حفتر: مَنْ يكاتب أيتام المخابرات المركزية؟ Posted: 23 Dec 2017 02:09 PM PST هل كان الجنرال/ الماريشال الليبي خليفة حفتر قد قبل باتفاق الصخيرات، أصلاً، لكي يعلن اليوم «انتهاء صلاحيته»، ويبشّر ببديل له هو «صوت الشعب الليبي الحر»؟ وما الذي يمكن أن تعنيه هذه العبارة الغائمة، سوى رغبة حفتر الجارفة في ترشيح نفسه لرئاسة البلد، استكمالاً لتنصيب نفسه، بنفسه، «منقذاً» للشعب الليبي، وحفار قبر «الإرهاب الدولي» في ليبيا؟ هذه، على نحو متطابق بدرجات عالية مذهلة، هي اللوثة التي سبق أن أصابت ممثّلي العسكرتاريا في قلب بعض الأنظمة العربية، خاصة تلك التي ادعت «التقدم» و»اليسار» و»الاشتراكية» في السابق؛ قبل أن تهتدي إلى، أو تجبرها متغيرات الكون الإيديولوجية على، اعتناق عقيدة (زائفة، مضللة، غوغائية…) بديلة هي «محاربة الإرهاب». الضابط الذي اعتبره معمر القذافي بمثابة ابن له مطلع سبعينيات القرن الماضي، وقائد الحملة العسكرية التي سيّرتها ليبيا ضدّ تشاد سنة 1987، والأسير لدى الجيش التشادي الذي سوف يتخلى عنه سيده العقيد، المعيّن ذاتياً قائد «الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا»، الذي سوف تنقذه المخابرات المركزية الأمريكية وتنقله جواً إلى ولاية فرجينيا بعد انقلاب تشاد المناصر للقذافي… كيف لا تصيبه لوثة التنطح للإنقاذ وللقيادة والرئاسة! وبالطبع، حين انحنى القذافي أمام الإرادة الأمريكية وأوقف أحلامه النووية، توجب أيضاً أن ترسل له واشنطن بعض الأعطيات، وكان في عدادها تخلّي المخابرات المركزية عن حفتر، الذي رضي بمصير «السعيد بين أحفاده» في فرجينيا كما صرّح؛ وأن تنقله من مصافّ رجل الخدمة إلى لائحة أيتام الوكالة، وهم كثر! عودته إلى ليبيا لم تكن بترتيب أمريكي، إذْ أنّ إدارة باراك أوباما كانت منخرطة لتوّها في صيغة التقاسم التي ستلد اتفاق الصخيرات حول التسوية السياسية، ولهذا فإنّ إدارة دونالد ترامب ليست بدورها في صدد إعادة تجنيده، فالحاجة إليه في ليبيا الراهنة نافلة. أمّا رعاته الإقليميون فإنهم اليوم أكثر انشغالاً بملفات ملتهبة، داخلية خاصة بهم أو إقليمية تمسّ أمنهم القومي مباشرة، من أن يقطعوا أية خطوة ملموسة تداعب أوهام الماريشال الرئاسية. هل ثمة مَن يكاتب الجنرال/ الماريشال إذن؟ ليس فائز السراج، و»المجلس الرئاسي»؛ ولا عبد الرحمن السويحلي، و»المجلس الأعلى للدولة»؛ بوصفهما ضمن هيئات انبثقت عن اتفاق الصخيرات ذاته، الذي أعلن حفتر دفنه من طرف واحد. وليس عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الموازي في المنطقة الشرقية، لأنه لم يشاطر حفتر في إعلان الوفاة، بل شدّد على النقيض: أي خيار الانتخابات، والحوار مع هيئات المنطقة الغربية. وأمّا أنصاره الضباط فقد بدأت أعدادهم تتناقص لأسباب لوجستية تتصل بتوحيد الجيش الرسمي، وأخرى قبائلية تأخذ ولاءات الضباط إلى مشارب لا تتطابق دائماً مع برامج حفتر؛ فضلاً عن تمركز القوّة العسكرية الأبرز في مصراتة والمنطقة الغربية عموماً، وليس في بنغازي حيث تنتشر الوحدات الموالية للماريشال. والحال أنّ لجوء حفتر إلى العزف على نغم الرجوع إلى «الشعب الليبي الحرّ دون سواه، فهو الوصيّ على نفسه والسيد في أرضه»، تشير ضمناً إلى شرخ في علاقة التضامن والتكافل التي جمعته مع صالح ومجلس نواب الشرق، من جهة أولى؛ كما توحي، من جهة ثانية، بتآكل حلفائه، أو قلقه من أنّ قبائل فاعلة يمكن أن تنفضّ عنه إلى خطوط تحالف أخرى. وفي كلّ حال، لم يعد خطابه عن تحويل ليبيا إلى مقبرة لـ»الإرهاب الدولي» بضاعة رائجة، تعبوية أو تخديرية، بالنظر إلى عجزه عن استهداف «الدولة الإسلامية» حيث يتوجب أن تُضرب في مواقعها الحصينة، أو فشل العمليات العسكرية المحدودة التي شنتها قواته فعلياً في هذا الصدد. وفي الحصيلة، يبدو مشروع حفتر سائراً نحو مآلات عجز مفتوحة، تنتهي في جوهرها إلى ردّ الجنرال من حيث أتى؛ في لائحة الأيتام إياها! حفتر: مَنْ يكاتب أيتام المخابرات المركزية؟ صبحي حديدي |
هل هي بداية نهاية الأساطير؟ Posted: 23 Dec 2017 02:09 PM PST سبقني زميلي واسيني الأعرج إلى شكر ترامب إثر تصريحه بخصوص القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. رأيت في إقدام ترامب على هذا الفعل رغبته في دخول التاريخ من بابه الواسع، من جهة، ومن جهة ثانية تنفيذه لقرار لم يقدم عليه أي من رؤساء أمريكا السابقين عليه. ألقى ترامب حجرة في بركة العرب والمسلمين الآسنة بعد أن تبين له أن الجسد الذي يمتلكها بلغت جراحه النازفة أقصاها، وأنه لا يقوى على أي حراك لتنقيتها مما وحل فيها. وكانت دواعي شكري له تكمن في أنه أبرز، من خلال ردود الفعل الشعبية العربية ـ الإسلامية، أن القلب الذي يحمله ذاك الجسد ما زال ينبض بالحياة رغم كل النزيف، وأن فلسطين الذي تم شغل الناس عنها منذ عقود بدواع لا حصر لها، ما تزال تحتل حيزا في الذاكرة والوجدان. جاء هذا التصريح مباشرة بعد أن شرع التلويح ببداية نهاية أسطورة «داعش» في العراق وسوريا، من جهة، وبعد التأكد من انقسام العرب على أنفسهم شذر مذر، بحيث يستحيل اجتماعهم مرة أخرى على كلمة واحدة، من جهة ثانية، بل وبداية بوادر اعتبار قضية فلسطين ثانوية، من جهة ثالثة. وكان لا بد من استغلال بدايات تلك النهاية، والانقسام، والتبعية المطلقة لخلق بداية جديدة تصب في اتجاه توتير العلاقات من جديد وتعقيدها في المنطقة، عبر التوجه إلى «بيت القصيد» في كل الحروب التي جعلت الشرق الأوسط بؤرة مشتعلة منذ أواخر الأربعينيات من القرن الماضي إلى الآن تحت دوال مختلفة، يتم خلقها، أمة بعد أمة، لكن المدلول الجوهري واحد: القضية الفلسطينية. إن حل كل المشاكل التي يتخبط فيها العالم المعاصر، ليتوجه إلى القضايا البيئية التي تهم البشرية جمعاء، يتجسد في كلمة واحدة: وضع حد لمشكلة القضية الفلسطينية. وما الحرب على العراق، وتدمير قدراته، وبروز الإرهاب والتطرف، بدءا من القاعدة وصولا إلى «داعش»، وتعريض سوريا للتدمير، وإحداث شرخ كبير في البيت العربي، واستنزاف خيرات المنطقة عبر بيع الأسلحة… كل ذلك ليس سوى من تداعيات القضية الفلسطينية، مباشرة أو ضمنا. وإذا كانت الحروب الثلاثة في 48، و67، و73، قد خاضتها إسرائيل بشكل مباشر ضد الفلسطينيين، بدعم لاحد له من أمريكا، فإن كل الحروب بعدها، بدءا من حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، والثانية ضد العراق، والحرب على الإرهاب، كلها تكلفت بها أمريكا، معفية إسرائيل من الانخراط فيها، بجعلها تهتم بالحرب الداخلية ضد الفلسطينيين عبر تقسيمهم أولا، من جهة، ومواجهتهم، من جهة أخرى، بفرض المزيد من الاستيطان لخلق واقع ثابت يعلو على أي واقع محتمل بعد نهاية كل الدواعي التي تخاض فيها حروب باسمها في المنطقة. في هذه الصيرورة التي بات فيها الجسد العربي والإسلامي عاجزا، ومنقسما، وغير قادر على فعل أي شيء، يتم إلهاؤه بالحروب العربية ـ العربية ـ الإسلامية، وتضخيمها على أنها القضايا الكبرى التي عليه الانشغال بها. وستظل العراق وسوريا، في حال حل مشاكلهما المستعصية عاجزتين عن أية مقاومة، ولو على المستوى الافتراضي، لأن الواقع منذ بداية السبعينيات أثبت أن الممانعة ليست سوى شماعة ضد الشعوب، وليست ضد إسرائيل. وصل ترامب إلى البيت الأبيض، في هذا السياق، ليستكمل المسيرة، وهو يرى أن الأوان قد حان لقطف ثمار أسطورة «إسرائيل الكبرى» و»الحرب المقدسة» على العرب والمسلمين بإعلان القدس عاصمة «أبدية»، وإثبات أن الرؤساء السابقين كانوا جميعا يمهدون من أجل الوصول إلى هذه المرحلة. وها هي ساعة القرار قد دقت. ولم يبق سوى نفاذ أسطورة الدعوى الصهيونية. اعتبرت إسرائيل القرار تاريخيا، بمعنيين: أولهما أنه يأتي في أوانه. وأنه ثانيا يحقق الحلم التاريخي الذي استفاق عليه الصهاينة مع وعد بلفور، وأن اليهود عادوا إلى أرضهم بعد ثلاثة آلاف سنة. وأن القرار واقعي لأنه يتأسس على ما جعلته إسرائيل واقعا حقيقيا، عن طريق المستوطنات، في الوقت التي كانت تخاض فيه الحروب عنها بالوكالة لإضعاف دول المنطقة، وإنهاكها، وجعل الشعوب العربية منشغلة عنها بقضاياها ومطالبها في تحقيق الحرية. ليس الأمر قضية شخصية لترامب، كما تزعم التحليلات السطحية ذات النزوع النفسي. كما أن الرجل ليس أحمقا ولا مجنونا، كما تقدمه بعض الوسائط الاجتماعية، فهو يدير السياسة كرجل أعمال ناجح، ويتصرف كمدير مقاولة مسؤول. وما قدمه في برنامجه الدعائي بدأ في تطبيقه مباشرة بعد فوزه في الانتخابات. ابتدأ بجمع الأموال من الخليج على اعتبار أنها غنية، وعليها أن تدفع فاتورة الحروب الأمريكية. وهدد كوريا الشمالية، وادعى بأنه سيمحوها من الوجود، وتوعد إيران، وها هو يعمل على تخفيض الضرائب في بلاده، ويواصل رفع التحدي بما مهد له الرؤساء السابقون حول القدس… وما تهديده بقطع «المساعدات» عن الدول التي تصوت ضد القرار بتبرير توفير مليارات الدولارات لفائدة الخزينة الأمريكية، كما يقول غير آبه للقوانين الدولية، أو سيادة الدول في اتخاذ قرارتها، أو لاشتراطات الخطاب الدبلوماسي واستراتيجياته التي تنظر لها أدبيات تحليل الخطاب. إن ترامب يريد بتبريره هذا أن يبين للعالم أن «المساعدات» التي تذهب إلى بعض الدول المستضعفة سواء كانت غنية أو فقيرة هي باب «الصدقات» التي يتبرع بها على الآخرين، غير مدرك، أو غير معترف بالأحرى، أن تلك «المساعدات» المسمومة ترهن تلك الدول وتجرها إلى التبعية المطلقة للسياسة الأمريكية، وتعرض تلك المناطق إلى المزيد من التخلف والخنوع بدعوى الحماية من الأخطار المفترضة، والمساندة «اللامشروطة». لكن أمريكا حين تظهر مصالحها المهددة تنفض يديها من كل التزاماتها تجاه الدول التي رهنت مصيرها بها، وتفرط فيها بين عشية وضحاها. وتاريخ علاقات أمريكا مع حلفائها يقدم عشرات الأمثلة. ليس لأمريكا سوى حليف واحد، هو نفسها، ووحيد هو إسرائيل باعتبارها ولاية أمريكية في الشرق الأوسط، مهما كان الحزب الذي يتولى البيت الأبيض. كنت أود شكر ترامب ليس لأنه اتخذ قرارا، ولكن لأني رأيت أن بإمكان قراره هذا أن يدفع الفلسطينيين إلى نسيان كل تاريخ صراعاتهم، وإلى الأبد، وأن يتفرغوا يدا واحدة لمواجهة الاحتلال الصهيوني. وأن يدرك العرب والمسلمون أن كل خلافاتهم تافهة أمام ما يدبر لكل واحد منهم، وبالتناوب، من استراتيجيات ترمي إلى إدامة تأخرهم، واستمرار تناحرهم، والحرب الإيرانية ـ العراقية خير مثال. وما بروز نبض قلب الشارع العربي والإسلامي، رغم كل المآسي، سوى تجسيد لهذا الموقف المطلوب. بدون وحدة العرب والمسلمين، وتجاوز كل الخلافات المصطنعة لا يمكن الحفاظ على العروش، ولا تحقيق أحلام الشعوب في العيش الكريم. كنت أود شكر ترامب لأنه أعاد سيناريو بوش حين قال: إما أن تكون مع أمريكا، أو ضدها، وهو يتوعد الدول بابتزاز تاجر حقير لا يقل دناءة عن تاجر البندقية، فجاء التصويت عنيفا: «لا لأمريكا»، إعلانا لاستيقاظ الضمير العالمي، وإبرازا لكون أسطورة أمريكا العظمى هي في بدايات نهايتها، تماما مثل الأسطورة الصهيونية. وكل بداية جديدة في التاريخ لا بد لها من رجل مثل ترامب، فهل سيكون العرب في مستوى اللحظة التاريخية؟ ويستيقظون من أوهام الارتباط بأمريكا؟ آه … تلك هي المسألة! كاتب مغربي هل هي بداية نهاية الأساطير؟ سعيد يقطين |
حفتر والصخيرات: الماريشال في المتاهة Posted: 23 Dec 2017 02:09 PM PST أعلن الماريشال خليفة حفتر أن اتفاق الصخيرات حول ليبيا، الذي تم التوصل إليه في المغرب قبل سنتين، فقد صلاحيته ولم يعد مشروعاً. وألمح إلى احتمال أن يرشح نفسه لرئاسة البلاد، رغم التآكل الذي يلوح في صفوف حلفائه داخل ليبيا، وكذلك القوى الإقليمية التي تسانده. وإلى جانب الأخطار الكبرى التي تحيق بالوضع الليبي أصلاً، يضيف حفتر مغامرة الإطاحة باتفاقية التسوية السياسية إرضاء لأحلامه الرئاسية. (ملف حدثَ الأسبوع، ص 8 ـ 13) حفتر والصخيرات: الماريشال في المتاهة |
الشارع منجذب لموقف أردوغان ولقبه: منظومة «الخليجي» ترتطم بمصالح الشعبين الأردني والفلسطيني Posted: 23 Dec 2017 02:09 PM PST عمان ـ «القدس العربي»: التهدئة الملاحظة من الأردن مع الشريك «الخليجي» عمومًا والسعودي حصريًا، لها ما يبررها في مطلق الأحوال، ويمكن قراءتها في سياق العلاقة الطبيعية بين «القوي والضعيف» اقتصاديا في الأقل. وهي تهدئة تخدم استراتيجية أردنية «كتومة جدًا» هدفها الأعمق والأبعد «الوقاية من مواقف أكثر خطورة وتشددًا» كما تفهم «القدس العربي» من سياسيين كبار يلاحظون أن اخفاق التحالف العربي في اليمن ولبنان وسوريا قد يختار الأشقاء تفريغه في بلد كالأردن. على هامش مظاهر طرق الأبواب الإيرانية والسورية، يقترح سياسي مخضرم مُحنّك على وزير الخارجية أيمن الصفدي أن تشمل إحدى جولات الملك عبدالله الثاني زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون خدمة لمنطوق التنويع. لا يمكن ببساطة تقبل مثل هذه النصيحة، من قبل مستويات القرار التنفيذي، ولا تحمل كلفة اقتراحها خصوصًا عند الحلفاء التقليديين لعمان في واشنطن وأبو ظبي والرياض. رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة في المقابل يعرف أصول لعبة التكتم، وهو يقرر تسريبا خجولا يحاول إخفاء حصول إشارات إلى «طموح عربي» مستقبلي محتمل له علاقة هذه المرة بالملف الأكثر حساسية وهو «مدينة القدس» الأمر الذي تنفيه السعودية في كل المناسبات. على نحو أو آخر، امتنع الإعلام الرسمي الأردني عن إعادة تدوير واستعمال المصطلح الجذّاب الذي اقترحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قمة إسطنبول الأخيرة، عندما خاطب الملك عبدالله الثاني بصفته «حامي القدس والمقدسات». الجاذبية التي تنتج ويمكن تسويقها عن هذا اللقب في إطار شرعنة «الوصاية الهاشمية» أخفقت في إقناع الأردنيين على المستوى الإعلامي حتى بالتجرؤ على تكراره واعتماده في الأخبار الرسمية. الهدف من ذلك واضح، وهو تجنب استفزاز الأطراف الشريكة وفي إطار التهدئة مع نادي الحلفاء التقليدي. خلافا للدولة وللإعلام الرسمي والمسؤولين، جذب اللقب المشار إليه نخبة عريضة من المواطنين الأردنيين، فقط، واعتبروه ردا مناكفا ومعقولا على تحرشات ومواقف غامضة في ملف القدس بعد قرار الرئيس دونالد ترامب بخصوصها. يفترض أن بعض الأطراف خصوصًا في النادي الخليجي الذي يحاصر قطر، أنهم يدرسون مقترحات مباشرة بعنوان توسيع مظلة رعاية القدس على ضوء الوقائع التي فرضها قرار الرئيس ترامب ثمة قراءة أكثر عمقًا في هذا المشهد، ألمح لها المفكر السياسي العميق عدنان أبو عودة وهو يتحدث مساء الأربعاء في مقر نقابة الصحافيين الأردنيين بعنوان «مزاحمة ملاحظة» لتصفية حسابات وأجندات على حساب ليس فقط مدينة القدس ولكن الدور الأردني فيها. «القدس العربي» كانت قد تحدثت مبكرا قبل نحو أسبوعين مع أبي عودة عن وجود احتمالية تشير إلى أن بعض الأطراف يبحثون عن حصة لهم في ملف القدس عند أي محاولة لفهم وقراءة مبررات الاندفاع الخليجي تحديدًا نحو التقارب والتطبيع مع إسرائيل ومن دون كلف وأثمان ملاحظة في الأقل. عاد الرجل، وقبل محاضرته في نقابة الصحافيين مساء الأربعاء إلى الإشارة إلى أن السيناريو أصبح مرجحًا. سبب الترجيح هو تداول النخبة السياسية والبرلمانية الأردنية على نطاق واسع للتقويمات الخاصة بتقرير «القدس العربي» حول ما حصل في اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي في الرباط حيث برزت الإشارة الأولى حول «سابقة خليجية» حاولت إعاقة البند الأول في نص البيان الختامي الذي يتضمن تأييد ومساندة «الوصاية الهاشمية». تلك حادثة إذا ما كانت دقيقة تحتاج في رأي أبي عودة وغيره إلى قراءة عميقة جدًا وتأملية. مراقبون خبراء يصرون هنا على أن المسألة لا تتعلق بحساسيات وحسابات ثنائية مع المنظومة الخليجية فقط، بل تفسر الاتصالات المحجوبة تماما عن الأردن بين الرياض وتل أبيب، كما تفسر بوصلة التطبيع المتنامية عند الصديق البحراني وموقف المنامة من أزمة القدس. الإشارة الأخيرة يمكن فهمها الآن في ظل التسريبات التي تتحدث عن مفاهيم جديدة في تمثيل الإسلام والمسلمين داخل بنية المنظومة الخليجية، عبر صياغات من المتوقع أن تساعد مشروع اليمين الإسرائيلي في «دولة يهودية» وتفسر بالنتيجة إصرار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على أن «الوسيط الأمريكي نزيه ويمكن الثقة به» خلافا لإجماع العرب وحتى الأوروبيين. للمنطق الذي يقترح تقليص الارتباط بالقدس ومشكلاتها اليوم ولأول مرة أنصار في المدرسة السياسية الأردنية الداخلية يتحدثون عن أهمية التخلي عن وصاية القدس وتركها لمظلة إسلامية أشمل برعاية سعودية «مالية وإدارية» بدلا من دفع رواتب 400 حارس وموظف ومرابط على حساب الخزينة الأردنية ومواجهة إسرائيل مباشرة. مشكلة هذا الخطاب الذي يظهر نفسه على أنه مصلحي ويسعى لخدمة النظام في الأردن، أنه لا يجيب عن السؤال الأساسي المتعلق فيما سيحصل في اليوم التالي، لو أعلنت إسرائيل «دولة يهودية عاصمتها القدس» بتواطؤ بعض الدول العربية. ولا يجيب بالتالي عن السؤال الأكثر عمقا وخطورة، الأردن من دون «وصاية» وفي مواجهة «دولة يهودية تلتهم الضفة الغربية» كيف سيدافع عن نفسه؟ طرح السؤال على أبي عودة ووزير البلاط الأسبق الدكتور مروان المعشر في ندوة عامة استضافتها نقابة الصحافيين الأردنيين بعنوان: «خيارات الأردن بعد قرار ترامب» فاتفقا على أن السؤال في غاية الأهمية والإجابة عنه تحتاج إلى الكثير الكثير من العمل. الأردن اليوم؛ وفي مواجهة نقطة «تبادل منفعة» بين بقايا النظام الرسمي العربي الجديد واليمين الإسرائيلي أصبح تماما في «حالة دفاع». تسعى تل أبيب لـ «الدولة اليهودية» بمعنى أنها «خالية من الفلسطينيين وغير اليهود» حسب تفسير أبي عودة، فيما تنطلق تلك البقايا نحو «تنازلات وتنزيلات تأريخية» على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني، عبر تفاهمات استراتيجية محورية مع واشنطن وتل أبيب مدفوعة بخشونة وقسوة من مبرر «البقاء». التقدير اليوم يقول إن الجزء الخليجي من النظام الرسمي العربي يريد أن يضمن تدخل الولايات المتحدة دوما لـ «الدفاع عنه». وهذا لن يحصل من دون «علاقة تطبيعية تخدم إسرائيل» الأمر الذي لا يمكنه الحصول عمليا ومنطقيا في ظل رعاية أردنية – فلسطينية تصر على استعادة القدس والمقدسات في القدس. وبصورة تنسجم ضمنيا مع ما تحدث عنه بنيامين نتنياهو مباشرة بعد توقيع ترامب قراره عندما قال: «سنعمل مع آخرين على ضمان أداء الصلاة للمسلمين في حرم أورشليم». الشارع منجذب لموقف أردوغان ولقبه: منظومة «الخليجي» ترتطم بمصالح الشعبين الأردني والفلسطيني بسام البدارين |
مواجهات قضائية عنوانها الفساد وحملات ضد الإصلاحيين: شتاء بارد وآخر حار في إيران! Posted: 23 Dec 2017 02:08 PM PST شتاء قارص على الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ومساعديه، في ضوء تراشق الاتهامات بالفساد والانحراف والخيانة علناً، وأحكام بالسجن ما مجموعها 63 عاماً أصدرتها محكمة في طهران على حميد بقائي مساعد الرئيس السابق. وقد يتحول هذا الشتاء الذي بدأ الجمعة الماضية في إيران في احتفال سنوي تقليدي عام، إلى ربيع دافئ لخصوم أحمدي نجاد من التيارين المعتدل والإصلاحي على وقع تصريحات لافتة صدرت عن ممثل الولي الفقيه في المجلس الأعلى للأمن القومي وأمينه العام الأميرال علي شمخاني قال فيه ان المجلس قرر رفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحيين الإيرانيين، مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين يقبعان تحت الإقامة الجبرية في طهران منذ عام 2011، بشكل تدريجي. وفيما أعلن حميد بقائي أن القضاء أدانه بالسجن 63 عاماً، متهماً رئيس القضاء آية الله صادق لاريجاني بالثأر منه لأنه كشف عن 63 حساباً بنكياً تابعا له، أعلن القضاء أن هذه الحسابات ليست شخصية ملمحاً إلى احتمال سجن نجاد وأنه أصدر حكماً ضد مستشاره ورئيس وكالة الأنباء «إرنا» الرسمية في عهده علي أكبر جوانفكر بتهمة «نشر الأكاذيب». ونقلت وكالة «ميزان» التابعة للقضاء عن رئيس المحكمة الإدارية القاضي حميد رضا حسيني، أن القضاء أصدر حكماً ضد علي أكبر جوانفكر، الرئيس التنفيذي السابق لوكالة الأنباء الرسمية والمستشار الإعلامي للرئيس السابق. وحسب حسيني، فإن القضاء يعلن قريباً طبيعة الحكم الصادر ضد جوانفكر بعدما مثل أمامه بتهمة «الإخلال في النظام العام والمشاركة في الإساءة ونشر الأكاذيب ضد النظام». وقبل صراعه الحالي مع رئيس القضاء وشقيقه رئيس البرلمان علي لاريجاني كان أحمدي نجاد دخل في صراع مكشوف ومباشر مع الرئيس الأسبق الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني وأسرته، وقام في الوقت نفسه في العام 2009 بحملة استهدفت رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد خلال الحملة الانتخابية وفي المناظرات التلفزيونية. وكان نجاد سعى خلال تلك المناظرات إلى الظهور بصورة ابن الشعب الفقير الذي يواجه «الأسر النافذة» ونجح إلى حد كبير في تحطيم صورتها لدى عامة الناس، إلا أن ولايته الرئاسية الثانية كشفت الكثير مما كان يخفيه عن الناس كما يقول خصومه. ووجه رئيس القضاء صادق لاريجاني الأسبوع قبل الماضي تهماً مباشرة إلى أحمدي نجاد بـ«إثارة الفتنة والمنحرف وأبرز الداعمين للتاجر المتهم باختلاس 3 مليارات من مبيعات النفط بابك زنجاني». ولم يختصر هجوم القضاء ضد أحمدي نجاد على صادق لاريجاني، إذ وصفه المتحدث باسم القضاء غلام حسين اجئي، والمدعي العام للبلاد محمد جعفر منتظري بـ«الكذاب» و«سوقي فاقد للقيمة». وفِي تشرين الأول/اكتوبر الماضي، شهد البرلمان الإيراني تحركاً بين النواب المقربين من رئيس البرلمان علي لاريجاني للمطالبة بإقصاء أحمدي نجاد من مجلس تشخيص مصلحة النظام، ومحاكمته بعدما أظهر تقرير لديوان العدالة الإيراني ارتكابه جنحاً مالية. ويتحدى أحمدي نجاد القضاء مثلما تحدى المرشد علي خامنئي عندما تقدم للترشح للانتخابات الرئاسية في نيسان/أبريل الماضي، وذلك بعد ستة أشهر من إعلان المرشد خامنئي أنه نصحه بعدم الترشح لها. واعتبرت أوساط إيرانية رفض ترشح أحمدي نجاد بمثابة إنهاء حياته السياسية وخروجه من المشهد السياسي. كما توقعت أوساط إمكانية فرض الإقامة الجبرية عليه، لكن خامنئي في خطوة مفاجئة جدد عضويته في مجلس تشخيص مصلحة النظام في آب/اغسطس الماضي، بعدما التزم نجاد الصمت تجاه رفض ترشحه، في محاولة للإبقاء عليه تحت مظلة النظام. لكن نجاد أظهر منذ عودته إلى المشهد السياسي، أنه عازم على التحدي ملوحاً بوثائق سيطر عليها عندما عين نفسه مسؤولاً عن إدارة وزارة الاستخبارات بعد إقالة وزيرها آنذاك حيدر مصلحي خلافاً لرغبة المرشد، ونجح خلال فترة سيطرته على الوزارة في الحصول على وثائق سرية تدين الكثير من الرموز وتجعله بمنأى عن أي محاسبة، ولهذا جدد انتقاداته للإخوة لاريجاني، في رئاسة القضاء، والبرلمان، وقال قبل نحو أسبوعين إنه يريد إنقاذ البلد من سوء الإدارة. زعماء الإصلاح في المقابل، يبدو أن محاولات إزالة أو تخفيف القيود المفروضة على زعماء الإصلاح بدأت تؤتي أكلها في تصريحات أطلقها علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي قال إن هناك «حلحلة» في ملف الزعيمين الإصلاحيين، مير حسين موسوي (وزوجته) ومهدي كروبي اللذين يخضعان للإقامة الجبرية منذ عام 2011، وأنها سترفع عنهم بشكل تدريجي. ولَم يكشف شمخاني المزيد حول كيفية رفعها إلا أنه دعا وسائل الإعلام إلى تجنب نشر ما يلوث الأجواء العامة، في إشارة إلى محاولة استثمار الصراع الحالي بين أحمدي نجاد والاخوة لاريجاني نحو إيجاد موازنة في النظام لصالح الإصلاحيين. وبينما قللت أسرة كروبي من الاعتماد على مثل هذه التصريحات التي تكررت كثيراً في السابق دون نتيجة، كشف نائب رئيس البرلمان علي مطهري، عن وجود ما سماها «مرونة» قال إنها برزت مؤخراً بين كبار المسؤولين لرفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحيين، موسوي وكروبي معتبراً القيود عليهما «غير قانونية» و«انتهاكاً للدستور». وقال مطهري في خطاب له بمناسبة يوم الطالب في إيران، إن كبار المسؤولين الإيرانيين «يبدون مرونة في الآونة الأخيرة حول قضية الإقامة الجبرية». لكن مطهري في الوقت ذاته حذر وسائل الإعلام من التفاعل مع القضية ودعاها إلى التهدئة وقال «يجب أن نتعاون حتى يقوم الأصدقاء بعملهم لأن إثارة الموضوع في وسائل الإعلام من الممكن أن يؤدي إلى تراجع البعض عن قراراتهم». وتفرض السلطات الإيرانية الإقامة الجبرية على رئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد ورئيس البرلمان الأسبق مهدي كروبي بعدما ترشحا للانتخابات الرئاسية 2009 ورفضا الاعتراف بنتائجها ودعا إلى الاحتجاج في مظاهرات سببت الكثير من الحرج لنظام الجمهورية الإسلامية. ولجأت السلطات إلى استخدام العنف لقمع الاحتجاجات مما أدى إلى مقتل عدد من المتظاهرين وبعضهم قتل في التعذيب بسجن كهريزك الذي أمر خامنئي فيما بعد بإغلاقه وقدم المتسببين عن القتل إلى المحاكمة. وتقول السلطات الإيرانية إن قرار فرض الإقامة الجبرية منذ شباط/فبراير 2011 جاء من مجلس الأمن القومي الذي كان أحمدي نجاد رئيسه. نادمون وفِي الاتجاه نفسه لكن على محور آخر، شدد الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي وهو أيضاً يتعرض لضغوط من المحافظين، على أنه وباقي المتحالفين معه في جبهة الإصلاح، يواصلون دعمهم للرئيس الحالي (المعتدل) حسن روحاني ولن يتراجعوا عن هذا الدعم مشيراً إلى حملة «نادمون» ووصف الانتقادات له بـ«المؤامرة المبرمجة» التي تريد «إحباط» الإيرانيين. وتزامنت الحملة مع نقاش ساخن شهدته وسائل إعلام إصلاحية حول الموقف من روحاني ومستقبل علاقاته بالتيار الإصلاحي، بموازاة حملة تشهدها مواقع التواصل الإلكتروني تحت عنوان «نادمون» وهي تتهم روحاني بالتخلي عن وعوده الانتخابية. وأطلق الحملة عدد من الناشطين الإيرانيين للتعبير عن ندمهم على المشاركة في الانتخابات، منتقدين تجاهل الرئيس روحاني الوعود التي أطلقها قبل الانتخابات التي جرت في 19 أيار/مايو الماضي. وشدد أغلب المشاركين في الحملة على أنهم نادمون على المشاركة في الانتخابات، وليس عدم التصويت لأحد منافسي روحاني. وإلى جانب وعود دعم الحريات، يواجه روحاني انتقادات متزايدة بسبب الوعود التي أطلقها لرفع الإقامة الجبرية عن موسوي وزوجته زهرا رهنورد وكروبي، إضافة إلى القيود المفروضة على نشاط الرئيس الأسبق محمد خاتمي نفسه. ووجه النائب الإصلاحي عن مدينة طهران، مصطفى كواكبيان، انتقادات إلى روحاني بسبب أداء حكومته في الأشهر الثمانية الماضية. وقال مخاطبا روحاني: «هل تعلم اليوم أي شتائم توجه للإصلاحيين في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب دعمك؟». كما وجه النائب محمود صادقي، انتقادات شديدة اللهجة لروحاني، ولسياسته في تقسيم الميزانية الجديدة، واتهم الحكومة بالتسبب في اتساع الشرخ بين طبقات المجتمع وزيادة الفقر، كما طالب بمواجهة الفساد في البرلمان والحكومة والقضاء. واتهمت صحف إصلاحية روحاني بتهميش دور نائبه الأول المحسوب على التيار الإصلاحي إسحاق جهانغيري. وتعمقت الاتهامات لروحاني عقب تقديمه مقترح الميزانية للعام الجديد، الذي أعلن بموجبه رفع أسعار الخدمات الحكومية والضرائب، فضلا عن توجه حكومته لرفع أسعار الوقود، ورفع ميزانية المؤسسات الدينية وقوات «الحرس الثوري». ودافع خاتمي عن الرئيس بقوة وقال خلال اجتماع لـ»مجمع رجال الدين المناضلين» بمدينة كاشان بأنه «ليس نادما على دعوته للتصويت لصالح روحاني»، مشدداً في الوقت نفسه على استمرار دعمه للرئيس. وقال «نحن لسنا نادمين على التصويت لصالح روحاني فحسب؛ بل نؤكد دعمنا القاطع له، ونعده ناجحاً». وعن أسباب استمرار دعمه روحاني، قال إنه «في الأوضاع الحالية ونظراً للطاقات الموجودة، يجب أن نسعى لإصلاح شؤون البلاد». مواجهات قضائية عنوانها الفساد وحملات ضد الإصلاحيين: شتاء بارد وآخر حار في إيران! نجاح محمد علي |
اسبانيا قد تسير نحو نظام فيدرالي لحل مشاكل كتالونيا وباقي القوميات الأوروبية Posted: 23 Dec 2017 02:08 PM PST مدريد ـ «القدس العربي»: السؤال السياسي العريض: ما العمل الآن ومستقبلا؟ هو التساؤل الذي تردده الطبقة السياسية والرأي العام في اسبانيا بعدما حققت الأحزاب القومية المنادية بالجمهورية الفوز في الانتخابات التشريعية التي شهدها إقليم كتالونيا الخميس 21 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وتزيد الوضع السياسي الخاص بالقوميات في اسبانيا ومجموع أوروبا تعقيدا. طيلة 2017 عاشت اسبانيا على إيقاع ملف كتالونيا الذي استأثر باهتمام الرأي العام أكثر من ملفات أخرى مثل البطالة التي يكتوي بها الشباب، أو الإرهاب الذي يخيم على البلاد. وعمليا، فقد شهدت سنة 2017 ثلاثة أحداث هامة ومتسلسلة، ويتجلى الحدث الأول في استفتاء تقرير المصير يوم فاتح تشرين الأول/أكتوبر الماضي الذي مر في ظروف استثنائية، ثم إعلان الجمهورية الكتالانية يوم 27 من الشهر نفسه. وبهذا ترجمت الأحزاب القومية الكتالانية تهديدها الذي تلوح به منذ السبعينات: أي الانفصال أو الاستقلال عن اسبانيا. ويبقى الحدث الثالث هو تدخل الحكومة المركزية لتطبيق الفصل 155 من الدستور الاسباني الذي ينص على حل حكومة الحكم الذاتي في حال قيام الأخيرة بما يخرق الدستور ويهدد وحدة البلاد. وحدث هذا لأول مرة بعد الانتقال الديمقراطي في البلاد منذ أواسط السبعينات بعد رحيل الجنرال فرانسيسكو فرانكو. وجرت الانتخابات يوم الخميس من الأسبوع الماضي في إطار ثنائية المواجهة بين الجمهورية التي ينادي بها القوميون في مواجهة الدستور الاسباني وخاصة الفصل 155 منه الذي جرى تطبيقه خلال حل حكومة الحكم الذاتي. وراهنت الحكومة المركزية في مدريد والأحزاب الوحدوية ومنها الحزب الاشتراكي على حرمان الأحزاب القومية الكتالانية من الفوز بالأغلبية المطلقة في برلمان كتالونيا، لأن هذا سيحرم هذه الأحزاب من التحدث باسم الكتالانيين، كما سيمنح لاسبانيا المشروعية السياسية للمضي قدما في منع قيام الجمهورية الكتالانية. في الوقت ذاته، كان الاتحاد الأوروبي يأمل في خسارة القوميين لكي تتراجع مطالب القوميات الأخرى في القارة العجوز، وهي المطالب التي تهدد وحدة هذا الاتحاد. لكن النتائج حملت مجددا فوز الأحزاب القومية وبالأغلبية المطلقة، حيث حازت الأحزاب الثلاثة وهي جميعا من أجل كتالونيا، والحزب الجمهوري الكتالاني وحزب ائتلاف وحدة الشعب على 70 مقعدا، بينما لم تتجاوز مقاعد الأحزاب الوحدوية وهي اسيودادانس والحزب الاشتراكي والحزب الشعبي 57 مقعدا. وبين الطرفين حزب بوديموس اليساري في نسخته الكتالانية الذي حقق ثمانية مقاعد، ولا يميل لهذا الطرف أو الآخر. هذه النتائج أضعفت كثيرا خطاب الحكومة المركزية لاسيما بعد حصول الحزب الشعبي الحاكم في مدريد على ثلاثة مقاعد في كتالونيا، وهي أضعف نسبة في تاريخ هذا الحزب في انتخابات الحكم الذاتي. وفي المقابل، عززت النتائج من قوة خطاب الأحزاب القومية وعلى رأسها حزب جميعا من أجل كتالونيا، حيث قال زعيمه كارلس بويغدمونت في تصريحات صحافية «نتيجة الانتخابات سواء المقاعد أو الأصوات تسمح بإجراء استفتاء تقرير المصير». وكان بويغدمونت رئيس حكومة الحكم الذاتي حتى يوم 27 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث لجأ إلى بروكسيل هربا بعدما أصدر القضاء مذكرة اعتقال في حقه، واعتقل وزراء آخرون كانوا في حكومة الحكم الذاتي. وهناك طريقان لا ثالث لهما، الأول وهو استمرار حكومة مدريد في رفض مطالب الأحزاب القومية وعدم فتح أي حوار معها حول المطالب التي تطرحها وأساسا قيام الجمهورية الكتالانية. وقد صرح رئيس حكومة اسبانيا ماريانو راخوي أن المفاوضات المقبلة ستكون في إطار الدستور الإسباني. وهذا الطريق سيؤدي إلى مواجهة مجددا لن تتحمل نتائجها اسبانيا. ويتجلى الطريق الثاني في احتمال تفاهم بين الحكومة المركزية وحكومة الحكم الذاتي المقبلة من أجل استفتاء تقرير للمصير متفق عليه كما جرى في اسكتلندا سنة 2014. وطالب كارلس بويغدمونت بلقاء راخوي خارج اسبانيا للتفاهم على خطة طريق تقود إلى هذا الاستفتاء المتفق عليه. ويرى الحزب الاشتراكي، ثاني قوة سياسية في البلاد بضرورة قيام رئيس الحكومة راخوي بإيجاد حل للمشكل الكتالاني لأنه يهدد مجتمع كتالونيا ويهدد الاقتصاد الاسباني. ويطرح الفيدرالية حلا سياسيا والبداية مع تعديل الدستور الاسباني. وبعد انتخابات 21 كانون الأول/ديسمبر 2017 لم يعد الملف الكتالاني اسبانيا محضا بين قومية تريد الاستقلال ودولة مركزية تحافظ على وحدة البلاد، بل أصبح ملفا أوروبيا بامتياز. وتشير المعطيات التي حصلت عليها جريدة «القدس العربي» ببدء مطالبة أصوات أوروبية لحكومة مدريد بالتفكير العميق في حل نزاع كتالونيا بعيدا عن طريق القضاء، بل بالرهان على الحوار السياسي لتفادي إيقاظ باقي القوميات في مجموع أوروبا. ويعتبر الاتحاد الأوروبي انتعاش القوميات الأوروبية هو الخطر الأكبر على مشاريع الاتحاد الأوروبي نحو مزيد من التكامل والاندماج الكلي على شاكلة كيان فيدرالي ضخم. ولهذا، توجد خلية دراسة مرتبطة به تدفع نحو ضرورة جعل اسبانيا تتبنى الفيدرالية نظاما لحل مشاكل كتالونيا ثم باقي قوميات اسبانيا مثل بلد الباسك وتكون نموذجا يقتدى به لحل مطالب باقي قوميات أوروبا التي بدأت تنتعش بقوة خلال السنوات الأخيرة. اسبانيا قد تسير نحو نظام فيدرالي لحل مشاكل كتالونيا وباقي القوميات الأوروبية حسين مجدوبي |
الجنرال حفتر: العسكر وإلغاء الشرعيات الأخرى في ليبيا Posted: 23 Dec 2017 02:08 PM PST نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: مساء السابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الحالي ألقى الجنرال خليفة حفتر، خطابا متلفزا للشعب الليبي أعلن فيه أن اتفاق الصخيرات أصبح منتهي الصلاحية ولا قيمة قانونية له وأنه لن يلتزم به ولا بكل ما انبثق عنه من آليات بما فيها المجلس الرئاسي. ثم تابع معلنا ألا شرعية الآن إلا للجيش الوطني الليبي. وتبريرا لهذا الموقف قال إن الاتفاق أصلا يخدم لسنتين من تاريخ توقيعه في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 وبالتالي وصل إلى نهايته ولم يعد قائما. وقال إنه لن يعترف بأي سلطة مهما كانت شرعيتها «ما لم تكن منتخبة من الشعب الليبي». وأضاف: «مطلع اليوم 17 كانون الأول/ديسمبر هو تاريخ انتهاء الاتفاق السياسي، وانتهاء أي جسم انبثق عنه ورغم كل الشعارات البراقة من الحوارات السياسية من غدامس مرورا بجنيف والصخيرات وانتهاء بتونس، انتهت كلها حبرا على ورق». ردا على هذا الموقف المستجد دعا غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، جميع الأطراف الليبية إلى «الامتناع عن تقويض العملية السياسية». وقال في الذكرى الثانية لاتفاق الصخيرات: «إن الليبيين يطمحون إلى دولة فاعلة توفر الخدمات، بدءا من الأمن وصولا إلى الصحة العامة والتعليم، وهذا بالذات ما تنوي خطة عمل الأمم المتحدة تحقيقه». وتمنى على جميع الأطراف الليبية أن ينصتوا إلى صوت مواطنيهم و«الامتناع عن القيام بأي أعمال يمكن أن تقوض العملية السياسية». مجلس الأمن الدولي من جهته أكد في بيان رئاسي يوم 12 كانون الأول/ديسمبر على أن الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية هو «الإطار الوحيد القابل للاستمرار» لحل الأزمة السياسية في ليبيا، مشددا على أنه ليست هناك حلول عسكرية للأزمة، في إشارة تكاد تكون موجهة للجنرال الذي يعد بحسم الأمور عسكريا في كافة أرجاء ليبيا. بهذا التصريح يكون الجنرال حفتر قد ألغى ثلاث شرعيات متشابكة في الملف الليبي بضربة واحدة: أولا – شرعية فايز السراج والمجلس الرئاسي المعترف بهما رسميا ويتعامل المجتمع الدولي مع هذا الإطار بصفته التمثيلية. فالسراج ظل يمثل ليبيا رسميا منذ توليه مجلس الرئاسة كما استقبل كرئيس دولة في أكثر من بلد. ثانيا – شرعية مجلس النواب الذي تجاوزه حفتر وأصبح كأنه غير موجود فقد بدأ يصدر فرمانات من عنده ويوقعها دون إي اعتبار للبرلمان كان آخرها أوامر من وزير الداخلية العقيد يونس بلقاسم الذي قرر تشديد الحراسة على مكاتب الاقتراع التابعة للجنة الانتخابات الليبية العليا وذلك «بناء على أوامر من الجنرال حفتر». كما أقر حفتر بمبدأ الانتخابات لكنه طالب بنقل مقر اللجنة الوطنية العليا للانتخابات من مقرها في طرابلس وتغيير أعضائها. ثالثا- شرعية مجلس الأمن والقرارات العديدة التي اعتمدها المجلس لحصر التمثيل والتعامل مع القنوات الرسمية الليبية التي يمثلها المجلس الرئاسي والذي انبثق من «الاتفاق السياسي الليبي» الذي وقع في الصخيرات كأساس لأي حل للأزمة حسب ما جاء في قرار مجلس الأمن 2259 (23 كانون الأول/ديسمبر 2015). وقد أنجز هذا الاتفاق في عهد الممثل الخاص للأمين العام برناردينو ليون ثم ظل مصدر الوساطة الأساسية للممثل الخاص مارتن كوبلر وأخيرا غسان سلامة. استمر مجلس الأمن يتعامل مع الملف الليبي باجماع لم يتوفر في بقية الملفات. وكان آخر قرارات المجلس القرار رقم 2376 الذي اعتمد في أيلول/سبتمبر الماضي بالاجماع والذي بموجبه تم تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «أنسميل» حتى الخامس عشر من أيلول/سبتمبر عام 2018. وجاء في القرار أن البعثة تتولى، بصفتها بعثة سياسية خاصة متكاملة، ممارسة الوساطة وبذل المساعي الحميدة لتقديم الدعم على صعيد إجراء عملية سياسية شاملة للجميع في إطار «الاتفاق السياسي الليبي» ومواصلة تنفيذ الاتفاق. وأكد القرار على ضرورة وقف دعم أي مؤسسات بديلة تدعي لنفسها الشرعية بينما هي خارج نطاق الاتفاق السياسي وأن تكف تلك الجهات عن إجراء اتصالات رسمية مع تلك المؤسسات. لكن مجلس الأمن لم يتعامل بجدية في رفض وجود قوة موازية للشرعية التي يمثلها السراج. فهناك ثلاث دول على الأقل من بين أعضاء مجلس الأمن توافق على القرارات وتصوت لصالحها والتي تنص على عدم مساندة قوى أخرى غير المجلس الرئاسي. ومن جهة أخرى تتعامل مع حفتر وتدعوه إلى دولها وتتفاوض معه وتقدم له الدعم اللوجستي والاستخباراتي والعسكري. وهذه الدول هي فرنسا وروسيا ومصر. فقد دعي حفتر إلى هذه الدول الثلاث في زيارات رسمية. وفي فرنسا استقبله الرئيس ماكرون ورتب لقاء بينه وبين السراج في 25 تموز/يوليو الماضي ليخرج حفتر من اللقاء أكثر غرورا وعنجهية. وقد كشف عن مقتل اثنين من القوات الفرنسية الخاصة في بنغازي وهي تساند قوات حفتر في معركته مع جماعة أنصار الشريعة. إذن أدرك غسان سلامة منذ قبوله بالمنصب أن الاتفاق فيه العديد من الثغرات وأن إعطاء الليبيين، ممثلين بالتجمعين الكبيرين حكومة طرابلس وبرلمان درنة، فرصة مراجعته وتعديله أمر مهم بداية. لذلك وضع خريطة طريق تقوم على ثلاث مراحل: تعديل الاتفاق السياسي، عقد مؤتر عام للمصالحة والوحدة ثم تأتي المرحلة الثالثة التي تتمثل في إعداد دستور جديد يجرى الاستفتاء عليه ثم الانتخابات خلال سنة من التوافق على التعديلات. وعقد سلامة جلستين ناجحتين في تونس حول إجراء التعديلات لكن الثالثة انفضت دون أن تسفر عن أي اتفاق أو تحديد موعد لاستئنافها. أي أن سلامة ما زال يراوح في المربع الأول من خريطة الطريق التي عرضها على مجلس الأمن وأيدها الأعضاء بالاجماع. يبدو أن الجنرال حفتر يقلد المشير عبد الفتاح السيسي في بيان 30 حزيران/يونيو 2013 عندما أعطى السلطة المنتخبة 48 ساعة للتراجع والرحيل وكان مستندا على الأقل نظريا بملايين المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يطالبون بإنهاء حكم الإخوان المسلمين. الفرق بين الحالتين أن في مصر كانت فيها حكومة واحدة معترفا بها ولم تكن هناك ميليشيات مسلحة منتشرة في طول البلاد وعرضها كما هي الحالة في ليبيا. بالإضافة إلى ذلك وجود حاضنة شعبية، ربما مبالغ في حجمها، لكن بالتأكيد كانت الأجواء ملائمة للسيسي في تقبل قيام العسكر بالسيطرة على الوضع وهي غير متوفرة في الحالة الليبية. وقد يكون حفتر يوجه القرار للأمم المتحدة ويريد أن ينهي أي دور للمجتمع الدولي واستبداله بدور إقليمي داعم له ولتوجهاته خاصة من مصر والإمارات العربية المتحدة. لكن الدور الأممي لا غنى عنه ليس فقط في المجال السياسي بل في المجالات الإنسانية وموضوع الهجرة غير الشرعية ومراقبة السواحل وتقديم المساعدات للمشردين ومحاربة الجماعات الإرهابية وغير ذلك. أما إذا كان حفتر يوجه كلامه للشعب الليبي فيبدو أن مراهناته على خروج الجماهير بمئات الألوف للتظاهر من أجل تأييد الجيش قد خابت. بل اعتبر بعض الكتاب الليبيين البيان عبارة عن حملة انتخابية لأنصاره في حال عقدت الانتخابات في موعدها في الربيع المقبل كما كان مقررا. الأزمة الليبية ببيان من العسكر تدخل منعطفا جديدا قد يفاقم حالة الفوضى إذا ما أحست بعض الأطراف أن حفتر قادم بعسكره لانتزاع المناطق الخارجة عن سلطته، فتعيد تسليح نفسها وتطرق أبواب القوى الإقليمية الأخرى للمساندة. أما مهمة غسان سلامة فقد تصل إلى طريق مسدود هي الأخرى إذا ما استمر الجنرال مسيطرا على برلمان طبرق. وبالنسبة للأمم المتحدة يتطلب اعتماد الاتفاق السياسي الليبي موافقة البرلمان التي لم تأت بعد تحت الضغوطات والتهديدات. وعند اعتماد الاتفاق تبدأ مرحلة السنتين لا كما فسرها الجنرال بأن الاتفاقية. الشيء المؤكد أن مهمة سلامة قد تجد من العثرات ما يجعله ينسحب من المشهد إذا تأكد من الفشل. فهل سيتخذ مجلس الأمن والقوى الأوروبية الداعمة وخاصة ايطاليا موقفا حازما من موقف الجنرال؟ الجنرال حفتر: العسكر وإلغاء الشرعيات الأخرى في ليبيا عبد الحميد صيام |
ليبيا: خطة سلام طموحة ورهانات خارجية تريد «الاحتواء» وحماية مصالحها Posted: 23 Dec 2017 02:08 PM PST ما هو مستقبل ليبيا بعد نهاية مفعول «الصخيرات»؟ هذا السؤال حاول الجنرال حفتر الإجابة عنه في خطاب ألقاه في 17 كانون الأول (ديسمبر) من قاعدته في بنغازي شرقي ليبيا وأعلن فيه أن كل الأجهزة التي نشأت عن اتفاقية الصخيرات/المغرب عام 2015 لم تعد قائمة. ويقصد بهذا حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج وما تبع ذلك من مخرجات العملية التي رعتها الأمم المتحدة وقصدت منها أن تشارك فيها كل أطراف النزاع السياسي في ليبيا ما بعد عام 2011. ورغم حديث الجنرال عن اللحظة «التاريخية الخطيرة» التي تمر بها بلاده، إلا أنه ألمح إلى استعداده لملء الفراغ والترشح للرئاسة. كل هذا في وقت يحضر فيه المبعوث الدولي للتقدم بخطة جديدة تسمح لكل الأطراف السياسية المشاركة في الانتخابات وتعديلات على شكل المجلس الرئاسي. وتشمل «خطة العمل من أجل ليبيا» التي تقدم بها سلامة ثلاث مراحل بما فيها تعديل الاتفاق السياسي وعقد مؤتمر وطني تحت رعاية الأمين العام للأمم المتحدة وتنتهي العملية الأخيرة بإجراء استفتاء على الدستور وانتخابات برلمانية ورئاسية. ولا تزال البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق معمر القذافي رهن حكومتين في طبرق، مجلس النواب وفي طرابلس، حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا. وكان الجنرال حفتر عقد في الصيف اجتماعات مع السراج في فرنسا والإمارات واتفقا على وقف لإطلاق النار وناقشا بناء ليبيا موحدة تضم الكتائب القوية. وبرز الجنرال حفتر كقوة في شرق لييبيا بعد إطلاقه عملية «الكرامة» في أيار (مايو)2014 وقاد ما يطلق عليه «الجيش الوطني الليبي» في محاولة لاستعادة ليبيا والسيطرة عليها ودعم حكومة طبرق وحظي بدعم قوى إقليمية مثل مصر والإمارات والسعودية وكذا بدعم روسي ضمن خطة موسكو ملء الفراغ الأمريكي بالمنطقة. ويرى سلامة أن الليبيين قد تعبوا من العنف ويريدون المصالحة إلا أن مهمة المبعوث الدولي صعبة. وكما يرى تيم إيتون الباحث في المركز الملكي للبحوث الدولية «تشاتام هاوس» في لندن فخطة تعديل الاتفاق السياسي على مدى 12 شهرا الطموحة والتي يرعاها سلامة قد حققت بعض النجاحات من ناحية إحياء المشهد السياسي الساكن وإحياء دور الأمم المتحدة في العملية السياسية إلا أنه يواجه تحديات صعبة من ناحية اقناع اللاعبين المهمين في ليبيا اليوم التركيز على انجاح العملية السياسية والانتخابات لا التنازع على الخطة ذاتها. وبعيدا عن التفاصيل والخطة التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار مستويات القوة في البلاد بين الشرق والغرب والجنوب، إلا أن سلامة يحاول إقناع اللاعبين السياسيين على أن من الخطأ النظر إلى التفاصيل والخلاف على دقائق الخطة بل يجب عليهم النظر للأمام أي التركيز على الانتخابات. ويقول ان التعديلات على الاتفاق السياسي ليست جذرية وأن ما يهم هو ما سيحصل في المرحلة الانتقالية. ويرى إيتون في مقاله بموقع المعهد (14/12/2017) أن اللاعبين السياسيين ربما اعتقدوا أن المرحلة الانتقالية قد تنجح ولهذا فالتنازلات التي سيقدمونها الآن قد تؤثر على حصصهم أو حظوظهم على المدى البعيد. وهذا مهم خاصة أن المرحلة الانتقالية لن تتقدم إلا في حال اتفاق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على حل خلافاتهما حول مسودة الانتخابات والاستفتاء على الدستور وذلك نقلا عن المحامية الليبية عزة المقهور. ولو لم يتم التوافق على تعديل الاتفاق السياسي فإن الإجماع على هذين الموضوعين سيكون بعيدا. ومع أن سلامة يرى أن ليبيا لديها نافذة للتقدم، إلا أن السؤال يظل متعلقا فيما إن تم تحقيق التعديلات والحكومة الانتقالية قبل خفوت زخم عمليته السياسية. ويعني الفشل دخول ليبيا في مرحلة انتقالية طويلة وهي نتيجة يحاول سلامة تجنبها. ومن هنا تساءل إيثان كورين في مجلة «فوربس» (22/12/2017) إن كان عام 2018 هو الذي سيتخلى فيه المجتمع الدولي عن جهوده في التوصل لتسوية سياسية وحكومة ليبية مستقرة وتفضيل الاحتواء حيث سيكون الهدف الرئيسي، الهجرة غير الشرعية وتزايد العنف المتطرف. وإذا كان هذا هو الصحيح فالتركيز لم يكن على نهاية مدة اتفاق الصخيرات بقدر ما يخدم استمرار الوضع القائم مصالح القوى الخارجية المتعددة. ويعتقد الكاتب أنه في ظل نهاية الاتفاق السياسي فسيواصل المجتمع الدولي دعم حكومة الوفاق الوطني حتى لو بطل مفعول الاتفاق السياسي مع أن قلة من الإجراءات التي نجمت عنه التزمت بها الأجهزة التي نشأت عنه. ويعلق كورين على المهمة الصعبة التي تواجه سلامة، فهو رجل مخضرم وعارف بديناميات الأزمات السياسية التي عانت منها بلاده في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. ورغم اعترافه والمؤسسة الأممية ان الاتفاق السياسي قد حاد عن طريقه وبحاجة لوصفة سحرية كي تعيده إلى مساره، إلا انه يواجه التحديات نفسها التي واجهتها بلاده وهي ان الأطراف الخارجية لا تريد التحرك إن كانت النتائج لا تخدم مصالحها. ومن هنا فمعظم الدول الأوروبية مهتمة بمحاولة التحكم بتدفق الهجرة غير الشرعية من ليبيا والتي خفت قليلا وإن كانت على حساب المعاملة الإنسانية والأخلاقية للمهاجرين هناك. وهناك سبب آخر يجعل الدول الأوروبية مهتمة بإدارة الأزمة، وهو تأمين تدفق النفط والغاز من ليبيا. وقد تعتقد هذه الدول ان حدة التهديد الإرهابي قد تناقصت ولكن الوضع غير مضمون. ويشير كورين إلى الكيفية التي حاول فيها سلامة تجاوز مظاهر القصور في الاتفاق وتعديله. ويرى أن استبعاد حفتر الشخصية المثيرة للانقسام، دفعه وجيشه الوطني للتعاون مع مصر والإمارات والسعودية وروسيا المهتمة بقتال الإسلاميين. ويرى أن التحالف التكتيكي بين حفتر والسلفيين المدخليين من اتباع السعودي ربيع المدخلي، الذين يعتبرون أداة محلية بيد السعودية، وملاحقات الجنائية الدولية لأحد مساعديه بارتكاب جرائم حرب، وإن أثر قليلا على دعم قاعدته الشعبية في الشرق، إلا ان تقدما حدث في بنغازي أكثر من طرابلس حسب الكاتب. وفي ظل الخلافات حول تعيين مدير المصرف المركزي الليبي، هل سيكون من الشرق حيث النفط والغاز أم من الغرب حيث ظلت إدارة الحكومة والرواتب من طرابلس؟ وتقوم مصر بشكل سري بترتيب اجتماعات بين حفتر وقادة عسكريين مرتبطين بحكومة الوفاق في المناطق المعارضة لحفتر، وتحاول بناء جيش وطني واسع التمثيل قادرعلى إدارة البلاد خلال العملية الانتخابية. ورغم التقليل من أهمية المحادثات وما سينتج عنها إلا أن ما هو واضح هو عدم حدوث تقدم لتحرير ليبيا من الخناق الذي تحكمه الميليشيات على البلد إلا في حال قررت أمريكا أو روسيا أو الاتحاد الاوروبي التدخل، وهو سيناريو لن يحدث بالتأكيد. وكما يرى كورين فالخاسر الأكبر يظل الشعب الليبي، حيث لا تنتمي الغالبية منه للميليشيات أو مهربي البشر ولا ينتمون للمؤسسات والجماعات المتصارعة على السلطة. وبسبب الفوضى الكبيرة فالغرب سيفكر مرتين قبل التدخل ويعمل على احتواء الأزمة بدلا من بناء مؤسسات مستقرة. وسيخدم هذا الموقف أهدافا قصيرة الأمد ولكن لا يمكن ترك ليبيا تعيش على جهاز التنفس للأبد، وهذا ليس بناء على مواقف أخلاقية ولا إنسانية ولكن لأن المشكلة الليبية ستتقيح وتنفجر وسيكون ثمن علاجها باهظا. وملامح هذه المشكلة واضحة في محاولة عودة الحرس القديم إلى السلطة، كما بدا من حوار أحمد قذاف الدم الشهر الماضي مع «واشنطن بوست» والذي أشار فيه إلى ان الليبيين يحنون لزمن القذافي وهم الأغلبية الصامتة ودعا للمصالحة الوطنية. وتقرير آخر لصحيفة «الغارديان» (6/12/2017) قالت فيه إن نجل القذافي يعمل على تجميع أنصاره والعودة للمشهد السياسي، وإنهم سيطروا على صبراتة تحضيرا للزحف نحو طرابلس. وقلل مراقبون من قدرة نجل الزعيم السابق على تجميع قوى وإقناع الليبيين، وعلق محلل أوروبي ان ابن القذافي يمكنه أن يحلم كما يريد «لكنه لا يستطيع أن يذهب إلى أي مكان». وبالمقابل فتنظيم «الدولة» الذي خسر مدينة سرت العام الماضي يعيد تجميع صفوفه في الجنوب حسب تقرير لموقع «المونيتور» (21/12/2017). وناقش كاتب التقرير أن التنظيم لم يعد قادرا على حيازة مناطق واسعة ولهذا غير استراتيجيته من أجل إضعاف القوى السياسية المتصارعة في البلاد ويقوم بمحاولة اختراق المناطق التي تعيش فوضى وخلافات قبلية وفقر. ويرى الخبراء أن الاستراتيجية ناجحة نسبيا، إلا أن خبراء ومقاتلين من مصراتة لا يتوقعون استعادة التنظيم قوته السابقة. وكانت قوات من كتيبة «البنيان المرصوص» ومعظم مقاتليها من مصراتة أخرجت بدعم جوي أمريكي التنظيم من معقله في مدينة مصراتة، مسقط رأس الزعيم الليبي السابق القذافي. ونقل عن العقيد علي الرفيدة من «البنيان المرصوص» قوله «لن يستيعد التنظيم قوته التي كان يتمتع بها». وشهدت الفترة الماضية سلسلة من العمليات منها هجوم نفذه التنظيم على محكمة في مصراتة وآخر على نقطة تفتيش تابعة لجيش حفتر. وقال الرفيدة أن قوات حفتر والبنيان المرصوص تقاتل «داعش» على أكثر من جبهة «وهذا موضوع كبير يواجه ليبيا كي تهزم الجماعة». وترى ليدي سيزر، الخبيرة في الإرهاب والمساهمة في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أن التنظيم لم يعد يجذب مقاتلين من شباب ليبيا، بل أصبح جماعة أجنبية قيادتها سعودية بمقاتلين من مصر تونس والسودان والسنغال وتشاد وغامبيا. وأضافت أن التنظيم لم يعد يتمتع بقاعدة دعم شعبي ليبي كما في السابق. خاصة أنه لم يعد يحتفظ بمناطق خاضعة لسيطرته وأصبح في حالة دفاع عن النفس على المستوى العالمي. ولكن مكافحة التنظيم حتى في هذه الحالة تحتاج إلى وحدة الجماعات الليبية المتنازعة لحل المشكلة الإرهابية. فتحسين الوضع الاقتصادي والأمني يحرمه من جيوبه الآمنة واستغلال المجتمعات الضعيفة. وتعتقد الكاتبة أن التنظيم أبدى قدرة على التحالف مع الجماعات المتشددة الأخرى. كل هذا بسبب خطاب حفتر الذي وصم كل معارضيه بالإرهابيين ودفع بالتالي عددا منهم لحمل السلاح. وسيحاول التنظيم استغلال الصراع على السلطة وتجنيد القوى المهمشة أو تلك التي استبعدت من هذا الفريق أو ذاك وضمهم إلى صفوفه. وستظل ليبيا محلا للنزاعات والصراعات التي تغذيها الدول الخارجية أو الجشع المالي كما في عمليات تهريب المهاجرين الأفارقة وحتى بيعهم كما أظهر شريط فيديو بثته شبكة «سي أن ان» في الشهر الماضي حيث تمت المتاجرة بالمهاجر وبيعه بـ 400 دولار بشكل أثار موجة غضب دولية. الجنرال حفتر: العسكر وإلغاء الشرعيات الأخرى في ليبيا عبد الحميد صيام نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: مساء السابع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الحالي ألقى الجنرال خليفة حفتر، خطابا متلفزا للشعب الليبي أعلن فيه أن اتفاق الصخيرات أصبح منتهي الصلاحية ولا قيمة قانونية له وأنه لن يلتزم به ولا بكل ما انبثق عنه من آليات بما فيها المجلس الرئاسي. ثم تابع معلنا ألا شرعية الآن إلا للجيش الوطني الليبي. وتبريرا لهذا الموقف قال إن الاتفاق أصلا يخدم لسنتين من تاريخ توقيعه في 17 كانون الأول/ديسمبر 2015 وبالتالي وصل إلى نهايته ولم يعد قائما. وقال إنه لن يعترف بأي سلطة مهما كانت شرعيتها «ما لم تكن منتخبة من الشعب الليبي». وأضاف: «مطلع اليوم 17 كانون الأول/ديسمبر هو تاريخ انتهاء الاتفاق السياسي، وانتهاء أي جسم انبثق عنه ورغم كل الشعارات البراقة من الحوارات السياسية من غدامس مرورا بجنيف والصخيرات وانتهاء بتونس، انتهت كلها حبرا على ورق». ردا على هذا الموقف المستجد دعا غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، جميع الأطراف الليبية إلى «الامتناع عن تقويض العملية السياسية». وقال في الذكرى الثانية لاتفاق الصخيرات: «إن الليبيين يطمحون إلى دولة فاعلة توفر الخدمات، بدءا من الأمن وصولا إلى الصحة العامة والتعليم، وهذا بالذات ما تنوي خطة عمل الأمم المتحدة تحقيقه». وتمنى على جميع الأطراف الليبية أن ينصتوا إلى صوت مواطنيهم و«الامتناع عن القيام بأي أعمال يمكن أن تقوض العملية السياسية». مجلس الأمن الدولي من جهته أكد في بيان رئاسي يوم 12 كانون الأول/ديسمبر على أن الاتفاق السياسي الليبي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية هو «الإطار الوحيد القابل للاستمرار» لحل الأزمة السياسية في ليبيا، مشددا على أنه ليست هناك حلول عسكرية للأزمة، في إشارة تكاد تكون موجهة للجنرال الذي يعد بحسم الأمور عسكريا في كافة أرجاء ليبيا. بهذا التصريح يكون الجنرال حفتر قد ألغى ثلاث شرعيات متشابكة في الملف الليبي بضربة واحدة: أولا – شرعية فايز السراج والمجلس الرئاسي المعترف بهما رسميا ويتعامل المجتمع الدولي مع هذا الإطار بصفته التمثيلية. فالسراج ظل يمثل ليبيا رسميا منذ توليه مجلس الرئاسة كما استقبل كرئيس دولة في أكثر من بلد. ثانيا – شرعية مجلس النواب الذي تجاوزه حفتر وأصبح كأنه غير موجود فقد بدأ يصدر فرمانات من عنده ويوقعها دون إي اعتبار للبرلمان كان آخرها أوامر من وزير الداخلية العقيد يونس بلقاسم الذي قرر تشديد الحراسة على مكاتب الاقتراع التابعة للجنة الانتخابات الليبية العليا وذلك «بناء على أوامر من الجنرال حفتر». كما أقر حفتر بمبدأ الانتخابات لكنه طالب بنقل مقر اللجنة الوطنية العليا للانتخابات من مقرها في طرابلس وتغيير أعضائها. ثالثا- شرعية مجلس الأمن والقرارات العديدة التي اعتمدها المجلس لحصر التمثيل والتعامل مع القنوات الرسمية الليبية التي يمثلها المجلس الرئاسي والذي انبثق من «الاتفاق السياسي الليبي» الذي وقع في الصخيرات كأساس لأي حل للأزمة حسب ما جاء في قرار مجلس الأمن 2259 (23 كانون الأول/ديسمبر 2015). وقد أنجز هذا الاتفاق في عهد الممثل الخاص للأمين العام برناردينو ليون ثم ظل مصدر الوساطة الأساسية للممثل الخاص مارتن كوبلر وأخيرا غسان سلامة. استمر مجلس الأمن يتعامل مع الملف الليبي باجماع لم يتوفر في بقية الملفات. وكان آخر قرارات المجلس القرار رقم 2376 الذي اعتمد في أيلول/سبتمبر الماضي بالاجماع والذي بموجبه تم تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «أنسميل» حتى الخامس عشر من أيلول/سبتمبر عام 2018. وجاء في القرار أن البعثة تتولى، بصفتها بعثة سياسية خاصة متكاملة، ممارسة الوساطة وبذل المساعي الحميدة لتقديم الدعم على صعيد إجراء عملية سياسية شاملة للجميع في إطار «الاتفاق السياسي الليبي» ومواصلة تنفيذ الاتفاق. وأكد القرار على ضرورة وقف دعم أي مؤسسات بديلة تدعي لنفسها الشرعية بينما هي خارج نطاق الاتفاق السياسي وأن تكف تلك الجهات عن إجراء اتصالات رسمية مع تلك المؤسسات. لكن مجلس الأمن لم يتعامل بجدية في رفض وجود قوة موازية للشرعية التي يمثلها السراج. فهناك ثلاث دول على الأقل من بين أعضاء مجلس الأمن توافق على القرارات وتصوت لصالحها والتي تنص على عدم مساندة قوى أخرى غير المجلس الرئاسي. ومن جهة أخرى تتعامل مع حفتر وتدعوه إلى دولها وتتفاوض معه وتقدم له الدعم اللوجستي والاستخباراتي والعسكري. وهذه الدول هي فرنسا وروسيا ومصر. فقد دعي حفتر إلى هذه الدول الثلاث في زيارات رسمية. وفي فرنسا استقبله الرئيس ماكرون ورتب لقاء بينه وبين السراج في 25 تموز/يوليو الماضي ليخرج حفتر من اللقاء أكثر غرورا وعنجهية. وقد كشف عن مقتل اثنين من القوات الفرنسية الخاصة في بنغازي وهي تساند قوات حفتر في معركته مع جماعة أنصار الشريعة. إذن أدرك غسان سلامة منذ قبوله بالمنصب أن الاتفاق فيه العديد من الثغرات وأن إعطاء الليبيين، ممثلين بالتجمعين الكبيرين حكومة طرابلس وبرلمان درنة، فرصة مراجعته وتعديله أمر مهم بداية. لذلك وضع خريطة طريق تقوم على ثلاث مراحل: تعديل الاتفاق السياسي، عقد مؤتر عام للمصالحة والوحدة ثم تأتي المرحلة الثالثة التي تتمثل في إعداد دستور جديد يجرى الاستفتاء عليه ثم الانتخابات خلال سنة من التوافق على التعديلات. وعقد سلامة جلستين ناجحتين في تونس حول إجراء التعديلات لكن الثالثة انفضت دون أن تسفر عن أي اتفاق أو تحديد موعد لاستئنافها. أي أن سلامة ما زال يراوح في المربع الأول من خريطة الطريق التي عرضها على مجلس الأمن وأيدها الأعضاء بالاجماع. يبدو أن الجنرال حفتر يقلد المشير عبد الفتاح السيسي في بيان 30 حزيران/يونيو 2013 عندما أعطى السلطة المنتخبة 48 ساعة للتراجع والرحيل وكان مستندا على الأقل نظريا بملايين المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع يطالبون بإنهاء حكم الإخوان المسلمين. الفرق بين الحالتين أن في مصر كانت فيها حكومة واحدة معترفا بها ولم تكن هناك ميليشيات مسلحة منتشرة في طول البلاد وعرضها كما هي الحالة في ليبيا. بالإضافة إلى ذلك وجود حاضنة شعبية، ربما مبالغ في حجمها، لكن بالتأكيد كانت الأجواء ملائمة للسيسي في تقبل قيام العسكر بالسيطرة على الوضع وهي غير متوفرة في الحالة الليبية. وقد يكون حفتر يوجه القرار للأمم المتحدة ويريد أن ينهي أي دور للمجتمع الدولي واستبداله بدور إقليمي داعم له ولتوجهاته خاصة من مصر والإمارات العربية المتحدة. لكن الدور الأممي لا غنى عنه ليس فقط في المجال السياسي بل في المجالات الإنسانية وموضوع الهجرة غير الشرعية ومراقبة السواحل وتقديم المساعدات للمشردين ومحاربة الجماعات الإرهابية وغير ذلك. أما إذا كان حفتر يوجه كلامه للشعب الليبي فيبدو أن مراهناته على خروج الجماهير بمئات الألوف للتظاهر من أجل تأييد الجيش قد خابت. بل اعتبر بعض الكتاب الليبيين البيان عبارة عن حملة انتخابية لأنصاره في حال عقدت الانتخابات في موعدها في الربيع المقبل كما كان مقررا. الأزمة الليبية ببيان من العسكر تدخل منعطفا جديدا قد يفاقم حالة الفوضى إذا ما أحست بعض الأطراف أن حفتر قادم بعسكره لانتزاع المناطق الخارجة عن سلطته، فتعيد تسليح نفسها وتطرق أبواب القوى الإقليمية الأخرى للمساندة. أما مهمة غسان سلامة فقد تصل إلى طريق مسدود هي الأخرى إذا ما استمر الجنرال مسيطرا على برلمان طبرق. وبالنسبة للأمم المتحدة يتطلب اعتماد الاتفاق السياسي الليبي موافقة البرلمان التي لم تأت بعد تحت الضغوطات والتهديدات. وعند اعتماد الاتفاق تبدأ مرحلة السنتين لا كما فسرها الجنرال بأن الاتفاقية. الشيء المؤكد أن مهمة سلامة قد تجد من العثرات ما يجعله ينسحب من المشهد إذا تأكد من الفشل. فهل سيتخذ مجلس الأمن والقوى الأوروبية الداعمة وخاصة ايطاليا موقفا حازما من موقف الجنرال؟ ليبيا: خطة سلام طموحة ورهانات خارجية تريد «الاحتواء» وحماية مصالحها إبراهيم درويش |
الباحث المغربي ادريس الكنبوري: التعليم الديني يشكل رافعة أساسية في محاربة التطرف Posted: 23 Dec 2017 02:07 PM PST الرباط ـ «القدس العربي»: قال الباحث المغربي المتخصص في الجماعات الإسلامية ادريس الكنبوري إن السياسات التي انتهجها المغرب في مجال محاربة الإرهاب مكنت من الحيلولة دون تكرار ما حصل سنة 2003 وهذا راجع إلى يقظة الأجهزة الأمنية، الأمر الذي حصن المغرب حتى اليوم من وقوع أي عمل إرهابين، معتبرا أن التعليم الديني، يشكل رافعة أساسية في محاربة التطرف ولا يمكن بغيره أن نتصدى لهذا الفكر. وأضاف الكنبوري في حوار مع «القدس العربي» انه ليست عندنا مشكل الأقليات في المغرب، هناك افتعال وهناك بعض الأشخاص الذين يحاولون أن يجعلوا من هذا الموضوع محطة توتر داخل المجتمع والرأي العام المغربي، للفت أنظار المنظمات الدولية. وأشار الباحث المغربي، إلى أن جماعة العدل والإحسان، تعيش تناقضات ولا تستطيع لحد الآن أن تتجاوز الفترة الماضية والمتغيرات السياسية في المغرب. وهنا نص الحوار: ○ إلى أي حد نجح المغرب في محاربة التشدد والتطرف والإرهاب وفق السياسات التي انتهجها؟ • في الحقيقة المغرب بدأ في حربه على التطرف في وقت مبكر تمثل في وضع استراتيجية وطنية شاملة لمحاربة الإرهاب، وإذا لاحظنا فقد كان هناك إدماج الأجهزة الأمنية من خلال توحيد المخابرات مع أجهزة الأمن وتنسيق بين مختلف القطاعات الأمنية كخطة «حذر» التي كانت مشتركة بين رجال الأمن والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية. بالإضافة إلى الشق الأمني كان هناك الشق المتعلق بالتربية والإصلاح الديني فمنذ 2004 انخرط المغرب في مسلسل إعادة هيكلة الحقل الديني وكانت أهم الإصلاحات في هذا المجال، إصلاح المساجد وإصلاح الخطابة، ومحاربة المساجد العشوائية، ومحاربة الخطابات المتطرفة، وإدماج المساجد تحت وصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. بالإضافة إلى التنسيق الأمني على الصعيد الدولي والإقليمي مع مجموعة من الدول خاصة مع اسبانيا وفرنسا وبلجيكا، وهو التنسيق الذي مكن من محاربة تسلل المتطرفين وتفكيك مجموعة من الجماعات الإرهابية. كانت هناك مجموعة من السياسات التي انتهجها المغرب في هذا المجال والتي مكنت من الحيلولة دون تكرار ما حصل سنة 2003، وبفضل هذه السياسات، لاحظنا أنه منذ 2002 إلى اليوم تم تفكيك ما يزيد على مئة خلية إرهابية، أربعون منها تابعة لما يسمى بتنظيم «الدولة» الإسلامية «داعش»، وهذا راجع إلى يقظة الأجهزة الأمنية الأمر الذي حصن المغرب حتى اليوم من وقوع أي عمل إرهابي. ○ تلقى جهود التغيير في مناهج التدريس في المغرب مقاومة فكرية من بعض التيارات التي ترى في أي محاولة لتجديدها وبالخصوص مقررات التربية الإسلامية، اعتداء على الدين ومساسا بمقومات الشعب المغربي. ما رأيك في هذا الموضوع؟ • هذا الموضوع يقبل النقاش والحوار، وفي اعتقادي أن إصلاح المناهج ضرورة لابد منها، لأنه لاحظنا من خلال مجموعة من الدراسات والأبحاث التي أجريت خلال العشر سنوات الأخيرة أن التكفير والتطرف والإرهاب تصدر عن أفكار متطرفة، فبطبيعة الحال هناك من يعترض على مستوى المضامين وهذا في تقديري تمثله الأقلية فقط، وهناك اعتراض على مستوى المنهجية، حيث أن هناك انتقادات ترى أن هذا الإصلاح كان يجب أن يكون عبر حوار وطني وأن يتم إشراك العلماء والفقهاء وأهل المشورة والرأي من أجل ألا يكون إصلاح المناهج الدينية فيه نوع من الإخلال في الثوابت الدينية، لأننا نلاحظ أن بعض التيارات تحاول الخلط في هذه الظرفية التي يتجه فيها العالم كله إلى محاربة التطرف الديني لاستغلالها في الضر بالدين، ولذلك فهناك نقاش على أساس انه يجب التمييز بين الإسلام والتطرف الذي ينتج عن الإسلام، لأنه لا يجب أن نمس بالثوابت بدعوى أن هذا الدين يؤدي إلى التطرف. فهذا الخلط، هو الذي يثير نقاشا في هذه المرحلة ليس في المغرب فقط، وإنما في العالم الإسلامي برمته، ولا ننسى أن هناك جهات من أوروبا ومن الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول أن تركز على الرأي العام الدولي وتعطي لهذا التطرف صبغة دينية على اعتبار أن الاسلام هو مصدر الإرهاب ومصدر التطرف، ونحن نقول العكس، لأن التطرف ينتج عن مختلف الديانات، وعن النظرة المتطرفة وعن النزعة المتشددة التي يمكن أن تنتمي لأي دين ولأي ثقافة ولأي قومية، ولكن للأسف فهذا الخطاب الذي يروجه الغرب هو الذي يؤدي إلى تنامي «الإسلاموفوبيا» لأن الخلط بين المتطرفين والإرهابيين الذين هم أقلية، وبين المسلمين وهم الأغلبية يؤدي إلى حرب استهداف الجالية المسلمة في الخارج ولذلك يجب الحذر من هذه القضية، أي قضية الربط بين الإسلام والتطرف، ونرى أن «بابا الفاتيكان» قبل حوالي سنة تقريبا أدرك هذا الخلط لدى الغربيين، إذ صرح أنه لابد من التمييز بين الإسلام الذي هو دين تسامح، وبين دين المتطرفين الذين لا يهمهم الدين وإنما توظيفه لتحقيق أهدافهم الإرهابية. ○ يحظى التعليم العتيق (التعليم الديني) في المغرب بمكانة خاصة. هل هي طريقة فعالة في نظرك لمحاربة التطرف؟ • أولا الحقيقة التي يمكن فهمها هي أن التطرف والتشدد لا ينتجان عن الإسلام في حد ذاته، أو يصدران عن تفسيرات وتأويلات للآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فالرد على هذا التيار التكفيري المتطرف يجب أن يكون من داخل الدين، ومن هنا فإن التعليم الديني أو التعليم العتيق، يلعب دورا مهما في التصدي للخطاب التكفيري، لأنه لا يمكن أن نحارب خطابا تكفيريا نابعا من الدين بخطاب غير ديني، أي لابد أن نجهز ونعد العدة من داخل هذا الدين لكي نصحح المفاهيم الدينية لدى الناس خاصة لدى الشباب حتى لا يستمر استقطابهم في الجماعات الإرهابية بسبب تبريرات تأخذ من الدين ويتم توظيفها لتجنيد هؤلاء الشباب. ولذلك فلمواجهة هذه المخاطر يجب أن نعد تعليما دينيا في المستوى، وقراءة دينية جديدة للنصوص الدينية مناسبة لروح القرآن ولروح السنة النبوية، للحد من الخطابات التكفيرية وتحصين الشباب. وأرى أن التعليم الديني، يشكل رافعة أساسية في محاربة التطرف ولا يمكن بغيره أن نتصدى لهذا الفكر. ○ كيف يحد التصوف من انتشار ظاهرة التطرف؟ • شخصيا لا أعتقد أن التصوف يمكن أن يحد من التطرف، في اعتقادي إن هذه الأطروحة خاطئة تم تشجيعها منذ سنة 2004، وبعد تفجيرات نيويورك وواشنطن سنة 2001، والإدارة الأمريكية والمراكز العلمية والبحثية ومراكز صنع القرار في أمريكا حاولت أن تفكر في صيغة معينة للقضاء على الإسلام السياسي والقضاء على الجانب التشريعي في الإسلام، ولذلك تم التفكير في التصوف كبديل، ففي سنة 2004 تم وضع خطة معينة ترتكز على كيف يمكن أن نبني الاعتدال، هو كيف أن نبني الإسلام المعتدل على أساس تشجيع التصوف وتشجيع الزوايا الصوفية والجمعيات الصوفية، ولذلك فقد رأينا في العديد من الدول من بينها المغرب توجها كبيرا نحو تمويل وتشجيع هذه الزوايا، لكن في اعتقادي هذا لن يؤدي إلى محاربة التطرف. صحيح أن التصوف فيه جانب تربوي وجانب خلقي يمكن أن يدعم السلوك المعتدل، لكن لن يقدم بديلا للشباب، لأن الخطاب التكفيري ينطلق من أمر أساسي وهو أن هناك دينا فيه جوانب تشريعية وقانونية وهذه الجوانب غالبة عن الممارسة الواقعية في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمسلمين. ولكن عندما نأتي ونقدم التصوف كبديل وهو سلوك أخلاقي لا علاقة له بالواقع اليومي المعاش وبمصالح الناس اليومية، هذا في نظري لن يؤدي إلى محاربة التطرف، بل يجب التنسيق بين التربية وما بين الوعي السياسي لدى المواطن. ○ كيف ترى تعامل الدولة المغربية مع الأقليات الدينية؟ • ليس عندنا مشكل الأقليات في المغرب، هناك افتعال وهناك بعض الأشخاص يحاولون جعل هذا الموضوع محط توتر داخل المجتمع والرأي العام المغربي، للفت أنظار المنظمات الدولية. وإذا احترم كل طرف مستحقاته ومقتضياته الثقافية لن تكون هناك أي مشكلة، المشكلة تأتي من الاستفزاز، ولاحظنا في السنوات الماضية أن بعض الأشخاص في رمضان يأتون إلى الشارع ويحاولون تناول وجباتهم، هذا سلوك استفزازي لا حاجة إليه، فالذي يمارس حريته لابد من ممارستها بشكل تلقائي في احترام لحرية الآخرين. ○ في الدستور المغربي دين الدولة هو الإسلام، هل المغرب دولة دينية؟ • إذا كان الدستور ينص على هذا الأمر، فهذا معناه أن غالبية المواطنين هم مسلمون وهذا أمر طبيعي في أي بلد، حتى في أوروبا نجد أن أحد دساتير بلدانها يقول هذا البلد هو بلد كاثوليكي، وآخر يقول إن الديانة الرسمية في هذا البلد هي البروتستانتية، ولا يعني أن الدولة ضد الديانات الأخرى هذا غير صحيح. ما يجب فهمه، ان المشكل ليس في التنصيص على أن المغرب دولة إسلامية وإنما في الممارسة، يعني الممارسة داخل هذا البلد هل تحفظ للناس حرياتهم الاعتقادية وتعطيهم حق التمتع في طقوسهم وشعائرهم الدينية أم لا؟ ○ احتفلت جماعة العدل والاحسان نهاية الأسبوع الماضي بالذكرى الخامسة لرحيل مؤسسها الشيخ عبد السلام ياسين، وكعادتها جددت التأكيد على تلك المواقف، هل من تغيير على مستوى خطابها؟ • الجماعة تحاول أن ترسل رسائل إلى أصحاب القرار في الدولة، من دون أن تحدد ما هي أهدافها السياسية وما هي أولوياتها، فما نلاحظه هو ان الجماعة لا تريد المشاركة من داخل المؤسسات، وفي الوقت نفسه تدعو إلى إصلاحات مؤسساتية وسياسية دون التمكن من المشاركة، هذا في حد ذاته فيه نوع من التناقض، فالجماعة تعيش تناقضات ولا تستطيع لحد الآن أن تتجاوز الفترة الماضية والمتغيرات السياسية في المغرب، هذه المتغيرات تفرض أن تغير الجماعة خطابها وتقترب أكثر من المشهد السياسي حتى تلقى تجاوبا من طرف الرأي العام ومن طرف الدولة. بالإضافة إلى هذا لابد من الإشارة إلى الارتباك الذي تعيشه الجماعة بعد مرحلة 2011، وبعد مشاركة العدالة والتنمية في الحكومة وجدنا أن الجماعة بدأت تصاب بنوع من العزلة، حيث أنه ليست هناك أطراف سياسية في البلاد تتعامل معها باستثناء حزب النهج الديمقراطي وهو الحزب الذي تحاول الجماعة من خلاله أن تعطي الانطباع بانفتاحها على الآخرين، لكن في الوقت نفسه هذا الأمر يظهر عزلتها لان القوى السياسية الأخرى ابتعدت عن الجماعة منذ سنة 2011. الباحث المغربي ادريس الكنبوري: التعليم الديني يشكل رافعة أساسية في محاربة التطرف فاطمة الزهراء كريم الله |
لبنان: الضغوط على الحريات تشتد كلما اقتربت الانتخابات Posted: 23 Dec 2017 02:07 PM PST بيروت ـ «القدس العربي»: باكراً تلمّس كثير من النشطاء السياسيين والإعلاميين أن مناخ الحريات العامة في لبنان إلى تراجع بعد التسوية الرئاسية في لبنان التي دخلت عامها الثاني. وباكراً تناولت «القدس العربي» هذه المسألة قبل أن تنفجر بشكل كبير في الأسابيع الماضية أزمة الحريات الإعلامية مع محاولة ترهيب قضائية بحق الإعلامي مارسيل غانم لاستضافته، في حلقة مباشرة على الهواء، محللين سياسيين سعوديين اثنين من بين ضيوف آخرين، على وقع أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري التي أعلنها من الرياض، وما تناوله في بيان استقالته من اتهامات إلى «حزب الله» وإيران حول استهداف المملكة ودول الخليج العربي. بدت المسألة وكأنها متعلقة بما قاله ضيوف الحلقة. أحد المحللين السعوديين اعتبر «أن مَن يصمت عن ممارسات حزب الله هو شريك في الإرهاب والحرب على المملكة» متهماً «رئيس الجمهورية بالتغطية على الحزب» واعتبره «شريكاً من خلال صمته، وكذلك رئيس مجلس النواب وقائد الجيش». كان سقف الكلام عالياً، وكذلك كانت الردود والمواقف الأخرى، سواء من الضيف الإيراني الذي لم يتوانَ عن وصف المملكة بـ»الدولة الراعية للإرهاب»، أو من قبل الضيف اللبناني إيلي الفرزلي، السياسي «العتيق» والمتمرّس، والذي كان نائباً لرئيس مجلس النواب لسنوات طويلة مضت زمن الوصاية السورية. المسألة، حقيقة، لا تتعلق بتمادي الضيوف، عبر هذه المحطة التلفزيونية أو تلك، أو بتخطي المقدّمة الإخبارية لهذه المحطة أو تلك للمحظورات، أو بشن هذه الصحيفة أو تلك حملات شعواء ضد رموز ودول بعينها. الاستهداف ينحصر بجهة معيّنة ليس إلا، وفق رأي المعارضين. ففي خضم أزمة الحريري، بادر ضيف «برتبة دكتور» محسوب على «حزب الله»، في معرض التهجّم على الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، عبر حلقة كانت تبث مباشرة على الهواء في محطة أخرى، إلى استخدام تعبير «بول البعير»، فكان كلامه «كأنه عسلاً»، واقتصر الأمر على استدراك المحطة للإساءة، عبر الطلب من «الضيف الدكتور» مغادرة الأستديو، فبادر إلى سؤال المُحاوِر: «كم قبضت على إخراجي من الحلقة؟». والحالة تنطبق على صحف عدّة تشن حملات إعلامية منظمة مستخدمة أوصافاً خارجة عن آداب المهنة ويُعاقب عليها القانون، من دون أن يرشقها أحد حتى بـ»وردة». السبب «بسيط جداً»، يقول ناشطون سياسيون على الضفة المعارضة، فهؤلاء إما محميّون أو محسوبون على «إعلام الممانعة» المنخرط في محور «حزب الله»، أو على الإعلام المؤيّد للسلطة. وتعبير «السلطة» يُقصد به بشكل أساسي «التيار الوطني الحر» الذي أسّسه رئيس الجمهورية، والذي يُمسك بكثير من المواقع الإدارية والقضائية في البلاد. الكلام عن ضرورة الالتزام بالقوانين وعدم السماح بالانفلات الإعلامي، مسألة يجب ألا تكون خاضعة لأي نقاش لولا أن «الاستنسابية المتمادية» تجعل جوهر القضية سياسيّ بامتياز. اليوم، تتفاقم في لبنان قضية ملاحقة مارسيل غانم. تَحَرّك الادعاء العام ضدّه وضيفيه السعوديَّين. هو لم يَمثُل أمام المدّعي العام، معتبراً أنه «كان مطلوبا إحضاري وإخضاعي وتوقيعي لعدم التعرّض لرئيس الجمهورية وأنا لم أفعل قط، ولن أفعل». تمّ الادّعاء عليه، فحضر محاموه أمام قاضي التحقيق مقدّمين دفوعاً شكلية، رفض القاضي استلامها وأصدر «مذكرة إحضار» بحقة، وحدّد جلسة في الرابع من كانون الثاني/يناير 2018. لم تعد القضية مرتبطة بشخص مارسيل غانم. هي قضية حرّيات عامة، من حريات أعلامية إلى حرية رأي وحرية تعبير. يعرف المعارضون والناشطون وأصحاب الرأي جيداً أن اتخاذ الإجراءات القانونية تشكّل بداية مسار «التدجين وكمّ الأفواه» لكل من يُعارض الحاكمين، سواء أكانوا سياسيين أم أمنيين أم اقتصاديين أم ماليين. لاحت بدايات المرحلة الصعبة التي تنتظر لبنان، حين تمّ التهديد بملاحقة نائب في البرلمان وإعلاميين لمجرّد سؤالهم عن صفقات مشبوهة في ملف استئجار بواخر الكهرباء، ورفع دعاوى بالجملة بحقهم. يظنّ كثيرون أن ضيق صدر أركان التسوية يعود إلى أن التسوية الرئاسية لم تكن لتبصر النور، في جزء منها على الأقل، لو لم تكن مبينة أيضاً على مصالح مشتركة، تتعدّى السياسة إلى توافقات على اقتسام مقدّرات الدولة، من صفقات تدور حول الكهرباء والهاتف الخليوي والطاقة المستكشفة من غاز ونفط، دفعت القرارت الأخيرة بتلزيم شركات لاستشكاف النفط إلى الاحتفال بأن لبنان أصبح بلداً نفطياً. طبعاً، حلم أن لبنان بلد نفطي لن يتحقق إلى واقع يمكن للبنانيين أن يستفيدوا منه قبل سنوات طويلة، على الأقل، وسط مخاوف فعلية من تحميل الأجيال المقبلة أعباء الدين العام وسوء إدارة هذا الحقل الجديد على لبنان وغياب الشفافية في دولة صنّفت في المرتبة 136 من حيث مستوى الفساد في قائمة من 176 دولة، وفقاً لمؤشر الفساد لعام 2016 الصادر عن «منظمة الشفافية الدولية». وثمّة أسلوب جديد يتم اعتماده في عملية ممارسة الضغوط، يمكن وصفه بأسلوب «الجرجرة» إلى القضاء. يكفي أن يتقدّم محامون منتمون إلى هذا الفريق أو حتى صحافيون محسوبون على ذلك الفريق بإخبار أو دعوى حتى يتحرّك القضاء! فخطأ مطبعي للنائب السابق فارس سعيد في كتابة كلمة «حزب الله»، في تغريدة على «تويتر»، جعلت رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا يتصل بوزير العدل سليم جريصاتي لاتخاذ التدابير اللازمة، وتبعها تقديم إخبار من أحد المحامين المتدرّجين لدى الحزب بجرم المسّ بالذات الإلهية. صحيح أن السياسي المعارض بشراسة للتسوية السياسية ولـ»حزب الله» استدرك الخطأ، فأزال تغريدته مع توجيه اعتذار لجمهور «حزب الله»، موضحاً أنه لا يقصد الإساءة الأخلاقية، لكن ذلك لم يكن كافياً. فهناك من رأى، في المناسبة، فرصة سانحة لتأديب «الرجل المشاكس» على العهد وعلى «حزب الله»، والمتهم بأنه وراء التحريض على الحريري لدى دوائر المملكة. غير أن الرياح، وفق القريبين منه، لم تجرِ كما تشتهي السفن. فارس سعيد ليس طارئاً على العمل السياسي. هو ابن أحد البيوتات السياسية العريقة في قضاء جبيل في جبل لبنان. طبيب قلب سرقته السياسة من مهنة «إنقاذ الأرواح»، لكنه يعتبر أنه غادر إلى رحاب أوسع، لأنها «معركة إنقاذ الوطن». سريعاً، أعلن سعيد أنه يحترم القانون، وسيَمثل أمام المدّعية العامة. ولكن على خط موازٍ، كانت مجموعة من المحامين تتوكّل عنه لتقدّم مشهداً راقياً في ساحة قصر العدل. وكان هناك من يستقصي أخبار دارته في مسقط رأسه قرطبا، الذي شهد حركة شعبية راقية هي الأخرى عبر وفود من قرى وعائلات جاءته متضامنة. استدرك الخصوم أن تلك الفرصة بدل أن تُشكّل مناسبة تأديب أو ترهيب تحوّلت إلى مناسبة تأييد وتضامن. استدركوا خطأهم، فكان أن تمّ إرجاء جلسة الاستماع إلى موعد لم يُحدّد بعد، وعلى الأغلب أنه لن يُحدد! قبلها بأسابيع، وفي السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، تم استدعاء الناشط والصحافي أحمد الأيوبي من قبل مكتب المباحث الجنائية المركزي، ليمضي في نظارة وزارة العدل أياماً قبل أن يُطلق سراحه بكفالة مالية. ولاحقاً كشف مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز»- مؤسسة سمير قصير أنّ الإدعاء على الأيوبي، هو بناءً على شكوى مقدمة من نادر الحريري بتهم «تحقير رئيس الجمهورية والتعرض لدولة شقيقة» وذلك على خلفية مقالات كتبها الرجل الذي ينشط ضمن مجموعات المجتمع المدني في إطار العمل الجاري للم شمل المعارضة المشتتة على أبواب الاستحقاق النيابي، وأيضاً في مواجهة حال الانحدار السياسي التي جسّده، من وجهة الناشطين في المجتمع المدني، انضمام ركنين أساسيين في قوى الرابع عشر من آذار، هما «تيار المستقبل» والقوات اللبنانية» إلى التسوية السياسية. فكثير من مجموعات الحراك المدني اليوم ينتمي إلى جيل راوده حلم في الـ 2005، لكنه أصيب بإحباط وخيبات أمل تضاعفت مع انتفاء الخط الفاصل بين قوى 8 و14 آذار بعدما لم يعد من قضية سياسية يحملها قادة قوى الرابع من آذار تحت عنوان «الواقعية السياسية» و»ربط النزاع» مع «حزب الله»حول سلاحه من أجل مصلحة البلاد. وكثير من مجموعات الحراك المدني يتحرك في وجه ما يصفونه بـ» التزاوج الحاصل بين السلاح غير الشرعي والفساد الآخذ بالاستشراء مع الطبقة السياسية الراهنة». والكرة تتدحرج في اتجاه عملية تضييق الخناق على المعارضين. فقبل أيام، تمُ إبلاغ الناشط الحقوقي رئيس مؤسسة «لايف» المحامي نبيل الحلبي للمثول أمام المحكمة العسكرية لسماعه في إخبار مقدم ضده من الصحافي سالم زهران وهو أحد الصحافيين الذين ينتمون إلى خط «محور الممانعة». كان الحلبي قد تعرّض من قبل الصحافي المذكور إلى جملة اتهامات جعلته يتقدم بشكوى دعوى قدح وذم واتهامات كاذبة في حقه، فإذا بالصحافي المذكور يتقدم بإخبار ضد الحلبي في اليوم التالي لدى النيابة العامة، للتحقيق معه في مجموعة اتهامات، منها «الاتصال باسرائيل، وسرقة مساعدات النازحين السوريين، والقدح والذم، والتهديد، واثارة النعرات الطائفية، مع تعكير العلاقة مع دولة صديقة، وبثّ التفرقة». اللافت أن دعوى الحلبي بقيت في الأدراج، فيما تمّ تحريك إخبار زهران. شق من الإخبار المتعلق بـ»سرقة مساعدات النازحين السوريين» حوّل إلى القضاء المدني، والشق المتعلق بالتعامل مع أسرائيل حوّل إلى المحكمة العسكرية. يقول الحلبي إنه كان يجب أن يدمج الدعوى والإخبار سوياً، لكن ذلك لم يحصل. هو مَثَل أمام القضاء المدني لتبيان زور التهمة الموجهة له كون أن مؤسسة «لايف» ليست مؤسسة تتعاطى بالإغاثة بل هي مؤسسة حقوقية تتابع قضايا وملفات تتناول حقوق الانسان والخروقات في هذا الجانب. لكنه لم يمثُل أمام المحكمة العسكرية الذي كان مقررا ان تعقد في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، ذلك أن نقابة المحامين لم تعط إذناً للتحقيق معه، واعتبرت أن الإخبار المقدم هو أخبار سياسي. والمضحك المبكي أن الإخبار يستند إلى مقالة كتبها عنه النظام السوري الذي يعارضه من موقعه كداعم للثورة السورية. نقطة الضوء في النفق المظلم أن نقابة المحامين تحركت وتقدمت بدعوى ضد المخبر. الانطباع السائد أن السلطة القضائية في البلاد تمّ وضع اليد عليها من قبل السياسيين، وأن تحريكها بات يتم بشكل استنسابي، إلى حد أن القناعة لدى كثير من اللبنانيين أنهم ليسوا متساوين أمام القضاء، وأن هناك صيفاً وشتاءً تحت سقف واحد. والقلق يتزايد إنطلاقاً من الشعور المتنامي بأن ما يجري اليوم هو عملية اختيار نماذج معينة لترهيبها وتدجينها من أجل جعلها عبرة للأخرين. ليس صدفة أنه في أقل من شهر واحد، يتم تحريك القضاء ضد مارسيل غانم المعروف بتمايزه الإعلامي وبمساحة الحرية التي يتمتع بها من خلال برنامجه السياسي، ولا صدفة أن يتم توقيف الناشط أحمد الأيوبي الذي يتحرك بقوة في طرابلس والشمال التي تصدر منها أصوات كثيرة معارضة للنهج الحالي، ولا صدفة تحريك دعوى ضد السياسي المعارض فارس سعيد المرشح الانتخابي في دائرة كسروان وجبيل، ولا هي صدفة تحريك إخبار ضد المحامي نبيل الحلبي المعروف بمواقفه المناهضة للنظام السوري ولأداء «الحريرية السياسية» ويتحرك كمرشح للانتخابات النيابية، ولا هي صدفة تحريك ثلاث دعاوى ضد مقال كتبه الصحافي فداء عيتاني في خلال أزمة الحريري الأخيرة. بالأمس، تحركت نخبة من الناشطين أمام قصر العدل في وقفة تضامنية «انتصارا للحريلت الإعلامية». أرادوها «وقفة أقلام» في رسالة أرادوها أن تصل وقوامها» أن أحداً لم يتجرأ يوماً على الحرية في لبنان وربح. الحرية هي مرادف لبنان. يبقى إن بقيت ويزول إن زالت… وتجارب التاريخ علمتنا أن الحرية هي سحر لبنان العصي على كل الطغاة والغزاة! لبنان: الضغوط على الحريات تشتد كلما اقتربت الانتخابات رلى موفّق |
بين انتمائهم القومي الكردي وولائهم المذهبي الشيعي Posted: 23 Dec 2017 02:07 PM PST يتنشر الكرد الفيلية في المناطق الممتدة على الجزء الشرقي من الحدود العراقية الإيرانية وسط البلاد وجنوبها في محافظتي واسط وميسان وشمالا إلى محافظة ديالى في جلولاء وخانقين ومندلي في مقابل انتشارهم داخل الأراضي الإيرانية، في محافظات كرمنشاه وعيلام والأحواز على الحدود الغربية الإيرانية مع العراق. وينتمي الكرد الفيلية إلى الطائفة الشيعية فيما يسود جدل واسع حول الانتماء القومي لهذا المكون الأصيل ضمن مكونات المجتمع العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية في أوائل عشرينيات القرن الماضي؛ وتبدو ثمة إشكالية تتعلق بالبعد القومي «المُختلف» عليه بن قائل بالانتماء إلى القومية العربية، ويمثل هؤلاء نسبة من الكرد الفيلية الذين يعتقدون بهذا الانتماء تبعا لتواجدهم الجغرافي وانتشارهم منذ قرون في بيئة عربية خالصة في العاصمة بغداد ومدن بدرة وجصان في محافظة واسط على الحدود العراقية الإيرانية، فيما النسبة الأقل منهم تتواجد في مناطق الكثافة الكردية في إقليم كردستان العراق. ويتنامى شعور واسع لدى الكرد الفيلية، بتعرضهم للتمييز على أساس الانتماء الطائفي، كما تروج الاتهامات الموجهة لهم بالولاء لإيران، باعتبار ان بعض مناطق انتشارهم على الحدود الإيرانية العراقية تمتد في العمق الجغرافي الإيراني، بأصول اجتماعية مشتركة، حرمتهم من العمل في الوظائف الحكومية خلال العقود الأولى من تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وهذا ما يمكن ملاحظته في أدبيات كتاب أو شخصيات من الكرد الفيلية. في العاصمة بغداد كانت هناك صورة مغايرة عكسها واقع مجتمع متعايش مختلط قوميا ودينيا وطائفيا أتاح للكرد الفيلية الاندماج في النشاط التجاري الذي تعاظم بعد هجرة يهود العراق عام 1948 الذين تركوا خلفهم مساحة واسعة من الاستثمار في تجارة المواد الغذائية والأكياس والحديد ومختلف أنواع البضائع التي كانوا يسيطرون على نسبة مهمة منها في أسواق بغداد، حيث نجح الفيلية في ملء الفراغ الذي خلفته هجرة اليهود في المجال التجاري، بحكم تمركزهم وسط المركز التجاري للعاصمة في شارع الرشيد وأحياء الشيخ عمر والكفاح وحي الأكراد الذي كان يشكل التجمع الأكبر لهم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي قبل ان تطالهم قوانين الترحيل إلى إيران بعد الحرب الإيرانية العراقية أوائل الثمانينيات تحت مسمى «التبعية الإيرانية» لاعتقاد الحكومة آنذاك انهم يشكلون طابورا مواليا لإيران. وتشير بعض الدراسات التاريخية إلى ان الكرد الفيلية في الجانب الإيراني المعروفون باسم «اللور» عاشوا عدة قرون ضمن ما تسمى «لورستان» بشكل مستقل عن الدولة المركزية في بلاد فارس حتى عام 1929 حيث قام رضا شاه بضمها إلى إيران. واستخدم ياقوت الحموي في القرن الثالث عشر اسم «اللور» ووصفهم بانهم «قبيلة من الأكراد تعيش في الجبال بين خوزستان وأصفهان»، وتسمى مناطقهم بلاد «اللور» أو «لورستان»؛ وليس بعيدا عن هذا يذهب مؤرخون معاصرون إلى ان أصل تسمية الكرد الفيلية جاءت على خلفية قدومهم إلى العراق قبل مئات السنين من موطنهم الأصلي في جبال زاكروس بكردستان إيران حيث تأقلموا مع المجتمع العراقي في شرق البلاد على الحدود مع إيران وامتهنوا مختلف المهن التجارية والزراعية، كما برزوا في مجال النشاط السياسي ضمن الحركات الكردية العراقية والأحزاب اليسارية التي ظهرت في العراق منذ خمسينيات القرن الماضي. تعايش مشترك لا يوجد ما يؤكد على المشترك القومي مع الأكراد على الرغم من احتفاظ هذا المكون باسم له دلالة كردية «الكرد الفيلية»، ويرى البعض منهم ان مثل هذا الانتماء تعوزه الأدلة التاريخية والعلمية؛ لكن قد يكون هناك ما هو أقرب تاريخيا إلى الواقع إذا استخدمنا مصطلحا يتم تداوله على نطاق ضيق باسم «العراقيين المستعربين» وهؤلاء عادة يمثلهم أقوام وافدة إلى وسط وجنوب العراق في وسط بيئة ناطقة باللغة العربية وتقاليد وأعراف قبلية عربية سمحت لهم بالتعايش المشترك والتزاوج والانصهار الثقافي، إضافة إلى ان تلك المناطق تقطنها غالبية شيعية وهذا عامل تعايش مشترك بين الكرد الفيلية وأبناء تلك المناطق. الباحث الكردي المعروف إسماعيل طه والذي يهتم بترجمة الكتب من اللغة العربية إلى اللغة الكردية، قال في اتصال مع «القدس العربي» تعليقا على «اتهامات» متداولة بان الكرد الفيلية يشكلون «طابورا خامسا» لإيران، بحكم الانتماء الطائفي المشترك، وانهم موالون لإيران وللمذهب الشيعي أكثر من ولائهم لقوميتهم «الكردية»، التي لا تزال صحة مثل هذا الانتماء مثار جدل بين الكرد الفيلية انفسهم، وأيضا لدى قطاعات واسعة من الأكراد «السنة» الذين لا يرون صحة مثل هذا الانتماء ضمن إشكالية وصفها الباحث الكردي بانها «معقدة وغير محسومة بشكل قاطع». لكن طه، يرى في حقيقة الاتهامات الموجهة للكرد الفيلية، انها «مسألة نسبية لا يمكن القول بإطلاقها»، مع تأكيده على ان «بعضا منهم ثمة ما يؤكد على انهم بالفعل يشكلون طابورا خامسا يعمل لصالح إيران ويغلب مصالحها على مصالح الأكراد»، وهذا «لا ينطبق على جميع الكرد الفيلية انما على نسبة من الصعب تحديدها بشكل دقيق، لكن لا يمكن نفيها بشكل قاطع». وأرجع الباحث الكردي أسباب ذلك إلى عامل «الجغرافية المشتركة التي يتساكن عليها الكرد الفيلية مع الإيرانيين من المكون نفسه رغم الحدود المرسومة بين البلدين العراق وإيران». وحسب كتابات لمستشرقين، يرتبط الكرد الفيلية «اللور» في الجانب الإيراني تاريخيا بموطن أجدادهم في العراق أكثر من ارتباطهم بإيران، كما انهم مرتبطون روحيا بالعراق الذي يضم العتبات الشيعية في سامراء والنجف وكربلاء وغيرها؛ لذلك يُعتقد ان الكرد الفيلية «اللور» الذين يعيشون في إيران حاليا هم من أصول عراقية عبروا الحدود بهجرات متعاكسة بين البلدين قبل عام 1929؛ وتؤكد كتابات المستشرقين ان اللغة «اللورية» حافظت على «خصوصيتها» ورفضت المفردات الدخيلة عليها في البيئة الجغرافية المجاورة سواء العراق ولغة سكانها العربية أو إيران ولغتهم الفارسة ولغات أخرى. وأشار الباحث إسماعيل طه إلى ان القول «بولاء بعض الكرد الفيلية لغير الأكراد ليس حكرا على هذا المكون، بل يشمل مكونات أخرى مثل التركمان والمسيحيين والإيزيديين وغيرهم ممن يعيشون على أراضي إقليم كردستان وكثيرا ما صرحوا تصريحات مناوئة لأكراد الإقليم، الذين أعطوا مثل تلك المكونات المتعايشة معهم، حجما أكبر من حجمهم على الأرض وتأثيرهم الحقيقي». مؤكدا على ان «للأكراد أيضا حاجة أو مصلحة في تواجد مثل هذه المكونات على أراضي إقليم كردستان لتقوية موقع الإقليم في المنطقة». قرارات التسفير في اتجاه مغاير لما ذهب إليه الباحث الكردي إسماعيل طه، يرى سالم الحاج الصحافي الكردي، الذي يرأس تحرير مجلة «الحوار» الفصلية التي تصدر في عاصمة الإقليم باللغة العربية، ان «الكرد الفيلية هم جزء أصيل من الشعب الكردي دون أدنى شك، مع اختلافهم مذهبيا عن الغالبية العظمى من الأكراد الذين ينتمون إلى المذهب السني». ويعتقد سالم الحاج في حديثه لـ «القدس العربي» ان سبب ما اسماها «مآسي قديما وحديثا» يعود في حقيقته إلى انتمائهم للمذهب الشيعي، وذكّر بما لاقاه الكرد الفيلية من «ويلات أثناء حكم صدام حسين بتهمة انهم من التبعية الإيرانية وليسوا عراقيين»، وهذه التهمة كانت أحد مسوغات استصدار قرارات تسفير «المشكوك» بتبعيتهم لإيران. لكن الكرد الفيلية اليوم «فقدوا هويتهم بين الأكراد والشيعة» حسب وصف الحاج، الذي يرى ان الجانبين القومي الكردي والمذهبي الشيعي «يتقاذفان الكرد الفيلية بدواعي شيعيتهم مع حس قومي ضعيف الانتماء للأكراد»، فيما يرى الشيعة «ان الانتماء القومي للكرد الفيلية أضعف الولاء للمذهب الشيعي لديهم». ويُرجع الحاج ذلك إلى «عامل التجاذبات السياسية والمصالح بعيدا عما يتعلق بالانتماء القومي أو الولاء المذهبي»، لكنه لا يستبعد «ان بعض وليس كل الكرد الفيلية يلعب دور الطابور الخامس لإيران ويعمل لصالح إيران ومذهبه الشيعي أكثر مما يعمل لخدمة مصالح قوميته الكردية، وهو أمر وارد لا يثير المزيد من العجب طالما أن الشيعة في العراق اليوم هم القوة الغالبة والسلطة الحاكمة». لكن الحاج يرى ان من «الظلم» تعميم مثل هذه الأحكام على «جميع الكرد الفيلية» الذين كما غيرهم من الأقوام والطوائف، ليسوا كتلة واحدة، أو حزبا واحدا، بل يتوزعون على أحزاب وتيارات عديدة، فمنهم من يعمل ضمن صفوف الأحزاب الكردية، وفيهم قيادات في الصف الأول فيها، كما أن لهم أحزابا سياسية مستقلة، تعمل لصالح أهدافها وطائفتها، ومنهم من يعمل لصالح الأحزاب الشيعية، وكثير منهم لا دور لهم، وليس لهم مصلحة إلا مع الحياة الكريمة، والأمن والاستقرار، فمن وفرها لهم كانوا معه وصوتوا لصالحه»، كما يقول سالم الحاج رئيس تحرير مجلة «الحوار» الفصلية لـ «القدس العربي». يذكر ان الكرد الفيلية تبنوا موقفا معارضا لاستفتاء إقليم كردستان الذي دعت حكومة الإقليم الأكراد خارج المحافظات الثلاث المشاركة فيه، ويشكل الكرد الفيلية معظم نسبة الأكراد خارج مناطق الإقليم، وهو موقف منسجم تماما مع موقف الحكومة المركزية؛ وأعلن رئيس لجنة الأكراد الفيليين في مجلس محافظة واسط التي تعد موطنا لنسبة كبيرة منهم عن رفضهم المشاركة في الاستفتاء الذي سيؤدي إلى انفصال الإقليم عن العراق. سياسة التمييز التي تفرضها الأكثرية وهناك شعور لدى طيف واسع في أوساط الكرد الفيلية بتعرضهم للتمييز على أساس الانتماء الطائفي واتهامات موجهة لهم «بالولاء لإيران» بذريعة ان بعض مناطق انتشارهم على الحدود الإيرانية العراقية تمتد في العمق الجغرافي الإيراني بأصول اجتماعية مشتركة حرمتهم من العمل في الوظائف الحكومية خلال العقود الأولى من تأسيس الدولة العراقية الحديثة، وهذا ما يمكن ملاحظته في أدبيات كتاب أو شخصيات من الكرد الفيلية. وبعد التغيير الذي حصل في أعقاب غزو العراق ظلت «مظلومية» الكرد الفيلية قائمة دون إيجاد حلول جذرية لما يعتقدون بأنهم ضحايا سياسة التمييز التي تفرضها الأكثرية العربية؛ وحيث ان أساس العملية السياسية يقوم على محاصصة سياسية تعتمد على «التفاهمات» بين رؤساء الكتل السياسية الكبيرة، منحت الحكومة العراقية في عام 2012 بموجب التعديل الثاني لقانون انتخابات مجالس المحافظات لسنة 2008 مقعدين اثنين للكرد الفيلية بواقع مقعد واحد في مجلسي محافظتي بغداد وواسط. وفي كانون الأول/ديسمبر 2013 نظمت شخصيات من الكرد الفيلية مؤتمرا في بغداد لمناقشة مسألة حصة الكرد الفيلية في انتخابات مجلس النواب المقررة في 2014 ومعالجة حالة «التهميش» الذي يتعرضون له، واجمع المؤتمرون على تخصيص كوتا للكرد الفيلية بما لا يقل تمثيلهم عن 5 في المئة من مجموع سكان العراق، وطــالـبــوا الكتل السياسية بالتجاوب مع مطالبهم في إطار السعي لتحقيق التوازن مع المكونات الأخرى. أما في إيران فتعاني الأقليات الدينية والعرقية بشكل عام من التهميش في تبوء المناصب العليا في الحكومة، ومن بين هذه الأقليات العرب في الأحواز كأقلية عرقية والأكراد السنة والبلوش السنة في وسط وشمال شرقي إيران كأقلية طائفية، وكذلك الكرد الفيلية «اللور» كأقلية عرقية على الرغم من اتباعهم المذهب الشيعي الذي يحكم البلاد؛ وتتضارب المعلومات بشكل كبير فيما يتعلق بحقيقة النسب السكانية للأكراد السنة أو الأكراد الشيعة «الفيلية» أو العرب أو غيرهم لعدم وجود احصائيات رسمية. لكن ثمة من ينظر إلى مستجدات في تعامل الحكومة الإيرانية «الإصلاحية» مع الأقليات الدينية أو العرقية بعد تعيين محمد مهدي شهرياري القنصل الإيراني في ألمانيا قبل اختياره محافظا لمدينة ارومية بكردستان إيران؛ وشهرياري كردي شيعي فيلي من محافظة خراسان الشمالية، وهو أول من يتولى هذا المنصب بعد الثورة الإيرانية بعد ان كان حكرا على الأذريين في الغالب؛ كما عينت الحكومة الإيرانية بهرام مورادنيا محافظا لمدينة «سنه» التابعة لكردستان إيران، وهو أيضا كردي شيعي «فيلي» سبق ان شغل مقعدا في البرلمان الإيراني عن هذه المدينة. بين انتمائهم القومي الكردي وولائهم المذهبي الشيعي الكرد الفيلية في العراق وائل عصام ورائد الحامد |
جزيرة الأحلام جربة: هبة المتوسط إلى تونس Posted: 23 Dec 2017 02:07 PM PST تونس ـ «القدس العربي»: قيل عن تونس سابقا أنه «إذا كانت مصر هبة النيل، على رأي هيرودوت الإغريقي، فإن تونس هي هبة المتوسط، ولولاه لما كانت» فهي مع إيطاليا قلب هذا البحر الأسطوري النابض وعلى أرضها قامت واحدة من أهم الحضارات المتوسطية أي حضارة قرطاج. فالخضراء لها واجهتان على المتوسط واحدة شمالية مطلة ومنفتحة على الآخر الأوروبي، وأخرى مواجهة لأرض المشرق وبلاد الشام يأخذها الحنين لتاريخ غابر ضارب في القدم. كما يحيط البحر المتوسطي بمنطقة الوطن القبلي التونسية من ثلاث جهات، وبالجزر التونسية المأهولة وغير المأهولة بالسكان من كل الاتجاهات. وتعتبر جزيرة الأحلام جربة، إحدى أهم عناوين هذا الارتباط الوثيق بين تونس وبحرها المتوسطي لما لهذا البحر من تأثير على تاريخ المدينة وعلى سلوك وعادات ساكنتها. فإن كانت تونس هي هبة المتوسط إلى العالم فإن جربة بسحرها وجاذبيتها وإقبال الناس على زيارتها للتنعم بجمالها الآسر هي هبة المتوسط إلى تونس. ماض أسطوري أول من سكن جربة، ومثل منطقة الشمال الافريقي، هم الأمازيغ المتميزون بلغتهم ولباسهم المميز وحتى بأكلتهم الشعبية الشهيرة وهي الكسكسي. ونشط سكان جربة الأوائل في الصيد البحري والفلاحة وأنشطة أخرى مثل الصناعات الحرفية وأشهرها صناعة الفخار الذي ما زال يميزها إلى اليوم. وقدم الإغريق إلى جربة وكذا سكّان جزر بحر إيجي واستوطنوها وعمروا أراضيها وتواصلوا مع من سبقهم من الأمازيغ في شتى المجالات، فنشطت المبادلات التجارية على وجه الخصوص. فـ»جربة» هي تلك الجزيرة الأسطورية التي رسا بها أوليس أو أوديسيوس الإغريقي ملك إيتاكا بعد ملحمة طروادة الشهيرة في آسيا الصغرى. تقول الأسطورة أنه بعد أن انتهى أوديسيوس من حرب طروادة، وفقأ في طريق عودته عين العملاق ذي العين الواحدة الذي التهم عددا من رجال اوديسيوس، وبعد أن تبين أن العملاق هو ابن إلاه البحر بوسيدون الذي غضب من أوديسيوس وجعله يتيه في البحر عشر سنين يشقى خلالها ويواجه الأهوال وفقا للإلياذة والأوديسة لهوميروس، وبعد أن طاف بعدد من المدن والجزر في البحر المتوسط، وصل أوديسيوس إلى جربة. وفي جزيرة الأحلام التونسية وجد عرائس البحر الأسطورية تنشد أغاني ساحرة وعذبة بأصوات لم يُسمع أعذب منها، وكان من يقترب من عرائس البحر لا يستطيع أن يبتعد عنهن حتى يوافيه الأجل ويفارق الحياة، فقام أوديسيوس بوضع الشمع في آذان بحارته، وربط نفسه إلى الصارية كي لا يجبر على الذهاب إليهن، وهن ينشدن بتـلك الأصــوات الســاحرة، وهكذا كانت حيلته للنجاة. ثم جاء الفينيقيون إلى جربة من سواحل بلاد الشام منذ القرن 12 ق.م أي قبل تأسيس قرطاج، وتكثف تواجدهم بعد تأسيسها في القرن التاسع قبل الميلاد. ومعهم ازدهرت التجارة والزراعة، وخصوصا الزيتون، والصيد البحري والصناعات الحرفية، فقد كانوا تجارا أدخلوا حركية على غرب المتوسط برمته وليس فقط على جربة ووصل نفوذهم إلى غرب افريقيا وبحر الشمال مقتحمين المحيط الأطلسي الذي خشيه العرب وسموه بحر الظلمات. وشهدت الجزيرة التونسية الخلابة ازدهارا لافتا في العهد الروماني خصوصا من الناحية العمرانية مع ما عرف عن الرومان من نزوع نجو تشييد أفخر المباني والساحات العامة إضافة إلى المسارح والحمامات. وتواصل الأمر مع الوندال والبيزنطيين القادمين من القسطنطينية محاولين إعادة أمجاد روما القديمة التي أحرقها نيرون. مرحلة جديدة وشمل الفتح الإسلامي جربة التي حل بها الصحابي رويفع بن ثابت الأنصاري وعرفت الجزيرة مع الإسلام مرحلة جديدة في تاريخها اعتنق فيها غالبية أهلها الدين الجديد الذي انتشر في كامل ما تسمى اليوم تونس ومنها ومن مدينة القيروان إلى سائر بلاد المغرب والأندلس. واستقر العرب القادمون من أرض الحرمين بجربة وفي أغلب مناطق تونس وساهموا في نشر اللغة العربية التي بدأت تتموقع شيئا فشيئا مكان اللغة الأصلية أي البونية التي هي مزيج بين الفينيقية والأمازيغية والتي تحدث بها التونسيون حتى في العهد الروماني رغم سقوط قرطاج. وبقيت بلاد المغرب ومعها جربة تحت حكم ولاة الأمويين والعباسيين الذين اتخذوا من مدينة القيروان التونسية عاصمة لهم، ثم جاء الأغالبة وأصبحت معهم تونس أو افريقيا مستقلة عن العباسيين في بغداد. ثم حل ركب الفاطميين فخضعت لهم جربة وكذا الصنهاجيون، فالغزو الهلالي والمرابطون والموحدون والحفصيون الذين هجم عليهم الإسبان فاستنجدوا بالأتراك العثمانيين. خضعت جربة للعثمانيين قبل سائر المدن التونسية فقد أقام بها خير الدين بربروس وشقيقه عروج وجعلا منها قاعدة لنشاط القرصنة الذي كانا يمارسانه في البحر الأبيض المتوسط خدمة للباب العالي. ثم انتقلا منها إلى الجزائر بعد سيطرة العثمانيين عليها وتحويلها إلى قاعدة للانطلاق إلى تونس، التي كانت الدولة الحفصية تواجه فيها المصاعب لصد هجمات الإسبان، والتي افتكها العثمانيون نهائيا (أي مدينة تونس) في صائفة 1574. فاحتلت جربة من قبل درغوث باشا زمن السلطان العثماني سليم الثاني درء لخطر الإسبان من جهة وطمعا بموارد جديدة تحتاجها إمبراطورية الأستانة. ولعبت دورا بارزا جدا في الصراع العثماني الإسباني على الهيمنة والنفوذ في البحر الأبيض المتوسط وهو ما تشهد به حصونها وأبراجها الأثرية التي لعبت دورا بارزا في صد الغزاة. ومع استقرار الأوضاع في تونس وسائر الأقاليم الخاضعة لها مثل جربة برزت النزعة الاستقلالية بصورة مبكرة مقارنة ببقية مقاطعات الإمبراطورية العثمانية. ومع إدراك القرن الثامن عشر أصبحت تونس مملكة حسينية وطنية مستقلة عن الباب العالي ترتبط به روحيا فقط باعتبار وأن سلطانه هو خليفة جميع المسلمين. فظهرت الحركة الإصلاحية التونسية مع الرواد خير الدين التونسي وأحمد بن أبي الضياف والجنرال حسين وغيرهم. وعرفت المدينة الاستعمار الفرنسي مثل باقي المدن التونسية وشارك أهلها في المعركة التحريرية التي خاضها الشعب التونسي. ومن أبرز أبناء جربة الذي انخرطوا في الحركة الوطنية الزعيم الدستوري صالح بن يوسف الذي اختلف مع الزعيم بورقيبة في رؤيته للكفاح ودخل معه في صراع مرير قسم البلاد بين الرجلين وانتهى باغتيال صالح بن يوسف في الخارج من قبل مجموعة من أعضاء بورقيبة وقيل أن كلاهما كان يتربص بالآخر. جربة في الوقت الحاضر جربة اليوم هي جزيرة ومدينة سياحية هامة تضم مدنا صغيرة منها حومة السوق وميدون تقع في ولاية مدنين بالجنوب الشرقي للبلاد التونسية، تتوفر على أفخم الفنادق والمرافق والمنتجعات السياحية، لها مطارها الخاص، مطار جربة جرجيس الدولي، الذي كان له الفضل في نقل رعايا البلدان الأجنبية المقيمين في ليبيا إلى بلدانهم كلما اشتعل الاقتتال بين الفرقاء الليبيين. كما أن لهذا المطار الهام دور بارزا في عملية تنقل السائحين الأجانب مباشرة من بلدانهم الأصلية في أوروبا على وجه الخصوص إلى جربة دون المرور بالعاصمة. حتى ان بعض مرتادي جربة من الغربيين يجهلون إلى أي دولة تنتمي جربة، ويعتقد البعض الآخر أنها دولة مستقلة قائمة بذاتها. كما يمكن الوصول إلى جربة بالعبارة البحرية أو عبر جسر يوصلها باليابسة. ورغم جمالها وقدرتها الفائقة على الجذب السياسي فإن لأهال جربة أنشطة أخرى بعيدة عن السياحة على غرار الأنشطة حرفية مثل الفخار والنسيج والتجارة. كما أن «الجرابة» كما يسمون في تونس يتعاطون نشاط الفلاحة وصيد السمك، ولديهم أسماكا متوسطية لذيذة على غرار سائر المدن التونسية. ويعرف الجربي بأنه تاجر ناجح ينطلق من نشاط بسيط لكنه سرعان ما يطور نشاطه نحو الأفضل ويصبح من أهل المال والأعمال في وقت قياسي. ويفسر البعض ذلك بالجينات الفينيقية التي اختلطت مع الأمازيغية باعتبار براعة الفينيقيين في التجارة منذ عصور ما قبل ميلاد المسيح، كما يفسر البعض الآخر هذه الظاهرة بانفتاح الجزيرة على محيطها البحري المتوسطي الذي يضم أقواما متعددة تعلم عنهم سكان جربة الكثير. تنوع ثقافي وحضاري وإضافة إلى المذهب السني المالكي الغالب على تونس وبلاد المغرب عموما، يتواجد في جربة المذهب الإباضي ولدى أتباعه نظامهم الخاص وأعرافهم وقضاتهم وفقهاؤهم وحتى محاكمهم. ويتواصل الإباضيون في جربة مع نظرائهم في وادي سوف الجزائري والروابط جد وثيقة بين الطرفين. كما تضم جربة أقلية يهودية لها معبد شهير في تلك الربوع هو معبد الغريبة، ويقال ان تواجد هذه الأقلية بالجزيرة يعود إلى زمن السبي البابلي في المشرق. فقد فر يهود من نبوخذ نصر عبر المتوسط ونزلوا بالجزيرة التونسية المتوسطية الخلابة وقبلهم أهلها ووفروا لهم الملاذ الآمن. وقد أورثت هذه الطوائف جزيرة أوديسيوس موروثا ثقافيا وحضاريا هاما وتقاليد وأعراف راسخة في القدم تميز جربة عن سائر مناطق البلاد التونسية وتطبعها بطابع خاص. فاللباس الجربي بالنسبة للرجال والنساء متميز، وكذا الأكل والمعمار الأبيض اللون في عمومه من بيوت ومساجد بسيطة البناء وقلاع حصون. وتعرف جربة أنشطة ثقافية متنوعة ومهرجانات أهمها مهرجان أوليس (أوديسيوس) ومهرجان فرحات يامون للمسرح والفنون الركحية، ومهرجان الفيلم التاريخي والأسطوري باعتبار الأساطير التي نسجت حول الجزيرة. وهناك أيضا مهرجان الفخار الذي يحتفى فيه بصناعة الأواني من الطين، وللجرابة من أبناء قلالة باع في هذا المجال وتشهد منتوجاتهم إقبالا من السياح الأجانب والمحليين. وفي حديثه لـ»القدس العربي» عن جربة يقول صفوان الزمرلي الأستاذ في الجامعة التونسية بأنه من عشاق جزيرة أوديسيوس أو جزيرة الأحلام وأنه طاف بجميع قارات العالم وأعجب بأماكن كثيرة، لكن يبقى لجربة سحرها الخاص وقدرتها على الجذب. فما يشاهده المرء في جربة لا يمكن مشاهدته في أي مكان آخر من العالم لأن جربة لا تشبه إلا نفسها. ومن المؤكد، حسب محدثنا، أن أسطورة أوديسيوس أو أوليس لم تأت من فراغ وأن عرائس البحر الآسرات للقلب يرمزن إلى جمال الجزيرة الخلاب الذي يأسر الزائرين. وأنه لا بد من الحيلة مثلما فعل أوليس حتى يتخلص المرء من عشق جزيرة الأحلام وشواطئها التي لا يوجد لها مثيل في بلاد العرب. ويضيف الزمرلي قائلا: «لقد أصبحت مدمنا على جربة ولا أشعر بالراحة في مكان آخر سواها خصوصا خلال الإجازة الصيفية التي يبحث فيها المرء عن الراحة والاستجمام. ويبدو أن أبنائي ورثوا هذا الحب ويصرون على أن تذهب العائلة باستمرار إلى هناك وبالتالي فقد وقعت عائلتي في فخ عرائس البحر وتعلقت بالمكان ولم تنج مثل أوليس أو أوديسيوس. إن المرء ليحتار في أمره في جربة، هل ينزل بالفنادق الفخمة أم بالبيوت القديمة التي لها سحرها الخاص، وهل يسبح في الشواطئ الجميلة أم يقوم برحلة بحرية بإحدى السفن الترفيهية المخصصة للغرض. هل يلعب الغولف أم يتجول في الأسواق القديمة مقتنيا أروع التحف مطلعا على التراث المعماري والفني الغني لجربة. هل يزور الحصون والأبراج الأثرية المنتشرة على شواطئ الجزيرة أم يرتاد المساجد ودور العبادة …. إنها باختصار جربة التي تعجز الكلمات عن وصفها. جزيرة الأحلام جربة: هبة المتوسط إلى تونس روعة قاسم |
القدًس في زمن الثورة المضادة Posted: 23 Dec 2017 02:06 PM PST انتهت السنة بمشهد دموي في ضواحي صنعاء؛ علي عبد الله الصالح مضرّج بالدم ومحمول وسط التهليل والتكبير، وهو مشهد لا يختلف عن مشهد مقتل القذافي منذ ستة أعوام، بعدما وقع في كمين مسلح. لا مكان للفرح بهاتين الميتتين البشعتين، مثلما لم يكن إعدام صدام حسين بيد خصومه يدعو إلى التفاؤل. الطغاة يُقتلون بأيدي طغاة يشبهونهم، ومسلسل الدم لا يتوقف. والثورات المضادة التي حوّلت بلاد العرب إلى ركام، تئد الثورة تحت جثث الضحايا. واقع تمتزج فيه المأساة بالملهاة؛ كلمات تصفّق بدلاً من أن تحكي، وخراب تصنعه الأصوليات التي تتقاتل، وتعلن زمن اللا أحد. سورية تتحول إلى أرض تستبيحها القواعد العسكرية الأجنبية، والشعوب تتحول من فاعل إلى مفعول به، والوحشية تطفئ الضوء في العيون. منذ البداية كانت الثورات المضادة مختبئة في ثياب الثورة، من مصر المحروسة بالانقلاب، إلى سورية التي اجتمع على شعبها بغاة الأرض كلهم، فتسللوا من شقوق الحلم كي يسدلوا ستاراً من الدم على بقايا مدنها المدمرة، وصولاً إلى ليبيا المجزرة المفتوحة، ويمن الكوليرا والحصارات والطاعون. بلاد العرب كلها من الصحراء إلى الصحراء تلعق سراب المستبدين. كل استبداد أصولي وكل أصولية استبداد، والمستبد كالأصولي هو المبشر باللا أحد، أي بفراغ لا يملؤه سوى الخراب والدم. هذا ما أعلنه الطغاة العرب وهم يفاجأون بانتفاضات شعوبهم من أجل الحرية، وكان الرد الأصولي الذي تسلل من شقوق عجز الثورات عن إنتاج قيادات تاريخية جرّاء عقود من القمع والخيبة والشلل الفكري، هو التناوب مع الاستبداد على تحويل بلاد العرب إلى ولائم للقتل. زمن الانقلابيين وقادة الميليشيات وروائح الثروة المستباحة، صنع الثورة المضادة، وقام بتهميش المكانَين الباقيين في ركام الأزمنة: هُمشت فلسطين، بل هناك مَن يبشّر بنهايتها في صفقة قرن لن تكون سوى قبلة الموت لمسار سلام لم يكن في الأساس سوى وهم، كما هُمشت بيروت التي صارت أسيرة نظام طائفي فتك بثقافتها وقام بتحويلها إلى ورقة ترتجف خوفاً من أشباح الحرب الأهلية. منذ بداية الثورات المضادة التي قادها العسكر والمافيات والأصوليون وموّلتها الثروات العربية المهدورة، تحوّل الموت إلى احتفال. لم يسبق أن كانت المجزرة مدعاة لفخر مرتكبيها كما هي اليوم في بلاد العرب. ليس صحيحاً أن احتفالية الموت كانت حكراً على التيارات الأصولية العسكرية كما يدّعي مَن يسعى لتغطية الجريمة بذاكرة مفقودة، فالاحتفال بالموت العربي بدأ حين استُبيح الناس وهُدمت المدن، من مذبحة شاتيلا وصبرا إلى المذابح الكبيرة والصغيرة في المدن والسجون العربية، في تقاطع مريب بين القاتل الإسرائيلي والقاتل العربي. لكنها بلغت ذروة لا ذروة بعدها في الربيع العربي، كما صاغه مؤخراً المعلق الأمريكي توماس فريدمان في مقالة عجيبة نُشرت في جريدة «نيويورك تايمز» (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017)، وفيها يتناسى دم العرب المراق كي يحجب الربيع العربي خلف عباءة النفط. لا تستحق مقالة فريدمان سوى وضعها في سياق اللعبة الأمريكية التي لا ترى في أرض العرب سوى بئر لنفطها من جهة، وتهديد محتمل لإسرائيل من جهة ثانية. الثورة المضادة التي اجتاحت بلاد العرب وفّرت على الولايات المتحدة تخوفها من أي تهديد عربي لإسرائيل، فقد حوّل المستبدون الحلم العربي إلى كابوس، ونجحوا في لعبتهم الوحشية والدموية في جعل المشرق العربي منطقة لجذب الخراب، فأتت الميليشيات المسلحة من جميع أصقاع الأرض: أصوليون يريدون بعث دولة الخلافة، وأصوليون آخرون يحمون أنظمة مافيوية تسترت بالعلمانية، وفي لقاء الأضداد المتشابهة صارت بلاد العرب ملعباً للقوى الأجنبية. لم يعد هناك أي خطر عربي على إسرائيل في المدى المنظور، بل هناك لهاث يسعى للتحالف معها بأي ثمن في لعبة الصراع الطائفية المجنونة التي تمزق مجتمعاتنا بالقوة الغاشمة. لذا ليس مستغرباً أن يمتطي دونالد ترامب عُته العرب بعتهه، ويعلن اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المنكوبة بالاحتلال الاستيطاني، فالسيد ترامب يتسلق على حبال الوهن العربي، كي يصل إلى ما سعت إسرائيل للوصول إليه منذ احتلالها القدس وبقية فلسطين في سنة 1967. سيسجل التاريخ أن «الأمريكي البشع»، العنصري الأبيض، اللاسامي في أعماقه، هو شريك اليمين العنصري الإسرائيلي في تأسيس دولة تمييز عنصري كاملة الأوصاف. فاللاسامية في جوهرها لم تكن ضد اليهود إلاّ لأنها ضد المختلف. وكما جسّدت اللاسامية في القرنين التاسع عشر والعشرين المكبوت العنصري البربري في الثقافة الكولونيالية، فإن الإسلاموفوبيا وفوبيا العرب تفتتحان القرن الواحد والعشرين بهمجية تليق بهما، عبر تحويل أرض العرب إلى بحار من الدماء والدموع والألم. إلى أين تمضي بنا الثورة المضادة؟ لا قعر للقعر، فالثورة المضادة جزء من مدّ يميني صاعد، وجد في رئيس أمريكي متهور ومرتكب وخائف من أن تصل إليه يد القضاء حليفاً لرئيس حكومة إسرائيلية غارق في الفساد ويسعى هو الآخر لتجنّب الإدانة؛ التقى الرجلان في حمى الفساد والفاشية ليجدا في القدس وفلسطين منفداً لحرف الرأي العام في بلديهما وفي العالم عن ملاحقة فسادهما. ولأن العرب في القعر فقد وجد الرجلان في عرب هذه الساعة المنقلبة حلفاء معلَنين أو مضمَرين من أجل شطب الشعب الفلسطيني، والتلاعب بمصير فلسطين والمنطقة، والتعبير عن أحقادهما الكولونيالية. المفاجأة لم تكن خطاب ترامب، ولا الصلف الإسرائيلي الذي صاحبه؛ المفاجأة هي ادعاء الحكام العرب والقادة الفلسطينيين بأنهم فوجئوا. مسألة القدس بالنسبة إلى الثنائي نتنياهو ـ ترامب انتهت من زمان، وجاء الإعلان الأمريكي من أجل إقفال الملف وليس فتحه كما يظن بعض السذّج. الأنظمة العربية تمثل وتكذب، وغداً سيكشف لنا التاريخ أن هذه الصفقة لم تكن ممكنة إلاّ بسبب هوان الأنظمة وتواطئها. من جهة أُخرى، فإن بعض ردات الفعل اتسم بالسذاجة، ولعل الأكثر سذاجة بينها هو شعار أن القدس عاصمة أبدية لفلسطين. في هذا القول تقليد للمقولة الصهيونية بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل. في الصراع الفكري مع الصهيونية يجب عدم السقوط في فخ خطابها. مجرد استخدام كلمة الأبد هو سقوط في الفكر الغيبي الذي قد يصل بسهولة إلى الفاشية. تذكروا ماذا فعل بنا أبد المستبدين العرب، وإلى أي دمار أوصلنا. ليس هناك لا عواصم أبدية ولا دول أبدية: لا إسرائيل أبدية ولا فلسطين أبدية، فالأبد هو نقيض التاريخ وسقوط في الشعوذة. الصراع ليس على الأبد أو على الماضي، إنه صراع في الحاضر وعلى الحاضر من أجل الدفاع عن عروبة القدس بصفتها لم ولن تكون إلاّ مدينة عربية. إلى أين نسأل؟ قبل محاولة الإجابة يجب أن نؤكد حقيقة أن القدس، فضلاً عن رمزيتها الثقافية والدينية، هي جزء من الضفة الغربية الفلسطينية التي احتُلت منذ سنة 1967. فصل القدس العربية عن محيطها بالجدار والمستعمرات كان محاولة لطمس هذه الحقيقة. وحين أعلن الرئيس الأمريكي اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، فإنه شرعن احتلال الضفة الغربية بأسرها. فلسطين هي القدس والقدس هي كل فلسطين هذه هي الحقيقة الفلسطينية اليوم، وهي حقيقة يجب أن تدفع الفلسطينيين إلى إعادة النظر في مجمل الاستراتيجية الفلسطينية منذ أوسلو وهزيمة الانتفاضة الفلسطينية وما استتبعتاهما من سياسات رضوخ ووهم. قال «الأمريكي البشع» بوضوح لمَن يدّعي أنه لم يفهم أن اللعبة القديمة انتهت، إن مَن يتوسل الحماية الأمريكية لنظامه الاستبدادي المتهاوي عليه أن يدفع الجزية أولاً، ثم يعلن جهاراً أنه جزء من صفقة القرن التي تريد إسدال ستار نهائي ليس على فلسطين وحدها، بل على العالم العربي أيضاً. إلى أين نسأل؟ سؤال اليوم هو السؤال الذي لم يعد تأجيله ممكناً. منظمة التحرير اكتسبت شرعيتها الفلسطينية والعربية والدولية عندما كانت منظمة الفدائيين. حين كان النضال هو البوصلة كانت فلسطين، وحين يغيب النضال تندثر فلسطين. أين المقاومون؟ في اللحظة التي سلّمت فيها القيادة الفلسطينية أوراقها لكذبة سلام الاستسلام، وخضعت لإملاءات الرباعية الدولية، وقامت بالتنسيق مع المحتل من أجل تغطية احتلاله، بدأت فلسطين تتشظى وتندثر، وصار وهم السلطة وهناً، وتحوّل الشكل السلطوي إلى صَدَفَة تحمل في داخلها جثة المحارة التي كانت. القدس اليوم هي العنوان، أمّا المتن فهو فلسطين. أهمية خطاب ترامب تكمن في أنه أعلن بشكل رسمي نهاية مرحلة انتهت منذ أعوام. المرحلة التي كانت حبلى بالسراب انتهت. وعلى فلسطين أن تعود إلى الأول كي تبدأ من جديد. والأول هو مشروع تحرر وحرّية، إنه المشروع الذي يحمل اسمين: الدولة الديمقراطية العلمانية و/ أو الدولة الثنائية القومية. والاسمان هما عنوانان للنضال من أجل الحرية والمساواة: الحرية للفلسطينيين عبر ممارسة حقهم في تقرير المصير وحقهم في العودة إلى بلادهم التي طُردوا منها بالعنف والقتل والتطهير العرقي، والحرية لليهود أيضاً عبر تحريرهم من العنصرية الصهيونية ومن التعالي العنصري كي يعيشوا في وطن واحد مع ضحيتهم في ظل نظام من المساواة. إنه نضال طويل ومؤلم. لكن الحرية هي قدر الأحرار، فالشعب الفلسطيني في نكبته المستمرة يقدم احتمال خروج فلسطين ومعها المنطقة العربية من قاع التردي والانحطاط. وهذا يعني أن الشعب الفلسطيني سيكون، كما كان دائماً، وحده في المواجهة التي تحمل في داخلها احتمال تصويب البوصلة العربية، ومنع السفهاء والمنافقين من الاستمرار في لعبة المتاجرة بالأوطان، وفي لعق مبرد الثورة المضادة. بوصلة العالم العربي لها وجهة واحدة اسمها فلسطين. هنا، في الأرض المستباحة، يعرف الشعب الفلسطيني ألا خيار له سوى البقاء والصمود والمقاومة. وشوارع الحرية في انتظاره. وهي شوارع تبدأ في القدس وتمتد إلى كل فلسطين، ومنها إلى المشرق العربي. ○ افتتاحية العدد الجديد (113) شتاء 2018 من مجلة «الدراسات الفلسطينية» الذي يصدر أوائل الأسبوع المقبل. القدًس في زمن الثورة المضادة الياس خوري |
جرأة الحلم بالأوبرا كصنف: «أورفيو» لمونتيفيردي باكورة الأعمال Posted: 23 Dec 2017 02:06 PM PST حضرتُ أوائل الثمانينات أمسية في دار الأوبرا في فِيَنّا جمعت التينور لوتشيانو بافاروتّي (1935-2007) والسوبرانو ميريلّا فْرَيني وقائد الأوركسترا كارلوس كلايْبَر(1930-2004) في أوبرا «لا بوهيم»، أو «البوهيميّة»، لجياكومو بُوتشيني (1858-1924). وكان هؤلاء المؤدّون في أوج مسيراتهم الموسيقية في تلك الحقبة، الأمر الذي جعل التهافت على التذاكر لدى جمهور المستمعين أشرس من العادة بكثير، رغم أن التهافت هذا لم يكن يوماً هادئاً في دار الأوبرا ذاك، مهما تكن هوية المؤدّين. وشهدتُ الحفل واقفاً طوال الأمسية، أي حوالي الساعتين، يتخللها استراحة، شأني في ذلك شأن العديد من طلبة الموسيقى وغيرهم ممن لم يكونوا ليحظوا بمقعد، إما لغلاء سعره أو لعدم توفّره أصلاً في أمسية كتلك. وشاءت الصدف أن تجلس أمامي مجموعة صغيرة من السياح الأمريكيين اكتشفت من كلامها، الذي كان بأصوات عالية للغاية لا يمكن تجاهلها، أنهم يحضرون أمسية أوبرا للمرة الأولى في حياتهم. وخفتت الأضواء في القاعة شيئاً فشيئاً ورُفع الستار لكن جيراني لم ينفكّوا يتجاذبون أطراف الصراخ ويعلقون على ضخامة الثريّات وعلوّها وعلى كثرة العازفين في فرقة الأوركسترا وتنوّع آلاتهم وهلمّ جرّا دون هوادة، وكأنهم وحدهم على الكوكب. ولكن، ما أن ابتدأت الموسيقى حتى صاروا وكأن على رؤوسهم الطير. بل وظلوا مشدوهين وقد شلّت ألسنتهم حتى بعد أن ابتدأت الاستراحة. ثم انكبّوا يقرأون ملخص حبكة الأوبرا المترجم في كتيّب تلك الأمسية أثناء الاستراحة، إذ لم تكن تكنولوجيا ترجمة الحوار المسقَطة على أعلى المسرح قد انتشرت بعد. وتكررت ردود فعلهم هذه للنصف الثاني من الأمسية كذلك. وحين تحتضر بطلة الأوبرا ثم تموت قبيل نهاية الفصل الأخير، رأيت بأم عيني جميع أعضاء المجموعة هذه وهم يجففون وجناتهم من دموعهم المنهمرة بغزارة. وبعد ختام الأوبرا قام كل منهم من مقعده بتؤدة وقد بدت عليه سمات مروره بتجربة فريدة من نوعها، لن ينساها ما حيا، وكأنه عاش تقلّبات حياة كل شخوص الأوبرا لحظة بلحظة، رغم جهله بالإيطالية. وحتى خطى أعضاء المجموعة كانت قد اتخذت ثقلاً كان غائباً عن خطى اللامبالاة التي دخلت فيها. فما تفسير ردود الفعل هذه لدى حضور أوبرا ما يتم أداؤها على مستوى عال، وعلى وجه التحديد لدى عامة الناس، لا المختصين وحسب؟ وكيف نشأت الأوبرا كصنف موسيقي؟ ومَن كانت له الجرأة في الحلم بها؟ تجيبنا أماندا هَولْدِن، الباحثة الموسيقية، في دليلها القيّم للأوبرا: «تنفرد الموسيقى في سبر أغوار المشاعر الإنسانية ولمس أوجها، وهو ما يستحيل التعبير عنه بالكلمات وحسب. أما صنف الأوبرا الذي يجمع بين الموسيقى والكلمة ويضيف إليهما كل ما تجود به مخيلة الإنسان المسرحية فهو قادر على استحضار سحر يعكس التجربة الإنسانية برمّتها، بل ويفوقها». ثم تردف قائلة: «كانت معظم الأوبرات في القرنين السابع عشر والثامن عشر أعمالاً معاصرة، تم تأليفها لأجل مناسبات معينة أو راعين معينين، واختفى جلّها بعد الأداء الأول. وبناء على ذلك، لم يتم تقديم أوبرات موتسارت بعيد موته إلاّ ما ندر، كما تلاشت أوبرات هندل ورامو بعد اشتهارها في إنكلترا وفرنسا، على التوالي، وطوى النسيان أوبرات مونتيفيردي وهي الأقدم. أما في القرن التاسع عشر فقد لمعت نجوم مجموعة من مؤلفي الأوبرات، مثل روسّيني ودونيزَّتَّي وجايكوفسكي وفيردي وفاكنر، وراح جمهور كل منهم يتشوّق لكل جديد تخطّه أقلامهم. وأخذت ذخيرة فنية من الأوبرات تتبلور نظراً للشهرة العارمة لأوبرات معدودة. وحين ابتدأ القرن العشرين، حصل ما يشبه الإنفجار في أنشطة الأوبرا، فأخذت أوبرات جديدة لبوتشيني وريخارد شْتْرَاوْس وياناجَك وبَيرْك وفايْل وبْرِتْن. ونذكر هنا أشهر مؤلفي الأوبرا وحسب، تظهر مقترباً أشد تعمّقاً تجاه الدراما. أضف إلى ذلك أن النصف الثاني من القرن العشرين قد شهد إحياء العديد من الأوبرات المهملة إلى جانب تقديم معاصرة ذات تنوع أكبر أما وقد تحررت من قيود التراث كلية». وتدور أحداث أوبرا «أورفيو» (1607)، أو «أورفيوس»، حول أسطورة هوميروس التي تروي مدى عشق أورفيو، أب الموسيقى والغناء، ليوروديتشه وكيف أنها تعرضت للدغة أفعى أودت بحياتها في يوم زفافهما، فأبكى غناؤه آلهة الإغريق، مما أدى بالآلهة للسماح له دون غيره بالنزول إلى الجحيم بغية استرجاعها. وقد كانت هذه الأسطورة مصدر إيحاء للعديد من الشعراء والرسامين والمؤلفين على مر العصور، بل وبلغتنا مخطوطة بعنوان «يوروديتشه» (1600) لما يسميه بعض الباحثين بالأوبرا الأولى من أحد معاصري مونتيفيردي، وهو جاكوبو بَرِي. لكن هذا العمل جاء على شكل سلسلة من الأغاني لا يربطها رابط ولا يؤدي التعمق فيها إلى استشفاف بناء ما. أما مونتيفيردي فقد اهتدى إلى وسائل فذة لتوحيد عمله الذي وصفه بعبارة «أسطورة في موسيقى»، إذ لم تكن تسمية «أوبرا» قد انتشرت بعد، والكلمة هذه صيغة الجمع لكلمة «عمل» باللاتينية، الذي جاء في خمسة فصول ومقدمة بإدخال مارش ذي نبض سريع تقوده النحاسيات والطبل ويتغلغل في ثنايا الأوبرا فيجعلها أشد تماسكاً بكثير ويؤكد للمستمع أنه يصغي إلى عمل متكامل، لا سلسلة أغان شتى. موضوع أوبرا «أورفيو» قدرة الموسيقى على امتلاك النفس «وعلى تسكين كل قلب قلق … وعلى تأجيج أبرد الأذهان وصولاً إلى غضب نبيل تارة وإلى عشق عميق تارة أخرى». فكيف عبّر مونتيفيردي عن ذلك كله؟ لقد ذهب أبعد بمراحل من مجرد إدخال مارش متكرر، فربط ظهور الموسيقى، وهي إحدى شخوص الأوبرا، بقطعة موسيقى للوتريات تتكرر كلما ظهر شخص الموسيقى على المسرح. وتلقّف معاصرو مونتيفيردي وجلّ من تبعه من المؤلفين، إن لم نقل كلهم، حتى يومنا هذه الطريقة في استبانة هوية شخوص الأوبرا بتوسيعها لتشمل مادة موسيقية خاصة بكل شخص من الشخوص. وهكذا يستنتج المستمع من سماع موسيقى معينة أن الشخص س أو ص قد ظهر على المسرح، حتى لو لم يسعفه نظره، أو أن الشخص ذاك قد تم ذكره على المسرح. بيد أن مونتيفيردي لم يتوقف عند هذا الحد، فجعل مقامات الفصول والمقدمة متناظرة، ما ساهم في صهر الأوبرا في بوتقة واحدة، وكانت تلك الفكرة تتويجاً عبقرياً لمساعيه. ووظف مونتيفيردي جوقة الغناء في الأوبرا أيضاً، على غرار الجوقة الإغريقية في المسرحيات القديمة، فجعلها تضخّم بهجة أورفيو بقرب زفافه في الفصل الأول فترقص وتشدو فرحاً به، ثم تعظّم إنجازه بالتغلب على عقبات كأداء في العالم السفلي في الفصل الثالث، وتتغنى بالرحمة التي تنوجد حتى في الجحيم حين يستجيب الإله بلوتو، ملك عالم الأموات، لطلب أورفيو باسترجاع عروسته بفضل توسل زوجة الإله نيابة عن أورفيو في الفصل الرابع، شرط أن تتبعه يوروديتشه دون أن يلتفت هو للنظر إليها. فنجد أورفيو وقد تملّكته الشكوك ينظر إلى الخلف ليتأكد من وجود يوروديتشه فلا يلبث العالم السفلي حتى يبتلعها فتتلاشى من أمامه. فتتعجب جوقة الغناء من الإنسان الذي يقوى على اختراق عالم الموتى ولا يقوى على التحكم في مشاعره الجيّاشة. وفي الفصل الخامس والأخير، نقع على أورفيو وهو يندب حظه في فقدان يوروديتشه مرتين، فينقذه والده، أبولو، من السماوات ويرفعه إلى عنده كي يرى يوروديتشه في النجوم، فتطرب جوقة الغناء احتفالاً بتمجيد أورفيو وخلاصه وبلقاء العاشقين. والطريف في هذا السياق أن مونتيفيردي نفسه كان محبطاً جراء إصرار أمراء مانتوا على أن يتقيد بأساطير الإغريق مادة لأوبراته، ما حدا به إلى إيجاد منصب جديد ككبير موسيقيي كاتدرائية القديس مرقس في البندقية، لكن أمراء مانتوا ظلوا يكلفونه بأوبرات جديدة رغم ذلك! وها هو يبوح بسرّه لصديقه الوفي وكاتب نصوص أوبراته، الشاعر آلَسّانْدْرَو سْتْرِجّيو، الذي بقي في مانتوا، في رسالة بصدد نص أوبرا آخر كان سْتْرِجّيو قد أرسله إليه في 1616 فيقول: «لم يفتني أن الشخوص رياح وآلهة حب ونسائم سحرية وسيرينات، ولكن، كيف لي أن أثير مشاعر الجمهور والحال هذه؟ آرِيادْنَه (بطلة أوبرا سابقة لهما) هيجت شغفنا لأنها امرأة، وكذلك أورفيوس لأنه رجل، لا لأنه ريح». هذا الجمع بين توظيف الأساليب القديمة في حلة جديدة واستشراف المستقبل بابتكار أساليب جديدة لصهر العمل في بناء واحد لهو الدليل الدامغ على عظمة مونتيفيردي والسر في ديمومة أعماله حتى يومنا هذا. جرأة الحلم بالأوبرا كصنف: «أورفيو» لمونتيفيردي باكورة الأعمال بشّار عبد الواحد لؤلؤة |
عبد الله صخي في «اللاجئ العراقي»: وطن بحجم قبر لمقاومة معاول المنفى Posted: 23 Dec 2017 02:06 PM PST مثل أغنية عراقية حزينة، يغنيها البطل، ومن دون إثارة للدهشة أو لكبير الفضول، تنساب رواية «اللاجئ العراقي»، للكاتب العراقي عبد الله صخي، المكتوبة بين أيلول (سبتمبر) 2015 وأيلول (سبتمبر) 2016، ويعرض فيها واقع هجرة الشباب العراقي تحت نير استبداد حكم حزب البعث أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، إلى مختلف دول أوروبا وخاصة بريطانيا، عبر محطة دمشق. عرض من خلال السرد المباشر عن الآخر واستذكار صور قديمة عنه تضيء جوانب شخصيته، وجوانب الواقع الذي أثر في تكوينه، على مستوى ظاهر بسيط لبناء الأحداث، يخفي مستوى أعمق يرتبط بعلاقة الكاتب الشخصية بروايته. ولا يجلب هذا العرض في الحقيقة وفقاً لتصميم الرواية استذكاراً مبطناً لصور اللجوء المرعبة اللاحقة، التي ولدها رد الديكتاتوريات العنيف على ثورات الربيع العربي، في العراق وسوريا على وجه الخصوص، وصور ما حدث ويحدث في أيامنا من ذبح وتقطيع واغتصابات في الأحياء والمدن والقرى والمعتقلات، ومن قصف وتفجير عشوائي يدفع المدنيين إلى الفرار، ويدمر أرواحهم في منافي اللجوء حيث لا تغيب صور الجثث عن كوابيسهم؛ كما فعلت منصورة عز الدين في رواية «أخيلة الظل». إنما يكتفي صخي بعرض سيرة شاب عراقي من أحزمة الفقر على أطراف بغداد، اسمه علي سلمان، يضطر للهجرة إلى دمشق أولاً، هرباً من تنكيل مخابرات بلده به رغم أنه مستقل، وبحثاً عن لقمة عيش كريمة يستطيع بها مساعدة عائلته الفقيرة. ولا يجد هذا الشاب، مثل معظم العراقيين المنفيين في دمشق، ما يحقق له الأمان رغم طيبة ومساعدة الشعب السوري له، فممارسات المخابرات السورية التي أذلت شعبها، كانت أبشع عليه من المخابرات العراقية، حيث أوسعه أفراد منها ضرباً في المطعم الذي يغني به، لمجرد رفضه تغيير أسلوبه في الغناء الراقي، وتأدية الأغاني الرقيعة لهم. ولا يسع الشاب الموهوب في الغناء، والذي كان قد تزوج من فتاة عراقية لاجئة، إلا السعي للرحيل إلى أوروبا كمنفى أكثر أماناً وإنسانية في معاملة اللاجئين، واللحاق بزوجته خولة التي سبقته للجوء في بريطانيا. ويجهد علي في تزوير جواز سفر، ومتابعة حصوله على الفيزا التي أصبحت شبه مستحيلة مع تشديد الأوروبيين على منع منحها، وحذر وكالات السفر من مخالفة ذلك. ويعكس الكاتب طيبة الشعب السوري وكرمه في مساعدة الغريب، من خلال استضافة علي للسكن، ومساعدة شاب سوري من دير الزور له في السفر، من دون أن يعرف حتى اسمه، ليصل بعد معاناة وقلق إلى بريطانيا. ولأن المنفى له شروطه القاسية في صعوبة إيجاد العمل وفي الآثار النفسية التي يخلقها التعامل مع بيئة مختلفة، يعيش علي مأساة إصابة زوجته بالاكتئاب، وطلبها منه في النهاية أن ينفصلا بعد معاناة لم يتحملا وقعها. وخلال رحيله إلى شقة سكنية مشتركة يلتقي بفتاة إنكليزية اسمها ساندرا، تقطن في الغرفة المقابلة لغرفته، ويعكس الكاتب من خلال تعاطفها طيبة وإنسانية أهل المجتمعات الديمقراطية. كما يلتقي بالفتاة السورية ياسمين التي لم يتجاوب مع حبها له في دمشق إخلاصاً لزوجته الغائبة، وعلى عكس الفتاة الإنكليزية التي تتعامل ببساطة، تتعامل معه ياسمين بروح الانتقام على رفضه لها، عبر تعليقه بها وادعاء عدم التجاوب معه. ويُدخل الكاتب خلال هذا السرد بطريقة كلاسيكية سلسة، ما يرفع هذه الحكاية إلى مستوى الرواية: ذكريات علي عن مكان طفولته وشبابه، التي لم يرد الكاتب منها كما يبدو إضفاء عمق على تكوين شخصية علي، وكشف عيشها لمنفى داخلي مضاف إلى منفاه الخارجي، بالقدر الذي أراد منه مقارنة طبيعة المجتمعات الظالمة المحكومة بالاستبداد، مع المجتمعات المتسامحة المتعاطفة المحكومة بمبادئ حقوق الإنسان. إضافة إلى تصوير تعلق بطله ببيئة وطنه وبحياتها البسيطة، رغم فقرها وغرقها في مآسي عاداتها الظالمة للنساء والأطفال والمرضى النفسيين، مع مراكمة حزنه في كل ما يمر به في منفاه، للوصول إلى قراره بالخلاص عبر الموت: «أسندته ساندرا بجسدها وقالت: أنت مريض، سأتصل بالإسعاف. رفض وفضل البقاء قائلاً إنه يعاني من تعب، مجرد تعب وسيزول. خشيت عليه من السقوط فسحبته ليتكئ عليها. أدخلته الغرفة وجلسا على أرضيتها متجاورين مستندين بظهريهما إلى السرير. وضعت رأسها على كتفه. اقترحت أن تأخذه إلى الطبيب. لم يجبها بل تحدث بكلام متصل باللغة العربية عن النهايات: نهايات الليل، نهايات النهار، نهايات المخلوقات، نهايات الحب، نهايات الهجرات، نهايات الطرق، ثم تحدث عن الألم الكبير الذي يسحق روح الإنسان في كل فصل من فصول تلك النهايات». أثناء محاولته النوم كان يسمع هدهدتها، جالسة قربه على طرف السرير، ممسكة بيده، كانت يدها ناعمة ملساء كحصاة صقلتها مياه النهر. وبدلاً من أن يستسلم لحرير الأصابع وهي تمسه مساً رقيقاً ليغفو استبد به شوق جارف إلى بغداد، إلى نهرها ومقاهيها وشوارعها وحدائقها، وفكر في أنه سيشفى هناك، سيشفى من جميع أمراض المنفى التي بدأ يعاني منها منذ ذلك اليوم الذي وقف فيه عند معبر الرطبة الحدودي منتظراً السماح له للشروع بالهجرة. على هذه الصورة تجد شخصية اللاجئ العراقي علي سلمان خلاصها من آلام المنفى بالموت، لتتيح لنا، على مستوى علاقة صخي الشخصية بروايته، استخلاص فعلها في معالجة كاتبها من آلام المنفى، كما فعلت شخصية «فرتر» بانتحارها في إنقاذ كاتبها غوته من الانتحار، إن صحت المقاربة. ويبدو أن إقامتنا لهذه العلاقة غير بعيدة عن الصحة، ففي سؤال الكاتب، خلال مقابلة معه أجراها عبد جعفر على موقع الحزب الشيوعي العراقي حول تجربته مع المنفى، أجاب: «أعترف أن المنفى كاد يفتك بي أكثر من مرة حينما بدأت أشعر بعمق أن العراق راح ينأى يوماً بعد يوم، ولا أمل بالعودة يلوح في الأفق. توقفت عن الكتابة نحو خمسة عشر عاماً. كنت يائساً، أبذل جهداً مضنياً للعثور على نافذة طليقة تطل على صفاء إنساني يمنحني هدأة نادرة حتى لو كانت هدأة الموتى. وأدركت أن المنفى سوف يسلبني حياتي وربما إنسانيتي. وتذكرت ما قاله لي الكاتب والإعلامي إبراهيم الحريري بعد نحو عام من بدء التسرب القسري خارج العراق: «المنفى إما أن يبنيك أو يهدمك». كان ذلك بمثابة تحذير، كأن الحريري أراد أن يقول إن الأمر بيدك، يمكنك تفادي الهلاك. كلما خطرت في بالي تلك الوصية الثمينة أفكر بالوسائل التي تبقيني على قيد الحياة». ويبدو أن أحد أهم هذه الوسائل كانت استعادة بطله علي سلمان لبغداد من خلال الذكريات، لا كوطن متخيل بحجم الكف أو القلب يكرر بناءه وهدمه، كفعل للبقاء، كما فعل في روايته الأولى «خلف السدة» فحسب، بل أيضاً وطناً بحجم القبر أو الحضن الرحيم، الذي يهدأ فيه جسده، ضحية بديلاً لكاتبه الذي يقاوم به معاول المنفى. في النهاية أيضاً، «اللاجئ العراقي» رواية واقعية بسيطة، يتخللها تسجيل أحوال المنفيين السياسيين العراقيين في سوريا واليمن وأوروبا بداية الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينات. وهي تولّد لدى القارئ، عبر طابع الحزن المأساوي الذي يمسح فصولها الأربعة والعشرين، الحسرة على شاب موهوب ظلمته شرور مجتمعه وشرور منفاه، كما تولد لديه التعاطف مع قضايا اللاجئين، والاحترام العميق لمبادئ حقوق الإنسان. عبد الله صخي: «اللاجئ العراقي» دار المدى، بغداد، 2017 192 صفحة. عبد الله صخي في «اللاجئ العراقي»: وطن بحجم قبر لمقاومة معاول المنفى المثنى الشيخ عطية |
الرواية بين حدود السيرة الذاتية والتخييل الذاتي Posted: 23 Dec 2017 02:06 PM PST تخلقُ الرواية المكتوبة بضمير المتكلم نوعا من الارتباكِ عند القراء، لأنها تتموقع بين ثلاثة أنواع من الكتابة التخييلية: السيرة الذاتية التي شبه الكتابة التاريخية في كونهما محكيات على الدرجة الصفر من المستوى التخييلي، واعتمادهما على المادة الواقعية، ولأن قصديهما يقومان على إيهام القارئ (المتلقي عموما) بحقيقة وواقعية المحكيات؛ والتخييل الذاتي الذي يضيق بالواقع والحقيقة ويتوق إلى تنشق هواء الحرية عبر التخييل، كما أنه يستند إلى خيال الكاتب من أجل ترميم الذاكرة وتوثيق الأحداث المروية؛ واستيهامات الشخصيات المتخيلة من أجل توسيع دائرة التخييل، كما يتهرب التخييل الذاتي من ضيق السيرة الذاتية المتمثل في الوظيفة التعليمية، وتقديم المعرفة اليقينية والخبرة الشخصية. أما الرواية التي وجدت ضمن ضمير الغائب بعيدا عن كل متاهات السيرة الذاتية قريبة من التخييل الذاتي، أو أنها تجمع بينهما في توازٍ وحياد. رواية «الشريفة» للكاتب المغربي يوسف شبعة الحضري، اختار له كاتبها صيغة المتكلم، فأخذت من السيرة الذاتية ومن المتخيل الذاتي جماليتيهما، وأهم الخاصيات الكتابية التي خرجت بالرواية من فخ السيرة الذاتية، تمثلت في كون الكاتب لم يقم تطابقا بين السارد والشخصية المحورية، فجعل السارد شخصية من بين الشخصيات المتحدث عنها، والتي يروي محكياتها منفصلة ومتداخلة وحتى محكيات سردية استئنافية، تبدأ في أول الخطاب الروائي وتتوقف فاسحة المجال لمحكيات أخرى ثم يعود السرد لاستئناف السرد لاحقا. يمكن أن نطلق على الرواية، انطلاقا من موضوعتها المحورية، اسم «حكاية أسرة مغربية» أو اختصارا وتعميما: «حكاية مغربية»، لأنها حكاية متكررة، وعاشتها كثير من الأسر المغربية وغيرها، بعد وفاة الوالد المعيلِ، وتهافت بعض أفراد العائلة على حقوق الأيتام والأرامل. غالبا ما ينحو هذا النوع من المحكي نحو المأساة، لأنه يرصد الجانب السيء والمظلم في نفس الإنسان. تبدأ القصة من محاولة إعادة ترتيب الوقائع والأحداث، بداية متوازنة يضع فيها السارد نقاط انطلاق المحكيات وذلك باختيار الحديث عن الجدين عبد السلام الذي سيموت مبكرا مع مطلع يوم انطلاق المسيرة الخضراء نحو الصحراء، في السبت 6/11/1975، ويما رحمة التي ستواكب كل التحولات والاهتزازات وتساهم فيها بنصيب. الغاية من هذه المقدمة السردية هي عرض الشخصيات المساهمة في بناء المحكي الإطار، ويمكننا تصنيفها كالآتي: المجموعة الأولى: تضم الإخوة الأحد عشر، وضمنهم عبد المجيد. المجموعة الثانية: تضم أيتام عبد المجيد وأرملته «الشريفة». أما العنصر المشوش الذي سيغير مجرى السرد وينتقل به إلى حالة الاضطراب والبحث عن الحل، فيمثله وفاة عبد المجيد على إثر حادثة سير مفجع. بعد الوفاة، وفشل العلاج، ستنقلب الموازين تظهر الأطماع التي كانت دفينة، والإنسان ميال إلى الجشع والطمع إذا لم يجد رادعا يردعه، وأول الطامعين رشيد. محكي رشيد نموذجا واضحا للمحكيات الاستئنافية، التي تبدأ أحداثها لتتوقف بالانتقال إلى محكي آخر مغاير (قصة زواج عبد المجيد من «الشريفة» ومسرد يعرف بالعائلة الشريفة في طنجة، ص (89) وما يليها)، أو تتوقف بفعل الوصف الأمكنة والأشياء، أو تتوقف أحداثها بترتيب من السارد للزمن أو الفكرة والقصد. يبدأ محكي رشيد حين عرض عبد المجيد على أخيه رشيد الاشتغال معه في بيع التحف المغربية للسياح الأجانب براتب شهري يفوق طموحه. أطلق عبد المجيد ثقته ويد أخيه في ماله ومتاعه بالسماح له بالتوقيع نيابة عنه على المعاملات المالية خاصة في حال غياب المالك، وقد أتقن رشيد تقليد ونسخ توقيع وإمضاء أخيه. يتوقف السرد (محكي رشيد) ليُسْتَأْنَفَ في الصفحة 109 وما تلاها في سرد متلاحقٍ، كأن السارد يأنف من سرد كل شيء، أو يتحاشى تذكر الوقائع المؤلمة التي تجرعها وهو طفل يتيم بين إخوته وأمه التي لا حول لها ولا قوة، كالآتي: إقناع رشيد أرملة أخيه بتوكيله أمرها وأبناءها. الاحتيال على الشريفة والأيتام في آن. احتيال رشيد على أمه وإخوته. تدخل القدر صبيحة يوم توقيع وثيقة البيع: «…رفعت السماعة، وإذا بصوت زوجة رشيد وهي تصرخ وتجلب وتلطم كالنائحة، مخبرة إياها بوفاة رشيد بسكتة قلبية وهو يهم بالخروج من البيت!». اخترت هذا المحكي من بين محكيات أخرى: محكي عبد الرحمان أو محكي خديجة أو محكي عبد المجيد… يما رحمة أو محمود أو خالد… أو زين الدين أو عبد الرحيم، لأنه محكي مركزي ومنسجم ومترابط البناء ولأجل المقاصد المتضمنة فيه اجتماعيا ونفسيا، ولأنه يمثل نموذجا من النماذج السلبية المنتشرة في حياة الناس، تلك التي تقع تحت سلطة الجشع والطمع فتعمى عن الحق فتكون الطريدة والضحية في الوقت الذي يتبدى لها في مخيلتها أنها المُطَارِدُ. ثم لأنه محكي يمثل نموذجا من المحكيات السردية الاستئنافية المتعددة الوظائف الفنية والتقنية والجمالية في كتابة الرواية المعاصرة. المحكيات الساخرة لامتصاص سواد الفاجعة ينزع محكي العائلة غالبا نحو المأساة والفاجعة، هنا في «الشريفة»؛ نجد وفاة الأب عبد المجيد، ووفاة الابن المعاق والموهوب المحبوب عبد الرحيم، معاناة الأيتام ومعاناة الأرملة من سوء معاملة وسلوك إخوة زوجها الهالك وأمه. هنا بعض تلك المحكيات: «الزيلاشي» والجني والحَمام»: عندما صادف «الزيلاشي» سي عبد السلام «الفرنتشي» في طريق قفوله، بادره شاكرا على صنيع الكسال الذي يشتغل معه بحمامه، للوهلة الأولى ظن «عبد السلام» القائم على (مدفأة الحمام) أنه يتكلم عن كسال بحمام آخر، وعندما تيقن بأنه يتكلم عن حمامه، أخبره بأنه للتو ذاهب لفتحه… كاد «الزيلاشي» أن يجن، [...] ليكتشف «الزيلاشي» أن من تولى الإشراف على عملية فركه وتكسيله في هيئات وأوضاع مختلفة، ومن شده كالوتد للأرض ومن مرر على جسده الصابون البلدي، لم يكن سوى جني أسود فحم الجثة». عبد الرحمان والزبون والحمار:» نظر أحمد إلى العربي مبتسما قائلا: صديق لك من مكة يبلغك السلام. العربي: من مكة ويبلغني السلام. أحمد: الله يا سي العربي من ينسى الرجال وعلى نذرتهم في هذا الزمان. العربي: كثر من نلتقيهم بالحج أسي أحمد، ولكن يطويهم الزمان طي السجل للصحف. أحمد: ولكن هذا الرجل من نوع خاص وصاحب فضل وعشرة. العربي: لم أعرفه. أحمد: شغل مخك، حاول أن تتذكر. العربي: لا يحضرني الآن شخص بعينه. أحمد: ألا يحضرك الحمار هههههه. لينطق الشاهد: وأنا من الشاهدين أسي العربي، كاد الحمار يفقد سمعه من صراخ سي أحمد في أذنه اليمنى، مضيفا الغريب أنه لما سمع باسمك تجاوب مع السي أحمد وحرك ذيله، ليدخل الجميع في حالة هستيرية من الضحك». إدريس والخمر: «… تؤجل نومها إلى حين أن ينام إدريس أولا، لتتأكد بنفسها إن كانت قنينة الغاز «بوطاكاز» أغلقها عند مغادرة المطبخ، حيث كان يعمد إلى إشعال سيجارته بدل الولاعة من آلة البوطاغاز بالمطبخ، وهو ثمل ثمالة وشبه عار وخصيتاه كـ»الكرموس» المتدلي من شجرة التين، لا يستطيع الوقوف رأسيا ولو ثانية من شدة سكره، كنا صغارا نرقب خصيتيه وهو في تلك الحالة، مشبهين إياهما بخصيتي كلب سلوقي منبوذ». عبد الرحيم وخيال الظل: «… كنا ثلاثتنا في شغل شاغل حول طبق «الكوارع» منشغلين بالأكل، فاجأنا عبد الرحيم قائلا: ما هذا السخط الذي فوقنا؟ رفعنا أبصارنا فإذا برمز الفحولة منثور فوق رؤوسنا كشجرة بأغصان مثقلة بالموز تسقط على رؤوسنا، ما إن رمقناه بأعيننا حتى سقطنا صرعى على الأرض ضحكا [...] الغريب في هذا كله أننا كنا شديدي الحياء من بعضنا البعض…». وهكذا فإن هذه المحكيات العائلية تضيق المجال على التخييل وتكاد تضعه، كما هي حال السيرة الذاتية والنصوص الواقعية، على درجة الصفر. إلا أن السارد قلص من دكنة السواد وقسوة الألم والفاجعة بالسخرية، وبتسجيل مواقف ساخرة وهزلية في المحكيات المشهدية السابقة، التي كانت غير تامة وبمثابة تعويض عن الخيال السردي. يوسف شبعة الحضري: «الشريفة» منشورات سليكي أخوين طنجة، 2017 197 صفحة. الرواية بين حدود السيرة الذاتية والتخييل الذاتي الروائي المغربي يوسف شبعة الحضري في «الشريفة» محمد معتصم |
حزامي السيد: «ألف با بوباية» لشوشو عرّفت الصغار إلى حروف أبجديتنا الجميلة Posted: 23 Dec 2017 02:06 PM PST بيروت ـ «القدس العربي»: قبل أربعة عقود وبعد جهود عربية بدأت منذ تأسيس «الأمم المتحدة» اتخذت «الجمعية العامة» قراراً باعتبار اللغة العربية سادس لغة رسمية، بعد الإنكليزية، التركية، الأوردية، الفرنسية، الكردية والفارسية. أما «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ـ يونيسكو» فاعتمدت تاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر وهو اليوم الذي صارت فيه العربية لغة سادسة في الأمم المتحدة سنة 1973، يوماً عالمياً لها، كان ذلك سنة 2012. ومنذ ذاك التاريخ والإحتفال باللغة متواصل من قبل أهلها إنما ليس كما تستحقه. فاللغة التي ننتمي إليها تعيش تحديات كبيرة منها صلتها بالواقع الذي وصله عالم التكنولوجيا الجديدة وخاصة الرقمنة، وصلة أهلها وثقتهم بها من مقمين ومغتربين وخاصة الأجيال الجديدة. فثمة بلدان عربية لا نجد فيها من يحدثنا لغتنا. وبلدان أخرى ابتعد بعض أهلها عن لغتهم لأن التشتت والضياع السياسي لم يساعدهم في أن يكونوا جنوداً مدافعين عنها. في هذا اليوم العالمي للغة العربية تذكرت حواراً مع المهندسة حزامي السيد، المصرية المولودة في بيروت من أم لبنانية، جرى بعد تسلمها جائزة مبادرة تكريم لسنة 2017 عن فئة «المساهمة الدولية في المجتمع العربي» التي مُنحت لمؤسسة «البستان بذور حضارة». هذه المؤسسة التي تشجع التداخل الحضاري بين المجتمعات بغض النظر عن المعتقدات الدينية والأصل العرقي، أو المستوى الاجتماعي والاقتصادي. وبهدف بناء مسارات سلمية لتضييق هوّة الخلافات، والاحتفال بالتنّوع وتعزيز سبل بديلة للتأثير على إحداث تغيير اجتماعي إيجابي. هذه المقولة التي تُعرّف بالمؤسسة يمكن اختصارها وببساطة بتعليم العربية لأبناء المهاجرين حتى لا يبقوا في غربة عن جذورهم. في أصل الحكاية أن حزامي السيد العربية المهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية استفزتها المواقف والأفكار الخاطئة التي سيقت بحق العرب بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، والتمييز العنصري الذي عانى منه الطلاب في الجامعات، والتلاميذ في المدارس. فكرت بما يمكنها فعله. وفي صيف 2002 بدأت مؤسسة «البستان بذور الحضارة» بالتعاون مع آخرين. «القدس العربي» سجلت هذا الحوار مع حزامي السيد: ○ ما هي الحوافز لتأسيس «البستان بذور حضارة»؟ • الحوافز متعددة منها الاحساس بأن اللغة العربية غير موجودة لدى الأجيال التي تلد في الولايات المتحدة. بدأ الشعور بشكل ذاتي وشخصي، فأنا التي ولدت في بيروت وعشت فيها خمس سنوات في بداية عمري، نشأت لاحقاً في الكويت في مدرسة أمريكية. لهذا لست ممتنة مما اتقنه من لغتي الأم. وعندما حصلت أحداث أيلول2001 وما تلاها من أحداث تمييز ضد العرب والمسلمين ازداد الإلحاح للقيام بعمل ما. ○ كيف كانت البداية؟ • تصادف أني تركت العمل في الهندسة للإهتمام بطفلي. وعندما دخل ابني الأول المدرسة، قررت البدء. فلم يكن مقبولاً عندي أن نكون جميعنا كعرب ومسلمين إرهابيين. بدأت من المجتمع الصغير الذي أعرفه جيداً وهي مدرسة ابني. كانت لي فرصة التواصل عبر رسالة التوعية مع بيئة المدرسة. فكنت أتحدث لهم عن العرب والمسلمين الحقيقيين. تمكنت من الاستناد إلى لحظة في غاية القساوة والسوء والسلبية، وعملت لتحويلها بالتدريج إلى فعل ينعكس ايجاباً. ○ وماذا بالنسبة للأطفال العرب المولودين في الولايات المتحدة؟ • كذلك انطلقت من الشخصي إلى العام. وجدت أني تمكنت من التعاقد مع مدرّسة تعلم طفليَ لغتهم العربية، وهذا وحده لم يكن كافياً. فقد بحثت ووجدت أن هذه اللغة يجب أن تصل لهؤلاء الأطفال البعيدين عن منابعها عبر الفرح والتسلية، والأهم عبر التواصل مع آخرين ومن خلال مجموعة وليس أفراداً قلة. وهكذا كان المخيم الأول الذي جمع في صيف 2002 ومن خلال بيئة صغيرة 18 طفلاً وطفلة. ومن ثم كانت فكرة «مؤسسة البستان بذور حضارة». أردنا من خلالها تعليم الأطفال لغتهم عبر الغناء والرقص والموسيقى. ○ هل تعتمدون على فكرة المخيمات بشكل دائم؟ • نعم لأن عطلة الصيف تتيح حركة أكبر مع التلامذة والأطفال إضافة إلى النشاط خلال الأيام المتاحة من بقية السنة. وكل من المخيمات الصيفية يحمل ثيمة محددة من عالم الفن. على سبيل المثال «أم كلثوم»حيث تعلم الصغار واليافعين أغنية «غنيلي شوية شوية». أو تكون لنا ثيمة أخرى من تراثنا فيتعلمون «فوق النخل». أتذكر في السنة الأولى التي جمعنا فيها التلامذة، أنهم تدربوا على حفظ أغنية قديمة جديدة للأطفال غناها الراحل شوشو وهي «ألف با بوياية قلم رصاص ومحاية». وهذه لاقت منهم كل الإعجاب والترحيب والحفظ السريع لأحرف الأبجدية العربية كتابة ولفظاً. ○ هل يشمل برنامجكم استضافة مغنين من كافة الدول العربية؟ • بالطبع. ولفيروز حصتها الكبيرة في الريبرتوار الذي يحفظه الأطفال في مخيماتنا الصيفية. وفي أحيان تكون للبرنامج الصيفي ثيمة يمكنها أن تجمع أكثر من فنان أو فنانة. اختياراتنا تذهب دائماً باتجاه الفن الحقيقي، الذي يحسب من تاريخ الغناء وليس من الفن التجاري. على سبيل المثال تعرف التلامذة على عشر من أغنيات مرسيل خليفة وحفظوها وغنوها على المسرح. وبلغ عدد أعضاءالكورال 110 تلامذة. وهذا قبل أن نستضيف خليفة. فقد بعثت برسالة له أبلغه أن المسؤولين في القسم الفني في «مؤسسة البستان بذور حضارة» يلقنون 10 من أغنياتك للتلامذة العرب المولودين في الولايات المتحدة وهم بدورهم يغنوها في المدارس والجامعات. ○ كيف تبنون اختياراتكم من ريبرتوار فنان معين؟ • من الشروط الأساسية في الاختيار أن تتلاءم الأغنية مع أداء الكورال، وليس السولو، فليس هدفنا أن يكون لدينا مغنين منفردين مطلقاً. ○ كيف للأطفال الآتين من بيئات عربية متنوعة اللهجات أن يتقنوا الغناء باللهجات المختلفة، مصري، لبنان أو مغاربي على سبيل المثال؟ • تعلمنا من الأطفال أن ما من شيء يصعب عليهم. فالمخيم يضم أطفالاً بدءاً من صف الثامن ابتدائي، وكل ما نقدمه لهم بطريقة جميلة ومثيرة للاهتمام يأخذ طريقه للحفظ. أما طلاب الجامعات فقد تدربوا على أغنيات تراثية كما «جادك الغيث» وغيرها من الموشحات. نوع الأغنيات واختيارها يعود لمستوى التلامذة أو الطلاب وأعمارهم. ومن المؤكد أن بين الطلاب الذين جمعتهم «بستان بذور الحضارة» مستويات على صعيد اتقان اللغة، كما أن بعضهم لديه معرفة موسيقية وهؤلاء يتعلمون الأغنيات الصعبة. فعلى موقعنا الالكتروني تجدين الكورال يغني جادك الغيث، نسّم علينا الهوى، يلي زرعتوا البرتقان وغيرها. وبإمكان من يدخل موقعنا أن يتعلم كيف يغني الأغنيات الواردة سواء منفرداً أو من خلال صف تدريب، لأنه يتيح التعلم الرقمي. والموقع هو: http://www.albustanseeds.org/ ○ خلال وجودك في المهجر كم شعرت بأهمية اللغة كجذور تربط الإنسان بهويته؟ • كثيراً جدا. ندمت للغاية لصلتي الهامشية بلغتي خلال الدراسة. كانت صلة تنقصها الحيوية والانتماء، الذي من شأنه أن يحفز التلميذ ومن ثم الطالب حين يكبر ليزيد من جهوده كي يتقن لغته. أن يكون أحدنا في مدرسة أمريكية لن يشجعه هذا لأن ينتمي إلى أدب لغته وأرضه. فلم يحدث أن فتحت رواية عربية لأقرأها سابقاً. ○ وماذا عن الصلة التي تمكنتم من بنائها لدى الأجيال التي تعاقبت على مؤسستكم مع اللغة والهوية العربية؟ • لا يمكن وصفها. سواء كان الأطفال عراقيين، فلسطينيين، سوريين أو غيرهم من الذين ولدوا في الولايات المتحدة، فقد عرّفتهم برامجنا إلى وجود لهجات عربية متعددة. كما عرّفتهم إلى الفرصة المتاحة لهم كمولودين في الولايات المتحدة أن يتعلموا لغتهم من غير المراكز الدينية التي اعتادت منذ عقود طويلة أن تقدم اللغة وبعض الثقافة العربية للرعايا العرب الذين ينتمون لها ويتواصلون معها. وعندما يدخل هؤلاء إلى الجامعة ويقدمون لهم مقرراً دراسياً عن التاريخ أو الشرق الأوسط كما يسميه الأمريكيون، فهذا يتم من وجهة النظر الأمريكية. إنما الأجيال التي يتاح لها السفر المتكرر إلى أوطانها الأصلية في الدول العربية تختلف عن سواها، تعرف بعضاً من تاريخها وتستطيع الحوار. ○ هل تتواجد «البستان جذور حضارة» في غير ولاية فيلادلفيا حيث نشأت؟ • نحن فقط في فيلادلفيا. لدينا موقع الكتروني للتواصل معنا ولتسهيل استخدام كل ما يتعلمه تلامذتنا ووضعه بين يدي من يرغب من خارج فيلادلفيا، كي يستفيد ويتعلم. ○ هل تمتد صلاتكم بالفنانين غير التجاريين لأكثر من بلد عربي؟ • طبعاً. فقد علمنا أغنيات سونيا مبارك من تونس. إلى جانب مرسيل خليفة، ريما خشيش، أميمة الخليل وريما صقللي. سونيا مبارك أحيت حفلاً في نيويورك واستضفناها لعشرة أيام. وريما صقللي أحيت حفلات في نيويورك، واشنطن دي سي وبوسطن واستضفناها كذلك لعشرة أيام. ○ ماذا عن تمويل مشاريعكم؟ • بنسبة 90 في المئة التمويل حكومي، وعبر منح من مؤسسات خاصة. ○ بين 9-11ـ 2001 والآن ماذا اختلف؟ • لا نقول اننا حققنا الكثير، فالحلم والمطلوب كبير للغاية. لقد باتت اللغة متداولة على لسان عدد أكبر من الأجيال التي ولدت في الولايات المتحدة. بات تعلقهم أكثر قوة بجذورهم. صار بامكانهم الدفاع عن حضارات البلدان العربية التي ينتمون إليها. فاللغة من أهم الجذور الوطنية، ومن يعرف لغته وجذوره تزداد ثقته بنفسه وتقوى حجته. عبر الأغنية التي سهلت طريق تعلم اللغة بات هؤلاء الشباب والصبايا قادرون على التحدث مع زملائهم عن حضارتهم وتصويب الأفكار الخاطئة عن العرب والمسلمين. حزامي السيد: «ألف با بوباية» لشوشو عرّفت الصغار إلى حروف أبجديتنا الجميلة «البستان بذور حضارة» مؤسسة تُعلم اللغة العربية للأطفال المهاجرين عبر الغناء زهرة مرعي |
نادية لطفي: فلسطين كلها عربية وليس القدس فقط Posted: 23 Dec 2017 02:05 PM PST القاهرة ـ «القدس العربي»:كثيرات من النجمات يتميزن بالموهبة ويقدمن أعمالا فنية قيمة، إلا ان قليلات يمتلكن الثقافة والوعي بقضايا أوطانهن ومن بينهن الفنانة المصرية الكبيرة نادية لطفي. اسمها الحقيقي بولا محمد لطفي شفيق، من مواليد 3 كانون الثاني/يناير العام 1937 في حي عابدين في القاهرة، حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية في مصر العام 1955. اكتشفها المنتج رمسيس نجيب وهو من قدمها للسينما واختار لها الاسم الفني «نادية لطفي» إقتباسا من شخصية فاتن حمامة «نادية» في فيلم لا أنام للكاتب إحسان عبد القدوس. إضافة لعشرات الأفلام الهامة التي قامت ببطولتها، كانت عضو لجنة السينما بالمجلس الأعلى للفنون، وعضو لجنة الشؤون الخارجية باللجنة المصرية للتضامن الآسيوي الافريقي، وعضو الهلال الأحمر المصري، شاركت في اللجنة الفنية التي كانت تزور الجبهة أثناء حرب الاستنزاف لرفع الروح المعنوية للجنود، كما ساهمت في حركة جماهير الشعبين اللبناني والفلسطيني خلال الكفاح المسلح بعد اجتياح إسرائيل لبنان 1982. من الأفلام التي قدمتها «النظارة السوداء» و»الناصر صلاح الدين» و»بين القصرين» و»عدو المرأة « و»أبي فوق الشجرة» وغيرها. قدمت عملا تلفزيونيا واحدا هو «ناس ولاد ناس» وعملا مسرحيا واحدا وهو «بمبة كشر». مؤخرا منحتها أكاديمية الفنون المصرية الدكتوراه الفخرية، حول هذا التكريم ورأيها فيما يحدث على الساحة الفنية والسياسية كان هذا الحوار مع نادية لطفي: ○ بعد كل الجوائزوالتكريمات التي حصلت عليها طيلة مشوارك، قلت انك تقدرين تكريم أكاديمية الفنون تقديرا خاصا، لماذا؟ • هذا حقيقي لأنني أعلم أن الدكتوراه الفخرية من قبل أكاديمية الفنون لا تقدم لأي شخص ولا تعتمد على المجاملة أو العلاقات الشخصية، فاختيار الأشخاص الذين يمنحون هذا التكريم يعتمد على قواعد مهنية، واللجنة التي تمنح الفنانين الدكتوراه الفخرية تتكون من أشخاص لهم تاريخ مشرف، ومهنيين إلى درجة كبيرة، فأكاديمية الفنون عريقة ومهمة. كما كنت سعيدة أيضا بحرص عدد كبير من أصدقائي الفنانين على التواجد أثناء التكريم منهم ميرفت أمين ورجاء الجداوي وإلهام شاهين وسامح الصريطي وغيرهم. ○ رغم ابتعادك عن الوسط الفني منذ سنوات طويلة إلا أنك متابعة جيدة لما يحدث على الساحة الفنية فما هو تقييمك لما يحدث حاليا؟ • للأسف السينما المصرية تراجعت كثيرا، فنادرا ما نشاهد أفلاما ذات قيمة فنية عالية، وأصبح البحث عن الربح هو الهدف فقط سوى حالات نادرة. ○ يرى البعض أن السينما والفنون بشكل عام أثرت سلبيا على المجتمع وتسببت في انهيار القيم والأخلاق، هل توافقين هذا الرأي؟ • العكس تماما، فالفنون دائما هي انعكاس لأوضاع المجتمع، وقد وصل مجتمعنا لحالة سيئة على كافة المستويات، انعكست بدورها على الفن، فلا تلوموا الفن فهو انعكاس لحالة المجتمع. ○ هل يعني هذا أن المجتمع أسوأ من الماضي؟ • بالتأكيد، فالمجتمع أصبح أقل تماسكا، ومصر تعيش فترة صعبة ولكنها قادرة على تجاوزها بالعمل والتخطيط والالتفاف حول راية الوطن. ○ لم تكتف في تاريخك في تقديم أعمال فنية فقط بل شاركت بشكل عملي وقوي في الأحداث والقضايا الكبري مثل حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر 1973 وحرب لبنان، رغم ان كثير من الفنانين يرون ان الفنان لا يجب أن تكون له علاقة بالسياسة والشأن العام؟ • أرى أن الفنان موقف، لذا كنت حريصة على المشاركة في الأحداث الكبرى التي تمس المجتمع المصري والعربي سواء من خلال المشاركة العملية أو من خلال الأعمال الفنية، وقد كنت مسؤولة اللجنة الفنية أيام حرب الاستنزاف وكنت أنظم زيارات على الجبهة لرفع الروح المعنوية لدى الجنود، وكان يرافقني عدد كبير من الفنانين، وقد استفدت من هذه التجربة في تقديم فيلم «جيوش الشمس» الذي سجلت من خلاله شهادة الجنود المصابين والجرحى عن الحرب داخل مستشفى قصر العيني مع شادي عبد السلام. ○ كثرا ما كانت هناك مقارنات بينك والفنانة الراحلة سعاد حسني، هل أثر ذلك على علاقتكما؟ • لم يشغلنا أمر هذه المقارنات، فكل فنان له موهبته وبصمته الخاصة ولا يمكن التشابه أو المقارنة بين فنان وآخر، لذلك لم تؤثر هذه المقارنات على علاقتنا واستمرت صداقتنا حتى وفاتها. ○ هل كان لك أصدقاء داخل الوسط الفني؟ • كثيرون كانوا أصدقائي مثل فاتن حمامة التي كنت أعشقها، وأحمد مظهر والفنانة سميحة أيوب وسعد الدين وهبة ونجمة ابراهيم وزينب صدقي. ○ هل تابعت تصريحات ترامب الأخيرة بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة إسرائيل؟ • بالتأكيد تابعتها، ولم أندهش، ذلك أن هذا هو المتوقع من ترامب أو أي رئيس أمريكي، فمساندة أمريكا لإسرائيل معروفة وعلينا ألا ننتظر منها أن تكون عادلة في نظرتها للقضية الفلسطينية، الطرف الذي يجب أن يكون إيجابيا هو الطرف العربي، فالعرب لابد أن يتجاوزوا خلافاتهم ويكون لهم موقف محدد تجاه قضية فلسطين بشكل عام وليس القدس فقط، فأنا ضد اختصار قضية فلسطين في القدس، لأن فلسطين كلها عربية وليس القدس فقط. نادية لطفي: فلسطين كلها عربية وليس القدس فقط الفن في مصر تراجع لأنه انعكاس لحالة المجتمع فايزة هنداوي |
لماذا برشلونة الخيار الأنسب لصلاح وليس ريال مدريد؟ Posted: 23 Dec 2017 02:05 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: لم تَعد الأخبار المُنتشرة بغزارة أمطار الشتاء في هذه اللحظة، عن ارتباط مستقبل المصري محمد صلاح بعملاقي الليغا ريال مدريد وبرشلونة مُجرد مزحة أو شائعات «صفراء» الهدف منها استغلال شهرة الفرعون الطاغية سواء على أرض الواقع أو في العالم الافتراضي، للحصول على أعلى قراءات. بل هي حقيقة يلمسها أبسط مواطن في أحياء مصر الشعبية لكبار مشاهير الريال والبارسا في مختلف أنحاء العالم. الحريف شخصية حقيقية أعرفها عن كثب. في طفولتي أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، كنت أسمع قصصا وأساطير عن «الحريف» الذي أفلت من الموت في مسقط رأسه الإسماعيلية وهو على بعد عشرات الأمتار من مطار «أبو صوير»، الذي دمرته الغارة الإسرائيلية في نكسة يونيو 1967، ليستقر في المدينة الكبيرة المجاورة «الزقازيق»، التي لم يُغادرها حتى الآن، رغم عودة كل عائلته الكبيرة إلى بلدتهم بعد 1973. من حُسن الحظ، فأنني كنت دائما من المُقربين إليه بحكم الشغف بالساحرة المستديرة، ولا أنسى لحظات انتظاري لصديقي الأربعيني (وأنا طفل)، وهو يُفند أوراق صحفه الورقية الرياضية المُفضلة، وبعد طول انتظار أحصل على الصحيفة لأُشبع رغبتي في معرفة كل ما يدور حولي في عالم كرة القدم، ثم يدور النقاش بيننا وكأننا من كبار المحللين في زمن كانت البرامج الرياضية فيه تُعد على أصابع اليد الواحدة طوال الأسبوع! ملك التوقعات صحيح صديقي العزيز الذي تجاوز الـ60 الآن، لم يحظ بشهرة أبناء جيله ولم يحترف حتى كرة القدم بشكل رسمي، فقط اكتفى باللعب في دوري المحافظات ودافع عن ألوان المنتخب العسكري، بالكاد هو النسخة الحقيقية لعادل إمام في رائعته السينمائية «الحريف» كما يقول عنه كل ما عاصره في الستينات والسبعينات، لكنه ما زال يتنفس كرة قدم حتى هذه اللحظة، وبعد خروجه على المعاش، لم يَعد يفعل أي شيء سوى متابعة أخبار الكرة المحلية والعالمية، وخصوصا محمد صلاح. هذا الحريف المغمور الذي لا يعرفه إلا من سمع عنه وعائلته، كان أول من حدثني عن الأسطورة روبرتو باجيو وبقية أساطير الثمانينات والنصف الأول من التسعينات، ومحليا لا زلت أتذكر كلماته عن محمد بركات وهو لاعب في الترسانة، وقال لي: «هايكون له شأن كبير جدا في الأهلي»، وبالفعل مرت الأيام وأصبح ملك الحركات أحد أهم أساطير الأهلي في العصر الحديث، الأعجب أنه راهن عن تفجر موهبة رمضان صبحي عندما شاهده للمرة الأولى في مباراة لناشئي الأهلي تحت 15 عاما في قطر! مقابلة مختلفة بالصدفة البحتة، تجدد اللقاء الأسبوع الماضي بعد غياب سنوات بحكم ضغوط الحياة، لكن هذه المرة كان سباقًا في طرح سؤال المناقشة، وقال: «أيهما أفضل لصلاح برشلونة أم ريال مدريد؟»، ولتفادي الوقوع في المحظور، بادلته بسؤال آخر، هل أنت متابع لقصة صلاح وعملاقي الليغا؟ كان رده: «طبعا العالم كله عارف كده وزيدان نفسه قال إلخ إلخ إلخ إلخ»! بداخلي أقول يا الله… يبدو أن القصة ليست مزحة، والأمر لم يَعد يَقتصر على المكان المُخصص لأخبار الشائعات في كبرى الصحف العالمية. أيهما أفضل؟ هناك شبه إجماع أن الريال سيكون وجهته المقبلة، وهذا على الورق يبدو منطقيا، على الأقل لإنهاء أزمة الجناح الأيمن التي يُعاني منها الفريق بسبب كثرة إصابات الويلزي غاريث بيل، حتى التقارير الواردة من إسبانيا تؤكد أن رئيس الميرينغي فلورنتينو بيريز أكثر رغبة من نظيره الكتالوني جوسيب ماريا بارتوميو، لضم الفرعون عاجلاً (في الميركاتو الشتوي) أو آجلاً (في الصيف)، وحدوث هذا سيكون أشبه بالصفعة المزدوجة للبارسا. أولاً انتقال صلاح للبيرنابيو سيكون صفقة «إعلامية» ضخمة، وهذا الأمر يبحث عنه بيريز للترويج لنفسه، بعد عزوفه عن الصفقات الكبرى في آخر ثلاث سنوات، تحديدا منذ شراء خاميس رودريغز من موناكو في صيف 2014 مقابل 80 مليون يورو، ثانيا رحيل صلاح سيُعقد رحيل كوتينيو أكثر من أي وقت مضى. الطريقة المناسبة نظريا، تشعر من الوهلة الأولى أن هداف المنتخب المصري هو أفضل بديل لملك الإصابات، لكن السؤال الذي يفرض نفسه… هل ما قدمه بيل على المستوى الفردي يُقارن بما قدمه لتوتنهام بالمقارنة ذاتها؟ بالتأكيد لا. ففي بلاد الضباب ظهر بثوب اللاعب المُرعب الذي يخشاه الجميع في إنكلترا من الكبير للصغير، بدليل أنه قبل أن يُكمل عامه الـ22 فاز بجائزة أفضل لاعب في البريميرليغ مرتين، أما مع الملكي، فنجاحه اقتصر على المستوى الجماعي، لوجوده في جيل استثنائي يقوده رونالدو. باختصار شديد ما فعله بيل وهو في أفضل لحظاته مع الريال، لم يكن بالبريق الذي كان عليه مع توتنهام، ومن شاهده مع ريدناب يعرف ذلك. المفارقة العجيبة، أن بيل لعب في مراحل الطفولة كظهير أيسر، نفس المركز الذي شغله صلاح عند اكتشافه في دوري مشروع شركة المياه الغازية الشهيرة، والتوهج الذي يعيشه الأخير في الوقت الراهن، تقريبا هو التوهج الذي كان عليه بيل مع «سبيرز»، وانخفض بمرور الزمن واختلفت الطريقة التي كان يلعب بها في توتنهام مقارنة مع الأدوار التي يقوم بها مع الريال سواء مع زيدان أو أنشيلوتي أو حتى بنيتيز الذي قضى ستة أشهر فقط. مع الريال، دائما يلعب بيل في أقصى الطرف الأيمن أو الأيسر، للقيام بمساندة دفاعية مع الأظهرة، كجناح كلاسيكيي في طريقة 4-4-2، تُستنزف طاقته في الأدوار الدفاعية والركض في أماكن بعيدة عن العمق (المحجوزة لرونالدو وبنزيمه)، عكس وضعه مع توتنهام، هناك كان يتحرك بأريحية في الثلث الأخير من الملعب، ومع الوقت تّحول للوحش الكاسر الذي دفع فيه بيريز 86 مليون إسترليني في صيف 2013, قبل أن يصل إلى ما هو عليه الآن بعد سلسلة من الإصابات ومواسم مُخيبة للآمال على المستوى الشخصي باستثناء الموسم الأول. كما أن أسلوب زيدان بإفراطه في الاعتماد على الجانبين وإرسال العرضيات، كفيل بقتل فرص صلاح في التواجد أمام الشباك، الآن تطور بشكل مُذهل ولم يَعد مُجرد اللاعب السريع الذي يبحث عن الكرة لمراوغة مدافع واثنين قبل ينتشله لوتشيانو سباليتي من براثن الضياع، بتعديل مكانه في الملعب كمهاجم ثان من الجهة اليمنى، يميل أكثر إلى عمق الملعب وليس على الأطراف، بعدما أصبح كتابا مكشوفا في وقت من الأوقات في بداية موسمه الثاني مع روما، ومع كلوب تفجرت موهبته بصورة فاقت كل التوقعات. وبوصوله لهذه «الفورمة» التي لم نُشاهد عليها أي لاعب عربي من قبل في البريميرليغ باستثناء رياض محرز، سيكون محظوظًا أكثر باللعب بجانب ميسي. كيف؟ المدرب ارنستو فالفيردي لا يميل لـ»الدايموند» كزيدان. في الغالب يعتمد على إبداع ميسي من العمق سواء بلعبة عبقرية فردية او بتمريرة حاسمة، وهو الدور الذي كان يقوم به ليو قبل حقببة «ام أس ان» ولنا أن نتخيل وجود صلاح بكل هذا الدهاء والمكر الذي وصل إليه في التحرك من العمق بتمويل من ميسي وعلى الطرف الآخر عثمان ديمبيلي، ربما ستكون ثلاثية أكثر رعبا من ثلاثية «ميسي، بيدرو وفيا أو إيتو»، وخير تعويض عن تفكك «ام أس ان»، إذا خسر سواريز مكانه في التشكيلة الأساسية في المرحلة المقبلة، وبوجه عام، طريقة وأسلوب فالفيردي يبدو مناسبا لصلاح بعد الطفرة الأخيرة، أما مع زيزو فلن يجد المساحات التي ينعم بها مع ليفربول في الوقت الحالي، إلا إذا غير المدرب قناعاته وعدّل خطته على الدولي المصري بدلا من رونالدو. أما خيار العقل، فبالتأكيد البقاء مع ليفربول لأطول فترة ممكنة، على الأقل لنهاية كأس العالم، وإذا استمر على هذا المنوال مع الريدز بعد وصوله لـ20 هدفا في أول 26 مباراة، كأسرع لاعب يصل لـ20 هدفا في إنكلترا هذا الموسم، ستزداد قيمته التسويقية ربما للضعفين خصوصا إذا ترك بصمة مع الفراعنة في كأس العالم. لماذا برشلونة الخيار الأنسب لصلاح وليس ريال مدريد؟ عادل منصور |
اختبارات مانشستر سيتي الثلاثة كي ينهي الموسم بدون هزيمة Posted: 23 Dec 2017 02:05 PM PST ما يحققه مانشستر سيتي هذا الموسم من نتائج وعروض، أقل ما يقال عنها، انه مذهل، بل أصبح في أقل من أربعة شهور أبرز المرشحين لكل الألقاب الأربعة المتاحة له هذا الموسم، بينها دوري أبطال أوروبا. كثيرون اعتبروا ان السيتي قتل المنافسة في الدوري الانكليزي بعدما ابتعد بفارق 11 نقطة بعد مرور 18 مباراة، والاهم انه لم يخسر أي مباراة، بل لم يتعادل سوى مرة واحدة، ليحطم في طريقه العديد من الأرقام القياسية، بينها سلسلة عدم الخسارة، وكمية الأهداف المسجلة، ليتساءل كثيرون عن السر، بعدما خرج خالي الوفاض الموسم الماضي، وبات اليوم مرشحاً لاحراز الرباعية. السر باختصار هو بيب غوارديولا، الذي أصر، رغم اخفاق الموسم الماضي، على الاستمرار في تطبيق فلسفته القائمة على الاستحواذ العالي واللعب بتمريرات دقيقة من الخلف وبضغط هجومي عال، مع استعادة الكرة من المنافس بأسرع وقت ممكن، الى درجة ان غوارديولا اعتبر انه كان يتعين عليه اقناع الجميع من جديد بهذه الفلسفة بعد الموسم المخيب، بدءا باللاعبين مرورا بادارة النادي وجهازه الفني. لكن في أرض الملعب هناك سر آخر في هذا التفوق، ولن تدركه الا اذا شاهدت السيتي يلعب من داخل الملعب، لان السر يكمن في تحركات اللاعبين وتمركزهم من دون كرة، وهو العامل المؤثر الرئيسي على اللعبة التالية وتأثيرها على المنافس. هل ينهي السيتي الموسم بدون هزيمة؟ في الواقع تكمن الاجابة في قدرته على تخطي الاختبارات الثلاثة التي يمر بها هذا الموسم، فالاختبار الاول في الثلث الاول من الموسم، كان على اللاعبين تطبيق فكر غوارديولا وفلسفته بحذافيرها مع تأقلم اللاعبين الجدد مع الأجواء الجديدة بسرعة كبيرة، وهو نجح في هذا الاختبار بامتياز بتحقيقه 17 انتصارا من 18 في الدوري، بينها انتصارات على كل منافسيه من الستة الكبار، والوصول الى الدور قبل النهائي لكأس المحترفين، وأيضاً تصدره مجموعته في دوري الابطال بسهولة بالغة، بينها الانتصار الكاسح على نابولي ذهابا وايابا، وجاءت الخسارة أمام شاختار في الجولة الاخيرة ضمن تحصيل حاصل فضلها بيب لتكون فرصة لاراحة نجومه. الاختبار الثاني (الثلث الثاني) هو الذي بدأ قبل أسابيع قليلة، وهو الاختبار الجسدي والقدرة على التحمل، والذي يتعلق بقدرة اللاعبين على تحمل مشقة اللعب مباريات كثيرة متلاحقة، وهي 15 مباراة في 5 اسابيع، والقيام بذلك في ظروف جوية قارسة البرد، وهو ما يعد اختبارا جديا للياقة اللاعبين البدنية، وايضأ لعمق الفريق، مع توقع غيابات للاصابة أو الايقاف، علما انه خاض اختبارات صعبة في الاسابيع الاخيرة امام مانشستر يونايتد وتوتنهام بدون القائد كومباني وصانع الألعاب سيلفا والظهير الايسر ميندي وقلب الدفاع ستونز، ولكنه استمر في تحقيق نتائجه الايجابية. أما الاختبار الثالث والاهم، فهو الاختبار الذهني الذي سيكون في الثلث الاخير من الموسم، مع استئناف مباريات دوري الأبطال، وفترة حسم الألقاب، وقد يخوض نهائي كأس المحترفين، وسيحسم لقب الدوري المحلي، وربما كأس انكلترا، بالاضافة الى الحروب الطاحنة مع الكبار والعمالقة في دوري الأبطال، وهو الوقت الذي نرى فيه معدن الفريق الحقيقي وصلابته الذهنية والنفسية وقدرته على مواجهة الضغوط. طبعا الخسارة واردة خلال هذا المشوار الصعب، واذا تحدثنا فقط عن الدوري الانكليزي، فاننا سنجد أن أرسنال كان آخر فريق ينهي الموسم بدون خسارة (2004)، والسيتي قادر على تكرار هذا الانجاز، لكن لدي شعور، انه سيتعرض لهزيمة في الدوري وستكون من فريق مكافح خارج الستة الكبار، والسبب بسيط، انه عندما يلاقي السيتي الكبار فانه يهزمهم بسهولة لان أسلوبهم الذي يكون عادة هجوميا يناسب أسلوب السيتي الهجومي الساحق، ويتطلب الامر الكثير من الجهد لتغيير هذا الأسلوب لمقاومة أسلوب السيتي، في حين تكون الفرق المكافحة جاهزة لتطبيق أسلوبها المعتاد مع بعض الاصرار، وفي الواقع فان أصعب مباريات السيتي هذا الموسم في الدوري كانت أمام وستهام وهدرسفيلد ووست بروميتش وساوثهامبتون، عدا عن التعادل مع ايفرتون، الوحيد الذي أهدر أمامه نقاطا. twitter: @khaldounElcheik اختبارات مانشستر سيتي الثلاثة كي ينهي الموسم بدون هزيمة خلدون الشيخ |
اعتزال الاسطورة كاكا… آخر نجوم الكرة العالمية في عصر ما قبل رونالدو وميسي! Posted: 23 Dec 2017 02:05 PM PST ريو دي جانيرو ـ «القدس العربي»: في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2007، أي منذ عشر سنوات، لم يكن أحد يتخيل عندما فاز النجم البرازيلي المعتزل ريكاردو كاكا بجائزة اللاعب الأفضل في العالم، التي يمنحها الفيفا، بأن عصرا جديدا في كرة القدم العالمية على وشك البزوغ. وفاز النجم البرازيلي الذي كان يبلغ في ذلك اليوم 25 عاما، وأحرز في ذلك العام دوري أبطال أوروبا، بجائزة أفضل لاعب في العالم بعدما تفوق في التصويت على النجمين الصاعدين آنذاك، كريستيانو رونالدو (22 عاما) وليونيل ميسي (20 عاما). يذكر أن تلك المرة كانت الأخيرة التي تمنح فيها جائزة الفيفا للاعب آخر غير البرتغالي والأرجنتيني حتى يومنا هذا. وقبل أن تبدأ سيطرة نجمي برشلونة وريال مدريد على الكرة العالمية، كان كاكا آخر النجوم العالميين الذين فازوا بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. ولذلك، يعتبر إعلان اعتزاله يوم الأحد الماضي بمثابة نهاية لحقبة مميزة في تاريخ الكرة العالمية قبل بدء عصر رونالدو وميسي. ريكاردو ازيسيون دوس سانتوس ليتي، هذا هو الاسم الحقيقي لكاكا المولود في 22 نيسان/أبريل 1982 في غاما بولاية برازيليا لعائلة من الطبقة الراقية. وهاجر كاكا مع عائلته صغيرا إلى مدينة ساو باولو لينضم إلى فريق الشباب للنادي الذي يحمل اسم المدينة في العام 1994. وفي العام 2000، تعرض كاكا لحادث مروع أثناء لعبه في أحد أحواض السباحة إثر إصابته بكسر في إحدى فقرات العمود الفقري، وهي الإصابة التي كادت أن تتركه قعيدا. وبعد عدة أشهر من العلاج، نما خلالها حسه الديني بشكل كبير، وعاد لناديه في شباط/فبراير من العام التالي (2001) وخاض مع الفريق الأول أولى مبارياته الرسمية، وكانت أمام بوتافاغو. وفي السابع من أذار/مارس 2001 خاض ساو باولو مباراة أخرى أمام بوتافاغو وكان متأخرا بهدف قبل أن يشارك كاكا كبديل ويسجل هدفين ليمنح فريقه الأفضلية، لتبدأ منذ تلك اللحظة علاقة وطيدة بين جماهير ساو باولو وأيقونتها الجديدة، اللاعب الصاعد الذي لم يكن يبلغ بعد 20 عاما. وبفضل سرعته العالية وقدراته الفنية وتحكمه الكبير بالكرة، بالإضافة إلى تسديداته بعيدة المدى، أصبح كاكا مع مرور الوقت أحد أهم اللاعبين في ساو باولو، وبدأ صيته يذيع بين الأندية الأوروبية التي أخذت تلهث وراءه للحصول على خدماته. لكن قبل أن يعبر إلى الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي، بدأ كاكا مشواره مع المنتخب البرازيلي، حيث شارك دوليا للمرة الأولى في 2002 في مباراة ودية أمام بوليفيا، ليتم اختياره من لويس فيليبي سكولاري، مدرب البرازيل، للمشاركة في كأس العالم بكوريا واليابان. وتوجت البرازيل بمونديال ذلك العام ليفوز كاكا (20 عاما) بالمونديال الأول والأخير له، رغم أنه كان بديلا للنجم رونالدينيو ولم يشارك سوى لـ25 دقيقة طوال البطولة، وكان ذلك أمام كوستاريكا في دور المجموعات. وفي 2003، انتقل إلى ميلان الإيطالي مقابل ثمانية ملايين ونصف المليون يورو. ورغم جلوسه على مقاعد البدلاء في بداية الأمر، بدأ كاكا في التأقلم سريعا مع الكرة الإيطالية ليأخذ مكانه في التشكيلة الأساسية بعد عدد قليل من المباريات متفوقا على نجوم من العيار الثقيل مثل مواطنه ريفالدو والبرتغالي روي كوستا. وقضى كاكا بين جدران النادي الإيطالي أفضل أعوام مسيرته ليصبح اللاعب الأفضل في العالم. ووصل كاكا مع ميلان إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في 2005 ولكنه خسر أمام ليفربول في مباراة تاريخية رغم تفوقه في الشوط الأول بثلاثية نظيفة. وفي العام التالي (2006)، خرج ميلان من الدور قبل النهائي على يد برشلونة بقيادة رونالدينيو. وشهد ذلك العام خيبة جديدة للنجم البرازيلي بعدما خرجت البرازيل، التي كانت تلقب بفريق الأحلام، من دور الثمانية لكأس العالم 2006 أمام فرنسا. لكن في العام 2007 تمكن كاكا من الثأر لنفسه ولفريقه وتوج بلقب دوري أبطال أوروبا على حساب ليفربول في النهائي بعدما حصد لقب هداف البطولة. يذكر أن كاكا سجل ثلاثية (هاتريك) في شباك مانشستر يونايتد في الدور قبل النهائي في ذلك العام. ودفع تألق كاكا الكبير مع النادي الإيطالي ريال مدريد إلى التعاقد معه في 2009 مقابل 65 مليون يورو. وبعد يومين من إبرام هذه الصفقة قام النادي الملكي بشراء البرتغالي كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد مقابل 100 مليون يورو. ومع حلول نيسان/أبريل منذ ذلك العام بدأ الانحدار التدريجي لمسيرة النجم البرازيلي، ففي الوقت الذي راح رونالدو يثبت فيه أنه يستحق الأموال التي دفعت للحصول على خدماته، لم ينجح كاكا في تثبيت قدميه في النادي المدريدي بعدما وقع فريسة للإصابات المتتالية لينتهي به الأمر على مقاعد البدلاء. ويرى الكثير من جماهير الريال أن شراء كاكا كان نوعا من الاستثمار السيئ. ورحل كاكا عن النادي الملكي في 2013 ولم يفز معه سوى بلقب الدوري الإسباني لموسم 2012/2011، ليعود مجددا لميلان ثم إلى ساو باولو ولكنه لم يقدم مرة أخرى الأداء الذي ظهر به في سنواته الأولى. ووصل النجم البرازيلي إلى آخر محطاته عندما حط رحاله بنادي أورلاندو سيتي الأمريكي، الذي لعب معه في 15 تشرين الثاني/أكتوبر الماضي آخر مبارياته والتي كانت أمام كولومبوس كرو. وودع كاكا كرة القدم الاحد الماضي، وأعلن عن قراره خلال مقابلة تليفزيونية داخل ملعب مورومبي، معقل ساو باولو. وعقب انتهاء المقابلة، بقي كاكا وحيدا يصوب ناحية مرمى الملعب الذي شهد أول تصفيق حار يتلقاه في مسيرته. اعتزال الاسطورة كاكا… آخر نجوم الكرة العالمية في عصر ما قبل رونالدو وميسي! |
نجوم من ذهب لمع بريقهم على مدار أكثر من أربعة عقود Posted: 23 Dec 2017 02:04 PM PST الكويت ـ «القدس العربي»: فرضت كأس الخليج نفسها بقوة على الساحة العربية منذ انطلاقها عام 1970، ليس فقط لقوة المنافسة بين المنتخبات المشاركة فيها وحرصها على الفوز باللقب وإنما أيضا لأنها شهدت مولد العديد من النجوم من مختلف المنتخبات. وعلى مدار أكثر من أربعة عقود أقيمت فيها بطولات كأس الخليج، برز نجوم كبار كانت هذه البطولة سرا في تألقهم ومعرفة الجماهير بهم قبل أن يحملوا راية الدفاع عن منتخبات بلادهم لسنوات طويلة تالية في بطولات أخرى. وحرص المسؤولون منذ انطلاق البطولة على اختيار وتكريم الفائزين بلقب أفضل لاعب وأحسن حارس بدلا من الاكتفاء بالهداف. ورغم احتلال قطر للمركز الرابع الأخير في البطولة الأولى وعدم فوزها في أي مباراة، توج نجم الفريق خالد بلان بلقب أفضل لاعب ليكون أكبر مكاسب المنتخب القطري في البطولة واختير السعودي أحمد عيد أفضل حارس. أما لقب الهداف فكان من نصيب جواد خلف ومحمد المسعود نجمي المنتخب الكويتي حيث سجل كل منهما ثلاثة أهداف من عشرة أهداف أحرزها المنتخب في طريق فوزه بلقب البطولة. وفي البطولة الثانية، اختير الكويتي فاروق إبراهيم أحسن لاعب بعدما قاد فريقه للاحتفاظ باللقب، واحتفظ السعودي أحمد عيد بلقب أفضل حارس فلم تهتز شباكه سوى مرتين وساهم في فوز فريقه بالمركز الثاني. وفاز السعودي سعيد الغراب بلقب الهداف بخمسة أهداف هي نصف ما سجله منتخب بلاده، وبرز أيضا الكويتي جاسم يعقوب الذي أصبح أحد أبرز نجوم السنوات التالية. وبعد صراع عنيف مع العديد من نجوم الكويت مثل جاسم يعقوب، انتزع القطري محمد غانم لقب أفضل لاعب في البطولة الثالثة وفاز الكويتي أحمد الطرابلسي بلقب أفضل حارس ولم تهتز شباكه طوال البطولة، كما فاز زميله جاسم يعقوب بلقب الهداف حيث سجل ستة أهداف منها ثلاثية (هاتريك) في مرمى الإمارات في الدور قبل النهائي ليفوز فريقه 6/صفر. وفي البطولة الرابعة، احتفظ يعقوب بلقب الهداف بتسعة أهداف، منها أربعة أهداف (سوبر هاتريك) في مرمى عمان وفازت الكويت 8/صفر كما تألق زميله عبدالعزيز العنبري الذي سجل ثلاثة أهداف (هاتريك) في المباراة النهائية في مرمى العراق وفازت الكويت 4/2، كما شهدت البطولة تألق الكويتي فيصل الدخيل. وفاز السعودي خالد التركي بلقب أفضل لاعب رغم احتلال السعودية للمركز الخامس وفاز البحريني حمود سلطان بلقب أفضل حارس رغم اهتزاز مرمى البحرين 15 مرة. وفي البطولة الخامسة، احتكر العراقيون كافة الألقاب ففاز المنتخب بلقب الدورة وفاز نجمه حسين سعيد بلقب الهداف بعشرة أهداف وهو أعلى رقم سجله لاعب في بطولة واحدة في تاريخ البطولة، وكان منها ثلاثة أهداف (هاتريك) في مرمى البحرين في الافتتاح لتفوز العراق 4/صفر. كما فاز العراقيان هادي أحمد ورعد حمودي بلقبي أفضل لاعب وأفضل حارس. وفي ظل غياب العراق بعد انسحابها من البطولة السادسة، حصل الإماراتي سعيد صلبوخ على لقب أحسن حارس رغم اهتزاز شباكه ست مرات وحجبت جائزة أفضل لاعب واشترك أربعة لاعبين في لقب الهداف وهم البحريني إبراهيم زويد والإماراتي سالم خليفة والسعودي ماجد عبدالله والكويتي يوسف سويد وسجل كل منهم ثلاثة أهداف. وفي البطولة السابعة، استعاد لاعبو العراق سطوتهم في ظل غياب عدد كبير من نجوم المنتخب الكويتي واستعاد العراقي حسين سعيد لقبه كهداف حيث سجل سبعة أهداف منها هاتريك في مرمى السعودية ليفوز فريقه 4/صفر، واقتسم سعيد لقب أفضل لاعب مع العماني غلام خميس فيما فاز العراقي فلاح نصيف بجائزة أفضل حارس. وفي الدورة الثامنة، غاب نجوم العراق الكبار وفضلوا الاستعداد لمشاركتهم في كأس العالم 1986، فخطف الكويتي مؤيد الحداد لقب أفضل لاعب وتوج الإماراتي فهد خميس هدافا للبطولة بستة أهداف والبحريني محمد صالح أفضل حارس. وعاد لقب أفضل لاعب للعراق في البطولة التاسعة وفاز به حبيب جعفر واقتسم زميله أحمد راضي مع الإماراتي زهير بخيت لقب الهداف حيث سجل كلا منهما أربعة أهداف، وفاز العماني يوسف عبيد بلقب أفضل حارس رغم اهتزاز شباكه تسع مرات واحتلال الفريق للمركز الأخير. وفي البطولة العاشرة، أحرز الكويتي محمد إبراهيم لقب الهداف بخمسة أهداف بينما فاز الإماراتي ناصر خميس بلقب أفضل لاعب واقتسم الكويتي سمير سعيد والبحريني حمود سلطان لقب أفضل حارس. واحتفظ حمود سلطان بلقبه في البطولة الحادية عشرة في حين جمع القطري مبارك مصطفى بين لقبي أفضل لاعب والهداف برصيد ثلاثة أهداف فقط. وفي البطولة الثانية عشرة، فاز الإماراتي محمد غلوم بلقب أفضل لاعب وزميله محسن مصبح بلقب أفضل حارس واقتسم السعودي فؤاد أنور والقطري محمود صوفي لقب الهداف بأربعة أهداف لكل منهما. وفاز القطري محمد سالم العنزي بلقب الهداف في البطولة الثالثة عشرة بأربعة أهداف وفاز زميله يونس أحمد بلقب أفضل حارس بينما فاز الكويتي عبدالله وبران بلقب أفضل لاعب. وفي البطولة الرابعة عشرة، أصبح الكويتي جاسم الهويدي هداف البطولة بتسعة أهداف وفاز زميله بدر حجي بلقب أفضل لاعب والسعودي محمد الدعيع بلقب أفضل حارس. واحتفظ الدعيع بلقبه في البطولة التالية (الخامسة عشرة) في حين نجح العماني هاني الضابط في تسجيل خمسة أهداف توج بهم هدافا للبطولة وتوج القطري جفال راشد مبارك الكواري بلقب أفضل لاعب. واحتكر العماني على الحبسي لقب أفضل حارس في الدورات الأربع التالية، علما أنه احتفظ بنظافة شباكه في الدورة التاسعة عشرة التي قاد فيها منتخب بلاده للفوز باللقب الخليجي على أرضه في 2007 .وفاز البحريني محمد سالمين بلقب أفضل لاعب وزميله طلال يوسف (خمسة أهداف) بلقب الهداف في البطولة السادسة عشرة ثم فاز طلال يوسف بلقب أفضل لاعب والعماني عماد الحوسني بلقب الهداف (أربعة أهداف) في البطولة السابعة عشرة. وجمع الإماراتي إسماعيل مطر بين لقبي أفضل لاعب والهداف (خمسة أهداف) في البطولة الثامنة عشرة بالإمارات والتي قاد فيها فريقه للقب، فيما فاز السعودي ماجد المرشدي بلقب أفضل لاعب والعماني حسن ربيع بلقب الهداف (أربعة أهداف) في الدورة التاسعة عشرة. وفي البطولة العشرين، احتكر الكويتيون جوائز البطولة التي توج فيها فريقهم باللقب العاشر، حيث فاز نواف الخالدي بلقب أفضل حارس وزميله فهد العنزي بلقب أفضل لاعب وزميلهما بدر المطوع بلقب الهداف (ثلاثة أهداف) متساويا مع العراقي علاء عبد الزهرة. واستحق الشاب عمر عبدالرحمن (عموري) لقب أفضل لاعب في النسخة الحادية والعشرين بعدما ساهم بقدر فعال في فوز المنتخب الإماراتي بلقب البطولة. كما فاز العراقي نور صبري بلقب أفضل حارس بعدما قاد فريقه بجدارة للمباراة النهائية للمرة الأولى منذ فترة بعيدة. وتقاسم العراقي يونس محمود والإماراتي أحمد خليل والكويتي عبدالهادي خميس صدارة الهدافين بثلاثة أهداف لكل منهم. وفي النسخة الماضية (خليجي 22)، التي استضافتها السعودية وتوج المنتخب القطري بلقبها، لعب الحارس القطري قاسم برهان دورا بارزا في فوز فريقه باللقب ليستحق جائزة أفضل حارس فيما ذهبت جائزة أفضل لاعب للسعودي نواف العابد وتوج الإماراتي على مبخوت بجائزة الهداف بخمسة أهداف. الأزرق الكويتي يهيمن على الإحصاءات والتاريخ… والسعودية أقوى المنافسين انطلقت أول أمس الجمعة منافسات كأس الخليج الثالثة والعشرين (خليجي 23) في الكويت والتي تستمر حتى 5 كانون الثاني/ يناير المقبل. وتلعب الأرقام والاحصاءات دورا كبيرا في عالم كرة القدم، ومن خلالها يمكن قياس نجاح أي بطولة أو فشلها كما أن احصاءات التهديف توضح إلى حد كبير مدى قوة الفريق وتألق النجوم في مختلف الدورات. ولم تكن كأس الخليج استثناء من ذلك حيث كانت احصاءاتها دائما مثار اهتمام شديد، بل إن وفرة الأهداف كانت دائما من العوامل التي ساهمت في زيادة الإقبال الجماهيري على المباريات في العديد من النسخ الماضية لبطولات الخليج. وشهدت بطولات الخليج السابقة تدرجا طبيعيا رائعا في المستوى، ودل على ذلك ارتفاع مستوى التهديف من البطولة الأولى حتى البطولة الرابعة التي ظلت الأعلى من حيث مستوى التهديف، لكن شهدت البطولات التالية تراجعا شديدا في عدد الأهداف، ويرجع ذلك إلى اعتماد بعض الفرق خططا دفاعية أحيانا وتراجع مستوى الهدافين عما كان عليه هدافو البطولات الأربع الأولى. ووصل عدد الأهداف في البطولات الـ22 الماضية إلى 867 هدفا، منها 260 هدفا فقط في آخر سبع دورات، رغم انضمام اليمن بداية من الدورة السادسة عشرة وارتفاع عدد المشاركين إلى ثمانية منتخبات بداية من الدورة السابعة عشرة. وأحرزت هذه الأهداف في 346 مباراة أقيمت على مدار البطولات الـ22 الماضية ليبلغ معدل التهديف 2.51 هدف في المباراة الواحدة وكان المنتخب الكويتي أكثر الفرق تهديفا حيث سجل 193 هدفا. وتوج نجمه جاسم يعقوب كأفضل هداف في تاريخ بطولات الخليج حتى الآن بعدما سجل 18 هدفا في البطولات التي شارك فيها واستطاع أن يحصل على لقب الهداف في البطولتين الثالثة برصيد ستة أهداف والرابعة برصيد تسعة أهداف. ويأتي في المركز الثاني خلفه العراقي حسين سعيد برصيد 17 هدفا سجلهما في البطولتين الخامسة (عشرة أهداف) والسابعة (سبعة أهداف) ويشترك معه السعودي ماجد عبدالله في رصيد 17 هدفا. وشهدت البطولة الرابعة تسجيل 84 هدفا في 22 مباراة بمعدل 3.82 هدف، في المباراة الواحدة لكن البطولة الثانية كانت الأفضل من ناحية المعدل التهديفي حيث أحرز خلالها 25 هدفا في ست مباريات بمعدل 4.17 هدف في المباراة الواحدة. أما أقل البطولات من حيث عدد الأهداف فكانت البطولة الأولى نظرا لمشاركة أربعة فرق فقط، فيها وشهدت 19 هدفا في ست مباريات لكن معدل الأهداف خلالها بلغ 3.17 هدف للمباراة الواحدة، ليقترب من ضعف نظيره في البطولة التاسعة التي كانت الأقل في معدل التهديف وشهدت إحراز 34 هدفا في 21 مباراة بمعدل 1.62 هدف للمباراة الواحدة. أما الدورة الماضية فكانت من الدورات المتوسطة من حيث عدد الأهداف (330 هدفا) وأيضا معدل الأهداف (2.06 هدف للمباراة الواحدة) .وخطف المنتخب الكويتي (الأزرق) الأضواء من الجميع بأرقامه في الدورات السابقة، حيث كان الأكثر فوزا باللقب، وفاز بها عشر مرات مقابل ثلاثة ألقاب لكل من العراق والسعودية وقطر ولقبين للإمارات ولقب وحيد لعمان. وكان الفريق الكويتي أكثر الفرق مشاركة في البطولة أيضا حيث شارك في جميع الدورات الـ22 السابقة بالتساوي مع قطر مقابل 21 لكل من الإمارات والبحرين والسعودية و20 لعمان و13 بطولة فقط للعراق بينما شاركت اليمن في البطولة سبع مرات فقط حتى الآن. ويتفوق الفريق الكويتي على نظيره القطري بفارق هزيل للغاية في عدد المباريات التي خاضها كل منهم في البطولة حتى الآن، حيث شارك الأزرق الكويتي في 107 مباريات مقابل 105 مباريات لقطر مقابل 103 مباريات للإمارات و102 للسعودية و99 لكل من البحرين وعمان و53 للعراق و24 لليمن. وحقق المنتخب الكويتي أكبر عدد من الانتصارات في المباريات ففاز في 56 مباراة ليكون صاحب أعلى نسبة فوز أيضا في المباريات بنسبة 52.33 بالمئة. وبخلاف المنتخب اليمني الذي شارك في آخر سبع بطولات فقط، ولم يحقق أي فوز حتى الآن، كانت عمان صاحبة أقل رصيد من الانتصارات وفازت في 16 مباراة فقط بين 99 مباراة خاضتها، لتبلغ نسبة الفوز 16.16 بالمئة وهو أقل معدل فوز أيضا بين الفرق التي شاركت في البطولة بخلاف المنتخب اليمني. أما المباريات التي انتهت بالتعادل فتملك البحرين أكبر عدد منها (31 مباراة من 99 مباراة خاضتها) فيما تستحوذ العراق على أعلى نسبة للتعادلات حيث تعادلت في 18 من 53 مباراة خاضتها بنسبة 33.96 بالمئة، رغم كونها ثاني أقل الفرق تحقيقا للتعادل بعد اليمن التي تعادلت في خمس من 24 مباراة خاضتها لتصبح اليمن أقل المنتخبات في نسبة التعادل وتبلغ 20.83 بالمئة. وتلقت عمان أكبر عدد من الهزائم (58 مباراة) لتكون صاحبة ثاني أعلى نسبة هزائم (58.58 بالمئة) بعد اليمن التي خسرت 19 من 24 مباراة بنسبة (79.16 بالمئة) أما العراق فلم يتلق سوى 11 هزيمة في 53 مباراة لتبلغ نسبة هزائمه (20.75 بالمئة) وهي أقل نسبة أيضا بين جميع المنتخبات الثمانية المشاركة في بطولات كأس الخليج. سجل الفائزين 1970: الكويت 1972: الكويت 1974: الكويت 1976: الكويت 1979: العراق 1982: الكويت 1984: العراق 1986: الكويت 1988: العراق 1990: الكويت 1992: قطر 1994: السعودية 1996: الكويت 1998: الكويت 2002: السعودية 2003: السعودية 2004: قطر 2007: الإمارات 2009: عمان 2010: الكويت 2013: الإمارات 2014: قطر أهداف الكويتي جاسم يعقوب صامدة رغم مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على اعتزاله اللعب، لا يزال المهاجم الكويتي السابق جاسم يعقوب في صدارة أبرز الهدافين في تاريخ بطولات كأس الخليج برصيد 18 هدفا. وكان بين أهداف يعقوب ستة في البطولة الثالثة عام 1974 وتسعة أهداف في الرابعة عام 1976 ليساهم بقدر هائل في فوز الفريق باللقب في المرتين ورفع رصيده إلى أربعة ألقاب حيث احتكر الأزرق الكويتي اللقب في البطولات الأربع الأولى. وعلى مدار السنوات الماضية فشل أي لاعب من نجوم الخليج الحاليين في الاقتراب من رقم يعقوب، علما أن أقرب لاعبين له في قائمة أفضل الهدافين اعتزلا منذ فترة طويلة أيضا، وهما العراقي حسين سعيد والسعودي ماجد عبدالله بفارق هدف واحد فقط خلف يعقوب، علما أن سعيد ما زال صاحب الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في دورة واحدة حيث سجل عشرة أهداف في البطولة الخامسة التي فاز بها منتخب بلاده عام 1979 .والقائمة توضح قائمة أبرز الهدافين في تاريخ البطولة : الكويتي جاسم يعقوب 18 هدفا العراقي حسين سعيد 17 السعودي ماجد عبدالله 17 الكويتي جاسم الهويدي 14 الكويتي فيصل الدخيل 14 القطري منصور مفتاح 13 الكويتي يوسف سويد 12 الإماراتي فهد خميس 10 القطري محمود صوفي 10 السعودي ياسر القحطاني 10 الكويتي بدر المطوع 10 نجوم من ذهب لمع بريقهم على مدار أكثر من أربعة عقود «خليجي 23» تنطلق |
تونس تُراهن على تطوير الطاقات المُتجددة لمجابهة نضوب النفط Posted: 23 Dec 2017 02:04 PM PST مع بواكير الستينات من القرن الماضي حط رئيس مجموعة «إيني» النفطية الايطالية إنريكو ماتيي، المعروف بتعاطفه مع بلدان شمال أفريقيا، رحاله في تونس واتفق مع رئيسها الحبيب بورقيبة على مباشرة التفتيش عن النفط في جنوب البلد وإنشاء مصفاة في مدينة بنزرت الشمالية. اغتيل ماتيي في 1962، غير أن النفط تدفق من حقل البُرمة في 1966 وانطلقت المصفاة في الإنتاج ما جعل البلد الصغير، الذي لم يُصدر قطرة نفط واحدة حتى أواسط الستينات، يغدو مُنتجا للنفط. وتشكلت لهذا الغرض «الشركة الإيطالية التونسية للاستثمار في النفط» المعروفة باسم «سيتاب»، وهي مناصفة بين «إيني» و»المؤسسة التونسية للأنشطة النفطية» (قطاع عام). وفي العقدين الأخيرين ظل المنتوج المحلي من النفط يتراجع عاما بعد آخر، مما شكل ضغطا على الموازنة، بسبب الاضطرار إلى توريد حاجات البلد من السوق الدولية. وتناقص المنتوج بمعدل 10 في المئة سنويا، إذ كان يبلغ 81 ألف برميل في اليوم سنة 2009، وانخفض في 2015 إلى 55 ألف برميل في اليوم، وهو لا يتجاوز حاليا 44 ألف برميل. ويُعزى تراجع المنتوج من النفط الخام إلى نضوب أقدم حقل، وهو حقل البُرمة. وحاولت مجموعة «إيني» مغادرة تونس بعد الثورة، جراء كثرة الاحتجاجات العمالية، لكن تم إقناعها بالبقاء. وفي جميع الحالات فإن ما تبقى من العمر الافتراضي للحقل قد لا يتجاوز عشر سنوات. كما أدت الاضطرابات التي شهدتها محافظة قبلي (جنوب) في الشهر الماضي إلى توقف الانتاج تماما في بئرين بالمنطقة. وعادة ما تعتمد البلدان التي تشبه أوضاعُها أوضاع تونس، على الشركات النفطية الكبرى للقيام بأعمال المسح الجيولوجي والتفتيش عن مصادر الطاقة، لأن الاستكشاف يتطلب استثمارات ضخمة، وهو غير مضمون النتائج، ما يجعل دولة محدودة الموارد مثل تونس، مُعرضة لتحمُل خسائر كبيرة، ولذا فإن الشركات العملاقة هي وحدها التي تستطيع الإقدام على هذا النوع من المراهنة. وبعد التوصُل إلى اتفاق بين الطرفين، وفي حال اكتشاف مخزون من المحروقات، فإن الدولة التونسية توقع مع الشركة اتفاقا جديدا تتقاسم معها بموجبه النفقات التي صُرفت على التفتيش والحفر والاستخراج، كما تتقاسمان أيضا المنتوج. وتتولى «المؤسسة التونسية للأنشطة النفطية» تمثيل الدولة في هذه العمليات، بوصفها شريكا للمستثمرين الأجانب، على قاعدة التناصف. أعباء متزايدة ويُضاعفُ ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية من أعباء تونس، إذ تم إعداد الموازنة الجديدة مثلا على أساس سعر مرجعي للنفط يُعادل 55 دولارا للبرميل الواحد، بينما ارتفع السعر إلى 62 دولارا حاليا، وهو مُرشح للزيادة. كما أن انزلاق الدينار سيزيد من كلفة البرميل المستورد. وعلى سبيل المثال وجدت الحكومة نفسها مُجبرة على اقتراض 310 مليون دولار من البنك الاسلامي للتنمية من أجل ضمان استمرار تزويد البلد بالمحروقات. وتُؤثر عمليات الاحتجاج الجماعية، وخاصة الاعتصامات في مواقع إنتاج النفط والغاز، تأثيرا سلبيا بالغا في ميزان الطاقة. وبحسب المجلة الاقتصادية «أفريكان مناجير» بلغت كلفة توقف انتاج النفط والغاز خلال سنة 2017، حوالي 980 مليون دينار (نحو 400 مليون دولار). وركز التونسيون على الغاز الطبيعي منذ ثمانينات القرن الماضي، بوصفه مصدر طاقة أرخص وأنظف من النفط. وشجع على هذا الخيار العثور على آبار غاز في عدة حقول، بالإضافة لتقاضي تونس رسوما على مرور أنبوب الغاز الجزائري نحو إيطاليا المعروف بـ»ترانسميد» عبر أراضيها منذ العام 1983. وأتاحت الوفرة النسبية للغاز الطبيعي توصيل شبكة توزيع الغاز إلى عدة مُدن لاستخدامه في المصانع والفنادق والبيوت، ما ساهم في التخفيف من الأزمة الطاقية. لكن مع تناقص منتوج الغاز في الحقول التقليدية طيلة الفترة الماضية، يُتوقع أن يتحسن ميزان الطاقة، مع الانطلاق في تنفيذ مشروع «غاز الجنوب»، الذي سيضخ الغاز إلى مدن الجنوب بواقع 2.4 مليون متر مكعب من الغاز المعالج، أي ما يُقارب نصف استهلاك البلد من الغاز الطبيعي. وتُقدرُ كلفة هذا المشروع، الذي يُسمى «مشروع نوَارة» بـ2.9 مليار دينار (1.2 مليار دولار). تطوير الطاقات المتجددة غير أن الاتجاه نحو تطوير الطاقات المتجددة يبدو الخيار الأفضل لتأمين حاجات البلد من مصادر الطاقة، بسبب قلة الكلفة، مع ضمان المحافظة على البيئة. وتأتي في مقدمة مصادر الطاقة المتجددة الشمس والرياح، إذ يصل عدد الأيام المُشمسة في تونس إلى 300 يوم في السنة. وستُقام في الجنوب محطة لإنتاج الطاقة الشمسية تُنتج 210 ميغاوات في إطار شراكة بين القطاعين الخاص والعام (الشركة التونسية للكهرباء والغاز). وتلقت السلطات أخيرا 69 عرضا تخص تنفيذ القسط الأول من المشروع، ومن المتوقع أن يتم اختيار أفضل عرض في الربع الأول من العام المقبل. أما القسط الثاني فيُتوقع أن يعطي 200 ميغاوات. وأطلقت الشركة التونسية للكهرباء والغاز أول مشروع في هذا المجال في مايو الماضي في مدينة توزر الجنوبية، وهو يُنتج 10 ميغاوات، ثم مشروعا آخر بمحافظة قبلي (جنوب) سيُنتج 80 ميغاوات، وهي تجربة مع القطاع الخاص، سيتم تقويمها ودراستها لاحقا. وتشير التقديرات إلى أن تونس ستنتج ألف ميغاوات في حدود 2020، فيما يصل الاستهلاك في فترات الذروة إلى 4000 ميغاوات. مع ذلك تأمل تونس أن تنتج وتُصدر الطاقة الشمسية، في إطار مشروع الربط الكهربائي مع أوروبا، عن طريق إيطاليا، والذي تبــلــغ كلــفته التــقـــديرية 500 مليــون دولار، وسينقل 600 ميغاوات. وهذا المشروع قابل للمضاعفة، ومن بين أهدافه تحريك القطاع الخاص لكي يُباشر إقامة مشاريع مشتركة مع القطاع العام في هذا المجال. ومن شأن الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية، اللتين ستُغطيان نحو 30 في المئة من حاجات البلد في أفق 2030، أن تساعدا في إنشاء مشاريع في المناطق الداخلية، لأن إقامة حقول للواقط الشمسية وطواحين الريح لا تتطلب استثمارات ثقيلة من النوع الذي يتطلبه البحث والتفتيش عن النفط والغاز. وبتعبير آخر فإن هذه المشاريع تعتبر قاطرة للتنمية المحلية، بشرط توافر البنية الأساسية، وخاصة من الطرقات، وهذا ينعكس بدوره إيجابا في إيجاد فرص عمل جديدة، وإن كانت مشاريع الطاقة الشمسية تُشغل أعدادا كبيرة من العاملين في البداية ثم تتناقص حاجتها إلى الأيدي العاملة لاحقا. وأثبتت المشاريع التي أقيمت في تلك المناطق جدواها الاقتصادية، مثل إنتاج التمور في منطقة البرمة على مساحة 50 هكتارا، إضافة إلى خمس مناطق إنتاج زراعي أخرى. شُبُهات فساد يُعتبر قطاع المحروقات في العالم من أكثر القطاعات التي يكثر فيها الفساد والتي تقترن بقلة الشفافية وكثرة الرشاوى، بحكم ضخامة حجم المشاريع وأهمية الامكانات المالية. وفي أكثر من بلد، كان قسمٌ من الشركات النفطية العملاقة يطفو على سطح وسائل الإعلام بفضيحة من فضائح الفساد. وفي تونس لاحق القضاء بعد الثورة التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي ثلاثة من المديرين السابقين للمؤسسة التونسية للأنشطة النفطية في مايو 2014 وحقق معهم لشبهات فساد. إلا أن وزارة الصناعة آنذاك (التي كانت ترعى قطاع النفط) نفت وجود أية شبهات فساد في القطاع، بينما أوردت هيئة المحاسبات في تقريرها السنوي الرقم 27 أن شبهات فساد تحوم حول المسؤولين الثلاثة. وتجدر الاشارة في هذا السياق إلى أن بعض الشركات الأجنبية العاملة حاليا في قطاع النفط التونسي مُسجلة في بلدان تُعتبر ملاذات جبائية مثل جزر كايمان وبربادوس. ومنذ سنة 2000 بات اختيار الشركات النفطية التي يُعهد لها بالمسح والتفتيش والحفر لاستخراج النفط والغاز موكولا إلى «لجنة استشارية» يرأسها مدير عام الطاقة في وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة (وزارة الصناعة سابقا)، ويتمثل أعضاؤها في عدد من المديرين العاملين في الوزارات ذات العلاقة، إضافة إلى ممثل عن المصرف المركزي، ما يعني أن البرلمان لم يكن ممثلا فيها. وسحب الدستور الجديد الصادر في 26 كانون الثاني/يناير 2014 تلك الصلاحيات من «اللجنة الاستشارية»، وحولها إلى لجنة الصناعة والطاقة في «مجلس نواب الشعب»، ما قد يحدُ من مزالق الفساد، وإن كانت الثغرات مازالت قائمة. تونس تُراهن على تطوير الطاقات المُتجددة لمجابهة نضوب النفط رشيد خشانة |
سلطات الرقابة المالية في ألمانيا تحذر المستثمرين من عملة «بيتكوين» Posted: 23 Dec 2017 02:04 PM PST في ظل التذبذب الكبير لعملة «بيتكوين» الافتراضية، حذرت سلطات الرقابة المالية في ألمانيا من الاستثمار في العملة المشفرة. وقال رئيس هيئة الرقابة المالية، فيليكس هوفلد، في تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية الصادرة أمس: «الأمر يدور حول عمليات مضاربة عالية تنطوي على خطر الخسارة الشاملة». وأضاف أن من المتوقع أن يكون هناك تجاوزات تؤدي إلى خسائر فادحة، داعيا المستثمرين إلى الحرص البالغ. وذكر هوفلد أنه يتعين على المستثمر أن يعلم «أنه من الممكن أن يخسر كافة أمواله في أسوأ الحالات». وأعلن أن هيئته ستتابع التطورات عن كثب، موضحا في المقابل أن الهيئة تقع على عاتقها الآن مهمة تعلم كبيرة لفهم كيفية التعامل مع هذا المجال. تجدر الإشارة إلى أن اثنين من أكبر الأسواق المالية في الولايات المتحدة تقوم حاليا بتداول عقود آجلة بعملة بيتكوين، لتصبح بذلك العملة الافتراضية متداولة في السوق المالي التقليدي. ومنذ بداية هذا العام ارتفعت بشدة قيمة عملة «بيتكوين»، المتداولة على الإنترنت، حيث قفزت من نحو ألف دولار إلى ما يقرب 20 ألف دولار، لتنخفض قبيل عيد الميلاد (الكريسماس) إلى 12 ألف دولار. وكلما ارتفع سعر بيتكوين، تعالت الأصوات من أوساط سياسية وبنوك مركزية بالمطالبة بوضع قواعد منظمة لتداول هذه العملة. وكان رئيس البنك المركزي الألماني، ينز فايدمان، حذر مؤخرا من المخاطر التي تنطوي عليها العملة، حيث قال يوم الاثنين الماضي في فرانكفورت: «إنها استثمارات تقوم على المضاربة من الممكن أن تسفر عن خسارة الأموال». وذكر فايدمان أن وصف عملة «بيتكوين» أنها «عملة رقمية» مضللة، وقال: «وسيلة الدفع يتعين أن تبدي استقرارا لقيمتها. هذه السمات غير متوفرة في بيتكوين». (د ب أ) سلطات الرقابة المالية في ألمانيا تحذر المستثمرين من عملة «بيتكوين» |
«البليلة» و«الحلبسة» ضالة الباحثين عن الدفء في شتاء مصر Posted: 23 Dec 2017 02:04 PM PST بأشهر مذاقين ساخنين حلو وحار؛ يتجمع العشاق على جسور النيل في مصر، حول عربات خشبية زاهية الألوان تُقدم أطباق «البليلة» الحلوة، وأكواب «حمص الشام» الحارة، ليستمدوا منهما الدفء في ليالي الشتاء الباردة. فمع هطول الأمطار التي بدأت تداعب شوارع مصر، تفترش عربات «البليلة» و»حمص الشام» الشوارع والجسور، وتقدم في أطباق وأكواب ساخنة ينبعث منها روائح تجتذب المارة. و»البليلة» الاسم الشائع لوجبة شعبية مصنوعة من القمح الممزوج باللبن الساخن، أما «حمص الشام» أو ما يسميه المصريون بـ»الحلبسة» فهو مشروب يصنع من الحمص المطهو في التوابل. وهذان اثنان من أطعمة ومشروبات كثيرة يشاع عنها مقاومة برودة الشتاء بمصر. على أحد أرصفة ميدان الجيزة (غربي القاهرة) يتخذ أحمد الاسكندراني موقعا مميزا بعربة خشبية لبيع «البليلة». الاسكندراني لم يمنعه التراجع إلى الخلف لإفساح الطريق أمام المارة من اجتذاب عشاق طبق الحلوى الساخن المصحوب بكلماته التقليدية «تعالى الحلو يا بيه». إناء من الألومنيوم مملوء بالقمح واللبن على نار موقد يتوسط العربة، إلى جانبه أطباق بلاستيكية متراصة يضاف إليها السكر والزبيب، لتقدم كوجبة ساخنة تسد جوع محبيها وتجلب الرزق لصانعيها في الشتاء. ويقول الاسكندراني (29 عاما)، إن «البليلة من الحلويات، وهي طعام مصري خالص معروف في مصر منذ عشرات السنين». بوتيرة عمل تقليدية تبدأ مع غروب الشمس وتنتهي مع انتصاف الليل، يؤكد الاسكندراني أن وجبة البليلة يفضلها المصريون ليلا، لأنها مكونة من القمح واللبن والسكر والزبيب، وكلّها مكونات حلوة المذاق وتساعد على التدفئة. ويقول إن متوسط الربح اليومي من عربة البليلة لا يتجاوز 100 جنيه (حوالي 5 دولارات أمريكية)، فهي مصدر رزقه وأشقائه منذ 5 سنوات ووالدهم من قبلهم، إذ يعملون على عربات مماثلة في أحياء أخرى بالقاهرة. «لكنها مهنة شتوية» بهذه الجملة يوضح الاسكندراني أنه يبحث عن مهنة أخرى في الصيف، بينما يواصل والده العمل على تنظيف القمح الذي يشتريه من أحد المزارعين، تجهيزا للموسم. وفي أحد شوارع الشهيرة بالحي ذاته، يقف حمودة سلامة، (35 عاما) يبيع أطباق البليلة الساخنة طوال الليل. ويقول إن بعض الأسر تأتي إليه في هذه المنطقة الشعبية ليحصلون على وجبة حلوة المذاق، زهيدة السعر. ويضيف أنه يصنع أطباق البليلة في منزله بمساعدة زوجته، قبل أن يخرج بها إلى الشارع ويعود بعد منتصف الليل إلى منزله بالأطباق الفارغة. ويزاحم حلوى «البليلة» في ليل الشتاء الطويل بمصر، مشروب آخر يلقى قبولا أوسع بين العشاق ومحبي الترجل على شاطئ نيل مصر، وهو «حمص الشام» أو الـ»حلبسة». فما إن تميل الشمس ناحية الغروب وتختفي خلف برج القاهرة شاهق الارتفاع (187 مترا) يبدأ العم إبراهيم الخمسيني، في تجهيز الأكواب على عربته الخشبية بمحاذاة السياج الحديدي الممتد على شاطئ النهر بمنطقة الجيزة، غربي القاهرة. ويبدأ إبراهيم بوضع الأكواب الملونة وزجاجات الشراب الحارة على عربة خشبية زاهية الألوان، ومن حوله يتدافع العشاق الذين يزداد عددهم كلما اتسعت رقعة الأضواء الخافتة على نهر النيل. ويقول العم إبراهيم إن سعر الكوب من شراب حمص الشام لا يتجاوز 5 جنيهات (30 سنتا أمريكيا)، وأكثر زبائن «الحلبسة»، من العشاق أو حديثي الزواج الذين يفضلون تناوله أثناء التنزه على ضفاف النهر. ويضيف أن مهنته تدر عليه دخلا يوميا يقدر بحوالي 70 جنيها (4 دولارات أمريكية)، وهو مبلغ يكفيه لإعالة أسرته. لكن «عم إبراهيم» يشتكي مصادرة عربته أحيانا من قبل شرطة البلدية التابعة لمحافظة القاهرة، وهو ما قد يعرضه لدفع غرامة مالية قد تصل لـ500 جنيه (حوالي 28 دولارا). ويقول مجدى نزيه، أستاذ التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية (حكومي)، إن القمح – المكون الأساسي في أطباق البليلة- يعتبر من المصادر الرئيسية للنشويات التي تمد الإنسان بالطاقة، خاصة في الشتاء. ويضيف، أن الحمص – المكون الرئيسي في أكواب «حمص الشام» أيضا- ينتمي لفئة البقوليات وهي الأطعمة الغنية بالبروتين لبناء عضلات وأنسجة الجسم. ويؤكد أن هذه المواد الغذائية تمد جسم الإنسان بالطاقة اللازمة لعملية التدفئة في فصل الشتاء، غير أنه ينصح بضرورة تناول أطعمة تحوي نشويات مع مشروب «حمص الشام» ليكون أكثر فائدة. وفصل الشتاء في مصر يبدأ من 21 ديسمبر/كانون الأول وينتهي في 20 مارس/آذار. (الأناضول) «البليلة» و«الحلبسة» ضالة الباحثين عن الدفء في شتاء مصر |
قصر بن سلمان الجديد في ظل التقشف يثير الجدل على «تويتر» Posted: 23 Dec 2017 02:03 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: أثار الكشف مؤخراً عن قصر جديد اشتراه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عاصفة من الجدل والانتقادات على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» وذلك بسبب أن الكشف يأتي متزامناً مع الحملة التي طالت عدداً من الأمراء ورجال الأعمال تحت ذريعة مكافحة الفساد في السعودية، أما عملية شراء القصر ذاته فتبين أنها تمت بالتزامن مع حالة التقشف التي بدأها الأمير في المملكة. وكشفت جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية قبل أيام أن بن سلمان اشترى قصراً فارهاً في فرنسا مقابل 300 مليون دولار قبل نحو عامين في مدينة «فرساي» الفرنسية، ولم يعلم أحد في ذلك الحين من هو المشتري، إلا أن الصفقة أثارت الانتباه على اعتبار أن المنزل هو أحد أغلى وأفخم المنازل في العالم. ونشرت مجلة «فورتيون» المتخصصة في أخبار الأغنياء ورجال الأعمال في ذلك الحين صور المنزل الذي بيع مقابل هذا المبلغ وقالت إنه «الأغلى في العالم». فيما قالت تقارير صحافية إن المنزل يحتوي على نافورة مصنوعة من الذهب الخالص، كما أنه يتضمن حديقة تبلغ مساحتها 57 هكتاراً، لكن كافة وسائل الإعلام لم تتمكن حينها، أي في العام 2015 من تحديد هوية مشتري العقار ليتبين أخيراً أنه الأمير السعودي محمد بن سلمان، حسب ما تؤكد «نيويورك تايمز». وينضم هذا القصر إلى جملة المبالغ الفلكية التي أنفقها الأمير الشاب منذ وصول والده إلى الحكم في السعودية قبل نحو ثلاث سنوات، حيث اشترى مؤخراً لوحة فنية مقابل 450 مليون دولار أمريكي، وهو أكبر مبلغ تم دفعه في تاريخ البشرية مقابل لوحة فنية، كما كانت وسائل الإعلام الأمريكية كشفت أيضاً في وقت سابق أن الأمير اشترى يختاً فارهاً عندما زار فرنسا مقابل 550 مليون دولار. وأثار خبر شراء القصر في فرنسا موجة جديدة من الانتقادات للأمير على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أن تكلفة القصر واليخت واللوحة بلغت في مجملها 1.3 مليار دولار أمريكي (4.8 مليار ريال سعودي) فيما يصل ثمن القصر وحده الذي تم الكشف عنه مؤخراً إلى مليار ريال، وهو ما أغرى النشطاء على الانترنت الى إطلاق الوسم (#مبس_يشتري_قصراً_بمليار_ريال) وهو الوسم الذي انتشر على «تويتر» واستقطب أعداداً كبيرة من المغردين. وكتب المغرد السعودي تركي الشلهوب: «المواطن يدفع الضرائب ليشتري سموّه قصرا ولوحة ويختا». أما المعارض السعودي الساخر الذي يطلق على نفسه اسم عمر بن عبد العزيز فكتب يقول: «تخيل عزيزي المواطن كيف تشتري ضريبتك المضافة كنبا للقصر أو طاولة وهذا ما نسميه تلاحم الشعب مع القيادة». أما عبد الله الغامدي فكتب معلقاً: «معلومة للشعب: المصاريف التي تم تبذيرها من أموالكم في عهد سلمان منذ توليه للحكم قبل 3 سنوات تكفي لحل أزمة السكن والفقر والبطالة. فماذا لو حسبنا تبذير ملوك آل سعود السابقين!؟ نحن لم نكن نبالغ عندما نقول: أن زوال حكم المفسدين آل سعود سينهي جميع معاناتكم». وكتب بدر الرشيد: «إذا أضفنا قيمة القصر الى قيمة اليخت واللوحة، إجمالي مصاريف طويل العمر لعام 2017 تبلغ 4.5 مليار ريال. قطيع المغفلين فقط من يصدق شعاراته الرنانة التي يدعي فيها أنه محارب للفساد». وغرد سعودي آخر ساخراً بالقول: «أحسنوا الظن ممكن يبي (يريد) يسكن المواطنين فيه». وكتب علي مراد على «تويتر» معلقاً: «الرد الموحَّد للذباب الإلكتروني على خبر شراء محمد بن سلمان للقصر في فرنسا: «هو شاري من مال أبوك؟» نعم هو من مال آباء وأمهات الشعب الذي سُعوِد واستُعبِد ونُهِبَت ثرواته باسم طاعة ولي الأمر». وعلق الدكتور حزام الحزام ساخراً أيضا: «لا الريتز جاب نتيجه جميلة.. 2018 بنشوف الضرايب وش يشتري فيها .. لوحه جديده !! لربما». أما السعودية مرام العنزي فكتبت: «الضرائب الي ندفعها هذي هي، راحت قصر لطويل العمر وحنا نحفر شهر عشان يروح من رواتبنا كل شهر مبلغ جزائي لترفيهه اما الميزانيه جزيه للروم». بالمقابل قال أحد المغردين: «إن صح الخبر عساه عامر يا ولي عهدنا المحبوب، وتعسا للحساد، سموه يملك المال ومن حقه أن يتمتع بماله كيفما بشاء، عداؤكم لن يأبه به سموه وكذلك نحن الشعب لا يهمنا ما تقولون». كما كتبت ندى التاروتي في تأييد الأمير قائلة: «من حقه يشتري قصر له لأنه هو يستاهل كل شي فرحنا الله يفرحه». فيما كتب آخر: «هُم أهل التجاره والأملاك والخير، والملك سلمان له أصول كثيره في الدرعية والأمير محمد شخصية تجارية من يوم وهو صغير». وغرد محمد بن جليغم مبرراً: «الأمير محمد بن سلمان معروف عنه تاجر قبل أن يصبح ولي عهد». وكتب آخر: «الملك سلمان وأبناؤه من خيرة أسرة آل سعود المباركة وهو يعتبر أمين وقائد للمملكة ويشهد له بالنزاهة والأمانة». وكانت جريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية كشفت في وقت سابق أن الأمير محمد بن سلمان يعتزم بناء سلسلة قصور جديدة ومنتجعات فارهة مطلة على البحر الأحمر ستكلف المملكة مليارات الدولارات، وقالت إن القصور والمنتجعات التي يجري العمل عليها تم تكليف شركة معمارية أمريكية رفيعة المستوى في لوس أنجلوس برسم تخطيطاتها. وحسب المعلومات التي نشرتها «نيويورك تايمز» فان الأمير محمد بن سلمان وشريكه الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان آل سعود تقدما لشركة «برينت ثومبسون» للهندسة المعمارية ومقرها لوس أنجلوس طالبين منها تصميم مجمع منتجعات ضخم بالقرب من جدة. وجاء في التوصيف المدون في موقع الشركة على الإنترنت إن «بتلات هذه الزهرة الاستوائية تشكل سلسلة من الأطواق الخصوصية في كل واحد منها يقام قصر من القصور السبعة، بشواطئه الخصوصية، وبيوت الضيافة، والحدائق، ومرافق الألعاب المائية التابعة له». وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه المعلومات تؤكد أن «الحملة ضد الفساد في السعودية انتقائية» مشيرة إلى أنها ـ أي الحملة ـ لا تستند إلى القانون. كما كشفت الصحيفة أيضاً أن أميراً مقرباً من بن سلمان اشترى لوحة فنية في مزاد علني مقابل 450 مليون دولار، لتكون أغلى لوحة تم بيعها في تاريخ البشرية. قصر بن سلمان الجديد في ظل التقشف يثير الجدل على «تويتر» |
السودان تعتقل رئيس تحرير بعد موجة مصادرات للصحف Posted: 23 Dec 2017 02:03 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: اعتقلت أجهزة الأمن السودانية رئيس تحرير صحيفة «الوطن» يوسف سراج الدين بعد موجة مصادرات استمرت أسبوعين وطالت العديد من الصحف التي يتم مصادرتها في كل مرة بعد الطباعة وإتلاف نسخها بما يُكبدها خسائر مالية كبيرة. وفي أحدث حملة تستهدف وسائل الإعلام المقروءة في السودان اعتقل جهاز الأمن والمخابرات السوداني رئيس تحرير صحيفة الوطن يوسف سراج الدين فجر الإثنين الماضي بالتزامن مع مصادرة صحيفته من المطبعة، على أن قوات الأمن أطلقت سراحه في ساعة متأخرة من ليل اليوم ذاته بعد التحقيق معه ودون أن توجه له أي تهم. وحسب المعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام في السودان فإن سراج الدين اقتيد من منزله عند حوالي الساعة الواحدة فجراً وتم اعتقاله في مكان مجهول دون تهمة ولا محاكمة. وأدان المدير العام لجريدة «الوطن» يوسف سيد أحمد الطريقة التي اعتقل بها رئيس تحرير الصحيفة دون إخطار اتحاد الصحافيين، وقال لوسائل إعلام محلية في السودان إنه «لا يوجد أي سبب لاعتقال رئيس التحرير بدون توضيح الأسباب». وأضاف: «لا يوجد سبب لاعتقاله سوى وقوفه مع المواطن في الغلاء الواقع عليه». وجاء اعتقال الصحافي يوسف سراج الدين ليوم كامل دون أي تهمة متزامناً مع حملة مصادرات غير مسبوقة تستهدف الصحف في السودان وتكبدها خسائر مالية ضخمة تهدد بانهيارها. وبدأت الحملة أواخر الشهر الماضي وطالت حسب ما رصدت «القدس العربي» أربع صحف هي: صحيفة «التيار» و»الجريدة» و»الوطن» و»آخر لحظة». وجاءت المصادرة بعد إتمام الطباعة وقبل البدء بالتوزيع وهو ما كبد الصحف خسائر مالية فادحة خاصة وأن المصادرة تكررت على أكثر من يوم ولم تتوقف عند عدد واحد فقط، فيما لم تفصح أجهزة الأمن عن سبب المصادرة والمنع من التوزيع، بينما انتشرت حالة من الغضب والاستياء في أوساط الصحافيين السودانيين. ويسود الاعتقاد في أوساط الصحافيين والحقوقيين أن السلطات تتعمد معاقبة المؤسسات الصحافية بتكبيدها خسائر مالية كبيرة. وقالت مصادر صحافية في السودان إن عملية المصادرة تُكلف كل صحيفة نحو 300 ألف جنيه سوداني (50 ألف دولار أمريكي تقريباً) كخسائر صافية. وأصدر اتحاد الصحافيين السودانيين بياناً استنكر عمليات المصادرة وكافة أشكال التدابير الاستثنائية بحق الصحف، وقال الاتحاد إن المصادرة تُضعف مساحة الحرية والحصول على المعلومة، داعياً إلى الإحتكام للقوانين المنظمة لمهنة الصحافة. وأكد البيان أن الاتحاد في حالة انعقاد دائم وتشاور مستمر مع الجهات المسؤولة في الدولة لتجاوز الواقع الراهن وتمكين جميع الصحف من الصدور والحفاظ على مناخ الحريات في البلاد، محذراً في الوقت ذاته من أن «مصادرة الصحف ستخلف مناخاً غير موات للتبشير بأي تغيير يتناغم مع مرحلة الانفتاح السياسي التي تبشر بها الحكومة». ويتحدث بعض الصحافيين في السودان عن أن عمليات المصادرة التي تشكل عقوبات قاسية للصحف وتكبدها خسائر مالية كبيرة قد تؤدي في النهاية إلى انهيارها، حيث أن الخسائر لا تتوقف على تكاليف الطباعة، وإنما تمتد إلى تكاليف التشغيل اليومي للعاملين والصحافيين وكذلك خسارة الإعلانات التي كان من المفترض أن يتم نشرها في الجريدة المصادرة. السودان تعتقل رئيس تحرير بعد موجة مصادرات للصحف |
تركيا: دعاوى قضائية ضد مواقع للزواج متهمة بالتمييز! Posted: 23 Dec 2017 02:03 PM PST هناك عدة مواقع على الانترنت في تركيا تقول إنها تساعد المتزوجين على إيجاد شريك آخر، الأمر الذي يثير استياء منظمات حقوق المرأة. وبالرغم من إغلاق أحد أشهر تلك المواقع، لايزال بعضها الآخر مستمرا في تقديم تلك «المساعدة». بالرغم من أنه لم يمضِ وقت طويل على انطلاقته، فقد تم حظر موقع (evlilikci.com) الذي كان يريد تمكين المتزوجين من العثور على شريك ثانٍ على الانترنت، وذلك «وفقاً للقواعد الدينية»، بحسب ما كان يقوله الموقع. وكان الموقع يفتخر -حتى إغلاقه الأسبوع الماضي ـ بأنه الأول من نوعه في تركيا والثالث عالمياً بعد موقعين في كل من بريطانيا وإندونيسيا، في تقديم عروض من هذا النوع. وبحسب الموقع فإن بضع نقرات كافية لإخراج الرجال والنساء الحزينين من حالتهم البائسة. وكان الموقع ـ قبل إغلاقه ـ يصنف عُملاءَه كالتالي: ـ الرجال الذين -ولأسباب متعددة ـ لا يرغبون في الانفصال عن شريكاتهم، بالرغم من أنه لم تعد لهم علاقة بهن. ـ النساء اللواتي -ولأسباب متعددة ـ لا يرغبنَ في الزواج ولا في «ارتكاب الخطيئة» بنفس الوقت. ـ النساء اللواتي يرغبن أن يكُنّ مع رجل متزوج. ـ النساء اللواتي في حالة ميؤوس منها وقد ينجرفنَ إلى البغاء. ـ الرجال والنساء، الذين يريدون إرضاء حاجاتهم من دون أن يرتكبوا «الخطيئة». ـ جميع الذين يرغبون في الزواج. وبعد أن أصبح الموقع مشهوراً خلال فترة قصيرة، فقد أثار موجة من الاستياء، حيث قام اتحاد الجمعيات النسائية في تركيا برفع دعوى ضده لدى النيابة العامة في أنقرة، قائلاً في بيانه: «إن المنصة تستخدم الجسد الأنثوي لممارسة التمييز بين الجنسين، وتستخدم لذلك الطقوس الدينية». كم مرة تصلي؟ لكن صاحب الموقع الذي كُتبت فيه بعض الآيات من سورة «النساء» في زاوية «من نحن»، غير معروف حتى الآن. وبالرغم من إغلاق المنصة بتوجيهات من مكتب المعلومات والاتصالات، فمازالت مواقع مشابهة موجودة. اثنان منها هما موقعا «الزوجة الثانية» و «النساء السوريات». ولكي يصبح المستخدم عضواً في منصة «الزوجة الثانية»، عليه أن يجيب على سلسلة من الأسئلة الشخصية. فإلى جانب السؤال عن الوضع العائلي، يجب عليه أن يجيب على سؤال حول طائفته وإن كان مسلماً أم لا، وعدد المرات التي يصلي فيها في اليوم. وفي الموقع مستخدمون من العديد من دول العالم أيضاً. مخلوقات صغيرة مثل نسائنا السوريات اللواتي يرغبن في الزواج» أو «ما تحبه النساء السوريات». وإذا ما قمت بالدخول إلى الموقع، ستجد تحيزات جنسية مختلفة حول النساء السوريات اللواتي اضطررن إلى الفرار إلى تركيا بسبب الحرب في بلدهن، ومكتوب فيه على سبيل المثال: «السوريات هن مخلوقات صغيرة مثل نسائنا، وفي بلادنا ازداد عدد الشبان الراغبين في الزواج من امرأة سورية، وكذلك عدد الرجال المتزوجين الذين يرغبون في أن يكونوا مع امرأة سورية. ولأن النساء السوريات لا يهمهن الزواج، يمكن للرجال العيش معهن دون الزواج منهن». أريد أن أتزوج امرأة سورية» ولإبعاد الانطباع أنه يمكن من خلاله استغلال النساء اللواتي هربن من البلد المجاور الذي مزقته الحرب لسنوات، تقول المنصة: «إن الرجال ينجزون عملاً صالحاً، عندما يستخدمون العرض المقدم من المنصة»، ويتابع «ولأن نفسية هؤلاء النساء قد تضررت، فإن الزواج يحميهن من الاستغلال»، مضيفة «يمكنك بذلك أن تساعد أولئك النساء على أن يشعروا أنهم في حال أفضل». وعلى الموقع يمكن قراءة رسائل بعض الرجال. أحدهم كتب: «أنا عمري 30 سنة، وأريد الزواج من امرأة سورية. ويمكن أن تكون متزوجة سابقاً». وكتب آخر: «أريد أن أتزوج عزباء سورية، في منتصف العمر». الزواج من موقف أخلاقي تقول كولسرن كابلان التي تعمل في مركز النساء بمدينة أورفا في جنوب شرق تركيا إن الزواج من أكثر من زوجة ليس شيئاً جديداً، خصوصاً في المناطق الريفية، وتضيف أن عدد الرجال الذين تزوجوا سورية في زواجهم الثاني قد ازداد بنسبة كبيرة، وتتابع: «هؤلاء النساء هربن من الحرب. بعض الرجال يدّعون أنهم يتزوجونهنّ كي يساعدونهن، انطلاقا من موقف أخلاقي. والكثير منهم هم من الذين ليس لديهم أولاد أو أبناء ذكور». سأجلب لنفسي زوجة ثانية من سوريا إحدى الناشطات التي تعمل في أورفا والمناطق التي حولها ولم ترد أن يتم ذكر اسمها لأسباب أمنية، تحدثت عن تجربتها، وقالت إن بعض النساء أخبرنها أن رجالهن يهددونهن أنه إن لم يكونوا راضين عنهن فإنهم يقولون: «سأجلب لنفسي زوجة ثانية من سوريا». وحسب الناشطة فإن الشيء الجديد في هذه المسألة يتعلق بالجانب المادي أيضاً، وتوضح: «سابقاً، كان الأغنياء هم الذين يتزوجون مرة ثانية، لأن من كان يقوم بذلك كان يجب أن يتحمل التكاليف أيضاً. أما اليوم فقد أصبح الأمر أسهل، فلا يجب على الرجل أن يمتلك المال لذلك. اليوم يستطيع أي شخص أن يقوم بذلك». ( Dw) تركيا: دعاوى قضائية ضد مواقع للزواج متهمة بالتمييز! |
قراصنة الانترنت يكثفون استهدافهم للضحايا خلال أعياد الميلاد Posted: 23 Dec 2017 02:03 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: لفتت شركة عالمية متخصصة في أمن المعلومات ومكافحة القرصنة أن الهجمات الالكترونية تزداد بالتزامن مع موسم أعياد الميلاد ورأس السنة، حيث يعتبر قراصنة الانترنت هذا الوقت من السنة موسماً مهماً لتكثيف الهجمات نتيجة زيادة المبيعات على الانترنت وزيادة اقبال المتسوقين على الشراء باستخدام بطاقاتهم المصرفية. وحسب تقرير صادر عن شركة «كاسبرسكي لاب» المتخصصة بمكافحة القرصنة، فان مجرمي الإنترنت يطمعون أيضا في الهجوم على المتاجر في ظل العائدات المتزايدة لها خلال فترة أعياد الميلاد ورأس السنة، مستغلين مكامن الضعف في أنظمة نقاط البيع. ودعت الشركة الأمنية في تقريرها المستخدمين والشركات إلى مزيد من الحذر خلال التعامل على الانترنت وإتمام عمليات البيع والشراء، كما حثت على اتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية شبكاتها الالكترونية. وأظهر تقرير «اقتصادات أمن تقنية المعلومات» الذي أعدته «كاسبرسكي لاب» أن ما نسبته 77 في المئة من الشركات في العالم تعرضت لنوع من الهجمات الإلكترونية خلال الأشهر الاثني عشر الماضية. وحسب التقرير فان الوضع يزداد سوءاً في موسم الأعياد الذي يشهد إقبالاً واسعاً من المتسوقين على المتاجر، لا سيما في أوقات التخفيضات، ما يجعل مجرمي الإنترنت يطمعون في الهجوم على المتاجر في ظل العائدات المتزايدة، مستغلين مكامن الضعف في أنظمة نقاط البيع، من خلال اللجوء إلى هجمات ما يُعرف بـ»الحرمان من الخدمة» وهجمات «نقاط البيع» وهما النوعان اللذان شهدا تصاعداً في الفترة الأخيرة. وتحدث التقرير عن حدوث ارتفاع مفاجئ على مدى العام الماضي وصلت نسبته إلى 16 في المئة في هجمات الحرمان من الخدمة «DDoS» والهجمات التي تستغل مكامن الضعف في أنظمة نقاط البيع «POS». وترجح هذه الأرقام أن يشمل مجرمو الإنترنت في مخططاتهم، أياً كانت، كلاً من هجمات «DDoS» والهجمات على مكامن الضعف في أنظمة نقاط البيع في أعمالهم الإجرامية التي تستهدف متاجر التجزئة هذا الموسم. وشهد العام 2017 سلسلة من الخروقات الخطرة للأمن الإلكتروني استهدفت أنظمة الدفع لدى شركات وعلامات تجارية مرموقة مثل سلسلة مطاعم «تشيبوتليّ» وفنادق «حياة» وعلامة «فوريڤر 21». وسجلت «كاسبرسكي لاب» في الربع الثالث من العام زيادة ملحوظة واتساعا جغرافياً في هجمات «DDoS» التي تُشنّ عبر الشبكات الروبوتية «Botnet» إذ شملت هذه الهجمات أهدافاً في 98 بلداً (مقارنة مع 82 بلداً في الربع الثاني). ويُتوقع أن يحظى هذا الوضع بأهمية كبيرة لشركات التجزئة والتجارة الإلكترونية خلال فترة الأعياد التي تشهد كثافة في المبيعات، حين تصبح الشركات مطمَعاً لمجرمي الإنترنت الذين يمكن أن يشنوا هجمات «DDoS» ناجحة ضدهم للحصول على فدية، أو استخدام أنظمة نقاط البيع كمنافذ للهجمات الموجهة، أو سرقة المال وبيانات الدخول الخاصة بالزبائن، أو لمجرد تحقيق أهداف قائمة على التنافس غير الشريف. وقال أليسيو أسيتي، رئيس وحدة أعمال المؤسسات في «كاسبرسكي لاب»: «يمكن أن تشمل هذه الجرائم مطالبات الشركات بدفع فِدىً، أو ببساطة منعها من ممارسة الأعمال التجارية وتقديم الخدمات، ما يجعلها تخسر عائدات وزبائن جراء ذلك. ولكن وبغض النظر عن المخاطر الآنيّة الواضحة، يشكّل هذا الأمر فرصة سانحة أمام الشركات للتفكير جدياً في حماية نفسها بشكل عام، من خلال تطوير ثقافة الأمن الإلكتروني والاستثمار في التقنيات المناسبة». وتستطيع شركات التجزئة والتجارة الإلكترونية حماية نفسها من خلال مجموعة من الحلول التخصصية التي تلبي احتياجاتها الخاصة لتجنب تعرض عائداتها للسرقة في موسم الأعياد حيث المبيعات المرتفعة، حيث توصي «كاسبرسكي لاب» شركات التجزئة بالحفاظ على تحديث منصات التجارة الإلكترونية أولاً بأول، حيث قد يتضمن أي تحديث جديد رقعاً برمجية مهمة لإصلاح ثغرة ما في النظام، من أجل تحصينه في وجه مجرمي الإنترنت. كما توصي بالتأكد قدر الإمكان من أن محطات نقاط البيع قيد الاستخدام تعمل على أحدث إصدار برمجي، مع الاهتمام بتغيير كلمات المرور الجاهزة. وتوصي أيضاً باستخدام حل أمني معدل، مثل «Embedded Systems Security» إضافة إلى ضرورة توعية المستهلكين بشأن التهديدات الإلكترونية المحتملة التي قد تواجههم أثناء التسوق سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر التقليدية، فضلاً عن تعريفهم بالخطوات التي يمكن اتباعها لتقليل المخاطر. قراصنة الانترنت يكثفون استهدافهم للضحايا خلال أعياد الميلاد |
خبر غير سار للمسافرين إلى المريخ: الشيخوخة مبكراً Posted: 23 Dec 2017 02:03 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: انتهت دراسة علمية حديثة إلى أن المسافرين إلى كوكب المريخ قد يواجهون مشكلة جديدة تتمثل في «الشيخوخة المبكرة» التي ستصيبهم هناك. وانتهت الدراسة التي نشرت نتائجها جريدة «دايلي ميل» البريطانية إلى أن السفر إلى المريخ سيؤثر سلباً على العظام بما يؤدي إلى الهرم والشيخوخة المبكرة. وفي حين يعتقد العلماء أن الإشعاع قد يؤدي إلى تفاقم فقدان أنسجة العضلات والعظام في ظروف الجاذبية الصغرى، وجدت دراسة جديدة أن الأمر قد لا يكون كذلك. وقال البروفيسور هنري جي دوناهو، رئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية في جامعة فرجينيا كومونولث للهندسة إن «العظام هي جهاز ديناميكي للغاية، فكلما زادت الحاجة إليها، زادت قوتها لتلبية تلك الاحتياجات». ومع انخفاض تلك الحاجة، كما هو الحال في الجاذبية الصغرى «فلن يضيع الجسم الوقت في بناء العظام» وفقا للباحثين. وقام العلماء خلال الدراسة الجديدة بفحص الفئران في ظروف مماثلة للجاذبية الصغرى، حيث تم تقييد تحركاتها ومحاكاة الإشعاع الفضائي الذي يمكن أن تتعرض له في بيئة مماثلة. ووجد الباحثون أن الجاذبية الصغرى وحدها تؤثر على كل من العضلات والعظام، إلا أن الإشعاع لوحده لا يملك التأثير نفسه. وقال دوناهو إن «الإشعاع بالإضافة إلى الجاذبية الصغرى يضخم التأثير السلبي للجاذبية الصغرى على العظام، لكنه لا يؤثر على فقدان العضلات». وأضاف أن «التعرض للإشعاع فقط، لا يؤثر على العظام، ولكنه يجعلها أكثر حساسية للآثار السلبية للجاذبية الصغرى». ووفقا للباحثين فإن آثار الجاذبية الصغرى على العظام والعضلات مماثلة لتلك التي تحدث مع الذين يتقدمون في السن. ونظرا لأن الناس يعيشون لفترة أطول بفضل الاختراقات الطبية الحديثة، فإن هذه القضايا تشكل مصدر قلق متزايد، حيث أن كبار السن معرضون لكسر عظامهم بشكل أكبر عندما يسقطون. وأشار دوناهو إلى أن «هذه مشكلة كبيرة، ففهم العلاقة في الجاذبية الصغرى بين العظام والعضلات له صلة بتأثير الشيخوخة على هذه الأنسجة». ويعتزم الباحثون القيام بمزيد من العمل لتحديد ما إذا كانت الجاذبية الصغرى والإشعاع يمكن أن يحدثا أي تغييرات جينية أيضا. وقد وجدت دراسة أخرى أجريت هذا العام، أن آثار الفضاء على الجسم يمكن أن تكون مثيرة، حيث أظهرت نتائجها أن الجسم يستجيب على الفور لبيئة الفضاء، مع التعبير الجيني لتبديل الآلاف من الجينيات. كما كشفت دراسة أجريت على رواد الفضاء الروس، أن الرحلات الفضائية تؤدي إلى تشغيل جهاز المناعة «لجميع أنظمة الدفاع الممكنة» لمواجهة التهديدات غير المألوفة، مما يؤدي إلى تغيرات كبيرة في جميع أنحاء الجسم البشري حتى في الأنسجة والخلايا. خبر غير سار للمسافرين إلى المريخ: الشيخوخة مبكراً |
«بوينغ» تنتج طائرة خارقة بدون طيار وظيفتها تزويد المقاتلات بالوقود Posted: 23 Dec 2017 02:02 PM PST لندن ـ «القدس العربي»: كشفت شركة «بوينغ» العملاقة المتخصصة بصناعة الطائرات في الولايات المتحدة عن طائرة بدون طيار «درون» بمواصفات خارقة، لكن مهمتها تنحصر في تزويد المقاتلات العسكرية بالوقود في الجو، وهو ما يعني أنها ستحسن من أداء وعمل الطائرات العسكرية المقـاتلة وتجــعـلها قادرة عـلــى التــحليق من أي مكان إلى أي مكان في العالم دون أن تواجه مشكلة نقص الوقود. وحسب ما كشفت الذراع العسكرية لشركة «بوينغ» العملاقة التي تنتج أغلب الطائرات التجارية في العالم، فان الطائرة الجديدة «الدرون» يمكن حملها على متن السفن حاملات الطائرات وإطلاقها لترافق المقاتلات في الجو من أجل تزويدها بالوقود عند الحاجة دون الحاجة للهبوط أرضاً. وقالت الشركة إن الـ»درون» الجديدة يمكن استخدامها في تزويد العديد من المقاتلات بالوقود في الجو، بما في ذلك الطائرات من طراز «أف 35» و»أف 18» والطائرات من طراز (EA-18G) وهو ما يعني أن هذه الطائرات بات في مقدورها البقاء في المعركة مدة أطول والتحليق لمدد لم تكن متاحة في السابق. وكشفت «بوينغ» مؤخراً عن الطائرة الحديثة وكتبت عبر حسابها على «تويتر» إن «هذه الطائرة بدون طيار سوف تغير مستقبل القوات الجوية في العالم». وقالت جريدة «دايلي ميل» في تقرير إنه يسود الاعتقاد أن الباحثين في شركة «بوينغ» الأمريكية استخدموا محركات كهربائية خارقة في تطوير هذه الطائرة بما يجعلها قادرة على الاقلاع والهبوط بسرعة قياسية وبشكل عامودي، كما يسود الاعتقاد أن المشروع لا يزال قيد التطوير، وإن ما عرضته الشركة لم يكن سوى نتائج التجربة ليس أكثر. وأطلقت «بوينغ» على طائرتها الجديدة اسم «MQ-25» وقالت إنها تتضمن نظاماً فريداً للتشغيل واستخدام المحرك، كما لفتت إلى أن الطائرة مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات الجيش الأمريكي وتزويد طائراته بالوقود في الجو. وحسب المواصفات التي تم نشرها عن الطائرة الجديدة فلديها قدرة على حمل ما يصل إلى 6800 كيلو غرام من الوقود، أما التحكم بها فيتم عن بعد من خلال الأقمار الصناعية وموجات الراديو. وتشهد تكنولوجيا الطائرات بدون طيار طفرة كبيرة في العالم منذ سنوات، حيث دخل هذا النوع من الطائرات في كافة مناحي الحياة ولم يتوقف على المجالات العسكرية. ودخلت طائرات بدون طيار مؤخراً في مجال أعمال الانقاذ والطوارئ حيث تمت تجربتها على سواحل فرنسا لمساعدة وإنقاذ السباحين في حالات الطوارئ. ويمكن لطائرة الدرون التي تم ابتكارها للمشاركة في عمليات الانقاذ والتي يبلغ وزنها 3.9 كيلو غرام قطع مسافة 80 كلم في الساعة للوصول إلى نقطة الخطر، وهي أسرع بنحو 4 دقائق من المنقذ البحري. وبرمجت الطائرة لإسقاط العوامة بدقة إلى المياه، حيث قال أنتوني غافند، من شركة تصنيع طائرات الدرون التي تحمل اسم «HELPER» إنها أول مبادرة من نوعها في العالم وساعدت نحو 50 سباحا العام الماضي. وأظهرت التجارب التي أجريت على طائرات الدرون في السويد، أنها قد توفر وسائل الإسعاف اللازمة للمريض، أسرع بـ 16 دقيقة من وسائل الاستجابة الطبية الطارئة، ما يمكن أن يحافظ على حياة الكثير من المرضى الذين يكونون في حالة صحية صعبة أو حرجة. وكانت شركة صينية متخصصة في عالم الطيران الخفيف ابتكرت طائرة جديدة بدون طيار مؤخراً مخصصة لرش المحاصيل الزراعية بالمبيدات الحشرية المطلوبة. ويتوقع أن تحدث نقلة نوعية في عالم الزراعة على مستوى العالم، وأن تكون متوفرة حتى بالنسبة لصغار المزارعين والمزارع المتواضعة. وطرحت شركة «DJI» الصينية طائرة الـ»درون» وأطلقت عليها اسم «Agras MG-1» وثمنها يبلغ 15 ألف دولار أمريكي فقط، ويمكن أن توفر الكثير من المال والجهد على المزارعين. وقامت الشركة الصينية بتصميم النموذج الأحدث من الطائرات بدون طيار للاستخدام في رش المبيدات الحشرية على المحاصيل الزراعية عن طريق خزان يتسع لــ2.6 غالون. ويمكن للطائرة ذات الثماني مراوح أن تطير لمدة 12 دقيقة ضمن الفترة الزمنية الواحدة من الشحن. وتقول الشركة المنتجة إن بإمكان الطائرة رش ما بين 7 و10 فدان من الأراضي الزراعية في الساعة، اعتماداً على التضاريس التي يجب عليها تغطيتها، دون حساب الوقت الذي تستغرقه لشحن بطارياتها. وبالإضافة إلى ذلك فإن الطائرة «Agras MG-1» مقاومة للغبار، وتحتوي على نظام تبريد للحفاظ على القطع الداخلية بحالة جيدة وتمديد حياة الطائرة. ودخلت طائرات «درون» أيضا إلى عالم نقل البضائع، حيث تعمل شركة «أمازون» على استخدامها في توصيل المشتريات لزبائنها بأسرع وقت، حيث تباع البضاعة على الانترنت ويتم إيصالها بواسطة الطائرات بدون طيار المسيرة عن بعد. كما تستخدم طائرات «درون» في الأعمال العسكرية على نطاق واسع، حيث تمكنت الولايات المتحدة من ابتكار جيل جديد من هذه الطائرات، قادرة بمفردها على القيام بمهام قتالية وعسكرية دون أي تدخل بشري، سواء عن قرب أو عن بُعد، ما يعني أنها أكثر ذكاء من الطائرات بدون طيار المعهودة والمستخدمة حالياً في مختلف أنحاء العالم للأغراض العسكرية. وأعلنت وكالة البحوث العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية أن الطائرات بدون طيار المستخدمة في المجالات العسكرية حالياً في العالم تستطيع التعامل مع مهمة واحدة فقط، ولديها قدرات محدودة جداً حيث يتم تكليفها بالقيام بمهمة واحدة محددة فقط دون غيرها، وهو ما يجعل الاستفادة منها أمراً محدوداً، كما أنها لا تستطيع القيام بمهام متعددة في الرحلة الواحدة. وأطلقت وكالة البحوث التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية على التكنولوجيا الجديدة اسم «CONCERTO» وقالت إن هذه التكنولوجيا ستتيح لأول مرة استخدام الطائرات بدون طيار في مهام متعددة ومتنوعة، كما أن الطائرة في مقدورها أن تقوم بتغيير مهمتها وهي لا تزال في الرحلة الجوية الواحدة. «بوينغ» تنتج طائرة خارقة بدون طيار وظيفتها تزويد المقاتلات بالوقود |
وباء الكوليرا في اليمن Posted: 23 Dec 2017 02:02 PM PST |
الجيش الإسرائيلي يفرق مسيرة لـ«بابا نويل» في بيت لحم ويوقع إصابات Posted: 23 Dec 2017 02:02 PM PST فرق الجيش الإسرائيلي مسيرة شارك فيها مئات الفلسطينيين، ارتدى العديد منهم زي بابا نويل في بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية. وأطلق الجيش الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المسيرة وأصيب عدد من المشاركين بحالات اختناق. وانطلقت المسيرة من وسط بيت لحم باتجاه الحاجز الشمالي للمدينة، تنديدا بالقرار الأمريكي الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ومنذ نحو أسبوعين، تشهد معظم المدن الفلسطينية مظاهرات، ردًا على قرار ترامب، في 6 كانون الأول/ديسمبر الجاري بشأن القدس. وتأتي المسيرة عشية احتفال الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي في فلسطين، يوم غد الأحد، بعيد الميلاد. الجيش الإسرائيلي يفرق مسيرة لـ«بابا نويل» في بيت لحم ويوقع إصابات |
«النقش على الجسد» مهنة تستقطب الفتيات في اليمن خلال الحرب Posted: 23 Dec 2017 02:02 PM PST صنعاء ـ «القدس العربي»: صارت نورا عبد العليم (23 سنة) من أشهر الفتيات احترافاً للنقش على الجسد في الأوساط النسوية في صنعاء، وتمكنت خلال الحرب من تعزيز شهرتها مستفيدة من مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لتجربتها وتعزيز دخلها، مثل كثير من الفتيات والسيدات اللواتي تزايد إقبالهن في اليمن على احتراف هذا المجال كمهنة تطورت واتسعت خلال الحرب المستعرة هناك. وتقول نورا إن عملها في هذا المجال وفرّ لها مصدر دخل للإنفاق على عائلتها بعد توقف رواتب أبيها وأمها جراء الحرب. النقش على الجسد فن شعبي عرفته كثير من المجتمعات الشرقية منذ آلاف السنين، وانتقل معها عبر العصور، وصار له اليوم في كثير من هذه المجتمعات تاريخ يُحكى وخصوصية تُروى؛ ولعل من أبرز ملامح خصوصيته في البلدان العربية وبلدان شبه الجزيرة العربية على وجه الخصوص، إنه تجاوز التقاليد الشعبية ممتزجاً بالطقوس العصرية. «الحرب عززت من حضور النساء في هذا المجال، حيث جعلت هَمّ الكثير من النساء أن تجد عملاً شريفاً يُدر عليها دخلاً يغنيها عن الحاجة لأحد، وبالنسبة لي؛ فأنا مؤمنة أن هذا العمل فن وأي إنسان يمارسه هو فنان» توضح نورا عبد العليم لـ «القدس العربي». وعلاقة النساء في بلدان الجزيرة العربية بهذا الفن قديمة وارتبطت منذ آلاف السنين بقواعد وعادات وتقاليد واءمت بين هذا الفن والثقافة المحافظة للمجتمع القبلي، وهو ما يؤكد أصالته، وانتظامه في تقاليد تؤكد أهمية هذا الفن وقيمته الاجتماعية وخصوصية علاقة النساء به؛ وهي علاقة لم تقصر على مناسبة معينة بل امتدت إلى كل المناسبات السعيدة، وبعدما كانت حكرا على فئة معينة من النساء في مناسبات معينة صار متاحاً لكل النساء في كل الأوقات. ويقول الباحث اليمني في التراث الشعبي أكرم الصلوي: «فن النقش على الجسد قديم تؤكد عراقته العربية كثير من اللُقى الأثرية بما في ذلك الأواني الفخارية التي كانت تستخدم في تجهيز عجينة الحناء أو الخضاب في اليمن القديم. وعلى الرغم من الأصالة المرتبطة بهذا الفن إلا أنه ظل يتجدد؛ فبقي فناً جديداً بكل المقاييس ساعد على تطويره مواكبة تطوير مستلزماته من قبل بيوت الزينة ودور التجميل العصرية؛ فتغيرت أدواته وصبغاته ونقوشه التي صارت تعتمد في الغالب على الحناء بصبغات وألوان صناعية». وحسب مؤلف كتاب «رحلة الحناء من الطبيعة إلى الفن» فإن الحناء نبات يخضبون به الأطراف. وجاء في دائرة المعارف الإسلامية أن الحناء من فصيلة نباتية من ذوات الفلقتين وأجناسها كثيرة تبلغ 25 جنساً وكثيرة أنواعها أيضاً منها البري والطبي والصناعي والتزييني وشجيرته طويلة رفيعة تبلغ من الارتفاع بين 9 و12 قدماً، وقد تبلغ بالفعل مبلغ الشجرة، ولها زهر أبيض عنقودي عطر وأوراقه ناعمة كاملة غنية بالمادة الصبغية». ومن (ليلة الحناء) حسب كثير من الباحثين، أخذت تتطور هذه النقوش لتتجاوز الكفين إلى القدمين، وتتجاوز مناسبة العُرس إلى مناسبات فرائحية أخرى. وبجانب نقوش الحناء التي ظلت مقتصرة على الكفين والقدمين قديماً كانت هناك صبغات أخرى تستخدمها النساء في تزيين الوجه ومساحة من الذراعين، إنه النقش باستخدام مادة «الخضاب»؛ ولعل هذا النوع من النقش يعد الفصل الأكثر متعة في رواية مسيرة فن النقش على جسد المرأة العربية. و»الخضاب» هو مسحوق أسود كان يستخلص شعبياً من شجرة من فصيلة الحنائيات تُعرف باسم (العفص) أو (السكة) حيث تؤخذ بعض أوراقها وأزهارها وتجفف وتسحق وتمزج بمواد صبغية وعطرية تعطي النقوش لونا ورائحة عطرية، إلا أنه لم يعد مستخدماً كثيراُ في الوقت الراهن وصار الحناء الأسود وصبغات صناعية عديدة تستخدم غالباً مع بقاء بعض النسوة ممن يفضلن النقش بالخضاب أو الحناء. بدأت نورا عبد العليم، تمارس النقش على الجسد في سن مبكرة من طفولتها كهواية بدأت بالتمرس عليها في أيدي شقيقاتها وقريباتها وزميلاتها في المدرسة، ومع الوقت تطورت الهواية إلى احتراف، حتى أصبحت اليوم من أشهر محترفات هذا المجال بصنعاء خلال فترة الحرب: «أي عمل تريد أن تحترفه عليك أن تمارسه باستمرار من أجل الوصول إلى مرحلة من الاتقان وتطوير مَلَكة الإبداع، وهذا ما ساعدني كثيراً، لاسيما وأنني شغوفة بالرسم ومعه النقش وأمارسه باستمرار» تقول نورا موضحة إنها تعاني، في هذا المجال، من نظرة بعض الناس الدونية لـ(المُنقشة) أو الشارعة (تسمية يمنية لمَن تحترف هذه المهنة) أو مختصة التجميل باعتبارهم من فئة دنيا يسمونها في اليمن (المزاينة)؛ إلا أن هذه النظرة تراجعت كثيراً في الفترة الأخيرة بسبب إقبال الفتيات على هذا المجال من جميع الفئات مع اتساع حضور النساء في معظم مجالات العمل مع تدهور الأحوال المعيشية وانفتاح المجتمع، حتى أصبح هذا العمل مهنة مثل بقية المهن التي تلتحق بها النساء. وكان النقش على الجسد الأنثوي في اليمن قديماً – حسب مصادر متعددة – عبارة عن (نقاط) بشكل دائري توضع حول الأصابع وبشكل متجاور على ظاهر الكف كانت تأخذ أشكالا نباتية تصل إلى منتصف الساعد فقط، وكان من غير اللائق ـ حينها ـ أن ترتفع عن هذا الحد؛ بالإضافة إلى رسم نقاط على أصابع القدم وحول حافتها، ورسم زهرة على الجبين ونقاط حول الحاجبين وفي الخدين والرقبة وذلك للمتزوجات فقط، أما بالنسبة للعازبات فيتزيّن بالنقوش البسيطة في الأعياد والأعراس فقط، ويكون النقش بالنسبة لهن في الأصابع لا غير، وهو ما تغير حالياً وأصبح التزين بهذه النقوش مُتاحاً لكل الفتيات والنساء وفي أي مناسبة. تزايد واتساع دائرة الولع بهذا الفن أدى إلى ارتفاع أجور (المُنقّشات) في الوقت الذي كانت فيه الحالة الاقتصادية للمجتمع تتراجع وتحديداً منذ بداية عقد التسعينيات من القرن الفائت وانتهاءً بفترة الحرب المستعرة هناك، والتي ازدادت فيها الأحوال المعيشية سوءاً، كل هذا شجع فتيات ونساء من غير المنتميات لشريحة (المزاينة) للعمل في هذا المجال تلتها مرحلة إخراج هذه المهنة من بيوت (المُنقّشات) إلى محلات الكوافير، وهي مرحلة تبعتها مراحل وصلت بهذه المهنة إلى أن صارت مشاعة تمارسها من تريد من اليمنيات وغيرهن في البلد، بل صارت هناك معاهد تنظم دورات تدريبية في النقش على الجسد لمن ترغب من النساء والفتيات. لم يتوقف التطور عند الحد بل امتد لبقية عناصر هذا الفن بما فيها صبغات وكذلك أدوات النقش والنقوش نفسها التي لم تكن بمنأى عن هذا التطور؛ ومن شوك السدر وحتى الابرة قديماً صار يستخدم حالياً – وفق نوار عبد العليم – فرشاة صغيرة جداً مع استخدام (القِمع) فيما يخص الحناء. كما أن النقوش تطورت أيضاً، وصار لكل منطقة في الجسد نقوشها الخاصة من الأشكال النباتية أو العبارات أو أشكال ورسوم مختلفة بعضها صار متوفراً في تصاميم بلاستيكية أو ورقية تُباع في الأسواق، وأحيانا تتولى (المُنقّشة) رسم ما تريد على الجسد من أشكال قد تكون رسوماً أو كلمات أو غير ذلك، بل لم يعد أمام المرأة التي ترغب في التزيّن بالنقش سوى اختيار الشكل الذي يتناسب مع لون بشرتها وشكلها وذوقها ومناسبتها، وفي هذا السياق تطورت، أيضاً، مساحات النقش على الجسد. تقول (ياسمين ـ 24 سنة) وهي من الفتيات اللواتي بدأن ممارسة النقش على الجسد خلال الحرب: «لم يعد هناك مجال للمقارنة بين النقش في الأمس واليوم بما في ذلك أماكن النقش على الجسد التي اتسعت مساحتها ومناطقها لتتعدى اليد والقدم إلى المعصم والعنق فتجاوزت اليد إلى الذراع كلها حتى أعلى الكتف وتجاوزت القدم لتشمل الساق كلها من الأصابع إلى أعلى الفخذ، وأصبحت النساء المتزوجات والعرائس ينقشن (رسوما) على الصدر في شكل أساور وفي مناطق مختلفة من الجسد بأشكال مختلفة… فالنقش بات حسب الطلب». وعلى الرغم من الحضور الذي يمثله هذا الفن في التراث العربي إلا أن توثيق تاريخه لم ينل الدراسة الكافية؛ لدرجة ما زالت المصادر مختلفة في تحديد أصول هذا التراث. حيث تقول بعض المصار إن هذا الفن نشأ في الهند وانتقل إلى بلدان جزيرة العرب والبلاد المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط عبر قوافل التجارة خلال قرون، فيما ترى مصادر أخرى أن بدايته تعود لممارسات التعذيب في السجون التي كانت تترك آثاراً في الجسم تطور بها الحال إلى أن صارت ملمحاً جمالياً نسائياً، إلا أن أدلة توكيد كل هذه المعلومات لم تظهر بعد. «النقش على الجسد» مهنة تستقطب الفتيات في اليمن خلال الحرب أحمد الأغبري |
محشي كوسا Posted: 23 Dec 2017 02:01 PM PST المقادير: 2 كيلو كوسا 2 كوب رز مصري مغسول ومنقوع 400 غرام لحمة مفرومة بصلة مفرومة حبة طماطم مفرومة نصف ملعقة ملح رشة كاري رشة فلفل مقادير الصلصة: 4 حبات طماطم مفرومة نصف حبة فلفل رومي مفرومة 2 حبة فلفل حار 3 كوب ماي رشة كاري رشة فلفل أسود رشة فلفل أحمر 4 فصوص ثوم رشة ملح معجون طماطم 5 ملاعق زيت زيتون طريقة التحضير: نقلب البصل مع الزيت حتى يتحمر ثم نضيف اللحمة ونقلبها بعدها نضيف الطماطم ثم الرز والبهارات ونطفي النار. نغسل الكوسا ونحفرها، ونحشيها بالحشوة السابقة. في الخلاط نضع جميع مقادير الصلصة (عدا البهارات ومعجون الطماطم) ونخلطها جيدا. في قدر على نار نضع زيت الزيتون ونسكب الصلصة التي حضرناها في الخلاط، بعدها نضيف معجون الطماطم والبهارات ونتركها تنطبخ. بعدها ننزل حبات الكوسا، نتركها على النار لحد ما تسبك الصلصة ويستوي الرز. |
تناول مكملات حمض الفوليك أواخر الحمل قد يضر بالأطفال Posted: 23 Dec 2017 02:01 PM PST كشفت دراسة أسترالية، نشرت نتائجها امس السبت، أن تناول مكملات حمض الفوليك، أواخر الحمل، قد يزيد من خطر إصابة الأطفال الذين يعانون من تأخر النمو داخل الرحم، بالحساسية بعد الولادة. الدراسة أجراها باحثون في جامعة أديلايد الاسترالية، ونشروا نتائجها في دورية (American Journal of Physiology) العلمية. وأوضح الباحثون أن مكملات حمض الفوليك تستخدم على نطاق واسع للوقاية من تشوهات الأجنة، والمساعدة في تطوير الجهاز العصبي المركزي. لكن هذه الدراسة كشفت أن تناول الأم الحمض خلال الثلث الأخير من الحمل، قد يضر بصحة الجنين، الذي يعاني من تأخر النمو داخل الرحم. وتأخر النمو داخل الرحم «IUGR» هو مصطلح يصف حالة الجنين الذي لا ينمو بالسرعة التي يجب أن ينمو بها؛ ويكون هؤلاء الأطفال أصغر حجمًا من الطبيعي بعد الولادة. ويمكن أن تنجم تلك الحالة بسبب مشاكل في المشيمة تمنعها من تزويد الجنين بالغذاء والأكسجين الكافي، بسبب التدخين وارتفاع ضغط الدم وسوء تغذية الحوامل. وأظهرت الدراسات أن الأجنة الذين يعانون من تأخر النمو داخل الرحم، ظهرت عليهم اثنين من مسببات الحساسية الشائعة، وهما عث الغبار وبياض البيض، عقب الولادة. وقالت الدكتورة كاثي غاتفورد، قائدة فريق البحث «إن تناول مكملات حمض الفوليك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل مهم للحد من مخاطر التشوهات الخلقية، وخاصة في الدماغ». وأضافت «لكن في المقابل هناك أدلة متزايدة على أن تناوله أواخر الحمل، قد يزيد من خطر الحساسية لدى الأجنة التي تعاني من تأخر النمو داخل الرحم». وتظهر الحساسية كطفح في الجلد، أو ضيق في التنفس، وصعوبة في البلع، أو تورم في الشفاه أو الأسنان أو الحلق، وانخفاض مفاجئ في ضغط الدم، وآلام في المعدة، وإسهال. وهناك 8 أنواع من الغذاء تسبب نحو 90 في المئة من حالات حساسية الغذاء، هي الفول السوداني والبندق، والبيض والحليب والقمح وفول الصويا والسمك، والمحار. (الأناضول) تناول مكملات حمض الفوليك أواخر الحمل قد يضر بالأطفال |
قاسم حداد: «أيها الفحم يا سيدي» Posted: 23 Dec 2017 02:01 PM PST العنوان الفرعي لهذا العمل هو «دفاتر فنسنت فان غوخ»، وقد أنجزه الشاعر البحريني قاسم حداد أثناء استضافة في الإقامة الخاصة بـ»أكاديمية العزلة»، في غابات الهضبة المطلة على شتوتغارت، شتاء 2012. وقد صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عن دار «مسعى» في المنامة، سنة 2015، وهذه هي الطبعة المصرية. والعمل فريد في نوعه ومادته، من حيث أنه امتزاج كثيف لسلسلة رؤى وتأملات ومقاربات شعرية/ تشكيلية، تصدر عن شاعر عربي ابن بحر ولؤلؤ وخلجان، إزاء فنان تشكيلي أوروبي سليل سهوب وحقول ومطاحن. والحصيلة لا تعرّف القارئ على معظم أعمال فان غوخ الأشهر، وبعض محطات حياته التراجيدية، فحسب؛ بل تقترح أيضاً قراءات لها استبطانية وطليقة، تحفر عميقاً في روحية العمل ومناخات إنتاجه، أو تتقرى بالأحرى عذابات الفنان إذْ يبدع في ذروة ذلك الخليط من العطاء والمعاناة. هنا فصل بعنوان «روحُ الأعالي وجسدُ الوهدة»: «لستُ واعظاً. وضعتُ فلذات روحي بين يديّ الناس. شعورٌ يفيض بالعجز عن التأويل بفضل الفنون وشهوات المنح. ولم يكن كل ذلك كافياً ولا جديراً، قلتُ، شهوة الروح تستجيبُ لصدق الكلام. قلتُ، أذهبُ مأخوذاً بفعل التصعيد وانهاض النائم في الشخص. قلتُ، أمشي إليه مثل ممتلكات الحلم المنهوبة، مكنونه أغنى ومكبوته أجدى. لا يصحُّ له الوهم، روحه في المهد وجسده في الوهد. الوعظ كلامٌ من خارجٍ، والدين أن تمسَّ الشغافَ وتجسّ الجسد. أكتشفُ أنصافَ الحقائق وأشباهها، نصوصٌ مشحونة بالمعانقات وذعر الفرائص. أقول لهم عن الله فيسألون. أرتِّل النشيد فيغنُّون. ذلك ما يستحوذ على اللبّ والأقاصي. النصوص جناحُ الإياب والسفر. لكأنّ التجربة كفيلة بنقلي إلى الضفة الأخرى من الرؤية، أول القناعة في أسئلة التجربة. كلما صليتُ انتابتني المخاوف، فقعدتُ عنهم. ليصرخ بي أبي: منذ عدتَ إلى البيت لم تحضر إلى صلاة. لم أذهب الى كنيسة بعد الوظيفة. خرجتُ من التجربة بمعادلة النظر إلى الله، كروح واحدة وحقيقة لا تحصى، طريقاً لتعديل الجرح في النزيف. درسُ الحياة أكثر صرامةً من رجفة النفس المضطربة. الأناجيل كفَّتْ عن الحياة. دينهم واقفٌ في الكتاب ومذاهبهم شتى. النص في الشخص أغنى وأجرأ. في اللاهوت توصلتُ الى غير تلك الدروس. سعيٌ هاطلٌ لتصعيد المحبة ليرأف الإنسان بنفسه، لينقذها، ليكتشف أنه مَلِكُ نفسِه وحاكمها. هو، هو لا أحدَ غيره، قادرٌ على صنع العالم كله، فليصنعه بالحب. جوهر الدين والفنون. جناحان من النور والجمال، يعينان في الهاوية ويسعفان في العسف. ليس بوصفهما إيمانات حاكمة، لكن باعتبارهما مصادرَ كونية. حملتُ الأناجيل أينما ذهبتُ، نهلتُ من أنهارها. سَكبتُ في الرسائل، وضِعتُ في المحنة. وظنني البعضُ جنوناً فائضاً يهيم بالتبشير. أصغي إلى الآتي من الآلام، وأرسم الأحلام. جميع من كاتبتهم بالنص، لم يستجيبوا للدمّ المكتوب في الرسائل. لم يتصلوا بالأناجيل التي أضأتها بشهواتي. أكتب في عالمٍ غريب. كأنهم لم يسمعوا عن يسوع ولم تصادفهم كتبُ الله يوماً ولم يصلُّوا في كنيسة ولم يقفوا في مذبحٍ وما مَرَّ عليهم ألمُ التدوين. مُحصَّنون بخوفٍ غامضٍ، يلتزمون بصمتٍ يشي بهشاشةٍ يصعب التعويل عليها ساعة المجابهات. طغاةٌ صغارٌ يتكاثرون في جُبَبٍ وقلانسَ في أروقة المعابد وتلافيف المدن. كلما كتبتُ رسالة طاشَ العقلُ المخذول. ماذا يقول القلب للعقل، وكيف يقول. الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2017 قاسم حداد: «أيها الفحم يا سيدي» |
حسن أحجيج: «نظرية العالم الاجتماعي: قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو» Posted: 23 Dec 2017 02:01 PM PST ما المجتمع (أو العالَم الاجتماعي)؟ ما هي مكوناته؟ ما هي طبيعته؟ ما هي بنيته؟ كيف يستمرّ النظام الاجتماعي؟ وهل يمكن إعادة إنتاجه عبر الزمن، على الرغم من السلوكات المتقلبة للأفراد، والتحوّلات التي تمسّ القيم والمعايير والقواعد والحوافز والدوافع الخاصة بالجماعات والأفراد؟ كيف تنشأ التفاوتات الاجتماعية، وما الآليات التي تعيد إنتاجها؟ ما الشروط الضروريّة لإنتاج معرفة سوسيولوجية علمية؟ حاول عالم الاجتماع الفرنسي الراحل بيير بورديو (1930 ـ 2002) الإجابة عن هذه الأسئلة في كلّ أعماله الأكاديمية، التي امتدّت على فترة تتجاوز 40 سنة. وللقيام بذلك، بنى نظرية سوسيولوجية أصيلة اعترف الكثير من علماء الاجتماع المعاصرين بأنّها النظرية التي سيطرت على الحقل السوسيولوجي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الكتاب سعى المؤلف إلى تقريب هذه النظرية من القارئ العربي بتقديم عرض بسيط وواضح لبنيتها المفاهيمية المكوّنة من «الهابيتوس» و»العنف الرمزي» و»رأس المال» و»الانعكاسية» وسواها، وذلك بالرجوع الدائم إلى المشكلات التي تكشف عنها، والحلول التي تقدمها لها، محاولاً تسليط الضوء على العلاقات القائمة بين المفاهيم التي تشكله، وكذلك توضيح ديناميكيتها الشاملة وهي تشتغل على نماذج أساسية من بحوث بورديو الميدانية. وبذلك فإنّ المؤلف قد حاول تقديم عمل بورديو السوسيولوجي من خارج الألعاب اللغوية المعقدة لدائرته السوسيولوجية وشرّاحه، ومن ثم ترجمته إلى لغة واضحة وبسيطة. وحسن أحجيج مترجم وأكاديمي مغربي، حاصل على دكتوراه في علم اجتماع المقاولات والتنظيمات، ومن أعماله العلمية: ترجمة (بالاشتراك مع الدكتور محمد سبيلا) لكتاب كاترين كليمون «التحليل النفسي»؛ وترجمة كتاب «هنري كيسينجر»، والمشاركة في ترجمة «موسوعة الأطفال»، وترجمة كتاب «الكفايات في تدريس الفلسفة» (تأليف جماعي)؛ فضلاً عن ترجمة 23 مقالا لبورديو نشرت في منابر ثقافية مغربية. وهو يشرح «الهابيتوس»، أحد أبرز مفاهيم بورديو، بأنه «الذاتية المتجسدة» التي لا تتكون من الجسد فقط، وإنما أيضاً من المفترضات العقلية، أي من كل الأشياء العقلية غير القصدية واللاواعية. والوعي الذي يدخل في عداد مكونات الهابيتوس هو وعي لاإرادي، وهذه الخاصية هي ما تسمح بانبثاق نوع من الحرية اللاواعية أو قليلة الوعي التي تسمح بنسيان منشأها. مؤمنون بلا حدود، الرباط 2017 حسن أحجيج: «نظرية العالم الاجتماعي: قواعد الممارسة السوسيولوجية عند بيير بورديو» |
Glyn Maxwell (editor): «The Poetry of Derek Walcott 1948-2013» Posted: 23 Dec 2017 02:00 PM PST كان الشاعر الإنكليزي غلين ماكسويل، محرر هذه المختارات، صديقاً للشاعر الكاريبي الراحل ديريك ولكوت (1930 ـ 2017)، ولذلك فإن القصائد التي اختارها هنا ــ على امتداد مجلد يقع في 640 صفحة ــ لا تعكس نطاقاً واسعاً يمثّل تجارب ولكوت منذ أن كان يافعاً، فحسب؛ بل تنمّ، أيضاً، عن معرفة شخصية بالقصائد التي كانت مفضلة عند الشاعر الراحل، وكان يرى أنها تُحسن تمثيل تجربته الغنية. وكان ولكوت ثالث ثلاثة شعراء كبار، أبدعوا في اللغة الإنكليزية دون أن يحملوا الجنسية البريطانية: الإرلندي شيموس هيني (1939 ـ 2013)، والروسي جوزيف برودسكي (1940 ـ 1996)؛ لكنّ ولكوت كان، كما يجمع الكثير من النقاد، الأكبر بين الثلاثة، وغير بعيد عن أن يكون أعظم شاعر كتب باللغة الإنكليزية خلال العقود الخمسة الأخيرة. ولد ولكوت في جزيرة سانتا لوشيا، وتفتّح وعيه على التراث الأدبي الإنكليزي، فقرأ جوزيف كونراد، و. ب. ييتس، جيمس جويس، إزرا باوند، ت. س. إليوت، وديلان توماس. لكنه، ومثل جميع أبناء الكاريبي، قرأ بالفرنسية أشعار أرتور رامبو وسان جون ـ بيرس، وبالإسبانية بابلو نيرودا وسيزار فاييخو. وكانت عشرات الأسباب قد تجمعت، وتكاملت، لتجعل منه ذلك الشاعر الكبير الفذّ: الجمع بين التعقيد الحداثي والوضوح البسيط، في تسخير غنائيات الماضي وملاحم الحاضر؛ وترتيب الشكل وتقطيع القصيدة إلى وحدات درامية متوازنة، ساعده في إنجازها ذلك المراس الطويل في الكتابة المسرحية؛ والإحساس بالشكل العضوي في القصيدة (على نحو ذكّر، كثيراً، بالشاعر البريطاني كولردج)؛ والغريزة العروضية التي وضعته في موقع مدهش بين جون ملتون وجون كيتس، أو بين و. هـ. أودن وهربرت سبنسر؛ والعمارة المجازية التي دمجت المحسوس بالمجرّد، والفلسفي بالعاميّ، والرمزي بالتصويري؛ والموضوعات التي حشدت أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بأساطيرها وأغنياتها وإيقاعاتها وحكاياتها وتواريخها؛ إلى جانب لغة إنكليزية ـ كاريبية فريدة، استكشف دررها لا كما فعل شاعر إنكليزي على قيد الحياة. Farrar, Straus and Giroux, New York 2017 Glyn Maxwell (editor): «The Poetry of Derek Walcott 1948-2013» |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق