نذر طبيب الأطفال محمد وسيم معاذ، نفسه لخدمة أطفال مدينته حلب وسط الحرب الضارية التي تضربها، وأصر على البقاء في هذا «الجحيم» رافضا المغادرة إلى أن ذهب ضحية غارة استهدفت الأربعاء مستشفى القدس الذي يعمل فيه.
يؤكد زملاؤه ممن نجوا من القصف الأخير أنه «كان أفضل طبيب أطفال في المنطقة، وبالتأكيد أحد آخر الباقين في جحيم حلب».
لحيته السوداء كانت دائما مشذبة، وعيناه المتعبتان تكشفان وتيرة عمل هذا الطبيب الذي كان يعمل من دون توقف لانقاذ حياة أطفال مدينته، أكانوا من المرضى أو جرحى قصف قوات النظام في الأحياء الشرقية للمدينة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة.
نظراته حادة، ورغم المآسي كان حريصا على إضفاء جو من المرح للتخفيف من توترات الحرب التي تضرب المدينة السورية الثانية منذ العام 2012.
يوم الأربعاء الماضي خطفت غارة جوية حياة هذا الطبيب مع طبيب اسنان وثلاث ممرضات و22 مدنيا، بينما كانوا يقومون بعملهم في مستشفى القدس في حلب.
وانضم هذا الطبيب مع العاملين معه في المستشفى إلى لائحة الموت السورية التي تضم حتى الأن أكثر من 270 الف قتيل بينهم 13500 طفل، حسب أخر حصيلة قدمها المرصد السوري لحقوق الانسان في فبراير الماضي.
يقول زميله الطبيب حاتم مدير مستشفى للاطفال في حلب «كان معاذ اكفأ أطباء الاطفال في المدينة والطبيب الأروع في المستشفى».
-انساني وشجاع
وأضاف في كلمة له عن زميله معاذ نشرت في موقع «الحملة السورية» «كان ودودا وإنسانيا وشجاعا وقادرا على إطلاق النكات بين أفراد فريقه حتى في أصعب الأوقات».
ويتحدر الطبيب معاذ من حلب نفسها وكان يعمل خلال النهار في مستشفى الأطفال وليلا في قسم الطوارىء في مستشفى القدس. وقد غادرت عائلته إلى تركيا، وكان من المفترض أن يقوم بزيارتها خلال الأيام القليلة المقبلة لو لم تخطفه الغارة الجوية التي ضربت المستشفى.
وعندما تصاعدت وتيرة القصف خلال الأيام التي سبقت إصابة المستشفى، قام مع أعضاء الفريق الأخرين بانزال حاضنات الأطفال الرضع الى الطابق الأرضي ظنا منهم انهم قد يكونون بمكان أكثر أمانا.
تقول ميريلا حديب المتحدثة باسم مكتب منظمة أطباء بلا حدود في بيروت الذي يقدم الدعم المالي لمستشفى القدس، إن الطبيب معاذ كان مندفعا جدا واختار المجازفة بحياته لمساعدة سكان حلب.
وأضافت لوكالة فرانس برس «مستشفى القدس هو المستشفى الرئيسي للاطفال، وكان معاذ يعمل فيه منذ سنوات طويلة» معتبرة أن «خسارته لا تعوض».
وفي الاطار نفسه قالت ميسكيلدا زنكادا، رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في سوريا، في اتصال هاتفي معها في مدينة كيليس التركية، إن مقتل الطبيب معاذ «مأساة».
وأضافت «لم يبق سوى ما بين 70 و80 طبيبا للاهتمام بـ 250 ألف شخص لا يزالون يعيشون في القسم الشرقي من المدينة، لأن 95% من الأطباء غادروا أو قتلوا».
وتزداد الظروف المعيشية صعوبة يوما بعد يوم في المدينة حسب زنكادا، التي قالت ايضا «إن وضع الذين لا يزالون في حلب هو الأكثر هشاشة لأنهم لا يملكون ما يكفي من المال للنزوح».
ووصف الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون بـ «غير المبرر» القصف الذي استهدف مستشفى القدس. والمعروف أن القانون الدولي يمنع بشكل قاطع استهداف المستشفيات في الأعمال الحربية.
--
مرسلة من Blogger إلى صوت الشعب بتاريخ 4/30/2016 01:35:00 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق