Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


جولة بن سلمان: الرفض الشعبي وفاتورة «المنشار»

Posted: 27 Nov 2018 01:15 PM PST

لا حاجة للبحث عن أي أسرار تكتنف الجولة العربية التي باشرها ولي العهد السعودي مؤخراً، ولا التفكير في الأسباب البعيدة أو القريبة التي تجعله يخرج من الوكر إلى العراء في هذه المرحلة بالذات، وإلى بلدان مثل الإمارات ومصر، أو إلى محفل دولي مثل قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس. وإذا كان من سرّ وحيد في هذه الجولة فإنه أسماء المحطات التي ستشملها، وهذا بدوره تفصيل مفضوح شبه معلن رغم التكتم الشديد الذي يحاط به.
فمن البديهي أن يزور بن سلمان تلك الأنظمة التي تتحالف مع سياسات المملكة، أو تخضع لها، أو تنخرط معها في مشاريع عسكرية وأمنية وسياسية واستثمارية، على شاكلة «تحالف المحمدين»، بن سلمان السعودي وبن زايد الإماراتي، ومغامراتهما في اليمن وليبيا، وما يسديانه من خدمات في التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وممارسة شتى الضغوط لتمرير «صفقة القرن». هنالك أيضاً تلك الأنظمة التي تتعيش على ملايين الرياض، وسبق لها أن باعت للمملكة الأرض والتاريخ وليس السيادة الوطنية والقرار المستقل فقط، على غرار حاكم مصر عبد الفتاح السيسي.
لكن بن سلمان يعرف أن الشعوب العربية في غالبية البلدان التي يحلم بأن يطأها واقعة تحت نير العسف والاستبداد وأجهزة القمع المتمرسة في كم الأفواه وقهر الإرادات، وإلا فإن كل شبر في أية عاصمة عربية سوف يتفجر ضده، رفضاً واستنكاراً وغضباً واحتجاجاً. ولأن بلداً مثل تونس يتلمس طريقه بتوأدة نحو تجربة شابة في الديمقراطية والتعدد وامتلاك حق الرأي والتعبير، رُفعت لافتات تقول «لا أهلاً ولا سهلاً»، ليس ضد حامل المنشار الذي أودى بحياة الصحافي السعودي جمال خاشقجي فقط، ولكن أيضاً ضد «جلاد النساء» الذي يزعم قيادة مسيرة «إصلاحية» في المملكة، ويدّعي امتلاك «رؤية» للمستقبل. حتى في مصر، حيث باتت أجهزة السيسي أشد شراسة من أسوأ عقود أنور السادات وحسني مبارك، لم يتلكأ الكتّاب والصحافيون وممثلو الرأي العام عن إسماع الصوت غير المرحّب بولي العهد. وكان امتلاء مواقع التواصل الاجتماعي بصورة حامل المنشار التي صارت تمثل بن سلمان خير تمثيل، وصورة أهرامات مصر وقد توشحت بالعلم السعودي، بمثابة طرائق في الرد بالغة السخرية والمرارة ابتدعتها مخيلة السخط الشعبي التلقائية.
وفي قمة بوينس آيرس سوف يرى بن سلمان بأم العين تعبيرات شعبية شتى رافضة لزيارته ومشمئزة من حضوره، فالرأي العام هناك أكثر انعتاقا من أن يسكت عن جريمة شنيعة مثل تلك التي أمر بن سلمان بتنفيذها وأودت بحياة خاشقجي. وبصرف النظر عن المصالح الاقتصادية التي قد تتيح لقاء ولي العهد بهذا أو ذاك من الزعماء المشاركين في القمة، فالأرجح أنه لن يجد عضيداً سوى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سوف لن يتأخر في تسطير الفاتورة ومواصلة هوايته في «حَلْب» خزائن المملكة.
لكن فاتورة إجماع الشارع الشعبي على رفض الحكام القتلة تبقى من طراز آخر، لا يصرفه التاريخ بالدولار.

زاد بُعدنا عن المرّيخ…

Posted: 27 Nov 2018 01:14 PM PST

أحسد الرجال والنساء العاملين في الفيزياء الفلكية أو في صناعة المركبات الفضائية. فاهتمامهم منصبّ على حقل يشهد تقدّماً مستمراً، وتصغر مشاكلنا في أنظارهم مثلما تبدو كُرتنا الأرضية من الفلك وكأنها كُرة قدم ملوّنة.
تأمّلوا: فبينما كان العاملون في الحقلين المذكورين يحتفلون قبل يومين بالنجاح الباهر الذي حققته وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» في إنزال المركبة الفضائية «إنسايت» على سطح المرّيخ، وهي في حالة سليمة (حتى الآن، على الأقل) بعد رحلة استغرقت ستة أشهر وثلاثة أسابيع اجتازت خلالها ما يقارب نصف مليار من الكيلومترات (أجل: خمسمائة مليون)، بينما كانوا يحتفلون بهذا الإنجاز العظيم، كنّا نحن، المهتمّون بما يتعلق بكوكبنا المسكين وبوجه خاص رقعته نصف الصحراوية التي يقطنها الناطقون باللغة العربية، نبحث في مآثر مثل هواية حكّامنا الأوباش في اقتراف المجازر أو اصطياد المعارضين أو تنافسهم على البقاء في السلطة في أعمار متقدّمة، كإصرار عبد العزيز بوتفليقة، البالغ من العمر إحدى وثمانين سنة، على ولاية رئاسية خامسة بعد أن قضى تسع عشرة سنة في رئاسة الجزائر حتى الآن، بينما يتربّع على عرش المملكة السعودية سلمان بن عبد العزيز الذي يزيد بوتفليقة سنّاً بسنتين (والحقيقة أن الحكم الفعلي في الحالتين يتولاه غيرهما) وبينما يرأس تونس رجلٌ سوف يحتفل يوم غد ببلوغه الثانية والتسعين من العمر. وكم كانت مصيبتنا كبيرة عندما فقدت منطقتنا العربية كأس أكبر حكّام العالم سنّاً بعد أن كنّا قد فزنا به من جرّاء الإطاحة بروبرت مغابي في زمبابوي، فخسرناه مع عودة مهاتير محمد إلى حكم ماليزيا وعمره يفوق عمر الباجي قائد السبسي بسنة وأربعة شهور!

نحن، المهتمّون بما يتعلق بكوكبنا المسكين وبوجه خاص رقعته نصف الصحراوية التي يقطنها الناطقون باللغة العربية، نبحث في مآثر مثل هواية حكّامنا الأوباش في اقتراف المجازر أو اصطياد المعارضين أو تنافسهم على البقاء في السلطة في أعمار متقدّمة

هذا وخلافاً للعاملين في حقل الفضاء الذين تصغر مشاكل الإنسانية في أنظارهم، تبدو مصائب منطقتنا العربية أعظم في أنظارنا على ضوء إنجازهم الرائع في إنزال مركبة مجهّزة بمختبر علميّ متكامل على سطح المرّيخ. ذلك أن هذا الإنجاز العُلويّ يحيلنا إلى عمق انحطاطنا الذي بتنا عاجزين عن سبر غوره. وكأنّ «إنسايت» زادتنا بُعداً عن المرّيخ بتعظيمها للمسافة التي تفصلنا عن بلوغ ذلك الكوكب؛ من حيث الزمان طبعاً، لا المكان.
بيد أن من يقول إننا لا زلنا نعيش في القرون الوسطى، إنما يخطئ أو لا يفصح سوى عن نصف الحقيقة. فإن «القرون الوسطى» مفهومٌ ينتمي إلى تقسيم للتاريخ منظوراً إليه من أوروبا الغربية (تحديداً، والأمر يختلف حتى في منظور أوروبا الشرقية) حيث كانت القرون بين الخامس الميلادي والرابع عشر، أي حتى النهضة الأوروبية، قروناً من الانحطاط بينما شهدت تلك القرون عينها ذروة التقدّم الحضاري في المنطقة الواسعة التي عرّبها الفتح الإسلامي. هذا ويصّح القول إننا لا زلنا نعيش في القرون الوسطى بمعنى أن مؤسساتنا السياسية لا زالت أقرب إلى تلك التي شهدها ذلك العصر منها إلى الحداثة، وبمعنى أن أنظمة التجهيل والتعتيم الفكري التي تسودنا جعلت قسماً كبيراً من سكّان منطقتنا يتصرّفون وكأنّ أفقهم الفكري توقّف عند العصر الوسيط وإقفال باب الاجتهاد، وهم يسعون سُدًى لتقليد ذلك العصر ويحاولون عبثاً رجوع القهقرى بالتاريخ.
أما في المقابل، فما أبعدنا عن القرون الوسطى من حيث مرتبتنا من الإسهام في الحضارة الإنسانية وعلوم الطبيعة! وكم هو مرٌّ بكاؤنا على أطلال أمجاد أسلافنا في الأزمنة الغابرة قياساً بالدرك الأسفل الذي بلغناه في هذا القرن الواحد والعشرين (الخامس عشر الهجري). وقد جاء هبوط «إنسايت» على سطح المرّيخ يذكّرنا بأن منطقتنا أنجبت بعض كبار علماء الفلك قبل العصر الحديث، أمثال ثابت بن قرة ومحمد بن جابر بن سنان البتّاني وإبراهيم بن يحيى الزرقالي وتقي الدين الشامي، من العصر العبّاسي وحتى بدايات العصر العثماني، وقد اشتهروا لدى الأوروبيين الذين استوحوا من دراساتهم في نهضتهم العلمية. أما لو فكّرنا فيمن هم مشاهير العرب الأحياء في زمننا الراهن لجاءت إلى بالنا أسماء كأبو بكر البغدادي وبشّار الأسد وعبد الفتّاح السيسي ومحمد بن سلمان… وما أبلغ دلالتها على أحوالنا.

كاتب وأكاديمي من لبنان

الخليج بين التطبيع والتقطيع

Posted: 27 Nov 2018 01:13 PM PST

من الخرطوم نفسها التي أعلنت منها القمة العربية أواخر أغسطس/ آب عام 1967 «اللاءاث الثلاث» (لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف)، يصدر نفي من قيادي بالمؤتمر الوطني السوداني، الحزب الحاكم في السودان لصحّة الأنباء التي نقلتها الإذاعة الإسرائيلية عن اعتزام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة الخرطوم. مفارقة معبرة للغاية تعكس نوعية المسافة التي قطعها العرب منذ تلك القمة قبل خمسين عاما، ليس فقط لأن الصلح تم والتفاوض تم والاعتراف تم بل لأن الأمور تطورت أكثر من ذلك بكثير فصارت لقاءات وزيارات وأخيرا استثمارات.
ما قاله القيادي السوداني عبد السخي عباس من أن نتيناهو لا يمكنه زيارة السودان، وإن موقف بلاده واضح من العلاقات مع إسرائيل، ويرتبط ارتباطًا جذريًا بالقضية الفلسطينية، كلام يكاد يكون قد انقرض الآن في ساحة التداول الرسمي بغض النظر عن مدى صدقه.
يقال هذا أيضا في وقت تلقّى فيه وزير الاقتصاد الإسرائيلي /إيلي كوهين/ دعوة رسمية لزيارة البحرين في منتصف شهر أبريل/ نيسان المقبل، للمشاركة في مؤتمر عالمي على مستوى وزاري، وفق مصادر إسرائيلية، فيما نقلت صحيفة «إسرائيل ها يوم» عن مسؤول لم يُكشف عن اسمه، قوله إنّ إسرائيل تعمل على إقامة علاقات دبلوماسية مع البحرين، دون صدور نفي من المنامة.
وإذا كانت آخر محطات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية هي زيارة الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى هناك قبل أيام، فإن إقدام دول إفريقية وغيرها على هذا التطبيع بعد عقود من مسايرتها الدول العربية في مقاطعتها إسرائيل على كل الأصعدة تقريبا ما كان ليتم، بهذه الجرأة على الأقل، لولا الخطوات المختلفة التي قامت بها الدول العربية في هذا الاتجاه ولا سيما دول الخليج العربية.
دعنا من مصر والأردن فلكلاهما لديه معاهدات سلام وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ سنوات لأن المشكلة الحالية هي بالدرجة الأولى في منطقة الخليج الذي شكلت دوله العربية، وبالذات السعودية، السند المالي الأقوى لمنظمة التحرير الفلسطينية و كذلك السياسي في المحافل الدولية إلى جانب الدول العربية الأساسية، غير أن هذه «الخاصرة المالية و السياسية» تراجعت في السنوات القليلة الماضية بنحو متسارع حتى أصبحت تشكل الآن نقطة الضعف الكبرى في الموقف العربي و نقطة الضعف القاتلة بالنسبة إلى الفلسطينيين، إلى جانب انقسامهم السخيف.

بروز أسماء «متصهينة» بالكامل داخل المجتمعين السعودي والإماراتي تعلن على الملأ في مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبها بهذا التطبيع

بعد اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، شرع عدد من الدول الخليجية والعربية من بينها قطر وعمان وتونس والمغرب في ما قالت إنه مد للجسور مع إسرائيل لتشجيعها على مزيد من الخطوات في مسار التسوية فعقدت من هذا المنطلق لقاءات متعددة مع مسؤولين إسرائيليين، كما زار مسؤولون إسرائيليون عواصم عربية على غرار زيارة شمعون بيريس إلى الدوحة، كما فتحت «مكاتب تجارية» إسرائيلية في مسقط والدوحة و تونس. كل هذا المسار سرعان ما انتكس بعد اندلاع «انتفاضة الأقصى» عام 2000 وحصار الرئيس ياسر عرفات ورحيله الدرامي عام 2004 لكنه هاهو «ينتعش» من جديد مع زيارة نتنياهو الأخيرة المفاجئة إلى مسقط وقرب زيارته إلى المنامة على ما تقوله الدوائر الإسرائيلية.
ومع ذلك، لم تنقطع الصلات بالكامل، كانت بعض المناسبات الرياضية الدولية في قطر والإمارات والبحرين فرصة لحضور وفود إسرائيلية وعزف نشيدها الوطني ورفع علمها وهي أمور ما كان يتصور حدوثها في السابق رغم تحجج هذه الدول بأن قوانين مثل هذه المناسبات لا تسمح لك بإقصاء بلد بعينه منها. وإذا كان من الوارد التماس «بعض العذر» في هذا المنطق، ولو جدلا، فإن انخراط دول خليجية في ما هو أبعد بكثير من ذلك أدخل التطبيع الخليجي مع إسرائيل مرحلة نوعية مختلفة أخطر من ذلك بكثير.
لقد دخلت السعودية والإمارات ومن ورائهما البحرين في الفترة الماضية في مسار من الصعب التهوين من شأنه حتى وإن التزمت القيادة الفلسطينية الصمت بشأنه لوضعها الصعب على كل المستويات. تجاوزت الأمور مجرد زيارة وزيرة إسرائيلية لمسجد الشيخ زايد أو ذاك الكلام الخطير الذي قاله الأمير محمد بن سلمان عن القضية لوفود مختلفة التقت به وإنما تحولت إلى انخراط شبه كامل مع المعسكر الآخر لتصفية القضية بالتنسيق الكامل مع الرئيس الأمريكي و «صفقة القرن» التي يبشر بها مستعينين بالقيادة المصرية المسايرة لهما في هذا التوجه.
يحدث هذا في وقت تتدهور فيه باستمرار أوضاع حقوق الانسان في كل من الرياض وأبو ظبي بعد موجة الاعتقالات لكل صاحب رأي مختلف وبعد جريمة التقطيع البشعة للكاتب الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول. أما الجديد فعلا في مسار التطبيع فأمران على قدر كبير من الوجع: الأول بروز أسماء «متصهينة» بالكامل داخل المجتمعين السعودي والاماراتي تعلن على الملأ في مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبها بهذا التطبيع وتلعن كل ما له صلة بـــ «الكضية»، في إشارة استهزاء بالقضية الفلسطينية، أما الثاني فدخول الامارات مجال الاستثمار مع إسرائيل بعد تمويلها مؤخرا خط الغاز الذي يربط إسرائيل بأوروبا. يحدث هذا في وقت تتنامى فيه حركات الدفاع عن الحريات في كل أنحاء العالم وكذلك حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا.. يا عيب الشوم!!

كاتب وإعلامي تونسي

«كبار» الأردن وإسطوانة… «الأمن والضريبة»

Posted: 27 Nov 2018 01:12 PM PST

حتى خبير مالي استثنائي من وزن الدكتور أمية طوقان يستطيع استلهام قدراته التعبيرية على المجاز اللغوي ما دام قادرا على تقديم 25٪ نسبة ضريبة إذا طالبته الحكومة بـ20٪.
هذا الكرم الضريبي المباغت المنقول صحافيا وتلفزيونيا لم يلمسه المواطن الأردني إطلاقا من الدكتور الفاضل عندما كان وزيرا للمالية أو مسؤولا عن الإدارة المصرفية في المملكة طوال سنوات حيث لم نسمع أن عضو مجلس الأعيان الدكتور طوقان وهو أحد القامات الوطنية بكل حال «تبرع» يوما براتبه للحكومة أو الخزينة.
يبلغ طوقان الأردنيين بفكرته عن دفع أكثر من المطلوب تحت بند الضريبة للحكومة من باب واحد طالما استخدم لجلد المواطنين البسطاء والفقراء وتخويفهم وهو «الأمن والاستقرار» اللذان لا توفرهما الحكومة ولا مجلس الأعيان بكل الأحوال بقدر ما يوفرهما ثنائي منسجم ومتصالح مع ذاته عندما يتعلق الأمر بالأمن الداخلي يمثل الناس وشرائحهم أولا والأجهزة الأمنية التي تتحمل العبء الأكبر من تداعيات ونتائج المغامرات التي يقررها مسؤولون وسياسيون تنفيذيون طوال الوقت كان الوزير طوقان أحد أبرزهم خلال الـ20 عاما الماضية.
عمليا لا يمكن إلا توجيه التحية للدكتور طوقان على «إحساسه الوطني الضريبي» المرتفع الذي حدثنا عنه كأردنيين.
لكن مثل هذه اللهجة ومع الاحترام لمن يتحدث بها لا يمكنها بناء المصداقية المفقودة ما بين السلطة والشعب ولا تأسيس علاقة إنتاجية حقيقية بين الدولة والفرد.
وطبعا لا يمكنها الانطلاق إلى الأمام حسب توجيهات القيادة.
أحد الوزراء في الماضي كان مصروف «كلبته» ينفق على ثلاث عوائل أردنية فقط.
وحجم وزراء الحكومة الأردنية يزيد بضعفين عن الوزارة التي تدير دولة عملاقة مثل الصين وبضعف عن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من يحملون لقب «معالي» في الأردن بسبب المحاصصة البغيضة و«الغنج الاجتماعي» وتحالفات الإدارة مع نخب المناطق والعشائر يمكن توزيعه على قارتين.
بنفس الوقت يقضي بعض الوزراء جل وقتهم في الخارج والمياومات والسفرات التي يحظى بها المسؤول الأردني وهو يمثل مملكة النشامى في مؤتمرات لا معنى لها تصلح لتمثيل دولة نفطية بامتياز. مطالبة المواطن بالتقشف ضرورة ملحة.
لكن الملح أكثر وطنيا مطالبة الحكومة بالتصرف والانفاق خصوصا على الترفيات ودجل التمثيل وفقا لمقياس الاقتصاد والوضع المالي.

لقد ضجر المواطن الأردني من «اسطوانة» تهديده بين الحين والآخر باللعبة القديمة حيث التصعيد الضريبي في كفة والأمن والاستقرار في كفة أخرى

لقد ضجر المواطن الأردني من «اسطوانة» تهديده بين الحين والآخر باللعبة القديمة حيث التصعيد الضريبي في كفة والأمن والاستقرار في كفة أخرى.
هذه واحدة من أكثر النغمات بؤسا في موسيقى النخب الأردنية ونشكر الدكتور طوقان وغيره من سكان الطبقات العليا أن من الله علينا بالأمن والاستقرار لكن ليس بسببهم أو بسبب الضريبة فالأردني مستعد لدفع الدم وليس المال فقط مقابل صفاء الأمن.
ومن أجل تمكين الأجهزة الأمنية التي تحرس الجميع وتحمي الجميع في الدولة والنظام والناس والمجتمع بأقل الإمكانات المالية وفيما يتحكم مغامرون بيروقراطيون خدمتهم الصدفة بمصير البلاد والعباد عبر سلسلة من القرارات الخاطئة والمجازفات التي لا معنى لها والتي لو سئل الأمني العميق عن بعضها لما برزت المعاناة.
لم تعجبني يوما نغمة المقايضة التي يعرضها بعض كبار اللعبة من الذين تشكل مسيرتهم المهنية والسياسية والبيروقراطية اصلا حجة على أخطاء الدولة وخلل المسيرة وبعنوان «إدفع ولا تتكلم» أو بعنوان «الدفع قبل الرفع» حيث ابتزاز بغيض لا مبرر له لأن المعادلة أصلا قديمة وينبغي أن نصدق عشرات الأردنيين الأوفياء وهم يعيدون التذكير أن «المواطن أصلا هو الذي يمول الدولة» منذ عقود وبكل الأحوال.
لا معنى إطلاقا مع الاحترام لجميع رموز التخويف والإرتجاف وهم كثر عمليا في الإعلام والسياسة والبرلمان لمحاولة تمرير الضريبة الجديدة أو تبرير رفع الأسعار على أساس «تخويف» الأردني على أعز ما يملك وهو عنصر الأمن والاستقرار.
هذه حجة الضعفاء وعبارات تمثل كلام البسطاء ولم تعد «تخرط مشط» الشارع الأردني بل وتسيء للإدارة قبل الشارع.
المقايضة هنا في غير مكانها والأردن اليوم يحتاج لـ«كلمة حق» عند السلطان وأمام مرآة الواقع والذات ومن غير المعقول أن تستمر بعض النخب سواء اكانت في الإدارة أو مجلس الأعيان او النواب أو غيرهما بالتفكير والقول استنادا إلى «المعلبات القديمة» في الوقت الذي يستمع فيه الجميع للقيادة العليا وهي تشخصن الواقع بجرأة أكثر من جرأة الوزراء والأعيان وتدعو للمضي قدما وتقر بحصول «أخطاء في المسيرة».
تخويف المواطنين على ورقتهم الأمنية الغالية لم يعد منتجا في تبرير ضعف الأداء والإدارة فالوزير الأردني أو حتى عضو مجلسي النواب والأعيان لا يعرف لماذا أصبح في مكانه ولا لماذا ولا متى سيغادره.. ما دام الوضع كذلك سنبقى ندور في نفس منطقة الاشتباك الكلاسيكية مع أزمة الأدوات والحكم التي نتجت عنها مجمل تفصيلات المشهد الحالي البائس.
تعزيز ثقة المواطن بمؤسساته الأمنية هو الأفضل.
وإذا أراد الدكتور طوقان أو غيره التغني بنعمة الأمن والاستقرار عليه تقديم إجابة صريحة على أسئلة الناس المعلقة بدلا من العودة مجددا لعلبة الكلاسيكيات التي تصلح اليوم للمتحف وليس لإقناع أصغر أردني أو للتعاطي مع الواقع.

إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»

لماذا فشلت زيارة بن سلمان لتونس؟

Posted: 27 Nov 2018 01:03 PM PST

إن ثبت بالفعل أنه عرض عليها أن يضع في بنكها المركزي وديعة بملياري دولار، ويضخ لها شحنات من البترول بأسعار تفاضلية، ويرسل لجيشها بعض الطائرات، حسب ما أوردته صحيفة محلية، فهل سيكون طبيعيا جدا بعدها أن تفتح الدولة المأزومة ذراعيها وتقول لزائرها الشرقي أمام كرمه السلماني المفاجئ: «حللت أهلا ونزلت سهلا»، حتى وهي تعلم علم اليقين أن ضيفها هو قاتل خاشقجي وكثيرين مجهولين غيره؟ من المؤكد أنه لم يكن من باب الصدفة أبدا أن يخطط محمد بن سلمان في مثل هذا الظرف بالذات لزيارة مثل تلك التي قادته إلى تونس، فلا احد كان يظن أن درجة الغباء الاستراتيجي كان سيجره لأن يخطأ العنوان في مسألة تبدو مفصلية في تحديد مستقبله السياسي، فيخلط عن سوء تقدير بين الدول التي تواليه طوعا، وتلك التي قد تفعلها كرها وربما مواربة واضطرارا، ويضعها تلقائيا معا وبشكل عفوي في سلة واحدة.
فقد كان يعلم من دون أدنى شك مثلا أن محكمة العدل الدولية لم تنتقل بعد إلى تلك الدولة الصغيرة حتى يفكر في زيارتها والمثول أمام قضاتها لينزلوا به الحكم الذي يستحق في جريمة القنصلية، بل كان على يقين تام بالمقابل من أنها ما زالت على عهدها في لاهاي، وواثقا جدا أيضا من أنه خرج لغرض آخر بعيد تماما عما كان يفترضه التسليم بمنطق العدل والإنصاف. فهو لم يخطط في الأصل لجولته الأولى بعد جريمة إسطنبول حتى يتطهر من ذنب خاشقجي وأطفال اليمن، وذنوب كثيرة أخرى تلاحقه كظله، وحتى يقر بها مقدما نفسه للقضاء الدولي، بل فعلها ليكابر ويعاند ويدعي أن لاشيء يستدعي القلق والحيرة، ويثبت لنفسه قبل غيره أنه مازال قويا بما يكفي لأن يتنصل بسرعة من جرائمه ويلصقها بآخرين، ويجعلها مجرد أخطاء فردية بسيطة لا تستوجب شيئا عدا الإدانة اللفظية المحدودة، وربما التضحية إن لزم الأمر ببعض الرؤوس. وكان واضحا أنه اراد من وراء ضم تونس بالذات لتلك الجولة الاستعراضية أن يصور دخوله المهيب لقصر قرطاج وجلوسه، ولو لبعض الوقت إلى عميد رؤساء العرب وكبيرهم، الذي طالما افتخر بانه الوحيد المنتخب فيهم ديمقراطيا، على أنه نصر شخصي لإرادة المنشار على إرادة الشعوب، وأنه الدليل على أن لا فرق أبدا متى تعلق الأمر بالحفاظ على كرسي النظام بين زعيم عربي وآخر.
ولأسباب مجهولة لم يمتلك المحيطون به الشجاعة الكافية ليكشفوا باكرا عن برنامج الرحلة، التي يفترض أن تقوده في الأخير للأرجنتين، وربما لم يكن مثل ذلك التصرف المريب فارقا أو مهما في حالة الإمارات أو البحرين، ولكن كبار المسؤولين في تونس حاولوا جاهدا أن يداروا حجم الإرباك الشديد الذي سببه لهم ذلك القرار، وتجرعوا مرارة ساعات الزيارة القصيرة للأمير محمد بن سلمان لبلدهم، وظلوا يقولون مرة بعد أخرى أنهم كانوا دوما وأبدا حريصين جدا على الحفاظ على علاقة، لم يشك أحد في أنها كانت على مدى السنوات الأخيرة أضعف وأوهن ما يكون، مع مملكة لم تبد أي ارتياح لأي ربيع عربي، أو يرددوا بصيغ مختلفة المعنى نفسه الذي حملـــه تصـــريح وزير خارجيتهم قبل نحو شهر من الآن، في أول موقـــف رسمي على جريمة اغتيال الصحافي جمال خاشقـــجي، بأن «تونس تدين مقتل خاشقجي خصوصا أنها جريمة ضد صحافي» قبل أن يستدرك «ولكـــن السعــودية تفاعلت إيجابيا وفتحت تحقيقا.. ولكننا نقول أيضا إنه ينبغي عدم استغلال ذلك الحادث لاستهداف السعودية وأمنها واستقرارها، فهي دولة مهمة جدا في المنطقة والعالم».
وزاد التضارب الحاد الذي لاح بوضوح بين ما جاء في بيان الديوان الملكي السعودي الخميس الماضي، من أن جولة ولي العهد الخارجية، التي بدأت في اليوم ذاته من الإمارات، وكانت تونس واحدة من محطاتها تأتي «بتوجيه من الملك سلمان بن عبد العزيز، انطلاقا من حرصه على تعزيز علاقات المملكة إقليميا ودوليا، واستمرارا للتعاون والتواصل مع الدول الشقيقة في المجالات كافة، واستجابة للدعوات المقدمة من اصحاب الجلالة والفخامة والسمو». وبين ما نقل عن أكثر من مصدر رسمي مطلع في أكثر من محطة إذاعية محلية، من بينها محطة «أكسبريس أف أم» من أنه «بطلب من السعودية فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيكون ضيفا على رئيس الجمهورية»، وإنه أي ولي العهد وحسب المصدر ذاته «سيتوقف بتونس لبضع ساعات قبل سفره للارجنتين، للمشاركة في قمة دولية، وقد طلب من تونس ملاقاة رئيس الجمهورية»، وزاد ذلك من حدة الغموض وفسح المجال لشتى التخمينات عن سر الزيارة وتوقيتها وعن المستفيد الأكبر منها، وكانت النتيجة هي أن الرأي العام المحلي والعربي ازداد يقينا بان صورة ديمقراطية الاستثناء العربي باتت على المحك، وأن الزيارة لم تكن سوى اختبار حقيقي لقدرة التونسيين على الحفاظ على شعلة ثورتهم ووهجها والصمود بوجه الإغراءات والوعود المالية الجذابة، في وقت يواجهون فيه أزمات وصعوبات اقتصادية واجتماعية جمة. وربما نجح ولي العهد السعودي هنا وبمجرد الإعلان غير الرسمي عن برنامج جولته الخارجية الأولى منذ جريمة القنصلية، في أن يحدث صدمة مقصودة ويحقق شبه انقسام داخل تونس حول أحقية قدومه لها من عدمه، وذلك بين من يرى أن بلاده أولى بدولارات الامير مادام مستعدا للدفع نظير خدمة رمزية هي تلميع صورته، ومن يصر على أن الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها. ورغم انه لم يكن ليدور بخلد الكثيرين أن الرسالة المفتوحة التي وجهتها نقابة الصحافيين إلى الرئيس التونسي، وأكدت فيها «استهجانها لزيارة ولي العهد السعودي كونه خطرا على الامن والسلم في المنطقة والعالم، وعدوا حقيقيا لحرية التعبير»، وأن الزيارة تمثل «اعتداءا صارخا على مبادئ الثورة»، ثم ما تلاها من تحركات مدنية كالوقفات الاحتجاجية وقرار بعض المحامين التقدم بقضية استعجالية لمنع بن سلمان من القدوم لتونس، والتفاعلات التي ظهرت، خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي ستكون هي الخيط الناظم لوصم زيارة الامير السعودي بالفشل، إلا أن ذلك هو ما حصل بالفعل. فلم يفلح بن سلمان رغم كل شيء في الوصول لهدفه الاساسي وهو «تبييض وجهه»، لانه طرق لسوء حظه الباب الخطأ وهو باب الرئيس، في حين انه كان يعلم جيدا أن تونس لم تعد تختزل في شخص واحد، وان مجتمعها الأهلي صار قوة ضغط لا يمكن الاستخفاف بها.
وهكذا فقد استعاد التونسيون بمقدمه وبزخم أقوى ما جرى لخاشقجي وما حصل ويحصل لأطفال اليمن من جرائم وكوارث على يد القاتل نفسه، وبدلا من أن تكون الزيارة مفتاحا لتوطيد العلاقات الاقتصادية، كما زعمت وسائل الإعلام السعودية فان الارجح انها ستكون شرارة لتحركات مدنية أقوى لن يكون من السهل أن تفل من عزمها أو توقفها، لا وديعة البنك المركزي ولا شحنات البترول ولا حتى الطائرات الموعودة لمن صار يلقب اليوم في تونس بأبي منشار.

٭ كاتب وصحافي من تونس

قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني… هل هذا وقته؟

Posted: 27 Nov 2018 01:03 PM PST

تشهد الضفة الغربية، حالةً احتجاجية واسعة، ضد ما يُسمى بقانون الضمان الاجتماعي، الذي أقرته الحكومة الفلسطينية في رام الله، وليس الهدف هنا التناول القانوني الاختصاصي للقانون، بقدر الإضاءة على الروحية والمنطلقات التي تحكم القرارات الحكومية في هذه المرحلة، إذ تتسم بقدر ملحوظ من الانفرادية بالرأي، فمثلا، لم يناقَش القانون في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو الجهة المُخولة بمناقشة وسن القوانين، ولا ضرورة ملحة لتجاوُز المجلس التشريعي، بمثل هذه القوانين التي أقل ما فيها أنها خلافية وجدلية (وهناك مطالبات بجعله، على الأقل، اختياريا).
هذا القانون يمضي في غياب استشراف آراء شرائح واسعة من المختصين، أو استمزاج آراء العمال، والدليل هذا الرفض الواسع له. وهذا التدفق الكبير إلى رام الله، رغم تدخل قوات الأمن، وإغلاق العديد من الطرق المؤدية إلى مجلس الوزراء، المكان الذي دعا الحراك إلى الاعتصام أمامه، وسط «استهجان الآلاف قرار الحكومة بمنع الحافلات من نقل عمال وموظفي الخليل، ومنع عمال وموظفي المحافظة الأكبر من الخروج من المحافظة، مؤكدين أن الحكومة لا تسعى إلى حل لأزمة الضمان، بل تسعى لتطبيقه بأي طريقة.
حصل الاحتجاج الغفير، بعد أن رفض الحراك الاتفاق الذي توصلت إليه كتل برلمانية والنقابات المهنية مع اللجنة الوزارية، والقاضي باستمرار الحوار حول قانون الضمان، وعدم إلزامية الاشتراك في القانون خلال مدة أقصاها 6 أشهر. وهو قانون يشمل العمال الفلسطينيين في القطاع الخاص، في مناطق السلطة الفلسطينية، ومنهم العاملون في مناطق 48، وينص على اقتطاع نسبة (7.5٪) من رواتب العمال، و(8.5٪) من أصحاب العمل، لصالح صندوق الاستثمار التابع لمؤسسة الضمان الاجتماعي؛ لينال العمال راتبا تقاعديا (سيكون متواضعا غالبا)، أو يُعَاد جزء منه لهم، في حالات خاصة، قبل التقاعد. والقانون الحالي، هو نسخة معدلة عن مشروع قانون تعرّض لاحتجاجات كبيرة، قبل سنتين، وأُدخلت عليه تعديلات شملت 11 بندًا تقريبًا، فيما بقيت 7 بنود أساسية تجد احتجاجًا كبيرًا من صحافيين وناشطين وموظفين في القطاع الخاص.
وكان الحراك الموحد الرافض للضمان الاجتماعي قد دعا إلى «النفير العام، وشد الرحال من كل محافظات الوطن إلى مدينة رام الله يوم الاثنين، (11-9)، للاعتصام أمام مجلس الوزراء الساعة 12 ظهرا». ودعا الحراك إلى تأجيل القانون لفترة أخرى وفتح حوار جديد مع كل الأُطُر من مؤسسات مجتمع مدني، ونقابات عمال، وأرباب عمل وغيرهم، والاستماع لأصوات المواطنين الرافضة لتطبيق القانون في الأجواء الحالية. في المقابل أعلنت الحكومة فتح أبوابها للحوار، بشكل جدي، مع القطاعات، كافة، حول القانون. مع أن مجلس الوزراء أعلن البدء في تطبيق قانون الضمان الاجتماعي وفق جدول زمني، وتأجيل الغرامات الواردة فيه لمدة شهر؛ فيُخشَى أن تكون هذه الدعوة للحوار لا تعوق تنفيذ القانون، كما هو.
وهناك تساؤلاتٌ كثيرة حول جدوى هذا القانون وضرورته، والضمانات بأن مستحقات العمال ستبقى مصونة، إذ ثمة شكوك في الجهة الضامنة؛ أنْ تفي للعمال بمستحقاتهم، وهي مؤسسة الضمان الاجتماعي وصندوق الضمان، ولا إشارات مؤكدة على ضمان الحكومة الفلسطينية، أو السلطة لتلك الحقوق، في حال حدوث عجز في مؤسسة الضمان. وتكتسب هذه التساؤلات جدارتها من بقاء جذر أزماتنا، وهو الاحتلال، إذ السلطة في استمرارها، أو على الأقل، في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، خاضعة لردات فعل الاحتلال، ومثال ذلك، أنها تتعهد، وبشكل رسمي، بميزانيات، ثم تجد نفسها، غير قادرة على الوفاء بها، ولو كان ما تعهدت له حيويا، كالصحة والتعليم، حدث ذلك في المبالغ التي خصصتها السلطة الفلسطينية للجامعات الفلسطينية؛ للتخفيف من أزمتها المالية غير الهينة، ثم لم تفِ بها؛ لعدم القدرة.
والسؤال، عن ملاءمة هذا القانون الذي يبدو العزمُ الحكومي عليه كبيرا، لأوضاع الفلسطينيين، والعمال، على وجه الخصوص، حيث أن رواتبهم، حتى قبل الخصومات التي يتطلبها القانون، محل الجدل، لا تكفي أصلا، للحاجات الأساسية؛ من مأكل وسكن وعلاج وتعليم الأبناء، ولا سيما في الجامعات، حتى الفلسطينية التي لم تعد قادرة على مراعاة أحوال الطلبة، كما كانت أيام تلقيها الدعم من منظمة التحرير الفلسطينية، ثم صارت الحكومة تقدم دعما للجامعات، ثم تراجعت نسبة الدعم الحكومي الفعلي لها في الأعوام التي تلت عام 2010 إلى أقل من نسبة 60٪.
وواقع الحال أن أغلبية العمال، ولا سيما العاملين في الضفة الغربية، لا تكفيهم رواتبُهم الحالية (قبل الخصم البالغ (7.5٪) وهو نقصان ليس هينا)، لحاجات أُسَرهم الأساسية؛ نظرا لارتفاع مستوى المعيشة؛ بسبب ارتباط الاقتصاد الفلسطيني باقتصاد بالاحتلال، بل تبعيته له، ولذلك فلا قدرة على احتمال خصومات أخرى، على فرَض تحقق منافع مستقبلية، وأقل ما يقال: إن من يجد قدرته المادية تحتمل ذلك الخصم يمكنه أن يشترك في هذا الضمان الاجتماعي، فلا تؤخذ الأمور بمعزل عن واقع العمال والضفة الغربية والمتطلبات الضرورية غير المحققة؛ ما يضطرهم إلى أعمال إضافية، بعد العمل الأساسي. يذكرنا هذا الاحتجاج المباشر، بحراك تشكل، خارج الاتحاد العام لنقابات عُمال فلسطين، بإضراب المعلمين الذي حصل في 2016، وفيه تجاوَز المعلمون، وبغالبيتهم الساحقة «اتحاد المعلمين» الذي رأوه أقرب للحكومة من المعلمين.
ولا يخفى تأثير هذا الانهماك والقلق على تلبية تلك المتطلبات المعيشية الحيوية على مقادير الانتباه إلى الهموم الوطنية الجامعة، وإلى الأخطار المتزايدة التي تهدد القضية الفلسطينية، حيث لا تزال الأنظار تتجه إلى رأي الشعب الفلسطيني المحتل في مجريات القضية، وفيما يسمى بصفقة القرن التي يجري تنفيذها، فعليا، حتى قبل الإعلان عنها رسميا، سواء بإرادة فلسطينية وعربية واعية، أو بحكم الدوران في دائرة الهيمنة الأمريكية، أو بحكم الخضوع الجبري لمقتضيات الواقع القاسي، فلسطينيا. وكثير من النظُم العربية تتلهف على التطبيع، ولو بتجاوز القضية الحقوق الفلسطينية والعربية، ويناسب ذلك الصمت الشعبي الفلسطيني بسبب الانشغال بملاحقة المعيشة، كما يناسب السلام الاقتصادي الذي يتبناه وزير حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومِن ورائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ لأنه يصب في تغليب الهم المعيشي على الهم الوطني.

٭ كاتب فلسطيني

في نقد نظرية الحلف الصهيو ـ صليبي الفارسي

Posted: 27 Nov 2018 01:02 PM PST

تنتشر منذ سنوات فكرة مفادها أن هناك تحالفاً سرياً بين من يبدون أعداء ظاهرين، بين إيران وكل من الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. رغم التوتر الكامل الذي تشهده العلاقات بين هذه الأطراف المتناقضة ورغم العقوبات الصارمة والمستمرة لعقود على طهران، إلا أن هناك من يؤمن إيماناً لا يقبل التشكيك بهذه الفكرة التي مفادها، أن كل ما نراه حولنا هو مجرد عرض مسرحي، وأن ما يحدث آخر النهار هو أن يلتقي مرشد الثورة الإيرانية بالرئيس بوش أو أوباما أو ترامب، أو غيرهم من القادة والزعماء الغربيين ليضحكوا معاً مطمئنين على مسار المسرحية.
ربما يكون في وصف هذه الأفكار بالنظرية بعض المبالغة، فهي ليست شيئاً مبنياً على استنتاجات علمية منطقية، بقدر ما أنها مبنية على افتراضات مستندة إلى تصريحات متفرقة أو مواقف متباعدة، مع إيمان لا يتزعزع بنظرية المؤامرة، التي مفادها أن كل ما نراه ليس حقيقياً وإننا إنما نعيش كذبة كبيرة. رغم أن المؤامرات موجودة فعلاً في عوالم السياسة والعلاقات الدولية، إلا أن التمادي في التشكيك المطلق يوصل صاحبه لدرجة من المنطق العبثي، الذي يقوده لأن لا يؤمن بأي شيء مهما كانت أبعاده واضحة أمامه، بحجة أن ما يراه ليس الصورة الكاملة، وهكذا لا تكون حركات المقاومة هي حركات مقاومة مهما كان ما تفعله في سبيل صد ودفع الاحتلال، ولا يكون النصر نصراً ولا الهزيمة هزيمة. هذا يقود لأن لا يكون المؤمنون بالتشكيك قادرين على فعل أي شيء بحجة أنهم غير قادرين على تبيّن الواقع. مهما كان الواقع واضحاً أمامهم، ترى أصحاب نظرية الشك المطلق هذه يتشبثون بالمؤامرة الخفية تشبثاً يدفعهم للقيام بأشياء غريبة ومستنكرة، كدعاء الله أن ينصر جيش الاحتلال على المقاومين في غزة، الأمر الذي يقوم به بالفعل بعض «المثقفين» العرب الذين يظنون أنهم يمتلكون قدرات فائقة وسحرية على كشف المؤامرة، التي تتلخص في كون حركات المقاومة ليست سوى جزء من الاحتلال.
كان لاحتلال العراق وأفغانستان من قبل الولايات المتحدة، والدور الذي لعبته إيران في هذه العمليات، أقوى الآثار في تعزيز هذه النظرة التي ترى أن بين الطرفين حلفا سريا يستهدف أهل السنة وتطويق الجزيرة العربية. اصطدمت هذه النظرة بحقيقة وجود شراكة اقتصادية وسياسية بين جميع دول الخليج العربي والولايات المتحدة، وهو ما يصل في الواقع درجة التحالف العسكري والتعهد بالحماية، فكيف يستقيم أن تتحالف الولايات المتحدة مع طرفين متناقضين؟
إجابة هذا السؤال لم تكن صعبة، فالدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، استطاعت في كثير من الأوقات الحفاظ على علاقات متوازية مع كثير من الأطراف المتناقضة أو المتصارعة كالهند وباكستان مثلاً، كما أنها دخلت في شراكات عسكرية مع بعض الأطراف المتحاربة، بشكل مكنها من أن تستفيد من تلك الصراعات مادياً وتسويقياً. إلا أن هذه الإجابة لم تكن كافية للحصول على النتائج المطلوبة، وكانت تحتاج لبعض التطوير، وهو ما نتج في مرحلة لاحقة عبر فرضية جديدة كانت مثار تكرار في وسائل الإعلام المختلفة إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، مفاد هذه الفرضية، أن الولايات المتحدة قد أشاحت بوجهها عن شركائها التقليديين وأنها لم تعد تبالي حتى بالنفط والمال العربي، بل باتت تتجه لوجهات أخرى أبرزها إيران الصاعدة ودول شرق آسيا.
تعامل كثير من الكتاب والمثقفين مع هذه الفرضية باعتبارها حقيقة لا تقبل التشكيك، خاصة مع الحماس الذي أظهره الرئيس أوباما وأركان إدارته للاتفاق النووي مع إيران، بما كان يشتمل عليه من وعود باستعادة إيران مكانتها الدولية المفقودة. الاتفاق سيشهد في وقـــت لاحق انتكـــاسة كبرى، لكن بدون أن يدفع ذلك أصحاب نظرية المؤامرة للتراجع عن موقفهم.
في النقطة المتعلقة بغزو العراق وأفغانستان، فإنه ما من شك في أن الدور الذي لعبته إيران فيهما كان محورياً، وهو ما يفتخر به القادة الإيرانيون أنفسهم، معلنين أنه لولا المساندات التي قدموها لما تمكن الأمريكيون من إنجاز مهمتهم في هذين البلدين. لم تكن الخدمة التي قدمها الإيرانيون هنا مجرد عمل بلا فوائد، بل كان مما يحقق اهدافاً استراتيجية لإيران بالتخلص من نظامين معاديين بتكلفة مجانية تقريباً وتحت شرعية أمريكية ودولية. إيران التي أصبحت، للمفارقة، شريكة في الحرب العالمية ضد الإرهاب، لم تكن الوحيدة التي ساهمت في تلك الحملات، بل كانت معها أيضاً دول عربية وإسلامية، لكن وبعكس المنطق الإيراني المفهوم، لم نستطع أن نفهم حتى اليوم حجم الفوائد الاستراتيجية التي يمكن أن تكون قد وجدتها تلك الدول عبر تلك المشاركات على صعيد أمنها القومي، أو حتى على صعيد تمتين العلاقة مع الولايات المتحدة.
لم تكتف إيران بالمساعدة المعلنة أثناء الغزو، بل ثبتت وجودها في مراحل ما بعد انتهاء الحملات الأمريكية والغربية لتساعد في خلق واقع جديد وخادم لمصالحها، عبر المساعدة في تكوين أنظمة حليفة وهو ما لا يتأتى إلا بدعم المجموعات السياسية الطائفية التي تجمعها عقيدة التشيع المغالية بنظام الولي الفقيه. كل ما سبق ليس مؤامرة مخفية، وإنما خطوات براغماتية وواقعية تقوم بها أي دولة ذات تخطيط من أجل المحافظة على مكاسبها وقنص السانحة التاريخية التي لا تتكرر. السؤال المهم هو التالي: لماذا لم يكن للدول «السنية» المجاورة دور في تشكيل العراق الجديد وإعادة بنائه؟ ما الذي منع أولئك الذين كانوا يظهرون انزعاجهم من تحول العراق من دولة مهمة في العمق العربي إلى مجرد تابع سياسي لإيران من أن يدلوا بدلوهم، وأن يعملوا على تغيير هذا الواقع بخلق حالة من توازن القوى الداخلية أو عبر أي طريقة بناءة أخرى؟
ما سبق يمكن أن ينسحب على الحالة السورية، التي أيضاً يتباكى كثـــيرون من العرب على كونها صارت ساحة للتدخـــلات من الآخرين، وعلى رأسهم إيران، ولكن ما الذي فعله هـــؤلاء «الأشـقاء» إزاء هــذا الواقـــع السوري عبر السنوات السابقة؟ وكيف كان شكل مبادراتهم للمســاعدة أو المصالحة أو حتى لحماية المكوّن السني الذي يظــــنون أنه مستهدف أكثر من غيره؟ هناك الكثير من المتداخلين على الساحة السورية، لكن الحديث عن تحالف صهيو- صليبي فارسي فيها، ورغم أنه مثير للعواطــف، إلا أنه لا يصف الواقع بشكل موضوعي، فالأطراف التي ترى أنها معنية بالشأن السوري بشكل يدفعهـــا للقيـــام بتدخلات سياسية أو عسكرية، لا تتشارك جميعها الأهداف ذاتها، بل يملك كل طرف منها أجندته الخاصة التي قد تتقاطع مع أجندات غيره، ما يساعد في بعض الأحيان على التوافق والتفاهم، لكن قد يحدث أن تختلف الأجندات كذلك، وهو ما ينتج عنه في أحيان أخرى تضارب وخلاف.
سؤال أخـــــير: هل هناك التقــاء سري بين طهران وتل أبيب؟ نحن لا نعلم الغيب، ولكننا نقول إن المؤشرات تدلل على أن هذا غير وارد حالياً، وعلى افتراض حدوثه، فإنه مما لا شك فيه أن اللقاء السري الخجول هو أفضل بكثير من التطبيع العلني والتنسيق المفضوح.

٭ كاتب سوداني

بارزاني على البساط الأحمر في بغداد

Posted: 27 Nov 2018 01:01 PM PST

فرش البساط الأحمر في مطار بغداد الدولي استعدادا لاستقبال مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان السابق، واستقبله في المطار رئيس أعلى سلطة في الحكومة الاتحادية، محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقي برفقه عدد من الساسة، أبرزهم هادي العامري رئيس كتلة الفتح النيابية، وفؤاد حسين وزير المالية، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية. ومن المعلوم في العرف البروتوكولي أن فرش البساط الأحمر يوحي بأهمية الزائر القادم بعد جفوة امتدت لأكثر من عام.
الجفوة ابتدأت منذ أزمة الاستفتاء على انفصال كردستان العراق في سبتمبر/أيلول 2017، وما تبعها من تداعيات إعادة انتشار القوات المسلحة الاتحادية في المناطق التي كانت تعرف بـ«المناطق المتنازع عليها» قانونيا، والتي يصفها الكرد بالمناطق الكردستانية خارج الحدود الادارية للاقليم، وأهمها مدينة كركوك الغنية بالبترول. وصل حينها التوتر بين بغداد وأربيل إلى مديات غير مسبوقة، وساد تخوف من حدوث عمليات عسكرية قد تجر العراق إلى احتراب (كردي ـ عربي)، لكن الأزمة انتهت وتمت السيطرة عليها، مع سيادة شعور طاغ بالمرارة، عمت الشارع الكردي حتى سميت الأزمة بـ«نكسة كردستان».
رجل الشارع العراقي تعجب كثيرا من الابتسامات والأحضان واللقاءات الحميمة بين أعداء الأمس، الذين وزعوا الاتهامات والشتائم فيما بينهم قبل سنة، فقد اتهم العديد من سياسيي الشيعة بارزاني بالعمالة والاعتماد على الدعم الإسرائيلي لتمزيق وحدة العراق، عبر دعوته لانفصال كردستان العراق، وكل ذلك موثق في خطابات إعلامية علنية رسمية، بينما اتهم الكرد من جانبهم حكومة الشيعة وقيادات الحشد الشعبي تحديدا بالشوفينية، وارتكاب المجازر عندما اجتاحت مليشياتهم مدن كردستان العام الماضي، ووصل الحال بين الطرفين إلى تبادل التهديد الشخصي بين قادة فصائل شيعية وقيادات كردية، لكن يبدو أن فرقاء الأمس يرفعون شعارا آخر اليوم مفاده، فتح صفحة جديدة من التعاطي بين أربيل وبغداد.
الإشاعات انطلقت من كواليس السياسة العراقية في بغداد وأربيل، والكل يريد أن يعرف سبب الزيارة وأهمية توقيتها، ومدى تأثيرها على إكمال الكابينة الوزارية لعادل عبد المهدي، التي لم تكتمل بعد، وفي هذا السياق أشار البعض إلى أهمية ضم مرشح مسعود بارزاني لرئاسة الجمهورية السابق فؤاد حسين إلى حكومة عبد المهدي، إذ حصل على حقيبة وزارة المالية ونيابة رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، واعتبر مراقبون هذه الخطوة فاتحة تعاون بين بارزاني وعبد المهدي، ومن ثم اعتبرت سببا رئيسا لزيارة بارزاني إلى بغداد. كما أشارت التسريبات الصحافية الأولية إلى أن زيارة مسعود بارزاني جاءت لغاية حددت في مناقشة مطلبين هما: إعادة حصة الإقليم من الموازنة المالية ورفعها من 14٪ إلى 17٪ ، كما كانت في سنوات سابقة، والاتفاق على جدولة إعادة انتشار القوات المسلحة الاتحادية وقوات البيشمركة الكردية في المناطق المتنازع عليها، وبشكل خاص إعادة انتشار قوات البيشمركة في مدينة كركوك، بالإضافة إلى بعض المحاور الثانوية التي ســـتتم مناقشتها في الزيارة مثل، الاتفاق على حصة الكرد من الحقائب الوزارية في حكومة عبد المهدي.
التسريبات من المصادر الكردية المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني وقياداته من العائلة البارزانية أشارت إلى، ان الزيارة تمثل خطوة مهمة جدا لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وفق أسس تضمن الشراكة والتوازن والتوافق‎.‎ كما عدها ناشطون مقربون من مسعود بارزاني، زيارة تاريخية جاءت بدفع من الولايات المتحدة، وفي إطار إعادة ‏رسم العلاقات بين بغداد وأربيل، ومنح فرصة أخرى لتشكيل دولة اتحادية تضمن الشراكة والتوافق ‏وتحفظ حقوق الكرد، مع تشكيل حكومة لا تكون موالية لإيران‎.‎
البعض أشار إلى زوايا أخرى في المشهد، مثل محاولة مسعود بارزاني الحصول على نصيبه من العملية السياسية التي تجري في بغداد، بعد تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، فقد مرت علاقة بارزاني ببغداد بتوتر جديد، دفع به إلى تهديد كل المشاركين في العملية السياسية عندما تم إفشال انتخاب مرشحه فؤاد حسين لرئاسة الجمهورية، واختيار مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح، الذي أضفى تغييرا وفاعلية على المنصب نتيجة نشاطه الذي ميزه عن سلفه فؤاد معصوم، الذي قضى مدة رئاسته منزويا في مكتبه. وإذا أردنا أن نفصل الملفات الشائكة التي من المتوقع أن تتم مناقشتها بين بارزاني وقيادات الكتل السياسية ورئيسي الحكومة والبرلمان، سنجد أن الملف الأول هو الاستحقاقات المالية للإقليم في الموازنة الاتحادية، فمن المعلوم أن التوتر الذي حصل بين بغداد وأربيل كان قد دفع حكومة العبادي إلى تخفيض حصة الإقليم من الموازنة ، إذ اعتمدت بغداد في تقدير سكان الإقليم حينها على معلومات وزارة التجارة، وتحديدا بطاقة الحصة التموينية التي تعتبر مقبولة إلى حد كبير، خصوصا أنها كانت المعيار الذي اعتمدته الأمم المتحدة في تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء طوال حقبة الحصار. وبما أن العراق وبضمنه الإقليم لم يجر إحصاء عاما للسكان حتى الان، لذا تبقى مسألة حصة الإقليم المعتمدة على حجم السكان في المحافظات الكردية الثلاث ملفا سجاليا قابلا للضغط من جهة والمراوغة من الجهة الأخرى.
يلحق بالملف السابق، ملف شائك آخر هو ملف النفط والغاز، ومدى صلاحيات حكومة الإقليم في هذا الملف، ومدى سيطرة الحكومة الاتحادية على الثروات القومية للبلد كما حددها الدستور، إذ أن حكومة الإقليم رفضت وعلى مدى سنوات تسليم عائدات النفط الذي تصدره من حقول كركوك، وفي الوقت نفسه كانت تطالب بحصتها من الموازنة الاتحادية. وعندما طالبت حكومة العبادي حكومة نيجرفان بارزاني بتسديد ما بذمتها من أموال للخزينة المركزية من عائدات النفط ومدخولات الجباية والرسوم الكمركية، وحينئذ سيتوجب على بغداد تسليم حكومة اربيل حصة الاقليم من الموازنة. رفضت حكومة أربيل ذلك، وبقي المواطن الكردي يعاني الأمرين نتيجة التوتر والدوران في دوائر مفرغة بين حكومتي المركز والإقليم. أما الملف الاخر فهو الاتفاق الواضح على الصلاحيات الامنية والعسكرية والقضائية للإقليم والمركز، فقد وصلت الحالة في السنوات السابقة فيما يخص العلاقة بين أربيل وبغداد في هذا الشأن إلى مديات مضحكة مبكية، إذ يمكن وصف العلاقة وكأنها علاقة بين دولتين مستقلتين، وليست علاقة إقليم بادارة مركزية، حتى أن المنافذ الكمركية في مناطق الإقليم، التي من المفروض وحسب الدستور، أنها تابعة للحكومة المركزية لم تكن لحكومة بغداد أي سيطرة ولا حتى إشراف عليها، بل المخزي في الأمر أن حكومة بغداد استعاضت عن ذلك بمراكز كمركية على الحدود بين الاقليم والحدود الاتحادية مثل منفذ الصفرة شمال ديالى. من جانب آخر الكل يعلم أن أحكام القضاء العراقي لم تكن سارية المفعول في كردستان، بدليل تواجد الكثيرين من المطلوبين قضائيا ممن أصدرت الحكومة المركزية بحقهم أوامر قبض، نجدهم يتحركون بكل حرية في مدن الإقليم. كما لا يخفى على أحد أن وزارة الدفاع العراقية لا تمتلك اي سلطة أو نفوذ على قوات البيشمركة الكردية، بل حتى القوات الكردية المتواجدة في العاصمة بغداد لحماية البرلمان الاتحادي والمنطقة الخضراء نجدها تأتمر بأوامر قادتها الكرد فقط. ومع كل هذه الملفات الشائكة، الا أن اللافت في امر هذه الزيارة، كما أشار الصحافي الكردي سامان نوح في متابعته الصحافية، انها‎ لم تسبق بتحضيرات، ولا خطط أو حتى رؤى محددة، ولا خريطة طريق لبحث التوصل إلى ‏‏»عقد شراكة جديد» داخل العراق، كما أشارت بعض التعليقات الصحافية، أو حتى لم يتم الاتفاق على صيغة لمعالجة الملفات الخلافية الأساسية (مستحقات الإقليم المالية، ‏ملف النفط، ملف المناطق المتنازع عليها، وصلاحيات الحكومة الاتحادية في الاقاليم). وبالتأكيد لم يتم إجراء طاولة ‏مستديرة للاتفاق على فتح تـــلك الملفات الشائكة، وتقديم مقترحات حلول متوازنة بشأنها، اذا كيف تمت الاتفاقات بين الفرقاء السياسيين خلال الزيارة في بغــداد والنجف؟ هذا ما لم تكشف عنه المصادر الرسمية حتى الان، ولم يظهر في المؤتمرات الصحافية التي أجـريت بعد كــل لقاء إلا إطلاق تصريحات مطمئنة قائمة على حزمة من المجاملات الفارغة.

٭ كاتب عراقي

أسرار العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا

Posted: 27 Nov 2018 01:00 PM PST

على الرّغم من هذا الزّخم الهائل الذي يطبع العلاقات بين إسبانيا والمغرب، والبريق اللمّاع الذي يضيئها في مختلف المرافق، والقطاعات، وحتى لا ننأى عن الواقع في هذا الطّرح فإنه ينبغي لنا ألاّ ندير ظهورَنا لقضايا أخرى ثنائية هامّة عالقة، وإكراهات مُؤرقة ما زالت تثقل كاهلنا، وتواجهنا بإلحاح، ولا ينبغي لنا نسيانها أو أن نتّبع حيالها سياسةَ النّعامة في إخفاء رؤوسنا تحت الرّمال، وعدم رؤية الواقع الحقيقي الذي نعيشه. من هذه القضايا:

الصّحراء المغربية

تحتلّ قضيّة الصّحراء المغربية – كما هو معروف – مكان الصّدارة في السياسة المغربية على الصعيديْن الداخلي والخارجي، ومع وصول الحزب الاشتراكي العمّالي الإسباني إلى الحكم لابدّ أن يأخذ المغرب زمام المبادرة في البحث عن الوسائل الناجعة، والآليات الكفيلة للحفاظ على المكتسبات الهامة التي حققها على الصّعيد الدولي، وعلى مستوى العلاقات الثنائية التي تربطه مع جارته الشمالية إسبانيا حول مختلف القضايا الحيويّة ذات الاهتمام المشترك، وبشكل خاص حول موضوع قضيّة مطالب المغرب في استكمال وحدته الترابية في صحرائه، خاصّة وأنّ الحزب الاشتراكي الحاكم حالياً الذي أتخذ زمام المبادرة للإطاحة بحكومة الحزب الشعبي لا يتوفر سوى على 84 مقعداً في البرلمان الإسباني في الوقت الراهن، والحالة هذه قد يجد رئيس الحكومة الجديد (بيدرو سانشيس) نفسه مضطرّاً لمحاباة الأحزاب اليسارية، والقومية، والانفصالية التي ساعدته، وساندته في الوصول للحكم من أجل تنفيذ برنامجه الحكومي، وتمرير ميزانية الدولة، وفي طليعة هذه التجمّعات الحزبية الإسبانية حزب «بوديموس» (نستطيع) ذو الميول اليسارية الذي يرأسه الراديكالي بابلو إغليسياس، وسواه من الأحزاب اليسارية الأخرى المعروفة بعدم تفهّمها لمطالب المغرب.

سبتة ومليلية

المدينتان المغربيتان السّليبتان سبتة ومليلية، والجزر الجعفرية، وصخرة النكور، والجزر الصغيرة المحاذية لشاطئ «الصّفيحة» بأجدير (قرب الحسيمة)، وجزيرتا بادس، وليلى تورة كلها ما زالت تذكّرنا عند إنبلاج كل صباح بأنّه ما زالت هناك قضايا تاريخية جادّة عالقة، ومواضيع ثنائية هامّة شائكة بين البلدين تمسّ السّيادة الوطنية في الًّصّميم. وكلّما أُثِيرَ الحديث عن هذه القضية يقفز إلى أذهاننا على الفور البيت الشعري المبثوث في كتاب «أزهار الريّاض في أخبار القاضي عياض» والذي يقول الشاعر فيه عند تحيته لمدينته سبتة: (سلامٌ على سبتة المَغربِ / أُخَيَّةَ مَكّةَ ويثربِ). مداخل ومخارج العبور من وإلى هاتين المدينتين خيرُ مثال على الوجه الآخر للشّعور بالحَسْرة الذي يتغلغل في نفس كلِّ مواطنٍ عندما يَعْبُرُهما ذهاباً أو إيّاباً، هذان المعبران يفصلان بقعةً جغرافيةً واحدةً متماسكة، ويشطرانها شطرين تنشطر معهما أهواءُ السكّان الآمنين، وتتضاعف معاناتُهم، وتطلعاتُهم لعناق إخوانهم في الجانب الآخر من الأسلاك الشائكة، أوالأسوارالعالية التي تفصل بينهما في زمنٍ تهاوت وتداعت فيه كلّ الجُدران مهما كان عُلوُّها وارتفاعُها.

الغازات السامّة في الرّيف

هذا وقد أصبح موضوع استعمال إسبانيا للغازات السامّة، والأسلحة الكيميائية المحظورة في حرب الرّيف يُثار بإلحاح في المدّة الأخيرة داخل المغرب وخارجه، بل إنّه أمسىَ يُثار حتى في إسبانيا نفسها، وكان قد تعرّض له وزير الخارجية الإسباني السّابق (في حكومة راخوي)، فهل في مقدور الجارة الأوروبيّة اليوم – على عهد الحزب الإشتراكي المُستلم لدفّة الحكم الذي طالما أدان زعماؤه التاريخيّون هذا الاعتداء الغاشم- الإقدام على اتّخذ خطوة تاريخية جريئة للمصالحة النهائيّة مع ماضي إسبانيا المُعتم بتقديمها اعتذارٍ شجاع للشّعب المغربي بشكلٍ عام، ولأهل الرّيف على وجه الخصوص، أيّ للمتضرّرين الفعلييّن، من السكّان الآمنين، وتعويضهم إنسانيًّا، وحضاريّاً – حسب ما تمليه القوانين الدّولية في هذا القبيل – عن هذه الجريمة النكراء، وقد أصبح هذا الموضوع الحيوي يستأثر بحدّة بإهتمام المثقفين والرّأي العام المغربي والمتعلق بالتظّلم المُجحف، والأضرار الجسيمة التي حاقت بالعديد من الأسر التي ما زالت تُعاني في مختلف مناطق الرّيف من الآثار الوخيمة لـ(أوبئة السرطان اللعين) التي خلفتها جريمة استعمال هذه الأسلحة الكيميائية الفتّاكة من طرف إسبانيا بعد الهزائم المنكرة التي تكبّدتها في حرب الرّيف التحرّرية الماجدة ؟

الجالية المغربية

يقارب عدد الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا في الوقت الراهن المليون نسمة، وهي ما فتئت تعاني من ضائقة خانقة في خضمّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إسبانيا اليوم، والتي تنعكس سلباً عليها وعلى الجالية العربية المقيمة في هذه الديار والتي أصبحت عرضة للتسريح المجحف. وحسب الخبراء فإنّ الحلول لا تبدو في الأفق القريب، نظراً لإنعدام تواصل هذه الجالية مع النّخب السياسية الإسبانية، وعدم توفّر وسائل الدفاع عنها وعن حقوقها، وقد دفعت هذه الأزمة الحكومة الإسبانة السابقة إلى المصادقة على قانون جديد للهجرة غيرِ مُنصفٍ بالنسبة للمغاربة، مقابل السياسة التفضيلية التي يحظى بها مواطنو بلدان أمريكا اللاتينية في هذا القبيل.
والحالة هذه ينبغي للمغرب أن ينظر مع المسؤولين الإسبان الجدد بعين الاعتبار إلى هذه الوضعية الصّعبة التي أصبحت تعاني منها هذه الجالية لمعالجة مثل هذه القضايا، وتحسين ظروفها.

الهجرة غير الشرعيّة

ولا شكّ أنّ موضوع تدفّق الهجرة غير الشرعية نحو إسبانيا كان من أولى الإهتمامات في محادثات الرئيس الإسباني بيدرو سانشيس مع المسؤولين المغاربة خلال زيارته للمغرب حيث بلغ عدد المهاجرين خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري نحو إسبانيا 55 ألفا و 949 مهاجرا، وعلى الرّغم من الجهود التي بذلت في هذا المجال لوضع حدٍّ لهذه المعضلة التي تفاقمت بشكل مهول في المدّة الأخيرة، ما فتئت التساؤلات تطرح عن الإجراءات التي إتّخذها أو ينوي اتخاذها المغرب لإيجاد الحلول العاجلة لمواجهتها حيث إتّخذت من المغرب ممرّاً، ومقرّاً، ومستقرّاً لها من مختلف الجهات، ماذا تمّ حتى الآن في هذا القبيل لمواجهة هذا الزّحف الذي أمسى ينذر بعواقب قد لا تُحمد عقباها على المدى القريب في مختلف الواجهات الأمنية، والإرهابية، والاجتماعية، والإنسانية، والصحّية وسواها..؟ خاصّة بعد أن إتّضـح:
«إنّ المغرب يتجه إلى تغيير راديكالي في سياسة الهجرة واللجوء بعد المبادرة التاريخية التي أطلقها الملك محمد السادس لملاءمة القوانين والتشريعات الوطنية حتى يتسنّى للمهاجرين الذين استقرّوا في المغرب الإستفادة من جميع الخدمات مثلهم مثل أيّ مواطن مغربي».

محنة الموريسكييّن

إشكالية طرد «الموريسكيّين» الأندلسيّين المسلمين «المُهَجَّرين» قهراً وقسراً من مواطنهم بإسبانيا، والذين استقرّ معظمُهم في المغرب، وفي الجزائر وتونس، ما فتئت تثيرغير قليل من التساؤلات، (معروف أنّ العاهل الإسباني السّابق خوان كارلوس الأوّل سبق له أن قدّم إعتذاراً لليهود (السيفارديم) الذين أُبْعِدُوا من إسبانيا، ولم يقم لا هو، ولا خلفُه العاهل الإسباني الحالي فليبي السادس بالمبادرة نفسها التاريخية حتى الآن مع المسلمين). ينبغي لإسبانيا أن تتحمّل مسؤوليتها التاريخية حيال هذ الحيف الذي لحق بهذا الموضوع الشائك. وتبذل «مؤسّسة ذاكرة الأندلسييّن» التي يوجد مقرّها في الرباط المساعي الحميدة لتسليط الأضواء على هذا الموضوع.
ولقد نظمت مؤخراً مؤتمراً دولياً (عقب الموريسكيّين والسيفاراديم بين التشريع الإسباني والقانون الدّولي) الذي إعتبرخطوة رائدة في هذا القبيل، (كان لي شرف المشاركة فيه)، حيث أزاح النقاب عن غير قليل من مظاهر التظلم الذي طال أجدادَنا في الأندلس الذين تعرّضوا لعمليات طرد جماعي منها، وما انفكّ المثقفون الإسبان والمغاربة يثيرون هذا الموضوع بلا هوادة لعلّ إسبانيا تخطو هذه الخُطوة الشجاعة حياله مثلما فعلت مع اليهود السيفارديم !. الطريق إذن على ما يبدو بين البلدين، ليس طريقاً مفروشاً بالزرابي المبثوثة بل تعلوه كذلك مطبّات، وفجوات ينبغي تذليلها، وتجاوزها، والتغلّب عليها بإرادة سياسية قويّة، وحكمةٍ ورزانةٍ، وتبصّر بين البلدين.

كاتب وباحث من المغرب

جولة بن سلمان لتبييض صورته بعد قضية خاشقجي

Posted: 27 Nov 2018 01:00 PM PST

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق