Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 28 أبريل 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


اليمن: دومينو المخفر الإيراني والمستنقع السعودي

Posted: 28 Apr 2018 02:15 PM PDT

لعلّ في طليعة منافع استعادة التاريخ، والقريب منه بصفة خاصة، أنّ المرء يأنس إلى درس هنا أو يتعظ بعبرة هناك؛ فكيف إذا كانت تلك الاستعادة تخصّ حرباً عبثية دامية مثل هذه التي تجري في اليمن، سقط ويسقط فيها الآلاف، وشُرّد ويُشرد جراءها ملايين البشر، ويُدمّر عمران قرى وبلدات ومدن، وتستوطن أمراض وأوبئة ومجاعات.
وهذه حرب، في العودة إلى أصولها الأبسط، بدأت من تحركات شعبية محلية في أواسط العام 2004، قادها مَنْ سمّوا أنفسهم «منتدى الشباب المؤمن» يومذاك؛ ليس ضدّ سلطة علي عبد الله صالح، للمفارقة الدالة، بل احتجاجاً على الاحتلال الأمريكي للعراق وتضامناً مع الفلسطينيين.
ولكن لأنّ المنتدى كان قد تأسس لتدريس العقيدة الزيدية الشيعية، فإنّ بُعد المذهب اختلط سريعاً ببُعد المظالم المحلية حول سوء الخدمات في منطقة صعدة إجمالاً، وانقلبت التحركات تلك إلى تمرّد محلي يقوده حسين بدر الدين الحوثي، الشيخ القبائلي وكبير زعماء المنتدى. نظام صالح، للتذكير هنا أيضاً، حشد 30 ألف جندي لمواجهة هذا التمرد، وشنّ حرباً مفتوحة لم تقتصر على عمليات المشاة والمدفعية الثقيلة، بل شملت الطائرات الحربية والسلاح الصاروخي.
قُتل الحوثي المؤسس، ليصعد شقيقه عبد الملك، ويتحوّل المنتدى تدريجياً إلى «أنصار الله»، فتتجذر أكثر فأكثر ميول انخراطه في تيار التشيّع الإيراني، وينقلب استطراداً إلى مخفر جيو ـ سياسي للحرس الثوري الإيراني، وقطعة في الدومينو الذي تديره طهران علانية في لبنان والعراق وسوريا، وعلى نحو مبطن بهذا القدر أو ذاك في دول أخرى خليجية.
التاريخ أيضاً يقول إنّ علاقة الحوثيين بنظام صالح والأطراف المحلية اليمنية، وكذلك بالجوار العربي والإقليمي وخاصة السعودية، تأرجحت بين تنازع وتفاهم ومدّ وجذر؛ في أعقاب تحولات كبرى مثل التناغم بين مطالب الحوثيين ومطالب الحراك الجنوبي، ثم الانتفاضة الشعبية اليمنية وإسقاط نظام صالح، وتذبذب المواقف السعودية بين صالح والحوثيين وحكومة عبد ربه منصور هادي، طبقاً كذلك لتقلبات مزاج الرياض تجاه مجموعات الإخوان المسلمين من جهة أولى، ولتجاذبات المصالحة أو العداء مع طهران من جهة ثانية.
وبمعزل عن حُسن، أو سوء، استغلال قيادات الحرس الثوري الإيراني للعامل الحوثي، الذي صار دولة عليا ذات بطش وبأس وسلطة ضمن ما تبقى من دولة اليمن المركزية؛ لم يتبدل كثيراً جوهر صعود الحركة الحوثية، وبالتالي لم تنحسر براعة القيادات الحوثية في التشبث بذلك الجوهر، وإذكاء جذوته كلما خبت: أنّ للحركة الحوثية جذورها الاجتماعية العميقة، حتى إذا ابتدأت من مطالب مذهبية بسيطة مثل السماح بتدريس العقيدة وتداول كتبها، وفتح مدارس لتلقين أصول المذهب؛ والكفّ عن إجبار الزيديين على حضور خطب الأئمة «السلفيين» حسب الاصطلاح الحوثي.
وقد يقول قائل أنّ السلطات الحوثية أخذت، في مناطق سيطرتها الراهنة، تمارس طرائق التنكيل ذاتها ضدّ أتباع المذهب الشافعي، أو ما تبقى منه بالأحرى بعد أن صار مذهب الأقلية ونازعته المكانة مذاهبُ الحنبلية والسلفية وأهل الحديث؛ وهذا قول صحيح بالطبع، لكنّ دلالاته السياسية، ثمّ المطلبية، لم تعد ذات وزن حاسم في النزاع الراهن. والأمر، في نهاية المطاف، ليس اصطراع مذاهب ولا طوائف ولا حتى قبائل، وإنْ كانت لكلّ هذه العناصر تأثيراتها؛ بل هو في الأصل صراع اجتماعي وسياسي عميق وعريق، كان محتماً لجذوره أن تضرب في أكثر من أرض.
وبين المخفر الإيراني والمستنقع السعودي، يبقى أنّ الضحية الأولى هي المواطن المدني اليمني، الواقع في قلب تقاطع النيران دون إرادة منه ودون انحياز إلى طرف، خاصة وأنّ معادلات الاشتباك تزداد عبثية ودموية في آن معاً؛ حتى إذا تباينت، من حيث الحماقة والتدمير وإراقة الدماء، مفاعيل صاروخ بالستي وطائرة تقصف عرس زفاف.

اليمن: دومينو المخفر الإيراني والمستنقع السعودي

صبحي حديدي

تناتيش ونغابيش

Posted: 28 Apr 2018 02:15 PM PDT

لم أجد طريقة أفضل لتوصيف المنهج الذي تعمل به المواقع ذات الفكر المتطرف أياً كان توجهها، من المقتطفات التي نشرت من كتاب الأسلوب الخاص بموقع «ديلي ستورمر» الذي أنشأه بعض مهاويس التفوق العرقي الأبيض، والذي تم نشره بعد استحواذ موقع «هافنغتون بوست» على ملكية الموقع العنصري، وجاء فيها ما يلي: «من المهم أن نقوم باستمرار بالتركيز على النقاط نفسها التي نستهدف إيصالها المرة تلو المرة، سينجذب القارئ في البداية إلى الموقع من باب الفضول أو السخرية ثم سيتنبه تدريجياً إلى الحقيقة التي نبغي إيصالها. نحن نقوم بتغطية مضامين سلبية، لكن علينا أن نقوم بأقصى جهد لوضعها في رسائل إيجابية قابلة للتوصيل. يجب أن ندعي دائماً أننا منتصرون، ونحتفل بأي انتصار نحققه بأقصى قدر من المبالغة، وأن نحتفل بأنفسنا ونبالغ في تصوير نفوذنا. لا يجب أن نترك مكاناً للظلال أو المعاني غير الواضحة، كل شيء يجب أن يدهن بالأبيض والأسود. الفكرة المهمة أن كل شخص في صفنا يجب أن يدرك أنه جيد مئة في المئة، وأن كل من هو في غير صفنا هو شرير مئة في المئة». ولعلك تتفق معي أن هذه الطريقة التي يعمل بها ملاك وسائل الإعلام المتطرفة في كل أنحاء العالم، لأن التطرف ملة واحدة، وإن قاتل المتطرفون بعضهم بعضاً.
ـ بعد أن ألغت دار سيمون وشوستر صاحبة الاسم البارز في عالم النشر، العقد الذي وقعته مع مايلو يانوبولوس أحد وجوه اليمين المتطرف البارزة في أمريكا على تأليف كتاب لصالحها، قام مايلو برفع دعوى قضائية على الدار، وبعد أن اطلع محرر مجلة «هاربر» على أوراق القضية المودعة في أحد محاكم نيويورك، تم نشر مقتطفات من الملاحظات التحريرية التي كتبتها ميتشل إيفرز إحدى مسؤولي الدار، والتي جاء فيها ما يلي: «التباهي والتبجح لإرضاء جمهورك الشاب لا يجعلك تبدو بالضرورة صغير السن لدى بقية القراء ـ هذه النقطة واضحة بدون الحاجة إلى الإهانات المجانية وذكر الحلمات ـ استخدام تعبير «العاهرات ذوات الوجهين الطاعنات في الظهر» يقلل من أهمية ما تود طرحه بشكل عام ـ باريس هيلتون ليست أفضل شخص يمكن الاقتباس من أقواله ـ اترك المثليات جنسياً خارج الموضوع ـ لا تصف جنوب أفريقيا بأنها بيضاء ـ لا يمكن أن تقول أن الأشخاص قبيحي الشكل يميلون إلى اليسار، هل رأيت أي مسيرة لترامب مؤخراً ـ هل أنت فعلا تقوم بإخبار القارئ أنك تدافع عن حملات تشويه السمعة ـ هذا ليس المكان أو الزمان المناسبين لنكتة أخرى عن الأعضاء الذكرية للسود ـ دعنا نخرج الحديث عن النفايات والبراز من هذا الفصل ـ لو كان هذا العنوان خطاب كراهية فهذا الكتاب بأكمله خطاب كراهية». ما لم يتم نشره حتى الآن، هو المبرر الذي جعل دار نشر كبيرة ترى أن شخصاً يحمل أفكاراً منحطة مثل يانوبولوس لديه ما يقدمه لقرائها؟ وهل كان لا بد أن تنتظر الدار حتى تتصاعد الحملة ضد اليمين المتطرف بشكل تخشى منه على سمعتها، لكي تقوم بإلغاء عقد الكتاب؟ مثل ما سبقت وسائل إعلام تدعي التحضر ومواكبة قيم العصر عندما ساهمت في دعم دونالد ترامب والاحتفاء بظهوره قبل أن تدرك بعد فوات الأوان خطورة ما يمثله على مصالحها، وعلى التحضر القشري الذي تدعيه؟
ـ في كتاب تدريبي لمهنة التمريض صدر حديثاً، ويدعي أنه يعتمد على دراسات وتجارب فعلية، ورد في فصل يحمل عنوان (الاختلافات الثقافية في الاستجابة للألم) مجموعة أفكار تعميمية عن مجموعات من البشر، تفترض أن جميع أفرادها بسبب اشتراكهم في العرق والدين، يتشاركون الأفكار والاستجابات للألم نفسها، من هذه الأفكار ما يأتي: «المرضى الصينيون ربما لا يسألون عن الدواء لأنهم لا يريدون أن يعطلوا الممرضين عن مهام أكثر أهمية. الهنود الذين يعتنقون الهندوسية يؤمنون أن الألم يجب تحمله انتظارا لحياة أفضل في دورة الحياة القادمة. الفلبينيون ربما لا يأخذون أدوية تخفف الألم لأنهم يعتبرون الألم إرادة الله. العرب والمسلمون ربما يشكرون الله على الألم إذا كان نتيجة لتواصل عملية العلاج. اليهود ربما يعبرون عن ألمهم بصوت مسموع ويطلبون المساعدة، لأنهم يؤمنون أن الألم لا بد أن تتم مشاركته وأن يتحقق الآخرون من وجوده. الأمريكيون الأصليون ربما يختارون رقماً مقدساً بالنسبة لهم إذا تم سؤالهم عن اختيار مقياس للألم من واحد إلى عشرة. السود يعتقدون أن الألم والمعاناة أمر لا مفر منه». وبعد أن أثار الكتاب انتقادات واحتجاجات واسعة، أعلنت شركة بيرسون التي أصدرته أنها ستزيل هذا الفصل من الطبعات المقبلة من الكتاب، لكن ما ورد فيه من أفكار يصعب للأسف أن يزول من عقول الكثيرين.
ضمن سلسلة الدعاوى القضائية التي تواجه المنتج الأمريكي هارفي وينستين الذي أسقطته شهادات ضحاياه المشتركات في حملة «مي تو» لمكافحة التحرش الجنسي، قامت سانديب ريهال التي شغلت منصب المساعدة الخاصة له في الفترة من 2013 إلى 2015، برفع دعوى قضائية ضده في نيويورك، وقد وجدت مجلة «هاربر» ضمن أوراق الدعوى توصيفاً للمهام التي كانت تقوم بها سانديب في خدمة (تايكون السينما)، ومنها على سبيل المثال: «قراءة إيميلاته والرد عليها في الوقت الذي يكون فيها عارياً في المكتب ـ توفير غيارات داخلية نظيفة له باستمرار ـ الاحتفاظ بقائمة بياناته التي يوجد بها علامات تعريفية لعلاقاته الجنسية ـ تدبير مواعيد قريبة من المكتب لعلاقاته الجنسية ـ شراء ملابس داخلية للنساء اللواتي ينام معهن ـ توفير مخزون من حقن لعلاج مشاكل ضعف الانتصاب لديه ـ التقاط فوارغ الحقن التي يأخذها لعلاج مشاكل ضعف الانتصاب ـ والتقاط الواقيات الذكرية المستعملة أيضا ـ وتنظيف الحيوانات المنوية التي تسقط على كنبات مكتبه».
ـ من الأخبار التي توقفت عندها لأسباب لها علاقة بأوضاع السجون في بلادنا المنكوبة، خبر عن قيام نزلاء سجن مورغان كاونتي في ولاية ألاباما الأمريكية برفع دعوى قضائية ضد أنا فرانكلين مأمورة المقاطعة، بمساعدة من المركز الجنوبي لحقوق الإنسان، بعد أن اتضح أن فرانكلين قامت باستثمار مئة وخمسين ألف دولار أمريكي من ميزانية الطعام المخصصة للسجن، في صفقات لتجارة السيارات، مستندة على نص في قانون ولاية ألاباما يسمح لمأموري المقاطعات بالحصول على ما لم يتم إنفاقه من الأموال الفيدرالية المخصصة للطعام في السجون. وقد جاء في شكاوى السجناء ما يأتي: «طعم كل وجبة يشبه الصابون ـ تم تقديم السجق مجمداً وعليه ثلج ـ الدجاج تم تقديمه نيئاً في أجزاء منه ـ الرز يتم تقديمه غير مطهو ويصعب مضغه ـ الموز المقدم متعفن ـ الأناناس غير ناضجة ـ الشوربة كان بها رجل حشرة ـ هناك أشياء غير محددة المعالم في الشاي ـ لا يوجد قرع في شوربة القرع ـ الكميات المقدمة من الطعام صغيرة لدرجة أنك يمكن أن ترى قاع الطبق الذي يفترض أنه ملآن ـ لم أحصل على فاصوليا حصلت فقط على دِمعة الفاصوليا ـ وجدت منديلا ورقيا في الشوربة ـ وجدت حصى في الأكل ـ وجدت ظفراً في لفافة الحلويات»، وبعد أن تحققت المحكمة من صحة الشكاوى، تم إجبار فرانكلين على رد الأموال التي حصلت عليها وتغريمها مبــلـغ ألف دولار أمريكي إضافية، وسأترك لك التعليق.
ـ أخيراً، إذا كنت تعتقد أنك قد أحطت بكافة فنون الجنون، فأنت لم تقرأ بعد القائمة التي يصدرها موقع ويكيبيديا للتحذير من بعض المحررين المشاركين فيه وما قاموا بعمله من مساهمات وإضافات إلى مواد الموقع، وقد جاء ضمن مواد هذه القائمة: تحذير من محرر تعود كتابة معلومات مفبركة عن وجود أُسود مفترسة في ولاية مونتانا الأمريكية. تحذير من محرر يقوم بفبركة معلومات عن التعاون بين موسيقيين مشهورين. تحذير من محرر تعود على نشر معلومات لتلطيخ سمعة آخرين ونشر نظريات مؤامرة، أغلبها يستهدف بالتحديد هارلاند ساندرز مؤسس سلسلة دجاج كنتاكي الشهيرة. تحذير من محرر يقوم بنشر معلومات خاطئة تشوه سمعة أبطال مسلسل فريندز وتروي أكاذيب عن علاقات حصلت بين أبطاله. تحذير من محرر يرجح أن له علاقة بمجموعة تهدف لنشر دعاية سلبية ضد فول الصويا. تحذير من محرر يهوى اختراع كلمات غريبة لا علاقة لها بالواقع. تحذير من محرر تعود على إفساد أي موضوع له علاقة بالكلاب ومطربي الراب. أما أغرب تحذير فقد كان من محرر يدمن إقحام صور وفيديوهات لمراوح السقف في مواضيع لا علاقة لها بمراوح السقف. ولله في خلقه شؤون.

تناتيش ونغابيش

بلال فضل

جائزة البوكر الأخيرة

Posted: 28 Apr 2018 02:15 PM PDT

منذ أيام قليلة أعلن في مدينة أبو ظبي فوز الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله بالجائزة العالمية للرواية العربية، أو جائزة البوكر العربية، كما تعرف، وذلك عن روايته «حرب الكلب الثانية»، التي كانت رواية مستقبلية عن تحول الحياة والإنسان، وسيطرة المعاني المجحفة على مستقبل شعوب المنطقة، إضافة إلى نشوء قيم أخرى لا تشبه المعتادة.
 وإن كانت الرواية تشير إلى مستقبل شديد القتامة، وبلا ضوء قد يلمع ليضيء كوة فيه، إلا أنها رؤية كاتب قدير، ربما قرأ المستقبل حقا بشفافية الموهوبين، وكتب رؤياه، ولو أردنا أن نتحرى الأمور بجدية وبعيدا عن العاطفة لانتصرنا لرؤياه، وثمة مئات الدلائل التي تشير إليها.
إذن فالرواية «ديستوبيا»، لكنها ديستوبيا متفردة، ولا تشبه ما صيغ قبلها، وكما قال إبراهيم نصر الله في إجابته على مداخلة من سيدة، أثناء مناقشة كتاب القائمة القصيرة، بمن فيهم الفائز، من قبل جماعة للقراءة، في أعقاب إعلان النتيجة، وذكرت السيدة أنها تذكرت رواية أورويل الشهيرة 1984، إن هناك عشرات الأعمال التي كتبت عن المستقبل، غير رواية أورويل، التي يضرب بها المثل عن دراية وغير دراية، حين يتحدث الناس عن رواية تنبؤية مستقبلية.
إبراهيم نصر الله في الحقيقة ليس ذلك الذي حصل على جائزة البوكر هذا العام بعد منافسة مع روايات أخرى لها كتابها وجمهورها أيضا بلا شك، فقط، لكنه شاعر من أكثر الذين صاغوا المأساة الفلسطينية إبداعا، وروائيا كتب عشرات الكتب الملحمية في تاريخ بلاده وجغرافيا الوجع فيها، وتضعه روايات مثل «زمن الخيول البيضاء»، و»قناديل ملك الجليل»، ورائعته القصيرة «أعراس آمنة»، على سبيل المثال، في مصاف أدباء الشعوب الذين لن ترحل أعمالهم عن الأذهان أبدا، بل تبقى إلى الأبد.
 وعلى حد علمي لا يوجد مبدع عربي استطاع الإجادة في الشعر والرواية، والرسم مثله، هو يكتب القصيدة بسخاء، يرسم بسخاء، وحين ينبغي أن يكتب رواية، لا يكتبها مباشرة، لكنه يبحث عن كل ما يحيط بالفكرة، ويهضمه، وبالتالي لا توجد طبخة نيئة عند نصر الله، ولكن طبخات من النضوج بحيث لن يختلف عليها أحد. إنها تجربة حقيقية إذن، وتزامنت مع تجارب مبدعين فلسطينيين وعرب آخرين، ولمعت وسط تلك التجارب، وأظن أن جائزة البوكر، التي تكرم بها رواية واحدة بمعزل عن التاريخ الكبير أو الصغير للكاتب، كان جديرا بها هذا العام، وإن كنت شخصيا لا أستطيع في كل الأحوال أن أفصل مبدعا عن تاريخه حتى لو كانت الجائزة لنص واحد فقط، فالتاريخ لا يعني هنا، ذلك الكم من الكتب التي قد يكون راكمها الكاتب في حياته، ولكن المعرفة التي اكتسبها بقراءة الكتب وتأليفها، وبالطبع هي التي تمهد للنص الحاصل على الجائزة أن يحصل عليها.
وبرغم ذلك، لن أكون أبدا ضد النص الأول أو الثاني لكاتب قد يحصل به على الجائزة، لن أقول أن الخبرة مطلوبة ليكتب أحد نصا يتسابق إلى جائزة ما، فمن الممكن جدا أن يكون نصا سريع الخطى، وجديدا، ومدهشا، ويحصل على الجائزة برغم وجود نصوص الخبرات الطويلة، فقط سأقول إن الخبرة غالبا ما تسد الثغرات التي ربما تحدث في نصوص جيدة، إنها أشبه بالخيوط التي ترقع الثياب فلا تظهر عوراتها.
وقد كان في هذه القائمة نصان أولان لشهد الراوي من العراق، وعزيز محمد من السعودية، حازا على رضا الكثيرين، ودخلا في دهاليز لجان التحكيم، واحتلا مكانة بارزة في الكتابة العربية، وأعتقد يبشران بكتابة جديدة ومختلفة، ستطالعنا بأزيائها البراقة قريبا. وكما نعرف، فإن في كل عمل مكتوب بصيغة جديدة، لا بد من رفض، ومن استخفاف، ومن استغراب أيضا من أولئك الذين اعتادوا على نمط معين من التغذية الذهنية، ولن يستطيعوا إضافة طعام ذهني جديد إلى موائد أذهانهم بسهولة. كذلك لن أنسى الكتاب الحالمون بالجوائز، الذين يتتبعونها جائزة جائزة، ويحسون بالإحباط حين لا تظهر أسماؤهم في جائزة. هؤلاء لن يناموا بأعين قريرة أبدا، ولكن ستجوس أعينهم في صفحات الكتب التي وصلت إلى قمم الجوائز، باحثين عن خلل أو ثقوب فيها، من أجل إسقاطها تماما.
ولطالما نوهت إلى أن الأدب ليس هو «البزنس» المربح في هذا الزمان ولا أي زمان آخر، ولا هو من السخاء بحيث يمنحك طمأنينة الحياة الرغدة، وبالتالي ليس هو الميدان الذي ينبغي أن تجري فيه الحروب. لنكتب كلنا كما نريد، الموهوب وغير الموهوب، ولنتقدم جميعا للجوائز وفي داخلنا أمل ما، ليس عريضا بحيث يصبح تمزقه حسرة، ولا ضيقا بحيث يصبح أشبه باللاأمل، لنتقدم وننتظر، ونوقن أن في سباق الجوائز لا يوجد مقرر دراسي ينكب الناس على حفظه، ولا توجد أوراق لامتحان تصحح وتوضع لها العلامات، وليس إذن من المفروض أن نقول أن هناك من نجح، وهناك من لم ينجح، سنقول هنا أننا تسابقنا في جائزة، ونالها البعض لأن لا بد أن ينالها البعض، وخرج منها البعض الآخر لأن لا بد أن يخرج البعض الآخر. وبهذه النفحة التي تبين الرضا، قد تزهر الكتابة، لأن حامل الأمل غير العريض سيراجع كتابته جيدا، وسيصل لصيغ مبهرة تؤهله لنيل رضا القراء أولا، وتلك هي الجائزة الكبرى للمؤلف.
وفي هذا السياق ليس من المفترض سوء الظن بحقل الجوائز كما هو حادث الآن، وأي جائزة هي في نظر البعض متحيزة، وغير منصفة، وقد قيل هذا الكلام عن البوكر كثيرا، وعن جائزة كتارا المميزة المستقبلية، كثيرا جدا، وعن جوائز أخرى بالطبع، وأظننا لو أحسنا الظن بتلك الجوائز، فسنحصل على المزيد منها، فالأدب العربي ما زال شبه عار من المكافآت، ويحتاج لمزيد من الثياب، وكل ثوب في شكل جائزة مكسب كبير.
أخيرا لا بد أن أذكر أنني شخصيا كنت في قائمة الستة الذين تنافسوا هذا العام، وأعلن بأنني لم أسئ الظن بالجائزة لأنها لم تمنح لنصي، بل على العكس، أحس أنها منحت لي حقيقة حين منحت لأخ أكبر، عاش ويعيش للكتابة بكل جدية.

كاتب سوداني

جائزة البوكر الأخيرة

أمير تاج السر

اليمن: مزيد من الدماء والعبث

Posted: 28 Apr 2018 02:15 PM PDT

مع استهداف القيادي الحوثي صالح الصماد في غارة سعودية، وتصاعد إطلاق الصواريخ البالستية نحو عمق أراضي المملكة، تتفاقم حلقات العبث الدموي التي تعيشها الحرب في اليمن ويبتعد الحل السياسي أكثر فأكثر، ويتزايد التصارع على أرض اليمن بين الرياض وطهران، وما يُنتظر من تصعيد إذا علقت واشنطن الاتفاق النووي. المغامرة العسكرية السعودية تنتقل من إخفاق إلى آخر، والشعب اليمني يواصل سداد أثمان فادحة جراء هذا الوضع العالق.
(ملف الحدث، ص 8 ـ 13)

اليمن: مزيد من الدماء والعبث

صواريخ الحوثي هل ستوقف الحرب أم تصعدها؟

Posted: 28 Apr 2018 02:14 PM PDT

كثف الحوثيون من إطلاق الصواريخ الباليستية على المدن السعودية في الأشهر الماضية، وتمكنوا من إيصال بعضها إلى العاصمة الرياض، وهو ما اعتبر نجاحا نوعيا لهم بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على الحرب التي شنت عليهم. وقد منح هذا التطور الحوثيين أداة عسكرية لم تكن متوفرة لهم من قبل.
ففي الأيام الأولى للحرب تمكنت قوات التحالف من تحييد القوات الجوية اليمنية، وقوات الدفاع الجوي من العمل، وهو ما منح قوات التحالف السيطرة الكاملة على الأجواء اليمنية. وكان السلاح الوحيد المتبقي لدى الحوثيين لمهاجمة السعودية هو الصواريخ الباليستية، والتي كانت تهاجم بها المدن السعودية القريبة من الحدود اليمنية. وخلال سنوات الحرب سعى الحوثيون بكل السبل إلى تحسين قدراتهم في مجال الصواريخ الباليستية، والطائرات الموجهة عن بعد، ومضادات الطيران، وقد أثمرت تلك المساعي بشكل واضح في الشق المتعلق بالصواريخ، حين تمكنوا من إيصال مداها إلى المدن الرئيسية البعيدة نسبيا عن حدود اليمن، وتحديدا العاصمة السعودية الرياض.
وتشير الكثير من الأدلة إلى أن تحسن تلك القدرات قد تم بمساعدة إيرانية واضحة، وهو ما أكدته بقايا حطام الصواريخ، والذي عرضته السلطات السعودية والإدارة الأمريكية، وأظهرت أنها صُنعت في إيران، وهو ما تم تأييده من قبل فريق الخبراء المعنيين بمراقبة تطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن، الذي قُدم لمجلس الأمن في شهر كانون الثاني/يناير الماضي. إلى جانب ذلك، هناك الكثير من القرائن التي تدعم تلك الإدعاءات، ومن بينها عدم توفر الصواريخ الباليستية التي يزيد مداها عن 500 كلم ضمن ترسانة الأسلحة اليمنية قبل الحرب. وبالنظر إلى أن الصواريخ التي أطلقت على العاصمة السعودية الرياض، وربما مدينة ينبع على البحر الأحمر، زاد مداها عن 1000 كم في اليمن، فإن ذلك يشير إلى أن الحوثيين قد حصلوا على صواريخ جديدة من إيران أو أن إيران ساعدتهم على تطوير صواريخهم لتصل إلى ذلك المدى.
وبغض النظر عن مصادر تلك الصواريخ، فإن أهمية دخولها إلى حلبة الصراع قد خلق معادلة جديدة للصراع يمكن أن تكون لها انعكاسات هامة على مسار الحرب نفسها. وفي هذا الشأن يأمل الحوثيون وحلفاؤهم الإيرانيون أن تعمل هذه الصواريخ على خلق توازن في القوة، يُجبر دول التحالف، وتحديدا السعودية، على التراجع عن هدفها الرئيسي المتمثل في الاستمرار في الحرب حتى إخضاع الحوثيين وهزيمتهم.
ووفقا لهؤلاء، فإن امتلاك الحوثيين للصواريخ القادرة على الوصول إلى المدن الرئيسية والمناطق الاستراتيجية في السعودية، سيجعل السعوديين يعيدون النظر في موضوع حربهم في اليمن، للكلفة العسكرية السياسية والمعنوية التي سيتكبدونها نتيجة ضرب مدنهم بالصواريخ. ويرغب الحوثيون أن تحدث مقايضة بينهم وبين السعودية يتم بموجبها توقف الضربات الجوية مقابل توقف الحوثيين عن إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي السعودية.
وعلى الرغم من الكلفة الباهظة لوصول الصواريخ إلى العاصمة السعودية، إلا أن من غير المتوقع حدوث تراجع سعودي عن الاستمرار في الحرب في اليمن، وقد يكون العكس هو الصحيح، فضرب المدن السعودية بالصواريخ يمنح الحكومة السعودية الكثير من الحجج لاستمرارها، حيث أنه يؤكد خطورة الحوثيين على أمن السعودية بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام. ويؤكد أيضا على خطورة الدور الإيراني الذي مد الحوثيين بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الأسلحة.
ووفقا لذلك، فإن من المتوقع أن تعمل الهجمات الصاروخية على زيادة تصميم الحكومة السعودية على هزيمة الحوثيين عبر تكثيف الضربات الجوية ودعم القوات اليمنية المناوئة لهم بشكل أكبر مما تم في السابق، ويبدو أن قتل صالح الصماد، رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي، الذي يعد السلطة الرسمية في صنعاء، يأتي ضمن هذا التوجه. ومن المتوقع، أيضا، أن تصعد السعودية من هجماتها النوعية على الحوثيين كلما رفعوا من حجم تهديداتهم بالصواريخ أو غيرها من الوسائل.
إلى جانب ذلك حصلت السعودية على دعم سياسي، وربما عسكري، من حلفائها الغربيين بعد الضربات الصاروخية الأخيرة، وخاصة من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب والذي يشارك السعودية في مخاوفها من النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما منح السعودية دعما للاستمرار في الحرب.
أن ما يجب التذكير به هو أن السعودية ما زالت، حتى الآن على الأقل، في وضع سياسي وعسكري واقتصادي غير مقلق، وهو الأمر الذي لا يجعلها تتراجع خطوات للخلف نتيجة الضربات الصاروخية، خاصة وان هذه الصواريخ لم تسفر عن خسائر عسكرية أو مادية تذكر، وأكثر الخسائر اقتصرت، على الجانب المعنوي، حيث اهتزت صورة المملكة في الداخل والخارج، وهو ما قد يخفض من درجة تصنيفها الائتماني في المستقبل المنظور، خاصة لو وصلت الصواريخ إلى مناطق إنتاج النفط وتسببت في خسائر معتبرة.
لقد أدى ضرب العاصمة السعودية بالصواريخ من قبل الحوثيين إلى تعقد المشهد في اليمن والمنطقة، وكشف خطورة استمرار الحرب اليمنية بإيقاعها الحالي، والذي يظهر بأنه لن يودي إلى حسم عسكري أو تسوية سياسية. وهذه النتيجة تتطلب من الحكومة السعودية القيام بمراجعة شاملة لتدخلها في اليمن، والتي ينبغي أن تشمل الأهداف والوسائل والأطراف التي استخدمتها، ودون ذلك ستستمر الحرب تدمر أسس الدولة اليمنية وتستنزف السعودية وتعمق أرجلها في مستنقع اليمن.

صواريخ الحوثي هل ستوقف الحرب أم تصعدها؟

عبدالناصر المودع

السعودية بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية في اليمن: لم تؤمن حدودها ولا حتى عاصمتها

Posted: 28 Apr 2018 02:14 PM PDT

الدوحة ـ «القدس العربي»: إعلان السعودية قبل أزيد من ثلاث سنوات وهي تعبر بطائراتها حدودها، وتخترق أجواء وسماء اليمن، أنها تقود عاصفة للحزم ضد إيران، سميت لاحقا بعاصفة الأمل، يجعل حتى الآن من الحملة التي تقودها إلى جانب حليفتها الإمارات أداة وماكينة تصنع الدمار وتخلف الخراب لبلد يصنف شعبه في خانة أفقر شعوب الكون مع مزيد من الدمار للبنية التحية.
أزيد من ألف يوم مرت على أولى ضربات التحالف الذي تقوده المملكة، ضد أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والحوثيين، لكن لا تلوح حتى اللحظة أي مؤشرات في الأفق عن نهاية وشيكة للحرب.
كل المعطيات الميدانية تؤكد أن الأزمة تزداد تعقيدا، وحصيلة الضحايا ترتفع، وكلفة الحرب تتضاعف، وما تخلفه من دمار شامل تزداد رقعتها، والشعب اليمني يتجرع علقم المآسي التي لم يكن له فيها ذنب.
المتابعة المعمقة، والقراءة الدقيقة للوضع، تشي بشكل جلي وواضح، أنه ما من خطة بينة لإنهاء ما بدأته الرياض، وأبو ظبي، العاجزتان عن تحقيق الانتصار الكامل، أو الجزئي، أو حتى وضع حد لهذا الاستنزاف.
السعودية التي روجت لحربها، أنها استباقية لتطويق غريمتها إيران، وتحركها يهدف لدك حصون ما تسميه أداتها (أنصار الله الحوثي) لا تزال حتى الآن تدور في حلقة مفرغة، وعاجزة عن الدفاع عن حدودها جنوبا.
فشل السعودية في النيل من غرمائها لم يكن خيبتها الوحيدة، وتجاوز الأمر إلى عجز عن تأمين عاصمتها الرياض، التي أصبحت تدريجيا هدفا مفضلا لصواريخ تقليدية ترشق بها من حدودها الجنوبية.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي لبلاده، يشعر بالخيبة بعدما دفع بلاده إلى نقل مقر انعقاد القمة العربية التي استضافتها مؤخرا، من عاصمتها نحو الظهران، وهو مؤشر خطير يعكس المخاوف الجدية من قوة عدوه اللدود الحوثي، وداعمه، وتفادى يائسا التعرض لصفعة مدوية في حال استهدف صاروخ شارد ضيوف بلاده لو نظمت القمة في الرياض.
والاحتفاء السعودي المبالغ فيه باستهداف قيادي حوثي، يدعم بقوة القراءات التي تؤكد ورطتها في اليمن، وفشلها، وعدم قدرتها الخروج من المستنقع بأقل ضرر، وهو هدف أصبح بعيد المنال.
المياه الراكدة في اليمن، تسحب الرياض تدريجيا نحو القاع، من دون أي فرصة لتعويض حقيقي يحفظ ماء وجه رعاة الحرب. والمتنفذون في الحرب الذين يتزعمهم ولي العهد قامروا بكل الأوراق لأجل هدف وهمي، ويتجلى لهم أن الأيام تجعله صعب التحقيق من دون صفقة شاملة تعقدها السعودية مع غريمتها إيران.
الحلول العسكرية حتى الآن سجلت فشلا ذريعا لقوات التحالف، مع الكلفة الثقيلة التي تتحملها أساسا السعودية، والمجازر المرتكبة في حق المدنيين، تجلب المزيد من المتاعب للشاب الذي يحلم باعتلاء عرش البلاد عبر تسويق صورته في المحافل الدولية.
الفشل العسكري في تحقيق حسم مباشر، يرافقه مأزق سياسي جلي، بعدما عجزت الأمم المتحدة، والتي تقود وساطة بين أطراف النزاع، في تحقيق تقدم نحو التوصل إلى حل على طاولة الحوار.
عملية السلام في اليمن، تشهد حتى الآن جموداً غير مسبوق وتعثراً لكل خرائط السلام، وهذا بعد أسابيع من تعيين البريطاني، مارتن غريفيث، مبعوثاً أممياً جديداً، خلفاً لإسماعيل ولد الشيخ. فالدبلوماسي الموريتاني الشاب سلم يائسا المشعل لخليفته بعدما ضاقت به السبل وشعر باستحالة تحقيق أي تقدم في ظل تصلب المولقف خصوصا مع وجود لاعبين كثر في الميدان لكل حساباته الخاصة وأجندته التي يعمل عليها.
وبالرغم من كون المبعوث الأممي يحتفظ حتى الآن ببصيص أمل ويبدو واثقاً من إمكانية تحقيق السلام وتقديم خطة متكاملة في زمن قياسي، إلا أن الواقع يثبت عكس تحركاته، منذ تصاعد حدة النزاع 26 آذار/مارس 2016 وتدخل التحالف العربي لمساندة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المحتجز في الرياض وفق تصريحات فعاليات يمنية موالية للتحالف ذاته.
الأمم المتحدة التي ترعى جولات من المشاورات، اثنتان منها كانتا في سويسرا، وثالثة استمرت لأكثر من 90 يوماً في الكويت، لم تلق أي بارقة أمل في ظل جمود شامل على المستويين العسكري والسياسي، وكأن النزاع يسير دوما نحو التمديد وباتجاه طريق مسدود، خصوصاً في ظل إحكام الحوثيين سيطرتهم على العاصمة صنعاء.
مؤشرات الاستنزاف التي يتعرض لها أطراف القتال لم تقنعهم حتى الآن بحتمية الحل السياسي، بعد حرب ضروس دخلت عامها الرابع، ولا يزال أطرافها يساهمون أكثر في تأجيج الصراع.
التحالف الذي تقوده السعودية وبالرغم من المأزق الذي وجدت نفسه فيها تواصل غاراتها الجوية على أهداف الحوثيين وتفرض حصارا على البلاد جوا وبحرا وبرا، وميدانيا لم تحقق أي اختراق يسمح لها باعتبار منطقة ما آمنة، وهي لم تؤمن حتى حدودها وعاصمتها الرياض التي تتعرض لصواريخ تسبب لها المزيد من الإحراج.
الطرف المستفيد حتى الآن من الوضع هو الإمارات التي تحكم قبضتها على الجنوب وتفرض سيطرتها على السواحل والموانئ الاستراتيجية وتلعب سرا وعلانية ضد حليفتها الرياض بشكل يطرح معه تساؤلات عن قراءة بن سلمان لهذا الدور المريب وإفشال خططه بالرغم من استنزاف قدراته في هذه الحرب التي لم يحقق منها أي مكسب وجلبت له المزيد من المتاعب مع الأطراف الدولية.
كلفة الحرب القاسية بما خلفته من مآس لا يبدو أنها تشكل معضلة لساسة السعودية حتى الآن، بالرغم من أن عدد الجرحى تجاوز 22 ألفا بينهم 5000 طفل وامرأة، إضافة إلى وفاة أكثر من 2100 وإصابة أكثر من 800 ألف جراء تفشي داء الكوليرا في البلاد.
منظمة «أوكسفام» البريطانية، والتي أوردت هذه الاحصائيات قبل شهور، وصفت الوضع الإنساني في اليمن بأنه الأسوأ في التاريخ، وشددت على إن أكثر من 11 مليون طفل يتضورون جوعا وباتوا مهددين بخطر المجاعة.
وأشار المركز القانوني للحقوق والتنمية، في صنعاء بدوره إلى تجاوز عدد النازحين مليونين و650 ألفاً، في حين بلغ عدد المنازل المدمرة والمتضررة جراء قصف طيران التحالف 410 آلاف. كما دمر في عمليات القصف 15 مطاراً و14 ميناءً و2144 طريقاً وجسراً، إضافة إلى 16000 مبنى آخر بينها مساجد ومدارس ومنشآت جامعية ورياضية، ومستشفيات ومحطات لتوليد الكهرباء، وخزانات شبكات المياه ومحطات اتصالات، ومنشآت تجارية وحقولا زراعية وأسواقا تجارية، ومصانع ومخازن غذاء ومزارع للدواجن والمواشي.
وترفع المنظمات الحقوقية صوتها عاليا، مشيرة أن الوقت حان لجلوس أطراف الصراع إلى طاولة الحوار السياسي الجاد لتسوية الأزمة بعدما فشلت الحلول العسكرية في تحقيق الاستقرار والحد من الخسائر التي نغصت حياة اليمنيين وجعلت البلد يأمل دون جدوى أن يصبح سعيدا.

السعودية بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية في اليمن: لم تؤمن حدودها ولا حتى عاصمتها

سليمان حاج إبراهيم

«الحرب المفتوحة» فصل جديد للصراع الدامي في اليمن

Posted: 28 Apr 2018 02:14 PM PDT

أخيراً، تمكن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لمواجهة المسلحين الحوثيين في اليمن، من الوصول إلى الرجل الثاني في الجماعة، صالح الصماد، في عملية نوعية استهدفت سيارته في محافظة الحُديدة الساحلية، غربي البلاد.
ثلاثة أيام فصلت بين العملية والإعلان عن مقتله، إذ قالت وكالة «سبأ» التي يسيطر عليها الحوثيون، الاثنين الماضي، إن الصماد اُصيب يوم الخميس 19 نيسان/ابريل، فيما تم التكتم على الخبر سواء في وسائل إعلام الحوثي أو تلك التي تتبع التحالف العربي.
وعلى ما يبدو، فإن إخفاء الخبر مهم بالنسبة للجماعة المسلحة تجنباً لتأثيره السلبي على معنويات المقاتلين، خصوصاً وأن الرجل عُرف بتحركاته العسكرية وزياراته الميدانية للجبهات، لكن الأمر اللافت أن إعلام التحالف لم يورد أي نبأ، ولو من باب الاحتمال، حول استهدافه لقيادي بحجم الصماد، ما قد يشير إلى احتمالين اثنين: الأول أن الضربة لم تكن تستهدف الرجل بعينه، بقدر ما هي كغيرها من الغارات الجوية التي تنفذ في تلك المناطق، فيما الاحتمال الثاني، ربما، أن معلومات مؤكدة ودقيقة وصلت إلى التحالف بشأن مكان تواجد القيادي الصماد وعلى ضوئها نفّذ العملية، وكان سبب التكتم هو للحفاظ على سلامة مصادره التي أمدته بالإحداثيات.
وأياً يكن الأمر، فإن الصماد يُعدُّ «صيداً ثميناً» بالنسبة للتحالف العربي والجيش اليمني، وهو المطلوب رقم (2) وسبق أن رصد التحالف العربي مبلغ 20 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
وكان الرجل يتولى رئاسة ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» الذي تم تشكيله بصنعاء في 28 تموز/يوليو عام 2016، مناصفةً بين الحوثيين وأنصار الرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، وباستهدافه تدخل المواجهة فصلاً جديداً سيكون، بلا شك، أشد ضراوةً من السابق.
فمنذ 26 آذار/مارس 2015 تقود السعودية حرباً شعواء ضد المسلحين الحوثيين مناصرة لسلطات الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي الذي يقيم مؤقتاً في السعودية نتيجة سلب صلاحياته بقوة السلاح منذ أواخر العام 2014 خصوصاً في مناطق الشمال، لكنها لم تصل إلى الرؤوس الكبيرة، واقتصرت على قيادات من الصف الثالث، وتحديداً الذين يخوضون المعارك سواء في الداخل اليمني أو على الشريط الحدودي مع السعودية. وهذه المرة، يمكن القول إن التحالف حقق انجازاً كبيراً من خلال مقتل الصماد، الواجهة السياسية للجماعة المسلحة، لكنه في المقابل أتاح الفرصة لسيطرة الجناح الأكثر تشدداً، وظهر ذلك من خلال خليفة الصماد، مهدي المشاط، وهو أحد الأصوات المتشددة داخل الجماعة، ومن المحسوبين على المذهب «الشيعي» على وجه الدقة، عكس سلفه الذي كان يتحدث سياسياً أكثر من الميل للحديث عن المذهبية والطائفية.
وبلا شك، خسر الحوثيون قيادياً من الصف الأول، لكنهم كعادة الجماعات المسلحة، يحاولون لملمة جراحهم، والتذكير بأنهم «مشاريع شهادة في سبيل الله والوطن» وفقاً لتعبير القيادي الحوثي محمد البخيتي، في حديثه لقناة «الجزيرة» تعليقاً على خبر مقتل الصماد.
ويرى الباحث والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن «مصرع الصماد أحدث تحولاً في مسار المواجهة عنوانها مزيد من ارتخاء القبضة الأمنية نتيجة هذه الثغرات الخطيرة التي فتحت بسبب الصراع الناشئ بين طرفي الانقلاب، وهو الأمر الذي يضع قيادات الميليشيا في مرمى التحالف خلال الفترة المقبلة».
وتوعد القيادي الجديد في جماعة الحوثي المسلحة، مهدي المشاط، الأربعاء الماضي، عقب أدائه اليمين الدستورية رئيساً لما يُسمى «المجلس السياسي الأعلى» خلفاً لالصماد، التحالف العربي بقيادة السعودية، بـ»حرب مفتوحة».
وخاطب المشاط عبر قناة «المسيرة» التابعة للجماعة، من يسميه «العدو» في إشارة إلى «التحالف العربي»: «أرادها حرباً مفتوحة، وعليه تحمل عواقب ما أراد»، لافتاً: «علينا إثبات أن ما فعله هذا العدو كان خطأ فادحا ومكلفا للغاية بل وفوق طاقته». هذا الخطاب الافتتاحي لمرحلة المشاط يعني أن الجماعة ستصعّد من القصف الصاروخي باتجاه السعودية كردة فعل غاضبة لاستهداف واحد من أبرز قياداتها السياسيين والميدانيين.
ويقلل التميمي لـ»القدس العربي» من تهديد المشاط، ويعتبر أنه «يريد أن يظهر بشخصية جديدة في مستهل مهمة محفوفة بالمخاطر في مناطق سيطرة الميليشيا؛ فلقد صرح الصماد قبله أن هذا العام سيكون عاماً باليستياً، ليأتي المشاط ويعد بحرب مفتوحة».
ويعتقد أن «الميلشيا، في وقع الأمر، استخدمت كل أسلحتها وخياراتها الاستراتيجية من أجل حمل الرياض على التفاوض معها وشق مسار سياسي يثبت الميليشيا طرفا سياسياً أصيلاً لا شريك معه في اليمن».
وتابع، «المواجهة مفتوحة بين الميليشيا والشرعية والتحالف، والحسم ليس مرهوناً بتصريحات شخص كالمشاط بل بالمصداقية التي يتعين على التحالف أن يظهرها مع حلفائها في الميدان، الذين يتلقون ضربات غادرة هذه الأثناء في أكثر من جبهة». على حد قوله.
وخلاصة القول، إن الوصول إلى رأس قيادي بارز بحجم الصماد يعني أن اختراقاً ما أحدثه التحالف في صفوف الجماعة المسلحة، وربما نشهد خلال الأيام المقبلة استهدافات جديدة لقيادات بارزة أخرى، وهو على كل حال، سيحدث في دوره انهيارات كبيرة للحوثي، لا سيما وأنه بات يحارب منفرداً بعد أن فك الارتباط بجناح الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، الذي قُتل هو الآخر على يد حلفائه الحوثيين أواخر العام الماضي.

«الحرب المفتوحة» فصل جديد للصراع الدامي في اليمن

محمد الشبيري

أسئلة حول مقتل «رئيس الحوثيين»

Posted: 28 Apr 2018 02:13 PM PDT

يوم الإثنين الماضي أعلن الحوثيون عن مقتل صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى الحاكم في صنعاء، وذكرت قناة «المسيرة» أن «طيران العدوان ارتكب جريمة نكراء» بقتل صالح الصماد، في إشارة إلى اتهام التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بقتله في ضربة جوية.
يمكن هنا ذكر بعض الحوادث والملاحظات اللافتة:
الأولى أن الصماد أعلن عن مقتله في محافظة الحديدة التي يوجد فيها أكبر موانئ البلاد على ساحل البحر الأحمر، وهذا يؤشر إلى قلق الحوثيين من اقتراب المعارك من مدينة الحديدة، وخشية متصاعدة لديهم من هجوم للقوات الحكومية أو تلك التي يقودها طارق صالح نجل الأخ غير الشقيق للرئيس الراحل علي عبدالله صالح. وقد كان الصماد في الحديدة لترتيب إجراءات صد الهجوم الذي ربما تشير مؤشرات إلى قربه.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال حول من هم الذين قتلوا مع الصماد؟ عبدالملك الحوثي في كلمة تأبينية بثتها قناة «المسيرة» له، قال إن ستة «استشهدوا» مع الصماد، دون أن يذكر من هم، وهل هم من القيادات العسكرية والسياسية للبلاد، أم أنهم مجرد حراسات أمنية في موكب الصماد؟ لكن بعيداً عن ذلك، يبدو أن الحوثيين تلقوا ضربة موجعة، وأن التحالف حقق اختراقاً أمنياً واستخباراتياً كبيراً مكنه من رأس الصماد الذي رصد له من قبل مبلغ 20 مليون دولار.
الشيء اللافت هنا أن قناة «المسيرة» الحوثية ذكرت في تقرير لها يوم السبت قبل الماضي أن الصماد قام بزيارة لورشة تصنيع الأسلحة، وعرضت لقطات للصماد وهو يستعرض بعض القطع الحربية الخفيفة، وذلك بعد مقتله بيومين، حسب ما أوردت القناة. كما أن وكالة «سبأ» للأنباء – الخاضعة لسيطرة الحوثيين- أوردت خبراً عن أن الصماد التقى بقيادات السلطة المحلية لمحافظة الحديدة يوم الجمعة أي بعد مقتل الرجل، حسب قناة «المسيرة».
ونتيجة لتلك الأخبار المتضاربة دخل المشهد في صنعاء، الاثنين الماضي في حالة من الإرباك، إذ كيف يقتل الصماد يوم الخميس، ثم يلتقي بمسؤولين في السلطة المحلية للحديدة يوم الجمعة، ويزور ورشة تصنيع عسكري يوم السبت، بعد مقتله بيومين؟!
فتح ذلك التصرف من الحوثيين في اللعب بالمواد الخبرية باب التكهنات لدى بعض المعلقين على احتمالية قيام الحوثيين بتصفية الصماد، على خلفية خلافات أصبحت معروفة بين صالح الصماد كرئيس لأعلى هيئة تنفيذية في سلطة الانقلاب في صنعاء، ورجل الحركة القوي محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا، الذي تتحدث تقارير عن استحواذه على ملفات واسعة في تجارة المحروقات والجمارك والأراضي وغيرها من القطاعات الاقتصادية، والذي يسعى إلى تقويض صلاحيات الصماد في المجلس السياسي، حسب هؤلاء المعلقين.
في الوقت ذاته، مال متابعون للشأن اليمني إلى ترجيح فرضية مقتل الصماد بضربة جوية (وهذا هو الاحتمال الأقوى)، وعللوا تخبط قناة «المسيرة» في ترتيب الأخبار، بأن ذلك كان من أجل إتاحة الفرصة لترتيب «البيت الحوثي» الداخلي، وإبقاء خبر مقتل الصماد متكتماً عليه، حتى يتم اختيار بديله الذي أعلن عنه في يوم مقتل الصماد، والبديل هو مهدي المشاط مدير مكتب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وصهره.
ومما زاد الأمور تعقيداً في فهم المشهد لدى البعض، أن التحالف العربي حتى هذه اللحظة لم يتبنَ عملية اغتيال الصماد، وقد صدر عنه تعليق مقتضب قال فيه إن مصير الصماد هو المصير الذي ينتظر كل الإرهابيين، دون أن يشير إلى مقتله بضربة جوية. وهنا يمكن القول إن التحالف العربي يريد أن يتيح الفرصة لمزيد من التكهنات بشأن مقتل الصماد، حسب من يرى مقتل الصماد بضربة جوية، لم يعلن عنها التحالف لبث المزيد من الشكوك وإتاحة الفرصة للمزيد من الظنون والتوجسات داخل جماعة الحوثي، دون أن نغفل عن رأي الآخرين الذين يدعمون رؤيتهم في قتل الحوثيين للصماد بعدم تبني التحالف العربي لعملية الاغتيال.
وأياً كان قاتل الصماد، فإن قتله ما كان ليتم بهذه الطريقة لولا حصول التحالف العربي (وهذه هي الفرضية المرجحة) على معلومة استخبارية دقيقة، تمثل اختراقاً أمنياً داخل صفوف الحوثيين، الأمر الذي مكن التحالف من توجيه هذه الضربة الموجعة للحوثيين باستهداف رئيس أعلى هيئة تنفيذية لسلطتهم في صنعاء.
بقيت نقطة مهمة ينبغي الإشارة إليها، وهي أن الكثير من المتابعين للشأن اليمني ينظرون للصماد على أساس أنه رجل «توافقات»، وأنه كان له دور كبير في نسج خيوط التحالف بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن شخصيته ومكانته القبلية مكنته من مد جسور التعاون، ونسج علاقات بين الجناح الهاشمي والجناح القبلي داخل الحوثيين، وبهذا يخسر الحوثيون رجلاً مهماً وشخصية مقبولة لدى أطراف يمنية مختلفة يجمعها «التحالف» ضد التحالف العربي والحكومة الشرعية.
ويكاد المتابعون يجمعون على أن خليفة الصماد، وهو مهدي المشاط يفتقر للمواصفات التي كان الصماد يمتلكها، من حضور اجتماعي وسياسي، وميل إلى التوافقات، ونسج العلاقات مع المكونات الأخرى.
كل رصيد المشاط هو قربه من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ومصاهرته له، لكنه عديم الخبرة السياسية، ولا يعرفه الكثير من اليمنيين، بالإضافة إلى كونه شاباً صغير السن، ويفتقر إلى الخبرات اللازمة لمنصب «رئيس جمهورية» الحوثيين في صنعاء.
على ذلك، فيبدو أن أمام مهمة السلام في اليمن الكثير من العقبات والتعقيدات، حيث علمنا تاريخ الجماعات المسلحة أن مثل هذه الحركات تميل إلى التصلب والتشدد كلما ضربت أكثر، وأنها عندما تخسر تنكفئ على نفسها، ويصعب معها حينئذ التوصل إلى تفاهمات سياسية، وهو ما يعني استمرار القتال إلى أن يتمكن طرف ما من عمل عسكري يجعل ميزان القوى يميل لصالحه، أو أن يقتنع الطرفان بصعوبة الحسم العسكري، بحيث تتهيأ الفرصة للجلوس على طاولة المفاوضات.

أسئلة حول مقتل «رئيس الحوثيين»

محمد جميح

 اليمن: طريق التسوية السياسية ما زال طويلاً

Posted: 28 Apr 2018 02:13 PM PDT

صنعاء ـ «القدس العربي»: ونحن في العام الرابع من الحرب في اليمن، ما زال السؤال عن العملية السياسية هو السؤال الصعب، في ظل مراوحة المشهد العسكري صعوداً وهبوطاً ضمن نتائج ما تزال مُربِكة للحل السياسي، ويكرس ذلك غياب مصداقية أطراف الصراع، وانسحاب ذلك بوضوح في افتقادها لمشروع دولة جديدة. ويؤكد ذلك عدم جديتها في تجاوز مربع الصراع والتنازل من أجل السلام مقابل ما تبديه من تسامح تجاه المصالح الإقليمية وتعنت أمام مطالب اليمنيين الذين بات 70 في المئة منهم بحاجة للمساعدات الإنسانية.
تؤكد مستجدات العمليات العسكرية الأخيرة بما فيها مقتل القيادي الحوثي صالح الصمّاد، وتحركات قوات طارق صالح المدعومة إماراتياً، أن طريق العملية السياسية ما زال طويلاً، في ظل ما تُفضي إليه المؤشرات الميدانية من ترشيح لمزيد من التصعيد في جبهات عديدة بما فيها الجبهات على الحدود الشمالية لليمن مع السعودية، فيما الأخيرة على ما يبدو مُصرّة على المضي في طريق الحرب باعتباره الحل لاستعادة يمن ما قبل 21 ايلول/سبتمبر 2014 وإن كانت أي السعودية، صارت تدرك أن يمن ما بعد الحرب لن يكون كما قبلها بعدما أكلت الحرب هناك ما كان أخضراً وأعطبت ما هو في برعمه.
يراهن الحوثيون بلا شك على الحرب. فكلما طال أمدها زاد توسعهم سياسياً وتجذرهم ثقافياً في مناطق سيطرتهم، ويعزز من ذلك أصرار مقاتلات التحالف على ارتكاب المزيد من المجازر البشعة بحق المدنيين اليمنيين في مختلف مناطق سيطرة الحوثيين، وهو ما يزيد من غضب القبائل وتحول مشاعر الغضب إلى انتقام يتعزز معه التحالف القبلي الداخلي لصالح الحوثيين ضد التحالف.
من الصعب، في المقابل، أن نستبعد حرص الحكومة الشرعية على البقاء في الخارج واستتباب وضعها على ما هو عليه، ما يجعل منها ـ وفق مراقبين ـ معوقاً آخر للسلام، وهو الموقف الذي يقف خلفه الموقف السعودي المصرّ على الحرب حتى الفوز بما يحفظ لها ماء وجهها في الداخل، ويعزز موقف الشرعية المتصلب من التسوية لاسيما في ظل شعورهم المتزايد أن المفاوضات لن تكون في صالح وضعها المستقبلي، في ظل ما يحضون به من حضورٍ شعبي محدود مقابل استئثار القوى على الأرض بالوجود والحضور سواء في الشمال أو الجنوب.

الوعي المناطقي

على صعيد الجنوب فالوضع قد يذهب لمزيد من التعقيد في العلاقة بين مكونات الحراك الجنوبي في ظل تجذّر وعي مناطقي في ثقافة كل محافظة هناك، وهو ما أسهمت فيه قوات النُخب والأحزمة الأمنية التي تشكلت بدعم إماراتي في مواجهة ما تبقى من قوات الحكومة الشرعية التي أصبحت أضعف مما كانت عليه قبل مواجهات كانون الثاني/يناير الماضي في عدن.
إلى ذلك أسهمت الإمارات في دعمها لقوات طارق صالح، التي تشكّلت مؤخراً في زيادة حالة الحنق في صفوف بعض فصائل ومكونات الحراك الجنوبي حتى وإن لم تُعلنه، إلا أن الواقع على الأرض يؤشر لذلك بوضوح.
بين الشمال والجنوب لا يمكن إغفال ما تذهب إليه محافظة حضرموت في الجنوب الشرقي ومحافظة مأرب في الشمال الشرقي من تضخم مالي وتكدس أموال النفط في هاتين المحافظتين في ظل محدودية سلطة الحكومة المركزية عليهما مع تنامي نزعة استقلالية تظهر بوضوح في حضرموت.
على مستوى اليمن ككل لا يبدو أن ما قبل أحداث كانون الأول/ديسمبر الماضي كما بعده. يقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالرحمن مراد لـ»القدس العربي» إنه «منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي ثمة تسارع مذهل في المشهد السياسي اليمني. فالمعادلة الوطنية أخذت بعداً وطنياً جديداً بعد ذلك التاريخ، ويبدو المشهد أكثر غموضاً من ذي قبل، فالتحول الذي سببته الأحداث المتسارعة بدءاً من كانون الأول/ديسمبر الماضي وانتهاءً بمقتل الصمّاد، أفقد الواقع مقومات الشرعية، وكل الذي نراه أن الواقع بدأ يحدد مساراً جديداً يبدو مختلفاً عن سالفه».
ويعتقد مراد أن الواقع سوف «يشهد تحولاً جذرياً في المسار العسكري والسياسي لن يصب في مصلحة سلطة الأمر الواقع في صنعاء ولن يكون في مصلحة بعض الأطراف التي تساند التحالف منذ بدايته، بل سيكون لصالح طرف جديد وبصورة أجد مما كان الحال عليه قبل تسارع الأحداث التي تركت أثراً سلبياً على بعض الأطراف».
الحديث عن السلام في اليمن مرتبط بالحديث عن تحركات المبعوث الأممي الجديد، البريطاني مارتن غرافيث، الذي أستهل عمله في آذار/مارس من خلال جولة التقى فيها أطراف الأزمة، فزار الرياض وصنعاء وأبو ظبي ومسقط، واستمع لمختلف الأطراف، وقدم عقب ذلك أولى إحاطاته عن الأزمة لمجلس الأمن الدولي. كما بدأ مؤخراً جولة ثانية من اللقاءات تأتي «في إطار بعث روح جديدة في الاتصال بهدف استئناف المفاوضات» قُبيل أن يعلن، وفق مراقبين، «خطته لإعادة إحياء المفاوضات الهادفة لإنهاء الأزمة». وما يبعث على التفاؤل في إمكانية نجاح جهوده هو ما يظهره من الحذر والاتزان في علاقته بالأطراف وفي تعامله مع عناوين ملف الأزمة، وظهر ذلك جلياً في إحاطته الأولى لمجلس الأمن.
رئيس التحرير السابق لصحيفة «14 أكتوبر» في عدن المحلل السياسي عبدالفتاح الحكيمي، يعتقد أن حادث اغتيال صالح الصمّاد أحدث ارباكاً لجهود التسوية السياسية، ويرى «أن الحوثيين وجدوا الآن ذريعة قوية باتهام أطراف دولية كبيرة بالتورط في تصفية رئيس المجلس السياسي صالح الصمّاد وهو ما سوف يُؤخذ بعدم حيادية دول كبرى مثل أمريكا وبريطانيا». وقال لـ»القدس العربي»: قناعتي الشخصية أن الحوثيين كالعادة يهربون إلى الأمام، ولا يرغبون في تسوية سياسية عادلة لإحساسهم باستمرار قدرتهم على السيطرة على الأرض، ولا ينظرون إلى أنفسهم كطرف مساو للآخرين، بل يظنون بامتلاك التحكم بلعبة الحرب ومستقبل السلطة في اليمن».
وأضاف إن «مهمة المبعوث الأممي الجديد سوف تصبح أكثر تعقيداً لسبب بسيط، هو أن الحوثيين هم الطرف الأكثر تعنتاً في كل المفاوضات». ولم يستثن الحكومة الشرعية من افتعال العراقيل في طريق التسوية أيضاً، وقال إن «الشرعية هي الأخرى تفتعل العراقيل في دواليب المفاوضات ربما لعدم ثقتها بوجودها الشعبي والمستقبلي». وخلص إلى «إن ثمة معادلة قائمة متمثلة في رهان الشرعية على مواصلة البقاء في الخارج ورهان الحوثيين على مواصلة خيار الحرب. ويبقى الأمل في أن يحل السلام على هذه الأرض».
فيما يُبدي الكاتب أحمد ناجي النبهاني تفاؤلاً بنجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن، موضحاً لـ»القدس العربي» أن «المبعوث الجديد يستند لموقف دولي وأوروبي واضح وقوي مؤيد للسلام، ويؤمن بأن الخيار العسكري فشل تماماً، وهو ما أصبحت معه التسوية السياسية الخيار الوحيد لإنقاذ البلاد، وبناء عليه جاء اختيار مبعوث جديد يدرك ذلك جيداً».
فيما يعتقد آخرون أن أطراف النزاع مطالبون أولاً بتجاوز مصالح الصراع الإقليمي وإيثار مصالح اليمنيين من خلال النزول للسلام طريقاً لبناء دولة حقيقية في هذا البلد الفقير، وبدون ذلك ستبقى مهمة الحرب طويلة وسيبقى طريق التسوية معقداً.

 اليمن: طريق التسوية السياسية ما زال طويلاً

إيران رابحة في اليمن ما لم تخسر في غيره!

Posted: 28 Apr 2018 02:12 PM PDT

منذ اندلاعها في آذار/مارس 2015 نجحت إيران كما تعتقد هي على الأقل، في تحويل الحرب العبثية التي يشهدها اليمن لصالحها، إذ غاب فيها الحسم والحزم منذ شهرها الأول، وأًصبحت حرب استنزاف كبرى تثقل كاهل السعودية عدوها اللدود في المنطقة بعد أن أخفقت ـ وما تزال ـ كل جهودها في تحويلها إلى صديق، خصوصاً بعد رحيل العاهل السعودي السابق الملك عبد الله، ودخول العلاقات بين طهران والرياض مرحلة جديدة من الصراع على مناطق النفوذ، قال عنها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الثلاثاء الماضي أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية في نيويورك إنه صراع دمر المنطقة.
تحدث ظريف في نيويورك قائلاً: إن نتيجة الصراع بين إيران والسعودية على القوة والنفوذ في المنطقة كانت تدمير المنطقة، مشدداً على أن الحوار بين إيران والسعودية وباقي دول الخليج ومعها العراق واليمن على أساس احترام سيادة كل دولة على أراضيها، سيكون لصالح المنطقة برمتها، مضيفاً وهو يغمز من طرف خفي إلى تصريحات الرئيس الأمريكي رونالد ترامب إلى السعودية أن عليها أن تدفع مقابل حمايتها، وقال ظريف «الأمن لا يُشترى، وفي الصراع فان الكل خاسرون».
‏وأثناء وجوده في نيويورك مدافعاً عن الاتفاق النووي والسياسات الإقليمية لإيران، أجرى ظريف لقاءات مع مسؤولين غربيين وُصفت بالهامة، إذ تسربت معلومات أنه قدم مقترحات لحل الأزمة اليمنية كخطوة أولى تُعد أساسية لبناء الثقة قبل فتح باقي الملفات التي تقلق الغرب إذا تم حسم الاتفاق النووي بالإبقاء عليه.

العام الباليستي

وبينما ترفض إيران أي ربط بين ملف الصواريخ الباليستية ودورها الإقليمي الذي يوصف من قبل واشنطن وحلفائها بالعدواني، بأزمة الاتفاق النووي، أكدت أنها ستواصل التزامها بهذا الاتفاق طالما استمرت باقي الأطراف ملتزمة به وإنها «ستمزقه» إذا انسحبت منه الولايات المتحدة، ودعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الزعماء الأوروبيين الاثنين إلى دعم الاتفاق وحل الأزمة في اليمن عن طريق الحوار ملمحاً إلى الخلط حينها بين كل الملفات إذا انهار الاتفاق النووي.
وكتب على حسابه في تويتر «إما كل شيء أو لا شيء. على الزعماء الأوروبيين تشجيع ترامب ليس فقط على البقاء في الاتفاق ولكن الأهم على البدء في تنفيذ جانبه بنية صادقة».
وبدا لافتاً في هذا السياق أن الحرس الثوري الممسك بقوة بكل ما يتعلق بالبرنامج النووي وحمايته من أي اعتداء داخلي أو خارجي، ويرفض الحديث عن مجرد التفاوض حول برنامج إيران الصاروخي، أطلق الجمعة على لسان العميد حسن سلامي نائب القائد العام تصريحاً له مغزى مشيراً إلى دور الحرس الذي سيتصاعد أكثر إذا ما تخلت واشنطن وأوروبا عن الاتفاق النووي: قلنا للحكومة (الإيرانية) إن عليها إبلاغ الغرب أنه إذا انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي فان إيران ستنسحب أيضاً من الاتفاق ومن معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وستستأنف برنامجها النووي دون قيود» بمعنى السير على خطى كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة الحد من الانتشار النووي العام 2003 في السنة التي بدأت فيها مفاوضات إيران مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) وأسفرت آنذاك عن انفاق «قصر سعد أباد» الذي قضى بتعليق إيران تخصيب اليورانيوم وكان بنسبة لا تتجاوز 5 في المئة مقابل الاعتراف بحقها في امتلاك الطاقة والتقنية النووية، وبدورها الإقليمي كلاعب أساسي في حل الأزمات، ويومها لم تكن هناك من أزمة إقليمية مستعصية عدا «التسوية» مع إسرائيل . وكأنه يشير إلى «العام الباليستي» كورقة قوية سيجري توظيف الجدل حول الدور الإيراني في اليمن بشكل خاص قال نائب قائد الحرس الثوري: «لا أهمية لانسحاب أمريكا من الاتفاق النووي لأن إيران ستحقق مزيداً من التقدم وتتخلص من العقبات، وقد أوجدت قوة عظيمة لها في سوريا والعراق واليمن ولبنان، بينما ليس لأمريكا قوة هناك، وهي لا تملك استراتيجية في سوريا والعراق، فمهما استخدمت من قوة لن يحدث أي تأثير لذلك».

لماذا اليمن؟

رغم أنها تنفي على الدوام التورط المباشر، تلعب إيران دوراً متعدد الأبعاد في الحرب الدائرة في اليمن. فما تعلنه في خطابها الرسمي وهو صحيح إلى حد ما ما عدا المقاربة التي تضعها في مواجهة إسرائيل على حدود باب المندب، فأن اليمن لا يتمتع بأي أهمية استراتيجية أو جيوسياسية مميزة لإيران، كما أن الحرب اليمنية لا تُشكل تهديداً لأمنها القومي مثلما الحال في سوريا والعراق، لكن هناك الكثير من الأسباب التي تدفع إيران للقيام بدور في العلن وخلف الكواليس، في الحرب اليمنية، لقلب الموازين لصالحها.
فعلى صعيد الدستور، تشكل المادة 154 ركيزة أساسية في سياسة الجمهورية الإسلامية الخارجيّة وهي تلزم إيران بتقديم الدعم للمسلمين والمستضعفين في العالم بشرط ألا يتعارض ذلك مع سيادة الدول ومبدأ عدم التدخل في شؤونها الداخلية. ولهذا ترى نفسها ملزمة دستورياً بعدم التخلي عن اليمن خصوصاً وهي لا تعترف بحكومة الرئيس هادي وتعتقد أنها غير شرعية، بما يسمح لها ذلك باستعراض قوّتها في وجه السعودية أحد أكبر منافسيها في المنطقة.
ومن الطبيعي في ظل قيام حكومة يمنية أخرى شعارها أيضاً «الموت لأمريكا» فان التحالف معها، سيمكن إيران من قلب الموازين في اليمن واستغلال مواجهة النفوذ الأمريكي هناك لصالحها.
وإلى جانب الالتزام الدستوري يبرز العامل الاستراتيجي، إذ تعتبر إيران نفسها أقوى دولة في منطقة الشرق الأوسط، لذا تسعى لإظهار نفسها الأقوى للأهمية الاستراتيجية وموقعها الجغرافي، وقدراتها العسكرية والاقتصادية وتعداد سكانها الكبير ومواردها الطبيعية.
ولذلك، اختار القادة في طهران تبني سياسات مواجهة النفوذ الدولي الذي تنامى في المنطقة، منذ حربها مع العراق الذي حملته مسؤولية ذلك، ومواجهة نفوذ السعودية فيها وتغيير موازين القوى لصالحها.
لكن وعلى عكس السعودية التي تمثل الأزمة اليمنية خطراً يهدد أمنها القومي بحكم الجوار في شريط حدودي يقرب من 1770 كيلو متر، فان إيران البعيدة تستفيد من هذا الجوار، لتحويله إلى تهديد مستمر لخصمها اللدود في السعودية وقد نجحت في إظهار هذه الصورة للمشهد اليمني وهي أنها تتحدى السعودية عندما اضطرت الأخيرة إلى نقل مكان القمة العربية من الرياض، إلى الدمام والاحتماء بالشيعة هناك بما يعكس ذلك من رمزية التحدي.
وعلاوة على هذا كله فإيران تسعى لإبقاء خصمها اللدود السعودية في مستنقع اليمن لتقييد تدخلها ونفوذها في أزمات المنطقة الأخرى، مثل العراق وسوريا ولبنان والبحرين. كما أنها تسعى من خلال الاستفادة من خطأ الرياض في اطالتها الأزمة اليمنية، لاستخدامها كأداة ضغط على المملكة لتغيير سياساتها حيال سوريّا بشكل خاص وردعها عن التفكير في إرسال قوات إلى هناك بينما هي عاجزة عن حسم عاصفتها في اليمن التي كان يفترض أن تستمر أياماً أو بضعة أسابيع فَطَال أمدها.
اقتصادياً لا تُعتبر اليمن مكلفة لطهران عكس السعودية، ونظراً للمنافسة التي يغلب عليها أحياناً الجانب المذهبي، ترى طهران نفسها الأقوى إذا ما حافظت على نفوذها في اليمن، لكسر شوكة الرياض.
من هنا فان الحرب في اليمن سواء استمرت أم توقفت، فان إيران، تعتقد انها ستكون الرابح الأكبر فيها ما لم تحدث انهيارات في صفوفها في سوريا والعراق ولبنان.

إيران رابحة في اليمن ما لم تخسر في غيره!

نجاح محمد علي

الباحثة التونسية في قضايا الفكر والإسلام منية العلمي: التّعاطي الجامد مع الموروث السّبب المباشر للتطرّف الدينيّ

Posted: 28 Apr 2018 02:12 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: الباحثة التونسية في قضايا الفكر والإسلام د. مــنيـة الـعلـمي هي أستاذة محاضرة في المعهد العالي لأصول الدين، جامعة الزيتونة في تونس. مختصّة في علوم القرآن والتفسير، ومهتمّة بالفكر الإسلاميّ المعاصر وقضايا المرأة، وهي عضو لجنة انتداب الأساتذة في اختصاصها، وكذلك عضو مخبر دراسات «الفكر الإسلامي وتحوّلاته وبناء الدولة الوطنيّة». لها عدد من المؤلّفات المنشورة مثل: ولو جئنا بمثله مددا- في العلاقة بين السياق وعلوم القرآن، تفنيد التّفنيد: في الردّ على القرآنيّين ومنكري النّسخ، وكتب أخرى في الاختصاص، وهي بصدد طبع كتابها «أزمة المقدّس النسويّ بين التّفاسير والكتابات المعاصرة». تعتبر الباحثة ان ليس هناك مدى محدّد لإعادة قراءة تاريخنا، فتلك مسألة طبيعيّة في سيرورة الإنسان وبناء الحضارة، والمسلمون اليوم مطالبون بالانخراط في ذلك المسار الطبيعيّ لحركة التّاريخ. وترى ان التّعاطي الجامد مع الموروث يعتبر السّبب المباشر للتطرّف الدينيّ الذي نبحث له اليوم عن حلول. وتشير إلى ان كلّ حركات الإصلاح الدينيّ ستبقى قاصرة ما لم تنطلق من مراجعات تاريخيّة للموروث الإسلاميّ وما لم تفّعل دور العقل في إطار مفهوم الختم «ختم الرّسالة المحمديّة».
○ إلى أيّ مدى نحتاج إلى إعادة قراءة تاريخنا وموروثنا أو هل نحن في حاجة إلى حركة إصلاحية دينية جديدة؟
• ليس هناك مدى محدّد لإعادة قراءة تاريخنا، فتلك مسألة طبيعيّة في سيرورة الإنسان وبناء الحضارة. والمسلمون اليوم مطالبون بالانخراط في ذلك التمّشي الطبيعيّ لحركة التّاريخ، بتنقية ذلك الموروث وغربلته وتحريره من القداسة الموهومة على اعتباره جهدا بشريّا تفاعل مع واقعه في لحظة من لحظات التاريخ، فالفكر الإسلاميّ بتقديسه لذلك الموروث يغلق على نفسه منافذ الإبداع، ويعطّل فعل القراءة للمقدّس الأصل: القرآن الكريم، ويتوّرط في مغالطة تاريخيّة تمّسك بها طلبا لنجدة، ودفعا لكلّ «خطر» وافد، لا يحمل علامة الجودة المقدّسة في نظره.
غير أنّ هذه المراجعات لا تعني بتاتا الانفصال عن ذلك الموروث، بقدر ما تعني عدم الوقوف على أعتابه ومحاولة استرجاعه منهجيّا ومعرفيّا، فلا يمكن في اعتقادنا التّأسيس لإصلاح دينيّ مؤكدّ وضروريّ، دون تحديد العلاقة مع ذلك الموروث، ودون إنتاج أدوات معرفة متساوقة مع واقع متحرّك، فالمنظومة الأصوليّة الفقهيّة مثلا في حاجة للتّجديد والإثراء والمراجعة، ونحن لا نتفهّم هذا الحرص على تسييجها بمغلقات أبديّة.
ويجب أن نعي أنّ هذا التّعاطي الجامد مع الموروث يعتبر السّبب المباشر للتطرّف الدينيّ الذي نبحث له اليوم عن حلول. وكلّ حركات الإصلاح الدينيّ ستبقى قاصرة ما لم تنطلق من مراجعات تاريخيّة للموروث الإسلاميّ، وما لم تفّعل دور العقل في إطار مفهوم الختم «ختم الرّسالة المحمديّة» وما لم تجدّد مناهجها المعرفيّة وتنفتح على الحديثة منها وخصوصا المنهج الاستقرائيّ التحليليّ المقارن.
○ لقد حاول عدد من المفكرين العرب «نقد العقل الإسلامي» من أجل إيجاد وخلق وعي جديد للإسلام فما تقييمك لتجاربهم، ونذكر بالخصوص الفيلسوف محمد اركون الذي دعا لإعادة قراءة القرآن وتفسيره وفق مناهج النّقد الأدبي الحديث؟
• نعتقد أوّلا أنّ النّقد يكون للفكر وليس للعقل، لأنّ العقل واحد -على رأي عليّ حرب في نقده للجابريّ – والفكر هو الذي يكتسب التنّوع، ومن الطبيعيّ أن نتوّقف عند تجارب متعدّدة في نقد «العقل» الإسلاميّ، وهي كلّها تجارب ردّ فعليّة، عميقة أحيانا، إزاء الوضع السياسيّ والثقافي والاجتماعي للمجتمعات المسلمة اليوم، وهو وضع شبيه بزمن الحواشي والنّقول، بمعنى قرون الجمود وغلق باب الاجتهاد، وكانت أولى تلك التّجارب مع الأفغانيّ ومحمد عبده في نسخة العودة إلى «الصّفاء الأوّل» – وإن اختلفت المناهج والسّياقات – ثمّ بعدها نتوّقف عند مشروع الجابريّ في نقده للعقل العربيّ وما يتّسم به من إغراق في القضايا الميتافيزيقية، مرّكزا منهجه الإصلاحيّ على ضرورة القطع المعرفيّ مع المرحلة اللاّهوتيّة، غير أنّ مؤاخذتي على تلك التّجارب ترتكز بالأساس على علاقتها بالنصّ المتعالي، فهي تقريبا تنسفه كرؤية للعالم وللوجود، نتيجة استخدامها للمنهج التاريخيّ النقديّ، وهو منهج إلى جانب كونه استشراقيّا، فهو أيضا منهج غير منصف في قراءة الموروث لأنّه يقرأه من الخارج بعيون الحداثة، ممّا أوقع تلك التّجارب في إشكال التاريخيّة، بمعنى انتهاك العلاقة الروحيّة بين المسلمين وبين كتابهم، والتّفاعل معه كـ»منتج بشريّ» متناسية بعده الإلهيّ المقدّس.
وبالمثل يقع الفكر الإسلاميّ في خطأ مماثل باستنساخه المنهجيّ والمعرفيّ للفهوم الأولى وإصراره على التّقوقع داخل تلك الفهوم ورفض عمليّة تواصل الفهم التّي دشّنها الأولّون ومن دورنا وواجبنا عدم قطعها، فإن قطعناها تخبّطنا فيما نتخبّط فيه اليوم!! نحن ندعو لإنتاج مناهج جديدة تنسجم مع السّياقات الحديثة، ومع الوضع المتردّي الذي عليه الأمّة الإسلاميّة اليوم، وهذا لا يعني تسليط مناهج غريبة عن ثقافتنا وواقعنا، فذلك سوف يؤزّم ذلك العقل أكثر فأكثر، لذا لا بدّ من استنباط مناهجيّ ومعرفيّ متماه مع أساسيّات النصّ: الفكر المقاصديّ وجوهر الدّين.
فنحن نطالب بإصلاح في الخلفيّة المنتجة لفهوم النصّ، وفق تجديد آليّات ومناهج الفهم لننزع عن المدّونات السّابقة طابع القداسة الذي استقرّ في الوعي الجمعيّ للمسلمين، وهذا لا يتمّ بالقطع مع تلك المدّونات التّي نعتبرها مؤسّسة لذلك الفكر، فنحن بحاجة لإحداث وعي جديد بالدّين بمنأى عن تقديس الفكر الدينيّ، فأركون في نقده للعقل الإسلاميّ يعتبره غير قادر على التحرّر من سلطة «الرّسالة» وهو يقصد الفهوم الأولى التّي نُسجت حولها أصوليّا وفقهيّا، لذلك هو يدفع ذلك العقل نحو أخذ مسافة نقديّة مع «الرّسالة نفسها» ونحن ندعو لتثوير «الفهم» لتلك الرّسالة عبر الالتفات لجوهرها وأبعادها الشموليّة الكونيّة، بمعنى التّمييز بين الشّريعة والتّشريع، لأنّ التّشريع جزئيّ مرحليّ يتنّزل في سياقه السوسيوتاريخيّ، والشّريعة باقية في قيمها التّي تتمثل المشترك الإنسانيّ كما يتمثّلها.
○ هناك جدل كبير اليوم في تونس حول الإرث ومسألة المساواة في الإرث بين الرّجل والمرأة، فما رؤيتك لهذه المسألة الهامة؟ وما تقييمكم لدور المرأة التونسية وهذه الثورة «النسويّة» الجديدة إلى أين تسير؟
• »الثّورة النسويّة» كما تسّمينها، ليست جديدة في تونس، فهي كانت وما زالت مرتبطة بمعارك التحرّر الإنسانيّ عموما وليست بمنأى عنها، فلقد خاضت المرأة التونسيّة عديد المعارك والنّضالات عبر تاريخها الطويل منذ الكاهنة البربريّة إلى معركة التّحرير من المستعمر الفرنسيّ، وصولا إلى إسهامها في الثورة التونسيّة، وصمودها بعد ذلك للمحافظة على مكاسبها في مجلة الأحوال الشخصيّة التّي هدّدتها بعض مخرجات الثّورة، وصولا إلى فرضها كفصول قانونيّة في دستور 2014 حيث أكّد في الفصل 46 منه على أنّ «الدّولة تلزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها» فيما نصّ الفصل 21 منه على أنّ «المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز». وعليه فإنّ المرأة التونسيّة في ثورة مجتمعيّة متواصلة وليست في ثورة نساء بالمعنى النسويّ، فالمطالبة بتعزيز منظومة حقوق المرأة يتنزّل ضمن سياق تاريخيّ لنضالات يوميّة للمرأة التونسيّة، أمّا عن الفكر النسائيّ التونسيّ في علاقته بالمفاهيم الدينيّة – وليس بالدّين- فلقد دشّنته أروى القيروانيّة التّي اشترطت على زوجها عدم الزّواج بثانية وعدم التسّري بملك اليمين وإلاّ فكّت منه عصمتها. لذلك فإنّ الجدل القائم حول المساواة في الميراث بين الجنسين هو جدل طبيعيّ بالنسبة للمرأة التونسيّة في مسيرة نضالها الطويلة نظرا لما عاينته من مظالم كثيرة تُسّلط على المرأة باسم الدّين وهو منها براء، وخصوصا المرأة الريفيّة التّي تُحرم حقّها في الميراث وتُذّنبها العائلة إذا ما طالبت به بل وتذهب في بعض الأسر للتبرّؤ منها، ذلك أنّ المجتمعات العربيّة الإسلاميّة ما زالت مجتمعات أبويّة بالصيغة المشّوهة، بمعنى تنتج المرأة فيها وتسهم في نماء ثروة العائلة وأحيانا كثيرة تكون هي العائل الوحيد لها، لكن عندما يتعلّق الأمر بالميراث تستحضر مجتمعاتنا التّرسانة الدينيّة والفقهّية والعرفيّة لتحرم المرأة حقّها.
ولا يجب أن ننكر وجود قراءات جديدة لآية الميراث، تنطلق من عدم اعتبار مسألة الميراث مسألة عباديّة بل هي من فقه المعاملات الذي اختلف حوله الصّحابة (ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم) وأنّ الآية على ذلك ليست قطعيّة الدّلالة، بمعنى يحرّم تحريك الأنصبة فيها بالزّيادة في حظّ المرأة وخصوصا بالنّسبة للأخت مقارنة بأخيها، ويعتبر أصحاب تلك القراءة، أنّ قطعيّة تلك الآية تتمثّل في عدم حرمان المرأة من حظّها الأدنى في الميراث، وهو ما حدّده الشّرع الحكيم في الآية والذي لا يجب النّزول دونه، فهو الفريضة المذكورة في آخر الآيات «فريضة من الله» فعناية الله عزّ وجلّ لم تكن لتتّجه نحو تحديد أنصبة لا يقع تجاوزها، وإنّما حكمته تعالى أرادت حفظ حقّ المستضعفين من اليتامى والنّساء، كما جاء في أوّل سورة النّساء، فآيات المواريث – بالنسبة لأصحاب تلك القراءة – هي تفصيل ربانيّ للمغزى الأصليّ الذي تضمّنته أولى آيات سورة النّساء، ولا تحمل قراءة منتهية في الأنصبة والمنابات، وإلاّ لما اجتهد فيها الصّحابة ولما وقع الاجتهاد بتوريث بعض الأقارب كما ورد في آية الوصيّة، اجتهاد اقتصر على الأحفاد للابن ولم يشمل الأحفاد للبنت في قراءة فقهيّة ذكوريّة بامتياز سعت للحفاظ على مقوّمات المجتمع الأبويّ، كما بالنسبة لميراث الأعمام دون العمّات أيضا. فالمنهج القرآنيّ في سياق نزول الآية والذّي اقتضى حينها التّفاوت في مقدار النّصيب، لم يقع فيه اعتبار الفرق بين الأنوثة والذّكورة، بدليل تخلّف تأثيره في صور كثيرة منها قوله تعالى: «وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ..»، ومن ذلك التّساوي بين الإخوة للأمّ ذكورا وإناثا، وقد ترد أحوال يزيد فيها حظّ الأنثى على الذّكر.
وشخصيّا أنفتح على كلّ القراءات الاجتهاديّة ما دامت معلّلة تعليلا شرعيّا، وفي هذا السّياق تنّزلت اجتهادات عمر رضي الله عنه في آيات واضحة الدّلالة، كما بالنّسبة للمؤلّفة قلوبهم واجتهاده في عدم تطبيق قاعدة الفيء والغنائم على الجنود الفاتحين في تقسيم أرض السّواد، وكذلك اجتهاده عام الرّمادة، لأنّه – رضي الله عنه – كان قارئا جيّدا للأسيقة الاجتماعية والاقتصاديّة وغيرها.
○ كيف تفسرين تفشي الفكر التكفيري المتطرف ولماذا الشباب العربي يقبل على هذه الجماعات الإرهابية؟ وماذا بعد الداعشيّة»؟
• هذا يعود إلى ما ذكرناه في بداية هذا اللقاء، فتنبيهنا لخطورة الجمود على الفهم، وتقديس كلّ الاجتهادات البشريّة، كلّ ذلك يطلق العنان للقراءة الاحاديّة التّي تعتقد في امتلاك الحقيقة، في حين أنّ القرآن الكريم ينبض بالمعنى وبالحياة، ودور الإنسان المستخلف هو عدم التوّقف عن استنطاق النصّ وعن كشف إمكاناته وتفجير طاقاته امتثالا لأمره تعالى وحثّه على التدّبر.
فالفكر التكفيريّ باعتباره فكرا إقصائيّا هو نتيجة طبيعيّة للقراءة الإقصائيّة، التّي أعدمت السياقات جميعها، فهي قراءة متواطئة مع العنف، فما يسّمى بآيات القتال مثلا هي آيات اجتثّت من سياقها التاريخيّ الذي وردت فيه، ووقع التلاعب بمنظومة الناسخ والمنسوخ في سبيل نسخ كلّ آيات حريّة المعتقد والتجادل مع المختلف، والتعايش معه، كقوله تعالى «لا إكراه في الدّين».
أمّا عن أسباب إقبال الشباب العربيّ على هذه الجماعات فهي مختلفة وتتراوح بين الجهل بالدّين وبقيمه وبالرّوح السّمحة للشّريعة، لتصل إلى العوامل الاجتماعية والاقتصادية الهشّة وإلى عوامل نفسّية تجعل من الفاشل في الدّراسة أو في غيرها «أميرا» أو وزيرا أو قائدا لكتيبة.
يجب أن تعلمي أنّ تلك الجماعات تعمل على عزل الشّاب عن محيطه وعن وطنه فتغتال فيه شعور الانتماء لسواها باعتبارها جماعات تجاهد في سبيل الله. هذا العزل يتمّ من خلال تلقينه أصول دينيّة مغلوطة باعتمادها تأويلات منحرفة، فيندفع نحو حاكميّة الله والولاء للأمّة والبراء من كلّ النّظم الوضعيّة التي لا تحكم بغير ما أنزل الله، ويكّفر بعد ذلك كلّ من خالفه ذلك المعتقد.
○ ما هي خصوصيّة المدرسة الزيتونيّة التونسيّة ودورها، ولماذا بقيت عاجزة أمام هبوب تيّار التطرّف الدينيّ وتأثرّ الشباب التونسي به؟
• تميّزت المدرسة التونسيّة الزيتونيّة بكونها مقاصديّة، وليس أدلّ على ذلك من كونها كانت سبّاقة لإلغاء الرقّ في 23 كانون الثاني/يناير سنة 1846 وذلك على يد أحمد باشا باي، عندما قرّره في خطوة جريئة وسابقة بعشرات السّنين لأعتى الديمقراطيّات ولكافة الدّول العربيّة. فللمدرسة التونسيّة المقاصديّة، أسبقيّة معالجة كافة أشكال الظّلم والاستعباد التّي تمارس ضدّ المهمّشين، والمستضعفين، والذين هم في وضعيّات هشّة اجتماعيّا واقتصاديّا. ولقد ساندت هذه المدرسة إلغاء تعدّد الزّوجات المحسوم قانونيّا في بلادنا بموجب الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصيّة، والتّي مثّلت لائحة الشيخ جعيّط مرجعا أساسيّا لها، فلقد وجدت المجلّة جذورها في لائحة الأحكام الشرعيّة المستمدّة من الفقه الإسلامي وتحديدا من المذهبين المالكيّ والحنفيّ، فالمجلّة هي في الواقع، تقنين للفقه الإسلامي.
أمّا استعمالك لمصطلح «العجز» فأجد فيه مبالغة، ذلك أنّ الظاهرة لا تتعلّق بتونس أرض الفكر المقاصديّ وبلد صاحب التّحرير والتنوير الشيخ العلاّمة محمد الطاهر بن عاشور – رحمه الله – فحسب، فاستقطاب الشّباب وميل فئة منهم لفكر تلك الجماعات والتحاقهم بها، حدث في بلاد الحرمين، كما نجده في باكستان وفي دول إسلاميّة أخرى، ويكفي ذكر أنّ زعيم القاعدة لا يحمل الجنسيّة التونسيّة إلى جانب قيادات كثيرة فيها وفي ما يسّمى بتنظيم «داعش» ثمّ لا تنسي الإمكانات الماليّة واللوجستيّة الرّهيبة لذلك التّنظيم والتّي مكّنته من الاستقطاب عن طريق الإنترنت بل وعن طريق الإغراء المادّي. فواجبنا اليوم وواجب كلّ الدّول الإسلاميّة بالخصوص أن تسعى للتّأسيس لتصحيح المفاهيم حول الإسلام وأن تعمل على دعم القراءة المقصديّة للنصّوص القرآنيّة، وأن تفّعل الآليّة السياقيّة في التعاطي مع تلك النصّوص، حتّى نقي شبابنا خطر تلك الآفة المهدّدة لنا جميعا.
وجامعة الزّيتونة كانت وما زالت الجامعة العلميّة الأكاديميّة التّي تدّرس العلوم الشرعيّة، إلى جانب الفلسفة والاقتصاد وعلم الاجتماع الدينيّ وموّاد كثيرة أخرى إلى جانب اللغات، وهي تسعى باستمرار نحو الإصلاح والانفتاح على مختلف المناهج والمعارف، فهي اليوم فسيفساء تونسيّة أصيلة من التعدّد والتنّوع الذي يصنع ميزتها الفريدة.

○ في ظل ما يشهده العالم والإقليم من إعادة ترتيب التاريخ والجغرافيا وحتى البشر وفق موازين القوى الدولية، هل يمكن اعتبار ما يحدث هو جزء من صراع الحضارات؟
• سؤالك متضمّن للإجابة، فلقد تفضّلت بالحديث عن موازين قوى دوليّة بمعنى أنّها لعبة الكبار في سعيهم المحموم لامتلاك الثروة والأرض، والثروة لم تعد تعني ذلك المعنى المستهلك، فهي إلى جانب ذلك أصبحت تعني المصلحة أيّا كانت وقد تُقدّر بصوت في مجلس الأمم. فالمصالح الاقتصاديّة والتوازنات الجيوسياسية هي الماسكة بخيوط اللعبة، وقد يقتضي ذلك إعادة ترتيب التاريخ والجغرافيا وإعادة فرمتة البشر، إنّها لعبة قذرة، لعبة السّلطة التي لا يمكن امتلاكها بغير النفوذ الماديّ أيّا كان مصدره وأيّا كانت الوسيلة إليه، ولذا فإنّ كلّ الدّول الكبرى هي متواطئة في تلك القذارة، وحتّى الدّول الإقليميّة فهي ترعى مصالحها في المنطقة. هذا دون الحديث عن البنوك العالميّة والشركات المتعدّدة الجنسيّة ومصانع الأسلحة ومافيا التّهريب التّي لا تنتعش إلاّ في مثل هذه الأوضاع المتأزّمة، فالقضايا الإنسانيّة وكلّ مفردات حقوق الإنسان ليست إلاّ تلك الموسيقى المرتفعة الصّوت التّي يراد بها حجب صراخ الأطفال الذين يموتون كلّ يوم لأجل عيون الصهيونيّة العالميّة.
○ نعيش اليوم لحظة تاريخية فارقة، فكل هذا البؤس الحضاري كيف يمكن مواجهته وهل يمكن للشباب العربي أن يحقق خلاصه؟
• قال تعالى:»إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم» فهذا البؤس الحضاريّ الذي تتحدّثين عنه صنعناه بأيدينا،عندما ألغينا دور العقل وابتعدنا عن جوهر الدّين وعن قيمه الكونيّة، وانغلقنا على أنفسنا في حركة استرجاعيّة لماض يختزل كلّ مآسينا، فمنذ لحظة اغتيال الفكر الاعتزاليّ، بدأ العدّ التنازليّ لحركة الوحي ولفعل القراءة كمعطى مؤسّس لذلك الفعل، ومحقّق لدلالة الاستخلاف، وعندها عادت مؤسّسة الكهنوت الجاهلة واحتكرت المعنى وأجهضت كلّ إبداع، فكيف تطلبين أن نؤسّس حضارة في غياب فكر مجدّد يستلهم الماضي ولا يقف متباكيا على أعتابه؟ لماذا تهاجر الأدمغة العربيّة ولماذا يهاجر الشباب العربيّ؟ وأين؟ إلى «ديار الكفر» ديار الغرب، لأنّنا لم نثوّر النصّ بل لم نقرأه حتّى!! المطلوب اليوم التّأسيس لفهم معاصر، فهم أخلاقيّ قيميّ، فهم محرّر مسؤول، فلو غيّرنا ما بأنفسنا لتحوّلنا فعلا إلى حضارة النصّ.
شبابنا اليوم ليست لديه ثقة في حكوماته وفي سياساتها، فهو يحتاج شحنة من الثقة وهذه إذا ضاعت تصعب استعادتها.
وفي ختام هذا اللقاء أدعو الشباب العربيّ المسلم وغيره، إلى طلب العلم وإلى إحياء قيمة العمل كفلسفة وجود وكفلسفة حياة، كما أدعوه إلى صناعة الإبداع، وإلى عدم التخلّي عن حلمه في حياة أفضل هي من حقّه لو استنهض همّته لأجلها، فالعلم والعمل وحدهما سبيله إلى الخلاص.
○ ماهي إنتاجاتك المقبلة؟
• لدينا كتاب جديد سيصدر قريبا، وهو عبارة عن قاموس في المصطلح الإرهابيّ في تونس، اشتركت في تأليفه مع الدّكتورة راضية بن عيّاد والدكتورة إقبال الغربيّ.

الباحثة التونسية في قضايا الفكر والإسلام منية العلمي: التّعاطي الجامد مع الموروث السّبب المباشر للتطرّف الدينيّ

روعة قاسم

أحكام الإعدام وتنفيذها في العالم

Posted: 28 Apr 2018 02:12 PM PDT

نيويورك (الأمم المتحدة) ـ «القدس العربي»: أطلقت منظمة العفو الدولية مؤخرا تقريرها الجديد حول ممارسة «حكم الإعدام وتنفيذه» لعام 2017 في العالم. وقدم التقرير للصحافة في الأمم المتحدة تاواندا موتاسا، مدير قسم القانون والسياسات في المنظمة وشيرين تادرس، رئيسة مكتب منظمة العفو الدولية في نيويورك. وفي تقديمه للتقرير، قال موتاسا إن منظمة العفو الدولية شهدت تنفيذ 993 عملية إعدام في 23 بلدا خلال عام 2017 وهو انخفاض بنسبة 4 في المئة بالمقارنة مع عام 2016 الذي شهد تنفيذ 1039 عملية إعدام، وانخفاضا بنسبة 39 في المئة مقارنة مع عام 2015 (الذي شهد أعلى رقم من عمليات الإعدام منذ عام 1989 بتنفيذ 1634 عملية). وشهد عام 2017 تسجيل 2591 حكما بالإعدام في 53 بلدا، وهو ما اعتبر تراجعا ملموسا مقارنة بالرقم القياسي المسجل في 2016 والبالغ 3117 حكما. ولا تشمل تلك الأرقام آلاف عمليات وأحكام الإعدام التي تعتقد منظمة العفو الدولية أنها قد نُفذت أو فُرضت في الصين التي لا تزال تعتبر الأرقام المتعلقة بالعقوبة من أسرار الدولة.
وأضاف المسؤول في المنظمة الدولية، إن غينيا ومنغوليا قد ألغتا عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم، ليصل بذلك مجموع عدد البلدان التي ألغت العقوبة لغاية نهاية عام 2017 إلى 106 بلدان. وبعد أن ألغت غواتيمالا عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم العادية مثل القتل، بلغ عدد البلدان التي ألغت العقوبة في القانون أو في واقع الممارسة الفعلي 142 بلداً. وظل عدد البلدان التي ما زالت تنفذ عمليات إعدام على حاله منذ عام 2016 وبواقع 23 بلدا غالبيتها من الدول العربية والإسلامية، وإن كانت بعض الدول قد استأنفت تنفيذ الإعدامات بعد فترة توقف مؤقت منها الأردن وباكستان والكويت والبحرين.
وقام 15 بلدا بفرض أو تنفيذ أحكام بالإعدام على خلفية جرائم متعلقة بالمخدرات، وهو ما يخالف أحكام القانون الدولي. وسجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أعلى رقم من عمليات الإعدام المنفذة على خلفية جرائم المخدرات في عام 2017. كما شهدت بلدان أخرى القيام بجهود لرفع الحد الأدنى من كميات المخدرات التي تجيز حيازتها الحكم بالإعدام إلزاميا. وتم تعديل قوانين مكافحة المخدرات في ماليزيا بحيث أصبحت تنص على منح القاضي السلطة الاستثنائية للحكم في قضايا الاتجار بالمخدرات. ومن المرجح أن تقود تلك التعديلات إلى انخفاض عدد أحكام الإعدام الصادرة في البلدين.
وحول الإعدام على خلفية المخدرات، سجلت منظمة العفو الدولية تنفيذ إعدامات في أربعة بلدان هي الصين وإيران والسعودية وسنغافورة. وأعدمت سنغافورة 8 أشخاص شنقا في 2017 على خلفية جرائم متعلقة بالمخدرات، وهو ضِعف عدد الذين أُعدموا عام 2016. ولوحظ وجود توجه مشابه في السعودية التي سجلت فيها عمليات الإعدام بحد السيف على خلفية جرائم المخدرات ارتفاعا كبيرا بحيث شكلت 40 في المئة من مجموع عمليات الإعدام المنفذة عام 2017 بعد أن شكلت 14 في المئة فقط من مجموع إعدامات عام 2016.
ويشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن الكثير من البلدان التي شهدت الحكم بإعدام أشخاص أو تنفيذ الأحكام بحقهم، لم تلب الإجراءات القضائية حسب المعايير الدولية المرعية بالنسبة للمحاكمات العادلة. ويشمل ذلك انتزاع الاعترافات تحت وطأة التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة لا سيما في بلدان مثل البحرين والصين وإيران والعراق والسعودية.

أحكام الإعدام وتنفيذها
في الشرق الأوسط

وعن بلدان الشرق الأوسط قال تقرير منظمة العفو الدولية إن المنطقة شهدت تراجعا طفيفا في نطاق استخدام عقوبة الإعدام في العام 2017 أي أن عدد العمليات المسجل في المنطقة قد انخفض بنسبة 1 في المئة فقط من 856 عملية عام 2016 إلى 847.
ويؤكد التقرير أن إيران ما زالت تحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط والثانية عالميا بعدد 507 عمليات تنفيذ حكم بالإعدام تليها السعودية بـ 146 حالة تنفيذ بحكم الإعدام ثم العراق (125). وقال موتاسا إن إيران شهدت تراجعا في عدد عمليات الإعدام المسجل بنسبة 11في المئة وانخفض عدد عمليات الإعدام على خلفية جرائم متعلقة بالمخدرات بنسبة 40 في المئة.
والمفاجئ في التقرير تصنيف مصر في المرتبة السادسة عالميا والرابعة في الشرق الأوسط بتنفيذ 35 حالة إعدام من بينهم امرأة. كما صدرت أحكام إعدام في 402 قضية (394 رجلا و8 نساء). ويقول التقرير عن 88 حكم إعدام صدرت ضد رجال في قضايا عنف سياسي، من بينهم 24 حالة تعرضوا لمحاكمات غير عادلة وحوكموا في محاكم عسكرية.
بينما تم تنفيذ 15 حكما بالإعدام في الأردن الذي كان قد توقف عن تنفيذ أحكام الإعدام لمدة تصل إلى نحو عشر سنوات و7 حالات إعدام في الكويت و6 إعدامات في دولة فلسطين نفذت في غزة بتهم التعامل مع العدو وهناك 16 شخصا آخرين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام. ويقول التقرير إن البحرين نفذت ثلاثة أحكام إعدام وأصدرت 27 حكما بالإعدام. وللعلم فالبحرين والكويت والأردن من بين الدول التي استأنفت تطبيق حكم الإعدام مؤخرا على خلفية «تهمة ممارسة أو الضلوع في عمليات إرهابية». كما نفذت دولة الإمارات العربية المتحدة حكم إعدام واحد.
وأكدت منظمة العفو الدولية فرض ما لا يقل عن 619 حكما بالإعدام في المنطقة خلال عام 2017 وشكل ذلك تراجعاً بعدد الأحكام الصادرة عام 2016 والبالغ عددها 764 حكماً بالإعدام. وجاءت مصر من الدول التي أصدرت أكبر عدد من أحكام الإعدام في المنطقة.
أما الدول العربية التي لم تمارس حكم الإعدام فهي: الجزائر وتونس والمغرب وعُمان وقطر ولبنان والسودان.

افريقيا

بالنسبة للقارة الافريقية فقد شهدت تخفيضات أكبر في تنفيذ عمليات الإعدام ولم ينفذ حكم الإعدام خلال العام 2017 إلا في بلدين فقط (الصومال وجنوب السودان) مقارنة بخمسة بلدان تم تسجيل تنفيذ عمليات إعدام فيها عام 2016. وقد سجلت منطقة افريقيا جنوب الصحراء خطوات إيجابية لا سيما مع تراجع العدد المسجل من البلدان التي نفذت عمليات إعدام.
نُفذت 24 عملية إعدام في الصومال، وأربع عمليات في جنوب السودان، وشكل ذلك زيادة طفيفة في البلدين مقارنة بعام 2016 الذي شهد تسجيل تنفيذ 22 عملية إعدام. وسجلت أحكام الإعدام انخفاضا في عام 2016 من 1086 حكماً على الأقل إلى 878 حكما بالإعدام.
وظلت نيجيريا تحتفظ بأكبر عدد من المحكومين بالإعدام مع نهاية العام حيث صدر 621 حكما بالإعدام لكنها لم تنفذ أيا منها.

الولايات المتحدة الأمريكية

الولايات المتحدة قد تكون هي الدولة الوحيدة التي ينفذ فيها حكم الإعدام على مستوى المناطق والولايات لا على أساس مركزي فدرالي.
وقد وصل عدد عمليات الإعدام المنفذة عام 2017 إلى 23 عملية وصدرت أحكام بالإعدام في 41 قضية. وهذا يشكل ارتفاعا طفيفا في الولايات المتحدة مقارنة بالعام 2016 ولكن ظل ذلك ضمن نطاق الاتجاه العام التاريخي نحو الانخفاض خلال السنوات الماضية. وخرجت الولايات المتحدة للسنة التالية على التوالي وللمرة الثانية منذ عام 2006 من قائمة الدول الخمس الأكثر تنفيذا لعمليات الإعدام في العالم، حيث تراجعت من المرتبة السابعة إلى الثامنة في تلك القائمة.
كما ارتفع عدد الولايات التي نفذت عمليات إعدام من 5 عام 2016 إلى 8 ولايات بعد استئناف ولايات أركنسو وأوهايو وفيرجينيا تنفيذ عمليات الإعدام بعد توقفها لفترة. وأصدرت المحاكم الفدرالية في أربع ولايات هي أيداهو وميسيسيبي وميزوري ونبراسكا أحكاما بالإعدام عام 2017 بعد فترة توقف مؤقت، وليصل بذلك عدد الولايات التي أصدرت أحكاما من هذا النوع إلى 15 ولاية (أي أكثر بولايتين من عام 2016). ولم تقم ولايات كانساس وكارولاينا الشمالية وأوريغان بفرض أحكام بالإعدام عام 2017 وذلك على النقيض من عام 2016.
وقد طرحت «القدس العربي» العديد من الأسئلة حول أحكام الإعدام المتزايدة في مصر والسعودية خاصة الإعدامات على خلفية سياسية مثل إعدام الشيخ النمر والذي حاولت جهات عديدة ثني السعودية عن تنفيذ الإعدام فيه إلا أنها نفذت الحكم. كما أثارت «القدس العربي» مسألة النقاش الذي يجري في الكنيست الإسرائيلي لتشريع جديد يسمح بتنفيذ حكم الإعدام، وقال موتاسا إن منظمة العفو الدولية أجرت اتصالات مع الدول الثلاث التي ذكرت. «لقد كنا دائما منسجمين مع سياستنا التي ترفض حكم الإعدام أصلا وطرقنا أبواب الدول التي تمارس هذا الحكم ونحاول أن ندافع عن هؤلاء المحكومين لآخر لحظة. وقد تواصلنا مع هذه الدول الثلاث وأوضحنا لهم موقفنا وبالتحديد اتصلنا مع السعودية حول القضية المذكورة بخصوص الشيخ النمر. ومع مصر لم نثر قضية الإعدامات فحسب بل قضية إجراءات المحاكمة. أما بالنسبة لإسرائيل فكما هو معروف أنها ألغت حكم الإعدام للجرائم العادية مثل البرازيل وكازاخستان وغواتيمالا. والآن نحضهم على عدم الانزلاق والتراجع لتطبيق حكم الإعدام. باختصار نحن نحاول أن نقنع ونثني الدول ونعبئ الرأي العام وقد ننجح أو لا ننجح لكننا نحاول».
وأضافت شيرين تادرس، مديرة مكتب نيويورك «أن قضية الشيخ النمر بالتحديد ومنذ عام 2014 ومنظمة العفو الدولية تتصل وتعمل على ثني السعودية كي لا تنفذ حكم الإعدام وتحدثنا كيف كانت المحاكمة غير سليمة ولكن السعودية كانت مصممة من أجل أسباب تتعلق بالمعارضة».

أحكام الإعدام وتنفيذها في العالم
مصر تقفز للمرتبة السادسة والسعودية في الثالثة
عبد الحميد صيام

سنجار: هل تفجر أزمة إقليمية للعراق؟

Posted: 28 Apr 2018 02:11 PM PDT

بغداد ـ «القدس العربي»: عادت قضية الصراع الإقليمي على منطقة سهل سنجار الاستراتيجية غرب الموصل، إلى واجهة الأحداث في المشهد العراقي المتوتر، بعد انتشار القوات العراقية فيها وإعلان انسحاب حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، واستمرار تهديدات تركية باقتحام السهل لطرد حزب العمال منه، اضافة إلى الصراع العربي الكردي للسيطرة عليه.
وتشهد منطقة سهل سنجار المجاورة للأراضي السورية والتركية، أجواء مشحونة في الأيام الأخيرة، نتيجة تهديدات تركية بتوغل قواتها داخل الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال التركي المعارض المتواجد فيها، وسط تحذير القوات العراقية بعدم السماح لأي توغل أجنبي في المنطقة.
ورغم نفي وزارة الدفاع العراقية، انطلاق أي عملية عسكرية تركية في سنجار حتى الآن، وإعلانها انتشار القوات العراقية في المنطقة من الجيش والحشد الشعبي، مشيرةً إلى «عدم الوقوف مكتوفة الأيدي في حال وجود أي تدخل عسكري خارجي» إلا ان التوتر الأمني ما زال مخيما وسط تأكيدات من مصادر مطلعة بان عناصر حزب العمال لم ينسحبوا فعلا من المنطقة.
ولتأكيد انتشار القوات العراقية في منطقة سنجار التي تسكنها أغلبية من الإيزيديين اضافة إلى العرب والكرد وتعد من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، فقد قام رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول الركن عثمان الغانمي، بزيارة المنطقة وتفقد القطعات العسكرية في المناطق والقرى الحدودية العراقية مع سوريا وتركيا، كما اطلع على أوضاع المنافذ الحدودية للعراق مع الدولتين.
وكان تنظيم «داعش» قد سيطر على سهل سنجار وجبلها في حزيران/يونيو 2014 وارتكب انتهاكات ومجازر بحق أهل المنطقة الذين نزحوا منها، وبقي فيها حتى تحريرها من قبل البيشمركه وبمشاركة أحزاب كردية منها حزب العمال الكردي ودعم طيران التحالف الدولي في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وقد استعادت القوات الاتحادية السيطرة على المنطقة بعد طرد تنظيم «داعش» منها مؤخرا.
ولتبيان حقيقة الأوضاع في سنجار، أجرت «القدس العربي» اتصالا بعضو مجلس الموصل زهير الجبوري، الذي أكد ان حزب العمال التركي، ما زالت عناصره موجودة في مناطق سنجار، وان الذي حصل هو تغييرهم ملابسهم وانضماهم إلى البيشمركه والحشد الشعبي، مشيرا إلى ان حزب العمال يحظى بدعم من حكومة بغداد حيث يتقاضون منها رواتبهم ولديهم مكاتب في كركوك وبغداد. وكشف الجبوري ان تركيا تعلم بوجود حزب العمال في سنجار ولكنها لا تريد ادخال نفسها في حرب مع العراق حاليا، إلا انها تريد تأمين حدودها الجنوبية. وبين ان سكان المنطقة وخاصة الإيزيديين انقسموا إلى عدة جماعات بعضها انضم للبيشمركه وبعضها إلى الحشد الشعبي، وقسم انضم إلى حزب العمال.
أما صباح علي بابيري عضو مجلس محافظة دهوك والقيادي في المكتب السياسي للاتحاد الإسلامي الكردستاني، فقد أكد لـ«القدس العربي» ان التوتر ما زال سائدا في منطقة سنجار بسبب التهديدات التركية بدخول قواتها، موضحا ان حزب العمال الكردي التركي أعلن الانسحاب رسميا من سنجار ولكن ما زالت لديه جماعات وأفراد متعاطفة معه وبأسماء أخرى في المنطقة، وهو حزب أيديولوجي أينما يذهب يترك له خلايا ومتعاطفين ومتعاونين معه، وتركيا لا تقبل بهذا الوضع، حسب قوله.
وذكر بابيري، ان الثقل في إدارة منطقة سنجار حاليا، يقع على الحشد الشعبي، ولا وجود للبيشمركه في المنطقة ولكن توجد قوات اسمها «ازدخانه» مكونة من السكان المحليين وهم ينسقون مع الحشد ولا مشكلة لديهم معهم، أما الجيش فينتشر على المناطق الحدودية مع سوريا وتركيا.
وعن الانتخابات في سنجار، أشار إلى ان الناس في الإقليم مشغولين بالانتخابات ولكن الحملة في سنجار ليست مثل باقي المناطق في الإقليم، حيث لا توجد لافتات أو دعاية أو تجمعات انتخابية بل هناك تحرك محدود لبعض المرشحين وخاصة الكرد في بعض المناطق، مبينا ان قوات الحشد الشعبي يفرضون سيطرتهم على سنجار ولا يتركون مجالا واسعا للمرشحين الأكراد، علما ان أغلب أهل سنجار ما زالوا في المخيمات، والذين عادوا إلى دورهم ما زالوا يترددون على المخيمات للحصول على المساعدات، ولا وجود للإعمار في المدن المدمرة حتى الآن.
ويذكر ان حزب العمال الكردستاني، أعلن في 23/3/2018 عن سحب مقاتليه من قضاء سنجار، استجابة لطلبٍ من الحكومة العراقية الاتحادية. وجاء هذا التطور بعد تصريحات أطلقها الرئيس التركي رجب أردوغان هدد فيها مجددا بالتحرك نحو سنجار إذا فشلت الحكومة العراقية في السيطرة عليها، اضافة إلى تحذيراته السابقة، بأن بلاده لن تسمح أن تكون سنجار، قنديل جديدة لتواجد حزب العمال التركي الذي يخوض حملة عسكرية ضد الحكومة التركية منذ سنوات.
وقد ساهمت عوامل داخلية وإقليمية في تعزيز وجود حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق، منها إيجاد ملجأ من ملاحقات الحكومة التركية. واستفاد الحزب من الخلافات بين بغداد وأربيل لتعزيز تواجده في بعض المناطق مثل جبال قنديل وسنجار، كما استغل تواجد تنظيم «داعش» في منطقة سنجار المجاورة لسوريا عام 2014 حيث تعاون مع البيشمركه لتحرير المنطقة ثم استقر فيها.

إقليم قنديل

ويتواجد حزب العمال الكردي المعارض للنظام في تركيا، بشكل رئيسي في سلسلة جبال قنديل شمال العراق منذ التسعينيات من القرن الماضي، وهي منطقة حيوية تقع شمالي العراق وتمتد بين الحدود العراقية الإيرانية التركية وتضم مناطق من محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، وينتشر قيادات حزب العمال ومقاتلوه في جبال المنطقة وكهوفها، لذا تشن الطائرات التركية منذ سنوات، غارات متواصلة على المواقع التي يشتبه بوجود عناصر الحزب فيها وبضمنها القرى التي يسكنها مدنيون عراقيون.
وفي مؤشر على تنامي سيطرة الحزب شمال العراق، أعلن في نهاية عام 2017 عن تشكيل إقليم ذاتي في جبال قنديل، مستغلا تفاقم الخلافات بين حكومتي أربيل وبغداد اللتان رفضتا المشروع.
وتتباين مواقف الأحزاب الكردية في الإقليم تجاه حزب العمال التركي، فرغم تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني مع حزب العمال في معركة تحرير سنجار من «داعش» فانه يرفض تمسك الحزب التركي بالمنطقة بعد طرد التنظيم منها، كما يدعي كلا منهما قيادة الحركة الكردية. أما حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يقوده جلال طالباني، فانه يرفض اعتبار حزب العمال منظمة إرهابية، بل انه تحالف معه في التصدي لتنظيم «داعش» في بعض مناطق كركوك.
ومن جانبه، فان رئيس الوزراء حيدر العبادي سبق وطالب العمال الكردستاني، بالخروج من مناطق سنجار ومن الأراضي العراقية، رافضا انطلاق أي أعمال عدائية من الأراضي العراقي ضد دول الجوار. وقد دخلت الولايات المتحدة على خط الأزمة عندما دعت وزارة الخارجية الأمريكية، حزب العمال التركي، إلى مغادرة سنجار، معتبرةً إياه منظمة «إرهابية».

دولة داخل الدولة

وخلال زيارة «القدس العربي» إلى جبال قنديل ضمن السليمانية في تموز/يوليو الماضي لاحظت أن حزب العمال التركي يفرض سيطرته الكاملة على تلك المنطقة الشاسعة والوعرة منذ فرض التحالف الدولي منطقة حظر الطيران على شمال العراق عقب حرب الكويت عام 1991 خلال حكم نظام صدام حسين، ومنذ ذلك الوقت أصبحت جبال قنديل بمثابة «دولة داخل الدولة العراقية» حيث لا سلطة فيها لغير حزب العمال.
وفي لقاء صحافي آنذاك مع المسؤول في العلاقات الخارجية لحزب العمال هافال سرحد، أكد للصحيفة ان حزبه متواجد في جبال قنديل منذ أواخر عهد نظام صدام حسين ويتمسك بها ويقوم بإدارة شؤونها بما فيها القضايا الأمنية والإدارية كالخدمات البلدية والصحة والمدارس لسكان المنطقة، رغم عائديتها إداريا لإقليم كردستان العراق، مبينا ان هناك نوعا من التنسيق بين حزب العمال وسلطات الإقليم كتوفير المدرسين العراقيين للمدارس والمستلزمات للمراكز الصحية وخدمات الاتصالات الهاتفية لأكثر من 60 قرية منتشرة في الجبال. وشدد سرحد على ان حزب العمال الكردستاني يعتبر نفسه المدافع عن حقوق الكرد في المناطق التي يتواجدون فيها سواء في العراق أو تركيا أو سوريا، وانه لا يعترف بأي سلطة أخرى، كما رفض ادعاء مسعود بارزاني بانه يمثل أكراد المنطقة.
وخلال تجوالنا في جبال قنديل، شاهدنا نقاط سيطرة أمنية متحركة ودوريات لعناصر حزب العمال تجوب طرق ومناطق الجبال دون تواجد لأي قوة أمنية للإقليم. وعند مغادرة آخر نقطة أمنية للبيشمركه في ناحية سنكسر التابعة إلى رانية، ضمن محافظة السليمانية باتجاه منطقة قنديل، استقبلتنا نقطة سيطرة لحزب العمال واستفسروا عن هويتنا وسمحوا لنا بالمرور بعد التأكد من وجود لقاء صحافي لنا مع أحد المسؤولين في الحزب. وطوال الطريق المتعرج وسط جبال قنديل، كانت هناك العديد من الدوريات المتنقلة بالعجلات أو الدراجات النارية التي يستقلها مسلحون بالزي العسكري للحزب، كما تنتشر في المنطقة صور زعيم الحزب عبد الله اوجلان وأعلام الحزب وصور لقتلى الحزب في المواجهة مع الحكومة التركية.
وأثناء زيارة قرية زركلي، وهي إحدى القرى العراقية المدمرة جراء القصف الجوي التركي على جبال قنديل، كانت معظم بيوت القرية، قد تعرضت للتدمير الشامل جراء القصف، مما أدى إلى نزوح جميع سكانها ولم يبق فيها سوى الخرائب وصور بعض الشهداء المدنيين من الرجال والنساء الذين سقطوا في القصف.
وأفاد بعض سكان المنطقة، ان أكثر من 60 قرية في جبال قنديل، تركها أهلها بسبب القصف التركي المتواصل لمناطقهم وسقوط العديد من الشهداء من المدنيين في القصف، وهم يقيمون حاليا في المناطق القريبة من جبال قنديل ويترددون على قراهم هناك لمتابعة مزارعهم خلال النهار ويعودون منها قبل حلول الظلام.
وأكد أحد وجهاء سنكسر، ان القصف على مناطق قنديل والقرى القريبة منها لا يقتصر على الطائرات التركية، بل هناك قصف من قبل المدفعية الإيرانية المتمركزة على الجبال المطلة على القرى والمناطق الجبلية في قنديل، بحجة ضرب بعض مواقع الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة التي تتواجد في جبال قنديل وبالقرب منها، مؤكدين ان القصف الإيراني يتسبب في الحاق أضرار بالتجمعات المدنية العراقية أيضا.
ويبدو ان ظروف المنطقة وانعدام الاستقرار في شمال العراق نتيجة الحروب المستعرة فيها منذ تسعينيات القرن الماضي وانشغال حكومات دول المنطقة بمشاكلها وتحدياتها، اضافة إلى استخدام بغداد وأربيل للحزب المذكور كورقة للمساومة والضغط المتبادل، قد وفر الأجواء المناسبة لحزب العمال الكردي التركي، للسيطرة على جبال قنديل والاستقرار فيها وجعلها مركزا رئيسيا دائما لقياداته وقواعده، اضافة إلى تواجده في مناطق أخرى مثل سنجار. ومن الجانب الآخر، وفر تواجد الأحزاب الكردية المعارضة لأنظمتها مثل حزب العمال، على أراضي إقليم كردستان العراق، مبررا للدول المجاورة وخاصة تركيا وإيران للتدخل في شؤون العراق والإقليم بحجة ملاحقة عناصر تلك المنظمات المعارضة، مما يسفر عن خسائر بشرية واقتصادية كبيرة في الجانب العراقي، اضافة إلى تهديدات لسيادة البلد الزاخر بالتحديات والأزمات.

سنجار: هل تفجر أزمة إقليمية للعراق؟

مصطفى العبيدي

دير سانت كاترين: قطعة أثرية تاريخية نادرة في قلب الصحراء

Posted: 28 Apr 2018 02:11 PM PDT

اضافة إلى سواحل البحر الأحمر الذهبية ومطاعم الأسماك وحمامات السباحة وغيرها من متاع الدنيا ضمن المرافق السياحية في طابا وشرم الشيخ، يمكن للزائرين من محبي الطبيعة والباحثين عن المعرفة ان يعرجوا على بعض المعالم الجغرافية والتاريخية الفريدة والقريبة مثل جزيرة فرعون أو الدير الأسطوري «سانت كاترين» أو جبل موسى. في هذا الربيع كنا قد حققنا أمنية قديمة طال ارجاؤها بزيارة دير القديسة كاترين، سانت كاترين، أو دير طور سيناء وهو واحد من بين أكثر الأديرة المنتشرة في المشرق والمغرب عراقة وخصوصية ويشكل أحد أهم المراكز الأرثوذوكسية للتنسك والتوحد تتواصل فيه الحياة زهاء أربعة عشر قرنا دون انقطاع. اقيم في وسط سيناء في عهد الامبراطور البيزنطي يوستينيانوس في القرن السادس، وفاز بحماية ورعاية الدول الإسلامية المتتالية منذ ظهور الإسلام.
كان دير القديسة كاترين ولا يزال معلما تاريخيا وسياحيا بارزا تربطه مع صحراء شبه جزيرة سيناء علاقة متبادلة من العظمة والهيبة والوقار. ورغم زعزعة الأمن في سيناء ما زال الدير يستقطب سائحين يأتون من كافة أصقاع الدنيا طيلة أيام السنة ومنهم من يصله في ساعات الفجر لرصد طلوع الشمس وهي لحظة ممتعة للنظر تبعث على التمعن والتفكير مثلما هي ساعة الغروب أيضا، لكن عدد هؤلاء في تراجع مستمر. أما سر غرابة المشهد الطبيعي المهيب فيعود إلى ارتفاع منطقة الدير 2664 مترا ما يفسح المجال لرؤية خليجي السويس والعقبة معا كما يبدوان شعبتين متقارنتين في الأطلس الجغرافي. ويبعد الدير من الطريق الرئيسي الموصل بين طابا وشرم الشيخ إلى الغرب نحو 80 كيلو مترا يتسلق فيها الزائرون بمراكبهم دروبا معبدة في حالة ممتازة حتى بلدة سانت كاترين وسط سلسلة من الجبال متعددة الألوان، جرداء تناطح السماء وعلى حافتيها ترى بعض قطعان ماعز سمراء هزيلة تسير متكاسلة بحثا عن كلأ قليل. بعد تسديد رسوم الدخول بقيمة ثلاثة دولارات لوزارة السياحة المصرية يستطيع الوافدون التقدم إلى الدير سيرا على الأرجل مدة عشر دقائق ولمن يستوحش ذلك له ان يستعين بقوافل الجمال التي يستخدمها البدو هناك للمواصلات.
الدير الذي يقع على سفح جبل شاهق وبمحاذاة واد يمتد على نحو عشرين دونما وفي كافة جنباته يستطيع الزائر ان يسمع المرشدين المصريين الشباب يقودون المجموعات السياحية وهم يشرحون قصة المكان في مختلف اللغات الأجنبية.

حياة الزهد

المرشد احمد، الذي يجيد الكثير من اللغات قدم من الاسكندرية للعمل مرافقا سياحيا لزائرين من أوروبا قال متوددا، ان الانكليز والألمان هم أكثر المجموعات السياحية انتظاما، لافتا إلى ان الطليان يميلون بأطباعهم للشرقيين. وداخل الدير الذي يتشكل من كنيسة وحجيرات وصوامع للتوحد ومكتبة وأبراج للحمام وحديقة من أشجار الزيتون والنخيل والسرو، يعيش اليوم 23 راهبا معظمهم من اليونانيين منهم ثلاثة رهبان من مصر والأردن ولبنان يتقاسمون المسؤوليات فيما بينهم من مرافقة الزائرين إلى الاهتمام بحراسة الموجودات الثمينة وتولي مسؤولية طعام وشراب النزلاء المتوحدين الذين ما زالوا يحافظون على حياة التقشف والتزهد ويقومون بتحضير الخبز بأنفسهم بالطريقة البدائية مرة في الأسبوع وغالبا ما يكون طعامهم نباتيا على شكل خضراوات مسلوقة.
الأب ينة راهب يوناني نحيف البنية، علامات النشاط بادية في حركاته، يستيقظ كل يوم في الثالثة فجرا لاداء مهمته الثابتة في قرع جرس الكنيسة. أما المساعدات الخارجية التي تصلهم من أرجاء مختلفة من العالم فتنفق في دعم فقراء البدو سيما في البلدة المجاورة للدير والتي اكتسبت اسمه. رغم صحراوية المكان والسماء الصافية تسود منطقة سانت كاترين في الصباح أجواء باردة ولولا أشعة الشمس التي تبعث الدفء لتجمد كل شيء هناك بسبب ارتفاعها الذي تسبب في سقوط الثلوج في قلب الصحراء أحيانا، وهذه ليست حالة نادرة. وأوضح الأب خريستو وهو صديق شخصي لإمام بلدة سانت كاترين الشيخ محمد البكر ان الدير يحافظ منذ 14 قرنا على طراز الحياة المتقشف، إذ يمضي الرهبان المتوحدون معظم أوقاتهم في التعبد والعمل في المنجرة أو الفرن والقراءة وصيانة المكان المقدس واستقبال زائريه طيلة أيام الأسبوع عدا الأحد والجمعة من الساعة الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا.

الأخوية السينائية

وردا على سؤالنا حول الدافع لتوحده في هذه المنطقة النائية والصعبة قال: «هي الرغبة في ممارسة الفضائل المسيحية النابعة من الوصية الأولى ـ أحب الرب الهك ـ والانخراط في عمل الخير الخالص لوجه الله». ولفت الأب خريستو إلى ان الدير يتبع نظاما داخليا صارما خاصة بالأخوية السينائية منذ قرون يشرف على تنفيذه رئيس الدير وهو رئيس أساقفة كل سيناء ويسام من قبل بطريرك القدس، وأضاف «الحياة داخل الدير اشتراكية يتساوى فيها الرهبان حسب قوانين الحياة التوحيدية ويصلوا مشتركين في ساعة معينة من النهار مثلما يتناولون طعامهم حول مائدة واحدة».

العليقة الملتهبة

وكان الرهبان المتوحدون قد اختاروا هذا المكان النائي مركزا لهم لمجاورته موقع «العليقة الملتهبة» جبل النبي موسى حيث كلمه الله، وقد بنى مهندس الامبراطور يوستينيانوس الدير وأحاطه بسور عظيم ليحمي نزلائه من البرابرة والغزاة، وفي العام 1798 تهدم الجدار المحيط جراء الأمطار الغزيرة فأعاد تشييده نابليون بونابرت الذي احتل المنطقة آنذاك. ويتراوح ارتفاعه من عشرة إلى عشرين مترا ويبلغ عرضه ثلاثة أمتار وفيه عدة مداخل حديدية وخشبية. وبنيت على طول الواجهة الداخلية للدير – الحصن صوامع المتوحدين وأبنية أخرى متفرقة وكنيسة تشمل تسعة معابد. كما بنيت أقواس وقباب من أجل تسوية الأرض الوعرة، شيدت فوقها الصوامع والكنائس. وفي العام 1951 اقيم على أساسات السور من الجانب الشمالي جناح جديد للدير يضم مكتبة ومعرض الأيقونات والرسوم وغرفة طعام وشقة رئيس الأساقفة وبجوارها دار ضيافة.

أرز لبنان

لكن القسم الأهم في الدير هو الكنيسة الرئيسية المبنية من الحجر الصواني (البازلت) على الطراز الملوكي ذي الثلاثة أقسام تتألف من قدس الأقداس والقدس والرواق. ويرجع عهد الجدران والأعمدة والسقف الخشبي والفسيفساء إلى فترة حكم الامبراطور يوستينيانوس، فيما يغطي السقف القديم سقف خشبي بني في القرن الثامن عشر، أما أبواب الكنيسة الخشبية المنقوشة فقد صنعت من أرز لبنان في القرن السادس ومنها ما بني في القرن الحادي عشر على يد الصليبيين. وفوق قوس الهيكل المقدس هناك فسيفساء في غاية الروعة تعرف بفسيفساء التجلي، لا تزال في حالة جيدة موضوعها مستوحى من انجيل متي، حيث يوجد السيد المسيح عليه السلام في الوسط وعن يمينه وشماله النبي ايليا والنبي موسى والتلاميذ الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا. كما توجد أيقونات كثيرة من أبرزها أيقونة تبين النبي موسى أمام العليقة الملتهبة وهو يخلع حذاءه من قدميه، ورسم آخر وهو يتسلم لوحتي الوصايا العشر وشخصان مكللان بهالة من النور وكذلك ملاكان يقدمان الهدايا للحمل رمز السيد المسيح. وخلف هذه الكنيسة تقع كنيسة «العليقة القديمة» حيث يدخل الزائرون إليها حفاة إحياء لذكرى أمر الله للنبي موسى، وهي الأخرى مرصعة بالأيقونات والرسومات. أما جرسية الدير فقام ببنائها المتوحد غريغوريوي حافظ الأواني المقدسة في الدير عام 1871 وفيها 12 جرسا من أحجام مختلفة كان قدمها قياصرة روسيا. وفي معرض الأيقونات والرسوم يعرض الدير اليوم 150 أيقونة مختارة من بين نحو ألف ذات قيمة روحية وتاريخية وفنية من بينها أيقونات نادرة صممت في القرن السادس على طريقة الشمع المذوب وفنها مزيج من الطراز اليوناني والسرياني والقبطي.

أرشيف نادر

أما مكتبة الدير فهي في المرتبة الثانية في العالم بعد مكتبة الفاتيكان من ناحية العدد وقيمة المخطوطات، حيث توجد فيها ثلاثة آلاف مخطوطة ثلثاها يونانية وباقيها عربية وإسلامية وقبطية وأرمنية واثيوبية وأغلبها ذات فحوى مسيحي. ومن أهم هذه المستندات التاريخية السجل السرياني العريق المكتوب في القرن الرابع ميلادي. كما كان يوجد السجل السينائي وهو أثمن مخطوط في العالم يحتوي على النص اليوناني للكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وفي العام 1865 استعاره باحث ألماني باسم امبراطور روسيا ولم يعد هذا السجل وقد اشتراه المتحف البريطاني عام 1933 مقابل 100 ألف ليرة. ويمتد بستان الدير كمثلث طويل في الناحية الغربية وهو عبارة عن واحة حقيقية داخل الجبال الصوانية أقامها الرهبان الذين جلبوا التراب من بعيد وحفروا الآبار لاستجماع مياه الأمطار والثلوج بفضل عمل جماعي طالما شكل ركنا هاما في حياتهم.

مقبرة الدير

وداخل البستان توجد مقبرة الدير على شكل معبد صغير أعد تحته مكان لدفن الموتى من المتوحدين الذين يدفنون في مقبرة صغيرة ثم تنقل عظامهم إلى مخبأ العظام. وعمر تقاليد تجميع الجماجم والعظام هو بعمر الدير، ويبدو ان البيئة الصخرية القاسية حالت دون حفر الأضرحة ودفعت المتوحدين إلى استحداث طريقة تخزين الهياكل العظمية إضافة إلى استخدام الموت موعظة كما توحي كومة مئات الجماجم. وقد سمي الدير بهذه التسمية لنقل رفاة القديسة سانت كاترين من الكنيسة في قمة جبل يحمل اسمها وهو أعلى جبل في شبه جزيرة سيناء ويبعد عن الدير مسافة خمس ساعات على الأقدام في طريق ضيقة مبنية من 1700 درجة منحوتة بالصخر ومنه يمكن للزائر أن يرى المشهد العجيب للبحر الأحمر بخليجيه من الشمال والجنوب. وبجواره يقع جبل سيناء أو جبل موسى على ارتفاع 2240 مترا ويبعد عن الدير مسافة ساعتين مشيا على الأقدام وفيه مغارة صغيرة دخلها كليم الله ومكث داخلها 40 نهارا و40 ليلة. أما القديسة كاترين فقد ولدت في الاسكندرية عام 194 لأسرة ارستوقراطية وثنية وتلقت علوم الفلسفة والخطابة والشعر والموسيقى والرياضيات والطبيعة في مدارس مختلفة وقد جعل منها جمالها الفتان وثقافتها المدهشة وأخلاقها الفضيلة، كما تؤكد المراجع عروسا يطلب يدها الجميع ولكنها رفضت كافة العروض إلى ان عرفها أحد النساك بالعروس الحقيقية للنفوس فاعتمدت ودعيت كاترين أي «الأكليل» بعد ان اعترفت بإيمانها بالمسيح، وفشل الامبراطور ماكسيميانوس في ثنيها عن دينها بواسطة 50 خطيبا أرسلهم إليها من أرجاء امبراطوريته. وبعد مرور ثلاثة قرون بانت رفاتها ونقلت من قبل رهبان الدير الذي بات يعرف باسمها في صندوق رخامي.

دير سانت كاترين: قطعة أثرية تاريخية نادرة في قلب الصحراء

وديع عواودة

 تساؤلات محظورة حول كراهية الغرب لأتباع الديانة اليهودية

Posted: 28 Apr 2018 02:10 PM PDT

ثمة بعض التساؤلات تدور في الذهن، عند كثير من الناس، في بلاد شتى، يتمنى المرء لو يجد عنها أجوبة شافية، أو حتى نصف شافية، لكن ذلك لا يتيسر، إما لأسباب اجتماعية، أو دينية، أو سياسية، وهذه أخطر العوائق، مما يجعل التساؤلات حبيسة الذهن، وفي أحسن الأحوال يدور الحديث عنها في المجالس الخاصة.
يعرف هذا الجيل، ممن نشأ في القرن العشرين فصاعداً، أن بلادنا العربية قد ابتُليت بالاستعمار الأوروبي، تمثله أقوام شتى. لكن استعمار فلسطين من جانب أقوام أوروبية شتى يجمعها دين واحد، هو اليهودية، هو استعمار لا نظير له في تاريخ الاستعمار العالمي. وقد أدى ذلك إلى التساؤل المشروع جداً: لماذا كانت أوروبا المسيحية تكره أتباع الديانة اليهودية، وحاولت على امتداد تاريخها، منذ أيام الإمبراطورية الرومية إلى بدايات القرن العشرين، أن تتخلّص من أصحاب اليهودية بأن تقذفهم خارج أوروبا، وإلى فلسطين بالذات، إمعاناً بالكراهية، ولو أن بعضهم يجعل الدافع الرئيسي للتصرف الأوروبي المسيحي هو الغيرة من غناهم المادي بالدرجة الأولى.
تبدأ المشكلة، كما يخبرنا التاريخ، أن «نبوخذ نصّر الثاني» (605 ـ 562 ق.م.) ملك بابل، قام بغزو بلاد الشام في القرن السادس ق.م. وكانت تشمل ما صار يُعرف لاحقاً باسم سوريا وفلسطين والأردن ولبنان. كان في بلاد الشام أقوام من الفينيقيين والسوريين والمصريين ممن غزوا تلك البلاد قبل دخول نبوخذ نصّر الملك الكلداني غازياً، فهزم صدقيا ملك يهودا ودمّر القدس وأخذ من تلك الأقوام جماعة من اليهود، أسرى، وحصرهم في بابل، حيث تعلموا الكثير من حضارة وادي الرافدين، كما ظهر في ما كتبه أحبارُهم في ما صار يدعى «التوراة» أو العهد القديم، كما يقرّر الباحثون المنصِفون وليس كما يقول غيرُهم بأن التوراة أنزلها الله على موسى أثناء أربعين سنة من الشتات في سيناء وقبل أن يصلوا فلسطين بقرون. والسؤال الكبير هنا: لماذا اختار نبوخذ نصّر أصحاب اليهودية وسباهم إلى بابل، دون غيرهم من الأقوام التي كانت تسكن في فلسطين؟ هل كان الملك البابلي «يكره» اليهود، أو يحسدهم على غناهم، أم أنه كان أول شخصيّة ضد السامية في التاريخ؟ نقرأ أخبار الغزو البابلي وأخذ اليهود أسرى في التوراة: سِفر دانيال، الملوك. الأول، إرميا… كما يذكر الطبري أخبار الغزو البابلي وتدمير القدس ومملكة يهودا. لكن هل كان ذلك كراهية لليهود دون غيرهم، ولماذا؟
وفي أوروبا، نجد الإمبراطورية الرومية تُصدر عام 305م قوانين ضد اليهود تدل على كراهية شديدة لهم. وفي عام 612 أصدر مجلس «غويدمار» في طليطلة عام 612م قانوناً يجبر اليهود على التنصّر أو العقاب الشديد ومصادرة الأموال والأملاك، إذ كانت إسبانيا جزءاً من الإمبراطورية الرومية. وكان ذلك كله قبل فتح الأندلس عام 711م، على يد طارق بن زياد المسلم، الذي لم يكن يحمل كراهية لليهود في إسبانيا كما كان المسيحيون يحملون، لأن أخلاق الإسلام والحضارة العربية التي نشأ فيها وأمثاله من الأمازيغ يحسبون اليهود من «أهل الكتاب» الذين لا يجوز قتلهم بسبب دينهم. لذلك عاش يهود الأندلس بسلام تحت الحكم العربي الإسلامي، وكان منهم من ساهم في خدمة الحكم الجديد الذي لم يعاملهم بالسوء الذي عاملهم به الحكم الرومي المسيحي. ولكن بانتهاء الحكم العربي الإسلامي في الأندلس يوم2/1/1492 أمر الملك فرديناند والملكة إيزابيلا المسيحيّان المتعصّبان جميع اليهود بالتنصّر والا فمصيرهم حدّ السيف، فهرب كثير من يهود الأندلس إلى بلاد المغرب العربي الإسلامي، حيث ما يزالون حتى اليوم يعيشون بأمن وسلام. كما هرب كثير غيرهم إلى بلاد السلطنة العثمانية الإسلامية وما زالوا يتمتّعون بالأمن والسلام. ويقال إن كثيراً من كبار المسؤولين في الدولة العثمانية، وحتى في الجمهورية التركية الحديثة هم من أصول يهودية.
وفي أوروبا بعد سقوط الإمبراطورية الرومية المقدسة كانت كراهية اليهود أمراً واضحاً على المستوى الرسمي والشعبي، إما لسبب ديني أو، وهو الغالب، كونهم يتعاملون بالربا الفاحش الذي «يمتص دماء» الفلاحين، وهم غالبية الشعوب الأوروبية قبل الثورة الصناعية، فكانت الحاجة لاقتراض المال لا يوفّرها سوى اليهود في جميع البلاد الأوروبية، فظهرت عبارة «ضريبة الدم» أي الفائدة الكبيرة التي يفرضها المرابون اليهود على المقترضين. كما شاعت في مختلف البلاد الأوروبية أخبار تقول إن اليهود كانوا يسمّمون آبار المياه، لذلك تشكلت ظواهر غريبة في كراهية اليهود في أوروبا من القرن الثامن عشر فصاعدا. وتذكر التواريخ أنه في عام 1096 جرت مذبحة كبرى في المانيا راح ضحيتها اثنا عشر ألفاً من اليهود. وقد يكون هذا الرقم مبالغاً فيه، لكنه ينطوي على كراهية مضمرة لليهود. وفي بريطانيا في عهد الملك إدوارد الأول طُرد اليهود من البلاد عام 1290. وقبل ذلك، في عام 1190 قُتِل جميع اليهود في إقليم «يورك». وفي عام 1421 طُرِد اليهود من النمسا.
وفي بريطانيا، في عهدها الذهبي في القرن السادس عشر، تحت حكم الملكة اليزابيث، كانت كراهية اليهود شديدة الوضوح، وخير من يمثلها مسرحية شكسبير «تاجر البندقية» التي تصوِّر «شايلوك» المرابي اليهودي «شيلوخ» وجشعه في الاقتصاص من المسيحي العاشق ابنته، بأفظع صورة من «ضريبة الدم» بعبارة ألمان القرن الثامن عشر.
أما في البلاد العربية فلا توجد ظاهرة كراهية اليهود بسبب الدين، لا في التراث العربي قبل الإسلام ولا بعده. فقد عاش السموأل بن عادياء العربي من يهود خيبر عيشة رضية، وكان يملك حصناً منيعاً ومزارع كثيرة. وكان شاعراً متميزاً، وهو صاحب «إذا المرء لم يَدنَس من اللؤم عرضه/ فكلّ رداءٍ يرتديه جميلُ» وكان مضرب المثل في الوفاء، وهي من صفات النُبل عند العرب. وقد عاش في النصف الأول من القرن السادس الميلادي، وكان معاصراً لامرئ القيس بن حِجر الكندي الذي استودع زوجته وماله عنده قبيل الذهاب إلى قيصر الروم. ولما توفي امرؤ القيس في تلك الرحلة المشؤومة عام 58ق.هـ جاء أحد الأشرار يطلب من السموأل ما استودع امرؤ القيس عنده. فرفض السموأل، وهدّده الشرير بقتل ابنه خارج الحصن إن لم يسلّم الوديعة، فرفض وقُتل ابن السموأل. وبعد ذلك ذهب السموأل إلى ورثة امرئ القيس وسلّمهم الوديعة. وما تزال العرب تضرب المثل بوفاء السموأل (شموئيل).
وفي العراق الحديث كانت أول وزارة شكلها الملك فيصل الأول عام 1921 تضم اليهودي حسقيل وزيراً للمالية.
وكان ولاء حسقيل اليهودي للعراق العربي الإسلامي أولاً، وهو الذي أصر على بريطانيا أن تدفع حصة العراق من النفط بالجنيهات الذهب وليس بالعملة الورقية، حفاظاً على مصلحة العراق. وكان اليهودي أحمد نسيم سوسة من أهم المؤرّخين في العراق. وفي زمان أقرب إلى وقتنا الحاضر ثمة مثال العراقي البغدادي اليهودي سيمح المعَلّم، الذي اضطر إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة عام 1951 وهو في الثامنة عشرة من العمر، تحت ضغط المنظمات الصهيونية. وفي القدس تفرّغ سيمح الذي قلب اسمه إلى شموئيل موريه، فدرس الأدب العربي ثم حصل على الدكتوراه من جامعة لندن، وصار ينشر الأبحاث عن الأدب العربي إلى درجة أن المرحوم الدكتور سهيل إدريس نشر مقالة له في مجلته البيروتية «الآداب» بقلم س. موريه المستشرق الفرنسي! بقي سيمح المعلم/ شموئيل موريه شديد الارتباط بالعراق والأدب العربي، وينشُر في مجلّة «إيلاف» الإلكترونية، على الرغم من يهوديته، وأسس في القدس المحتلة رابطة للأدباء اليهود العراقيين تحافظ على تراث الأدب العربي العراقي. هذا إلى جانب جمعيات من يهود العراق تحتفي بالتراث العربي في كثير من الحنين إلى الوطن الأم، على الرغم من «الفرهود» الذي أثاره الرّعاع في بغداد عام 1941 وتضرّر بسببه كثير من اليهود. هذا «الوفاء السموألي» مرجعه أن عرب العراق لم يحملوا كراهية ضد اليهود كما حمل الأوروبيون المتحضرون.

 تساؤلات محظورة حول كراهية الغرب لأتباع الديانة اليهودية

عبد الواحد لؤلؤة

فرِيدَا كَاهْلُو رُوحُ المِكسيك العَميقة: صلابتها كالصبّار يشقّ طريقه بين نتوءات الصّخور

Posted: 28 Apr 2018 02:10 PM PDT

مدريد ـ «القدس العربي»: عاد الحديث في مختلف الأوساط الفنية العالمية عن الفنانة التشكيلية المكسيكية الذائعة الصّيت فريدا كاهلو، بعد أن أخرجت شركة اللّعَب العالمية «Mattel» دمية لها ضمن سلسلة دُمى» باربي» الشّهيرة، فبالإضافة إلى عائلتها التي عبّرت عن احتجاجها، كانت الفنانة السينمائية المكسيكية سلمى حايك (من أصل لبناني) سبّاقة كذلك للتعبير عن استيائها الشديد من هذا الصّنيع، وطالبت بوقف هذه المهزلة التي لا تليق بفنانة كبيرة وقالت: «إنني أكاد لا أصدّق ما أقدموا عليه خاصّة وأن فريدا لم يكن يروقها أن تشبه أحداً وهي شديدة الاعتزاز بأصالتها»، وصرّحت ممثلة الشركة بياتريث ألفارادو، أنّ أحد أقارب فريدا كاهلو كانت قد منحتهم حقوق استعمال صورتها منذ بضع سنوات، وما زالت هذه القضيّة قيد الدّرس، والمساءلة.
وكان قد أقيم في لوس أنجلس معرض لصور فريدا كاهلو، ضم 130 نسخة من لوحاتها وإبداعاتها الفنية، ونظراً للنجاح الباهر الذي حققه تمّ افتتاحه من جديد في محطة الحرية في مدينة سان دييغو، ويقول المشرفون عليه «أن الإقبال على أعمالها كان منقطع النظير، وقدم المعرض عدداً من الصور الفوتوغرافية للرسّامة، إلى جانب مجموعة من أثاثها، ومقتنياتها، وممتلكاتها الخاصة. كما تمّ عرض نسخ من بعض أعمالها الفنية التي تحظى بشهرة عالمية والتي لم يكن يُسمح بعرضها من قبل خارج بلدها».
لقّبها المكسيكيّون بـ»روح المكسيك العميقة» وما انفكّت هذه الفنانة منذ رحيلها تحيّر العالم. معارض عديدة، وتظاهرات عالمية نظّمت حولها وحول إبداعاتها، التي حقّقت بها نجاحات منقطعة النظير. هذه المرأة أصبحت من أغرب الظواهر الفنيّة في تاريخ الإبداع التشكيلي في المكسيك، ومن أشهر نسائه في القرن العشرين، بل وفي مختلف بلدان أمريكا اللاّتينية.
يقول الكاتب الإيطالي بينو كاكوشي عنها وعن أحلامها، ومعاناتها، وهوسها الإبداعي: «كانت مثل الصبّار المكسيكي، القويّ الصّبور، المتفجّر من أعماق الرّمال، والذي يشقّ طريقه بين وعورة التضاريس، ونتوءات الصّخور البركانية، والمستشيط غضباً بالأشواك في وجه الغرباء، إلاّ أنه في آخر المطاف يظهر بقلب وديع وعذب. كانت فريدا سجينة ذاتها، لكنّ تعلقها وتشبّثها الشديديْن بالحياة نفخا فيها شحناتٍ عاطفيةً كبرى، وطاقاتٍ إبداعيةً مثيرة».
لم ينقطع الحديث عن الفنّانة الغريبة الأطوار، قصائد عصماء، تُكتب عنها، أفلام تُنجز حول حياتها الغامضة والمتقلبة، أعمال مسرحية تُقدّم على خشبات العواصم الكبرى حول غرامياتها، وعن زواجها من عبقريّ للفنون التشكيلية في المكسيك دييغو ريفيرا، لوحاتها تحفل بالغرائبية، والحزن العميق، والتساؤل المفرط، والحيرة والقلق والمكابدة. كانت رمزاً للنساء المتحرّرات المدافعات عن بنات جنسها، صورتها واسمها أصبحا يُرَصَّعان على المُجوهرات، والخواتم، والأساور، ويظهران في المُلصقات والأقمشة، والقمصان، والقبّعات.

المنزل الأزرق

ولدت فريدا كاهلو في السادس من تموز/يوليو عام 1907 في مكسيكو، في المنزل الذي عرف رحيلها عن عمر 47 سنة. حياة قصيرة، ولكنّها حافلة بالمرارة، والأحلام، والآمال، والآلام. كان منزلها يسمّى «المنزل الأزرق» وكأنّها كانت على موعد مع هذا اللون الحالم منذ لحظة قدومها إلى هذا العالم الذي خبّأ لها غيرَ قليل من المفاجآت القاسية من كلّ نوع. هذا اللون استعملته في رسوماتها على الرّغم من أنّ فضاء حياتها كان ملبّداً شحّت فيه البّسمات. والدها غيّيرمُو كاهلو، كان مهاجراً قدم من مدينة بادن بادن الألمانية ولم يكن يحمل معه وقتها سوى متاع يسير ينحصر في معارف قليلة حول فنّ التصوير، وهيام كبير بالتشكيل، إلاّ أنه لمس في ابنته شيئاً غريباً منذ نعومة أظافرها، فقد كانت تجسيداً حيّاً لطموحاته الشخصية التي أخفق في تحقيقها. كان يرافقها من مكان إلى آخر، ويساعدها على حمل الريشة ليضعها بين أناملها الواهنة، ويقدّم لها النّصح لترخي لعبقريتها العنان، كان يلقنها كذلك كيف تواجه الصّعاب، وكيف تتعلّم تحمّل الآلام الجسدية المبرحة التي هيأتها لها الأقدار. ليس بالتأوّه أو النحيب، بل بالإنتاج والعطاء المتواصل. أمها ماتيلدي كالدرو، كانت امرأة مفرطة في التديّن والانغماس في الغيبيّات، عارضت زواج ابنتها من أحد عباقرة عصرها دييغو ريفيرا الذي كان يصفها بأنّها «امرأة قاسية وأميّة».
عندما وقعت فريدا فريسة مرض عُضال ألزمها الفراش كانت تسهر وتشعر بوحشة قاتلة، ولم تكن تجد من سلوى سوى الانغماس في عالم الرّسم، والإبداع وهو معولها الوحيد الهشّ لقهر عزلتها، ثمّ اهتدت إلى حيلة لملء فراغها القاتل، فطلبت بوضع مرآة كبيرة على سقف حجرتها فوق موضع سريرها، وكانت تقضي السّاعات والأيام إلى جانب فريدا! ومن هنا يأتي سرّ العدد الهائل من اللوحات الشخصية أو الذاتية التي رسمتها. وفي السادسة من عمرها أصيبت بمرض شلل الأطفال، وظلّت حبيسة منزلها لمدّة تقارب الحوْل، وعندما ذهبت إلى المدرسة فيما بعد لقبتها زميلاتها «فريدا ذات القدم الخشبية» لشدّة نحافة إحدى قدميها التي كانت تحشوها بجوارب سميكة ليتساوى حجمها مع الأخرى. كانت فريدا تقول: «هناك حادثان غيّرَا مجرىّ حياتي، وهما عندما تحطّم عمودي الفقري، وعندما رماني الهوىَ في أحضان دييغو».
كانت قبل أن تتعرّف على هذا الفنّان تعاكسه بطرائق شيطانية، فقد كانت تضع الصّابون على السلّم الذي يصعده لرسم جدارياته الشهيرة فتنزلق قدماه ويقع! وكانت تخفي سلّة غذائه فيتضوّر جوعاً فلا يقوى على العمل! وعندما تعرّفت عليه كانت تسبّب له غيرة قاتلة، وكانت كلّ أمانيها في الحياة أن ترزق بطفلٍ منه، إلاّ أنّ الطبيعة وقفت لهما بالمرصاد.

إعجاب المشاهير بها

وحسب بعض المجلات الأمريكية فإنّ فريدا تقف في مصافّ 60 أعظم شخصية أثّرت في تاريخ المكسيك المعاصر، وعندما انتشرت شهرتها في العالم اعتبرت أعمالها الفنية «تراثاً ثقافيّاً وطنيا» ممّا زاد في أهمية وقيمة أعمالها، وقد حُضّرت في العديد من الجامعات الأمريكية، والأوروبية رسائل وأطروحات دكتوراه حول حياتها وأعمالها الفنية.
ولم تنظّم الفنّانة خلال حياتها القصيرة سوى معرضين إثنين، وجلّ أعمالها اقتنيت من طرف أصدقائها، وسرعان ما بدأت لوحاتها تجوبُ العالم، واحتلّت مكانة خاصّة في الولايات المتحدة الأمريكية بالذات، وحقّقت لوحاتها في هذا البلد أعلى المداخيل التي أدركها الفنّ التشكيلي في تاريخ أمريكا اللاّتينية.

ضفائر شعرها

عندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها كانت قد أجريت لها 35 عملية جراحية على إثر حادثة سير، وكان لهذا الحادث تأثير حاسم على حياتها، حيث أصبحت لا تدع أيّ لحظة من لحظات عمرها دون رصدها أو ترجمتها إلى أعمال فنيّة مشحونة بأرقّ الأحاسيس، ومفعمة بمشاعر الحزن، والأسى، والألم، وهكذا أصبحت لوحاتها عبارة عن مشاهد حيّة ناطقة تعكس مختلف مراحل عمرها وحالاتها النفسية المتقلبة.
لقد وصفها أبو السّوريالية الفرنسي أندري بريتون الذي تعرّف عليها في المكسيك عام 1938 بأنها فنّانة سوريالية من طراز رفيع، وقال أنّها قنبلة موقوتة موثوقة إلى ضفائر شعرها! إذ تنبثق من لوحاتها طاقة غريبة تبدو فيها فريدا وكأنّها تتعلّق بالحياة. لقد كانت تقول: «إنّني أرسم ذاتي لأنني أكثر النّاس معرفةً بها». وتشير الناقدة الأمريكية هايدن هيريري التي وضعت أشهر كتاب حول فريدا إنّ «المئتي لوحة التي رسمتها هذه المرأة في حياتها هي في الواقع حوار مع نفسها وتفجير للطاقات والصّراعات التي كانت تعتمل داخلها». كانت مغرمة بارتداء الأزياء التقليدية الشعبية المكسيكية الزاهية والمزركشة للتّباهي بأصلها، ثمّ لتخفي عيباً أو عاهةً في شكل حدبة في ظهرها بسبب اعوجاج في عمودها الفقري.
كانت فترة الأربعينيّات صعبة جدّا في حياتها، فقد ساءت علاقتها مع دييغو حتّى وصلت حافة الطلاق إلّا أنّ القطيعة بين الرسّامين العبقريين لم تقع، وعندما اشتدّت بها العّلة لم يكن دييغو إلى جانبها، بل صار يقيم علاقة حميمية، وكانت فريدا تمثل روحه الجامحة، وقد فهم دييغو هذا الشعور عندما رسم فريدا فعبّر عن حالاتها المتقلبة ومعاناتها وهو في الواقع كان يعبّر كذلك عن حالاته ومعاناته وتناقضاته.

منحة غوغنهام

عثر الناقد المكسيكي انكريد سوكاير، في بعض الأوراق من مخلّفات فريدا كاهلو التي توجد في خزانة وثائق الدولة المكسيكية على طلب كانت قد تقدّمت به عام 1939 للحصول على منحة دراسية من مؤسّسة غوغنهام، وجاء في الرسالة: «بدأت الرسم منذ اثني عشر سنة، وذلك خلال مكوثي في الفراش لمدّة تقرب من عام على إثر حادثة سير. خلال هذه السنوات عملت بدافع من أحاسيسي ومشاعري، لم أتّبع قطّ أسلوب أيّ مدرسة معيّنة، كما أنني لم أتأثّر بأحد، ولم أنتظر من عملي سوى الانشراح الذي كان يقدّمه لي الرّسم في حدّ ذاته حتى أقول وأعبّر عمّا لم أستطع قوله أو التعبير عنه بطريقة أخرى. رسمت وجوهاً، وتراكيبَ، وصوراً، ومواضيعَ لها صلة بالطبيعة وبحالاتي النفسية وانفعالاتي العميقة وهي صور من داخلي، وهي أصدق ما يمكنني التعبير عنه». وتتحدّث عن معرضها الأوّل في نيويورك عام 1938 حيث عرضت 25 لوحة باعت منها 12 ثم معرضها في باريس الذي أشرف عليه أندريه بريتون، وتختم رسالتها قائلة: «واهتمّ النقد بأعمالي في باريس، واقتنى متحف اللّوفر إحدى لوحاتي». ونقرأ في حاشية الرسالة الملحوظة التالية: «فريدا كاهلو لم تحصل على هذه المنحة قطّ».
الكاتبة المكسيكية إلينا بونياتوسكا تحكي في رواية لها مستقاة من واقع حياة فريدا كاهلو قصّة الحبّ الذي جمعها بدييغو، وجاءت الرّواية على لسان فريدا وهي تخاطب خليلها: «أنظر إلى عيوني لقد أضناهما السّهاد، إنني أكاد لا أنام، إنني أستقبل إشارات لا يشعر بها الآخرون، أنظر إلى أناملي المثقلة بالخواتم، إنني أقبل هذه الأنامل لأنّها وحدها لم تخدعني، إنها تنفّذ ما يأمرها به عقلي ووجداني في حين خانني جسمي كله، إنني حبيسة هذا الجسم اللعين منذ سنوات، هذه الأنامل هي التي ضفرت شعرى الطويل الفاحم، وزرعت فيه الزّهور، هي التي رسمت دييغو، وكلابي، وإجهاضي، والخادم الهندية الأصلية، وأختي، وحاجبيّ المعقودين، بهذه الأنامل رسمت شفتاي، والدوائر الزّرقاء حول عيوني، ولادتي، وأحلامي».

فرِيدَا كَاهْلُو رُوحُ المِكسيك العَميقة: صلابتها كالصبّار يشقّ طريقه بين نتوءات الصّخور

محمّد محمّد خطّابي

سمر يزبك و«تسع عشرة امرأة ـ سوريات يروين»: حكايات بطولية للنساء في مواجهة جرائم الحرب

Posted: 28 Apr 2018 02:10 PM PDT

لم أكن أتوقع أن أشهد أو أقرأ أو ألمس عبر مئات الوثائق والمُدوَّنات الشخصية والدولية، ولمنظمات عمل إنسانية، جرائم ارتكبت بحق البشرية والأبرياء العزل، من شيوخ وأطفال ونساء، مثلما يرتكبها النظام السوري بحق شعبه الأعزل، هذا الشعب الذي يستحق أن يحيا حياة كريمة، حرة، غير مقيَّدة، وغير محكومة بأنظمة قمعية دأبت على منافسة النازية وأخواتها من أنظمة حكم ديكتاتورية، على التمرُّس والتمكن والإبهار في وسائل الإبادة الجماعية. قلت لم اقرأ ما يماثل هذا النظام دموية، سوى تنظيم «داعش» وشبيهاته، لا بل تجاوز النظام السوري بقوة المحق التي يمتلكها الأدوات البدائية لداعش، تلك التي تعمل بالسيف لقطع الرؤوس، فإذا كان «داعش» يقتل واحداً أو خمسة بالسيف، فالنظام السوري الذي بزّه بالطرق الإجرامية، يعمل بالقنابل الفراغية وبراميل البارود، والقصف بالطائرات والمواد الكيميائية، كغاز الخردل والسارين، ليقتل الآلاف بوحشية وبدم بارد.
لم أكن أتوقع بعد قراءتي لوثائق كتاب «في سوق السبايا» للشاعرة دنيا ميخائيل الموصلية، عن ما يسمى تنظيم «الدولة الإسلامية» والمعروف بـ «داعش» أن أقرأ وثائق دقيقة وموجعة للمشاعر والأحاسيس والمواجد، وجارحة على نحو ملموس وجلي للأعماق الإنسانية، مثل كتاب الروائية السورية ابنة الساحل، سمر يزبك «تسع عشرة امرأة ـ سوريات يروين». وهو كتاب وثائقي، جريء ومدعوم بالبراهين والأدلة الدامغة والملموسة، كونه يكشف بالتفاصيل اليومية، الدقيقة، بشاعة النظام، المتميز بهاجس القتل والترويع والتعذيب العادي للعامة، من السوريين. فالنظام البعثي المبني على أنهر الدم وعلى مقاطعات من أشلاء الضحايا، والمتفنِّن بصنوف المحو والمحق والتحطيم للروح البشري، لا يهمّه سوى الإبادة الشاملة والمتكاملة والممنهجة من أجل البقاء في الحكم، حتى لو قتل من الشعب ثلثيه، حتى لو هجَّر الملايين، حتى لو هدَّم كل المرافق العامة، وحطم البنية التحتية، وهدّ البيوت والعمارات والمآوي فوق رؤوس ساكنيها، متناسيا التاريخ، وحرقة الشعوب التي ستقف لهم يوماً بالمرصاد، لتحاسبهم على الصغيرة والكبيرة، بحق الشعوب التي ظلموها ودكوا أسوارها ومدائنها، لتكون رماداً، وها هي المدائن السورية الجريحة تئن وتنزف ولم يبق منها سوى الأنقاض، سوى الرماد الذي يحرس الأمكنة.
تقدم الكاتبة سمر يزبك لكتابها بمقدمة ضافية، تُبيِّن فيها مسعاها، وأوقاتها في رحلة الآلام هذه، كاشفة وعبر جهد مائز وحس خلاق وشاق ومضن أيضاً في تدوين المعلومة والشهادة والوثيقة، حكايات بطولية لتسع عشرة امرأة من السوريات، اللواتي عملن مع بدء الثورة السورية كناشطات في تنسيقيّات الثورة، يُنسِّقن مع الثوار منهاج الحركة الثورية، وطرائق تحرُّكها وعملها الميداني. فهنَّ كنَّ في الغالب، في المواجهة وأمام لحظات الموت، وما أكثرها تلك اللحظات الدائرة عبر سبع سنوات من عمر الثورة التي انتكست في المآل، من خلال المؤامرات والتدخلات المحلية والإقليمية والدولية، ومن خلال الحط من انطلاقتها وتشويهها عبر وسائل إعلام النظام البعثي النازي، ومحاولاته الدؤوبة في بث الفرقة بين المذاهب، وترويع الأقليات بالقتل من قبل قوى مجهولة، أو من قبل تنظيمات إسلامية متطرِّفة. وهذا ما حصل فعلاً حين سمح النظام السوري بتسويق «داعش» إلى مناطق الثوار، ومن ثم الانسحاب منها، بغية تسهيل الدخول للقوى الإسلامية المتطرِّفة، مثل «جبهة النصرة» و«جيش الإسلام» وغيرهما من الكتائب التي وجدت في ذلك فرصة لتسويق مشاريعها وأفكارها الجاهلية والمظلمة. هذا الكلام تكشفه المدوَّنات النسوية في هذا الكتاب، إذ عبره يسلط الضوء على ألاعيب النظام العفلقي، في الترويج للخوف والذعر والموت، عبر عملائه المحليين، وتذويب الجميع عبر نشطائه الدمويين، بفكرة النزاع المذهبي الذي لم يكن موجوداً ابّان انطلاقة الاحتجاجات السلمية السورية. هذا ما يرويه بعض النسوة بروح عالية، وبمسؤولية مثالية، فيها الكثير من حس العدالة والشهامة، والأخوة الإنسانية التي بشرتْ بها أولاء النسوة، والبعض منهن ينتمي إلى عائلات الطائفة العلوية، ومن ضمنهم المؤلفة نفسها، يروين بحس الحقيقة وعينها، مظالم النظام السوري الذي لم يكن يوماً عادلاً مع أحد.
وقد اعتمدت المؤلفة في كتابها المنهج البسيط، والواضح والسلس، لكشف جرائم النظام السوري، وكذلك مالت إلى المواءمة بين التنوّع الجغرافي للمناطق السورية، فثمة نساء من الساحل السوري، من طرطوس واللاذقية، وكذلك هناك نسوة من حمص وحلب وحماة والرقة والسويداء ودير الزور ودرعا ودمشق وغوطتها وريفها المحيط، وثمة تنوع وتعدد في المهن، تلك التي شغلتها الناشطات في عملهنّ اليومي واللوجستي، الصعب والخطر والمرعب، طوال سنوات الثورة، حتى خُيّل لي بعد هذا العمر، وعبر قراءاتي المتعدِّدة والكثيرة، وعيش بعض تجارب الحروب، أن النساء بشكل عام، هنّ أقوى وأكثر صلابة وثباتاً وصبراً وجَلَداً وإرادة وتحدّياً من الرجال، وذلك ما يثبته هذا الكتاب لي، وغيره من الكتب التي تتحدث عن الفاشيات والطغيان والعوالم النازية في العالم.

مجازر وموت الأطفال من الجوع

تروي الراوية الأولى سارة، وهي من معظمية الشام، الأيام الأولى للتظاهرات التي انطلقت في محيطها، فشاركت النساء في حراكها السلمي، ولكن عناصر الأمن وقوات حفظ النظام تصدّتْ للتظاهرات وقمعتها بقوة ووحشية، حيث اعتقلوا في تلك التظاهرة 1500 متظاهر، بكت كل نساء المنطقة على الشباب، ولكن رغم ذلك، المظاهرات استمرت، «أنا كنت أعمل وأدرُس في الجامعة في آن واحد»، وتضيف سارة: «كتبنا نحن اللافتات الخاصة بالتظاهرات، طالبنا فيها بإسقاط النظام وجاء أهل داريّا للمشاركة معنا فيها، اشتغلنا على ضوء الشموع وطبعنا المناشير التي تشرح طبيعة الثورة وخرجنا في تظاهرات ضخمة، حتى حصلت مجزرتان ارتكبهما الأمن والشبيحة وهم يعتقلون ويذبحون. المجزرة سميت مجزرة السكاكين… قتلوا عائلة ادريس ذبحاً، ثم قتلوا أربعة شباب أمام أمِّهم التي سمِّيت خنساء المعظمية، وأحرقوا البيت، كنت أرسل هذه التفاصيل كلها إلى الإعلام… على أطراف المعظمية، كنا نهرب من الدبابة والطائرة، قتل مئة وخمسون شخصاً، كانت الإعدامات ميدانية، يُجمع الناس ويُرمون بالرصاص، وأحرقتْ بيوت كثيرة، ومات تسعة أطفال من الجوع».
وشهدت سارة مجزرة ثالثة، من خلال عملها كمسعفة للجرحى، «مجزرة الكيمياوي في المعظمية بتاريخ 21 ـ 8 ـ 2013 رأيت رضيعاً مات جميع أهله، أجريت له تنفساً صناعياً، ذعرت الناس يصرخون في حالة هستيرية، حتى رأيت ما هو أفظع من ذلك، أتت امرأة وشدتني من يدي، كانت مذهولة، أظنها أصيبت بالجنون، أمسكت بيدي بقوة وقالت: انظري هذه ابنتي، وهذا أخي وهذه ابنتي الأخرى مريم وهذا زوجي، ثم أشارت إلى مجموعة من الموتى، لم تكن تبكي، بل طلبت مني التحديق فيهم، ثم قالت: وهذه أمي انظري ما أجملها، انظري إليهم إنهم ينامون فقط».
تروي الراوية الثانية التي اعتقلت في بيتها عبر وشاية، صنوف التعذيب المبتكر والنازي، هذا غير العبث بجسدها واللعب به في المناطق الحساسة، سُجنتُ مع العاهرات والسارقات وقالوا للسجينات أنتن أشرف منها، و«صاروا ينادونني باسم آخر، أميرة خليف، وكنت أرفض ذلك وأظل بعد جولات التعذيب التي لا تتوقف، ليلاً ونهاراً، أرددُ بأني مريم ولست أميرة خليف، كان الشباب المعتقل يتغوّط ويتبوّل في لباسه». إحدى طرائقهم في التعذيب تسمى الشبح، وهي التعليق من السقف مربوطة اليدين ويتم بعد ذلك التعذيب، كان المحقق يضربني ويقول: «يا شرموطة بدك حرية» بعد التعذيب يضعوني في ماء مملح، كانوا يريدون إجباري على الظهور في التلفزيون والقول بأني إرهابية، وكنت أرفض ذلك كوني ناشطة في حراك سلمي، لقد ربطونا بالسلاسل مثل العبيد، وجعلونا نحن النساء نمر أمام رجال عراة: كل ذلك جرى في قسم أمن باب المصلى».

فرع فلسطين

الراوية الرابعة زين، وهي من حلب، اعتقلتْ وعُذِّبتْ وصارت في السجون ترى الشباب معلقين كالذبائح، وعمدوا أمامها إلى اغتصاب شاب، وأجبرني الجلاد وهو يضربني بالسوط أن «أحدق في وجهه وهو يغتصب، رأيت شباباً فقدوا عقولهم، كان أحدهم طبيباً، عذبوه بالكهرباء، جُنّ تماماً، وعندما عرفت أنني في فرع فلسطين، قلت أنني سأموت. كنت أعرف الأهوال التي تحصل فيه، ومن يخرج منه حياً يكون الأمر معجزة، أطعمونا أكلاً مليئاً بالشعر والأظافر، مرة جاءوا بمعتقلة من درعا اغتصبت في فرع 215 كانت حاملاً، حاولت إجهاض نفسها فضربت بطنها بعنف وأصيبت بنزيف، سقطت على الأرض لا تتحرك. أحد الشباب مات تحت التعذيب لأنّ المحقق ضرب رأسه بباب زنزانة الحديد، سمعتُ صوت كسر رأسه، ظل يضربه حتى سقط الشاب أرضاً، وسمعتُ صوت غرغرته قبل أن يموت، وتسرَّب دمه من تحت باب زنزانتي، كانوا يضربون رؤوس الشباب بجدران الممرات، وبأبواب الحديد، كانت جدران الممرات كلها بقع دم من رؤوس الشباب».

اغتصاب حامل حتى الموت

الراوية السابعة وهي رولا من حي كرم الزيتون في حمص، وهو حي غالبية سكانه من العلويين، تقول رولا: «إن أجهزة المخابرات تلاعبت فعلا بالسُّنَّة والعلويين، وفي حي كرم الزيتون ارتكبت مجزرة، في 12ـ 3ـ 2012. ورأيت بيوتاً على مد النظر مدمرة ومحترقة، كان الخراب لا يوصف… لقد اختفى ما يقارب من خمسة وتسعين ألف شخص، الشبيحة هم الذين فعلوا ذلك، عرفت لاحقاً من أحد أقاربي أن هناك مكتباً مهمته تنظيف الأمكنة التي سيدخلها الجيش، هؤلاء لم يكونوا من الشبيحة التقليديين، كانوا مدرَّبين على القتل… الرجالُ الذين يرتبطون بالمكتب والمرتبطون بالأجهزة الأمنية هم من ذبحوا الناس».
الراوية الخامسة عشرة عليا، وهي من معرَّة النعمان، تقول: «أمي عاشت حوادث مجزرة حماة عام 1982، وروت لي ما حلّ بصديقتها في البيت المجاور، كانت جارتها حاملاً، اغتصبتْ من قبل قوات سرايا الدفاع، وظلت تنزف حتى ماتت، وجارتها الأخرى، كان لديها طفل وحيد ورضيع، خبأته في إحدى خزائن المطبخ حتى لا يقتله رجال سرايا الدفاع، لكنه بكى، فسمعوا صوته، وقتلوه برصاصة في رأسه، تردِّد أمي هذه الحكايات وهي خائفة حتى الآن».

سمر يزبك: «تسع عشرة امرأة ـ سوريات يروين»
دار المتوسط ـ ميلانو 2018
279 صفحة.

سمر يزبك و«تسع عشرة امرأة ـ سوريات يروين»: حكايات بطولية للنساء في مواجهة جرائم الحرب

هاشم شفيق

في كتاب شمل مقابلات معه أجريت في السنوات الأربع الماضية: نعوم تشومسكي: ترامب يعتمد خطط رجال الأعمال في خياراته السياسية

Posted: 28 Apr 2018 02:09 PM PDT

سيبلغ المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي التسعين من عمره في نهاية هذا العام، ولكن نظرياته الثاقبة ومواقفه الثابتة إزاء الأزمات الخطيرة في العالم ما زالت تتدفق بغزارة في كتب ومقالات ومقابلات قد تكون مفيدة لمنع حرب عالمية ثالثة مدمرة للبشرية.
وقد وردت بعض هذه الأفكار في كتاب صدر مؤخراً بعنوان: «استياءات حول شؤون عالمية: حوارات مع نعوم تشومسكي عن الأخطار التي تهدد الديمقراطية في مشروع الإمبراطورية الأمريكية» أجراها الإعلامي ديفيد بارساميان معه على مدى أربع سنوات (من حزيران/يونيو 2013 إلى الشهر نفسه في عام 2017). وبارساميان هو مدير إذاعة «الراديو البديل» الأمريكية. وشمل الكتاب في فصله الأخير تقييم تشومسكي لشخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
واعتبر تشومسكي في هذه المقابلة أن مسؤولية بعض الأخطاء التي ارتكبها ترامب في سياساته بالنسبة إلى الشرق الأوسط تعود بشكل رئيسي إلى تأثير مجموعة محددة في الحزب الجمهوري الأمريكي عليه، وهذه المجموعة التي تتشكل من فئة يتصاعد دورها في هذا الحزب تدفعه لاتخاذ مواقف حادة وفي بعض الأحيان متسرعة في هذا الشأن، بينما ترامب الحقيقي، قد لا يكون مقتنعاً بهذه السياسات والمواقف بل انه على الأرجح يؤمن بالمبدأ القائل: «اعطني ما أريد لكي أفعل شيئا من أجلك» وهو مبدأ رجل الأعمال الذي يسعى للتوصل إلى الصفقة التي تلائمه من منطلق مصالحه.
وشعار ترامب الرئيسي الذي ساهم في إيصاله إلى الرئاسة، حسب إحدى المقابلات هو: «سأجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» بالإضافة إلى وعوده بتوفير الوظائف وتعزيز الصناعات الأمريكية التي أثر تقلصها سلباً على سكان المناطق الريفية وعلى ازدياد العدد الكبير من العاطلين عن العمل.
وخطأ الحزب الديمقراطي الأمريكي، في رأي تشومسكي، أنه لم يدعم المرشح الليبرالي الميول بيرني ساندرز منذ البداية والذي كان في امكانه استقطاب الشباب والأجيال الطالعة والمهمشين إلى درجة أكبر من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي رآها هؤلاء مرشحة من جانب أركان النظام الذي أدى إلى تهميشهم بالإضافة إلى زيادة معاناة الفقراء والعاطلين عن العمل في ظل قيادات الحزبين.
الجديد في مواقف تشومسكي في هذا الكتاب كونه يفرق بين المواقف الأيديولوجية المتطرفة للمحافظين الجدد والمتصهينين الانجيليين الأمريكيين، من جهة، وبين دونالد ترامب نفسه الذي يندفع أكثر حالياً للاعتماد عليهم في اقصاءاته لأعوانه وتعييناته الجديدة.
وبالتالي، فصداقات ترامب وتحالفاته في الشرق الأوسط قد تفسران على غير حقيقتهما، فدوافعهما ليست أيديولوجية، كما قد تكون دوافع المحيطين به في هذه المرحلة. وفي المدى البعيد قد لا تخدم الجهات التي تعتقد انها تديره، إذ يبدل مواقفه ويغير تحالفاته أذا رأى انها «لا تعطيه ما يريد» وأنها قد تقلص نفوذه وتضعفه.
فعندما يسأل بارساميان تشومسكي في الصفحة (179): «هل تعتقد ان ترامب يعتمد وينفذ خطة سياسية دولية اقتصادية مترابطة ومنسجمة؟ يجيب تشومسكي: «ان سياسات هذه المجموعة الضيقة التي تحيط بترامب يتزايد نفوذها وهي تضر بالمصلحة العامة للشعب الأمريكي وبمصالح الأجيال القادمة. ليس من الواضح إذا كان ترامب يدرك حاليا الأخطاء التي ترتكبها هذه المجموعة المتطرفة في الحزب الجمهوري، ولكن أيديولوجية ترامب الأساسية مرتبطة بشخصيته كفرد وكرئيس».
وعما إذا كان ترامب يخدم لوبيات أمريكية كلوبي صناعة الأسلحة أو لوبي النفط والغاز أو لوبيات أيديولوجية أو عنصرية أخرى عبر اعتماد سياسات تحطيم ما بناه قبله الرئيس السابق باراك أوباما من العلاقات، يجيب تشومسكي: «ربما هذه عوامل مؤثرة، ولكن تصرفاته لا تختلف عن تصرفات قادة عالميين تقليديين في بعض الدول القوية في الماضي رغبوا في توسيع سلطاتهم عن طريق القوة العسكرية لأمريكا وبريطانيا وفرنسا في وقت يتحدثون فيه باستمرار عن الديمقراطية والدبلوماسية».
وشجب تشومسكي في أجوبته اللجوء إلى القصف العسكري للأبرياء وقتلهم من أجل تحقيق الأهداف السياسية، والذي تعتمده جهات مختلفة معتبراً انه لا يحقق أهدافه. كما انتقد تحول الهند من دولة قيادية في دول عدم الانحياز بقيادة الزعيم الهندي الراحل جواهر لال نهرو إلى دولة تميل حالياً نحو تعزيز التسلح والانفتاح على إسرائيل.
كما انتقد هيمنة المال على الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أمريكا خصوصاً والعالم عموماً، قائلاً انه ما ان تخرج الولايات المتحدة من انتخابات رئاسية أو تشريعية حتى تنتقل إلى انتخابات أخرى يحتاج المرشحون خلالها إلى الدعم الذي توفر لهم اللوبيات وفي بعض الأحيان لأموال الدول الخارجية. وهذا الأمر يؤثر على صدقية مواقف المرشحين عموما بالنسبة للقضايا الداخلية والدولية.
وفي مقابلة مع المؤلف جرت منذ سنتين ووردت في الكتاب يقول: «لا أظن ان في الإمكان التخلص من المنظمات الجهادية المتطرفة في العالم العربي والعالم عموما عن طريق قصفها عسكرياً فقط. فهناك جهات تعتبر هذه المنظمات عاملاً لحمايتها كمجموعة طائفية وإذا أُزيلت عسكرياً فقط فستنشأ مجموعات مسلحة على شاكلتها في المستقبل. وهذا الأمر انطبق على قيادات عربية أُزيلت بالقوة العسكرية والغزو وحدهما كما حدث في العراق وليبيا في السنوات الماضية من دون التخطيط لما سيحدث بعد إزالتها ما أدى إلى انتشار الفوضى والانقسامات والهجرة والمآسي الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية». ورأى ان هذا ينطبق على أزمات أخرى في المنطقة تتفاقم حاليا أو قد تنشأ في المستقبل.
وانتقد تشومسكي بشدة دعم أمريكا للتسلح النووي في إسرائيل والهند وباكستان، وهي دول غير منتسبة إلى اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية، بينما النظام الأمريكي الحالي قد يُقرر الانسحاب من الاتفاقية النووية بين الدول الأوروبية وأمريكا مع إيران التي وُقعت في عهد الرئيس الأمريكي أوباما.
كما اعتبر في أجوبته أن سياسات التقشف الاقتصادي التي تعتمدها بعض الدول الأوروبية الغنية تؤدي إلى نتائج سلبية إذ تُشجع على نشوء أحزاب يمينية متطرفة. من جهة، وتزيد بؤس وتهميش الفقراء، من جهة أخرى، عن طريق تقليص الخدمات الاجتماعية والصحية التي تُقدم لهم وتدفعهم إلى التصويت لشخصيات «ديماغوجية» تقدم إليهم الوعود ولا تنفذها أو الانتساب إلى منظمات مسلحة عنيفة.
وعبّر عن تحفظه إزاء سياسة تحميل دول لا تستطيع تحمل المزيد من الهجرة بسبب الحروب، الكثير من المسؤوليات التي قد تؤدي إلى انهيار اقتصادها وتركيبتها الاجتماعية. وذكر لبنان والأردن وتركيا (في قضية الهجرة السورية) كمثال على ذلك، حيث تتخلص الدول الأوروبية من مشكلتها ثم تلقيها على عاتق دول أخرى وتدّعي أنها ستساعدها عبر المنظمات الدولية.
وأشار في هذا المجال إلى السلبيات التي ارتكبت وترتكب بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ودول المنطقة عموماً.
وانتقد بشدة في مقابلته الأخيرة (في صيف العام الماضي) المفهوم الذي تعتمده أمريكا والدول الأوروبية في تعريف الدول التي تدعم الإرهاب والمنظمات الإرهابية ومعاييره الخاطئة، فبدلا من اعتبار ما فعلته إسرائيل في الأراضي المحتلة (وفي غزة خصوصاً) وفي لبنان في السنوات الماضية إرهاباً من جانب دولة ضد شعوب ودول أخرى نرى هذه الدول الأوروبية والغربية وقادتها تصنف «حماس» وأخواتها من المنظمات المقاومة كمنظمات إرهابية وتهدد الدول الإقليمية التي تدعمها بالعقوبات وتعتمد السياسات المؤذية لها بحجة أنها لا تقدم الدعم الكافي لمكافحة «الإرهاب».
وبالتالي، أصبحت الجريمة الإرهابية الأساسية في نظر بعض الدول الغربية هي مقاومة السياسات الإسرائيلية القمعية والتوسعية، حسب تشومسكي وأصبح بعض هؤلاء القادة في الغرب يعتبرون ان إجراء انتخابات حرة في فلسطين تؤدي إلى نجاح خصوم إسرائيل «جريمة» المطلوب معاقبتها.
ورأى في المقابلة الأخيرة، ان هذه المواقف المنحازة ضد خصوم ومقاومي إسرائيل لا تقتصر على نظام ترامب في أمريكا بل تواجدت في الأنظمة الأمريكية السابقة ولكنها تطورت بشكل لافت في سياسات ترامب بسبب خصوصيات شخصيته ومواقفه المختلفة علناً عن أسلافه.
ويشمل الكتاب أموراً كثيرة أخرى عن تشومسكي وخلفياته العائلية والشخصية وأسباب اهتمامه بالقضايا الإنسانية إلى جانب عمله في حقل العلوم واللغويات في جامعة «MIT» الأمريكية المنتج عملياً وقدرته على النتاج الفكري السياسي في الوقت عينه.
ولعل من أهم ما في نقده لسياسات ترامب عموماً وفي الشرق الأوسط خصوصاً انه يتجنب استخدام المبادئ والقيم الإنسانية في نقده لتبرير وجود وبقاء قيادات الأنظمة القمعية في المنطقة وممارساتها ضد شعوبها. فإذا اعتبر ان ترامب أخطأ في مواقفه ضد نظام ما فان ذلك لا يقوده إلى تبرير سياسات ذلك النظام وضرورة استمراره في التنكيل بشعبه، بل يقف دائما إلى جانب الشعوب المسحوقة التي تعاني من بطش قادتها وتتحرك للمطالبة بحقوقها. وهنا تكمن إنسانيته الحقيقية.
ويُذكر ان ديفيد بارساميان كتب عشرة كتب عن نعوم تشومسكي، كما كتب أيضا عن أدوارد سعيد وطارق علي وهوارد زنّ وريتشارد وولف، وهو من مناصري القضية الفلسطينية والقضايا الإنسانية العادلة.

David Barsamian: Global Discontents:
Conversations on the Rising Threat to Democracy with Noam Chomsky.
Metropolitan Books, New York 2017
227 pages

في كتاب شمل مقابلات معه أجريت في السنوات الأربع الماضية: نعوم تشومسكي: ترامب يعتمد خطط رجال الأعمال في خياراته السياسية

سمير ناصيف

جاسر: لناس فلسطين وحدهم تصوير قصصهم

Posted: 28 Apr 2018 02:09 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: إلى «واجب» الفيلم الفلسطيني الذي حصد حتى الآن 17 جائزة، عودة من خلال مخرجته آن ماري جاسر التي حلّت في بيروت مطلع نيسان/ابريل لحضور افتتاحه، وكانت زيارتها أشبه بـ«غط الحمام طار حمام» والحوار معها شبه مستحيل. إنما خدمات وسائل التواصل الاجتماعي شكلت تعويضاَ فكان الحوار الذي انتظر وقتاً لا بأس به. فـ«واجب» يفرض على الترحال الأسبوعي من فلسطين إلى العالم لعرضه في المهرجانات.
يترافق الحوار مع بدء عرض «واجب» تجارياً في بيروت بدءاً 26 من نيسان/ابريل، وآن ماري مسرورة لحجم وشكل استقبال الفيلم في أي مكان عُرض فيه، وفي بيروت على وجه الخصوص حيث تشكلت خلية بعيدة عن الإعلام لإجازة عرضه بعد منعه من قبل الرقابة.
هنا تفاصيل الحوار:
○ »واجب» عُرض في بيروت بحضورك بعد معاناة مع الرقابة. ماذا قالت لك ردة فعل جمهور «ملتقى بيروت السينمائي»؟
• كنت في غاية الفرح في بيروت خاصة بعد قرار عرض الفيلم. الجمهور اللبناني في غاية الأهمية بالنسبة لي. أشعر بتقارب كبير بين اللبنانيين والفلسطينيين. اللبنانيون على تواصل معنا ويعرفون مسار قضيتنا ويفهمونها جيداً. كما أننا وإياهم نلتقي على المزاج المرح. في بيروت كانت ردة الفعل ممتازة خاصة وأن الجمهور فهمه بعمق.
○ هل لا تزال السينما المستقلة في بيروت تبادلك الحب الذي ولد قبل 17 سنة؟
• أحببت السؤال. نعم في بيروت شعرت بالحب. شعرت أكثر بالجهد الذي يبذله العاملون في السينما المستقلة في بيروت، وكم يضعون من قلوبهم لضمان نجاح أعمالهم. وهم يوجهون اهتمامهم إلى السينما المستقلة في العالم العربي جميعه. مهرجان بيروت دي سي يتطور بسرعة، والسبب أن القائمين عليه يعملون بشكل صحيح، ويحترمون الفن والسينما. أدرك تماماً كيف دافعوا عني بقوة أمام الرقابة كي تسمح بعرض «واجب». الجهد الذي قاموا به ترك أثره في نفسي وشعرت به من داخلي.
○ »واجب» مهمة يستدعيها حفل الزفاف. هل ترين في تجسيد حياة فلسطينيي الداخل سينمائياً واجباً وطنياً بالنسبة لك؟
• صورت فيلماً في الناصرة، فلسطين. قد يقول البعض في هذا العالم هذه لم تعد فلسطين، لكنها بالنسبة لنا هي فلسطين. طاقم العمل من فلسطين وكذلك الممثلون. يمكن لأي سينمائي أن يصور في الداخل وفقط مع فلسطينيين. نحن تعاونا مع قليل من الأوروبيين نتيجة شروط الإنتاج المشترك مع فرنسا وكولومبيا.
○ هل تلتقي رؤيتك للحظة الذروة في الفيلم مع قراءات أخرى وجدته في مشهد الشرفة وركوة القهوة التي جمعت الأب والإبن؟
• نعم هذا ما أراه بعد تلك الرحلة والنقاشات بينهما. أخيراً يجلس الأب وابنه يتحادثان ويتفاهمان. لم يكن الجمهور يتوقع النهاية. في رأيي هذا ليس مهماً، الأهم أنهما غيرا العلاقات فيما بينهما. عندما فكرت بالمشهد الأخير كنت حيال لقطتين. دخول شادي، ثم دخول أبو شادي. تكامل الإثنان وباتا كأنهما واحد.
○ بدت المشاهد واقعية وحقيقية لحدود الشعور بأننا في زيارة لبيوت الناصرة. ما هي مصاعب تصوير الناس الحقيقيين وفي منازلهم؟
• بعض من شاهدتهم في الفيلم ممثلون كما محمد وصالح بكري، آخرون مثلوا على المسرح فقط، والأكثرية هم فلسطينيون عاديون صورتهم في منازلهم. أردت أن نعيش مشاعر الناس وهم يظهرون على طبيعتهم. أحب وجود الشعب في أفلامي. بعضهم تمّ تصوير مشاهدهم في بيوتهم أو منازل الجيران. أحببت في الفيلم اظهار الناس بطبقاتهم المختلفة. كنا حيال منازل بسيطة وأخرى فخمة. هذه الناصرة فيها المسيحيون والمسلمون، ولا نكتشف الانتماء الديني إلا إذا وجد الصليب في منزل أحدهم. هذا بعض من الحياة الحقيقية في الناصرة وفي فلسطين بشكل عام.
○ هل كتبت دوري الأب والإبن على قياس حضور قوي واضح لمحمد وصالح بكري؟
• عندما بدأت الكتابة راودني نسبياً اسم صالح لدور شادي. كتبت بحرية بعيداً عن الأشخاص. عندما بدأت البحث عن الممثلين خطرا لي معاً.
○ وجود الأب والابن في الحياة وفي بلاتو التصوير معاً هل لعب لصالح الفيلم؟
• نعم هذه الواقعية أعطت الكثير من الإيجابية للفيلم. التواصل بين أب وابنه وجدت بينهما بشكلها الطبيعي. هما معاً أعطيا من ذاتهما على الشاشة. العمل معهما كان جميلاً. في تقديري الشخصي كان الفيلم «إكسترا».
○ ما هي الطريق التي سيسلكها «واجب» إلى مهرجانات السينما؟ وهل من جوائز جديدة إلى جانب جائزة أفضل ممثل في مهرجان دبي؟
• حتى الآن يتابع الفيلم جولته وأنا في غاية السرور. كل يومين أو ثلاثة يشارك «واجب» في مهرجان عالمي. والحمد لله حصلنا حتى الآن على 17 جائزة وننتظر المزيد. وفي لوكارنو على سبيل المثال نلنا ثلاث جوائز، وفي ارجنتينا ماردل بلاتا، نلنا جائزة أفضل فيلم وأفضل ممثل. إلى جوائز أخرى من الهند، وأميان في فرنسا، وغيرها الكثير. والفيلم موجود في دور العرض في فرنسا منذ شهرين، ويعرض في ايطاليا واسبانيا. وبدأت عروضه في لبنان.
○ فلسطين القضية والشعب يشكوان من ضغوط لتغييب الحقيقة عن أنظار العالم. ما هو الدور الفعلي الذي تلعبه السينما الفلسطينية في إيصال الصوت؟
• أعتقد أن ناس البلد وحدهم قادرون على رواية حكايتهم وقصتهم. ما من أحد يعبر بصوت الآخر. كان الفلسطينيون في رأيي يحتاجون للتعبير عن حكاياتهم من خلال السينما. أدرك جيداً وجود محاولات حثيثة لمسحنا وإلغائنا. ومؤخراً بدأت الأصوات من فلسطين تتزايد من غزة إلى حيفا وعكا، القدس، رام الله، بيت لحم والخليل أي بلدنا بكامله. الشعب يؤكد أنه موجود رغم محاولات الشطب، وهذا مؤشر شديد الأهمية. ففي السابق تمّ تصوير الكثير من الأفلام عن شعبنا، لكننا اليوم نحن بذاتنا نصور قصتنا. نصور حياتنا وتفاصيلها. ليس فلسطين لوحدها، بل كل بلد يحتاج للتعبير من خلال ناسه وليس الآخرين.
○ هل صارت السينما الفلسطينية ناشطة بحدود مشجعة في رأيك؟ هل تواجه ضغوطاً من اللوبي الصهيوني لمنعها من الوصول إلى الرأي العام العالمي؟
• نعم السينما الفلسطينية ناشطة دون شك. صار لها هويتها على صعيد العالم. في كافة مهرجانات العالم يظهر صوت فلسطين قوياً. أسماء فلسطينية باتت موجودة إلى جانب أسماء المخرجين في العالم كما إيليا سليمان، هاني أو أسعد وكثر من الجدد. نعم السينما الفلسطينية موجودة ولها سمعة جميلة. ولأننا شعب يرزح تحت الإحتلال الإسرائيلي الهواجس كثيرة في عملنا. وهم لا يألون جهداً بهدف إسكاتنا ومحونا. ولأن تلك الهواجس موجودة على الدوام، فصانعو الأفلام في فلسطين يحاولون العمل متخطين كل الصعاب التي تواجهة السينما المستقلة في العالم بشكل عام. نحن نواجه كافة الممنوعات المفروضة من الاحتلال منها التنقل، التصوير بحرية وغيرها. الهدف الأساسي للاحتلال منع عملنا، لكننا نسعى بجهد، ولهذا صار للسينما الفلسطينية صوتاً أكثر قوة لأننا نقاوم ونرفض الاحتلال الظاهر في حياتنا، في الشارع، في المدارس، وحتى خلال سفرنا هو موجود.
○ في رأيك كم تشكل الثقافة رهاناً ناجحاً إلى جانب السياسة بهدف إحداث تغيير لدى الرأي العام العالمي لصالح فلسطين؟
• يحاول العدو الصهيوني أن يقول للعالم أننا غير موجودين كشعب. وإن وجدنا فنحن عنيفين وإرهابيين وسوى ذلك من سلسلة الكذب والتضليل. في حين أن الأفلام التي تحكي عنا تقول العكس. تقول اننا شعب يحب الحياة ويعيش حياته مقاوماً للاحتلال. وأننا ناس يشعرون ويحسون برهافة كبيرة. وهذا ما تقدمه السينما الفلسطينية، وهذا ما يقوله شعب غزة منذ أسابيع. فهو رغم الشهادة يواجه الاحتلال ويرفضه كل يوم جمعة. هؤلاء هم أبطال فلسطين الذين يستفيقون كل صباح في أكبر سجن في العالم ويقصدون الحدود، وبعد 70 سنة من الاحتلال يصرخون نحن بشر والحياة في حرية حق لنا. سؤالك عن الثقافة والتغيير، في رأيي الثقافة هي الحياة، وهي التي تدافع عن الحياة.
○ يعتبر النقاد «ملح هذا البحر» من أهم أفلامك الروائية هل لك القراءة في الأسباب؟
• لا أجزم أن «ملح هذا البحر» أهم من الأفلام التي أتت بعده. لكل ناقد رأيه. بعضهم يحكون لي عن فيلم «لمّا شفتك» كأفضل فيلم لديهم. وحالياً ينحاز آخرون لـ«واجب». الأفلام الثلاثة هم أولادي، وليس لي المفاضلة بينهم.
○ هل تجد أفلامك التمويل بسهولة؟
• التمويل أصعب مراحل الفيلم. ست سنوات استغرقها البحث عن تمويل لفيلم «ملح هذا البحر». وتمويل فيلمي «لما شفتك» و«واجب» كل منهما خمس سنوات. أجمع التمويل من مصادر متعددة. وأفلامي ذات إنتاج متواضع جداً قياساً مع الأفلام المستقلة في العالم. هذا الموجود وعلينا أن نعمل. قدمت إلى جانب الأفلام الثلاثة الطويلة أفلاماً متعددة قصيرة، وأخرى وثائقية ويبقى درب التمويل صعبا.
○ هل نال الشعر الذي تكتبينه شهرة الأفلام التي توقعينها؟ وأين يلتقي الشعر مع السينما؟
• لا وصف لأهمية الشعر في حياتي. لا ينفصل الشعر عن السينما بل هو جزء منها، ومؤثر فيها. من الشعر المؤثر في السينما ما كتبه سميح القاسم، محمود درويش، بابلو نيرودا. التواصل إذا بين الشعر والسينما قائم وبقوة.
○ هل جمع كتاب أشعارك؟
• لا أكتب الشعر كما في السابق. في السنوات الماضية بت شديدة الانشغال. أتوق لعودة نشاطي كما السابق في كتابة الشعر. حتى الآن لا كتاب يجمع شعراً لي، لكن بعضه موجود ضمن مقتطفات أدبية.

جاسر: لناس فلسطين وحدهم تصوير قصصهم
بدأت عروض فيلم «واجب» في بيروت والجمهور يتواصل مع أهل الناصرة
زهرة مرعي

حكاية حسين أحمد مع البن اليمني

Posted: 28 Apr 2018 02:08 PM PDT

صنعاء ـ «القدس العربي»: في أحد شوارع الحي السياسي في صنعاء يقع مقهى «موكا هونترز» والذي يتكون من حجرة صغيرة تضم ثلاث طاولات ومنصات عرض البن وتجهيز القهوة، حيث بإمكانك هناك، وربما لأول مرة في اليمن، أن تطلب قهوتك بأيٍ من أنواع البن اليمني، ليتم وقتئذ طحن الحبوب وتجهيز وتقطير القهوة في خلاصة لقصة حسين أحمد، مع البن اليمني، وهو يحمل شهادة دولية في التذوق ومعرفة وخبرة بخريطة جودة البن في بلاده، ويمضي معظم وقته متنقلاً بين مَزارعه في البلاد، وإرسال العينات للتجار في أنحاء العالم، في تجربة استأنفها تحت قصف الحرب.
يتحدث حُسين عن قصته مع البن بحذاقة امتلكها من تجربته مع وسائل الإعلام التي ما زالت تحتفي بحكايته في خدمة مشروب القهوة من خلال البن اليمني الذي كان الزمن قد تجاوزه، ليأتي هذا الرجل وخلال فترة حرب في بلاده ليُدشن تجربة جديدة تحت عنوان «موكا هونترز». وموكا هي تسمية إنكليزية ارتبطت قديماً باسم البن اليمني الذي كان يُصدّر من ميناء المخا أو موكا على البحر الأحمر.
حُسين، الذي هو أحد اثنين في اليمن لديهما شهادة التذوق الدولية، مرت قصته مع البن بعددٍ من المحطات بدءاً من صنعاء إلى اليابان، حيث افتتح مقهى يمنيّ شهير في طوكيو، وصولاً إلى الولايات المتحدة حيث أنشأ شركة «صائدو البن» وعاد إلى صنعاء، واستأنف حكايته مع البن والقهوة اليمنية عام 2017.
«كنت في طفولتي اشتري لعائلتي البن وارتبطت بذهني رائحته حتى عندما هاجرت إلى أوروبا في شبابي خلال التسعينيات، كنتُ أطلب من عائلتي أن يرسلوا لي بنا، إلا أن البن الذي كان يصلني لم يكن بتلك الرائحة والجودة. حتى بعدما تخرجت في الجامعة في بريطانيا، وانشأت شركة لحجز الدورات والتسجيل في الجامعات هناك، ظل البن في ذهني».
شاءت الأقدار أن يتزوج حُسين عام 2007 من يابانية، وعندما استقر معها في صنعاء عام 2008 كان يفكر في مشروعه مع البن اليمني الفاخر، فأمضى ذلك العام في البحث العلمي في جغرافية البن اليمني وفصائله ومشاكله حتى تكونت لديه خريطة لجودة ذلك البن، ثم بدأ، في إرسال عينات من البن لتجار في اليابان، وعندما انتقل إلى هناك عام 2009 بدأ في متابعة ردود فعل الشركات اليابانية تجاه العينات وكان تفاعلها ممتازا كما يقول.
«كنتُ أزور اليمن كل أربعة شهور واتنقّل بين مزارع البن أشتريه من المزارعين وأبيعه في اليابان، إلى أن افتتحت عام 2011 مقهى للبن اليمني في طوكيو، وحقق شهرة كبيرة» يضيف لـ«القدس العربي».
ظل العمل في اليمن يلحّ عليه حتى عاد عام 2013 «لأنه كان لدي هدف أريد تحقيقه، وهو إعادة الاعتبار للبن اليمني الفاخر، إلا أن الأوضاع في اليمن كانت قد بدأت في التوتر عام 2014 وزبائني الذين كنت أشحن لهم البُن كانوا مترددين في إرسال المال لليمن. حينها زرتُ الولايات المتحدة للمشاركة في معرض عالمي للبن في واشطن، وتعرفتُ على عالم جديد، ونسجت علاقات جيدة، وبسبب الحرب في اليمن اضطررت للبقاء والعمل هناك».
من حسن حظ حُسين هناك أنه التقى برجل أعمال يمنيّ اسمه أدهم الجهمي كان عاشقا للعمل في مجال البن، وكان سمع بحكاية حُسين مع البن، وأسسا معاً شركة «موكا هونترز». يقول: «حصلنا على تمويل من «سيلكون فالي» بمئة وخمسين ألف دولار في 2016 وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتني عند عودتي لليمن بسبب الحرب، إلا أننا استطعنا أن نصدر بنا للصين وأمريكا أكثر من طنين خلال عام 2017 ولدينا الآن طلبات في أنحاء مختلفة في العالم».
للبن اليمني أنواع تختلف نكهته حسب المنطقة التي يٌزرع فيها، ومن أنواعه: الفضلي، الحيمي، المطري، الإسماعيلي، الحرازي، الحمادي، الحواري، العديني، الصعدي والمحويتي. أنواع كثيرة يستطيع حُسين أن يتذوقها ويميزها، «كل البن اليمني ممتاز، لكن أهم شيء هو أن المزارع يأخذ الحبة الحمراء ويجففها بشكل صحيح وبمستوى معين، ومن حسن الحظ أن المزارعين اليمنيين لديهم تاريخ في الاحتراف».
وأضاف «يتميز بالغرسة والبيئة الجبلية وأيضاً المزارع المحترف». مشيراً إلى أن بعض الأدلة تذهب إلى أن البن نبته افريقية، لكن الثابت كما يؤكد «أن أول مَن زرع البن وشربه وحوله إلى منتج…هم اليمنيون».
كان العالم يعتمد بدرجة رئيسية في قهوته على البن اليمني الذي ينتج بجودة عالية جعلته سلعة رائجة وخاصة ما بين القرن السابع عشر والتاسع عشر ميلادي، ومن ثم شهد تراجعاً حتى غاب عن السوق الأوروبية. ويعزو حُسين تراجع مكانة البُن اليمني في الأسواق العالمية إلى ما اعتبره طفرة البترول في الخليج، ويقول «كان اليمنيون يبيعون الحبوب الميتة لعشائر بلدان الجوار الذين كانوا يضيفون له الزِر والهيل لاستساغة الطعم، ومع نهضة سوق الخليج زاد شراء البن من اليمن لكنهم كانوا يشترونه بالوزن غير مهتمين بالجودة، لأنهم كانوا يستخدمون معه المُحسنات، فتحول البن اليمني من سوق أوروبا إلى سوق الخليج وأصبح التاجر اليمني لا يهتم بالجودة، يضاف إلى ذلك هجرة الشباب اليمنيّ للعمل في دول الجوار، وبسبب ذلك لم يجد الآباء مَن ينقلون إليهم ثقافة البن. حدث في النصف الثاني من القرن العشرين، فحصلت ثغرة معرفية في زراعة البن أثرت سلباً على جودته، ولهذا جاءت تجربتنا بهدف إعادة جودة البن إلى ما كان عليه في السابق».
وأضاف: «نحن نتنقل بين المزارع في مناطق اليمن ونعطي المزارعين تعليمات لإنتاج البن وندفع لهم مقابل ذلك مالاً أكثر لأننا نهتم بالبن الفاخر».

حكاية حسين أحمد مع البن اليمني
أسس مقهى في طوكيو ويمضي معظم وقته في مَزارع البن
أحمد الأغبري

ماذا ينقص محمد صلاح ليفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم؟

Posted: 28 Apr 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: خلط محمد صلاح أوراق لعبة اختيار أفضل لاعب في العالم، برسائله المُرعبة للثنائي الأفضل في العقد المنقضي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، التي وصلت لحد التجرؤ عليهما في السجل التهديفي، متفوقا على الأول في إحصائية التسجيل في مختلف المسابقات، وعلى الثاني في صراع هدافي الدوريات الأوروبية الخمسة للفوز بجائزة الحذاء الذهبي، ليُجبر الإعلام العالمي على بدء الحديث عن دخوله القائمة المختصرة سواء لأفضل لاعب من الفيفا (The Best) أو كرة مجلة «فرانس فوتبول» الذهبية.
قبل التطرق لما يحتاجه صلاح لإنهاء زمن ليو والدون. دعونا لا ننسى ما فعله مساء الثلاثاء، بإظهار شخصية الصديق القاتل أمام فريقه السابق روما، بطريقة أكثر قسوة وحشية مما فعله صاروخ ماديرا أمام مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا عام 2014، نعم هو الثبات الانفعالي وعدم التركيز على أي شيء سوى الـ17 مترا (طول المرمى وعرضه)، رغم أنه قبل يومين فقط، قضى سهرة صباحية احتفالاً بتتويجه بجائزة أفضل لاعب في إنكلترا من رابطة اللاعبين المحترفين، وهذا يعكس لنا مدى النضج والعقلية التي وصل إليها، ما شاء الله تشعر وكأنه «ريبوت» أو لاعب «بلاي ستيشن» مُصمم بمواصفات قياسية في الهجوم، تّحول فجأة لوحش كاسر، بتجسيده للمقولة الشهيرة «علمته الرماية ولما اشتد ساعده رماني»، وصلاح لم يكتف برماية زملاء الأمس، بل قصم ظهرهم بدون شفقة أو رحمة ولا حتى بلسانه «صان العيش والملح» مع ناديه القديم، بتسجيل هدفين وصناعة مثلهما، وبث حالة من الرعب داخل مدافعي ولاعبي وسط روما بدون استثناء، لم تنته إلا لحظة استبداله بالإنكليزي داني إنغز في آخر 18 دقيقة، والنتيجة 5-0.
المستوى الخيالي الذي ظهر عليه نجمنا العربي أمام ذئاب العاصمة الإيطالية، دليل جديد على أن سقف طموحه في الغالب لن يتوقف على جوائزه المرموقة الأخيرة، ولو نتذكر الأسبوع الماضي، أشرنا إلى حاجة عالم كرة القدم بوجه عام، لبطل قادر على وقف هيمنة الثنائي الأرجنتيني البرتغالي على كل الجوائز الفردية على مدار العشرية الأخيرة، وكما توقعنا، ذهبت جائزة (PFA) لمن يستحق، والشيء الرائع حقا والمُثلج لصدرنا كعرب، أنه في مباراته الأولى بعد استلامه الجائزة، بدا وكأنه يبدأ لتوه من الصفر، بالكاد نتحدث عن ملامح العقلية التي وضعت رونالدو وميسي في مكان وبقية من مروا على ملاعب كرة القدم في مكان آخر، مع غريزة الهداف القادر على التسجيل من ربع فرصة، والتعامل مع الانفراد أو الفرصة على أنها مسألة حياة أو موت، تقريبا هذا ما يفعله الدولي المصري مع الريدز في الآونة الأخيرة، فقط «باصي لصلاح» بالقرب من منطقة الجزاء، استمع إلى «آهات» الآلاف في المدرجات وانتظر هزة أرضية يشعر بها سكان مدينة ليفربول وكل ضواحي مصر من الشمال للجنوب.
وكما نعرف لغة الأرقام عادة لا تكذب، فهو لمس الكرة 26 مرة أمام روما، 4 مرات منهم محاولات بين القائمين والعارضة، سجل اثنين وأنقذ الحارس إليسون واحدة ببراعة يُحسد عليها، والأخرى تعامل معها بسهولة، أضف إليها تمريرتين حاسمتين والمساهمة في خمس فرص!
الشاهد وأقل ما يُمكن قوله أن صلاح افترس ناديه السابق وجلد جلد، وهناك من يرى أن المدرب الألماني يورغن كلوب أخطأ بالتسرع في استبدال هدافه بالهداف العائد من إصابة سيئة جدا، والبعض الآخر يرى أنه أصاب الهدف، وشخصيا أميل للرأي الثاني، فهو يعرف أن الظاهرة اُستنزف ذهنيا وبدنيا طوال الأسبوع ما بين إشباع جوعه بتسجيل هدف يوم السبت للحفاظ على مكانه في صدارة هدافي الدوري والدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى، ثم التفكير في منافسة دي بروين على الجائزة، وبعدها فعل كل شيء في كرة القدم على مدار 72 دقيقة، تحت ضغط لا يُصدق في مباراة وصفها الوحيد «عاطفية من الدرجة الأولى»، ومنطقيا كان لا بد من استبدال صلاح في هذا التوقيت، حفاظا على سلامته قبل أي شيء، خاصة بعد انضمام أليكس تشامبرلين لقائمة الغائبين لنهاية الموسم، كما يعرف متابعو كرة القدم، في هذا التوقيت من الموسم، يزداد شبح الإصابات العضلية من ازدحام جـــدول المبــاريات قبل كــأس العالم، والمدرب الذكي فقط هو من يُحــسـن تطبيق نظام «المداورة»، الذي أبدع فيه زيدان مع ريال مدريد على مدار العامين الماضيين.
ويبدو أن كلوب فهم قواعد اللعبة كما ينبغي وبزيادة، حتى تغيير صلاح الذي تسبب في انقلاب بعض النقاد والجماهير عليه، ستُثبت الأيام سريعا أنه كان مُحقا في قراره. كيف؟ لنا مثلاً أن نتخيل أنه استمر في اللقاء وتمكن صلاح من قتل المباراة بهدف سادس، لكن قبل النهاية بدقيقتين تعرض لإصابة! ماذا سنقول في نفس واحد؟ قولاً واحدا كنا سنتحسر وسنُلقي اللوم على المدرب، نعم وقتها قد يكون قد حسم معركة نصف النهائي، لكنه في لحظة كان من الممكن أن يفتقده لنهاية الموسم ويحدث السيناريو الذي لا يتمناه أحد، ولو نظرنا من الناحية التكتيكية بعيدا عن الافتراضية المحتملة وغير المحتملة، فالحق أن المدرب دي فرانشيسكو استفاق من سباته بالفعل قبل خروج صلاح بأكثر من دقيقتين، شاهدنا خلالها تغير تام في الأداء، بعد مشاركة بيروتي وغونالونس على حساب القائد دانيلي دي روسي وخوان خيسوس، هنا تغيرت الطريقة من 3-4-2-1 لـ3-4-1-2، بالاعتماد على بيروتي بجانب دجيكو داخل صندوق العمليات، أعتقد أن في هذا التوقيت بالذات، أدرك كلوب أن المباراة بدأت تتحول في الاتجاه الآخر، ففضل إراحة نجمه وهو في لحظة تاريخية، في الوقت الذي يعرف فيه المدرب أن الفريق سيتعرض لضغط هائل في الدقائق المتبقية بوجود صلاح أو بدونه مع تَحمل أي تبعات من محاولة إيقافه عن نثر إبداعه بالطريقة المعروفة عن المدافعين الطليان، لذا يُمكن القول بأن كلوب قرر التضحية بجزء من المعركة وهو في أوج انتصاره، حتى يستكمل المذبحة في مباراة الإياب كما هو مُخطط. عموما، سواء اتفقنا أو اختلفنا على تغيير صلاح، فالجدل يعكس مدى تأثيره بطريقة جعلت وسائل الإعلام العالمية تُقارن بين تأثيره على ليفربول وتأثير نيمار مع باريس وكذا رونالدو وميسي مع الريال والبارسا، أي كتف بكتف مع «السوبر» الأقرب لدخول القائمة الذهبية، سيناريو فاق خيال السينما المصرية، والنهاية السعيدة لم تَعد بالأمر المستحيل، فقط يحتاج أن الحفاظ على هذا المستوى، ويختم الموسم على صدارة هدافي الدوري الإنكليزي، مع ضمان الحذاء الذهبي، إذا فعل ذلك، سيكون بنسبة تزيد على 60٪ قد ضمن التواجد في القائمة المختصرة كأفضل لاعب في العالم.
من أهم الأشياء التي يحتاجها صلاح في صراعه مع رونالدو وميسي ونيمار، أن يفشل الثلاثي مع منتخبات بلادهم في الفوز بكأس العالم، ويكون حسم لقب دوري أبطال أوروبا مع ليفربول، هنا ستتساوى الرؤوس بصورة كربونية من سيناريو 2010، عندما كان أندرياس إنييستا وويسلي شنايدر أقوى وأبرز المُرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم، وبدون سابق إنذار، ذهبت إلى ميسي، والآن وبعد ثماني سنوات من هذه الواقعة قامت صحيفة «فرانس فوتبول» بالاعتذار للرسام، لعدم حصوله على الجائزة آنذاك بسبب ما وصفته «مساوئ الديمقراطية»، لكنها قدمت له وعدا بالحصول عليها إذا ساهم في فوز إسبانيا بكأس العالم، وهي إشارة واضحة إلى أن المعايير قد تتغير هذا العام، على الأقل من باب التغيير إذا ظهر من هو أحق من رونالدو وميسي، والآن بعيدا عن العاطفة تجاه صلاح، فهو بالفعل يُشكل أكبر وأخطر تهديد عليهما، والأمر لا يتعلق بأرقامه التي تُقارن بأرقام الثنائي، بل أيضا في الهالة الإعلامية المُسلطة عليه، هذه المرة لا يواجه رونالدو وميسي لاعب يحظى بشعبية لا بأس بها في بلده في أوروبا، بل لاعب تُدعمه دولة وشعوب، وأصبح «علامة تجارية» في وقت قصير جدا. فقط ننتظر منه الاستمرار على ما هو عليه، ليجني ثمار تعبه ومثابرته في يناير المقبل، وإلى الآن يُمكن القول أن فرص وجوده في القائمة المختصرة تقترب من 30 لـ40٪، بخلاف نسبة تصويت الجماهير على جائزة الفيفا التي تُمثل نحو 25٪ من معايير اختيار الفائز، وكما نعرف النسبة مُقسمة بالتساوي بين الجماهير والصحفيين ومدربي وقادة منتخبات العالم، وهذا أمر سيُعزز فرصه أكثر، بعدما تأكدت إسبانيا والبرتغال أن صلاح لا يخسر أي استفتاء جماهيري حتى لو كان منافسه رونالدو، لذا يُراودني شعور أن حلم أول لاعب عربي يفوز بجائزة الأفضل في العالم لم يَعد مستحيلاً، حتى إن تجرع من مرارة كأس «مساوئ الديمقراطية» مثل إنييستا هذا العام، فبهذه العقلية سيكون الوريث الشرعي لتسلم الراية من الثنائي الأفضل عالميا في المستقبل القريب، كما قال رئيس اليويفا بنفسه ألكسندر تشيفرين الأسبوع الماضي، فهل سنشهد هذه اللحظة فعلاً؟ مع صلاح لم يَعد هناك أي شيء مستحيل.

ماذا ينقص محمد صلاح ليفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم؟

عادل منصور

أين نجح محمد صلاح وأخفق رياض محرز؟

Posted: 28 Apr 2018 02:08 PM PDT

حسناً… ماذا تبقت من الكلمات كي نصف ما يحدث مع النجم المصري محمد صلاح في الاسابيع والشهور الاخيرة، فهو لم يعد فاكهة العالم العربي فحسب، بل حديث كل العالم الرياضي، فبعدما كانت شهادتي به تأخذني الى منحى التعظيم والتبجيل، كنت أستوقف نفسي كي أراعي مهنيتي، لاستدرك انني أجامله وأحابيه في كتاباتي وتصريحاتي وتغريداتي، فأسعى الى ان أكون منصفا حتى لو كان نجما عربيا، لكن وجدت نفسي محقا بكل كلمات الاشادة، بل شعرت بانني مقصر عندما أقرأ الصحف والمواقع البريطانية على لسان محللين وناقدين ونجوم سابقين وحاليين وعشاق لكرة القدم، تصفه بـ»القيصر» و»ملك مصر» بل «ملك ليفربول».
أجمل ما قرأت بعد انتصار ليفربول الرهيب على روما يوم الثلاثاء الماضي، كان تعليقا لمعلق المباريات آلان غرين الذي يعمل لـ»راديو 5 ـ مباشر»، بعد تعليقه على المباراة قائلا: «أشعر بالعار لأنني سأتقاضى مالا على عملي في التعليق على هذه المبارة لان بعد رؤية صلاح الليلة يتعين علي أن ادفع مالا لمشاهدته… شكرا لك».
هذه الاشادات قادتني الى التفكير عميقا، بأن صلاح لم ينجح حتى الآن في الفوز بأي لقب مع ليفربول، بل كل انجازاته وأرقامه القياسية هي شخصية، في حين أن النجم الجزائري رياض محرز أحرز لقب بطولة الدوري، بل حققه في احدى أكبر مفاجآت الكرة الانكليزية في تاريخها باحراز اللقب مع المغمور ليستر، وبعدها أحرز جائزة افضل لاعب في الدوري الانكليزي، كأول لاعب عربي يفعلها، ومع ذلك، لم تتغن الجماهير باسمه، ولم تنشد الشعر، ولم تقلده الفتية في المدارس ولم يشبهه المعلقون بميسي او رونالدو، ولم تطرح حتى احتمالية فوزه بالكرة الذهبية، على عكس صلاح الذي اعتبره اسطورة ليفربول ستيفن جيرارد بانه «أفضل لاعب على كوكب الأرض في الوقت الحالي».
أتفهم تاثير صلاح على الشعب المصري، حيث بات مثل اليد الحنونة التي طبطبت عليهم، في ظل قسوة المعيشة، فأنساهم معاناتهم وأعطاهم أملاً في المستقبل. وأتفهم تأثيره على الشباب العربي، الذي مثل لهم قدوة ونموذجا يحتذون بها، خصوصا انه بدأ مسيرته الكروية في حارات وأزقة بلداننا، على عكس نجوم برزوا مثل محرز الذي نشأ وترعرع في فرنسا، فصار أملهم كبيراً بأن الموهبة والانضباط والسلوك الاحترافي، والاهم العزيمة والاصرار، يقود الى قمة الهرم الكروي. وأتفهم تأثيره على المسلمين، خصوصا الجالية التي تعيش في الغرب، التي عانت في السنوات الاخيرة من حماقات الكثيرين من المتعصبين، ليلطخوا صورة المسلمين ويضعوا السيدة الام والاخت والابنة المحجبة تحت رحمة المتعصبين من الغربيين، فجاء صلاح ليقول بسجداته بعد تسجيله كل هدف: «أنا مسلم أيضاً»، لكن الامر المدهش حقيقة هو سرعة وصوله الى قلوب الانكليز، وتأثيره عليهم بغرابة، الى درجة كتابة أهازيج واغان تتودد منه، بل تقول انهم على استعداد للذهاب الى المساجد والصلاة مثله، حتى ولو مجازيا.
ربما سنعرف الفارق بين صلاح ومحرز، اذا ذهبنا الى الملعب وشاهدناهما يلعبان، فمع كل لمسة لصلاح نسمع صيحات و»آهات» وحبس أنفاس وكأن شيئا سحريا سيحصل… يجب أن يحصل، لكن محرز وكون ناديه ليستر لا يحظى بشعبية ليفربول، وغيابه عن المنافسة، واخفاق محرز في البروز في الموسم التالي لانجازه الخرافي، لم يساهم في صعود أسهمه، ولهذا غضب بعد رفض انتقاله الى مانشستر سيتي في الشتاء الماضي.
ورغم ان صلاح ومحرز، يتمتعان بشخصيتين متشابهتين، فهما خجولان ولا يحبان الأضواء ويتفاديان وسائل الاعلام ان أمكن، الا ان صلاح نجح أيضاً في نأي نفسه عن كل من يحاول استغلال صورته من رجال السياسة والدين والفن والترفيه، بل أنه لم يمانع عندما قرر ناديه ليفربول الاحتفاظ بحقوق صورته ومنعه من الظهور على هواه في أي برامج او قنوات تلفزيونية بدون اذن مسبق، لكن الفارق الاكبر بين النجمين العربيين، ان صلاح كلما كبرت التوقعات فانه يرفع السقف أعلى ولا ينظر خلفه، فيما اكتفى محرز بالاحتفال بروعة انجازه في عام المفاجآت في 2016، وعانى كي يستعيد سحره. وفي حين كانت «دايلي ميل» تنشر موضوعا كبيرا عن طبق «الكوشري» المفضل لصلاح، مستعينة بخبير طهي لذكر فوائده، كان محرز يدرس ويفكر في كيفية الخروج من سجن ليستر.

twitter: @khaldounElcheik

أين نجح محمد صلاح وأخفق رياض محرز؟

خلدون الشيخ

لماذا باع روما محمد صلاح بسعر زهيد؟

Posted: 28 Apr 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تسبب النجم المصري محمد صلاح في تفجر حالة من الجدل والدهشة داخل أروقة نادي روما الإيطالي. فقد أصبح البعض هناك ينظر إلى مبلغ الـ42 مليون يورو التي حصل عليها النادي مقابل التنازل عن خدماته لليفربول على أنه مجرد فتات وسعر زهيد، بعد الهدفين والتمريرتين الحاسمتين للنجم الكبير في مباراة الفريقين في ذهاب الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا.
وجاءت نتيجة 5/2 لتسلط الضوء وتؤكد على الحالة الفنية العالية التي يتمتع بها صلاح، الذي آثر مدربه، الألماني يورغن كلوب، استبداله في الدقيقة 75 عندما كان ليفربول متقدما 5/صفر تجنبا لتعرضه للإرهاق وادخاره لمباراة العودة في روما الاربعاء المقبل. وأثبت الهدفان اللذان سجلهما صلاح في الشوط الأول، إحداهما من تصويبة بالقدم اليسرى في أعلى الزاوية اليمنى والثاني بلمسة سحرية لتعبر الكرة فوق حارس روما إلى الشباك، أن صلاح أحد أفضل اللاعبين في الوقت الراهن على مستوى العالم. وتقديرا منه للفترة التي قضاها في روما، لم يحتفل اللاعب المصري بهدفيه في المباراة سوى برفع يديه إلى السماء على استحياء، في إشارة منه إلى مشاعر الاحترام التي يكنها لفريقه القديم. وفي الشوط الثاني، توج صلاح مجهوده الكبير وليلته الساحرة بتمريرتين ساحرتين نفذهما بأسلوب فني واحد تقريبا، عندما انطلق من الجانب الأيمن ومرر عرضيا لساديو ماني وروبرتو فيرمينو ليسجلا الهدفين الثالث والرابع. وغادر صلاح ملعب المباراة عندما كان ليفربول متقدما بخماسية نظيفة ليتلقى تصفيقا حار من جماهير ليفربول، إلا أن فريقه دفع ثمن خروجه بتلقي هدفين متتاليين في شباكه، ليعزز روما بعض الشيء من حظوظه في مباراة العودة. وكان النادي الإيطالي أكد قبل المباراة أنه لا يحمل أي ضغينة للمهاجم المصري، حيث قال عبر حسابه على «تويتر»: «سنتنافس خلال 180 دقيقة، بغض النظر عما سيحدث سنظل أصدقاء دائما». ونشر روما هذه التغريدة مصحوبة بصورة لصلاح مرتديا قميص روما. بيد أن صلاح تحول إلى الكابوس الأسوأ لروما، الذي بدأ يفكر في الثمن الزهيد الذي حصل عليه مقابل التخلي عن لاعبه السابق، ولكن المدير الرياضي رامون رودريغز بيرديخو (مونتشي)، أوضح أن رحيل نجم المنتخب المصري جاء قبل انتقال البرازيلي نيمار إلى باريس سان جيرمان، وهو ما يفسر القيمة المتدنية للصفقة. وقال مونتشي، الذي عانى من مدرجات ملعب «انفيلد» من تألق صلاح: «البيع تم قبل صفقة نيمار التي أحدثت ثورة في سوق الانتقالات، كان علينا أن نبيعه قبل 30 يونيو بسبب قاعدة اللعب المالي النظيف». وتؤكد وسائل الإعلام الإنكليزية أن القيمة السوقية الحالية لصلاح تبلغ ثلاثة أو أربعة أضعاف المبلغ الذي دفعه ليفربول لروما قبل عشرة أشهر. ويبدو أن المدرب الإيطالي يوزيبيو دي فرانشيسكو، الذي تولى المهمة عقب رحيل صلاح، لم يعر اهتماما كبيرا للحالة الفنية الرائعة لصلاح حاليا وتركه يلعب بحرية كبيرة في الجانب الأيسر من نصف ملعب فريقه. وقال دي فرانشيسكو قبل المباراة: «لعبنا أمام منافس قوي للغاية، وسيكون من السخف التفكير فقط في صلاح، نركز أكثر بجميع لاعبيهم الجيدين وليس صلاح فقط». وخلال موسميه في الدوري الإيطالي، سجل صلاح 29 هدفا، ولكنه في أقل من عام أحرز 31 هدفا مع ليفربول في الدوري الإنكليزي، ليعادل الرقم القياسي في هذا الصدد لآلان شيرر في 1995 وكريستيانو رونالدو (2008) ولويس سواريز (2014). وبعد هدفيه رفع صلاح رصيده من الأهداف هذا الموسم في جميع المسابقات إلى 43 هدفا سجلها في 46 مباراة. وقادت هذه الأرقام المميزة صلاح للفوز بلقب اللاعب الأفضل في الدوري الإنكليزي هذا الموسم بعدما حصل على أصوات الكثير من لاعبي هذه المسابقة. وقال يورغن كلوب مدرب ليفربول خلال حفل تسليم جائزة اللاعب الأفضل في الدوري الإنكليزي الأحد الماضي: «كان رائعا، ولكن لا تزال أمامنا مباراتان، من فضلك خذ هذا الكأس وأحضر إلى البيت فسنلعب يوم الثلاثاء». ويبدو أن صلاح استمع جيدا لمدربه وأخذ كلماته على محمل الجد وأثبت بما لا يدع مجالا للشك أن طموحه لا ينتهي عند الحصول على جائزة ما.

لماذا باع روما محمد صلاح بسعر زهيد؟

ريال مدريد ينهي عقودا من الإذلال في ألمانيا

Posted: 28 Apr 2018 02:07 PM PDT

ميونيخ ـ «القدس العربي»: كشف الانتصار، الذي حققه ريال مدريد على بايرن ميونيخ في ذهاب الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، أن النادي الملكي تخلص تماما من الشعور بالرهبة الذي كان يمتلكه خلال رحلاته للأراضي الألمانية في الماضي.
وتغلب الريال، بقيادة زين الدين زيدان، 2/1 على البايرن ميونخ ليحقق فوزه الثالث على التوالي على ملعب البطل الألماني، وهو الأمر الذي لم يكن أحد قادرا على تخيله قبل سنوات. وقال زيدان: «الفوز هنا ليس سهلا، نعرف هذا». وكانت ألمانيا طوال فترة طويلة من الزمن إحدى الأماكن التي تمثل صعوبة بالغة للريال، وكانت مرادفا لشعور تجرع الموت والمعاناة. وحل الريال ضيفا على العديد من المدن الألمانية في البطولات الأوروبية المختلفة، وفي كثير من المباريات التي خاضها هناك كان يعود إلى إسبانيا بعدد كبير من الأهداف في شباكه. وسقط النادي الملكي بخماسية نظيفة أمام هامبورغ في 1980، ثم بعد عامين تجرع هزيمة جديدة بنتيجة مماثلة أمام كايزرسلاوترن، وفي 1985 سحق أمام مونشنغلادباخ 5/1. وأمام البايرن، خسر في 1987 1/4 ثم في 2000 كرر الهزيمة بنفس حصيلة الأهداف، فقد كانت ألمانيا بالنسبة للريال بمثابة الألم الذي لا ينتهي، رغم أنه الفريق الأكثر نجاحا في الكرة العالمية. ولعب النادي الإسباني لأول مرة في ألمانيا في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1966 وسقط آنذاك صفر/1 أمام ميونيخ 1860، قبل أن يمر 34 عاما و12 مباراة كي يحقق انتصاره الأول على الأراضي الألمانية. وكان ذلك في عام 2000 عندما فاز 3/2 على ليفركوزن في دور المجموعات لدوري الأبطال، لكن يبدو أن ذلك اللقاء كان مجرد سراب لم يجن الريال منه شيئا، حيث سافر الفريق الإسباني بعد ذلك 11 مرة إلى ألمانيا ومر عليه 14 عاما بدون أن يحقق أي فوز هناك. لكن كل شيء تغير في شباط/فبراير 2014، فقد تغلب الريال على كل مخاوفه وهواجسه عندما فاز 6/1 على شالكه على ملعب الأخير في دور الستة عشر في دوري الأبطال. واستمر الريال في تحقيق الانتصارات في كل مرة يحط فيها أقدامه في ألمانيا. وزار الريال منذ العام 2014 ألمانيا ثماني مرات حقق خلالها الفوز خمس مرات، ثلاث منها في ميونيخ. وكانت العاصمة البافارية في الماضي دائما تقسو على الريال، فقد تجرع فيها تسع هزائم وحقق تعادلين حتى العام 2012. لكن في 2014 سحق الريال برباعية نظيفة مضيفه البايرن في الدور قبل النهائي لدوري الأبطال، وفي 2017 تغلب عليه مرة أخرى 2/1. وكرر النتيجة الاربعاء الماضي ليقطع خطوة مهمة نحو التأهل الى نهائي العاصمة الأوكرانية كييف. وهكذا، لم تعد ألمانيا أو البايرن يرعبان النادي الملكي، الفائز بدوري أبطال أوروبا 12 مرة، والذي نجح في تحويل الجحيم إلى جنة.

ريال مدريد ينهي عقودا من الإذلال في ألمانيا

«لا ماسيا» تغلق أبوابها في برشلونة مع بداية عصر البراغماتية الكروية!

Posted: 28 Apr 2018 02:07 PM PDT

برشلونة ـ «القدس العربي»: دفع نادي برشلونة الإسباني في مباراته مع سيلتا فيغو في الدوري الإسباني، في سابقة لم تحدث منذ 16 عاما، بتشكيلة أساسية خلت من أي لاعب صاعد من قطاع الناشئين التابع له، الأمر الذي يقودنا إلى نتيجة حتمية، ألا وهي: لا ماسيا (مدرسة الناشئين ببرشلونة) قد نضبت.
ويعتبر ما حدث أحد ملامح العصر الجديد، وتأكيدا لحقيقة بدأت تفزع أنصار برشلونة الذين طالما افتخروا بتفرد ناديهم بميزة لا ينازعه فيها غيره: الفوز واللعب بشكل جيد للغاية بلاعبين تمت صناعتهم داخل النادي. وأصبح جزءا من الماضي تلك الفترة التي شهدت تألق لاعبين مثل فيكتور بالديس وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز، وهم نجوم يصعب تكرارهم، رحلوا تباعا عن النادي بسبب عامل السن، وكانوا جميعا من لاعبي «لا ماسيا». وحقق برشلونة إنجازا فريدا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 عندما واجه ليفانتي في ذلك اليوم تحت قيادة المدرب الراحل تيتو فيلانوفا وبتشكيلة تاريخية مكونة من 11 لاعبا، جميعهم مروا من بوابة قطاع الناشئين بالنادي، وهم: فالديس ومارتن مونتويا وجيرارد بيكيه وبويول وخوردي البا وسيرخيو بوسكيتس وتشافي وسيسك فابريغاس واندريس انيستا وبيدرو وليونيل ميسي. وبعد مرور ستة أعوام منذ ذلك التاريخ، دفع ارنستو فالفيردي، المدرب الحالي، بتشكيلة لا تضم أيا من لاعبي «لا ماسيا» وضمت لاعبين إسبانيين فط، هما دينيس سواريز وباكو الكاسير، وكلاهما من خارج إقليم كتالونيا. وعقب المباراة، اعترف مدرب برشلونة بأنه لم يلحظ هذه المفارقة واعترف بأنه «من الطبيعي في هذا النادي أن يكون هناك دائما لاعبون من لا ماسيا». وراعى فالفيردي من خلال هذه التشكيلة مصلحته الشخصية وحسب، وقرر بدون الالتفات إلى الجانب العاطفي إراحة لاعبيه الأساسين من أجل مواجهة السبت المقبل أمام إشبيلية في نهائي كأس إسبانيا. ويعد الخامس من نيسان/أبريل 2014 تاريخا آخر دالا على تبدل الأحوال داخل برشلونة، ففي ذلك اليوم، ووسط النزاعات القائمة بين النادي والفيفا بسبب العقوبات التي فرضها الأخير على العملاق الكتالوني بسبب تعاقده مع لاعبين دون السن القانوني، قام مسؤولو النادي بوضع يافطة كبيرة قبل مباراة الفريق أمام ريال بتيس تزينها عبارة «لا ماسيا لا يمكن المساس بها»، ولكن هذه الذكرى أصبحت الآن من أنقاض المجد القديم. وخلال السنوات الأخيرة، تلقت إدارة برشلونة الحالية العديد من الانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع قطاع الناشئين واللاعبين الموهبين. وفي إطار حرصها الشديد على استمرار تواجد الفريق الرديف للنادي ضمن دوري الدرجة الثانية، تعاقدت إدارة برشلونة مع عدد كبير من اللاعبين، متغاضية عن فلسفة النادي التقليدية في صناعة لاعبين جدد وتأهيلهم في قطاع الناشئين. ولم يتبق خلال العقد الأخير بين صفوف الفريق الأول لبرشلونة من لاعبي قطاع الناشئين التابع له سوى سيرخي روبرتو، في الوقت الذي رحل فيه آخرون مثل تياغو الكانتارا وسيسك فابريغاس وبيدرو. وعلى إثر هذا، بدأ الفريق في التخلي عن طبيعته وسماته الفنية المميزة وابتعد عما يطلق عليه «أسلوب برشلونة». وعلى هذا النحو، أصبح برشلونة الحالي يقارن بأساليب اللعب التقليدية التي ينتهجها أي فريق تقريبا، على خلاف أسلوبه المميز في الماضي الذي منحه شهرته العالمية. وعبر مهاجم سيلتا فيغو، اياغو اسباس، عن هذا التغيير الجذري الحاصل في برشلونة، حيث قال: «هذا هو برشلونة، وصل ثلاث مرات (إلى المرمى) وسجل هدفين»، في إشارة إلى اهتمام النادي الكتالوني في الوقت الراهن بتحقيق فاعلية كبيرة على حساب أي شيء آخر يخص الجوانب الفنية. وبعيدا عن كونها مباراة استثنائية في كل ظروفها، حقق برشلونة التعادل 2/2 مع سيلتا على ملعب الأخير متمسكا بأسلوبه المعتاد طوال الموسم. ولا يزال برشلونة محافظا على سجله الخالي من الهزائم في الدوري الإسباني، ولكنه لم يعد يمتع الجماهير بطريقة لعبه، وأصبح لا يهتم بإخضاع الأخرين لسطوته بقدر اهتمامه بتحقيق النتائج. وعلى الأرجح يعود هذا الأمر إلى عدم وجود لاعبين، كما الحال في الماضي، يمكنهم مساعدته لتقديم عروض ممتعة. وثارت الشائعات في الفترة الأخيرة حول رحيل محتمل للاعب الوسط أندريس انيستا، أحد الذين تمت صناعتهم في «لا ماسيا»، وأحد الذين شاركوا في ترسيخ الأسلوب الفني المميز لبرشلونة طوال عقد كامل. وتعهد فالفيردي خلال تقديمه لوسائل الإعلام كمدرب جديد لبرشلونة بأنه سيولي اهتماما كبيرا بقطاع الناشئين، ولكن لم يفلح أي من لاعبي الفريق الرديف، الذي يقبع في مناطق الهبوط بالدرجة الثانية، في إقناعه بما يكفي كي يضمه للفريق الأول. وفي الوقت الذي تعاني فيه «لا ماسيا» وتتهيأ منابعها للنضوب، أتم برشلونة بنجاح في أذار/مارس الماضي صفقة ضم البرازيلي آرثر (21 عاما)، ليكون بين صفوفه بدءا من الموسم المقبل.

«لا ماسيا» تغلق أبوابها في برشلونة مع بداية عصر البراغماتية الكروية!

رياضيون عراقيون يقفزون من تنافس الملاعب إلى سباق البرلمان!

Posted: 28 Apr 2018 02:06 PM PDT

بغداد ـ «القدس العربي»: في العام 1986، دافع النجمان السابقان أحمد راضي وباسل كوركيس سوية عن ألوان المنتخب العراقي خلال كأس العالم لكرة القدم في المكسيك مرتدين الزي نفسه. اليوم، يتواجه الزميلان السابقان في لائحتين مختلفتين لحجز مقعد في البرلمان المقبل.
ويشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 12 أيار/مايو، اللاعب السابق شاكر محمد صبار الذي خلفهما في المنتخب العراقي، كمرشح عن محافظة الأنبار في غرب البلاد. وليست كرة القدم الرياضة الوحيدة التي يخوض لاعبوها غمار الانتخابات، فيشارك في السباق رئيس الاتحاد العراقي للسباحة وعضو المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية سرمد عبد الاله ضمن قائمة «النصر» التي يرأسها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، إضافة إلى رئيس الاتحاد العراقي ونائب رئيس الاتحاد الاسيوي لألعاب القوى طالب فيصل على لائحة «دولة القانون» التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
كل تلك الشخصيات الرياضية تخوض السباق الانتخابي استنادا إلى سمعة وشهرة كبيرتين، في بلد يدين فيه محتجون من سنوات سوء إدارة الدولة وفساد السياسيين. ويقول الموظف حسين حسن (45 عاما) أحد الناخبين في بغداد إن «لاعبي كرة القدم، وخصوصا أعضاء المنتخب العراقي السابقين، معروفون ولهم جمهور صفق لهم في مناسبات عدة». ويضيف: «اليوم جاء الدور على هؤلاء النجوم لخدمة أبناء شعبهم، أعتقد انهم يتمتعون بثقة مقارنة ببقية السياسيين الذي فشلوا في صنع التغيير». وهو ما يراه أحمد راضي (54 عاما)، الدولي السابق وأفضل هداف في تاريخ العراق، منطقيا. ويرى راضي المرشح على قائمة «ائتلاف الوطنية» التي يتزعمها إياد علاوي، أن «المواطن العراقي بحاجة إلى من يشعره بأن هناك من يخاف على مصالحه ويطالب بتأمين مستلزمات عيشه». ولهذا، يقول راضي إنه اختار قائمته «لأنها تضم مزيجا من القوميات والطوائف المختلف وهي قائمة ليبرالية عابرة لكل أشكال الطائفية». أما زميله السابق، باسل كوركيس (57 عاما)، فانضم إلى لائحة «أبناء الرافدين» التي تضم مسيحيين كلدانيين وآشوريين وسريان، وهم أقلية انخفض عددها من نحو مليون قبل 15 عاما إلى أقل من 300 ألف شخص اليوم. ويراهن كوركيس، المدير الإداري الحالي للمنتخب العراقي لكرة القدم، على ثقة أجيال مشجعي المنتخب واهتمامهم بنجومه الذين تركوا بصمة. ويقول المرشح عن أربيل في إقليم كردستان العراق إن ترشحه هو لحماية «مصالح المسيحيين ومراعاة حقوقهم وإعادة استحقاقاتهم التي فقدوها وخصوصا ممتلكاتهم الشخصية. علينا أن ندافع عنهم مثلما ندافع عن كل مصالح العراقيين».
حماية المصالح هو أيضا هدف المرشح السني شاكر محمد صبار. يخوض الكروي الوحيد الذي لعب في جميع المراكز نظرا لمهارته، ما عدا حراسة المرمى، السباق الانتخابي ضمن قائمة «تمدن» التي تعد العاصمة بغداد مركز ثقلها الأساسي، مستندا إلى قاعدة جماهيرية في مدينة الأنبار. وقرر صبار الترشح في الرمادي رغم تحذيرات تلقاها من أسرته التي نصحته بـ«عدم خوض الانتخابات والانسحاب لقناعتهم بغياب فرص التغيير». ويرى ابن كبرى مدن محافظة الأنبار التي طرد منها تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2016 «واجهت مراحل صعبة وقاسية وعانى الناس فيها كثيرا. حان الوقت للمطالبة والدفاع عن مصالح هؤلاء الناس شأنهم شأن بقية العراقيين».
ولم تكتف القوائم الانتخابية من أسماء ونجوم كرة قدم عراقية تعود إلى الأمس القريب، بل هناك من حمل شارة قيادة المنتخب العراقي لسنوات عدة في السبعينات، ومن بينهم الدولي السابق حسن فرحان. وفرحان، حامل الإجازة في العلوم السياسية والعسكرية من جامعة بغداد، هو أحد مرشحي قائمة «الحزب المدني» المستقلة المعتمدة على التكنوقراط. ويقول هذا المتقاعد (65 عاما) إنه قرر وضع شهرته في خدمة السياسة لأن «الناس باتوا يثقون بالرياضيين أكثر من السياسيين الذين أضعفوا الدولة». وإذا كان الجميع يقولون إنهم يعملون لصالح الناخبين، فإن بعض الرياضيين يرى في دخول البرلمان وسيلة لاستعادة مجد الرياضة في بلد أدمته النزاعات خلال السنوات الأخيرة، والبنى التحتية التي عفا عليها الزمن. ويقول عبد الإله إن العراق «تخلص من حقبة الإرهاب ومن تنظيم داعش. ننتظر واقعا جديدا للعراق نستطيع من خلاله العمل على بناء مستقبل أفضل للرياضة». ويشير إلى أنه «خلال الدورات البرلمانية الماضية واجهت الرياضة العراقية الكثير من التعقيدات بسبب عدم وجود قوانين لمؤسساتها نتيجة عدم وجود شخصيات رياضية تحت قبة البرلمان». لكن الشهرة ليست كل شيء في الانتخابات، وفق الناخبة البغدادية إيمان كاظم التي تقول إنه خلال «السنوات الماضية فقدنا الثقة بكل من يترشح لدخول البرلمان. فالحال يتغير بعد فوزهم».

رياضيون عراقيون يقفزون من تنافس الملاعب إلى سباق البرلمان!

شغب ملاعب كرة القدم يعود الى إثارة الذعر في المغرب!

Posted: 28 Apr 2018 02:06 PM PDT

الرباط ـ «القدس العربي»: أعادت أحداث الشغب في ملاعب كرة القدم بالمغرب خلال الأشهر الأخيرة، هذه الظاهرة إلى الواجهة، ما جعل التخوف يعود جراء هذا الشغب الذي يعتبر نقطة سوداء في لوحة الكرة الفنية.
وخلال أبريل/نيسان الجاري، شهدت مدينة شفشاون (شمال) أعمال شغب على هامش مباراة بين فريقي الاتحاد الشفشاوني وشباب أولمبيك وزان في بطولة الهواة بالدوري المحلي، ما أدى إلى عدة إصابات بجروح متفاوتة الخطورة بين صفوف المشجعين.
السيناريو تكرر خلال مارس/آذار الماضي، حيث أوقف الأمن المغربي عددا من المشجعين، على خلفية أعمال شغب قبل مباراة ضمن بطولة الهواة بين شباب بوغافر ووفاق أزغنغان في مدينة الناظور (شمال). وفي فبراير/شباط، شهد «الملعب الكبير» في مدينة مراكش (وسط) أعمال شغب خلال مباراة في دوري الدرجة الأولى بين الرجاء البيضاوي والكوكب المراكشي، وتم على إثرها توقيف 68 مشجعا، قبل صدور أحكام بالحبس بحق بعضهم تراوحت بين شهرين و4 أشهر. ظاهرة الشغب في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد سقوط ضحيتين في مارس/آذار 2016، أو ما بات يعرف بأحداث «السبت الأسود» في ملعب «محمد الخامس» بمدينة الدار البيضاء (شمال غرب)، تحولت إلى مصدر إزعاج يؤرق بال الدولة والمجتمع معا، ويجعلهما في حالة خوف دائم من تكرار هذا السيناريو الذي هز البلاد. سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس في الرباط، يرى أن ظاهرة الشغب التي تشهدها الميادين الرياضية ليست إلا امتدادا واستمرارية للشغب الذي يعيشه المجتمع. وأضاف أن «ملاعب كرة القدم تمثل مواقع اجتماعية وامتدادا للمجمتع». وأشار بنيس إلى سهولة وسلاسة نقل الإشكالات والظواهر الاجتماعية التي يعانيها المجتمع على غرار «التشرميل» (السرقة بالعنف) و«الكريساج» (السرقة باستعمال السلاح الأبيض) إلى ملاعب الكرة.
وأوضح الأكاديمي المغربي أن «الملاعب الرياضية تتحول إلى فضاءات لتفريغ مشاعر الكره واليأس والبؤس الاجتماعي الذي يعانيه الشباب، وتتغير وظيفة الفضاء الرياضي من عنوان للتسامح والإخاء وثقافة الروح الرياضية إلى فضاء للشغب والعنف والكراهية». وأكد أن جميع مؤسسات التربية تتحمل مسؤولية هذه الظاهرة، انطلاقا من البيت والأسرة والمدرسة ووصولا إلى المواقع الاجتماعية. وقال: «منصات التواصل الاجتماعية أصبحت من وسائل التنشئة الاجتماعية التي يستمد منها الشباب قيمهم، والتي تساهم بشكل أو بآخر في مظاهر العنف، خصوصا إذا ارتفعت مدة مشاهدة مقاطع الفيديو التي تظهر العنف». ودعا بنيس إلى ضرورة التفكير في مقاربة ثقافية لمواجهة الظاهرة، تعمد إلى محاورة الشباب المشجع وتأطيره من خلال عدة وسائط، ابتداءً من الكتب المدرسية. وشدد على أن جمعيات الالتراس (مشجعو الفرق الكروية) «يجب عليها أن تكون سلمية لا تكن العداء للآخر ولا تشجع على الكراهية والعنف». من جانبه، اعتبر يونس الخراشي، الصحفي المغربي المختص في الشأن الرياضي، أن البروز المتكرر لأحداث الشغب في الملاعب المغربية يحتاج إلى دراسات علمية وأكاديمية خاصة بسيكولوجية الجماهير للوقوف على مكمن الداء الحقيقي من أجل معالجته بمساهمة جميع الفاعلين. وأوضح أن ظاهرة الشغب ليست متجذرة في الرياضة المغربية، فهي تظهر وتختفي، وترتبط بأماكن معينة، ومع بعض الجماهير بالذات. وقال: «حين يحدث عنف وأعمال من هذا القبيل تصبح وكأنها هي الغالبة، وهذا غير صحيح». وشدد الإعلامي المغربي على أن الظاهرة تمثل نقطة سوداء في لوحة جميلة تفسدها. وأبرز أن مثل هذه الأحداث تؤثر على صورة المغرب وملف ترشحه لاحتضان كأس العالم لكرة القدم 2026. وأردف: «أي حدث من هذا القبيل يؤثر على هذا الترشح بشكل من الأشكال»، مؤكدا أن المغاربة ليس في مصلحتهم جميعا أن يحدث هذا الأمر.

شغب ملاعب كرة القدم يعود الى إثارة الذعر في المغرب!

لماذا تتحفظُ البلدان العربية المتوسطية على مشاريع الشراكة الأوروبية؟

Posted: 28 Apr 2018 02:05 PM PDT

 بعد ثلاث سنوات من المفاوضات بين تونس والاتحاد الأوروبي، في شأن التوقيع على اتفاق شراكة جديد بين الجانبين، أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد من بروكسيل، أن الاتفاق سيتم التوقيع عليه في السنة المقبلة. يُطلقُ على اتفاق الشراكة المنوي التوصل إليه اسم «اتفاق التبادل الحر الشامل والمُعمق» الذي يُعرف اختصارا «ALECA» وهو يشمل قطاع الزراعة والخدمات والاستثمار، في توسيع لاتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي، الذي يعود إلى السنة 1995. ويُرجح أن مسار المفاوضات الذي مرَ فيه التونسيون، سيُطرح أيضا على باقي البلدان العربية المتوسطية، في إطار تجسيد رؤية الاتحاد الأوروبي لمستقبل علاقاته مع دول الجوار. وأتت صيغة «أليكا» لتجاوز إخفاق السياسات الأوروبية السابقة في إقامة منطقة للتنمية والاستقرار مع الجيران في جنوب المتوسط وشرق أوروبا.
وأطلق الأوروبيون في الفترة من 2011 إلى 2015 محاولة لتقويم سياساتهم إزاء دول الجوار، في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي. وأفضى التقويم إلى تأكيد أن باب الانضمام إلى عضوية الاتحاد مُقفل في وجه بلدان الجوار، مع السعي في الوقت نفسه إلى إقناع تلك البلدان باعتماد المعايير السارية في الاتحاد الأوروبي (من هنا أتت عبارة المُعمق)، وإلغاء السياسات الحمائية التي تعتمدها دول الجوار تدريجا (من هنا أتت عبارة الشامل)، في مقابل فتح الأسواق الأوروبية أمام منتوجات بلدان الجوار. ولاحظت الخبيرة الاقتصادية جيهان شندول، أن سياسة الجوار الأوروبية لا تترك مجالا لالتحاق البلدان الواقعة في الجوار بعضوية الاتحاد، ولا حتى بتيسير حصول مواطنيها على تأشيرات دخول إلى الاتحاد. من هنا تلقت البلدان العربية المعنية، وخاصة تونس والمغرب، بكثير من التحفظ هذه السياسة الأوروبية «الجديدة»، لأنها تلامسُ قطاعي الزراعة والخدمات الاستراتيجيين، اللذين لا يُؤهلهُما مستواهما الراهن لمنافسة المنتوجات الأوروبية إذا ما فتحت السوق المحلية في وجه الأخيرة. 
وكان المغرب اتبع مسارا قريبا من مسار الشراكة التونسي الأوروبي، إذ توصل إلى اتفاق شراكة بعد عام واحد (1996) دخل دائرة التنفيذ في العام ألفين. وقبل أن يمنح الاتحاد تونس مرتبة «الشريك المُميز» في 2012، منحها للمغرب منذ العام 2008. ورمى هذان الاتفاقان الجديدان إلى تعميق العلاقات السياسية وتقريب الفجوة بين قوانين السوق في المغرب وتونس من جهة وأوروبا من جهة ثانية، بالإضافة لتطوير التعاون القطاعي. وعندما يُسألُ الأوروبيون عن المضمون العملي لمرتبة «الشريك المُميز» يُجيبون بكونها تمنح الفائزين بها جميع الحقوق التي يتمتع بها أعضاء الاتحاد، عدا العضوية. وتبدو هذه الصيغ البلاغية أقرب إلى الكلام المُنمق منها إلى تحصيل مكاسب ملموسة، ففي الواقع ثارت أزمة حادة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، الذي علق جميع الاتصالات مع الاتحاد، بعدما ألغى القضاء الأوروبي اتفاقا مغربيا أوروبيا لتصدير المنتوجات الزراعية، بذريعة أن الاتفاق ينطبق على الصحراء الغربية المتنازع عليها. واعتبر المغاربة أن القرار القضائي قرارٌ سياسي بامتياز ومناف للقانون الدولي.
واختار الأوروبيون حلا وسطا لترضية المغاربة، فتوصل الطرفان في 2013 إلى وضع خريطة طريق في أعقاب تلك الأزمة غطت الفترة من 2013 إلى 2017. ويُعتبر المغرب المستفيد الأول من سياسة الجوار الأوروبية، إذ أنه يحصل على مساعدات مالية تُقدرُ بمئتي مليون يورو في السنة. وكانت تونس أول بلد عربي متوسطي يُوقع على اتفاق شراكة مع الاتحاد في 1995، مثلما أسلفنا، رمى لإقامة منطقة للتبادل الحر في غضون عشرة أعوام، قبل تمديدها لاحقا إلى اثني عشر عاما. وأدى تنفيذ بنود الاتفاق، الذي اندرج في إطار مسار برشلونة الأورومتوسطي، إلى تفكيك قسم من البنية الصناعية التونسية، التي لاقت صعوبات كبيرة في مجابهة تدفق المنتوجات الأوروبية. وفي النتيجة أقفلت مصانع كثيرة أبوابها، وخاصة في قطاعي المنسوجات والملبوسات.
في المقابل تعهد الأوروبيون، بموجب اتفاق الشراكة، منح تونس مساعدات مالية للتعويض عن الخسائر التي تكبدتها. وقدر رئيس البرلمان الأوروبي أنتونيو تاجاني، القيمة الاجمالية للمساعدات التي منحها كلٌ من الاتحاد والمصرف الأوروبي للاستثمار بـ3.5 مليار يورو في الفترة من 2011 (تاريخ انطلاق التجربة الديمقراطية في تونس) إلى2016. غير أن خبراء اقتصاديين قدَروا أن خسائر البلد كانت أكبر من ذلك. وعرض الأوروبيون في جولات المفاوضات التي تمت حتى الآن، وكانت آخرتها الاثنين والثلاثاء الماضيين في تونس، إفساح المجال أمام الاستثمارات الأوروبية في مجال الطاقة والبنية التحتية والسياحة والاقتصاد الأخضر والتكنولوجيا الجديدة وسواها.
ويمكن أن نعزو «سخاء» الاتحاد الاوروبي في منح مساعدات مالية لتونس إلى الحرص على الحيلولة دون انهيار تجربة الانتقال الديمقراطي اليافعة، وهي الوحيدة التي نجت من الانتكاس في جنوب المتوسط. وقال مفوض سياسة الجوار ومفاوضات التوسعة في الاتحاد الأوروبي جوهانس هان، خلال زيارة سابقة لتونس، إن الاتحاد «يعتبر تونس شريكا مُميَزا في الجوار الأوروبي لأنها تحقق تجربة ديمقراطية لافتة، وإن كانت تُجابه تحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية لا عهد لها بها في الماضي». مع ذلك، لن يستمرَ الأوروبيون في دعم التجربة التونسية من دون حدود، خاصة أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تُجابهها ما انفكت تتفاقم، وبالتالي فلن يتعاطوا معها بالحرص الذي تعاطوا من خلاله مع اليونان على سبيل المثال، التي ضخَ لها الاتحاد الأوروبي، إبان إفلاسها، ما يعادل تسعة أضعاف موازنتها السنوية. 
يقتضي المنطق أن تُكلف الحكومة التونسية خبراءها بوضع دراسة استشرافية تُحددُ التأثيرات المحتملة للاتفاق المعروض على الاقتصاد المحلي. ولا يمكن التعاطي مع ملف بهذه الأهمية وتداعياته البعيدة بمعزل عن المجتمع المدني، الذي أثبت من خلال تجربة «الحوار الوطني» في 2013 دوره المحوري في التخطيط للمستقبل، واستحق نيل جائزة نوبل لقاء دوره ذاك. وفي المبادرة الوحيدة التي قدم خلالها رجال أعمال ومندوبون من المجتمع المدني قراءاتهم لتداعيات الاتفاق الجديد، طغى الحذر والتوجس من تداعياته السلبية على أداء القطاعين المستهدفين وهما الخدمات والزراعة. وكان وراء تلك المبادرة الوحيدة المعهد العربي لرؤساء المؤسسات (غير حكومي) في إطار «منتدى تونس» الذي أطلقه المعهد. وأظهرت دراسة أعدها المعهد حول «اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق» أنه لكي يستطيع القطاع الزراعي المحلي امتصاص تداعيات تحرير التبادل مع أوروبا، ينبغي أن تُحقق الصادرات الزراعية نموا سنويا بنسبة 8 في المئة، وهو أمر مستحيل. أما في قطاع الخدمات فينبغي أن تنمو الصادرات بنسبة 15 في المئة سنويا من خلال زيادة في الإنتاجية تُقدر بـ7 في المئة سنويا. فهل هذا ممكن؟ نظريا يقول الأوروبيون إن»اتفاق التبادل الحر الشامل والمُعمق» يفسح المجال أمام المنتوجات الزراعية وشركات الخدمات التونسية لدخول الأسواق الأوروبية، غير أن ضعف الإمكانات الواقعية لا يسمح لها باقتناص فرص تبقى افتراضية. في هذا الأفق وافقت المفوضية الأوروبية على منح البلدان الواقعة في جنوب المتوسط تمويلات بقيمة 4 مليارات يورو، إلا أن الخبراء يُقدرون حاجات تلك البلدان بأربعين مليار يورو، وهو الحد الأدنى الكافي لتعبئة 400 مليار يورو.
 واعتمدت الدراسة الاستشرافية التي وضعها خبراء المعهد العربي لرؤساء المؤسسات منهج المحاكاة لتقدير الانعكاسات المحتملة لتحرير المبادلات في المجالين الزراعي والخدمي. وركزت الدراسة على إظهار مدى الفجوة التي تفصل بين واقع السوقين الأوروبية والتونسية، ووسائل ردمها وإن جزئيا. وحددت الدراسة تسعين مسارا في هذين القطاعين وزعتهما على ثلاث لوائح، تخص الأولى المسارات الجاهزة للمنافسة في الوقت الراهن، وتتعلق الثانية بالمسارات التي يمكن إطلاق مفاوضات بشأنها، أما اللائحة الثالثة فتخص المسارات التي ينبغي إرجاء التفاوض في شأنها لأنها غير جاهزة لتحمُل المنافسة الخارجية. الثابت أن تونس تقف اليوم في مفترق شراكات عديدة تمنحُها فرصا مختلفة ومتفاوتة، على رغم إكراهات التاريخ والجغرافيا. لكنها تتعاطى مع هذا الموضوع المصيري في مناخ سياسي مُختلف عن السياق الذي اكتنف التوصل إلى اتفاق 1995، إذ تم آنذاك تغييب المجتمع المدني والنخب السياسية والاجتماعية من المفاوضات، ما أضعف جانب المفاوض التونسي، ولم يترك له مساحة كبيرة للمناورة والضغط.
من المهم التوقف عند مسار المفاوضات بين تونس والاتحاد الأوروبي لأن الأخيرة نموذج للبلدان العربية المتوسطية الأخرى (مصر والجزائر والمغرب والأردن وفلسطين وليبيا ولبنان)، التي ستصل إلى هذا الاستحقاق إن عاجلا أم آجلا. وليس هناك بدٌ من أن يستند بتُ الخيار المصيري الذي سيتجه إليه التونسيون على رؤية دقيقة لموقع بلدهم الاستراتيجي، والشراكات التي يمكن أن يُقيموها مع الدول والتجمعات التي يرون أن مصلحتهم تكمن في التعاطي معها. وهذا يتطلب تقويما شاملا لأداء اتفاق الشراكة الذي مضى على توقيعه أكثر من عشرين سنة، وكذلك قراءة لاتفاقات الشراكة المُماثلة التي أتت بعدهُ. ويضرب خبراء اقتصاديون مُتحفظون على اتفاق الشراكة الشامل والمُعمق المثل بشركة الخطوط التونسية، التي تُجابه حاليا صعوبات جمة، وإذا ما فُتحت الأجواء أمام الناقلات الأوروبية سيتكبد الناقل المحلي خسائر لا قبل له بتحمُلها.
رُبما تكون تونس راهنت على كونها أول بلد متوسطي وقع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 1995، فحصدت بعض الميزات والحوافز. غير أن الأكيد أن البلدان التي أتت بعدها استفادت أكثر من نقاط قوتها وضعفها لتقود المفاوضات بما يُتيح لها تحصيل فوائد أكبر. لذا ينبغي الانطلاق من قراءة المُتغيرات في المشهد الدولي ومنزلة تونس فيه، لاستجلاء الميزات والفرص التي تُتيحُها لها الثورة الرقمية، فنحن في حقبة تختلف عن تسعينات القرن الماضي. والشركاء المُحتملون اليوم كُثرٌ، منهم البلدان الافريقية وهي التي يُحقق بعضها حاليا نسب نمو عالية. كما تشكل البلدان الآسيوية، وخاصة منها الإسلامية (إندونيسيا، ماليزيا، باكستان…) فضاء يحمل في أعماقه فرصا كبيرة للاستثمار والتبادل التجاري، على الرغم من بُعد المسافات. وفي شرق أوروبا والبلقان فرصٌ من نوع آخر كان يجدر بتونس أن تستكشف كوامنها وتنسج معها علاقات تبادل وتعاون. ثم هناك العملاق الصيني الذي غزا الأسواق المغاربية من خلال قنوات التجارة الموازية، وقد يكون الأجدى التوصل معه إلى اتفاق شامل يحمي المنتوجات المحلية من المنافسة غير الشريفة.
تؤكد هذه العناوين أن أوروبا ليست قدرا محتوما على تونس. طبعا من السذاجة الاعتقاد بأن التونسيين (أو المغاربة) قادرون اليوم على إدارة ظهورهم لأوروبا، بعد العلاقات التي نسجتها قرونٌ من السلم والحرب بين الجانبين، علما أن أكثر من 70 في المئة من المبادلات التجارية تجري معها. ولكن ليس منطقيا أيضا البقاء رهن الرؤية المركزية الأوروبية والتغاضى عما يدور في العالم من متغيرات، من أجل الاستفادة منها في بناء شراكات جديدة تختلف صيغها وأنساقها عن الشراكات التقليدية مع أوروبا. 

لماذا تتحفظُ البلدان العربية المتوسطية على مشاريع الشراكة الأوروبية؟

رشيد خشانة

هل تنجح الصين في إقامة سوق عالمية للنفط؟

Posted: 28 Apr 2018 02:05 PM PDT

يعتبر النفط سلعة استراتيجية لا غنى عنها لأي دولة، فعلى الرغم من التطور السريع لمساهمة الطاقة المتجددة عالميا، لا يزال النفط يحتل موقعًا مهيمنًا بين مصادر الطاقة المستخدمة حاليا. لكن سوقه تشهد هيمنة خالصة للدولار الأمريكي منذ انتهاء الحرب العربية الإسرائيلية، الحرب التي أفضت لاحتلال الدولار للسوق العالمي، وتنصيب نفسه العملة الوحيدة التي يُقَوَّم بها النفط. هذه الهيمنة أكسبت أمريكا سيطرة تامة على مصير أهم مصدر للطاقة الضرورية لأي نشاط صناعي واقتصادي، مما جعل مصير الاقتصاد العالمي، وخاصة الدول الصاعدة اقتصاديا، والتي على رأسها الصين تحت رحمة هذا الصمصام الأمريكي – العربي. اليوم وبعد افتتاح الصين بورصتها لعقود النفط الآجلة في شنغهاي في 26 اذار/مارس المنصرم برز السؤال الذي يطرحه كثيرون حول العالم: هل ستنجح الصين في إقامة سوق عالمية لعقود النفط الآجلة؟
بعد افتتاح بورصة شنغهاي العالمية للطاقة لتداول العقود الآجلة للنفط المقومة باليوان، والقابل للتحويل إلى الذهب أصبح
اليوان، والنفط، والذهب ثالوثًا مقدسا ذو درجة عالية من الجاذبية، ويعتقد المتفائلون حيال مستقبل هذه البورصة أن هناك خمسة عوامل قد تشكل دعما لنجاحها وهي:
أولا: قد تشكل مخرجا للدول التي عانت طويلاً من الحصار الأمريكي كروسيا التي منذ 2015 تعقد صفقاتها النفطية مع الصين باليوان، وإيران التي هددت أكثر من مرة بوقف التعامل بالدولار، بالإضافة إلى فنزويلا وغيرها من الدول المناوئة لأمريكا.
ثانيا: تتيح فرصة للدول المصدرة للنفط للتقليل من مخاطر الاعتماد المفرط على نظام البترو- دولار خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، التي ترتبط مع الصين بعلاقات تجارية، واقتصادية، واستثمارية كبيرة، حيث أشار تقرير صدر مؤخرا عن البنك التجاري والصناعي الصيني إلى أن حجم التبادل التجاري الصيني الخليجي تضاعف 600 في المئة خلال العشر سنوات الأخيرة، كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط قد بلغ حوالي 160 مليار دولار؛ وهذا ما قد يدفع الدول الخليجية إلى تحويل جزء من تجارتها النفطية إلى اليوان الصيني حفاظا على حصتها، ومصالحها التجارية، وعلاقاتها مع التنين الصيني.
ثالثا: قد تشكل هذه البورصة جاذبية عالية للدول الآسيوية التي طالما تطلعت إلى سوق آسيوي للنفط قريب منها، ولا يتأثر بالعوامل المحلية الأمريكية.
رابعا: قد تساهم هذه البورصة في تعزيز عالمية العملة الصينية اليوان، وتسريع تنويع العملات المتداولة في عمليات التسوية للتجارة العالمية، بما في ذلك زيادة تنويع الاحتياطيات العالمية من العملة الصينية.
خامسا: قد تشكل هذه البورصة دعما لدول بريكس، ودول من الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى التخلص من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية، وانشاء نظام نقدي جديد في العالم لا يعتمد على الدولار وحده.

أسباب إخفاق بورصة
شنغهاي للعقود الآجلة

يعتقد المتشائمون أن أسباب إخفاق بورصة شنغهاي للعقود الآجلة ترتبط بعدة عوامل يتمثل أهمها فيما يلي:
أولا ـ الشك في قدرة الاقتصاد الصيني على تحمل تبعات هذه الخطوة، حيث أن الدولة التي تتحول عملتها إلى عملة احتياط عالمي بشكل كبير لابد أن تعاني من عجز تجاري، وعجز مالي ضخمين على المدى الطويل، وهذا ما يعني فقدان المزيد من فرص العمل، وزيادة حجم الدين العام.
ثانيا ـ ضوابط رأس المال، وتدابير الحكومية الصينية الصارمة ستحد من تدفقات رأس المال الداخل والخارج خاصة رأس المال الأجنبي، وهذا ما سينعكس سلبا على عالمية وجاذبية البورصة للمستثمرين.
ثالثا ـ القلق الشديد لدى المضاربين الدوليين، والمتداولين في البورصة من تدخلات الحكومة الصينية المحتملة في حالة تعرض السوق الصينية لتقلبات حادة؛ مما قد يحد من مستقبل قوة، وحجم بورصة شنغهاي لعقود النفط الآجلة.
رابعا ـ يعتبر ادخال الذهب عامل جذب، لكنه أيضًا قد يزيد من التكاليف، فبعد تحويل اليوان إلى الذهب ستكون هناك رسوم إدارية، ورسوم التخزين؛ مما قد يزيد من التكلفة الإجمالية لتداول العقود الآجلة للنفط، وقد تكون المشكلة أكبر في حالة عجزت الصين عن توفير كميات الذهب المطلوب، التي قد تكون ضخمة جدا.
خامسا ـ فقدان الصين للبنية التحتية اللازمة لتشغيل سوق نفطية عالمية ذات حجم كبير كمستودعات التخزين، ومد خطوط الأنابيب بالإضافة إلى السفن العملاقة لنقل البترول.
ويعتقد الخبير المعروف سون هونغ بين، الأمريكي من أصل صيني صاحب سلسلة كتب «حرب العملات» أن بورصة شنغهاي للعقود الآجلة لن يكون لها دور منافس على المدى القصير لبورصة نيويورك للعقود الآجلة للنفط أو بورصة البترول الدولية في لندن، وذلك لافتقادها لأهم شرط أساسي، ولا غنى عنه في إقامة أي سوق عالمية ضخمة للعقود الآجلة، حيث ذكر أنه من أجل إقامة بورصة عالمية للنفط لها تأثير على أسعاره لابد من توفر القوة العسكرية، والاقتصادية الهائلة التي تضمن حجم دين عام غير محدود، وتخلق سوق سندات ضخم، الذي بدوره يخلق سوق أصول مالية بتريليونات الدولارات، التي تكون الضامن لعقد صفقات ضخمة؛ وعليه فإن الدولة التي تخلق سوقا مالية كبيرة تضمن حجم صفقات ضخمة هي الدولة التي تملك حق تسعير النفط وتقويمه.
قد تكون أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم حاليا القادرة على تحمل دين عام بمئات الترليونات، وبالتالي خلق سوق مالية ضخمة تضمن إنشاء سوق عالمية للنفط، وذلك لسبب بسيط هو أن النظام المالي العالمي مصمم بطريقة، بحيث يتحمل العالم كله مع أمريكا ديونها مهما بلغت، وهذا ما تفتقده أي دولة أخرى في العالم.

يبدو أن الطريق لا يزال طويلا أمام اليوان الصيني حتى يشكل خطرا على هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية خاصة هيمنته على تجارة السلع الإستراتيجية، فقد تكون بورصة شنغهاي للعقود الآجلة هي الخطوة الأولى في مسافة الألف ميل التي ستقطعها العملة الصينية حتى تصبح قادرة على إزاحة الدولار من طريقها، البورصة الصينية التي يبدو أنه نتيجة لطبيعة النظام السياسي الصيني هناك عدة عوامل قد تحد من عالميتها، وجاذبيتها، ومصداقيتها، وبالتالي لا تعكس بشكل شامل العلاقة بين العرض والطلب على النفط عالميا. ومهما يكن من أمر، فإن أحفاد الجيش الأحمر الذي خاض «المسيرة الكبرى» سيكونون قادرين على خوض مسيرة العملة الصينية إلى العالمية بأي ثمن.

هل تنجح الصين في إقامة سوق عالمية للنفط؟

د. يربان الحسين الخراشي

تحسن متوقع لمؤشر نمو دول افريقيا ما وراء الصحراء في العام الجاري

Posted: 28 Apr 2018 02:05 PM PDT

نواكشوط ـ «القدس العربي»: توقع التقرير السداسي للبنك الدولي الموجه لغربلة الاقتصادات الافريقية في نسخته الصادرة قبل أيام، أن يشهد مؤشر التنمية في منطقة افريقيا ما وراء الصحراء صعودا قدره 3.1 في المئة خلال السنة الجارية.
ومع أن معدل التنمية المنتظر أفضل من معدلات عام 2016 الذي وصل إلى مستواه الأدنى خلال العقدين الأخرين، ومع أنه أفضل من معدل العام الماضي الذي ارتفع المعدل فيه بنسبة 2.6 في المئة، فقد توقع التقرير السداسي للبنك الدولي، أن يكون معدل النمو في العام الحالي بطيئا مقارنة مع معدل سنوات الطفرة لفترة ما قبل الأزمة.
وأكد ألبير زفتاك الاقتصادي الرئيس المكلف بمنطقة افريقيا في البنك الدولي «أن منطقة افريقيا ما وراء الصحراء ستشهد بالفعل صعودا في معدل النمو، لكنه صعود غير سريع، فما زال الوضع بعيدا من الوصول لحالة ما قبل الأزمة».
وستشهد الاقتصادات الثلاثة الأساسية في المنطقة وهي اقتصادات نيجريا وجنوب افريقيا وأنغولا، استئنافا تدريجيا للنمو، حسب توقعات البنك الدولي، ليتواصل التوسع الاقتصادي بإيقاع مدعوم على مستوى منطقة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب افريقيا، وليقوى على مستوى غالبية بلدان شرق افريقيا.
وتتأسس هذه التوقعات على عدة عوامل بينها استقرار أسعار النفط وأسعار المعادن، واستمرار قوة التجارة العالمية، وإيجابية ظروف الأسواق المالية الخارجية، كل هذا سيساهم في نجاح الإصلاحات الضرورية وفي التخفيف من آثار اختلال التوازنات الاقتصادية الجمعية، كما أنه سيحفز الاستثمار.
ومع هذا التفاؤل فإن هيئة بريون ووتس، قلقة لوضع المجموعة الاقتصادية لشرق افريقيا التي يرتبط اقتصادها ونموها بتقلبات أسعار النفط الخام.
ويؤكد ألبير زفتاك المكلف منطقة افريقيا في البنك الدولي «أن على البلدان الافريقية أن تكثف وتعمق الإصلاحات الاقتصادية الجمعية والإصلاحات البنيوية لتصل بذلك لمعدلات نمو مرتفعة ومدعومة».
وفيما يخص تأثير المديونية على دول افريقيا ما وراء الصحراء، فقد دق البنك الدولي ناقوس الخطر إزاء ظهور نمط جديد من الدول الافريقية المهملة لمصادر التمويل التقليدية الميسورة والاستعاضة عنها بالصفقات.
واعتبر البنك الدولي أن هذه المقاربة غير حكيمة لكونها تثقل الدين وتعرض الدول لمخاطر السوق.
والأدلة على ذلك يضيف التقرير، أن 18 بلدا قد جرى تصنيفها في اذار/مارس الماضي، دولا معرضة للخطر الأقصى بسبب ديون الصفقات، مقابل تصنيف ثمان دول فقط في عام 2013.
ويعود التعرض للخطر، لقصر آجال السندات الدولية الممنوحة لدول افريقيا، فمعظمها سندات تحين آجال دفعها سنة 2022، وهو ما يؤدي لضيق هوامش التحرك لتمويل القطاعات ذات الأولوية.

تحسن متوقع لمؤشر نمو دول افريقيا ما وراء الصحراء في العام الجاري

عبد الله مولود

الأمطار في مصر وسوريا تُشعل موجة غضب على الانترنت

Posted: 28 Apr 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: أشعلت الأمطار والفيضانات المفاجئة التي أغرقت كلاً من مصر وسوريا ودول أخرى في المنطقة العربية موجة من التعليقات التي تراوحت بين السخرية والانتقاد، والتي سرعان ما تحولت إلى موجة احتجاج على الانترنت ضد الأنظمة الحاكمة التي تُسخر كل امكاناتها لقمع شعوبها ومواجهة أي احتجاجات في الشارع بينما تفشل في مواجهة الأمطار بالشوارع.
وشهدت كل من سوريا ومصر وفلسطين والأردن والسعودية أمطاراً مفاجئة تسببت بفيضانات كبيرة وأحدثت كوارث للعديد من العائلات التي تسكن في المناطق المنخفضة، كما تسببت بتعطل العديد من الخدمات، بينما تداول النشطاء ومستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو تُظهر ما أحدثته مياه الأمطار في البلاد.
وشاهدت «القدس العربي» العديد من مقاطع الفيديو التي أظهرت دماراً كبيراً في دمشق والقاهرة ومدن مصرية أخرى، من بينها مقطع تظهر فيه مياه الأمطار وهي تجرف معها العديد من السيارات التي تتكدس فوق بعضها البعض، فيما تم توثيق منازل وهي تغرق بالكامل في مقاطع أخرى، كما داهمت مياه الأمطار العديد من المنازل في الأماكن المنخفضة في سوريا والأردن ومصر.
وسرعان ما تحولت هذه المشاهد إلى مادة للاحتجاج السياسي على الانترنت، حيث بينما كانت مياه الأمطار تُغرق منازل المصريين والسوريين، كانت شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تغرق بالتعليقات التي تنتقد النظام، وخاصة في مصر التي أعادت مؤخراً انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي لطالما تحدث عن «الانجازات».
وأطلق النشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي العديد من الحملات الناقدة لفشل الحكومات في التعامل مع مياه الأمطار والفشل في التصدي لمياه الأمطار التي اجتاحت الشوارع.

مصر: غرق في الإنجازات

وفي مصر أطلق النشطاء العديد من الوسوم على شبكات التواصل الاجتماعي، كما انشغلوا في التعليق على الأحوال الجوية وتداولوا المئات من الصور وتسجيلات الفيديو التي تُظهر حجم الكارثة التي حلّت في البلاد.
وسارع الرئيس السيسي إلى استخدام شبكة التدوين المصغر «تويتر» للتعليق على ما يجري في البلاد محاولاً التهدئة من غضب المصريين، حيث خاطبهم بالقول: «‏أتفهم تماماً حالة المعاناة التي ألمت ببعض المصريين نتيجة الآثار الناجمة عن تساقط الأمطار بشكل مفاجئ وغير معتاد عليه خلال اليومين الماضيين، وأؤكد أن الدولة بكافة أجهزتها ستكثف من جهودها لتلافي حدوث مثل هذه الآثار مرة أخرى».
وأطلق النشطاء العديد من الوسوم التي تحولت إلى حملات لانتقاد الحكومة والنظام في مصر، من بينها «#انزل_عوم_فالإنجازات» و«#إغرق_في_الانجازات» و«#القاهرة_تغرق» و«#مصر_تغرق» وغيرها من الوسوم التي تعبر عن الأوضاع بعد الفيضانات التي اجتاحت البلاد.
وردت إحدى المصريات على تغريدة السيسي بالقول: «‏‎بشكل مفاجئ؟؟ معلش السماء كانت لازم تستأذنك يا بلحة يا فاشل يا فاشل يا فااااااااااااشل».
وعلق الكاتب المعروف جمال الجمل قائلاً: «اللي حصل في التجمع مش غياب تخطيط ولا تقصير حكومي. بالعكس ده حاجة حلوة خالص ومستقبلية جداً، ده تدريب عملي لتأهيل الناس على كيفية التصرف لما مصر كلها تغرق قريباً».
ونشر حساب «خواطر شاعر» تغريدة على «تويتر» يقول فيها: «‏‎حكم العسكر مش إنجازات حكم العسكر كله جنازات في القطارات.. المستشفيات.. في العبارات.. في الطرقات.. في المعتقلات.. في المظاهرات.. هما ياخدوا كل الحاجات والشعب له بعض الفتات».
أما الحساب الساخر الذي يُطلق على نفسه اسم «راب» فكتب يقول: «‏‎#انزل_عوم_فالإنجازات.. انزل عوم من غير هدوم.. حكم العسكر كله هموم.. انزل وارفع أحلى شراع سياحة وفن آخر إبداع.. انزل وعيش في التوهان حكم العسكر دا آخر جنان».
وسخرت حبيبة مصطفى أيضا بالقول: «وبعد تفكير عميق وتدبير واتفاق مع قطرات المطر قرر الزعيم الفريق المشير الرئيس أنه يعمل لنا مدينة مثل فينسيا.. إنجازات دي ولا مش إنجازات يا أشرار يا قاتلي الإبداع والتخيل».
وقالت جاسمين: «‏أخد اللقطة وقالك عملنا شبكة طرق وكباري كده وعند أول اختبار ظهر الفرق بين وهم الدعاية وحقيقة ما يجري على الأرض من غش وفساد.. قالها عم جلال.. بالأمطار فضحت السماء فساد أهل الأرض!!».
ونشرت نور صورة شهيرة لأحد ضحايا السيول بالإسكندرية وسخرت قائلة: «فاكرين الراجل ده؟ كان من حوالي 3 سنين في منطقة شعبية بالاسكندرية.. الصورة بقى اللي جنبه لأرقى حي في القاهرة هذا العام! أظن كده السيسي عداه العيب وحقق لنا العدالة الاجتماعية التي كنا نرجوها».
ونشرت إحدى الناشطات صورة بالأبيض والأسود من مدينة القاهرة تعود لسنة 1940 وتظهر فيها سيارات بدائية وهي تقوم بغسل الشوارع من أجل الحفاظ على النظافة، وإلى جانبها صورة لمدينة القاهرة في العام 2018 وهي تغرق بمياه الأمطار، وكتبت الناشطة تعليقاً على الصورتين تقول فيه: «دي مصر أيام الفاسدين في عصر الملك، ودي في أيام التقدم والازدهار في عصر العسكر.. أيام الملك الفاسد كانت تغسل الشوارع، أيام العسكر والازدهار والتقدم تغرق في مياه الأمطار.. ويجي واحد سيساوي يقولك انتوا مش عايزين مصر تتقدم وتطلع للأمام».
وكتبت الناشطة منى: «إذا كان 90 في المئة من رؤساء الأحياء لواءات فلا بد أن تغرق مصر في شبر مية.. ارحلوا كي ينتهي الفساد»، فيما علق آخر قائلاً: «كعادة نظام الإهمال في دولة الانقلاب العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي تؤدي أي ظاهرة مناخية – مهما كانت قلة خطورتها- إلى كارثة في مصر، فرغم قلة وندرة الأمطار في المحروسة إلا أنها ما زالت تغرق في شبر مياه».
وحصد مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مليون مشاهدة، يظهر امرأة علقت مع أمها وبنتها حتى صباح اليوم التالي على الطريق الدائري بالقاهرة بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية.

سوريا: السيول تجتاح
دمشق والانترنت

وفي سوريا تفاقمت المأساة، حيث بينما تتواصل أعمال القصف التي تستهدف السوريين الأبرياء في أكثر من مكان، فان السيول والفيضانات أغرقت دمشق وتسببت بخسائر فادحة، وهو ما أشعل الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي وتسبب بموجة تعليقات واسعة.
وكتب المغترب السوري أديب الشيشكلي على «تويتر» يقول: «لم يبق كارثة طبيعية أو غير طبيعية إلا وعاشتها سوريا خلال السبع سنوات التي مضت بالإضافة لسيول دمشق اليوم ولكن تبقى كارثتنا ومصيبتنا الكبرى هي بشار الأسد وعصابته».
أما الإعلامية السورية نسرين طرابلسي فكتبت على «فيسبوك»: «فيديوهات السيول التي تصل من دمشق ومن مصر تذكرني بمشاهد تسونامي المحيط الهادئ حين جن جنونه ومأساة المناطق الفقيرة في حوض المسيسيبي وافريقيا حين تقرر الأنهار عطشها للضحايا… حتى المطر صار بيحرق القلب في بلادنا». وتابعت: «كأن سيول الدم وأفواج الموتى وقوافل المهجرين والغرقى في البحر وعلى الشواطئ لم تكفنا».
وعلق أحد السوريين قائلاً: «دمشق تغرق! أين إيران ودعمها لنظام الأسد؟ أم أن مهمتها فقط بناء المراقد ونشر التشيع فيها؟».
وكتب ياسين عبد اللطيف: «يقول الخبر: دمشق تغرق ويقصد الأمطار والسيول! دمشق غرقت وتغرق بالدماء أكثر من سبع سنين عددا! الأمطار خير من الله عميم؛ وسفك الدماء المعصومة أمر عظيم نهى الإسلام عنه وشدد النكير على فاعله بعد الشرك بالله!».
وعلق آخر في تغريدة على «تويتر»: «بينما تمطر في دمشق تبقى حاراتها الجنوبية تغص بالدم والدمار، وبينما يمارس هذا العالم صمته غير المسؤول على مجازرها يعمل النظام متبوعاً بميليشياته على خطة اقتحام وتهجير جديدة لن تصب يوماً في صالح أهل هذه الأرض… مخيم اليرموك في انتظار نكبة جديدة اللهم سلم».
يشار إلى أنّ السلطات في سوريا تقول بأن الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال اليومين الماضيين لم تشهد لها البلاد مثيلاً منذ أكثر من مئة عام، أما في مصر فكانت المفارقة أن الفيضانات أغرقت العديد من الأحياء الجديدة والفارهة وتسببت بخسائر مادية غير متوقعة في المنشآت والجسور والأنفاق الجديدة، وهو ما دفع كثيرين إلى انتقاد المشروعات التي تم تنفيذها مؤخراً، وفتح الباب أمام العديد من الأسئلة حول الفساد والغش وما إذا كانت هذه المنشآت قادرة على الصمود لعقود مقبلة من الزمن.

الأمطار في مصر وسوريا تُشعل موجة غضب على الانترنت

تصاعد وتيرة استهداف الصحافيين الفلسطينيين بالتزامن مع مسيرات العودة

Posted: 28 Apr 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تصاعدت وتيرة استهداف الصحافيين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتزامن مع مسيرات العودة المستمرة منذ خمسة أسابيع، وهو ما يؤكد أن الاحتلال يتعمد إخفاء الحقائق ولا يريد للصورة ولا الخبر أن يصلا إلى العالم الخارجي، خاصة مع تمسك الفلسطينيين بسلمية هذه المسيرات.
واستشهد صحافيان فلسطينيان برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال تغطيتهما لأحداث مسيرة العودة، هما ياسر مرتجى الذي قضى شهيداً في الجمعة الثالثة من أحداث مسيرة العودة، وأحمد أبو حسين (24 عاماً) الذي أصيب في الجمعة الثالثة ثم قضى في وقت لاحق متأثرا بجراحه التي أصيب بها خلال تغطية المسيرة.
ويوم الجمعة الماضية أصيب المصور الصحافي عبد الرحمن الكحلوت برصاص قناص إسرائيلي شرقي مدينة غزة خلال تغطيته التظاهرات الحدودية المستمرة في جمعتها الخامسة، وذلك على الرغم من أن الكحلوت كان يرتدي الدرع الواقي والخوذة الصحافية ما يميزه عن المتظاهرين ورغم ذلك أصيب برصاصة قناص إسرائيلي في القدم، حسب ما قالت التقارير الواردة من غزة.
كما أصيب المصور الصحافي هاشم حمادة بقنبلة غاز مباشرة في رأسه وحالته متوسطة وذلك شرقي مدينة غزة، وفي الجمعة الخامسة أيضاً من المسيرات.
وأصيب خلال التظاهرات الحدودية التي انطلقت في الثلاثين من الشهر الماضي تزامناً مع ذكرى يوم الأرض ما يزيد عن خمسة وعشرين صحافياً فلسطينياً برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وأصيب عشرات آخرون بالاختناق جراء التعاطي المفرط بالقوة من قبل الاحتلال مع التظاهرات. ويتجمهر فلسطينيون، بشكل يومي عند خمس نقاط قرب الحدود بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948 في إطار مسيرات «العودة» التي بدأت منذ 30 آذار/مارس الماضي، ومن المقرر أن تبلغ ذروتها في ذكرى «النكبة» يوم الخامس عشر من أيار/مايو المقبل.
وكانت لجنة دعم الصحافيين قد حملت الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن الاستهداف المتعمد للصحافيين والطواقم الصحافية، وأكدت أن الاحتلال يتعمد إطلاق النار على الصحافيين ويمنعهم من التغطية كما جرى مع الطواقم الصحافية الفلسطينية والأجنبية داخل الشريط الحدودي من جهة المستوطنات الإسرائيلية حيث منعهم جنود الاحتلال من مواصلة التغطية والحركة بحرية.
وطالبت اللجنة الاتحاد الدولي للصحافيين بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة في هذه الاعتداءات والقيام بزيارة عاجلة للأراضي الفلسطينية للاطلاع عن كثب على حجم الاعتداءات المستمرة بحق الصحافيين الفلسطينيين.
كما وجهت اللجنة مناشدة لاتحاد الصحافيين العرب بضرورة الضغط على الاحتلال من خلال النقابات العربية والدولية لوقف اعتداءاته المتكررة بحق الصحافيين الفلسطينيين حيث لوحظ ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية بحق الصحافيين الفلسطينيين منذ مسيرات العودة ويوم الأرض بتاريخ 30 آذار/مارس 2018.
من جهته، اعتبر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين أن الصحافيين الفلسطينيين اتخذوا قرارا واضحا عن سابق إصرار بالانحياز إلى الحقيقة، وهم يقومون بعملهم المهني والأخلاقي ونقل الصورة كما هي بما تتضمنه من إرهاب وإجرام الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين من النساء والأطفال والشيوخ.
وأوضح رئيس المنتدى عماد الافرنجي في تصريحات صحافية أن استهداف الصحافيين والمصورين وفي مناطق الصدر والقلب هو قرار واضح بالاغتيال لفرسان الحقيقة وعيون الوطن، بيد أن ذلك لن يمنع الصحافيين من مواصلة دورهم مهما بلغت التضحيات.
وقال: «إن الرواية الإسرائيلية فضحت في المشهد العالمي بفضل الصور التي نقلها الصحفيون الفلسطينيون ودفعوا ثمنها من دمائهم، وأثبتت مدى السلمية التي عمل فيها المتظاهرون الفلسطينيون ودحضت الدعاية السوداء للاحتلال وأبواقه القذرة».
وطالب المنظمات الحقوقية وتلك المعنية بالصحافيين بوجوب التحرك للجم الاحتلال ووقف محاولاته لكتم الصوت الفلسطيني وحجب صورة الحقيقة.
كما أدان التجمع الصحافي الديمقراطي تصاعد استهداف قوات الاحتلال للصحافيين وللطواقم الصحافية العاملة في الميدان، مطالباً بضرورة توفير الحماية لهم. وقال التجمع في تصريح صحافي إنه ينظر بخطورة لاستمرار دولة الاحتلال في استهداف الصحافيين، مؤكداً أن «هذه الإجراءات اللا قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، إنما تعكس مدى نجاح الإعلام الفلسطيني وفرسانه في نقل الحقيقة، وكشف زيف الرواية الصهيونية لما يحدث من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني في الأراضي المحتلة».
ودعا التجمع الأممَ المتحدة ودول العالم أجمع إلى ممارسة دورها الأخلاقي والقانوني في ردع دولة الاحتلال عن ممارساتها اللا إنسانية بحق شعبنا وصحافييه، وتوفير الحماية اللازمة لهم لأداء دورهم المهني والوطني والإنساني.
وطالب المؤسسات الصحافية الدولية بكشف هذه الممارسات تجاه الصحافيين الفلسطينيين على أوسع نطاق، والضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف هذه الانتهاكات، وصون حرية العمل الصحفي.
كما أدان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة مساء الجمعة استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الصحافية، أثناء تغطيتهم فعاليات الجمعة الثانية من مسيرة العودة الكبرى.
وقال مسؤول الإعلام الحكومي في غزة سلامة معروف: «إننا ندين استهداف قناصة الاحتلال بشكل متعمد للطواقم الصحافية»، وأضاف: «هذا الاستهداف يؤكد ما حذرنا منه سابقا أن الاحتلال يتعمد استهداف الصحافيين لمنع نقل جرائمه التي يرتكبها بحق أبناء شعبنا في حراكهم المدني السلمي الأعزل».
وشدد معروف على أن «هذا الاستهداف يضع مصداقية المؤسسات الدولية على المحك؛ فإما أن تنتصر لمواثيقها التي أقرتها ونصت فيها على حماية الصحافيين والمدنيين العزل وإما أن تسمح لشريعة غاب الاحتلال أن تسود».

تصاعد وتيرة استهداف الصحافيين الفلسطينيين بالتزامن مع مسيرات العودة

واتساب يحظر على الأوروبيين دون الـ 16 استخدام خدماته

Posted: 28 Apr 2018 02:04 PM PDT

أعلن تطبيق المراسلة الإلكتروني «واتساب» إنه سيحظر على مواطني الاتحاد الأوروبي دون 16 عامًا استخدام خدماته.
وتأتي الخطوة التي اتخذتها الشركة، التابعة لموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» استجابة لقواعد أوروبية جديدة لحماية البيانات ستدخل حيز التنفيذ في 25 أيار/مايو.
وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي الخاص بحماية البيانات العامة، سيتعين على الآباء أو أولياء الأمور عادةً الموافقة على أي بيانات تتعلق بهذا الطفل يتم معالجتها من جانب شركات الإنترنت.
ويمكن لكل دولة على حدة داخل الاتحاد الأوروبي تحديد الحد الأدنى للسن المنصوص عليه في هذه القواعد، ولكن لابد أن يكون السن بين 13 و16 سنة.
وسيُبقي واتساب على الحد الأدنى (13 عامًا) لمستخدمي التطبيق خارج الاتحاد الأوروبي وعدد صغير من الدول الأوروبية الأخرى داخل المنطقة الاقتصادية الأوروبية، والتي تطبق العديد من القواعد التجارية للاتحاد الأوروبي.
وقالت الشركة إنها تعمل على إنشاء كيان جديد في ايرلندا لمعالجة بيانات المستخدمين من الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية.
ولم يوضح القائمون على التطبيق كيفية التحقق من عمر مستخدميه. يشار إلى أنه ليس من الضروري حاليًا تقديم وثائق عن عمرك لفتح حساب على واتساب.
وتهدف قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة لحماية البيانات إلى منح المستخدمين المزيد من الوضوح حول كيفية استخدام بياناتهم، بالإضافة إلى «حق نسيان» من قبل مزودي الخدمات في ظروف معينة.
وتهدف القواعد كذلك إلى تسهيل عمل الشركات عبر الحدود داخل الاتحاد الأوروبي، من خلال التوفيق بين متطلبات حماية البيانات. (د ب أ)

واتساب يحظر على الأوروبيين دون الـ 16 استخدام خدماته

اليابان تخترع جيلاً جديداً من المقاتلات يستخدم «درون» بدل الصواريخ

Posted: 28 Apr 2018 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكنت اليابان من ابتكار تكنولوجيا عسكرية جديدة تقوم على استبدال الصواريخ بطائرات بدون طيار «درونز» يتم تركيبها على المقاتلات الجوية العملاقة. فيما وصفت وسائل الإعلام العالمية هذه التكنولوجيا بأنها «الجيل الخامس» من المقاتلات التي ستدخل الخدمة العسكرية في العالم قريباً.
وحسب موقع «ديفينس إيروسبيس» المتخصص في الصناعات العسكرية فإن «اليابان تعمل على تصنيع طائرات (F3) المقاتلة من الجيل الخامس، المطورة عن مقاتلات (F-35A Lightning II) الأمريكية، وستزودها بأنظمة قتالية فريدة وحاويات خاصة لنقل الدرونز».
وللتحكم في هذه الطائرات بدون طيار القتالية فإن الخبراء اليابانيين يعملون على تزويدها بأنظمة اتصال متطورة تسمح للطيارين بالتحكم بها عن مسافات بعيدة، وتبادل البيانات التي ستزودهم بها مع باقي الطائرات المقاتلة في السرب أو مع المراكز الأرضية.
ومن المفترض أن تستخدم هذه «الدرونز» لأغراض المراقبة والرصد وحتى تنفيذ ضربات مباشرة لمواقع وأهداف العدو، كما قد يكون من الممكن استخدامها لأغراض الاتصال والتشويش.
ودخلت الطائرات بدون طيار بقوة في المجال العسكري خلال السنوات الأخيرة، كما يجري استخدامها أيضاً في العديد من المجالات المدنية والسلمية، وسط توقعات أن تشهد صناعة هذا النوع من الطائرات طفرة في المستقبل القريب، خاصة إذا تم استخدامها في مجالات النقل وخدمات الشحن.
وكانت صحيفة «تشاينا دايلي» الصينية الرسمية، كشفت العام الماضي أن أكبر صانع للصواريخ في البلاد يعمل على تطوير طائرات عسكرية بدون طيار بإمكانيات الطائرات الشبح التي يمكنها تفادي الأسلحة المضادة للطائرات، وذلك في خطوة جديدة تخطوها البلاد على طريق برنامجها الطموح لتحديث جيشها.
وقال وي يي يين، نائب مدير عام الشركة الصينية لعلوم الفضاء والصناعة: «الطائرات بدون طيار أصبحت سلاحاً لا غنى عنه في الحروب الحديثة لأن بإمكانها أن تلعب دورا هاما في عمليات الاستطلاع عالية الدقة والضربات المحكمة بعيدة المدى والعمليات المضادة للغواصات والقتال الجوي».
وتنفق الصين مليارات الدولارات لتحديث معداتها القديمة وتطوير أسلحتها بما في ذلك مقاتلات الشبح وحاملات الطائرات.
والصين ليست وحدها التي تقوم بتطوير قدراتها في مجال طائرات الـ»درونز» حيث سجلت شركة «بوينغ» الأمريكية قبل شهور براءة اختراع لأول طائرة بدون طيار من نوعها في العالم، وهي طائرة برمائية يمكن أن تتحول إلى سفينة تسير على الماء بكبسة زر واحدة.
وحسب المواصفات التي كشفت عنها الشركة العملاقة المتخصصة في صناعة الطائرات التجارية فإن الـ»درون» الجديدة يمكن أن تستخدم في أعمال التجسس على السفن والبحارة ومراقبة الغواصين والمياه الإقليمية لأي دولة، كما يمكن استخدامها في توصيل البضائع للسفن والبواخر والجزر في قلب البحار والمحيطات.
وأطلقت شركة «بوينغ» الطائرة الجديدة بدون طيار في أول تجربة لها وهي مرفقة بطائرة شحن عملاقة، حيث فارقت الـ»درون» الطائرة الكبيرة ومن ثم انطلقت إلى هدف محدد في البحر، وتحولت إلى غواصة، وتكللت التجربة بنجاح، وتم تسجيل الاختراع باسم الشركة التي تعتبر الأكبر في العالم في مجال إنتاج الطائرات، كما أنها تعتبر المنافس الوحيد والأكبر لعملاق صناعة الطائرات في أوروبا «إيرباص».
وعندما تصل الطائرة بدون طيار إلى المياه تبدأ بعض أجزائها في التحول، حيث تتحول الأجنحة الخلفية للطائرة، كما تظهر مجموعة من الشفرات التي تساعد الطائرة على التوازن داخل الماء وتتحول إلى غواصة قادرة على الإبحار تحت المياه.
وتحتوي الطائرة على «خزان توازن» مهمته أن يمنحها التوازن تحت الماء، وأن يمكنها من السير عند عمق معين دون الغرق، كما تشتمل على طقم كامل من الشفرات التي تمنح السفينة قدرة على المناورة داخل الماء في حال تم استخدامها لأغراض عسكرية، واحتاجت التمويه والحركة السريعة والإفلات من الاستهداف.
وتقول «بوينغ» إن الطائرة الجديدة مصممة للاستخدام في أعمال التجسس والمراقبة، أو في أعمال تجارية تتعلق بتوصيل البضائع والمستلزمات في البحر.
وتتضمن الطائرة تكنولوجيا تمكنها من نقل المعلومات والصور إلى غرفة التحكم والقيادة، سواء عندما تحلق في الجو، أو بعد أن تتحول إلى غواصة تحت الماء.
ووصفت «بوينغ» الطائرة المبتكرة في «براءة الاختراع» بأنها «مركبة قابلة للتحول إلى طائرة في الجو، أو غواصة في الماء».
وقالت السلطات الأمريكية المختصة بتسجيل الاختراعات إن «الطائرة الجديدة لديها هيكل يجعلها قادرة على التحليق في الهواء، كما يتيح لها أيضاً السباحة في الماء» وهو ما استدعى منحها «براءة اختراع» وتسجيلها باسم شركة «بوينغ» الأمريكية صاحبة الابتكار.
ويشهد عالم الطائرات بدون طيار طفرة كبيرة منذ سنوات، حيث دخل هذا النوع من التكنولوجيا في العديد من المجالات، إلا أن أهمها مجالي توصيل البضائع، والتصوير، ويتوقع أن تحدث طائرات الـ»درونز» ما يشبه الثورة في عالمي التوصيل والتصوير.
وأعلنت شركة «أمازون» عملاق التجارة الالكترونية في العالم، أنها بدأت توصيل الطلبات والبضائع والمشتريات إلى أصحابها بواسطة طائرات بدون طيار، وأنها تعتزم التوسع في استخدام هذه الوسيلة والتي توفر الكثير من الجهد والمال والوقت، خاصة وانها توفر أعداداً كبيرة من سائقي السيارات.
وفي الإمارات أعلنت سلطات البريد أنها ستبدأ في استخدام طائرات بدون طيار في عمليات تسيير أعمالها داخل الدولة، بما يتوقع أن يحدث طفرة في بريد الإمارات، لتكون الأولى في العالم العربي التي تستفيد من الطائرات بدون طيار في الأعمال التجارية، فيما يتوقع أن تلجأ العديد من الشركات في قطاع الأعمال إلى استخدام هذه الطائرات في أعمال التوصيل، وتجاوز مشكلة الازدحامات المرورية بواسطتها.
كما بدأت دول عدة في العالم في سن قوانين تنظم عمل هذه الطائرات، ومن بينها بريطانيا التي أصبحت قوانينها تتيح استخدام هذا النوع من الطائرات، على أن الطائرات البسيطة التي تحلق في مجالات منخفضة ولمسافات قصيرة نسبياً لا تحتاج إلى أي ترخيص أو موافقات مسبقة من السلطات لاستخدامها.
ودخلت الطائرات بدون طيار بقوة عالم التصوير حيث أنتجت العديد من الشركات المتخصصة في السنوات الأخيرة طائرات صغيرة الحجم ومنخفضة التكلفة محملة بكاميرات عالية الجودة وقادرة على التقاط المشاهد من الأعلى، وهي طائرات أحدثت إضافة كبيرة في عالم التصوير ويتوقع أن تشهد هي الأخرى تطوراً كبيراً خلال الفترة المقبلة وتدخل في مجال صناعة الأفلام.

اليابان تخترع جيلاً جديداً من المقاتلات يستخدم «درون» بدل الصواريخ

تهديد أمني بالغ: بطاقة مقرصنة تفتح آلاف الغرف الفندقية في العالم

Posted: 28 Apr 2018 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكّن قراصنة انترنت ولصوص شيفرة من ابتكار بطاقة ممغنطة تحمل شيفرة قادرة على فتح مئات آلاف الغرف الفندقية في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يعني أن عمليات القرصنة قد تنتقل من الفضاء الالكتروني إلى العالم الحقيقي، وأن مقتنيات النزلاء في الفنادق قد تكون في خطر إذا تم استخدام مثل هذه البطاقة بالفعل.
وقالت جريدة «دايلي ميرور» البريطانية، إن هذه التقنية «مثيرة للقلق» مشيرة إلى أن دراسة حديثة توصلت إلى فك الشيفرة التي يتم استخدامها في أقفال الأبواب في الغرف الفندقية، وبات في مقدور قراصنة انترنت أن يصنعوا بطاقة ممغنطة قادرة على فتح هذه الأبواب، ما يشكل ضربة قاسية لأنظمة الأمان والحماية التي يتمتع بها نزلاء الفنادق.
وتمكن الباحثون في شركة «F-Secure» من تطوير «مفتاح رئيسي» «Master key» يفتح أبواب الملايين من الغرف في آلاف الفنادق حول العالم، بما في ذلك تلك التي تديرها سلاسل مشهورة عالميا، وهو ما يجعل نزلاء هذه الفنادق يواجهون خطر اختراق غرفهم وفتحها وتعرضها للسرقة في حال وصل مثل هذا المفتاح أو البطاقة إلى أيدي القراصنة واللصوص.
ولإنشاء المفتاح الرئيسي، يحتاج الهاكر للوصول إلى أي مفتاح إلكتروني في الفندق المستهدف، حتى لو كان من المفاتيح غير النشطة في الوقت المحدد. ويمكنه بعد ذلك اختراق المفتاح واستخدام جهاز صغير لنسخ المزيد من المفاتيح الفندقية.
وفي غضون دقائق، يقوم الجهاز بإنشاء «مفتاح رئيسي» يفتح غرف الفنادق، أما ما يدعو للقلق فهو أن الأجهزة المطلوبة متوفرة على الإنترنت مقابل بضع مئات من الدولارات.
وتمكن الباحثون من إنشاء مفتاح رئيسي لنظام القفل الذي تصنعه أكبر شركة لصناعة الأقفال في العالم، وهي شركة «أسا أبلوي» وفي هذا الصدد، أخطر فريق البحث الشركة بالخلل، وتعاون معها لإصلاح المشكلة.
وفي حين أن الباحثين لا ينشرون تفاصيل كاملة عن كيفية تنفيذ الهجمات، إلا أنهم حذروا الناس لأخذ الحيطة بشأن الإقامة في الفنادق، بما في ذلك عدم ترك مقتنيات ثمينة في الغرف، واستخدام سلسلة الأبواب أثناء التواجد داخلها.

تهديد أمني بالغ: بطاقة مقرصنة تفتح آلاف الغرف الفندقية في العالم

معلومات جديدة عن المريخ تُجدد آمال العيش على سطحه

Posted: 28 Apr 2018 02:02 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: توصل علماء في مجال الفلك والجيولوجيا إلى معلومات جديدة عن كوكب المريخ من شأنها أن تزيد مجدداً من الآمال بأن يتمكن البشر من العيش على متن الكوكب الأحمر.
ووجد علماء أمريكيون تقارباً كبيراً بين بنية كوكب المريخ وكوكب الأرض بعد دراسة التغييرات الحاصلة في تربة الكوكبين.
ويعتقد الباحثون أن المريخ شهد شروط الحياة نفسها على كوكب الأرض منذ مليارات السنين، فقد سمحت معالجة البيانات التي جمعها مسبار «كيوريوسيتي» باستخلاص استنتاجات جديدة حول التغييرات التي طرأت على سطح الكوكب الأحمر، بعد دراسة بنية التربة فيه والأحوال الجوية التي ساعدت على حفظ آثار «تجمد» الطين التي لا يمكن أن تتشكل إلا في خزانات المياه القديمة التي كانت على سطحه.
واكتشف علماء الجيولوجيا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في الولايات المتحدة أن آلاف البحيرات القديمة التي كانت صالحة لعيش أبسط أشكال الكائنات الحية، كانت موجودة على سطح المريخ قبل حوالي 3.5 مليار سنة، قبل وقت طويل من وقوع كارثة مجهولة دمرت الكوكب الأحمر.
ويشير العلماء إلى أن عمليات تآكل التربة على سطح المريخ تشبه عمليات تغير التربة على الأرض تماما، وهذا يعني أن المريخ كان يمتلك نسخة طبق الأصل عن الغلاف الجوي للأرض ودرجات الحرارة أيضاً.
وأكد التحليل الطيفي، أن هذه البقع من «طين المريخ» تشكلت تحت تأثير الهواء والماء، وهما المكونان الرئيسيان للحياة.
وتأتي هذه المعلومات الجديدة في الوقت الذي تواصل وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» العمل من أجل إرسال فريق لغزو المريخ، حيث تقوم الوكالة التي تعتزم إرسال مستكشفين إلى الكوكب الأحمر بحلول عام 2030 بدراسة استخدام العقاقير التي تغير شفرة الحمض النووي للطاقم.
ويمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى إصلاح الضرر الناجم عن جزيئات الطاقة العالية، التي قد تضر بأجسام «رواد المريخ» ما يزيد خطر الإصابة بالسرطان وغيره من الأمراض.
وينشغل العالم حالياً بتنظيم أول رحلة «ذهاب بلا عودة» إلى كوكب المريخ، حيث تقدم 200 ألف شخص من 140 بلدا في العالم للمشاركة في هذه المهمة التي تقضي بإرسال فريق إلى الكوكب، في رحلة ذهاب فقط، ليقيموا هناك إلى الأبد وينشئوا مستعمرة بشرية، وهو مشروع تقوم عليه شركة «مارس وان» الهولندية.
والسبب في كون الرحلة ذهاب دون إياب، هو أن التقنيات العلمية المتوافرة حاليا تتيح الهبوط على كوكب المريخ، لكن لا تتيح العودة إلى الأرض لأن جاذبيته كبيرة، بخلاف القمر ذي الجاذبية الصغيرة الذي يمكن الإقلاع منه.
وسيمول هذا المشروع من الإعلانات التجارية، إذ أن كل مراحل التدريب والانطلاق والرحلة الفضائية والهبوط على المريخ وإنشاء المستعمرة البشرية والإقامة فيها ستكون منقولة مباشرة.
وسيجري اختيار المرشحين بناء على معايير عدة، منها القدرة على اتخاذ القرار وحسن التعامل مع المشاكل، والروح المعنوية، والتركيبة النفسية، والسلوك أثناء الاختبارات وخارجها.
ومع انتهاء المرحلة الثالثة من الاختيار سيبقى من المرشحين 24 فقط، يوزعون على ست مجموعات قوام الواحدة أربعة أشخاص.
وتعتزم شركة «مارس وان» أن ترسل في مرحلة أولى مركبة غير مأهولة، لاختبار قدرتها على الهبوط على سطح المريخ، وسيكون ذلك خلال العام الحالي 2018.
أما الرحلة المأهولة الأولى فتنوي اطلاقها في العام 2026 حاملة الفريق الأول من مستعمري المريخ، ثم تليه الفرق تباعا بفاصل زمني مدته 26 شهرا بين الرحلة والأخرى.
ويدرك المشاركون في هذه المهمة أنهم ذاهبون من دون عودة، وأن عليهم أن يتدبروا أمورهم على كوكب المريخ، من حيث بناء مساكنهم الصغيرة التي تقيهم من الجو وحرارته، وان يبحثوا عن الماء، وينتجوا الأكسجين وان يزرعوا طعامهم داخل حجرات مقفلة.
ولا يبدو ان هذه المتطلبات الضرورية لحياة البشر سهلة التحقيق على سطح كوكب قاحل ذي غلاف جوي غني بغاز ثاني اكسيد الكربون، وحيث متوسط درجة الحرارة 63 درجة مئوية تحت الصفر، لذا، يثير هذا المشروع الكثير من الجدل والمخاوف، رغم أنه يحظى بتأييد كبير من عالم الفيزياء الهولندي جيرارد هوفد حائز جائزة نوبل للسلام.
والمشروع هو الأول من نوعه الذي يحدد تاريخا لإرسال بشر إلى سطح المريخ، فكل المهمات الفضائية حتى الآن انزلت على سطحه مسبارات أو روبوت.
وتعتزم الولايات المتحدة ارسال رواد إلى المريخ ولكن في رحلات ذهاب وإياب في طبيعة الحال، ويقتضي ذلك التوصل إلى تصميم مركبات قادرة على الإقلاع من كوكب المريخ للعودة إلى الأرض وهو ما لم تتوصل له التقنيات البشرية بعد. وعلى ذلك فان المهمة الأمريكية لن تتم على الأرجح قبل عشرين عاماً.

معلومات جديدة عن المريخ تُجدد آمال العيش على سطحه

«فيسبوك» يواصل التجسس وهذه هي الطريقة

Posted: 28 Apr 2018 02:02 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تستمر شبكة التواصل الاجتماعي الأشهر والأكبر في العالم «فيسبوك» في التجسس على المستخدمين من أجل استخدام بياناتهم في توجيه الإعلانات، على الرغم من الضجة التي أثيرت حول الشبكة في العالم مؤخراً، والانتقادات الواسعة لها، وبعدما تبين أن البيانات يتم تسريبها لشركات تقوم باستخدامها في إعلانات ذات أهداف سياسية أيضاً.
أما أحدث وسائل التجسس على المستخدمين، فهي التي كشفتها مؤخراً بعض التقارير الغربية، حيث يدرس موقع «فيسبوك» تصنيف السمات الشخصية لمستخدميه واستخدام المعلومات المتاحة حولهم لنشر إعلانات تستهدفهم.
وتوضح براءة اختراع قدمتها الشبكة الاجتماعية كيف يمكن تحديد خصائص الشخصية، بما في ذلك الاستقرار العاطفي، من خلال رسائل الناس وتحديثات الحالة.
ولا تزال شركة فيسبوك متورطة في فضيحة تتعلق بخصوصية مستخدميها بعد استخدام بياناتهم من قبل شركة للاستشارات السياسية، فيما تقول الشركة إنها لم تستخدم أبداً اختبار الشخصية في منتجاتها.
وتم تسجيل براءة الاختراع التي قدمت لأول مرة عام 2012 باسم مايكل نواك ودين إيكليز، فيما تبين أن نواك عمل في شركة فيسبوك لمدة 10 سنوات، بينما يُدرس إيكليز الآن في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وتم تحديث براءة الاختراع مرتين، كان آخرها عام 2016.
وكشفت شبكة «بي بي سي» البريطانية أنها اطلعت على رسائل بريد الكتروني مسربة من إيكليز وموظفين آخرين في شركة «فيسبوك» إلى علماء نفس في جامعة كامبريدج يناقشون فيها تحليل البيانات لاستنتاج السمات الشخصية للمستخدمين، والحديث عن استخدام مثل هذه الأبحاث لتحسين المنتج للمستخدمين والمعلنين.
وتقول براءة الاختراع إن المصادر المحتملة للبيانات يمكن أن تشمل «تحديثات الحالة، والملاحظات، والرسائل، والمشاركات، والتعليقات، أو أي اتصالات أخرى يمكن استخراج بيانات لغوية منها».
وتشير إلى أنه يمكن تخزين خصائص الشخصية في ملف تعريف المستخدم واستخدامها «لاختيار القصص الإخبارية أو الإعلانات أو توصيات الإجراءات المقدمة للمستخدم».
ونقلت «بي بي سي» عن إيكليز قوله، إن بحثه شمل مطالبة مستخدمي فيسبوك باستكمال استبيانات تطرح أسئلة شخصية، موضحا أن فيسبوك كانت تقف وراء هذه الاستبيانات.
واعترف أن «إعلانات علم النفس التسويقي التي تستهدف المستخدمين تثير بعض المخاوف الأخلاقية» لكنه قال إنه كان يشك في تطبيقها في أي وقت من الأوقات.

«فيسبوك» يواصل التجسس وهذه هي الطريقة

ثغرة أمنية جديدة تهدد الملايين من حاملي هواتف «آيفون»

Posted: 28 Apr 2018 02:02 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: اكتشف خبراء عاملون في مجال أمن المعلومات والتكنولوجيا، ثغرة أمنية جديدة تهدد الملايين من الأجهزة التي تحمل اسم «آبل» في العالم، بما فيها هواتف «آيفون» التي تعتبر الأوسع انتشاراً في سوق الهواتف الذكية على مستوى العالم.
وأكد خبراء من شركة «سيمانتيك» المتخصصة بأمن المعلومات أن الثغرة الأمنية التي تم اكتشافها مؤخراً يمكن أن يقوم القراصنة بواسطتها باختراق هواتف آيفون وكمبيوترات آبل اللوحية، وتسمح لهم بالوصول إلى بيانات تلك الأجهزة والمعلومات الموجودة في سحابة «آي تيونز» الالكترونية.
والأخطر من ذلك هو أن القراصنة يمكنهم استغلال هذه الثغرة للوصول إلى بيانات ومفاتيح شبكات الـ»Wi-Fi» المشبوكة مع الأجهزة المخترقة.
وأواخر العام الماضي اكتشف خبراء تقنيون ثغرة أمنية في نظام تشغيل «آبل» حيث قالت شبكة «إن دي تي في» إن الثغرة الموجودة في نظام تشغيل «آبل» الذي يحمل اسم «آي أو إس 11» يمكنها أن تفتح قفل أي هاتف «آيفون» بسهولة شديدة من خلال تقنية المساعد الصوتي الذكي «سيري».
وأشارت إلى أن الثغرة تظهر عندما يتلقى المستخدم اتصالاً هاتفياً على الجهاز، ويختار الرد عن طريق رسالة باستخدام الرموز التعبيرية، ويدخل أي 3 رموز أو صور تعبيرية، عندها ستفعل خدمة «سيري» فتح قفل الجهاز.
ورغم أن «سيري» في كثير من الأحيان تطلب كلمة المرور، إذا ما كان الهاتف مقفلاً، لكن مع تلك الحالة تتيح له بسهولة فتح الجهاز، والوصول إلى واجهة الرسائل، والوصول لجميع الصور الخاصة بالهاتف وقائمة الأصدقاء، وكل أسراره.
وكانت الولايات المتحدة أصدرت جملة من القرارات تقضي بوقف بيع عدد من الأجهزة والهواتف الذكية الصينية على أراضيها، مدعية أن «تلك الهواتف يمكن اختراقها بسهولة، واستغلالها لسرقة بيانات المستخدمين».
وذكرت مصادر مطلعة في سوق الهواتف الذكية أن الصين قد تتخذ خطوات مشابهة وتحظر بيع هواتف آيفون على أراضيها.
وحسب موقع «دايز إنفو» فإن «القرار قد تتخذه السلطات الصينية ردا على العقوبات الأمريكية التي منعت بيع بعض الهواتف الصينية على أراضي الولايات المتحدة».
ونقلت تقارير غربية عن محللين قولهم إنه «وفي حال طبقت الصين هذا القرار، ستتكبد شركة آبل خسائر فادحة، وستخسر ثاني أكبر سوق بالنسبة لها، ففي العام الفائت وحده، باعت الشركة أكثر من 243 مليون هاتف آيفون في الصين».

ثغرة أمنية جديدة تهدد الملايين من حاملي هواتف «آيفون»

كينيا: حظر الحجاب داخل إحدى الكليات الطبية

Posted: 28 Apr 2018 02:01 PM PDT

حظرت إدارة كلية كينيا للتدريب الطبي، على الطالبات المسلمات ارتداء الحجاب داخل حرم الكلية، بزعم أنه «ليس جزءاً من الزي الرسمي» للمؤسسة التعليمية.
وقال يوسف عبدالله، مسؤول بالمجلس الأعلى لمسلمي كينيا (غير حكومي) إنّ «المجلس على علم بما حدث في كلية التدريب الطبي، ويريد أن تبحث وزارة التربية والتعليم تلك القضية لتجنب التمييز».
وذكرت صحيفة «ذا ناشين» المحلية (خاصة)، الجمعة، أنه تم بالفعل منع دخول الطالبات المحجبات إلى كلية كينيا للتدريب الطبي (تابعة لوزارة الصحة).
ونقلت الصحيفة عن عدد من الطلاب أنّ «قضية زي الطالبات (المسلمات) بدأت منذ نحو شهرين، عقب تعيين نائب رئيس جديد للكلية تعهد بحظر ارتداء الحجاب، كونه ليس جزءا من الزي الرسمي».
ورفضت محكمة الاستئناف الكينية عام 2016، قرار المحكمة العليا القاضي حظر ارتداء الحجاب داخل المدارس الكينية بحجة أنه يشجع على «الانقسامات الدينية».

كينيا: حظر الحجاب داخل إحدى الكليات الطبية

المرأة الغزية تتصدر الصفوف الأمامية لمسيرة العودة

Posted: 28 Apr 2018 02:01 PM PDT

غزة ـ «القدس العربي»: في كل محطة من محطات الصراع الفلسطيني، تأبى المرأة الفلسطينية إلا أن تكون لها بصمة في كل ميدان من ميادين التضحية والكرامة، حيث شكلت في كافة مواقع الوطن نموذجا قوياً من الإصرار والتضحية، إضافة إلى المشاركة في كافة مجالات الحياة السياسية والقيادية، ودخلت بقوة إلى الثورة فاشتركت إلى جانب الرجال حتى أصبحت نموذجا ثورياً فريداً يعتز به. ولا تزال المرأة الغزية تسطر للعالم أروع صور الصمود والتحدي، من خلال مشاركتها إلى جانب الرجال في صد العدوان وانتزاع الحقوق المسلوبة وخير دليل على ذلك، الدور الكبير والواضح لها في مخيمات العودة على حدود قطاع غزة الشرقية، حيث لم تعد تجهز للمرابطين الطعام والشراب فحسب، بل أنها تزاحم الشباب للتقدم نحو الصفوف الأولية ومواجهة العدو بالمقلاع والحجارة، في خطوة للتعبير عن العزة والكرامة.
تصر نعمة الفيراني على الخروج بشكل يومي إلى إحدى مخيمات العودة شرق مخيم جباليا، لتكون بجانب اللواتي يرابطن داخل هذه الخيام. ورصدت «القدس العربي» أجمل صور الصمود والتحدي للمواطنة نعمة، وهي تحمل إحدى إطارات الكوشوك برفقة مجموعة من الفتيات وتحاول التقدم به إلى الخطوط الأمامية الخطيرة، المواجهة لقناصة الاحتلال الإسرائيلي التي لا تفرق بين شاب وفتاة.
تقول نعمة لـ«القدس العربي» أن المشاركة في مسيرات العودة لم تقتصر على الرجال فقط، بل أن النساء عليهن الخروج إلى آخر نقطة يمكن منها رؤية أراضينا المحتلة، فهذا واجب ديني ووطني الكل ملزم على المشاركة فيه. وأضافت «أن الهبة التي خرج بها الشعب الفلسطيني في غزة، أجهضت كافة الآمال والمخططات الإسرائيلية والتي تديرها جهات عربية خدمة لإسرائيل، وهذا أكبر دليل على أن الشعب الفلسطيني تم تهجيره بالقوة، وله الحق في العودة شاء من شاء وأبى من أبى».
وفى مشهد آخر يبرز أرادة المرأة على قهر المحتل وقناصته، سطرت أم باسل نموذجاً جميلاً في مواجهة المحتل وجهاً لوجه، حيث كانت في مقدمة الغزيات اللواتي شاركن في إلقاء الحجارة تجاه الجنود الصهاينة، ورفع الأعلام الفلسطينية على التلال الرملية المحاذية للسلك الفاصل.
وبعد أن أرادت أم باسل أخذ قسط من الراحة، تحدثت لـ «القدس العربي» عن دورها في الذهاب إلى مخيمات العودة ومشاركة الشباب في إلقاء الحجارة، وأكدت أنها تعرضت عدة مرات للإصابة والاختناق نتيجة إلقاء قنابل الغاز تجاه المتظاهرين بشكل كثيف خاصة من في الصفوف الأمامية، ولكن رغم حجم المخاطر التي قد تهدد حياتها، تأبى إلا أن تشارك في إعداد الشراب والطعام، ومن ثم تتقدم شرقاً لمواجهة الجيش بالحجارة هكذا تقول أم باسل.
في السياق بينت الناشطة الإعلامية في مخيم العودة الخاص بالنساء شرق حي الزيتون أم مصعب، أن مشاركة النساء في مسيرة العودة هي رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي بسلمية المظاهرات وتأكيد حق العودة للأرض التي هجرن منها، حيث تنظم في هذه المخيمات أنشطة ترفيهية وتاريخية وذلك وفق الطابع السلمي، ورغم ذلك نتعرض بين الفينة والأخرى لإطلاق النار وقنابل الغاز بهدف الإجبار على ترك الخيام. وأكدت أن اللجنة العليا ركزت على مشاركة المرأة وذلك لدورها الفعال في تاريخ القضية الفلسطينية، إضافة إلى حرصها على تأكيد الحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة في عقول كافة شرائح المجتمع صغاراً وكبار، وفي مقدمة كل ذلك حاجة المخيمات الماسة للمرأة في إعداد الطعام للمرابطين داخل الخيام والمنتفضين على الحدود. وأشارت إلى أن هناك استهدافا متعمدا للنساء المتواجدات على الحدود، حيث تعرضت قرابة 120 للإصابة إما بالرصاص الحي وأخريات بالاختناق، ولا تزال أعداد من تلك النساء داخل المستشفيات بحاجة للرعاية المتواصلة، نتيجة خطورة الإصابات التي تعرضن لها وخاصة الغاز المجهول إلى يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان.
وعلى حدود قطاع غزة الشرقية خمسة مخيمات منتشرة في مناطق مختلفة، وأقامت لجنة المرأة التابعة للهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة فعالية من بداية اليوم الأول تحت عنوان «راجع على بلادي» تدعو فيها المرأة للمشاركة، وذلك لإبراز دورها في هذا الحراك الوطني، حيث انظمت مئات النساء والفتيات إلى هذه المخيمات، ويشاركن بشكل يومي في الفعاليات وهن يحملن أعلام فلسطين، ويرتدين الكوفية وأخريات بالثياب التراثية المطرزة بألوان العلم الفلسطيني، في تحد لانتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي.

المرأة الغزية تتصدر الصفوف الأمامية لمسيرة العودة

إسماعيل عبدالهادي

متقاعدون ألمان يرشدون طالبي اللجوء اليافعين

Posted: 28 Apr 2018 02:00 PM PDT

مع تدفق أعداد كبيرة من طالبي اللجوء إلى ألمانيا في السنوات الأخيرة، اضطرت المنظمات التطوعية أن تتحمل الكثير من عبء مساعدة الوافدين الجدد على الاندماج. ومنظمة «سينو» هي واحدة من هذه المنظمات. تدير المنظمة مجموعة متنوعة من المشاريع المختلفة لمساعدة طالبي اللجوء، بما فيها مشروع «عرّابون للاجئين اليافعين».
في هذا البرنامج، يتم إيصال المتقاعدين الألمان بطالبي اللجوء اليافعين لكي يرشدوهم لمدة تتراوح بين سنتين وثلاث. يجتمع المرشد أو «العرّاب» بانتظام مع طالب اللجوء اليافع ويساعده في كل ما يحتاجه، كتعلم اللغة أو إتمام الأوراق البيرقراطية.
قبل أن يبدأ المتقاعد بمساعدة طالب اللجوء اليافع، يخضع لدورة تدريبية تساعده في ذلك. وحول ذلك تقول المتحدثة باسم المنظمة لاورا برامان لمهاجر نيوز: «المميز في عملنا هو أنه يتم إعداد كل متطوّع بأسلوب احترافيّ ليستطيع القيام بمهمّته، وذلك من خلال استشارات من قبل أخصائيين تربويين»، وتضيف: «إن الإعداد التربوي الاحترافي ودعم المتطوّعين له أهمية خاصة في مشروعنا».
وتقول المتقاعدة بيآتا بارتش، والتي انضمت للمشروع كمرشدة في عام 2016، إن الدعم الذي تقدّمه المنظّمة هو ما يجعل المشروع استثنائياً، وتضيف: «خضعت لدورة تدريبية مكّنتني من فهم كيفية مساعدة طالب لجوء يافع بشكل أفضل»، وتتابع: «عندما يصعب عليّ أيّ موضوع، هناك دائماً شخص ما في المنظمة يمكنه استشارته».
ودعم «العرابين» لا يقتصر على الدورة التدريبية، بل يمتد ليشمل اجتماعات منتظمة. تقول برامان: «يجتمع العرّابون مرة واحدة شهرياً لتبادل الخبرات، حيث يناقشون التطورات الفردية لدى طالبي اللجوء الذين يرشدونهم»، وتضيف: «في هذه الاجتماعات تقدم لهم إدارة المنظمة والأخصائيون التربويون بعض الاقتراحات، كما تخطّط معهم الخطوات المقبلة».
وانطلق مشروع «عرّابون للاجئين اليافعين» في عام 2015، ويوجد فيه حالياً 15 مرشداً. وتتلقى المنظمة العديد من الطلبات لرعاية طالبي اللجوء الشباب، وكي تستطيع أن تلبّي تلك الطلبات فإنها بحاجة إلى متقاعدين يرغبون في رعاية طالبي اللجوء، كما تقول المتحدثة باسم المنظمة.
يتم تمويل المشروع من قبل جمعية «Aktion Mensch»وهي جمعية تدعم الاندماج والمساواة، ويتمّ دعمها من خلال التبرعات الخاصة.
تقول برامان لا يوجد أي شرط بالنسبة للاجئين أو الحاصلين على الحماية الفرعية ليتمّ قبولهم في البرنامج، وتضيف أن طالبي اللجوء المسجلين حالياً هم من سوريا والعراق وإريتريا، وتتراوح أعمارهم بين 16 و22 سنة.
وقامت المتقاعدة الألمانية بيآتا بإرشاد اللاجئ العراقي صباح لمدة عامين. وقد كان صباح قد هرب مع أخيه الأكبر وعمته من العراق هرباً من تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بداعش، وقضوا حوالي شهرين على طريق البلقان قبل أن يصلوا إلى كولونيا. تقول بيآتا: «استغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يستطيع إخباري بقصته».
وترى بيآتا أن التعرف على صباح ومساعدته ليثبت قدميه في مجتمعه قد أثرى حياتها، إذ أنها كانت بعد تقاعدها عام 2014 تريد أن تقوم بنشاطات تطوّعية، ونصحها أحد الأصدقاء بالانضمام لمشروع «عرّابون للاجئين اليافعين».
وتقول: «لقد غيّرت (هذه التجربة) حياتي في بعض النواحي»، وتضيف: «لم أكن لأعرف أزمة اللجوء من دون خوض هذه التجربة. لقد جعلتني أدرك مدى قساوة القوانين الألمانية بالنسبة للعوائل التي مزقتها الحروب».
وقد تمكّن والدا صباح بعد طول انتظار من الاجتماع بابنهم في كولونيا، لكن شمل العائلة لم يلتئم بعد، حيث أن أخته التي تجاوز عمرها الـ18 عاماً في فترة الانتظار، لم يُسمح لها بالمجيء إلى ألمانيا. (dw)

متقاعدون ألمان يرشدون طالبي اللجوء اليافعين

مقلوبة فول

Posted: 28 Apr 2018 02:00 PM PDT

المقادير: دجاجة كاملة
3 كوب أرز
حمص، فول، بازلاء، جزر، ورق عنب حسب الرغبة
ملح
ملعقة فلفل
بهارات
زيت نباتي
زيت زيتون
مرقة الدجاج (ماجي)
شعيرية
لوز وبقدونس للتزيين

طريقة التحضير: نفرم البصل ونضعه في الزيت ونقلب. نضع الحمص والفول والبازلاء والجزر وورق العنب ونقلبها قليلا.
نضع الدجاج ونحرك المكونات مع بعض. نضيف البهارات والفلفل ومكعب مرقة الدجاج.
نضيف الماء ونترك الخليط يغلي مع بعض لمدة نصف ساعة.
ننقع الأرز بالماء الساخن.
عند التأكد من نضوج الدجاج نغسل الأرز جيدا ونحمر الشعيرية بزيت الزيتون ثم نضعها فوق الأرز ونضيف الملح والفلفل والبهارات ونحركها ثم نسكبها فوق الدجاج ونزيد الماء حتى يغمر الأرز.
نرفع النار تحت الأرز حتى تنشف الماء وبعدها نخفف النار جدا ونضع عليه كيسا أبيض حتى يساعد في الاستواء.
نقلي اللوز ونقطع البقدونس.
نسكب الطبخة في الطبق المخصص ونزينها باللوز والبقدونس.

مقلوبة فول

طبق الأسبوع

دراسة: أدوية للسكري والسمنة تساعد في الإقلاع عن المخدرات

Posted: 28 Apr 2018 02:00 PM PDT

خلصت دراسة علمية، إلى أن أدوية سبق أن وافقت عليها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA» لعلاج السمنة والسكري، يمكن أن تستخدم لعلاج إدمان الكوكايين والأدوية المخدرة.
وأجرى الدراسة باحثون في علم الأعصاب في جامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية «Neuropsychopharmacology» العلمية.
وأوضح الباحثون أن الكوكايين وأصناف أخرى من المخدرات، تعمل على دوائر «المكافأة الطبيعية» في الدماغ، ما يجعل الإقلاع عن تعاطيها بدون مساعدة علاجية، أمرًا صعبًا.
علاوة على ذلك، فإن معدلات الانتكاس تبلغ بين 40 و60 في المئة، على غرار معدلات الانتكاسة في الحالات المزمنة الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر من النوع الأول.
ودرس فريق البحث كيف يؤثر التعرض طويل الأمد للعقاقير مثل الكوكايين والنيكوتين والأفيونات الموصوفة طبيًا على الدماغ، وكيف لهذه التغييرات أن تزيد من الانتكاسة بعد الإقلاع عنها.
وفي دراسة أجريت على الفئران، اكتشف الباحثون أن الدوائر العصبية في الدماغ التي تلعب دورًا في البحث عن الطعام قد تتداخل مع تلك العوامل الرئيسية في تعاطي المخدرات.
واكتشف الباحثون أيضًا أن الأدوية المعتمدة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، لعلاج السمنة والسكري، والتي تنشط مستقبلات هرمون يسمى GLP-1 يمكن أن تقلل من الرغبة في البحث عن الكوكايين، وبالتالي تقلل من الانتكاسة عقب الإقلاع عن تعاطي المخدرات.
وهرمون GLP-1 يُفرَز في الجسم كرد فعل طبيعي على تناول الوجبات، وذلك للحفاظ على توازن الغلوكوز، كما يقوم هذا الهرمون بخفض مستوى الغلوكوز في الدم عن طريق تحفيز إفراز الأنسولين من خلايا بيتا المتواجدة في البنكرياس، ويقلل من حركة الأمعاء.
وأظهرت النتائج، أن تلك الأدوية خفضت بشكل ملحوظ من شغف الفئران التي أدمنت الكوكايين والأدوية المخدرة، في البحث عن المخدرات، كما قللت من معدلات انتكاسة الفئران وأعراض الانسحاب، بعد الإقلاع عن تعاطي المخدرات.
ووفقا للدراسة، فإن إدمان الكوكايين يؤثر على حوالي 900 ألف شخص سنوياً في الولايات الأمريكية وحدها.
(الأناضول)

دراسة: أدوية للسكري والسمنة تساعد في الإقلاع عن المخدرات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق