابة، رغم حماية حب فتاته «مرايا» له، حتى الوصول إلى الاستعانة بطبيبة نفسية. ونكتشف أن هذه الأخيرة لا تعالجه فحسب، بل تعالج شخصية ودود التي احتلت داخله، ويفصح عن احتلاها له بالتساؤل إن كان هناك داء معدٍ اسمه داء الفهرس انتقل إليه، حيث يبدأ بالجمع والأرشفة كما يفعل ودود، وحيث يفتح باب شراء الطوابع من الإنترنت، متأثراً بمنطق الألبوم. وهكذا يتابع إشراع روحه لتداخل شخصية ودود فيه، إلى اللحظة التي يصاب فيها بالرعب من اكتشاف أن كلماته صارت تشبه كلمات ودود في كثير من المواضع: «كلا، لم أكتب هذا الجزء. هو الذي كتبه. هذه ليست كلماتي. إنها كلماته. كلماتي هي التي تسللت إلى دقيقته الأزلية وفهرسه لتهرب من الثقب الأسود. أو لتختبئ فيه، لم أعد أفرق أو أعرف. كيف طار الحسون من طفولتي، ووصل إلى هلوسات ودود؟ والفراشات؟» كل هذا دون إغفال الإشارة إلى الشخصيات الثانوية الآسرة، التي تتجسد شــذراتها بقوة تعكس تداخل العوالم في الرواية المفتوحة.
«فهرس» ودود، المتداخل بشخصية الراوي نمير، وفهرس سنان أنطون، وفهرس القارئ الذي سيصاب بداء الفهرس، وتتشكل على صدره خلال ما تثيره القراءة من رعب لهول الخسارة التي تصيبه؛ هي، كلها مجتمعة، صفائح منقوشة بألواح تاريخه لمقاومة التآكل. هذه رواية أكثر من ممتعة، لأنها تحقن الروح في كل صفحة منها بالجمال والمرارة والحسرة، حتى وصول العين إلى لحظة انفجارها بالدمع كما «بيغ بانغ» لحظة وصول خبر انفجار شارع المتنبي وموت ودود فيه بين كتبه، حين تتشظى الروح بصــمــت تتأمل فيه نفسها، وهي تمضي مبتعدة كلحظة من لحظات الكون.
 
سنان أنطون: «فهرس»
منشورات الجمل، بيروت ــ بغداد 2016
287 صفحة.

متعة مفرطة الجمال والمرارة في وصف خراب بغداد
الروائي العراقي سنان أنطون في «فهرس»:
المثنى الشيخ عطية

سيرة رجل نهب الأهواء

Posted: 24 Feb 2018 02:08 PM PST

من خلال رواية الكاتبة السعودية زينب حفني «الشيطان يحب أحيانا»، يتضح أن السرد غير المركب يعوض البنية المركبة من المحكيات التامة وغير التامة، بنوع من المحكيات القصيرة التي تكسبه التنوع والتعدد، وبذلك الإجراء الكتابي يتم تكسير التواتر السردي وخطية السرد.
رواية حفني تندرج ضمن الكتابة النسوية الجديدة التي تنتقد بهدوء السلوك الذكوري وتبرز قيمة المرأة اجتماعيا دون الإعلان الحاد عن الموقف الإيديولوجي الذي يجعل من الذكورة رمزا للسلطة والقهر اللذين تعاني منهما المرأة في المجتمع. وهذه تجعل الرجل رمزا للأنظمة الرأسمالية التي تحول جسد المرأة إلى سلعة تذر المال، ضاربة عرض الحائط بقيمتها الإنسانية ومكانتها في الأسرة وفي بناء المعرفة وترسيخ قيم العدالة ونشر روح المحبة بين الأجيال المتعاقبة.
تنبني القصة على ثلاث شخصيات روائية محورية، هي: مالك (الزوج) وعواطف (الزوجة) وسراج (الابن)، وبذلك تندرج الرواية ضمن «حكاية الأسرة»؛ الأم عواطف مصرية من جذور سعودية والأب من مدينة جدة السعودية، وهذا التشكيل العرقي يخدم أكثر لفضاء الروائي ويوسعه بالانتقال بين أمكنة ومعالم مصرية خاصة في القاهرة، وأمكنة ومعالم من جدة في السعودية. بلدان بقيم وأعراف مختلفة وأوضاع اجتماعية واقتصادية مختلفة تثري حتما المتن الروائي.
والشيطان في العنوان يمثله طبعا مالك الزوج، بينما قيمة «الحب» يمثلها الشق الآخر من مالك: أي مالك الأب. تضعُ الرواية شخصية مالك رمزا للإنسان المعاصر أو للإنسان المادي عموما الواقعِ تحت سيطرة سلطة المال والأهواء، والذي لا يقيم وزنا للقيم العامة ولإنسانية الإنسان. فكل شيء يمكن شراؤه بالمال، ولذلك ينبغي الحرص على مراكمة المال وتنميته بكل الطرائق والوسائل، حتى الاحتيال وخيانة الوصية والاستحواذ على ميراث وممتلكات الآخرين.
يظهر تحكم سلطة المال في مالك، واعتماده عصب العصر ورمز القوة والاستبداد من خلال ثلاثة موقف:
الموقف الأول: خذلانه لوصية والده ولأخويه زكي وعزة. يقول السارد على لسان والد مالك:» انتبه لكلامي جيدا يا مالك. أنت ولدي الأكبر ويدي اليمنى. لقد قررت أن تتولى إدارة شركتي بعد وفاتي. أن تتحمل مسؤولية أخيك وأختك من بعدي. أنا لا أريد لشركتي أن تتجزأ. لقد تعبت كثيرا لأصل إلى ما وصلت إليه. عزمتُ أمري بعد تفكير طويل، كتابة كافة أملاكي باسمك». حاول مالك التحدث. أشار له بيده أن لا يقاطعه. أكمل كلامه «أنا واثق بأنك لن تأكل حقوق أمك وإخوتك، وستراعي الله فيهم. أريدكم أن تكونوا دوما يدا واحدة. هذه وصيتي لك». وثق الأب وصيته في المحكمة. أصبح مالك بين يوم وليلة يملك كل شيء.
طبعا مالك يحب المال حبا جما، ووسع شركة والده ووسع ممتلكاته، ونسي حقوق أمه وأخويه اللذين طالباه بحصصهما من الميراث، لكنه نكر عليهما واحتال، ليلبي بالمال الكثير نزواته ورغباته الجنسية والتي سيسترجع بعضها في صيغة محكيات قصيرة، وسيعتمد السرد فيها على الاستذكار، لأن مالك على امتداد الخطاب الروائي كان سجين جسده. لقد وضعته الكاتبة في حالة شلل بعد جلطة دماغية ثانية، ولم يبق في ذاكرته من ماضيه غير مغامراته الجنسية في القاهرة وبيروت والدار البيضاء ومدن من دول العالم. في حين وضعت الكاتبة محكي عواطف الذاتي مسترسلا بضمير المتكلم، مستقلا في متن سردي خالص ممتد قامت الكاتبة من خلاله بتنويع طريقة السرد وبنيته. هذا التمييز في صيغة السرد يميل لفائدة عواطف الزوجة التي تتكلم عن نفسها في محكي سردي سير ذاتي يبدأ بهذه الصيغة/ الجملة: «ولدتني أمي عام 1948 م»، بينما بدأ محكي مالك بضمير الغائب، هكذا: «كان مالك ممددا على سريره الطبي كلوح خشبي. الجانب الأيسر من جسده هزيل، ساكن، لا حياة فيه». يعد هذا التمييز ملمحا من ملامح الكتابة النسوية، التي اعتادت أن تضع الرجل في مواقف مخجلة وساخرة، وأن تعلي من قدر المرأة المُحِبَّةِ الصبور المتفانية المنتجة لكن المهضومة الحقوق.
ومما يوثق لوقوع مالك تحت سيطرة المال، المجتزأ الآتي الذي يتمم المجتزأ السبق عليه: «أصبح أخوه زكي وأخته عزة يدوران في خلده كثيرا. يتذكر كيف طالباه بعد وفاة والدهم، بحقهما. أصرا على أن يعطيهما حصتهما حسب الشرع. قال له زكي:» أنت تعلم أن أبانا كتب كل شيء باسمك، لتحافظ على أملاكه، لا لكي تنهبها، وتنكر حقنا فيها». أقسم مالك لأخيه بأنه أعطاه حقه بالكامل. أخبره أن الأموال التي صرفها على تعليمه في بريطانيا سحبت جزءا كبيرا من نصيبه. أن تكاليف حفل زفافه وتأثيث بيت الزوجية، كان كل ما بقي من ميراثه. أنه يحتفظ بكافة الفواتير التي تثبت صحة كلامه، إن رغب في مراجعتها. نفح أخته مبلغا من المال. أخبرها هي الأخرى بأن هذا ما بقي لها عنده. أن المبالغ التي كان يبعثها لها شهريا طوال السنوات الماضية، غطى إرثها في مال أبيها».
هكذا حب المال سيقود الأسرة نحو التشتت، وقطع صلة الرحم التي ستكون بداية ترميم سراج لذاته وتصحيح مسار حياته الفاشلة، بأن يعيد الحقوق إلى أصحابها. قال لعمه زكي على الهاتف: «دون مقدمات هناك أمانة تركها جدي بيد أبي. أريد أن أعيدها إلى أصحابها».
الموقف الثاني: استحواذ مالك على ميراث عواطف وممتلكاتها عندما أحس بدنو أجلها، في الوقت الذي يهتم فيه المحب بمآل المحبوب. من خلال الوضعيتين المتناقضتين أخلاقيا؛ معاناة عواطف مع مرض السرطان واستيلاء مالك على ممتلكاتها ومالها ومجوهراتها ونقل ممتلكاتها إليه، تجلى معنى «الشيطان» في المتن الروائي، وتجلى كذلك قصد الكاتبة. إن الشيطان ليس بالضرورة كائنا معينا، بل هو كل من وقع تحت سطوة المال وسلطة الشهوات، الشيطان هو كل إنسان لا يحس بإنسانية غيره من الناس، ومن لا يرعى حقوق الآخرين، ويتحول إلى آلة ساحقة ماحقة لا تحيا إلا على الاستبداد واستنزاف من هم أقل حيلة ومن هم أضعف اجتماعيا.
لذلك سيكون الموقف الثالث نموذجا عن محكيات قصيرة يستذكرها مالك وهو على سريره الطبي وسجين جسده الذي خانه ورفض الاستجابة لأوامره، وربما تنظر الكاتبة إلى المرض، «الجلطة الدماغية»، عقابا علويا للكائن الشيطاني الذي خان الوصية وخان وفاء وحب زوجته وانتهك حقوق أخريات استمالهن أو وعدهن بالزواج.
الموقف الثالث: تبرزه أربع محكيات قصيرة، متصلة بهوسه الجنسي من جهة، ومن جهة ثانية بموقفه من المرأة التي يعُدُّها متاعا ووعاء بدون مشاعر إنسانية، وهي الصفة التي اشتهر بها بين أصدقائه: «أطلق عليه أصدقاؤه لقب «الدون جوان» لكثرة علاقاته النسائية. كان يعرف من أين تؤكل الكتف كما يقولون. له شخصية ساحرة. يملك لسانا معسولا. يٌوقع أي فتاة في حبائله بفترة وجيزة. يدعوها لأفخم المطاعم، يقدم لها بين آونة وأخرى هدية ثمينة تدير رأسها، ويوهمها بأن كل تجاربه السابقة لم تكن للتسلية، بل بحثا عن شريكة لحياته. عندما يتأكد أنها ابتلعت الطعم، يدعوها إلى بيته. تنفرط مقاومتها. تهبه نفسها في لحظة شهوة جامحة. يتذوق عسلها. تتلاشى لهفته نحوها فور وصوله إليها». وتلك المحكيات القصيرة، هي على التوالي: الفتاة الإيرانية، «كارول» البيروتية، «رولا» اللبنانية، السكرتيرة المصرية.
يعد محكي مالك، محكي استذكار يتأسى به وهو مسجى على سرير المرض، يسترجع لحظات ماضيه، والذي يتلخص في مغامراته الجنسية، وتسلطه وحبه المال حبا جما، لأنه السبيل لتحقيق نزواته وإشباع عطشه، وكأن سيرة مالك سيرة تافهة ومختزلة في لحظات إفراغ نزوة أو الشعور ببعض السطوة والاستبداد والقهر لمن هم أقرب إليه (زكي وعزة أخويه) ولمن هن مغلوبات على أمرهن والمنخدعات بمعسول لسانه ووعوده (النساء اللائي تذكرهن). ويعد محكي مالك مركبا ليس بنيويا، ولكنه مركب من حيث تعدد المحكيات السردية القصيرة التي تم بها تأثيث الفضاء. وإضافة إلى محكيات نسائه، هناك محكيات قصيرة أخرى من ذات الصنف؛ حياة المغربية، وتاليا الهولندية اليهودية، وهناء زوجته الأولى وأم صديقه الحميم هشام، وقد دام الزواج مدة شهر العسل، ومحكي الأختين العراقيتين اللتين سرى بإحداهما على ابنه سراج في القاهرة.
وهكذا ترسم الرواية الخطوط البارزة لشخصية من عالمنا المادي المعاصر الذي لا يؤمن بالقيم وبالحقوق الإنسانية، بل يستسلم لسلطة المال، عصب الحياة كما يقال. فالمال سلطة قاهرة للمستضعفين، جالبة للمتع الجنسية واللحظية التي لا تنتهي ولا تشبع إلا مع المرض حيث تسجن الرغبات والطموحات داخل الجسد المشلول، ثم ينهيها الموت. إنسان لا يعرف الحب، ولم يجربه: «هل أحبها في ذلك الوقت؟ هو نفسه لم يكن يعرف! أحاسيس الحب كانت مبهمة عنده. لم يمش من قبل في دهاليزه. لم يجرب طعم لوعة الوجد ولا ألم الفراق!».

زينب حفني: «الشيطان يحب أحيانا»
منشورات نوفل، بيروت 2017
193 صفحة.

سيرة رجل نهب الأهواء
الروائية السعودية زينب حفني في «الشيطان يحب أحياناً»:
محمد معتصم

أمل كعوش: حفظ ذاكرة الأجيال ضرورة ولا حاضر من دون ماضٍ

Posted: 24 Feb 2018 02:07 PM PST

بيروت ـ «القدس العربي»: لأمل كعوش مواهب فنية جمة لم تجد بعد سبيلا لتنطلق بما تستحقه. صوتها نقي، واسع ودافئ، يصل من دون ادعاء وجهود. حضورها على المسرح محبب ولطيف، ميزته التواصل والتفاعل مع الجمهور.
تنتمي إلى بلدة ميرون في الجليل الفلسطيني، ولدت وعاشت في مخيم عين الحلوة، ومنه انطلق مشوارها في الغناء. تخصصت في علم الأحياء، وامتهنت التعليم في مدارس الاونروا لخمس سنوات، وتركته للعمل في مجال الفنون. أمل كعوش تكتب الكلمات المشاكسة، تلحنها فطريا وتغنيها. في تلك الأغنيات هي بنت جيلها، وتنتمي عاطفياً ومن دون قرار منها إلى مدرسة زياد الرحباني في التعبير، إنما بحدود. ولها موهبة جلية في رسم الكاريكاتير، وغيره من الرسوم. بعد حفلها الأول «عطر وحنة» الناجح في مترو المدينة الأسبوع الماضي كان معها هذا الحوار:
○ غبت طويلاً وعدت بـ»عطر وحنة» حفل أفرح الحضور، ماذا عن انطباعك الخاص؟
• قبل سنة وشهرين كان آخر حفل لي في لبنان، رافقني عزفاً على العود الفنان السوري وسام العلي. قدمت التراث الفلسطيني كجزء من العرض. قبلها وفي تموز/يوليو وأب/اغسطس على التوالي من العام الماضي كنت في ايطاليا والدنمارك. في حفل مترو المدينة كانت المرة الأولى التي أغني فيها مع موسيقيين رائعين. الموسيقيون المحترفون والذين يملكون احساساً عالياً جميلاً، ينعكس حضورهم ثقة كبيرة لدى المغني، ويشعر بسند قوي. فرحت بهذا الحفل المشغول ضمن توليفة متكاملة. الموسيقيون كانوا فرحين كذلك، ومن المؤكد ان الحالة انعكست على الحضور. وأنا دائما محظوظة بموسيقيين رائعين.
○ يبدو أن العازفين آمنوا بما غنيته ولم يكن حضورهم حرفيا وتقنيا وحسب؟
• لأن العرض يقدم هوية ثقافية عربية قبل أن تكون فلسطينية، من المهم جداً أن يضع الموسيقي قلبه فيه، وليس فقط أن يؤدي دوراً. في الواقع اشتغل بيني وبين الموسيقيين الأربعة تناغم شخصي. جميعنا ينتمي إلى بلاد الشام من لبنان، سوريا وفلسطين. في واحدة من التمارين قال لي عازف التشللو من سوريا راغد نفّاع بتشابه كبير بين التراث الفلسطيني وتراث الشام. قد يختلف في العادات والتقاليد بين منطقة وأخرى، إنما التراث من حيث اللحن والكلام والحكايات، سيكون متشابهاً إن لم يكن نفسه. يمكن في حفل مماثل في بيروت التعاون مع عازفين أجانب ماهرين، لكن العزف سيختلف عن آخرين يعرفون هذه الحضارة وتعني لهم الكثير. فهذا التراث لم نتعارف عليه مؤخراً، بل هو جزء مغروس في ذاكرتنا، وموجود في الجينات.
○ كم يعنيك استمرار نقل هذا التراث الفلسطيني؟ وهل تشعرين بواجب ودور؟
• طبيعي جداً أن أكون معنية. نشأت في عائلة عززت انتمائي لوطني فلسطين. لست أعني هنا فقط والديّ بل أجدادي أيضاً. كبرت مع فلسطين، وكلما زاد تعمقي بقضية شعبي ووطني زاد اهتمامي بالتراث. كل من له قدرة إغناء وحفظ الذاكرة الفلسطينية عليه ان لا يتأخر. الغناء جزء من تراث الشعب الفلسطيني، إلى جانب أشكال أخرى من الثقافة الفلسطينية التي يجب أن تبقى في ذاكرة الأجيال. نستمر من خلال هذا الدور فلا حاضر دون ماضي.
○ كفنانة مستقلة كيف تعدين لحفلاتك؟
• ليس سهلاً إيجاد منتج لمن يقدم فناً غير تجاري. بل هناك مؤسسات ثقافية عربية مانحة، تدعم الفنانين الشباب وتساعدهم في التعبير عن همومهم الحقيقية. ومن هذه المؤسسات آفاق، ومفردات، ومؤسسة عبد المحسن القطان، والتعاون، والمورد الثقافي. تلك المؤسسات تلتزم بدعم الفنانين الذين يعرفون بـ»أندرغراوند آرتيست». لتنظيم حفلاتي في بيروت أتواصل مع المكان المقرر العرض فيه. قدمت «عطر وحنة» بدعوة من مترو المدينة لحضوري كمغنية في هذه المساحة الثقافية الخاصة بالشباب. هم من نظموا هذا العرض وأنتجوه. وهم من اختاروا الموسيقيين الرائعين طوني جدعون كمان، وفرح قدور بزق، وبهاء ضو إيقاع، وراغد نفاع تشللو. وكذلك اشترك في الإنتاج ابراهيم عبد الرازق من استوديو ذاكرة، في عين الحلوة الذي وثق العرض بالصورة. يبقى محتوى العرض من جهودي، من حيث البحث والأغنيات، اقترحت عدة عناوين وتمّ اختيار «عطر وحنة».
○ ما الذي يشدك إلى الغناء؟
• أغني لأنني أحب الغناء. لست في وارد عرض صوتي بل لأنني أحب القصة التي في الأغنية. يمتعني العرض الذي يتضح فيه مشاركة الجمهور بالغناء والتصفيق، سيما في أغنيات العرس الفلسطيني. أحب غناء التراث لأن كافة حكاياته نابعة من حياة الشعب الفلسطيني في مراحل تاريخية ومناسبات مختلفة. الكلام أول ما يجذبني في الأغنية. وفي غنائي للمعاصر أبحث عن الكلام الذي يخاطب أكبر شريحة من الناس. الكلام غير النخبوي المتفلسف، وليس بالضرورة أن يكون شعبوياً. الأهم في كلام الأغنية هو الصدق لأنه سيصل للناس بسرعة وبسهولة.
○ »ياما مويلا الهوا» تلازم كل حفل غناء للتراث الفلسطيني. هل من سيرة خاصة لهذه الأغنية؟
• كما سبق الذكر هي من التراث الفلسطيني، وحسب بعض المصادر أنها أغنية عاطفية أضيفت لها مع الوقت كلمات وطنية. هناك تسجيل موجود بصوت ناي البرغوتي يقول «يا ريت جسمي جسر وأعبرك عنو وعيش أنا وياك عيشة فلسطينية». ومصادر أخرى تقول من محتوى الأغنية «ضرب الخناجر ولا ظلم الولف ليا»، ومن ثم صارت «حكم النذل بيا». يمكن أن يطرأ تعديل على الأغنيات العاطفية لتلائم الواقع المعاش، كما جفرا ويا هالربع بين البساتيني، التي أصبحت جفرا ويا هالربع ربع الجهادية، وذلك بعد الاحتلال الصهيوني. كذلك حال أغنية يا ظريفة تطول، الموجودة في أكثر من بلد عربي بما فيها الجزائر، وهي تغنّى حسب المناسبات. في حفل «عطر وحنة» أديت «ياما مويل الهوا» كما نسخة فرقة العاشقين وهي الأكثر شهرة.
○ لنعود إلى ريبرتوار «عطر وحنة»، كيف وصلت إلى أغنيات جديدة لم نسمعها من قبل؟
• أبحث في تاريخ التراث الغنائي من خلال الكتب. كذلك التاريخ الشفهي الموثق عبر الفيديو أو الصوت. ومن خلال أصدقاء لي في فلسطين، ومنهم من يبحث في تاريخ التراث. ومنهم من له قدرة الوصول إلى وثائق تاريخية مهمة، كما الصديق آدم عنبوسي. وقبل سنتين بدأت التواصل مع نائلة عزام لبس من الناصرة، هي باحثة في التراث الفلسطيني المُغنى، ولها اصدارات كثيرة في الأغنية الفلسطينية وعلى وجه الخصوص الأغنية النسائية، ولديها اصدار للأطفال جاء في سياق مشابه للتراث الفلسطيني. كما اطلعت على كتابات للباحثة فتحية الخطيب. من هنا وصلت إلى «حنة ولك يا جالب الحنة.. وريحة ولك يا جالب الريحة.. وزيتك يا جالب الزيتي». هذه ليست أغنية واحدة أتينا بها إلى العرض، بل وصلنا إليها عبر البحث وتمّ تجميعها كما الثوب الذي نجمع أجزاءه لنخيطه. هي نتاج كافة الأبحاث التي سبق ذكرها.
○ أغنية المرج «قطعن النصراويات» تفيد أن الغناء له هدف في نضال الشعب وتذكر الأرض التي باعها الإقطاعي للحركة الصهيونية؟
• تروي هذه الأغنية تشرد أهل مرج بن عامر في أكبر صفقة بيع أرض حصلت عليها الحركة الصهيونية في النكبة. ويقال ان اقطاعيا من أل سرسق هو البائع. وهذه الأغنية معروفة «عن النصراويات» منذ وقت سابق. الجديد الذي عرفته من السيدة لبس غناء له صلة بالمناسبات الاجتماعية، كما الخطوبة والزواج. أما مرج بن عامر فيمتد بين الجليل ونابلس.
○ وماذا عن أغنية الافتتاح بدت كتراث حزين؟
• »لا تحسبوني غلقت الباب ونسيت… أنا غلقتوا وعقلي عندكو خليت» والتي أحب تسميتها «فراقو» شكلت بداية التواصل مع نائلة عزام لبس. كان بحوزتي كتابها الذي يحمل عنوان «الأغنية الفولكلورية النسائية لمناسبة الخطبة والزواج»، وجدت هذا النص في باب «الصلح والغربة». طبعاً استغربت الصلح والغربة في كتاب خاص بطقوس الزواج. وكان المقصود ترك العروس لبيت أهلها وتغربها إلى مدينة أو قرية أخرى. وجدته كلاماً يمس شغاف القلب ورغبت بتدخل لحني خاص مني. وهذا ما كان. فيما بقية الغناء في الحفل كان تراثاً كلاماً ولحناً.
○ »وضع طارئ» و»يا دنيا» أغنيتان لك كلاماً ولحناً؟
• نعم وعمرهما حوالي 11 سنة. ولي الكثير من الأغنيات التي كتبتها ولحنتها ستظهر للنور مع مشروعي المقبل. ألحن سماعياً فقط.
• في كلام أغنياتك الخاصة بعض من مشاكسة؟
• هو تهكم وسخرية من الواقع، ويكمل جزئي الثاني في رسم الكاريكاتير الذي هو فن السخرية. ربما هو جزء من طبيعتي ورغبتي في التعبير عن الواقع. عندما نضحك من واقعنا نتعايش معه أكثر، خاصة في حالات الظلم والاحتلال. قد أكون تعلمت ذلك من ناجي العلي، استاذي الذي لم ألتقيه يوماً. كتب ناجي العلي أغنيات على رسوماته وواحدة منها غناها الفنان السوري سميح شقير «لو رحل صوتي ما بترحل حناجركم».
○ صوتك يستحق وكذلك مشروعك، كيف تفكرين بالتطور والانتشار؟
• بصراحة «عطر وحنة» خطوة بداية للتفرغ لمشروعي الموسيقي الحقيقي. أعجبتني نصوص لأصدقاء شعراء. عملت على تلحينها ولم تظهر للعلن. تعاونت مع الفنان أحمد قعبور في أغنيات للأطفال وغيرها. ومع فنانين من الدنمارك، حيث تكررت زياراتي إليهم، وعرّبت أغنيات دنماركية مكتوبة بالانكليزية.
○ أين تنشرين رسوم الكاريكاتير؟
• سابقاً نشرت في صفحة شباب في جريدة «السفير»، المرة الأولى كانت سنة 2005، وأنشر في مدونة «ميرون» منذ سنة 2004. ميرون هو اسم بلدتنا في فلسطين، وهي الفتاة ذات الجديلتين الطويلتين التي أرسمها، والتي تربط القمر بخيط وتلعب معه. رسوماتي تظهر في مشاريع لمؤسسات لديها كتب للأطفال، أو مع جمعيات تطلب رسوما كاريكاتيرية داخل كاتالوغات. مؤخراً رسمت دفتر تلوين لقسم الأطفال في مستشفى الجامعة الأمريكية. كما وأنشر رسومي على انستاغرام وفيسبوك، وهما مساحة تعبير متيسرة.

أمل كعوش: حفظ ذاكرة الأجيال ضرورة ولا حاضر من دون ماضٍ
صاحبة مدونة «ميرون» والمسكونة بتراث فلسطين الغنائي
زهرة مرعي

استقبال حافل للمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في مصر وتكريمها في افتتاح مهرجان «أسوان لأفلام المرأة»

Posted: 24 Feb 2018 02:07 PM PST

القاهرة ـ «القدس العربي»: بحضور وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم، والفنانين أحمد حلمي ومحمود حميدة، وكندة علوش، وريم البارودي، وحسن يوسف وإيمان العاصي، وعبير صبري، ومحمود قابيل وأحمد وفيق، انطلقت مساء الثلاثاء 20 شباط/فبراير الحالي في مصر فعاليات الدورة الثانية لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، والتي ستستمر حتى السادس والعشرين من الشهر نفسه، وتحمل اسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، التي قوبلت بحفاوة وترحيب شعبي ورسمي كبيرين عند وصولها إلى مطار أسوان، حيث كان في استقبالها جمع غفير من مواطني أسوان ومحمد عبد الخالق رئيس المهرجان وخرجت من المطار على أنغام فرقة أسوان للفنون الشعبية.
وتأخر حفل الافتتاح عن موعده أكثر من ساعتين رغم وصول وزيرة الثقافة وذلك بسبب تأخر نجوم الفن مما أثار الاستياء بين الحضور.
الحفل قدمته المذيعة أنجي علي في دار سينما هيلنان من إخراج هشام عطوة، وديكور مدحت عزيز.
وبدأت مراسم الاحتفال خارج قاعة السينما بتقديم فرق الفنون الشعبية في أسوان عددا من اللوحات الاستعراضية، بالإضافة إلى وجود «ريد كاربت» يمر من فوقه النجوم، والمكرمات.
وخلال كلمتها، رحبت وزيرة الثقافة بالمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد وحرصت على تحيتها باللغة الفرنسية، وقالت ان هذه الدورة من المهرجان تتزامن مع اختتام عام المرأة الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي لتمكين المرأة المصرية، ووصفت المهرجان بنقطة نور في أقصى جنوب مصر تنشر الثقافة السينمائية في محافظة أسوان وتسعى لمناقشة قضايا المرأة بشكل جاد، مؤكدة ان المرأة منذ فجر السينما المصرية تكتب تاريخا مجيدا من الإبداع الراقي بداية من جيل المخرجات الرائدات بهيجة حافظ وعزيزة أمير وصولا إلى جيل كاملة أبو ذكري وهالة خليل ومن بعدهن جيل آيتن أمين ومريم أبو عوف. وأشارت إلى ان هذه الدورة تكتسب أهمية كبرى لحملها اسم المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد التي تعتبر رمزا نسائيا عالميا في مقاومة الاستعمار وكانت السينما المصرية سباقة في تقديم فيلم عن مشوار كفاحها بتوقيع المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين. وأضافت ان مهرجانات السينما تلعب دورا مهما في نشر الثقافة السينمائية ويحسب لمهرجان أسوان هذا العام الخروج بعروض الأفلام من قاعات السينما التقليدية إلى قاعات بعض الجمعــيات الأهلية في قرى أسوان في خطـــوة جادة لنشر فنون السينما، إلى جانب تنظيم عروض سينمائية في مدينة شـــلاتين أحدى بقاع مصر بالإضافة إلى مناقـــشة قضـــية العنف ضد المرأة بمشاركة متميزة من نساء أسوان والمـــجلس القومي للمرأة من خلال منتدى «نون» المصاحب، واختتمت كلمتها بالتأكيد على ان وزارة الثــقــافة بكافة قطاعاتها تسعى لدعم المهرجانات الجادة التي تبرز صورة مصر كمنارة للفن والإبداع.
ثم صعدت جميلة بوحيرد إلى خشبة المسرح وسط تصفيق الجماهير التي ظلت واقفة احتراماً لتاريخها ونضالها ووجهت التحية للشعب المصري وقالت كلمة باللغة الفرنسية عظمت فيها دور المرأة في الوطن العربي، كما أعلنت عن سعادتها بالتكريم من خلال إطلاق اسمها على هذه الدورة وقالت، ان هناك العديد من النساء يناضلن في أوطانهن وأشادت بالحفاوة التي قابلتها في مصر واختتمت حديثها بعبارة «تحيا مصر وتحيا الجزائر».
وحرص الفنان محمود حميدة على إلقاء أبيات شعرية في جميلة بوحيرد ترحيباً بها قائلاً: لم أكن أتخيل أنني سأقابل هذه السيدة العظيمة التي أصبحت رمزا لنضال المرأة في الوطن العربي.
كما أعلن السيناريست محمد عبد الخالق سعادته لجذب نجوم الشاشة الفضية إلى أسوان للمشاركة في المهرجان ونجاح هذه الدورة في استضافة جميلة بوحيرد، وقال انه فخور بإطلاق فعاليات الدورة الثانية باسم المناضلة جميلة بوحيرد التي تسلمت الدرعين التذكاريين للمهرجان ومحافظة أسوان.
بعدها تم تكريم الفنانة منى زكي تقديراً لدورها في تجسيد قضايا المرأة في أعمالها السينمائية بإهدائها درع المهرجان ودمعت عيناها تعبيراً عن سعادتها بالتكريم.
وعرض في ختام الحفل الفيلم الألماني النمساوي المشترك «البحث عن أم كلثوم» من إخراج الأمريكية من أصل إيراني شيرين نيشات، وبطولة ياسمين رئيس ونيدا رحمنيان، وذلك بحضور المطربة مروة ناجي، التي قدمت أغاني أم كلثوم داخل الفيلم.

استقبال حافل للمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في مصر وتكريمها في افتتاح مهرجان «أسوان لأفلام المرأة»

فايزة هنداوي

«عدو النجوم» مورينيو لا يجد سوى الصدام مع بوغبا

Posted: 24 Feb 2018 02:07 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: انضم الشاب الفرنسي بول بوغبا، لقائمة المُهددين بالطرد من جنة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، بعد توتر العلاقة بينهما على «الصعيد المهني»، منذ قدوم صاحب القميص رقم (7) الجديد أليكسيس سانشيز من آرسنال، في الصفقة التبادلية التي انتقل بموجبها صانع الألعاب الآرميني هنريخ مخيتاريان إلى أصحاب الجزء الأحمر من شمال لندن، رغم أن أغلب أنصار النادي والنقاد الرياضيين، توقعوا حدوث العكس تماما، على الأقل كان من المُفترض أن يجد أغلى لاعب في العالم سابقا، حرية أكثر في الثلث الأخير من الملعب، في ظل وجود لاعب بجودة وحجم هداف تشيلي التاريخي، قادر على خلخلة أي دفاع وفتح مساحات للاعب الوسط الحر القادم من الخلف إلى الأمام بدون مراقبة.

بداية الصدام

من شاهد بوغبا مع يوفنتوس سواء تحت قيادة أنطونيو كونتي أو مع ماسيميليانو أليغري، ما زال يتذكر لمحاته الإبداعية والدور الكبير الذي كان يُقدمه، خصوصا في الشق الهجومي، بتواجده في الأماكن الصحيحة، وحُسن تصرفه بالكرة، في مكانه المُفضل كصانع ألعاب وهمي يأتي من الجهة اليسرى عندما تتحول طريقة 3-4-3 إلى 4-1-4-1 ونفس التحول يحدث في طريقة 4-3-3، لكن من سوء طالعه أنه اصطدم منذ البداية بإستراتيجية «سبيشال وان»، وفلسفته باعتماده على طريقة 4-2-3-1 في جُل المباريات، هذا في حد ذاته، أعاق توهج بوغبا بألوان ناديه السابق من الناحية «الفنية»، بخلاف الضغوط النفسية التي تعرض لها، لحاجته لإظهار كل ما لديه في أسرع وقت، ليُثبت أنه يستحق المبلغ المدفوع فيه!
ورغم أن شريحة لا يُستهان بها من الجماهير صنفت موسم بوغبا الأول مع اليونايتد على أنه «جيد»، لكن في حقيقة الأمر هو لم يكن كذلك، بدليل أنه حتى بعد الهالة الإعلامية الضخمة، اكتفى بتسجيل خمسة أهداف، في دوري كالبريميرليغ، من المفترض أن جُل فرقه تلعب بطرق هجومية، وبلغة الكرة «دوري مليء بالمساحات الشاغرة»، عكس الكالتشيو المعروف بأساليبه الدفاعية البحتة، ولنا في صلاح خير مثال. صحيح الدوري الإيطالي هو من أعاد الفرعون إلى الحياة مع فيورنتينا وروما، لكن مع ليفربول أصبح صلاح حديث العالم أليس كذلك؟ أما بوغبا… فالواقع يقول أن أوضاعه تسير من سيئ إلى أسوأ تحت قيادة مورينيو.
كان طبيعيا أن تُبادر وسائل الإعلام البريطانية بالتكهن حول الضحية المُنتظرة لصفقة أليكسيس سانشيز، والأغلبية اتفقت أن خوان ماتا سيكون الأقرب، لدرجة أن اسمه اقترن بالعودة إلى ناديه السابق فالنسيا في آخر ساعات الميركاتو، لكن مع الوقت تبين أن أكبر الضحايا حتى الآن هو بوغبا، فهو لم يختف بريقه (قبل مواجهة إشبيلية)، بتراجع مستواه، الذي تسبب في استبداله مرتين في الأسابيع الأخيرة أمام نيوكاسل وتوتنهام وجلوسه على الدكة بعد ذلك، بل وصلت الأزمة لأبعد من ذلك، بعشرات التقارير التي تُراهن على رحيله من «مسرح الأحلام» قبل أو بعد كأس العالم، استنادا للتصريحات المنسوبة إليه، بخصوص ندمه على خطوة العودة إلى بيته القديم، ويُقال أيضا أنه يدفع ثمنها بجلوسه على المقاعد، أما مورينيو، فاعترف على الملأ أن عدم ظهور بوغبا بشكل جيد، هو سبب جلوسه على مقاعد البدلاء.
كلمات «المو»، أوقدت شرارة الهجوم عليه شخصيا قبل اللاعب، لاتهامه بعدم استغلال موهبة متفجرة كبوغبا، بإيجاد طريقة أو أسلوب «يستوعب» الأخير وسانشيز معا، وبالنظر إلى الطريقة المُفضلة لمورينيو في الوقت الراهن وهي 4-2-3-1، بالاعتماد على بوغبا كلاعب وسط دفاعي محوري، سنفهم سبب معاناته، لأنه تأسس على اللعب بأريحية بدون التقيد بالركض في أمتار مُعينة، وكأنه «قطعة شطرنج» في يد المدرب، والآن وفي وجود وفرة غير مسبوقة في مركز المهاجم السريع مثل ماركوس راشفورد وأنطوني مارسيال والمتألق في الآونة الأخيرة جيسي لينغارد وقبلهم أليكسيس سانشيز وشريكه الأساسي روميلو لوكاكو، سيكون من الصعب جدا أن يُعيد مورينيو أفكاره لإرضاء بوغبا على حساب الفريق.

ما حل بوغبا؟

حتى تتفجر موهبة الدولي الفرنسي مع اليونايتد قبل فوات الآون، يتعين على مورينيو أن يُعدل أسلوبه لـ4-3-3، بوضع بوغبا كلاعب وسط حر، يقوم بنفس الدور الذي يلعبه إريكسن مع توتنهام أو باولينيو مع برشلونة، وقبلهما كان فرانك لامبارد وتشافي، لكن هذا سيأتي على حساب اثنين من الثلاثي راشفورد ومارسيال ولينغارد، لأن ثنائي الوسط الآخر يجب أن يكون من أصحاب النزعة الدفاعية، وأفضل شريك قادر على القيام بالمهمة جنبا إلى جنب مع ماتيتش هو الإسباني أندير هيريرا، الذي فقد مكانه هو الآخر، بعدما كان من أهم الأعمدة الأساسية طوال الموسم الماضي، بل كان يحسده الجميع داخل النادي على علاقته المتميز جدا بمدربه البرتغالي، إلا أن خان العهد، وقام بدعوة أحد رفاقه لمشاهدة تدريبات الفريق من أرض الملعب، منذ تلك اللحظة لم تعد العلاقة بينهما كما كانت في السابق، إلا إذا قرر المدرب التضحية باثنين من ثلاثي الهجوم الشباب، لعمل توازن في الوسط من جانب، ولإعطاء بوغبا الحرية التي يبحث عنها في الثلث الأخير من الملعب، كي يُظهر قدراته الخاصة في المراوغة والتسديد أمام منطقة الجزاء من جانب آخر.
ويبدو منطقيا أن مورينيو لن يُجازف باللعب ببوغبا وهيريرا بجانب ماتيتش، على حساب اثنين من ثلاثي الهجوم الشاب، وبقاء الوضع كما هو عليه لفترة أطول، سيفتح المجال أكثر نحو نهاية مستقبل واحد من الاثنين، إما مورينيو أو بوغبا في فصل الصيف المقبل، فالأخير لن يَقبل لعب دور لاعب المحور المدافع الثاني لفترة طويلة، فما بالك لو تكرر سيناريو استبداله وإجلاسه على مقاعد البدلاء! في الغالب ستصدق التوقعات التي تربط مستقبله بريال مدريد. الاحتمال الثاني أن يفشل مورينيو في تحقيق الأهداف التي دفعت الإدارة للتجديد معه لعامين إضافيين بخلاف عامه المتبقي.

مورينيو عدو النجوم؟

هذا الانطباع أُخذ عن مورينيو منذ بدايته في عالم التدريب، عندما تحدى البرتغال بأكملها، وأصر على إجلاس الحارس الشهير فيتور بايا على مقاعد البدلاء، في ثاني مواسمه مع بورتو، بقرار تأديبي، حتى في ولايته الأولى مع تشلسي، دخل في صدام عنيف مع المدافع الفرنسي ويليان غالاس، انتهى بانتقال اللاعب إلى آرسنال عام 2006، ومع الإنتر لم يسلم منه ماريو بالوتيلي، ومؤخرا بدأ يُلاحقه وصف «عدو كرة القدم»، بسبب أسلوب «الحافلة»، الذي يلعب به أمام الفرق الكبيرة على ملعبها، وأيضا لتساهله في بيع النجوم، كما فعل مع صلاح ودي بروين وقائمة عريضة تضم أسماء من نوعية ليوناردو بونوتشي (مــع الإنتر)، ولوكــاكو ومـــاتا وفيليـبي لويس وبيتر تشيك وخــوان كوادرادو (في ولايته الثانية مع البلوز).
الشاهد أن بوادر الصدام بين مورينيو وبوغبا ليست الأولى من نوعها، فبجانب الأمثلة الأخيرة، دعونا لا ننسى أبدا أن «سبيشال وان» كان السبب الرئيس في رحيل أسطورة حراسة ريال مدريد إيكر كاسياس، ولو امتدت ولايته أكثر من النادي الملكي، لكان ابن جلدته بيبي أول المغادرين في صيف 2013، بعدما أعلن انحيازه للقديس كاسياس في منتصف الموسم، ومعه الرأس الكبير رونالدو، الذي دخل في مشادة كلامية مع مورينيو أمام الشاشات، بعدما أهدر فرصتين أمام فالنسيا في موسم «المو» الأخير، وتأكد العداء بعد رحيل المدرب الذي قال: «لم يكن رونالدو يتقبل النصائح الخططية، كنت أحدثه فلا يستمع… هناك من يظنون أنفسهم أكبر من التعلم والتطور كلاعبين… دربت لاعبين عظماء في سن صغيرة مثل ريفالدو وفيغو وغوارديولا ورونالدو، وأعني هنا رونالدو الحقيقي».
ومن ينسى ما فعله في أسابيعه الأخيرة في ولايته الثانية مع تشلسي؟ هذه المرة كانت الضحية الطبيبة الإنسانة إيفا كارنيرو، التي أُهينت أمام الملايين، فقط لأنها قامت بعملها لإسعاف إيدين هازارد من إصابته، والفريق منقوص لاعبا، وهو ما برره المدرب على أنه «جهل» من الطبيبة، لأنها أجبرت تشلسي على لعب أكثر من دقيقة بتسعة لاعبين أمام سوانزي! لكن بعد فترة قليلة، أُقيل من منصبه ولم يكن مضى على تتويجه بلقب البريميرليغ أكثر من ستة شهور، وهذا بطبيعة الحال بعد سلسلة من الصدمات العنيفة مع النجوم، الذين اتهمهم بـ»الخيانة» أثناء عودته من رحلة ليستر الأخيرة، وهو في انتظار الإقالة بعد الهزيمة أمام كتيبة كلاوديو رانييري، والمفارقة أنه باستثناء فترة عمله في إيطاليا مع الإنتر، كانت دائما مشاكله تتفجر مع بداية موسمه الثالث مع فرقه السابقة، لكن الشيء المُلاحظ أنها بدأت مُبكرا مع اليونايتد، فعلى مدار موسم ونصف الموسم اصطدم بلوك شو وفل جونز وكريس سمولينغ وتسبب في رحيل مخيتاريان، وفي نهاية الموسم الماضي لم يُشرك دي خيا في نهائي الدوري الأوروبي، والسؤال الآن: هل سيجد مورينيو ضالة بوغبا داخل تشكيلة اليونايتد الأساسية؟ أم سينجح بإستراتيجيته ويُجبر اللاعب إما على البقاء لخدمة الفريق أو البحث عن مجده الشخصي في مكان آخر؟

«عدو النجوم» مورينيو لا يجد سوى الصدام مع بوغبا
احدهما سيكون خاسرا في نهاية الموسم
عادل منصور

كوتينيو وسانشيز «سوبر ستارز» بتأثير سلبي على البارسا ويونايتد!

Posted: 24 Feb 2018 02:06 PM PST

ربما أكبر صفقتين خلال الانتقالات الشتوية الاخيرة، من حيث القيمة المادية والمهارية، كانتا من نصيب برشلونة ومانشستر يونايتد، بضمهما النجمين البرازيلي فيليب كوتينيو من ليفربول والتشيلي أليكسيس سانشيز من أرسنال على الترتيب، ورغم ابتهاج أنصار الناديين بصفقتين من العيار الثقيل، الا أن تأثير النجمين السلبي على فريقيهما كان أكثر من الايجابيات حتى الآن.
قد يكون من المبكر جداً الحديث عن نجاح او فشل الصفقتين، لكن البوادر الأولية تظهر مدى التأثير الايجابي المحدود للنجمين مع فريقيهما الجديدين، فكوتينيو الذي انتقل في صفقة قياسية في تاريخ النادي الكتالوني، بدأ مسيرته مع الفريق مصابا، قبل ان يأخذ فرصته تدريجيا، في ظل وجود قناعة تامة عند جميع المعنيين في برشلونة، انه سيكونه خليفة الاسطورة اندرياس انيستا، وهنا، لا شعوريا، صنع مشكلة للنجم الاسباني، الذي أصابه الامتعاض من ترحيب أبرز نجوم البارسا، مثل ليونيل ميسي ولويس سواريز بقدوم كوتينيو، بل الدفع لضمه قبل انجاز الصفقة، لكن المباريات القليلة التي لعبها النجم البرازيلي الجديد، لم تلهب حماس المدرجات في «كامب نو»، حتى أن المدرب ارنستو فالفيردي فضل بقاءه احتياطيا في المباراة الاخيرة في الدوري امام ايبار، واشراك أنيستا أساسيا، في المباراة التي سبقت مواجهة تشلسي في دوري أبطال أوروبا، رغم التناقض مع الفكرة التي سوقت قبيل ضم كوتينيو، على اعتبار انه سيأتي ليريح انيستا قبل المباريات الاوروبية، كونه لا تحق له المشاركة في دوري الابطال لانه لعب مع فريقه السابق ليفربول، ليتأكد وجود مشكلة فنية وتكتيكية عند اللاعب اصطدمت مع رؤية المدرب فالفيردي، الذي كان صريحا عندما سئل عن سبب عدم اشراك كوتينيو اساسيا امام ايبار، فقال: «كان أفضل قرار لمصلحة الفريق لتحقيق الفوز»! خصوصا ان وجود كوتينيو في المباريات السابقة أيضاً قاد الى تعادلين مخيبين أمام اسبانيول وخيتافي، عدا عن الخسارة امام الجار اسبانيول في ذهاب الكأس، لتتكسر أحلام الكتالونيين برؤية «ام اس سي» مكان «ام اس ان»، لان كوتينيو لن يحل مكان نيمار، ولا يشابهه باللعب، ولا حتى أسلوب المدرب فالفيردي، المعتمد كليا على ميسي كلاعب المحور الذي تمر من خلاله كل الهجمات، وهو الذي يفضل خطة 4-4-2 او 4-4-1-1 التي ينتهجها بنجاح حتى الآن هذا الموسم، رغم ان وجود ميسي يغطي على الكثير من العيوب الموجودة في الفريق.
أما سانشيز، الذي انتقل الى مانشستر يونايتد بصفقة تبادل مع الارميني هينريك مخيتاريان الذي انتقل الى ارسنال، فان النجم التشيلي أربك توازن فريقه الجديد، بدءا بقيمة العقد الكبيرة التي اثارت حفيظة بعض النجوم، مثل بول بوغبا وروميلو لوكاكو، قبل ان يخل التوازن التكتيكي، حيث قرر المدرب البرتغالي ازاحة النجم الفرنسي انتوني مارسيال من الجهة اليسرى، حيث يلعب سانشيز، الى الجهة اليمنى، فتوقف عن التهديف وهبط أداؤه، فيما وجد النجم الصاعد ماركوس راشفورد نفسه جليس الاحتياطيين. لكن المشكلة الاكبر كانت مع النجم الفرنسي بوغبا، الذي فشل في البروز في أي مباراة منذ قدوم سانشيز، لا من مركز الارتكاز الى جانب نيمانيا ماتيتش، ولا في مركز المحور خلف المهاجم لوكاكو، ليتداعى عليه المرض في مباراة الكأس امام هدرسفيلد، بعدما أجلس في الاحتياط قبلها وبعدها، وهو ما لم يحصل قبل قدوم سانشيز، الذي بدوره لم تكن عروضه باهرة، بل لم يسجل سوى هدف واحد في المباريات الخمس التي لعبها. ليبرز السؤال المعتاد: هل حان موعد صدامات مورينيو مع نجومه؟ رغم ان هذه عادة تحصل في الموسم الثالث في كل الفرق السابقة التي دربها، لكن في موسمه الثاني عادة، مثلما هو الان مع يونايتد، يكون موسم احراز الألقاب.
ولهذا السبب نجد ان غالبية المدربين المحنكين يرفضون عقد صفقات ضخمة وضم نجوم كبار خلال الانتقالات الشتوية، لانهم يدركون ان التأثير السلبي قد يقود الى قتل الموسم.

twitter: @khaldounElcheik

كوتينيو وسانشيز «سوبر ستارز» بتأثير سلبي على البارسا ويونايتد!

خلدون الشيخ

هل يكفيان برشلونة للفوز بدوري أبطال أوروبا؟

Posted: 24 Feb 2018 02:06 PM PST

برشلونة ـ «القدس العربي»: أظهر ملعب «ستامفورد بريدج»، معقل نادي تشلسي الإنكليزي، الثلاثاء الماضي الوجه الأكثر براغماتية لنادي برشلونة الذي بات يقدم النتائج الإيجابية خلال الشهر الأخير، ما يثير تساؤل مهم: هل هذا كاف له لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا؟.
ونجح المدرب الإسباني ارنستو فالفيردي في تكوين فريق «عملي» لبرشلونة، وصلب قادر على المنافسة لا يبهر بأدائه ولكنه يحقق نتائج إيجابية. وأبلغ مثال لهذا التصور يتمثل في النتيجة الإيجابية التي خرج بها برشلونة من ملعب تشلسي في ذهاب دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا بعدما نجح في التعادل 1/1 مع النادي اللندني وقطع خطوة كبيرة نحو التأهل لدور الثمانية. ولم يعد برشلونة مثيرا ومتوهجا كما في الماضي، ولكنه لا يزال يبقي على حظوظه في الفوز بالثلاثية (الدوري والكأس ودوري الأبطال). لكن يتبقى لنا في هذا الصدد أن نرى إذا كان هذا الأسلوب كافيا لمنح برشلونة لقب دوري الأبطال، وهو التساؤل الذي ستكشف عن إجابته الأيام المقبلة مع تتابع المباريات. وما يقوم به برشلونة أعاد للأذهان اللقبين اللذين فاز بهما ريال مدريد في دوري أبطال 2014 و2016، فلم يحتاج النادي الملكي إلى اللعب بشكل جيد ولكنه لجأ إلى تعزيز قدرته على المنافسة والتزود بجرعات من الحظ الطيب.
وحصل برشلونة على قدر من حسن الحظ في ملعب «ستامفورد بريدج»، حيث نجح في إدراك التعادل في الأمتار الأخيرة من المباراة بفضل خطأ دفاعي من صاحب الأرض، وبفضل أيضا مهارة لاعبه اندريس انيستا الذي صنع التمريرة الحاسمة التي سجل منها الأرجنتيني ليونيل ميسي بقذيفة لا ترد هذا الهدف الثمين.
وكي يكتمل حظ برشلونة سدد تشلسي مرتين في قائم مرمى الألماني مارك اندريه تيرشتيغن، حارس النادي الكتالوني، وهنا بدأ الحديث يثور عن «براعة فالفيردي» التي تمتزج بحسن الطالع. وتعترف الصحف الموالية لبرشلونة بأن الفريق لم يعد مبهرا، حيث قالت صحيفة «سبورت» الإسبانية: «نجح في الخروج حيا من شرك قاتل وأثبت في ستامفورد بريدج أنه رغم تقديمه لأداء مذهل في بعض الأيام هو أيضا فريق براغماتي». وترى صحيفة «موندو ديبورتيفو» أن برشلونة مع فالفيردي يتوخى المزيد من الحرص في طريقة لعبه، وأضافت: «على الأرجح لا يزال هؤلاء اللاعبون يعانون مما حدث الموسم الماضي في باريس وتورينو عندما استقبلوا هناك سبعة أهداف». وليست الصحافة وحدها هي التي تؤكد ظهور برشلونة بثوب جديد يعكس أكثر أسلوبه العملي والعقلاني في التعامل مع الأمور، فها هو انيستا قائد الفريق يتحدث من المنظور ذاته الذي يستند إلى الوقائع والحقائق بعيدا عن الخيال، حيث قال: «لا يوجد سر آخر: جميع المباريات معقدة للغاية، أي شيء يمكنه أن يتسبب في ضرر كبير». وفي الحقيقة، أظهر برشلونة خلال الشهر الأخير الجانب الأضعف له، فهو لم يسجل أكثر من هدفين بكل مباراة منذ 21 كانون الثاني/يناير الماضي عندما تغلب في ذلك التاريخ خارج ملعبه 5/صفر على ريال بيتيس.
كما أنه بات يحسم المباريات بالاعتماد على المقاومة والتكتل والحفاظ على الضغط على الخصم واستغلال الفرص القليلة التي تسنح له، خاصة في الدقائق الأخيرة. وفي ظل هذا التحفظ الشديد في أسلوب اللعب الذي ينتهجه فالفيردي، يظهر المدرب الإسباني عدم ثقته في مقاعد البدلاء، وأبرز الأمثلة على هذا التصور هو الفرنسي عثماني ديمبيلي الذي كلف خزانة برشلونة أكثر من 100 مليون يورو. وعاد النجم الفرنسي الشاب للمشاركة في المباريات بعد تعافيه من إصابته الأخيرة في 11 شباط/فبراير الجاري، وكان ذلك أمام خيتافي ولمدة 30 دقيقة فقط، ولم يعاود الظهور منذ ذلك الحين. وفي مباراة تشلسي آثر مدربه الدفع باليكس فيدال في الشوط الثاني والإبقاء عليه حبيسا لمقاعد البدلاء.
ويفتقد برشلونة في دوري أبطال أوروبا تألق لاعبه الأوروغواني لويس سواريز الذي لم يسجل أي هدف في النسخة الحالية من البطولة.
يذكر أن الفريق الكتالوني سجل هدفين فقط هذا الموسم في المباريات التي خاضها خارج ملعبه في البطولة الأوروبية. لكن الأرقام خادعة والإحصاءات تتبدل، ولا يزال برشلونة في طريقه نحو تحقيق الثلاثية، فهو متربع على صدارة الدوري الإسباني وينتظر خوض نهائي كأس إسبانيا، واقترب بشدة من التأهل لدور الثمانية لدوري أبطال أوروبا بعد تعادله الثمين مع تشلسي. وعلى أي حال يحقق برشلونة أهدافه بالأسلوب الذي يتبعه حاليا.

هل يكفيان برشلونة للفوز بدوري أبطال أوروبا؟
الأسلوب العملي والبعد عن الخيال

توقيع مذكرتي تفاهم مع إنكلترا لتطوير كرة القدم في قطر وآسيا

Posted: 24 Feb 2018 02:06 PM PST

الدوحة ـ «القدس العربي»: شهد الشيخ حمد بن خليفة بن أحمد آل ثاني رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم وحسن الذوادي الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث مراسم توقيع مذكرتي تفاهم مع الاتحاد الإنكليزي للعبة.
والتقى الشيخ حمد بن خليفة وحسن الذوادي بغريغ كلارك رئيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم على هامش زيارته للدوحة، وجرى توقيع مذكرتي تفاهم بين الجهات الثلاث بهدف نشر ثقافة كرة القدم ومشاركة الموارد والخبرات بهدف تطوير اللعبة على المستوى الشعبي في قطر والمنطقة والعالم، واستثمار الطاقة الإيجابية لكرة القدم للمساهمة في تنمية المجتمعات الأقل حظاً عبر قارة آسيا.
ووقعت مذكرتا التفاهم في مقر أسرة كرة القدم القطرية في برج البدع بالدوحة والذي يضم مقرات الاتحاد القطري لكرة القدم واللجنة العليا للمشاريع والإرث ومؤسسة دوري نجوم قطر، بحضور المسؤولين الثلاثة إلى جانب نائب رئيس الاتحاد القطري سعود المهندي، ومنصور الأنصاري أمين عام الاتحاد القطري لكرة القدم، وعلي داود المدير التنفيذي لمكتب رئيس الاتحاد، ومشتاق الوائلي المدير التنفيذي لإدارة التطوير المؤسسي والاستراتيجية في الاتحاد القطري. وركزت الاتفاقية التي وقعها كلارك مع رئيس الاتحاد القطري على التعاون بين الطرفين ومشاركة المعارف والخبرات في عدة مجالات، تتضمن تطوير لعبة كرة القدم، وتنميتها على المستوى الشعبي، وتطوير قدرات ومهارات اللاعبين الشباب إلى جانب منتخبات السيدات، وتطوير أداء اللاعبين وإدارة فرق كرة القدم، كما تناولت الاتفاقية إمكانية تنظيم مباريات ودية بين منتخبي قطر وإنكلترا في مختلف الفئات السنية. وبدأ التعاون بين دولة قطر والمملكة المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2017 عندما التقى رئيس الاتحاد القطري ورئيس الاتحاد الإنكليزي على هامش معرض ومؤتمر «أسباير فور سبورت» الذي أقيم في لندن. وقال الشيخ حمد بن خليفة: «نحن فخورون بتوقعينا اتفاقية التعاون مع الاتحاد الإنكليزي لتعزيز علاقاتنا القائمة والقوية معهم والتي ركزنا من خلالها على تطوير كرة القدم ونشرها في دولة قطر. وتقدم الاتفاقية فرصة قيمة لتبادل التجارب والخبرات في مجالات مختلفة كالمنتخبات الوطنية، وتنمية اللعبة على المستوى الشعبي، وتطوير مهارات وقدرات اللاعبين الشباب، حيث سيكون لها أثر إيجابي مباشر على تطوير كرة القدم في قطر في طريق استعداداتنا لاستضافة كأس العالم 2022». وأكد أن الاتفاقية ستساهم بتعزيز علاقات الاتحاد القطري القائمة والطويلة مع الاتحاد الإنكليزي، وتطوير كرة القدم في البلدين. وقال كلارك: «نحن سعداء بتوقيع اتفاقية التعاون مع الاتحاد القطري. ولدينا تجارب كثيرة في التعاون مع الاتحادات الوطنية المختلفة وتبادل الخبرات والمعرفة بهدف دعم تطوير كرة القدم، والذي يعتبر هدفاً أساسياً لدولة قطر خلال استعداداتها لاستضافة بطولة كأس العالم 2022». وأثناء زيارته لبرج البدع، وقع كلارك اتفاقية تعاون أخرى مع أمين عام اللجنة العليا للمشاريع والإرث تهتم بتطوير مهارات الحياة لدى الشباب والأفراد في المجتمعات الأقل حظاً من خلال برامج تدريبية رياضية من شأنها ترك تأثير إيجابي على حياتهم ونشر مفهوم التطور الاجتماعي الإيجابي في مجتمعاتهم. وتنص الاتفاقية على بحث اللجنة العليا للمشاريع والإرث على سبل إشراك الاتحاد الإنكليزي في برنامج الجيل المبهر لدى اللجنة العليا، والذي يقوم بالمساهمة في تطوير البنية التحتية الرياضية في لبنان وسوريا والأردن ونيبال وباكستان بهدف توظيف كرة القدم لمعالجة القضايا الاجتماعية، وفقاً لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وتنص مذكرة التفاهم على دعم مهارات الشباب والفئات الفقيرة والمهمشة من خلال البرامج التدريبية الرياضية التي من شأنها إحداث تأثير إيجابي على هذه الفئات ودعم التغيير الاجتماعي الإيجابي في تلك المجتمعات. ووقفا لبنود هذه المذكرة، ستبحث اللجنة العليا سبل إشراك الاتحاد الإنكليزي في برنامج الجيل المبهر، وهو أحد البرامج التابعة للجنة العليا للمشاريع والإرث والذي يُعني بالتنمية من خلال كرة القدم والذي ينشط في لبنان وسوريا والأردن ونيبال وباكستان. حيث يهدف إلى تطوير البنية التحتية الخاصة بكرة القدم، فضلا عن تطويع الرياضة لمعالجة القضايا الاجتماعية تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وتضم المذكرة أيضا برامج لتنمية مهارات القيادات الرياضية والتي سيستضيفها الاتحاد الإنكليزي، وأخرى لدعم مهارات المدربين، فضلا عن عدد من البرامج المتنوعة. أما اللجنة العليا، فستدعو اللاعبين والمدربين وأعضاء الاتحاد الإنكليزي لحضور أهم الأحداث والفعاليات في قطر والبلدان التي يعمل بها برنامج الجيل المبهر، ودعم البرامج التدريبية الخاصة بالاتحاد والتي تركز على التنمية الدولية.
وأعرب الذوادي عن سعادته بهذا التعاون المثمر، مضيفا: «ترحب أسرة كرة القدم بزيارة كلارك وأعضاء الاتحاد الإنكليزي في قطر، وسعدت بنتائج زيارة اللجنة العليا للمملكة المتحدة في أواخر العام الماضي حيث برزت الرؤى المتشابهة للمؤسستين والتي ترتكز على تطويع قوة كرة القدم لخلق فرص تعليمية وصحية وغير ذلك من المجالات الرئيسية التي تفتقر إليها المجتمعات الفقيرة والمهمَشة.» وأضاف: «سعينا من خلال برنامج الجيل المبهر الذي أطلقته اللجنة العليا عام 2009 بهدف تطوير المجتمعات، لتحقيق تلك الأهداف المرجوة، واستفاد من هذا البرنامج حتى الآن أكثر من 35 ألف شاب وفتاة. الاتحاد الإنكليزي يملك تاريخا طويلا في إحداث تغييرات ملموسة من خلال مبادرات كروية شعبية، وأصدق دليل على ذلك برنامج بارك لايف، الذي حظيت بفرصة حضوره مباشرة خلال زيارتي الأولى لمركز بارك لايف لكرة القدم في مدينة شيفيلد». وتابع: «لطالما قلنا أن بطولة كأس العالم في قطر ستترك إرثاً مستداماً لقطر والمنطقة بعد ركل آخر كرة في البطولة المنتظرة عام 2022، وإننا على يقين تام بأنّ هذه الاتفاقية ستُسهم في دعم رؤيتنا المشتركة، كما أنها ستقدم فرصاً لمختلف العاملين ضمن برامجنا لتبادل المعرفة، والإسهام في تقديم فرص أكبر لجيل الشباب خلال السنوات المقبلة». وقال كلارك: «يسر الاتحاد الإنكليزي دعم جهود اللجنة العليا للمشاريع والإرث خاصة وأنها تتطلع إلى ترك إرث مستدام بعد كأس العالم 2022، ويعتبر تعزيز مكانة كرة القدم ونشر ثقافة ممارستها أحد جوانب هذا الإرث. ولا يخفى علينا جميعاً في المملكة المتحدة أن ذلك الأمر يعتمد اعتماداً كبيراً على وفرة المرافق الرياضية. وبدورنا، فإننا نتطلع إلى مشاركة خبرتنا ومعرفتنا معكم في هذا الجانب». وأضاف: «دعم مبادرات كبرنامج الجيل المبهر الرامي إلى معالجة قضايا اجتماعية من خلال كرة القدم يعتبر العنصر الثاني من عناصر هذه الاتفاقية.
ونأمل بأن توفر هذه الاتفاقية فرصاً قيمة خاصة للشباب الراغبين بتطوير مهاراتهم في التدريب والقيادة».
وقبل توقيع الاتفاقية، زار كلارك استاد «خليفة الدولي»، أول استادات كأس العالم 2022 اكتمالاً، كما قام بجولة في «أسباير زون» للتعرف على مختلف مرافقها. كما زار «جناح الإرث» في برج البدع للتعرف عن كثب على تاريخ كرة القدم في قطر، وخطط الدولة المُعدة لاستضافة البطولة الكروية المنتظرة، والخطط التي تلي البطولة.

توقيع مذكرتي تفاهم مع إنكلترا لتطوير كرة القدم في قطر وآسيا

هل انفجرت فقاعة حقوق نقل البرميرليغ؟

Posted: 24 Feb 2018 02:05 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: ربما انخفضت حقوق نقل مباريات الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم (بريميرليغ) مقارنة بالسنوات الاخيرة، الا ان خبراء يرون ان زمن العائدات التلفزيونية الهائلة لكرة القدم الانكليزية، لم يبدأ عصر الأفول بعد.
وحافظت شبكة «سكاي»، شريك النقل الرئيس منذ اطلاق صيغة الدوري الجديدة في 1992، على موقعها كناقل رسمي للمباريات الحية، بعد نيلها أربع حزم من أصل سبع للفترة بين 2019 و2022، بينما نالت «بي تي» الحزمة الأخرى المباعة حتى الآن، بقيمة اجمالية بلغت 6.16 مليار دولار اميركي (4،46 مليار جنيه استرليني). ومع انتظار بيع المزيد من المباريات (200 للموسم الواحد بعدما كانت 168 في العقد الحالي)، يتوقع ان يتخطى الرقم الاجمالي كلفة الفترة السابقة (2016-2019) والبالغة 7،09 مليار دولار (5،14 مليار جنيه)، الا ان سعر المباراة الواحدة انخفض من 14 مليون دولار أميركي (10،2 مليون جنيه) الى 12،8 مليون دولار (9،3 مليون جنيه). وفي ما يأتي نظرة على أسباب التباطؤ في التضخم الوافر بعد زيادات بنسبة 70٪ تواليا في 2012 و2015.

تصحيح السوق

بالكاد تمكن رئيس رابطة الدوري ريتشارد سكودامور من احتواء سعادته قبل ثلاث سنوات، لدى اعلانه الزيادة الهائلة في قيمة حقوق النقل في بريطانيا.
وكانت الصفقة جيدة الى درجة انها أثارت حالة من الذعر في أوروبا. وحذر رئيس رابطة الدوري الاسباني خافيير تيباس ان البريميرليغ قد يصبح «أن بي ايه» (دوري كرة السلة الامريكي للمحترفين) كرة القدم»، بعد ضمانه 2،65 مليار يورو (3،25 مليارات دولار) للحقوق المحلية في دوري بلاده. ومع ذلك، لم يكن متوقعا الوصول مجددا الى هذا المستوى من التضخم. ويقول رئيس الرابطة السابق ريك باري: «أعتقد أن الصفقة الاخيرة كانت غير عادية وفاجأت الجميع. لم يكن أحد يتوقع نموا بنسبة 70 بالمئة». وتابع ان الصفقة الجديدة عبارة عن «تصحيح بسيط في السوق».
حقوق خارجية

ويتوقع البريميرليغ الحفاظ على ايراداته من خلال حقوق النقل الخارجية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تم تقدير صفقة مع موقع «بي بي تي في» الصيني بدءا من 2019 بقيمة 700 مليون دولار اميركي، أي 10 أضعاف العقد الحالي للحقوق في الصين. كما تردد ان شبكة «ان بي سي» الامريكية، دفعت في 2015 مليار دولار لست سنوات، حتى موسم 2021-2022. ويرى تيم بريدج، المدير في مجموعة الأعمال الرياضية ضمن شركة «ديلويت» للتدقيق المالي، انه «على الصعيد الدولي، أجريت عقود في الولايات المتحدة والصين والبرازيل وأفريقيا». ويتابع: «النمو الكبير في أسواق جديدة يؤشر إلى ان الشهية تجاه البريميرليغ حول العالم لم تتراجع».
وفي اجتماع عبر الهاتف مع مستثمرين الاسبوع الماضي، قال ايد وودوارد، المدير التنفيذي السابق لنادي مانشستر يونايتد، ان «الجمهور العالمي المتراكم (للدوري) ارتفع 9٪ سنويا، مع زيادة قوية في آسيا وأميركا الشمالية».
اتفاق حبي

أدى اتفاق بين «سكاي» و»بي تي» في تشرين الثاني/نوفمبر، تضمن تبادل المحتويات بينهما للمرة الاولى، دورا مهما في كبح قيمة حقوق المباريات، بحسب خبراء. ويقول الخبير المالي في كرة القدم كيران ماغواير: «توصلت بي تي وسكاي الى اتفاق حبي… دخلت بي تي السوق الرياضية لان سكاي كانت تشفط سوق الحزمة العريضة (برودباند). اتفاق نوفمبر لتبادل الخدمات إشارة الى ان التنافس العدائي بينهما يتراجع». وارتفعت قيمة سهم شركة سكاي بنسبة 3 بالمئة بعد تباهيها بخفض الصفقة الجديدة سعر المباراة بنسبة 16٪ من الاتفاق السابق، وذلك لنقل 128 مباراة، بينها كل مباريات الجمعة والاحد والاثنين. وبحسب جوليان اكويلينا من شركة «اندرز» للتحليل الإعلامي: «هذه أخبار ممتازة بالنسبة لسكاي، لم يتم دفع أي من اللاعبين (القنوات) للترشح لنيل كل الحزم كما في المرة الاخيرة. لا يزال في مقدورهم تقديم كل الحزم لعملائهم، على افتراض ان أي طرف ثالث لن يفوز بالحزمتين المتبقيتين (40 مباراة)».

ليس وقت «أمازون» بعد

التغيير في عدد وبنية الحزم المعروضة كان جزءا من استراتيجية البريميرليغ لزيادة الأسعار من خلال تحفيز عمالقة التكنولوجيا مثل «أمازون» و»فيسبوك» للحصول على الحقوق.
واهتمام لم يتجل بالظهور، رغم أن أمازون قد تتقدم للترشح لنيل الحزمتين الأخيرتين. قدرة شركات التكنولوجيا على بث الرياضة الحية «لا تزال في مهدها»، بحسب بريدج الذي يشير الى تكاليف انتاج وعرض باهظة فضلا عن نيل الحقوق.

مشكلة القرصنة

عامل آخر قلص قيمة الحقوق الرياضية هو البث غير القانوني عبر الانترنت. ويقول أكويلينا: «كانت القرصنة مصدر قلق كبير. بقي ظلها يلوح في أفق حقوق كرة القدم ورياضات أخرى في السنوات الماضية». وتابع: «لانها مكلفة جدا وشعبية جدا، يلجأ الناس للعثور على طرق أخرى للمشاهدة، لذا لعبت القرصنة دورا كبيرا في تخفيض الاسعار».

هل انفجرت فقاعة حقوق نقل البرميرليغ؟

منظمة حقوقية تبدي قلقها من مقر اقامة المنتخب المصري في كأس العالم!

Posted: 24 Feb 2018 02:05 PM PST

موسكو ـ «القدس العربي»: قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان إنه يتعين على الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) التعامل مع الانتهاكات الحقوقية في منطقة الشيشان الروسية والتي اختارها أحد الفرق المشاركة في نهائيات كأس العالم هذا العام للإقامة فيها.
وتقول منظمات حقوقية وحكومات غربية إن السلطات في الشيشان تقمع معارضيها السياسيين وتمارس التمييز ضد المرأة وتضطهد الأقليات وهي اتهامات ينفيها جميعا زعماء الشيشان. ولن تستضيف المنطقة أي مباريات ضمن كأس العالم الصيف المقبل، لكن الفيفا قال إن المنتخب المصري سيستخدم العاصمة الشيشانية غروزني مقرا لإقامته بين المباريات. وقالت تاتيانا لوكشينا مديرة مكتب «هيومن رايتس ووتش» في روسيا: «هذا يجعل الشيشان التي لم تكن مدرجة على قائمة مناطق كأس العالم في روسيا واحدة من تلك الأماكن بين عشية وضحاها». وأضافت: «الشيشان يديرها رمضان قديروف وهو رجل قوي وعنيف، يحكم المنطقة بقبضة من حديد من خلال القمع الوحشي على مدى أكثر من عشر سنوات بمباركة الكريملن». وقالت: «يجب على الفيفا أن يدرك أن الوضع الخاص بحقوق الإنسان في الشيشان مأساوي للغاية وإنه إذا لم يتخذ إجراء بدون تأخير فسيلقي بظلال قاتمة على كأس العالم». وقال متحدث باسم قديروف إن الرأي الذي تتبناه منظمة «هيومن رايتس ووتش» لا أساس له من الصحة. وقال المتحدث علوي كريموف: «هذه الاستنتاجات ليس لها أي أساس ولا تمثل حقيقة الوضع في جمهورية الشيشان». وأضاف: «أقول بكل مسؤولية إن جمهورية الشيشان أفضل من كل الأماكن الأخرى التي أجريت فيها مسابقات كأس العام حتى الآن». وقال الفيفا: «ينبغي ألا يساور أحداً أدنى شك في أن الفيفا يندد بالتمييز بأي شكل من الأشكال، وذلك اتساقا مع سياسته بخصوص حقوق الإنسان». وأضاف: «عندما واجه الفيفا الحوادث في الشيشان العام الماضي، نددنا بها بقوة». وأكد أنه تلقى رسالة من «هيومن رايتس ووتش» بشأن الأمر وأنه سيرد عليها قريبا. وقال مدير المنتخب المصري إيهاب لهيطة إن الفيفا أقر اختيار غروزني وإن المدينة تحتوي على المنشآت الملائمة للمنتخب. وقال إنه يجب مخاطبة الاتحاد الدولي وليس المنتخب المصري بشأن أي تحفظات على غروزني كمكان لإقامة المنتخب. وأضاف أن المكان بالنسبة للمنتخب المصري جيد وهادئ والناس أبدوا ترحيبهم بالمنتخب.

منظمة حقوقية تبدي قلقها من مقر اقامة المنتخب المصري في كأس العالم!

انهيار الوضع الاقتصادي في غزة يدفع مئات الطلبة إلى ترك مقاعد دراستهم الجامعية

Posted: 24 Feb 2018 02:04 PM PST

غزة ـ «القدس العربي»: لم يكن أمام الطالبة روان مهدي 19 عاماً والتي تدرس تخصص إدارة أعمال في الجامعة الإسلامية في غزة، سوى خيار واحد وهو ترك مقعدها الدراسي والجلوس في البيت منتظرة الفرج وتحسن الحال، وذلك لعدم مقدرة عائلتها على تسديد الرسوم الجامعية المتراكمة عليها للفصل الدراسي الثاني. حال روان هو كحال مئات الطلبة من الجنسين، الذين اجبروا على ترك دراستهم الجامعية نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في القطاع، ما أثر سلبا على التحصيل العلمي للطلاب إضافة إلى تراكم الأزمات داخل جامعات غزة، والتي بدأت بتقديم بعض التسهيلات، ولكن كل ذلك يعد قليلا أمام ضخامة الأزمة، وهو ما وضع الجامعات في حالة اقتصادية سيئة أثرت على تدني رواتب العاملين فيها وانخفاض إيراداتها المالية.
عدد كبير من الشباب من هم على رأس دراستهم ومنهم من تخرج وفقد حقه في العمل، رأى أن الخروج من غزة والهجرة لأوروبا هو المنفذ الوحيد أمامه لنيل حياة كريمة وتأمين مستقبل، هذا هو حال الطالب محمد أبو سيدو 23 عاماً والذي تخرج في الجامعة نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فلم يجد انتظاره للحصول على فرصة عمل، فركب أمواج البحر، في رحلة هجرة مكللة بمخاطر كبيرة انتهت بوصوله إلى إحدى الدول الأوروبية.
أما الطالبة سلوى درويش والتي شارفت على إنهاء مسيرتها التعليمية في جامعة الأقصى، فقررت ترك الدراسة واستثمار وقتها في مجال العمل النسوي، وذلك لتوفير مصدر رزق لها ولعائلتها بعد تدني الوضع المعيشي لأسرتها. بدأت سلوى بتنفيذ مشروع صناعة المعجنات والحلويات وتسويقها عبر صفحـتـها على فيسبوك، لعلها تجد واقعا أفضل مما هي عليه، وفق قناعة تامة أن التوجه للعمل في هذه الأيام أهم من إتمام الدراسة خاصة في ظل تكدس أعداد الخريجين العاطلين عن العمل.
وأظهرت دراسة أجراها مركز «الميزان» لحقوق الإنسان أن التغيرات السياسية في قطاع غزة انعكست على معدلات البطالة والــتـــي بلغــت 46.6 في المئة، بينما تجـــاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60 في المئة، وفي صفوف النساء تجاوزت 85 في المئة، ويندرج الخريجون ضمن مؤشرات البطالة المرتفعة في قطاع غزة.
وعلى صعيد الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة عن البطالة في أوساط الخريجين، فقد سادت بينهم حالة من الإحباط، والقلق والشعور بأنهم أصبحوا عبئاً على الأسرة والمجتمع، كما وزاد عزوف كثير من الشباب عن الزواج بسبب عدم توفر الإمكانات المادية، وتصاعدت معدلات الطلاق، وشكلت البطالة والفقر عاملاً مساعداً لالتحاق بعض الخريجين بالجماعات المتطرفة الغريبة عن قيم وثقافة المجتمع.
مراقبون رأوا أن الشلل الحاد في الاقتصاد وغياب فرص العمل له أثر حقيقي ومأساوي على واقع الشباب الذين بدأوا يفكرون بالهجرة وسلوك طرق خطيرة كالسرقة والنصب وارتكاب الجرائم، مبينين أن العملية الاقتصادية مترابطة وأي أثر سلبي على أي من أركانها سيؤثر على الأخرى وهو ما بات عليه الحال في القطاع.
وقال خليل حماد مدير الإدارة العامة للتعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم، أن هناك انسحابا متواصلا للطلبة من الدراسة في مختلف جامعات غزة، وهذا جاء نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وعدم مقدرة الطلبة على تسديد الرسوم الجامعية.
وأشار حماد إلى أن وزارة التربية والتعليم تقوم بحصر شامل لوضع الجامعات التي تضررت اقتصاديا، إضافة إلى إحصاء عدد الطلاب الذين تركوا مقاعد الدراسة وستقوم بنشر النتائج منتصف هذا الأسبوع، وذلك بعد دق الجامعات ناقوس الخطر في محاولة لوضع خطة لمجابهة المشكلة من قبل الوزارة.

انهيار الوضع الاقتصادي في غزة يدفع مئات الطلبة إلى ترك مقاعد دراستهم الجامعية

إسماعيل عبدالهادي

تحرك عراقي لجلب استثمارات أجنبية في القطاع النفطي

Posted: 24 Feb 2018 02:04 PM PST

بغداد ـ «القدس العربي»: تتحرك وزارة النفط العراقية بنشاط هذه الأيام للعمل على تشجيع الشركات النفطية العالمية لإنشاء مصاف نفطية في عدة محافظات وخطوط لنقل النفط ومنتجاته مع دول الجوار، لسد الحاجة المحلية والبحث عن منافذ إضافية لتصدير المشتقات النفطية.
وفي مجال إنشاء مصافي نفط جديدة، دعت وزارة النفط العراقية، الشركات الأجنبية والمستثمرين لتقديم عروضهم في عملية بناء وتشغيل مصفاة تكرير جديدة بطاقة 100 ألف برميل يوميا قرب الموصل، شمال العراق.
وذكرت الوزارة «ان كراسة الشروط تتضمن نموذجي استثمار: الأول هو البناء والتملك والتشغيل، والثاني هو البناء والتشغيل ونقل الملكية» مشيرة إلى «ان آخر موعد للحصول على كراسة الشروط هو أول نيسان/ابريل وتقدم العروض في موعد أقصاه 15 أيار/مايو».
كما تتجه الوزارة إلى إعادة تأهيل مصفى بيجي في محافظة صلاح الدين وتوسيع مصفى كركوك أيضا.
وكشفت وزارة النفط أن بغداد وطهران وقعتا مذكرة تفاهم، لدراسة بناء خط أنابيب لتصدير النفط الخام من حقول كركوك شمال العراق عبر إيران. وذكرت أن الاتفاق، الذي وقعه وزيرا نفط البلدين في بغداد، يدعو لتشكيل لجان لحل خلاف على حقول نفط مشتركة ودراسة نقل الخام العراقي إلى مصفاة عبادان الإيرانية.
وقال وزير النفط العراقي، جبار علي اللعيبي، إنه اتفق أيضا مع نظيره الإيراني، بيجن زنغنه، الذي يزور العراق، على «تنسيق المواقف في منظمة أوبك لتحقيق التوازن المطلوب في الأسواق النفطية العالمية وبما يدعم أسعار النفط».
ونصت مذكرة التفاهم على استمرار التعاون في مجال تزويد محطات الطاقة الكهربائية بالغاز الإيراني، ودعوة الشركات الإيرانية للاستثمار في قطاع النفط والغاز والمشاركة في تأهيل البنى التحتية للمنشآت النفطية والغاز ومصنع البتروكيميائيات في البصرة. وفي البصرة جنوب العراق، أعلنت لجنة النفط والغاز في مجلس المحافظة «ان وزارة النفط تخطط لاستثمار غاز البصرة وان حكومة البصرة تدعم هذا التخطيط، مع توقع دخول هذه الاستثمارات الجديدة إلى العمل خلال العام الجاري».
وذكرت اللجنة ان مؤتمر «العراق بتروليوم» سيعقد في العاصمة الألمانية برلين، نهاية شهر شباط/فبراير الحالي، وبمشاركة نحو 300 شركة متخصصة في مجال النفط والغاز، منوهة إلى ان استثمار غاز البصرة سيكون أبرز الفرص الاستثمارية التي تمتلكها محافظة البصرة.
وكان العراق والكويت اتفقا على تصدير غاز البصرة إلى الكويت عبر خطوط أنابيب يقوم بإنشائها كل بلد ضمن أراضيه. وأعلن وزير النفط الكويتي في 10 كانون الأول/ديسمبر الماضي عن الاتفاق مع العراق على استيراد 50 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز الطبيعي كمرحلة أولى.
أما بالنسبة لنفط شمال العراق، فقد أعلنت وزارة النفط، عن زيارة مرتقبة لوزير النفط جبار اللعيبي إلى تركيا الأسبوع الحالي، على رأس وفد وزاري رفيع بناءً على دعوة من نظيره التركي لإجراء مباحثات تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون في مجال النفط والطاقة، فضلا عن بحث ملف استئناف الصادرات النفطية العراقية عبر ميناء جيهان التركي من خلال شركة تسويق النفط الحكومية «سومو» حصرا.
وأشارت الوزارة إلى إن «الزيارة ستتضمن أيضا دعوة الشركات التركية المتخصصة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية المعلنة من قبل الوزارة وللإسهام والمشاركة في تطوير القطاع النفطي»، منوهة إلى أن «هذه الزيارة تأتي استكمالا للمباحثات التي أجريت في بغداد قبل نهاية العام الماضي».
يذكر ان صادرات النفط من شمال العراق عبر تركيا متوقفة منذ أن استعادت القوات العراقية حقلي باي حسن وأفانا النفطيين في شمال غربي كركوك من قوات البيشمركه الكردية في تشرين الأول/اكتوبر الماضي، كما يسعى العراق إلى إنشاء خط تصدير جديد يمتد من كركوك إلى الموصل نحو تركيا.
وذكر المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن كل ما أعلنت عنه الدول والجهات والمؤسسات الأخرى المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي أقيم في الكويت، كان عبارة عن وعود وتعهدات عامة لقروض ميسرة ستترجم لاحقاً على أرض الواقع عبر اتفاقات ومواثيق بين الطرف المانح للقرض وحكومة العراق، مؤكدا انها ستقبل بالقروض إذا توافقت مع شروطها دون إغراق البلاد بالديون.
وقال صالح لراديو «المربد» إن شروط الاتفاقات ستكون هي الفيصل في قبول العراق لتلك القروض أو تأجيل قبولها حسب الحاجة والظرف المالي للبلاد، وهو أمر سيوكل إلى لجنة دائمة (سكرتارية) سيتم تشكيلها بهدف اتخاذ قراراتها بشأن القروض المقدمة والمنح والهبات المالية، موضحا ان الشروط تتضمن تحديد نوعية القرض سواء كان قصيرا أو طويل الأمد إضافة إلى نسبة الفوائد المفروضة.
يذكر أن العراق حصل في مؤتمر الكويت، على وعود بقروض واستثمارات بقيمة 30 مليار دولار أمريكي لإعادة إعمار البلاد وتحسين بنيتها التحتية، إلا ان نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي، طالب بتحقيق برلماني لمعرفة من تسبب في فشل مؤتمر الكويت لإعمار العراق، مشيراً إلى ان مُنح الدول المشاركة في المؤتمر تحولت إلى ديون سيادية تنهك العراق وترهن مستقبله.

تحرك عراقي لجلب استثمارات أجنبية في القطاع النفطي

مصطفى العبيدي

النفط والغاز وقود الصراعات الإقليمية والنزاعات الداخلية

Posted: 24 Feb 2018 02:04 PM PST

أبعد من صفقات تجارية وعقود لبيع الغاز، يُشكل مضمون المحادثات الجارية بين الجزائر وبلدان جنوب أوروبا، لتجديد عقود تصدير الغاز التي تنتهي صلاحيتها هذا العام، لحظة مؤثرة في مستقبل جيوبوليتيك الطاقة في الحوض الغربي للمتوسط. وتتحكم الجزائر حاليا في نسبة كبيرة من إمدادات الغاز الطبيعي لكل من اسبانيا وإيطاليا وفرنسا والبرتغال، ما يُخفف من اعتماد تلك البلدان على الغاز الروسي، ويضع روسيا حكما في موقع الغريم والمنافس للجزائر. ويسعى الجزائريون لإقناع الأوروبيين بالتوقيع على عقود جديدة طويلة الأمد، إلا أن الجانب الأوروبي ما زال مترددا ومتوجسا من تبعات الشراكة المُميزة مع الجزائر، وهو يحرص على المحافظة على مرونته باعتماد عقود قصيرة المدى تستند على قواعد السوق.
إجمالا، إذا ما ألقينا نظرة على خطوط نقل النفط والغاز الطبيعي في شمال افريقيا، نلحظ شبكة قوية من الارتباطات التي جعلت إيطاليا واسبانيا وفرنسا تعتمد على مصادر الطاقة الآتية من الضفة الجنوبية، وإن كانت ليست مصدرها الوحيد للطاقة. كما يلحظ المتابع للعلاقات بين بلدان الضفتين، وخاصة علاقات إيطاليا مع كل من الجزائر وليبيا، تأثيرا قويا للاعتبارات المتصلة بتأمين إمداد جنوب أوروبا بالطاقة في العلاقات بين البلدان الثلاثة. وتتبوأ الجزائر الرتبة الثانية بين مُزودي أوروبا بالغاز الطبيعي بعد روسيا، وهي تسعى لتعزيز مركزها باستثمار 73 مليار دولار في القطاع خلال الفترة بين 2016 و2020.
 واستطاعت أن تؤمن 55 في المئة من حاجة اسبانيا إلى الغاز الطبيعي و16 في المئة من حاجات إيطاليا و15 في المئة من حاجات البرتغال في العام قبل الماضي. والأرجح أن هذه النسب ما زالت سارية، ما يجعل البلدان الأوروبية الثلاثة مُعتمدة على الجزائر في سد حاجاتها من مصادر الطاقة. ويمكن القول إن أنابيب الغاز الثلاثة، التي توصل الغاز الجزائري إلى أوروبا، منذ عقود، ساهمت في تشكيل جيوبوليتيك شمال افريقيا، وجعلت الجزائر تحتل موقعا محوريا في العلاقات بين بلدان ضفتي الحوض الغربي للمتوسط. والأرجح أن موقع الجزائر سيتعزز بعد دخول خط أنابيب غورد النوس ـ حاسي الرمل حيز التشغيل في ايار/مايو المقبل، وسيُتيح تصدير 4 مليارات متر مكعب إضافية من الغاز سنويا.

موقف مُلتبس

انبنت على تشابك العلاقات الاقتصادية شراكة سياسية من نوع خاص، جعلت الجزائريين يُخاطبون الأوروبيين بغير ما يُخاطبهم به جيران الجزائر، ويُعاملونهم معاملة خاصة سواء لدى التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، أو لدى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية. بهذا المعنى نفهم محاولات الأوروبيين التخلص من هذه «العلاقة الخانقة»، وهو ما كشف عنه أخيرا مدير عام مجموعة «سوناتراك» عبد المؤمن ولد قدور عندما انتقد من واشنطن «الموقف الأوروبي المُلتبس» من تجديد عقود شراء الغاز الجزائري، التي تنتهي فاعليتها في العام الجاري، قائلا «إنهم (الأوروبيون) يُقبلون على شراء الغاز منا عندما يُواجهون صعوبات مع روسيا، ويُعرضون عنا عندما تتحسن علاقاتهم مع الروس». وطبعا يُفضل الجزائريون التوصُل إلى عقود طويلة الأمد، لأن هذا الخيار يجعلهم مطمئنين على إيرادات مضمونة في المستقبل، فيما يُفضل الأوروبيون علاقات قائمة على قواعد السوق، كي لا يضعوا كل بيضهم في سلة الجزائر. وتُقدر صادرات الغاز الجزائري إلى إيطاليا بنحو 69 مليون متر مكعب في اليوم.
 في المقابل، نسج الجزائريون علاقات متينة مع الولايات المتحدة لموازنة العلاقة مع أوروبا، وهي علاقات تشمل التفــتــيش عن المحــروقات واستخراجها، والتعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، والتنسيق في القضايا العربية والدولية، علما أن الجزائر نوعت شراكاتها مع قوى دولية متعددة بدءا من الصين وروسيا إلى البلدان الافريقية، إضافة إلى العلاقات التقليدية مع أوروبا.

دوافع سياسية

على الجانب الآخر من المغرب العربي يتنافس الإيطاليون والفرنسيون والاسبان على استثمار حقول النفط والغاز الليبية، ومن أهمها الحقلين البريين الواقعين في صحراء مُرزق جنوب طرابلس، الأول هو حقل الفيل، الذي تستثمره مجموعة «إيني» الايطالية، والثاني هو حقل الشرارة، الذي تستثمره مجموعة «ربسول» الاسبانية، فيما تستثمر مجموعة «توتال» الفرنسية حقل الجرف البحري قبالة الساحل الليبي. ويقدر حجم الإنتاج في كل حقل من حقلي الفيل والشرارة بـ 390 ألف برميل يوميا، علما أن منتوج الشرارة تراجع في الشهر الجاري من 460 إلى 390 ألف برميل يوميا لأسباب سياسية، تتعلق بإقفال مسلحين من قبيلة الزنتان الحقل، احتجاجا على القرار الذي اتخذه المؤتمر الوطني العام بالتجديد لنفسه.
وفرض وجود بعض الحقول النفطية والغازية في مواقع مُحاذية للحدود بين الجزائر وليبيا، التوصل إلى تفاهمات قد تُكرس استثمارا مشتركا للثروة النفطية في تلك المناطق، وتحديد صيغ تقاسم الإنتاج بينهما. وتوصلت مجموعة «سونتراك» الجزائرية و»المؤسسة الوطنية للنفط» الليبية الشهر الماضي، إلى اتفاق مبدئي يُكرس الإدارة المشتركة لحقلي الوفاء الليبي والغار الجزائري على الحدود المشتركة بين البلدين. ويُمون حقل الوفاء مدن الجبل والساحل الليبيين بالغاز الطبيعي الضروري لتشغيل محطات توليد الكهرباء. لكن الاتفاق النهائي مُتوقف على نتائج دراسة فنية تكفل بإجرائها مكتب استشارات خاص، من أجل تأكيد وجود اتصال بين الحقلين، ومن ثم وضع خطة للاستثمار المشترك الأمثل للحقلين.

روسيا على الخط

ودخلت روسيا على الخط لتكون طرفا في ملف الطاقة الليبي بدافعين رئيسيين، أولهما أن زيادة اعتماد الدول الأوروبية على الغاز الليبي سيُخفف من تبعيتها للغاز الروسي، ما يُفقد موسكو ورقة ضغط مهمة، ظهرت فعاليتها أثناء الأزمة الأوكرانية، وثانيهما أن تنامي الدور الروسي في ليبيا يمكن أن يُمهد لمقايضة تقوم على شراء المحروقات من الليبيين في مقابل تصدير الأسلحة والعتاد، وهو خيار ألمح إليه غير مرة ليف دينغوف رئيس «مجموعة الاتصال الروسية للتسوية الليبية». وبعدما كان الدور الروسي في ليبيا يتسم بالتكتم والبُعد عن الأضواء، باتت موسكو تُعلن في السنتين الأخيرتين عن العلاقات المتينة التي تقيمها مع المشير خليفة حفتر، ولكن أيضا مع حكومة الوفاق الوطني، لا بل وتتباهى أن الفريقين المتنازعين يخطبان ودها ويسعيان إلى تكثيف التعاون معها في مجالي التسليح والتدريب العسكري. وأتت زيارة رئيس «الحرس الرئاسي» (نواة الجيش التي تدافع عن حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج) إلى موسكو أخيرا لتؤكد سعي الروس لإظهار كونهم باتوا على مسافة واحدة من طرفي النزاع، على الرغم من أنهم يُناصرون حفتر.

الجزائر وليبيا

أثرت خريطة الطاقة في طبيعة العلاقات الثنائية بين البلدان المغاربية صعودا وهبوطا، وحددت جغرافية الطاقة بشكل خاص، نوع العلاقات الجزائرية مع الأطراف المتصارعة في ليبيا، فبحكم تداخل المصالح مع حكومة الوفاق الوطني في غرب ليبيا، ظلت الجزائر متحفظة على إقامة علاقات متينة مع المشير حفتر، بالرغم من أنها دعته لزيارة الجزائر، بعكس الموقف الرسمي المصري على سبيل المثال المُنحاز للمشير المتقاعد. ويدلُ توقيع مجموعة «سوناتراك» الجزائرية على اتفاق إطار مع «المؤسسة الوطنية للنفط» الليبية، لتعزيز التعاون بين الجانبين في استثمار الحقلين الحدوديين، على أن جغرافية الطاقة شكلت عنصرا حاسما في تجاوز خلاف يعود إلى سنة .2004

تونس والمغرب

ويُلقي ملف الغاز بظلاله على العلاقات التونسية الجزائرية أيضا، في إطار جيوبوليتيك العلاقات الإقليمية، إذ يعبر أنبوب الغاز الجزائري الإيطالي المعروف بـ»خط الأنابيب عبر المتوسط» أو «ترانسميد» الأراضي التونسية، على مدى 400 كيلومتر، لنقل الغاز الجزائري إلى صقلية، ومن ثم إلى الشمال الايطالي، منذ أكثر من ثلاثة عقود. ويتوقع التونسيون تحصيل رسوم بقيمة 200 مليون دولار بعنوان رسوم عبور خلال السنة الجارية، في مقابل رسوم بقيمة 183 مليون دولار العام الماضي. وباشرت الحكومة التونسية أخيرا مفاوضات جديدة مع مجموعة «إيني» لتجديد عقود نقل الغاز، الذي يتقاضى التونسيون لقاءه رسوما تُراوح بين 5 و7.5 في المئة من كميات الغاز المنقولة عبر الأنبوب.
على الطرف الآخر من شمال افريقيا تبدو العلاقات المغربية الجزائرية شديدة التأثر السلبي بخريطة الطاقة، إذ أن عقود أنبوب الغاز العابر للمغرب نحو مدينة اشبيلية الاسبانية، عبر مضيق جبل طارق، غير مرشحة للتمديد بعد نهاية مفعولها في 2021. وباشر المغاربة أخيرا محادثات ترمي لمد أنبوب لنقل الغاز من نيجيريا في إطار البحث عن بدائل. كما يعتزمون إطلاق دراسة فنية لتحديد أفضل الوسائل لاستخدام تجهيزات نقل الغاز التي سيتم الاستغناء عنها. ويدُلُ التخلي المُحتمل عن الأنبوب، بما هو مشروع إدماجي كبير، على التداعيات السلبية للخلاف على الصحراء الغربية، الذي سمم العلاقات المغربية الجزائرية، وقاد إلى قطيعة سياسية وصلت إلى حد غلق الحدود المشتركة منذ العام 1994 وإدخال الاتحاد المغاربي إلى غرفة الانعاش.
ومن الصعب توقي التداعيات السلبية لهذه القطيعة طالما بقي مشكل الصحراء بلا حل، والنفط والغاز عمادي العلاقات بين الجيران، لاسيما أن الخبراء النفطيين يتوقعون أن يحافظ النفط والغاز التقليديان على مكانتهما في سلة المحروقات خلال السنوات المقبلة، بالرغم من اكتشاف الغاز الصخري وانطلاق استثماره في بعض البلدان. ويُشيرون في السياق إلى أن التغيير المناخي والخوف من مزيد تلويث البيئة، سيشكلان مصدر ضغط على الشركات النفطية لكي تهتم بإدارة مصادر المياه على امتداد خطوط الحقول التي تستثمرها. ويستدلون على ذلك بأن بعض عقود الاستخراج والاستثمار باتت تتضمن تعهدات تخص هذا الجانب، إما لإعادة استخدام المياه في الحقل، أو لمنح السكان المحليين فرصة استعمالها لتغطية حاجاتهم. والأرجح أن جيوبولتيك الطاقة سيتحول في المستقبل إلى جيوبولتيك المياه.

النفط والغاز وقود الصراعات الإقليمية والنزاعات الداخلية
جيوبوليتيك الطاقة في شمال افريقيا
رشيد خشانة

موجة جدل جديدة في السعودية بسبب «الأوبرا» وبدء عصر الحفلات

Posted: 24 Feb 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تسبب إعلان الحكومة السعودية عزمها البدء بتشييد «دار الأوبرا» في مدينة جدة الساحلية من أجل إقامة الحفلات الموسيقية، في موجة جدل جديدة بين من اعتبروا أنها «خطوة كان لا بد منها لكنها جاءت متأخرة»، ومن انتقدوا الأمر على اعتبار أنه تحول تدريجي نحو «التغريب» بعد عقود طويلة من فتاوى مشايخ السعودية بتحريم الأغاني والموسيقى.
وكان رئيس الهيئة العامة للترفيه أحمد الخطيب، قد أعلن خلال مؤتمر صحافي في الرياض أن بناء دار الأوبرا يأتي ضمن مشاريع عديدة تنوي الهيئة تنفيذها.
وتابع أن الحكومة السعودية تنوي استثمار 240 مليار ريال (64 مليار دولار) في قطاع الترفيه خلال السنوات العشر المقبلة.
وأطلق نشطاء على «تويتر» الوسم (#دار_الأوبرا_السعودية) الذي تداولوا فيه الجدل بشأن هذا الإعلان، بين مؤيد ومعارض، ليتصدر الهاشتاغ سريعاً قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في المملكة الأسبوع الماضي.
واعتبر بعض المعلقين أن القرار يشكل «انسلاخاً عن الأعراف والتقاليد والدين» بينما لفت آخرون إلى أنه «غير ضروري أمام احتياجات أخرى هامة لدى المواطن كالتوظيف والسكن وزيادة الراتب».
ومن المعروف أن علماء الشريعة السعوديون، وبينهم أعضاء في هيئة كبار العلماء والمفتون العامون، يعتبرون أن الأغاني والموسيقى محرمة شرعاً، فيما تحظر السلطات السعودية في العادة إقامة الحفلات الغنائية الكبيرة منذ سنوات. كما يتم تدريس الأطفال في المدارس منذ سنوات أن «الأغاني حرام».
وكتب السعودي عمر الشمري معلقاً: «قيادة المرأة/ دخول النساء للملاعب/ حفلات غنائيه/ السينما/ دار الأوبرا.. أين التطور في الموضوع؟ الشعب السعودي لا يحتاج هذي الأشياء بل يحتاج إلى وظائف وزيادة الرواتب وسكن، لأن هذه الدولة الشريفه تحكم بالقرآن والسنة». أما ياسر الفيصل فكتب معلقاً: «دار الأوبرا موجوده في مصر من 1988 ورغم هذا ما شفنا تقدما اقتصاديا ولا تحضرا بل المزيد من الرجوع للخلف.. التقدم عمره ما كان مسارح ودار أوبرا، التقدم مكانه في الجامعات ومراكز الأبحاث وتسليم المواطنين قيادة وطنهم وكل وظيفه فيه».
وكتب آخر في سياق اعتراضه على الفكرة: «لا تريد الأوبرا لا تذهب.. لا تريد السينما لا تذهب.. لا يعجبك لا تذهب.. مقوله تداولها الكثير في الفتره الأخيرة، وتناسوا قول رسول الله (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)».
وغرد فيصل الشهري على «تويتر» قائلاً: «متى كان التطور بالاختلاط؟ متى كان التطور بالتعري والإنحلال؟ متى كان التطور بإقامة المراقص؟ متى كان التطور بإلغاء صلاحيات الهيئة التي كانت تمنع السفور والإنحلال؟ متى كان التطور والاعتدال في غضب الجبار؟».
وعلقت عائشة العمري بالقول: «يا هيئة الترفيه حسبنا الله عليك وعلى أعمالك التي كلها فساد في فساد، لماذا التفريط في الدين والتطاول على الثوابت؟ لماذا هذا الإصرار على عمل كل ما نهى عنه الدين؟ هل نسيتم أننا بلد إسلامي وأننا شعب مسلم نريد المحافظة على ديننا ودين أولادنا وبناتنا؟».
وغرد الكاتب الصحافي والأكاديمي الدكتور عبد الله الصالح قائلاً: «من التطرف الديني إلى التطرف في الحداثة! من تشدد لا يمت للدين بصلة إلى تضييع الأولويات في بلد يعاني من أزمة بطالة وسكن وفقر!
عن أي فن تتحدثون.. والسعودي بلا سكن!
على أي وتر تعزفون.. والشباب يبحثون عن وظيفة!
إلى متى وأنتم تطبلون لكل قرار..بلا وعي أو ادراك!».
وكتب آخر مغرداً على «تويتر»: «وجهه نظري أن ما نحتاجه في الوقت الراهن هو مدن الألعاب الترفيهية، ومدن الألعاب المائية، وحدائق الحيوانات، ومنتزهات ومنتجعات.. بالنسبة للموسيقى الله يخلي اليوتيوب ومسجل السيارة».
في المقابل رحب كثيرون بالفكرة، بمن فيهم رجال دين وعلماء شريعة، حيث كتب الشيخ عبد العزيز الموسى عضو الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد في المسجد الحرام: «الآن سيخرج المستشرفون في الداخل الحاضرون للأوبرا والسينما في الخارج يستنكرون بناء #دار_الأوبرا_السعوديه ويقولون: إلا بلاد الحرمين».
وغرد مشاري الغامدي: «نحن نستحق هذا الرقيّ والتقدير للفن والمسرح وترسيخ مفهوم الفن ونشره بعد سنوات عجاف من الجفاف الفني المليئ بالإبتذال، مبروك للسعودية فهي تستحق».
أما تركي الحمد فكتب معلقاً: «حضرتُ حفلات أوبرا كثيرة في الخارج، كان أولها في دار الأوبرا المصرية القديمة.. متعة تنقلك إلى أجواء سامية وكأنك تحلق في السماء مع الغيوم.. مبروك للوطن هذه الخطوة الثقافية الرائدة.. فأخيرا بدأنا نخرج من شرنقة العزلة ونمارس ما هو طبيعي في هذ العالم».
وكتب أحد النشطاء: «يوجد خلط في مفهوم دار الأوبرا حيث يتحدث البعض أنها مسرح للصراخ والأوركسترا.. وهذا غير صحيح، الأوبرا إحدى أهم رموز الثقافة لبلدٍ ما وغالباً أول ما يسأل عنها في معايير التقييم السياحي والثقافي، ففيها تقام الفعاليات الثقافية والفنية وصدى أعمالها يكون عالمي».

تهنئة اسرائيلية

والتفت الكثير من السعوديين إلى التهنئة التي وجهها حساب إسرائيلي ناطق باللغة العربية، حيث كتب حساب «إسرائيل بالعربية» وهو حساب موثق: «ألف مبروك على افتتاح دار الأوبرا السعودية، معقل هام للثقافة والموسيقى التي طالما قيل عنها إنها غذاء الروح».
وعلق أحد السعوديين على التهنئة الإسرائيلية بالقول: «هيئة الترفيه تعلن عن دار الأوبرا السعودية، واستثمار 64 مليار دولار للترفيه، وحساب إسرائيل بالعربية يبارك ذلك.. والله لو كان خيراً ما فرح به الإسرائيليون».
وكتب آخر: «الصهاينة يبتهجون ويباركون بقرار بن سلمان بافتتاح دار الأوبرا السعودية».

موجة جدل جديدة في السعودية بسبب «الأوبرا» وبدء عصر الحفلات

تصاعد وتيرة ملاحقات الصحافيين في مصر مع اقتراب موعد الانتخابات

Posted: 24 Feb 2018 02:03 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تصاعدت وتيرة القمع الذي يلاحق الصحافيين في مصر خلال الأيام القليلة الماضية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي بات في حكم المؤكد أنها ستكون بمثابة «استفتاء» وأنها ستنتهي إلى التجديد للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
وأدان «المرصد العربي لحرية الإعلام» اعتقال الصحافي المصري معتز ودنان، الذي أجرى حواراً مع الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة والذي اعتـقل هو الآخر قبل أيام من اعتقال الصحافي الذي أجرى اللقاء معه.
وقال المرصد في بيان إنه في الساعة الثامنة من مساء الجمعة 16 شباط/فبراير الجاري اعترضت قوة من رجال الشرطة المصرية في زي مدني سيارة كانت تقل الصحافي المعتز محمد شمس الدين، وشهرته معتز ودنان وبعض أقاربه، واقتادتهم إلى أحد أماكن الاحتجاز غير المعلومة.
وأضاف: «المعروف أن معتز ودنان، هو الذي أجرى الحوار الصحافي مع المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، والذي كشف فيه عن امتلاك الفريق سامي عنان وثائق تدين بعض الأطراف في الأحداث الدامية التي تلت ثورة 25 يناير 2011».
وأكد المرصد أن الصحافي ودنان قام بعمل صحافي مشروع لا يتضمن أي مخالفة قانونية، وأن القبض عليه وترويعه هو وأقاربه يمثل انتهاكاً للدستور وللقانون، ويمثل تجريماً صريحاً للصحافة ومخالفة صريحة للنصوص الدستورية والقانونية الضامنة لحرية الصحافة وحرية تداول المعلومات عموماً.
وأعرب عن مخاوفه من الزج بهذا الصحافي في قضية ومساومات سياسية لا علاقة له بها، واتخاذه كبش فداء لتسوية تلك الأزمة عبر تحميله مسؤولية جنائية من دون سبب.
وأعلن المرصد تضامنه الكامل مع الصحافي المختطف الذي مارس عمله المهني بشكل صحيح لا يخالف القانون، كما طالب بسرعة الإفراج عنه وتوفير الحماية اللازمة له.
وطالب كل الجهات المعنية بحرية الصحافة في مصر وخارجها بالتحرك العاجل لإطلاق سراحه، وضمان أمنه وحمايته، ووقف الانتهاكات المتصاعدة لحرية الصحافة وحرية تداول المعلومات، والإفراج عن كافة الصحافيين وأصحاب الرأي في مصر.
في غضون ذلك، أصدرت نيابة أمن الدولة العليا في مصر قراراً بحبس الصحافيين حسن البنا ومصطفى الأعصر لمدة خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيق في القضية رقم (441) لسنة 2018، والمتهمين فيها بالانتماء لجماعة أُسست خلافاً لأحكام القانون والدستور (الإخوان المسلمين)، ونشر أخبار كاذبة عن الأوضاع في مصر.
وجاء قرار توقيفهما بعد 14 يوماً على اعتقالهما دون أي سند قانوني، حيث اختفيا في الرابع من شباط/فبراير الجاري أثناء ذهابهما إلى عملهما.
ويعمل البنا صحافياً متدرباً بجريدة «الشروق» اليومية أما الأعصر فهو صحافي حر يعمل في مواقع إلكترونية عدة ويراسل العديد من الصحف.
ورفضت السلطات الأمنية والقضائية الكشف عن أي معلومة بشأنهما منذ اعتقالهما، رغم تسريب أنباء لأسرتيهما عن إيداعهما في معسكر الأمن المركزي، قبل ترحيلهما إلى مقر جهاز الأمن الوطني.
وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود» أكدت الشهر الماضي أن «سجل مصر على صعيد حرية الصحافة يبدو كارثياً بعد سبع سنوات من قيام ثورة في البلاد باسم المُثل الديمقراطية» مضيفة أن مصر «أصبحت من أكبر السجون في العالم بالنسبة للصحافيين، حيث تتفاقم موجة القمع بشكل متزايد، بينما يتم خنق حرية الإعلام بشكل فاضح».
وقالت المنظمة: «بعد سبع سنوات، بات من الواجب أن يكُف الرئيس السيسي عن خنق ما تبقى من أصوات مستقلة في بلاده، وأن يتوقف عن اعتبار الصحافيين أعداء له».
وأشارت «مراسلون بلا حدود» إلى أن مصر تشهد تفاقما مهولا في موجة القمع التي تطال حرية الصحافة، مستنكرة الحملة الجديدة للاعتقالات في أوساط الصحافيين.
وتابعت: «خلال الأشهر الأربعة الماضية، تعرض نحو 15 صحافيا وصحافيا مواطنا للاعتقال أو الاحتجاز أو الحبس، بل وللاختفاء في بعض الحالات، بينما لم يتم الإفراج إلا عن اثنين منهم حتى الآن.
ووفقا للمعلومات التي جمعتها «مراسلون بلا حدود» هناك قائمة تضم ما لا يقل عن 30 اسما لصحافيين مطلوبين لدى الشرطة.
ونوهت المنظمة إلى أنه «يقبع في سجون مصر حاليا ما لا يقل عن 27 صحافيا بسبب عملهم الإعلامي، علما أن البلاد تحتل المرتبة 161 (من أصل 180) في نسخة 2017 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي نشرته مراسلون بلا حدود».

تصاعد وتيرة ملاحقات الصحافيين في مصر مع اقتراب موعد الانتخابات

فوضى في «بي بي سي عربي» بسبب البدء في موجة إلغاء وظائف

Posted: 24 Feb 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: دخلت قناة «بي بي سي عربي» الفضائية والإذاعة العربية التابعة لها في موجة من الفوضى والقلق اجتاحت الموظفين والعاملين بسبب الإعلان رسمياً عن البدء بتسريحات لعدد من العاملين وإلغاء وظائف، دون أن تقدم إدارة القناة والإذاعة الكثير من الإيضاحات للعاملين فيها، ودون أن تعلن عن الأسباب.
ومن المعروف أن «بي بي سي عربي» تتبع لهيئة الإذاعة البريطانية وهي سلطة مستقلة ممولة من دافعي الضرائب في بريطانيا، ولا تتدخل الحكومة في عملها، وإنما يدفع كل منزل في المملكة المتحدة ضريبة لتمويل هذه القنوات والإذاعات والمؤسسات التابعة لها بما يضمن لها الاستقلالية عن الحكومة وعن الشركات والقطاع الخاص.
وفوجئ العاملون في «بي بي سي عربي» الأسبوع الماضي برسالة من الإدارة عبر البريد الالكتروني تُبلغهم أنه سيتم الاستغناء عن عشرين وظيفةً في الإذاعة في لندن كمرحلة أولى، لكن الرسالة لم توضح كم مرحلة استغناءات وتسريحات ستشهدها المؤسسة.
وقال مصدر في «بي بي سي» لـ»القدس العربي» أن القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية سيشهد عملية إعادة هيكلة شاملة يتوقع أن تطال القناة التلفزيونية أيضاً، إلى جانب الإذاعة، على أنه سيتم توسيع بعض المكاتب في منطقة الشرق الأوسط لتحسين الأداء وتطوير المنتج بما يُحسن في النهاية من القدرة على المنافسة في أوساط الجمهور العربي.
وبعث مدير البرامج العربية في «بي بي سي» سام فرح الرسالة الالكترونية إلى الموظفين، التي أثارت موجة من القلق والجدل داخل الإذاعة والقناة ومخاوف من أن ينتهي الأمر إلى إغلاق بعض المنصات العربية كما حدث العام الماضي بالنسبة لمنصات غير عربية ولا انكليزية كانت الإدارة العليا لــ»بي بي سي» قد وجدت أنها لم تعد مفيدة ولا مجدية.
ونقلت تقارير إعلامية عن مسؤول التواصل في إذاعة «بي بي سي عربي» وسام صايغ تأكيده وجود «قرار بإجراء تغييرات بسبب رغبة المحطة في التوفير المالي» على حد تعبيره.
ولفت إلى أن «بي بي سي أعلنت العام الماضي أنها ستقوم ببعض الاقتطاعات المالية خلال العام المالي الحالي بهدف التوفير، كجزء من الخطة الشاملة للاقتطاعات المالية التي يقوم بها قسم أخبار بي بي سي من التمويل المتوفر من رسوم رخصة التلفزيون في بريطانيا» لكن صايغ قال إن «هذه الاقتطاعات لن تؤثر على البرنامج التوسعي للخدمة العالمية ولن يتأثر المحتوى المقدم منها لجمهورها».
وحسب المصدر الذي تحدث لــ»القدس العربي» فإن تغييرات واسعة ستشهدها الخدمة العربية على الشاشة والإذاعة، مشيراً إلى أنه تم وقف بعض البرامج بالفعل في إطار هذه التغييرات، ومن بينها برنامج «حديث الساعة».
وتأتي هذه التغييرات في «بي بي سي عربي» بعد انتقادات كبيرة واجهتها خلال الشهور والسنوات الماضية بسبب ما اعتبره كثيرون «انحيازاً وغياباً للموضوعية» في قضايا عربية عديدة. كما سبق أن تعرضت القناة إلى انتقادات بسبب موقفها من الأحداث في مصر وانحيازها في أكثر من برنامج للجيش الذي استولى على السلطة صيف العام 2013.
كما انتقد مؤيدون للثورة السورية تغطية «بي بي سي عربي» واعتبر كثيرون أنها منحازة لنظام بشار الأسد. وفي عام 2011 شهدت القناة إضراباً للعاملين فيها بسبب ما اعتبروه في ذلك الوقت «انتشاراً للمحسوبية وغياباً للسياسة التحريرية».
وخلال الأسابيع الماضية أثارت «بي بي سي» بكافة أقسامها عاصفة من الجدل في الصحافة البريطانية بسبب انكشاف الهوة في الأجور بين الرجال والنساء من الموظفين العاملين فيها، وانشغلت الصحف البريطانية بالحديث عن رواتب فلكية يتقاضها بعض المذيعين العاملين في القناة، وكثير منهم تبين أن رواتبهم تزيد عن راتب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
وحتى كانون الثاني/يناير الماضي، تلقت لجنة الإعلام في البرلمان البريطاني شكاوى من 170 من العاملات في «بي بي سي» علماً أن اللجنة تحقق في أجور العاملين في الهيئة منذ الكشف عنها في أيار/مايو من العام الماضي.
وتعتبر هيئة الإذاعة البريطانية «BBC» واحدة من أشهر وأعرق وسائل الإعلام في العالم، حيث تأسست في 18 تشرين الأول/أكتوبر 1922 ولاحقاً لذلك أطلقت الهيئة الإذاعة الناطقة باللغة العربية في الثالث من كانون الثاني/يناير 1938 أما القناة التلفزيونية العربية فهي واحدة من أحدث المؤسسات التابعة للهيئة حيث رآى التلفزيون العربي النور في العام 1994 أما الموقع الالكتروني العربي فتم إطلاقه في العام 1998 ليكون أيضاً واحداً من أوائـــل المواقــع الالكترونية العربية التي تبث الأخبار على مدار الساعة.

فوضى في «بي بي سي عربي» بسبب البدء في موجة إلغاء وظائف

تحذيرات جديدة من «الذكاء الاصطناعي»: يمكن أن يستخدمه المجرمون ويُدمر حياتنا

Posted: 24 Feb 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: أطلق تقرير جديد جملة تحذيرات غير مسبوقة من تكنولوجيا «الذكاء الاصطناعي» التي تجتاح العالم منذ سنوات والتي تشهد تطوراً هائلاً ومتسارعاً جعلها تدخل في كافة مجالات الحياة، ووصل القلق من هذه التكنولوجيا إلى تحذير العلماء من أن تؤدي إلى تدمير العالم بالكامل.
وحسب التقرير الذي استعرض آراء عدد من الخبراء فإن «الذكاء الاصطناعي» يمكن أن يصل إلى الأيدي الخطأ، سواء المجرمين أو الإرهابيين، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى استخدامه في عمليات تضر البشر.
وقال الخبراء إن تحويل الطائرات بدون طيار إلى صواريخ، واستخدام مقاطع الفيديو الزائفة للتلاعب بالرأي العام، والقرصنة الآلية ليست سوى ثلاثة تهديدات ناتجة عن وصول الذكاء الاصطناعي إلى الأيدي الخاطئة.
ويحذر التقرير الذي حمل عنوان «الاستخدامات الخبيثة للذكاء الاصطناعي» واطلعت «القدس العربي» على تفاصيله، من أن الذكاء الاصطناعي يمكن استغلاله من قِبل الدول المارقة والمجرمين والإرهابيين.
وقال معدو التقرير إنه يتعين على مصممي أنظمة الذكاء الاصطناعي بذل المزيد من الجهد لتقليل سوء الاستخدام المحتمل لتلك التكنولوجيا، كما أوصى بوجوب أن تعيد الحكومات النظر في فرض قوانين جديدة للتعامل مع ذلك.
ودعا التقرير واضعي السياسات والباحثين التقنيين للعمل معا لفهم الاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي والاستعداد للتعامل مع ذلك.
كما أكد على أنه رغم وجود العديد من التطبيقات الإيجابية للذكاء الاصطناعي، فإنه يمكن استخدام هذه التكنولوجيا في أمور سلبية. لذا، يتعين على الباحثين والمهندسين في مجال الذكاء الاصطناعي أن يضعوا ذلك في الاعتبار، ويستعدوا للتعامل مع احتمال إساءة استخدامه.
وقال شاهار أفين، من مركز دراسة المخاطر الوجودية التابع لجامعة «كامبريدج» البريطانية إن التقرير ركز على مجالات الذكاء الاصطناعي المتاحة الآن، أو المحتمل أن تكون متاحة في غضون خمس سنوات، بدلا من النظر إلى المستقبل البعيد.
والمقلق في الأمر، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي مدربة على التفوق على القدرات العقلية للبشر، بدون إرشاد أو تقويم بشري. وذكر أفين عددا من الاحتمالات التي قد يتحول فيها الذكاء الاصطناعي إلى «أغراض خبيثة» في المستقبل القريب.
ويشير التقرير إلى تكنولوجيا «ألفا غو»، وهو نظام ذكاء اصطناعي طورته شركة «دييب مايند» التابعة لشركة «غوغل» الأمريكية ويمكنها التفوق على لاعبي لعبة «غو» من البشر، ويمكن للمقرصنين استخدامها للكشف عن أنماط البيانات وثغرات الشفرات.
كما يمكن لشخص خبيث شراء طائرة بدون طيار (درون)، وتزويدها بنظام للتعرف على الوجوه لاستهداف شخص بعينه.
ويمكن أيضاً برمجة أجهزة الروبوت في مقاطع فيديو «مزيفة» محاكية للواقع بغرض الاستغلال السياسي، كما يمكن للمقرصنين استخدام المزج الخطابي لانتحال صفة الضحايا.
وقال مايلز برونديغ، الباحث في معهد مستقبل الإنسانية التابع لجامعة «أوكسفورد» البريطانية إن «الذكاء الاصطناعي سيغير نظرة المواطنين والمنظمات والدول للمخاطر – سواء كان ذلك من خلال قيام المجرمين بتدريب الآلات على الاختراق أو التصيد، على المستويات البشرية للأداء أو القضاء على الخصوصية والمراقبة – ستكون هناك آثار هائلة وواسعة النطاق على الأمن».
وأضاف: «في الغالب، لا تصل نظم الذكاء الاصطناعي إلى مستويات الأداء البشري فحسب، بل تفوقها كثيراً».
وأشار برونديغ إلى أن المثير للقلق، والضروري أيضا، النظر في الآثار المترتبة على القرصنة الخارقة، فضلا عن قدرات الذكاء الاصطناعي التي هي دون الإنسان، لكنها أكثر قابلية للتطور.
وقال سين أو هيجيرتيه، المدير التنفيذي لمركز دراسة المخاطر الوجودية وأحد المؤلفين المشاركين في التقرير: «الذكاء الاصطناعي غيّر قواعد اللعبة، وقد تخيل هذا التقرير ما يمكن أن يبدو عليه العالم في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة».
وأضاف: «نعيش في عالم يمكن أن يصبح محفوفا بالمخاطر اليومية بسبب سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، ونحن بحاجة إلى مواجهة هذه المشاكل، لأنها تحمل مخاطر حقيقية».
وتابع: «هناك خيارات نحتاج إلى اتخاذها الآن، وتقريرنا هو دعوة للعمل لكل الحكومات والمؤسسات والأفراد في جميع أنحاء العالم».

التفوق على عقل الإنسان

ويتوقع الباحث في شركة «غوغل» الأمريكية العملاقة جيوفري هينتون أن يكون ذكاء الآلات بحجم ذكاء عقل الإنسان خلال خمس سنوات فقط من الآن.
وتأتي هذه التوقعات لتؤكد أن تكهنات الخيال العلمي يمكن أن تتحول إلى حقائق قريباً، حيث يسود الاعتقاد لدى كثير من العلماء بأن نهاية الإنسان يمكن أن تكون على يد رجل آلي «روبوت» أكثر ذكاء منه، وهو ما سيؤدي حينها إلى انتهاء الحياة البشرية على كوكب الأرض.
وقال هينتون الذي يعمل باحثاً في مجال الذكاء الاصطناعي لدى «غوغل» ولدى جامعة تورونتو أن الآلات ستوازي الإنسان ذكاء خلال خمسة أعوام من الآن.
وأضاف هينتون الذي يوصف بأنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي أن أقوى الآلات الحالية هي أصغر من دماغ الإنسان بملايين المرات، ورغم أنها تمتلك ما يُعادل حوالي مليار نقطة اشتباك عصبي من الاشتباكات العصبية للدماغ مقارنةً بألف تريليون نقطة في الدماغ البشري، إلا أنها تتطور بسرعة كبيرة وتُصبح أكثر تعقيداً كل عام.
وفي إجابة على السؤال الذي طرحته مجلة «ماكلينز» الكندية حول ما إذا كان علينا أن نخشى من الذكاء الاصطناعي، قال هينتون أن أي تقنية جديدة قد تكون مثيرة للخوف في حال تمت إساءة استخدامها، وقال إن النقطة الأساسية هنا هي كيفية تعاملنا مع التكنولوجيا بشكل لا يجعلها مؤذية للبشر.

نهاية العالم

وكان العالم البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ قد أعرب عن مخاوفه من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقال إن نتيجة ذلك التطور المحتمل هو أنه سيكون هناك شكل جديد من الحياة.
وأوضح في مقابلة صحافية سابقة أنه إذا كان البشر يصممون فيروسات الكمبيوترات فإن بالإمكان تصميم ذكاء اصطناعي قادر على تطوير ونسخ نفسه، وحذر بالتالي من ظهور شكل جديد في الحياة يفوق بني البشر.
كما سبق أن حذر من أن يؤدي «الذكاء الاصطناعي» إلى تدمير البشر، وقال إن الذكاء الاصطناعي يمكن ان يكون أسوأ شيء يحدث للبشرية من أي وقت مضى.
ويتوقع أستاذ جامعة «كامبريدج» أن الروبوتات يمكن أن تتطور لدرجة أنها ستصبح «أسلحة قوية مستقلة» أو طريقة جديدة لـ»قمع الكثيرين».
وأضاف هوكينغ: «أعتقد أنه لا يوجد فرق كبير بين ما يمكن تحقيقه عن طريق العقل البيولوجي وما يمكن تحقيقه عبر جهاز كمبيوتر»، وتابع قائلا إن هذه الفرضية تعني أنه «من الناحية النظرية فإن الكمبيوتر يحاكي الذكاء البشري».
وحذر من الذكاء الاصطناعي، حيث «يمكن أن يطور إرادة خاصة به وهذه الإرادة يمكن أن تتعارض مع مصالحنا. فالتطور القوي للذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون إما أفضل او أسوأ شيء يحدث للإنسانية على الإطلاق».
وحذرت لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم البريطاني مؤخراً الحكومة من عدم استعدادها للتعامل مع الروبوتات التي ستغير بشكل جذري حياة الناس.

تحذيرات جديدة من «الذكاء الاصطناعي»: يمكن أن يستخدمه المجرمون ويُدمر حياتنا

سيارة كهربائية خارقة بتسارع خيالي في اليابان

Posted: 24 Feb 2018 02:02 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكنت شركة يابانية من ابتكار سيارة كهربائية خارقة من شأنها تغيير الفكرة السائدة عن السيارات النظيفة والتي يسود الاعتقاد بأنها أبطأ وأضعف وأقل كفاءة على الطريق.
وقال تقرير لجريدة «دايلي ميل» البريطانية، إن سيارة «أسبارك أول» اليابانية تتميز بتسارعها المذهل، حيث نجحت خلال التجربة في الوصول إلى سرعة 60 ميلا (100 كم/ الساعة) خلال أقل من ثانيتين. وقالت «دايلي ميل» إن سيارة «Aspark Owl» هي أول سيارة كهربائية قانونية للقيادة على الطرقات في العالم حيث سجلت تسارعاً من السكون وصولاً إلى 60 ميلا في الساعة (100كم/ الساعة) خلال زمن لم يتجاوز الـ1.921 ثانية فقط.
والسيارة مزودة بمحرك تبلغ قوته 430 حصانا، وهي ذات نظام رباعي الدفع، لا يتجاوز وزنها 860 كيلوغراما، وتأتي بعزم دوران يبلغ 563 رطلا/قدما.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين في الشركة اليابانية أنهم يخططون لإنتاج 50 سيارة فقط من «أسبارك أول»، إذ سيصل سعر الواحدة منها إلى 3 ملايين جنيه إسترليني، أي ما يعادل 4 ملايين و203 آلاف دولار أمريكي تقريباً.
وكانت الشركة المصنّعة للسيارة المبتكرة قد نشرت فيديو خاص بتسارع السيارة الكبير على إحدى حلبات السباقات، وذلك من دون أن تظهر مؤشر السرعة، وقد بدت السيارة مزوّدةً بعجلات خاصة بالسباقات، الأمر الذي ساهم في زيادة تسارعها.

سيارة كهربائية خارقة بتسارع خيالي في اليابان

روسيا تخترع سلاحاً خارقاً قادرا على تدمير رتل دبابات في ثوان

Posted: 24 Feb 2018 02:01 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: تمكنت روسيا من اختراع سلاح جوي ذكي جديد قادر على تدمير رتل من الدبابات دفعة واحدة وخلال ثوان قليلة ومعدودة، لتواصل بذلك سباقها من أجل التفوق على القوى الكبرى في العالم في مجال التسلح.
وقال موقع «سلاح روسيا» المتخصص برصد أحدث الابتكارات العسكرية الروسية إن السلاح الجديد عبارة عن «قذائف ذكية تصوّب ذاتيا يتم إيصالها إلى الهدف بواسطة القنابل الجوية أو الصواريخ المطلقة من راجمات الصواريخ. وبمقدور تلك القذائف أن تدمر خلال فترة وجيزة من الزمن رتلا من الدبابات أو وحدة من المدرعات التي تم نشرها استعدادا لشن هجوم. من بين تلك المدرعات دبابات مثل «أبرمس» الأمريكية « أو «ليوبارد» الألمانية».
وقال الموقع في تقرير إن من ميزات القذائف المذكورة تزويدها بالأجهزة العاملة بالأشعة ما تحت الحمراء التي تمسح كل ما تكتشفه على الأرض من معدات حربية. وبعد اكتشاف هدف ما تتجه نحوه القذائف الذكية المنفصلة عن الصواريخ أو القنابل الجوية النازلة بالمظلات بسرعة تزيد عن كيلومترين في الثانية.
وخلافا للصواريخ المضادة للدبابات فإن تلك القذائف تهاجم المدرعات من الأعلى وليس من الأمام أو الجانبين كما هو الحال عند استخدام الصواريخ المضادة للدبابات أو قذائف المدفعية.
يذكر أن سقف دبابة «أبرمس» أو أي دبابة حديثة عبارة عن نقطة ضعف لها لأن خصوصيات السقف لا تسمح بتقوية دروعها. أما أنظمة الحماية النشيطة فلم تتمكن بعد من مواجهة القذائف الساقطة على الدبابة من الأعلى، الأمر الذي يؤدي إلى تدميرها الفوري بكل بساطة.
وتواصل روسيا العمل على إنشاء جيش ذكي بالاستعانة بأحدث ما توصلت له التكنولوجيا في العالم بما يؤدي في النهاية إلى تقليل المخاطر والحفاظ على حياة العناصر البشرية.
وقالت تقارير سابقة لموقع «سلاح روسيا» إنه ستظهر في روسيا خلال الأعوام الخمسة المقبلة طائرات من دون طيار بوسعها تنفيذ المهمات العسكرية ضمن أسراب كما سيكون بإمكانها اتخاذ القرارات بشكل ذاتي على خلفية تغير الأوضاع في ميدان المعركة.
وقال مستشار نائب المدير العام لشركة «التكنولوجيا اللاسلكية الإلكترونية» الروسية فلاديمير ميخييف قوله: «نتطلع الآن إلى المستقبل، حيث ستستخدم الطائرات من دون طيار على نطاق واسع، منفردة أو ضمن أسراب. وستكون تلك الطائرات ذكية، أي أنها ستتخذ قرارات من تلقاء نفسها دون أي تدخل خارجي، وستخوض عمليات حربية وتستطلع أهدافها ذاتيا».
وتقول روسيا إنها تعمل على إنشاء جيش مزود بأحدث أنواع التكنولوجيا والمعدات الموجهة عن بُعد بما يضمن للمقاتلين الابتعاد عن المخاطر وخوض المعارك دون الانزلاق إلى أماكن القتال، وقامت تبعاً لذلك بتطوير العديد من الوسائل القتالية الذكية والحديثة والتي قامت مؤخراً بتجربتها في سوريا.

روسيا تخترع سلاحاً خارقاً قادرا على تدمير رتل دبابات في ثوان

مفاجأة جديدة من المريخ: صخور شبيهة بجبال الأرض

Posted: 24 Feb 2018 02:01 PM PST

لندن ـ «القدس العربي»: أرسل مسبار المريخ التابع لوكالة «ناسا» الفضائية لقطات تصور التشكيل الصخري الغامض المماثل لذاك الموجود على جبال كوكب الأرض، وهو اكتشاف قد يشير إلى وجود المياه على الكوكب الأحمر.
واحتفل مسبار وكالة ناسا «Opportunity» بإكمال 5 آلاف يوم «مريخي» على سطح المريخ، من خلال إرسال صور لسلسلة من «خطوط الصخور»، المتواجدة بمنطقة منحدرات تعرف باسم «وادي الثبات».
وعلى الرغم من وجود تشابه كبير بين هذا التشكيل الصخري وبعض الخصائص الموجودة على الأرض، فإن فريق المسبار «أوبورتيونيتي» لم يستبعد وجود أسباب أخرى تسببت في وجود تشكيلات المريخ، بما في ذلك الرياح وغيرها من العمليات الطبيعية.
وفي بيان حول هذا الاكتشاف، أصدرت وكالة «ناسا» صورة للخطوط الصخرية في مخروط بركاني في مونا كيا بهاواي، وذلك لإجراء المقارنة.
والجدير بالذكر، أن مسبار المريخ هبط على سطح الكوكب الأحمر في كانون الثاني/يناير عام 2004، وذلك في مهمة مدتها 90 يوما مريخيا، حسبما كان مقررا سابقا.
وتشير الأبحاث الأخيرة، التي نُشرت الشهر الماضي، إلى أن المريخ يحتوي على صفائح جليدية على عمق 100 متر تقريبا، ما يوفر مصدرا محتملا للمياه بالنسبة للمستكشفين في المستقبل.

مفاجأة جديدة من المريخ: صخور شبيهة بجبال الأرض

مسعفون في الغوطة: القصف لا يهدأ لفترة تكفي لإحصاء الجثث

Posted: 24 Feb 2018 02:01 PM PST

قال مسعفون بمنطقة الغوطة الشرقية إن القصف لا يهدأ لفترة من الوقت تسمح لهم بإحصاء الجثث وذلك في واحدة من أكثر حملات القصف فتكا في الحرب الأهلية المستمرة في سوريا منذ سبع سنوات.
وندد سكان تحصنوا بالأدوار السفلى في مبان وجمعيات خيرية طبية بالهجوم على 12 مستشفى كما ناشدت الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في الغوطة، المعقل الكبير الوحيد لمقاتلي المعارضة قرب العاصمة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تصعيد نيران الصواريخ والقصف والغارات الجوية أودى بحياة قرابة 500 شخص منذ مساء يوم الأحد. ومن بين القتلى أكثر من 120 طفلا.

مسعفون في الغوطة: القصف لا يهدأ لفترة تكفي لإحصاء الجثث

كيف نحمي أطفالنا من مخاطر الانترنت؟

Posted: 24 Feb 2018 02:00 PM PST

تونس ـ «القدس العربي»: هزت حادثة انتحار طفل تونسي في الثالثة عشرة من عمره شنقا في مدينة زغوان نتيجة ممارسته للعبة الحوت الأزرق، الشارع التونسي وأصابت الكثيرين بالحيرة والذهول. فلم يكن أحد يتوقع أن توصل لعبة إلكترونية شخصا إلى الانتحار خصوصا إذا تعلق الأمر بصبي يافع ما زال يتحسس أولى خطواته في درب الحياة الشائك.
واللافت أن الطفل التونسي ليس الوحيد الذي انتحر إثر ممارسة هذه اللعبة الغريبة، فهناك لائحة تضم ضحايا من بلدان أخرى، عربية وأجنبية، منهم طفلان من الجزائر وطفلة سعودية لم تتجاوز 12 عاما تدعى خلود سرحان وأخرى تدعى أنجلينا دافيدوفا من روسيا ألقت بنفسها من علو شاهق والأوكرانية فيلينا بيفن التي لم يتجاوز عمرها 15 عاما.
وابتدع اللعبة شاب روسي يُدعى فيليب بوديكين يبلغ من العمر 21 عاما بغاية تطهير المجتمع من «النفايات البيولوجية» على حد تعبيره أثناء التحقيق بعد أن تم القبض عليه واعترف بجرائمه، وأكد أن من أقدموا على الانتحار تنفيذا لـ»وصايا» لعبته كانوا سعداء بما يقومون به عن طيب خاطر ومن دون إكراه من أي طرف كان.
أودع مبتدع اللعبة السجن وهو الذي كان يستهدف شريحة بعينها أي الأطفال الذين لديهم مشاكل عائلية أو اجتماعية باعتبار هشاشة وضعهم النفسي وسهولة إقناعهم بعيدا عن رقابة الأولياء. فهذه اللعبة تمكنهم من إثبات الذات بعيدا عن مجتمع لم يعرهم الاهتمام اللازم والمطلوب في تنشئة الطفل سليما خاليا من العقد والرواسب النفسية.
ولعل السؤال الذي يطرح، كيف يسمح لهذه اللعبة أن تتواجد ويتواصل الانخراط فيها من قبل الأطفال والمراهقين رغم أن صاحبها مودع في غياهب السجن؟ ألا يؤكد ذلك أن هناك جهة أو مجموعة لديها أهداف محددة، ولا يقتصر الأمر على شخص المبتدع للعبة الذي من الوارد أنه مجرد كبش فداء للتغطية على نشاط الآخرين؟ لماذا لم يقع القبض على بقية أفراد الفريق المشرف على اللعبة وتركهم أحرارا يدفعون المراهقين دفعا إلى الانتحار؟

استهداف المراهقين

ولعل إمكانية تحميل «الحوت الأزرق» على أجهزة الهواتف المحمولة هو الذي جعل هذه اللعبة واسعة الانتشار في صفوف مستعملي الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة. كما أن استهدافها لشريحة المراهقين الذين تراوح أعمارهم بين 12 و 16 عاما، أي الفئة غير المكتملة النضج والقادرة على تدبر أمرها في حال عزمت على الانتحار خلافا لمن هم دونها سنا، يجعل من ابتدعوها ينجحون بسهولة في تحقيق مسعاهم.
ويبدو أن هناك جهة تتواصل مع المنخرطين في هذه اللعبة «التحدي» التي يطلب فيها بداية من المشارك الذي سيخوض خمسين مرحلة أن ينقش عبارة 57 F أو يرسم حوتا أزرق على ذراعه بآلة حادة. لأنه يطلب من المتباري أن يرسل صورة له بهذا النقش أو تلك الصورة لينال رضا المشرفين الذين يوجهون عن بعد ويدفعون المراهقين بتوجيهاتهم تدريجيا إلى الانتحار.
ومن بين التحديات التي يكون المراهق مجبرا على اجتيازها، ضرورة النهوض من النوم فجرا لتلقي مقطع موسيقي يؤثر سلبا على الحالة النفسية للمشارك، أي إصابته باليأس والإحباط. بالإضافة إلى مشاهدة أفلام الرعب والصعود إلى الأماكن المرتفعة مثل الجسور وأسطح المباني لمحاربة الخوف استعدادا للانتحار الذي هو الغاية على ما يبدو.
وأخيرا تأتي التعليمات للمشارك بعزل نفسه عن العالم الخارجي ومشاهدة أفلام الرعب مع تعذيب النفس من خلال جرح الجسم في أماكن متفرقة. وفي نهاية المطاف يطلب صراحة من المتباري أن ينتحر ولا يسمح له بالانسحاب بعد تهديده بفضح ما يمتلكونه عنه من معلومات صرح بها أثناء اجتيازه للعقبات المتعلقة باللعبة.

الرقابة العائلية

وتؤكد الدكتورة ايناس بنمسعود رزاق الأخصائية التونسية في طب الأطفال لـ القدس العربي» ان استعمال الانترنت بصفة عامة يحمل مخاطر وتأثيرات جانبية سلبية. وتضيف: «بالرغم من كل ايجابيات الانترنت والأهداف التي انشئت لأجلها ومنها تسهيل الحصول على المعلومة والبحث السريع، إلا أنه مع مرور الوقت اكتشف الأطباء والمختصون النفسيون ان هناك مشاكل تتأتى من استخدامها. وان لها تأثيرات جانبية نفسية وصحية خطيرة على الأطفال، خاصة عندما لا يخضع استخدامها لضوابط أو رقابة عائلية». فاستخدام لعب الانترنت أو أي نشاطات الكترونية دون رقابة يمكن ان يجر الأطفال إلى أعمال سيئة تصل في بعض الأحيان إلى درجة الموت كما حصل مع الطفل التونسي الذي انتحر مؤخرا بسبب لعبة «الحوت الأزرق».
وأوضحت ان هناك مخلفات سلبية أخرى للانترنت مثل صعوبة التركيز والتعلم وصعوبة اندماج الطفل مع محيطه الاجتماعي والعائلي بسبب قضائه وقتا طويلا أمام شاشة التلفزيون أو الكمبيوتر أو الهاتف المحمول. وتضيف: «عندما يتمسك الطفل باستخدام الانترنت بطريقة مفرطة تصبح لديه صعوبة في تسجيل المعلومات في ذهنه إضافة إلى صعوبات في الاندماج الاجتماعي ويتحول إلى إنسان يعيش في عالم افتراضي». وقالت: «هناك ألعاب الكترونية ونشاطات تحمل معها خطرا كبيرا، إذ تضع الطفل أمام تحديات تفوق عمره وقدراته الذهنية، وعند تخطي مراحل اللعب يصبح مدمنا على الانترنت ويصب كل هدفه على الانتصار في اللعبة مهما كان ثمن التحدي. فبعض الألعاب الالكترونية مثل «الحوت الأزرق» تفرض تحديات، إذ يطلب البرنامج من المتلقي ضرب عروقه أو وضع حبل حول رقبته وعندما لا يقوم بالتحدي اللازم تصبح لديه حالة اكتئاب وهي الحالة القصوى، ويمكن ايضا ان يتعرض لاضطرابات النوم».
وتحذر رزاق من تعريض الأطفال تحت الثلاث سنوات إلى شاشات التلفزيون والانترنت. وبالنسبة للأطفال ما فوق عمر الثلاث سنوات، تنصح اخصائية طب الأطفال بعدم تجاوز الطفل الوقت المسموح له وهو ربع ساعة أو عشرين دقيقة في اليوم. ويمكن ان تطول المدة الزمنية حسب تقدم الطفل في العمر وتطور قدراته الذهنية. وحذرت من ان هناك أيضا مخاطر أخرى تتأتى من بعض مواقع الاتصال أو الدردشة حيث يجد الطفل نفسه أمام نشاطات خطيرة أو تواصل مع غرباء دون رقابة الأولياء. لذلك شددت على ضرورة ان يكون استخدام الانترنت ضمن وسط عائلي وتحت رقابة الوالدين.

مجموعة الموت

ويؤكد حسام زواغي مهندس إعلامي واستاذ في جامعة منوبة مختص بتطوير الألعاب الالكترونية، ومسؤول في المنظمة التونسية لمطوري الألعاب التونسيين لـ «القدس العربي» ان ما يسمى بالحوت الأزرق ليس لعبة الكترونية، بل هو برنامج يتضمن مجموعة تحديات وضعها طالب روسي في كلية علم النفس يدعى بوتكين ويبدو انه كان مريضا نفسيا وألقت الشرطة القبض عليه وكان له شركاء ضمن شبكة اجتماعية لتطوير هذا النشاط الخطير وتدعى بمجموعة الموت». وأضاف: «أريد ان اؤكد انها ليست لعبة انترنت بل هناك مجموعة مسيرين يسهرون على برنامج التحديات الذي انطلق في روسيا عام 2013. وحدثت أول حالة انتحار سنة 2015. وعندما ألقت الشرطة الروسية القبض على مخترع هذا النشاط قال لهم انه أراد تطهير المجتمع عبر دفع الناس إلى الانتحار».
وعمن يقف وراء ترويج هذه النشاطات قال محدثنا انها لوبيات متطرفة تشبه لوبيات تهريب المخدرات وكلها تؤدي إلى الطريق نفسه أي الموت والانتحار. وأشار إلى انها ليست موجودة على محركات الألعاب العادية، وتصل إلى الشباب والمراهقين بطرق سرية من أجل نشر ثقافة الموت والانتحار. مشيرا إلى انها تتشكل من 50 مرحلة. وقال انه حسب تصريحات من نجوا من هذه المجموعة فانه كان يطلب منهم في البداية تحديات مضحكة مثل الذهاب للبحر ليلا، وهم يستهدفون الشريحة العمرية الهشة مثل الأطفال والمراهقين لنقص الوعي لديهم عبر عملية غسل دماغ كلي. وقال ان الخطورة تكمن بان هذا البرنامج يطلب من المتلقي رقم بطاقته وهويته الحقيقية ومعلومات عن أصدقائه وعائلته ومحطيه وإذا أدلى بالمعلومات الصحيحة حينها يكون قد وقع في فخ مجموعة الموت، حيث تقوم بتهديده بقتل عائلته أو أصدقائه إذا لم يكمل مراحل البرنامج كاملة حتى الموت انتحارا، لذلك يقدم على الانتحار وهو في حالة تخدير عقلي ويعتبر نفسه بطلا لأنه ضحى بنفسه من أجل حماية عائلته.
وقال زواغي ان انتشار هذه البرامج الخطيرة يصبح سهلا بسبب تفكك الروابط العائلية وعدم وجود رقابة على الأطفال والمراهقين. وتابع: «هناك عديد اللعب الخطيرة الأخرى، والحماية ليست في منع التطبيقات لأنه يصعب ذلك في ظل انتشار الانترنت لكن يجب تطوير الوعي الحديث مع الأطفال والشباب والمراهقين واعطائهم الفرصة للتعبير عن أفكارهم وأحلامهم وطموحاتهم دون خوف».

كيف نحمي أطفالنا من مخاطر الانترنت؟
انتحار طفل تونسي في لعبة «الحوت الأزرق»
روعة قاسم

بيف ميشادو

Posted: 24 Feb 2018 02:00 PM PST

المكوّنات: كيلو لحم بقري مقطع مكعبات
250 غرام بصل جوانح
2 حبة ليمون شرائح مع القشر
3 ملعقة طعام صلصة البندورة
5 ورق غار (لوريل)
نصف ملعقة ملح
نصف ملعقة فلفل أسود
نصف كوب شاي صويا صوص
مكعب ماجي
نصف كيلو بطاطس بحجم اللحم
100 غرام ثوم مطحون
ربع كوب زيت نباتي

طريقة التحضير
في قدر متوسط نضع الزيت ونشوح البصل والثوم.
بعد الاستواء نضيف نصف كمية الليمون نشوحه قليلا ثم نضيف اللحمة ونقلب الخليط جيدا حتى تحمر اللحمة.
نضيف صلصة البندورة ونقلب حتى نحصل على قوام متماسك ثم نضيف كمية ماء تغطي اللحم ونتركها على نار هادئة حتى نصف استواء.
نضيف بعدها الليمون والبطاطس ومرق الدجاج ونغطي القدر حتى تستوي البطاطس ويتبخر الماء.
نضيف أخيرا صلصة الصويا وباقي الليمون ونتركه مدة خمس دقائق حتى تسبك تماما.

بيف ميشادو

طبق الأسبوع

دراسة: المشروبات الحامضية تسبب تآكل الأسنان

Posted: 24 Feb 2018 02:00 PM PST

حذّرت دراسة بريطانية حديثة، من أن تناول المشروبات الحامضية، مثل الشاي بنكهة الفواكه والمياه المنكّهة والمشروبات المحلّاة والكحول، قد يؤدي إلى تآكل الأسنان.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أمس السبت، أن الباحثين في جامعة «كينغز كوليدج لندن»، أكدوا أن تناول تلك المشروبات بين الوجبات، والإبقاء عليها في الفم قبل ابتلاعها، يزيد من مخاطر تآكل الأسنان بسبب الأحماض.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يتناولون مشروبات، مثل الماء المضاف إليه شريحة ليمون، أو الشاي الساخن بطعم الفاكهة، مرتين يوميًا بين الوجبات، كانوا معرضين بـ11 ضِعفًا لتآكل الأسنان الحاد أو المتوسط، مقارنة بغيرهم.
وتآكل الأسنان هو فقدان تدريجي للمادة الصلبة منها، بسبب عمليات كيميائية لا تتضمن نشاطًا بكتيريًا.
وهناك أسباب أخرى تزيد من مخاطر تآكل الأسنان، منها النظام الغذائي، واختيارات نمط الحياة، والبيئة، وبعض الأدوية.
وفحصت الدراسة، الأنظمة الغذائية لـ300 شخص يعانون من تآكل شديد في الأسنان، واكتشف الباحثون أن المشكلة تتفاقم كلما ازداد تناولهم المشروبات الحامضية.
ونقلت الدراسة عن الدكتورة سيشا أوتول، من معهد الأسنان في الجامعة نفسها، وقائد فريق البحث، قولها: «إذا كنت ترتشف أشياء لفترات طويلة من الوقت، أي أطول من 5 دقائق، وإذا كنت تمضغ الأشياء، وتقضم الفواكه في فمك لدقائق قبل أن تبتلعها، فإن ذلك قد يضر بأسنانك للغاية».
وأضافت «إذا كنت تنوي تناول تفاحة كوجـــبة خفــيفــة فـــي وقت الغـداء، عليك أن تحاول ألا تأكل شيئا حامضيًا آخر في المساء».
(الأناضول)

دراسة: المشروبات الحامضية تسبب تآكل الأسنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق