Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


قراءة في المشهد العراقي… المرجعية تنأى بنفسها

Posted: 25 Nov 2018 01:20 PM PST

لم تنتظر الأوساط العراقية مهلة المئة يوم التي عادة ما تمنح لأي إدارة جديدة، وهنا لإدارة السيد عادل عبدالمهدي بعد أدائه لليمين الدستورية كرئيس للوزراء، تسمح بظهور ملامح التغيير الذي يحتاجه العراق على جميع مستويات العمل الحكومي، لكي تطلق أحكامها السلبية على التجربة الوليدة. وقد ارتفعت وتيرة هذه السلبية مع الإعلان عن الدفعة الأولى من التشكيلة الوزارية التي ضمت 14 وزيرا.
فعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الجديد الخروج من نفق المحاصصة الحزبية والسياسية في تشكيل وزارته واختيار وزرائه، إلا أن الحاصل الذي جاءت به التشكيلة المعلنة، لم يقدم جديدا، حسب هذه الأوساط، وإن كان بعض الوزراء هم من الشخصيات التي تتمتع بمعرفة وخبرة، إلى حد ما، بالمواقع التي عهدت لها، خصوصا في وزارتي النفط والكهرباء.
قد تكون أحكام الوسط السياسي والثقافي متعجلة ومتسرعة في أحكامها السلبية على الأداء الحكومي لرئيس الوزراء، لكن هذه السلبية لم تقف عند هذا الحد، بل تعدتها إلى الشركاء في العملية السياسية، خاصة التيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر، وكتلته البرلمانية «سائرون» الذي رفع الصوت عاليا في وجه ما يعتري عملية تشكيل الحكومة وأدائها من عوار سياسي ومحاصصة وتقاسم واتجار بالمناصب والمواقع. وعلى الرغم من محاولة الأطراف الأساسية الشريكة في اختيار عبدالمهدي لرئاسة الوزراء، التنصل من مسؤولية ما آلت له عملية التشكيل والحصص الوزارية التي حصلت عليها، ومنها كتلة «سائرون» الممثلة للتيار الصدري، وكتلة «الفتح» الممثلة لفصائل الحشد الشعبي وكتلة «تحالف القوى» (بزعامة محمد الكربولي)، إلا أن الكثير من المواقف المنتقدة الصادرة عن هذه الأطراف لم تخرج عن إطار الصراع مع القوى الأخرى ومحاولة قطع الطريق على إمكانية تقاسم الوزارات الثماني المتبقية معها، خصوصا تلك التي تدور في فلك رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وسط هذا الصراع تحاول هذه الأطراف التي تجمعت تحت مسميين هما، كتلة «الإصلاح» التي تضم كتلة «سائرون» الصدرية وحلفاءها، وكتلة «البناء» بزعامة المالكي، الاختباء تحت عباءة المرجعية الدينية في النجف الاشرف، من خلال الإيحاء بأن اختيارها وموافقتها لتولي عادل عبدالمهدي جاء تنفيذا لإرادة المرجعية التي رفضت في مواقف واضحة وصريحة، من خلال خطب صلاة الجمعة لممثل المرجعية في مدينة كربلاء تولي الفاسدين والفاشلين أي منصب وزاري، أو إداري ناهيك عن رئاسة الوزراء.
المرجعية الدينية وانسجاما مع موقفها المبدئي والنأي عن التدخل المباشر في اي عمل حكومي أو سياسي، ومن منطلق دورها الرعائي الوطني والديني الإرشادي، سارعت للتأكيد على حياديتها وعدم تدخلها في اختيار عبدالمهدي كمرشح تسوية لتولي منصب رئاسة الوزراء، وهي لم تتردد عن إبداء عدم ارتياحها، على لسان خطيب الجمعة في كربلاء، عن ما تمخضت عنه العملية السياسية وتشكيل الحكومة والعودة الى مبدأ المحاصصة الذي ترفضه بشدة، حتى بدت القوى السياسية أكثر شراسة في القتال للحصول على الحصة الأكبر في التشكيلة الجديدة وإداراتها، ما أعاد الأمور إلى الدائرة الاولى التي ساهمت في المرحلة السابقة في انفجار الشارع الشعبي، اعتراضا على الفساد والمحاصصة وتقاسم المغانم على حساب لقة العيش والحياة الكريمة، وانتهت إلى مواجهات دموية في مدينة البصرة، أواخر عهد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي. ولا تخفي أوساط ليست بعيدة عما يدور في الحلقات المقربة من المرجعية الدينية، اعتقادها بأن الخلل الأساس الذي تعاني منه العملية السياسية في العراق يكمن في قانون الانتخابات. وترى أن القانون الحالي والقوانين التي اعتمدت سابقا لإجراء الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات هي التي ساهمت في إنتاج هذه الطبقة السياسية، وساهمت في تكريس مبدأ المحاصصة والعجز عن مكافحة الفساد الذي هيمن على كل مفاصل الإدارة في العراق، ووصل إلى مستويات غير مسبوقة وضعت العراق في مقدمة الدول الفاسدة عالميا. وتعتقد هذه الأوساط أن المطلوب في المرحلة المقبلة، هو البدء بالعمل على وضع قانون جديد للانتخابات، يضمن التمثيل الحقيقي للارادة الشعبية، ويقطع الطريق على الطبقة السياسية والبرلمانية الحاكمة من التجديد لنفسها، مستغلة ضعف القانون الانتخابي القائم. وعلى الرغم من هذا الاعتقاد وضرورة العمل على وضع هذا المخرج للانسداد السياسي في العراق، تتخوف المؤسسات التي تدور في فلك المرجعية، من أن تتهم أو تورط نفسها في التدخل بالعملية السياسية، وبالتالي فإن أي شبهة من هذا النوع سينعكس سلبا على دورها الرعائي والإرشادي والتوجيهي، وتصبح بذلك شريكا مباشرا، ما يعني أنها ستكون مسؤولة عن فشل تطبيق هذه الرؤية، أو مساهمة في إعادة إنتاج الطبقة السياسية. ومن المتوقع أن تلجأ هذه المؤسسات المقربة من المرجعية بدعوة النخب العراقية من جميع المستويات والشرائح الثقافية والاجتماعية والفكرية والعملية وحتى الإنتاجية المستقلة والبعيدة عن الاستقطابات الحزبية، للبدء ببحث الآليات التي تساعد على كتابة قانون جديد للانتخابات، يضمن إعادة إنتاج الطبقة الحاكمة، بعيدا عما هو سائد، ويقطع الطريق على عودة الأحزاب القائمة للتحكم بالعملية السياسية والحكومية. ولا تتردد هذه الأوساط والمؤسسات في إبداء انزعاجها من الأداء السياسي للاحزاب والقوى العراقية، خاصة في الضغوط والسلوكيات التي مارستها في تعطيل اختيار رئيس الوزراء بداية، وتاليا في عملية اختيار التشكيلة الوزارية، وكيف ضربت عرض الحائط بكل توصيات وتوجيهات المرجعية الدينية في العمل لوضع حد للانهيار الحاصل في العراق، والتأسيس الجدي والعملي لمحاربة ومكافحة الفساد ومنع التحاصص وتقاسم الدولة ومؤسساتها على حساب المطالب الشعبية، برفع الحرمان والظلم والإهمال الذي يعاني منه العراقيون جراء الفساد المسيطر على الدولة. في المقابل، وعلى الرغم من هذه الأجواء المحبطة، فإن هناك تأكيدا على ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة ورئيسها فرصة لإثبات نواياها الايجابية في تحسين الشروط الحياتية للمواطن العراقي، ووضع سياسة وخطة واضحتين للنهوض بالأداء الحكومي ومكافحة الفساد، أو على الأقل الحد منه بشكل كبير وقطع الطريق على تكريس المحاصصة. إلا ان فرصة السماح هذه لا تعني عدم وجود غليان في الشارع قد يؤدي الى الانفجار، وفي حال انفجاره هذه المرة لن يكون مقتصرا على مدينة البصرة، كما حصل قبل أشهر، ومن المتوقع أن يكون واسعا يشمل الكثير من المدن وصولا الى العاصمة مرورا بالمدن المنكوبة جراء الحرب على «داعش».

*كاتب لبناني

«البصمة الكيميائية» في نزاع سوريا وروسيا مع العالم

Posted: 25 Nov 2018 01:15 PM PST

أذاعت وسائل إعلام النظام السوري خبر قصف أحياء يسيطر عليها النظام بغاز كيميائي مما أدى لسقوط عدد كبير من المصابين، واتهمت المعارضة السورية بالأمر، قائلة إن القصف جاء من المناطق المنزوعة السلاح في إدلب، وهو أمر سخرت منه المعارضة واعتبرته مسرحيّة سخيفة من تأليف الكرملين وحكام دمشق.
يأتي الأمر بعد تطورين ملحوظين، تمثّل الأول بسقوط ناشطين مدنيين شهيرين في محافظة إدلب وتصاعد الغضب ضمن اتجاهات المعارضة السورية عموما من دور ممكن لـ«جبهة النصرة» في الاغتيال، فالناشطان كانا من المنتقدين لممارسات «الجبهة» وانتهاكاتها، والثاني، هو اتخاذ منظمة حظر استخدام السلاح الكيميائي التابعة للأمم المتحدة قرارا بتسمية القائمين باستخدام هذا السلاح بعد اعتراض شديد من روسيا ومجموعة من الدول الحليفة أو المتعاطفة معها.
ليس هناك صعوبة في فهم رغبة النظام في استغلال موضوع مقتل الناشطين المدنيين (الذي ما كان هو نفسه ليتردد في قتلهما طبعا) للتمهيد لدخول قوات الرئيس السوري بشار الأسد إلى إدلب «لحفظ النظام» و«محاربة الإرهابيين»، ولا في ربطه أيضاً بالرغبة في قلب الطاولة على المنظومة الدولية فيما يخص استخدام السلاح الكيميائي بادعاء أن «المعارضة السورية» هي التي استخدمته هذه المرة.
يلخّص الحدث الملابسات المعقدة التي تربط بين النظام السوري وروسيا والمنظومة الدولية في خصوص استخدام السلاح الكيميائي، والمصلحة المشتركة لدمشق وموسكو في إخفاء التشابهات الفاضحة بينهما في هذا الموضوع، فكلاهما يستخدم هذا السلاح للقضاء على الخصوم وللانتقام والترهيب، وفيما يقوم نظام الأسد باستخدام الكيميائي ضمن الجغرافيا السورية وضد السوريين فحسب، فإن موسكو لديها شبكة تجسس كبرى عالمية فإنها تستخدم الغاز الكيميائي ضد خصومها من الجواسيس المنشقين أو المعارضين في الخارج، كما استخدمته على أراضيها خلال أزمة رهائن مسرح موسكو عام 2002 مما أدى لمقتل 39 مهاجما و129 من الرهائن عبر ضخ غاز كيميائي في فتحات التهوية في المبنى قبل اقتحامه.
وكما حاول النظام السوري فرض استخدام سلاح الإبادة الجماعية هذا منذ بدء الثورة السورية عام 2011 ومن دون توقف، واعتماد حماية حليفه الروسي في مجلس الأمن لحمايته من أي قرارات تعاقبه على انتهاكاته، فإن موسكو أيضاً لا تني تكرر استخدام هذا السلاح بطريقة فاضحة تترك أثرا ولسان حالها يقول إن الروس أقوياء ومرهوبون ويمكنهم أن يعاقبوا المنشقين عنهم في أي مكان.
يذكّر هذا طبعاً بالأفلام والروايات البوليسية التي تكشف ميل القتلة إلى ترك «بصمتهم» الخاصة للافتخار بعمليتهم، وهو أمر مشابه لما يفعله حكام موسكو ودمشق ولسان حالهم يقول إنهم قادرون أيضا على ترك توقيعهم على جثث القتلى لأنهم لا يأبهون بالقوانين الأممية أو المحلية.
ما يثير الأسى أن سلوك حكام دمشق وموسكو على فظاظته ووضوح مقاصده يتحول إلى مثال يحتذى في العلاقات الدولية وتقوم أطراف كثيرة بتبني جوهره، فجريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي حملت بدورها «بصمة كيميائية»، وكذلك عملية اغتيال الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بغاز الأعصاب التي جرت في مطار كوالالمبور في ماليزيا عام 2017، ورغم أن هذه «البصمة» لم يتم اعتمادها من قبل دول أخرى بعد لكن منطق الانتقام والإرهاب والإجرام بحق شعوب وجماعات بأكملها وخصوم سياسيين ينتشر في أرجاء المعمورة، على يد أنظمة متسلطة وشمولية كما هو الحال في ميانمار ضد الروهينجا، والصين ضد المسلمين، وربما نشهد قريبا حصول ذلك بأيدي اتجاهات اليمين المتطرف والشعبوي في أنظمة ديمقراطية.

زمن «الهَوشة»: عن مفهوم للاحتجاج في لحظة «السترات الصفراء»

Posted: 25 Nov 2018 01:14 PM PST

نواجه اليوم صعوبة في إيجاد مصطلح قادر على التقاط معنى «الرايوت» بالإنكليزية، أو «ايموت» بالفرنسية، بالشكل الذي يمكن أن يساهم، إيجاباً، في تفكّر الحيويات الاحتجاجية والتصادمية.
فالاحتجاج وحده لا يفي بالغرض، والشغب تثبيت على عنصر سلبي اختزالي، والاضطراب أكثر شمولية من تخصيصه بـ«الرايوت» ليس إلا، والقلقلة بالمفرد لا تؤدي مفعول القلاقل بالجمع.
لا يمرّ شهر واحد دون أن يعترضك هذا الإشكال اللغوي إن حاولت وصف الأحداث والمشاهد المتنقلة في عالم اليوم، بشكل يلتقط الخيط الواصل بين ديناميات احتجاجية وتصادمية تنتمي إلى سياقات وأوضاع جد متباينة.
إلى حد ما، نواجه إشكالاً يقارن بما واجهه المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي في قول مفهوم «الثورة» بالعربية إبان الحملة الفرنسية. فاستخدم وصف الفتنة سواء للإشارة إلى ثورة الفرنسيين على أرضهم، أو إلى الفتن «التي يستنسر فيها البغاث» ضد جيش بونابرت في القاهرة. واستمرّ العناء في المصطلح مع رفاعة الطهطاوي غداة إقامته الباريسية، فاستخدم «الفتنة» في معرض سرده عن ثورة تموز 1830 التي عاصرها، وهذه المرة من دون المحمول السلبي كما في حالة الجبرتي.
الحال مع «الرايوت / الإيموت» عويصة أكثر، لأنّ الحوادث التي توضع في خانتها كثيرة، وكثيفة، ولا تكاد تهمد في مكان حتى تنشب في آخر، مشكّلة المنافس الأساسي لثنائية «الانتخابات والأعمال الإرهابية» في نشرات الأخبار. المنافس الأقرب إلى الحياة.
ربّما كان علينا إعادة تأهيل مفردة عربية محدّدة لملاحقة هذا التسارع، وهذا الانزياح في خارطة الاحتجاج الخشن، من خلال الاستعانة بمرادف للفتن والقلاقل في تاريخ استعماله العربي: «الهَوشة». فنتحدث مثلاً عن «هوشة الضواحي» الباريسية في السابقة، و«هوشة أصحاب السترات الصفراء» في الوقت الحالي، على امتداد فرنسا، مثلما نتحدث عن «هوشة بين المسلمين والهندوس» أو «هوشة بين التاميل والكاناديغاس» في الهند.
معجمياً، تعني «الهوشة» الإزدحام والإختلاط «هوشات السوق»، كما الإضطراب والفتنة «زرع الهوشة بين الناس»، والحال أن إجتماع هذين المعنيين يكسب اللفظ جدارة إصطلاحية، في مقابل «رايوت» و«إيموت».
يظهر ذلك عند قراءة كتاب أساسي لفهم هذه الدينامية «الرايوتية» المتصاعدة عبر العالم، وهو كتاب الأمريكي جوشوا كلوفر «الهوشة (رايوت) ثم الإضراب ثم الهوشة» الصادر عام 2016، المترجم هذا العام بالفرنسية «الهوشة (الإيموت) أولاً» (والذي يوضح مترجمه أن «رايوت» نفسها تتحدر من لفظ فرنسي «ريوت» لم يعد متداولاً إلا في نطاق محلي ضيق غرب البلاد، ليفيد حالياً معنى المشاجرة فحسب).

طوّرت الطبقة العاملة الصناعية، وطوّر التقليد الماركسي نظرته إلى المناقضة الواجبة بين «الهوشة» و«الإضراب»، مثلما طوّر الماركسيون نقدهم للحيلة الفوضوية المسماة «الإضراب الشامل»، الذي هو إلى «الهوشة» أقرب

وما يطرحه كلوفر أنّه، مع تراجع الحركة العمالية الغربية، تتوارى دينامية «الإضراب» لصالح «الهوشة»، وتتبدّل سمة «الهوشة» في نفس الوقت، فهذه كانت قبل القرن التاسع عشر «هوشات من أجل الخبز»، وضد تصدير الحبوب، لكنها ما عادت تنشب في وقتنا الحالي أمام مخازن القمح، إنما أمام مراكز الشرطة ومظاهر الدولة، رداً على غلاظة بوليسية هنا، وتملّص قضائي من ملاحقة تجاوزات البوليس هناك، على غرار «هوشة لوس انجلس» 1992، التي يعتبرها منعطفاً أساسياً. وفيما كان الطور الأول من «الهوشات» مكانه السوق، وبشكل أساسي المرفأ، والثاني، القرن التاسع عشر، مكانه المعمل، فإن «الهوشات» باتت تنحو اكثر فأكثر بإتجاه الشارع.
أما الإضراب فهو تاريخياً إبن «الهوشة» الذي تميّز عنها وصار له نمطه الخاص، بل أنّ النظرة تطورت في القرن التاسع عشر لإبعاد فكرة «الإضراب» أكثر فأكثر عن فكرة «الهوشة».
الصورة التي بناها «الإضرابيّون» عن أنفسهم في العصر الحديث هي أنهم غير انفعاليين، وتراكميين، ومنضبطين، بنقابة أو بحزب، ولا ينزلون إلى مستوى «الهوشة». في الهوشة يجري تكسير زجاج المحلات، ونهب الخبز، وتندلع النيران لتصيب الجميع، أما عندما يضرب عمال الزجاج أنفسهم فإنهم يحاذرون من إيقاع أي لوح زجاج. تكسير الزجاج ليس له أثر عند عمال زجاج «فلينت» 1858، في مقابل تكسيره على أوسع نطاق في هوشة بالحي التجاري لبيرمينغهام عام 1839. من خلال المقارنة بين هذين النموذجين طوّرت الطبقة العاملة الصناعية، وطوّر التقليد الماركسي نظرته إلى المناقضة الواجبة بين «الهوشة» و«الإضراب»، مثلما طوّر الماركسيون نقدهم للحيلة الفوضوية المسماة «الإضراب الشامل»، الذي هو إلى «الهوشة» أقرب. يلفت كلوفر في المقابل إلى أن روزا لوكسمبورغ في كراس «الإضراب الجماهيري، والحزب، والنقابة» 1906 لم يكن هدفها إعادة الاعتبار لعفوية الجماهير، على ما جنحت اليه القراءة المتسرّعة، بل نقد كل نظرة اكتفائية إما «الهوشة» وإما «الإضراب»، باعتبار أنه ليس هناك ما له أولوية بالمجرّد، وإنّما بحسب مجرى الصراع الطبقي.
رغم كراس روزا هذا، وجد القرنان الماضيان صعوبة جمة في الإقرار بـ«الهوشة» كشكل للصراع الطبقي، هي التي كانت أم الإضراب ثم نفر الأخير منها. أطروحة كلوفر أنّ جدلية «هوشة ـ إضراب ـ هوشة» باتت تعني بالنسبة إلى واقع عالمنا اليوم العودة إلى أولوية «الهوشة» على «الإضراب»، لأن «الهوشة هي الصراع الطبقي من موقع المستبعدين عن العمل المأجور».
ربّما كان جوشوا كلوفر «يستسلم» أكثر من اللازم في تقديره مدى امكانية تحلّل رأس المال من «العمل المأجور» بإتجاه أشكال أقل تعاقدية وأكثر هشاشة من العمل، وربّما يكون عطّل جدلية «الهوشات والإضرابات» في بعض فصول كتابه، من خلال تحمّسه فوق اللزوم للهوشات «كبديل»، وادماجها جميعها في تصنيف مشترك وتراكمي. بيد أنّ عمله رياديّ، خاصة عندما يقارب الأزمنة الحديثة من منظار الأمد الطويل: أول ما ظهرت الرأسمالية، كانت الهوشة هي الشكل الأساسي للكفاح، ضد حركة دوران السلع، ثم مع الثورة الصناعية وحتى الستينيات، كتبت الغلبة للإضرابات على الهوشات، وبخاصة بالنسبة للماركسية والحركة العمالية، وفي أيار/مايو 1968 غاب عن التحليل، أنها كانت انتفاضة النموذجين في وقت واحد. كانت أيار/مايو 1968 أوسع إضراب في تاريخ فرنسا، وأكبر هوشة أيضاً لا تختزل في جانبها الطلابي فقط. حصرها في هذا الجانب كان لعزلها عن الإضراب، ما تجسد رمزياً بصدّ الشيوعيين لوفد الطلاب القادمين إلى عمال رونو ـ بيانكور للتضامن معهم. ما يذهب اليه كلوفر، أنه بعد 1968، ستتراجع مركزية الإضرابات لصالح عولمة الهوشات فتصبح هذه دينامية متنامية كالفطر ولا فكاك منها.
يمكن التحفظ على «النعوة» الضمنية للإضرابات عند كلوفر، إلا أنّه في المقابل، إذا كان «البشر يصنعون تاريخهم لكنهم لا يصنعونه اعتباطاً، وبالشروط التي يختارونها بأنفسهم، إنما بشروط ممنوحة مباشرة وموروثة من الماضي» كما كتب ماركس في بداية «الثامن عشر من برومير»، فالأقرب إلى وصف المشهد في عصرنا، أن البشر يصنعون تاريخهم بالهوشات أولاً، أكثر مما يصنعونه بالإضرابات والنقابات والانتخابات، وأكثر مما يصنعونه بالثورات. المشكلة تبدأ عندما تتابع قراءة نفس المقطع لماركس: «ان تقاليد جميع الأجيال الميتة تنوء بحمل ثقيل على أدمغة الأحياء».
فالأجيال الميتة اليوم باتت أجيال «العصر الإضرابي» من تاريخ الرأسمالية. إذا كانت مشكلة جوشوا كلوفر أنّه يقلّل من الأهمية الحاضرة والمستقبلية للإضرابات، فمشكلة العالقين بـ«مركزية الإضراب»، هي أنّهم يدركون جيداً السمة المحافظة لتعلّقهم هذا. تارة تأخذ بهؤلاء السكرة إلى رفض «سياسة الهوية» بحجة الاشتياق إلى «القضايا الاجتماعية»، حتى إذا لاح «الاجتماعي» بالشكل الذي لا يعجب خاطرهم يستذكرون الإضراب المشهدي، اضراب عمال الزجاج الذي لا يكسر فيه زجاج، ويبكون على الزجاج، سواء الذي كُسِرَ في غير وقته، أو الذي في وقته لم يُكسَر.

كاتب لبناني

انتخابات البحرين أكدت الأزمة وتجاهلت الحل

Posted: 25 Nov 2018 01:13 PM PST

ربما ليس هناك بلد عربي يشهد استقطابا حادا بين الشعب وحكومته كما هو الوضع في البحرين. وتكفي نظرة على الظروف التي اجريت فيها الانتخابات «البرلمانية» يوم امس لاستيعاب هذه الحقيقة. فهناك عالمان منفصلان في هذه الجزيرة الصغيرة التي تكاد تغرق تحت وطأة القوات الاجنبية المتنافسة على النفوذ. هذا الاستقطاب ازداد وضوحا في الاسابيع الاخيرة عندما اصبح هناك ما يشبه لعبة شد الحبل بين طرفين تتوسع الفجوة بينهما يوما بعد آخر.
المشهد من الجانب الحكومي يختلف جملة وتفصيلا عما يجده المرء عندما ينظر من جهة الشعب. فعلى الصعيد الرسمي يتم اظهار صورة هذا البلد المضطرب وكأنه يعيش «عرسا ديمقراطيا» ومناخا من الحرية وعالما حقوقيا لا ينقصه شيء. فهناك «البرلمان» كمؤسسة تشريعية دونها الكونغرس الأمريكي او قصر ويستمنستر، فهو يصدر التشريعات المتطورة التي لا تخضع لتأثير احد سوى «الاعضاء المنتخبين» ولا تراعي سوى مصلحة الوطن والمواطنين. اما الاعلام فلا يضاهيه اي من وسائل الاعلام الدولية، فهو يمتلك الحرية الكاملة ولا ينطق الا بالحق ولا يخضع لتأثير احد سوى ضمير العاملين به. ويتم توجيه ضيوف الدولة لـ «المؤسسات الحقوقية» ومن ضمنها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان و «الهيئة الوطنية للتظلمات». ثم هاك مؤسسة القضاء، وما اكثرها نزاهة واستقلالا عن السلطة التنفيذية، وما ابعده عن الاعتبارات الاخرى حين ينظر في التهم الموجهة لآلاف الشباب. هؤلاء القضاة يؤسسون احكامهم على ما يمليه عليه ضميرهم، بدون انحياز لاي طرف. فالمتهم بريء حتى تثبت ادانته، وان على المدعي اثبات التهمة وليس المتهم.
وعلى الجانب الآخر، تختلف عدسة المواطنين في ما تراه. هذه العين ترى الصورة مقلوبة تماما. فتنظر للبرلمان مؤسسة تابعة للحكومة بلا حرية او صلاحيات. وتعتبر من ترشح لها إما مأمورا او انتهازيا او خائنا لشعبه او هامشيا في حياته. هذا المجلس، في نظر الغالبية القصوى من الشعب، سلاح ضد «الثوار» الذين استجابوا لنداء التغيير الذي انطلق من ألسنة اللهب التي احرقت الجسد الضعيف لذلك الشاب التونسي، محمد بوعزيزي. هذه العين ترى الاعلام بوقا دعائيا يصفق للسلطة التي تصادر حرية التعبير وتعتقل من يطرح موقفا او رأيا مختلفا عما تطرحه الحكومة. وتنظر للمنظمات التي اسسها النظام بعنوان حقوق الإنسان اسلحة لمواجهة الحقوقيين والتعتيم على العشرات منهم الذين يرزحون في السجون. هذه العين ترى مشهدا دمويا كل يوم. هذه العين تستحضر مشهد الشهيد محمد جمعة الشاخوري الذي استشهد بالرصاص في سبتمبر 2001 وهو يتظاهر امام السفارة الأمريكية في المنامة احتجاجا على قتل الشهيد محمد الدرة بارض فلسطين.

الانتخابات الاخيرة تصلح لتكون بداية فصل من مسرحية طويلة، لكنها لا تصلح لان تكون نهايتها. فقد اقيمت انتخابات مماثلة في العام 2014 ولم تؤد لاستقرار البلاد ولم تحقق للشعب امنه

هذا الاستقطاب الواضح انعكس بجلاء في الانتخابات التي انتهت قبل يومين بحضور شعبي باهت كاد يصل في بعض المناطق إلى الصفر لولا التهديدات بالانتقام. كما انعكس في تراجع الاهتمام بوسائل التواصل الاجتماعي التي كانت من اهم منابر الثورة في العام 2011. فبعد ان اصبحت تغريدة واحدة لا تعجب الحكم كافية لسجن صاحبها ما بين ثلاثة وخمسة اعوام، تردد الكثيرون في الكتابة وهجروا تلك الوسائل. وحقا اصبحت «مملكة الصمت» مقبرة لحرية التعبير ومصيدة لمن يطرح وجهة نظر مختلفة عما يريده النظام. فانتقاد العدوان على اليمن وتسمية السعودية او الامارات او البحرين كجهات مسؤولة عن ذلك العدوان يعني السجن والتنكيل. وسائل الوسائل الاجتماعي هجرت كذلك بعد ان اعتقلت السلطات النائب السابق عن جمعية الوفاق، علي العشيري، بعد ان غرد قائلا انه وعائلته لن يصوتوا في الانتخابات. كان ذلك كافيا لاعتقاله والتحقيق معه، وليس مستبعدا ان توجه له تهمة التآمر على الحكم او التخابر مع الحرس الثوري الإيراني او مع قطر. وحين يصرح رئيس مجلس النواب المنحل، احمد الملا بان من لا يدلي بصوته في صناديق الاقتراع سيتعرض لتأجيل طلبه للحصول على منزل وسيتأخر دفع راتب تقاعده. في الانتخابات السابقة فرضت الحكومة على المواطنين احضار جوازات سفرهم عند التصويت ليختم فيه ان صاحبه شارك في ذلك. واستخدم ذلك لاحقا للتنكيل بمن استخدم طريقة العصيان المدني احتجاجا على تلك الانتخابات التي تهدف لتضليل العالم بوجود مشروع ديمقراطي يشارك فيه المواطنون بحرية وينتخبون ممثليهم في مجلس تشريعي حر، ويتمتع كل منهم بحصانة برلمانية ويحظى براتب دسم.
الانتخابات التي اجريت في البحرين هذا الاسبوع تجسيد صغير لحالة استبداد واسع في العالم العربي، تضخم كثيرا بعد ان ضرب تحالف قوى الثورة المضادة (االسعودية والامارات ومصر والبحرين زائد «اسرائيل») كافة ثورات الشعوب العربية وضحى بامن المنطقة واستقراراها وتماسكها الاثني والديني والمذهبي من اجل بقاء المنظومة السياسية التي حكمت المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية. هذه الحالة تدفع احيانا نحو اليأس والقنوط، واخرى نحو شيء من الامل يلوح من بين جراح جيل الثورة المقموع بلا رحمة. الامر المؤكد ان الشعوب التي قمعت لن تقبل يوما مقولة ان الانتخابات تعني الديمقراطية، ولن ترضى باقل من مشاركتها الحقيقية في تقرير مصيرها وكتابة دساتير بلدانها وانتخاب حكوماتها. فالظلامات التي ارتكبت خصوصا في مصر والبحرين (كونهما حالتين متشابهتين اكثر من غيرهما) نمط جديد من التعامل السلطوي مع الشعوب العربية. ومع تعمق ظاهرة التطبيع مع اعداء الامة الذين احتلوا اراضيها وهيمنوا على ثرواتها ونهبوا مئات المليارات النفطية في مقابل ضمان بقاء عناصر حاكمة مارست جرائم ضد الإنسانية غير مسبوقة، تصاعد غضب الشعوب وتحول إلى موروث ثوري يختزن تدريجيا في صدور الآباء والامهات الذين شعروا بانتكاسة كبرى في تاريخهم عندما انقضت قوى الثورة المضادة التي لم ترحم احدا قط. اما طرق علاج هذه الظواهر التي تزيد الناس احباطا ويأسا فلا يمكن اختزالها باجراء انتخابات صورية مزيفة تستخدم كسلاح ضد المعارضين وانماط مزيفة من المنظمات الحقوقية والمجالس التشريعية. لم يكن شباب ثورات الربيع العربي يبحث عن نسخ مزيفة للديمقراطية وحقوق الإنسان، بل كان يأمل ان تحترم انسانيته ويحقق حريته وحقوقه بدون مساومة او تزييف. لا تريد الشعوب العربية وشبابها الناهض ان يبدأ التاريخ من جديد ليعيد اكتشاف العجلة وكأن احدا لم يكتشفها من قبل. ولذلك كان الغضب هو الظاهرة التي ادركها الاعلاميون المستقلون وهم يتجولون بين مناطق البحرين وقراها ليستمزجوا آراء المواطنين. هذه الظاهرة ادركها المهتمون بالشأن البحراني في برلمانات الدول الديمقراطية، فاصدروا للمرة الاولى بيانات ضد هذه الانتخابات اعتبرها نظام الحكم عدائية. هذه البيانات اشتركت في المطالبة باطلاق سراح السجناء السياسيين، والغاء قرار حظر الجمعيات السياسية المستقلة من المشاركة، ودعوا لمحاكمة الجلادين والمعذبين، كما طالبوا باصلاح سياسي يلغي هيمنة الحكام الحاليين ويوفر وسائل لمراقبتهم ومحاسبتهم. فحين يصدر برلمانيون ايطاليون واعضاء كونغرس أمريكيون وبرلمانيون بريطانيون واعضاء بالبرلمان الاوروبي بيانات تشترك في اغلب هذه المطالب فهذا يعني ان هناك استيعابا دوليا لمعاناة اهل البحرين وان ما تقدمه الحكومة لم يرق إلى مستوى تطلعاتهم، وان سياسات القمع التي ادت لسجن اكثر من 20 الفا ما يزال اكثر من خمسهم يرزح وراء القضبان، وقتل اكثرمن مائتين من المواطنين بالرصاص الحي والمطاطي والتعذيب والاعدام، وسحبت جنسيات حوالي 800 مواطن بسبب معارضتهم نظام الحكم لم تحقق الكثير لمنظومة الحكم.
وماذا بعد؟ الانتخابات الاخيرة تصلح لتكون بداية فصل من مسرحية طويلة، لكنها لا تصلح لان تكون نهايتها. فقد اقيمت انتخابات مماثلة في العام 2014 ولم تؤد لاستقرار البلاد ولم تحقق للشعب امنه. هذا يعني انها لا تعدو كونها كبسولة تخدير ضعيفة ومحدودة الامد، تخفف الألم قليلا ويبقى المرض بلا علاج.

كاتب بحريني

ومرة أخرى… عن ذاك الذي يُحاك

Posted: 25 Nov 2018 01:12 PM PST

نعم.. الجميع يتلهفون لإدراك كنه ما يحاك في معامل ومطابخ المجتمع الدولي تجاه السودان. ومنهم من قفز في يمّ الخيال سابحا بحثا عن السيناريوهات المتوقعة والممكنة. وإذا كان ذاك التلهف، وتلك السباحة، يمكن تفهمهما وقبولهما من جموع الناس العاديين غير المنخرطين في العمل السياسي المنظم، فمن المزعج جدا، حد الكارثة، أن تكون الحركة السياسية المنظمة في زمرة هؤلاء السابحين في الخيال، تكتفي بأن تظل قابعة في وضعية المراقب المنتظر لنتائج ما يحاك، ثم تعلّق فقط، شجبا أو إدانة أو قبولا، على ما سيُطرح من سيناريوهات.
ما نعتقده صحيحا، هو أن تقتحم الحركة السياسية المنظمة حلبة التعامل مع المجتمع الدولي، نقاشا وتفاعلا، بل وصراعا، بعيدا عن التقوقع والانعزال، وبهدف التأثير المباشر حتى يكون الناتج متماشيا مع أهدافها، كحركة سياسية معارضة، ليس فقط في المادة المكتوبة على الورق، وإنما في آليات التنفيذ والضمانات الضرورية واللازمة حتى يتم التنفيذ وفق ما هو متفق عليه.
وبالمناسبة، فإن خطاب المجتمع الدولي تجاه الأزمة في السودان، في كثير من محتواه وجوهره، يكاد يتطابق مع خطاب المعارضة السودانية بالنسبة لقضايا إطلاق الحريات وكفالة حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي. أنظر إلى قرارات مجلس الإتحاد الأوروبي الأخيرة حول السودان، والصادرة من اجتماعه رقم 3652، ببروكسل بتاريخ 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والتي من بينها حث الحكومة السودانية على تنفيذ الإصلاحات السياسية الواسعة التي لم يتم الوفاء بها حتى الآن، وخاصة تلك المتعلقة بكفالة حقوق الإنسان والحكم الرشيد، وتوفير الاحتياجات الإنسانية لمناطق وقطاعات واسعة من السكان، والتصدي للصراعات الداخلية التي لم تحل حتى الآن.
وشددت القرارات على محاسبة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات في السودان، داعية السودان للتعاون بشكل كامل مع العدالة الدولية لمحاربة الإفلات من العقاب، ومشيرة إلى ضرورة التزام حكومة السودان بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وفقا لقرار مجلس الأمن المعني. كما دعا الإتحاد الأوروبي السودان إلى المشاركة البناءة في دعم الاستقرار في المنطقة، خاصة وأن موقع السودان، كدولة ساحلية على البحر الأحمر، وضفّيّة على ضفاف أنهر حوض النيل، يلعب دورا جيوسياسيا حاسما في أمن القرن الافريقي الاوسع، بما في ذلك ترسيخ السلام في دولة جنوب السودان، ودعم المبادرة الأفريقية للسلام والمصالحة في جمهورية أفريقيا الوسطى، ودعم الوصول إلى توافق في المحادثات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان الخاصة بسد النهضة الإثيوبي.

دعا الإتحاد الأوروبي السودان إلى المشاركة البناءة في دعم الاستقرار في المنطقة، خاصة وأن موقع السودان، كدولة ساحلية على البحر الأحمر، وضفّيّة على ضفاف أنهر حوض النيل، يلعب دورا جيوسياسيا حاسما في أمن القرن الافريقي الاوسع

وفي كل الأحوال، فإن التقوقع والانعزال لن يوقف مسار ما يجري وما يُحاك. فنحن اليوم، نعيش في عالم لا يقبل العزلة والانعزال. عالم تحكمه قوانين العولمة التي لا فكاك منها، والتي توفر تربة خصبة لتجلي ظاهرة التفاعلات والتداخلات بين مكونات هذا العالم، كظاهرة موضوعية وحتمية.
وهذه الظاهرة الموضوعية الحتمية، دائما ما تأتي تحت عنوان تحقيق السلام والاستقرار في العالم. ومن هنا قناعتنا بحتمية دور المجتمع الدولي ومساهمته في المشهد السياسي في بلدان العالم الثالث، مستوطن الأزمات والكوارث السياسية والاجتماعية.
وسؤالنا البسيط هو، أيهما أفضل لقضية شعبنا: التداخل والتفاعل أثناء عملية الحياكة وقبل ظهور نتيجة ما يحاك، والعمل على التأثير فيها وتطويعها لصالح قضية شعبنا، أم ننتظر النتيجة النهائية لنكتفي بالتعليق؟. مع ملاحظة أن بعض الفاعلين السياسيين السودانيين يشاركون في عمليات الحياكة هذه. وقد أشرنا في مقالنا السابق إلى التحركات الأخيرة التي جرت وتجري مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وحركة العدل والمساواة، وحركة تحرير السودان. كما نقرأ معا تغريدة رئيس حركة تحرير السودان، القائد مني أركو مناوي بتاريخ 23 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، والتي أفاد فيها بأنه تم التغلب على العقبة الأخيرة التي كانت تحول دون توقيع حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة على إتفاقية «ما قبل التفاوض» مع الحكومة، والتي ستفتح الباب أمام إستئناف التفاوض بين الحكومة والحركتين. وجاء تصريح القائد مني عقب إنتهاء إجتماع ضم حركته وحركة العدل والمساواة مع الإتحاد الإفريقي في أديس أبابا يوم الجمعة الماضي.
وفي ذات السياق، صرّح رئيس حركة العدل والمساواة، القائد جبريل إبراهيم، بأنه تم الاتفاق على وجود آلية مستقلة جديدة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه حول قضية دارفور. ويبدو أن هذه كانت العقبة المتبقية، بعد أن وافقت الحركتان من قبل، في برلين، على اعتبار اتفاق الدوحة كأساس لأي تفاوض بين الحركتين والحكومة. وأعتقد أن ما تم يعد إنجازا للحركتين ولفكرة التفاعل والتداخل مع المجتمع الدولي دون تخليهما عن أي مسارات أخرى. ودون التقليل من مسألة الاختلال في موازين القوى، إلا أن حديث البعض بأن الحركتين أرغمتا على موقفهما الجديد بسبب الانتكاسات العسكرية الأخيرة غير صحيح، بشكل مطلق. ففي كل الأحوال لم تنتهي الحرب، ولم تتوقف مساعي الحكومة للتفاوض مع الحركتين.
ومن زاوية أخرى، فإن التدخل والتفاعل مع المجتمع الدولي وما يطرحه من حلول، لا يعني أن نوقف مسارات، أو تكتيكات، عملنا الأخرى من أجل التغيير. بل على العكس، يمكن لأحد المسارات أن يوفر فرصة لنجاح مسار آخر. مربط الفرس هنا، أن تكون لدينا فعلا مسارات أخرى نسير فيها بهمة ونشاط.
ومع ذلك، ومع التأمين مجددا على قولنا بأنه لا يمكن لأي عاقل أن يرفض مساهمات المجتمع الدولي لحل أزماتنا، فإننا نشدد، مرة أخرى، على أن السياسي الذي يظل منتظرا هذه المساهمات، ناظرا إليها فاغرا فاهه وكأنه يتفرج على أحد أفلام الآكشن والإثارة، دون أن تكون لمساهماته هو القدح المعلى، ودون أن يأخذ حذره حتى لا تأتي هذه المساهمات على حساب مصالح شعبه، هو سياسي غير جدير بالثقة. فأولا وأخيرا: لا يمكن حل قضية شعب من خارجه وبالإنابة عنه.

كاتب سوداني

العلاقة بين حماس وإيران في ميزان المُطفّفين

Posted: 25 Nov 2018 01:03 PM PST

ذهب سائلٌ إلى أحد أدعياء العلم فقال: يا شيخ، ما حكم الجدار يبول عليه الكلب؟ فأجابه الجاهل: يُهدم ويُبنى سبع مرات، فقال السائل: إنه جدار بيتك، فأجابه: قليل من الماء يُطهره.
تلك الطُرفة المُتداولة تُجسّد حال فئة مُتسلِّفة غارقة حتى النخاع في آفة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وإجراء التقييم وإصدار الأحكام، بما يتوافق مع الأهواء والمصالح.
عندما يسعى ترامب عدو الأمة، والراعي الرسمي للكيان الصهيوني، إلى تشكيل تحالف عربي استراتيجي، تراهم يُطلقون صيحات الاستحسان والتبرير بأنه ضرورة لمواجهة المشروع الإيراني ضد السنة.
ولكن عندما يتحدث إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في مؤتمر طهران عن ضرورة تشكيل تحالف لمواجهة العدو الصهيوني، يصرخون مُشكّكين في هوية الحركة الفلسطينية، ويتحدثون عن علاقات حماس بإيران وأنها بذلك تفتح الباب على مصراعيه للتشيع والتمكين للمشروع الإيراني. تلك الفئة تتجنب الإنكار العلني على ولي الأمر، وتعتبره شكلًا من أشكال الخروج ومفسدة تؤدي إلى الفوضى والاضطراب والتأليب على الحاكم، وهي الفئة نفسها التي ترى أن التشهير بحركة حماس وتعاملاتها مع إيران واجب شرعيٌ، يفرضه حق البيان والتوضيح والتحذير للأمة، رغم أنها القوة الوحيدة على وجه الأرض التي تواجه العدو الصهيوني ومشروعه التوسعي الرامي إلى التهام الأمة، وعلى الرغم من خطورة هذا التشهير على القضية الفلسطينية.
هؤلاء المطففون في ميزان الحكم والتقييم لم يصغوا للتحذير القرآني “وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ” (المطففين: 1 – 3)، فطفقوا يُحددون الأعداء وفق توجهات أولي الأمر، فإيران هي عدو يجب مواجهته وبناء تحالفات تعمل على إضعافه، أما العدو الصهيوني فأصبح التعامل معه أمرٌ واقع، وتطبيع العلاقات معه أمرٌ واجب، وأن على الفلسطينيين القبول بصفقة القرن وشطب خيار المقاومة من قواميسهم. ما زلتُ على قناعة بمدى خطورة المشروع الإيراني على الأمة، ويقيني أنه بحق مشروع قومي مُحمّل على رأس طائفي، يسعى لابتلاع دول المنطقة، وأنه يجب الحذر منه، لكن ذلك لا يُسوغ بأي وجه من الوجوه اعتبار إيران هي العدو الأوحد أو الأول، والتغافل عن المشروع الصهيوني وراعِيهِ الأمريكي.
هؤلاء المطففون يملؤون الدنيا ضجيجًا حول تقارب حماس مع إيران، فهل أبقى حكام العرب بابًا مفتوحًا في وجه المقاومة؟ قد تخلوا عنها، ومع تيار التطبيع الجارف شيطنوها وصنفوها كجماعة إرهابية، وعزلوا قطاع غزة معقل المقاومة عن العالم بحصار جائر، ثم بعد ذلك يحاسبونها على تقاربها مع إيران التي تُمدهم بالسلاح في المواجهة مع الصهاينة. نعم يقلقنا ذلك التقارب، ولكن أين البديل؟ هل تنزع الحركة سلاحها وتضيع القضية الفلسطينية من أجل مخاوف علاقة الحركة بإيران؟ أليس الأولى للدول العربية التي تهاجم حماس لتقاربها مع إيران أن تقطع علاقتها الاقتصادية القوية عالية المستوى مع طهران؟ إذا كانت علاقاتهم بها تحكمها الضرورات الاقتصادية، أليست استفادة المقاومة الفلسطينية من إيران ضرورة من أجل تحرير الأراضي المحتلة؟ قبل أن تهاجموا الحركة على تقاربها مع إيران على مبدأ الضرورة، دققوا النظر في سنوات قضتها المقاومة في علاقتها مع طهران، فهل وجدتم من حماس رخاوة في تعاملاتها، أو تسمح بالمساس بهوية الفلسطينيين والتمكين للأطماع الإيرانية؟ إرجعوا إلى عقود مضت إلى بداية العلاقات بين حماس وإيران، لم تنطلق من خلال حوزات قم، بل في مرج الزهور في الجنوب اللبناني عام 1992، عندما أبعدت سلطة الاحتلال أكثر من 400 قيادي فلسطيني معظمهم من حماس، فتخلت عنهم الدول العربية، ولم يساندهم سوى إيران وحزب الله مع الأسف الشديد، حينها أعلن محمود الزهار ترحيبه بكل سلاح يأتي إلى الفلسطينيين لمواجهة العدو الإسرائيلي، طالما كان دعمًا غير مشروط، ولم يكن ذلك القيد مجرد شعار، ففي العام التالي اتصل الإيرانيون بالزهار لتذكيره بفعاليات يوم القدس التي ترعاها إيران، فأجابهم: “كنا نُخطط لتلك الفعاليات، أَمَا وإنكم قد اتَّصلتم فقد ألغيناها، قلنا لكم بدون شروط”.
يقول توماس جفرسون ثالث رؤساء أمريكا: “عندما نتحدث عن طريقة العيش، فاسبح مع التيار، وعندما نتحدث عن المبادئ قف كالصخرة”، ربما تلجأ حماس لأن تسبح أحيانا مع التيار على مبدأ الضرورة لاستمرار المقاومة وتسيير الحياة العامة في غزة، لكنها تتمسك بالثوابت الإسلامية والوطنية وتقف إزاء طمسها وتغيير ملامحها كالصخرة، فبعد فوز حماس وتشكيلها الحكومة الفلسطينية 2006، كفر العرب بالديمقراطية عندما أوصلت الحركة، وأغلقوا في وجهها الأبواب، فتوجه الزهار إلى طهران، وطلب إقامة مجمع طبي في القطاع، فوعدوه بإنشاء مجمع طبي كبير بطاقم من الأطباء الإيرانيين يداومون فيه عشر سنوات بعد أن يُجهزوا الكوادر المحلية، ولكنهم اشترطوا عليه السماح للفريق الطبي بإقامة حسينية شيعية في المجمع، فكان الرد حاسمًا: “لا نريد، وليبق الوضع الصحي منهارًا، قلنا لكم: بدون شروط”.
تذكروا أن حماس التي كانت تتمتع بامتيازات ضخمة في سوريا قد غادرتها بعد أن رفض بشار حليف إيران وقف عمليات القتل ضد شعبه ووأد ثورته، وقضت قيادات الحركة ستة أشهر في الطائرات بعدها يجوبون الدول العربية، فكانت النتيجة رفْض أكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية استضافة قيادات الحركة، إلى أن قبلت بها قطر، تذكروا أن إيران أوقفت دعمها للحركة على إثر موقفها المعارض للنظام السوري. ولو كانت حماس تتقارب مع إيران على حساب الثوابت والهوية لما وقفت في طريق حركة الصابرين في غزة والموالية لإيران، ولَمَا واجهت أنشطتها المشبوهة.
ألا أيها المتفيقهون المتشدقون بقواعد الشريعة ومبدأ الضرورات تبيح المحظورات، ما لكم قد تخليتم عن الفقه، عندما تعلق الأمر بضرورة مقاومة الصهاينة وتحرير الأرض؟ ألا تنطبق القاعدة على استفادة حماس من التقارب مع إيران مع الحفاظ على الثوابت؟ ولنا سؤال يساورنا: ماذا لو تقاربت حماس من أجل تحقيق أهداف المقاومة مع روسيا التي تحرق الأراضي السورية، أو الصين التي تنكل بالمسلمين وتعتقل مليون مسلم في معسكرات تأهيل لا تحترم أبسط حقوق الانسان، أكان سيصدر عنكم كل هذا الضجيج؟
فلتطالِبوا ولاة أموركم بالكف عن شيطنة حماس، ولتطالبوهم بدعم المقاومة والشعب الفلسطيني، ثم بعد ذلك فلتحاسبوا حماس إذا تقاربت مع إيران، وسنكون أول من يُحاسبها معكم، وإن لم تفعلوا فأنتم وسادتكم من المُطففين، وأُعمّم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

*كاتبة أردنية

الدولة أم الحزب من يصدّر أزمته للآخر في الجزائر؟

Posted: 25 Nov 2018 01:02 PM PST

يخبرنا التاريخ السياسي للجزائر أن الحزب السياسي لم يكن مهما دائما، بل على العكس تماما، فجيش التحرير كان أهم بكثير كقوة سياسية من جبهة التحرير، أثناء ثورة التحرير. التاريخ نفسه الذي يخبرنا أن فشل الأحزاب السياسية أثناء فترة الحركة الوطنية في حل المسألة الوطنية، هو الذي أقنع الجزائريين، وهم يعيشون تحت وطأة استعمار استيطاني، بالتوجه نحو العنف الثوري، كحل أخير على حساب الحلول السياسية، بكل بالأدوار التي تفترضها، وعلى رأسها الحزب السياسي والانتخابات، بما تحيل إليه من حضور للنخب السياسية، بدل النخب العسكرية، التي فرضت سيطرتها على المشهد السياسي في الجزائر من تلك اللحظة المؤسسة.
الاتجاهات التاريخية الثقيلة نفسها، استمرت في العمل بعد الاستقلال، باستثناء ومضات قصيرة من الحياة السياسية الوطنية، التي حاول فيها الرئيس بن بلة منح أدوار سياسية للحزب في سنوات الاستقلال الأولى. وهي المحاولة التي قام بها الرئيس الشاذلي باحتشام كبير، في بداية عهدته الرئاسية الأولى. عكس فترة حكم الرئيس بومدين، الذي كان الخطاب السياسي أثناءها يفضل الحديث عن “جهاز الحزب” وهو يتكلم عن حزب جبهة التحرير كحزب حاكم.
جهاز الحزب الذي منح خلال تلك الفترة المهمة من تاريخ الجزائر السياسي، للنخب السياسية المعربة التي يغلب عليها الطابع الريفي والمحافظ، عكس الادارة والاقتصاد، التي منحت لنخب مفرنسة أكثر عصرية، ما ولّد تلك الانقسامية التي وظفها بومدين كأداة تسيير سياسي لتوطيد حكمه الشخصي، على حساب المؤسسات حتى وهو ينجز مهام بناء الدولة الوطنية. الاعتراف بالتعددية الحزبية في نهاية الثمانينيات، لم يغير من مكانة الحزب جذريا داخل مؤسسات النظام السياسي الجزائري، فقد بقي الحزب السياسي على الهامش، حتى عندما يتعلق الأمر بقرارات سيادية تمس حياة الحزب الداخلية، كانتخاب قيادته أو إبعادها عندما يحين وقت التخلص منها، كما ساد مع كل الأمناء العامين لحزب جبهة التحرير تقريبا بعد الاستقلال. وتكرر منذ وقت قريب عندما أقيل جمال ولد عباس من قيادة الحزب، الإقالة نفسها التي تعرض لها قبله عمار سعيداني وعبد العزيز بلخادم وعلي بن فليس وعبد الحميد مهري، إلى آخر القائمة المعروفة. بتدخل مباشر من مراكز قرار خارج الحزب. ما ينطبق على الأشخاص، ينطبق على مؤسسات الحزب الداخلية، كالمكتب السياسي واللجنة المركزية، التي يسمع اعضاؤها بإقالة أمينها العام في الصحافة اليومية، كأي مواطن جزائري عادي. حتى عندما تكون اللجنة المركزية في حالة انعقاد، كما حصل عندما أبعد عمار سعيداني وعين بدله جمال ولد عباس في 2016. الذي يحار الإعلام الجزائري في وصف حالته هل هو مقال أم مستقيل أم مبعد في منزله؟
واقع حال فرخّ حالة اضطراب سياسي دائمة داخل الحزب السياسي، لا تمس أحزاب السلطة فقط، كجبهة التحرير الوطني، بل كل الأحزاب السياسية الجزائرية المعارضة أو الموالية، التي تتعرض لعمليات “اختراق” دائمة من قبل مؤسسات الدولة، عندما تقرر تصدير أزماتها الى الأحزاب السياسية، كما حصل في 1999 بالنسبة للتجمع الوطني الديمقراطي، أو جبهة التحرير في 2003. أزمات سرعان ما انتقلت إلى البرلمان، الذي عادت إليه بعض حيويته بمناسبة هذه الهزات التي عاشتها أحزاب السلطة. أحزاب سياسية ليس مقبولا منها الاستقلال في قراراتها، خاصة عندما تأتي هذه الاستقلالية من قيادات تتمتع بالحد الأدنى من الكاريزما والحضور السياسي. كما حصل عدة مرات للشيخ عبد الله جاب الله، الذي تعرض إلى ملاحقة مستمرة، أبعدته من حزب النهضة الذي أسسه في بداية الاعتراف بالتعددية الحزبية بداية التسعينيات. ملاحقة لم تتوقف معه عندما أسس حزب الإصلاح الذي غادره لتكوين حزب العدالة والتنمية الذي يقوده حاليا باحتشام كبير، أثر سلبا على حضوره السياسي. واقع الحال نفسه حصل مع نور الدين بركروح، الذي أًبعد من قيادة حزب التجديد، وغيره من قيادات الأحزاب الأخرى التي يطول ذكرها كلها. عمليات اختراق قاومتها في المقابل، قيادات حزبية أخرى بنسب نجاح متفاوتة. تركت آثارها على الحياة الديمقراطية داخل هذه الأحزاب، جعلت الكثير من النخب الجزائرية، تبتعد أكثر عن العمل السياسي والحزبي التي لا تهتم به في الأصل. سيناريوهات عاشتها جبهة القوى الاشتراكية وحركة مجتمع السلم، بعد وفاة زعيمها الشيخ محفوظ نحناح، عندما انشقت عدة شخصيات، لتكوين أحزاب سياسية ضعيفة، ومن دون تأثير فعلي على الحياة السياسية الوطنية، داخل العائلة الإخوانية، رغم الانضباط الذي ميز إطارات العائلة الحزبية تاريخيا.
ما يسترعي الانتباه هنا أن فترات استفحال الأزمات التي يعيشها النظام السياسي بانتظام، هي التي تفرخ هذه “الانقلابات العلمية” ضد قيادات الاحزاب لإعادتها إلى “بيت الطاعة” عندما تظهر عليها علامات استقلال، لم يقبل بها النظام السياسي حتى وهو يعترف بالحزب السياسي قانونيا، منذ ربع قرن. صورة ازدادت قتامه هذه الأيام، بعد ظهور علامات تصدير أزمة جبهة التحرير إلى البرلمان الذي أقيل رئيسه بشكل سيترك آثارا من الصعب محوها على هذه المؤسسة، التي لا تتمتع بشرعية كبيرة لدى الجزائريين. وهي الأزمة نفسها التي بدأت مؤشراتها في الوصول الى الحكومة بعد تعرض رئيسها الى هجوم من قبل وزير جبهوي، ترشحه الشائعات إلى مواقع سياسية مهمة داخل الحزب والجهاز التنفيذي.
حرب المواقع داخل هذه المؤسسات السياسية التي يبقى المواطن الجزائري بعيدا عنها، يتفرج عنها فلا الانخراط في الاحزاب يعنيه (اثنين في المئة فقط من الجزائريين منخرطون في الأحزاب، نسبة تقل إلى 1 في المئة فقط عندما يتعلق الأمر بالشباب، حسب آخر الاستطلاعات) ولا الانتخابات تهمه حتى عندما يتعلق الأمر بانتخابات يتم الترويج لها كانتخابات سياسية مهمة، كما هو حال رئاسيات 2019 التي سيحسم أمرها قبل إجرائها في حالة ترشح الرئيس بوتفليقة لها. انتخابات سيتحول التحدي الرئيس فيها إلى البحث عن مرشحين لها يكسبونها بعض الشرعية، في غياب المواطن الذي تكيف معه النظام السياسي ولم يعد يعني له الشيء الكثير، بعد أن فقدت الانتخابات أي دور جدي لها كوسيلة تغيير سياسي.

*كاتب جزائري

إذا أخفقت العقوبات هل تهاجم أمريكا إيران في سوريا ولبنان؟

Posted: 25 Nov 2018 01:01 PM PST

ماذا تريد الولايات المتحدة من إيران؟ تطرح الاستخبارات الإسرائيلية، وفق صحيفة “هآرتس” (9/11/2018)، فرضيتين: الأولى حملُ إيران على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي لإملاء شروط أكثر صرامة عليها، تتعلق بإجراءات التطبيق والرقابة. الثاني إسقاط النظام في طهران في إطار “وثيقة بومبيو”، أي خطة النقاط الـ 12 التي نشرها وزير الخارجية الأمريكي، بعد إعلان رئيسه ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي في شهر مايو/أيار الماضي. واشنطن تأمل في أن تؤثر العقوبات سلباً في الاقتصاد الإيراني، ما يحمل طهران على التراجع.
إذا لم تتأثر إيران أو تتراجع، كما يؤكد معظم قادتها، فهل يدفع إخفاق العقوبات الولايات المتحدة إلى محاولة مواجهة واستنزاف إيران وحلفائها في محور المقاومة، على ساحات سوريا ولبنان (وربما العراق) لإضعافها وتقويض قدراتها؟
“إسرائيل” واثقة بأن أحد المرامي الرئيسة لحملة الولايات المتحدة على إيران، حماية ما يسميه المسؤولون في واشنطن وتل أبيب “أمن إسرائيل القومي”. فما أن دخلت الموجة الثانية من العقوبات الامريكية حيز التنفيذ في مطلع الشهر الجاري، حتى سارع بنيامين نتنياهو إلى الترحيب بها، وامتداح دونالد ترامب على إطلاقها، ذلك أن قادة الكيان الصهيوني يدركون أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي حيال حملة أمريكا وعقوباتها ضدها، وأنها قد تقوم، بحسب العميد رونين أيستيك، القائد السابق للواء المدرعات، بخلق مصاعب لـِ”اسرائيل” كتوفير أسلحة متطورة لـ”حماس” و”حزب الله”، و”لا أحد يعرف متى سيقرر هؤلاء استخدام ترسانة الأسلحة التي راكموها”. في هذا السياق، تحدث نتنياهو بعدما عيّن نفسه وزيراً للأمن (أو الحرب) بديلاً من أفيغدور ليبرمان المستقيل، عن “المعركة الأمنية الدائرة وعن الحاجة إلى التصرف بمسؤولية”. وقد فسّر أيستيك “المعركة الأمنية” التي أشار إليها نتنياهو بأنها “تعني احتمال مواجهة حركة حماس في الجنوب وحزب الله في الشمال في إطار ما تطبخه إيران من رد شامل على ما تحوكه أمريكا و”اسرائيل” ضدها من عقوبات وسيناريوهات هجومية” (صحيفة “يسرائيل هيوم”، 18/11/2018 ).
في موازاة هذه التقولات بشأن ما “تطبخه” إيران وكيف تعتزم “إسرائيل” الردّ عليها، كشف نتنياهو خلال جلسة مغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست يوم الاثنين الماضي ما اسماه “اقتراحاً روسياً” تلقته الولايات المتحدة حول فكرةٍ لإخراج إيران من سوريا ومنعها من التمركز العسكري فيها مقابل تخفيف العقوبات الامريكية عليها.
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف رد على نتنياهو بتصريح لم يؤكد فيه، كما لم ينفِ “الاقتراح الروسي” المذكور، موضحاً بأنه “كانت لدينا اتصالات وأفكار طرحت على طاولة البحث، وقد تكون قريبة من فكرة الاقتراح، لكنها لم تُستكمل”. الكشف عن “الإقتراح الروسي” كشف بدوره حقائق أخرى أبرزها ثلاث:
ـ إن طاولة البحث التي ضمّت مندوبين روساً وأمريكيين لم تُدعَ إليها (وربما لم تستشر بشأنها مسبقاً) إيران وسوريا، الأمر الذي أثار امتعاضهما، فسارعت الخارجية الروسية إلى إصدار بيان توضيحي يُفهم منه حرص موسكو على مراعاة مصالح إيران في سوريا كون البلدين مستهدفين بعقوبات أمريكية.
ـ إن الولايات المتحدة أدركت عدم جدوى عقوباتها في إكراه إيران على تغيير سياستها، ما حملها على البحث عن طريقة بديلة لتحقيق بعض مراميها بالسياسة، ما عجزت عن تحقيقه بالعقوبات.
ـ إن نتنياهو كان على علمٍ بطبيعة الحال بطاولة البحث الامريكية – الروسية وبـ”الاقتراح الروسي”، الامر الذي حمله على التلويح لغرمائه ومنافسيه في “اسرائيل” بما اسماه “المعركة الأمنية”، ويعني بها ما يمكن أن يترتب على إقرار “الاقتراح الروسي”، أو عدم إقراره من تداعيات سياسية وأمنية قد تستوجب في رأيه، عدم حلّ حكومته لتفادي الانشغال بمعركة انتخابية غير مأمونة النتائج والعواقب.
إن كل التطورات والاحتمالات سالفة الذكر، لها انعكاسات سلبية وإيجابية، والأرجح أن إيران وروسيا قادرتان على التعامل معها بما يخدم مصالحهما المشتركة في وجه الخصم المشترك، الذي هو الولايات المتحدة، لكن ثمة سؤالاً لا بد من طرحه: أليس من حق سوريا، بعد الحرب المدمرة التي جرت فيها وعليها، ألاّ تكون بأي شكل من الأشكال ساحةً لتصفية الحسابات، وعقد الصفقات بين أمريكا وروسيا وغيرهما من دول كبرى أو إقليمية؟ وإذا كان حقها هذا ساطعاً وقاطعاً، كيف السبيل إلى تحقيقه وحمايته وكفالة مفاعيله الوطنية والسياسية والاقتصادية، محلياً وعربياً وإقليمياً؟
لا شك في أن أطراف محور المقاومة محيطون بكل التحديات سالفة الذكر، وبمتطلبات مواجهتها، ولعلهم عاملون في هذا السبيل بلا إبطاء، مع ذلك أرى من الضروري التأكيد مجدداً على موقف القوى الوطنية والتقدمية الملتزمة خيار المقاومة والتحرير، ونهجهما الداعي والعامل بلا كلل من أجل اعتباره أولويةً أولى في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها الأمة. من هنا تستبين الحاجة الاستراتيجية إلى تمتين مرتكزات وتأمين متطلبات محور المقاومة بكل أطرافه، ولاسيما بين سوريا والعراق، بغية تحرير وحماية كامل التراب العربي في سوراقيا من مخاطر ومطامع الكيان الصهيوني العنصري العدواني، ومخططات تركيا الساعية إلى السيطرة على مساحات واسعة من الأرض والموارد الطبيعية في كِلا القطرين، وعلى طول حدودهما معها، وكذلك حمايتها من الولايات المتحدة التي تحتل أجزاء من شرق سوريا، بغية تنفيذ مخططات عدوانية تقسيمية تنال من وحدتها وسيادتها ومواردها الطبيعية من نفط وغاز، كما تهدد الأمن العربي القومي.

*كاتب لبناني

الضرائب في الأردن

Posted: 25 Nov 2018 01:00 PM PST

نريد إعادة خدمة العلم… ولكن!

Posted: 25 Nov 2018 01:00 PM PST

شهدت الأعوام الأخيرة (لا سيما بعد أحداث الربيع العربي) مطالبات شعبية ودعوات من النشطاء بإعادة العمل بالتجنيد الاجباري في الأردن، رافقتها تحذيرات من عدم وجود (قوات احتياط)، لا سيما مع عدم الاهتمام الكافي بما يعرف بالجيش الشعبي.
وقد تحدّث رئيس الوزراء مؤخراً عن إعادة العمل بخدمة العلم، مما أدّى إلى فتح الحوار مجدداً حول الجدوى من الخدمة في مقابل التكلفة التي ستتحملها الدولة.
إن الفكرة في حد ذاتها، كانت وما زالت مطلباً وطنياً مشروعاً بل وواجباً وطنياً، وكنت أحد الداعين إلى إعادة العمل بها منذ سنوات طويلة، ولكن ضمن مشروع وطني متكامل تتضافر فيه جهود مؤسسات الدولة جميعها، مع جهود المجتمع والمؤسسات الأهلية.
ولعل من المفيد التذكير هنا، بخطأ الفكرة القائمة على تغيير الجزئيات بدلاً من تغيير النظام ككل، ظناً أن تغيير عاملٍ رئيسي واحدٍ سيكون كفيلاً في تغيير الوضع الكلّي، كأن نقوم على سبيل المثال بنقل عائلة فقيرة من حي فقير، إلى شقة فاخرة، معتقدين أننا بذلك نكون قد حلّلنا مشكلة الفقر لدى هذه العائلة.
ولكن الحقيقة أنه بعد بضع سنوات، ستتحول الشقة الفاخرة إلى بيت فقير شاحب آخر، لا يختلف عن بيوت الأحياء الفقيرة، والسبب أننا غيّرنا العامل الخارجي فقط، بينما أبقينا على كل أسباب المشكلة (الدخل، التأمين الصحي، التعليم، الثقافة والتربية…الخ)
فإذا كان تفكير الحكومة ينحصر في إعادة خدمة العلم بالنظام نفسه القديم، فإن الهدف الرئيس من خدمة العلم لن يتحقق، وستكون مجرد مغامرة جديدة على الورق!
بالعودة إلى حديث رئيس الوزراء، أعجبني مصطلح (خدمة الوطن) الذي أطلقه على مشروع التجنيد الاجباري الجديد، وهي بالفعل كذلك، هي خدمة للوطن، والوطن غير محصور في المؤسسة العسكرية، وانطلاقا من هذا الفهم، يجب الوضع بالحسبان أن يتكامل هذا النظام بحيث يشمل ما يلي:

بناء ثقافة عسكرية للجيل الجديد

من أساسيات هذه المشروع العمل على تأهيل جيل الشباب ليكون مهيئاً من الناحية العسكرية والبدنية والنفسية، للقيام بواجب الدفاع عن الوطن وحماية مقدراته، لذا يجب أن ينطلق البرنامج بدورة عسكرية تدريبية، يتم من خلالها رفد المنتسبين بالمعلومات العسكرية والميدانية، وإكسابهم المهارات اللازمة واللياقة البدنية من خلال التدريبات العملية.
يتم بعدها توزيع الأفراد على الوحدات العسكرية المختلفة، بحيث تتخصص كل مجموعة في مجال معين (سلاح الطيران، المدفعية، المشاة…الخ).

الخدمة المدنية

يلي فترة الخدمة العسكرية، توزيعُ المنتسبين إلى المؤسسات الحكومية والمدنية المختلفة، كل حسب تخصصه، وذلك بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، بحيث تكون هذه الخدمة بمثابة تدريب عملي وخبرة ميدانية للمتخرجين الشباب برواتب رمزية. في المقابل تستفيد الدولة من القوى العاملة للمنتسبين.

خدمة المجتمع

خلال فترة الخدمة المدنية، ينخرط المشتركون في برنامج تطوعي لخدمة المجتمع من خلال المؤسسات الأهلية والخيرية المختلفة، بحيث يُشترط قضاء ساعات معينة في الخدمة التطوعية مع ترك المجال للمشترك نفسه في اختيار الخدمة والمؤسسة التي يرغب في خدمتها.
وأرى من المناسب أن تمتد فترة البرنامج لمدة سنة كاملة مقسمة على شقيها العسكري والمدني.
وبهذا يكون قد حقق البرنامج (خدمة الوطن) الأهداف المرجوة منه، ويكون اسماً على مسمّى، وسيشعر المنتسب إلى هذا البرنامج أنه قد خدم وطنه ومجتمعه حقيقةً، وعاد بالفائدة على نفسه أيضاً.
ولتحقيق ذلك، نأمل من الحكومة أن تقوم بإعداد خطة متكاملة تشترك فيها كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، وأن تطرح برنامجها الوطني بهدف رفد القوات العسكرية بعنصر الشباب من جهة، وبناء قوة احتياطية عسكرية (فاعلة ومؤثرة وليست مجرد أرقام)، مع خدمة مؤسسات الدولة المدنية ورفع مستواها، يضاف إلى ذلك خدمة المجتمع وتأسيس فكرة العمل التطوّعي في نفوس الشباب.
من جهة أخرى، أجد من الضروري القول ومن واقع تجربة شخصية: على القائمين على هذا المشروع أيضاً، الأخذ بالحسبان الوعي المتزايد للشباب من جيل هذا اليوم وحاجتهم إلى مدربين على مستوى عال من الثقافة العسكرية مع تقديم المعلومة بطرق حديثة، وأسلوب راق.
وهذا يتطلب هدم كل النظريات القديمة القائمة على إذلال المنتسبين وإجبارهم على التخلي عن شعورهم بالعزة والكرامة بحجة صقلهم وتخريج جيل «شديد» لا يخاف العدو!
إن التربية الوطنية لا يتم اكتسابها بالذل ولا يتم تجرّعها بالمهانة والتقليل من احترام الذات، كما أن الشجاعة في الميدان لن يتم اكتسابها بأي حال من الأحوال من جرّاء جرعات التخويف والوعيد والتهديد.
على العكس من ذلك، فالفرد الذي يتعلّم الذل والمهانة والخوف سيكون أول المغادرين لساحة المعركة حين تدق ساعة الحقيقة!
ولعلّنا نستبشر خيراً، مع وجود جامعة عسكرية متخصصة (جامعة مؤتة) وتوالي الأفواج المتخرجة منها، إذ أن من المفترض أن يؤثر ذلك إيجابياً على الكفاءات التدريبية والإشرافية في المؤسسة العسكرية، سيما أن التعامل مع جيل الحاضر من الشباب يتطلب مهارات مميزة في أسلوب التعامل وجذب انتباههم تمهيداً لانخراطهم بشكل فعال في خدمة «الوطن».
في النهاية، لا بد من تأييد هذا المشروع والشدّ على أيدي القائمين عليه، رغبةً في خدمة الوطن بشكل عملي وفعّال ومؤثر، مع اعتباره مشروعاً استثمارياً تتضافر فيه جهود المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة مع مؤسسات المجتمع، للاستثمار في القوة الشبابية الفعّالة بحيث تصب الفائدة في النهاية في مصلحة الوطن.
أما إذا كان التفكير هو مجرد عودة خدمة العلم كما كانت مع تغيير طفيف في الشكل والمسميات والمظاهر، فهي ليست سوى ذر الرماد في العيون، وهدر عمر الشباب بدون فائدة، بل على العكس إني لأظن والله اعلم أن المتخرجين من الشباب سيكونون بحاجة إلى إعادة تأهيل أكاديمي للعودة إلى مسارهم الطبيعي، هذا إن لم يحتاجوا إلى إعادة تأهيل نفسي واجتماعي!

كاتب ومُدوّن من الأردن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق