Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


قضاء الإمارات: ضغط لندن هو سيد الأحكام

Posted: 26 Nov 2018 01:15 PM PST

أعلنت وزارة شؤون الرئاسة في الإمارات العربية المتحدة أن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة قد أصدر عفواً رئاسياً عن الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، الذي سبق لمحكمة استئناف أبو ظبي أن حكمت عليه بالسجن المؤبد قبل أقل من أسبوع، وذلك بتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية والإضرار بالأمن العسكري والاقتصادي والسياسي للدولة، ولأن قرار العفو صدر بأثر فوري، فقد تم إطلاق سراح هيدجز دون إبطاء.
وطيلة خمسة أشهر منذ اعتقاله لم يتوقف المسؤولون الإماراتيون عن تأكيد خطورة الاتهامات التي يواجهها الأكاديمي البريطاني من جهة أولى، وأن القضية المرفوعة ضده تستند على «أدلة قانونية دامغة» تمكنت الاستخبارات الإماراتية من استخراجها عبر فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة به، والتي أكدت سعيه إلى جمع معلومات عسكرية عن الجيش الإماراتي في اليمن. المثير للسخرية في هذه التهمة ما أكدته الصحافة البريطانية من أن القاعدة العسكرية البريطانية في الإمارات تنسق على نحو وثيق مع القيادات العسكرية الإماراتية في اليمن، فلماذا ترسل المخابرات العسكرية البريطانية عميلاً شاباً ليجمع لها معلومات لا تعرفها الجهات الأمنية العليا البريطانية فحسب، وإنما تشارك في صنعها أيضاً؟
ومن جانب آخر، ظل المسؤولون أنفسهم يتغنون بنزاهة القضاء الإماراتي واستقلاليته عن السلطة، وكانوا يتجاهلون الحقيقة الساطعة التي تقول إن ملف هيدجز ظل نائماً على مدى خمسة أشهر، قبل أن يعاد تحريكه لاستخدامه كورقة ابتزاز سياسية في مواجهة مواقف الحكومة البريطانية الأخيرة بصدد حرب التحالف السعودي ـ الإماراتي في اليمن، وكذلك تصريحات وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت التي لم تستبعد احتمال مسؤولية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. وفي كل حال جاء العفو الرئاسي عن هيدجز ليثبت أن أحكام القضاء الإماراتي هي حبر على ورق تطوى متى شاء الحاكم، فلا تُنفذ من مدة الحكم المؤبد سنة واحدة، أو حتى مجرد شهر يتيم.
الجانب الثالث الذي يجمع بين السخرية والمأساة ما ذكرته وزارة الشؤون الرئاسية من أن العفو صدر من باب الاستجابة الإنسانية للالتماس الذي رفعته أسرة هيدجز إلى مقام الرئاسة، وهذا يعيد الذاكرة إلى الالتماسات المتعاقبة التي رفعتها أسرة الصحافي الأردني تيسير النجار، المعتقل في الإمارات منذ كانون الأول/ ديسمبر 2015 دون محاكمة، وذلك رغم التقارير الطبية التي تؤكد تدهور حالته الصحية وتهديد بصره بشدة جراء حرمانه من الشمس في زنزانته. وإذا كانت تهمة التجسس لصالح دولة أجنبية قد جلبت العفو الرئاسي للأكاديمي البريطاني، فإن من الواضح أن التهمة الملفقة للصحافي الأردني، أي التعاطف مع قطاع غزة المحاصر، قد جلبت عليه السجن حتى إشعار آخر، وحتى دون مثول أمام القضاء الإماراتي «المستقل».
مثير للشفقة أخيراً أن السلطات الإماراتية لم تفلح في استثمار هيدجز كقضية سياسية، وتلقت من الحكومة البريطانية ضغوطاً جدية وتلويحاً بعواقب وخيمة، فلم تتردد في الرضوخ واستبدال مبدأ العدل الذي يتوجب أن يتسيد ضمير القضاء، بشعار آخر مفاده أن ضغط لندن هو سيد الأحكام.

مصر: عن وحوش حكومية جديدة

Posted: 26 Nov 2018 01:13 PM PST

فيما وراء سنواتها الأولى في الحكم والتي طوعت بها أداة التشريع لأغراض إخضاع المواطن والسيطرة على المجتمع وأصدرت من القوانين ما يرمي إلى منع حرية التعبير عن الرأي وإعادة بناء جدار الخوف في وجه الناس والقضاء على المجتمع المدني المستقل وابتداع هيئات حكومية جديدة لمد نفوذ الرئاسة والاستخبارات والأمن في الفضاء العام، تواصل السلطوية المصرية في 2018 توظيف الصلاحيات التشريعية للبرلمان المدار أمنيا لتمرير قوانين إضافية تعمق من قبضتها الحديدية.
في هذا السياق، أصدر رئيس الجمهورية القانون رقم 179 لسنة 2018 بإنشاء «الهيئة الوطنية للصحافة» التي عهد إليها بتولي إدارة المؤسسات الصحافية القومية (أي جميع الكيانات الصحافية والمواقع الإلكترونية ذات الملكية العامة) وأعطيت سلطات واسعة تشمل الرقابة على الأداء وتعيين رؤساء التحرير والتقييم الدوري الشامل ومساءلة القيادات الإدارية والتحريرية وتشكيل مجالس إدارات الكيانات الصحافية وتشكيل الجمعيات العمومية. ولكي تضمن الرئاسة ومن ثم الاستخبارات والأمن الهيمنة على الهيئة، أعطى القانون لرئيس الجمهورية الحق في تعيين رئيسها ولعضوين بها وإلى ثلاثتهم ينضم أعضاء آخرون من الحكومة (وزارة المالية) والبرلمان ومجلس الدولة ثم يأتي أخيرا عضوان يمثلان نقابة الصحافيين. بتشكيل كهذا، لن يرتفع بالهيئة صوت يعارض إرادة السلطوية.
أصدر رئيس الجمهورية أيضا القانون رقم 180 لسنة 2018 المتعلق بتنظيم «الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» والذي تكشف مواده عزم السلطوية على إحكام حلقات السيطرة على الفضاء العام. فالقانون المكون من أكثر من 90 مادة يستخدم العديد من الصياغات عصية التعريف القانوني المنضبط لفرض القيود على المؤسسات الصحافية والوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية ذات الملكية العامة والخاصة والتي يحظر عليها «نشر أو بث أي مادة أو إعلان يتعارض محتواه مع أحكام الدستور أو تدعو إلى مخالفة القانون أو تخالف الالتزامات الواردة في ميثاق الشرف المهني أو يخالف النظام العام أو الآداب العامة أو يحض على التمييز أو العنف أو العنصرية أو الكراهية» (مادة 4). ثم يتسع نطاق الحظر ليشمل «نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو إلى مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية أو ينطوي على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية»، بل ويمتد الحظر هنا إلى كل المواقع الإلكترونية الشخصية (كصفحات الأفراد على فيسبوك وحساباتهم على موقع تويتر) التي يبلغ عدد متابعيها خمسة آلاف متابع أو أكثر (مادة 19).

تواصل السلطوية المصرية في 2018 توظيف الصلاحيات التشريعية للبرلمان المدار أمنيا لتمرير قوانين إضافية تعمق من قبضتها الحديدية

كذلك يواصل القانون رقم 180 لسنة 2018 ابتداع هيئات حكومية جديدة لمد النفوذ الرئاسي والاستخباراتي والأمني بإنشاء «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» المخول صلاحيات فرض الرقابة على المؤسسات الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية في أوقات الحرب والتعبئة العامة (مادة3)، ومنع مطبوعات أو مواد إعلامية أو إعلانية صدرت أو جرى بثها من الخارج من الدخول إلى مصر أو التداول أو العرض (مادة 4)، ومنع تداول ما من شأنه «تكدير السلم العام» (مادة 4)، والترخيص للوسائل الإعلامية (مادة 60) وللمواقع الإلكترونية إن المصرية أو الفروع المصرية لمواقع خارجية (مادة 6)، وصلاحية فحص ميزانيات الصحف ومراجعة الحسابات الختامية للوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية (مادة 48 ومادة 66)، ويخطر المجلس أيضا بإصدار الصحف الجديدة (مادة 40) وله صلاحية الترخيص بإنشاء المنصات الفضائية والرقمية المشفرة (ترد في نص القانون بالكلمة الإنكليزية platform) ويشترط لمنح التراخيص أن تكون الشركات المعنية مملوكة للدولة (مادة 72).
مثله مثل «الجهاز القومي لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية» الذي ابتدعه قانون الجمعيات الأهلية (القانون رقم 70 لسنة 2017)، يصطنع في كيان المجلس الأعلى للإعلام وحشا حكوميا ذا صلاحيات رقابية وعقابية كاسحة ويضمن القانون عبر الآليات التي يقرها لتشكيل المجلس سيطرة الرئاسة والاستخبارات والأمن عليه. يعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس ويختار بجانبه شخصية عامة لعضويته، وإليهما ينضم ممثلون عن «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» والبرلمان والمجلس الأعلى للجامعات وأخيرا عن نقابتي الصحافيين والإعلاميين. بل أن القانون، وهو يحوي طيفا من العقوبات المالية والعقوبات السالبة للحرية حال مخالفة الصحف والوسائل الإعلامية والمواقع الإلكترونية لمقتضياته، يعطي المجلس الأعلى للإعلام صلاحية توقيع الجزاءات المالية (مادة 94) وصلاحية إلغاء التراخيص (مادة 95) وصلاحية إقامة الدعاوى القضائية عن أي مخالفة (مادة 96).

كاتب من مصر

ماذا يفعل بن سلمان في المغرب العربي؟

Posted: 26 Nov 2018 01:11 PM PST

السؤال جدير بأن يُطرح لأن زيارات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المرتقبة إلى كل من تونس والجزائر وموريتانيا، تبدو خارج أيّ سياق سياسي أو دبلوماسي مناسب.
لو لم يكن الرجل مأزوما ومُحاصَراً في بلاده والخارج، كانت هذه البلدان الثلاثة ستقع في آخر قائمة الدول التي يفكر في زيارتها وعقد صفقات واتفاقات معها. ولو لم يكن هدفه إرسال رسائل للعالم: «أنا بخير في محيطي وغير متأثر بما حدث»، كان يستحيل أن يفكر في هذه البلدان وهو في ذروة الزهو بمشاريعه العملاقة.
كان المغرب أقرب وأولى بالنظر إلى التشابه بين البلدين وإلى تراكم أسباب الود بينهما. بيد أن العلاقة تضررت يوم أمعن مستشارو ولي العهد في التطاول على المغرب والإساءة إليه، رغم أنه شريك في «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، وأبوابه مشرَّعة للأمراء السعوديين مثلما لا تفعل أيّ دولة أخرى.
أن يزور ولي العهد السعودي الإمارات ويحتفي به ولي عهد أبوظبي ويطلق له إحدى وعشرين طلقة مدفعية، أمر مفهوم ومنتظر. الرجلان شريكان في الأزمات التي تعصف بالمنطقة، والدسائس التي تحاك لها وفيها. أحدهما، محمد بن زايد، أرسى «قواعد العمل»، والثاني، بن سلمان، منفذ جيد وضَعَ تهوره وقلة خبرته تحت تصرف الأول. وأن يزور البحرين، لا غرابة. تلكم ملحقة مغلوبة على أمرها، ولا تتخيل نفسها يومًا خارج العباءة السعودية. وأن يزور مصر، فلا غرابة أيضا منذ أن أمست تابعة وبلا سيادة على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وأن يزور موريتانيا، كذلك لا عجب ولا غرابة، فالرجل اشترى مواقفها وقراراتها تجاه كل أزمات السعودية ومنطقة الخليج، ودفع (أو سيدفع) الثمن. لا تملك موريتانيا اليوم القدرة على الوقوف ضد رغبات ابن سلمان في القضايا الدولية والإقليمية، لأنها اختارت الانضمام إلى نادي المدافعين عنه.
لكن أن يزور الجزائر وتونس، هنا مكمن السؤال.
لم تكن الجزائر والسعودية يوما على ودٍّ كبير. لكن في سنوات اختفت محفزات أيّ تقارب بينهما. اختلف البَلَدان في العراق واليمن وسوريا وليبيا، وفي العلاقة مع إيران وفي مشكلة الصحراء الغربية وفي قضايا أوبك. لكن العلاقات بينهما لم تصل إلى درجة التأزم. كان خلافا صامتا عمل كل طرف على إبقائه كذلك.
في الساعات التي أعقبت إعلان خبر جولة ابن سلمان المرتقبة للمغرب العربي، كان هو يقود عملية «دقِّ» أسعار النفط إلى مستوى هو الأدنى منذ أكثر من سنة (دون الـ55 دولارا للبرميل). كان على الرجل دفع فاتورة صك البراءة الذي منحه إياه الرئيس دونالد ترامب من دم مواطنه جمال خاشقجي. لكنه وهو يدفع، ألحق ضررا كبيرا متعمدا بعدد من الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط، ومنها الجزائر.

لم تغفر قيادتا السعودية والإمارات لتونس صعود الإسلاميين ومشاركتهم في الحكم، لذلك حاربت الدولتان التجربة التونسية وسعتا إلى التخريب في هذا البلد بأكثر من طريقة

بالنسبة للجزائر البلد ذي المصير المرتبط كليا بالنفط، ما فعلته السعودية بقيادة بن سلمان بأسعار النفط في الأسابيع القليلة الماضية (نزول بنحو 30٪)، يرقى إلى إعلان حرب و«خراب بيوت».
في هذا السياق تأتي الزيارة الموعودة لتبدو بلا جدوى. هذا ناهيك عن أن الجزائر اليوم بلا رأس وبلا قيادة. المتأمل في ما تبقى من مسؤولي الدولة الذين يمكن أن يلتقيهم بن سلمان ويستمع لهم ويستمعون إليه، يرى التصحر، باستثناء رئيس الوزراء أحمد أويحيى ونائب وزير الدفاع الفريق أحمد قائد صالح. لا قيادات سياسية ولا قيادات حزبية، ولا برلمان ولا مجتمع مدني ولا نقابات.
هناك في صالونات الجزائر وصحفها حب الكلام عن الوساطات وعن التأثير الدولي والإقليمي للجزائر. في كل مناسبة تشبه زيارة بن سلمان ينبعث هذا الكلام من ماضٍ تليد ولّى. هذه المرة سمعنا عن وساطات محتملة بين فرنسا والسعودية وبين السعودية وإيران. بيد أنه كلام موجه للاستهلاك العام ودغدغة المشاعر القومية، أما الواقع فغير ذلك: الجزائر على الهامش، بلا تأثير وبلا صوت وبلا أوراق في ما يجري في العالم.
في ضوء هذا يحق للمرء أن يتساءل كيف ستكون زيارة بن سلمان إلى الجزائر، إن تمت.
تونس قصة مشابهة، لكن في سياق آخر. منذ ثورات الربيع العربي، لم يبقَ هناك الشيء الكثير يجمع السعودية وقادتها بتونس. يكفي أن المملكة تواصل إيواء ديكتاتور تونس السابق زين العابدين بن علي منذ لحظة هروبه، على الرغم من الدعاوى القضائية الكثيرة المرفوعة ضده في بلاده.
لم يعد سراً الكلام عن أن السعودية قادت محوراً بذل جهداً لجعل تونس تدفع ثمن اختيارها أن تكون نموذجا في التغيير السياسي السلمي. السعودية والإمارات تُحمِّلان تونس مسؤولية الخطأ التاريخي المتمثل في إشعال فتيل رغبة الشعوب في التخلص من الطغاة. وللسعودية والإمارات طغاتهما أيضا. لم تغفر قيادتا البلدين لتونس صعود الإسلاميين ومشاركتهم في الحكم. لذلك حاربت الدولتان التجربة التونسية وسعتا إلى التخريب في هذا البلد بأكثر من طريقة، وأنفقتا أموالا كثيرة لعرقلة خروجه من مخاض ما بعد ثورة 2011.
مرة أخرى أحاول أن أتخيّل بن سلمان في تونس وتفاصيل الزيارة واللقاءات والبروتوكول، في مقابل شارع بإسلامييه وعلمانيه يصرخ ملء حنجرته: لا مرحبا بك عندنا.

كاتب صحافي جزائري

العثمانية والمسألة الشرقية… في ذكرى الحرب العالمية الأولى

Posted: 26 Nov 2018 01:10 PM PST

أثار التصريح الصهيوني الأخير بشأن القضاء على الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وأنه قد فتح الطريق أمام صعود الحركة الصهيونية؛ الكثير من الحقائق الثابتة تاريخيًّا، وفتح مجددًا باب الجدل حول ماهية الحكم العثماني ودوره، وحول البروباغاندا الدعائية الغربية، التي بُثت بالتزامن مع محاولة إحياء الشعوبية وإزكاء الروح القومية والطائفية داخل جسد الأمة الإسلامية إبان القرن التاسع عشر، تمهيدًا للسيطرة على الرأي العام الإسلامي وتبديل مفاهيمه حول تلك الدولة الإسلامية الأخيرة المحافظة على ترابط النسيج الإسلامي أمام الهجمات المستعرة من الغرب آنذاك لتقطيع أوصال ذلك الجسد الواحد وشل أي حركة مقاومة تنبثق من لُحمته.
هكذا لم يكن مشروع تقسيم الدولة العثمانية أو ما يسمى بـ«المسألة الشرقية» وليد ظروف الحرب العظمى (1914 ـ 1918م)، وإنما بدأت إرهاصاته قبلها بأكثر من قرن، إلا أن التنفيذ الفعلي على الأرض لم يكن ممكنًا من الناحية العملية إلا بعد نقض التوازن القائم بين الدول الأوروبية، والمستمر منذ عام 1815م بعد انتهاء الحروب النابليونية؛ خاصة وأن روسيا القيصرية كانت طوال القرن التاسع عشر تقف موقف المترقب للانقضاض على الدولة العثمانية باعتبارها الوريث الشرعي للأراضي البيزنطية الواقعة تحت سلطانها، إلا أن القوى الغربية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا أوقفت هذه المحاولات التي بلغت ذروتها إبان حرب القرم (1853 ـ 1856م). غير أن المشهد بدأ في التغير بتصاعد وتيرة الأحداث التي تقود إلى حرب أوروبية عامة بعد ظهور ألمانيا الموحدة كقوة عظمى في قلب القارة في الربع الأخير من القرن، مُحْدِثة ذلك الخلل الذي قاد إلى الحرب.
لم يكن أمام ألمانيا إلا التقارب مع الإمبراطوريتين القديمتين في وسط وشرق القارة، العثمانية والنمساوية ـ المجرية، للوقوف أمام الإمبريالية الغربية بقيادة بريطانيا وفرنسا، وفي المقابل لم يكن أمام العثمانيين في سبيل المحافظة على دولتهم إلا التجاوب مع هذا التقارب للحد قدر الإمكان من التدخلات الغربية التي أوشكت أن تجهز على ما تبقى من أراضي الدولة، في وقت اشتدت فيه الهجمات الاستعمارية في كل مكان حتى بلغت ذروتها، وهكذا خلال ما يربو على الربع قرن تكونت كتلتان متضادتان في المصالح والأهداف لاح مع تكونهما شبح الحرب العامة التي تجنبتها أوروبا بكل الوسائل الدبلوماسية لمدة قرن من الزمان.

كانت اليد الغربية تعبث في بنية المجتمع الإسلامي العثماني، من خلال التغلغل تحت مسميات شتى لفصم عرى الوحدة وبث النزاعات والحزبية والطائفية

في خضم هذه الصراعات كانت اليد الغربية تعبث في بنية المجتمع الإسلامي العثماني، من خلال التغلغل تحت مسميات شتى لفصم عرى الوحدة وبث النزاعات والحزبية والطائفية؛ فما كان من السلطان عبد الحميد الثاني (حكم: 1876 ـ 1909م) إلا أن حاول الوقوف أمام هذه التحديات من خلال التقاربات والموازنات السياسية التي تحفظ للدولة وحدتها من ناحية، ومن ناحية أخرى عن طريق تقوية اللُّحمة الإسلامية بانتهاج سياسة «الجامعة الإسلامية»، التي عملت على تقارب شتى طوائف الأمة ونبذ الفرقة والطائفية والوقيعة بين العرب والترك التي يبثها الغرب عبر دعاته. واحتدمت حرب خفية قبل أن تحتدم الحرب الحقيقية، وبدأت الأذرع الغربية في العمل خفية وعلانية في الداخل والخارج، واتجهت الأبواق الإعلامية لشيطنة السلطان العثماني وسياسته، حتى أننا نجد بعض الصحف العربية المحلية التي كانت تصدر آنذاك، كجريدة المقطم في مصر، تصف سياسة الجامعة الإسلامية على النحو التالي: «إن معنى الدعوة إلى الجامعة الإسلامية هو الدعوة إلى الجهاد، ويعني تعزيز الإسلام عندهم إهلاك غيرهم، فهم لا يفهمون أن يكون الإسلام عزيزًا إلا بإبادة خصومهم».
كان من أبرز السياسات التي انتهجها الغرب استخدام الأقليات ـ التي تكفلت الدولة العثمانية بحمايتها طوال تاريخها ـ في سبيل ذرع القلاقل وبث الفتن، ومن ثم التذرع بالتدخل لإخماد هذه الفتن أو لحماية طائفة معينة يُرَوَّج كذبًا باضطهادها، كما حدث في مسألة الأرمن. وكانت الصهيونية وفكرة إنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، التابعة للسلطان العثماني منذ عام 1516م، من الوسائل التي وجد الغرب أن مساندتها قد تزيد من الصدع المراد داخل أراضي الدولة وبين طوائفها؛ وللمفارقة، صار اليهود ـ الذين طالما عانوا من الاضطهاد العنصري في أوروبا لقرون من الزمان ـ أمة مستضعفة مسكينة تنظر لها القوى الغربية بعين العطف؛ وصارت الدولة العثمانية ـ الدولة الوحيدة التي قبلت باحتضان اليهود إبان طردهم بالآلاف من أوروبا على يد محاكم التفتيش في مستهل العصر الحديث ـ هي العدو الذي يعملون بكل وسائلهم على إسقاطه.
وتبين أن الحرب العالمية الأولى التي استمرت فعليًّا نحو أربعة أعوام، في الحقيقة ما هي إلا ذروة صراع امتد لعقود، وصدام كان حتمي الحدوث آجلاً أم عاجلاً لحسم المشاكل الدولية المعلقة وإنهاء الأنظمة التي نمى الغرب في ظلها وتطور وصار عليه الإحلال محلها بشكل أو بآخر، مرسيًا نظامًا عالميًّا جديدًا على أسس يحددها هو، وعلى رأسها بالطبع إمبراطورية هابسبورغ النمساوية ـ المجرية، والدولة العثمانية الممثل للعالم الإسلامي، والإبقاء على ألمانيا وحيدة ذليلة مجردة من أية قوة، مما مهد للتطرف الذي تبنته النازية بعد ذلك وألقمته للشعب الألماني، فقاد إلى كارثة الحرب العالمية الثانية، فقط بعد عقدين من الزمان.
هكذا وبعد مائة عام من فصم عرى الاتحاد الإسلامي الكبير بين العرب والترك، علينا أن نعقد مقارنة سريعة بين حال الأمة عامة والعرب على وجه الخصوص قبل وبعد الوحدة؛ وأن نتساءل هل استطاعوا بالفعل تحقيق النهضة المبتغاة التي منَّاهم بها الغرب فقط للإجهاز على هذا الاتحاد، وهل استطاعوا بعد ذلك امتلاك حق تقرير المصير والتخلص من الهيمنة؟

كاتب وباحث في الحضارة الإسلامية

قانون الضمان الفلسطيني بين الدستورية والعناد الحكومي

Posted: 26 Nov 2018 01:03 PM PST

يثار جدل واسع في فلسطين (الضفة الغربية تحديدا) حول ما يعرف الآن بالقرار بقانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني، الذي تحاول الحكومة الفلسطينية فرضه على المواطنين (خصوصا العمال وصغار الموظفين).
تحول هذا الجدل إلى حركة احتجاجات شعبية واسعة، على الرغم من انعدام الحضور أو التنظيم الفصائلي فيها. يقود هذه الاحتجاجات الحراك الموحد ضد قانون الضمان الاجتماعي، وهو جسم شعبي ذو حضور جماهيري، يتوسع بشكل يومي في كل أنحاء الضفة الغربية، وما بين شمالها وجنوبها تتعدد الوسائل التي يستخدمها الحراك لمواجهة القرار بقانون، فبدأت الاحتجاجات للمطالبة بالتعديل، ثم بالاختيارية بدلا من الصيغة الإجبارية للقرار. ومع عناد وتجاهل حكومي متصلب، قوبل بتصاعد للرفض الشعبي، تحولت الاحتجاجات إلى المطالبة بإسقاط القانون، وبصيغة أكثر تشددا تبنتها فعاليات جنوب الضفة الغربية تصل إلى المطالبة برحيل الحكومة ورئيس الوزراء.
وفي إطلالة معمقة على تخوم القرار بقانون، والظروف التي أحاطت بإصداره، نجد أنها تفتقر إلى الحد الأدنى من المتطلبات القانونية المستندة إلى القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور)، حيث إن القرار يفتقد إلى الدستورية لصدوره من جهة غير ذات اختصاص، وهو الرئيس الفلسطيني الذي حدد القانون الأساسي دوره التشريعي في حدود ضيقة جدا، لا تتعدى حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير وفقا للمادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني. وبحسب الفقه الدستوري، فإن الحالات التي تتعلق بالأمن القومي وتتعرض فيها البلاد للخطر المحدق، أو تتعرض فيها الدولة لكوارث طبيعية غير قابلة للسيطرة عليها، إلا من خلال قوانين طارئة مؤقتة تعرض على المجلس التشريعي في أول انعقاد له لإقرارها أو إلغائها. وبطبيعة الحال فإن ذلك لا يتوفر إطلاقا في حالة القرار بقانون الضمان الاجتماعي المزمع فرضه على المواطنين الفلسطينيين. ومن الضروري الانتباه إلى أن الحكومة لا تمتلك صلاحية اقتراح القانون للرئيس، على اعتبار أنه لا يقوم مقام السلطة التشريعية، وإنما تنحصر صلاحيتها في اقتراح القوانين لعرضها على المجلس التشريعي – الغائب حاليا- كما ورد في المادة 70 من القانون الأساسي الفلسطيني. كل ما تقدم هو نصوص دستورية، تؤكد على المبدأ الديمقراطي الخالد في الفصل بين السلطات، وهذا ما تنتهكه الحكومة بشكل مباشر وصريح، مع كل إصدار لقرار بقانون، كان آخرها القرار بقانون الضمان.
وفي تفاصيل القانون الذي يبدو أنه صيغ على عجل، وبعيدا عن انخراط الفئات المستفيدة/المتضررة من نصوصه ونطاق تطبيقه، فإنه يتضح أن هناك سلسلة من الانتهاكات القانونية الجسيمة التي شابت نزاهة الإجراءات الخاصة بتشكيل مؤسسة الضمان ومجلس إدارتها وبالاتفاقيات والتعيينات التي قامت بها، حيث يتضح أن مجلس إدارة الضمان قد وقّع اتفاقية ما يعرف بالحافظ الأمين مع أحد البنوك الفلسطينية، ممن لا تملك الحد الأدنى من سنوات الخبرة التي نص عليها القانون ذاته، فبدلا من توفر 15 سنة من الخبرة كحافظ أمين، تم التوقيع مع بنك لا تتوفر فيه خبرة أربع سنوات في هذا المجال، وكما يقال، إذا عرف السبب، بطل العجب، حيث أن رئيس مجلس الضمان كان نائبا لمجلس إدارة هذا البنك، ويمتلك فيه أسهما كثيرة، مما يطرح سؤالا قانونيا مباشرا حول تعارض المصالح وتناقضها، بالإضافة الى انتهاك «نص قانوني» في القانون ذاته، أي ان القانون انقلب بذاته على ذاته، مما يطرح أسئلة قانونية غاية في الدقة والحساسية، فإذا اخترقت إدارة الضمان نصوص القانون الذي يفترض أن يحكم عملها، من دون ان يرف لها جفن، ومن دون أن تأخذ اعتبارا لأي مصلحة أو هاجس قانوني، حتى قبل ان يبدأ تطبيق القانون، فكيف سيكون عليه الحال في بقية نصوص القانون؟ وإذا كانت نصوص القانون عرضة للتجاهل والانتهاك بهذا الشكل، فأي نوع من الثقة يتوقع القائمون على المؤسسة ان يحظوا بها من منتسبي الضمان، أم ان المطلوب هو التبصيم والتسليم والتنازل عن الحقوق الدستورية من دون أسئلة؟ هل هذه الانتهاكات تشير إلى أن الحكومة تحولت الى النهج القبلي في علاقتها مع القانون، بحيث تستطيع ان تضع نصا، وأن تنتهكه بطريقة القرار القبلي، الذي لا يحتاج إلى أي إجراء قانوني، سوى ما يقرره شيخ القبيلة؟ بالإضافة طبعا الى اتفاقيات مؤسسة الضمان مع وزارة الصحة «الحكومة» لتأمين المنضوين تحت إطار الضمان الذين يفترض فيهم الحصول على العلاج بطريقة شبه مجانية من حيث الأصل، من دون حاجة الى توقيع اتفاقيات ترتب التزامات مالية على منتسبي الضمان، كانوا يستطيعون الحصول عليها من دون حاجتهم للدفع مقابل هذه الخدمات.
يمكن تفسير تلك الخطوة على أنها التفاف على أموال الضمان، واعفاء للحكومة الفلسطينية من التزام قانوني عليها في توفير العلاج لمواطنيها في مؤسساتها الطبية المختلفة، كحق للمواطن ينبغي على الحكومة عدم اقتضاء المال مقابلا له.
كان واضحا منذ اللحظة الأولى التي ثار فيها الجدل حول القرار بقانون الضمان بأن القائمين على هذا القانون فشلوا في تقديم إجابات قانونية مقنعة للمواطنين الذين يفترض أن يمولوا صندوق الضمان من جيوبهم، بل إن كثيرا من الإجابات كانت مخالفة للقانون ذاته ومتناقضة حد إثارة الشكوك بجاهزية القائمين على الضمان في إدارة العمليات المترتبة عليه، خصوصا أننا نتحدث عن اقتطاعات شهرية تتراوح بين 40 – 50 مليون دولار ستنقل «باسم القانون» من رواتب المنتسبين إلى صندوق الضمان، من دون ان تعرف آليات حفظ واستثمار هذه الأموال، وكيفية التعاطي مع العوائد الاستثمارية المترتبة على ذلك، في إشارة إلى انكشاف هذه الأموال على خطط مجهولة للمنتسبين وللقائمين على الضمان أنفسهم. هذا أدى إلى تداعيات مثيرة في الشارع الفلسطيني بمختلف مستوياته القانونية والاجتماعية والاقتصادية، قادت إلى توجيه أسئلة للحكومة تتعلق بالديون المترتبة في ذمتها لصندوق التقاعد العام، الذي تقول بعض الأرقام أنها بلغت حتى الان ما يقارب الملياري دولار أو أكثر، وبان هذا الصندوق على حافة الإفلاس، نتيجة لأن الحكومة مدينة لهذا الصندوق ولم تقم بتسديد التزاماتها له على مدى سنوات طويلة. لم يكن ما ذكر أنفا الا جزءًا بسيطا مما يتم تناوله وتداوله في الأوساط الفلسطينية التي تشهد توترا يتصاعد بشكل تلقائي، مع تجاهل حكومي متعنت أمام مطالب الشارع التي تبدأ من عدم دستورية القانون، ولا تنتهي بذيول الشك إزاء أداء الحكومة الباهت، وما يعتريه من انعدام الثقة بكفاءتها على إدارة دفة الأمور، في ظل تجاهلها الكامل للحراك الشعبي الذي يقف ضد الضمان. يبرز هذا الاستنتاج في تلك اللهجة المتشددة التي يصدرها تحالف قبلي، تجاري، صناعي، عمالي، في جنوب الضفة الغربية طالب فيها برحيل الحكومة ومنع كل المكونات الاجتماعية والاقتصادية في هذه المناطق من التعامل مع مؤسسة الضمان، أو أي من إجراءاتها، مع تحذيرات مستمرة لفرض مقاطعة شاملة عليها وعلى أعمالها. الحكومة تبدو أنها تصر على القانون، في تحد واضح للإرادة الشعبية التي تستظل في مطالباتها بمظلة قانونية دستورية محقة في رفض القانون ومتعلقاته، ولا يفهم حتى الان ما هو سر التعنت الحكومي للمطالب الشعبية بإلغاء القانون، سوى أنها تبحث عن ممول محلي لديونها المتفاقمة، لسد العجز النقدي في حسابها الجاري، الأمر الذي يعطي حقا دستوريا كاملا للحراك الشعبي في رفض القانون وخوض معركة كسر العظم مع الحكومة، تلك التي يبدو أنها تعمل الآن على إعداد قرارات جديدة بقانون قد يكون أهمها قانون المالكين والمستأجرين، الذي قد يشعل توترات اكثر حدة في الشارع الفلسطيني، نظرا لما يتسرب عنه من خلط للأوراق التي قد تفرض حدود جديدة للمعادلة الاقتصادية الاجتماعية الراسخة في فلسطين، للدرجة التي وصفها البعض بانها ستكون هزة أرضية شديدة قد تأتي بالكثير من الدمار.

* محاضر في القانون المقارن

حماس وضرورة التحالف مع إيران

Posted: 26 Nov 2018 01:03 PM PST

العلاقة بين حركة حماس وإيران محل جدل واسع منذ سنوات داخل صفوف الحركة، وفي أوساط الشعب الفلسطيني بمجمله، خاصة في السنوات الأخيرة التي سجّلت فيها العلاقة بين الطرفين ما يشبه الانهيار، أو التدهور بسبب الصراع في سوريا، وانجرار حماس بشكل أو بآخر إلى اتخاذ موقف يتعلق بهذا الصراع.
سؤال العلاقة بين طهران وحماس يتجدد بين الحين والآخر، ولا تحسم حركة حماس هذا الجدل بشكل واضح بما يجعل الحركة في نهاية المطاف تجلس في منطقة محايدة بين الجنة والنار، فلا أصدقاء إيران ولا خصومها راضون بالموقف الرمادي للحركة، هذا فضلا عن أن الموقف الرمادي المتردد للحركة حيال إيران يُشكل مادة دسمة لخصومها في عملية شيطنتها المتواصلة.
في الظروف الإقليمية الراهنة لم يعد ثمة مبرر للموقف المتردد من إيران، إذ تقتضي مصلحة حماس اليوم، أن تعيد ترميم العلاقات مع إيران، وأن تعترف بأن الموقف الذي اتخذته عام 2012 أو اتخذه بعض قادة الحركة تجاه ما يجري في سوريا كان خطأ سياسياً، إذ كان ينبغي النأي بالنفس عما يجري في سوريا، وعدم الانجرار إلى صراع داخلي لا علاقة لحركة حماس ولا للفلسطينيين فيه، وهو الموقف الذي أغضب في ذلك الوقت كلاً من النظام في سوريا وحلفائه في طهران وبيروت. العلاقة بين حماس وإيران اليوم يتوجب أن تكون مبنية على القواعد والأسس والمنطلقات التالية:
أولاً: حركة حماس منظمة فلسطينية تعمل تحت الاحتلال، وليست دولة عربية، وعليه فلا علاقة لها بالصراعات التي تشهدها المنطقة، لا ما يتعلق منها بالثورات والتوترات الداخلية ولا الصراعات البينية الإقليمية، وليس مطلوبا منها أن تتبنى موقفاً من الصراعات والأزمات في المنطقة أو تنحاز لطرف دون آخر، وهذا ينسحب على ما يجري في سوريا واليمن.. وينسحب أيضا بكل تأكيد على مصر، إذ أنّ حماس ليست جزءاً من جماعة الإخوان، ولا علاقة لها بأزمة الجماعة مع النظام.
ثانياً: إيران جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة حالها حال باقي مكونات منطقة الشرق الأوسط، ولا علاقة للفلسطينيين أو لحركة حماس بالصراع بين طهران وبعض العواصم العربية، وليس مطلوباً من حماس الانحياز لطرف دون آخر في هذه الصراعات، وعليه فالعلاقة بين حماس وطهران تتساوى وتوازي العلاقة بين حماس وأي عاصمة عربية.
ثالثاً: إذا كانت إيران، على الرغم من الحصار المفروض عليها والأزمات التي تواجهها لا تتخلى عن دعم الشعب الفلسطيني، ولا تتسابق نحو تل أبيب من أجل التطبيع مع الاسرائيليين ـ كما يفعل بعض العرب- فمن الطبيعي أن تجد حركة حماس في إيران حليفاً مناسباً، وهذا ما فعلته كافة قوى التحرر على مر الأزمان، واختلاف الأمكنة عندما كانت تتحالف مع النقيض الطبيعي لعدوها.
رابعأً: ادعاءات التشيّع والمخاوف من انتشار المذهب الشيعي التي يخرج بها بين الحين والآخر البعض لتبرير العداء لإيران ليست سوى محض هراء لا معنى له، إذ أن الشيعة أولاً موجودون في العالم العربي أصلاً ووجودهم أسبق من الثورة الإسلامية في ايران (1979)، وثانياً حركة حماس أو أي منظمة فلسطينية أخرى ليست سوى قوى سياسية لا حركات دينية دعوية، وعليه فلا وصاية لهم على عقول الناس ولا علاقة لهم بمذاهب البشر وطوائفهم.. وثالثاً فإن الناس أينما كانوا ـ في فلسطين أو غيرها- أحرار في اعتناق الدين أو المذهب أو الطائفة التي يرغبون بها، وإذا كان المسيحيون والدروز والبهائيون وأتباع الديانات والطوائف الأخرى على اختلافها يعيشون في العالم العربي بلا مشاكل، فمن باب أولى أن يأمن الشيعة على أنفسهم ودينهم ومذهبهم.
خلاصة القول هو أن العلاقات بين حماس وأي دولة في العالم، بما فيها إيران، يجب أن لا تكون محكومة بأزمات أخرى ويجب أن لا تكون محكومة بالمجاملة لدول لا تقدم أصلاً أي دعم للفلسطينيين، بل تزحف نحو تل أبيب من أجل التطبيع وإقامة العلاقات معها. إيران كغيرها من دول العالم موجودة في هذه المنطقة وربما تكون مصلحة حماس في التحالف معها.

*كاتب فلسطيني

العالم خطير ولكن؟

Posted: 26 Nov 2018 01:01 PM PST

أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيانه الصادر يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، الذي حمل عنوان شعاره الانتخابي وهو «أمريكا أولا»، التأكيد على ما نعرفه جميعا، وهو أن العالم «مكان خطير» مكررا المقولة نفسها في نهاية البيان بوصفها المبرر الأساسي وراء موقفه بوصفه رئيسا في»عالم خطير جدا»، عليه أن يضمن المصالح الأمريكية ويواجه الدول التي تعرضها للخطر تحت الشعار الكبير «أمريكا أولا».
جاء مضمون البيان متسقا مع كل تناقضات ترامب التي ظهرت بعد اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وصولا إلى التأكد من تعرضه للقتل في قنصلية بلاده في تركيا، كما جاء متسقا مع شخصية ترامب نفسها، التي تبدو شبيهة منذ اللحظات الأولى بغيرها من الشخصيات في عالمنا، وإن اتسمت، على عكس الوضع لدينا وفي عالم السياسية، بصراحة إحراج الآخرين، عبر الإعلان عما يقال في الغرف المغلقة، أو الربط المباشر بين سياسات ومواقف تلك الدول ومطالبه المباشرة بشكل يضع تلك المواقف في مكانها الحقيقي بوصفها استجابة لمطالبه وتجاوزا عن الأحاديث الداخلية عن السيادة الوطنية التي لا تمس في تلك الدول، ووسيلة في الوقت نفسه لترويج ترامب داخليا.
لكن على هامش كل تلك الأمور المكررة، التي صدمت البعض، بتصور أن مواقف ترامب سوف تتسق مع ضغوط المؤسسات الأمريكية والإعلام خارج البيت الأبيض، إلا أنها أعادت إلى الواجهة حديثا يتشابه مع حديث الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عن «محور الشر»، وأحاديث أخرى في مصر عن «أهل الشر»، واعتبرت بشكل واضح أن «أمريكا أولا» في معناها المتجرد من القيم يكتسب مبررا أساسيا لهذا التحرر الأخلاقي المفترض، لأن العالم ببساطة مكان خطير أو شرير، كما انتشر في العديد من التغطيات التي تناولت بيان ترامب بوصفه انتهاكا للقيم الأمريكية.
وبعيدا عن أحاديث مثالية عن القيم في عالم السياسات الواقعية، وكيف أن هناك هامشا بين القيم والمصالح تحاول بعض الدول الحفاظ عليه، تجاوز ترامب عن الكثير من الأمور في بيانه، وتجاوز بعقلية رجل الأعمال الذي يقدم نفسه بوصفه صاحب الإنجازات المالية، القادر على إتمام صفقات صعبة والخروج منتصرا مهما كانت سياساته ومواقفه مناقضة للدبلوماسية والمواقف الدولية، وحتى السياسات الأمريكية المعلنة في ما سبقه، وخارج إدارته أو داخلها أحيانا، ولكن أبرز ما تجاوزه هو حقيقة الاختلاف بين حالة الشر في العالم التي يمكن أن نتحدث عنها على مستويات متعددة، وسلوك وسياسات الدول المختلف كليا في مواجهة تلك الحالة.
الدول لا يفترض أن تكون أداة للشر، ولا يفترض أن تتجاوز عن القانون، بقدر ما يفترض أن تلتزم به وتفرض احترامه وتحاكم على أساسه. ولا يتصور أن تبرر التجاوز عن القتل والقمع بمقولة بسيطة مثل، أن العالم خطير، وكأن البشر يمكن لهم اللجوء إلى استخدام العنف بشكل متزايد أيضا، لأن العالم مكان خطير.
في الوقت نفسه فإن التوسع في مفهوم قبول الشر، لأنه جزء من الواقع العالمي «الخطير»، يؤسس لوضع أكثر خطورة، ويصبح علينا تصور عالم تساهم فيه الدول والأفراد في الرد على حالة الخطر بالمزيد من العنف، باسم حماية المصلحة الذاتية مهما كانت القيم التي تتجاوزها، مولدا مرحلة أكثر خطورة في دائرية الشر الذي لا ينتهي ويتولد من بعضه ويتغذى على بعضه.
ما يقوله بيان ترامب، وغيره من الشخصيات المتشابهة في الإطار الفكري المقدم في إدارة الدول، إن العالم خطير، بشكل يبرر تحول كل طرف إلى خارج عن القانون بشكل ما، من أجل ما يفترض أنه حماية مصالحه. نقطة تصطدم سريعا مع تقرير حكومي أمريكي يؤكد على ضخامة الخسائر المحتملة، بسبب تغير المناخ على الولايات المتحدة نفسها، وكيف تتناقض تلك الخسائر التي ستصل إلى مئات مليارات الدولارات سنويا، مع موقف ترامب من اتفاقية باريس لعام 2015 لمكافحة تغير المناخ، التي رفضها واعتبرها مضرة بالاقتصاد الأمريكي. يتصور ترامب أن ممارسة الشر أو قبوله، والاستفادة من حالة القبول، بالحصول على مكاسب مادية أمرا طبيعيا، لأن العالم شرير، ومن شأن ممارسة الشر أو السماح بممارسته خارج الحدود أن يساهم في حماية الداخل الأمريكي، وكأن العالم يمكن أن ينعزل بشكل جامد بقرارات أو أسوار، رغم أن الخطر لا يعبر عن نفسه دوما في صورة عنف مادي أو سياسات مضادة، ولكن في تلوث بيئي لا يعرف حدودا، ولا يمكن أن يقتصر على مكان، وفي أمراض وتدهور اقتصادي يتضخم أثره مثل كرة الثلج، وتنعكس على الجميع، كما حدث في صدمات اقتصادية وانتشار أمراض سابقة، وهجرة ولدها عنف نظم وجماعات، لم يتم الوقوف ضده أو منع تسليحه. الشر الذي يظهر في أحاديث الأفراد، والذي يحضر في التعليق على جرائم معينة، وتزايد العنف الذي يعلن عن نفسه في تعاملات تبدو عادية تنتهي إلى قتل الخطيب السابق لخطيبته في مصر، أو السيدة المغربية لصديقها في الإمارات، وغيرها من صور العنف التي تظهر فجأة من شخصيات عادية، يظل شرا، ولكنه جزء من شر أكبر تمارسه دول ومؤسسات ومنظمات رسمية وغير رسمية تقوم بقذف الأطفال ودور العبادة، وإدخال بعض الدول في دوامات الفقر والجوع والمرض الذي يتحول إلى كارثة إنسانية لا يعوضها أن يقوم من يقذف تلك القنابل أو يمولها بإرسال بعض المساعدات الإنسانية للضحايا.
يبدو العالم مكانا شريرا حقا عندما تتجاوز الدول القانون، وبدلا من أن تكون السلطة الرسمية مسؤولة عن حماية الدستور والقانون داخليا والالتزام بمبادئ القانون الدولي والاتفاقات المنظمة لحقوق الأفراد وغيرها داخليا وخارجيا، تتحول إلى طرف في الصراع على زيادة الإحساس بالخوف، أو تعديل الدستور من أجل البقاء، والتركيز على تعظيم فكرة خطر العالم، من أجل تبرير الوجود والضرورة الحتمية للاستمرار. ربما يقول البعض، كما قال ترامب ويقول غيره، إننا نرد على الشر بالشر، ولكن تظل الأمثلة حاضرة لتلك الحالات التي تعاملت فيها الدول منفردة باسم مصالحها الخاصة، ومواجهة شر حاضر أو محتمل من أطراف أخرى، ولكنها لم تحقق أمانا ولم تتحول إلا إلى دائرة من دوائر المعاناة. يقول ترامب بوضوح ما يفعله ويقوله غيره بدون وضوح أحيانا، وخلف الأبواب المغلقة وبشكل غير مباشر في الكثير من الأحيان، ولكنه بهذه العلانية نفسها يزيد حالة الخطر والشر التي يعيشها العالم، ويؤكد على أن تسعير العنف والقبول بالانتهاكات التي تبدو بعيدة لأنها، بحسابات رجل الأعمال، تساهم في إضعاف الآخر وتعظيم المنافع المادية تساهم في التأكيد على أن كل عنف له ثمن، وأن هناك إمكانية لتمرير القمع والقتل بكل صوره، داخل الحدود وخارجها، ما دامت لا تمس مواطن يحمل جنسية تلك الدول الغربية نفسها، وتضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد الأمريكي من أجل شعبية السلطة في اللحظة.
يتصور البعض أن الشر بعيد ما دام يتعرض له آخر، مثل مخاطر الاحتباس الحراري والأمراض، ولكن الواقع يقول العكس في اللحظة وبلغة الأرقام نفسها، التي تتحدث عن خسائر مادية ناهيك عن الخسائر الإنسانية التي تساهم في زيادة الخطر في العالم الذي يتحول إلى ساحة منافسة بين قوى ترى أن النار يرد عليها بالنار، وأن بيع السلاح مبرر، لأن شخصا ما سوف يقوم ببيعه في النهاية بدون ان تركز على الجانب الآخر من الصورة، الذي تتعهد فيه دول بخفض بيع السلاح، أو التوقف تماما عن بيعه للدول التي تستخدمه ضد المدنيين، وكيف أن جهودا مثل تلك تحمل رسالة بضرورة توقف النار، وألا يكون تمويل اقتصاد طرف ما على حساب حياة أطراف أخرى. ويتجاوز أن مثل تلك التحركات من شأنها أن تساهم في إطفاء النار، أو على الأقل عدم توفير المزيد من الدعم للنار القائمة التي تزيد الخطر، وليس العكس ومعها الفقر والأمراض والمعاناة في اللحظة والمستقبل.
يقول أفلاطون «أغلب الناس عند السلطة يصيرون أشرارا»، وهو جزء من حديث زيادة المخاطر على ما يبدو من ترامب الذي أشار في تغريدة سابقة عن رغبته في تجربة حكم ممتد على الطريقة الصينية، إلى أحاديث مصرية على طريقة التسريبات الاستباقية من أجل إعداد الرأي العام وفرض أجندة تعديل الدستور وإنشاء مجلس حماية للدستور المعدل لبقاء السلطة في موقعها إلى أجل غير محدد، ولكن أفلاطون نفسه يقول أيضا «إن أكبر شر عدا الظلم هو إلا يدفع الظالم ثمن ظلمه»، وهو الظلم الذي تمارسه السلطة ليصبح شر السلطة أكثر تعقيدا، وهو يتسبب في خطر مضاعف وانعكاسات أكثر سلبية، في وقت يحاسب المظلوم أحيانا ويفر الظالم.
ولهذا جاء قرار الاتحاد الأوروبي باستمرار مصادرة أموال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مثيرا لتعليقات كثيرة وكأنه لحظة استفاقة وسط أخطبوط المشاكل وعالم العبث، ويعيد إلى الواجهة فكرة طرحت منذ محاكمة القرن بكل تفاصيلها مقابل غيرها من المحاكمات والاعتقالات، حول كيف يمكن أن تمر المحاسبة في لحظة حتى يأتي من يذكر الجميع بأن الملفات لم تغلق، وأن الكلمة ليست دوما نهائية في قاعات المحاكم عندما تكون السياسة حاضرة والثورة متهمة والوطن ضحية وتكون كتابة التاريخ جزءا من تلك التفاصيل المختلطة.
يظل الظلم والشر حاضرين في العالم، ولكن ما يحدث في ظل الأوضاع القائمة أن الدول تمارس دورا أكبر في ارتكاب الظلم وتمريره أو غض الطرف عنه مقابل مصالح مادية لحظية وأوراق إضافية في توازنات سياسية، وكأن الموت والمعاناة مشهد في مسلسل يمكن أن تتجاوزه بمجرد انتهاء المشاهدة أو تغيير المحطة التي تتابعها ما دام هناك من يدفع مقابل تمرير الظلم، وما دامت القنوات متعددة في عالم يحكمه المال وعقلية رجال الإعمال في الحكم والسياسة.

*كاتبة مصرية

هل يكره «حزب الله» بشير الجميل؟

Posted: 26 Nov 2018 01:01 PM PST

لا يعيد الصحافي الموالي لـ«حزب الله» باعتباره بشير الجميل “قتيلاً” وليس “شهيداً”، الجدل السياسي بين الجماعات في لبنان إلى زمن الحرب الأهلية، بل هو يستكمل انقساماً تاريخي متواصلاً، مستدعياً عن عمد، شخصية، تمثل الحدود القصوى لهذا الانقسام.
فالجميل، في كل سيرته، أي منذ تأسيسه مليشيا «القوات اللبنانية» وصولاً إلى “انتخابه” رئيساً بضغوط على نواب الأمة، لم يكن فقط فاقداً للإجماع، بل كان موضع انقسام حاد يعطل التفاوض والتسويات، وكان كذلك مشروع استقواء وغلبة وإخضاع يرفض التفاهم مع المختلفين إلا ضمن شروطه. هذه الصفات في بشير الجميل مثلت لدى المسيحيين، الذين شعروا في منتصف السبعينيات بانحياز عربي وإسلامي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يهدد وجودهم، مصدر قوة، فالتفوا حول “منقذهم” متجاهلين مجازره، حتى تلك التي ارتكبت داخل مجتمعهم نفسه.
هكذا شكّل الجميل وجدان المسيحيين الجمعي في لبنان ليس بوصفه قوياً، وإنما لشعور من أحبه بالضعف والتهديد. وبين قوة “المخلص” الوهمية وضعف أتباعه الحقيقي تكونها لحظة تاريخية قصوى من تاريخ البلد، طالت الخصوم أيضاً، إذ إن المحور “الوطني” كما كان يسمى، الذي ضم معظم المسلمين، اعتبر الجميل تهديداً وجودياً له، واغتياله ضرورة لا بد منها. ما جعل حدث مقتل “الرئيس المنتخب” حدثا مفصلياً، وعلى نقيض ما اعتقد آنذاك أن موت الجميل طوى صفحة من تاريخ لبنان، فإن ما حصل عام 1982 زاد من عطالة هذا التاريخ وجعله أسير لحظة تتواصل فاعليتها في وجدان الجماعات، بوصفها أداة تعريف لهم. فالمسيحيون، هبت عليهم رياح حولت مساراتهم السياسية وتحالفاتهم في اتجاهات متناقضة، لكن ساستهم، لا يزالون حتى الآن، يتنافسون على وراثة بشير الجميل لما للأخير من رصيد عند جمهورهم.
والمسلمون طغى عليهم الانقسام بين السنّة والشيعة، بعد انهيار تسوية “الاقتصاد مقابل المقاومة” باغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن خصومتهم مع الجميل تحولت بحكم التحالفات، تيار المستقبل مع القوات اللبنانية – وحزب الله مع التيار الوطني الحر، إلى إحراج يجب مداراته وعدم طرحه أمام الجمهور المسلم الذي يعتبر بشير “عميلاً اسرائيلياً”. والحال، فإن الصحافي الموالي لـ”حزب الله”، لم يسع، حين فتح سجالاً حول شخصية الجميل وموقعها بين الجماعات، للخروج عن المداراة التي تنهجها “المقاومة”، بل إن كلامه أقرب لعلاج موضعي لهذه المداراة مسرحه الإعلام والسوشال ميديا، ينتهي مفعوله مع انتهاء الكلام نفسه.
“حزب الله”، بهذا المعنى، لا مشكلة لديه مع بشير الجميل بدليل تحالفه مع بعض ورثته السياسيين، هو مهتم بمشروعه داخلياً وتحقيق وظائف لتابعيه إقليمياً وخارجياً، ومشكلته الفعلية، في هذا السياق، مع جمهور الشيعة، الذي يحتاج من وقت لآخر إلى من يعالج تناقضات سياسة “المقاومة” وهذه المهمة غالباً ما توكل إلى “شيوعيين” واهمين، الصحافي “الشجاع” أحدهم.

*كاتب سوري من أسرة «القدس العربي»

جمعيات استيطانية وشخصيات عربية تحاول اجتثاث الوجود الفلسطيني في القدس!

Posted: 26 Nov 2018 01:00 PM PST

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق