Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 29 سبتمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


كعكة بوتين ومخبز نتنياهو

Posted: 29 Sep 2018 02:20 PM PDT

أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرصاً متبادلاً على ترك التراشق اللفظي إلى رجال الصف الثاني، على مستوى وزيري الدفاع، بصدد إسقاط الطائرة الروسية «إيل ـ 20» في سماء اللاذقية؛ وذلك لأنّ التراشق الآخر، والأهمّ، توجّب أن يجري على صعيد أوسع، جيو ــ سياسي، بعيد عن العدسات والتصريحات الطنانة. ما يجمع بينهما، شخصياً في الواقع وقبل المصالح المشتركة، أكبر من أن تمسّ بنيانه واقعة واحدة تكدست فيها «سلسلة حوادث مأساوية وقعت بالصدفة»، حسب تعبير بوتين.
ذلك لا يعني أنّ «القيصر» المعاصر يمكن أن يبتلع المهانة العسكرية دون ردّ عسكري الطابع، حتى إذا كانت المضادات سوفييتية الصنع (صواريخ «سام» الشهيرة، دون سواها) هي التي أسقطت شقيقتها طائرة الاستطلاع السوفييتية، ولكن بإدارة ضباط النظام السوري ذاته الذي تدخل بوتين لإنقاذه من السقوط. ولهذا، ولأننا في روسيا ما بعد طيّ صفحة الاتحاد السوفييتي، سوف يتمثل الردّ في تزويد النظام بالجيل الأحدث من الصواريخ ذاتها التي ابتدأت تطويرها معامل الدفاع السوفييتية، سنة 1979. في عبارة أخرى، هذا استئناف بوسائل التكنولوجيا العسكرية لحروب التسلح (الباردة غالباً، الساخنة نادراً) التي انخرطت فيها واشنطن وموسكو طيلة عقود: الطائرة التي سقطت، بصاروخ سوفييتي الصنع، كانت سوفييتية الصنع أيضاً؛ والطائرة الإسرائيلية التي تسترت خلفها (حسب رواية وزارة الدفاع الروسية)، وتسببت في إسقاطها، كانت من طراز «إف ــ 16» أمريكية الصنع.
أمريكا المعاصرة والاتحاد السوفييتي المندثر، إذن، وعلى نحو يجبّ المسميات الجديدة لأنها نافلة على أرض الواقع، من جهة؛ ولأنّ بوتين يستأنف سياسة حول دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تنشقّ كثيراً عن الموقف السوفييتي الإجمالي، منذ أن حظيت موسكو بموقع الدولة الأولى التي تعترف بالدويلة الصهيونية في مجلس الأمن الدولي سنة 1948، من جهة ثانية. والفارق الأبرز، اليوم، تمثّله هذه العلاقات الشخصية الدافئة التي تجمع «القيصر» مع «بيبي»، وما أسفرت عنه من لائحة «خدمات جليلة» قدمتها القوات الروسية المحتلة في سوريا، خلال صولات وجولات المقاتلات الإسرائيلية في الأجواء السورية. لكنه فارق متعدد الأطراف في واقع الأمر، لا لأيّ اعتبار آخر سوى أنّ أمن دولة الاحتلال مسألة مقدسة لا نظر فيها ولا مساس بها، ودونها خرط مزيد من القتاد مع الولايات المتحدة، خاصة في عهد الإدارة الحالية.
والحال أنّ إعلان نتنياهو، شخصياً هذه المرّة وليس بلسان وزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، أنّ المقاتلات الإسرائيلية سوف تواصل عملياتها في سائر الأجواء السورية، وكلما اقتضت الحاجة، أمر لا يرقى إليه الشك؛ ليس لأنّ هذه المقاتلات تستهين بصواريخ «إس ــ 300» الجديدة، أو تمتلك وسائل التشويش عليها وتفاديها؛ بل ببساطة لأنّ الصواريخ سوف تظلّ، أغلب الظن، تحت أمرة ضباط روس، لديهم أوامر مشددة بتجنّب الاحتكاك مع الطيران الإسرائيلي، وعدم إعادة إنتاج «سلسلة حوادث مأساوية» جديدة. الأساس في التعاقد هو موافقة بوتين، شخصياً وخلال لقاءات متعددة مع نتنياهو، على أنّ الوجود العسكري الإيراني في سوريا لن يكون على حساب أمن دولة الاحتلال، ولن يشكل ترسانة الباحة الخلفية لتسليح «حزب الله»؛ فضلاً عن غبطة الكرملين، الضمنية، بكلّ ما يُقعد إيران في سوريا، لصالح المشروع الروسي في البلد.
ومنذ أن تدخل بوتين في سوريا، قبل ثلاث سنوات، كان المبدأ الناظم هو سعي موسكو إلى ترتيب تشغيل المخبز الكفيل بإنضاج كعكعة يتوجب أن يلتهمها الكرملين، منفرداً كلما أمكن ذلك، أو مع حصص ضئيلة يجري توزيعها على الآخرين، لكلّ حسب جهده وحضوره وأوراقه في الساحة؛ بما في ذلك إشراك دولة الاحتلال في تنظيف المخبز بين حين وآخر. فما همّ، في نهاية المطاف، أن تسقط طائرة استطلاع، بنيران صديقة، ضمن عملية إسرائيلية متفق على مبدأ تنفيذها العامّ… ما دامت تُضاف تلقائياً إلى نفقات إعداد الكعكة!

كعكة بوتين ومخبز نتنياهو

صبحي حديدي

تعليم اللغة العربية للناطقين بها

Posted: 29 Sep 2018 02:20 PM PDT

عندما تظل تطرح قضية اللغة، عامة، والعربية، بصورة خاصة، في الأقطار العربية، بشكل أو بآخر، فمعنى ذلك أننا ما نزال بمنأى عن تثبيت أقدامنا على أرضية العصر الذي نعيش فيه، وبعيدين عن الانخراط فيه. إن كل المجتمعات المتطورة في وقتنا الراهن حسمت نهائيا قضية اللغة التي تستعملها في المدرسة، والكتابة، والبحث العلمي… ونقيضها تلك التي ما تزال تبحث لها عن لغة. يتبدى لنا ذلك بجلاء في كون تلك المجتمعات تعتبر العنصر البشري أثمن رأسمال، وتعطي للتربية والتعليم أهمية قصوى في تشكيل هذا العنصر. وعندما نقول التربية والتعليم نقصد بذلك أساسا، وقبل الإقدام على تقديم المعلومات، أو تعميق المعارف، تعيين اللغة التي بواسطتها ينخرط بها الجميع في تمثل الأشياء والتفكير في مختلف جوانب الحياة. وبالمقابل نجد الدول التي تجرب في كل حقبة لغة من اللغات التي تعمل بواسطتها على تأهيل أولادها للتحصيل والإبداع، أو تعطي للغة ما قيمة «رسمية» وتعتبرها تمثيلا لهويتها، وفي الواقع تمارس غيرها أو تفرضها سيان، لا تولي أي أهمية للرأسمال البشري، ولا للتربية أو التعليم.
منذ أن بدأ يطرح في الأدبيات العربية، من خلال مساقات بعض المؤسسات العربية، مفهوم «تعليم العربية للناطقين بغيرها»، أو «تعليمها لغير الناطقين بها»، كنت أمج الاستعمالين معا، ويدفعني إلى طرح عدة أسئلة تتعلق بما هي العربية التي تقدم للأجانب؟ وما هي الأدوات والمناهج الموظفة في ذلك؟ وما هي مستويات ومدارج التعلم؟ وما هي الشهادات الدالة على تملك بعض مقومات هذه اللغة والمراحل التي يمكن أن يقطعها المتعلم للعربية ليكون قادرا على التواصل أو الكتابة بها؟ لم أكن معنيا بتعميق هذه الأسئلة، لأني كنت منشغلا بقضايا أخرى تتعلق باختصاصي، وفي ذهني صور عن اشتغالات المعنيين بالشأن اللغوي. وكنت أتمنى في الوقت نفسه أن نصل يوما ما إلى تحقيق ما صار واقعا في تعلم اللغات الثانية لدى الأمم التي تعتز بلغاتها وتعمل على تعلمها بطرق بسيطة وفعالة، لكل من يود ذلك. وبدا لي مع الزمن أنه بدل أن نتوجه إلى تعليم العربية للناطقين بغيرها، أو لغير الناطقين بها أن نتعلم الحجامة أولا في رؤوس «الناطقين» بها لأني، وهذه حقيقة يسلم بها الجميع، مسؤولين وتربويين، أسلم معهم أن وضعها أسوأ لديهم، وأن من يتعلمها من الأجانب، سواء كانوا ديبلوماسيين أو أكاديميين أحسن حالا منهم بكثير، ولم يكن لطرق التعلم العربية دخل في ذلك.
   فماذا نقصد بالعربية لغير الناطقين بها؟ فهل نقصد اللغات العربية كما هي متداولة في الأقطار العربية؟ أم نقصد العربية الكتابية، أو الفصحى، كما يطلقون عليها؟ فإذا كان الأمر يتعلق بالدوارج صح التعبير لاتصاله بالنطق، وهو ذو بعد شفاهي. وفعلا نجد بعض الأجانب من العديد من الدول الغربية يُبتعثون لتعلم الدارجة المغربية أو الأمازيغية مثلا. ويصبح هؤلاء بالمعاشرة والاتصال قادرين، ولو في مدة قصيرة، مع حصول الرغبة والإرادة، على النطق بها، بلكناتهم، والتواصل بها مع «الناطقين بها». ومتى أتيح لبعضهم العيش مدة طويلة في أحد الأقطار العربية يصبح قادرا على تجاوز لكنته، والتعرف على خصائص اللهجة التي يتعلمها. أما العربية الكتابية فلا يتعلمها الأجنبي إلا في قاعات الجامعة، وفي شعب اللغة العربية، ولا يمكن أن يتواصل أو يكتب بها، باعتباره صحفيا، أو ديبلوماسيا، أو أكاديميا إلا بعد سنوات من الدراسة والتحصيل.
   ما نقوله عن تعلم اللغة العربية الكتابية ينسحب على أي لغة أخرى. فالمهاجر المغربي الذي قضي عقودا في فرنسا مثلا، سيصبح قادرا على التواصل بالفرنسية «الشفاهية» المتداولة في الحياة اليومية في أدنى مستوياتها. ولكنه إذا لم يتعلم اللغة الفرنسية الكتابية لا يستطيع قراءة رواية، أو كتاب في اختصاص ما، بل ولا حتى على متابعة برنامج تلفزي يتناول قضية من القضايا التي يتحدث فيها المختصون. ينسحب هذا، أيضا، على أي عربي لم ينل حظه من تعلم العربية الكتابية رغم العلاقة الوطيدة بين الدوارج العربية والعربية. نعتبر تعلم العربية الكتابية في مدارسنا ومجتمعاتنا داخلا في نطاق «محاربة الأمية»، التي يمكن أن نعدها مدخلا لتعلم الكتابة. لكن الأمية أميات. فقد يتعلم العربي لغته، ويحفظ القواعد النحوية، وقد يتمرن على الإنشاء… ولكنه في نطاق منظومة تعلمية وتربوية واجتماعية سائدة تظل علاقته باللغة العربية علاقة محدودة وضيقة.
   نسمع في الكثير من اللقاءات والندوات وبرامج القنوات اعتذارات ممن ينتمي إلى أحد الأقطار العربية، من لدن مسؤولين وأكاديميين في اختصاصات متعددة، عن كونهم لا «يعرفون» العربية أو لا يتقنونها، لأنهم مهتمون بلغة أجنبية أخرى، ولذلك فهم سيتحدثون بالدارجة، أو بعربية غير سليمة، صارت لا تثير غير السخرية في الوسائط الشعبية الجديدة. نتحدث كثيرا عن تدني مستوى اللغة العربية، وعن قلة تداول الكتاب، أو انعدام القراءة لدى العرب، بالمقارنة مع الشعوب الأخرى، فمن أحوج بتعلم العربية؟  هل «الناطقون» بها أم الناطقون بغيرها؟
      إن قضية اللغة العربية الكتابية مزدوجة، وهي ذات بعد سياسي وعلمي. ولهما معا انعكاس اجتماعي. يكمن البعد السياسي في التأرجح بين الإقدام على جعلها لغة التدريس لكل المواد، أو لبعضها، أو التردد في جعلها لغة المدرسة. وهذا التأرجح دليل على غياب سياسة تعليمية قارة. والسبب في ذلك يعود إلى هيمنة الازدواجية اللغوية بين الدوارج والعربية، من جهة، وبين اعتبار العربية لغة الدين والهوية، والتي يمكن الاكتفاء بالإحساس على أنها دالة على الهوية، في الوقت الذي يتم التعامل فيه مع إحدى اللغات الأجنبية على أنها لغة العلم والتكنولوجيا والعصر! وهنا يبرز لنا طابع التبعية للآخر ليس فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن على المستويات كافة بما فيها التربوي والتعليمي. ويتأكد ذلك في كون كل دولة عربية تتبع «سياسة» خاصة تجاه اللغة العربية وطرق تدريسها، في غياب رؤية موحدة، كما هو الشأن في اللغات الأخرى. ورغم وجود مؤسسات عربية تعنى باللغة فمجهوداتها تظل حبيسة الرفوف والمكاتب، ولا تتحول إلى آليات عملية لتعلم العربية وتعميمها على الصعيد العربي.
    أما الجانب العلمي فيكمن في كون الدراسات اللغوية واللسانية العربية منشغلة بقضايا جزئية، ولم تنتقل إلى مستوى تقديم رؤية جديدة لتطوير النحو العربي، والصناعة المعجمية، بكيفية تجعل طرق تدريسها مؤسسة على تصور موحد، ومتدرج من الابتدائي إلى العالي. فمقررات تدريس اللغة العربية ما يزال بعضها تقليديا، وبعضها الآخر لا هو عصري ولا هو تقليدي. ورغم تطور الدراسات اللسانية العربية فهي ما تزال تغيب الاهتمام بالجانب الوظيفي في تعلم العربية وقواعدها وإملائها وصرفها.
   إن غياب رؤية سياسية يؤدي إلى غياب رؤية علمية، أو إلى تشجيعها، والعكس صحيح. ومن آثار ذلك على المجتمع التأرجح بين الاعتقاد النظري بأن العربية هي لغة الأقطار العربية، لكن عمليا يتوجه التصور العملي إلى الإيمان بأن اللغة الأجنبية هي اللغة التي ينبغي الأخذ بأسبابها لمواجهة العصر. وتلك هي الازدواجية التي لم يتم تجاوزها إيجابيا باعتماد العربية الكتابية أساسا، إلى جانب الاهتمام باللغات الأخرى.
تغييب العنصر البشري، معناه التقصير في التعليم، وعدم الإيمان باللغة العربية.
* كاتب مغربي

تعليم اللغة العربية للناطقين بها

سعيد يقطين

موسكو ـ تل أبيب: أزمة جدية أم سحابة خريف؟

Posted: 29 Sep 2018 02:19 PM PDT

كان طبيعياً أن تصدر عن موسكو ردود فعل غاضبة بعد إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية «إيل ـ 20» بمضادات تابعة للنظام السوري أثناء قيام الطيران الإسرائيلي بالإغارة على مواقع في منطقة الساحل السوري. وكان متوقعاً أيضاً أن تأخذ بعض الردود صفة ردعية تمثلت في تفعيل اتفاق قديم يتضمن قيام روسيا بتزويد النظام السوري بمضادات متقدمة من طراز «إس ـ 300»، والتلويح بالإغلاق الإلكتروني للأجواء السورية المتوسطية. لكن السؤال يبقى مطروحاً: أهذه بوادر أزمة جدية، أم سحابة خريف سرعان ما تتبدد؟
(ملف الحدث، ص 6 ـ 13)

موسكو ـ تل أبيب: أزمة جدية أم سحابة خريف؟

أسبوع جدلي حافل لاردوغان في نيويورك وألمانيا «العالم أكبر من 5»

Posted: 29 Sep 2018 02:18 PM PDT

 إسطنبول-«القدس العربي» ـ إسماعيل جمال: من مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إلى زيارته التاريخية لألمانيا، شهد برنامج الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أسبوعاً حافلاً بمواقفه وتصرفاته التي غالباً ما يتعمد أن تكون جدلية وتترك أثراً كبيراً في عالم السياسة والإعلام.
وبسبب الأزمة الكبيرة التي تمر فيها العلاقات التركية الأمريكية على خلفية رفض أنقرة حتى الآن الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برانسون، انصب التركيز والاهتمام على أي موقف قد يجمع اردوغان مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
ورغم المساعي الكبيرة التي استمرت لأسابيع من أجل عقد لقاء بين الرئيسين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، إلا أن هذه الجهود لم تنجح في الترتيب للقاء رسمي بينهما كان يؤمل منه أن يؤدي إلى إنهاء الأزمة المتصاعدة بين البلدين.
وبشكل غير مرتب له، لكنه ينم عن رغبة ثنائية في البدء بأي بادرة قد تساهم في تجاوز الخلافات، التقى اردوغان وترامب في «لقاء ودي وقصير» خارج قاعة الجمعية العامة، وقال رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية فخر الدين ألتون، أن «الزعيمان تصافحا وتجاذبا أطراف الحديث لفترة قصيرة بحضور عقيلتيهما».
وعن فحوى الحديث الذي دار بينهما، قال اردوغان لاحقاً: «كان مجرد لقاء ودي، ولم تتخلله أي مباحثات»، لكن وسائل الإعلام والمغردين الأتراك خاضوا لأيام في تحليل صور اللقاء متطرقين إلى تحليل لغة الجسد ونظرات الزعيمين، فيما أجمع أنصار اردوغان على أن «ترامب هو من بادر بمد يده لمصافحة اردوغان»، معتبرين أن ذلك «يعبر عن قوة موقف» رئيسهم.
ولاحقاً، لم يشارك اردوغان في عشاء دعا إليه ترامب زعماء العالم المشاركين في أعمال الجمعية العامة، ومنهم اردوغان، وبعد أن اعتبرت وسائل الإعلام التركية أن هذه الخطوة تعتبر مقاطعة واضحة لنظيره الأمريكي، قدم الرئيس التركي رواية أخرى مختلفة تماماً.
وشرح ما حدث بالقول: «ترامب قال نلتقي (لاحقا في مأدبة الغذاء التي دعا إليها)، وكنا نجلس في مائدة الغذاء في طاولات متجاورة، وكان يجلس على مائدته (ترامب) رئيس الدولة المصرية (عبد الفتاح) السيسي، لذا لم يكن من الوارد ذهابي إلى تلك الطاولة، حيث معروف انه يتم التقاط صور تذكارية لمثل هذه اللقاءات، وقد أوضحنا ذلك للجانب الأمريكي».
وفي حادثة أخرى، أظهرت مقاطع فيديو مشاهد لاردوغان والوفد المرافق له وهم يغادرون مقاعدهم بشكل جماعي أثناء إلقاء ترامب كلمته أمام الجمعية العامة، وهو المقطع الذي تداولته وسائل إعلام كبرى ومئات آلاف المغردين على أنه انسحاب لاردوغان احتجاجاً على كلمة ترامب وبسبب الخلافات بين البلدين.
لكن الجانب التركي الذي أبدى مجدداً حرصه على عدم تصعيد الخلافات مع واشنطن، قدم تفسيراً للأمر، مؤكداً أن ما جرى هو انتقال للوفد التركي إلى قاعة أخرى مجاورة للمنصة كي يستعد اردوغان لإلقاء كلمته التي كانت مبرمجة عقب كلمة ترامب مباشرة.
وطوال زيارته لنيويورك التي استمرت لأيام، لم يفوت اردوغان أي خطاب أو كلمة أو لقاء صحافيا إلا وأكد فيه مجدداً على شعاره «العالم أكبر من 5» في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كما تصدر المطالبين بتغيير النظام العالمي وإصلاح الأمم المتحدة، وهو الخطاب الذي يجلب له مزيدا من التأييد الشعبي في العالم العربي والدول الافريقية ويسبب له بالمزيد من المتاعب والخلافات مع واشنطن والدول الكبرى بالعالم.
مواقف اردوغان الجدلية انتقلت معه من نيويورك إلى ألمانيا، التي اتهمها فور وصوله إليها بإيواء صحافي متهم بالقيام بـ»عمل إرهابي» وذلك في إشارة إلى الصحافي جان دوندار، الذي حكم عليه القضاء التركي بالسجن لعدة سنوات بتهمة إفشاء أسرار الدولة قبل أن يتمكن من اللجوء إلى ألمانيا التي ترفض تسليمه لتركيا.
وقال الرئيس التركي من برلين: «عندما يتورّط صحافيون في أعمال إرهابيّة، وتكون محكمة تركية قد حكمت عليهم، كيف يُمكن للمرء أن يدافع عنهم؟»، مضيفاً: «أحدهم حُكم عليه بالسجن لخمس سنوات وعشرة أشهر. لقد تمكّن من الفرار من تركيا بحثًا عن ملجأ في ألمانيا»، مشيراً إلى أنه طلب من برلين ترحيل «العميل الذي كشف أسرار الدولة إلى تركيا».
والسبت، افتتح اردوغان مسجدا في مدينة كولن الألمانية تم بناؤه من قبل «الاتحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية» ليكون أحد أكبر المساجد في أوروبا عقب سنوات طويلة من الجدل حول الحصول على تراخيص بناءه وتصميمه وإدارته وأهدافه.
ورغم المحاولات القوية لأوروبا طوال السنوات الماضية من أجل وضع حد لشعبية اردوغان داخل دول الاتحاد ومنع التجمعات الكبرى المؤيدة له، استطاع اردوغان حشد الآلاف من الأتراك القاطنين في ألمانيا والجاليات الإسلامية هناك خلال افتتاح المسجد الذي سيتحول إلى أكبر المراكز الإسلامية في قلب أوروبا.

أسبوع جدلي حافل لاردوغان في نيويورك وألمانيا «العالم أكبر من 5»

منظومة إس ـ 300 تعكر أجواء العلاقات الروسية الإسرائيلية

Posted: 29 Sep 2018 02:18 PM PDT

أعلنت روسيا في 24 أيلول/سبتمبر عن قرارها نشر منظومة الدفاعات الجوية إس ـ 300 في سوريا حيث ستغطي تماما الأجواء هناك أمام الطيران الإسرائيلي وغيرها من البلدان. ووعدت إن المنظومات ستصل لسوريا في غضون أسبوعين، وجرى اتخاذ القرار بعد أن أدت مناورات للمقاتلات الإسرائيلية في الأجواء السورية إلى تعرض طائرة الاستطلاع إيل/20 الروسية لضرب الدفاعات الجوية السورية ما أسفر عن سقوطها ومقتل 15 عسكريا روسيا. وأدى الحدث إلى إثارة أزمة غير مسبوقة في العلاقات الروسية الإسرائيلية، منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1991 وسيكون من الصعب خفض التوتر في العلاقة بسهولة، وإعادة الثقة بين قيادة البلدين كما كانت عليه سابقا. وما فاقم الوضع ان إسرائيل لم تعتذر للجانب الروسي على دور طائراتها في مقتل ضباطها.
إن قرار القيادة الروسية نشر منظومة إس ـ 300 في سوريا لم يكن رد فعل سريع على إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية، وإنما تنفيذا لقرار كانت موسكو قد تبنته منذ زمن بعيد، وأجلته بطلب من إسرائيل. «بيد أن الوضع تغير الآن» كما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو. ويبدو أن روسيا لا تروم وحسب، تطبيع الوضع الداخلي السوري، وإنما أن تستعيد سوريا سيادتها وخروج كافة القوى الأجنبية منها. ولم تعد تطيق الغارات الإسرائيلية على سوريا، واستغلال تل أبيب الاتفاق الثنائي في هذا المجال بشكل مفرط وخطير. وأعلنت القيادة الروسية إن إسرائيل لا تمتلك الحق في شن الغارات على سوريا بحجة ضرب مواقع إيرانية، واعتبرته انتهاكا صارخا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة. وسيعتمد الموقف الروسي لاحقا على مدى التزام إسرائيل بالاتفاق المبرم بينهما، ولهذا فان وصول معلومات مخابراتية لاحقا لتل أبيب عن مرور قوافل أسلحة إيرانية إلى لبنان بالقرب من القواعد الروسية في شمال غرب سوريا، سيبين مدى صلابة الاتفاق بين تل أبيب وموسكو. وهل ستجازف إسرائيل بضربها، رغم إنها قد تطول العسكريين الروس والدفع بالوضع إلى حالة التأزم التام، أم التراجع عن ذلك، وهل ستجابه إسرائيل وسائل دفاع جوية من طراز جديد؟
ويرى عدد من المراقبين إن تسليم إس ـ 300 لدمشق وتفعيل الحرب الإلكترونية في المناطق المحاذية لسوريا هي أيضا رسالة تحذير إلى الولايات المتحدة، وتلك الدول التي شاركت سفنها وطائراتها في الغارات الصاروخية على سوريا في نيسان/ابريل الماضي، ردا على استخدام بشار الأسد، كما تقول، الأسلحة الكيميائية ضد المعارضة المسلحة.

الحسابات الروسية

وحسب المعطيات المتوفرة، سيتم إنشاء نظام إدارة موحدة لقوى ووسائل الدفاعات الجوية في جميع أنحاء سوريا، تدخل في إطارها وسائل الحرب الإلكترونية، ووسائل إطلاق النار. بمعنى سيتم إنشاء نقطة قيادة مركزية موحدة، سيتعرف السوريون في إطارها على الهدف، وفي الوقت نفسه سيتأكد الروس من هوية الطائرة المغيرة ويؤكدون للسوريين لمن تعود إن كانت للخصم أو لدولة صديقة مثل روسيا.
ويقول الخبير الروسي المعروف فيكتور موراخوفسكي، الذي يعتقد أن سوريا في حاجة إلى أربع وحدات دفاع جوية للسيطرة على أجوائها، إن الضباط الروس سيديرون الأنظمة في الفترة الأولى ومن ثم يجري تدريب السوريين عليها في غضون 3 أشهر، لذلك إذا قررت إسرائيل شن غارات على المواقع في سوريا فيمكن أن تصيب العسكريين الروس مما ستكون له نتائج خطيرة بالنسبة لكافة الأطراف. ووفق بعض المعطيات إن روسيا ستنشر حولي 100 رأس صاروخي، لان كل منظومة تحتوي على عدة صواريخ.
ولكن مواقف المراقبين العسكريين الروس والأجانب تباينت بصدد إمكانية نقل الأنظمة إلى سوريا في غضون أسبوعين. وضمن هذا السياق فسر رئيس الأكاديمية الجيوسياسية مدير دائرة العلاقات مع الدول الأجنبية في وزارة الدفاع الروسية سابقا الجنرال ليونيد ايفاشوف، عدم ثقته بنقلها إلى سوريا في غضون أسبوعين، كما وعد وزير الدفاع شويغو، في أولا: إن هناك حاجة لإعدادها للتصدير، حتى وان كانت لدى الجانب الروسي أنظمة جاهزة للعمل، والأهم في رأيه يتوجب تدريب الطاقم السوري الذي سيُدير هذه الأنظمة، في مراكز التدريب الروسية، وهذا يتطلب على أقل تقدير 4 أشهر. وبعد تصديرها ونصبها في مواقعها المطلوبة تبدأ عملية التدريب التي من المفترض إن تستمر لأكثر من نصف عام. بعض المراقبين أعادوا الأذهان إلى ان إيران احتاجت إلى عام لنشر مثل هذه الأنظمة في أراضيها. وثانيا: كما يرى الجنرال هناك عدد غير قليل من الشخصيات المؤثرة وصاحبة النفوذ في القيادة الروسية التي ترتبط بعلاقات وثيقة بإسرائيل، وستعمل كل ما في وسعها من أجل الحيلولة دون تنفيذ خطة نقل منظومة إس ـ 300 إلى سوريا.
ولكن هناك من عارض هذا الرأي. فقد نقلت صحيفة «موسكوفسكي كمسموليتس» الصادرة في موسكو في 26 أيلول/سبتمبر عن خبير عسكري كان في السابق آمرا لإحدى وحدات الدفاعات الجوية، قوله: بخصوص من سيدير منظومات إس ـ 300 في سوريا، يوجد هناك عسكريون محليون متدربون على إدارة المنظومة. مشيرا إلى أن عقدا كان قد اُبرم مع دمشق قبل عدة سنوات يقضي ببيعها منظومات إس ـ 300 ولكن تم فسخه بعد ذلك بطلب من إسرائيل، وفي إطار هذا العقد تلقى الضباط السوريون في روسيا دورة تدريب على إداراتها. وجرى تدريبهم لمدة 6 أشهر في إقليم لينينغراد. وهذا حسب رأيه يعني أن لدى الجيش السوري خبراء يتمكنون من إدارة كافة وسائل الدفاعات الجوية.

إسرائيل تتوعد

ورغم إن الجانب الإسرائيلي استقبل قرار موسكو بنشر منظومة إس ـ 300 بهدوء ظاهر، غير أنه لم يتمكن من إخفاء القلق الذي انتابه من القرار. وتوعد على لسان رئيس الوزراء ووزير الدفاع بمواصلة نهجه بضرب الأهداف التي تهدد أمن إسرائيل في سوريا، في إشارة إلى إيران وحزب الله. وتحدثت بعض المصادر الإسرائيلية وحتى الأمريكية على أن في مقدور إسرائيل إيجاد طريقة لاحتواء الأخطار التي تنجم عن منظومات إس ـ 300 وقامت باختبار طرقها على هذا النوع من الأنظمة أثناء المناورات في اليونان.
وتنم التصريحات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان، عن إن إسرائيل تأمل في العثور على اتفاق مع القيادة الروسية حول عمل أنظمة إس ـ 300. ورغم ما تردد عن أن روسيا رفضت استقبال الوفد العسكري الإسرائيلي رفيع المستوى الذي كلفه نتنياهو بزيارة موسكو وإطلاع الجانب الروسي على كافة تفاصيل التحقيق الإسرائيلي، إلا أن مساعد الرئيس الروسي أوشاكوف أعلن إن الاتصالات بين بوتين ونتنياهو سوف تستمر. ونقلت وسائل الإعلام عن مصدر في مجلس الأمن الوطني الروسي قوله: «ليس هناك خطر من نشوب نزاع مسلح بين روسيا وإسرائيل. ويبدو إن الطرفين في حاجة لبعضهما الآخر في المرحلة الحالية، ولكن مواقفهما مختلفة إزاء القضايا المفصلية في المنطقة بما في ذلك القضية الفلسطينية والنزاع في سوريا والموقف من إيران».
وهناك قراءة تقول إن التطورات المتعلقة بأنظمة إس ـ 300 تسير لحد الآن وفقا لخطة باشرت إسرائيل في تنفيذها (بالاتفاق مع الولايات المتحدة) خلال الأسابيع الماضية، حيث كثفت شن الغارات على سوريا. وإسرائيل استفزت الجانب الروسي من أجل نشر أنظمة إس ـ 300 في سوريا لمنحها ذريعة للدفع بالتطورات لاحقا نحو مجابهة عسكرية مع إيران، لتتوافق مع انطلاق الحملات الانتخابية سواء في إسرائيل أو في الولايات المتحدة لإعطاء ترامب، الذي يعد الرئيس الأمريكي الذي قدم ولاء أكبر لإسرائيل من بين كافة الرؤساء السابقين، فرصة لانتخابه في فترة ثانية.
وقالت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الصادرة 25 أيلول/سبتمبر: إن بيان وزارة الدفاع الروسية يشهد على إن القيادة العسكرية الروسية حازمة في توجهها. وحذرت من تداعيات نشر تلك الأنظمة بقولها: «إن العامل البشري يلعب دورا كبيرا في تطوير الأحداث خلال ظروف الحرب. وإذا ما ارتكب ضباط الدفاعات الجوية السوريين خطأً كالذي ارتكبوه بضرب الطائرة الروسية مؤخرا، لن يشرف الخبراء الروس على أدائهم مستقبلا، وهناك احتمال من أن تؤدي التطورات إلى اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط».
وتقول المراقبة السياسية المهتمة بشؤون الشرق الأوسط ماريانا بيلينكيا: «إن تطور الوضع يعتمد في القريب العاجل على النهج الذي ستتبناه واشنطن، التي تحاول استعادة المواقع التي فقدتها في الملف السوري». وأضافت: «إن إسرائيل ستحاول إشراك أمريكا للضغط على روسيا، لاسيما وان واشنطن أعربت عن عدم ارتياحها لنشر منظومة إس ـ 300 في سوريا، وحتما سيناقش الطرفان هذا الموضوع». وسارعت موسكو بالإشارة إلى عدم قبولها الضغوط عليها، وإلى استعدادها للتنسيق ولكن وفق شروطها. والسؤال هل أن الإسرائيليين مستعدون لذلك أم لا؟

منظومة إس ـ 300 تعكر أجواء العلاقات الروسية الإسرائيلية

فالح الحمراني

بعد إسقاط الطائرة هل ينهي ترامب الأزمة بين إسرائيل وروسيا؟

Posted: 29 Sep 2018 02:17 PM PDT

الناصرة ـ «القدس العربي»: رغم الأحاديث عن أزمة حقيقية كبيرة بين روسيا وإسرائيل نتيجة إسقاط الطائرة، فقد كشفت عن عمق التسهيلات التي منحتها موسكو لتل أبيب بضرب أهداف في سوريا، بادعاء أنه تتواجد فيها أسلحة إيرانية متطورة. ورغم التشكيك بكونها أزمة عابرة ازدادت في الأيام القليلة الماضية حدة الأزمة بين إسرائيل وروسيا بعد تحميل الأخيرة للأولى المسؤولية عن الحادثة، ورفض التحقيق الذي أجراه سلاح الجو الإسرائيلي حول هذه الحادثة، واتهامه بالكذب.
وأجمع المحللون العسكريون الإسرائيليون على أن الأزمة بين إسرائيل وروسيا «خطيرة وعميقة» ويدل على ذلك، بنظرهم، ثلاثة أمور أساسية: تحميل إسرائيل المسؤولية عن إسقاط الطائرة؛ إغلاق المجال الجوي السوري وخاصة في منطقة الساحل، حيث نفذت إسرائيل غارتها الأخيرة قرب اللاذقية؛ إعلان روسيا نيتها تزويد سوريا بصواريخ إس – 300 المضادة للطائرات المتطورة.
وحاولت إسرائيل تخفيف حدة هذه الأزمة بإرسال قائد سلاح الجو، عميكام نوركين، إلى موسكو، الأسبوع الماضي، بهدف توضيح الاستنتاجات التي توصل إليها التحقيق الإسرائيلي حول هذه الحادثة وتحميل سوريا وإيران وحزب الله المسؤولية عن إسقاط الطائرة. لكن المحلل العسكري في صحيفة «معاريف»، طال ليف رام، أكد أن زيارة نوركين لم تحقق «النتائج المرجوة».
وشدد ليف رام على أن «الأزمة مع الروس خطيرة وعميقة»، مشيرا إلى أنه «يتوقع أن يكون تأثير كبير لنصب بطاريات إس – 300 على عمليات سلاح الجو وعلى المجال الجوي في المنطقة». ورغم ذلك، فإن بطاريات إس – 300 لن توقف عمليات الطيران الحربي الإسرائيلي في سوريا، لكن «أهمية نصبها هي ما إذا كان الروس سيغيّرون توجههم الإستراتيجي حيال حق إسرائيل بالعمل ضد حلفاء روسيا في الحرب في سوريا».
والأمر الحاسم، حسب ليف رام، هو «مسألة حرية العمل التي تمنحها روسيا لإسرائيل». وفي رأيه فانه إذا شئنا أم أبينا، فإن إسرائيل متعلقة بروسيا بهذا الخصوص خاصة وإنها دولة عظمى عالمية وإسرائيل ليست كذلك. ويبرز هذا الأمر خصوصا مقابل ضعف الولايات المتحدة في المنطقة. ورغم أهمية الدعم الأمريكي لإسرائيل ضد الفلسطينيين، لكن أهمية الولايات المتحدة كانت دائما بقدرتها على توفير دعم لإسرائيل ضد دول عظمى أخرى. لكن مراقبين آخرين باتوا يشككون بقدرة الولايات المتحدة على تقديم مساعدة لإسرائيل بهذا المضمار خاصة بعدما اعترف رئيسها ترامب، بأنه لم يسمع كثيرا عن حادثة الطائرة، مما يعكس حقيقة اهتمامه بما يجري في سوريا وكل الشرق الأوسط.
واعتبر محللون آخرون، أن روسيا تعتمد الكذب والتضليل. وكتب المعلق نحوم برنيع، أنه «دائما كان للروس طريقتهم لاستعراض الحقائق وفقا لمصالحهم». ويقول برنيع انه حسب الروس فإن الأسد لم يستخدم السلاح الكيميائي أبدا والحديث عن استخدام كهذا هو دعاية غربية. ويتابع «كان يتعين على من يعرف هذه العقلية أن يدرك أنه ينبغي أن يدير هذه الأزمة من المستوى السياسي وليس العسكري. وإذا تقرر إرسال وفد إلى روسيا، توجب أن يكون فيه تمثيل مهني لسلاح الجو، وإبقاء المفاوضات لأشخاص حرفيين وللمستوى السياسي». واتهمت زميلته المعلقة سيما كادمان، نتنياهو بالتهرب من الأزمة مع روسيا ولذا أرسل وفدا عسكريا لموسكو رغم انها أزمة سياسية بامتياز.
في المقابل رأى المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان، أن نصب صواريخ إس ـ 300 في روسيا يعني أن أي طائرة إسرائيلية تحلق في وسط إسرائيل على ارتفاع عشرة آلاف قدم «ستكون مهددة عمليا». ولفت إلى أن روسيا زودت دولا أخرى بصواريخ كهذه، وبينها إيران وأذربيجان. ولفت أيضا إلى أن قوات إسرائيلية عملت في تفعيل منظومة إس – 300 إلى جانب جنود في دول اشترت هذه المنظومة.
لكن فيشمان أشار إلى أن «طريقة عمل سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في عمق الأراضي السورية ستكون معقدة أكثر». ورغم ذلك، فإن «مشكلة إسرائيل مقابل هذه الخطوة الروسية ليست عسكرية وإنما سياسية. فالتحديات في المستوى العسكري هي تكنولوجية وتكتيكية، وفي هذا الملعب إسرائيل جيدة بشكل لا يقل عن الروس». ويضيف «بل أن تدمير أهداف بشكل دقيق في الأراضي السورية يمكن تنفيذه بواسطة منظومة صواريخ وقذائف صاروخية. في مقابل ذلك، لا توجد لإسرائيل في الملعب السياسي إجابة جيدة على الشرخ الحاصل مقابل الروس. وقد تفقد إسرائيل أداة إستراتيجية هامة لمكانتها في الشرق الأوسط، وهي العلاقات مع الروس التي سمحت لها بحرية العمل في سوريا حتى الآن». ويرى فيشمان ان هذه العلاقات، التي بنيت وتمت صيانتها طوال السنوات الثلاث الأخيرة تلقت ضربة الآن. ولم يتضح بعد حجم الضرر. والروس لا يريدون، حتى الآن، التحدث مع إسرائيل حول مستقبل العلاقات.
وتابع فيشمان أن إسرائيل ستواجه مشكلة في قصف بطاريات إس – 300 في سوريا، وهي مشكلة سياسية. «فعندما تتلقى طائرة مقاتلة إسرائيلية أمرا بتدمير إس – 300 في الأراضي السورية، سيكون واضحا لمن يصدر الأمر أنه يجلس في هذه البطارية روسُ كمشغلين ومرشدين. ويعني ذلك الدخول في مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي». واعتبر فيشمان أن تزويد روسيا لسوريا هذه المنظومة وليس صواريخ أس -400 الأكثر تطورا، «يلمح إلى أن الروس ما زالوا يلجمون أنفسهم».
ووفقا لفيشمان، فإن علاقات إسرائيل وروسيا هي «أحد عناصر القوة الإستراتيجية الإسرائيلية في الشرق الأوسط». ويعتقد انه عندما يتنكر الروس للعلاقات مع إسرائيل فإن هذا يضعفها، إذ أن هذا يعني إعطاء ضوء أخضر لجهات معادية، مثل إيران، لاستغلال الفترة القريبة من أجل أن تنقل إلى لبنان أسلحة تنطوي على إشكالية بالنسبة لإسرائيل، مثل صواريخ دقيقة وصواريخ مضادة للطائرات.
وستضطر إسرائيل إلى أن تقرر ما إذا كانت ستواصل سياستها (بضرب قافلات الأسلحة) وتخاطر بتعميق الأزمة مع الروس، أم أنها ستستقيم مع الخط الروسي.
كذلك شدد المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم»، يوءاف ليمور، على أن إسقاط الطائرة الروسية، قبل أسبوع، «كان حدثا تكتيكيا، ووجدت إسرائيل نفسها الآن في أوج أزمة إستراتيجية يمكن أن تؤثر على مستقبل الجبهة الشمالية. وهجمة الرسائل الروسية في الأيام الأخيرة لا تُبقي مكانا للشك حتى لدى المتشائلين في إسرائيل، الذين اعتقدوا أن الحديث عن خطأ سيعبر سريعا. ووزير الدفاع الروسي شويغو لا يعمل في فراغ، فهو إحدى الشخصيات المحبوبة في روسيا، وخطواته منسقة بالكامل مع الرئيس بوتين».
وأضاف ليمور أن «روسيا ليست إلى جانب إسرائيل، ولم تكن كذلك أبدا. إنها تقف إلى جانبها، مع ميل بارز إلى جانب سوريا، حليفتها وتوفر لها الأمن كي تتمتع بالمستقبل بثمار إعمارها الاقتصادي». وتابع «ليس واضحا ما إذا كانت الخطوات الروسية ستخرج إلى حيز التنفيذ، لكن ينبغي أن تثير قلقا كبيرا في إسرائيل، خاصة على خلفية الأجواء القتالية الماثلة خلفها. فالروس لم يحبوا أبدا العمليات الإسرائيلية في سوريا، لكنهم كانوا مستعدين حتى الآن لغض الطرف عنها. والآن هي مصرة على أن تظهر من هو صاحب الكلمة في الجبهة الشمالية، ويعلمها أنها تمس مباشرة بأمن إسرائيل». ورأى ليمور أن أكثر ما يثير القلق ليس نصب صواريخ إس – 300، وإنما يجب أن يكون تجاه «التصريح غير المفسر بسدّ موجات البث اللاسلكي بحيث تقيّد الطائرات المهاجمة من منطقة البحر المتوسط». موضحا ان سلاح الجو الإسرائيلي يستند إلى تقنيات متطورة، والأسلحة التي يطلقها، خاصة في هذه الهجمات، دقيقة وتعتمد على GPS .
ويضيف «ليس واضحا ما الذي يخطط له الروس، ومدى صمود الأجهزة الإسرائيلية ـ الأمريكية أمامهم، لكن هذا تهديد يجب أخذه بالحسبان ليس فقط لأنه سيدخل روسيا وإسرائيل إلى مواجهة مباشرة، وإنما لأنه ينطوي على احتمال تشكيل خطر على حياة الطيارين الإسرائيليين وتشويش أجهزة وإفشال عمليات هجومية». وأشار إلى أن «تبعات إسقاط الطائرة سترافق العمليات الإسرائيلية في الشمال في المستقبل المنظور. ولا شك في أن طهران ستحاول وضع مصاعب أكبر أمام إسرائيل وتوريطها مع الروس مرة أخرى».
وهاجم المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وكتب أن «نتنياهو غير قادر على جعل هذه المشكلة مع الروس تختفي».
ورأى أنه «يبدو حتى الآن أن الخطوات الروسية ستكون بتقييد كبير لحرية العمل الإسرائيلية في سماء سوريا». ولفت إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي تدرب على مواجهة صواريخ إس – 300 التي باعتها روسيا إلى قبرص وصواريخ كهذه موجودة بحوزة اليونان أيضا. وعلى الأرجح أن سلاح الجو قادر على إيجاد أساليب عمل تقلص الخطر من هذه المنظومة.
في ما يتعلق بالتصريحات الروسية حول مسؤولية إسرائيل عن إسقاط الطائرة، أشار هرئيل إلى أن روسيا توجه اتهامات للجيش الإسرائيلي، بينما لا تذكر المستوى السياسي الإسرائيلي، باستثناء ادعاء عام حول السياسة الهجومية الخطيرة التي تنتهجها إسرائيل في سوريا.

بعد إسقاط الطائرة هل ينهي ترامب الأزمة بين إسرائيل وروسيا؟

وديع عواودة

واشنطن تعتبر نظام الدفاع الصاروخي الروسي تهديدا للمصالح الإسرائيلية

Posted: 29 Sep 2018 02:17 PM PDT

واشنطن ـ «القدس العربي»: وصلت أهداف إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في سوريا إلى مهمة واحدة فقط، هي الدفاع عن المصالح الإسرائيلية التي تركز على منع تزايد النفوذ العسكري الإيراني ومنع الجماعات الموالية لها من اقتناء صواريخ متطورة.
ولم تتدخل روسيا ضد المهمة الأمريكية – الإسرائيلية المشتركة في سوريا ضد إيران، بما في ذلك العمليات التي استهدفت القوات الإيرانية مثل قتل ضباط الحرس الثوري في تموز/يوليو الماضي وتدمير مركز الحرس، ولم ترد موسكو على التصريحات الاستفزازية لمستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي قال أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يود ان يرى الإيرانيين يغادرون سوريا ولكنه يفتقر إلى النفوذ اللازم للتخلص منهم.
واتضحت السياسة الامريكية أكثر في الدفاع عن المصالح الإسرائيلية عندما أعلن بولتون، أن الولايات المتحدة ستبقى في سوريا التي مزقتها الحرب طالما كانت هناك قوات إيرانية أو وكيلة عن طهران، وأصبح من الواضح ان واشنطن لم تعد تهتم بكيان ديمقراطي سوري أو إنعاش المعارضة إلى مرحلة قد تؤهلها لمقاومة مرة ثانية، نظام الأسد.
وتغيرت قواعد اللعبة تماما مع إسقاط الطائرة الروسية وتسليم الأنظمة الصاروخية المتطورة للدفاعات السورية إلى حد القول، وفقا لتعبير العديد من المحللين الأمريكيين، ان الحرب الأكبر في سوريا في طور الإختمار، وهي على الأغلب، ستكون بين إسرائيل وإيران، إذ ان الرد الروسي على فقدان طائرته سيقرب من هذه الحرب بدلا من تأجيلها، وان هذا الأمر قد يعرض بطريقة ما قدرة روسيا على البقاء في سوريا للخطر. في حين ظهرت وجهة نظر مختلفة من مجموعة أخرى من المحللين تقول ان تسليم النظام الدفاعي الصاروخي هو انتصار لرئيس النظام السوري ولكنه، ولا يمثل إلا تهديدا محدودا لإسرائيل.
وقالت الولايات المتحدة أن تسليم نظام دفاعي صاروخي روسي إلى النظام السوري هو تصعيد خطير، وصرح بولتون، ان الإدارة الأمريكية تعتقد أن تزويد سوريا بنظام إس ـ 300 سيكون تصعيدا خطيرا من جانب الروس، معربا عن أمله في ان تعيد موسكو النظر في القرار.
لماذا تهتم الولايات المتحدة؟ لا يعد نظام إس ـ 300 الأكثر تقدما عند الروس ولكنه يمثل «ترقية» لسوريا يمكن ان تشكل تهديدا أكبر للطائرات الإسرائيلية، كما يمكن أن تحد من حركة الطائرات الأمريكية الموجودة في سوريا، والتي تقاتل تنظيم «الدولة الإسلامية». كما ان النظام الصاروخي الجديد سيقلل من الخيارات المتاحة للولايات المتحدة إذا قررت القيام بضربة أخرى على النظام السوري.
وكانت روسيا أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها ستعطي النظام السوري المنظومة الصاروخية المتطورة بعد إسقاط نظام الدفاع السوري الحالي لطائرة روسية عن طريق الخطأ، وألقت روسيا اللوم في الحادث على معلومات مضللة من سلاح الجو الإسرائيلي.
وقال بولتون، وهو من المدافعين بشدة عن المصالح الإسرائيلية في الولايات المتحدة، «لدينا قوات أمريكية هناك نشعر بالقلق بشأنها، وللإسرائيليين الحق المشروع، في الدفاع عن النفس ضد السلوك الإيراني العدواني، وكل ما نحاول فعله هو الحد من التوتر، والحد من امكانية وقوع أعمال عدائية كبيرة جديدة».
وأضاف انه لهذه الأسباب تحدث ترامب في هذه القضية، وقال «لذلك نعتبر إدخال إس ـ 300 خطأ كبيرا». وعندما سئل وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، عن تصريحات بولتون، أجاب ان مهمة الجيش هي هزيمة «داعش» وضمان عدم عودة الجماعة الإرهابية إلى الظهور، ولكنه اضطر إلى الاعتراف بعد ضغوطات من الإعلاميين انه على «الصفحة نفسها» مع بولتون. أما وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، فقال، في وقت سابق، إنه واثق جدا من أن القضية ستبحث مع نظيره الروسي في الأمم المتحدة، ولكنه لم يكشف بعد ذلك عن فحوى النقاش وما إذا كانت هناك نقاط اتفاق لحل القضية.
وجاءت هذه التطورات وسط تزايد التوتر بين مختلف اللاعبين في سوريا مع استعداد الولايات المتحدة وحلفائها للرد على أى هجوم محتمل بالأسلحة الكيميائية على قوات المعارضة المتبقية في إدلب.
وقال محللون أمريكيون ان تسليم الدفاعات الجوية الروسية لسوريا يهدد بتوسيع الحرب، لأن هذه الأنظمة المتقدمة قد تسمح بنطاق أوسع للصراع مع إسرائيل، ولاحظوا ان التسليم يشير إلى ميل الجيش الروسي للوقوف إلى جانب إيران ضد إسرائيل، وهو لا يعتبر جزءا من نهج الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تجاه الشرق الأوسط أو نهج مستقبل روسيا.
وأشار العديد من المحللين إلى ان تسليم الدفاعات الجوية يتجاوز سياسة إنقاذ النظام السوري بمسافات، حيث أنقذت موسكو نظام الأسد من الانهيار من خلال جلب القوة الجوية وتشجيع إيران على استعراض العضلات في القتال البري، كما اتفقت مع إسرائيل على نظام يحافظ على بعض الخطوط الحمراء من أجل تجنب صدام.
وقال محللون إن روسيا دخلت في مغامرة ضخمة في سوريا بهذا التحرك، فهي تعزز بشكل كبير شكل نهاية الحرب الأهلية التي مضى عليها سبع سنوات ولكنها قد تؤدي إلى صراع أوسع إذا حدث صدام في المجال الجوي السوري نتيجة مقاومة فعالة ضد الاختراقات الإسرائيلية المتكررة.
وقال خبراء استخبارات، ان النظام الروسي سيكون تحت السيطرة الأسمية لقوات النظام الروسي ولكن من المؤكد تقريبا ان الأصابع الروسية هي التي تضغط على الزناد. ومن المؤكد أيضا ان الحرب الطويلة والمريرة في سوريا قد دخلت مرحلة جديدة، ربما أكثر خطورة بالنسبة إلى الأمريكيين والإسرائيليين، وقد يؤدي هذا التحرك الروسي إلى تسريع الحرب الشاملة وإجبار مختلف اللاعبين على التراجع والتوسط على مصالحهم من خلال موسكو.
في نهاية المطاف، لا أحد يعرف مدى فعالية الدفاعات الروسية الصاروخية في منع التوغلات الروسية أو إحباط الهجمات الأمريكية، ولكن لا أحد، في الوقت الحاضر، بمن فيهم الجانب الأمريكي يود اختبار النوايا أو القدرات الروسية.

واشنطن تعتبر نظام الدفاع الصاروخي الروسي تهديدا للمصالح الإسرائيلية

رائد صالحة

ما بين روسيا وإسرائيل أعمق من حادثة سقوط طائرة «إيل – 20»

Posted: 29 Sep 2018 02:16 PM PDT

مشهد روسيا الغاضبة عقب إسقاط طائرة «اليوشين- 20» بنيران الدفاعات الجوية السورية أثناء غارة إسرائيلية على اللاذقية طبيعي قياساً إلى حجم الصدمة. فإسقاط طائرة استطلاع حديثة متطوّرة ومجهزة بأحدث وسائل التكنولوجيا وتقنيات التشويش، يضعها الروس في موازاة طائرة «الأواكس» الأمريكية، ومقتل طاقمها المؤلف من نخبة من الخبراء الإلكترونيين، يُعد ضربة قاسية ومذلة تصيب في الصميم كبرياء قيادة وشعب يعيش على الدوام حلم استعادة أمجاد الماضي، منذ زمن القياصرة إلى عظمة الاتحاد السوفييتي.
بدا واضحاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تعليقه الأول، سعى إلى وضع الحادثة في حجمها الطبيعي، حين عزا أسبابها إلى مصادفة سلسلة أحداث مأساوية وأخطاء. موقفه أتى من أن الطائرة الإسرائيلية لم تتعمّد إسقاط «إيل – 20» كما حصل في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 يوم أطلقت مقاتلة تركية من نوع «إف-16» صاروخ «جو – جو» على قاذفة «سو-24» بشكل متعمّد بحجة دخولها المجال الجوي التركي. لكن ما أثارته هذه «الكارثة» من غضب في الجيش وأسئلة عن طبيعة إجراءات الحماية وفعاليتها آلت إلى اتخاذ منحى تصعيدي وهجومي حيال إسرائيل من أجل امتصاص الصدمة ووقعها وآثارها على معنويات الداخل الروسي.
كان لا بدّ من ردٍ على «التصرّف الإسرائيلي» يتماشى مع حجم «الحدث»، فجاء عبر إعلان موسكو عن عزمها تسليم سوريا منظومة إس – 300 للدفاع الجوي، بغية تعزيز حماية الأجواء السورية وتأمين عمل سلاح الجو الروسي فيه. الحرص الإسرائيلي على أن الإجراءات الروسية لا تستهدف «الشركاء الإسرائيليين» وأن المنظومة ستكون بيد خبراء روس كفيل برسم حدود التداعيات. لا حديث عن قطع العلاقات الدبلوماسية أو وقف «آلية عدم الاشتباك» التي أرساها الطرفان عام 2105 مع انخراط الجيش الروسي في أحداث سوريا، بهدف تفادي الحوادث العسكرية.
تُشكّل الحادثة بلا شك اختباراً للعلاقات، لكنه اختبار سيُظهر في النهاية استراتيجية العلاقة. كل من الجانبين يتعامل ضمن السقوف المقبولة إلى أن تمرّ «غيمة الصيف». الرهان من قبل إيران – النظام السوري- «حزب الله» على خطوات تُهدد بانهيار العلاقة هو خطأ كبير في الحسابات، وأقرب إلى السراب. العلاقة بين روسيا وإسرائيل لا تنسفها «حادثة» مهما بلغت حراجتها، فالتنسيق الأمني بين الجانبين عميق جداً، ويكفي للدلالة عليه ما كشفه المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية عن حجم التزام بلاده بالاتفاقات مع إسرائيل وعدم استخدامها منظومات الدفاع الجوي المنتشرة في سوريا، حتى في الحالات التي كانت فيها الغارات الإسرائيلية تُشكّل تهديداً محتملاً لسلامة الجنود الروس، وما قدّمه من جردة هو – حسب تعبير المتحدث – بمثابة «الوثيقة» لتلك العلاقة الحضارية، ولهذا التحالف السياسي والعسكري والأمني الذي يتماهى في نهاية المطاف، مع أبعاد الاستراتيجية الإسرائيلية – الأمريكية.
وبوتين في نظر متابعين للشأن الروسي، يُعتبَر الضامن الأوّل لأمن إسرائيل. المحفظة المالية الروسية هي بيد اليهود، سواء البنك المركزي أو القطاع المصرفي، وهم يسيطرون على المواد الرئيسية من نفط وغاز والماس، ويُمسكون بالاقتصاد مركز ثقل الدولة وسلاحها المؤثر. روسيا، الغارقة في أزمات اقتصادية وتحدّيات أمنية في الداخل ومن حولها في دول الاتحاد السوفييتي السابق، لا تأتمن سوى جانب الحليف الإسرائيلي الموثوق لديها. علاقات بوتين مع تركيا وإيران هي علاقات من نوع آخر لا تصل إلى مستوى التحالفات الاستراتيجية الكبرى التي يطيب لـ «القيصر» أن تصل إلى مرتبة تلامس مستوى العلاقة بين أمريكا وإسرائيل!
ما هو لافت في مجريات الحادثة ذهاب التحقيق في اتجاه التنقيب عما إذا كان الخطأ السوري مقصوداً. ثمة موقوفون سوريون لدى الروس في إطار التحقيق. الشكوك يتم ربطها بـ «فرملة» معركة إدلب التي أفضت إليها القمة الروسية – التركية، والتي كان النظام السوري والإيرانيون يستميتون للقيام بها. بالطبع روسيا كانت متحمسة للمعركة، لكنها في حسابات العلاقة مع تركيا عدّلت من موقفها، وأخذت في الحسبان الموقف الدولي الرافض لما يمكن أن تتركه من نتائج وتداعيات على أوروبا وأمنها، وحتى على الأمن العالمي.
وإذا كان الرهان على أن نشر منظومة إس – 300 سيُعيق حركة إسرائيل في ضرب أهداف لإيران و»حزب الله»، فإن تل أبيب أعلنت أنها ستواصل عملياتها في المنطقة، آخذة في الاعتبار تلك الخطوة الروسية. ولم يأت الإعلان الإسرائيلي بهدف تصعيد الموقف أو الصدام مع موسكو، بقدر ما هدف إلى إرسال رسالة إلى «الأعداء» كي لا يُخطئوا في الحسابات. حتى أن الموقف الروسي حول نشر منظومات «كراسوخا» الروسية للتشويش جرى إيضاحه بأنه يندرج في إطار حماية مناطق تمركز القوات الروسية، سواء أكانت طائرات مسيّرة أم طائرات أم صواريخ موجهة عالية الدقة. ما جرى في السابع عشر من أيلول/سبتمبر لن يُغير في مجرى اللعبة في سوريا. روسيا يهمها في هذه اللحظة العمل على التوصل إلى تسوية للنزاع السوري، بحيث لا تؤدي إطالة أمد عدم الاستقرار السياسي إلى تعريض قواتها المنتشرة على الأرض للخطر. وهي كذلك ليست في وارد فتح اشتباك مع أمريكا ولا مع قوات التحالف الدولي. فـ «القيصر» يدرك حدود اللعبة والمخاطر والخطوط الحمر، غير أن ثمة مَن يتخوّف من أن تكون ردة الفعل الروسية على حادث سقوط الطائرة عبر قرار نشر منظــــومة التشـــويش «دعسة ناقصة»، بحيث تكون موســـكو قد وقـعـــت في «الـــفــخ»، إذا اتخـــذت المواجـهـــة الروســية – الأمريكية أو عملية ليّ الأذرع عنوان الحرب الإلكترونية.
كل من موسكو وتل أبيب يتفهم الحاجة إلى حفظ ماء الوجه. ستمر العلاقة بأقل الخسائر الممكنة حتى ولو شابها بعض «جفاء الضرورة». لكن لا يغيب عن البال أن روسيا تنظر إلى إسرائيل على أنها الشريك «ذو القيمة الكبرى» ولا سيما حيال العلاقة مع أمريكا.

ما بين روسيا وإسرائيل أعمق من حادثة سقوط طائرة «إيل – 20»

رلى موفّق

إيران في سوريا: الإعمار أم حرب تعم المنطقة؟

Posted: 29 Sep 2018 02:16 PM PDT

يبدو أن الأزمة بين روسيا وإسرائيل بشأن إسقاط طائرة استطلاع روسية بالدفاعات السورية لن تنتهي قريباً، وستكون لها تداعيات تأمل إيران أن يدفع استمرارها إلى تغيير قواعد الصراع الإيراني الإسرائيلي في سوريا لصالح «محور المقاومة» حتى مع وجود مساع أمريكية لتخفيف حدتها.
وإذ تضع إيران هذا الحادث ضمن المحاولات الإسرائيلية المستمرة للتأثير على مسار التطورات الميدانية على الأرض وعرقلة تحقيق الانتصار النهائي ومنع سوريا وحلفائها من استعادة ما تبقى من أراض من المعارضة المسلحة، خصوصاً إدلب إذ تنظر إيران إلى مصير إدلب، في السياق الطبيعي لتواجدها العسكري في سوريا باعتبارها الخط الأول للدفاع في مقابل إسرائيل فيما لو فكرت في شن اعتداء عليها، ولهذا تعتبر معركة إدلب آخر المعارك المصيرية في سوريا وأنها ستكون سبباً في حسم الكثير من المعادلات المرتبطة، ليس بمستقبل سوريا فحسب بل وستشمل أيضاً مستقبل دورها الإقليمي كاملاً فضلاً عن تحقيق جُملة المصالح الجيوسياسة في عموم منطقة الشرق الأوسط.
ورغم التنافر بين الطرفين، يعكس تقديم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشكر لإيران في إطار شكره روسيا وسوريا وتركيا أيضاً للتوصل إلى اتفاق إدلب، اعترافاً أمريكياً لافتاً بالدور الإيراني في سوريا، وأن هناك تفاهماً يمكن تطويره ليصل إلى مفاوضات مباشرة وحلول للمسائل العالقة في المنطقة كلها وهو ما يتناقض مع تصريحات أخرى تصدر عن مسؤولين أمريكيين آخرين، منها بالطبع قول مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي جون بولتون إن إيران مسؤولة عن هجمات في سوريا ولبنان وإسقاط الطائرة الرّوسيّة، وقوله «القوات الأمريكية ستبقى في سوريا طالما بقيت القوات الإيرانية خارج حدود إيران».
ولم يمنع هذا التصريح وأخرى وصفت بالعدائية أطلقها بولتون تجاه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، من تأكيد قادة طهران أنهم سيبقون في سوريا حتى الانتهاء من الحرب على الإرهاب وبعد تحرير كافة الأراضي السورية من «القوات الأجنبية» في إشارة إلى القوات الأمريكية التي وصفها علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيراني الأعلى للشؤون الدولية بالقوات «المحتلة».
وبات واضحاً أن موقف إيران العسكري على الأرض كما تشير التصريحات الرسمية، ما عاد كما كان عليه قبل إعلان روسيا أنها ستمد سوريا بنظام صواريخ إس – 300 أرض جو، رغم اعتراض إسرائيل بقوة، بعد اتهام موسكو لإسرائيل بالمسؤولية غير المباشرة عن إسقاط الطائرة، ما ينبئ بخلق وضع خطير بين إسرائيل وإيران في سوريا وقال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إن استمرار اعتداءات الكيان الصهيوني على سوريا سيواجه ردود فعل تجعله نادماً.
وفي المقابل كان حسن نصر الله أمين عام حزب الله هدد إذا حصلت معركة بين حزب الله وإسرائيل فان إسرائيل ستشهد أكبر خسارة في تاريخها. وقد رفع الحزب جهوزية صواريخه من 40 ألف صاروخ في حرب 2006 إلى 150 ألف صاروخ تم نشرهم هذه المرة على الأراضي اللبنانية وعلى الأراضي السورية وعلى الحدود العراقية – السورية، حيث أن صاروخ فجر 101 يصل من الحدود العراقية إلى إسرائيل بسهولة ويطال تل أبيب وحيفا وحتى القدس، وسيكون على الطيران الإسرائيلي قصف مواقع في لبنان وفي سوريا وفي العراق لرد الصواريخ التي سيطلقها حزب الله على فلسطين المحتلة.
وتزامن حادث إسقاط الطائرة الروسية في سوريا، مع الهجوم الإرهابي الذي استهدف العرض العسكري للقوات المسلحة الإيرانية في الأهواز في ذكرى الحرب العراقية الإيرانية والذي أدى إلى سقوط ضحايا مجندين ومدنيين بينهم نساء وأطفال، ما يضع روسيا وإيران أمام تحدٍّ كبير عما يمكن أن تسفر عنه المرحلة المقبلة في ضوء تهديدات غير مسبوقة أطلقتها إيران ضد السعودية وإسرائيل وربطت بينهما وبين الاعتداء في الأهواز .
ومن شأن هذا الوضع الجديد أن يزيد من التعقيدات المرتبطة بعملية استعادة إدلب والمخاوف الأمريكية والإسرائيلية (كما ترى طهران) من أن يؤدي ذلك لاحقاً إلى ضمان نهاية الحرب، وبالتالي خروج أمريكا وإسرائيل ومعها دول حليفة أخرى من معادلة التأثير في المعادلات الإقليمية ذات الصِّلة بإيران، وتعزيز موقفها الذي تحسن دولياً في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن عندما أيدت 14 دولة من 15 موقف إيران الملتزم بالاتفاق النووي والقرار الدولي رقم 2231 عدا أمريكا رئيس المجلس التي انتهكته في سابقة خطيرة.
وبينما يشكك البعض في نظام الجمهورية الإسلامية ببقاء التعاون بين طهران وموسكو قوياً في سوريا، ويقولون إن أي خطوة تتخذها روسيا في سوريا لن تغير من واقع العلاقة الروسية غير العدائية مع إسرائيل ،يرى آخرون أن حادث الطائرة سيجعل روسيا تتخلى تدريجياً عن استراتيجيتها المحايدة بالنسبة للصراع بين محور سوريا وإيران وحزب الله مع إسرائيل، وفي حال تخلت عن هذه الاستراتيجية، سوف يظهر ذلك عسكريا من خلال التزامها بالكامل بتقديم كافة عناصر النجاح الفنية والتقنية لمنظومة إس – 300 بِمَا يشمل توفير الحماية أيضاً للمقرات الإيرانية والتابعة لحزب الله في سوريا.
وفي هذا الواقع يمكن القول إن إيران تعمل في سوريا وكأن الحرب فيها حسمت، وما عاد تواجدها العسكري هناك ضرورة قصوى، ويمكن التفاوض بشأنه استعداداً لجني ثمار مشاركتها في مرحلة ما بعد الحرب والإعمار، لكنها بالطبع تعمل في الوقت نفسه على حماية أمنها القومي من خلال تعزيز دفاعات الدولة السورية، وقيل في هذا الصعيد أنها زودت دمشق بقدرات صاروخية تفوق ما أعلنه حزب الله عن قدراته، إلى جانب تزويد حلفائها في العراق بما أصبح يملكه أنصار الله في اليمن، تحسبًا لأي عدوان هددت إسرائيل بشنه عليها.
وقد لا ترد إيران في المدى المنظور على استهداف إسرائيل المتكرر لمصالحها العسكرية في سوريا لأنها لا تريد الوقوع في فخ «الاستفزازات الإسرائيلية» لغاية في نفس يعقوب، لكنها بالتأكيد ستشعل حرباً ستعم كل المنطقة وخارجها، إذا كانت الحرب عليها لتغيير النظام، وهذا ما يفسر إصرار الأوروبيين على بقاء الاتفاق النووي رغم أن منافعه الاقتصادية لأوروبا أقل بكثير من المصالح الاقتصادية الأمريكية، عندما اعتبرت المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، أن انهيار الاتفاق النووي مع إيران سيعرض أمن أوروبا والمنطقة للخطر.

إيران في سوريا: الإعمار أم حرب تعم المنطقة؟

نجاح محمد علي

إس – 300 ستجبر إسرائيل على السلام كما أجبرتها صواريخ حزب الله على عدم مهاجمة لبنان

Posted: 29 Sep 2018 02:16 PM PDT

بدأت روسيا في تزويد سوريا بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ في آن واحد وهي إس – 300 ، وهي دون النسخة المتطورة إس 400، لكن هذا الإعلان كان كافيا لبث رعب حقيقي في الأوساط العسكرية الإسرائيلية وردود فعل متشنجة حتى من الولايات المتحدة. والإعلان يعني شيئين، الأول وهو بدء نهاية الهيمنة العسكرية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، والثاني يعني ضرورة الاستعداد للتفكير في مفاوضات سلام حقيقية بما فيها الجولان.
وتاريخيا، قوة السلاح غالبا ما تصنع الانتصار في الحرب وتفرض السلام عبر الردع. ونجحت إسرائيل في الهيمنة في الشرق الأوسط والتحول إلى اللاعب الإقليمي بفضل الأسلحة المتطورة التي توصلت بها تاريخيا من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الأخرى علاوة على امتلاكها القنبلة النووية، ويضاف إلى كل هذا تطويرها للأسلحة.
وانهزمت الدول العربية في شتى الحروب لأنها لم تحصل على الأسلحة المتطورة من الاتحاد السوفييتي سابقا ومن روسيا حاليا. وكانت موسكو تتردد في بيع ما يفترض أنه حلفاءها من العرب أسلحة متطورة لعاملين هما:
في المقام الأول، الأنظمة العربية غير مستقرة وقد يحدث انقلاب ضد الحكم أو في الرؤية السياسية وتسقط الأسلحة السوفييتية في يد الغرب، كما حدث مع مصر عندما قرر الرئيس الراحل السادات التخلي عن الاتحاد السوفييتي لصالح الغرب. أو قد يتم تسريب نسخ من الأسلحة المتطورة إلى الغرب أو السيطرة عليها. ويقدم لنا التاريخ مثالين هامين، الأول وهو فرار الربان العراقي منير روفا من العراق بطائرة ميغ 21 سنة 1966 ونجت الولايات المتحدة وإسرائيل في تفكيك الميغ ومعرفة أسرار صناعة السلاح الجوي الروسي، وكان البنتاغون يعاني من الميغ في حرب الفيتنام وبفضل خيانة روفا نجح في الحد من قوة طيران الفيتنام. ويتجلى المثال الثاني في حادثة شهيرة بقيت طين الكتمان حتى السنوات الأخيرة وهي عندما نجح كوماندو إسرائيلي من اختطاف رادار سوفييتي متطور معروف باسم ب 12 من الأراضي المصرية كان يشكل خطرا على الطيران الإسرائيلي، وهي الحادثة التي تعرف بالزعفانة سنة 1969. لم يفد الرادار فقط إسرائيل وحدها بل كذلك الحلف الأطلسي برمته لأنه كشف عن التقنية السوفييتية في اعتراض الطائرات.
في المقام الثاني، اعتقد الاتحاد السوفييتي في حق إسرائيل في الوجود، وبتنسيق سري مع الغرب، امتنع عن بيع أسلحة متطورة للدول العربية حتى لا يتم هزم إسرائيل وحتى يتم جر العرب في آخر المطاف الى مفاوضات سياسية، وهو الموقف الذي ورثته روسيا عن الاتحاد السوفييتي بعد تفككه، فموسكو تعتقد في حق إسرائيل في الوجود. كل هذه العوامل تفسر سر التفوق الإسرائيلي العسكري على العرب تاريخيا.
لكن هذه العوامل التي تحكمت في ظروف الماضي بدأت تتلاشى في الوقت الراهن، ويشكل المنعطف الرئيسي تواجد روسيا في سوريا وقرار بيعها منظومة الدفاع الصاروخي إس – 300 وهي منظمة قادرة على اعتراض وتدمير المقاتلات والطائرات المروحية والطائرات بدون ربان والصواريخ ذات المدى القصير والمتوسط والبعيد، وهي بهذا تتفوق على صواريخ باتريوت الأمريكية.
ويتحكم عاملان استراتيجيان في قرار روسيا تزويد سوريا بسلاح إس – 300 وهما:
في المقام الأول، العالم يعود إلى حرب باردة جديدة وأصبحت معلنة، ولا تملك روسيا الكثير من القواعد في الخارج مقارنة مع الوجود العســكري الأمريكي. وتبقى أهم قاعدة عسكرية روسية في الخارج هي طرطـــوس ثم قــاعــدة حميميم الحالية الجوية، ولهذا لن تفرط روسيا في سوريا ولن تسمح لإسرائيل باحتقار دمشق عسكريا كل مرة.
في المقام الثاني، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الغرب يريد الانفراد بالقضية الفلسطينية وموسكو لن تسمح بهذا، في إشارة إلى صفقة القرن التي سيعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومنح موسكو أسلحة متطورة لسوريا هو تنبيه بتقويض استراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية.
انتفضت إسرائيل والولايات المتحدة ضد القرار، وبادرت واشنطن إلى تهديد موسكو بعقوبات جديدة بعدما أدركت أنها ستفقد الكثير في الشرق الأوسط من فرض سيناريوهات سياسية وعسكرية.
وكما أشرنا أعلاه، السلاح يصنع الانتصار أو يشكل خير وسيلة للردع ويساهم في فرض السلام لاحقا. ولمعرفة أكبر لتأثير لمنظومة إس – 300 على إسرائيل، نستحضر ما كتبه المحلل الإسرائيلي التقدمي في جريدة هآرتس هذه الأيام «إنّها للمرّة الأولى منذ سنواتٍ تُحدِد دولة أخرى لإسرائيل أنّ هناك حدودًا لقوّتها، وأنّه ليس كلّ شيء مسموحًا لها، وأنّها ليست وحدها في اللعبة، وأنّ أمريكا لا تستطيع التغطية عليها بكلّ شيء، وأنّ هناك حدودًا لما يمكنها القيام به».
في هذا الصدد، السلاح لن يصنع لسوريا انتصارا، بل سيشكل قوة ردع حقيقية ضد القوة الإسرائيلية، وهذا سيدفع إسرائيل إلى وقف هجماتها بعدما أصبحت قليلة وضرورية وتتم من البحر عموما في أعقاب إسقاط الدفاع السوري لطائرة إف 16 خلال شباط/فبراير الماضي.
لا يمكن فهم تطورات الشرق الأوسط السياسية بدون فهم العامل العسكري المتمثل في تطور الصواريخ. في هذا الصدد، لا تمتلك بعض الدول التقدم التكنولوجي الكافي لصنع مقاتلات متطورة مثل الميراج الفرنسية وعائلة إف الأمريكية أو سوخوي الروسية. ولهذا لجأت إلى تطوير سلاح الصواريخ. وعمليا، إذا كان الانتقال من جيل للطائرات المقاتلة هو على الأقل 15 سنة أو أكثر، فمثلا، جرى تصنيع إف 16 سنة 1974 ودخلت الخدمة سنة 1978 وتستمر إلى يومنا هذا. في المقابل فقد تم تصنيع إف 35 سنة 2006 وبدء العمل بها سنة 2015 وستكون بديلة ل إف 15 وإف 16. نجد العكس في الصواريخ، الجيل الزمني في الصواريخ هو ما بين خمس سنوات وعشر سنوات، قد طورت إيران مثلا خلال العشرين سنة الأخيرة أربعة أجيال من الصواريخ. وستفقد الطائرات المقاتلة، بل وبدأت، أهميتها أمام الصواريخ خاصة إذا استطاعت تجاوز منظومة الدفاع. ومن ضمن الأمثلة، تحولت إيران إلى قوة إقليمية بفضل الصواريخ وليس الطائرات المقاتلات بينما إسرائيل قوة إقليمية بفضل الطائرات. وفي مقال آخر، نجح الحوثيون خلال الحرب الحالية التي تشنها دول بزعامة السعودية على اليمن في تجاوز منظومة باتريوت التي يعمل بها الدفاع السعودي بدعم من فنيين عسكريين أمريكيين، ولم تعد إسرائيل تثق في منظومة باتريوت رغم التعديلات التي دخلت عليها، وذلك منذ حرب الخليج الأولى عندما عجزت عن اعتراض صواريخ سكود التي أطلقها الجيش العراقي على إسرائيل. لقد أدركت إسرائيل خطورة امتلاك سوريا لتقنية إيران في تصنيع الصواريخ، ولهذا اغتالت يوم 4 آب/اغسطس، وفق «نيويورك تايمز» مدير مركز البحوث العلمية وأحد كبار علماء الصواريخ في سوريا، عزيز إسبر. وشنت لاحقا في منتصف أيلول/سبتمبر هجوما ضد مصنع مختص في تصنيع الصواريخ الإيرانية في اللاذقية، وهو الهجوم الذي يمكن وصفه «بالهجوم الانتحاري استراتيجيا» بسبب التسبب في سقوط طائرة إليوشين 20 الروسية وما تلاها من انعكاسات استراتيجية سلبا على إسرائيل، أي قرار موسكو تزويد دمشق بـ إس ـ 300.
في مقال منشور لصاحب هذه السطور في جريدة «القدس العربي» بتاريخ 3 آب/اغسطس 2006، كتبنا بعد انتهاء حرب تموز كيف استطاع حزب الله بفضل الصواريخ تحقيق توازن رعب مع سلاح الجو الإسرائيلي، وهذا يعني تفكير إسرائيل ألف مرة قبل تنفيذ أي عدوان على لبنان. ومنذ ذلك التاريخ لم يحدث أي عدوان على لبنان رغم أن مئات المقالات وعشرات مراكز التفكير كانت دائما تتحدث عن الحرب الوشيكة. لماذا لم يحدث الهجوم؟ حزب الله وقتها غطى نصف إسرائيل بالصواريخ والآن قادر على تغطية إسرائيل كلها بالصواريخ وجعل الإسرائيليين يعيشون في الملاجئ، فصواريخ حزب الله سنة 2006 ليست هي صواريخ حزب الله سنة 2018 من حيث القوة النارية ودقة التصويب لضرب الأهداف.
بغض النظر عن الجدل حول شرعية نظام دمشق المتمثل في بشار الأسد بعد الحرب الأهلية الدامية، يبقى الأساسي هو امتلاك سوريا كدولة سلاحا متطورا مثل إس – 300 سيجعل إسرائيل، وهو الراجح، تميل باحتشام إلى السلام مستقبلا، ولهذا يمكن اعتبار تصريحات السفير الأمريكي فيلتمان بضم نهائي من طرف إسرائيل لمرتفعات الجولان مشكوك فيها على ضوء إس – 300 وأسلحة متطورة أخرى مستقبلا. نعم إس – 300 ستصنع السلام مستقبلا. وإذا حاولت إسرائيل مهاجمتها، بدون شك ستعطي موسكو لدمشق إس 400.

إس – 300 ستجبر إسرائيل على السلام كما أجبرتها صواريخ حزب الله على عدم مهاجمة لبنان

د. حسين مجدوبي

النظام الصاروخي إس – 300: هل هو نهاية للغطرسة الإسرائيلية في أجواء سوريا أم مقامرة روسية؟

Posted: 29 Sep 2018 02:15 PM PDT

بدأت الأحداث على شكل «سلسلة من الظروف المأساوية» في 17 ايلول (سبتمبر) وأدت إلى سقوط طائرة تجسس روسية، وهذا كان رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بدا متقبلا الحادث الذي أدى لمقتل 15 جنديا كانوا على متن الطائرة التي سقطت في البحر المتوسط دون أن يحمل طرفا المسؤولية، مع أن الصاروخ الذي حطم الطائرة أطلقته الدفاعات السورية، أي حليف موسكو الذي تدخل بوتين عام 2015 لإنقاذه من الانهيار، إلا أن لهجة وزارة الدفاع الروسية تغيرت بعد ذلك. فرغم أنها سارعت لاتهام إسرائيل وسكتت بعد تصريحات بوتين، إلا أنها عادت وشددت من لهجتها بتحميل المقاتلات الإسرائيلية مسؤولية الحادث حيث اتهمت الطيران الإسرائيلي باتخاذ طائرة التجسس غطاء بعد العودة من ضرب أهداف إيرانية داخل سوريا. وتبع هذا في 24 ايلول (سبتمبر) إعلان روسيا عن تسليم النظام السوري نظام إس – 300 الدفاعي الجوي وهو تطور مهم في استراتيجية بوتين في سوريا.

أين الخط الساخن؟

فمنذ أن أرسل بوتين طائراته في ايلول (سبتمبر) 2015 كان هناك اتفاق على خط ساخن «لتجنب التصعيد» في الجو، وهو بمثابة خط أخضر لإسرائيل وغض للطرف الروسي تقوم من خلاله تل أبيب بعمل ما تريد في سوريا ضد حزب الله والقوات الإيرانية طالما لم تصطدم مع الروس أو أرصدتهم الثمينة في سوريا. وكان هذا الاتفاق التكتيكي بين بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دعما للتواصل المستمر بين تل أبيب وغرفة العمليات في القاعدة الجوية الروسية في حميميم لمنع أي تصادم أو خطأ فادح. ومن هنا فالإعلان الجديد عن تدعيم الدفاعات الروسية ببطاريات إس – 300 سيعقد من مهام إسرائيل التي شنت خلال الـ 18 شهرا أكثر من 200 غارة في العمق الإسرائيلي. ولدى روسيا في قواعدها الجوية في سوريا النظام نفسه لكنها لم تستخدمه لمنع الغارات الإسرائيلية. وفي ضوء التطور الجديد أكدت إسرائيل أنها ستواصل غاراتها في سوريا ومقاتلاتها أف-35 قادرة على تجنب بطاريات أس -300 بل وتدميرها ولكن أي تحرك بهذا الاتجاه سيعقد من العلاقات الروسية – الإسرائيلية. وسيزيد التصعيد خاصة بعد إعلان روسيا أن النظام الجديد سيشرف عليه الفنيون الروس إلى جانب السوريين القليلي الخبرة. وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن عملية تسليم النظام الجديد للسوريين ستبدأ بعد أسبوعين. مع أن وزير الخارجية سيرغي لافروف، قال في مؤتمر صحافي في نيويورك أن عمليات نقله بدأت فعلا. كل هذا رغم تشكيك الكثير من المحللين بجدية الإعلانات الروسية وأشاروا إلى بيع النظام نفسه إلى إيران حيث اتخذت عملية إتمام الصفقة تسعة أعوام بسبب الضغوط الإسرائيلية والأمريكية. وقال المعلقون إن إعلان روسيا هو محاولة للضغط على إسرائيل لتخفيف حدة تدخلها في سوريا.

علاقة معقدة

وتقول مجلة «إيكونوميست» (27/9/2018) إن روسيا حاولت موازنة علاقاتها مع إسرائيل وأعدائها في الشرق الأوسط. فقد كان بوتين أول رئيس روسي يزور إسرائيل (مرتان) وزار نتنياهو روسيا تسع مرات ووقف في آخرها جنبا إلى جنب في استعراض عسكري روسي ضخم. لكن هذا لم يمنع موسكو من استقبال وفد لحماس ومساعدة إيران في تطوير برنامجها النووي وتسليح النظام السوري. وتعتقد المجلة أن كلا من إسرائيل وروسيا بحاجة لبعضهما حيث ستتفوق المصالح الدائمة على الحادث العرضي. فمع زيادة عزلة روسيا عن الغرب زادت أهمية إسرائيل كمصدر للتكنولوجيا والدعم السياسي. ولهذا بدت لهجة موسكو بعد الحادث متوازنة وتجنبت الخطاب المعادي لإسرائيل، وبدلا من ذلك تحدث المعلقون الروس عن حس الخيانة. وقالوا إن روسيا فعلت كل ما بوسعها لمساعدة إسرائيل وكل ما لقيته هو الخيانة. وترى المجلة أن سر التشدد الروسي هذه المرة هي رغبة الكرملين الحصول على أشياء أخرى من إسرائيل. فقد اتصل نتنياهو ببوتين مرتين وأرسل قائد سلاح الجو الإسرائيلي مزودا بالخرائط والصور لشرح ما جرى في أجواء سوريا. وتلخص الأزمة الحالية وإن كانت مؤقتة حسب مجلة «ذا أتلانتك» طبيعة التحالفات المعقدة والغريبة التي تظهر في دوامة الحرب الأهلية السورية التي مضى عليها أكثر من سبعة أعوام وكيف تتداعى بسرعة، في وقت يبدو فيه مستقبل بشار الأسد مضمونا على المدى القريب. فقد كان كما تقول المجلة في طريقه للخروج، مثل بقية الحكام العرب الذين واجهوا ثورات الربيع العربي في عام 2011، لولا تدخل الجماعات الوكيلة عن إيران وروسيا، التي رجحت كفته في الحرب، وهزمت قواته تقريبا كل فصيل معارض لحكمه، وتم قطع رأس تنظيم «الدولة» الذي كان في وقت ما قوة يحسب لها حساب في سوريا. وتعلق «ذا أتلانتك» أن تزويد النظام السوري بمنظومة الدفاعات الصاروخية المتقدمة يعد نكسة للتحالف ولجهود إسرائيل، الدولة اليهودية الخائفة من تقدم الجماعات الموالية لإيران وإقامة قواعد دائمة لها قرب الحدود السورية معها، بالإضافة إلى التأكد من عدم تحويل حزب الله سوريا إلى قاعدة انطلاق عمليات ضدها. وحتى حادث سقوط طائرة التجسس الروسية استطاعت موسكو وتل أبيب تنحية التناقضات في الساحة السورية جانبا، أي تقوية نظام الأسد بالنسبة للروس، ومنع إيران وحزب الله من إقامة قواعد دائمة في سوريا. لكن إسرائيل في ظل النظام الجديد ستجد نفسها مقيدة اليدين، أو كما كتب الصحافي الإسرائيلي باراك رايد، في «أكسيوس»، فإنه سيحدد من حرية الطيران الإسرائيلي للعمل في سوريا، و»بالتأكيد فإن إسرائيل شنت مئات الغارات داخل سوريا منذ بداية النزاع، لكنها قد تحتاج لاتخاذ الحذر الآن، فلو أصابت سوريا طائرة إسرائيلية فإن احتمال اندلاع حرب إقليمية وتورط سوريا وإيران وروسيا والولايات المتحدة أيضا هو احتمال كبير». وتتفق المجلة على أن المصالح المشتركة قد تتغلب على تداعيات الحادث الوقتية. فروسيا في حاجة لإسرائيل بسبب علاقتها مع الغرب الغاضب من عدوان موسكو في أوكرانيا ومحاولة اغتيال جاسوس وابنته في بريطانيا. وفي المقابل تحتاج إسرائيل موسكو لردع النشاط الإيراني في سوريا.

صنع المشاكل

إلا أن الصواريخ السورية كما وصفت «وول ستريت جورنال»(24/9/2018) نظام إس – 300 في افتتاحيتها سيعقد الأمور على إسرائيل والولايات المتحدة ويثبت أن بوتين لا يريد التعاون معهما في سوريا كما فكر الكثيرون. فالنظام الصاروخي الجديد فتاك، ويعد تهديدا للطيران الإسرائيلي. مشيرة إلى أن إسرائيل لن تتسامح مع وجود إيراني دائم في سوريا خاصة أن حزب الله، حليف طهران يملك حوالي 150.000 صاروخ. وقالت إن نتنياهو حاول إقناع بوتين الابتعاد عن إيران بدون جدوى. لكل هذا ترى الصحيفة أن بيع نظام إس – 300 هو إشارة جديدة عن محاولة بوتين التسبب بالمشاكل لأمريكا وحلفائها.

مقامرة

ويرى سيث فرانتزمان، بمجلة «ناشونال إنترست» )28/9/2018) أن النظام الصاروخي هو مجرد مواساة للسوريين ولكنه يظل «مقامرة» من بوتين. مشيرا لما ورد في قناة «برس تي في» الإيرانية التي قالت بنوع من التفاخر أن النظام يعد «كابوسا» لإسرائيل. وإلى تلميحات نتنياهو يوم الثلاثاء لمواصلة إسرائيل غاراتها الجوية في سوريا. وجاءت هذه الأزمة في وقت التقى فيه رؤساء الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة ووصف مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون نشر النظام بـ»الخطأ الكبير». وقال فرانتزمان، إن نشر النظام الصاروخي إس- 300 يأتي بعد فترة قصيرة من اتفاق تم بين روسيا وتركيا لوقف الهجوم على إدلب آخر معاقل المقاومة ضد النظام في سوريا. ويرى الكاتب أن نشر إس- 300 هو محاولة من موسكو لتقوية خطوط القتال في سوريا. وقال إن الزمن الذي كانت فيه إسرائيل تتصرف فيه بدون خوف من العقاب قد انتهى. ويضيف أن السبب وراء نشر النظام الصاروخي يتعلق بالمكانة. وذكرت الصحافة الروسية أن النظام هو تهديد للائتلاف الأمريكي. وأكدت أن نشر إس – 300 قد يدفع إسرائيل لطلب أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة. وكشف موقع «سبونتيك نيوز» الذي ينظر إليه على أنه ممثل للخط الرسمي في موسكو عن مقاتلات أف-35 باعتبارها تمثيلا لهذه الأسلحة المتقدمة. ولدى إسرائيل عدد منها واستلمت ثلاث مقاتلات أف- 35 في حزيران (يونيو). وبالنسبة للولايات المتحدة فإن نظام إس – 300 هو تصعيد رمزي أكثر منه تهديدا. إلا أن المدير السابق للدائرة الاستراتيجية في وزارة الدفاع الجنرال أصاف أوريون، يرى أن النظام يشكل خطرا على كل القوات الجوية التي تعمل قريبا من المجال الجوي السوري. «ولكن إسرائيل تحضر ومنذ عشرين عاما لظهور شيء من هذا على المسرح». وقامت بتدريبات ضد هذا النظام في اليونان. وأشار إلى أن وقوع نظام إس – 300 في أيد «عقيمة ومتهورة» سيكون مثارا للقلق. في إشارة إلى نظام إس- 200 لدى النظام السوري أطلق صاروخا لا ليضرب طائرة التجسس الروسية أي أل- 20 ولكنه أخطأ الهدف. وقال أوريون، إن روسيا نشرت نظام إس- 400 في سوريا عام 2015 وأكدت «أي أتش أس جينز ويكلي» وجود بطارية في ايلول/سبتمبر 2017. وتقول إسرائيل إن روسيا احتفظت ببطارتي أس – 400 في سوريا لمدة عام ولكن إسرائيل قامت بـ 200 غارة خلال العامين الماضيين بالإضافة إلى مئة غارة قامت بها ما بين 2012- 2017. ويشير الكاتب للعلاقة التي سعى إليها نتنياهو مع روسيا بحيث منحت إسرائيل المساحة لضرب أهداف إيرانية وشحنات الأسلحة لحزب الله. ولم تعترف إسرائيل بالغارات إلا في حالات نادرة. كما حصل مع إسقاط طائرة أف- 16 الإسرائيلية بعد استهدافها نظام إس- 200. وحاولت إسرائيل والولايات المتحدة ملاحقة نظام إس – 300 الروسي في سوريا. ففي عام 2017 قال الروس إن النظام اكتشف طائرات أمريكية في شرق سوريا.

تعزيز الثقة

وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في نيسان (ابريل) إن إسرائيل ستدمر نظام إس- 300 الذي دمر المقاتلة الإسرائيلية. وهذا يعني أن النظام يهدف إلى زيادة ثقة النظام السوري بالحليف في موسكو. فبعد ضبط موسكو النظام عن ضرب إدلب وتحجيمها للدور الإيراني، فإن روسيا تريد إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل حول رغبة النظام السوري السيطرة على أجوائه، بعد سبعة أعوام من الحرب الأهلية. وراقب النظام روسيا وهي تدير سياسته الخارجية في إدلب ورغبة أمريكا البقاء في شرقي البلاد. وعليه فنظام إس- 300 هو مجرد مواساة لدمشق. ويعني أن الوقت الذي كانت فيه إسرائيل تتصرف فيه بحرية قد انتهى. وليس لأن نظام إس – 300 تهديد بل ولأن أي حادث جديد خاصة في إدلب حيث أقامت إيران بنية تحتية، سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة. وهي جزء من محاولات إنهاء الحرب الأهلية ومحاولات موسكو تأكيد دور دمشق كمتحكم في السيادة السورية. والتحدي بالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل هو مواصلة ملاحقة إيران. أما روسيا فقد قامت بوضع نظام إس – 300، فلو واصلت إسرائيل غاراتها وفشل النظام الصاروخي فسيكون إحراجا لروسيا. وسيدفع دمشق لمزيد من العمل بشكل يجبر روسيا على الاختيار بين القبول بالإحراج أو التصعيد. وفي النهاية فالموقف الروسي الحازم هو إشارة كما يرى المعلق المعروف جدعون ليفي في صحيفة «هآرتس» (28/9/2018) عن تعنيف دولة إسرائيل وتحجيمها «هناك شخص ما يحدد موقع إسرائيل» و «لم يعد مقبولا عمل ما تريد» وأن أمريكا لن تظل تغطي على أعمال إسرائيل. وقال إن غطرسة إسرائيل في السنوات الماضية جعلتها تخترق المجال الجوي اللبناني وكأنه ملكها وضرب المجال السوري وكأنه المجال الجوي في غزة و «فجأة وقف طرف وقال عليك التوقف هنا، على الأقل في سوريا، وهذه نهاية الأمر. شكرا لك أيتها الأم روسيا لأنك وضعت حدا لطفل لم يقم أي شخص بضبطه ولوقت طويل».

النظام الصاروخي إس – 300: هل هو نهاية للغطرسة الإسرائيلية في أجواء سوريا أم مقامرة روسية؟

إبراهيم درويش

حوار مع القيادي الكردي العراقي صباح بابيري: معركة انتخابات برلمان إقليم كردستان مصيرية

Posted: 29 Sep 2018 02:15 PM PDT

أكد القيادي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني وعضو مجلس محافظة دهوك صباح علي بابيري لـ»القدس العربي» ان الأحزاب الكردية تخوض متفرقة معركة مصيرية في انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق، وان الأحزاب المعارضة طلبت إشرافا دوليا لمنع تكرار التزوير الذي حصل في انتخابات البرلمان الاتحادي الأخيرة، مشيرا إلى تغييرات ينوي حزب مسعود بارزاني إجراءها اذا حقق اغلبية ، ومعربا عن اعتقاده بان الصراع على منصب رئيس الجمهورية هو ورقة ضغط وسيتم حسمها في النهاية بالاتفاق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين. وفي ما يلي نص الحوار:
○ في خضم الاستعدادات لانتخابات برلمان إقليم كردستان المقررة في 30 تشرين الأول/اكتوبر المقبل والتي يشارك فيها أكثر من ثلاثة ملايين مواطن، كيف ترون مزاج الشارع الكردي وحماسته تجاه الانتخابات؟
• عموما إقبال الجمهور على المشاركة في الانتخابات ضعيف بسبب ما حصل في انتخابات البرلمان الاتحادي الأخيرة من حالات تزوير وتلاعب جعلت ثقة الناس في الانتخابات مهزوزة، إلا ان الأحزاب الكبيرة تبذل جهودا كبيرة من لقاءات وندوات وتجمعات لجماهيرها لتحشيدهم للمشاركة في الانتخابات.
○ ما هو استعداد الاتحاد الإسلامي الكردستاني لخوض الانتخابات وما هي التحالفات التي عقدتموها مع باقي الحركات الكردية؟
• نحن الآن وسط معركة الاستعداد للانتخابات المصيرية، ووضع الاتحاد الإسلامي الكردستاني في دهوك وأربيل جيد ولكن في السليمانية الأمور غير واضحة، ونأمل في تحقيق نتائج جيدة، علما بان الاتحاد الإسلامي الكردستاني يحتل المرتبة الرابعة في أحزاب البرلمان الحالي. أما عن التحالفات، فقد توحدنا مع الحركة الإسلامية وجماعة الإصلاح التي يقودها محمد بارزاني (وزير سابق).
○ وماذا عن الجماعة الإسلامية الكردية التي تتركز في السليمانية، هل انضمت إليكم؟
• الجماعة الإسلامية لم تنضم لتحالف القوى الإسلامية وفضلت خوض الانتخابات لوحدها في مناطقها، وخاصة في السليمانية.
○ هل هناك حركات كردية قاطعت انتخابات الإقليم؟
• الحركات المقاطعة فقط قسم من جماعة (التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة) الذي انسحب منها زعيمها برهم صالح وعاد إلى الاتحاد الوطني، وجماعته بعضهم بقي في الحزب الجديد بينما انسحب آخرون وقاطعوا الانتخابات أو انضم بعضهم إلى الأحزاب الكبيرة. وسمعنا ان هناك حزبا يساريا صغيرا (حزب الكادحين) يحتمل ان يقاطع الانتخابات. وهناك تحرك للحزب الديمقراطي بتشجيع بعض المناطق التي لا تصوت له والمعارضة، من أجل عدم الذهاب للتصويت بحجة عدم وجود فائدة من المشاركة لكون النتائج محسومة مسبقا.
○ سمعنا ان أشخاصا انسحبوا من حزب برهم صالح في دهوك وانضموا إلى الحزب الديمقراطي.
• معظم الذين انسحبوا كانوا في الأصل من الحزب الديمقراطي وانضموا إلى حزب برهم لفترة على ان ينسحبوا لاحقا ويعودوا إلى حزبهم الأصلي، وهذه الحالة معروفة وتكررت سابقا حيث يقوم الحزبان الكبيران بزج بعض عناصرهما في الأحزاب الجديدة ثم يجري سحبهم قبل الانتخابات وذلك لكي يؤثروا على شعبية تلك الأحزاب.
○ وماذا عن مشاركة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها في انتخابات برلمان الإقليم؟
• مفوضية الانتخابات في بغداد منعت مشاركة كركوك وسنجار وباقي المناطق المتنازع عليها في انتخابات الإقليم رغم وجود بعض المناطق الكردية فيها، لأنهم خارج حدود الإقليم الرسمية.
○ كانت لديكم اعتراضات على نزاهة انتخابات البرلمان الاتحادي الأخيرة، والتزوير الواسع فيها، كيف ستتصرفون هذه المرة؟
• في الواقع أتخذنا العديد من الإجراءات لمنع التزوير الواسع الذي حصل في الانتخابات الأخيرة، ومنها اللقاء مع الممثل الأمريكي وتم تسليمه طلب إشراف دولي لمنع التزوير، وهو أكد وجود متابعة دولية لتقليل حالات التزوير مع الإقرار بعدم إمكانية منع التزوير نهائيا. وفي انتخابات البرلمان الاتحادي الأخيرة كان التصويت الكترونيا ويسهل تلاعب إدارات المراكز الانتخابية بالنتائج، أما الآن فقد أصبح التصويت وإجراءات الانتخابات يدويا، وسابقا كانت الأوراق الفارغة تؤخذ في مركز مفوضية الانتخابات ويتم التلاعب بها، أما الآن فتم الاتفاق على إبطال كافة الأوراق الانتخابية الفارغة بعد انتهاء التصويت مباشرة. وسابقا كان بعض الناس وحتى من أكراد تركيا وإيران يشاركون في انتخابات الإقليم من خلال هويات مزورة، أما الآن فأصبح عليهم جلب أوراق رسمية يصعب توفيرها. وحتى بالنسبة للأموات فقد تم تحديد 260 ألف اسم للشطب م من سجلات الناخبين بينما كان يتم سابقا استخدام بعض الأحزاب لتلك الأوراق لصالحها. أكيد هذا لا يعني انه لن تكون هناك عمليات تزوير ولكنها أصبحت أقل.
○ ما هي توقعاتك لنتائج انتخابات الإقليم الجارية حاليا بالنسبة للأحزاب؟
• أتوقع ان حزب بارزاني «الديمقراطي» سيحصل على مقاعد في برلمان الإقليم بالعدد الحالي نفسه (38) تقريبا وخصوصا في أربيل ودهوك وكذلك الاتحاد الوطني سيعزز مقاعده في السليمانية وحلبجة. وأسفرت استقالة برهم صالح من حزبه الجديد «الديمقراطية والعدالة» وعودته إلى الحزب القديم «الاتحاد الوطني» إلى تمزق الأول واستقالات جماعية لأعضائه وانضمام غالبيتهم إلى الأحزاب الكبيرة، وهو إنجاز خدم الحزبين الكبيرين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي. أما حركة التغيير فستكون مقاعدها أقل من الدورة السابقة.
○ لماذا في رأيك ستحصل حركة التغيير على عدد أقل من المقاعد في هذه الانتخابات رغم وجود اعتراضات شعبية على أداء الحزبين الرئيسيين؟
• ان التغيير «كوران» الذي حل ثانيا في انتخابات 2013 لن يحصل في الانتخابات الحالية على العدد نفسه من المقاعد لعدة أسباب منها انسحاب بعض عناصره وانضمامهم إلى الاتحاد الوطني والديمقراطي ووفاة مؤسس الحركة نوشيروان مصطفى الذي كان له دور مهم في قوة الحركة وتأثيرها، إضافة إلى عدم تمكن الحركة من تنفيذ وعودها وشعاراتها للشارع الكردي بتحقيق تغيير ملموس في أوضاع الإقليم، وهذه العوامل أثرت على شعبيتهم كثيرا.
○ مسعود بارزاني ذكر في خطابه مؤخرا ان حزبه إذا حقق الأغلبية فستكون هناك تغييرات كثيرة في الإقليم، فما هي التغييرات المتوقعة؟
• هناك توجه للحزب الديمقراطي إذا حصلوا على أكثر من 48 مقعدا من أصل مقاعد برلمان الإقليم البالغة 111 مقعدا إضافة إلى بعض أصوات كوتة الأقليات من الأرمن والمسيحييين والإيزيديين، الذين يؤيدون بارزاني، إذا جمعت أصواتهم فستكون له الأغلبية ويتمكن عندها من تمرير القوانين المهمة حسب رغبته وفي مقدمتها إصدار الدستور الكردي الذي تعطل تشريعه حتى الآن بسبب الخلافات، وتغيير النظام من رئاسي إلى برلماني وغيرها. ولكني لا أعتقد أن الحزب سيتمكن من تحقيق أغلبية كبيرة، والحديث عن تغييرات كبيرة وغيرها هو أسلوب للدعاية في حملة الانتخابات. وهناك خلافات كبيرة على تمرير الدستور المقترح للإقليم، منها النظام الرئاسي ومبدأ تصر الأحزاب الإسلامية على تضمينه في الدستور وهو ان يكون الإسلام مصدر التشريعات، وغيرها من نقاط الخلاف.
وكان رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، وفي سياق دغدغة مشاعر الشارع الكردي في معركة انتخابات برلمان الإقليم، أعاد طرح مشروعه لاستقلال كردستان عن العراق، مؤكدا عدم ندمه على إجراء الاستفتاء على الاستقلال الذي أجراه في 25 أيلول/سبتمبر العام الماضي.
○ كيف تنظرون للخلاف الكردي حول منصب رئيس الجمهورية؟
• لقاءات وفد الحزب الديمقراطي برئاسة رئيس حكومة الإقليم نيجرفان بارزاني في بغداد الآن تهدف إلى تأجيل موعد انتخاب رئيس الجمهورية إلى ما بعد موعد إجراء انتخابات برلمان الإقليم اليوم. وذلك بهدف الضغط على الاتحاد الوطني، وأعتقد ان الحزب الديمقراطي غير جاد في موضوع ترشيح أشخاص لهذا المنصب المخصص للكرد وفق المحاصصة السياسية السائدة في عراق ما بعد 2003.
○ هل ترى امكانية فوز مرشح الاتحاد الوطني برهم صالح بتأييد الشيعة لكون علاقته جيدة بإيران وأمريكا؟
• لو أنهم لا يرضون عن الحزب الديمقراطي لا أعتقد انه يمكن تمريره، لأن الحزب الديمقراطي قوة لها وجود مؤثر في الإقليم من الناحية المادية والعسكرية والعلاقات الدولية إضافة إلى سيطرته على السلطة في الإقليم. وأعتقد ان الحزب غير جاد في الحصول على منصب رئيس الجمهورية بل هي طريقة للضغط على الاتحاد الوطني من أجل المساومة والحصول على مواقع في محافظة كركوك أو مناصب في حكومة بغداد. هي مجرد أوراق للضغط، وحتى الأمريكان طلبوا من الاتحاد الوطني تحضير شخصية لرئاسة الجمهورية وفق مواصفات ترضيهم، وهي تنطبق على برهم صالح، كونه شخصية مقربة منهم ويعرفونه جيدا. وان الحزب الديمقراطي رشح هوشيار زيباري في البداية لرئاسة الجمهورية ولكنه سحبه لاحقا ورشح فؤاد حسين رئيس ديوان الإقليم، وهو أقل مكانة بالنسبة للحزب، ولكنهم حققوا بهذا الترشيح هدفهم بالاتفاق مع الكتل الشيعية على تأجيل موعد اختيار رئيس الجمهورية إلى ما بعد انتخابات الإقليم كي لا يستغله الاتحاد الوطني ويقول ان رئيس الجمهورية منا، وبعد الانتخابات أتوقع ان يحصل اتفاق بين الحزبين الكرديين الرئيسيين على اسم المرشح كرئيس الجمهورية.
ويذكر ان خلافات الأحزاب الكردية أدت إلى قيام الحزب الديمقراطي الكردستاني بتجميد عمل البرلمان السابق لأكثر من سنتين، وبقاء منصب رئيس الإقليم شاغرا بعد رفض أحزاب المعارضة استمرار مسعود بارزاني في ذلك المنصب. وعقب ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الاتحادية الأخيرة، وصلت الخلافات بين الحزبين الرئيسيين وجبهة المعارضة، إلى القطيعة بعد اتهامات للحزبين بالتزوير والتلاعب وسرقة أصوات الأحزاب الأخرى. وجاء تزامن معركة رئاسة الجمهورية مع الاستعدادات لانتخابات الإقليم ليزيد تعقيد المواقف وساهم في تشتيت الأحزاب الكردية.
وتجرى انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق المقررة اليوم وسط تعقيدات محلية تتركز في تمسك الأحزاب الكبيرة بالسلطة بكل الوسائل ومعارضة من الأحزاب الأخرى والشارع الذي تضرر اقتصاديا بسبب سياسات حكومة الإقليم ونزاعها مع بغداد وخصوصا في قضية الاستفتاء وما تلاها من عقوبات على حكومة الإقليم، إضافة إلى تأثير تدخل دول الجوار (إيران وتركيا) والولايات المتحدة. وفي كل الأحوال، فالاعتقاد السائد هو ان نتائج انتخابات البرلمان لن تكون صورتها مغايرة كثيرا لمعالم الوضع الحالي نظرا لسيطرة الحزبين الكبيرين على السلطة وتشتت أحزاب المعارضة.

حوار مع القيادي الكردي العراقي صباح بابيري: معركة انتخابات برلمان إقليم كردستان مصيرية

حاوره: مصطفى العبيدي

أقباط مصر ما بين سلطة الكنيسة وغياب القانون

Posted: 29 Sep 2018 02:15 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: لا يزال ملف أقباط مصر من الملفات الشائكة، التي تحمل قدراً كبيراً من المعاناة، فما بين عمليات القتل والتهجير أو الحشد الإجباري للتهليل والتسبيح بحمد السلطة السياسية، يعيش الأقباط في ظل دولة لا تؤمن بتطبيق القانون، وتنشغل السلطة الدينية في معاركها، سواء داخلياً أو خارجياً، وما الأقباط في جميع الأحوال إلا كبش فداء للقصور السياسي والأمني. قضايا كثيرة ينوء بها الملف القبطي المصري، هذه بعض من ملامحه.

في خدمة النظام

يبدو أن جميع المؤسسات في مصر تمارس العمل السياسي، حتى وإن لم يكن من اختصاصها، وعلى رأسها الأزهر والكنيسة، حيث إن النظام يوظفهما لخدمة مصالحه، هذا التوظيف الذي بلغ حداً غير مسبوق للكنيسة المصرية، التي لا تمتلك إلا شجب بعض التصرفات أو الدعاية والتهليل للنظام السياسي، على وعد دائم بتنفيذ مطالبها، وما يراه النظام ويفعله من تخبّط نجده في موقفه من الادعاء بمحاولة فصل الدين عن السياسة، والمتمثل في العبارة الجوفاء «تجديد الخطاب الديني» مقابل الاعتماد على تأييد الأقباط له حتى يجمّل وجهه خاصة أمام الغرب.

من العنف إلى التهجير والعكس
رغم مرور عدة أعوام على حكم السيسي إلا أن أحوال الأقباط تصاب بحالة من التدهور المستمر الذي صار غير معروف النهاية بعد وصول العنف ضدهم إلى مراحل غير مسبوقة، حتى صار ما كانوا يخشون وقوعه من تعرض لمصير الأقليات الأخرى نفسه، التي كانت في سوريا والعراق أمر واقع، ومروا بكل تفاصليه من تدمير للكنائس لقتل وذبح وحرق للأشخاص ونهب للممتلكات وصولاً إلى مرحلة التهجير القسري والنزوح الجماعي. وفي النهاية لن يحصل الأقباط تحت حكم السيسي إلا على المزيد من الخسائر المستمرة والمزيد من التخلي عنهم وتركهم فريسة في براثن الإرهاب حتى يبرر شرعية استمراره أمام العالم كمحارب للإرهاب على غير الحقيقة. أما قيادات الكنيسة فترى في ما يقدمه السيسي للأقباط مكسبا لم يكن في حسبانهم، فالرجل يمثل أكثر الرؤساء الذين حكموا مصر زيارة لكاتدرائيتهم، بل كان مشاركا في احتفالاتهم في أعياد القيامة طوال عدة سنوات، ويكفي أنه الرئيس الوحيد الذي زار المرقسية خمس مرات خلال ثلاث سنوات، لكسر جمود العلاقة بين الرئيس والكنيسة والتي كانت تخضع لحسابات معقدة خلال حكم السادات ومبارك ثم محمد مرسي، حتى وصفه الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، وعضو المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بأنه الأفضل بين الرؤساء المصريين لحسن تعامله مع الأقباط ورأس الكنيسة، وتهنئه للمسيحيين وتعزيته في شهدائهم وهو ما يمثل لفتة جميلة لم تحدث من الرؤساء في العهود السابقة. ويظن البعض أن تهجير أقباط العريش إلى الإسماعيلية وغيرها من مدن القناة عمل طيب، لأنه يحمي أرواحهم من تهديد التكفيريين. وخطورة مثل هذا العمل هي بداية التهجير الداخلي لسكان سيناء حتى يتم تفريغها لمشاريع أخرى مجاورة. وفي الوقت نفسه يتم فيه الحديث عن تعمير سيناء وتنميتها بحيث تضم خمسة ملايين مواطن من الوادي المزدحم بالسكان!

في عُرف مَن؟

من المؤكد أن تنظيم «داعش» لم يكن الأول في إجبار المسيحيين في مصر على النزوح القسري، بل سبقه إلى ذلك جلسات الصلح العرفي التي كانت تجري عقب كل فتنة طائفية، وينتج عنها في الأغلب الحكم بتهجير الأقباط وذلك برعاية قوات الأمن التي تعرف بأمر الجلسات وتبلغ بالأحكام، هذا إذا لم يحضر ممثل لها الجلسة. وفي دراسة تحت عنوان «في عُرف مَن؟» رصدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الجلسات العرفية ودورها في انتهاك الحقوق الأساسية للطرف الأضعف في الخصومة، وكذلك دورها في النزاعات الطائفية ودور الأمن في تكريس الجلسات العرفية كبديل قبلي للنظام القضائي. ورصدت الدراسة أحكام الجلسات العرفية في 45 حالة اعتداء طائفي وكان حكم التهجير هو الأغلب. وقالت المبادرة المصرية في دراستها إن ضعف مؤسسات الدولة وعجزها عن القيام بوظيفتها في حماية السلم الاجتماعي وحياة وممتلكات المواطنين يؤدي إلى لجوء قطاع من المواطنين إلى هذه الجلسات كأسلوب لحل النزاعات وتسوية الخلافات، خوفًا من تفاقمها وتداعياتها، خصوصًا في ظل مظاهر وأشكال التوتر الطائفي والديني المنتشرة في عديد من محافظات الجمهورية. وأضافت المبادرة، أن الأجهزة الأمنية لعبت أدواراً مختلفة، بداية من المشاركة الشرفية، ومروراً بعقد الجلسات بمقار أقسام الشرطة أو مديريات الأمن، انتهاءً بالرعاية الكاملة والمشاركة في صنع قرارات الجلسات. وفي بعض الجلسات صدرت قرارات مخالفة للقانون، تتضمن انتهاكات واضحة لحقوق الطرف الأضعف. فهناك أوجه للتشابه بين التهجير القسري لأسر العريش وبين التهجير الناتج عن الجلسات العرفية، أهمها هو عدم وجود بيئة آمنة للأقباط، ولكن الاختلاف يكمن في مصدر الخطر ودرجته، فالأول كان نوع الخطر استهداف الأقباط من قبل الجماعات الإرهابية وتعدد حالات القتل في فترة قصيرة، بينما في حالات الفتنة الطائفية والجلسات العرفية فالبيئة غير الآمنة متمثلة في العنف المجتمعي. (من تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية المعنون، من التهجير إلى العزلة).
واجب وطني

رغم تصريحات البابا تواضروس الذي أكد من خلالها مراراً أن «الدين والسياسة عندما يختلطان يتسببان في فساد أي نظام دولة، لذا لضمان نجاح أي دولة عليها فصل الدين عن السياسة»، إلا أن تناسي هذه التصريحات منذ أولى زيارات السيسي الخارجية وإرسال رجال من أساقفة المجمع المقدس لتوعية أقباط المهجر بأهمية الحشد للرئيس ومهاجمة جماعة الإخوان في عظتهم على أحد المنابر في الولايات المتحدة، وهو ما يتنافى مع تصريح البابا معللاُ ذلك بقوله إنه «دور الكنيسة الوطني». ويبدو أن مؤسسة الرئاسة تعتمد اعتماداً كلياً على الكنيسة في الحشد لها خارجياً لاستقبال السيسي في شتى زياراته الخارجية والاعتماد على خطابات المكلفين من البابا بالحشد أمام مقر لقاءاته المختلفة، والكنيسة بهذا الشكل تحوّل نفسها إلى حزب سياسي، بشأن ما أعلنته الكنيسة رسميًا عن قيامها بكل ما في إمكانها لإنجاح هذه الزيارة. فما يحدث يعد جرماً في حق الأقباط، حيث تتعامل الدولة مع الكنيسة على طريقة (هات وخد) فإصدار قانون بناء الكنائس على سبيل المثال، لا بد وأن يكون في مقابله شيء آخر.

أزهى العصور القبطية

«البابا زارني فى أسيوط وكلمني عن الزيارة، وقال لي تعالى أعمل شغلك … اللي بيحب أهله في مصر يستقبل معنا الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد جئت متحدثاً باسم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، وليس تطوعا من جهتي. والبابا تواضروس أكد أكثر من مرة، خلال زيارته للولايات المتحدة، ضرورة استقبال الرئيس السيسي. ومن يحب أهله في مصر فليشارك معنا. الأتوبيسات ببلاش وهنجبلكم حاجه سقعة وسندوتشات. إحنا هانطلع نستقبل الرئيس 3 مرات، أيام الجمعة والأحد والثلاثاء. عاوزين أتوبيسين بكرة بس كفاية، أتوبيسين مع شوية لافتات كده، وربنا يبارك فيهم، ولما يتصور الأتوبيسين هايظهروا كأنهم 10 أتوبيسات. وعشان خاطر ربنا وعشان خاطر الكنيسة اطلعوا استقبلوا السيسي». (الأنبا يؤانس أسقف أسيوط. كنيسة مار جرجس في جيرسي سيتي يوم الأربعاء 19 أيلول/سبتمبر 2018). يؤانس الذي يرى وصرّح أكثر من مرّة بأن الكنيسة الآن تعيش أزهى عصورها.
ورغم محاولات يؤانس المستميتة، إلا أن عدد الأقباط الذين استجابوا لدعوة الكنيسة جاء في حدود مئة شخص، رغم أن عدد الأساقفة والقسس الذين دعوهم للخروج يزيد عن رقم مئة، أي أن كل قسيس أو أسقف نجح في التأثير على قبطي واحد فقط. كما يُلاحظ أن الكنيسة لجأت إلى الهيئة القبطية الأمريكية للتدخل السريع لإنقاذ الموقف وحشد أتباعها الذين لا يتجاوز عددهم 200 من العاملين فيها، أو من الأسر المهاجرة وتخضع لرقابة الحكومة الأمريكية في تقدم طلب اللجوء، وقد وعدتهم الهيئة بمساعدتهم لدى الإدارة الأمريكية مقابل الحشد للرئيس. وفي النهاية أرسلوا البابا بنفسه بعد فشل أساقفته في الحشد، مؤكدا أن السيسي يمثل لهم الأفضل من بين كل الذين حكموا مصر. ودعا أقباط المهجر بألا ينصتوا لما يقال حول الوضع في مصر، مبرراً ذلك بأن المصريين ليس لديهم نفس الوعي الموجود لدى الذين يعيشون هنا في أمريكا، فهم لا يقدرون من وجهة نظره ما يحققه السيسي من إنجازات. ولكن الأقباط رغم احترامهم لدوره الروحي، لقنوه درسا في عدم الخلط بين الدين والسياسة. هكذا كتب الباحث والناشط الحقوقي مجدي خليل على صفحته في فيسبوك.
ورغم أن تواضروس أكد أن زيارته ليست مرتبطة بزيارة زعيمه السيسي، وأنها مقررة من أكثر من عام، إلا أن النداءات التي وجهها لحسن الترحيب بالسيسي والتي وصلت لحد الحشد الكنسي له، يشير إلى أن العلاقة الخاصة بين السيسي وتواضروس، تسير على عكس العلاقات السابقة بين الكنسية ورأسها، وبين النظام الحاكم في مصر. وكما يرى المحللون فإن السيسي بات أكثر اعتماداً على الأقباط وتحديدا الكنيسة في دعم وجوده والترويج لسياساته التي أصبحت محل انتقادات واسعة في الغرب. كما يرون في أفعال تواضروس إضرارا بالوطن ككل وليس بالأقباط فقط، خاصة وأنه يرمي الكنيسة في أحضان نظام السيسي الذي لم يعد محل قبول من معظم طوائف الشعب. كذلك فهو بهذا التصرف يزيد من فكرة ترسيخ الطائفية الدينية وهو ما يخالف الدستور.

رسالة مفتوحة للنظام والكنائس والمجتمع المدني

«منذ خطاب 3 تموز/يوليو 2013، استحسن النظام الزج بالكنائس ‏في المعادلة السياسية كممثلين ــ وحيدين ــ عن عموم ‏المسيحيين، ‏وتجلى ذلك في تشكيل لجنة الخمسين لتعديل دستور 2012، حيث ظهرت ‏الكنائس ‏الثلاث كممثلين عن عموم مسيحيي مصر، وأنتج دستورا يضم مواد تعزز من ‏سطوة ‏المؤسسات الدينية، من خلال المادة الثالثة في ‏أهم الملفات الشائكة وهو الأحوال الشخصية. لذا نرفض أن تتصدر الكنائس المصرية ‏‏الحشد والتعبئة لمظاهرات سواء داعمة أو مناهضة للرئيس، وهو أمر يمثل ‏خروجاً ‏عن القواعد الديمقراطية وإقحام للدين في السياسة. لم تختلف سياسات النظام الحالي في التعاطي مع أحداث العنف الطائفي عن سابقيه، ‏حيث ظلت ‏منازل ومتاجر المسيحيين عرضة لهجمات المتطرفين، وظلت ‏أزمات بناء ‏الكنائس حاضرة وبقوة، كما استمرت سياسات إفلات مرتكبي تلك الجرائم ‏من العقاب ‏واللجوء إلى جلسات الصلح العرفية بدلاً من إعمال القانون. ونحمل النظام والكنائس تبعات ذلك على بسطاء المواطنين المسيحيين الأقباط؛ فلم ‏يعد ‏من الخفي ما يعانيه المواطنون المسيحيون من أزمات جراء دخول الكنائس ‏كطرف ‏في المعادلة السياسية، حتى لا يتحمل المواطنون المسيحيون خاصة في الصعيد، ‏تبعات المواقف السياسية التي تتخذها قيادات الكنيسة.‏ ونناشد الكنائس المصرية بضرورة الابتعاد عن السياسية والاكتفاء بالدور ‏الروحي ‏والديني المنوط بها. ونؤكد أنه لا يمكن ‏الوصول لحلول ‏حقيقية لتلك الأزمة إلا بمشاركة مجتمعية متكاملة وبوضع هموم ‏ومشكلات المسيحيين ‏من تهميش وتمييز وعنف طائفي، على قائمة أولويات الأحزاب ‏والمنظمات والنقابات». (من بيان ناشطين وباحثين وشباب مصريين).
اقتباسات

أحوال الأقباط في تدهور مستمر بعد وصول العنف ضدهم إلى مراحل غير مسبوقة

تهجير أقباط العريش إلى الإسماعيلية هي بداية التهجير الداخلي لسكان سيناء حتى يتم تفريغها لمشاريع أخرى

مؤسسة الرئاسة تعتمد اعتماداً كلياً على الكنيسة في الحشد لها خارجياً لاستقبال السيسي في شتى زياراته

قيادات الكنيسة ترى في ما يقدمه السيسي للأقباط مكسبا لم يكن في حسبانهم

أقباط مصر ما بين سلطة الكنيسة وغياب القانون

محمد جاد

رحلة الأستانة من حمص إلى محطتها الأخيرة في إدلب عبر تفاهمات سوتشي

Posted: 29 Sep 2018 02:15 PM PDT

إنهاء الصراع في إدلب سيقود حتما إلى وضع حد نهائي لإطلاق النار بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام، بما يعني نهاية الحرب السورية والبدء بمسار التسوية السياسية وفق مخرجات اتفاقيات أستانة التي يراها البعض مكملة لمسار جنيف، في حين يراها آخرون أنها قفز على هذا المسار الذي تتمسك به الولايات المتحدة ودول المجموعة المصغرة التي تضمها إلى جانب فرنسا وبريطانيا والأردن والسعودية.
هناك ما لا يقل عن 70 ألفا من مقاتلي المعارضة المسلحة، منهم ما بين 10 إلى 20 ألفا من مقاتلي الجماعات الإسلامية المتشددة يتمركزن في محافظة إدلب، أو تم جمعهم فيها خلال سنوات الحرب ما بعد تسوية بلدة القصير في ريف حمص في أيار/مايو 2013 التي شهدت أولى حالات إخراج المسلحين ونقلهم إلى محافظة إدلب عبر مصالحات مناطقية تقضي بتسليم الأسلحة ومناطق السيطرة لقوات النظام.
وليس من الواضح حتى الآن بالاستناد إلى المعطيات الميدانية المتاحة أن معركة إدلب الكبرى سوف تحدث في أي دقيقة أو تم تأجيلها، أو إلغاؤها بشكل نهائي؛ وهو واقع غامض لا يقل غموضا عن واقع ومستقبل ما لا يقل عن 70 ألف مسلح من المعارضة المسلحة يتواجدون في المحافظة ومناطق مجاورة ضمن ما يعرف باسم المناطق المحررة في شمال غربي سوريا، ومركزها مدينة إدلب.
ولمحافظة إدلب موقع جغرافي متميز كبوابة لسورية على تركيا ضمن منطقة زراعية تمثل مركزا أولا لإنتاج الزيتون في سوريا والقمح وأنواع الفواكه والقطن وغيره.
ولموقع محافظة إدلب أهمية خاصة لتركيا التي تحاول الاستثمار في منع معركة إدلب تجنبا لتداعياتها في تدفق يعتقد انه سيكون الأكبر للنازحين الفارين من مناطق القتال باتجاه الحدود السورية، واحتمالات استغلال ذلك من عناصر جهادية للتسلل إلى العمق التركي وتهديد أمنها الداخلي.

نقطة تجمع لمقاتلي المعارضة المسلحة

قبل بداية الحرب في سوريا عام 2011، كانت محافظة إدلب تضم نحو 750 ألف نسمة؛ وبسبب حملات النزوح الداخلي، كما تشير أرقام تقريبية، إلى أن ما بين 2.5 إلى 3.4 مليون مدني يعيشون في محافظة إدلب، يشكل النازحون داخليا ما لا يقل عن نصفهم؛ وهناك ما لا يقل عن 6.6 مليون نازح داخلي في سوريا وما لا يقل عن 5.8 لاجئ خارج سوريا معظمهم في الدول المجاورة.
أصبحت إدلب نقطة تجمع لمقاتلي المعارضة المسلحة المعتدلة والمتشددين الذين خسروا معاركهم مع قوات النظام ومناطق سيطرتهم في محافظات أخرى من الذين فضلوا استمرار القتال بعد أن رفضوا ما يعرف باسم «تسوية أوضاعهم» للبقاء في مناطقهم والخدمة ضمن صفوف القوات النظامية، بما فيه القتال مع قوات النظام ضد رفاقهم السابقين في المعارضة المسلحة.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2015 استقبلت محافظة إدلب لأول مرة مقاتلي الفصائل التي انسحبت بعد تسليم أسلحتها ومناطق سيطرتها لقوات النظام في ريف حمص؛ وطوال العام 2016 كانت قوات النظام تعزز سيطرتها في ريف العاصمة في الزبداني ووادي بردى والغوطتين الغربية والشرقية وجنوب دمشق قبل انتهاء العام بسيطرة النظام على الأحياء الشرقية من مدينة حلب في نهاية ديسمبر/كانون الأول وانتقال مقاتليها إلى محافظة إدلب.
بعد الانتهاء من معركة حلب، وهي المعركة العسكرية الأهم في مسار الحرب بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة، عقدت روسيا برعايتها، وضمانات تركية وإيرانية، في 4 أيار/مايو 2017 اتفاقية أستانة لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة المسلحة في أربعة قطاعات جغرافية، حمص والغوطة الشرقية ودرعا، إضافة إلى إدلب.
واستعادت قوات النظام عبر عمليات عسكرية تنتهي بمصالحات مع فصائل المعارضة المسلحة القطاعات الأربعة المشمولة باتفاقية خفض التصعيد، باستثناء القطاع الرابع الذي يشمل محافظة إدلب ومناطق إلى جوارها من محافظات حلب واللاذقية وحماة، الذي تم التفاهم لإحلال السلام فيه بين روسيا وتركيا في سوتشي في 17 أيلول/سبتمبر 2018.
وفي الأشهر التي أعقبت توقيع اتفاقيات أستانة، شنت قوات النظام بدعم روسي وإيراني حملات عسكرية انتهت بإخراج مسلحي المعارضة المسلحة من ثلاث من مناطق خفض التصعيد الأربعة.
ففي نيسان/ابريل 2018 استعادت قوات النظام كامل ريف دمشق المشمول بخفض التصعيد، وفي أيار/مايو استعاد النظام سيطرته على كامل مناطق خفض التصعيد في محافظة حمص ليتفرغ لاستعادة منطقة خفض التصعيد الثالثة في محافظتي القنيطرة ودرعا في تموز/يوليو 2018 على طول الحدود مع إسرائيل والأردن.

مناطق خفض التصعيد

لكن لا مجال هنا للمقارنة بين مناطق خفض التصعيد الثلاث التي استعادتها قوات النظام والمنطقة الرابعة التي تشمل المناطق المحررة في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة، وذلك لاعتبارات يرى العقيد المنشق خالد المطلق أنها تتعلق بوجود «عدد كبير من الفصائل في إدلب، وهي الفصائل التي تمثل أساس انطلاق الثورة، ومقاتلوها هم من رفض المصالحة مع النظام وفضلوا المغادرة والتجمع في إدلب التي يدرك النظام استحالة خوض معركة ناجحة فيها».
ويطمح النظام من خلال معركة إدلب بالسيطرة «على كامل محافظة إدلب وصولا إلى منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي على الحدود مع تركيا»، يقول عبد العزيز، الذي يجد أن «أمرا كهذا ليس بالأمر اليسير على قوات النظام ومعها القوات الروسية والقوات الساندة الأخرى طالما أن هناك فصائل ثورية في المحافظة قادرة على التصدي والدفاع عن المحافظة».
لكن استراتيجية النظام لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية تصطدم بواقع أن «معركة إدلب فيما لو تجرأت قوات النظام على مباشرتها، فأنها ستكون معركة مختلفة عن سابقاتها في مناطق أخرى، وسيخسرها النظام بكل تأكيد»، وفقا للناشط الميداني وائل عبد العزيز.
ولا تزال فصائل درع الفرات والجيش الوطني الحليف لتركيا تشكل تحديا لاستراتيجيات استعادة كامل الأراضي السورية، حيث تفرض سيطرتها على مساحات واسعة من شمال سوريا خارج ما يعرف بالمناطق المحررة في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ التي يعتقد أنها خاضعة لنفوذ هيئة تحرير الشام.
كما أن فصائل المعارضة المسلحة هي الأخرى تشكل تحديا للنظام إذا حاول استعادة محافظة إدلب عن طريق العمليات القتالية؛ ففي أيار/مايو 2018 شكلت عشرة فصائل معتدلة تابعة للجيش السوري الحر «جبهة تحرير سوريا» بدعم تركي لأكثر من 10 آلاف مقاتل تم إلحاقهم فيما بعد تحت نفس المسمى إلى الجبهة الوطنية للتحرير التي تشكلت في 8 آب/اغسطس 2018 إلى جانب فصائل أخرى، معظمها إسلامية ليبلغ العدد التقريبي لمقاتليها أكثر من 35 ألف مقاتل.
وعززت عموم فصائل المعارضة المسلحة تواجدها في المناطق المحررة باستعدادات «جيدة على المستوى العسكري بعد تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير من عدة فصائل، وانضمام كافة الفصائل الأخرى من الجيش السوري الحر ضمن سقف قرار عسكري موحد سواء على صعيد تقسيم قواطع العمليات أو غيرها بما يضمن القدرة على صد أي هجوم قد يشنه النظام»، بحسب الناشط الميداني وائل عبد العزيز.
عكس تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير الرغبة التركية في إدماج أكبر عدد من الفصائل ضمن ائتلاف جبهوي واسع للحد من توسع مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية «قسد» التي تقاتلها فصائل درع الفرات الحليفة لتركيا والتي تتلقى رواتب مقاتليها وسلاحها من تركيا إضافة إلى الدعم والإسناد البري بالقوات الخاصة التركية والطيران التركي.
أما هيئة تحرير الشام فيقدر عدد مقاتليها ما بين 7 إلى 12 ألف مقاتل، وهي مدرجة على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة ودول عدة آخرها تركيا التي صنفتها كتنظيم إرهابي بقرار رئاسي في 29 آب/اغسطس 2018.
وفي آخر التقديرات فان هيئة تحرير الشام تفرض سيطرتها على نحو 60 في المئة من مساحات المنطقة المحررة في محافظة إدلب ومحافظات مجاورة، في حين تفرض الجبهة الوطنية للتحرير على ما تبقى من تلك المساحات إلى جانب بعض الجماعات الجهادية المتشددة مثل حراس الدين المرتبطة تنظيميا بتنظيم القاعدة الأم، ومقاتلين أجانب في صفوف الحزب التركستاني الإسلامي وأنصار التوحيد وأجناد القوقاز (مقاتلون شيشان) وغيرهم من المتشددين المرتبطين منهجيا بتنظيم القاعدة.
وخلال أسابيع تحضير قوات النظام لمعركة إدلب، وقبل وبعد توصل تركيا وروسيا إلى تفاهمات سوتشي في 17 أيلول/سبتمبر 2018، أعلنت جميع الفصائل الثورية أو الإسلامية المعتدلة أو المتشددة مرارا بانها على أتم الاستعداد للقتال دفاعا عن مناطق سيطرتها في محافظة إدلب وجوارها حتى النهاية.
ويستبعد العقيد المنشق خالد المطلق، فتح معركة إدلب من قبل قوات النظام وروسيا سواء بوجود تفاهمات سوتشي أو من دونها، ويرى أن النظام «لا يمتلك ما يكفي من القوات لاقتحام إدلب، وسوف لن يستطيع دخولها بأي شكل من الأشكال بسبب القوة الهائلة الموجودة فيها وتشكيلات المقاومة الشعبية التي تشكلت هذه الأيام، مثل الفيلق السابع وجيش الشعب، وتمتلك ما لا يقل عن ثلث القوة المسلحة في المحافظة، وهؤلاء أصلا هم من أبناء المحافظة من مقاتلين سابقين وشباب متطوعين».

تركيا وروسيا

تجنبت تركيا وروسيا التصعيد المتبادل منذ إعلان النظام نيته باقتحام إدلب بعد سيطرته على القطاع الثالث من مناطق خفض التصعيد في الجبهة الجنوبية الغربية في درعا والقنيطرة أوائل تموز/يوليو 2018، والمباشرة بحشد المزيد من القوات النظامية والمجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لها بدعم روسي سياسي وعسكري.
وترتبط تركيا وروسيا بعلاقات متميزة خارج ما يتعلق بالملف السوري على عدة مستويات سياسية واقتصادية وأمنية يمكن تقويضها في حال غاب الفهم المشترك والتفاهم بينهما حول معركة إدلب، والعودة إلى ما كانت عليه علاقاتها من توترات وإجراءات عقابية اقتصادية متبادلة بعد إسقاط تركيا مقاتلة روسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
لدى تركيا، وفق تقارير إعلامية، أكثر من 1300 جندي على الأراضي السورية منذ تدخلها العسكري في 24 آب/اغسطس 2016؛ وتتمركز معظم القوات في مناطق سيطرة درع الفرات وعملية غصن الزيتون، إضافة إلى نقاط المراقبة الاثنتي عشر نقطة على خطوط تماس قوات النظام مع المعارضة المسلحة.
وبنت تركيا علاقات تنسيق وتعاون ودعم مع فصائل مسلحة في المعارضة المسلحة سواء الحليفة لها والتي تمولها وتسلحها مثل الجيش الوطني ودرع الفرات، أو فصائل الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية معتدلة انضوت تحت مسمى الجبهة الوطنية للتحرير في المناطق المحررة.
وفي 17 سبتمبر/أيلول 2018، أعلنت روسيا وتركيا التوصل إلى تفاهم في سوتشي لإنشاء منطقة منزوعة السلاح في محافظات إدلب ومناطق من أرياف محافظات حلب واللاذقية وحماة ضمن جغرافية المناطق المشمولة بالقطاع الرابع من اتفاقيات أستانة التي رعتها روسيا وتركيا كطرف ضامن لالتزام المعارضة المسلحة وإيران لقوات النظام والقوات الحليفة.
خلقت تفاهمات سوتشي حالة من الإرباك في معرفة مصير ومستقبل تلك الفصائل بكل توجهاتها الفكرية بعد انقسامات حادة في الموقف من تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ومن ثم الانسحاب إلى العمق بعيدا عن المنطقة منزوعة السلاح التي رسمتها بنود التفاهم الروسي التركي.
تتضمن تفاهمات سوتشي بين روسيا وتركيا انسحاب كل من قوات النظام والمعارضة المسلحة من المنطقة منزوعة السلاح على طول خطوط التماس بين طرفي الحرب لعمق يتراوح ما بين 15 إلى 20 كيلومترا مناصفة بحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ولم يتم الحديث في تفاهمات سوتشي عن تجريد قوات النظام والمجموعات الشيعية المسلحة التي ترعاها إيران من أسلحتها بموعد ينتهي في 10 تشرين الأول/اكتوبر، في حين سيكون على تركيا الطرف الممثل للمعارضة المسلحة سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الفصائل المتواجدة في المنطقة منزوعة السلاح.
ومن بين النقاط العشر التي وردت في تفاهمات سوتشي بين تركيا وروسيا، تبدو النقاط المتعلقة بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح هما من أكثر النقاط تعقيدا في تنفيذها وخطورة في تداعياتها بالنسبة لتركيا التي تناور في أوساط المعتدلين والمتشددين للقبول بالاتفاقية وتجنب معركة إدلب التي تحرص سوريا وروسيا على استغلال معطيات الواقع للمباشرة بها واسترداد كامل محافظة إدلب.
ووصف العقيد المنشق خالد المطلق، عملية تسليم السلاح الثقيل والمتوسط بانه «مقتل الثورة السورية ونهايتها» طالما أن الواقع الميداني «يخلو من أي مؤشرات على إمكانية دخول قوات النظام إلى إدلب واجتياحها بوجود السلاح لدى الفصائل الثورية».
خلاصة القول، أن تفاهمات سوتشي أدت إلى تأجيل العملية العسكرية لاقتحام محافظة إدلب من قبل القوات الروسية وقوات النظام وحلفائه، لكن ليس ثمة ما يؤكد على إلغاء العملية دون تحقيق الهدف النهائي لها باستعادة سلطات النظام على المحافظة ضمن استراتيجية معلنة لاستعادة النظام سيطرته على كامل الأراضي السورية سواء باستخدام القوة العسكرية أو بعقد الهدن والمصالحات مع الفصائل؛ وهي استراتيجية تدعمها روسيا ولا ترفضها تركيا مع تحفظات شكلية من الولايات المتحدة.

رحلة الأستانة من حمص إلى محطتها الأخيرة في إدلب عبر تفاهمات سوتشي

رائد الحامد

بنغازي درة الشرق الليبي وعاصمته البهية

Posted: 29 Sep 2018 02:14 PM PDT

مدينة بنغازي هي عاصمة الشرق الليبي وثاني أهم مدن ليبيا بعد العاصمة طرابلس، وتقع في إقليم برقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. أسسها الإغريق قبل خمسة قرون من ميلاد المسيح كما أنها أهم مدن الشرق الليبي، وكانت تسمى «هيسبيريدسو.» وهي أيضا العاصمة السابقة للبلاد بمعية طرابلس حسب دستور استقلال ليبيا لسنة 1951 وكانت إقامة الملك ادريس السنوسي بالقرب منها وتحديدا في مدينة البيضاء.
خضعت بنغازي ومحيطها إلى نفوذ الإغريق في وقت خضع فيه الساحل الغربي الجنوبي للمتوسط لنفوذ القرطاجيين، ثم جاء الرومان وأخضعوا مستعمرات الإغريق والقرطاجيين في شمال افريقيا إلى نفوذهم. ثم حل البيزنطيون وورثوا روما وقبلهم الوندال في غرب المتوسط، إلى أن جاء الفاتحون من جزيرة العرب حاملين راية الإسلام فأصبح إقليم برقة منطلقا لغزوات العرب على بلاد المغرب الكبير ومن هذا الإقليم تأسست مدينة القيروان التونسية حاضرة الإسلام الأولى في بلاد المغرب وعاصمته كولاية تابعة للخلافة الإسلامية في دمشق ولاحقا في بغداد.
وفي زمن هارون الرشيد بدأت الأقاليم تستقل بقرارها فظهرت إمارة بني الأغلب في القيروان وتلاها الفاطميون الذين أسسوا مدينة المهدية التونسية وأخضعوا بلاد المغرب ثم عادوا إلى القيروان وتحديدا إلى صبرة المنصورية ومنها انطلقوا إلى الفسطاط في مصر وأسسوا القاهرة التي باتت مركز حكمهم. وبعد سنوات من المد والجزر عرفتها بلاد المغرب تسبب فيها غزو بني هلال المدمر والمخرب للأوطان استقرت هذه البلدان تحت حكم الموحدين ثم العثمانيين الذين أخضعوا بنغازي إلى إيالة طرابلس وبقي الحال على ما هو عليه إلى حين استقرار الاستعمار الايطالي في شمال ليبيا والفرنسي في الجنوب.

أعراق وطبيعة خلابة

طقس بنغازي متوسطي معتدل وجميل بسبب مؤثرات عديدة لعل أهمها البحر الأبيض المتوسط والجبل الأخضر الذي يعتبر من أخصب أراضي ليبيا، وغيرها. يرتوي سكان بنغازي من مصدرين للمياه، أولهما الجوفية التي تصل من جنوب ليبيا عبر النهر الصناعي، وثانيهما مياه البحر التي تتم تحليتها في محطات أعدت للغرض تزود بنغازي وتلبي حاجياتها.
تضم بنغازي مدناً أخرى منها قمينس، سلوق، الأبيار وغيرها وعرفت فوضى أمنية في مرحلة الإطاحة بالقذافي وحتى بعد ذلك، حيث كثر فيها استهداف القضاة ورجال الأمن والحقوقيين. وما زالت إلى اليوم مستقرا للجماعات التكفيرية رغم الحديث عن سيطرة اللواء خليفة حفتر عليها وافتكاكها من التنظيمات المتطرفة التي تسير على نهج «داعش» وأخواتها.
تسمى بعض الشوارع والمناطق في بنغازي بأسماء أولياء دفنوا فيها مثل سيدي سالم وسيدي حسين وسيدي الشابي وغيرهم، حتى أن البعض يرجع تسمية بنغازي إلى الولي الصالح «سيدي غازي» المدفون في مقبرة سيدي خريبيش. كما سميت بعض الشوارع في مدينة بنغازي بأسماء عائلات كبرى عاشت في المدينة وتمتد جذورها إلى قرون خلت.
ويقطن في المدينة سكان من أعراق مختلفة، فهناك من قدم من الغرب الليبي واستوطنها وهناك العرب القادمون من الجزيرة العربية مع الفتح الإسلامي والأمازيغ السكان الأصليون لشمال افريقيا والعثمانيون من أتراك وانكشارية القوقاز والبلقان وغيرها من المناطق، إضافة إلى اليونانيين. يتميز البنغازيون بأنهم مجتمع متماسك ومتآلف رغم تنوعه العرقي ويفسر البعض ذلك بالشعور بالظلم تجاه الغرب الليبي ومدينة طرابلس التي استأثرت بكل شيء حتى بالأهمية الدولية.
ويرى البعض أن هذا التمازج الثقافي والاجتماعي لسكان بنغازي سببه الموقع الاستراتيجي للمدينة المنفتحة على بحرها المتوسط وأيضا وقوعها في منطقة تعتبر طريقا للقوافل التجارية وقوافل الحجاج. لذلك تطورت المدينة ونمت وازدهرت في إقليم برقة وفي كامل ليبيا حتى ارتقت إلى مرتبة عاصمة في ليبيا الموحدة إلى جانب طرابلس الغرب.

اقتصاد واعد

ومن أهم مكونات المدينة سوقها المركزي القديم، الذي حافظ على طابع المعمار العربي الإسلامي والذي يعتبر القلب النابض للمدينة والذي تحوم حوله الحياة العامة. ويمارس السكان نشاطهم التجاري أيضا في ما يسمى «الفندق البلدي» الذي تباع فيه الخضر والغلال وأيضا في المحال التجارية العصرية المتواجدة في كامل أنحاء الحاضرة الليبية الشرقية.
يعتبر ميناء بنغازي من أهم الموانئ الليبية على الإطلاق ومساهمته فاعلة في حركة الملاحة الدولية بالنظر إلى الموقع الاستراتيجي للمدينة حيث تتوسط بلادي المشرق والمغرب العربي. وتوجد فيها أيضا منطقة اقتصادية حرة كانت مساهمتها فعالة قبيل الأزمة الليبية في تحريك عجلة الاقتصاد التي توقفت أو تكاد في الوقت الحالي. كما يوجد فيها مطار دولي هو مطار بنينا، ساهم في إعطاء المدينة الأهمية التي تستحق باعتبارها عاصمة سابقة وواحدة من أهم المدن الليبية.
وتتخذ العديد من المصارف والشركات من بنغازي مقرا رئيسيا لها مثل مصرف المتوسط، وشركة الخليج العربي للنفط، وسوق الأوراق المالية الليبي. وفي إطار المنافسة التاريخية مع العاصمة طرابلس يسعى أبناء بنغازي لإعادة مؤسسات وطنية تأسست سابقا في المدينة ومنها المؤسسة الوطنية للنفط والخطوط الجوية والبنك المركزي وغيره.
لا تعتمد بنغازي على السياحة لأن المدن الأثرية المجاورة في الجبل الأخضر، ومنها شحات خطفت منها الأضواء بالنظر إلى مخزونها اللافت من الآثار. لكن في السنوات الأخيرة تزايد الاهتمام بالنشاط السياحي فتمت برمجة مشاريع هدفها تنويع المداخيل وعدم الاكتفاء بالبترول كمصدر وحيد لعيش الليبيين. ومن بين هذه المشاريع، البحيرات الشمالية إضافة إلى الوحدات الفندقية المبرمجة لسنوات مقبلة.
كما الفنادق الليبية تعرضت فنادق بنغازي، نتيجة لطبيعة النظام السابق المنغلقة على نفسها والمعتمدة بشكل رئيسي على مداخيل البترول، لأزمة خانقة تواصلت بعد الإطاحة بنظام القذافي بالنظر إلى الأوضاع الأمنية الهشة التي تعيشها البلاد. لكن ذلك لا يمنع من القول أن هناك محاولات للنهوض بهذا القطاع خاصة وأن بنغازي تشهد شبه استقرار مقارنة بطرابلس الغرب وتشهد استقرارا لبعث المنظمات والبعثات الدبلوماسية الأمر الذي يشجع على الاستثمار خاصة وأن المدن الأثرية المشهورة عالميا لا تبعد كثيرا عنها.

عاصمة الثقافة

في بنغازي أقدم جامعة ليبية تأسست سنة 1955 اتخذت في البداية من أحد القصور الملكية مقرا لها لتنتقل إلى مبنى خصص لها سنة 1968 وسميت لاحقا باسم جامعة قاريونس بالنظر إلى وقوعها في منطقة قاريونس ثم جامعة بنغازي بعد الإطاحة بالقذافي. كما توجد في المدينة أكبر مكتبة عمومية في ليبيا وفيها جامعات خاصة توفر مختلف الاختصاصات التي يحتاجها خريجو التعليم الثانوي من الليبيين وغيرهم.
هي عاصمة الثقافة والمثقفين في ليبيا لنشوء أول جامعة فيها واتخاذ دار الكتب الوطنية من المدينة مقرا لها، وكذا مقر الإيداع القانوني للمصنفات المعدة للنشر وحفظ وتجميع التراث المؤلف في ليبيا. كما تميزت المدينة في السنوات الأخيرة بتأسيس الجمعيات والمنظمات التي تعنى بالشأن الثقافي ونشطت فيها الحركة المسرحية بشكل لافت لم يكن مألوفا لدى الليبيين في السنوات الماضية.
تشتهر بنغازي بإقبال شبابها على الرياضة، ومن أشهر النوادي الرياضية فيها نادي أهلي بنغازي الذي يحفل تاريخه بالألقاب المحلية. كما يوجد نادي النصر والهلال الليبي وغيرهم. كما توجد فيها منشآت رياضية هامة وبنى تحتية.

ليبيا الموحدة

يقول صالح العبيدي، الباحث الليبي في الأنثروبولوجيا والمدرس في الجامعة الليبية لـ»القدس العربي» أن بنغازي هي قطب بكل ما للكلمة من معنى وفي جميع المجالات. لذلك برزت، كمنافس للعاصمة طرابلس، وخلال السنوات التي تلت استقلال ليبيا كان هذا التنافس إيجابيا خلق تطورا في المدينتين وساهم في بروز المشاريع التنموية الكبرى في بنغازي على وجه الخصوص.
لقد شعر أهل بنغازي، حسب العبيدي، ببعض الضيم في السنوات الماضية، باعتبار أن طرابلس تستأثر بمشاريع التنمية الكبرى الأمر الذي انعكس مبادرات فردية في الشرق لمحاولة اللحاق بما وصلت له طرابلس. لكن هذا لا يمنع من القول، وحسب الباحث، أن الدولة وفي كل العهود أنجزت في بنغازي مشاريع كبرى انعكست ايجابا على حياة المواطن وهذا لا يمكن إنكاره.
ويضيف: «إن ما نخشاه في ليبيا هو أن تؤدي هذه النزعة إلى الانتصار لمدينة أو لإقليم أو لجهة إلى تفكيك البلد، وهذا ما نعيبه على دعاة الفدرالية التي نراها خطوة أولى لتقسيم البلد إلى ثلاثة أقاليم هي إقليم طرابلس غربا وإقليم برقة وعاصمته بنغازي شرقا، وإقليم فزان جنوبا. فبالنهاية بنغازي وطرابلس ينتميان إلى وطن واحد موحد ولا يمكن فصلهما وكل مشروع تنمية في واحدة منهما هو لكل الليبيين في ليبيا الموحدة.
وبنغازي في حاجة إلى عمل جبار لتتحول إلى قطب سياحي عملاق ولديها كل الخصائص التي تؤهلها لذلك، البحر والمدن الأثرية المجاورة والفنادق التي ستنجز في السنوات المقبلة، وجمال منطقة الجبل الأخضر. فعليها كما سائر مدن ليبيا أن تبحث عن بدائل تنموية جديدة خارج إطار البترول الذي سينفد يوما ووجب تركه للأجيال القادمة لا مواصلة استنزافه.
والآن وقد انتهى عصر الملك ادريس السنوسي (الذي كان محسوبا على الشرق) كما عصر القذافي (الذي كان محسوبا على الغرب) فلا بد من تجاوز عقلية المنافسة بين الشرق والغرب والتفكير في ليبيا الموحدة التي تضم بنغازي وطرابلس وسائر المدن الأخرى التي تتكامل مع بعضها في مخطط تنمية واحدة يحقق الرفاه للمواطن الليبي الذي أرهقته الحروب والنزاعات. لا بد من التفكير جديا في بث الوعي لدى سائر المواطنين بنبذ الفرقة والتراجع نهائيا على مشروع الفدرالية ولتكن هناك عاصمتان إن لزم الأمر واحدة في الشرق هي بنغازي وأخرى في الغرب هي طرابلس».

بنغازي درة الشرق الليبي وعاصمته البهية

روعة قاسم

بين السياحة والتدريس في جامعات الشرق والغرب: قناعات معطوبة

Posted: 29 Sep 2018 02:14 PM PDT

أثناء تنقّلاتي في أرض الله الواسعة، لسنين عدداً، للسياحة والدراسة أو التدريس في جامعات الشرق والغرب، تجمّعت لديّ ملاحظات طريفة عن الحماسة وطرق التفكير، أو النظر إلى بعض مسائل التاريخ والثقافة والدين، لدى بعض الناس في تلك البلاد، مما وجدتُه غريباً على ما درجتُ عليه في إطار الثقافة العربية ـ الإسلامية، غير المنغلقة أمام حضارات وثقافات أخرى. وعندما كنتُ أعبّر لجليسي أو زميلي عن استغرابي لما أسمع وأرى من شؤون أولئك القوم، مثل شعور ذلك الإمبراطور الصيني، الذي جاء إلى لندن في القرن الثامن عشر، في أول زيارة لإنسان من بلاد الصين، فأخذوه إلى المسرح الملكي ليشاهد ما لدى الإنكليز من عروض فنية، كان الجمهور يتحوّل من النظر إلى المسرح ويلتفت إلى مقصورة الضيوف العليا، متطلّعاً إلى إمبراطور الصين الضيف الملكي. بدأ الإمبراطور يتضايق من كثرة تطلّع الجمهور إليه، فقال لمضيفه الجالس إلى جانبه: ما بال هؤلاء الناس يتطلّعون إليّ؟ أليس هذا التصرّف غريباً؟ فأجابه المرافق الملكي: هؤلاء يجدونك أنت الغريب بينهم وليسوا هم الغرباء! ومثل ذلك حكاية أول سفير بريطاني إلى كينيا، في القرن التاسع عشر، سير جون سمرفيلد، الذي أخذ زوجته الليدي في جولة في المدينة، فتضايقَت المحروسة وقالت لزوجها المحروس: هذا المكان مليء بالأجانب، وهم لا يتكلّمون «اللغة». فأجاب عطوفة السفير: عزيزتي، هؤلاء هم «المواطنون» ونحن الأجانب!
ماذا لو فكّر الإمبراطور «بالعقل» لا بالحماسة والقناعة الشخصية، أنه هو الغريب والآخرون الأسوياء؟ وماذا لو فكّرت الليدي «بالعقل» أنها هي الغريبة وليس أهل البلاد؟
في أول وصولي إلى بلد غير عربي ولا إسلامي، حيث جامعة هارفرد الأمريكية، للدراسات العليا، كنت شديد التحسُّب والحذر في بلد «غريب» عليّ ثقافة وسلوكاً و «كل شيء» تقريبا. لكن بعض ذلك الغريب كان جميلاً، إذ أن بعض الأُسر الميسورة كانت «تتبنّى» طالباً أو طالبة من «بلد أجنبي» تدعوه إلى مناسبات وحفلات، ليتعرف على البلاد «الأجنبية» وليتعرّفوا بدورهم على بلده «الأجنبي» ثقافة، وحضارة و «ديناً»، على افتراض أن جميع «الأجانب» غير مسيحيين، وربما يحاول بعضهم أن يكسب الأجنبي إلى إحدى الكنائس المسيحية الكثيرة في أمريكا. كانت أولى «محاولات التثقيف» من جانب «مضيفتي» التقيّة أن نصحتني بزيارة «حديقة سَمنَر» عند اقتراب عيد الميلاد، حيث تُقام زاوية تمثل ميلاد السيد المسيح مع أمّه مريم العذراء، في «المِذوَد» في بيت لحم، وحوله الخراف والحِملان، ومن بعيد صور الملوك الثلاثة المجوس تقودهم نجمة بيت لحم… تماثيل جميلة فعلاً، صوّرتُها بكاميرتي «الكوداك» المكعبة السوداء (أم دينار ونص). ولما عُدتُ إلى دعوة مضيفتي إلى عشاء الميلاد من «الديك التركي» المحشو (مسكين هذا الديك ذو الأسماء المتعددة: في البلاد الناطقة بالإنكليزية هو تركي، وبالفرنسية هندي، وفي بلاد الشام ومصر هو حبشي، وفي العراق الأوسط هو «عَلو عَلو» أو «علي شيش») كان أول سؤال مضيفتي وأسرتها: هل أعجبني مشهد «حديقة سَمنَر» وبدأت تشرح لي قصة ميلاد السيد المسيح، والأعاجيب الإلهية ومحاولة هداية الضالين في تلك البلاد… فقاطعتُها مكملاً ما أعرفه عن الدين المسيحي وعن بيت لحم وفلسطين والكنائس المسيحية في بلادنا العربية… فذُهلت السيدة المحترمة كما ذُهل أفراد أسرتها المجتمعون حول «التركي» الذي لا أعرف بماذا حشوه… وأحسّت أنها تحاول إخباري بشيء أجهله. لكنها سألت: هل لديكم عروض تمثيلية مثل ما رأيت عندنا؟ ما تعليقك على المشهد. أجبتُ بحماسة غير محسوبة العواقب: أستغربُ أن الخراف والحِملان عندكم لها ذنب، ورؤوسها مثلثة ممطوطة، ما يجعلها تشبه الذئاب دون الحِملان. لماذا تمثلون بعبارة «الذئب في إهاب الحمَل» في كلامكم؟ والمسيح هو «حَمَل الإله»؟
ران على الجميع صمتٌ يُنذر بعدم احتمال دعوتي إلى عشاء آخر! لكنني واصلتُ حديثي عما أعرفه عن المسيحية التي نشأت في بلادنا، وحوّر فيها الغرب حتى تشظّت إلى كنائس لا حصر لها في أمريكا. لكن مضيفتي كانت تصرّ على أن الخراف والحِملان هي ما دَرجوا عليه في الغرب، ولا بُد أن يكون ذلك هو الصحيح، أما كون المسيح من بلادنا، والخراف والحِملان عندنا لا تشبه الذئاب الأمريكية فهو ما لا يقبل النقاش العقلي والمنطقي، لأنه «هو كِدَه»!.
وفي ماليزيا، حيث قضيتُ أربع سنوات أستاذاً في الجامعة الإسلامية العالمية في العاصمة كوالا لمبور، تعرّفتُ على شعب مُسلم بحماسة لا نجد مثلها في بلاد العرب الإسلامية. فعلى الرغم من نسبة الصينيّين غير القليلة، فإن الطابع الإسلامي في البلاد شديد الوضوح، والمساجد فيها باهرة الجمال. والرغبة في أداء فريضة الحج شديدة، حتى أن الدولة أنشأت مؤسسة خاصة لشؤون الحج، يوفّر فيها الراغبون مبلغاً شهريا لحين يتجمّع عدد من المساهمين تقرره الدولة فتنظِّم لهم إدارة دقيقة ترعى شؤونهم منذ مغادرة البلاد لحين عودتهم حجّاجاً يحملون ما يُثقل أكتافهم من أواني البلاستك الملآى بماء زمزم. تُصدِر الدولة أول السنة الميلادية تقويماً للسنة كلها يبيّن أيام السنة الهجرية، وأول شهر رمضان، والأعياد وجميع المناسبات الدينية الإسلامية، وكل ذلك بناءً على استطلاعات فلكية علمية دقيقة، تأتي بعدها نتائج السعودية في «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». ماذا لو كان الجو غائماً أو مطيراً ليلة الأول من رمضان؟ لقد حلّت المشكلة َماليزيا الإسلامية بالعلم والأرصاد الفلكية. لكن حماسة الماليزي للدين الإسلامي لا تخلو من قناعة معطوبة. كنتُ استغرب بعض الأسماء فأسأل عن معانيها. هذه طبيبة عيون تخصّصت في بريطانيا قرأتُ اسمَها «ماجنة»، فسألتها إن كان اسمها بالماليزية يعني شيئاً جميلاً، كاسم طائر أو زهرة مثلاً؟ فأجابت بفخر إنه اسم إسلامي اختارَه جدي الحاج زارول. سألتُها: هل تعرفين معنى «ماجنة» مؤنث «ماجن»؟ قالت لا، ولكنه اسم إسلامي، أعتزّ به! هل تعرف العربية جيداً؟ أنت؟
وكان عندنا في الكلية موظف مؤدب جداً اسمه زارول، كذلك. فقلتُ أسأله عن معنى اسمه لأنه لن يجرؤ مثل الطبيبة المحترمة أن يسألني إن كنتُ أعرف العربية بما يكفي. قال الشاب، بفخر كذلك، هذا الاسم اختاره جدي الحاج وأصلُه «زهر الإسلام» ولكننا لا ننطق حرف الهاء بوضوح فجعلناه زارول وأنا مقتنع بهذا الاسم الإسلامي! وكان عندي طالب «شاطر» جداً اسمه «زاني» فسألته كعادتي غير مأمونة العواقب: هل لاسمِكَ معنى خاص بلغة الملايو؟ قال بفخر: جدي الحاج اختاره لي، وهو عليمٌ باللغة العربية والدين الإسلامي، فشرحتُ له الآية الكريمة «والزانية والزاني فاضربوا كلّ واحدٍ منهما مئة جلدة» (النور،24) فلم يقتنع، بل قال إن عمي رزق ببنت سمّاها «زانية» فلا يمكن جدي أن يكون على خطأ!
وفي جامعة الإمارات في مدينة العين، خرجتُ ذات صباح وأشرتُ إلى تاكسي وقلتُ له: توصلني إلى الجامعة، هل تعرف موقعها؟ هي جديدة. فعرفَ أنني عربي، فقال متباهياً «أنا يأرف، أنا مسلمان. هازا جامي بسم الله الرهمان الرهيم» وانطلق بي، فلما صرنا بمحاذاة باب الجامعة على الجهة اليسرى من الشارع رفض أن يستدير لندخل من باب الجامعة واستمر مسرعاً غير آبهٍ لما أقول إلى أن وصلنا نقطة تفتيش عسكرية بباب أحد البنايات الرسمية، فاضطر السائق للوقوف فشرحت لأحد الحرَس مشكلتي فكلّم السائق الذي استدار بي إلى المدخل الرئيس وقال لي مودعا: «أنتَ ما يفهم أرَبي، أنا شويسوّي؟».
وزميلي القبرصي اليوناني كان يكره الرسم الحديث وبيكاسو بالذات، كما لا يرى في صورة الموناليزا علامة جمال. أصغر طفل يرسم وجهاً أنفُه يغطي نصف وجهه وعينه اليمنى أعلى من اليسرى لا يمكن أن ينال استحسان معلم الرسم. أما كيف يُعجب ملايين البشر بصور ورسوم لا جمال فيها ولا براعة، فلأن ملايين البشر فقدوا عقولهم. هنا لا مفرّ من الترديد مع المعرّي: كلٌّ يُعزِّزُ دينَه/ يا ليتَ شِعري ما الصحيح؟

بين السياحة والتدريس في جامعات الشرق والغرب: قناعات معطوبة

عبد الواحد لؤلؤة

«عِشتار» ومَسرحُ المُضْطَهدين: قراءة في التجربة الفلسطينية

Posted: 29 Sep 2018 02:14 PM PDT

على ما حققه من حضور في عدد من بلدان العالم منذ تبلورت فكرته على يد المخرج البرازيلي الراحل أوغستو بوال، عام 1975. إلا أن «مسرح المُضْطَهدين» أو «مسرح المقهورين» لم ينل حقه من التجذر في مسارحنا العربية على الرغم من معاناة بلداننا من أشكال مختلفة من القمع والصراع قد يكون معها هذا المسرح بامتداداته وتسمياته المختلفة كالمسرح المنبري ومسرح الحوار ومنتدى المسرح وغيرها؛ هو الأكثر فاعلية في معالجة إشكاليات التغيير في الوعي العربي العام، بالاستفادة من فلسفته وتقنيته في إدماج المُتفرّج مع المُمثّل في تعديل ما يحدث على الخشبة.
ووفقاً لفلسفة هذا المسرح، وهو إحدى المدارس المسرحية الحداثوية، فلا يمكن بناء صورة للواقع إلا وفق رؤية الجمهور. ومن خلال رؤية الناس يتم، في هذا المسرح، إعادة بناء تلك الصورة من جديد، لتُسمع من خلالها أصوات المقهورين والمقموعين والمُضطَهدين.
تبلورت لدى أوغستو بوال (1931-2009) رؤية ونظرية جديدة للفضاء الجمالي للمسرح باعتباره جوهر العملية المسرحية والعملية العلاجية في آن، والتي تشكلّت لاحقاً باسم مسرح المُضْطَهدين، وهو مسرح يقوم على استخدام تقنيات مسرحية مختلفة للوصول بالمسرح إلى أي مكان وفي أي وقت لمناقشة القضايا القائمة على الصراع، سواء كان نفسياً، اجتماعياً أو سياسياً، ولذلك ففي هذا المسرح تُتاح الخشبات والساحات لأي شخص للمشاركة بالتمثيل أو الفعل أو الرأي بما يسهم في فهم حقيقة الصراع، من خلال عرض مستوحى من قصة حقيقية ويتكون من مشاهد قصيرة تشارك فيها شخصيات ضمنها شخصية محورية، وهي الرؤية التي عبر عنها بوال، في عدد من كتبه، وخلال مسيرة مثابرة لم تكن سهلة استطاعت هذه النظرية والتقنية المسرحية الجديدة أن تعلن عن نفسها جيداً كمدرسة مسرحية حديثة صار لها حضورها وكياناتها حول العالم.

مسرح عِشتار

لسنا، هنا، بصدد عرض رؤية ومسيرة تطور هذه المدرسة المسرحية بقدر الإشارة إلى خصوصيتها مُقدّمةً للتعرّف على تجربة عربية في هذا المسرح بدأت عام 1997وأصبحت في عامها الثاني والعشرين ظاهرة مسرحية في فلسطين، ويعود الفضل في ذلك لمسرح «عِشتار» (عشتار اسم آلهة الحب والخصب والحرب عند شعوب عربية في المشرق القديم)، والذي تأسس في القدس عام 1991 على يد الثنائي المسرحي الفلسطيني أدوار مُعلّم وإيمان عون، واُفتتح له فرع ثان في رام الله عام 1996؛ وهي التجربة التي حملت اسم «مؤسسة عِشتار للإنتاج والتدريب المسرحي» واستطاعت أن تحقق خلال أكثر من ربع قرن نجاحاً أصبحت، بواسطته دون مبالغة، من أهم عناوين الإنتاج والتدريب المسرحي في الداخل الفلسطيني، وقبل ذلك هي مَن أدخل تجربة مسرح المُضطَهدين لفلسطين، واستطاعت أن تستفيد منه كثيراً في الوصول بالمسرح إلى الناس في مناطق فلسطينية مختلفة، وأيضاً في تعزيز الحوار مع الناس، لما يتسم به هذا النوع من المسرح في كونه ينقل المُتفرج من (المتلقي السلبي) إلى (المتلقي الإيجابي) في التعامل مع الحدث الدرامي؛ فيأخذ المُمثل من الجمهور ويقترح حلولاً عملية لمساعدة الإنسان المُضطَهد على إزالة الاضطهاد عنه سواء نفسياً أو غيره.

إيمان عون

تكاد تكون المُخرجة والمُمثلة والمدرّبة المسرحية إيمان عون، وهي المديرة الفنية لمؤسسة «عشتار» من أبرز خبراء ومدرّبي مسرح المُضطَهدين في العالم العربي. درست علوما اجتماعية وتخصصت فيما يسمي «العلاج النفسي عن طريق الدراما» وبموازاة الدراسة كان المسرح باستمرار يسير يداً بيد، صاحب ذلك أن وعيها الاجتماعي وارتباطها بالنظريات والفلسفة الاجتماعية أعطاها قوة ومنحها ثقة في أن المسرح يستطيع أن يصنع تغييراً. من هنا تبلورت لديها الفكرة، وأن تبدأ مع المسرحي أدوار معلم، وهو زوجها وشريك دربها الفني، في تأسيس مسرح «عشتار» ليكون أول مدرسة مسرحية في فلسطين، وتكون البداية في تعليم الفتيات والشباب. وهي بداية كانت صعبة حيث لم يكن في فلسطين قبل مسرح عشتار أي تعليم من هذا النوع. ووفق إيمان فقد كانت هناك فِرق مسرحية، منها فرقة «الحكواتي» التي انضمت إيمان إليها في عام 1984 وكانت هذه الفِرقة من أكثر الفِرق الفلسطينية تجولاً في أوروبا. مرّ مسرح «عشتار» بعدّة مراحل؛ فبعد التأسيس واجه صعوبة في اقناع المجتمع المحلي بإلحاق أبنائهم وبناتهم، لكنه استطاع فيما بعد أن يتجاوزها ويحقق نتائجاً متميزة في التدريب وتعليم الدراما، حتى أصبح، لاحقاً، هو الجهة التي أوكلت لها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية مَهمَة وضع منهج الدراما للصفوف الابتدائية، كما صار يشرف على تعليم الدراما في كليات جامعية فلسطينية.
واقع مؤلم يعيشه الشعب الفلسطيني في الداخل ضاعف من معاناته تقسيمه إلى مناطق معزولة مع استمرار ترهل الاقتصاد الفلسطيني؛ وهو ما لم يعدّ معه الجمهور قادراً على التواصل المطلوب مع أي عمل مسرحي. ونتيجة لغياب الجمهور كان من الصعب الحديث عن وجود عمل مسرحي؛ وهو ما دفع بمسرح عِشتار للبحث عن استراتيجية جديدة للوصول إلى الجمهور في المُدن والقرى؛ فكان مسرح المُضطَهدين هو الاستراتيجية التي تجاوز بها الكثير من المعوقات منذ انطلاقته بهذه التجربة عام 1997. أما بداية علاقة إيمان عون بهذه التجربة فتعود إلى فترة دراستها الجامعية؛ «فخلال دراستي للعلاج النفسي بالدراما – تقول لكاتب السطور – كنتُ قد تعرفتُ على نظرية مسرح المُضطَهدين، وقرأتُ عنها وأعجبتني؛ لأنها تتيح لك فهما أعمق للمجتمع وقربا أقوى من الناس، وثقة أكبر بالمسرح، فالمسرح يمكن أن يكون فعلاً يومياً بسيطاً ويمكن لأي شخص أن يقوم بعمل مسرحي، أي أنه من خلال عناصر قليلة يصبح لديك مسرح حقيقي».

أرض المضطَهدين

حرص مسرح «عِشتار» على تطوير تجربته مع مسرح المُضطَهدين؛ فعمل مسرحيوه مع مسرحيين من دول مختلفة حتى صارت لهم علاقة مباشرة مع مسرح «أوغستو بوال» البرازيلي، وكانت بدايات عملهم مع مسرح «بوال» ضمن برنامج تدريب جمعهم مع محترفين سويسريين، وكان من بين أولئك الفنانين السويسريين زميل لفرقة عشتار، كان قد خضع لتجارب في بلد هذا المسرح، فمرر للفرقة أول طريقة لتطبيق النظرية؛ فتجاوزت من خلاله، حاجز التخوف من تقبل الجمهور لها، حتى أن إيمان عون شعرت من التجربة الأولى في هذا المسرح، أن فلسطين هي أرض هذا المسرح، و «أن مَن يستحق هذا المسرح من المُضطَهدين همّ الفلسطينيون». لقد اتجهت مؤسسة «عِشتار» نحو تكريس تجربة هذا المسرح في فلسطين وذلك من خلال إنتاج سنوي لعمل مسرحي تتجول الفرقة به في نحو140 عرضاً في القرى والمُدن الفلسطينية، وأحياناً عند اشتداد الحواجز ومنع التجوال، تقول ايمان: «كنا نتنقل على الحمير أو سيراً على الأقدام، ونضع الديكور على عربات، ونظل نسير لساعات حتى نصل إلى حيث العرض».
تطورت وتوالت برامج «عِشتار» في هذه التجربة، حتى صار سجلها مضيئاً بعدد كبير من الأعمال، وأسهمت في تدريب كوادر مسرحية جديدة ومعالجة قضية وتكريس أوسع لثقافة المسرح التفاعلي في المجتمع، وقبل ذلك استطاعت من خلال تقنيات هذا المسرح البسيطة التمدد فلسطينياً والاقتراب من قضايا المجتمعات المحلية؛ وإثارة الكثير من الموضوعات بما فيها المسكوت عنها اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، مستفيدة من سمات هذا المسرح في أنه يحفظ رأي مَنْ همّ مع ومَنْ همّ ضد؛ في ظل ما يتيحه للمُتفرج في قول ما يشاء في سياق حوار تفاعلي. وتعتقد مؤسسة عِشتار أن تجربتهم هذه استطاعت أن تضيف إلى مسرح المُضطَهدين، ووفق إيمان عون فإن تجربتهم «نقلت مسرح المُضطَهدين من بين الناس إلى التلفزيون. وجعلنا تفاعل الجمهور مع المسرح تلفزيونياً. أي أنه يتم تسجيل المسرحية داخل الاستديو. بينما المشاهدون مرتبطون ببيوتهم مع صُناع القرار من خلال الحوار في الحدث المسرحي الذي يتناول قضاياهم، محققين نجاحا جعلنا محط ثقة برامج تدريبية خارج فلسطين».

أسئلة التمويل

يعتمد مسرح «عِشتار» في التمويل على المنح الثقافية من المنظمات المانحة وخاصة الأوروبية، حيث يتم تقديم الفكرة والمشروع كاملاً شاملاً الكُلفة وعلى المنظمة المانحة الموافقة أو عدم الموافقة، ولأن التمويل وأجندة المنظمات المانحة تمثل مشكلة مؤرقة للمؤسسات الفلسطينية؛ فقد كانت موضوعاً لعمل مسرحي قدمته إيمان عون عام 2011على خشبة مسرح عشتار في رام الله، تحت عنوان «بيت ياسمين» بمشاركة الجمهور بوصفه جزءاً أساسياً من العمل وليس متفرجاً فقط، فطرحَ العملُ سؤالاً عن جدوى المساعدات المقدمة من الدول المانحة للفلسطينيين، أسئلة كثيرة راودت المديرة الفنية للمسرح بعد تجارب كثيرة خاضتها مع جهات التمويل، منها مع مؤسسة شريكة لها في عرض «مونولوجات غزة» إذ طلبت منها عدم استخدام كلمة «شهيد» في المونولوجات كشرط لاستمرارية دعمها للمشروع؛ وهو ما رفضته عون. وانطلاقاً من هذه الحادثة، بدأت الأسئلة تراود عون: لكل مانح أجندة خاصة به، فهل نقبل بإمرار سياساته؟ وإن فعلنا، أفلا نخسر بذلك شيئاً من روحنا؟ أسئلة دفعتها إلى التفكير في كل الإشكاليات المتعلقة بقبول التمويل الأجنبي مقابل إمرار أجندات سياسية تلصق الإرهاب بالشعب الفلسطيني، إلى أن خلصت إلى أنّ «الغيبوبة تسيطر على الجميع». هذه الخلاصة قدّمتها المخرجة رمزياً بعدما شبّهت «غيبوبة الواقع الفلسطيني» بياسمين بطلة عملها. ياسمين ناشطة في مجال حقوق الإنسان، تُدير حلقات تلفزيونية من بيتها، وتتعرض لمحاولة اغتيال في عيد ميلادها يشلّ حركتها. يهمّ أهل البيت لمساعدتها، فيما تتدخّل جهات خارجية لمساعدة العائلة. وبدلاً من أن تُسعف ياسمين، تزداد الأمور تعقيداً عندما يبدأ كل فرد يبحث عن مصلحته من وراء بقاء حالة ياسمين على ما هي عليه. ضمّت «بيت ياسمين» تسعة ممثلين شاركوا الجمهور النقاش في محور المسرحية ارتجالياً أثناء العرض، ما خلق حالة تفاعل قوية.

قضايا الصراع

موضوعات وقضايا مختلفة ومتنوعة عالجها ويعالجها مسرح عِشتار في فلسطين ضمن هذه التجربة، وتتمحور جميعها حول القهر والصراع. ومن أهم مسرحياته المنبرية الأخيرة يمكن الإشارة إلى مسرحية «ماكينة وشاكوش» قدمها عام 2016 والتي طرحت مجموعة من القضايا والأسئلة حول وضع اليد العاملة في فلسطين. ومسرحية «محكمة» قدمها عام 2015 وهي تتحدث عن العمالة في المستوطنات والصعوبات التي تواجه سكان الأغوار الفلسطينية في مجالي الصحة والتعليم، حاملةً قصص الأغوار إلى شوارع وساحات 16 مدينة وقرية في الضفة الغربية وثلاثة عروض أخرى في الأردن.
مسرحيات كثيرة قدمها هذا المسرح ضمن امتدادات مسرح المُضطَهدين المختلفة في فلسطين، والتي تُبرِز خصوصية هذا النوع من المسرح وأهمية الاستفادة من تجربته في ظل ما يتيحه من إمكانات بسيطة لإيجاد مسرح والوصول للناس في أي مكان وتمكينهم من المشاركة في صوغ النص وتعديل العرض وفق رؤيتهم لأسباب وحلول قضايا الصراع التي يعانون منها، وهنا تكمن الأهمية انطلاقاً من أن وعي المجتمع بقضاياه وحلولها هي بداية طريقه باتجاه التغيير والتنمية. ويعزز من هذه الأهمية حقيقة أخرى وهي أنه لا يوجد ما هو أهم من المسرح في التأثير والاقناع كصانع حياة وقائد نهضة ورائد تغيير لاسيما عندما تكون الخشبة المسرحية منبراً لأصوات المقموعين، وهو ما يجعل من هذا المسرح المنبري حاجةً عربية مُلحّة، وخاصة في ظل ما تمور به المنطقة من صراع ينتج عنه قمع وقهر، مع ما يمتاز به مسرح المقهورين من إمكانات ويتيحه من وسائل تتجاوز به الصدام المباشر مع السلطات المختلفة.

«عِشتار» ومَسرحُ المُضْطَهدين: قراءة في التجربة الفلسطينية

أحمد الأغبري

كتاب البروفيسور فيليب سالم «الانتصار على السرطان»: المعرفة وحدها ليست كافية والخوف هو عدوك الأول

Posted: 29 Sep 2018 02:13 PM PDT

كتاب إنساني عن مرض إذا ما دخل جسد إنسان، لا يخرج إلا منتصراً. انه كتاب البروفيسور فيليب سالم: «الانتصار على السرطان ـ المعرفة وحدها ليست كافية». الكتاب موجه إلى مرضى السرطان وعائلاتهم، مع الاعتراف بأن كل عائلة تختلف عن الأخرى، وكذلك نفسية كل مريض. الكتاب خلاصة عمل 50 عاماً مع مرضى السرطان الذين في نظر البروفيسور سالم، كلهم أشخاص مميزون، وانه كان له الشرف ان يرافقهم في رحلاتهم العلاجية التي وصلت بينه وبينهم إلى علاقة حب من نوع لا يعرفه إلا طبيب ومريض متعلق بالحياة.
يقول البروفيسور سالم في كتابه الصادر حديثاً عن دار «كوارتيت» ان قصص والده وهو طفل كانت فكرتها الوحيدة: الثقافة. والثقافة هي التي دفعته إلى وضع هذا الكتاب الذي بلور تجربته مع السرطان، وعبره يريد تثقيف مرضى السرطان عن المرض وعن الوسائل الفنية والعلمية للتغلب عليه وفي رأيه كلما زادت معرفة المريض بالسرطان وعن علاجه كلما زاد حظه في الشفاء.
عندما تخرّج من كلية الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1965 كان ينوي التخصص في جراحة الكلى، لكن تصادف ان صديقة له اصيبت بسرطان المبيض ورافقها في رحلة عذاباتها الجسدية والعاطفية والنفسية. لم يكن علاج السرطان قد تطور، لكن ما أثاره ان الأطباء المعالجين لم يكونوا يصغون لقلقها كما لم يظهروا أي تعاطف. لم تكن أجوبتهم صريحة، الأمر الذي وضعها في حالة نفسية وعقلية صعبة. هذه التجربة المريرة دفعته إلى التخصص بداء السرطان، وإلى ان يكون طبيباً مختلفاً «طبيباً إنسانياً». وأوصله هذا إلى مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية حيث بدأ في معالجة مرضى السرطان، وغرق في الأبحاث المتخصصة في اكتشاف علاج له.
من خلال تجاربه تعلم ان المعرفة لا تكفي، فالمصاب بالسرطان يريد الوصول بسرعة إلى طبيبه عندما يحتاجه. يريد مراقبة يومية للمرض والعلاج. ويريد دعماً نفسياً، يريد أملاً ومثابرة، وحباً وعاطفة.
يرى البروفيسور سالم ان الأمل والمثابرة أساسيان في التغلب على السرطان، وهذان ضروريان أيضاً للطبيب.
يقول: يجب ان يعرف الأطباء انهم لا يعالجون مرضاً، انما أناس يعانون من هذا المرض. يشرح: كطبيب انا مقتنع بأنه إذا لم أعالج الإنسان المصاب بهذا المرض فلن أكون قادراً على إيجاد الأفضل لمعالجة المرض نفسه. من هنا جاء في عنوان الكتاب «المعرفة لا تكفي».
يسلسل حياة إنسان عرف للتو انه مصاب بمرض السرطان، يقول البروفيسور سالم: انها بداية الرحلة وعليك ان تعرف ان الخوف هو عدوك الأول. يشلك عندما تريد ان تأخذ قرارات مهمة. صحيح أنك تخاف من السرطان، لكنك تخاف أكثر من نتيجته، وتخاف من وقعه على عائلتك. انه أمر طبيعي ان تخاف لكن لا تستسلم، تجاوز الخوف والجأ إلى المنطق لتستطيع ان تأخذ القرارات الصائبة. عليك ان تتعلم عن السرطان الذي أصابك وعن علاجه، تشارك مع أطبائك وشارك في طريقة اهتمامك بنفسك. ان المريض الذي يبدأ بهذه الخطوات يكون قد بدأ طريقه نحو الشفاء. تأكد أنك لست وحدك، هناك كثيرون في مثل وضعك، وهناك كثيرون كانوا مصابين بالسرطان والآن عادوا إلى الحياة الطبيعية.
تتساءل: هل أنت مصاب حقاً بالسرطان؟
إذا شك الطبيب في وجود ورم صلب يأخذ عينة من الأنسجة. ينصح بأخذ رأي آخر حول النتائج من متخصص لديه خبرة طويلة ومعرفة. يؤلم البروفيسور سالم ان السرطان لا يغزو الجسم في ليلة واحدة، يأخذ وقته داخل جسم الإنسان الذي عندما يزور الطبيب يكتشف ان السرطان كان موجوداً في الجسم منذ عدة سنوات. سبب قوله هذا، الا يستعجل المريض الشفاء، فالسرطان ليس «حالة طوارئ» ليبدأ العلاج في اليوم الأول. لهذا يدعو المريض إلى التصرف بطريقة منضبطة ولا يستعجل: ثقف نفسك، أقم حواراً مع طبيبك.
بعد رحلة التشخيص، يدخل المريض المرحلة الثانية من رحلة العلاج. هذه تعني وصف الطبيب للمرحلة التي وصلها السرطان في الجسد. وعما إذا كان تمدد إلى مناطق أخرى غير متوقعة. ثم يقول: ان كل مرض سرطان مختلف عن الآخر.
وهو يعترف بأن مرض السرطان يشكل تحدياً للمرضى والأطباء. المرضى يريدون الشفاء والأطباء يريدون إيجاد العلاج المناسب. ثم ان السرطان يحتاج إلى عدة أطباء يتشاركون في الرأي والمعرفة والتجارب والاقتراحات. ورأى في ما يسمى «تجمع الأطباء» حالة ثقافية، إذ لا طبيب يعرف كل شيء والمعرفة الطبية في تغير وتقدم مستمرين، ومن المستحيل لطبيب بمفرده ان يطلع على كل الدراسات والتقدم في كل المجالات الطبية. وفي «تجمع الأطباء» يتعلم هؤلاء من بعضهم البعض.
يحكي البروفيسور سالم عن حالة إحدى المريضات جاين، «تجمع الأطباء» رأى ان تعالج بالأشعة والكيميوثيرابي من دون الحاجة إلى العملية، كان رأيه مخالفاً، جاين تحتاج إلى العملية أولاً، ثم تعالج لاحقاً بالأشعة والكيميوثيرابي، فالورم في الدماغ. وهكذا كان، وعاشت جاين بعد ذلك أكثر من 10 سنوات.
يدخل سالم في حالات المرضى عندما تتقرر لهم العملية، فالكل يطرح الأسئلة نفسها والكل يريد ان يعرف العلاج بعد العملية، يقول انه يشجع المريض على الإتيان بعائلته معه عندما يكون الاجتماع حول خطة العملية والعلاج. يركز كثيراً على من سيقف إلى جانب المريض، كما يركز على ان يكون فريق عمله حاضراً ليتعرف على المريض ويرتبط به «عاطفياً».
يتحول في كتابه إلى الأطباء الذين لا يعقدون لقاءات مع مرضاهم، لذلك يحث المريض على لقاء طبيبه ليعرف كل خطط العلاج. يحكي عن العلاجات المتوفرة لمرض السرطان. بعض المرضى يحتاجون لعلاج الأشعة، وبعضهم يحتاج فوراً إلى العملية، اذ بعض حالات السرطان، إذا اكتشفت باكراً تنتهي بعملية من دون علاج بالأشعة، لكنه ينصح المريض بالاستمرار في الفحص المنتظم حتى ولو قال له الطبيب انه شفي تماماً «لأن السرطان في بعض الأحيان يعود». وإذا عاد فمن الضروري معالجته بسرعة، وهو في مراحله المبكرة.
في كتاب «التغلب على السرطان» يحكي عن الأنواع الثلاثة للأشعة التي تستعمل لعلاجه، ثم يصل إلى «العلاج الطبي الداعم» وهدفه التحكم في تعقيدات السرطان وعلاجه، وجعل حياة المريض طبيعية قدر المستطاع، لأن السرطان نفسه، من دون العلاج، له آثار سلبية، أبرزها التعب مما يؤدي بالمريض إلى حالة من التوتر النفسي مع عواطف متقلبة انما جياشة. وكل حالة تعب تحتاج إلى علاج مختلف. ثم هناك الألم الذي يسببه السرطان أو العلاج، فالورم يسبب ألماً إذا حرك خلايا الأعصاب المحيطة به، كما ان لجلسات الكيميوثيرابي تأثيرات جانبية مؤلمة جداً، خصوصاً ان الفم يلتهب بتأثير نوع من هذه الجلسات.
ويصل البروفيسور سالم في كتابه إلى قوة تأثير الأمل، والمثابرة، والحب والعاطفة في القضاء على مرض السرطان، فالحب يعطي الشجاعة ويجعل المريض يشعر بقيمته من هنا أهمية ان يحب الأطباء والممرضون مرضاهم، لأن حبهم لهم يدفعهم للاستمرار في العلاج بميل إضافي ويمنعهم من اليأس.
يلوم أمراً واقعاً، وهو ان الأطباء يقضون سنوات في التدريب على الإجراءات الطبية والعلاج، ولا يتدربون إطلاقاً على إظهار أو التعبير عن عواطفهم لمرضاهم. بعض الأطباء يشعرون بأن التعبير عن العاطفة ليس من اختصاصهم، فعملهم هو معالجة المرض فقط.
يطلب من الأطباء ان يجعلوا قسماً من عملهم زرع الأمل في قلب المريض، تماماً كما يطلب ذلك من العائلات والأصدقاء كي تبقى نظرة المريض إيجابية. ويرى ان قول الحقيقة عملية حساسة جداً وليس مفيداً إبلاغ المريض دفعة واحدة عن مرضه والعلاج. الحقيقة يجب أن تأتي تدريجياً. «لا أقترح ان يخفي الطبيب معلومة مهمة، لكن المريض قد يغرق في الكثير من المعلومات إذا أعطيت له دفعة واحدة. فالحالة النفسية يمكن ان تمنع المريض من الإصغاء إلى أي شيء بعد تشخيص اصابته، خصوصاً إذا كانت خطيرة. أعتقد اننا نساعد المريض إذا أعطيناه المعلومات حسب أولوياتها، وتدريجياً».
ينهي البروفيسور سالم كتابه بالقول انه كرس حياته للمزيد من المعرفة والاهتمام بتثقيف مرضاه. التزم كل حياته ان يكون قرب مرضاه يستمع إلى مخاوفهم وقلقهم وعواطفهم وعلى ان يساعدهم على التمسك بالحب والمثابرة والعمل، في المقابل يقول انه تعلم من مرضاه أكثر مما تعلم من الكتب. ويتمنى للمصابين بالسرطان ان تنتهي رحلتهم بالانتصار على الغازي البغيض.
كتاب: «التغلب على السرطان ـ المعرفة وحدها لا تكفي» يجب ان يقرأه الأطباء المتخصصون في معالجة السرطان، فالبروفيسور سالم المشهور بأبحاثه حول هذا المرض، لم يبخل في وضع ملخص عن بعضها خصوصاً فيما يتعلق بالتقدم الذي وصل إليه العلم. والكتاب جدير ان يقرأه المصابون بهذا المرض، فهو يتضمن قصص زملاء لهم عانوا منه وانتصروا عليه، كما يجدر بالأصحاء قراءته فالإنسان لا يعرف ماذا يخبئ له القدر، والكتاب يتضمن إلى جانب المرض والمرضى حالات نفسية لأصحاء أدركوا فجأة أنهم به مصابون. صحيح كلنا نطلب من الله ان يبعد عنا، وعن الجميع هذا المرض، لكن نصيحة فيليب سالم بعدم الخوف، نصيحة ثمينة، لأن الخوف في حد ذاته قد يكون المسبب الرئيسي لانتصار السرطان على الإنسان.

Dr. Philip A. Salem: «Defeating Cancer: Knowledge Alone is Not Enough»
Quartet Books, London 2018
184 pages.

كتاب البروفيسور فيليب سالم «الانتصار على السرطان»: المعرفة وحدها ليست كافية والخوف هو عدوك الأول

ريمون عطاالله

جوش روبنر في «إسرائيل ديمقراطية أو دولة ابارتهايد؟»: التمييز العنصري سياسة اعتمدتها جميع حكومات إسرائيل

Posted: 29 Sep 2018 02:13 PM PDT

نقرأ في بعض الأحيان كتباً ضخمة في حجمها من دون أن نستخلص الكثير من فحواها.
هذا الأمر لا ينطبق على كتاب صدر مؤخراً بعنوان: «إسرائيل ديمقراطية أم دولة ابارتهايد؟» لمؤلفه الكاتب الأمريكي جوش روبنر، مدير خطة العمل السياسي في «الحملة الأمريكية من أجل حقوق الفلسطينيين». هذا الكتاب الصغير في حجمه والذي يبدو لأول وهلة وكأنه منشور هدفه الدعاية للقضية الفلسطينية فحسب يتضمن معلومات وتحليلات شديدة الأهمية وضعت في قالب مبتكر يسهل دخولها إلى عقول وقلوب الناس وخصوصاً الأجيال الجديدة في أمريكا والعالم ويحقق توعية الجميع بحاجة لها إزاء قضية فلسطين.
مقاربة روبنر الأساسية هي ان جميع مكونات وعناصر التمييز العنصري الابارتهايد متواجدة في سياسات الحكومات الإسرائيلية السابقة والحالية إزاء الفلسطينيين حتى لو اختلفت في قالبها في المراحل المختلفة وعلى الرغم من خصوصيتها الإسرائيلية بالمقارنة مع التمييز العنصري الذي مورس في دولة «الابارتهايد» السابقة في جنوب افريقيا ضد المواطنين الافارقة السود الذين أسقطوها.
فعندما يتحدث الكاتب عن طبيعة عنصرية إسرائيل في فلسطين في فصول الكتاب القصيرة تبرز معرفته الواسعة في هذا الموضوع وقدرته على عرض مواقفه في كتاب ينطبق عليه المثل القائل: «خير الكلام ما قل ودل» علماً انه كان أحد الباحثين المحللين لشؤون الشرق الأوسط في «خدمة الأبحاث للكونغرس الأمريكي» وهي مؤسسة حكومية توفر المعلومات المعمقة لأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين. كما تُنشر مقالاته في الصحف الأمريكية البارزة.
يقول روبنر في الصفحة (101) ان دولة إسرائيل عنصرية لأنها لا تساوي بين حقوق السكان العرب الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين برغم انها تُعطي الفلسطينيين بعض الحقوق للتمويه وللتغطية على عنصريتها. فالديمقراطية الحقيقية المنافية للعنصرية لا تعطي المواطنين حق الانتخاب فحسب، بل توفر المساواة في تطبيق القوانين على شعبها ولا تعتمد مجموعة من القوانين لليهود الإسرائيليين ومجموعة أخرى للعرب الفلسطينيين، وإلا ماذا يعني حرمان الفلسطينيين من حق العودة إلى ديارهم وسنّ التشريعات حول تنقلاتهم وخساراتهم حق الإقامة في منطقة أو أخرى ومنعهم من التعبير العلني والحرّ عن مواقفهم سياسياً واجتماعياً في تحركات مجتمع مدني تشارك فيها أطياف أخرى من المجتمع أو من حضور مؤتمرات في الخارج تنتقد السياسات الإسرائيلية؟
فقد أصدرت حكومة إسرائيل مؤخراً (عام 2016) بعد التصويت عليها في برلمانها تشريعات تمنع أي منظمة مجتمع مدني تطرح تساؤلات حول ممارساتها ضد الفلسطينيين، حتى ولو كان تمويل هذه المنظمات دوليا ومن مصادر الأمم المتحدة أو ما يوازيها.
وفي الوقت عينه سمحت إسرائيل بعمل منظمات مجتمع مدني تحصل على التمويل من أفراد ومجموعات أمريكية وأجنبية بالعمل لكونها تؤيد استمرار الاستيطان وتعزيزة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عام 1967 (ص 103).
ويتساءل المؤلف ما هذه الديمقراطية الإسرائيلية التي تسمح بعمل منظمات تدعو إلى إزالة مواقع دينية يقدسها المسلمون في مدينة القدس واحلال مواقع يهودية في مكانها؟
والقرار الإسرائيلي العنصري الآخر الذي صدر في الكنيست مؤخراً لم يتناول فقط السكان العرب الفلسطينيين بل جميع من يؤيدهم في الخارج. فقررت إسرائيل منع زيارة جميع الأجانب الذين يؤيدون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم أو يدعمون حملة «BDS» لمقاطعة البضائع التي تنتجها المستوطنات والمؤسسات التي تدعم الاستيطان وتتعامل معه. هذا القرار الإسرائيلي صدر العام الماضي. ومن المنتظر، حسب الكاتب، صدور قرارات مماثلة وتطبيقها من دون أي رادع إذا لم يتم وضع حدٍ لها (ص 105).
ولعل ما ورد في الفصل الأخير من الكتاب عن عنصرية إسرائيل يعيدنا إلى الفصل الثالث حيث يتناول روبنر حركة «BDS» التي انطلقت عام 2005 وأصبحت منتشرة عالمياً وتحاربها السفارات الإسرائيلية في العالم بشراسة.
يقول في الصفحة (15) ان هذه الحركة التي تدعو إلى المقاطعة التجارية وعدم الاستثمار وإصدار العقوبات ضد إسرائيل ومستوطناتها انضمت إليها كنائس ومنظمات إنسانية عالمية بينها الكنيسة البروتستانتية البرسبيتيرية وهي أهم كنيسة بروتستانتية في أمريكا. وقد دعم هذه الكنائس والمنظمات مقاطعة شركات ككاتربلر، لآليات البناء وهيوليت بالكارد، وأجبرت مؤسسة «فايولا» على وقف صادراتها إلى المستوطنات الإسرائيلية مما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تخصيص 25 مليون دولار سنويا لمواجهة حملة «BDS» في الأعوام الأخيرة، وسمحت برفع دعاوى ضد ممارسي المقاطعة التي تدعو إليها الحملة وخصوصاً بعد اضطرار شركات إسرائيلية إلى نقل مصانعها من المستوطنات إلى أماكن أخرى.
وفي عام 2015 أعلنت الحكومة ان حركة «BDS» تشكل خطراً استراتيجيا على إسرائيل.
وفي المقابل، يقول المؤلف هناك حركات مسيحية صهيونية في أمريكا متحمسة للاستيطان ولتوسع إسرائيل حتى أكثر من يهود أمريكا. فيذكر ان دراسة أجرتها مؤسسة «بيو» «Pew» عام 2013 أظهرت ان نسبة الأمريكيين البيض الذين يسمون أنفسهم «انجيليين» فيما هم يختلفون جذريا عن الأمريكيين البروتستانت في مواقفهم إزاء إسرائيل يعتبرون ان الله أعطى «إسرائيل» (بما في ذلك الضفة الغربية والقدس) للشعب اليهودي وبالتالي فالاستيطان محلل (ص 38). وهنا يوضح المؤلف ان هذه النسبة بين «الانجيليين» الصهاينة المزيفين بلغت 82 في المئة فيما لم تتجاوز 40 في المئة لدى يهود أمريكا الذينن برغم تأييد أكثريتهم لإسرائيل، فهناك اقسام منهم يفضلون المشاركة مع الفلسطينيين في السلطة حسب قرارات الأمم المتحدة أو ما يقترب منها.
وهذا الواقع أثّر على سياسات معظم رؤساء جمهورية أمريكا. ويقول المؤلف ان هؤلاء الرؤساء تأثروا باللوبي الصهيوني الأمريكي المؤيد لإسرائيل والمدعوم بقوة من المسيحيين الصهاينة الذين يسمون انفسهم «إنجيليين» واضطروا إلى عدم المضي في أي سياسات عادلة للشعبين إذ خسر بعضهم مناصبه لانه تجرأ وتحدى هذا اللوبي. وكان الصحافي الأمريكي البارز سيمور هيرش ذكر في كتاب مذكراته الصادر أخيرا ان «قضية ووترغيت» التي أطاحت بالرئيس نيكسون في منتصف السبعينيات من القرن الماضي كان وراءها مسيحيون صهاينة اندسوا في البيت الأبيض كما خسر الرئيس جورج بوش الأب الانتخابات الرئاسية للتجديد له لولاية ثانية على إثر تنظيمه ووزير خارجيته جيمس بيكر مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 الذي حاول الأخذ بمواقف جميع الأطراف ولكنه لم يحظ بتأييد إسرائيل وداعميها من الصهاينة والمسيحيين «الانجيليين» في أمريكا.
وبالتالي، قد يستنتج القارئ ان المؤلف وفي الفصل الثامن عشر من الكتاب بعنوان «هل سيحقق» دونالد ترامب «صفقة القرن» التي يسعى إلى تحقيقها؟ ربما كان ينبه بشكل غير مباشر إلى ان هذه الصفقة من صناعة اللوبي الصهيوني ـ «الإنجيلي» المسيحي في أمريكا وبأنها لن تنجح وربما ستؤدي إلى عواقب وخيمة على ترامب. وخصوصاً ان ترامب محاط بالمسيحيين الصهاينة، بمن في ذلك نائبه مايك بنس، وبمؤيدي الاستيطان من أقاربه ومستشاريه الذين عيّنهم في مناصب حساسة بالنسبة لملفات الشرق الأوسط (ص 86 ـ 87). ويقول روبنر في هذا المجال: «ان مستشاري ترامب في قضية الشرق الأوسط الأهم (فلسطين وإسرائيل) ليسوا فقط من مؤيدي إسرائيل ولكن من المقربين جدا من الجهات اليمينية المتطرفة في قيادة إسرائيل ولا تهمهم القضية الفلسطينية ولا حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. وترامب في طبيعته لا يحب الغوص في التفاصيل وبالتالي يترك لهم القرار (ص 88) وترامب يترك لهم القرار الخاطئ ثم يتراجع عنه».
فالمؤلف يشير إلى ان ترامب تحمس جداً لقرارات معاونيه إزاء نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ولم يتحفظ إزاء قضية تعزيز المستوطنات ولكنه مؤخرا (حسب روبنر) اتصل بنتنياهو وطلب منه اعتماد إجراءات غير متسرعة إزاء الاستيلاء على المزيد من أراضي الضفة الغربية، كما تذرع بضرورة نجاح المفاوضات المقبلة، وقرر تأخير عملية النقل الشامل للسفارة الأمريكية إلى القدس ومراجعة وضع هذه السفارة في تل ابيب كل ستة أشهر (ص 87 ـ 88).
ويؤكد الكاتب انه سيكون من الصعب جدا نجاح «صفقة القرن» لأن طارحيها لا يدركون تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي ولا يكترثون لانعكاساته السابقة والمقبلة.
والمؤسف، في رأي روبنر، ان بعض الجهات الأمريكية الفاعلة في السلطة تعتمد التأييد المبالغ فيه لإسرائيل لأسباب ليست عقائدية أو تحت تأثير اللوبي اليهودي بل بسبب التعاون بين مجموعة صناعة الأسلحة المدمرة في أمريكا ونظيرتها في إسرائيل ورغبة الجهتين في استمرار بيع الكميات الضخمة من الأسلحة للدول الشرق أوسطية والعربية، وهناك تنسيق بينهما (ص 82).
وبالإضافة إلى ذلك فدولة أمريكا ودولة إسرائيل حسب المؤلف، أُنشئتا على أساس سلخ سكان البلد الأصليين من أراضيهم. فأمريكا طهرت عرقياً الهنود الحمر الأمريكيين، وإسرائيل مارست وما زالت تمارس التطهير العرقي ضد الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم (ص 82).
وبالتالي، فان المؤلف في كتابه الوجيز عرض قضايا أساسية ومصيرية من منطلق مؤيد للشعب الفلسطيني ولكنه توصل في النهاية إلى انه من غير الممكن بقاء الوضع في فلسطين على ما هو عليه. فاذا أرادت إسرائيل دولة يهودية عليها ان تتخلى عن الضفة الغربية وغزة، حسب قرارات الأمم المتحدة لعام 1948 وما تلاها من قرارات أممية. وإلا تكون قد وضعت نفسها في «علبة مقفلة من صناعتها» ولا يمكن لهذا الوضع ان يستمر فقط لأن دولة عظمى كأمريكا تدعمها (ص94).
وبرغم تفضيله دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين تضم الشعبين المتمتعين بالحقوق المتساوية، كما فعل مفكرون كبار مثله، فانه نبه إسرائيل إلى ان يوما ما سيأتي وسيقرر فيه الفلسطينيون القيام بمسيرة من الأماكن التي هُجّروا إليها باتجاه منازلهم وأراضيهم المسروقة. وآنذاك ستسيل دماء الجميع بغزارة!

Josh Ruebner: Israel, Democracy or Apartheid State?
Olive Branch Press, Ithaca 2018
116 Pages.

جوش روبنر في «إسرائيل ديمقراطية أو دولة ابارتهايد؟»: التمييز العنصري سياسة اعتمدتها جميع حكومات إسرائيل

سمير ناصيف

خالد مزنر: أردت لابني أن يلتقي «زين» فما يعيشه أطفالنا ليس حقيقياً

Posted: 29 Sep 2018 02:13 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: اختبار فني جديد عاشه الثنائي ندين لبكي وخالد مزنر خلال تصوير فيلم «كفرناحوم». قبله كان مزنر يعايش تطورات السيناريو ويتحسسه لحظة بلحظة ليكتب موسيقاه التصويرية. فعل الأمر عينه مع «كفرناحوم» وعندما نزل إلى ميدان التصوير كمنتج، أمسك بكل ما كتبه ورماه بعيداً. إنه فعل الواقع الذي يمتلك قدرة نسف النظريات.
بعد اختباره هذا يعلن خالد مزنر أن تغيرات كثيرة طرأت على حياته العائلية مع ندين لبكي. وعن خالد الموسيقي فيعلن عن محطات متعددة ستكون قريبة، بعد محطة مميزة قدم خلالها موسيقاه التصويرية في حفل مهرجانات بعلبك الدولية التي عاد ريعها لدعمها.
مع انطلاق عروض فيلم «كفرناحوم» في الصالات اللبنانية هذا الحوار مع الفنان خالد مزنر:
○ تعاونت مع ندين لبكي في كتابة الموسيقى التصويرية لكافة أفلامها مع «كفرناحوم» بت أيضاً منتجاً. لماذا؟
• خلال العمل على سيناريو «كفرناحوم» شعرت أن الأسلوب التقليدي في إنتاجه لن يكون مناسباً. فهمت الزمن الذي يحتاجه للتصوير، وكذلك الإنتاج. فأي منتج لم يكن ليسمح بهذا المدى الزمني للعمل، وتالياً يجب أن نتولّى تلك المسؤولية بأنفسنا. وكانت الحاجة أم الاختراع وبت منتجاً. فيما كانت أفلام ندين السابقة تنفذ خلال شهر ونصف بالحد الأقصى، احتاج «كفرناحوم» لستة أشهر من التصوير. وسنة ونصف للمونتاج، وأربعة أشهر للميكساج. من أجل هذا اضطررنا لخلق أماكن تصوير قريبة منا لنتمكن من الإهتمام بطفلينا. إنها الضرورة التي فرضت نفسها في كافة مراحل الفيلم.
○ ماذا قال لك هذا الإختبار؟
• اختبار صعب خاصة وأني مؤلف للموسيقى التصويرية. من الصعب أن يكون الإنسان فناناً ومنتجاً في الوقت عينه. وضع شبيه بقاض يحاكم نفسه. دائماً كنت أنجز كتابة الموسيقى التصويرية خلال كتابة السيناريو، مع «كفرناحوم» لم يكن ذلك متاحاً. شغلني الإنتاج، وحشرني الوقت في كتابة الموسيقى. أما على الصعيد الفني فنحن في الحقيقة وصلنا لأبعد مدى ممكن. وليس لنا رمي أي مسؤولية على ذمة الوقت، امتلكناه جيداً.
○ كم يتناغم هذا الاختبار مع عالمك في الموسيقى والشعر؟
• في لبنان خلط بين مهمة المنتج ومهمة الممول. صلة المنتج مباشرة بكافة مراحل العمل الفني، من تصوير إلى مونتاج، إلى الإدارة والرؤيا الفنية للمشروع. فالإنتاج ليس فقط أموالاً وعقوداً.
○ كتبت موسيقى «كفرناحوم» بعد تصويره فهل تأثرت بمرافقة أبطاله طوال زمن التصوير وكيف تجلى ذلك؟
• خلال كتابة السيناريو ألفت ألحاناً فيها بعض الرومانسية، لأني تخيلت أطفالاً يجوبون الطرقات. كانت موسيقى مفعة بالمشاعر. وعندما التقيت بالأطفال الحقيقيين وجها لوجه، رميت كل ما كتبته في سلة المهملات، وغيرت رؤيتي الموسيقية بالكامل. لقد شعرت أن ما كتبته لا يتجانس مع حقيقة هؤلاء الأطفال، تواضعهم، بيئتهم ومع مشاعرهم الحقيقية التي قالوها أمام الكاميرا. وهكذا أخذت موسيقاي منحى واقعيا معاصرا. نعم بدّل الفيلم نمط الموسيقى.
○ وهل ستعتمد لاحقاً كتابة الموسيقى وفق الصورة بدل السيناريو؟
• ليس لنا الجزم المطلق. يمدني السيناريو بصور موسيقية، ودور الصورة تصحيح وجهة النظر. في «كفرناحوم» كان الموقف راديكاليا جداً. فندين لبكي نفسها راحت نحو راديكالية لم تعتدها من قبل. وبدوري لم أكن قد اعتدت تلك الواقعية في سينما ندين. عادة تتم كتابة الموسيقى بناء للسيناريو، ومن ثم يصار للتصحيح بعد مشاهدة التصوير. جميعنا أخذته حقيقة هؤلاء الناس، واضطررنا الذهاب معهم إلى النهايات المتاحة من خلال حقيقتهم. التجربة في هذا الفيلم كبيرة على مختلف المستويات، ولا أعرف إن كانت ستتكرر مرة أخرى.
○ هل من نغم معين يحركه الأطفال في داخلك كموسيقي؟
• أكيد. للطفل قدرة إيقاظ الطفل الذي في داخلي. الفنان يحاكي الطفل الذي في داخله في كل عمل فني يقدمه. ومن الأسهل لنا محاكاة الطفل الذي في داخلنا خلال العمل. ولهذا السبب استبدلت الموسيقى الرومانسية المنفعلة بناء على السيناريو عندما عايشت هؤلاء الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم. فبطل الفيلم «زين» طفل عجوز من هول التجارب التي عاشها قبل زمنها بكثير. المزيج بين الطفل والناضج داخل زين أفضت إلى خلق موسيقي كبير. وجدت نفسي مندفعاً إلى الموسيقى المعاصرة رغم عدم تجانسها مع الأطفال. لكنها تناسبت مع أبطال الفيلم.
○ كم هي نسبة الاحتراف في الكتابة الموسيقية قياساً إلى المشاعر أو التأثر بأمر ما؟
• يتساوى العلم مع كمية من المعلومات نعرفها ونستوعبها، وعلينا أن ننساها خلال عملية الخلق. أكيد الاحتراف موجود في كتابة الموسيقى، التوزيع والهارموني، لكن علينا نسيانها جميعها. ومن لا يتناسى ما سبق ذكره تتراجع القيمة الفنية لعمله. المعرفة الفنية موجودة لدى الكثير من الناس، والفرق يكمن في المزج بين المعرفة والفن.
○ هل أوحى لك ولداك بموسيقى معينة؟
• وأجمل ما كتبته كان لدى ولادتهما. كتبت لحناً موجوداً في فيلم «هلأ لوين» يوم ولادة طفلي وليد. الموسيقى التي كتبتها بمناسبة ولادة وليد وميرون وجدتها تعيش في داخلي وتنتظر لحظة الخروج. ولادة طفل لنا تمدنا وبسريعة قياسية بشحن عاطفي وكمية من الحب لم يسبق اختبارها، لكنها تتفجر في أقل من ثانية لدى مشاهدة المولود الجديد.
○ عندما كنت تعود إلى منزلك وأطفالك بعد يوم تصوير في فيلم «كفرناحوم» هل كنت تجد توازنك النفسي والعاطفي سريعاً؟
• نعم ولا. بدّلنا «كفرناحوم» أنا وندين معاً. لا أظن أحداً سيخرج سليما من أي تجربة مماثلة. انغمسنا في حياة الشخصيات اليومية، في أماكنهم، بيوتهم وشوارعهم. وصلنا إلى مرحلة شعرنا وكأننا نعيش معهم طوال عمرنا. مع العلم أن الشوارع التي صورنا فيها بعيدة فقط ثلاث دقائق عن منزلنا، ولسوء الحظ هو عالم آخر، وأكثر من نصف المجتمع يجهله، ولا فرق لديه كيف يعيش هؤلاء الناس. شخصياً تبدلت كثيراً عند رؤيتي لولديَ. لأن ابني وليد بعمر سمح له بمرافقتنا أردته أن يعيش معنا هذه التجربة. أن يتعرّف إلى هؤلاء الأطفال، وأن يعرف الحياة على حقيقتها، فما هو فيه ليس الحياة. دلني هذا الفيلم أن أبطاله يعيشون الحياة الحقيقية. فيما يعيش أطفالنا في حياة «مْنضَفي، مْظبطة، محْمية». نحيط الجدران والأرض بما لا يؤذيهم إن هم وقعوا أرضاً. نغرق ما يمسكونه بالمعقمات، وهذه بالتأكيد ليست الحياة. لدى لقاء وليد بزين، ورغم كون الثاني لم يعرف المدرسة يوماً في حياته، وجدته قادراً على مواجهة الحياة، ويمكنه الوقوف «كيف ما رمى حاله أو رماه الزمن». في حين أننا نعلم أطفالنا الحياة دون أن نتركهم يشاهدونها. وعندما يلتقي هؤلاء بالحياة سيصدمون. المطلوب التناغم، والتلاقي والتوازن بين هذين العالمين.
○ بين موسيقى فيلم «هلأ لوين» و»كفرناحوم» ما هو الفرق؟
• الفرق كبير. في «هلأ لوين» الموسيقى كلاسيكية تحمل نفحة لبنانية بحر متوسطية. «كفرناحوم» موسيقى معاصرة بداخلها نفحة افريقية نظراً لوجود شخصية من أثيوبيا، ولا صلة له بما هو لبناني.
○ لماذا كانت موسيقى أفلام ندين لبكي في حفل بعلبك؟
ألم يخطر في بالك الاستقلال عن اسمها؟
• في هذا الحفل قدّمت بكل فخر موسيقى الأفلام التي كتبتها. وأضفت إليها مقاطع موسيقية ألفتها لغير الأفلام عُزفت في منتصف الحفل وامتدت لربع ساعة. وكان البدء مع موسيقى «كفرناحوم». والختام مع موسيقى أغنيات الأفلام التي سبق وكتبتها.
○ عاد ريع الحفل للجنة مهرجانات بعلبك لماذا أنت داعمها؟ علمنا أن البطاقات كانت ببدل مرتفع؟
• صحيح. دعم المهرجانات مطلوب من الدولة، وإن هي لم تفعل نقوم بالمهمة «ما في مشكل». أعتقد أن قلعة بعلبك من أجمل الأماكن التاريخية على الأرض. من الصعب أن أكون عازفاً في مكان أجمل من معبد باخوس. بذلت جهداً كي أعيش اللحظة وأتمتع بها ولم أتمكن. شغلني الصوت، الموسيقيين والعزف. بعد ثلاثة أسابيع كنت في بعلبك لحضور حفل صديقي جورج خبّاز، وتمكنت من معاينة المكان الذي كنت فيه قبل ثلاثة أسابيع.
○ هل خطر لك كتابة الموسيقى خلال وجودك في قلعة بعلبك؟
• تأتي الموسيقى أينما تريد هي. قد تأتي في مكان جميل، وقد تأتي في آخر ليس لنا استيعابه مطلقاً. الجمال يخلق الجمال قاعدة غير موجودة. وقد يحصل العكس.
○ ماذا ستقول لو اختارت ندين لبكي لفيلمها الرابع مؤلفاً موسيقياً غير خالد مزنر؟
• فنياً نحن حرّين ومستقلين. عندما يأتي اليوم الذي ترى فيه ندين أن موسيقاي لم تعد تؤدي دورها في أفلامها لها حرية الاختيار. نحن ملتزمان بعقد زواج، وليس بعقد فني.
○ أين الغناء في حياتك الآن؟
• اشتقت للغناء. ما أن تنتهي جولة عروض «كفرناحوم» سوف أباشر العمل على ألبوم غنائي جديد.
○ هل لا تزال تعزف الغيتار عندما تكون في حفل خاص بك؟
• بين الأصدقاء نعم، فالآلات الموسيقية تحيط بي. أحب الغيتار فهو يذكرني بوالدتي. كانت تعزف لي قبل نومي مساء، وتغني. أما التأليف الموسيقي فيتم من خلال البيانو.
○ »ريو أي لاف يو» ماذا عن تلك الموسيقى التي لم يصدق البرازيليون أنها سُجلت في لبنان؟
• هي موسيقى برازيلية بالكامل. «ريو أي لاف يو» فيلم كتبته مع ندين، وتم تصويره في البرازيل. طلبوا تسجيل الموسيقى في البرازيل ولم يكن وقتي يسمح بالسفر. تساءلوا كيف ستنفذ موسيقى برازيلية فولكلورية في بيروت؟ قلت لهم سأتدبر الأمر. وهذا ما حصل، ولم يصدق البرازيليون ما سمعوه. مع هذه الموسيقى خضت تجربة جميلة جداً في حياتي. ولأن والدتي ولدت وعاشت لسنوات في المكسيك وتعرف الكثير من موسيقى أمريكا اللاتينية، فهي الموسيقى الأولى التي تواصلت معها منذ ولادتي ومن خلال أمي.
○ هل تتبادل مع زوجتك النقد الفني الموضوعي؟
• نتبادل النقد طبعاً، وقد لا يكون موضوعياً. نعيش العمل في المنزل لحدود الإرهاق. فأحدنا يدخل منزله ليرتاح، لكن هذا لا يحصل. وهذا الواقع يتصف بالغنى والإرهاق معاً.
○ ماذا عن موسم الزيتون هذا العام؟ وماذا تعني لك الأرض؟
• موسم الزيتون عاطل جداً. قبل ثلاثة أسابيع جاء المطر فنزل الزيتون تحت الشجر. صلتي وثيقة بالأرض والزراعة التي أمارسها في جرود البترون. وجدت الكمال في الزراعة والأرض أكثر من الموسيقى حتى. وبالأمس كنت أعصر العنب لصناعة النبيذ بيدي.

خالد مزنر: أردت لابني أن يلتقي «زين» فما يعيشه أطفالنا ليس حقيقياً

زهرة مرعي

«وصية رجل حكيم» من محو الأمية إلى «نحو» الأمية

Posted: 29 Sep 2018 02:12 PM PDT

بمبادرة من المركز القومي للثقافة السينمائية، وفي ضوء تكريم المخرج داود عبد السيد على هامش مهرجان الجونة، وأيضاً بمناسبة رحيل الفنان جميل راتب، تم عرض الفيلم التسجيلي الأول في مسيرة عبد السيد الفنية «وصية رجل حكيم» في شؤون القرية والتعليم الذي تم إنتاجه في عام 1976 وعمد المخرج فيه إلى مناقشة قضية الأمية التعليمية التي كانت وما زالت القضية الأهم والعائق الأساسي أمام التنمية الثقافية، وأهداه إلى عميد الأدب العربي طه حسين، صاحب الشعار الأشهر، التعليم كالماء والهواء. ولأن جميل راتب كان هو الممثل الصاعد آنذاك، ويحمل هموما وشجونا وطنية، اختاره داود ليكون المعلق على أحداث الفيلم التوعوي التثقيفي المهم.
ويرجع الفيلم بالذاكرة إلى فترة الستينيات، حيث محاولات الدولة والنخبة المتعلمة لمحو أمية العمال والفلاحين للتماهي في نسيج المجتمع الجديد لإزالة آثار الجهل وتعويض الفرص الضائعة إبان فترة الاحتلال ومرحلة الحكم الملكي، وقد أضاء المخرج وكاتب السيناريو داود عبد السيد الكثير من الجوانب التي كانت مبذولة لتفعيل مشروع محو الأمية تفعيلاً حقيقياً، والنزول به عبر قوافل التوعية إلى القرى والنجوع للاحتكاك بالفلاحين والعمال احتكاكاً مباشراً للتعرف إلى مشكلاتهم المحورية المتسببة في هجرة المدارس والتعليم، وبالقطع جاءت كل الردود متمحورة حول الاحتياجات المادية، وعدم القدرة المادية، ما يضطر الآباء للدفع بأبنائهم للعمل في الحقول والمصانع ليكونوا عوناً لهم في مواجهة ظروف الحياة والمعيشة.
وقد رصد الفيلم حالات الندم الشديد للذين فاتهم قطار التعليم وباتوا يعولون في مسألة تدارك الأزمة على الأجيال الجديدة، وبدورة كان الفنان القدير الراحل جميل راتب متحمساً للفكرة التنويرية، ومن ثم اجتهد في نقل إحساسه بمشكلة الأمية من خلال التعليق الذي أخذ شكل المواجهة والصدام في كثير من المشاهد المؤثرة مع أشباح الجهل والظلام، الذين تربصوا بالمثقفين والمتعلمين في القرى والنجوع والمدن الصغيرة، خوفاً من تصاعد موجات التنوير وإدراك الفئات الهامشية لحقوقها، وهي إشارة ذكية للمتغير الذي حدث بعد انتهاء مرحلة المد الثوري، وفترة الأحلام الرومانسية التي عاشت فيها الطلائع المصرية إبان قيام ثورة يوليو/تموز 1952 وزهو التغييرالمأمول، فقد خشي النظام بعد ذلك من تطور الحالة النهضوية الثقافية التنويرية، وتشكيل جبهة قوية للمعارضة تكون معنية بالنقاش والتحقيق والبحث عن الحقوق الاجتماعية والسياسية، فتمثل خطراً داهماً على النظام الذي تولى الحكم بعد فترة الحُكم الناصري، وأخذ في تبديل المفاهيم وعمل على تشجيع الاقتصاد الحر وتطبيق نظام انفتاح «السداح مداح» الذي وصفه الكاتب الصحافي الراحل أحمد بهاء الدين واستفز به الرئيس السادات في حينه.
هكذا عطف المخرج الكبير على الأزمة السياسية التي جاءت بمقتضى الحال، ومثلت عقبة كأداء أمام المشروع التنويري، مشروع محو الأمية فصار معلوماً للعامة والبسطاء باسم مشروع «نحو الأمية» وهو السير في عكس الاتجاه الحقيقي للمعنى والهدف والمسيرة، ولعل المخرج نجح في نقل المفهوم بدلالاته الكاملة، من خلال مشاهد بعينها صور فيها شباب القرية المتعلمين وهم يمشون في مدقات القرية ودروبها المظلمة حاملين المصابيح المضيئة، كناية عن قدرة العلم على تبديد الظلام الفكري والعقلي، وإضاءة طريق المستقبل الواعد للشباب، ولكنها المحاولات التي لم تنجح، والمشروعات القومية التي لم تكتمل بفعل المؤامرات المدروسة والمُحكمة على المواطن البسيط كي يظل سجين الجهل، لا يعرف شيئاً عن حقوقه، وواجباته، يعيش فقط ليأكل ويشرب وينام وينجب، بدون أن يسأل أو يستفسر.
يلخص الفيلم في نحو عشرين دقيقة مأساة المواطن المصري الأمي، عبر مراحل الصراع في حقبة الحُكم الناصري وما أعقبها من اغتيالات كثيرة جرت بفعل التصفية للمشروعات التنموية المرتبطة بالعقل الجمعي، خوفاً من انقلاب السحر على الساحر وتحول مشروع محو الأمية إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجه أصحاب القرار والسُلطة، ممن دعموه ودعوا إليه وذللوا العقبات أمامه. صورة واقعية لمجتمع لا يزال يعاني من فيروس الأمية التعليمية، كان لداود عبد السيد السبق في التحذير من أخطارها مبكراً جداً، يعاد النظر الآن في التجربة الفنية الفريدة كوثيقة سينمائية مهمة تؤكد قدرة المخرج على الرصد والتحليل منذ بداياته الأولى وحتى الآن، فهو صاحب مجموعة الأفلام الإنسانية المهمة، «الصعاليك» و»الكيت كات» و»سارق الفرح» و»مواطن ومخبر وحرامي» و»رسايل البحر»، وأفلام أخرى اعتنت بطرح الأمراض المزمنة وفجّرت الألم وأطلقت صرخات الاستغاثة في فراغ الإبداع المُطلق بدون خوف أو حذر.

«وصية رجل حكيم» من محو الأمية إلى «نحو» الأمية

كمال القاضي

بعد حفلة مجاملات الفيفا: هل تنتصر «فرانس فوتبول» لرونالدو وميسي؟

Posted: 29 Sep 2018 02:12 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: رغم المحاولات التي يقوم بها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جاني انفانتينو، لتحسين سمعة الفيفا، بعد سلسلة فضائح مواطنه جوزيف بلاتر ومجلس إدارته، إلا أن ما حدث في الحفل السنوي لتوزيع جوائز «The Best»، أثبت بما لا يدع أي مجال للشك، استمرار المجاملات الفجة والاختيارات غير المفهومة لأصحاب جُل الجوائز، لعمل ما يُسمى «توازن» لإرضاء الجميع بدون استثناء في نهاية السهرة!

جائزة بوشكاش!
صحيح جائزة «بوشكاش» لأفضل هدف في العالم، تُحسم بتصويت الجماهير، ومعروف كذلك أن نجمنا العربي محمد صلاح، نادرا ما يخسر استفتاء جماهيري، لكن بلغة العقل والمنطق، دعونا نتفق أن مهمته هذه المرة كانت شبه مستحيلة، لروعة وجمال الأهداف الأخرى المنافسة لهدف صلاح، كهدف كريستيانو رونالدو الهوليوودي في شباك بوفون في إياب ربع نهائي دوري الأبطال، ولوحة غاريث بيل الفنية في نهائي البطولة ذاتها، وبدرجة أقل هدف بافارد المُمتع للنظر في شباك المنتخب الأرجنتيني في إقصائيات كأس العالم، وهدف ماكغري السحري بكعب القدم من على خط منطقة الجزاء، مع ذلك، حاول الفيفا إقناعنا بأن هدف صلاح في إيفرتون، حصد أكبر عدد من الأصوات. كيف؟ لا أحد في العالم يعرف، بمن فيهم الفائز بالجائزة، الذي عكست ملامح وتعبيرات وجهه، حالة الاستغراب والدهشة التي سيطرت عليه، في رد فعله الأولى لحظة إعلان الفائز بجائزة «بوشكاش»، وكأنه يتفاعل مع مزحة أو بلسانه المصري «نكتة خفيفة»، ليس مُنتشيا من القلب بالجائزة التي لم يفز بها من قبل أي لاعب عربي أو أفريقي، ربما لأنه يُدرك من داخله أنه ليس الأحق بها أو من صدمة المفاجأة غير المتوقعة، وهذا وضح في كلمته المُقتضبة أمام الحضور، بالتأكيد أنه جاء للمنافسة على جائزة أخرى. ويقصد بطبيعة الحال جائزة أفضل لاعب. هنا أيقن الجميع أن الفيفا قام بقص شريط ساعة المجاملات، التي وصلت للذروة في مشهد اختيار فريق العالم.

التشكيل العبثي
أقل ما يُمكن قوله، 70 أو 80٪ من القوام الرئيسي لفريق العام أشبه بجبل من المجاملات، بداية باختيار حارس مانشستر يونايتد والمنتخب الإسباني دافيد دي خيا، ليكون الحارس الأول، بينما الفائز بالقفاز الذهبي كأفضل حارس في العالم في الحفل تيبو كورتوا، ليس أساسيا، والكارثة الحقيقية، تواجد البرازيلي داني ألفيش، رغم أنه لم يُقدم أفضل مواسمه، عكس ظهير الريال داني كاربخال، الذي كلما أصيب عاد أقوى، وكذا الظهير الإنكليزي كايل ووكر، وآخرون في نفس المركز، أبلوا على الأقل بلاء أفضل من ألفيش، الذي أصيب في الأشهر الأخيرة للموسم الماضي، ولم يُشارك حتى في كأس العالم، الأعجب بحق، عدم تواجد محمد صلاح، وهو في ضمن ترشيحات الثلاثي الأفضل في العالم، لكن ضرورة التوازن والاختيار بالحُب، كان لا بد من وجود ميسي في تشكيلة العام، لحفظ ماء وجه الفيفا أمام الرأي العام العالمي من جانب، ولإرضاء رؤوس الأموال والشركات الراعية التي يهمها وجود صورة البرغوث في منتخب العالم، لأمور تجارية ودعائية بحتة. العجيب هنا، أن الفيفا رفع الحرج عن نفسه، بتحميل آلاف المحترفين مسؤولية خروج التشكيل بهذا الشكل العبثي، الذي أحرج اختيارات الفيفا، على اعتبار أن هناك 25000 لاعب محترف من مختلف أنحاء العالم، هم من اختاروا التشكيل، بعيدا عن الطريقة المُتبعة بتقسيم الأصوات بنسبة 25٪ بين الجماهير، قادة ومدربي منتخبات العالم، الصحافيين وخبراء الفيفا، وهذا في حد ذاته، أمر مُثير للجدل، ومن الأفضل تجنب هذه الطريقة في قادم المواعيد، على الأقل ليبدو التشكيل مُقنعا ومطابقا لاختيارات الفيفا، بدلاً من الاختيارات العبثية التي تحولت لحفلة سخرية في العالم الافتراضي.

عريس الليلة
لم يسلم لوكا مودريتش هو الآخر من الصور ومقاطع الفيديو (الكوميكس) الساخرة، الشهيرة جدا على مواقع التواصل الاجتماعي، كيف لا وفوزه في حد ذاته بالجائزة، يضرب مصداقيتها في مقتل. عزيزي مشجع ريال مدريد قبل أن تقذفني بالكلمات اللاذعة، هل تابعت مودريتش عن كثب الموسم الماضي؟ أم شاهدت مقاطع لمساته الخيالية عبر «يوتيوب»؟ باختصار شديد، مشجع الريال الحقيقي الذي شاهد كل دقائق الموسم الأخير، يعرف جيدا أن لوكا لم يُقدم أفضل مواسمه على الإطلاق، دعك من لغة الأرقام والإحصائيات التي لا تُرجح كفته مقارنته مع رونالدو وصلاح، بتسجيل هدفين وصناعة ثمانية، مقابل 44 للدون و8 تمريرات حاسمة و44 لصلاح +16 تمريرة حاسمة، بوجه عام، لم يكن حاسما للريال في أي مواجهة كبرى، فقط كان يعمل ضمن منظومة الوسط المتكامل جنبا إلى جنب مع إيسكو وتوني كروس وكاسيميرو، ولم يُقدم اللحظات الخارقة، كما فعل صلاح في مشوار ليفربول في الأبطال، ولا رونالدو، بأهدافه الـ15، التي أبقت الكأس ذات الأذنين في «سانتياغو بيرنابيو» للعام الثالث على التوالي، ما يعني بمعايير اختيار أفضل لاعب استنادا لإحصائياته وأرقامه الفردية، لا يُقارن بصلاح ورونالدو… أليس كذلك؟ حتى من ناحية البطولات الجماعية، فهو في النهاية لم يفعل الشيء الأهم، وهو الفوز بكأس العالم، فقط اكتسب سمعة كبيرة باستحواذه على جوائز أفضل لاعب في مباريات منتخبه في كأس العالم، واختتمها بجائزة أفضل لاعب في المونديال، أي أنه لا يملك أي تفوق جماعي على زميل الأمس، ولو كان الفوز بكأس العالم هو المعيار الأول، فلماذا لم يفز بالجائزة مُلهم أبطال العالم أنطوان غريزمان أو كيليان مبابي؟ السبب؟ طريقة التصويت التي تحتاج هي الأخرى إعادة تفكير وتوجيه.

ما الخلل في الديموقراطية؟
لا شك أبدا أن طريقة التصويت برمتها تبدو عادلة بنسبة 100٪، بتقسيم الأصوات كما أشرنا من قبل، لكن هناك نسبة مهولة من الأصوات، تضع أصواتها بناء على العاطفة والتربيطات، وهي نسبة الصحافيين غير المتخصصين، هؤلاء الذين يعملون يوميا إما في الفن أو السياسة أو أشياء أخرى ليست لها علاقة بكرة القدم، للتصويت لاختيار لاعب العالم، بدون ذكر أسماء، يُمكن لأي شخص مراجعة اسم الصحافي الذي أناب عن وطنه في التصويت لاختيار اللاعبين الثلاثة الأوائل بالترتيب، السؤال هنا: ما العيب أن يُكمل الفيفا جميله ويختار صحافيين رياضيين؟ لغز مُحير يُعطي نسبة 25٪ لأشخاص يأخذون بالسمعة، ومعهم شريحة عريضة من الجماهير وقادة ومدربي العالم، الذين صوتوا بمبدأ السمعة أيضا، ولا ننسى أن التصويت جاء في أوج لحظات شهرة مودريتش بعد حصوله على جائزة «اليويفا»، بطريقة أغرب وأعجب من جائزة الفيفا، كونها دائما وأبدا تذهب لأفضل لاعب في دوري أبطال أوروبا، والفضل يرجع، للحملة الإعلامية المدريدية المُمنهجة، لإظهار مودريتش بثوبه الجديد، كأكثر لاعب تأثيرا في الريال، بعدما أمضى ربيع مسيرته في ظِل كريستيانو رونالدو، مثل بقية اللاعبين بدون استثناء، ولك أن تتخيل لو لم يرحل رونالدو عن ريال مدريد. هل كان سيفوز لوكا بهذه الجائزة؟ بالنسبة لي لا أعتقد أن فرصه كانت ستزيد على 25 لـ30٪ على أقصى تقدير، لكن هذا لا يمنع، أن ردود الأفعال الغاضبة من اختيارات حفل الفيفا بوجه عام، وأفضل لاعب في العالم بالأخص، قد تُجبر الاتحاد الدولي، على احترام عقلية عالم كرة القدم أكثر من ذلك في قادم المواعيد، خاصة في ظل استمرار توهج الثنائي الأفضل عالميا العشرية الأخيرة، كلٍ منهما يلعب وكأنه في العشرين من عمره، وكأن هناك نية مُبيتة، منهما، لإحراج الفيفا الموسم المقبل، معلومة: لم أطرح سؤال عن مقارنة مودريتش 2018 بتشافي هيرنانديز عامي 2009 و2011، ولا أندريس إنييستا عام 2010 و2012 لإظهار تأثير الميديا والإعلام في الذوق العام في وقتنا الحالي، مقارنة بالوضع قبل 5 سنوات أو أكثر، لم يكن للسوشال ميديا هذا التأثير الكبير.

هل انتهى زمن رونالدو وميسي؟
إلى حد هذه اللحظة، لا يبدو الأمر كذلك، حتى أن كثيرا من النقاد يعتقدون أن فوز مودريتش هذا العام، ما هو إلا لكسر ملل تناوب الدون وعدوه على الجائزة، وإذا استمر كريستيانو بنفس الطاقة والحيوية التي يظهر بها في مبارياته مع يوفنتوس، مزيج من رونالدو مانشستر يونايتد المراوغ السريع ورونالدو ريال مدريد بغريزة المهاجم القاتل، كذلك، ليو مثل الذهب، كلما تقدم به السن، كلما زادت قيمته، ومن شاهد مبارياته مع برشلونة منذ بداية الموسم الجاري، كان محظوظا بنوع آخر من كرة القدم، لا تجده إلا عندما تكون الكرة بين قدمي البرغوث، والرائع حقا، أنه لا يتوقف عن تقديم المتعة والسحر واللمسات الإبداعية الجديدة كل مباراة، وهذه أشياء لا تُعطي مؤشرات أن زمن رونالدو وميسي قد انتهى، بل سيكون له جزء ثاني، قد يتكرر في نهاية العام، إذا لم تُطبق مجلة «فرانس فوتبول» معايير الفيفا، وتقريبا هو الأمر المتوقع. وإن حدث، في الغالب سيعود ميسي لمكانه المُفضل ضمن الثلاثة الأوائل، ونفس الأمر كريستيانو رونالدو، أما المتغير الثالث الدائم عليهما، سيكون بنسبة كبيرة مودريتش، ولن تكون مفاجأة إذا احتفظ بها النجم البرتغالي للعام الثالث على التوالي، ولا أعتقد أنها ستكون مشهد إسدال الستار على حقبة الثنائي الخارق للعادة، وهذا سيتوقف على مدى استمرارية الاثنين على هذا المستوى لنهاية الموسم، ومن الواضح على أرض الملعب، أن كلٍ منهما ما زال يملك الكثير في جعبته، وخصوصا ميسي، الذي يبدو لي على المستوى الشخصي، أنه يُحضر لريمونتادا، على طريقة رونالدو بعد عودته المُذهلة في سن الـ32، عندما كانت تُلقبه الصحافة المعادية «المُنتهي».

المفارقة هنا، أن ليو سيكون بعمر الـ32 في حفل الفيفا العام المقبل، وفي الوقت الحالي يُقدم أفضل ما لديه في كل مباراة، رغم الضغوط النفسية التي يُعاني منها، بعد خروجه من قائمة الثلاثة الأوائل للمرة الأولى منذ 11 عاما، وذلك مع تقدمه في السن، وهي تقريبا نفس الظروف التي مرت على كريستيانو بعد اتساع عدد مرات الفوز بالجائزة بينه وبين ميسي لجائزتين لمصلحة الأخير عام 2015، حيث كان يملك النجم الأرجنتيني 5 جوائز مقابل 3 لأيقونة البرتغال، لكن في النهاية، نجح صاحب القميص رقم 7، في الرد على كل المُشككين في عودته للقمة مرة أخرى، بريمونتادا، جعلته يتساوى مع ميسي بعد عامين، والسؤال الآن: هل سيستغل أسطورة البارسا والأرجنتين ميزة صغر سنه عن رونالدو بعامين، ليُذيقه من نفس كأس «الريمونتادا». هو ما سنعرفه في الفترة المقبلة، إلا إذا كان لمبابي أو صلاح أو أي لاعب آخر من المُرشحين لإنهاء زمن حقبة رونالدو وميسي رأي آخر، بعد فرصة مودريتش النادرة.

سجل الفائزين بجوائز 2018

أفضل لاعب: الكرواتي لوكا مودريتش (ريال مدريد الإسباني) .
أفضل لاعبة: البرازيلية مارتا
أفضل حارس مرمى: البلجيكي تيبو كورتوا (تشلسي الإنكليزي/ريال مدريد الإسباني)
أفضل مدرب: الفرنسي ديدييه ديشان (المنتخب الفرنسي)
أفضل مدرب للكرة النسائية: الفرنسي رينالد بيدروس (ليون الفرنسي) .
جائزة بوشكاش لأفضل هدف: المصري محمد صلاح عن هدفه لفريقه ليفربول في مرمى إيفرتون بالدوري الإنكليزي.
جائزة الروح الرياضية (اللعب النظيف): الألماني لينارت ثاي
جائزة أفضل جماهير: جماهير بيرو
التشكيلة المثالية :
في حراسة المرمى: الإسباني ديفيد دي خيا (مانشستر يونايتد الإنكليزي)
وفي الدفاع: البرازيلي داني ألفيش (باريس سان جيرمان الفرنسي) والفرنسي رافاييل فاران (ريال مدريد الإسباني) والبرازيلي مارسيلو (ريال مدريد الأسباني) والإسباني سيرخيو راموس (ريال مدريد الإسباني) .
ولخط الوسط: الكرواتي لوكا مودريتش (ريال مدريد الأسباني) والفرنسي نغولو كانتي (تشلسي الإنكليزي) والبلجيكي إيدن هازارد (تشلسي الإنكليزي).
وفي الهجوم: البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الأسباني/ يوفنتوس الإيطالي) والأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني) والفرنسي كيليان مبابي (باريس سان جيرمان الفرنسي).

سجل الفائزين بجائزة أفضل لاعب في استفتاء الفيفا
1991: الألماني لوثر ماتيوس (انتر ميلان الإيطالي)
1992: الهولندي ماركو فان باستن (ميلان الإيطالي)
1993: الإيطالي روبرتو باجيو (يوفنتوس الإيطالي)
1994: البرازيلي روماريو (برشلونة الإسباني)
1995: الليبيري جورج ويا (ميلان الإيطالي)
1996: البرازيلي رونالدو (برشلونة الإسباني)
1997: البرازيلي رونالدو (برشلونة الإسباني)
1998: الفرنسي زين الدين زيدان (يوفنتوس الإيطالي)
1999: البرازيلي ريفالدو (برشلونة الإسباني)
2000: الفرنسي زين الدين زيدان (يوفنتوس الإيطالي)
2001: البرتغالي لويس فيغو (ريال مدريد الإسباني)
2002: البرازيلي رونالدو (ريال مدريد الإسباني)
2003: الفرنسي زين الدين زيدان (ريال مدريد الإسباني)
2004: البرازيلي رونالدينيو (برشلونة الإسباني)
2005: البرازيلي رونالدينيو (برشلونة الإسباني)
2006: الإيطالي فابيو كانافارو (ريال مدريد الإسباني)
2007: البرازيلي كاكا (ميلان الإيطالي)
2008: البرتغالي كريستيانو رونالدو (مانشستر يونايتد الإنكليزي)
2009: الأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني)
2010: الأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني)
2011: الأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني)
2012: الأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني)
2013: البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الإسباني)
2014: البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الإسباني)
2015: الأرجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الإسباني)
2016: البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الإسباني)
2017: البرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الإسباني)
2018: الكرواتي لوكا مودريتش (ريال مدريد الإسباني)

بعد حفلة مجاملات الفيفا: هل تنتصر «فرانس فوتبول» لرونالدو وميسي؟

عادل منصور

كيف تحولت جوائز الفيفا من «الأفضل» الى «الأسوأ»!

Posted: 29 Sep 2018 02:12 PM PDT

على مدى السنوات الماضية، أثيرت أسئلة كثيرة وارتسمت علامات دهشة على جوائز الفيفا الفردية لأفضل اللاعبين في العالم، حتى عندما كانت بالشراكة مع مجلة «فرانس فوتبول» وأنتجتا الكرة الذهبية.
نعم رونالدو وميسي احتكرا الجائزة على مدى عقد كامل، وأدركنا أن ريال مدريد وبرشلونة يضغطان بقوة لجعل نجومهما بين أبرز المرشحين، لأن ذلك ينعكس بالايجاب على شعبيتهما العالمية وبالتالي على مداخيلهما التجارية، لكن ليلة الاثنين الماضي كان الفيفا ربما مندهشاً مثلنا من الكم الهامل من التناقضات في النتيجة النهائية لكل الجوائز، وربما ارتبك لعدم حضور النجمين «المدللين» ميسي ورونالدو، رغم محاولته ممارسة الشفافية في اختياراته.
الجدل بدأ بتناقض رهيب في اعتبار صلاح ثالث أفضل لاعب في العالم، لكنه ليس ضمن التشكيلة المثالية، مثلما الحال للبلجيكي كورتوا الذي أختير أفضل حارس في العالم، لكن الاسباني دي خيا هو حارس التشكيلة المثالية، ثم جاء اختيار داني الفيش المريب في التشكيلة للسنة الثامنة في آخر 9 سنوات، ليكتمل النصاب باختيار هدف صلاح الافضل بمنحه جائزة «بوشكاش»، رغم انه لم يكن حتى الافضل في شهر ديسمبر 2017 عندما سجله ضد ايفرتون ضمن اختيارات البريميرليغ لأفضل هدف في الشهر. اذاً هناك تخبط واضح ان لم نقل محسوبيات مستترة.
لكن هذا التخبط كان نتيجة عوامل عدة يمكن ان يفسرها الفيفا بمنطقية، فمثلاً لا وجود لمعايير محددة لاختيار أفضل لاعب، فلا الالقاب ولا الاهداف وروعة العروض ستفسر هذا الامر، فمودريتش ليس هدافاً، وميسي ورونالدو وصلاح فاقوه بالتسجيل، وهو ليس الاكثر القابا ولا أبرزها، فزميله في الريال رافايل فاران أضاف الى لقب دوري الابطال كأس العالم، والفرنسي الآخر أنطوان غريزمان أحرز اليوروبا ليغ والكأس السوبر الاوروبي الى جانب اللقب المونديالي، ولا حتى يمكن الجزم بأن مودريتش كان الاكثر مهارة. اذاً الانتقاء تم وفقاً لاختيارات 4 فئات (قائدو المنتخبات ومدربوها والجماهير والصحفيون) بالتساوي بينها، لكن التشكيلة المثالية تم انتقاؤها من خبراء مختصين، لم يروا صلاح بين أفضل 11 لاعباً، على عكس الفئات الاربعة، فيما هدف صلاح الذي تفوق على هدفي رونالدو بيل الرهيبين، جاء بتصويت الجماهير على الانترنت، وحصل على 38٪، أكثر من البقية، فيما جائزة أفضل حارس فجاء الاختيار أيضاً عن طريق لجنة خبراء، يرأسها الاسطورة بيتر شمايكل والد المرشح بين الثلاثة كاسبر، وهي لجنة تختلف عن الذين اختاروا تشكيلة العام، وبالتالي لم نر كورتوا بين أفضل 11 لاعباً رغم انه الافضل في العالم!
لكن يظل هناك سبب اختيار شهر سبتمبر/ أيلول لمنح الجوائز، فهو ليس نهاية عام، ولا نهاية موسم، فاذا وزعت الجوائز على الافضل لموسم 17-18 فان مودريتش ورونالدو لم يتألقا الا في النصف الثاني، فيما كان صلاح ملتهبا طيلة الموسم، واذا كان عن عام 2018 فان هناك أكثر من 3 أشهر على النهاية.
طبعاً الفيفا سيستدرك الكثير مما حصل، واتمنى ان يخصص جائزة يشارك فيها المشجعون فقط في التصويت، وليسمها جائزة «الأكثر شعبية»، على أن لا تشارك الجماهير في أي تصويت آخر، وان يخصص لجنة واحدة لكل الفئات والجوائز كي لا يكون هناك تضارب، وربما من الأفضل ألا يسرب اسماء الفائزين الى النجوم، كي يضمن حضور الجميع، ونصيحة أخيرة فانه في سنة كأس العالم فمن الجميل ان تشمل جائزة أفضل لاعب أحد أبطال العالم وليس وصيفه، وأيضاً من الجميل ان تشمل الجوائز أيضا أصحاب الارقام القياسية مثل مانشستر سيتي، الذي حطم العديد من الارقام في أصعب دوري في العالم.
في مطلع العام الجديد، ستكون هناك فرصة جديدة للاستدراك واستعادة المنطق عندما تقيم «فرانس فوتبول» حفل جوائزها بتوزيع كراتها الذهبية، وربما نتيقن حينها لماذا قررت الانفصال عن جوائز الفيفا.

twitter: @khaldounElcheik

كيف تحولت جوائز الفيفا من «الأفضل» الى «الأسوأ»!
 
خلدون الشيخ

«كل شيء أو لا شيء»: عندما يبدع مانشستر سيتي ويقترب من المشجع المتفرج بذكاء

Posted: 29 Sep 2018 02:11 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: أفلام خلف كواليس أندية كرة القدم نادرة، ونادرا ما يقبل ناد على هذه الخطوة لأسباب واضحة، أولها أن ما يحدث خلف الكواليس يجب أن يبقى كذلك لأنه في الأخير النادي مثل بيت العائلة، ما يحدث بين جدرانه يبقى بين جدرانه.
السماح لفريق تصوير بدخول غرفة تغيير الملابس قبل المباريات وبعدها، أو تصوير وتسجيل النقاشات الساخنة بين المدرب وطاقمه أو بين اللاعبين وتصوير جلسات مسؤولي النادي وهم يناقشون صفقة شراء لاعب أو غيرها من الأمور الخاصة، أمر يحتاج الى شجاعة، لكنه في الوقت ذاته ذكاء يعكس تماشي السيتي مع متطلبات ومتغيرات العصر. ففي ظل محاولة الأندية الوصول الى جميع بقاع الدنيا لفتح أسواق تجارية جديدة وتوسيع رقعة قاعدة المشجعين والفوز بغنائم كرة القدم التي أصبحت صناعة وتجارة الى جانب انها ترفيه وفن يمتع المليارات، فإن السيتي يريد أن يكون في مقام ريال مدريد ومانشستر يونايتد وبرشلونة يفوز بالألقاب ولكن أيضا بالعقود التجارية المذهلة.
ما انتجه مانشستر سيتي ويبث حاليا على موقع «أمازون برايم» البريطاني تحت تسمية «كل شيء أو لا شيء»، سابقة متميزة سيقلدها العديد من الأندية الكبرى التي تدرك الأهمية التجارية لمثل هذا المنتوج التلفزيوني، ولو انه ليس سباقا في هذه الفكرة، اذ سبقه اليها يوفنتوس مثلا كما السوق الرياضية الامريكية لها باع كبير في هذا المجال ورائدة من حيث التسويق التجاري لأنديتها سواء في كرة السلة أو كرة القدم الأمريكية أو البيسبول. لكن الحلقات الثماني التي أنتجها السيتي رائدة من حيث امتيازها بتصوير أدق الأمور، ما يجعل الفيلم متعة حقيقية ومصدر يجب أن يعتمده المدربون والمسيرون وكل من يريد الخوض في هذا العالم المثير. عندما تشاهد غوارديولا يجمع اللاعبين حوله بين الشوطين ليشرح لهم تغييرات في الخطة أو إعطاء لاعب الوسط أو الظهير الأيسر تعليمات خاصة من خلال اعتماد سبورة يجهزها فريقه في غرفة تغيير الملابس سواء في ملعبه أو خارجه، فإنك تدرك ان الرجل لا يترك أي شيء للصدفة. وترى اللاعبين وأغلبهم نجوم في منتخبات بلدانهم، يصغون اليه مثل تلاميذ أمام معلم يلقي محاضرة مثيرة في مجال معرفي معقد. طريقة شرح غوارديولا لأدق التفاصيل على السبورة أشبه بلعبة شطرنج، وتدرك لماذا فاز الرجل بعشرات الألقاب في ثلاث دول، ولماذا يعتبر الأفضل في مجاله، والذي أعاد اكتشاف كرة القدم في رأي البعض، وهو نفسه يقول في احدى الحلقات وهو يخاطب لاعبيه بعد تتويجهم باللقب، انه حطم كرة القدم، بمعنى انه أعاد صياغة أسلوب اللعب بأفكار حديثة جريئة.
لمن فاتته فرصة مشاهدة الفيلم ذي الثماني حلقات فإنه وثق الموسم الماضي الذي فاز به باللقب الانكليزي وفشل في التتويج بدوري الأبطال. ولكنه موسم الأرقام القياسية، حيث بلغ حاجز مئة نقطة في الدوري الممتاز وهو ما لم يحققه فريق قبله، بينما كان الرقم السابق بحوزة تشلسي وهو 95 هدفا، السيتي حطم أيضا الرقم القياسي في عدد الإنتصارات في موسم واحد والذي كان بحوزة تشلسي وهو 30 فوزا، بينما حقق فريق غوارديولا 32 فوزا، وسجل 106 اهداف، بينما كان الرقم السابق بحوزة تشلسي وهو 103 أهداف، وغيرها من الأرقام القياسية.
الفيلم يجب ان يشاهده كل مدرب متطلع لأن يكون ناجحا في مهمته ويجب ان يعتبره مرجعا يتعلم منه ومن بطله الأول غوارديولا، ليس أساليب تدريب الفريق، بل أساليب تسيير ناد وكيفية معاملة اللاعبين في مختلف الظروف واللحظات وكيف يجمع بين الترغيب والترهيب بذكاء كبير، وكيف يحفز اللاعبين وكيف يوبخهم حين يلزم ذلك، وكيف يدير لاعبين كبارا، كثيرا ما يتسببون في احداث البلبلة اذا لم يعرف المدرب التصرف معهم والسيطرة عليهم مستعملا سيكولوجيا رجل متمرس. غوارديولا الذي تعامل مع أمثال ميسي وانيستا وشافي لن يرهبه أي لاعب، لكن مع ذلك في كل فريق لاعبون يحتاجون لطريقة معاملة من المدرب لاقناعهم ببلوغ اقصى مستوى ممكن، وهذا ما جعل الجميع في السيتي يقتنع بفلسفة غوارديولا، وبالتالي يقدم الفريق ما يوافق عليه الأغلبية بأنه افضل عرض كروي في تاريخ انكلترا، وهي مهد كرة القدم منذ ما يقارب قرنين. والفيلم لا يخلو من الحبكة الدرامية خاصة في مباراة مانشستر يونايتد التي كان السيتي يطمح الفوز بها للتويج على ارضه باللقب، وفعلا تقدم بهدفين في الشوط الأول لكنه تلقى ثلاثة اهداف في الشوط الثاني، ورغم اننا نعرف النتيجة مسبقا، فإننا نعيش كل لحظة على الأعصاب نتفاعل مع مشاعر الممثلين الرئيسيين في الفيلم. الكاميرا الموجودة في غرفة الملابس فرصة لعشاق كرة القدم لمعرفة ما يدور خلف الأبواب المغلقة لهذه الفرق العملاقة عند الهزيمة او الفوز. مثلا التلاسن بين اللاعبين أحيانا ومحاولة غوارديولا لم الشمل وتهدئة الخواطر كما حدث بعد الهزيمة امام يونايتد وتأجيل التتويج بالدوري لحظات تثري معرفتنا حق الإثراء. نرى عن قرب آثار المعارك في المباريات الساخنة على أجساد اللاعبين وهم يتلقون العناية الطبية وعلاقة المدلكين والأطباء باللاعبين، وهي غالبا علاقة صداقة كلها مرح ونكت وعلاقة رئيس النادي خلدون المبارك بغوارديولا واللاعبين علاقة تعكس النجاح الذي يحققه النادي. ومن اللحظات الطريفة أيضا لحظة التتويج باللقب خلال هزيمة مانشستر يونايتد امام وست بروميتش، لقاء تابعه القائد فينسنت كومباني في منزل أصهاره، حيث أن والد زوجته مشجع شغوف بمانشستر يونايتد، فيتبادل واللحظة لا تخلو من المزحة والروح الرياضية رغم التنافس الكبير بين الناديين. الفيلم درس مثير حتى لمن لا علاقة له بالمهنة، لأننا كعشاق كرة القدم نعرفها على المستطيل الأخضر خلال تسعين دقيقة سواء مشاهدة في الملعب أو على الشاشة، لكن لا نعرف كيف يتم تسيير ناد بحجم السيتي بشكل يومي، وعلى مدار السنة وكيف يخطط مسؤولوه، وعندما أقول «مسؤوله»، لا أعني الرئيس التنفيذي أو مدير الكرة وحدهما، بل هذه الأندية يسيرها جيش من المختصين في مختلف المجالات، ولكل مجال قسم ضخم يضم خيرة اهل التخصص، كقسم التسويق وقسم الادارة القانونية والمحاسبة والطب بفروعه المختلفة وقسم العلاقات الخارجية وطاقم التدريب. طاقم التدريب على سبيل المثال نشاهد بعضهم فقط على دكة البدلاء، بينما الكثير منهم خلف الكواليس، مثل جنود الخفاء يلبون طلبات غوارديولا مثل احصائيات كل لاعب ومتى يجب ان يخلد للراحة لتفادي الاصابة ومتى يعود المصابون الى التدريبات ويرتبون مختلف العمليات الجراحية لكل مصاب في أفضل المصحات العالمية بالتعاون مع القسم الطبي، طاقم التدريب يقدم عرضا مفصلا عن الفريق الخصم وأخطر لاعبيه، وكم يركض خلال تسعين دقيقة وكم تمريرة ناجحة وغير ذلك من الإحصائيات التي أصبحت جزءا مهما وعاملا قد يكون الفارق بين الفوز والخسارة.

«كل شيء أو لا شيء»: عندما يبدع مانشستر سيتي ويقترب من المشجع المتفرج بذكاء

قدور حباري

هند أبا تراب… «هاميلتون» المغرب

Posted: 29 Sep 2018 02:11 PM PDT

الرباط ـ «القدس العربي»: بثقة تامة تمسك المشاركة في البطولة الوطنية لسباق السيارات بالمغرب، هند أبا تراب، بعجلة قيادة سيارتها، ورغم كونها المرأة الوحيدة المشاركة في حلبة السباق فهي في طريقها لتأمين ثالث فوز لها على التوالي بالبطولة.
وتتنافس أبا تراب، وهي أم لطفلين، وباتت تشبه ببطل فورمولا ـ 1 لويس هاميلتون، مع نحو 40 مشاركا في البطولة التي أحرزت لقبها في عامي 2016 و2107. وتتكون البطولة من 10 مراحل تُنظم كل مرحلة في مدينة مختلفة بالمغرب. ويحرز لقب البطولة من يجمع أكبر عدد من النقاط في نهاية المطاف. وبعدما أدارت محركها انطلقت سيارة هند في حلبة مولاي الحسن بمدينة مراكش في المرحلة الرابعة من البطولة التي تضم 10 مراحل. وبفوزها بالمرحلة الرابعة تقترب هند أكثر من اقتناص لقب البطولة. ويرى المتسابق مصطفى لبات، منافس هند، والذي جاء في المركز الثاني بعدها، أن هند ستفوز غالبا بالبطولة، موضحا أن سيارتها أقوى من سيارات منافسيها جميعا. وقال: «سيارة السباق تلعب دورا كبير معها، لأن هند لديها أحسن سيارة مقارنة مع سيارتنا التي نشارك بها. لديها محرك بقوة أكثر من 200 حصان، لديها تقريبا 220 حصان مقارنة مع السيارة المنافسة لها فقط 140 أو 150 حصانا، إذن هناك فرق. لديها موهبة القيادة ولكن سيارتها قوية». ورغم أن هند أبا تراب ليست أول امرأة مغربية تشارك في سباقات السيارات، فإن عبدالرحيم عبدان ممثل الاتحاد الملكي المغربي للسيارات يقول إنها حتى الآن أول امرأة تفوز بأحد هذه السباقات. وأضاف: «كان لي الشرف أن أقدم لها شهادة الفوز ببطولة المغرب التي نظمت رسميا. يعني الآن نرى هند في هذا المضمار وكأنها تسوق في حديقتها، يعني تدربت فيها على أحسن طراز». ولا تزال هند أبا تراب تبحث عن رُعاة لتمويل عملها ومساعدتها في تحقيق تقدم على المستوى الدولي. وعن الأسباب التي تبعد النساء عن المشاركة في سباقات السيارات قالت: «أظن أن من بين الحواجز التي تمنع المرأة من اقتحام هذه الرياضة هي الحواجز المادية، أنا بنفسي طرقت عدة أبواب لهذا السبب، كي لا أبقى راكدة في مكاني. الحمد لله فزت ببطولات عدة وفزت بالمركز الأول سنتين على التوالي في البطولة الوطنية. تلقيت تدريب وشاركت في فرنسا، ولكن في غياب الدعم المادي سأبقى دائما في مكاني. طرقت عدة أبواب ولكن للأسف لم أجد استجابة أو دعما». ويشار إلى أن هند نشأت في أُسرة تعشق السيارات، لكنها لم تبدأ المشاركة في السباقات سوى في 2009.

هند أبا تراب… «هاميلتون» المغرب

تقنية «فار» مثيرة للجدل في غيابها أو حضورها!

Posted: 29 Sep 2018 02:11 PM PDT

مدريد ـ «القدس العربي»: يلقي البعض باللوم على تقنية حكم الفيديو المساعد (فار)، فيما ينتقد آخرون عدم استخدامها في بعض المباريات، ورغم أنها تكنولوجيا جاءت لتبقى في كرة القدم ولكن استخدامها أو عدم استخدامها لا يزال يثير جدلا محموما، كما حدث خلال واقعة طرد البرتغالي كريستيانو رونالدو في دوري أبطال أوروبا أو ما حدث في ملعب «كامب نو» الأحد الماضي.
ولم يستعن بعد دوري الأبطال بهذه التقنية الحديثة التي افتقدها يوفنتوس كثيرا في مباراته أمام بلنسية عندما تعرض نجمه رونالدو للطرد في واقعة كانت تحتاج إلى إعادة تقييم، ما دفع النادي الإيطالي إلى الإعراب عن امتعاضه من غياب هذه التكنولوجيا التي كان بإمكانها إعادة تقدير الموقف الذي قد يجلب عقوبة غليظة على أحد النجوم الكبار. وقال المدرب ماسيمليانو أليغري: «الطرد كان غير عادل، أثق بأن تقنية حكم الفيديو المساعد كانت لتساعد الحكم في واقعة طرد كريستيانو، كان من الممكن تفادي هذا من خلال المقاطع المصورة». وفي الوقت الذي تراهن فيه الدوريات الأوروبية الكبرى على هذه التكنولوجيا، أعلنت البطولة الأوروبية الكبيرة الاستغناء عنها في الوقت الحالي، إلا أن هذا لم يمنع وجود مشاهد في مباريات البطولة يظهر فيها اللاعبون وهم يصدرون إشارات بضرورة تطبيق هذه التكنولوجيا. واتسعت دائرة الجدل حول هذه القضية في إسبانيا، لما حدث في الدقيقة 32 في مباراة برشلونة وجيرونا. وحصل اللاعب الفرنسي كليمين لينغليه، لاعب برشلونة، على البطاقة الحمراء في تلك الدقيقة ولم يصدر الحكم قراره بالطرد إلا بعد مراجعة تقنية حكم الفيديو، بيد أن النادي الكتالوني انتقد القرار بشدة بعدما انتهت المباراة التي استضافها على ملعبه بالتعادل 2/2. وقرر الحكم الاحتكام للتكنولوجيا الجديدة في واقعة لا تحمل أي قدر من الأهمية أو الخطورة، لكنه أراد أن يستوثق لنفسه قبل أن يشهر البطاقة الحمراء للينغليه بعدما تعدى الأخير على لاعب منافس بمرفق الذراع. وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر شكاوى من أندية إسبانية من تقنية الفيديو، فعلى سبيل المثال أعرب إشبيلية وريال بيتيس عن امتعاضهما في مرات سابقة من هذه التكنولوجيا، ولكن عندما تصدر الشكوى من الأندية الكبرى التي يعد برشلونة أحدها فالمشكلة تتخذ منحى أخر أكثر ضخامة. وقال مدرب برشلونة، أرنستو فالفيردي: «تقنية حكم الفيديو لها عيوبها ويجب التعامل معها، ويجب ضبطها، رغم أنني أنظر إلى هذا الأمر وأنا أرتدي قميص برشلونة». وكان ما قاله لاعب برشلونة، التشيلي أرتورو فيدال، أكثر حدة: «تقنية الحكم المساعد يجب أن تساعد لا أن تضر». ويشعر برشلونة بأنه تضرر من استخدام التقنية، حيث يرى أنه تجب مراجعة الأحداث التي لا تحمل تأويلات جديدة، في وقت اشتكى فيه يوفنتوس قبل أيام من عدم تطبيقها. وأشاد الأرجنتيني دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد بهذه التقنية وأكد مساندته لاستخدامها. ويصر الحكام في إسبانيا على تذكير الجماهير واللاعبين بأنه لم يمر على انطلاق الدوري الإسباني سوى خمس مراحل فقط، وأن التأقلم على التكنولوجيا الجديدة لا يزال في المرحلة الأولى، لكن ورغم ذلك يبدو أن الجدل سيستمر في حال حضور هذه التقنية أو غيابها.

تقنية «فار» مثيرة للجدل في غيابها أو حضورها!

الانتعاش الاقتصادي في كردستان العراق بين رواتب مقتطعة ومستثمرين خائفين

Posted: 29 Sep 2018 02:10 PM PDT

خلال 15 عاما قضاها موظفا في وزارة الكهرباء، كان سامان قادر يتقاضى نحو 500 دولار شهريا، لكن حين اضطر إقليم كردستان العراق إلى اتباع سياسة اقتطاع الرواتب لتجنب الإفلاس، خسر الرجل قرابة نصف راتبه.
وتزامنا مع تقلص راتبه، خسر قادر أيضا الأعمال الصغيرة التي كانت تسمح له بزيادة مدخوله الشهري، خصوصا بعد فشل الاستفتاء على الاستقلال في أيلول/سبتمبر الماضي، كما يقول الكردي البالغ من العمر 51 عاما.
يقول قادر في منزله الصغير ذي الأثاث البسيط حيث يعيش مع زوجته المريضة وأولادهما الأربعة، إن راتبه ازداد قليلاً منذ ذلك الحين، لكنه لم يعد إلى ما كان عليه في السابق.
لذلك، تشكل كل نهاية شهر تحديا له، إذ «يجب دفع الفواتير، وأقساط بناتي في الجامعة، وعلاج زوجتي في إيران».
لطالما كان إقليم كردستان العراق، الذي ينتخب برلمانه الجديد اليوم، جنة للمستثمرين في منطقة الشرق الأوسط المضطرب.
لكن اجتياح تنظيم «الدولة الإسلامية» للبلاد في العام 2014، ووصوله على أبواب أربيل كبرى مدن الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي، وتراجع أسعار النفط، والفساد، وقرار بغداد بعدم بوقف المساهمة في ميزانية المنطقة، وحرمانها من 80 في المئة من إيراداتها، كان ضربة كبيرة لاقتصاد كردستان.
ويقول مدير مركز كردستان لعلم الاجتماع في جامعة سوران قرب أربيل عادل بكوان، إنه «في بداية العام 2017، وصلت الأزمة الاقتصادية إلى مستوى كارثي».
ويضيف «لقد خسر الموظفون الذين يشكلون 60 في المئة من السكان العاملين، نصف رواتبهم، لا بل بلغت خسارة البعض 75 في المئة، وغادر المستثمرون بأعداد كبيرة، وتوقفت المشاريع القائمة، وارتفع عدد السكان تحت خط الفقر إلى 15 في المئة».
وجرى الاستفتاء على الاستقلال رغم معارضة بغداد والمجتمع الدولي. وردا على ذلك، استعادت بغداد السيطرة على جميع المناطق المتنازع عليها، وبينها حقول كركوك النفطية، وقسمت المحفظة الكردية نصفين، قاضية على كل أمل بدولة مستقلة.
وكان إنتاج حقول كردستان وكركوك يبلغ 600 ألف برميل يوميا تُصدر 550 ألفا منها عبر ميناء جيهان التركي، ومع خسارة حقول كركوك، خسر الأكراد نصف إنتاج الذهب الأسود.
ومع انهيار حلم الدولة، لم يبق أمام الإقليم إلا إعادة التفاوض على جزء من الموازنة الاتحادية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في اقتصاد قائم على عائدات النفط، وحيث تثقل مؤسساته المحسوبيات التي تمارسها الأحزاب الكبيرة التي تتقاسم السلطة في كردستان منذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003.
ويقول بكوان، إنه «منذ نيسان/أبريل الماضي، وبعد تدخل مباشر من واشنطن، هدأت العلاقات بين بغداد وأربيل، لكن لم يتم تطبيعها»، مضيفا أن «بغداد تدفع لكردستان حاليا جزءا من نصيبه من الميزانية الاتحادية: مليار دولار شهريا».
لكن الخبراء يرون أن الأمر سيتطلب الكثير لسد العجز في كردستان الذي يكافح لتنويع مصادر اقتصاده، لا سيما بعد ستة أشهر من الحصار الجوي الذي فرضته بغداد، وإغلاق المنافذ الحدودية مع إيران وتركيا.
لكن نوزاد غفور، نائب رئيس غرفة التجارة في السليمانية، ثاني أكبر مدن كردستان العراق، يؤكد أن الوضع الاقتصادي والاستثمار في تحسن منذ بداية العام.
يقول غفور إن العام الحالي شهد بداية «400 إلى 500 مشروع جديد في عموم الإقليم، مشاريع سياحية وسكنية وصناعية وخدمية».
ويضيف أنه «في غضون الأعوام الأربعة المقبلة، سيتم توفير أكثر من 40 ألف فرصة عمل»، فيما يعلن شاب من بين خمسة تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاما في كردستان أن «ليس هناك أمل بالحصول على وظيفة في يوم من الأيام»، حسب تقرير أممي صدر مؤخرا.
لكن ذلك لم يلغ فورة التذمر الاجتماعي. فقد خرج معلمون وأطباء وموظفون، إضافة إلى مقاتلي البيشمركه، إلى الشوارع لأسابيع، في تظاهرات سقط فيها قتلى.
وفي هذه المنطقة التي تعيش 87 في المئة من عائلاتها بأقل من 850 دولارا شهريا، فإن انتخابات اليوم وهي الأولى منذ الاستفتاء، ليست إلا عزاء سيئا للسكان.
يقول بكوان، إن «الفئات الاجتماعية المهمشة من قبل النظام السياسي، والمحرومة بشكل كبير من النظام الاقتصادي، والمنبوذة من النظام التعليمي، هي في وضعية انعدام الثقة بالنخب السياسية».
ويضيف أن «هذه القاعدة الاجتماعية غير المتكاملة لا ترى أي أمل في تحسين ظروفها المعيشية بالتصويت لصالح أحد الأحزاب».
حتى ولو أشار الخبراء إلى عزوف كبير عن المشاركة في الانتخابات، فإن روا برهان (20 عاما) سيدلي بصوته اليوم، آملا في أن تفتح الحكومة الكردستانية المقبلة «صفحة جديدة في العلاقات مع الحكومة العراقية».
ويرى هذا الشاب، وهو ابن موظفين انخفض دخلهما بشكل حاد من 1700 إلى 800 دولار شهريا، أن على أربيل «أن تتفق على الميزانية وتخلص الشعب من المعاناة المعيشية».
(أ ف ب)

الانتعاش الاقتصادي في كردستان العراق بين رواتب مقتطعة ومستثمرين خائفين

العرب والغاز الإسرائيلي تعزيز للسلام أم تأجيج للنزاع؟

Posted: 29 Sep 2018 02:10 PM PDT

بعد الأردن، وقعت إسرائيل عقداً ضخماً للغاز مع مصر لمدة عشر سنوات. حاجة مصر للغاز الإسرائيلي ستستمر لغاية استغلال حقولها المكتشفة في البحر. فهل يساهم هذا التقارب في استتباب السلام أم يزيد من مخاطر التوتر في المنطقة؟
كما كان متوقعاً، أعلن كونسورتيوم (تجمع شركات) أمريكي-إسرائيلي يشرف على تطوير احتياطي الغاز الإسرائيلي عن اتفاقية تجارية ضخمة تتيح للدولة العبرية تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، بعدما سبق وأن وُقعت اتفاقية مماثلة مع الأردن. وتعتبر هذه الخطوة سابقة تقدم عليها مصر، التي تعتبر أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979. استيراد الغاز الإسرائيلي لم يلق الترحيب من قبل قطاعات واسعة من الرأي العام المصري، لاسيما وأن إسرائيل كانت تستورد الغاز المصري في السابق. غير أن الأنبوب الذي يمر جزء منه فوق الأرض استُهدف أكثر من مرة في هجمات المتطرفين الجهاديين في سيناء.
أما الأردن فقد سبق وأن أبرم في أيلول/ سبتمبر 2016 صفقة لشراء الغاز الإسرائيلي تمتد 15 سنة، في اتفاقية قدرت قيمتها بنحو عشرة مليارات دولار. طموحات إسرائيل كبيرة، إذ تأمل بأن يسمح لها احتياطي الغاز بالتصدير إلى أوروبا. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف مشروعاً آخر بـ»الثوري»، والذي يتعلق باتفاقية أخرى ثلاثية بين إسرائيل وقبرص واليونان تمهد لبناء خط أنابيب تحت البحر لنقل الغاز إلى منشآت إسالة الغاز الطبيعي في مصر، بما يسمح بإعادة تصدير الغاز المسال إلى أوروبا. فهل يلعب الغاز نفس الدور الذي لعبه البترول في رسم جيوـ استراتجية المنطقة؟ وهل يسمح بتعزيز آفاق السلام أم أنه يتضمن مخاطر نزاعات مستقبلية؟
ما كان محرماً أصبح ممكناً!
من مفارقات التاريخ أن هذا الأنبوب كان قبل سنوات فقط ينقل الغاز في الاتجاه المعاكس، أي من مصر إلى إسرائيل. غير أن الوضع تغير مع ما يسمى بـ»الربيع العربي»، حيث شكل الأنبوب هدفاً سانحاً لهجمات إرهابية متكررة أضرت بتدفق الغاز، وهو ما دفع القاهرة لإلغاء العقد لأسباب سياسية، معتبرة أنه كان في صالح إسرائيل أكثر مما كان في صالح مصر. وتزامنت تلك الفترة مع اكتشافات لحقول غاز ضخمة في البحر الأبيض المتوسط. وبعدما ضمنت الدولة العبرية أن الانتاج سيغطي استهلاكها الداخلي، أعطت الضوء الأخضر لتصدير الفائض من الغاز، ما سيجعل منها لاعباً مهماً في سوق الطاقة في المنطقة.
ورغم الأهمية السياسية لهذا الاتفاق، إلا أن شريف عبد الودود، الخبير في شؤون الطاقة المقيم في هيوستن في الولايات المتحدة، شدد في حوار مع DW عربية على الجانب الاقتصادي والتجاري للمشروع، إذ قال: «هذا اتفاق تجاري بين شركات بهدف الربح في المقام الأول»، مؤكداً أن الاتفاقية لن تغير بشكل استراتيجي موازين القوى في سوق الطاقة الإقليمي. يأتي ذلك في ظل الجهود التي تبذلها مصر لتحرير سوق الغاز المحلية وفتحها أمام الشركات الخاصة.
من جهته، أكد حمدي عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول المصرية، في بيان أن «الوزارة ترحب بهذه الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها الشركات الخاصة القائمة على المشروع التجاري المزمع تنفيذه». وأوضح عبد العزيز أن مصر تسعى «لأن تصبح مركزاً إقليمياً لتجارة وتداول الغاز، وبالتالي توجه الدولة لتحرير سوق الغاز».

صفقة تاريخية بأبعاد جيو استراتجية

التطورات التي تشهدها خارطة الغاز في الشرق الأوسط تستدعي قراءات في موازين القوى الدولية، فقد انتقدت واشنطن في أكثر من مناسبة مشروع «نورد ستريم 2» لنقل الغاز بين روسيا وألمانيا عبر بحر البلطيق من دون المرور بأوكرانيا، معتبرة أن في ذلك ارتهاناً أوروبياً للغاز الروسي. وفي هذا الصدد، قال جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي: «هناك مصادر أخرى ممكنة للغاز الطبيعي من حقول الغاز الرئيسية الموجودة في شرق المتوسط، في إسرائيل»، لافتاً أيضاً إلى «قدرة الولايات المتحدة على تصدير الغاز الطبيعي المسال فضلاً عن مصادر أخرى ممكنة».
وعلى المستوى الإقليمي، ترى إسرائيل أن مشاريع الغاز تربط دول محور السلام ببنية تحتية إقليمية مشتركة للغاز. يذكر أن الأردن هو البلد العربي الثاني الذي وقع معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1994. وفي هذا السياق، يوضح خبير الطاقة شريف عبد الودود أن الاتفاق مع مصر «لن يؤثر بالضرورة على مسار عملية السلام في المنطقة»، باعتبار أن المسارين مستقلين وأن القضية الفلسطينية تتراجع كل يوم، مؤكداً أن «فكرة المصالح المشتركة بين إسرائيل والدول العربية قديمة جداً وهي كانت ضمن تفاهمات اتفاقية أوسلو».

العرب والغاز الإسرائيلي تعزيز للسلام أم تأجيج للنزاع؟

هجرة الكفاءات الطبية تزيد معاناة المرضى في مستشفيات غزة

Posted: 29 Sep 2018 02:09 PM PDT

تعتبر الأوضاع المادية الصعبة والاعتداءات المتواصلة سبباً رئيسيا في هجرة أعداد كبيرة من خيرة أطباء قطاع غزة إلى خارج حدود فلسطين نحو أوروبا، حيث الهدوء والعائد المادي الوفير. هكذا يقول أطباء التحقوا بتخصصاتهم في مستشفيات تركية وأوروبية، تاركين خلفهم أثارا سلبية كبيرة طالت مستشفيات غزة ومرضاها الذين يعانون ولا يجدون من ينقذهم سوى انتظار تحويلة إلى العلاج في الخارج، والتي يصعب الحصول عليها في بعض الأحيان نتيجة حدة الخلافات السياسية في الوسط الفلسطيني. ومن ما يثير الجدل في الشارع الغزي النزيف المتواصل من هجرة الكفاءات الطبية، والتي صارت كارثة على مستشفيات غزة حيث الحاجة الماسة لوجود هذه الطبقة المميزة من الأطباء.
لم يجد الطبيب علاء أخصائي جراحة القلب والأوعية الدموية سبيلا أمامه إلا أن يتجه نحو ظروف عمل أفضل خارج حدود غزة، حيث ترك العمل واستقر وعائلته في تركيا.
يقول علاء لـ»القدس العربي» وهو يعتبر من أصحاب الكفاءات العالية في مهنتهم، أن وضعه المعيشي في غزة دخل مراحل سيئة جدا، بسبب التنكر لحقوقه المادية الكاملة مقارنةً بتميزه في مهنته والتي تحقق له الحياة الكريمة بمجرد البحث عن عمل خارج غزة، فبعد انتظار غير مجد لتحسن وضعه وأوضاع مئات الأطباء، توجه إلى تركيا والتحق بإحدى المستشفيات الخاصة هناك. وحول ظروف حياته يقول انه يعيش حياة آمنة وكريمة، إضافة إلى وفرة دخله المادي الذي يؤمن له ولأفراد عائلته حياة مرفهة، حيث يتقاضى الطبيب مبلغا كبيرا يصل إلى 7 آلاف دولار شهرياً، في وقت لم يحصل على مبلغ يتجاوز 3 آلاف دولار في عمله في مستشفيات غزة.
في المقابل يرى طبيب المخ والأعصاب حمدي والذي عمل كطبيب متنقل في مستشفيات قطاع غزة تحت بند العقد، نتيجة توقف قطاع الوظائف في حكومة غزة، أن مهنة الطبيب تحتاج إلى ظروف إيجابية كي تحتضن الجهد الكبير الذي تقدمه، فعلى سبيل مثال الأوضاع الاقتصادية في غزة، لم يسد الطبيب ما أنفقه على سنوات دراسته العلمية.
ويقول لـ»القدس العربي» أن ثمة أمور أخرى يطمح لها كل من يترك غزة ويهاجر للخارج إلى جانب الراتب، ومنها توفير بيئة آمنة وسليمة للأبناء، حيث أن الآثار السلبية التي يتعرض لها الطبيب تؤثر على حياة الأبناء العلمية، في حين أن الأطباء يحرصون بشكل كبير على توريث مهنتهم لأبنائهم، وذلك يتطلب بيئة إيجابية مادياً ومعنوياً وهذا إلى حد كبير مفقود في غزة.
ومع استمرار تدفق وهجرة أطباء الكفاءات العالية، باتت مستشفيات غزة حزينة على فراقهم، فمستشفى «الشفاء» أحد الأكبر في قطاع غزة يفتقر منذ سنوات إلى الأطباء المهرة، سيما الآن مع تكدس المصابين في أحداث مسيرات العودة، والذين يعانون من إصابات بالغة الخطورة، حيث شكل فقدان الخبرات لدى بعض الأطباء كارثة حقيقية على المرضى الذين بترت أقدامهم، إضافة إلى فقدان آخرين حياتهم نتيجة العجز الطبي في التعامل معهم.
وتعقيباً على هذه الظاهرة الخطيرة وحسب وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس، فإن الظروف المادية الخانقة سببت عجزاً في كافة القطاعات العاملة، حيث أن الطبيب يتقاضى راتبا بنسبة 40 في المئة من راتبه الأساسى منذ سنوات طويلة في كافة أحوال ساعات العمل حتى الإضافية، في حين باتت الوزارة عاجزة على تحسين ظروف الأطباء، وهذا يجعلها غير قادرة على التحكم في حياة من يريد الهجرة. وترى وزارة الصحة في رام الله، أن استمرار حكم حماس لغزة كرس اعتبار الأطباء رهائن لديها، وتزايدت الضغوط الواقعة عليهم والتمييز والتفريق بينهم داخل العمل. وتعتبر الحل لظاهرة هجرة الأطباء هو في تسليم حكومة التوافق زمام الأمور وتمكينها من أداء مهامها كحل وحيد.
وذكرت إحصائيات مؤخراً أن 40 طبيباً تركوا عملهم داخل مستشفيات غزة منذ بداية العام الحالي، والتحقوا غالبيتهم في العمل بمستشفيات تركية كل حسب تخصصه. وبينت المصادر ذاتها أن إجمالي عدد الأطباء الذين غادروا البلاد دون رجعة على مدار سنوات الحصار بلغ 120 طبيباً، معظمهم تميزوا بمهنتهم وقدموا نموذجاً طبياً ايجابيا لا يزال يذكرهم الغزيون ويحزنون لغيابهم.

هجرة الكفاءات الطبية تزيد معاناة المرضى في مستشفيات غزة

إسماعيل عبدالهادي

قناة تلفزيونية ألمانية تشعل قضايا المرأة السودانية

Posted: 29 Sep 2018 02:09 PM PDT

الخرطوم ـ «القدس العربي»:أقل من ستين ثانية زمن المداخلة التي قدمتها الإعلامية والناشطة وئام شوقي في برنامج «شباب توك» الذي تقدمه القناة الألمانية «دويتشة فيلة» وقد أثارت هذه المداخلة القصيرة جدلا كثيفا وتداعيات لا تزال مستمرة على كافة الوسائط الاجتماعية في السودان.
«ماذا تريد المرأة السودانية اليوم؟» هو عنوان عدة حلقات تم تقديمها من الخرطوم ضمن جولة التلفزيون الألماني «DW» القسم العربي، حلقة من برنامجه «شباب توك» خصَّصها لحقوق المرأة في السودان.
شارك في الحلقات عدد من الشباب والمسؤولين السودانيين في مختلف المجالات، لكن وئام شوقي خطفت الأضواء من الجميع عندما خاطبت رئيس هيئة علماء السودان بلهجة حادة منتقدة التحرش الذي تتعرض له الفتاة السودانية قائلة: «الشخص الذي يتعامل معي بوصفي جسدا وليس إنسانا هو مريض. أنا أرتدي من اللبس ما يخضع لحريتي واختياري الشخصي وليس لعادات وتقاليد قديمة» وأضافت أن والدتها التي ترتدي الثوب السوداني لم تسلم من التحرش.
وقد أثارت الحلقة اهتماماً كبيراً، وأحدثت ضجة متعاظمة في وسائط التواصل الاجتماعي، بسبب القضايا المثارة والآراء المتباينة التي عرضت فيها. بدأ الجدل عقب انتهاء الحلقة مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي اشتعلت فجأة بهذا الموضوع رغم وجود قضايا أخرى ساخنة ومهمة وبدأت الحملة ناقمة على وئام شوقي رغم مداخلتها القصيرة حيث أعاب عليها البعض مخاطبتها لشيخ كبير بهذه الحدة، بينما وضعها آخرون في خانة الخارجة عن تقاليد وقيم المجتمع السوداني.
امتد الجدل لينصب على قناة سودانية 24 التي شاركت في تنظيم الحلقة بتقديم الدعم للقناة الألمانية وطالب الكثيرون بإغلاقها ودخلت المساجد في الحملة في خطبة الجمعة التي تلت بث الحلقة وتم تصوير الأمر وكأنه صراعا بين العلمانية والإسلام.
بدأت المرافعات من والد الناشطة وئام شوقي الذي سارع لتأييد ابنته من خلال بيان ضد ما سماه «الحملة الشرسة المنظمة التي يشنها أشباه الرجال لتشويه صورة وئام شوقي (غلامة) على صفحات الميديا» مشيرا إلى أن هذه الحملة «تعكس بوضوح الضحالة الفكرية والمعرفية لدى كثير من أبناء الشعب السوداني ومدى البؤس الذي يخيم على عقولهم كما تعكس صورة جلية لتغلغل الفكر الداعشى في كثير من هذه العقول الصدئة». وأضاف: «معظم من سودوا صفحات الميديا لم يخرج منهم سوى خواء فكري».
وأكد ثقته في وئام وختم بقوله: «هي ابنتي وقد خرجت من بيت أصيل ومن بيئة صحية وفرت لها المعرفة والأدب والاحترام ومعها الحرية في إبداء رأيها دون شطط، فدونكم هي حاوروها بالعقل والمنطق».
وسارعت قناة سودانية 24 في توضيح موقفها من البرنامج مؤكدة عدم وجود أي علاقة لها بمحتوى برنامج «شباب توك» مشيرة إلى أن الحلقة لم تبث على شاشتها، أو على المنصات التابعة لها (على يوتيوب أو وسائط التواصل الاجتماعي) ولم يظهر شعار سودانية 24 عليها، ولا أحد مذيعيها طوال مدتها.
وقالت القناة السودانية في بيانها: «شباب توك من برامج التلفزيون الألماني، ويبث على شاشته، ويقدِّمه ويخطِّط له ويضع سياساته ويختار موضوعاته وقضاياه الإعلاميون العاملون في التلفزيون الألماني». وأضافت أنه «وبحكم اتفاقية التعاون بين القناة والتلفزيون الألماني تنحصر مهمتها في توفير الدعم الفني».
وتساءلت عن سر العجلة في الاتهام، دون توفُّر أو توفير شاهد له، بل الاتجاه إلى التحريض المباشر وغير المباشر لإغلاق القناة.
وقالت: «سودانية 24 لها وثيقة حاكمة، بمثابة دستور داخلي، تضبط منهج عملها، ابتداء من تصور البرامج، مروراً بالموضوعات والقضايا والآراء التي تتبنَّاها أو تقبل بعرضها، ختماً بسَمْت وهوية منسوبيها وكادرها العامل الذي يظهر على شاشتها، وتكشف مسيرتها العملية خلال العامين المنصرمين عن نهجها ورؤيتها بما لا يمكن المزايدة عليه أو الانتقاص منه».
لكن مدير القرية التراثية التي تم تسجيل الحلقة فيها أثبت في تعميم، صلة قناة سودانية بالبرنامج بعد أن تعرض لنقد عنيف من بعض أئمة المساجد باعتباره أحد كوادر الحركة الإسلامية. وخرج الدكتور محمد محيي الدين الجميعابي رئيس منظمة «أنا السودان» ليؤكد أن كل الاتصالات التي تمت معه لتسجيل الحلقة في القرية التراثية كانت عبر قناة سودانية 24 التي وصفها بأنها رتبت لهذا العمل، واستنكر مهاجمته في خطب الجمعة وادعاء أنه وراء الدعوات التي قدمت للضيوف، مؤكدا أن تسجيل البرنامج تم بموافقة كل الجهات المعنية وطالب باعتذار فوري وانتقد الجميعابي حديث رئيس هيئة علماء السودان مؤكدا أنه أضاع فرصة عالمية لتوضيح مدى الحرية التي تتمتع بها المرأة السودانية.
وأصدر البروفيسور محمد عثمان صالح، رئيس هيئة علماء السودان توضيحا حول مشاركته في برنامج شباب توك الذي سجلته وبثته القناة الألمانية DW عربي، وبالتعاون مع قناة سودانية 24. واتهم عدة جهات بجره إلى فخ وقال: «اتصل بي مندوب القناة ودعاني للاشتراك في برنامج حول قضايا الشباب ظننت ان التسجيل سيكون في استديو القناة 24 سودانية لكن اتضح انه في مقر جمعية أنا السودان. ولما خرجنا وجدت جمهورا أغلبه من الفتيات الناشطات في العمل والنهج الذي يخالف ثوابتنا الاجتماعية وعقيدتنا الإسلامية. فوجئت بالموقف وكان أمامي أما الجلوس أو الانسحاب. رجحت الجلوس والاشتراك تحسبا لعدم استغلال الموقف والادعاء بان العلماء يهربون من الحوار حول قضايا الشباب فقررت البقاء والرد على أي شبهات أو مجادلات حول ما نراه حقا».
وطالب صالح ان تضبط وزارة الإعلام نشاط القنوات التي تشوه صورة البلاد مثل هذه القناة. ويقصد القناة الألمانية، ولفت انتباه القنوات السودانية لما يحاك ضد البلاد فلا تتعاون مع الذين يأتون بقصد التشويه وانتباه الشباب لما يراد بهم من انفلات وبخاصة الفتيات. ودعا لاجتهاد العلماء والمربين والجهات المسؤولة في تحصين الشباب.
وجهات نظر مختلفة أطلقها صحافيون ونقاد وناشطون حول هذا الموضوع ورأى الناقد السر السيد أنه «لا مشكلة إطلاقا إلا مع الذين يسعون لتحويل الإسلام لقوة للقهر ولمنع الحوار وتجييره لمصلحة الثقافة الرجولية».
ويقول الصحافي الطيب صالح: «يصر كثير من المنتمين إلى معسكر اليسار على ادعاء أن حملة الانتقادات القوية والعنيفة التي طالت برنامج «شباب توك» والفتاة التي ظهرت خلاله، يقف وراءها ونظمها من يسمونهم بـ «الجداد الإلكتروني» وهم أنصار النظام في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا في رأيي ادعاء كاذب».
ويضيف أنه تناول هذا الموضوع دون تنسيق مع أي شخص أو جهة ة مؤكدا أن رؤيته رافضة للشكل المنحاز للبرنامج الذي حاول إظهار المعسكر المحافظ أو الديني بين السودانيين وكأنه الأقلية.

قناة تلفزيونية ألمانية تشعل قضايا المرأة السودانية

صلاح الدين مصطفى

تونس: جدل حول ملاحقة بعض المدونين

Posted: 29 Sep 2018 02:09 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: لم يجن التونسيون، إذا استثنينا النظام الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة، شيئا ذا بال من «الثورة» سوى حرية التعبير التي ترسخت واقعا في البلاد في السنوات الأخيرة. فقد اعتبرها البعض، مكسبا هاما قادرا على التخفيف من وطأة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المزري الناتج عن التحولات الكبرى التي عرفتها البلاد منذ 2011 تاريخ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي.
لكن برزت في الفترة الأخيرة، ومع حكومة يوسف الشاهد، بعض الممارسات التي ذكرت التونسيين بعهود الديكتاتورية الغابرة التي تمت فيها ملاحقة كل من يصدح برأي معارض للتوجهات العامة للقائمين على سياسة شؤون «الرعية». ومن هذه الممارسات ملاحقة مدونين على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدوا الأداء الحكومي وأداء رئيس الحكومة حتى أن البعض تحدث مازحا عن إمكانية إضافة جريمة جديدة في القانون الجزائي التونسي تتعلق بـ»التحريض الفيسبوكي على الحكومة».
لقد تم الذهاب بعيدا في هذا الإطار وبلغ الانتقام من المدونين مداه ومر «أهل الحكم» في القصبة إلى السرعة القصوى وذلك بإيقاف مدونين انتقدوا سير عمل بعض الأجهزة في الدولة أمام دهشة وذهول التونسيين. إذ لا أحد تصور أنه، وبعد كل هذه التحولات العميقة والجذرية التي عرفتها تونس سيأتي من لا يأخذ العبرة مما حصل لمن سبقه في حكم هذه البلاد ويمضي بعيدا إلى الحد الذي يتم فيه استهداف شباب لمجرد التعبير عن الرأي في موقع للتواصل الاجتماعي وليس في وسيلة إعلام عمومية أو حتى خاصة.
وتعتبر قضية إيقاف المدونة والناشطة السياسية أمينة منصور والناشط السياسي أديب الجبالي أشهر قضايا الملاحقات الحكومية على ما ينشر في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الذي يقبل عليه التونسيون أكثر من غيره من مواقع التواصل وبات يلعب دورا هاما في الحياة السياسية. ولعل المشترك بين المدونين أنهم يثيرون قضايا هامة في تدويناتهم على فيسبوك تتعلق بالفساد، وهو ما يبدو أنه لم يرق لبعض الأطراف التي من المفارقات أنها تدعي محاربة الفساد.
ويتحدث البعض في هذا الإطار عن وجود فرقة للمعلوماتية تابعة لأحد الشخصيات وتأتمر بأوامره مهمتها مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصا فيسبوك وملاحقة المدونين الذين ينتقدون عمل الحكومة ورئيسها، وهو ما أكده أحد محاميي الدفاع في قضية المدونة أمينة منصور. ولعل ما يدعم هذا الرأي هو حديث المدونة عن وجود صورة للتدوينة الفيسبوكية التي تمت ملاحقتها على أساسها ضمن ملفها لدى فرقة مقاومة الإجرام التي لا تتحرك إلا بإذن من النيابة العمومية التي يعتبر وزير العدل رئيسها المباشر.
وكانت المدونة أمينة منصور تحدثت عن وجود شبهة فساد في سلك الديوانة «الجمارك» الأمر الذي أدى حسب البعض إلى تتبعها عدليا من قبل من أمر بتصوير التدوينات وقرصنة الحسابات على الانترنت. وعبر عضو النقابة الوطنية للصحافيين محمد اليوسفي عن خشيته على سلامته الجسدية إزاء أي مكروه قد يصيبه وذلك بعد أن طالته رسائل تهديد مبطنة ومباشرة من قبل بعض اللوبيات النافذة في أجهزة الحكم، على حد تعبيره في إحدى تدويناته الفيسبوكية. وأكد على حقه في مقاضاة كل من توعد بالإضرار به ماديا ومعنويا لأسباب متعلقة بمقالاته ومواقفه المدافعة عن حرية الإعلام واستقلالية القطاع بعيدا عن مافيات الفساد التي هي بصدد الإساءة للتجربة الديمقراطية الناشئة.
ويقول الناشط والمحلل السياسي التونسي هشام الحاجي لـ»القدس العربي» أن المشترك بين من يتم استهدافهم سواء من المدونين أو الإعلاميين والنشطاء السياسيين والفاعلين في المجتمع المدني أنهم انتقدوا الأداء الحكومي. فهناك من تم الضغط لطرده من عمله وهناك من تم إيقافه ومن تمت دعوته للمثول أمام فرق أمنية مختصة في مقاومة كبار المجرمين، وبالتالي، فإن الحكومة هي اليوم في قفص الاتهام ومطالبة بدحض تهمة التضييق على الحريات.
ويضيف: «أمينة منصور، وعلى سبيل المثال، شاركت في ما سمي اعتصام السيادة والخلاص، الذي انتظم في شهر رمضان منتقدة أداء حكومة الشاهد. وبالتالي، فإن البعض يرجح أن سبب الاستهداف ليس تدوينتها الفيسبوكية بل موقفها السياسي في وقت ينقسم فيه حزب نداء تونس إلى شقين، واحد مساند لرئيس الحكومة يوسف الشاهد والآخر للمدير التنفيذي للحزب نجل رئيس الجمهورية حافظ قائد السبسي». 

تونس: جدل حول ملاحقة بعض المدونين

تحالف مصري مغربي على صفحة تركي آل الشيخ على فيسبوك

Posted: 29 Sep 2018 02:08 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: تحولت الصفحة الرسمية لرئيس هيئة الرياضة السعودية تركي آل الشيخ، على موقع التواصل الاجتماعي إلى ملتقى للرافضين لتدخلاته في الشؤون الرياضية العربية، واستخدام الأموال كطريق للسيطرة على الأندية العربية خاصة في شمال افريقيا.
فالأزمة فجرها تركي آل الشيخ في مصر، بإعلانه سحب استثماراته من مصر على خلفية الهتافات المسيئة التي رددها جمهور النادي الأهلي المصري، خلال مباراة الفريق أمام هورويا الغيني في ربع النهائي دوري أبطال افريقيا.
وكان تركي آل الشيخ، كتب على صفحاته الرسمية على موقعي فيسبوك وتويتر:» بصفتي رئيسا للاتحاد العربي لكرة القدم أعلن عن دعمي الكامل للمغرب الشقيق في استضافة بطولة الأمم الافريقية بدلا من الكاميرون».
وأضاف: «كما أعلن عن تسخير كل الإمكانات حال طلب مني الأشقاء من المغرب ذلك».
العرض الذي قدمه رئيس هيئة الرياضة السعودية، واجه اعتراضات مغربية وتحذيرات مصرية شديدة اللهجة أطلقها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، من الانسياق والسماح للمستشار السعودي بتكرار ما فعله في مصر في المغرب.
ووصل عدد التعليقات على تغريدة الشيخ، 28 ألف تعليق حتى كتابة هذه السطور، تحدثت معظمها أن رفضها تدخلات آل الشيخ في الشؤون الرياضية العربية، وقارنت معظمها بين موقفه الآن من إعلان دعمه لاستضافة المغرب للبطولة الافريقية، وموقفه في شهر أبريل/ نيسان بالملف الأمريكي المشترك، الذي نافس الملف المغربي على استضافة مونديال 2026.
وفي مصر، أثارت محاولات تركي آل الشيخ، عقاب الأهلي المصري، بعد الهتافات ضده التي رددتها جماهير النادي خلال أحد المباريات ، من خلال استغلال الشركات التي وقعت عقودا مع الأهلي من أجل الضغط على النادي المصري.
وأعلنت شركة «صلة» الرياضية، قررت وقف كافة استثماراتها في مصر والنادي الأهلي على خلفية الإساءات التي وجهت لآل الشيخ.
وأصدرت بيانا رسميا عبر صفحتها على فيسبوك، قالت فيه «تود شركة صلة الرياضية الإعلان عن إيقاف كافة استثماراتها بجمهورية مصر العربية في النادي الأهلي والرياضة المصرية على إثر ما بدر من بعض جماهير النادي الأهلي المصري من إساءات وتجاوزات تجاه معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ والذي يمثل أحد رموز الرياضة العربية ورجالاتها المخلصين».
‎وتابعت: «نرفض بصورة قطعية ما حدث من إساءات موجهة وتجاوزات متعمدة لا يقبلها العقل والمنطق وكانت تنتظر موقفا حازما من إدارة النادي الأهلي ومن القائمين على شؤون الكرة في مصر لكنها تفاجأت بحالة من الصمت وعدم اتحاذ أي إجراء من شأنه أن يؤكد رفض هذه التصرفات التي لا تمثل الشعب المصري الشقيق ولا تعكس أخلاقيات أبناءه».
وأضافت :»‎لذا اتخذت الشركة قرارها بإيقاف وتجميد كافة استثماراتها في النادي الأهلي والرياضة المصرية، البالغة 2 مليار و800 مليون جنيه مصري».
وسبق البيان بساعات، إعلان شركة «سبورتا» الموردة لملابس الأهلي، أعلنت فسخ تعاقدها مع الفريق.
وقالت الشركة السعودية التي تعد المسؤولة عن تصميم زي النادي الأهلي، في بيان: «نود أن نذكر الجميع بأن المنافسات الرياضية لها أخلاقيات وفروسية وقيم ومبادئ تتلاشى أمامها أي اعتبارات لمكاسب مادية أو تجارية».
وأضافت: «من هذا المنطلق وعلى هذا الأساس جاء قرار الشركة إنهاء هذه العلاقة التعاقدية مع النادي الأهلي.»
محاولات الضغط على الأهلي دفعت عددا من نجوم النادي، إلى تدشين هاشتاغ «الأهلي فوق الجميع» ردا على رئيس الهيئة الرياضية السعودية.
وشارك في الهاشتاغ، كلا من عماد متعب ووائل جمعة ومحمد ناجي جدو ورمضان صبحي.

تحالف مصري مغربي على صفحة تركي آل الشيخ على فيسبوك

تامر هنداوي

عيبان قاتلان في هواتف «آيفون» الجديدة

Posted: 29 Sep 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تحوَّلت هواتف «آيفون» الجديدة إلى مادة للجدل وتداول الأخبار والمعلومات فور طرحها في الأسواق قبل أيام، فيما تبين من تقارير مختلفة في أنحاء متباينة من العالم، أن الهواتف الجديدة تعاني من عيبين اثنين على الأقل ظهرا حتى الآن، حسب ما رصدت «القدس العربي» فيما لم تعلق شركة «آبل» المنتجة لهذه الهواتف على أي من هذه المعلومات ولم تنفِ أو تؤكد صحة ما جاء في هذه التقارير.
أما العيب الأهم والأخطر فهو الذي أوردته قناة «سكوير تريد» على «يوتيوب» عبر فيديو مسجل، وأكدت فيه أن الهواتف الجديدة أقل قوة وقدرة على التحمل مقارنة بالهواتف السابقة التي طرحتها الشركة الأمريكية.
وظهر في تسجيل الفيديو الذي نشرته القناة الالكترونية اختبارات تحمل أجرتها على هواتف «آيفون» المطروحة مؤخرا، حيث خلال التجارب قام الخبراء التابعون للقناة بتعريض هاتفي آيفون «XS» و»XS Max» لاختبارات سقوط من ارتفاع ستة أقدام، واختبار مرونة وتحمل الشاشة عند الضغط على منتصفها، واختبار نفاذية هيكل الهاتف بالنسبة للسوائل.
وأشار الخبراء الذين أجروا هذه الاختبارات إلى أن الهاتفين الجديدين فشلا في اختبارات الكسر والمرونة، وأبديا أداء أقل مما كان متوقعا، لكنهما نجحا في اختبارات تحمل السوائل بعد أن عملا لأكثر من نصف ساعة في أسطوانة كبيرة مملوءة بالمادة السائلة.
أما العيب الثاني الذي يجري الحديث عنه، فقد أورده تقرير لموقع «زد نت» المتخصص بالتكنولوجيا وقال إن عدداً من أصحاب هاتفي «آيفون XS» و»آيفونXS Max « واجهوا مشكلة متعلقة بضعف استقبال إشارات الإنترنت اللاسلكي «واي فاي» وشبكات الجيل الرابع «LTE».
وأشار التقرير إلى أن تلك كانت نقطة تفوق «آبل» وهواتف «آيفون» في السابق، وهي تمتعها بالإشارات الأقوى فيما يتعلق بالإنترنت والاتصالات.
وتقدم عدد من المستخدمين بشكاوى رسمية عبر منتديات ومنصات «آبل» الرسمية حول ضعف إشارات الإنترنت والاتصالات في الهاتفين الجديدين مقارنة بما كانوا يتمتعون به في النسخ السابقة من هاتف «آيفون» حسب ما أورد التقرير.
ولم تعترف «آبل» حتى الآن بتلك المشكلة، لكنها ردت بقولها إنها ستبحث فيها، وفي حال تأكدها ستطرح تحديثا لنظام تشغيل «آي أو إس 12» لحلها بأسرع وقت.
وكانت تقارير أخرى أيضاً قد تحدثت عن ظهور عيب تقني آخر في هاتف «آيفون أكس أس ماكس» ذات الشاشة الكبيرة، يتمثل في ظهور خط أخضر على الشاشة لا يمكن مسحه أو التخلص منه.

عيبان قاتلان في هواتف «آيفون» الجديدة

ثلاجة ذكية تكشف الطعام الفاسد وتنبه صاحبها إلى المواد الناقصة

Posted: 29 Sep 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تتواصل الابتكارات التكنولوجية الحديثة التي تغزو كافة مناحي الحياة، فيما يشهد الذكاء الصناعي ثورة غير مسبوقة جعلت أجهزة الكمبيوتر أكثر قدرة على التفكير واتخاذ القرار من البشر أنفسهم.
أما أحدث صرعات التكنولوجيا، فهي ثلاجة ذكية ستوفر على المستخدمين عناء متابعة ما فيها من أطعمة، وتُجنبهم عناء التأكد من صلاحية الطعام المخزن فيها، كما أنها تنبه صاحبها على المواد الغذائية المتوافرة في داخلها وما ينقصه من مواد تموينية قد لا ينتبه لنفادها إلا عند الحاجة إليها.
وحسب التقرير الذي نشرته وكالة «تاس» الروسية فان الثلاجة التي تمكنت شركة روسية من ابتكارها يمكن أيضاً من خلالها طلب الأطعمة والمواد التموينية من المتاجر على الانترنت، ما يعني أيضاً أنها توفر على صاحبها عناء استخدام جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول من أجل طلب المواد الناقصة منها.
ويعود الفضل في ابتكار هذه الثلاجة إلى شركة «روستيخ» الروسية والتي أصدرت مؤخراً بياناً كشفت فيه رسمياً عن هذه الثلاجة، لكنها قالت بأنها ستصبح متوفرة في الأسواق اعتباراً من العام 2020.
وأشار البيان إلى أن أول نموذج للثلاجة سيستخدم في «منزل ذكي» قام بتصنيعه الخبراء في مصنع «بوزيس» التابع للشركة، وسيخضع للاختبار بعد أشهر.
ذكر أن شركة «روستيخ» تقوم في الآونة الأخيرة بتطوير التكنولوجيا الرقمية التي تتمتع بشعبية في العالم أجمع، والتي ستشكل قريبا أساس أسرة منتجاتها الإلكترونية المدنية. ومن بينها إنترنت الأمتعة وأنظمة «المنزل الذكي» التي تضمن التعامل بين الأجهزة الإلكترونية المنزلية، وتقوم بأداء مهامها دون أي تدخل من جانب الإنسان.
وتخطط الشركة لأن يبلغ حجم إنتاج تلك الأجهزة الذكية بحلول عام 2021 نحو 600 ألف جهاز كل عام.

ثلاجة ذكية تكشف الطعام الفاسد وتنبه صاحبها إلى المواد الناقصة

روبوت يقوم بمهمة عمال محطات الوقود

Posted: 29 Sep 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: كشفت شركة «غازبروم نفط» الروسية أنها تدرس إمكانية استخدام الروبوتات لتزويد الطائرات وصهاريج نقل البنزين وقطارات سكك الحديد والسيارات بالوقود.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن رئيس إدارة العمليات الرقمية في الشركة أندريه بيليفتسيف، قوله إن موسكو ستشهد العام الجاري أول تجربة بهذا الشأن. وأضاف: «نعتزم إنشاء محطات وقود أوتوماتيكية تقدم الروبوتات كل الخدمات فيها».
وأوضح أن الروبوت يعمل سريعا ولا يرتكب أخطاء، الأمر الذي يعد هاما في كل مكان، وخاصة في المطارات التي تفرض قيودا على جداول زمنية خاصة بتزويد الطائرات بالوقود.
وتأتي هذه المعلومات في الوقت الذي تشهد فيه صناعة الإنسان الآلي «الروبوت» ثورة غير مسبوقة، كما تشهد تكنولوجيا «الذكاء الصناعي» تطوراً هائلاً يجعل «الروبوت» بفضلها أكثر قدرة في بعض الأحيان على التجاوب واتخاذ القرار من الإنسان الطبيعي ذاته.
لكن صناعة «الروبوت» التي تتطور بشكل صاروخي متسارع باتت تشكل تهديداً لمستقبل ملايين البشر من العاملين في مختلف المهن والصناعات والقطاعات، وخاصة العمال الذين يتم الاستغناء عنهم تدريجياً ويتم تشغيل «الروبوت» بدلاً منهم.
وسبق أن أطلق تقرير دولي تحذيراً بخصوص الوظائف التي تتبخر ويحل بدلاً من العاملين فيها «الإنسان الآلي» حيث تتجه ملايين الوظائف في العالم إلى الذوبان خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب الطفرة التي تشهدها صناعة الإنسان الآلي.
وحذرت الأمم المتحدة مؤخراً من تأثير هذا الأمر على الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية في البلدان النامية ومن انتفاء الحاجة إلى العمالة الرخيصة، وهو ما يمكن أن يكون كارثياً.
وحسب ما ينقل البنك الدولي عن تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «UNCTAD» فان من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي من خلال الاعتماد على النظم الاوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارا في مجال صنع السيارات والالكترونيات.
وجاء في التقرير: «إن زيادة استخدام الروبوتات في البلدان المتقدمة قد تحد من الاعتماد على العمالة المنخفضة التكلفة الموجودة في البلدان النامية، وإذا اعتُبرت الروبوتات شكلا من أشكال رأس المال وبديلا موثوقا للعمال ذوي المهارات المتدنية، فسيؤدي الأمر إلى تقليل حصة العمالة البشرية في اجمالي تكاليف الإنتاج».
ويضيف التقرير: «إن الفوائد التي ستكون مستحقة من نمو الإنتاجية بالنسبة للعمال المهرة وأصحاب الروبوتات، ستؤدي إلى تدني المستوى المعيشي للعمال ذوي المهارات المتدنية أي للعمالة الرخيصة».
وتقترح الأمم المتحدة فرض ضريبة على هذه الروبوتات للحد من التغيرات الكبيرة في الاقتصاد العالمي.

روبوت يقوم بمهمة عمال محطات الوقود

علماء بريطانيون يبتكرون جهازاً لمكافحة العُقم

Posted: 29 Sep 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكَّن علماء بريطانيون من ابتكار جهاز الكتروني من شأنه مكافحة العُقم والمساعدة على الانجاب، ومن المفترض في حال نجاحه أن يُحدث ثورة في مجال علم الاخصاب.
وجاء هذا الإنجاز الجديد على يد علماء من جامعة «ساوثهامبتون» البريطانية، والجهاز عبارة عن قطعة الكترونية متناهية الصغر من شأنها مراقبة الأوكسجين ودرجة الحموضة والحرارة داخل الرحم، بما يُمكن الأطباء لاحقاً من تحديد الاختلاف بين الرحم القادر على الحمل والانجاب وغير القادر، ومن ثم معالجة الخلل من عبر تحديد الاختلاف بينهما.
وقالت جريدة «اندبندنت» البريطانية في التقرير، إن الابتكار يهدف إلى تحديد كيف تبدو البيئة الصحية للرحم بمقارنة القياسات المأخوذة من النساء القادرات على الحمل مع تلك التي أجريت على المصابات بالعقم.
ويقول البروفيسور يينغ تشوينغ وهو أخصائي في الطب الإنجابي ومدير الفريق البحثي الذي قام بالدراسة: «في الوقت الحالي، تستغرق اختبارات الخصوبة بعض الوقت، وقد لا يحصل بعض الأزواج على تشخيص لمشاكلهم على الفور. نريد أن نصل إلى المرحلة التي نعرف فيها كيف تبدو بيئة الرحم الصحية، ولجعل مستويات القياس داخل الرحم بسيطة».
ويتم زرع الجهاز الجديد مثل لولب الرحم، حيث يجب أن يظل في مكانه لمدة تصل إلى أسبوع، ليرسل لاسلكيا قراءات إلى شريحة بيانات مرفقة بمجموعة خاصة من الملابس الداخلية التي ترتديها المريضة.
وبعد انتهاء فترة الدراسة، يقوم الأطباء بإزالة الجهاز وتحليل البيانات المجمعة.
وأوضح البروفيسور تشيونغ: «نحن متحمسون للغاية بشأن التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يحدثه هذا الجهاز في الخدمات الصحية الوطنية ولدى المرضى في المستقبل. وربما يقلل الجهاز من العبء الذي تسببه علاجات الخصوبة، كما يوجد لديه إمكانات واعدة للإبلاغ عن تطوير علاجات جديدة للخصوبة».
وتخطط الدراسة لاختبار مدى فعالية وأمان الجهاز لإثبات قدرته على العمل، كما يمكن أن يحدث تغييرات كبيرة في مجال الرعاية الصحية.
يشار إلى أن هناك عوامل كثيرة قد تسبب العقم الذي يمكن أن يؤثر على كل من الرجال والنساء، إلا أن الأغلبية الساحقة من هذه الحالات لا يتمكن الأطباء من معرفة السبب وراءها، حيث تشير الاحصاءات إلى أن نحو ربع الحالات فقط يتمكن الأطباء من تحديد سبب معين فيها للعُقم وتعثر الانجاب.

علماء بريطانيون يبتكرون جهازاً لمكافحة العُقم

تسريبات جديدة من «سامسونغ» قد تشكل ضربة لهواتف «آيفون»

Posted: 29 Sep 2018 02:06 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تبين من أحدث التسريبات التي خرجت عن شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية أن هواتفها الجديدة قد تشكل ضربة قوية لهواتف «آيفون» التي طرحت شركة «آبل» الأمريكية قبل أيام أحدث نسخة منها، في الوقت الذي تتزايد فيه الحصة السوقية التي تلتهمها «سامسونغ» في سوق الهواتف المحمولة العالمي.
وحسب أحدث تسريبات نشرها موقع «بي جي آر» المتخصص في أخبار التكنولوجيا والهواتف المحمولة الذكية فان هواتف «غالاكسي أس 10» الذي ينتظر العالم أن تطرحها «سامسونغ» ستتضمن جملة من المزايا غير المسبوقة والتي ستتفوق على هواتف «آيفون» التي يقول كثير من المستخدمين إن النسخ الجديدة منها لم تعد تتضمن الكثير من الامتيازات الجديدة أو التغيرات الملموسة.
وأشار تقرير الموقع التقني إلى أن الهاتف الجديد سيحتوي على مستشعر بصمات الأصابع على شاشة العرض إضافة إلى 5 كاميرات ستجعل الهاتف ذو إمكانات هائلة وغير مسبوقة في التصوير.
كما تحدث التقرير عن أن الهاتف الجديد سيتضمن دقة أكبر للحواف المنحنية للشاشة، كما ستطرح سامسونغ ثلاثة إصدارات مختلفة من «Galaxy S10» كما فعلت «آبل» بطرحها لثلاثة هواتف من طراز «آيفون» هذا العام.
وحسب المعلومات فان «غلاكسي إس10» سيكون بشاشة من نوع «سوبر أم أو أل إي دي» منحنية بحجم 5.8، بينما يصل حجم الشاشة في غلاكسي إس10+ إلى 6.44.
ومن المتوقع أن يكشف النقاب عن هواتف سامسونغ S10 الجديدة في وقت مبكر من العام المقبل، أي خلال الشهور القليلة المقبلة.
وتأتي هذه المعلومات بعد أيام قليلة على طرح شركة «آبل» الأمريكية أحدث هواتفها من طراز «آيفون» وهي «آيفون أكس أس» و»آيفون أكس ماكس».
ويبلغ حجم شاشة «إكس إس» 5.8 بوصات، فيما يصل حجم الشاشة في «إكس إس ماكس» إلى 6.5 بوصات.
وقال فيل شيلر، نائب رئيس الشركة للتسويق، إن الهاتفين سيكونان متوفرين بثلاثة ألوان، وهي الذهبي والفضي والرمادي، وتابع أن الهاتف يدعم تقنية شاشة «أو أل إي دي» بألوان أكثر دفئا، مضيفا أنه يضم مجموعة من الخصائص «الطريفة»، كما سيدعم الهاتف بطاقات الاتصال «SIM» المزدوجة إذ يتضمن ولأول مرة فتحة تسمح باستخدام بطاقتين في آن واحد، أي أنه يُشغل خطين هاتفيين في الوقت نفسه أو بالجهاز نفسه.
وكشف شيلر أن «إكس إس» يحتوي على بعض الميزات التي ستساعد على تعزيز الواقع المعزز، الأمر الذي سينال إعجاب محبي الألعاب حول العالم، مشيرا إلى أن مساحة التخزين الداخلية قد تصل إلى 512 غيغابايت.
وقالت «رويترز» في تقرير لها إن «آبل» بإعلانها عن هواتفها الجديدة أكدت التقارير التي كانت تتحدث عن أن الشركة ستجري تغييرات طفيفة فقط على «الموديلات» الحالية في الساعة والهاتف.

تسريبات جديدة من «سامسونغ» قد تشكل ضربة لهواتف «آيفون»

مخاطر تهدد أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

Posted: 29 Sep 2018 02:05 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: يتابع اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بقلق شديد ما تتخذه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» من إجراءات أدت حتى الآن إلى تخفيض خدمات ومساعدات طبية وتعليمية وإغاثية هامة خاصة بعد القرار الأمريكي الأخير بتقليص دعمها للوكالة الأممية من 360 إلى 60 مليون دولار فقط.
وكانت وكالة الأونروا تأسست عام 1949 من أجل إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين وقدّمت مساعدات وخدمات شملت التعليم والرعاية الصحيّة والإغاثة والدعم المجتمعي لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من أصل خمسة ملايين مسجّلين لاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا.
اعتمد تمويل الوكالة الأممية خلال فترة عملها على تبرّعات تقدّمها الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي قرّرت إدارة رئيسها دونالد ترامب تقليص مساهمتها في ميزانية الوكالة ونتج عن ذلك أزمة ماليّة خانقة تهدّد وجودها وأثّرت على خدماتها ومن أهمّها التعليم والصحة.
وتسيطر حالة من الخوف والقلق داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، بعد أن بدأت وكالة الأونروا بتقليص خدماتها ومساعداتها الطبية والتعليمية والإغاثية، وتصاعدت مخاوف اللاجئين الفلسطينيين بعد القرار الأمريكي الأخير بوقف دعمها المالي للوكالة الأممية ما أدى إلى تقليص قدرة الأونروا على تلبية احتياجات اللاجئين كما كانت خلال السنوات الماضية.
إزاء هذا الموقف المفاجئ للإدارة الأمريكية وانعكاسه المباشر على موازنة الأونروا وخدماتها، اتخذت الوكالة إجراءات قاسية كخطوات أولية تجاه تخفيض خدماتها ومساعداتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان والتي شملت إلغاء بعض المدارس وتخفيض العمل في بعض العيادات ودمجها بعيادات في مناطق أخرى، إلى جانب وقف جميع العمال المياومين في جميع قطاعات الخدمات، وتخفيض نسبة الكتب المدرسية في مدارس الأونروا إلى 5 في المئة فقط وعدم تشغيل مولدات الكهرباء في المدارس والمؤسسات الأخرى إلا في الظروف القصوى.
وقررت الوكالة في إطار تخفيض خدماتها، عدم تجديد عقود الأطباء الإخصائيين (قلب وعيون والسكري والغدد) ووقف تغطية إجراء عمليات الأنف وتحويل بعضها إلى تعاقد على أساس أعمال المياومة.
وأعلنت الأونروا وجود مخاطر حقيقية تهدد ملايين المستفيدين من خدماتها بعد تقليص الولايات المتحدة الأمريكية دعمها لها، وقال المفوض العام للوكالة، بيير كرينبول، إن تقليص الدعم الأمريكي يُدخل في دائرة الخطر كرامة وأمان الملايين من لاجئي فلسطين المحتاجين للمساعدات الغذائية الطارئة في كل من الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة.
وأطلق المفوض العام سلسلة من النداءات العاجلة للدول المانحة كي تسارع لإنقاذ الأونروا وسد العجز المالي كي تتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها الإغاثية والتعليمية واستمرار التغطية الصحية للمرضى من اللاجئين. كما أطلقت الأونروا في كانون الثاني/يناير الماضي حملة «الكرامة لا تقّدر بثمن #Dignity Is Priceless» بهدف جمع مبلغ 500 مليون دولار، من أجل توفير التعليم والرعاية الصحية والمساعدات الغذائية الطارئة، والمساعدات العينية للاجئين في مناطق عملياتها كافة. هذا إضافة إلى توجيه نداء طارئ لجمع مبلغ 800 مليون أخرى لتمويل برامجها الطارئة في سوريا والأراضي المحتلة سنة 1967 وللنازحين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان.
وأعربت الأونروا عن أملها أن تزيد الدول العربية نسب دعمها (7.8 في المئة) من إجمالي موازنة الأونروا التي تعهّد بها مجلس الجامعة العربية منذ سنة 1987. وطالبت الأونروا من دول البريكس الخمس (روسيا، والصين، والهند، والبرازيل، وجنوب افريقيا) الصاعدة اقتصاديا، زيادة مساهمتها في موازنة الأونروا.
وتنديدا بالقرار الأمريكي خفض المعونات المقدمة للوكالة، خرج اللاجئون الفلسطينيون إلى الشوارع والساحات العامة وعمت المسيرات والاعتصامات مخيمات وتجمعات الفلسطينيين، رفعوا خلالها شعارات وهتافات تطالب باستمرار عمل الأونروا.
وأطلقت قيادات وفعاليات وفصائل فلسطينية التصريحات وأصدرت بيانات منددة بالمحاولات القائمة لإلغاء دور الأونروا ووقف خدماتها، واعتبرت أن ذلك سيؤدي حتما إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وخطوة جديدة في طريق تصفية القضية الفلسطينية.
وأعلن بيير كرينبول المفوّض العام للأونروا، أن الوكالة تعاني من نقص هائل في مواردها الماليّة، وانّها في خطر لأن قدراتها التمويليّة لم تعد تكفي لإدارة عمليّاتها وهي في حاجة إلى 217 مليون دولار إضافيّة ليس لضمان فتح مدارسها فحسب، بل لضمان استمرارها حتى نهاية هذا العام. وأشار إلى أن الأونروا قررت إلغاء خدمات نحو ألف موظّف في مناطق عملها الخمس.
وأعربت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان عن قلقها من مخاطر القرار الأمريكي على وضع الأونروا وتساءلت، هل السبب الذي يقف وراء هذا التراجع في خدمات الأونروا يعود إلى مشكلة جمع الأموال أم أن هناك قرارا سياسيا يقضي بتفريغ الوكالة من مضمونها والتخلص من الشاهد الوحيد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم؟
وشددت المؤسسة على أن الأونروا هي ضرورة ملحة لعموم اللاجئين الفلسطينيين سواء على الصعيد الإنساني أو السياسي، وأن الحفاظ على مؤسساتها وموظفيها ودورها هي مسؤولية جماعية. وأكدت على أحقية اللاجئ الفلسطيني في الحصول على الخدمات التي يستحقها. وطالبت المؤسسة، الأونروا بتحسين الخدمات وتطويرها لتتماشى مع حاجات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والنازحين من سوريا وظروفهم الصعبة.
وحذر أبو إياد الشعلان أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان من تصفية الأونروا وإلغاء دورها وخدمتها الإنسانية والإغاثية، واعتبر أن ذلك يشكل خطرا إنسانيا على اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام وعلى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل خاص بسبب الظروف الاقتصادية والإنسانية التي يتعرضون لها.
وطالب الشعلان بتحرك دولي عاجل لمنع إلغاء الأونروا والاستمرار بدورها إلى حين عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.
كما حذر الوزير اللبناني السابق حسن منيمنة رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني من ان تكون القرارات الأمريكية ممرا لشطب قضية اللاجئين وإلغاء حق العودة الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون واللبنانيون بمختلف مكوناته السياسية، رافضا المبررات التي تسوقها وتتذرع بها إدارة الأونروا من أجل تقليص خدماتها، داعيا إلى مضاعفة الجهود واستمرارها وتوسيع دائرة التحركات على مستوى الخارج وإثارة هذه القضية دوليا.
ورأى الوزير، إنّ قرار الإدارة الأمريكية وقف تمويل الأونروا له انعكاسان الأول عامّ، يتعلّق بالتضييق على الأونروا بهدف إيقافها، وإلغاء حقّ العودة للفلسطينيين، والدفع نحو توطينهم في البلدان حيث يوجدون. أما الثاني، فسيكون على واقع عيش الفلسطينيين في لبنان.
ورأى منيمنة أنّه إذا دخل المشروع الأمريكي حيّز التنفيذ، فسيرتد ذلك سلباً على التقديمات الاجتماعية التي تؤمنها الأونروا لجمهور فلسطيني واسع سيُحرم من مصدر العيش، ما سيؤدي إلى كوارث. لافتا إلى أن ذلك يجعل لبنان أول المدافعين عن الأونروا.
وقال ليس بالضرورة أن ينجح المخطط الأمريكي الهادف إلى إلغاء الأونروا، لأنّ هذا القرار يعود إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أنشأت الوكالة. ورأى أن أكثرية الدول في الأمم المتحدة لا تزال داعمة لدور وكالة الأونروا. مشيرا إلى أن استغلال هذا العامل، مع بعض الجُهد لتأمين مصادر للتمويل من دول مانحة جديدة، وزيادة مساهمات الدول المانحة الصديقة، قد يكون هو البديل.
ويبدو أن حجم الاستهداف المتسارع لوكالة الأونروا سيقود إلى وقائع تتهدد قضية اللاجئين وحق العودة بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام وعليه، ستتعرض قضية اللاجئين إلى انتكاسات خطيرة أبرزها توقف الأونروا عن تقديم خدماتها لحوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس من الاستشفاء والإغاثة والبني التحتية وتحسين المخيمات والتعليم المجاني بالإضافة الى توفير فرصة عمل لآلاف الموظفين الفلسطينيين.
كما أن إلغاء الأونروا يعني حتما تصفية الشاهد الأممي على جريمة النكبة وإنشاء المخيمات، وسيكون الحل إما بتوطين اللاجئ في أماكن اللجوء، أو تحويل الخدمات إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
وهذا بدوره سيرفع من نسبة الفقر والبطالة والأميّة والتسرب المدرسي وعمالة الأطفال، وسيساهم في تشكيل مناخ يجري فيه استغلال شريحة كبيرة من اللاجئين لا سيما في أوساط الشباب والتسبب بالانحراف الفكري والاجتماعي والجنوح إلى ارتكاب الآفات الاجتماعية والانخراط في المشاكل الأمنية والفوضى، والتي لن يقتصر انعكاسها على اللاجئ الفلسطيني نفسه وإنما كذلك على الدول المضيفة.

مخاطر تهدد أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

عبد معروف

طاجن السبيط

Posted: 29 Sep 2018 02:03 PM PDT

المقادير: 5 طماطم (شرائح)
4 فصوص ثوم مهروس
3 ملاعق كبيرة عصير ليمون
3 عيدان كرفس
3 فلفل أخضر حلو (شرائح)
3 بصل (شرائح)
3 ملاعق كبيرة زيت عباد شمس
رشة كمون
كيلو كاليمارى (سبيط)
رشة ملح
رشة بهارات سمك
رشة فلفل أسود مطحون

طريقة التحضير

ننظف السبيط جيدا ونقطعه إلى حلقات.
ثم في الطاجن نرص حلقات الطماطم والفلفل والبصل والثوم والكرفس والسبيط ونتبل بالملح والفلفل والبهارات والكمون وعصير الليمون ونقلب جميع المكونات.
نرش الزيت فوق المكونات ثم يوضع الطاجن في الفرن لمدة نصف ساعة أو لحين أن ينضج.
ممكن تقديمه مع الأرز أو بالخبز.

طاجن السبيط

طبق الأسبوع من المطبخ التونسي

دراسة: الحليب والفطر يحاربان الأمراض الاستقلابية ولهذا نتائج باهرة

Posted: 29 Sep 2018 02:03 PM PDT

أظهرت نتائج بحث أجري مؤخراً في جامعة ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة تأثير الفطر على إنتاج الغلوكوز في الجسم. إذ يحتوي الفطر على البروبيوتيك، وهي مكملات غذائية من البكتيريا الحية أو الخمائر، أو ما يعرف بـ «البكتيريا النافعة»، مما يعني أنها تؤثر بشكل إيجابي على البكتيريا في القناة الهضمية.
وفي دراسة أجريت على الفئران، اكتشف الباحثون أن الاستهلاك المنتظم للفطر ذو اللون الأبيض، يعزز نمو بعض البكتيريا، التي تنتج مواد تؤثر على إنتاج الغلوكوز. لذا يعتقد الباحثون أن الفطر الأبيض قد يكون مفيداً بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، نظراً لدور الفطريات في إنتاج الغلوكوز.
وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة غويلف وجامعة تورنتو في كندا تبين أن الحليب يلعب دوراً هاماً في تنظيم مستويات الغلوكوز في الدم مثل الفطر. إذ وجد الباحثون، من خلال الدراسة التي قاموا بها، أن تناول الحليب في وجبة الإفطار من شأنه أن يقلل مستويات الغلوكوز في الدم خلال النهار، مقارنة باستهلاك المياه. كما وجدوا أن وجود بروتينات محددة في الحليب تؤدي إلى إفراز هرمونات في الأمعاء، الأمر الذي يقود إلى إبطاء عملية الهضم وزيادة الشعور بالشبع والامتلاء.
وأوضح الدكتور دوغلاس غوف، معد الدراسة، أن «هذه الدراسة تؤكد أهمية الحليب في وجبة الفطور للمساعدة على الهضم البطيء للكربوهيدرات، إضافة إلى المساعدة في الحفاظ على مستويات السكر في الدم أقل»، وأضاف: «لقد أكد خبراء التغذية دائماً أهمية وجبة الفطور الصحية، ويجب أن تشجع هذه الدراسة المستهلكين على إدراج الحليب في نظامهم الغذائي الصباحي».

دراسة: الحليب والفطر يحاربان الأمراض الاستقلابية ولهذا نتائج باهرة

نجوى الزهار: «برقع الروح»

Posted: 29 Sep 2018 02:02 PM PDT

هذه نصوص شعرية ونثرية اختارتها الروائية الأردنية ـ السورية نجوى الزهار (مؤلفة رواية «حمام القرماني»، 2013)؛ وشاءت لها أن تكون تصوفية الروح، عشقية النبرة، تعددية المنابع بين شرق وغرب. وأما البرقع في العنوان، فتقول عنه الزهار في تقديم الكتاب: «لأنه يذكّرني في كينونة رحم الأمّ الودود، وروح روح الوجود! وهل نحن إلا ولاداتٌ متجددة من هاتيك الرحم المعتقة المعلقة عند عرش المليك الرحمن، حيث معاقد الروح والريحان!».
وقد أرفقت الزهار الكتاب بقرص مدمج، احتوى نصوص البسطامي والحلاج والميهني وابن عربي وجلال الدين الرومي وسرمد شهيد ودارا شكَوه والدهلوي وأوستروفسكي وإدريس شاه وعبد الرحمن الحلو. هنا نصّ الرومي، بعنوان «العشق لا مذهب له»:
تُحكى هذه القصة
تفاحة صغيرة، خلاسية
نصفٌ أحمرُ
نصفٌ اصفرُ
انفصل العاشق والمعشوق.
في الفراق كائن واحد،
رغباتها ليست واحدة
يتألم العاشق، يثير شاحباً
يحمرّ المعشوق، يصير لاهباً.
أنا شوكةُ وردةِ مولاي
يروننا اثنين
لسنا كذلك
ليس العاشق
مسلماً أو مسيحياً
أو تابعاً لأية عقيدة
دين العشق لا مذهب له
لتخلص له أو لا تخلص.

الفارابي، بيروت 2018

 

نجوى الزهار: «برقع الروح»

نائل الطوخي: «الخروج من البلاعة»

Posted: 29 Sep 2018 02:01 PM PDT

هذه هي الرواية الخامسة، بعد «ليلى أنطون» و»بابل مفتاح العالم» و»الألفين وستة» و»نساء الكرنتينا»، من روائي مصري متميز اتصف على الدوام بحسّ عال من الجسارة في تسخير فنّ الرواية لمغامرات مدهشة على صعيد المضمون والشكل، واستحضار التاريخ في قلب مصائر البشر والأمكنة على نحو لا يعفّ عن الأسطرة أو الملهاة أو المأساة أو الرموز الخام مثل المتخيَّلة؛ هذا فضلاً عن حرص بالغ، لافت في المشهد الروائي المصري، على اقتراح لغة عالية مركبة، تمزج بين الفصحى والعامية وبين ثراء المجاز الفطري وصدمة الانزياح الذهني. يقول الناشر على الغلاف الأخير: «يعود نائل الطوخي، أحد أهم كتّابنا اليوم، برواية غاية في الإمتاع والذكاء تحكي لنا حكاية حورية إسماعيل عبد المولى الأسطورية مع أهلها وعشاقها وأزواجها وابنها وما حدث لها في ثورة يناير وما بعدها. إنها قصة المرأة التي ركبت الصدفة وأحيت الموتى، المرأة التي (نشنت صح) وقتلت الشيطان وكسرت سلسلة الشرّ الثقيلة المطبقة على رقبتها».
هنا فقرات من ختام الرواية: «في عتمة الزنزانة خرجت أول فراشة من تحت يديها، خرجت وحومت فوق رؤوس النساء وخايلتهن، وهي تبتسم وتتابعها بنظراتها وتتمتم في سرها، سلميلي على شاهندة.
رفرفت الفراشة فوق رؤوس النساء المشغولات بتفاصيل حكاية حرنكش، التي كانت هي وحدها من تتابعها بطرف عينها. رأتها ترفرف مرتبكة لا تعرف ماذا تفعل في الحياة التي وجدت نفسها تُرمى إليها، ثم تنضج ويصبح طيرانها أكثر ثقة وهي ترتفع حتى لا تعود اليد قادرة على الوصول لها، تحوم حول الشباك العالي، ثم تأخذ قرارها الصعب بالخروج إلى الفضاء.
الآن سمعت الفراشة طرفاً من قصة أمها. الآن ستطير في سماء القاهرة، ستغطي جميع الأحياء بجناحيها وتصل الشمال بالجنوب والنهر بالجبل والكباري بمترو الأنفاق، تلحم الفقرات ببعضها، تضبط حواف الكلام وتحكي لكل من تقابلهم القصة الحزينة والسعيدة لماما حرنكش».

الكرمة للنشر، القاهرة 2018

نائل الطوخي: «الخروج من البلاعة»

يحيى بن الوليد: «في أنماط المثقفين العرب وأدوارهم وتشظياتهم»

Posted: 29 Sep 2018 02:01 PM PDT

«مقالات ساخطة» هو العنوان الفرعي لهذا الكتاب من الناقد الثقافي والباحث الأكاديمي المغربي، مؤلف «الكتابة والهويات القاتلة»، و»الوعي المحلق ـ إدوارد سعيد وحال العرب»، و»سلطان التراث وفتنة القراءة» و»تدمير النسق الكولونيالي»، وسواها. فصول الكتاب الجديد تحمل عناوين مثل خرائط اللامفكر فيه، المثقف والسلطان، المثقف وحقول الألغام غير المرغوب فيها، المثقف واستعمال الفضاء العام، ثقافة التدمير، ثقافة الادعاء ومرض الذاكرة، نقد ثقافة الكراهية، المثقف الشعبوي، الأكاديميا الشعبوية، مكبوت الفحل السياسي، خصي المثقفين… وفي الموضوع الأخير، يكتب بن الوليد: «ننظر إلى موضوع خصي المثقفين في ضوء الواقع والتهمة في الآن ذاته، لكن في إطار من الإقرار بـ»تشويه» البقية الباقية في الحياة السياسية من قبل وحوش السياسة ممن لا تزال أشباحهم متلازمة وملازمة للسياق السياسي والثقافي العربي رغم ثورات العالم العربي التي يخصها المزيد من الوقت حتى ترقى إلى مستوى القطيعة السياسية».
وعلى الغلاف الأخير كتب عمر شبانة: «في كتابه هذا يتناول يحيى بن الوليد، بالتشريح والتفكيك والهجوم أحياناً، أنماطاً من المثقفين العرب، تنظيراً وسلوكيات، انطلاقاً من الراهن بصورة أساسية، ليقدم لنا ما يشبه نقد الفكر اليومي ــ حسب العنوان الشهير للمفكر مهدي عامل ــ رغم أن يحيى لا يلازم هنا بمنهج محدد من مناهج النقد السائدة، بل يفيد، في تحليله وتشريحه، من مناهج الفكر الحديث ومدارسه المتعددة في تركيبة إبداعية فريدة. إنه كتاب سجالي أحسب أنه سيثير الكثير من الجدل، وسيستفز الكثيرين ممن سيشاهدون أنفسهم في مراياه وفصوله المتنوعة التي تغطي خريطة واسعة من الفئات والشرائح والأنماط المختلفة، من دون أن يخشى لومة لائم، ما يجعله كتاباً متفرداً في نقوداته، وعميقاً في تناولاته، وذلك ما يتطلبه المشهد الثقافي في عالمنا العربي اليوم».
الأهلية، عمّان 2018

يحيى بن الوليد: «في أنماط المثقفين العرب وأدوارهم وتشظياتهم»

Hoda Barakat : «Courrier de nuit»

Posted: 29 Sep 2018 02:01 PM PDT

 هذه هي الترجمة الفرنسية، التي أنجزها فيليب فيغرو، لرواية هدى بركات «بريد الليل»، دار الآداب 2017. وهي، بذلك، رواية بركات السادسة بعد «حجر الضحك"، «حارث المياه»، «أهل الهوى»، سيدي وحبيبي»، وملكوت هذه الأرض». والرواية تنتهج تقنية سردية مركبة ورفيعة، تعتمد على توظيف مجموعة رسائل تتقاطع فيها، وعبرها، شخوص ونفوس حيوات ومصائر، أمكنة وأزمنة لا تنأى في خيوطها إلا لكي تتشابك وتتقارب.
هنا فقرات من فصل الرواية الأخير، في الأصل العربي: «صرتُ موظّفا في مكتب البريد، لا أجول ولا أوزّع شيئا. بسبب الحروب والمعارك التي نزلت من السماء أو صعدت من جهنّم، لا أحد يفهم كيف أو لماذا. داعش. داعش يقولون، وتهرب الخلايق وتموت على الطرقات. أو تختبىء في زرايب الحيوانات. حتّى الحيوانات دشرت في الفلاة أو أكلها الناس جيفا. أنا أيضا هربت مرارا، ثمّ كنت أعود لأقبض راتبي، حين كان ما زال هناك راتب يصل في موعده تقريبا إلى المركز.
كلّ ما أفعله هو الهرب والعودة. الهرب واللف والدوران والذلّ. ثمّ العودة إلى هنا والاستماع إلى الأغاني حين أجد بطاريّات لآلة التسجيل. باب المركز تخلّع ولم يعد هناك موظّف واحد. لو كان لي زوجة أو أولاد لما استطعت الرواح والمجيء هكذا. أفكّر أحيانا بأنّي لن أعيش حتّى تنتهي داعش. داعش أو غيرها. لن ينقشع غضب الربّ قبل موتي. انتهى أمر عمري.
أفكّر أحيانا في الرسائل التي لا تصل، التي تتكدّس في مكان ما لا يعرف مُرسلُها ما حلّ بها. تتكدّس كالأوراق الميتة في زوايا الشوارع الفارغة. وربما باتوا يحرقونها الآن، فالناس باتوا يعرفون أن لا أمل في وصول رسائلهم… وربّما ما عادت الناس تكتب أصلا. فحين تختفي العناوين تماما في المناطق المدمّرة وتتصحّر قرانا من الناس لمن يكتب الواحد؟ وإلى أيّ عنوان؟ حين تنتهي الحروب سوف يبحثون طويلا عن أسماء الشوارع، وقد يعطونها أسماء جديدة، بحسب من ينتصر ويسيطر عليها…».
Actes Sud/ Sindbad, Paris 2018
   

Hoda Barakat : «Courrier de nuit»

مئات القتلى في زلزال إندونيسيا والتسونامي الناجم عنه

Posted: 29 Sep 2018 02:00 PM PDT

لقي قرابة 400 شخص حتفهم في زلزال أعقبه تسونامي ضرب جزيرة سولاويسي الإندونيسية، حسب ما أعلن مسؤولون السبت، فيما غصت المستشفيات بمئات الجرحى وسط مواصلة فرق الانقاذ جهودها للوصول إلى المنطقة المنكوبة.
ونشرت الوكالة الوطنية لإدارة الكوارث حصيلة رسمية أكدت سقوط 384 قتيلا حتى الآن جميعهم في مدينة بالو التي اجتاحتها أمواج المد العالي محذرة من أن الحصيلة قد ترتفع.
وأضافت أن نحو 540 شخصا أصيبوا بجروح بالغة ما تسبب بحالة ازدحام في المستشفيات التي عالجت بعض الجرحى خارج المباني فيما شارك ناجون في جهود البحث عن ضحايا.

مئات القتلى في زلزال إندونيسيا والتسونامي الناجم عنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق