Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

الأحد، 1 يوليو 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


بين أتاتورك وأردوغان: المفارقة الكردية

Posted: 30 Jun 2018 02:17 PM PDT

في كتابها «تركيا الجبهة الأمامية: النزاع في قلب الشرق الأوسط»، تروي الصحافية والأكاديمية التركية إيزغي بشاران فصولاً مبكرة من تاريخ الخيانات التركية للحقوق الإنسانية والقومية والثقافية الكردية، بعد قطع الوعود ومنح العهود؛ وذلك خلال هيمنة مصطفى كمال أتاتورك نفسه هذه المرّة، وليس أياً من الزعماء الأتراك القوميين أو جنرالات الانقلابات العسكرية.
ومن المعروف والمدوّن أنّ ذلك التاريخ يبدأ من مثال أول، لعله الأشهر والأشدّ انطواء على الإجحاف، وربما الغدر أيضاً؛ حين توصل أتاتورك، في سنة 1919، إلى اتفاق مع البرلمان (العثماني، ساعتئذ) يقرّ الاستقلال الذاتي للكرد، الذين حاربوا تحت الراية التركية خلال الحرب العالمية الأولى. يومها كانت خريطة تركيا، كما رسمها أتاتورك، تضمّ مناطق الموصل وكركوك والسليمانية، بالنظر إلى الأغلبية السكانية الكردية فيها، ولأنّ أتاتورك كان يعتبر الأتراك والكرد «لا انفصام» بينهما. لكنّ الاتفاقية ظلت حبراً على ورق، بل أُبقيت سرّية تماماً فلم يُكشف النقاب عنها إلا في الستينيات، وفي الأثناء واصلت السلطات التركية إعادة توطين الكرد، كما تابعت قمع انتفاضاتهم الشعبية عشرات المرات؛ ليس دون تواطؤ مع بعض زعماء الكرد الإقطاعيين والموالين والعملاء من جهة، والقوى الإمبريالية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة ثانية.
مثال آخر، يعكس تبدّل النظر إلى التاريخ بين حقبة وأخرى، أنّ صبيحة غوكشين، ابنة أتاتورك بالتبني، كانت أوّل امرأة طيّارة تقود مقاتلة حربية في حملة قمع انتفاضة درسيم، 1937 ــ 1939، التي تُعدّ ثاني أكبر انتفاضات الكرد بعد ثورة الشيخ سعيد التي اندلعت سنة 1925. وهنا أيضاً، كان محرّك الانتفاضة هو رفض سياسة إعادة التوطين وتواطؤ الزعماء الإقطاعيين المحليين، في منطقة ذات غالبية كردية وعلوية. الأرقام تشير إلى قرابة 14 ألف قتيل، وإجلاء 11 ألف آخرين؛ الأمر الذي لم يمنع الاحتفاء بالحفيدة المقاتلة، واستقبالها كبطلة قومية. وأمّا المفارقة، فقد تمثلت في أنّ رجب طيب أردوغان، ولكن في أواخر 2011 من موقع رئيس الوزراء، كان هو الذي اعتذر عن هذه المذبحة، واعتبرها «واحدة من أكثر الأحداث المأسوية في تاريخ تركيا».
هذه وقائع لا غنى عن استذكارها في أية مراجعة موضوعية، ورصينة تتكئ على المعطيات الملموسة وليس الانحيازات المسبقة، للحال الراهنة التي تعيشها الديمقراطية التركية. سجلّ حقوق الإنسان في انحدار متواصل، قوامه التذرع بحالة الطوارئ، التي فُرضت أصلاً بذريعة محاولة الانقلاب العسكري. لكنّ أحداً، خاصة في صفوف المعارضة، لا يزعم بأنّ الانتخابات شهدت أيّ تزوير أو تلاعب أو إكراه؛ الأمر الذي يعني ببساطة أنّ أردوغان هو بالفعل رجل أغلبية الـ52% من أبناء الشعب التركي، وأنّ هذه النسبة لن تردع ــ بل المنطق يفيد أنها سوف تعزز ـ طموحاته الإمبراطورية والأوتوقراطية.
هي اعتبارات تعني أيضاً، وربما تفيد أوّلاً، أنّ النظام الديمقراطي التركي ليس الملام في هذا، خاصة بعد اعتراف المرشح المنافس الأوّل، محرم إنجي، بنتائج الانتخابات؛ ونجاح «حزب الشعوب الديمقراطي» المقرّب من الكرد، في الوصول إلى البرلمان مجدداً. ومن الإجحاف، استطراداً، مقارنة هذه الديمقراطية بما تشهده روسيا من فصول التبادل الرئاسي بين فلاديمير بوتين ودميتري ميدفيديف، أو النسب العالية التي يحصل عليها الأوّل في كلّ دورة انتخابية.
 ومع ذلك فإنّ المفارقة الصارخة تبقى قائمة: الرجل الذي اعتذر عن مذبحة درسيم ضدّ الكرد، هو ذاته الذي يشنّ اليوم الحملات ضدهم في عفرين ومنبج، ويهدد باقتحام جبال قنديل؛ وهو، في الآن ذاته، الشعبي والشعبوي الذي أفلح شخصياً في تجاوز النسبة التي حصل عليها حزبه على صعيد الانتخابات التشريعية. وتلك علامة على أنّ الديمقراطية التركية، مثل كلّ ديمقراطية أخرى في الواقع، ليست كاملة، ولا هي خالية من المثالب؛ والعيوب الكبرى أحياناً.

بين أتاتورك وأردوغان: المفارقة الكردية

صبحي حديدي

القفز على النقدية الأدبية العراقية

Posted: 30 Jun 2018 02:17 PM PDT

من الجدارة أن نكتب عن دراسة نقدية جادة ورصينة بقصد التنويه عنها والإشادة بها كمطلب نقدي ووظائفية لا يمارسها سوى من امتلك مؤهلات التشخيص والرصد بوصفهما فعلين نقديين ينطويان على القصد الواعي في التلقي والاستجابة للنصوص النقدية والتمكن من فحصها وتحليلها.
ولكي لا تكون الممارسة لهذين الفعلين أعني التشخيص والرصد، جزافية أو مجانية لا بد من سلسلة آليات تتخلل الإجراءات بما يجعل عملية الفحص النقدي موضوعية وعلمية.
أقول هذا وأنا بصدد المقدمة التي كتبها الروائي علي بدر لكتاب الأستاذ الدكتور شجاع العاني الموسوم «قراءات في الأدب والنقد» ولا خلاف أن المغامرة النقدية المتمثلة في تقديم كاتب ميدان اشتغاله التخييل، لناقد مسيرته مغمسة بحصافة النظر وعلمية الطرح ودقة التنظير وبراعة الإجراء ليست بالأمر اليسير، لا من ناحية لا مألوفية هذا النوع من التقديم؛ وإنما من زاوية ما اعترى هذه المقدمة من قفزات تنتقل من هنا إلى هناك، محتفية تارة وهدفها المؤلف الدكتور شجاع العاني وقد تكون القفزة تارة ثانية توجيهية هدفها قارئ الكتاب وثالثة تكون القفزة تعضيدية هدفها النص النقدي وتارة رابعة تكون استعراضية هدفها كاتب المقدمة نفسه.
وهذا ما يجعل المغامرة محفوفة بالمخاطر لأنها تموضع نفسها في شرك الاسقاطية التي هي أشرس أعداء النقد المتحري للعلمية والموضوعية لما في هذا الشرك من مطبات وهفوات ودهاليز ومزالق ومتاهات تواجه من يعتلي منصة النقد بجزاف ومغامرة.
وإذ تقف الفقرتان الافتتاحية والختامية للمقدمة عند الناقد د. شجاع العاني وتشيد بعطائه ومسيرته الجليلة وتجربته الفريدة والمميزة في عالم النقدية العراقية فإن المتبقي من تلك المقدمة سيتخذ مسارا يبحث في تاريخ النقد العراقي أولا ليقفز منه إلى الثقافة العربية ولينط منها اخرا إلى المشروع الغربي.
وكان حريا بالمقدمة أن تعطي لمؤلف الكتاب مساحة أوسع تختزل عبرها قدرات الناقد الباهرة وما انمازت به من الحدية والجاذبية والعلموية والحيادية ليكون واحدا ممن أسسوا للنقدية العراقية المعاصرة وبنوا دعائمها بصدق وإخلاص حقيقيين.
ولو تركنا مسألة الإشادة بالناقد التي هي أبين من أن تستعرضها مقدمة بصفحتين، وأنصع من أن يسلّط عليها نظر نقدي بسبب ما فيها من عطاء علمي غزير، فإننا سنتجه صوب الطرح الذي تضمنته سطور الصفحتين اللتين حوتهما المقدمة وقد بدا بعض من هذا الطرح اسقاطيا يتمنطق تارة ويتخندق أخرى بقفزات سياقية وثقافية، وكالآتي :
ما أدعاه المقدم من أن وعي د. شجاع المسبق في التأسيس للبنيوية والمزج بين مختلف المناهج ينم عن يوتوبية للاقتراب من روح النص. ومعلوم أن اليوتوبية تعني رسم صورة دنكشوتية للمثال الذي لن يتحقق والمفترض الحلمي الذي لن يتاح له أبدا التجسد على أرض الواقع إلا تخييلا. وهو ما لا تقبله المقايسة مع عطاء د. شجاع وما دشنه في نقوده التطبيقية من طروحات صارت في أغلبها بمثابة نصوص مؤسسة وريادية، ومؤلفاته تشير إلى حقيقة واحدة دامغة وهي أن العمل على إيجاد مقاربات منهجية وتنويعات نقدية أمر لم يغب عن بال الناقد، بل ظل حاضرا لديه بقصد جمالي ووازع واع وحصيف.
القفز من مجال التمثيل الذي موضوعه الناقد إلى المسيرة النقدية العراقية برمتها وعلى مدى قرن كامل لتبدو هذه المسيرة بحسب المقدم نتاج مشروع رومانطيقي سحري يوتوبي وهنا نتساءل هل كان النقد العراقي طيلة قرن يراوح في مكانه لتكون «النزعة الرومانطيقية حاضرة دون حدود»؟
القفز نحو النقد النصي وكيف جابه نوعا من الارتياب حتى كان «صيغة وحيدة ومطلقة في النقد العراقي الراهن ووصل النقد الذي جابهها إلى نتائج صادمة وفاضحة» ص6 وهنا نقول أليس من الطبيعي أن يواجه الجديد المنهجي صدا من ناقد وانبهارا عند آخر ليكون التجريب مفضيا في النهاية إلى التقعيد أو القاعدية؟ ألا يكون في الارتياب والمجابهة والصدم والفضح إصرار وقصدية تكون نتيجتها صيغة ليست فيها البنيوية هي المنهج النهائي سيما ان النقد الراهن ـ بالمفهوم الزمني الذي قصده المقدم ـ تجاوز البنيوية إلى منهجيات ما بعد نصية؟
قفزة اعتراضية تنسف ما تقدم ضاربة بالنقد النصي العراقي عرض الحائط قائلة: «لقد وقف النقد العراقي التقليدي أواسط الثمانينيات مندهشا أمام الموجة التي تجاوزته بما لا يقاس موجة النقد الجديد القادمة من بلدان المغرب العربي في شتى المجالات».
قفزة تنتقل من النقاد العراقيين إلى النخبة العراقية المثقفة لتبدو هذه النخبة في موضع الانجذاب والاستغراب ليس في العقد الذي تتناوله المقدمة وهو الثمانينيات وإنما ترتد بطفرة مارثونية لتصل إلى الربع الأول من القرن العشرين فيغدو المثقف العراقي متجذرا بالمضامين فهل هذا التحصيل مبني على وقوف بانورامي مؤرشف لدائرة التأليفات كلها أم انه مجرد إسقاط؟
قفزة تبحث في أسباب تأخر الثقافة العراقية في تبنيها للمقاربات الحديثة واعتبار ذلك استجابة لعوائق ابستمولوجية تخص نشأة هذه الثقافة أصلا. فهل هذا يعني أن تأسيسنا الثقافي كان باطلا بسبب معيقات معرفية اعترته؟ وكيف لم تقدر الانتلجينيسيا العراقية على مواجهته؟
القفز نحو الثقافة العربية هذه المرة بما يرسم صورة مركزية لها لكنها بالمقابل تُهمش للأسف الثقافة العراقية لنقرأ «في الواقع لم تكن بغداد يوما من الأيام واحدة من هذه المراكز المولدة للثقافة العربية إنما كانت تستقبل الثقافة القادمة من المراكز الثقافية العربية وتعيد إنتاجها بشكل ممتاز وهذه المراكز كانت على التعاقب القاهرة بيروت الرباط» ص8. القفز الفنتازي الذي يعلمنا أن النقد المصري ترك مركزيته للنقد اللبناني بسبب صعود الفكر القومي العربي ولهذا «وجد المثقفون أنفسهم في موقف مأزقي» ص9. ثم يتبع هذا الموقف بفضيحة عصر الأنوار التي تسبق عنده فلسفة عصر الأنوار، كيف؟ لا ندري.
القفزة إلى الثقافة المغربية وأن النقد المغربي هو الذي» أنعش بعض آليات النقد الانغلوسكسوني داخل الأكاديميات العراقية وبذر البذور الأولى لنشأة النقد البنيوي «ص9 ولو كان الأمر هكذا فلماذا إذن عدت كتب النقاد العراقيين في ميدان النقد البنيوي والسوسيونصية مراجع تدرّس في جامعات الجزائر والمغرب ككتب الأستاذ فاضل ثامر والدكتور شجاع العاني؟
إن هذا النسف لم يكن القصد منه تصوير حالة الاحتراز التي رافقت دخول البنيوية إلى المشهد النقدي فحسب بل التوسع به إلى المشهد الثقافي العراقي بدءا من مطلع القرن العشرين إلى ثمانينياته ليكون مربط الفرس وبيت القصيد هو أن مصر ولبنان والمغرب هي المراكز المولدة للثقافة التي منها أخذ النقد العراقي حركيته وعليها عول في تطوره. وكأن الناقد العراقي كان جالسا في الظل واضعا ساقا على ساق ومسندا راحة يده على خده، منتظرا من يجود عليه بنقد أدبي استوعب النقد الغربي وغربله وفلتره كفلسفات ونظريات ومنهجيات، ليتناوله هو لقمة سائغة على شاكلة المثل الشعبي (تنبل أبو رطبة).
لا غرو ما في هذا الطرح من شطب لتاريخ النقد العراقي من خلال تصويره كهامش ينتظر من المركز أن ينقل الثقافة إليه، وهنا نتساءل ألم يطور الناقد العراقي خطابه السوسيوثقافي فترجم وألف وحاز على منح وبعثات معيدا إنتاج ثقافة الآخر؟
وهل يعقل أن ناقدنا لم يصارع من أجل التأسيس للتنوير بقوة وإخلاص وأنه لم يدخل معتركات ممارسا التجريب في حقول نقدية تمظهر خلالها متفردا متطلعا إلى غايات جمالية؟
نحن لا نريد من المتصدي لتاريخ النقد العراقي الحديث أن يكون محتفيا أو ناسفا ولا أن يكون متحاملا أو متصاديا إلا بالحقائق الدامغة التي ليس بلوغها بالأمر اليسير لأنه لا بد أن يبنى على ببلوغرافيا شاملة لمجمل النتاج النقدي من نهايات القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا.
وهذا بالتأكيد عمل جمعي مهم ينبغي أن تستنفر له الطاقات البحثية العراقية وهو ما كنت قد طرحته كمشروع لأرشفة النقد العراقي وتحليله نقد نقديا في أكثر من مناسبة.
وليس عيبا أن يتأثر نقدنا بالآخر لكن المعيب هو القصور في تشخيص هذا التأثر الذي قد يوصلنا إلى تحصيل ادعاءات غير دقيقة من قبيل أن الثقافة العراقية ما كان لها مشروعها لأنها كانت تنتظر ما يترحل إليها من الثقافة الغربية بعد أن تفلتره الثقافة العربية والنتيجة أن» النقد في العراق برمته متأثر بهذا المشروع التحديثي» ص8.
وما هذا الشطب أو النسف إلا واهمية تتناسى أن نازك الملائكة من أوائل النقاد العرب الواعين للتحديث الشعري والنقدي وما كتابها» قضايا الشعر المعاصر» إلا محاولة أولى ريادية على درب البنيوية.
وإذا كانت القفزة الأولى قد انطلقت من الارتياب بالنقد العراقي والمثقفين العراقيين الذين كانوا «يتعرضون لإغراء اليوتوبيا والأسطورة الرومانطيقية التي ورثوها جيلا بعد جيل» ص10 فان آخر قفزة ستكون عند حقبة التسعينيات التي أنهت معاناة النقد البنيوي حسب علي بدر.
وكأن مشهدنا النقدي في هذه الحقبة وما قبلها لم يتجاوز البنيوية إلى المناهج ما بعد النصية ليكون سباقا في تبني التفكيكية والسيميائية والنقد الثقافي والتلقي ونظريات القراءة وغيرها.
وعود على بدء، فإن معاينة تجربة ناقد من نقادنا ينبغي أن تخضع لرؤية منهجية تجعل التقديم وحتى الإعداد والتحرير أفعالا نقدية متحصنة من الشطحات والإسقاطات والتهيؤات والخيالات، مع ابتغاء النظام والبعد عن الفوضى والمجانية. لأن ذلك هو الطريق للإلمام بكل شاردة وواردة عن تاريخ النقدية العراقية التي تضعنا أمام صورة مؤرشفة حازمة ودقيقة لها لا تنفذ إليها الانطباعات والمماحكات ولا تتسلل نحوها الاطلاقات والتعميمات الناسفة والمشوهة والمصادرة في عصر أهم سماته انه انفتاحي متعدد ومتنوع يفتت المتربوليات ويتعالى عليها في مختلف ميادين المعرفة الإنسانية.

٭ كاتبة من العراق

القفز على النقدية الأدبية العراقية

د. نادية هناوي

كيف سيطبق اردوغان النظام الرئاسي الجديد؟

Posted: 30 Jun 2018 02:17 PM PDT

إسطنبول ـ «القدس العربي»: انتهت الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأهم في تاريخ تركيا، الأحد، بفوز الرئيس رجب طيب اردوغان بمنصب الرئيس وفوز «تحالف الجمهور» من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية بالأغلبية في البرلمان المقبل.
وعلى الرغم من أهمية استحقاق الانتخابات في حد ذاته، إلا أن الاستحقاقات المقبلة لا تبدو أقل أهمية كونها تتعلق ببناء نظام الحكم الجديد في البلاد، إذ أن هذه الانتخابات جرت بموجب نتائج التعديلات الدستورية التي اقرت في نيسان/أبريل من العام الماضي وتم بموجبها إقرار تحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي.
وعقب الانتخابات مباشرة، بدأ العمل على تطبيق هذا النظام الجديد بشكله المختلف وتفاصيله التي تطرح وتُقر وستطبق لأول مرة في تاريخ البلاد والمتعلقة بطريقة تنصيب الرئيس وانعقاد البرلمان وتشكيل الحكومة المقبلة، إلى جانب تعيين نواب الرئيس والصلاحيات التي سوف يتمتع بها الرئيس والبرلمان وطريقة الفصل بينهما.

انعقاد البرلمان وتنصيب الرئيس

من المقرر أن تبدأ أولى الخطوات الفعلية لتطبيق نظام الحكم الجديد في تركيا مع إعلان النتائج الرسمية النهائية، والتي ستتم في الخامس من الشهر المقبل حسب ما أكد سعدي غوفان، رئيس اللجنة العليا للانتخابات، وهي النتائج التي لن تشهد تغييراً لحقيقة فوز اردوغان بالرئاسة وتحالف الجمهور في البرلمان.
وعقب الإعلان عن النتائج النهائية الرسمية، سوف تنعقد أولى جلسات البرلمان التركي الجديد في الثامن من الشهر المقبل، وذلك برئاسة أكبر أعضائه سناً، ولكن وفي ظل الوضع الصحي السيئ لأكبر أعضاء البرلمان دينيز بايكال، النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، لم يتقرر بعد ما إن كان هو من سيرأس الجلسة الأولى أم سيتم نقل هذه الصلاحية لثاني أكبر أعضاء البرلمان سناً.
وفي خطوة متوقعة، أعلن حزب الحركة القومية، الخميس، أنه لن يتقدم بمرشح خاص به لمنصب رئيس البرلمان، وسيدعم مرشح العدالة والتنمية الذي سيحسم منصب رئيس البرلمان بسهولة من خلال مقاعد «تحالف الجمهور» الـ344 من أصل 600 مقعد.
وخلال وعقب إجراءات انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، سوف تعقد إجراءات حلف اردوغان لليمين الدستوري ضمن حفل تنصيب لم تتقرر بعد فقراته بشكل نهائي ولكنه سيكون مختلفاً عن السابق بشكل كبير، حسب مصادر تركية.
والثلاثاء، عقد اردوغان اجتماعاً استمر ست ساعات ضم رئيس الوزراء وعددا من الوزراء وكبار الموظفين في الدولة في إطار رسم خريطة طريق المرحلة المقبلة المتعلقة بتنصيب الرئيس وتشكيل الحكومة وإعادة هيكلة نظام الحكم في البلاد.

نواب الرئيس

حسب التصريحات السابقة لاردوغان، فإن نظام الحكم الجديد سوف يشمل تعيين نواب للرئيس، وبينما لم يجر الإعلام عن عددهم بشكل واضح، لكن تسريبات عن تعيين نائبين على الأقل، امرأة ورجل، لكن ورغم اقتراب هذا الاستحقاق الكبير إلا أنه لم يتم طرح أسماء بقوة لهذا المنصب حتى الآن.
يعتقد على نطاق واسع أن اردوغان سوف يسعى إلى إرضاء حليفه في «تحالف الجمهور» حزب الحركة القومية وذلك عبر منحه منصب أحد نواب رئيس الجمهورية، ولكن ورغم الحديث سابقاً عن تفكيره بتقديم هذا الطرح لرئيس الحزب دولت بهتشيلي، إلا أن التوقعات بأن الأخير ربما لن يقبل بهذا المنصب لشخصه، وعلى الأغلب سيتم منحه لأحد الشخصيات المحسوبة على الحزب. وتوقعت مصادر تركية أن اردوغان بحث مع بهتشيلي مشاركة الأخير وحزبه في نظام الحكم الجديد، وذلك في الاجتماع الذي ضم، الأربعاء، بهتشيلي واردوغان وبن علي يلدريم، في إسطنبول، لكن لم تتسرب أي معلومات عن ملف نائب رئيس الجمهورية.
وإلى جانب ذلك، جرى خلال الفترة الماضية طرح اسم أول رئيسة وزراء في تاريخ تركيا تانسو تشيلر،74 عاماً بقوة لتولي منصب نائب رئيس الجمهورية، حيث ظهرت تشيلر إلى جانب اردوغان في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية وأعلنت دعمها له عقب حضورها المهرجان الانتخابي المركز لاردوغان في إسطنبول.
كما يتم طرح اسم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الذي بات يعرف باسم «آخر رئيس وزراء في تاريخ تركيا» عقب إلغاء المنصب في النظام الجديد، حيث تتكهن الكثير من المصادر بإمكانية منحه منصب رئيس البرلمان أو نائب رئيس الجمهورية، لكن كل التكهنات السابقة لم يتم تأكيدها حتى الآن بانتظار حسمها من قبل اردوغان الذي بدأ اجتماعات مكثفة لاختيار طاقمه الرئاسي للإعلان عنه عقب تنصيبه رسمياً.
 
تشكيل الحكومة

عقب أدائه اليمين الدستوري، وبدء ممارسة مهامه رسمياً وفقاً للنظام الجديد، سوف يعمل اردوغان على تشكيل الحكومة في أسرع وقت، وهي الخطوة التي ستشهد التغيير التاريخي الأبرز في النظام الجديد الذي سيلغي منصب رئيس الوزراء بشكل نهائي وستدار الحكومة بشكل مباشر من قبل الرئيس.
وفي تغيير جوهري آخر، لن يكون الرئيس مطالباً بتقديم حكومته للبرلمان من أجل منحها الثقة، وهنا سوف تنتهي سلطة البرلمان المباشرة على تمرير الحكومة، وسيمتلك اردوغان صلاحية كاملة في تشكيل الحكومة حسب رؤيته، وذلك على الرغم من امتلاكه الأغلبية البرلمانية التي تُمكنه من تمرير الحكومة عبر البرلمان أيضاً.
وحسب تصريحات سابقة لاردوغان، فإن عدد وزراء الحكومة الجديد سوف يتم تقليصه بشكل لافت، حيث سيتم خفض العدد من 26  إلى 16وزيراً فقط، في خطوة يقول إنها تهدف إلى تقليل البيروقراطية في البلاد والارتقاء بأداء نظام الحكم في كافة المجالات.
وبموجب النظام الجديد، يجب أن لا يكون أي وزير نائباً في البرلمان، وهو ما يؤشر إلى أن الحكومة الجديدة سوف تشهد تغييراً جوهرياً عن ا السابقة، وذلك لأن معظم وزراء الحكومة الأخيرة تم ترشيحهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وفازوا جميعاً بمقاعد برلمانية، وهو ما يدعم كلام اردوغان السابق بأن الحكومة الجديدة سوف تتكون في درجة أساسية من «التكنوقراط» أي من مختصين وخبراء في مجال وزاراتهم.
لكن مصادر تركية تحدثت عن إمكانية لجوء اردوغان إلى الاستعانة ببعض الوزراء السابقين والذين نالوا عضوية البرلمان الجديد، وذلك بحثهم على الاستقالة من البرلمان قبيل مراسم أول جلسة برلمانية وهو ما يضمن للحزب منح المقعد لنائب آخر من الحزب نفسه، وهو ما يرجح – ربما- استقالة بعض النواب في الأيام المقبلة، ضمن تحرك يهدف إلى منحهم مناصب وزارية في الحكومة المقبلة.
كما لا يعرف حتى الآن ما إن كانت الحكومة المقبلة سوف تضم وزراء من حزب الحركة القومية أو محسوبين عليه باعتباره الحزب الضامن للأغلبية البرلمانية للعدالة والتنمية، ويتوقع أن يشكل ضغطاً على اردوغان للحصول على حصة في نظام الحكم الجديد.

الوزارات 

بموجب النظام الجديد سوف يتم تقليص عدد الوزارات بشكل لافت، من خلال إلغاء وزارات ودمج أخرى ببعضها في خطوة يقول اردوغان إنها تتضمن خفض المناصب المختلفة في الجمهورية بشكل كبير لكنها ستضمن سرعة في تقديم الخدمات والحلول وزيادة في الإنتاج والتوفير في الوقت. ومن المقرر أن يتم دمج وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية، مع وزارة العمل والضمان الاجتماعي، تحت مسمى «وزارة العمل والخدمات الاجتماعية والأسرة». كما سيتم دمج وزارة العلوم، والصناعة، والتكنولوجيا، مع وزارة التنمية، ليصبح اسم الوزارة الجديدة «وزارة الصناعة والتكنولوجيا».
ودمج وزارة الجمارك والتجارة مع وزارة الاقتصاد تحت مسمى «وزارة التجارة» وزارة الغذاء والزراعة والثروة الحيوانية سيتم دمجها كذلك مع وزارة الغابات وشؤون المياه، لتصبح تحت مسمى «وزارة الزراعة والغابات». أما وزارتا الخارجية والاتحاد الأوروبي فسيتم دمجهما تحت مسمى «وزارة الخارجية».

9 لجان و4 مكاتب 

كما سيشهد النظام الجديد إنشاء 9 لجان جديدة، وهي: لجنة سياسات الإدارة المحلية، ولجنة السياسات الاجتماعية، ولجنة سياسات الصحة والغذاء، ولجنة سياسات الثقافة والفن، ولجنة سياسات القانون، ولجنة سياسات الأمن والخارجية، ولجنة سياسات الاقتصاد، ولجنة سياسات التربية والتعليم، ولجنة سياسات العلوم والتكنولوجيا والحداثة.
وإلى جانب ذلك، سيتم تأسيس 4 مكاتب ستعمل مع رئيس الجمهورية مباشرة، وهي: مكتب الموارد البشرية، ومكتب الاستثمار، ومكتب التمويل، ومكتب التحول الرقمي، وهي مكاتب تهدف في الدرجة الأولى إلى إدارة اقتصاد البلاد وتطويره بشكل كبير، إلى جانب تعزيز التحول الرقمي.

الصلاحيات والرقابة 

وبينما يعتبر معارضون وجهات غربية أن نقل السلطات التنفيذية إلى الرئيس بشكل واسع بما يشمل تعيين الوزراء وكبار القضاة وإقرار الميزانية وإصدار المراسيم شكلاً من «الديكتاتورية والاستبداد» قال اردوغان إنه ومن خلال النظام الجديد يتم تأسيس «بنية» تعمل على مأسسة آليات التشاور واتخاذ القرارات بشكل أسرع وتنفيذها بشكل سليم.
في حين قال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكر بوزداغ، إن «النظام الرئاسي الجديد ليس نظام الرجل الواحد بل هو نظام يحمي الديمقراطية بإرادة الشعب» معتبراً أن «بقاء رئيس الجمهورية ضمن حزبه لا يعيق أداء عمله باستقلال وحيادية».
وتقول المعارضة إن اردوغان سعى إلى تهميش دور البرلمان المقبل وسحب الصلاحيات منه، في ما اعتبر مصطفى شانطوب، رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان التركي، إن «تشكيلة البرلمان عقب الانتخابات المقبلة، سيكون لها دور رئيسي في النظام الرئاسي المقبل، بعكس ما يروج له من أن النظام الرئاسي سيقلص دور البرلمان».
وعن دور البرلمان في النظام الجديد، يقول شانطوب: «التغييرات المقبلة في النظام الرئاسي، ستجري وفقاً للقوانين الدستورية وعبر البرلمان الذي سيصدر بدوره خلال الدورة التشريعية المقبلة، العديد من القوانين والتشريعات التي ستحدد مؤسسات نظام الحكم الجديد» معتبراً أن النظام البرلماني السابق كان يمنع مسائلة البرلمان للحكومة كونها نالت الثقة من الأغلبية البرلمانية التي تعطل محاسبتها، وقال: «النظام الجديد يتيح للبرلمان مراقبة أداء الحكومة بشكل أقوى».

كيف سيطبق اردوغان النظام الرئاسي الجديد؟
التنصيب والوزارات والصلاحيات ودور البرلمان
إسماعيل جمال

دلالات ردود أفعال دولية على الانتخابات التركية

Posted: 30 Jun 2018 02:16 PM PDT

لم تقلق أمريكا من نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا كما فعلت بعض العواصم والصحف الأوروبية، فوزير الخارجية الأمريكية بومبيو علق عليها بكلمة واحدة وهي: «إن الانتخابات في تركيا انتهت، بعد الآن يمكننا الخوض في مرحلة محادثات مثمرة أكثر». جاء ذلك في تصريحات أدلى بها بومبيو، يوم الأربعاء أمام لجنة المخصصات في مجلس الشيوخ الأمريكي وأضاف في معرض إجابته على أسئلة النواب: «تركيا والولايات المتحدة توصلتا إلى اتفاق بشأن مدينة منبج السورية» معرباً عن تفاؤله حيال إنشاء العلاقات بين البلدين على هذه المرحلة، وقال: «خلال فترة مهامي كانت العلاقات مع تركيا صعبة، وكذلك كانت في السابق، لم يكونوا راضين عن إنشائنا علاقات وثيقة مع قوات سوريا الديمقراطية، لقد حققنا قبل 3 أسابيع تطوُّرًا في موضوع منبج» وعن الاتفاق قال: «ما حدث في نهاية المطاف، سيكونون (الأتراك) جزءاً مهماً من الحل السياسي، ينبغي علينا القبول بالعمل جنباً إلى جنب على أحسن وجه معهم».
وحيث إن هذا الاتفاق تم التوصل إليه وإعلانه قبل الانتخابات بأيام، فإن ذلك مؤشرٌ على أن العلاقات التركية الأمريكية كانت قد تصالحت وتفاهمت عل نقاط الخلاف بينهما، وأن هذا التفاهم قد ساهم بدرجة ما على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، ومؤشرات ذلك عودة السفير الأمريكي إلى أنقرة قبل الانتخابات بأسبوع واحد تقريباً، بعد غياب دام عاما تقريبا، وكذلك الاحتفال الذي أقيم في أمريكا لتوقيع عقد امتلاك تركيا للمقاتلة الأمريكية الحديثة إف35 وإن تأخر تسليمها فعليا لحين إجراء تدريبات عسكرية عليها من قبل الطيارين الأتراك في أمريكا، إضافة لذلك التصريحات الأمريكية حول الانتخابات، بمطالبة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات للعمل معاً لإدارة الحياة السياسية بعدها، أي ان أمريكا نظرت إلى الانتخابات التركية حدثاً داخلياً، وفضلت التفاهم مع تركيا على مستقبل المنطقة عن المناكفات الأخرى، وكأنها كانت على معرفة بأن مستقبل تركيا واضح المعالم السياسية، وبالتالي فإن التعامل مع الأتراك كشركاء سياسيين على مستقبل المنطقة هو الحل الأفضل، وبالأخص في سوريا، فالتعاون والتفاهم مع تركيا هو المسار الأفضل بين حليفين استراتيجيين لعقود طويلة.
يمكن النظر إلى هذا الموقف الأمريكي على أنه طبيعي، حيث أن أمريكا تغلب مصالحها دائماً، وتتوافق الاستراتيجية الأمريكية مع تركيا بغض النظر عن الحزب الحاكم، ولكن ما قد يضطر أمريكا إلى هذه التفاهمات مع القيادة التركية هو أن أيَّ تباعد أكثر بين تركيا وأمريكا سيكون بعد الآن لصالح روسيا بالتأكيد، ولعل تصريح الرئيس الروسي عن إعادة انتخاب اردوغان رئيسا للجمهورية قد وقع على مسامع البيت الأبيض قويا، فبوتين يقول: «إن إعادة انتخاب اردوغان دليلاً على سلطته السياسية الكبيرة بين الشعب التركي»، فهذا التصريح الروسي فيه تحريض للسياسة التركية لمزيد من الاستقلال عن السياسات الغربية والأمريكية التي أضرت بالأمن القومي التركي في المرحلة الماضية، ولكن إصرار السياسيين الأتراك على التمسك بالتوازن في العلاقات الدولية قد شجع مواقفهم السابقة في التفاهم مع أمريكا لحماية الحدود الجنوبية التركية من المخاطر الانفصالية للأحزاب المسلحة الكردية، التي راهنت عليها أمريكا لتحرير الأراضي السورية الشمالية من تنظيم «داعش»، وربما راهنت عليها أمريكا لتأمين نفوذها على الأرض لحماية أكثر من عشرين قاعدة عسكرية أمريكية شمال سوريا وشرقها الجنوبي، فإصرار السياسية التركية على مواقفها الصلبة واقناعها للإدارة الأمريكية بأنها خاطئة، وأنها إنما تساعد تنظيمات إرهابية تابعة لحزب العمال الكردستاني الموجود على قوائم التنظيمات الإرهابية الأمريكية الرسمية، أدخل الإدارة الأمريكية في حرج شديد بين مؤسساتها التنفيذية والتشريعية داخل الكونغرس.
أما مؤسسة حلف الناتو فقد سارعت رئاستها إلى تهنئة الشعب التركي بعد ساعات من إعلان النتائج غير الرسمية، والتي أشارت إلى فوز اردوغان بنسبة 52 في المئة، وما لفت قيادة حلف الناتو هي المشاركة الكثيفة في الانتخابات حيث بلغت 88 في المئة من الشعب التركي، وهي من أعلى النسب الدولية في المشاركة في الانتخابات الأوروبية والعالمية، فقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ: «أهنئ الشعب التركي لمشاركته الكبيرة في الانتخابات»، وأضاف: «تركيا هي حليف مهم جدا للناتو، ليس فقط لامتلاكها موقعا استراتيجيا مهما من الناحية الجغرافية، وإنما أيضا لدورها الحساس في مواجهة الإرهاب»، أي أن الناتو حريص على كسب تركيا في الحلف وعدم تباعدها عنه.
وما كان أكثر أهمية هي نتائج الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية خارج تركيا، فأهم الإحصائيات لنتائج تصويت الأتراك في الخارج تبين أن نسبة التصويت للرئيس اردوغان كانت عالية في الدول الأوروبية التي كانت معادية له في السنوات الماضية، وكانت ألمانيا أكثر الدول الأوروبية تصويتاً من حيث عدد الناخبين البالغة (717992)، ونسبة التصويت فيها هي 49.7 في المئة.
وبينت نسب التصويت في بعض الدول الأوروبية، التي كانت الدعاية الإعلامية فيها ضد اردوغان خصوصاً وضد السياسة التركية عموماً، ان الإعلام الغربي في هذه الدول لم يحسن تقدير العقلية التركية وردود أفعالها، وهو ما ينبغي أن تكون له دلالاته في المستقبل.

دلالات ردود أفعال دولية على الانتخابات التركية

محمد زاهد جول

مستقبل المعارضة التركية عقب فوز اردوغان

Posted: 30 Jun 2018 02:16 PM PDT

منذ أن جاء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي إلى سدة الحكم، في 2002 وإلى اليوم، وهو يتربع على عرش السلطة في تركيا، الأمر الذي لم تتمكن معه المعارضة التركية من إزاحته أو حتى مشاركته في حكومة ائتلاف.
ولعل من أسباب صمود اردوغان وحزبه، بالإضافة إلى سجله التنموي والاقتصادي، أنه حزب شاب جديد برؤى محافظة، وبخطاب يدمج بين الديني والقومي، ويثير في الأتراك حنينهم الكبير إلى ماضيهم الذي لا يبدو أن عشرات السنين أنستهم إياه، بالإضافة إلى اتصافه بالاعتدال وعدم تبني أيديولوجيا معادية للغرب، فيما ترهلت المعارضة التركية، وأصابها الكثير من التشرذم، واكتهل قادتها دون أن يقدموا شيئاً مدهشاً للأتراك خلال السنوات الماضية، إن على مستوى الطروحات النظرية، أو على مستوى الأداء العملي، الأمر الذي فاقم مشكلتها وجعلها تتجرع مرارة الانتكاسات أمام الصعود القوي لحزب اردوغان.
وبعد فوز اردوغان وحزب العدالة والتنمية على المعارضة التركية ممثلة بحزبها التقليدي «حزب الشعب الجمهوري»، في الانتخابات الأخيرة، يتحتم على المعارضة إعادة ترتيب أوراقها خلال السنوات المقبلة.
ينبغي هنا أن نقرر أن أداء المعارضة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة كان الأفضل بالنسبة لها على مدار السباقات الانتخابية السابقة، وهو ما يعني أن أداء هذه المعارضة ربما يتحسن بشكل أكبر في السنوات المقبلة.
وقد حصل المرشح الأبرز للمعارضة محرم إنجي على نسبة 31.7 من أصوات الناخبين الأتراك، وهي أعلى نسبة لمرشح معارض منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، فيما حصل تحالف المعارضة في الانتخابات النيابية على نسبة 34 في المئة من الأصوات.
ويعزو الكثير من المتابعين النسبة العالية التي تحصل عليها إنجي إلى شخصيته القوية، والتي استطاعت فرض نفسها منافساً شرساً وعنيداً أمام اردوغان خلال فترة السجالات والمهرجانات الانتخابية، وهو ما قد يشير إلى طبيعة توجهات المعارضة في المستقبل، حيث يعتمد وضع المعارضة على وضع حزبها الرئيس «الشعب الجمهوري» بزعامة كليتشدار أوغلو، والذي يبدو أنه قلق إزاء الشعبية المتزايدة لمحرم إنجي التي اكتسبها خلال جولات الصراع الانتخابي مع اردوغان، و»تحالف الجمهور»، المكون من حزب العدالة والتنمية والحركة القومية، في حين تشكل تحالف المعارضة الجديد من حزب الشعب والحزب الجيد وحزب السعادة، بالإضافة إلى «حزب الشعوب الديمقراطي» الموالي للأكراد، ضمن ما سمي بـ»تحالف الأمة».
ويذهب العديد من المعلقين الأتراك إلى ان أوغلو باقتراحه لاسم إنجي منافساً لاردوغان، سعى لتحطيمه شعبياً أمام اردوغان، من أجل إبعاده عن منافسته على زعامة الحزب، وهو ما صب في صالح إنجي بعد الأداء المميز الذي قام به أثناء فترة المهرجانات الانتخابية.
والثلاثاء الماضي سرت داخل أروقة حزب الشعب الجمهوري همهمات عن إمكانية قيادة إنجي للحزب، نظراً لوجود تيار داخل الحزب يدعم هذا التوجه، وهو الأمر الذي لم يرق لزعيم الحزب كليتشدار أوغلو الذي هدد بأن «من يعشقون المناصب ويحاولون الآن انتقاد الحزب بسبب عدم حصولهم على المقاعد لن يكون لهم مكان في داخل الحزب».
وإذا كان وضع المعارضة التركية مرهوناً مستقبلاً بأداء حزبها الرئيسي، فإن وضع الحزب مرهون بالصراع الذي ربما يتفجر على قيادة الحزب بين إنجي وأوغلو. وإذا ما تقرر أن يتسلم إنجي قيادة الحزب فربما ينهض الحزب ومعه بقية أحزاب المعارضة من كبوتهم الانتخابية، أما إذا استمر الصراع على قيادة الحزب بين إنجي وأوغلو فإن الحزب ومعه بقية أحزاب «تحالف الأمة» ربما يشهد المزيد من الانقسامات، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن أهم القواسم المشتركة لتحالف المعارضة تتمثل في مجرد «العداء لاردوغان»، الأمر الذي قد لا يعول عليه كثيراً في استمرار هذا التحالف، خاصة وأن حزب السعادة الإسلامي يعد أقرب فكرياً إلى حزب العدالة والتنمية، منه إلى حزب الشعب الجمهوري، ذي الخلفية الأتاتوركية.
وفي حين يمضي اردوغان وتحالفه بقوة بعد فوزهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تنوء أحزاب المعارضة التركية بتركة من الإحباطات تسبب بها جمود خطابها، وتقليدية أدائها، وماض من الحكم الفاسد المتحالف مع العسكر، والذي يمثل رصيداً قوياً يستغله اردوغان للانقضاض على معارضيه، الذين يتهمون بأنهم كانوا عوناً للجيش في معظم مراحله التي تدخل فيها للإطاحة بحكومات منتخبة.
ومع ذلك، يمكن القول إن أداء المعارضة مرتبط بشكل عضوي بأداء الحزب الحاكم وحلفائه، لأن المعارضة فيما يبدو بدأت تفتح عينيها على التكتيكات التي يجيدها اردوغان في دعاياته السياسية، وهو ما سيمكنها من النيل منه مستقبلاً، حال عدم تقديم اردوغان وحلفائه ما يقنع الناخبين الأتراك بضرورة الإبقاء على تصدره.
لا يمكن عند الحديث عن المعارضة التركية وحظوظها المستقبلية إغفال عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتطورات الأحداث في الجوار التركي (سوريا والعراق تحديداً)، ونوعية العلاقة مع الروس من جهة ومع الغرب (الولايات المتحدة وأوروبا) من جهة أخرى، حيث يؤثر ذلك على مجمل الخريطة السياسية والحزبية داخل تركيا، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلباً أو إيجاباً على أداء كل من «تحالف الجمهور» بزعامة اردوغان، و»تحالف الشعب» بزعامة كليتشدار أوغلو.

مستقبل المعارضة التركية عقب فوز اردوغان

محمد جميح

تفوق حزب العدالة يعود لقدرته على اجتذاب أصوات شريحتين متناقضتين   

Posted: 30 Jun 2018 02:15 PM PDT

تمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق نصر جديد وعريض في الاستحقاق التركي الانتخابي الأخير، لكنه مدين بقدر من هذا الانتصار لأصوات طرفين متنافسين، هما القوميون الأتراك والإسلاميون الأكراد، والمفارقة انهما نقيضان اجتمعا فقط في توليفة حزب العدالة.
فبالنسبة للجزء الذي يناصر حزب العدالة من القوميين الأتراك(يمين)، فهم يعتبرون قوته ضمانة لتركيا بوجه خصومهم المشتركين في القوى القومية الكردية ذات الصبغة اليسارية، أما الأكراد من المحافظين، فهم يعتبرون استمرار امساك حزب العدالة، هو صمام أمان لهم من سيطرة القوميين الأتراك أو العلمانيين الأتاتوركيين. والطرفان سبق ان اضطهدا الأكراد ان كانوا من المحافظين الإسلاميين، كالشيخ الكردي الصوفي سعيد بيران الذي أعدمه أتاتورك، أو مدينة تونجلي التي كانت تعرف بدرسين، إذ تعرضت لمجزرة قصف بالطائرات في عهد الأتاتوركيين أيضا، اعتذر عنها اردوغان لاحقا، كما ان القوميين الأتراك يمثلون عصب الجيش والأجهزة الأمنية التي تحارب الأكراد في جنوب شرق تركيا منذ أربعين عاما، وهم أكثر الرافضين لمنح الأكراد حقوقا ذاتية ثقافية كما فعل حزب العدالة منذ هيمنته على السلطة.
هكذا بات حزب العدالة والتنمية، التركي ذو الجذور الإسلامية السنية، قادرا في اللحظات الحاسمة على اجتذاب شريحتين وازنتين من الكتل الانتخابية المنتمية لمنافسيه، الأولى قوميين من كتلة الأتراك السنة، والثانية إسلاميين من كتلة الأكراد السنة الذين يصل تعدادهم لنحو 15 إلى 20 في المئة من تعداد تركيا.
 وحسب جولات الانتخابات في السنوات الخمس الأخيرة، فان كلا الكتلتين لعبتا أدوارا هامة في تصدر حزب العدالة استحقاقات مصيرية، كانت ذروتها في انتخابات الإعادة عام 2015 إذ أعطى جمهور الحزب القومي نصف مقاعده لحزب العدالة، ومنح الأكراد نحو ثلث أصواتهم التي تنتمي للتيار المحافظ الذي يشترك مع المرجعية الصوفية، للتيار التركي المحافظ الداعم بقوة لحزب العدالة الذي حقق في تلك الانتخابات، منفردا، أكبر انتصاراته بنسبة تصل إلى 50 في المئة من أصوات الناخبين في تركيا.
وفي الانتخابات الأخيرة، تحالف الحزب القومي رسميا مع حزب العدالة، ورغم ان معظم الأكراد صوتوا لحزب الشعوب الكردي ليدعموه لتجاوز حاجز العشرة في المئة من الأصوات اللازمة لدخول البرلمان، فان نسبة غير قليلة من الأكراد منحوا أيضا أصواتهم لحزب العدالة، ان كان في المحافظات الكردية جنوب شرق تركيا أو في التجمعات الكردية الأخرى كما العاصمة اسطنبول، وتقدر الشريحة الكردية التي صوتت لحزب العدالة هذه المرة بنحو خمسة وعشرين مقعدا على الأقل. 
لذلك قد يجوز القول ان شريحتي الأكراد والقوميين المنحازتان لحزب العدالة، تريد كل منهما ان تمثل «بيضة قبان» كي تلعبا دورا في توجيه سياسات حزب العدالة نحو مصالحها، وهذا ربما ما دفع نائب رئيس الحركة القومية لإطلاق تصريحات مستفزة قبل أيام، قال فيها ان الحركة القومية باتت تتحكم بسياسات البرلمان، ليضطر زعيم الحزب القومي بهجتلي لطرده من موقعه. 
الكاتب الكردي محمد شيلك، وفي مقال نشره قبل الانتخابات التركية، توقع ان يلعب الأكراد دورا هاما في تعضيد قوة اردوغان، واعتمد على استطلاعات للرأي عن خيار الأكراد حال انتقلت انتخابات الرئاسة لمرحلة ثانية، بين مرشحي حزبي العدالة والجمهوري بعد خروج مرشح حزب الشعوب الكردي ديمرتاش، إذ تشير هذه الاستطلاعات لتوجه معظم الأكراد لانتخاب اردوغان، بدلا من منافسه اينجي مرشح الحزب الجمهوري، ولكن في طبيعة الحال فان انتخابات الرئاسة حسمت في الجولة الأولى.   
وهكذا فان حزب العدالة، بات يمثل «حلا وسطا» بالنسبة لشريحتين متخاصمتين، من كتلتين انتخابيتين لحزبي الامة القومي والشعوب الكردي، بينما بقيت الكتلة الانتخابية للحزب الجمهوري الأتاتوركي، الحزب المعارض الرئيسي في البلاد، بقت كتلته انتخابية جامدة غير قادرة على جذب أي روافد جديدة لتيارها الراكد، ما أدى لخسران الحزب الجمهوري لنسبة من أصواته تصل لأربعة في المئة، على الرغم من تمكن مرشحه اينجي الذي جذب الأنظار بكاريزمته المميزة، من الحصول على ثلث أصوات الناخبين وهو ما يعني قدرته على جذب أصوات من خارج كتلته الانتخابية، كما يفعل حزب العدالة في انتخابات البرلمان مع القوى الأخرى، أما الرابح الجديد في الانتخابات الأخيرة فهو حزب ميرال اكشنار، المنشق عن حزب الامة القومي، وهو الحزب الصاعد بقوة في الحياة السياسية التركية، كمؤشر آخر على تعاظم الميول القومية التركية.

تفوق حزب العدالة يعود لقدرته على اجتذاب أصوات شريحتين متناقضتين   

وائل عصام

ثنائية ضمان الأمن القومي التركي مقابل وحدة الأراضي السورية

Posted: 30 Jun 2018 02:15 PM PDT

تظهر صورة تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان في وسائل الإعلام السورية وتصريحات المسؤولين بصورةِ عدوٍ بمرتبة متقدمة مع بعض من مشاعر الكراهية غير الخفية، في مقابل خطاب تركي عام يتجه نحو الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار لضمان عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم.
لكنّ ثمّة ما يشير إلى احتمالات غير مؤكدة لتقارب تركي سوري يعززه واقع التنسيق المتبادل في محطاتٍ عدّة خلال معركة حلب نهاية عام 2016 وحتى اليوم، لكنّ ذلك كلّه يتم عبر طرف ثالث.
تدخلت روسيا في الحرب الأهلية السورية منذ أيلول/سبتمبر 2015 بشكل مباشر لإنقاذ النظام السوري من سقوط حتمي رجحته مراكز دراسات وأبحاث غربية وتوقعات لخبراء دوليين؛ وخلال أشهر قليلة أسقطت الدفاعات التركية طائرة روسية في تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه.
أدى الحادث إلى قطع العلاقات الثنائية ووقف إمدادات الغاز الروسي الذي يُلبي معظم حاجة تركيا الاستهلاكية، لكنّ محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة في منتصف تموز/يوليو 2016 للإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان دفعت باتجاه عودة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها مع زيارات متبادلة للتنسيق في ملفات عدة، من بينها الملف السوري.
وأدت الحركات الاحتجاجية «ثورات الربيع العربي» التي شهدتها بلدان عربية عدّة عام 2011 إلى حملات قمعية مارستها أنظمة بعض هذه البلدان ضد المحتجين، منها سوريا، لكنّ الموقف التركي لاعتبارات عدّة تردد بادئ الأمر في تأييد الاحتجاجات السورية، في حين أيّدت تركيا احتجاجات في دول أخرى عادةً ما يتصدر مشهدها العام جماعات الإسلام السياسي المدعومين من تركيا.
من بين تلك الاعتبارات، إلى جانب المنفعة الاقتصادية، العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين البلدين والتي توّجتها اتفاقية مشتركة وقعها رئيسا البلدين عام 2009 للتعاون الثنائي الاقتصادي والسياسي والأمني، ومجالات أخرى.
وأدى تصاعد الإجراءات الأمنية وحالات القمع واسعة النطاق ضد المحتجين السوريين إلى حالة غضبٍ عربي ودولي ضد النظام السوري وقواته الأمنية، ومن بين هذه الدول تركيا التي تبنّت موقفا واضحا ورد على لسان رئيسها أكثر من مرة مطالبا بتنحي الرئيس السوري عن السلطة.
في نهاية المطاف ألقت تركيا ما بين عامي 2012 وأواخر 2015 كامل ثقلها إلى جانب المعارضة المسلحة والدول الداعمة، الولايات المتحدة والإمارات والسعودية وقطر والأردن، ضدّ النظام السوري وقواته لاعتبارات تتعلق بضرورة الانخراط الكامل في الصراع السوري والتدخل المباشر حفاظا على أمنها القومي الذي باتت تهدده ثنائية تنظيم «الدولة» والقوى الكردية الموصوفة بأنها قوى انفصالية يدعمها حزب العمال الكردستاني، أو ترتبط به تنظيما، تسعى لإقامة كيان سياسي كردي على الحدود الجنوبية لتركيا التي ترى فيه تهديدا لوحدة أراضيها وأمنها واستقرارها.
تُعد معركة حلب وسيطرة النظام عليها نهاية عام 2016 محطةً فارقةً في تاريخ التدخل التركي المباشر بالملف السوري. وخلال المعركة التي استمرت قرابة نصف عام بين معارضين مسلحين يسيطرون على الأحياء الشرقية من المدينة وقوات النظام مدعومة بتحالف إيراني روسي واسع، ارتأت تركيا سحب عدّة آلاف من مقاتلي المعارضة المسلحة الحلفاء لها والمدعومين من قبلها لخوض معارك في الشمال السوري ضد تنظيم «الدولة» الذي كان يُسيطر على بلدات جرابلس والراعي واعزاز ثم الاتجاه جنوبا إلى شمال حلب لاستعادة مدينة الباب التي لا تزال خاضعة لسيطرة فصائل درع الفرات التي شكلتها تركيا في آب/اغسطس 2016 من مقاتلي فصائل المعارضة المسلحة، أيْ قبل سيطرة قوات النظام على مدينة حلب بنحو أربعة أشهر حيث كان الآلاف من مقاتلي درع الفرات يقاتلون قوات النظام دفاعا عن مدينة حلب، وهي معركتهم الأخيرة ضد تلك القوات.
مع انّ تركيا تعمل لخدمة أمنها القومي على الأراضي السورية من خلال التدخل العسكري المباشر في الشمال السوري، غرب نهر الفرات وشمال مدينة حلب، إلاّ أنها تتمسك بسياسة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وحمايتها خشية تفتيت الدولة الذي يؤدي حتماً لقيام كيان سياسي كردي يمكن انْ يشكل تهديداً مباشرا لوحدة الأراضي التركية والتحاق مناطق تركية على حدودها الجنوبية تضم غالبية كردية إلى الكيان الوليد.
لذلك تجد تركيا في بقاء النظام، حتى إنْ لم تصرح بذلك، ضمانةً لحماية وحدة أراضيها؛ ولا تمانع من استعادة قوات النظام سيطرته على الأراضي السورية سواء التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم «الدولة»، أو الأخرى التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد» التي تقودها وحدات الحماية الشعبية الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تنظر إليه تركيا بأنه يمثل الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا متواصلة إلى حد ما ضدّ القوات التركية منذ عام 1984 لإقامة دولة كردية على أجزاء من العراق وإيران وسوريا وتركيا.
على الجانب الآخر، يتمسك النظام السوري بسياسات ثابتة قصد استرجاع جميع الأراضي التي فقدتها قواته خلال سنوات الحرب الأهلية بمسار تصاعدي مُنذ انتهاء معركة حلب سواء عن طريق العمليات القتالية، أو العمليات القتالية التي تُفضي إلى عقد هدن مع الفصائل.
وليس بالضرورة أنْ يكون خيار العمليات القتالية هو الأفضل لنظام تُعاني قواته من حالة ضعف وخسائر كبيرة مستمرة في صفوف عناصره ومعداتهم، لكنه الخيار الوحيد للهدف النهائي للنظام باستعادة كامل الأراضي السورية بما فيها الأراضي الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال السوري، أو الخاضعة لسيطرة الفصائل الحليفة لتركيا.
قُبيل انتهاء معركة حلب بأيام، انخرطت تركيا بشكل أوسع في مسار الحل السياسي بعد البيان المشترك لوزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في 22 كانون الأول/ديسمبر 2016 لإطلاق مفاوضات بين ممثلي النظام السوري والمعارضة المسلحة في العاصمة الكازخية أستانة يومي 23 و24 كانون الثاني/يناير 2017 المعروفة باسم أستانة 1 التي مهدت لسلسلة من جولات التفاوض بلغت ثماني جولات حتى الآن.
بصفتها الدولة الضامنة لالتزام المعارضة المسلحة، اتفقت تركيا مع روسيا راعية اتفاقات أستانة وإيران الطرف الضامن لالتزام النظام على مسار أستانة لخفض التصعيد في الرابع من أيار/مايو 2017؛ وخفض التصعيد هو التزام طرفي الصراع بتخفيف حدّة التوتر في أربع مناطق لا تشمل مناطق سيطرة تنظيم الدولة آنذاك، أو مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام. ومهدت اتفاقيات خفض التصعيد لمزيد من الهدن والمصالحات المناطقية التي ساهمت في استعادة النظام لأجزاء واسعة من الأراضي السورية من يد فصائل المعارضة المسلحة.
ولا تعترض تركيا بأيّ شكل كان على سيطرة قوات النظام على جميع الأراضي السورية من منطلق ان الحكومة السورية لا تزال شرعية مُعترف بها من الأمم المتحدة لها حق السيادة على كامل أراضيها، كما انّ سيطرة قوات النظام على مناطق تنظيم «الدولة» أو القوات الكردية يخفف، أو يمنع، التهديدات المحتملة على الأمن القومي التركي طالما التزمت قواته بضبط الحدود، ومنع التسلل، أو شن هجمات على الأراضي التركية انطلاقا من الأراضي السورية.
يمكن القول، انّ سياسة تركيا وواقعيتها في التعاطي مع ملف الصراع السوري قد حققت الأهداف التركية التي يأتي في المقام الأول منها إبعاد أيّ تهديدات على أمنها القومي ووحدة وسلامة أراضيها، وعلى هذا فان مسألة ظهور علاقات تركية سورية بشكل رسمي بدلاً من التنسيق عبر روسيا، هي مسألة وقت بعد انتخاب رجب طيب أردوغان رئيساً لتركيا بصلاحيات أوسع، وهو صاحب القرار الأول في رسم السياسات التركية للملف السوري منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا.

ثنائية ضمان الأمن القومي التركي مقابل وحدة الأراضي السورية

رائد الحامد

الانتخابات التركية: اردوغان لا يشبع من الانتصارات والانتهاء من دفن الحقبة الكمالية

Posted: 30 Jun 2018 02:15 PM PDT

لم يكن فوز الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي نظمت الأسبوع الماضي مفاجئا إلا للمعارضة التركية التي صدقت أنها في الطريق لكسر الدينامية السياسية التي سيطر فيها حزب العدالة والتنمية على المسار السياسي في البلاد منذ 15 عاما. وكان فوزه وحزبه يوم 24 حزيران (يونيو) مفاجئا لاستطلاعات الرأي والمعلقين الأجانب الذين أعطونا فكرة أن اردوغان إن لم يكن في طريقه للهزيمة فستجبره المعارضة المتحدة هذه المرة على جولة ثانية ستعقد في الشهر المقبل. ويبدو أن كذبة نهاية حقبة اردوغان كانت قوية لدرجة أن الجميع بات يترقب الطريقة التي سيتنحى فيها «السلطان» عن السلطة ويقبل فيها بنتائج الانتخابات. فالسرد الذي ساد الجولة الانتخابية الأخيرة أدى لغموض على الساحة وأن الحزب التركي المتجذر في الصحوة الإسلامية قد أنهى مبررات وجوده في الحكم، خاصة مع انهيار العملة التركية التي أخذها البعض باعتبارها نذيرا للتغيير القادم في تركيا.

مقامرة خاطئة

وفات الكثير من المعلقين والمعارضة المتحمسة واستطلاعات الرأي أن اردوغان الذي لم يخسر ولا جولة انتخابية منذ عام 2003 لم يكن ليقامر بمسيرته السياسية ويخوض انتخابات مبكرة لتأكيد نتائج الاستفتاء الذي عقد العام الماضي وبسلطات دستورية جديدة في البلاد. فهو كما قال ستيفن كوك الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، يحضر لهذه اللحظة منذ عام 2007. ففي مقاله بمجلة «فورين بوليسي» (22/6/2018) ذكر فيها بانتخابات عام 2015 التي خسر فيها الحزب غالبيته المطلقة في البرلمان، وعندما حاول رئيس الوزراء في حينه أحمد داوود اوغلو التفاوض مع الأحزاب الفائزة لتشكيل حكومة ائتلافية عمل اردوغان جهده لتخريب مفاوضاته ولم يهنأ له بال حتى نظم انتخابات جديدة في نهاية ذلك العام استعاد فيها الحزب الأغلبية البرلمانية بشكل سمح له وضع 18 تعديلا دستوريا في استفتاء عام 2017 والذي فاز فيه بهامش 51 في المئة. ويقول كوك إن انتخابات 2015 واستفتاء 2017 يجب أن تكون تذكيرا لمن يريد التكهن بنهاية الرئيس التركي، فما حدث كان ضروريا لوضع التعديلات الدستورية محل التطبيق معززة موقع الرئيس اردوغان كأهم زعيم تركي منذ 80 عاما. وبناء على النظام الجديد فلن يكون منصب الرئيس رمزيا بل سيتمتع بسلطات تنفيذية تؤهله لتعيين الحكومات والقضاة وإصدار المراسيم وبالضرورة إنهاء الحقبة الكمالية لأسباب جيدة أو سلبية. وتساءل كوك إن كان الرئيس اردوغان سيترك هذه الفرصة تتسرب منه ويضحي بكل ما أنجزه. صحيح ان المعارضة خاصة محرم اينجه، زعيم حزب الشعب الجمهوري قدم رؤية جديدة أخذت السرد أو بعضه من اردوغان وبدا شعبويا في خطابه وحاول الدخول لمعاقل حزب التنمية، إلا أن التحالف الذي شكله لم يكن قادرا في النهاية إلا على حصاد نسبة 30 في المئة من الأصوات فيما حصد حزب الشعوب الكردية بزعامة رئيسه صلاح الدين تمرتاش السجين على نسبة أكثر من 10في المئة. ولم تتعد نسبة مرشحة حزب الخير ميرال أكشنار 7 في المئة.

وفاء بالوعود

ومن هنا فالدرس الأهم من الانتخابات الأخيرة هي أن اردوغان وحزبه يعرفون كيف يحققون انتصارات خاصة أن سردهم يقوم على الوفاء بالوعود الانتخابية وتغيير حياة المواطنين للأحسن، وبالمجمل يعرف اردوغان رغم ما ينتقد به من نزعة ديكتاتورية وقمع للحريات، كيف يفوز ويعرف السبب الذي يجعله يفوز ويجعل الناخب التركي يختاره لا غيره. ويقول بورزو دراغاهي في «فورين بوليسي» (25/6/2018) أن اردوغان سياسي بارع أكثر مما يحظى به من تقدير في الخارج، ولهذا ظلت شعبيته تتصاعد خلال السنوات الماضية، فهو شخصية جذابة وله حضور ومتحدث جيد وكان واضحا في حديثه بعد الفوز أنه لم يتعب بعد من الانتصارات مؤكدا أن المنتصر «هي ديمقراطيتنا، والسياسة القائمة على الخدمات والإرادة الوطنية العظيمة وتركيا والأمة التركية والمنطقة المستضعفة والشعوب المستضعفة في العالم». ويعترف معارضوه بأنه هو أكثر الزعماء الأتراك شعبية.
ورغم ما يقال عن عدم عدالة الحملات الانتخابية والفترات التلفزيونية التي منحت للمعارضة، إلا أن الحزب لم يسرق الأصوات. وحسب أزغي باسران منسقة برنامج تركيا في مركز الدراسات الأوروبية بجامعة أوكسفورد فاردوغان: «حيوان سياسي وساحر وخطيب جيد» و «ليس مفاجئا انه فاز ولم يكن سرا فالشعبوية هي استراتيجية وليست أيديولوجية». وتقوم شعبوية اردوغان التي قام بتعديلها خلال مسيرته السياسية، على القومية والخطاب الطبقي وكذا الخدمات العامة خاصة المشاريع الواضحة التي تؤكد نمو البلد، فكعمدة لمدينة اسطنبول ورئيس وزراء ما بين 2003 – 2014 ورئيس الجمهورية منذ ذلك الوقت بنى اردوغان سمعته على الجدارة وحتى في ظل الاتهامات الموجهة له ولحزبه بالفساد منذ صعودهم السياسي عام 2002 إلا أن معدل الدخل القومي للفرد تضاعف ثلاث مرات. ويقول إيجمن باغيس، الوزير السابق في حكومة اردوغان: «صوت الناس للخدمات التي قدمت لهم» و «يعيش الناس في أوضاع مريحة اليوم مقارنة مع قبل 16 عاما. وينظر الناس لما حققناه ويعرفون أنه قادر على تقديم الأفضل». ومن هنا فالأتراك يحكمون على اردوغان بالنتائج التي يرونها أمام أعينهم: طرق سريعة جديدة، مطارات، جامعات، مدارس، جسور، مساجد، مراكز تسوق، أنفاق، موانئ والخطوة المقبلة هي القناة التي ستربط ما بين البحر الأسود وبحر مرمرة وبعدها مشاريع كبرى أخرى. ويعلق باغيس قائلا: «لو قرأت برنامج حزب العدالة والتنمية عام 2001 وفحصت ما تم إنجازه لاكتشفت أن هذا الرجل يفي بوعوده». وبالإضافة لهذا فقد بنى اردوغان علاقة وثيقة مع قاعدته المتجذرة بسياسة الهوية. ولهذا فهو يعرف كيف يحرك مشاعر الجماهير ويجعلها مهتمة بالانتخابات ويستطيع استحضار التاريخ الماضي وفكرة نحن وهم. وهناك عامل وراء النجاح هو تكيفه مع التغيرات في التوجهات السياسية، فقد بدأ إسلاميا معتدلا وداعيا للتنوع وفي هذه الفترة تقدم ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وحصل الأكراد والأرمن على اعتراف وحقوق أكبر إلا أنه شعر في نقطة معينة بأهمية تبني القومية التركية والواضحة من خلال تحالفه مع حزب الحركة القومية اليميني الذي يتسم بالعداء لأي مفاوضات مع الأكراد وانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ومن هنا يحاول التأكيد على جذوره في الأناضول وكونه ابن قبطان عمل في البحر الأسود قبل انتقاله إلى اسطنبول. وعادة ما يهاجم النخبة المتنعمة في خطاباته ويؤكد على الجذور المحافظة لتركيا. وأهم ما يميز اردوغان كما تقول باسران التي تدعم المعارضة، هو عمله الدؤوب ومقابلاته وأحاديثه الطويلة والعمل الجاد يثمر. وأهم ما في الأمر هو أن الرئيس يظل في مزاج انتخابي، وهو لم يعد يطرق الأبواب كما كان يفعل في قاسم باشا بل يجول البلاد طولا وعرضا ويستمع للأتراك.

تركيا الجديدة

تعلم فترة اردوغان الرئاسية الجديدة بداية مرحلة للجمهورية التركية وربما نهاية للكمالية حسب مجلة «إيكونوميست» (28/6/2018) فنحن أمام تركيا متجذرة في القومية الإسلامية والنوستالجيا العثمانية. ولم يفت المجلة الإشارة مثل غيرها من المؤسسات الإعلامية لعدم عدالة الحملات الانتخابية معتمدة في حكمها على تقرير لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي رحبت بنسبة المشاركة 88 في المئة لكنها لاحظت أن اردوغان وحزبه تمتعوا بالتغطية الإعلامية الكبيرة وأساءوا استخدام قانون الطوارئ الذي يحظر التجمعات. وهي المؤسسة نفسها التي شككت بنزاهة استفتاء عام 2017. والغريب أن الإعلام تحدث عن انتخابات تركيا في ظل قانون الطوارئ ونسي أن الانتخابات الفرنسية العام الماضي عقدت في الظروف نفسها. وترى «إيكونوميست» أن الانتخابات الأخيرة هي الخطوة الأخيرة لإعادة تشكيل تركيا الكمالية ومنح سلطات واسعة للرئيس حيث سيختفي منصب رئيس الوزراء وسيتأكد نواب العدالة والتنمية في البرلمان من تحويل كل كلمة يقولها الرئيس إلى قانون. وتشير إلى أن تحالف اردوغان مع دولت بهتشلي زعيم الحركة القومية يعني ميولا أكبر نحو الوطنية القومية. ونقلت عن سولي أوزيل المعلق التركي المعروف قوله إن اردوغان حصل على الرئاسة وهذا جيد لكنه أصبح «أسيرا في يد بهتشلي». ولا تتوقع المجلة أن يتوقف الرئيس التركي عن ملاحقة معارضيه حتى لو ألغى قوانين الطوارئ. وتعتقد أنه سيجد صعوبة في إعادة تشكيل مؤسسات الدولة العلمانية. وتعتقد أن تركيا التي يحكمها اردوغان اليوم منقسمة بين المحافظين المسلمين والقوميين من جهة والعلمانيين والليبراليين والأكراد من جهة أخرى. ويرى سونير تشاغابتاي، مؤلف كتاب عن اردوغان إن أي توقعات لقيام الرئيس رأب الصدع ساذجة لأن الشمولية في الحكم هي طريقة عقلانية للبقاء في السلطة وليست جنونا.

نخبة جديدة

إلا أن الانتخابات الأخيرة كشفت حسب الباحث خليل كارفيلي بمقاله الذي نشرته دورية «فورين أفيرز» (25/6/2018) عن النخبة السياسية في المستقبل، فلأول مرة ومنذ أن قدم إلى السلطة على اردوغان أن يتعامل مع منافسين يمثلون توجهات اجتماعية متنامية: الديمقراطية الاجتماعية واليمين القومي. وبالإضافة للتحدي اليساري من انجه كان على اردوغان مواجهة اكشنار عن حزب الخير القومي اليميني حيث ان ثلثي الشعب التركي هم إما متدينون أو قوميون أو محافظون، وأقل من الثلث يعتبر يساريا أو ديمقراطيا اجتماعيا أو شيوعيا. ولكن تحولا قد يكون في مرحلة التكون. وقد سادت الأحزاب اليمينية السياسية التركية لفترة طويلة ولم يفز في الانتخابات حزب ديمقراطي اجتماعي منذ 1977. وحظي اليمين بتأييد جماهيري بإعادة صياغة الصراع الطبقي على أنه حرب ثقافية. واردوغان هو آخر – وأنجح – زعيم محافظ في لعب دور المدافع عن الناس العاديين ضد سكان المدينة الأثرياء. وقبل انجه، وقع اليسار في فخ المحافظين بتبني توجه نخبوي اعتبر المتدينين رجعيين. ويبدو أنه تعلم من التاريخ، ففي سبعينات القرن الماضي كان مراهقا وانضم حينها إلى حزب الشعب الجمهوري، وينحدر من بلدة صغيرة ويصف نفسه بأنه «الابن الثائر من عائلة محافظة». ولكنه أيضا متدين ويحضر صلاة الجمعة. وليس عنده مشكلة مع الحجاب أو الآباء الذين يرسلون أبناءهم لمدارس دينية. كما أنه تجنب استخدام كلمة «علمانية» خلال حملته الانتخابية. وهذا حرم اردواغان من نعته بممثل نخبة أثرياء المدينة وبدلا من ذلك قام انجه باستخدام سلاح الطبقات ضد اردوغان باتهامه بأنه يمثل الأثرياء مع أنه يدعي أنه واحد من الشعب. وتقدم بالتواصل مع الأكراد. وأشار إلى معارضته للأساليب القمعية التي تتبعها الحكومة مع الأكراد.
أما المرشحة الرئيسية المعارضة الأخرى اكشنار فهي مبغوضة من الأكراد حيث كانت وزيرة للداخلية في أواسط تسعينات القرن الماضي عندما كانت الأجهزة الأمنية تقوم بحرب قذرة في مناطق الأكراد وتم خلالها اغتيال سياسيين ومفكرين ورجال أعمال أكراد. وأكسبتها قسوتها لقب المرأة الحديدية. وتركت في عام 2016 حزب الحركة القومية اليميني المتطرف وشكلت حزب الخير، ولكنها التزمت بموقفها القومي المعادي للأكراد. وتعهدت بحل مشكلة الأكراد خلال ستة أشهر، ربما باستخدام المزيد من أساليب مكافحة التمرد القاسية. إلا أن القومية التي تتبناها اكشنار تختلف قليلا عن تلك التي يتبناها اردوغان في السنوات الأخيرة والتي تتناغم مع غالبية الأتراك. ولكن ما يهم في كل هذا أن التغيير الذي حققه حزب اردوغان على حياة الناس كان مهما في انتصاره الأخير والناس تكافأ من يخدمهم جيدا.

الانتخابات التركية: اردوغان لا يشبع من الانتصارات والانتهاء من دفن الحقبة الكمالية

إبراهيم درويش

بلغة الأرقام: ما مدى فرص نجاح اردوغان في هندسة تركيا الجديدة؟

Posted: 30 Jun 2018 02:15 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: استقبلت مختلف القطاعات الاقتصادية والأسواق فوز رجب طيب اردوغان الذي يوصف بأنه مهندس تركيا الجديدة، بإيجابية ملحوظة. وكان الاقتصاد التركي قد سجل نسبة 7.4 في المئة في مؤشر النمو خلال عام 2017 متجاوزاً الاقتصاد الصيني ليتصدر عالمياً المؤشر. وكان نمو الاقتصاد التركي إيجابياً خلال 8 سنوات متتالية منذ 2009، ومن المتوقع أن يواصل الإيجابية في مؤشر النمو حتى عام 2020. لكن تقديرات المؤسسات المالية الدولية تظهر أن نسبة نمو الاقتصاد التركي ستنخفض تدريجياً رغم أنها إيجابية، وأن السبب في ذلك هو المخاطر المختلفة التي تحيط بالاقتصاد والبلاد، فضلاً عن أن المؤشرات تؤكد أن الازدهار الذي تحققت بفعل تنفيذ السياسات الإصلاحية الاقتصادية خلال فترة 2001 إلى 2006، بدأ ينتهي. وأحد أهم الخطوات التي من المتوقع أن يعمل عليها اردوغان خلال ولايته الجديدة، هي وضع حد لعلاقات البلاد المتأزمة مع بعض القوى الإقليمية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
وأنعشت التوقعات بالاستقرار السياسي داخل البلاد بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، أسواق المال والبورصة وأدوات الدين، خاصة تعزيز السندات المعروضة بالدولار في الأسواق الدولية. وفي الجانب الخارجي، أعلن وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، أن بلاده وقعت النسخة المعدلة لاتفاقية التجارة الحرة مع دول رابطة التجارة الحرة الأوروبية «أفتا»، وأن الاتفاقية الجديدة تعدل من موازين التجارة بين تركيا وأوروبا، حيث ستكون أكثر حداثة وشمولا من اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي. وأكد نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية، محمد شيمشيك، أن تتوصل بلاده والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن توسيع اتفاقيتهما الجمركية قريباً.
وسجلت الليرة التركية مستويات إيجابية أمام جميع العملات الصعبة، فضلاً عن تراجع معدل التضخم. وارتفعت قيمة العملة المحلية غداة إعلان نتائج الانتخابات بنسبة 3 في المئة لينخفض سعر صرف كل الدولار إلى 4.54 ليرات، بينما كانت قد خسرت خمس قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ مطلع 2018، بفعل خروج مبالغ غير قليلة من الاستثمارات الخارجية من تركيا. كما سجل اليورو انخفاضا أمام العملة التركية بنسبة 1.5 في المئة ليصل إلى 5.3055 ليرات، وتراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 1.6 في المئة، وتم تداوله مقابل 6.1070 ليرات.
وارتفع مؤشر بورصة إسطنبول المئوي في تداولات الأسبوع الماضي بعد الانتخابات، بنسبة 3.55 في المئة، وبلغ 99.255.76 نقطة، بعدما بدأ المؤشر عند 3.403.66 نقطة.
ومن زاوية أخرى، ستنعكس نتائج الانتخابات التركية بالإيجاب على المستثمرين في المشاريع الكبرى المتعلقة برؤية 2023 لتنمية البلاد. وتخطط تركيا لبناء 10 مطارات كبيرة ومنها المطار الثالث لمدينة إسطنبول الذي هو أكبر ثلاث مرات الحالي، وإنشاء قناة بحرية جديدة بطول 48 كيلو مترا وعمق 25 مترا وعرض 150 مترا، وبناء وتحديث ما يقارب 15 مليون سكن، وبناء 10.000 كيلو متر سكك حديد سريعة.
وبدأ اردوغان وحزب العدالة والتنمية نجاحاته في الانتخابات التركية من خلال اعتماده على الطبقتين المتوسطة والفقيرة في البلاد، لكنه وبعد بسط سيطرتهما على مؤسسات دولة والقطاع الخاص، انخفضت شعبية الحزب بين قاعدته الرئيسية تدريجياً، خاصة الطبقة الثرية الحليف المهم له. ومن جهة أخرى شكل النمو الاقتصادي المتواصل خلال السنوات الخمس عشرة الماضية العامل الرئيسي في النجاحات المتتالية للحزب الحاكم في تركيا، لكن نسبة التضخم العالية وزيادة البطالة أثرت سلباً على شعبية اردوغان وحزبه، ومن المتوقع أن يسجل الاقتصاد التركي انخفاضاً في نسبة النمو، فضلاً عن تراجع ملحوظ في الدخل الأسري بالمقارنة مع السنوات الأولى لتنفيذ البرنامج الإصلاحي الاقتصادي، ما دفع الرئيس التركي إلى تقديم موعد الانتخابات عاما ونصف، بهدف تفادي خسارة محتملة لو تم إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو أنه إلى متى ستستمر موجة الانتعاش التي خلفتها نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية؟ وتوضح لغة الأرقام مشهد ما بعد انخفاض الموجة هذه إلى حد ما. وارتفعت نسبة التضخم خلال شهر أيار/مايو الماضي إلى 12.15 في المئة وتتحدث المصادر غير الرسمية عن تضخم بنسبة 20 في المئة، فضلاً عن أن المصرف المركزي التركي رفع سعر الفائدة البنكية إلى أكثر من ضعف بالمقارنة مع صيف 2016 ليصل إلى 17.75 في المئة، ما أدى إلى إثارة المزيد من الشكوك وعدم الثقة في قدرة المصرف المركزي على وضع حد لزيادة نسبة التضخم، بينما كانت نسبة التضخم تتراوح بين 6 إلى 8 في المئة خلال فترة ما قبل الانقلاب الفاشل في عام 2016. وسجل مؤشر البطالة نسبة عالية بالمقارنة مع العقد الماضي حيث بلغ ما يقارب 13 في المئة خلال السنتين الماضيتين، أي ما يقارب 3 ملايين و600 عاطل عن العمل.
وسيرتفع عجز الحساب الجاري إلى 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي التركي حتى نهاية عام 2018. وحسب تقرير المؤسسات المالية والمصرفية الدولية في شهر آذار/مارس الماضي، بلغت ديون الشركات التركية من العملات الصعبة خاصة الدولار الأمريكي واليورو أكثر من 181 مليار دولار، ويعادل هذا المبلغ ما يقارب 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وارتفعت قيمة الالتزامات والديون الخارجية التركية إلى 443 مليار و700 مليون دولار أمريكي. ويقدر خبراء في الاقتصاد التركي أن تركيا لديها ما يقارب 230 مليار دولار ديون خارجية حان موعد دفعها.
رغم أن تركيا تتمتع بحالة اقتصادية جيدة بالمقارنة مع العديد من الدول، وأنها قد نست بالكامل أزمتها الاقتصادية خلال عامي 2000 و2001، لكنها بحاجة كبيرة إلى التعامل الإيجابي مع القارة العجوز، وإنهاء أزمتها مع الدول الأوروبية الرئيسية على وجه السرعة. وليست العلاقات التركية الأمريكية في حالة جيدة لأسباب معروفة، ولا يزال لا يوجد أفق معين لعودة هذه العلاقات إلى ما كان عليه. وأعطى الدستور الجديد صلاحيات كبيرة إلى «المهندس اردوغان» ليهندس تركيا الجديدة لتصبح ضمن القوة الاقتصادية العشر الأوائل كما حدد حزب العدالة والتنمية ذلك ضمن شعاراته.

بلغة الأرقام: ما مدى فرص نجاح اردوغان في هندسة تركيا الجديدة؟

محمد المذحجي

العقل العربي ما زال أسير محددات حكمته على مدى قرون

Posted: 30 Jun 2018 02:14 PM PDT

وضع حقوق المرأة في تونس وأبرز قضايا الفكر الإسلامي والحالة الراهنة في العالم العربي، أبرز محاور هذا اللقاء مع المفكرة والباحثة التونسية في الحضارة الإسلامية زهية جويرو أستاذة الدراسات الإسلامية في كلية الآداب والفنون والإنسانيات في تونس. تعتبر جويرو في حديثها لـ «القدس العربي» ان هناك حالة من التوتر في تونس بين القوى الرجعية والاجتماعية المطالبة بتفعيل الدستور التونسي وما ينص عليه من مبادئ المساواة والحريات الفردية. مشيرة إلى ان الحركة النسوية التونسية استأنفت العمل من أجل تثبيت حقوق النساء وتدعيمها في اتجاه إقرار المساواة على قاعدة مبدأ المواطنة. وشددت على أهمية إيجاد قاعدة للانسجام بين المرجعيات الحقوقية الكونية والمرجعية القرآنية من قبل النخب في البلاد العربية والإسلامية. كما تطرقت إلى أسباب ارتماء الشباب العربي في أحضان الفكر التكفيري والحركات المتطرفة. وقد اشتغلت جويرو طويلا على أبرز القضايا الإسلامية وأهم مؤلفاتها: «القصاص في النصوص المقدسة» و«قراءة تاريخية» و«تونس 2006» و«الإسلام الشعبي» و«الإفتاء بين سياج المذهب وإكراهات التاريخ» و»الوأد الجديد، مقالات في الفتوى وفقه النساء».
وفي ما يأتي نص الحوار.
○ في البداية أين وصلت معركة تحرير المرأة في تونس؟
• أشير بدءا إلى أن معركة تحرير المرأة في تونس ذات تاريخ وليست وليدة اليوم، فقد بدأت نخبة الإصلاح التونسية في التفكير في أوضاع النساء منذ مطلع القرن العشرين مقترنا بالتفكير في إصلاح الأوضاع العامة من جهة وفي تجديد التفكير والتشريع الإسلاميين من جهة أخرى. كما أشير إلى أن دولة الاستقلال قد أخذت على عاتقها منذ فجر الاستقلال تحويل مطالب النخبة لصالح النساء إلى قوانين نافذة وجدت تعبيرها في «مجلة الأحوال الشخصية» التي صدرت في 13 آب/أغسطس 1956 قبل صدور أول دستور للجمهورية التونسية. وقد أحدثت بعض القوانين الواردة في مجلة الأحوال الشخصية ثورة حقيقية في أوضاع المرأة التونسية وفي الرؤية للعلاقة بين القوانين الحديثة التي تنظم وضع المرأة والأسرة والأحكام الفقهية التي كانت قبل هذه المرحلة أحد مصادر التشريع الأساسية. فمنع تعدّد الزوجات قانونيا وجعل الطلاق حقا للطرفين لا يتمّ إلا عن طريق المحاكم المختصة وتحديد السنّ القانوني للزواج وبعض قوانين الميراث وضعت حدّا لانفراد الرؤية الفقهية التقليدية في تنظيم وضع النساء والأسرة عموما ودفعت إلى تبلور اتجاه يذهب مذهب الفصل بين التقنين للدولة الحديثة وللمجتمع الجديد الذي بدأ يثبت في تونس والمرجعية الفقهية التقليدية. وبالرغم من تقدم الوضع القانوني والاجتماعي للنساء في تونس على وضعهن على الصعيد الإسلامي عموما فإن ذلك لا يعني أن الوضع مثالي وأن كل مطالب النساء قد تحققت أو أن كل المشاكل قد تمّ تجاوزها فعليّا، لذلك استأنفت الحركة النسوية التونسية العمل من أجل تثبيت حقوق النساء وتدعيمها في اتجاه إقرار المساواة على قاعدة مبدأ المواطنة. وقد ظل العمل في هذا الاتجاه مركّزا على واجهتين أساسيّتين: واجهة القوانين وهدفه تحوير كل القوانين التمييزية ضدّ النساء طلبا للمساواة، وواجهة العمل الميداني الرامي إلى تجاوز الثغرة بين ما أقرته القوانين من حقوق والواقع الفعلي للنساء الذي يظل دون سقف ما تقرّه القوانين وحيث تواجه النساء أشكالا كثيرة من التمييز ضدهن وحيث يعانين من مشكلات حقيقية مثل العنف المادي والرمزي المسلط عليهن. والعمل في هذا المجال يضطلع به طرفان هما الجمعيات التنموية المحلية ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل على مساعدة النساء خاصة في البيئات الفقيرة في المناطق القروية والريفية المهمشة على توفير موارد رزق وعلى الاستفادة من عملهن خاصة في القطاع الفلاحي حيث تمثل النساء أغلبية اليد العاملة، أما الطرف الثاني فتمثله النخبة التونسية النسوية والمثقفة وعملها متجه خاصة نحو مقاومة الذهنية الذكورية والتصورات المعادية لحقوق النساء ولمبدأ المساواة، وتركّز أكثر في الفترة الأخيرة على مقاومة أطروحات الإسلام السياسي التي ظلت تتمسك بالرؤية الفقهية التقليدية وتنادي بالعودة إلى ما تعتبره أحكاما شرعية، وذلك باعتماد منهجية تقوم على قراءة تأويلية تحررية للقرآن مركزها الاقتناع بعدم التعارض بين مطلب المساواة في الحقوق ورفض كل أشكال التمييز بين النساء والقيم والمقاصد الشرعية العامة، وأعتقد أن هذا المحور هو المعركة الأساسية التي تخوضها النخبة التونسية منذ حدث الثورة.
○ ألفت العديد من الدراسات حول دور المرأة والفتاوى المتعلقة بحياتها الاجتماعية ضمن الأحوال الشخصية، فما النتائج التي توصلت إليها؟
• بالرغم من أن فضاء هذا الحوار لا يسمح بعرض ما توصلت إليه من نتائج، فإنني أوجز القول بأن المفتين ومؤسسة الإفتاء بصفة عامة تظل اليوم فاعلا رئيسيا في تقرير واقع النساء بكل مشكلاته، كما تظل شديدة التمسك بسلطتها في مجال الأحوال الشخصية. فهؤلاء قد لا يولون اهتماما لمجالات أخرى مثل المجال السياسي وتنظيم المعاملات الاقتصادية ولا يتدخلون عادة في كل ما يتخذ من إجراءات وما يقرّر من قوانين في هذا الصدد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالنساء وبالأحوال الشخصية، تجدهم الأشدّ معارضة لأي تغيير ولأي مراجعة بدعوى ارتباط هذا المجال بمسائل الهوية والأخلاق والشرف وغيرها من المقولات التي يستند إليها في معارضة مبدأ تمكين النساء من حقوقهن وردّ ما يتعرضن له من وجوه التمييز والعنف المتعدد الأشكال والمظاهر. بل إن عموم المفتين، أفرادا أو ضمن مؤسسات لا يعترفون إطلاقا بما تعانيه النساء تحت غطاء الشريعة وباسمها من ضروب العنف والحرمان من الحقوق، فتجدهم يروجون صورة للمرأة المسلمة مثالية فهي ملكة في بيتها وسيدة على عرشها وهي في وضع أفضل من أوضاع نساء العالمين، وأن الإسلام كرمها وهي لا تحتاج إلى قوانين وحقوق «مشبوهة» في نظرهم ومتهمة بكونها تعمل على تفتيت المجتمع وعلى فتنة النساء وغير ذلك من التعبيرات التي ما زالت تلقى صدى لدى أعداد من النساء أنفسهن ممن لم تتح لهن فرص للوعي بحقيقة أوضاعهن. فضلا عن ذلك فإن الأخطر في نظري هو أن هؤلاء المفتين يقفون في كثير من الحالات موقف المناهض لمشاريع الإصلاح التي تحاول الدول ومؤسساتها التشريعية إرساء قواعدها، فيفتون بخلاف ما ترمي إليه تلك المشاريع مما يخلق حركة رفض ومعارضة لها تهدد استقرار الدول والسلم الاجتماعي. ومثال واحد في هذا الشأن ما حصل ويحصل في تونس منذ أن شكل رئيس الجمهورية لجنة من المختصين كلفها مراجعة القوانين ضمن تمشّ هادف إلى تثبيت المبدأ الدستوري الذي ينصّ على المساواة بين المواطنين وعلى مبادئ الحريات الفردية وذلك بمراجعة القوانين التنفيذية التي قد تتعارض مع هذه المبادئ، إذ تجندت القوى المحافظة من رجال الدين ومن أعلام الإسلام السياسي بإصدار فتاوى تعارض هذه المبادئ مما خلق حالة من التوتر بين هذه القوى والقوى الاجتماعية المطالبة بتفعيل الدستور وما ينص عليه من مبادئ المساواة والحريات الفردية. وهذا التوتر بالرغم من كل سلبياته فإنه سمح بإطلاق نقاش ثري حول هذه المسائل التي أرى أنه آن أوان معالجتها جذريا وحسمها قانونيا.
○ أي مقاربة تحملينها للتشريعات وكيفية استجابتها للحظة التاريخية؟
• أعتبر أن المسألة التشريعية في البلدان العربية بصفة عامة قابلة لأن تطرح من زاويتين:
- زاوية فكرية واسعة تأخذ بعين الاعتبار العلاقة التاريخية في المجال الإسلامي بين التشريع وتنظيم المجتمع من جهة والمسألة الدينية – الفقهية من جهة أخرى. فقد استقرت في الوعي التشريعي الإسلامي على مدى قرون طويلة جملة من المسلمات تحكمت في هذا الوعي ووجهته، ومنها التسليم بالتماثل والتساوي بين الأحكام القرآنية والأحكام الفقهية واعتبار الفقه ممثلا للتشريع الديني الواحد، والحال أن بين المرجعيتين اختلافات جوهرية يتغاضى عنها عادة ومنها أن الاختلاف البنيوي بين ما هو إلهي منزل جاء في القرآن الكريم وما هو بشري تاريخي يتمثل في اجتهادات الفقهاء وتأويلاتهم اعتمادا في الغالب الأعم على مصادر بشرية هي الأخرى، مثل الأحاديث النبوية – التي يتناسى عموم المسلمين أنها هي الأخرى بشرية بشهادة الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم عندما كان يؤكد دائما على الفارق المشار إليه آنفا بقوله «ما أتيتكم به من الله فخذوه وما أقول به من نفسي فإنما أنا بشر» وكذلك تأكيده «أنتم أعلم بأمور دنياكم» ومثل الإجماع والقياس والمصالح المرسلة وغيرها من المصادر ذات الطبيعة البشرية والتي تمثل المصدر الفعلي للغالبية العظمى من الأحكام الفقهية. ومن تلك المسلمات أيضا الاعتقاد في أن المجتمعات قد انتظمت كليا طبقا للأحكام الشرعية وهذا أعتبره في الحقيقة وبناء على دراسات دقيقة وهما من الأوهام الكبرى التي تحكمت وما زالت تتحكم في الوعي الإسلامي، لأن الحقيقة أن أغلب هذه المجتمعات قد انتظمت طبقا لما فرضته حقائق الواقع وإكراهاته وإكراهات السلطة ومتطلبات المصالح وكان كل هذا يتمّ إخراجه إخراجا شرعيا بإيجاد أدلّة بعدية بواسطة القياس والتأويل والحيل الفقهية. إضافة إلى هذا علينا أن نكون على وعي، وبفضل الدرس التاريخي النقدي، أن هذه الأحكام الفقهية هي وليدة ذهنية مخصوصة هي الذهنية الذكورية التي أنتجت هذا التراث الفقهي، وهي موسومة بسمات الطبيعة الاجتماعية لمجتمعات تقليدية أبوية، ولذلك فإن مجمل هذه الأحكام تعكس مصالح المنفردين بالسلطة وهم الرجال وتخدمها.
إن الوعي بهذه الحقائق سيسمح لنا أن نعيد طرح إشكالية التشريع في أفق نقدي يمكننا من تجاوز العوائق التي ظلت تحول دون تحديث القوانين التي تنظم المجتمعات الإسلامية ودون أخذ حقوق النساء بعين الاعتبار في القوانين، كما سيسمح لنا بإعادة قراءة الأحكام القرآنية بالأدوات التي تتيحها لنا معارف عصرنا وفي ضوء أسئلته ومطالبه وتطلعاته، فلا نظل سجناء أقوال السلف التي كانت هي الأخرى محكومة بعصرها وبطبيعة العقول التي أنتجتها. إن التمسك الحرفي بتلك الأقوال والأحكام يضعنا في علاقة متوترة مع عصرنا، نعيش فيه بأجسادنا ويراد لنا أن نعيش في الماضي بعقولنا وبوعينا، وهذا هو جوهر أطروحات التيارات المحافظة السلفية وتيارات الإسلام السياسي. كما يجعل علاقتنا بالعالم متوترة كذلك، فالكثيرون لا يخفون عداءهم لمنظومة حقوق الإنسان بدعوى أنها منظومة غربية مختلفة عن منظومة التشريع الإسلامي، ولمنظومة حقوق النساء بدعوى أنها منظومة تهدّد الهوية والخصوصيات الدينية والثقافية. والحال أن في مقدورنا إيجاد قاعدة للانسجام بين هذه المرجعيات الحقوقية الكونية والمرجعية القرآنية. وهو العمل الذي تسعى إلى إنجازه نخب في البلاد العربية والإسلامية ما زالت للأسف تعاني من التهميش وتتعرض لشتى أنواع التهم والتشكيك.
- أما الزاوية الثانية فهي عملية – إجرائية تتمثل في إرجاع التشريع إلى مؤسسات مختصّة وممثّلة لعموم المجتمع، يتمّ اختيارها ديمقراطيا، وهذا أمر مشروط بوجود دولة تحتكم إلى القانون والمؤسسات، وهذا الشرط مفقود أو منقوص في مجمل البلاد العربية حيث ما تزال الدولة في طور ما قبل الحداثة، ولذلك تلجأ إلى حلول تلفيقية تعيد إنتاج المشكلات بدل حلها، وما زالت أغلب القضايا الجوهرية معلقة ومنها قضية التشريع الموزعة بين مطالب أصحاب السلطة وأقوال المفتين، وبالرغم من ذلك تجد هذه الدول نفسها مجبرة بضغوط داخلية – ذاتية وخارجية على إدخال بعض الإصلاحات في القوانين وخاصة منها ما له صلة بالنساء والأحوال الشخصية.
○ بالنسبة لمسألة الشباب الذي ارتمى في الفكر التكفيري، كيف ترين أسباب ذلك؟
• نحتاج أولا إلى تنسيب الأمور حتى تكون أكثر موضوعية في التعبير عن واقع الشباب سواء في تونس أو في عموم البلاد العربية. فمثلما يوجد عدد هام من الشباب الذي ارتمى في أحضان الفكر التكفيري وتوابعه من الحركات المتطرفة والإرهابية، وهذا الأكثر ظهورا لأنه الأعلى صوتا والأكثر استقطابا إعلاميا، توجد أعداد أخرى من الشباب الناجح والمبدع والخلاق ومن ذوي الخبرات العالية في ميادين مختلفة تضطرها الأوضاع وتدفعها تطلعاتها المقموعة داخليا إلى «الهرب» نحو آفاق أخرى قد يجدون فيها تقديرا لمواهبهم وخبراتهم مما شكل نزيفا حقيقيا يعرف بهجرة الأدمغة العربية، ويكفي النظر إلى المؤسسات الغربية في مجال الصناعة والعلوم الصحيحة والبحث العلمي وعلوم الحاسب والطب وغيرها من التخصصات لترى نسبة هامة من العاملين فيها من الشباب العربي الذين سدّت أمامهم الآفاق في بلدانهم. فالخسارة إذن من الجانبين وإن كانت مختلفة الطبيعة ولكن ارتداداتها على البلدان العربية مخيفة في الحالين. وللظاهرتين سبب مشترك هو انسداد الآفاق أمام الشباب وانتشار البطالة بنسب مرتفعة والواقع المعقد الذي يصعّب على الشباب إمكانيات التعايش. أما ارتماء الشباب في أحضان الفكر التكفيري والحركات المتطرفة فله أسباب أخرى إضافة إلى الأسباب المشتركة المشار إليها آنفا. ومنها خاصة ما له صلة بالأنظمة التعليمية وهي أنظمة تدفع من جهة بأعداد كبيرة من الشباب نحو الانقطاع المبكر عن التعليم ليكونوا لقمة سائغة للأفكار المتطرفة المسلحة بالمال الفاسد والمسنودة سلطويا أحيانا ليتمّ استقطابهم وتجييشهم لخدمة مشاريع لا مصلحة لهم فيها، وهي من جهة أخرى أنظمة لا تسلح الشباب بالمعرفة الحديثة وبالعقل النقدي الذي يحميهم من أن يُتلاعب بهم داخليا وخارجيا، ويكفي أن نعرف أن نسبة هامة من هؤلاء هم من خريجي الشعب العلمية التي لا تمنح تكوينا في مجال العلوم الإنسانية التي تصنع العقل النقدي حتى نتبين أحد أسباب هذه الظاهرة. وحتى «المعرفة الدينية» التي يتلقاها هؤلاء الشباب في مستويات تعليمية أدنى هي معرفة تقليدية غالبا ولا تخلو بدورها من أفكار متطرفة تصنع أرضية خصبة لمزيد من التطرف، ويضاف إلى ذلك نوعية الخطاب الديني المروّج في كثير من القنوات وعبر الفضاء المعلوماتي وفي أغلب المساجد والجمعيات الدينية وهو خطاب لا يخلو هو أيضا من التطرف، وفي المقابل نلاحظ انحسارا مخيفا للخطاب الفلسفي والعقلاني وهو الخطاب المؤهل لإحداث شيء من التوازن، كل هذه العوامل مجتمعة تفسر هذه الحالة من الارتماء في الفكر المتطرف الذي لا يمكن مقاومته إلا بوضع استراتيجية تعليمية وإعلامية وثقافية معقلنة تحمي الأجيال الجديدة من ذلك الفكر وتسلحه بأدوات مقاومة.
○ هل وصلنا إلى مرحلة تحرير العقل العربي؟ وما توصيفك للوضع الراهن عربيا؟ لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة من الدمار والحروب؟
• عندما نتبين أن العقل العربي ما زال إلى اليوم محكوما بالمحددات نفسها التي حكمته على مدى قرون بالرغم من كل التحولات التي شهدها العالم نستطيع القول إن العقل العربي ما زال مرتهنا إلى نظم «لا تاريخية». العقل المنتج للمعرفة ما زال يفكر في مواضيع لم يستطع الحسم فيها وما زال يفكر بآليات عفا عليها الزمن، وكل المشاريع الفكرية التي حاولت تشخيص وضع هذا العقل واقتراح حلول لتغييره ظلت دون نتائج تذكر لأن «السلطة» ما زالت لصالح الخطاب الآخر المحافظ والتقليدي والمنغلق دون كل دعوات التجديد والتحديث، العقل السياسي ما زال هو الآخر محكوما بأنظمة «القبيلة والعقيدة والغنيمة» كما يقول الجابري وهي الأنظمة التي تشكلت منذ 14 قرنا، العقل الديني ما زال عقلا طائفيا سكونيا منغلقا مكتفيا «بفتوحاته» الوهمية رافضا كل محاولات الإصلاح متحصنا ضد كل الفتوحات المعرفية التي أتاحتها علوم الإنسان والعلوم الدينية الحديثة. وبالرغم من هذه العتمة الغالبة لا نعدم محاولات للتجديد والإصلاح والتحديث الرامية جميعها إلى تحرير العقل وهي محاولات تنتظر من يمتلك الجرأة لينقلها من مجال العمل الفردي إلى مجال العمل المؤسسي المخطط له تخطيطا جيدا. ووضع العقل هو صورة للوضع العربي العام وسبب من أسبابه. وضع ما زال قابلا لإنتاج حروب طائفية لأننا لم نحسم هذه القضية بعد ببناء دولة الحداثة السياسية، دولة القوانين والمؤسسات، وهو وضع تزيده التدخلات الأجنبية التي تستفيد من هذا النزيف تعقيدا لأن المهيمنين على السلطة السياسية لم يحسموا بعد الأمر بشأن مصدر المشروعية: هل هو شعوبهم فعلا أم القوى الأجنبية التي يستعينون بها على شعوبهم؟ وبالرغم من كل هذه العتمة مرة أخرى لا نعدم محاولات للبناء الديمقراطي وللإصلاح بالرغم من كل التعثر الذي تعانيه.
○ ما جديدك البحثي في قضايا الفكر الإسلامي وقضايا المرأة؟
• أشتغل حاليا على مشروع إعادة قراءة التراث الفقهي عنونته مبدئيا «نقد العقل الفقهي» أحاول فيه توظيف منهجيات ومقاربات جديدة منها خاصة المقاربة السوسيو- أنثروبولوجية للتشريع، كما أشتغل ضمن حركة «مساواة» العالمية لمراجعة الأحكام الخاصة بالنساء من منظور نسوي، وهو مشروع لا يهدف إلى إقرار حق النساء في المساواة فقط بل يرمي كذلك إلى إثبات جدارة النساء في إنتاج معرفة دينية ظلّت على امتداد قرون محتكرة من الرجال.

العقل العربي ما زال أسير محددات حكمته على مدى قرون
الباحثة التونسية في الحضارة الإسلامية وقضايا المرأة زهية جويرو:
حاورتها: روعة قاسم

السوريون المهجرون قسراً نحو الشمال بين الصراعات الداخلية والخذلان الكبير

Posted: 30 Jun 2018 02:14 PM PDT

الاستقرار، مفهوم عميق في تحديد مصير الإنسان، ويرسم خيوط المستقبل، وجميع شؤون الحياة مرهونة به بشكل مباشر أو غير مباشر، فيما يصنف التهجير القسري للسكان، وهو فعل معاكس للاستقرار، وفق القانون الدولي ضمن جرائم الحرب المرتكبة ضد البشرية.
في سوريا، بات التهجير القسري سياسة، والقانون الدولي، وفق العديد من المصادر فشل في ردع تلك الممارسات القسرية بحق السوريين، في حين أعلنت الأمم المتحدة، قبل أيام أن أكثر من 920 ألف شخص نزحوا في سوريا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مشيرة إلى أن هذا الرقم يعتبر قياسيا منذ سنوات.
كافة العائلات السورية، ومقاتلو المعارضة السورية، تم تهجيرهم من قبل النظام، من محافظات عديدة نحو الشمال السوري، وجميع المهجرين، كانوا قد تعرضوا وفق تأكيدات حقوقية وأممية لجرائم الحصار داخل مسقط رؤوسهم.
ونفذت قوات النظام بحقهم أبشع أساليب الحرمان والقتل، فيما تتهم ذات المصادر، تشكيلات عسكرية تتبع للمعارضة السورية بمحاصرة قرى وبلدات موالية للأسد.

نتائج قاسية

قسوة ردود الأفعال ونتائج التهجير القسري للسوريين على يد النظام، لا تنتهي عند وصولهم نحو الشمال السوري، ويقول أبو الحسن، وهو أحد مهجري الغوطة الشرقية نحو ريف حلب، شمال سوريا: «قرار الخروج من المنزل، والأرض والحي والمدينة، صعب للغاية، فنحن مكرهون على ذلك مقابل النجاة بما تبقى لنا من حياة، لنحمل أحلامنا في الحرية نحو مستقبل لا ندرك ما تخفي لنا الأيام في جعبته».
ويصف أبو الحسن الوصول إلى أرض جديدة، فيها خليط من كل سوريا، لـ «القدس العربي»: ولا نمتلك في الحياة الجديدة إلا الملابس وأشياء صغيرة – لا تذكر، أمر في غاية الصعوبة، والتأقلم معه مضني ومتعب، والاستقرار مغيب» ويضيف متسائلاً: «هل استبدال المنزل بخيمة يعد استقراراً؟ وبناء المستقبل يتمازج بالمستحيل».

صراعات داخلية

الأسابيع الأولى، من تهجيرنا القسري من مدينة دوما نحو ريف حلب، لم تكن سوى صراعات داخلية وأفكار متضاربة، وندامة على الحال التي آلت إليه العائلات السورية، وكيف ترك هذا الشعب يعاني ويحتضر، أمام مرأى ومسمع العالم كله، والأخير إلتزم الصمت، وترك السوريين يتيهون داخل حدود موطنهم، وخارجها.
العائق الأكبر، وفق ما يقوله أبو الحسن أمام كل مهجر قسري، هو السكن، والسياسة الدولية – في جانبها الإغاثي في المخيمات، وسط غياب مشاريع التسكين أو الإعمار، وأن القاموس المعترف به، أن «الخيم» تجلب الدعم الدولي، على عكس المنزل، الذي إن قطنته عائلة يتم طيّ صفحاتها في كتاب المجهول.
عملية البحث عن الاستقرار، وفق المصدر، أجبرت أناساً هجروا قسرياً على القبول بالعودة لـ «حضن الأسد» مقابل الفوز بمنزل لا نوافذ ولا أبواب له، وآخرون لا يزالون صامدون يبحثون في أروقة الموطن الجديد عن بدايات ومعالم تعطيهم جرعة أمل، على أن الحياة ستستمر، وأن للحرية ثمن غالي لا بد لكل باحث عنها أن يدفع باهظاً لنيلها.

خذلان كبير

السورية فاطمة، وهي زوجة معقتل في سجون النظام، تم تهجيرها من غوطة دمشق نحو الشمال، محافظة إدلب، تقول: هناك خذلان كبير في توطين العائلات، وتأمين المساكن، وجميعنا هنا مصدوم بتناحر الفصائل وخلافاتها التي لا يتم حلها إلا عبر الرصاص أو المعارك.
والصدمة الأكبر، هو أن كافة الوعود التي تم تقديمها من قبل الفصائل للأهالي، قبل صعود باصات التهجير، تحولت إلى سراب عندما وطئت أقدامنا الموطن الجديد، وبتنا نشاهد أصحاب النفوذ ينتشرون، ومن يملك المال يدخل الأراضي التركية، وبقيت آلاف العائلات ها هنا تعاني وحدها، وتعجز المنظمات المحلية التي تنشط على مدار الساعة لاستدراك الهالة الكبرى التي خلفتها حوادث تهجير مدن وبلدات بأكملها خلال أشهر متتالية.

التهجير القسري

يعرّف التهجير القسرى بأنه «ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها».
ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، فإن «إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية».
كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

نموذج غروزني

الناشط السياسي السوري درويش خليفة، يقول لـ «القدس العربي»: صراحة استراتيجية مناطق النفوذ، التي أنتجت تهجير سكان المناطق الثائرة على النظام، تحاكي النموذج الذي اتبعته روسيا في غروزني وفق العقلية البوتينية، من خلال الإبادة والتهجير المتأصل في العقلية الروسية، ترافقه عقلية إيرانية تعتمد التغيير الديموغرافي، والعمل على احداث خلل في التركيبة السكانية للمناطق التي احتلوها وتحويل سكانها إلى أقلية عبر جلب سكان مؤيدين لهم.
اليوم الشمال السوري يحتوي على ما يقارب أربعة ملايين نسمة، بينهم مليون ومئتي ألف بين نازح ومهجر تقريباً، حيث تم إدراج قطاع إدلب ضمن مناطق تخفيض التصعيد في أستانة 6 وجرى تقاسم النفوذ فيها بين الأتراك وفي درجة أقل الروس والإيرانيين عند مطار ابو الظهور.

مصير مجهول

مصير المنطقة الشمالية من سوريا، وفق درويش، سيبقى في السنوات الخمس المقبلة على ما هو عليه، لحين بلورة اتفاق سياسي شامل يتضمن وضع المهجرين وإعادة إعمار مناطقهم التي دُمرت قبل خروجهم منها.
أما ما ينتظرهم فهذا السؤال يحتاج إلى سد الذرائع الروسية قبل الإجابة عليه، بسبب وجود هيئة فتح الشام «جبهة النصرة سابقاً» في إدلب لن يريحها من الأسلحة الروسية التي تجرب ليل نهار على رؤوس ساكنيها.
بالنسبة للوضع الاقتصادي سيبقى الأسوأ بين مناطق النفوذ بسبب وجود ما يقارب من ثلاثمئة مخيم يحتاج قاطنوها إلى خدمات وتعليم وإغاثة غذائية وهذه المواضيع تحتاج موازنات دول لتأمينها، عدا عن عدة ملفات ما زالت نائمة كتأمين فرص عمل للشباب الذين ستُصبح نسبتهم مرتفعة مع الأعوام الثلاثة المقبلة، وملف الاندماج بين السكان الأصليين والمهجّرين والملف الأمني الذي بات ضرورة بعد عدة اغتيالات في الأشهر القليلة الماضية.

مليون مهجر

منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا بانوس مومتزيس، قال مطلع شهر حزيران/يونيو الماضي، خلال مؤتمر صحافي في جنيف أن «أكثر من 920 ألف شخص نزحوا في سوريا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2018 ويرفع النزوح الأخير عدد السوريين الذين نزحوا في داخل سوريا نتيجة عمليات التهجير التي نفذتها قوات النظام إلى 6,2 مليون، في حين يعيش حوالي 5,6 مليون لاجئ في الدول المجاورة، حسب أرقام الأمم المتحدة».
وأضاف أنه «في ظل الوضع الحالي في إدلب حيث يعيش 2,5 مليون شخص، قد نكون لم نرَ بعد الجزء الأسوأ من الأزمة» وقال «نحن قلقون لرؤية 2,5 مليون شخص يتم دفعهم أكثر فأكثر إلى الحدود التركية».
إدلب، الموطن الأكبر لسوريي الثورة، لم تسلم خلال الأسابيع الماضية من العمليات العسكرية، رغم الاتفاق الدولي المبرم حولها، بضمانة تركية روسية إيرانية، وارتكتب مقاتلات النظام وروسيا مجازر، راح ضحيتها العشرات، فيما يبدو أن حتى موطن التهجير ليس بمأمن والمخاوف من التصعيد العسكري لا تبارح أذهان قاطنيها.

اتفاقيات لم تنجح

المنسق العام بين فصائل الثورة السورية عبد المنعم زين الدين، يرى أن اتفاقيات ما يسمى خفض التصعيد ووقف المجازر بحق السوريين في المناطق المحررة، لم تنجح، بل استمرت عمليات القصف بدعوى أنها تستهدف تنظيمات مستثناة من الاتفاقية، فيما استفاد النظام وحلفاؤه منها عبر تحييد مناطق عن الصراع للاستفراد بأخرى.
وقال زين الدين لـ «القدس العربي»: لذا فإن حماية المناطق المحررة، لا تكون باتفاقية يرعاها المحتل نفسه، بل لا بد من حماية أممية تفرِض على المحتل الروسي وقف جرائمه ومجازره بحق الشعب السوري، ويأتي هذا التصعيد الأخير على محافظة إدلب، كإثبات وجود للروس أنهم لا يزالون يتحكمون بمفاصل الوضع في سوريا».

حرب مفتوحة

وأن على الدول مفاوضتهم ومقايضتهم خاصة في ملف إعادة الإعمار، حيث تشعر الدول الأوروبية بخطورة تدفق مزيد من اللاجئين السوريين في حال تطور التصعيد إلى حرب مفتوحة، الأمر الذي عبرت عنه الأمم المتحدة بالقول انه مقلق لها نتيجة عدم وجود مكان آخر يذهب إليه أكثر من 2,5 مليون سوري في إدلب.
كما لا يمكن، وفق محدثنا إغفال الرسائل الضمنية التي يحملها هذا التصعيد، كما يقول المنسق العام، خاصة لتركيا إزاء تقاربها مؤخراً مع أمريكا، والذي تبلور في خريطة طريق متفق عليها في منبج، حيث تريد روسيا أن توصل رسالة لتركيا وأمريكا معاً أنها قادرة على خلط الأوراق، عبر تخريب ما تم الاتفاق عليه في إدلب، إذا زاد التقارب الأمريكي – التركي الذي ترى فيه خطراً على نفوذها في سوريا.

العودة إلى فلسطين

وفي ريف حلب، شمال سوريا، طالب مطلع شهر حزيران/يونيو الماضي، العشرات من أبناء مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الأمم المتحدة ممن هجرهم النظام السوري بشكل قسري خارج جنوب دمشق، بنقلهم إلى فلسطين، بعد أن هجرهم النظام إلى مخيمات بدائية شمالي سوريا.
وجاءت المطالبة، وفق ما نقلته وسائل إعلام سورية معارضة أثناء تظاهرة نظمها المهجرون في مخيم قرية دير بلوط في منطقة عفرين قرب حلب شمال غربي سوريا، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «أعيدونا إلى فلسطين» «حق العودة لا رجعة فيه» و»فلسطين لكل الفلسطينيين».
وهجّرت قوات النظام السوري آلاف اللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود إلى الشمال السوري، بعد حملة قصف أدت إلى مقتل وجرح العشرات.

قافلة الندم

مصدر خاص في الشمال السوري، قال لـ «القدس العربي» ان «النظام السوري يستغل الظروف السيئة التي تعيشها العائلات التي هجرها من مدنها في ريف دمشق، نحو الشمال، بإعادتهم تحت سلطته ونفوذه، ووفق شروط».
وأشار المصدر، إلى إن حكومة دمشق، تقوم باللعب على حالة الفوضى في الشمال، لإرغام العائلات لمصالحته، مقابل تجنيد أبنائهم ضمن قواته العسكرية، ووفق الشروط التي يفرضها.
وفي هذا السياق، تقوم قوات النظام بالتهجيز لقافلة عكسية، من ريف حلب، إلى الغوطة الشرقية، تحت مسمى «قافلة الندم» لإعادة الراغبين في مصالحة الأسد وتسوية أوضاعهم، وأشار المصدر، إلى إن التسمية التي وضعتها قوات النظام لاسم قافلة العودة، دليل على مطالب النظام في قهر السوريين ثلاث مرات، الأولى عندما قتلهم في منازلهم، والثانية عندما حاصرهم وشردهم قسرياً، والثالثة، عندما يسمح لهم بالعودة إلى مسقط روؤسهم بشكل ذليل، وتحت شروطه القاهرة.
وحسب المصدر، فإن أعدادا قليلة جداً قامت بالتواصل مع لجان المصالحة، لتسجيل اسمائهم للعودة نحو الغوطة، وأن الغالبية ترفض مجرد التفكير بذلك، حتى الساعة.

السوريون المهجرون قسراً نحو الشمال بين الصراعات الداخلية والخذلان الكبير

حسام محمد

أحد سكان الموصل: نقل أثاث بيتي في الموصل يتطلب موافقة خمسة أجهزة أمنية  

Posted: 30 Jun 2018 02:13 PM PDT

بعد أن تمكنت القوات العراقية بدعم التحالف الدولي من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في الموصل العام الماضي، ظهرت مشكلة تعدد الجهات الأمنية داخل المدينة وانعكاسها المباشر على حياة الناس الاجتماعية، من خلال تضارب القرارات والأوامر وتداخل قواطع المسؤولية بين صنوف القوات المتواجدة داخل مركز المدينة ومحيطها، وهو الأمر الذي بات يشكل ظاهرة يتذمر منها السكان المحليون.
وامتد تأثير تعدد المرجعيات الأمنية في الموصل ليصل إلى الجوانب المعيشية البسيطة، كنقل أثاث المنازل، مما يذكرنا بتعقيدات وتداخل أجهزة المخابرات في سوريا، التي تتدخل فيها المخابرات الجوية في تصريحات محلات البقالة.
المواطن هيثم صالح الذي يريد نقل أثاث بيته من الجانب الأيسر إلى الجانب الأيمن وتحديدا إلى منطقة العكيدات، يقول ان كل شخص يريد نقل أثاث بيته بين جانبي مدينة الموصل أو حتى داخل أحيائها في الجانب نفسه، يتوجب عليه أخذ موافقات أمنية من كل من: 1- مديرية محافظة نينوى. 2-قيادة عمليات نينوى. 3-الحشد الشعبي. 4-الاستخبارات. 5-الأمن الوطني. ويضيف في حديثه لـ»القدس العربي» ان «كل ختم (موافقة) من الجهات المذكورة يحتاج إلى الوقوف في طابور لساعات طويلة وأحيانا تأجيل ليوم أو يومين لحين استكمال الإجراءات، ولا يقتصر الأمر على إنجاز المعاملة الخاصة بنقل الأثاث، بل يتطلب الأمر منك أحيانا الوقوف من الصباح حتى الظهر أو العصر، لعبور سيطرة تفتيش واحدة على الرغم من استصدارك كافة التصاريح الأمنية الخاصة بالنقل».
وحسب نشطاء تحدثت إليهم «القدس العربي» في الموصل، فان ما يعقد الإجراءات أكثر، هو ان «كل دائرة حكومية أو خدمية، لديها نظام (التدقيق الأمني) لمعرفة فيما إذا كان الشخص المراجع ذو سجل أمني نظيف أم لا، فمن يريد – مثلا- تجديد بطاقة الهوية الشخصية المسماة (هوية الأحوال المدنية) عليه أن يمر بأربع حاسبات تابعة لأربع جهات أمنية مختلفة لتدقيق اسمه أمنيا، وهذا يسبب تأخيرا في إنجاز معاملات الناس ووقوفهم في طوابير طويلة لاستصدار أي مستمسك ثبوتي يرومون تجديده».
وكان قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري وعد في تصريح لقناة «الموصلية» الفضائية قبل أشهر بما أسماه (توحيد الكمبيوترات) من أجل تسريع إنجاز معاملات المواطنين واختصار الوقت، لكن تلك الإجراءات والروتين لم يطرأ عليها أي تغير منذ تصريح المسؤول العراقي وإلى الآن حسب شهادات مواطنين من داخل المدينة.

تشابه الأسماء

ولعل أكثر مشكلة تُسببها اللامركزية الأمنية داخل مدينة الموصل هي مشكلة (تشابه الأسماء)، إذ تتشابه أسماء لأناس أبرياء مع أسماء من تصنفهم الحكومة العراقية كمطلوبين وفق المادة (4/إرهاب) بتهمة الانتماء لتنظيم «الدولة»، حيث يتعرض من له اسم متشابه للمساءلة وأحيانا الاعتقال من أكثر من جهة أمنية. ويروي أحد السجناء الذين خرجوا من سجن تابع لمركز شرطة «كوكجلي» أيسر الموصل، لـ»القدس العربي» أنه التقى بمعتقلين داخل مركز الاحتجاز بعضهم معتقل للمرة الثالثة من قبل جهات أمنية مختلفة بسبب تشابه اسمه مع اسم آخر مطلوب للحكومة العراقية، قائلا «اعتقلت للمرة الأولى في حي صدام من قبل الحشد ونقلوني إلى سجن تابع لهم في منطقة برطلة، وبقيت محتجزاً 47 يوما، ثم خرجت بعد أن دفعت مبلغ 15 ورقة (1500$)، ثم اعتقلت في المرة الثانية من قبل الشرطة الاتحادية في سيطرة منطقة الرشيدية، واستمر سجني لثلاثة أشهر، وهذه المرة الثالثة التي لا أعرف متى ستنتهي».
الجهات الأمنية من جانبها، تحاول حل هذه المشكلة عن طريق ما أطلقت علية إجراء (كف التحري) وهو استحصال كتاب من جميع الجهات الأمنية داخل الموصل (سوات، والجيش، والشرطة، والحشد، والأمن الوطني، والاستخبارات) لإثبات براءة حامل ذلك الكتاب، لكن هذا الأمر يتطلب دفع ما بين (3000 – 4000$) لمحامي يتم توكيله من قبل الشخص المعني لإتمام إجراءاته، وهو ما يجعل أغلب المواطنين يحجمون بسبب العجز المادي. ويقدر سامي الفيصل مدير إحدى المنظمات الإنسانية في الموصل أن ما يقارب 2500 شخص يعانون من ظاهرة تشابه الأسماء.
وكان النائب محمد إبراهيم البياتي المسؤول عن لجنة الأمن في مجلس محافظة نينوى، في تصريح لوسائل إعلام محلية طالب بالتوقف فوراً عن اعتقال الأشخاص استناداً إلى تشابه أسمائهم الثلاثية فقط، وطالب بوضع نظام يضمن عدم اعتقال أي شخص لمجرد تشابه الأسماء.

شجار يتطور إلى استخدام أسلحة

ولم تقتصر مشكلة اللامركزية الأمنية على المواطنين فقط، بل تتعدى إلى الأجهزة الأمنية فيما بينها، فمنطقة المجموعة الثقافية أيسر الموصل صار شائعا فيها حدوث الشجارات بين أفراد تابعين لجهات حكومية مختلفة. فقد أخبرنا صاحب إحدى المحلات التجارية في تلك المنطقة عن شجار حصل ثاني أيام عيد الفطر بين عناصر تابعين لحشد أثيل النجيفي المسمى «حرس نينوى» وبين كتائب العباس القتالية التابعة للحشد الشعبي، وأن الشجار تطور إلى استخدام الأسلحة وأنه سمع أصوات إطلاق عيارات نارية.
كما استغل البعض سواء من المنتمين للجهات الأمنية المختلفة أو ممن ينتحلون صفتهم، هذه الظاهرة وضعف إثبات تبعية كل فرد لأي جهة ليقوموا بابتزاز أصحاب المحلات التجارية وصياغ الذهب والقائمين على مولدات الكهرباء الخاصة لأخذ أتاوات منهم. وقام الناشط بتوثيق حالة أحد العاملين في مولدة كهرباء في حي التأميم (عمر 23عاماً)، إذ ذكر لـ»القدس العربي» أن مسلحين بزي الحشد وبسيارات مدنية طرقوا عليه باب مكان عمله في الحادية عشرة ليلا وطلبوا منه مبلغا ماليا، يقول: «فاتصلتُ على صاحب المولدة فأخبرته بالأمر، فاتفق معهم عن طريق الهاتف على إعطائهم 300$».
لأجل كل هذا يطالب السكان المحليون داخل الموصل، بتوحيد الجهات الأمنية وربطها بمرجعية واحدة وهي محافظ نينوى لكي لا يتكرر الوضع قبل عام 2014 الذي أدى إلى حصول شرخ كبير بين المواطن وعنصر الأمن، كانت نتائجه أن تمكن تنظيم «الدولة» من الاستفادة من ذلك الوضع.

تقاطع الأهداف والمهام

لكن مشاكل الأجهزة الأمنية في الموصل، ليست جديدة، فكما تنعكس الآن على حياة المواطنين في المدينة فيما يتعلق باحتياجاتهم المعيشية المباشرة، فان تعدد هذه الأجهزة وإشكالية تنظيم عملها داخل الموصل والتحديات الأمنية التي قد تواجهها بعد إبعاد تنظيم «الدولة» من المدينة، سبق وان أثار اهتمام الباحثين العراقيين، ومنهم اللواء الدكتور عماد علو، الذي نشر بحثا مطولا في المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، يتحدث فيه عن المعضلات التي تواجه هذه الأجهزة، إذ اعتبر ان تعدد أجهزة الأمن  في الموصل يقود إلى إرباك عمل هذه الأجهزة، معلقا في بحثه المنشور على مشكلة الهيكلية لهذه الأجهزة: «على الرغم من تعدد أجهزة الاستخبارات وجمع المعلومات في القوات الأمنية العراقية، إلا أنها تفتقر إلى التخصص والتنسيق الدقيق فيما بينها، بسبب عدم وجود قيادة أو جهة مركزية تنظيم أنشطتها وأعمالها. ولعل هذه المشكلة الهيكلية تعتبر أساسية لأنها ترتكز على مشكلة عدم تقاسم المعلومات بين الوكالات الوطنية، ناهيك عن التعاون فيما بينها في جوانب فنية وتنفيذية أخرى».
ويعتبر الباحث ان تعدد الجهات الأمنية وتداخل المهام وتشابهها وأحيانا تعدد مرجعياتها الإدارية، من شأنه المساهمة بضعف المنظومة الأمنية، ووضع العراقيل والمعوقات أمام تنفيذها لواجباتها ومهامها. ويعتقد اللواء علو، ان غياب أو فقدان التخصص في عمل ووظائف الأجهزة الأمنية والاستخبارية، قد يولد العديد من أشكال التداخل والتقاطع في الأهداف والمهام، الأمر الذي يؤدي إلى هدر في الجهود الاستخبارية.
ولضمان نجاح عملها، يدور الحديث عن تعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والاستخبارية ومسؤولي الحكومة المحلية (المحافظة والقائمقامية) في نينوى، وذلك لضمان تأمين الدعم السياسي والاجتماعي لعمل الأجهزة الأمنية والاستخبارية والتركيز على وضع الشرطية بأمرة الحكومات المحلية، وهذا ما ينصح فيه اللواء علو مؤكدا على ضرورة تعزيز ثقة المواطنين في مدينة الموصل بالأجهزة الأمنية والتفاعل معه واشراكهم في حماية منطقته، وتنظيم مسح دقيق مع تجزئة وتفعيل دور المختارين والمعلومات المحلية، معتبرا ان تعزيز التظافر بين السكان المحليين وهذه الأجهزة هو الحل الأمثل لحل أزمة الثقة القائمة، ضاربا عدة أمثلة من دول غربية، مشددا على ضرورة الاسراع بتلافي النقص في الموارد البشرية «وذلك باستحداث وظائف وتطويع المزيد من أهالي محافظة نينوى للعمل في الأجهزة الأمنية! وهي مسألة ضرورية جدا إذا ما علمنا أن بعد تعرض الدول الأوروبية لهجمات إرهابية في العامين المنصرمين قامت الحكومة الفرنسية بفتح 8500 وظيفة جديدة في قطاعي الأمن والقضاء واستحداث خمسة آلاف وظيفة داخل جهاز الشرطة، وقامت الحكومة البلجيكية باستحداث 4600 منصب أمني، وستكون حصة الشرطة الاتحادية ثلاثة آلاف وظيفة».

أحد سكان الموصل: نقل أثاث بيتي في الموصل يتطلب موافقة خمسة أجهزة أمنية  
تذمر في الموصل من تعدد المرجعيات الأمنية  
خالد الخليل

جبل مرّة في السودان جمال طبيعي فريد

Posted: 30 Jun 2018 02:13 PM PDT

الخرطوم ـ «القدس العربي»: تعتبر منطقة جبل مرة في دارفور غربي السودان من أجمل المناطق على مستوى العالم وأكثرها تنوعا في الطبيعة والمناخ، وقد طغت أخبار المعارك والقتال في السنوات الأخيرة على هذا الجانب.
والمنطقة ليست مرتفعا جبليا واحدا كما يبدو من الاسم، بل تمتد إلى مساحات شاسعة تبدأ من مدينة كاس جنوباً إلى ضواحي الفاشر شمالاً، وتغطي مساحة 12.800 كلم. ويتكون الجبل الممتد من سلسلة من المرتفعات بطول 240 كلم وعرض 80 كلم، تتخللها الشلالات والبحيرات البركانية، ويعد ثاني أعلى قمة في السودان حيث يبلغ ارتفاعه 10.000 قدم فوق مستوى سطح البحر.
المنطقة التي يمتد فيها الجبل مأهولة بالسكان الذين يعيشون حياتهم في بيئة تتميز بطقس معتدل يغلب عليه طابع مناخ البحر الأبيض المتوسط، وهو أمر نادر في السودان، ويتيح هذا المناخ، إضافة لاستمرار هطول المطر لفترات طويلة، خاصية التنوع وزراعة الفواكه مثل الموالح والتفاح ونمو غابات متشابكة، كما أن هذه الأمطار الغزيرة توفر إمدادا مائيا مستمرا للأراضي الزراعية ما يجعل تربتها صالحة لزراعة المحاصيل الغذائية مثل الذرة والدخن.

غذاء طبيعي ومياه نقية

ويقول نجم الدين دريسة وهو يشغل وظيفة وزير الحكم المحلي في ولاية وسط دارفور التي تتبع ثلاث محليات منها لنطاق جبل مرة، إن المنطقة تتميز بجمال طبيعي خلاّب بسبب ارتفاعها الذي يصل لأكثر من 3000 ألف متر فوق سطح البحر، يضاف إلى ذلك التنوع المناخي واستمرار هطول المطر لفترات طويلة ووجود الشلالات والغطاء الأخضر الممتد على مد البصر، ويمتزج كل ذلك بتراث إنساني عميق وممتد عبر التاريخ، وهي بذلك منطقة أثرية إضافة للبُعد السياحي فيها الأمر الذي يجعلها منطقة عالمية في هذا المجال.
ويصف دريسة طبيعة الحياة في جميع مناطق جبل مرة بالمثالية من حيث الاعتماد على الطبيعة في الغذاء والمياه النقية الصحية حيث يعتمد الناس فيها على الزراعة التي لا تحتاج لأي إضافات كيميائية، إلى جانب الهواء الطبيعي المنعش وينابيع المياه التي تستخدم في العلاج.
ويقول إن المنطقة لا تضم قبائل دارفور المعروفة وحدها، بل هي نسيج اجتماعي فريد يضم معظم قبائل السودان، وتعتبر بذلك منطقة حضارة متكاملة وثقافات متنوعة انصهرت في الإطار العام للتكوين الثقافي والاجتماعي الموجود في دارفور.
ويرى وزير الحكم المحلي في ولاية وسط دارفور، أن المنطقة يمكنها أن تحقق عائدا اقتصاديا كبيرا إذا تم تطويرها من حيث البنى التحتية والخدمات السياحية، خاصة كونها تجمع بين مقومات الطبيعة البكر والحياة البرية والإنسان الكريم المتسامح الذي يتقبل الآخر.

قمم عديدة

ويبدأ ارتفاع المنطقة تدريجيا مع وجود قمم متعددة تنتشر فيها العديد من البحيرات البركانية التي تكونت على مدى السنين بسبب امتلاء الفوهات البركانية بمياه الأمطار، ومن تلك المصادر المائية شلال قلول وشلال نيرتتي ومرتجلو وسوني.
الغابات الكثيفة والشلالات الدائمة خاصة في منطقة قلول، أوجدت بيئة مناسبة للحياة البرية والحيوانات النادرة وتوجد حظيرة الردوم للحيوانات البرية إضافة إلى بحيرة كندي التي تعتبر من أهم وأبرز مناطق تجمع الطيور البرية المستوطنة والمهاجرة.
وتقع محمية الردوم في ولاية جنوب دافور وهي تنفرد بالطبيعة الخلابة وتزدان ببحيرة كندي للطيور المائية ويمكن الوصول إليها براً أو جواً إلى نيالا ومن ثم مواصلة الرحلة إلى الردوم. ومن أبرز الحيوانات الموجودة في الحظيرة: البقا الأكبر وأبو عرف والتيتل والكتمبور والحمراية والمور والبشمات وغزال سنجة والأسد والنمر وكلب السمع والحلوف أبو نباح، كما توجد العديد من الطيور المقيمة والمهاجرة.

أغاني جبل مرة

ومن الأغنيات التي تعبّرعن جمال هذه المنطقة أغنية «مرسال الشوق» التي كتبها الفنان عبد الكريم الكابلي وأهداها للفنان أبو عركي البخيت وتقول كلماتها: «مرسال الشوق يا الكلك ذوق، أغشى الحبان في كل مكان، وقول ليهم زرنا جبل مرة، وعشنا اللحظات حب ومسرة، بين غيمة تغازل ضل زهرة، وخيال رمانة على المجرى» ويغني الفنان خليل اسماعيل أغنية خالدة يقول فيها: «في سوني بغرب الجبل.. تشعر كانك جوة جنة.. سوني العروس في كرنفال.. مزدانة في روعة ونضار. عالم عجيب وجمال سحرنا».

مطر مستمر

ويكثر هطول المطر على امتداد المنطقة وتمتد كمية المطر بين (500-1000) ملم وتصل إلى أقصى درجة في اتجاه الغرب وفي المناطق التي ترتفع عن 200 متر عن سطح الأرض. وأدى هطول المطر بكثافة لظهور العديد من الأودية أكبرها وادي أزوم الذي يصب في بحيرة تشاد وهناك وادي ايدا ووادي الكوع وأودية بليل وسندو وكايا وقندي، ويعتمد السكان المحليون على هذه الأودية في زراعة الفواكه والخضراوات اعتمادا على مخزون المياه ويؤثر الغطاء النباتي المستدام في عملية الجذب السياحي.
وإضافة للجانب الجمالي والسياحي في منطقة جبل مرة، تتميز المنطقة بالعديد من الموارد وقد ذكرت وزارة المعادن السودانية العديد من التقارير التي تثبت وجود ثروات معدنية هائلة في المنطقة مثل الذهب واليورانيوم والمنغنيز والبترول، وأعلنت مؤخرا إحدى الشركات الألمانية نتائج مسح جيولوجي أكد اكتشاف كميات تجارية من البترول واليورانيوم والذهب ومعادن أخرى ومياه جوفية في المنطقة، يضاف هذا إلى الدراسات السابقة التي تشير إلى أن إقليم دارفور يحتضن كميات هائلة تعادل أنهاراً من المياه الجوفية هذا بخلاف الذهب الذي تشير الدراسات الأولية إلى وجود احتياطات كبيرة منه في جنوب دارفور وغيرها.

أنواع نادرة من الزهور

ويرى الصحافي أنور شمبال، أن الإمكانات الموجودة في جبل مرة لم تستغل حتى الآن ولو في حدها الأدنى. ويصف قمة الجبل بأنها من أجمل المناظر في العالم ويضيف «أن منطقة جبل مرة فريدة في تكوينها ومناخها وإنسانها حيث تضم نباتات وأشجار غير موجودة في بقية أنحاء السودان مثل التفاح والكروم إضافة لأنواع نادرة من الزهور تنتشر في الصخور وتشكل مشهدا في غاية الجمال ويزيد المنظر روعة في أنواع الزراعة على المدرجات الجبلية ووجود الشلالات والنبات المتسلقة خاصة في فصلي الشتاء والخريف الذي يعتدل فيه المناخ وتهطل الأمطار بشكل دائم».
ويرى شمبال أن الحكومات المتعاقبة أهملت المنطقة بشكل كبير ولم تستفد من الموارد الموجودة في ظاهر الأرض وباطنها، ويقول إن الحكومة الحالية ساهمت بشكل أكبر في ذلك من خلال الحرب التي أثرت بشكل واضح على الاستقرار في المنطقة ومن خلال تدميرها لأهم مشروعين فيها وهما مشروع جبل مرة للتنمية الريفية المدعوم من بعض الدول الأوربية ومشروع السافنا.

معوقات السياحة

ويرصد الباحث عبد الله محي الدين، من جامعة الخرطوم، معوقات السياحة في منطقة جبل مرة والتي أجملها في عدة نقاط على رأسها البنى التحتية المتمثلة في خدمات النقل والمواصلات. وتوصل عبر دراسة ميدانية إلى أن 45 في المئة من السياح يتنقلون سيرا على الأقدام و15 في المئة منهم عبر الدواب و5 في المئة بالسيارات الخاصة و35 في المئة عبر وسائل النقل العام.
وأشار إلى أن المعوّق الأساسي للسياحة في الفترة الأخيرة هو انعدام الأمن، إضافة لضعف الخدمات الصحية وخلو الكثير من المناطق من التيار الكهربائي وضعف خدمات الإيواء، مشيرا لتحسن خدمات الاتصالات بنسبة 95 في المئة.
وأشار الباحث لاشكالية واضحة في التسوق نسبة لوجود أسواق دورية (ليست يومية) وتدني الخدمات التسوقية المناسبة للسياح وصعوبة حصولهم على المواد الغذائية المناسبة لهم إضافة لقلة الخدمات الترفيهية نسبة لطبيعة سكان المنطقة وثقافتهم وتقاليدهم المحافظة ويصل إلى التقصير الحكومي في الترويج وغياب الإعلام السياحي.

إيرادات السياحة

يتميز السودان بإمكانيات كبيرة في مجال السياحة، لكن لا يستفاد منها لأسباب عديدة، ورغم التقدم الذي حدث في إيرادات السياحة خلال العامين السابقين، فإنّ الكثير من الخبراء يرون إمكانية مضاعفة هذه الأرقام.
فقد شهدت السياحة السودانية تطورا في الأعوام الماضية، ففي عام 2014 حققت أكثر من 855 مليون دولار بنسبة زيادة بلغت 19.3 في المئة عن العام 2013 فيما بلغ عدد السياح للعام ذاته نحو 683.618 سائح بنسبة زيادة بلغت 19.1 في المئة عن العام السابق وارتفعت إيرادات السياحة في 2015 إلى 930 مليون دولار وبلغ عدد السائحين 700 ألف.
ولتحقيق السودان أقصى فائدة ممكنة من السياحة، عكفت مجموعة من الخبراء على تحديد المواقع السياحية التي يمكن ضمها لقائمة التراث العالمي ليتوفر لها ـ بذلك ـ الدعم والحماية الكافية، وتشارك في هذا العمل وزارة السياحة، اليونسكو (الوطنية والعالمية) والهيئة القومية للآثار ومختصون في هذا المجال.
واعتبر الخبراء أن سلسلة جبل مرة في وسط وجنوب دارفور، من المناطق المدهشة، حيث يصل ارتفاعها لأكثر من ثلاثة ألف قدم فوق سطح البحر، وتتميز بمناخات متعدّدة، وبحيرات بركانية وآثار من العصر الحجري القديم، لكنها تأثرت بالنزاعات المسلحة وأصبحت غير آمنة.
وتتمثل فرص الاستثمار في المنطقة حسب الخبراء والمختصين في زيادة الطاقة الإيوائية وتأهيل وتحديث القرى السياحية في جبل مرة وإقامة معسكر سياحي دائم بالردوم وإنشاء مركز رياضي في جبل مرة لممارسة رياضة تسلق الجبال إضافة إلى إقامة فنادق علاجية في مناطق المياه الكبريتية وكذلك إقامة مركز سياحي على بحيرة كندي لهواة صيد الطيور ليكون في الوقت نفسه مركزا لدارسي ومتابعي حركة الطيور المهاجرة إضافة إلى إنشاء وتأهيل حدائق للحيوان ومتنزهات عامة ومشاريع ترفيهية.

جبل مرّة في السودان جمال طبيعي فريد
طمسته أخبار الحرب
صلاح الدين مصطفى

ألبير قصيري والعيش بإحساس المنفى

Posted: 30 Jun 2018 02:12 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: «لست في حاجة إلى أن أعيش في مصر، ولا أن أكتب بالعربية، فإن مصر هي ذاكرتي» (ألبير قصيري).
رغم رحيل ألبير قصيري (3 تشرين الثاني/نوفمبر 1913 ــ 22 حزيران/يونيو2008) عن القاهرة في العام 1945، إلا أنه لم يستطع أن يحيا ــ كشخوصه ــ إلا من خلال القاهرة وعالمها، ربما ناقما عليها وعلى مترفيها وأفاقيها، وفي الأول والأخير السُلطة التي تحكم وتتحكم في مخاليق الله.
ورغم روايات عدة جسد فيها قصيري قاهرة الأربعينيات من وجهة نظر شخصياته المتفلسفة على الدوام، مثل «شحاذون ومعتزون» و»العنف والسخرية»، إلا أن قاهرة الإسمنت ونهر البشر الذي فاق نهر النيل، والجو الخانق المميت، وجد صداه في روايته «ألوان العار» كاستشراف وشعور عميق بمدى التحولات التي حدثت في المجتمع المصري بعد انهيار منظومة الستينيات. وقد برع قصيري، الذي كان يرى القاهرة من خلال ذاكرته، أكثر من روائيين وأدباء يعيشون في القاهرة ويتبارون في صخب فج بمدى معرفتهم بأحوال البلاد والعباد، بل ويتبجحون بأنهم حرّاس المدينة الرمادية. وبمناسبة الذكرى العاشرة لرحيل قصيري، نظم المركز الثقافي الفرنسي في القاهرة ــ من دون أن نسمع لوزارة الثقافة المصرية ذكرا له، فقصيري ضد السلطة وضد الأناشيد الرنانة والعبارات التافهة، التي يرددها خدم السلطة في كل وقت ــ احتفالية بهذه المناسبة، تضمنت قراءة فقرات لبعض أعماله، وعرض فيلم «شحاتين ونبلاء»، وإصدار رواية «شحاذون ومعتزون» في صيغة الرواية المصورة، ومعرضاً لمخطوطات روايات قصيري ومراسلاته، وروايته الأخيرة التي لم تكتمل، وفي الأخير ندوة عن الرجل وعالمه، شارك فيها العديد من المهتمين بالأدب الفرانكفوني وأعمال قصيري في الأساس، منهم إيرين فينوجليو، مديرة بحوث فخرية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، وحاصلة على دكتوراه في أعمال قصيري، جويل لوسفيلد، ناشرة أعمال قصيري، مترجمة الرواية المصوّرة منى صبري، الناقد والمترجم بشير السباعي، الصحافي الفرنسي كريستوف عياد، وحنان منيب، التي تعرّفت إلى قصيري وأصدرت مؤلفاً عنه وعن شخوصه.

أن يكون هو!

بداية أشارت إيرين فينوجليو إلى أن قصيري طوال حياته لم يكن يبحث عن شهرة أو أي شكل من أشكال السخف التي يهرول خلفها الأدباء على اختلاف أعمارهم وتجاربهم. فهذه الحياة اختارها عن قناعة تامة، فهو كما قال عن نفسه «أكتب لإمتاع ذاتي»، وهو بذلك كان يطبق أفكاره على نفسه أولاً ومن خلال مواقفه من الحياة، وهو موقف ثقافي تجاه الحضارة المادية، التي تمسخ الفرد، وتسعى إلى تنميطه وتحويله إلى شيء ضمن مفرداتها، وبالتالي تمحو فرادته، فالرجل كان موقفه موقف وجود في الأول والأخير.

واقعية قصيري

الأمر نفسه أكده بشير السباعي، الذي يرى أن قصيري من القِلة في عالم الأدب الذي طبّق أفكاره من خلال نفسه أولاً، فهو ليس مثل كثيرين يتحدثون عن الإنسان ومأساته، لكنهم في الحقيقة مجرد لصوص أكثر خِسة مما يحاربونهم على الورق، ويتحدثون بلسان الفقراء، لكنهم يزدادون شهرة وثراء بحديثهم الزائف هذا. الأمر الآخر الذي أكده قصيري والخاص بجماعة «الفن والحرية» ــ لسان حال الحركة السريالية المصرية ــ أن الحركة كانت تضم جنسيات مختلفة، وكانت على تواصل دائم بالسريالية العالمية، لذا لم تكن تهتم بالقوميات، أو تنزع كغيرها من الحركات إلى الشوفينية المقيتة، التي في الأغلب تولد عمياء وأصولية، وتجعل من الآخر مختلفاً. فقد كانت الحركة تضم مصريين وأجانب، يكتبون بأكثر من لغة ويهتمون بالقضايا الاجتماعية، مثل المرأة وتحريرها، والعادات والتقاليد، ونقد المرجعية في الثقافات التقليدية. إلا أن قصيري رغم اشتراكه وهذه الجماعة، ونشره لنصوص في مجلة «التطور» إلا أنه لم يكن سريالياً، بل يميل إلى تجسيد الوقائع من خلال رؤيته الخاصة جداً، والتي تختلف عن معظم مَن ادعوا الكتابة عن الواقع. ويستشهد السباعي بشخصيات حقيقية عرفها قصيري وكتب عنها ــ جسدها ــ كشخصية يكن، في روايته الأشهر «شحاذون ومعتزون»، وهو الشاعر فولاذ يكن، وهو ابن الشاعر ولي الدين يكن، وعمه السياسي المصري عدلي يكن. وقد التقى قصيري في ثلاثينيات القرن الفائت، والذي انحدرت حياته، ومات في العام 1947 بسبب جرعة زائدة من الأفيون.

دائماً مصر

ويضيف كريستوف عياد ملمحا آخر من ملامح قصيري، فيصفه بأنه رجل عجيب، يكتب بالفرنسية عن عالم غير فرنسي، عالم من ذاكرته فقط، لكنه حي وصادق إلى حدٍ بعيد. فهو كان يعيش في باريس بإحساس الشخص (المنفي) وليس بإحساس (المغترب). الأمر نفسه أكدته حنان منيب، التي التقت قصيري مرّات عدة، فهو لم يحصل على الجنسية الفرنسية وقد عاش في فرنسا أكثر من نصف قرن، وكان دائماً يحمل جواز سفره المصري، رغم عرض الجنسية الفرنسية عليه أكثر من مرّة. وقد حاز على جوائز فرنسية، كما كانت أعماله قياساً إلى غيره معروفة تماماً ومحتفى بها دوماً في الأوساط الأدبية الفرنسية، رغم أنه يحدثهم عن عالم وثقافة لا يعرفونها.

المتخفي وراء شخوصه

وألمحت منيب إلى أن قصيري دوماً ما كان يتحدث بذاته من خلال الشخصية الرئيسية في رواياته، فهو المتفلسف والمعتزل الحياة، وقد كتب نفسه من خلال هيكل في العنف والسخرية، إلا أن جوهر في «شحاذون ونبلاء» هو أقرب شخص يمثله ويكاد يطابقه من خلال خياله الروائي. هنا قصيري يصرّح بأفكاره في وضوح شديد، ويسخر من السلطة ورجالها، بل يصل به الأمر حد الانتقام، فاللحظة الوحيدة التي يتحقق فيها الضابط نور الدين إنسانياً، عندما يخلع زيّه الرسمي، وينضم إلى جوهر في المقهى يتأمل العالم من حوله، وقد أدرك في النهاية حقيقة وتفاهة ما يحياه.

ألبير قصيري والعيش بإحساس المنفى
كتب بالفرنسية عن عالم غير فرنسي:
محمد عبد الرحيم

خصوصية اللون وعموم المعنى في أعمال التشكيلية المغربية شمس صهباني

Posted: 30 Jun 2018 02:12 PM PDT

تتفاعل الذات المبدعة مع الواقع في عنفوان هدوئه الصاخب بالمعاني، لترتسم على اللوحة بلغة اللون واشتقاقاته وانشقاقه عن الهوية وصراعاتها وانصراعاتها في احترابات تاريخ الإنسانية الذي شكل بإشكالاته مادة تعبيرية فنية مؤرخة لقصة الإنسان بجمال عنفه وعنف جماله. فليس الإبداع التشكيلي بأقل قدرة على اختراق عتم الظواهر ومبهماتها ليقدم لنا رؤى جمالية تصيح بمضمون القضية في مراتع لذة النظر وسرور التعبير.
كل هذا وغيره يتجلى بوضوح في أعمال التشكيلية المغربية شمس صهباني التي ينزع الانطباع لديها إلى الغوص في أعماق العوالم حيث تندس سرائرها، أين تستخرج بريشتها جميل ما شكلته من صيد الخيال السابح في ملكوت الجمال، عبرت فيه عن صرخة الأنثى على أرض صهباء عطشى من سيل ظل المرأة، فجل الأعمال تتبدى فيها رغبة الحضور وانزياح الغياب الذي سببه اكتساح صوت الذكورة في منافي الثقافة العربية بأرضها وزمنها لكل مرافئ الإبداع.
شمس صهباني، التي تجمع في تكوينها المعرفي والفني بين لغتي الفن الأدبية منها اهتماما والتشكيلية ممارسة، تشرق بحر ألوانها في سماء التشكيل العربي والمغاربي لتضيء محفل القضايا وبطول إشعاعها الإبداعي لتطل بضيائه هناك على الضفاف القصية خلف البحار، أين تقفز الريشة في ممشى تطور فلسفتها بشكل جنوني يوما بعد يوم في التزام تام مع تطور نسق المعرفة الفنية ، تلامس كل القضايا المؤجلة حلحلتها أو حتى خلخلتها بسبب سيادة المسكوت عنه أو المعبر عنه باحتشام في وعائنا الثقافي الخاص، وهذا بصوت الأولين الأعنف والأغزى للرؤية وللتأمل، لكن بلمسات فنية تذيب صخر اللون فينساب ناعما في أخيلة التأويل والتذوق للمتلقي. فكل التشظيات الشكلية تلبس في لوحات شمس، القتامة اللونية بتكثيف متقصد في المركز، في حين تغدو منفرجة، خافتة في الأطراف في سلاسة تعبيرية تغري بالتماهي أو حتى التناهي إلى عمق ومركز اللوحة وبؤرة لونها الحار!
ومن دون إسفاف أو إسراف في محاولة تفسير ذلك الافراط الملاحظ في استعمال الألوان الحارة للتعبير فنيا عن مكنونات الذات المخاطبة والمسائلة لفلسفة الواقع وواقع الفلسفة، وإحالة ذلك للتكوين النفسي للمبدع، وفق ما يمليه المنهج النقدي النفسي، حيث كثيرا ما يشطط في تقييم الأعمال الفنية وملازم ذات المبدع بموضوعاته قسرا، فإن طبيعة مجتمع النشأة وبناه الثقافية ومنظومته المجتمعية والسياسية، لا بد وأن تترسب كمعيار ومعطى معرفي في التكلم فنا على سطح الإبداع. شمس صهباني لا تشكل الاستثناء، فكل تعبيراتها هي صدى مرئي بدوي القتامة وانسيابية اللون على اللوح المعروض في أكثر من قاعة للعرض.
ليست تختزل معاناة الأنثى الشرقية في دهاليز الهامش حيث الصوت الصائح والنائح يرى ولا يسمع، فهي تعيد وفق لعبة الألوان بشظايا أشكالها لملمة أجزاء الهوية المنشطرة التي شكلت بانشطارها حالة اغتراب للإنسان تستلزم عنف الجمال أحيانا منه عنف اللون كي يصحو وعيه في جمالية تراتبية الحضارة وترتيب أشياءها وما يشيع منه من انبهار، الجمال الحار هو أبرز آلية للتعبير عن القضية عندما تغرب الذات وتسقط شمسها في حمأة الغربة داخل الديار خاصة.
وعلى الرغم من أولوية الانتماء بلا مواربة للمدرسة الكونية والاندراج في الخطاب التشكيلي الإنساني، الذي تؤكد عليه من خلال إنتاجها، فإن ثمة أيضا حضور صارخ للون البيئة الشعبية بل والإبداعية أيضا لشمس الصهباني، وهو ما يؤكد النزوع التلقائي الفطري إلى عبقرية المكان، وقيمة أشيائه التاريخية في التعبير عن الذات الفنية والملكة الجمالية الموروثة بتلقائية الانتماء والتنشئة، الأمر يتعلق هنا بخصيصة الاختيار والتوزيع اللوني الذي تنزع إليه الهوية الأمازيغية حين تروم الارتسام المادي والانصرام من فراغات التهميش الذي عادة ما تلاقيه وسط تقاطع الثقافات الحية وتفاعلها الجدلية والمتواصلة في الحظيرة الفنية المغاربية، الأولون في التعبير الفني عبر كل أجناس الفن لها خصوصيتها بل وقدسيتها، ما جعلها ترتبط ارتباطا وثيقا بالهوية وتغدو تعبيرا دلاليا متصلا بكل الأحقاب عليها، وربما من حيث تدري شمس صهباني أو لا تدري، غاصت ريشتها في حض هاته الألوان الخاصة أكثر مما غاصت في باقي الأحواض الأخرى المعبرة عن ثقافات الزمان والمكان لقومها.
تؤكد صهباني أن «الانتماء إلى الثقافة الخاصة ليس يصادم في مسار توظيفه الإبداعي، ولا ينبغي له ذلك، الثقافة الإنسانية، بل يُستلزم أن يكون رافدا يصب في المصب الإنساني الكبير والأعم، حتى وإن كانت النزعة للخاص طاغية على الخطاب الفني للمبدع، ذلك لأن أي عالمية أو إنسانية إنما تتفتق من الأماكن الضيقة والخاصة لا سيما في هوامش الحضر والمدن الصاخبة بخرس الليل وضجيج النهار».
لذا فهي تحمل معها في كل غاليريات العالم التي حفلت بعرض لوحاتها، صوت الثقافة المغاربية والعربية لا من حيث خصوصيتها بل من حيث كونها رمقا إنسانيا نابض الحيوية، يروم بلوغ الأفق الكلياني العام حيث يكتمل الإنسان بذاته بوصفه إنسانا واعيا بالفن ومتفننا بالوعي، ويكتمل ويتكامل بتنوعه ويتنوع بكماله. شاركت بحرّ لوحاتها في معارض كبرى في أقاصي الأرض وتصر على أن مكنون الثقافة العربية ومخاضات قضاياها الاشكالية على كل صعد الوجود العربي، هي مادة فنية دسمة تحتاج فقط إلى حركة نقد وعرض منظمة، مكثفة وخاصة مدعمة من كل الأطراف.
  

خصوصية اللون وعموم المعنى في أعمال التشكيلية المغربية شمس صهباني

بشير عمري

«سيدة الحواس الخمس» رواية الأردني جلال برجس:إيقاعات بوليسية تسجل انهيار الأحلام

Posted: 30 Jun 2018 02:11 PM PDT

«من شأن الأفكار الغريبة أن ترمي حجرا في المياه الراكدة».
انطلاقا من العبارة السابقة، تحضر فكرة الغاليري الذي يبنيه سراج، في مدينة عمان، وفي جبل اللويبدة تحديدا بعد عودته إليها قادما من أمريكا إثر حادثة تفجير البرجين 2001. ويبدو أنه اختار هذا البناء رغبة منه في مجابهة هذه الهندسة المعمارية الشرهة التي أصابت عمان. أما أن يتخذ الغاليري شكل امرأة «فلأن المدينة لا يمكن أن تنمو دون حرية نسائها أو دون شرفات تسقي النساء فيها الورد». وحين يتخصص كل طابق في الغاليري للتعبير عن حاسة ما، فلأن الرواية أرادت أن تطرح الأسئلة التالية: هل بإمكاننا النجاة من الخراب المحيط بنا باستخدام الحواس؟ إلى أي حد يمكن أن تكون حواسنا ضوءا في حقل مظلم نعيش فيه؟ هل بإمكاننا مواجهة وحوش الزمن الجديد بالفنون التي تعبر عن حواسنا؟
بطل الرواية الآنف الذكر سراج، من مواليد عام 1970، كان أبوه قد رسم صورة استثنائية للوطن، لكنها بدأت بالتداعي شيئا فشيئا، ففي العام الذي ولد فيه سراج أصيب الأب برصاصة حالت بينه وبين الإنجاب مرة أخرى. لنبقى في إطار سلسلة من الخيبات، يبدو أن ثلة من الرجال الذين يخونون الوطن هم أول من يتحمل مسؤوليتها، ذلك أنهم ما فتئوا يحملون الأفكار الكبرى ومن ثم يتراجعون عنها لصالح صفقات تدر عليهم الربح، يستمدون قوتهم من بشر يمكن بسهولة شراء ذممهم، ولا أدل على هذه المعادلة من بطل هذا الفساد سليمان الطالع، ولكأنه الطالع السيء الذي رافق سراج منذ الطفولة حين ضربه ابنه وهو طالب في المدرسة، وظل هذا الطالع يلاحقه حين تسبب في دخول أبيه للسجن ومن ثم وفاته، ليأتي الأسوأ بعدها حين يكون سببا في انتزاع امرأته وحبيبته منه.
وإذ يختار النص السردي صيغة المذكرات، فإنه يثبت أكثر من مرة أن نار الذاكرة لا تخبو، وأنها تختبئ فقط وتستريح ألسنتها، أما نهضتها فمجنونة. ومع هذه الصيغة تحضر أكثر من امرأة؛ الأولى زوجة سراج ريفال، التي خانته مع الرجل المتنفذ سليمان كي تصل الثانية وداد، ربة بيته التي تحبه. الثالثة كندة، وهي زوجة لصحافي انقلب على مبادئه وأصبح مستشارا إعلاميا لسليمان من أجل المال، الرابعة المغنية سوار، التي تقيم علاقات غير مشروعة انتقاما من زوجها. وأخيرا الخامسة غادة، أم أحد الأطفال الذي كان يبيع المحارم على الطرقات، والذي يشبه سراج في حب الرسم وفي كثير مما يتعلق بحواسه. الرواية إذن تضعنا أمام عالم النساء الذي يموج بالأحاسيس والعذابات الإنسانية المتنوعة التي يكون الرجل سببا فيها، كل واحدة تحكي قصتها التي تعيننا على معاينة المدينة وفقا لعبارة «إذا أردنا أن نعاين مدينة لا بد أن نعرف كيف تعيش النساء فيها».
في هذا السياق وعلى الرغم مما ذكرت سابقا، فإني لا أخفي إحساسي بقدر من نرجسية ذكورية في علاقة سراج مع كل النساء اللواتي التقى بهن، بل وانتابني شعور في لحظات معينة أنني أمام عملية كتابة جديدة لتاريخ شهريار، خصوصا حين لاح لي أنه كان يرى في وجه كل امرأة يلتقيها وجها أضاعه، لدرجة أن ملامح هؤلاء النساء كانت تختلط بملامح امرأة سراج التي خانته. «كلكن تحملن الصفات نفسها». من هنا حضرت المرأة الشهوانية، وتلك التي تجري وراء الشهرة والمال. من هنا أيضا وقفنا على خيانات تعددت أسبابها، فلدينا تلك التي تخون ردا على خيانة زوجها لها، أو تلك التي تخون لأن زوجها لم يتقبلها أن تكون فنانة وسخر منها، وأخرى لأنها غير مشبعة جنسيا، حتى كاتبة القصص التي تتحدث مع سراج عبر التشات كانت خائنة، وبالمثل فإن مديرة المنزل تخونه مع حارس القصر. من هنا يحضر الثعلب مرارا وتكرارا في الرواية رديفا لفعل المكر والخيانة غير المنفصلة عن الشخصية الميكافيللية، ومعها لا يعدم الخائن تبريرا لخيانته، كما هو منطق السياسي الذي يخون وطنه ويتنطع بحبه.
مع هذا التكرار لفعل الخيانة يصبح بإمكان القارئ تلمس حالة رمزية تحضر فيها المدينة كما الحبيبة التي يمد متنفذ يده إليها ويسرقها، وكما إن الخيانة العاطفية فساد، فكذلك الخيانة السياسية. وفي كلتيهما وجع يصيبنا حين نشعر بأياد تتسلل لتعلن فينا الانهيار «مؤلم أن تحس بأن النهر الذي كنت تعول على جريانه الأبدي ينقطع مرة واحدة». يبقى لافتا أن الرواية وإن كانت تدين فعل الخيانة، إلا أنها تفتح بابا للتسامح حين أعطتنا علامات بأن الوقوع في غرام عمان، واقع لا يمكن التخلص منه، كما وقوع سراج في غرام ريفال التي خانته. علما أن الخيانة بغض النظر عن مصدرها (المدينة أو المعشوقة) يقف وراءها رجال نهبوها يكونون أول من يغادرها حين تتعرض للخراب. ما تقوله الرواية أننا لو أعجبتنا مدن أخرى فإننا لا نقع إلا في غرام مدينة واحدة، وكذلك بالنسبة للمرأة، وفي الحالتين لا نملك إلا أن نسامح، لذلك فمهما غبنا عن الوطن، فإننا عائدون إليه رغم أشجار تحترق، على أمل أن تطفئ الجذوع شيئا من هذه النار. لكن لا ننسى ما تقوله الرواية نفسها من «أن الثعلب لو رأى وجه الصياد وهو يحمل بندقيته سيهرب».
ما يهمنا من ناحية أدبية وفنية أن الرواية إذ ترتكز على الحدث، فإنها لا تهمل اللغة الأدبية، لذلك وجدناها تستدعي محسوسات لا تنتمي إلى طبيعتها العضوية أو حتى طبيعتها الفيزيائية، وبالتالي يصبح بإمكاننا متابعة سلسلة من الانحرافات أو الانزياحات التي تخرج الدال عن مدلوله المادي المباشر إلى آخر يدخل في إطار الوظيفة الفنية الجمالية. وعليه فإن الأنف يشتم رائحة الحب والحزن والخوف والفرح والكذب، والعين ترى «دمعة تختبئ وراء ابتسامة عريضة، فتصاب بحيرة تخلفها تلك الابتسامة، وهي تعاند دمعة تنفح في ناي الأسى». ومما يلفتك هنا أن الحواس كلها تتعاون وتتعالق مع بعضها البعض «السمع ليس هنا في الأذن، ولا في أجزائها الداخلية فقط، إنه جهد كل أعضاء الجسد وتآلفها مع بعضها لتنجز هذه المهمة». من هذا الباب كان للأصوات ملمس الحرير، والعطر يتحول مقطوعة موسيقية. وفي هذا تعزيز لفكرة أن الأشياء في جوهرها متشابهة وهي تحدث في النفس انفعالات متشابهة؛ من هذا الباب كانت حركة الأشجار والورود توحي بتدفق موسيقي لا يمكن لأحد ان يسمعه سوى من يراقب الأشياء عبر روحه.
لا يفوتنا ملاحظة ما تضمه الرواية من تشخيص ترتفع فيه الأشياء إلى مرتبة الإنسان مستعيرة صفاته ومشاعره، ومن هذا الباب نرى «العطر مهرا أبيض يركض في مرج أخضر». وكذلك استحالت لوحة السقف «سكاكين تهبط على صدر سراج». ولا غرابة إذ تتعالق رائحة زهر البرتقال والرمان والليمون بصوت البيانو، أو عبق العود والمسك وخشب الأرز بصوت تشيللو، وكثيرا ما تستخدم الرواية المكان بديكوراته المكانية ليلعب دور المنبه المثير لحواس الشخصيات ومن ثم لحركتها النفسية الداخلية. كما حين نشم في المكان رائحة عطر تجعل المخيلة تذهب باتجاه شخص بعينه. ونجد في الرواية ما يدلل على أن قوة الحواس من ضعفها هي مفتاح للشخصية تدلل عليها، كما حين ظهر سراج ضعيفا بالتوازي مع فقده لحواسه، «يضغط على مفاتيح البيانو فلا يسمع صوته. تسقط زجاجة العطر فلا يشم أي رائحة. يفقد رائحة التذوق».
من بين ما يذكر عن الرواية أنها تحمل إيقاعا بوليسيا، بمعنى أنها تستثمر مكونات الرواية البوليسية أو الحبكة البوليسية من دون أن تكون قصة بوليسية كما حددها منظرو هذا الجنس الأدبي. وحتى دون نية كتابتها. ومن خلال هذه الحبكة سعت للتعبير عن أسئلة وتناقضات المجتمع والتعقيدات المرتبطة بالحياة. من هذا الباب تابعنا سفاح عمان واختفاء النساء وتوالي الأحداث الملغزة التي رافقتها عمليات مطاردة من الشرطة، بما يرفع من عنصر التشويق الذي يحضر بالمثل ونحن نستقبل الشخصية الأولى في الرواية، بكل ما يكتنفها من أسرار، وبالذات تلك المتعلقة بأسرار ثروته. كذلك يحضر المكان غير بعيد عن الغموض الذي لمسناه في البطل؛ فلدينا
(القصر والممر الذي يضم ست غرف لا يدخلها غير سراج والتي تضم زجاجات عطر نسائي. كل يوم جمعة يأوي إلى واحدة منها). ويلفتك في هذا السياق عملية ربط التحليل النفسي بالمحكي البوليسي، لكن وللحق هنا، فإن عودة النساء المفاجئ في النهايات لم تجد ما يبررها على الصعيد النفسي ذاته الذي اختطته الرواية، وترك فجوة ما فيها.
يبقى أن الرواية، وإن كانت قد انتهت بلحظات تراجيدية واكبت فعل التفجير الإرهابي، فظني أنها تريد أن تقول إن العالم ربما يتهاوى في لحظة واحدة، دون أن نكون قادرين على فعل أي شيء، وأن الأحلام في المدن من الممكن أن تموت بتأثير من أيد خفية تعمل على اختطافها وإعادتها جثثا هامدة. وظني أن «سيدة الحواس الخمس» رغم هذا الاحتفاء الكبير بالحواس تفاجئنا بالتشكيك فيها، لتظهر وكأنها خدعة، لذلك ينهار الغاليري بكل محمولاته الجميلة.

جلال برجس: «سيدة الحواس الخمس»
المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2017
400  صفحة.

«سيدة الحواس الخمس» رواية الأردني جلال برجس:إيقاعات بوليسية تسجل انهيار الأحلام

د. رزان إبراهيم

فسيفساء الذاكرة الجماعيّة بين الالتزام الوطنيّ والانتماء الكونيّ

Posted: 30 Jun 2018 02:11 PM PDT

لطالما كانت فلسطين أمُّ الجراح العربيّة، جرحاً نازفاً في خاصرة العرب منذ سبعين سنة، وها هو الشرق منبع الحضارة القديمة يصبح ببساطة مدفناً لأبنائه ومحرقة لشهدائه وأحراره وشاهداً على حضارة تندثر إلى غير رجعة.
فهل يخرس الأدب أمام هذه الأهوال؟ أم يتحرّك ليقصّ صورة الشقاء المتنقّل الذي شرّد كثيرين، وغرّب أجيالاً مازالت ترزح تحت وطأة النزوح والضياع؟؟ وهل على الأديب أن يتناسى مرارة الواقع فينام على وسادة الأحلام الورديّة، وينسى مهمّته الأساسيّة وهي أن يكون لسان حال الإنسان ومعاناته، وماذا يقول لأولاد الوطن؟ هل يستسلم ويسلّمهم وطناً وهميّاً بلا أرض ولا ماء ولا سماء؟ إلى وطنٍ شبحٍ بلا هويّةٍ؟
لا غرابة أن يطلع من رحم المعاناة أديب وفيّ يعزّ عليه أن يسكت عن الظلم وينضمّ إلى موكب الأدباء الملتزمين، من أدباء المقاومة الفلسطينيّة، إنه مروان عبد العال في روايته» الزعتر الأخير» الذي وثّق بغنائيّة عالية مراحل محو الهويّة الفلسطينيّة، وتأبّط الذاكرة الجماعيّة والتزم قضيّة وطن سليب، ما زال يبحث عن بصمة بعدما أحرقت أصابع المقاومين وجرفت جثثهم جرّافات التعتيم الإعلاميّ لترمي بهم في جوف حوت التاريخ الأبكم.
احتضن عبد العال في روايته الوقائع التاريخيّة، ليصوّر همجيّة رافقت الإنسان بدءاً من معركة قابيل الشرّ أمام هابيل الخير، مركّزاً على تاريخ الكائن العربيّ الذي يتجرّع كؤوس السمّ، فيقصّ لنا حكاية وجع العربيّ في مأساة استمرّت منذ ألقت الحرب العالميّة الثانية أوزارها وجلبت من الغرب ما جرفته آلتهم الحربيّة من شرور، والرواية على نفحتها الفلسفيّة ولمستها الشعريّة هي وثيقة تاريخيّة واجتماعيّة تصف النكبات التي حلّت بالفلسطينيّين، عبر لوحات وحشيّة واقعيّة  من مجازر وتهجير وقتل وسلب وحروب وظلم وقهرٌ، في تأطير أسطوريّ لمنمنمات فسيفسائيّة تعرّض لها الفلسطينيّ منذ تهجيره واقتلاعه من جذوره، لذلك تحكم القبضة الروائيّة بشخصيّاتها المعانية الشاردة في أنحاء المعمورة، كما تيس الماعز في البراري- الذي شاء الكاتب تسميته زعتر- فكلّ الوطن زعتر: النبت والحيوان والإنسان في وحدةٍ متآلفةٍ تنتجها أرض الزعتر «فلسطين». تعاني معارك الشرّ النشط التي لا تنتهي، مع الخير الساكن: عارضاً صورة التناقض بين شرٍّ غربيٍّ فاعل مقابلَ خيرٍ ساكنٍ ومنفعل، يتلقّى الضربة تلو الأخرى وكأنّه عاجزٌ عن دفعها بلغةٍ لا تخلو من الشاعريّة خطّ العرب نتفاً من ذكريات متناثرة خبّأها الزمان من نكبة 1948 إلى نكسة 1976، إلى الحرب في الأردن إلى تل الزعتر في الحرب الأهليّة 1975، لتتوالى التسميات المهينة التي لحقت بالفلسطينيّ باحثاً في سراديب الذاكرة عن هويّةٍ مشرّدة  في الشتات، بعدما كان جزءاً من زعتر الأرض وزعتر الماشية وزعتر المكان حينما كانت ثقافة الرعي هي السائدة.
بداية الرواية عمائيّة تذكّرنا بأساطير الخلق حينما هبط آدم الأرض وزوجه، فوجد نفسه جزءاً من الطبيعة الوحشيّة مصدر الخير والعطاء ومصدر الشرّ والشقاء، يقول: «تقتحمني اللحظات الوحشيّة» (ص41) فندخل معه زمن الرعي حين قاد حيواناته الأليفة، ليسوسها إلى حيثما تشتهي، ويتماهى معها فيتناسى هموم الكون. مع هذه البداية الهادئة تقمّص الكاتب شخصية الراعي الذي يعيش براحة نسبيّة وفقر شديد، ليكتب أرشيف طفلٍ عايش الهجرة القسريّة، ويسجّل هدأة الأمان الظاهر، مدوّناً لحظات سرديّة استرجاعيّة بعدما لفظه القدر على ضفاف بلدٍ شقيق، ليعاني أزمة فقدان الجذور، يقول: «أيّا الزعتر لا يوجد شقاء أخير، فأنت في تجربة مستمرّة لاكتشاف قدرتك على التحمّل»(ص41).
والكاتب مع التزامه الوطنيّ بدا وكأنّه لم يهتمّ ببنية الرواية المعهودة من تكوين شخصيّات أساسيّة وأخرى ثانويّة والعمل على تصعيد المشاهد إلّا لماماً، بل عمد إلى تقسيمها إلى هيولى شخصيّات حالمة وأخرى معتدية متوكّئاً على نفحة شعريّة لإشعال النصّ عاطفيّاً، وعلى الوقفات الفلسفيّة لإشعاله فكريّاً، في بنية روائيّة مسطّحة، ركّزت على استعطاف القارئ وتوجيه انتباهه نحو النزاع التاريخيّ بين الخير والشرّ الذي خفت ومع التقدّم في الرواية لترسو أخيراً على شبه استسلام مبطّنٍ بشيءٍ من رفضٍ مقنّع وثورة مكبوتة، في شرقٍ واهٍ كان يحكمه انتدابٌ غربيٌ وضع الأسس لمستقبلٍ يضمن مصالحه، التي وجدها في تسليم فلسطين إلى أغراب اتّبعوا استراتيجيّة والترويع لتشريد شعبها في أطراف المعمورة.
بعد أن هجرته الأمكنة واقتلع البطل من أرضه، تمسّك الكاتب بما شعّ من فسيفساء الذاكرة ليكون صاعقاً فجّر حلم العودة واستنجد بذاكرة الجماعة لتكون الخرطوشة الأخيرة في معركة تحقيق الحلم في ظلّ تشرّدٍ عانى منه الأمرّين، وحضور مهدّد بالامّحاء والذوبان في مجتمعاتٍ جديدة بحثاً عن لقمة العيش وأملاً في تأمين مستقبل للأجيال القادمة مبنيٍّ على أرض الواقع وإن كان جافّاً، لا في فيافي الأحلام، وإن كانت جناناً. لذلك بدت هذه الذاكرة وكأنّها صرخة رفضٍ ضدّ خطر الذوبان والغربة الداهمة، «فعندما تكون ذاكرتك حصينة لا تشعر بالغربة»(ص99) فهل الذاكرة نعمة أم نقمة؟
يبدو أنّ عبد العال فضّل أن يكون لسان الفلسطينيين قبل أن يصابوا بذاكرتهم الجماعيّة، فراح في روايته يستنطق لحظات ثمينة محفوظة في ردهات الذاكرة، ويتقمّص رجالات الأمس من الجرحى والقتلى جرّاء الاحتلال الإسرائيلي، يصوّر بمرارة أبطال الماضي من الأطفال الذين أحرقوا وشوّهوا ورميت أجسادهم بين الجثث، ليرسم مسارات النزوح الفلسطيني إبّان النكبة، مسطّراً حال السكّان وأغلبهم من الفلّاحين والرعاة المعتمدين على أرضهم وطبيعة بلادهم المعطاء لتكون باب رزقهم، فيؤرّخ لبطولات ويسجّل مدوّنات من النكسات المتتالية كادت تدخل طيّ النسيان، قائلاً: «عدت لأحفر في التاريخ لا لكي أدفنه»(ص42) ويستعين بذلك بذاكرة الجماعة قبل أن ترحل إلى غير رجعة، على أمل أن يتبيّن من خلال تسجيلاته لذاكرة فلسطين الخيط الأبيض من الأسود، فيظهر الحليف من العدوّ، فهل ينبت من الزعتر الأخير زعترٌ آخر؟
فلسطين هي نقطة الارتكاز الوائيّة مع تلميع صورة الأنا على التفاعل مع ماضيها عبر لملمة شتات الذاكرة، ورفض سلطة الواقع والحلم المحروق بالعودة. إنّها الذاكرة في محاولة للملمة شتاتها وبناء مشاهد من فيلم العودة المنتظر، مثلما يعتمد الطبيب النفسيّ في علاجه على أسلوب التداعي الحرّ للذكريات المطمورة بعناية، فيساعد بأسئلته المركّزة على أن تطفو من جديد فيتحرّر المريض من وطأتها، كذلك استقرأ عبد العال الذاكرة الجماعيّة ليحرّر قومه ويساعدهم على تزفيت حلم العودة ورسم خارطته عبر استقراء الذاكرة المعتمة المشوّهة والمشوّشة جرّاء التشرّد. وعدوّه في ذلك اثنان: الزمن والغرب، الأوّل خفيٌّ لا يأبه لتشرّده وضياعه ولا يفقه عذابه، والعدو الثاني هو الغرب الذي مهّد لهذا الظلم وغضّ الطرف عن جرائم النزوح العنصريّ والإقليميّ، وسلّم الصهاينة أرضاً غالية تكفيراً عن ذنوبٍ ارتكبها، وأسّس للوباء القاتل الذي استوطن أرض العرب ليحقّق أحلامه بأرض الميعاد ويسلخ أحلام أهلها بالأمان.
وكأنّنا في حضرة هذه الرواية في غمرة استرجاع لكينونة الإنسان الذي تناسى أصله، أو قل في حفل استرجاعٍ للانتماء الكونيّ، فجاءت لتطارد ذاكرتنا المطموسة، ولم تتوقّف عند الاسترجاع الذاكريّ القريب، بل للتذكير بالماضي الإنسانيّ المشرّد حديثاً في أصقاع متطلّبات حضاريّة باستطاعتنا ببساطة التخلّي عن معظمها، فالكماليّات قد تحوّلت إلى ضروريّات وبتنا أسرى لمتطلّبات مستحدثة تكبّلنا أكثر ممّا تحرّرنا، وتحجزنا أكثر ممّا تطلق سراحنا وتبهجنا، وطمرت الحقيقة عن أعيننا ونسي ابن آدم أصله من أديم الأرض واحتقر حيوانات سخّرها الخالق لخدمته، وراح يطالب بالأخذ متناسياً العطاء.
لقد وظّف عبد العال روايته لخدمة إيقاعين: إيقاعٌ وطنيّ وآخر إنسانيّ كونيّ، في خشونة قد تصدم القارئ فتهزّه من سباته، ليتنبّه إلى حميميّة العلاقة المنسيّة مع الطبيعة وكائناتها، وكأنّ الكاتب في رحلة استعادة حلم العودة، قد حمله يراعه إلى العودة إلى زمن البراءة الأولى، زمن العماء. فلماذا التركيز عليه وقد استحوذ القسم الأكبر من «الزعتر الأخير»؟ أهو لتذكير حضارة الغرب بالماضي وأخذ العبرة؟ أم هو رسالة شرقيّة موجّهة للغرب الصاعد والمنهمك بحماسه لاحتواء العالم؟ أم أنّ عبد العال أراد أن يرشق الجميع بكمشة زعتر لعلّ عطرها الأخّاذ يدفعهم إلى الاستيقاظ ورؤية الأمور من منظورٍ غير نفعيّ، فما من حضارة سادت إلّا بادت، ولن تبقى سيادة الكون بيد شعبٍ واحد، وسرعان ما يختطف المشعل شعبٌ آخر وفق المفهوم الخلدونيّ، وعلى أمل ألّا يكون الزعتر الأخير الصرخة الأخيرة قبل أن يضيع الأمل في تحقيق حلم العودة ويتبخّر وتتغبّش صورته وتصبح ملحمة الزعتر طيف ذكرى يلفّها الضباب.

مروان عبد العال: «الزعتر الأخير»
دار الفارابي، بيروت 2017
294 صفحة.

فسيفساء الذاكرة الجماعيّة بين الالتزام الوطنيّ والانتماء الكونيّ
«الزعتر الأخير» رواية الفلسطيني مروان عبد العال:
د. هلا الحلبي

هاشم شفيق: «كم كنت غريباً»

Posted: 30 Jun 2018 02:11 PM PDT

بعد مجموعته الأولى «قصائد أليفة»، التي صدرت في بغداد سنة 1978، نشر الشاعر والناقد العراقي الزميل هاشم شفيق 19 عملاً شعرياً، بين مجموعات مستقلة، ومختارات، وقصائد مترجمة. كما نشر روايتين: «بين تحت السحاب»، و»أشهر من شهريار»، وأصدر في السيرة الذاتية «البحث عن الزمن الحاضر» و»بغداد السبعينيات ــ الشعر والمقاهي والحانات». وأخيراً كانت للرحلة حصة في إصداراته، فنشر «رحلة ابن جبير» و»مدن مرئية».
تضم هذه المختارات الشعرية قصائد من أربع مجموعات: «كم كنت غريباً»، «إيرادات المخيلة»، «خمول المخمل»، و»تمتمات».
هنا قصيدة «بهذا المساء»:
بهذا المساءِ
يطلّ أسى شاهق
بأي الوسائل أدرأه
وأنا في الحصار…
سددتُ النوافذ والباب،
لكنه جاءني في الهواء يميس
خرجت إلى الشارع الجانبي،
لعلي أفارقه
بالتسكع بين الأزقة والعطفات
ولكنه ظل يتبعني ويطلّ ببرطمه مثل بزاقة في الرصيف…
ذهبت إلى شجر في الحديقة،
قلت عساني أضيعه،
غير أني وجدت الأسى
يتدلى من الشجرات
فخلته ثمراً في الغصون
يشير إليّ لأقطفه
في مواسم هذا القطاف…
وبعد الذي مرّ،
ملت إلى النهر
أنشده رقةً،
فرحاً طارئاً،
بسمة قد أراها
على موجة وحصاة،
سروراً أراه يحلق
يطفوَ فوق الضفاف…
ولكنني خبتُ في الحال
فالرمل حارّاً بدا
واخزاً كالنصالِ…
بهذا المساء
يطلّ عليّ
أسىً لاحمٌ وسمين.

الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 2017

هاشم شفيق: «كم كنت غريباً»

ممدوح عزام: «أرواح صخرات العسل»

Posted: 30 Jun 2018 02:10 PM PDT

هذا هو العمل السادس للروائي السوري ممدوح عزام، بعد «معراج الموت»، «قصر المطر»، «جهات الجنوب»، «أرض الكلام»، و»نساء الخيال»؛ فضلاً عن مجموعتين قصصيتين: «نحو الماء» و»الشراع». لا تغيب عن الرواية سلسلة الخصائص التي امتاز بها عزام، من حيث الجمع في قلب مظاهر الحياة البشرية اليومية بين بساطة الواقعة من حيث الشكل والأطراف والنهايات، وعمق المضامين وتصارع دلالاتها إلى درجة الترميز المحيّر وملامسة الخرافة؛ كلّ هذا ضمن أجوائه المعتادة، التي تقتفي تواريخ جنوب سوريا عموماً، ومحافظة السويداء بشكل خاص.
هنا فقرات من الرواية:
«قال أحمد إن سلسلة الأحلام لم تعد تنفد، بينما كان نائل يقول إنها في الحقيقة خطط لا أحلام، وإن ما كان يصل إلى أحمد الشايب مجرد نتف ممزقة من افتراضات بات عابد يغذّي بها تلك الجلسات البائسة التي كانا يمضيانها في الخمارة، أو في ظلال صخرات العسل.
لم يصرخ في سهل الزرازير هذه المرة. ولهذا لم أجد صوته هناك، حين كنت أتفحص أصوات أبناء المنارة الباقية، برفقة أحمد لدي مصادري. بل أكتفى بالذهاب كل بضعة أيام، والاستماع إلى تلك السلسلة المشوقة الحبيبة على قلبه من أغنيات حامد الجميلة، التي يرافقها نشاز خالد. وكان يضحك ويهز رأسه راضياً، ويردد: «والله والله». وحين تختفي الأصوات، يقول لأحمد: «حاسس كإنّو أصواتهن عم يخلصوا!».
ما لم ينتبه إليه هو أن توقيت موته كان قد انتهى في ذلك اليوم. وقال أحمد لديّ مصادري إن عابد نسي الأمر في السنتين الأخيرتين. وقد كان هو شخصياً يظن أن تلك النبوءة قد نشأت في كنف الفقر والضيق والحصار. فوجود النبريش الدائم في المنارة، وبزوغ رؤوس أخرى تشبهه، كانا كافيين لأن يعلك الناس أعمارهم كما لو كانت ألجمة يشدها أو يرخيها وجود النبريش وزيتون. لكن النجاح الذي حققناه في العمل أطفأ سيرة الموت. وربما كان ولعهما بحليمة التي تبدلت أيضاً في تلك الفترة سبباً آخر في تجاوز تلك النبوءة المنحوسة. قال نائل الجوف إن المنارة كلها شهدت حضور المرأة من جديد».

دار ممدوح عدوان ــ دار سرد، دمشق 2018

ممدوح عزام: «أرواح صخرات العسل»

أنطونيو غرامشي: «قضايا المادية التاريخية»

Posted: 30 Jun 2018 02:10 PM PDT

كان الإيطالي أنطونيو غرامشي (1891 ـ 1937) أحد كبار المفكرين الماركسيين في القرن العشرين، وصاحب التنظيرات المعمقة حول مفهوم «المثقف العضوي» وموقع الطبقة العاملة في الحياة السياسية والاجتماعية الإيطالية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي. اعتقله نظام موسوليني الفاشي عام 1928، وحكم عليه بالسجن لعشرين سنة، فبقي في السجن حتى عام 1935 حيث نقل الى المستشفى بسبب تدهور حالته الصحية ليموت هناك بعد عامين بنزيف دماغي.
في هذه المختارات يقترح طرابلسي مقالات من غرامشي حول قضايا الفلسفة والتاريخ، ودراسة الماركسية، وملاحظات نقدية حول بوخارين وعلم الاجتماع، وتكوين المثقف، ومقارنات بين مثقفي الريف ومثقفي المدن. وفي مقالة بعنوان «تصميم لدراسة عن غرامشي»، اختارها طرابلسي لتكون مدخلا للكتاب، يكتب ريجيس دوبريه: «ما هي عملية الخلط الرئيسة التي حدد غرامشي موقفه بالنضال ضدها، والارتباط بها، داعياً إلى التمييز بينها وبين الماركسية؟ إن تعيين خصوصية عقيدة أو نظرية ما ــ أي جوهرها ــ أمر لا يمكن الاضطلاع به على نحو مجرد؛ ذلك أنه عملية فعل وردّ فعل. أن نعرف يعني أن نميز، أن نعزل موضوعاً ما عن محيطه التاريخي، عن نسبه، وعن علاقاته الحميمة. يشرع غرامشي في تعيين طبيعة الماركسية بتمييزها عن النزعة المادّيّة الميكانيكية التي كانت سائدة في القرن الثامن عشر؛ أي أنه يخوض معركة. ولذا؛ فقد اتسم نشاطه النظري بالسمة السجالية، بالدرجة الأولى؛ كما أن نشاطه العلمي – بوصفه مناضلاً [شيوعياً] – كان يرتكز على هذا النشاط النظري. ويخطئ كل مَن يحاول «تبرئة» بعض صيغ غرامشي النظرية – مهما تكن هذه الصيغ مثيرة للدهشة والاستغراب – بالقول إنها ناجمة عن دوره كمناضل عملي (..). الواقع أن كل تحليل نظري – في جوهره – تحليل سجالي؛ أي أنه شكل من أشكال النقد «الملتزم». إن ماركس ذاته يبني كتابه رأس المال على نقد الاقتصاد السياسي؛ إذ ينطق من السجال ضدّ سميث وريكاردو وساي. لكن الطريف في غرامشي أنه لا يُخفي «التزامه»، ولا يدّعي السعي وراء «موضوعية» مدرسية، أو أكاديمية، أو «علمية». بل يُسلِّم نظرياً بضرورة المساجلة العلنية».

المتوسط، ميلانو 2018

أنطونيو غرامشي: «قضايا المادية التاريخية»

ترجمة: فواز طرابلسي

«حرج بيروت» قضمه العمران وأباده الإسرائيليون وشجّره الفرنسيون

Posted: 30 Jun 2018 02:09 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: إنه «حرج بيروت» المساحة الخضراء التي تربط العاصمة ببعضها وتتوسطها. مساحة وأشجار معمرة في التاريخ وتعود للقرن السادس عشر. قبل الحرب الأهلية كان الحرج معروفا بأشجار الصنوبر الباسقة الطول. مع الحرب سنة 1975 تحول لخط تماس بين اللبنانيين وخط موت. فيما كان اللبنانيون بكافة أطيافهم يتندرون فيما بينهم بالقول «بدي انشرك ع صنوبر بيروت» حتى دون أن يشاهدوا ذاك الصنوبر، صار الخطف والقتل عنواناً. وعندما حاصر الصهاينة بيروت سنة 1982 أحرقوا القسم الأكبر من الأشجار، استكمالاً لما أحرقوه من بساتين بدءاً من الناقورة ليتحول كيانهم إلى المُصدِّر الأول للحمضيات.
بقي حرج بيروت على حاله حتى حلّ الوفاق بين اللبنانيين سنة 1989 وأعاد الفرنسيون تكوينه من جديد. استمر لسنوات ممنوعاً على اللبنانيين سوى بتصريح خاص من رئيس بلدية بيروت، ومفتوح لمن يشاء من السلك الدبلوماسي الأجنبي، والحجج كانت واهية. خاضت الجمعيات الأهلية حملة ليعود الحرج إلى الناس، وانتشر في المدينة غرافيتي يقول «افتحوا حرج بيروت للناس». وهذا ما حصل قبل أربع سنوات. جذبت تلك المساحة الخضراء العديد من النشاطات الفنية، وبات لحرج بيروت مهرجانه الثقافي المجاني الذي يستقطب المئات من المقيمين وغيرهم. وكان لهذا المهرجان أن يستجيب لتطلعات مختلف الأجيال والأذواق في برمجته. اكتسب المسرح في الهواء الطلق هذا الصيف نكهته المميزة سيما عندما كان العرض مع الكاتبة والممثلة والمخرجة حنان الحاج علي في «جوكينغ» وكذلك «أيوبة» للكاتب والمخرج الفلسطيني الشاب عوض عوض.
«نحن» الجمعية التي آلت على نفسها الدفاع عن المساحات العامة في بيروت، والتي كانت في طليعة الذين رفعوا الصوت لفتح حرج بيروت للناس نظمت بالتوازي مع المهرجان الفني جولة ارشادية عرّفت المشاركين على تاريخ الحرج، وعلى النباتات التي تنمو فيه وفوائدها، وكذلك تصميمه الهندسي ودوره في خدمة الناس. رافقت المشاركين في هذه الجولة الناشطة زهرة وحيد. سبق لوحيد أن كانت مسؤولة عن المساحات الخضراء وذات الطابع الاجتماعي في الحرج، كما ساهمت في زرع بعض نباتاته.
في المعلومات التاريخية أن المساحة الحالية التي يقوم عليها حرج بيروت كانت مستنقعات، وشكلت مكان استراحة للقوافل الآتية إلى ميناء المدينة من العراق، الأردن وغيرها. لكن الحشرات تكاثرت في تلك المستنقعات وخاصة البرغش، فراح يلدغ الإنسان والحيوان معاً، وهذا ما ساهم بانتشار حمى الهواء الأصفر في بيروت، مما ترك التجار يتجنبون القدوم إليها. ولأن السلطنة العثمانية كانت تطلب الجباية حيث تفرض سلطتها، وعزوف التجار عن بيروت جعل الضرائب تتراجع في القرن السادس عشر، طلب الأمير فخر الدين المعني الكبير خبراء من توسكانا في ايطاليا، فجاؤوا إلى بيروت، ونصحوا بضرورة زراعة شجر الصنوبر لأنه يقضي على حمى الهواء الأصفر. وهكذا طُمرت المستنقعات وزرعت أشجار الصنوبر. حينها كانت مساحة حرج بيروت مليون و600 ألف متر مربع. فيما كانت المدينة عبارة عن منازل قريبة من الشاطئ. استيقظت بيروت من نومها بالتدريج، وفي كل مرة كان القضم يزداد من الحرج. والدليل على انتشار الحرج وأشجاره المميزة أن بعضاً منها لا يزال في بدارو قريباً من السنترال، وكذلك في نادي الغولف قريباً من منطقة الأوزاعي. تقول وحيد: في صغرنا كنا نغادر حرج بيروت مباشرة إلى رمول الأوزاعي. فيما مساحة الحرج الآن 250 ألف متر مربع، وتراجعت لحدود الـ200 ألف بسبب الملاعب وغيرها من القضم.
للأسف تقول وحيد صار حرج بيروت خط تماس، وتحول في ذاكرة سكان المدينة إلى ذكرى حرب، خطف، وقتل ودمار. وفي اجتياح الإسرائيليين لبيروت سنة 1982 أحرقوا الحرج بالكامل. في المساحة التي كانت تسمى غابة بيروت كانت تعيش الثعالب، والخنازير البرية والذئاب. لقب القبضاي كان طموحاً لكثيرين أيام الغابة، وكان على طالبه أن يمضي ثلاثة أيام فيها بحيث يدخل من مكان ويخرج من آخر. وهكذا ينجح في واحد من امتحانات شهادة القبضاي المتعددة.
ماذا بقي من حرج بيروت بعد الاعتداءات الصهيونية؟ فقط 300 شجرة تشكل الشاهد على تاريخ المكان، وصارت الآن 210. وبالفعل هذا الشجر مختلف جداً عن ذاك الذي زرعته بلدية ليل الفرنسية بناء على اتفاق مع بلدية بيروت تمّ توقيعه سنة 1990. هو الشجر الباقي منذ زرعه فخر الدين الثاني المعني الكبير. الهدف المعلن من إعادة تشجير حرج بيروت الحفاظ عليه كمساحة خضراء، وتالياً خلق مكان لقاء بين اللبنانيين بهدف التسامح والتواصل. بدأ العمل سنة 1992 وفيما كان الحرج سهلاً تحول ليأخذ شكل هضبات. ومن ينظر إلى الحرج من ارتفاع يرى فيه خريطة لبنان المكونة من السلسلتين الغربية والشرقية وسهل البقاع.
ما هي الأشجار التي دخلت إلى لبنان مع الفريق الهندسي الزراعي الذي أرسلته بلدية ليل الفرنسية؟ لم يعد للحرج حسب زهرة وحيد خصوصيته اللبنانية، بل تكاثرت فيه الأشجار الفرنسية. شجرات الصنوبر قصيرة القامة، غنية الغصون زرعت سنة 1992 وعاشت جميعها، لبنانية. شجرة الأربوزية فرنسية الأصل والمنشأ من شأنها أن تكافح مرض الروماتيزم، وطعم ثمارها يشبه المشمش. شجرة الفيتسبوروم، جميلة وغالية الثمن، عندما تزهر تفوق رائحتها زهر الليمون، تروى من الأعلى ومن فضائلها مساهمتها بترابط التربة ومنع انجرافها. إلى شجرة اللانتانا البرية ذات الأشواك، نعرف أن ثمرها يؤكل حين يسود لونه وله مذاق لذيذ.
بالوصول إلى نبتة «روماران» تحمس الجميع لأنها طبيا تساهم في إبعاد الزهايمر. فهو رعب منتشر في تاريخنا المعاصر. وصفت وحيد حالات استعماله في طهي الدجاج، البيتزا وكافة اللحوم. إلى شجرة الدفلى المنتشرة بألوانها المتعددة في وسط الاوتوسترادات الكبيرة لأنها مسؤولة عن تنقية الهواء من ملوثات العوادم والمحروقات، وتحب الماء كثيراً. هي شجرة لا تقربها الحيوانات لأن اختلاط قطرة من حليب أوراقها بالريق، تسبب أعراض ذبحة قلبية للحيوان والإنسان. إذا الدفلى من أشرف النباتات التي تنقي الهواء، لكنها تحتفظ بالسم في أوراقها.
بالوصول إلى منتصف حرج بيروت نعرف أنها مساحة كانت فارغة تماماً من أي حياة، وهي من الأمكنة الأكثر انخفاضاً فيه. وهي الآن محاطة بأنواع متعددة من النباتات المزهرة والأشجار. أما الممر الفينيقي فيعيدنا حسب الراوية زهرة وحيد إلى الأسطورة التي تقول أن الشاطئ اللبناني زُرع قديماً بشجر الفنيكس كجالب للحظ، ومن تلك الشجرة انبثق تعبير الفينيق. مواصفات تلك الشجرة في الشكل شبيه بالبلح. لهذا زُرعت على السواحل لتضفي الظلال وتمنح أغصانها الهواء. تعطي ثماراً كما البلح، ولا يؤكل.
الزيتون والصنوبر فقط في حرج بيروت مصدره لبناني، حتى البلح الذي كان أهل بيروت يزرعون منه اثنتين أمام كل دار كعادة راسخة حُمل إلى بيروت من فرنسا. إلى ممر التافيتيا المميزة بورقها الأخضر طول أيام السنة وبأزهارها ذات الرائحة التي تفوق الغاردينيا جمالاً فقط خلال الليل. وإلى كل تلك الفضائل فهي شجرة تسحب التلوث. ولكن حذار تذوقها فنقطة منها كفيلة بشل الجهاز التنفسي من خمس لسبع ثواني.
«هيبسكوس» من النباتات الوافدة إلينا. القط والعصفور يتصارعان في شجرة الباركيكنسونيا التي تهتز حتى مع الموسيقى. اهتزازها فقط يجمعها مع مرض الباركنسون. أشواكها التي تخيف القطط تحمي العصفور. شجرة تساعد في امتصاص الحقل المغناطيسي لإمدادات التوتر العالي. وبالمناسبة كانت نصيحة بمكافحة مصادر الطاقة السلبية في المنازل من تلفزيون، أجهزة كمبيوتر وهواتف بزرع النباتات لأنها تساعد في امتصاص الطاقة ومنع أورام الرأس عبر زرع نبتة الكاكتوس. أما نبتة السجاد فمن شأنها سحب التلوث من داخل المنازل كذلك، والفيكوس بنجامينا يمكنه النمو داخل غرف النوم لتنقية الأجواء.
التين الكذاب من الأشجار التي حطت في حرج بيروت آتية من فرنسا. أما شجرة الحناء الجميلة بأزهارها لم تكن فرنسية المنشأ، فهي في الأصل شرقية. ميزة تلك الشجرة أنها تبدل جلدها مع كل ربيع تماماً كما حال الأفعى، ويتميز جذعها بالنعومة. بذورها مستديرة وهي التي تحتوي على الصبغة التي تُغلى مضافا لها بعض الأوراق من أغصان الشجرة نفسها.
انتقال مجدداً إلى الأسطورة وشجرة «العفص الأمريكي» أو شجرة بوذا. فقد نام تحتها بوذا نظرا لنعومة الهواء المنبعث من حفيف أوراقها، وعندها أتاه الوحي. لهذا خُلع عنها العفص الأمريكي وصارت باسمه. وحين تتساقط أوراقها ويمر عليها الزمن تصبح كما الدانتيل.
من فرنسا وأشجارها إلى شجرة الخروب المحلية، وترجمتها الفرنسية «قرات» أي ميزان الذهب. قديماً كان ثمر الخروب يوزن مقابل الذهب. شجرة تحافظ على اخضرارها طوال السنة. ودبس الخروب المستخرج من نباتها يحل بالتدريج مكان السكر. بمفردها ودون جهود دولية نمت الخبيرة في الأرض. نبتة تشفي كافة الالتهابات. الطيون من بلدنا أيضاً نما وحيداً رائحته الذكية تنتشر دون ملامسته، يشفي الفطريات بعد غسل أوراقه ودقها ووضعها في المكان المصاب.
شعار كل زيارة إلى حرج بيروت هو المشاهدة، الشم، الملامسة، التقاط السلفي، وحذار القطف. ليته يصبح التزاماً فالحرج جميل للغاية ويجب أن يبقى كذلك.

«حرج بيروت» قضمه العمران وأباده الإسرائيليون وشجّره الفرنسيون
زيارة تعارف مع أعتق المساحات الخضراء في بيروت
زهرة مرعي

الدراما اليمنيّة: من مأزق الأسئلة إلى ورطة التهريج

Posted: 30 Jun 2018 02:09 PM PDT

صنعاء ـ «القدس العربي»: لم يتوقف الإنتاج اليمنيّ للدراما التلفزيونية خلال سنوات الحرب الراهنة، إذ تواصل كعادته الموسمية من خلال عدد من الأعمال الرمضانية عرضتها قنوات تلفزيونية حكومية وغير حكومية.
ورغم أن التجربة الإنتاجية التلفزيونية اليمنية للدراما تتجاوز العقد الثالث، إلا أن عدد الأعمال التي اُنتجت وعُرضت منها ما زال محدوداً، وقد لا يرقى للخمسين عملاً، علاوة على أنه لا يوجد إحصاء دقيق أو معلومات رسمية لرصيد ومسارات هذه التجربة في دلالة واضحة على وضعها ومساحة حضورها.
منذ اشتعال الحرب الأهلية والخارجية في اليمن في آذار/مارس 2015 أُنتج عددٌ من الأعمال سُخّر بعضها لخدمة أهداف طرفٍ في الحرب، وبعضها رأى منتجوها الهروب من مأزق الحرب إلى الإغراق في الترفيه في تناول هلامي لموضوعات أصبح معها الترفيه أٌقرب للتهريج منه للكوميديا، وهو، للأسف، ديدن معظم الأعمال التي اُنتجت في السنوات العشر الأخيرة. وكان للأحداث، التي شهدتها البلاد خلال هذه السنوات، دورها في الإمعان في تسطيح هذه الأعمال فوق ما كانت الإدارة الإعلامية الثقافية لنظام الحكم السياسي في المرحلة السابقة قد كرّست تسطيحها وإفراغها من دورها التنويري خدمةً لانحرافات السياسي. وليس ببعيد ما شهدته تجربة مسلسل «حكايات دحباش» 1991-1993 من منع سياسي بتهمة ما قيل –لاحقاً، أن المسلسل يشوه صورة الإنسان اليمنيّ، وإن كان العمل تعامل مع واقع الشخصية العادية لاسيما في شمال اليمن برؤية كوميدية نقدية. وكذا مسلسل «الطاهش» الذي تعرض لموجه سخط قبلي أوقفت عرضه لأسباب متعلقة بالأسماء. ومثل هذا ليس سوى أمثلة لبعض المشاكل السياسية والاجتماعية التي أسهمت مع عوامل أخرى في إفراغ الدراما التلفزيونية ضمن معاناة شملت الفنون عموماً، من نسبة كبيرة من الروح الفنية والتناول الموضوعي، وبالتالي غياب فاعليتها التنموية.

رؤية إنتاجية واخراجية

مِن بين آخر ما قدّمته هذه الدراما هذا العام يبرز مسلسلا «الدلال» الذي عرضته قناة «يمن شباب» و»حاوي لاوي» الذي عرضته قناة «السعيدة» في رمضان الماضي. وعكس العملان واقع حال الدراما، وما وصلت إليه جراء افتقادها لرؤية إنتاجية وإخراجية وثقافية ترتقي بعملها الفني وتناولها الموضوعي ودورها التنموي على صعيد علاقتها بالتعبير عن واقع المجتمع والاسهام في تقدمه، ونتيجة لغياب تلك الرؤية بقيت الأعمال في معظمها، خلال السنوات الأخيرة، تكرر نفسها وتؤطر علاقتها بالمجتمع اضحاكاً أجوفا أكثر منها تعبيراً مسؤولاً عن مشاكله وتطلعاته، فتأتي مغتربة اجتماعياً ومستلبة كوميدياً، حيث تبدو في شخوصها وموضوعاتها بعيدة عن بيئتها، متخلية عن نسبة كبيرة من روح تجربتها كدراما من حيث غياب انفعال الفعل ورد الفعل وضعف حبكتها وتجاهل فجوات كبيرة بين أحداثها وتركيز اهتمامها على السخرية الفجة. ومن خلال كل ذلك بقيت هذه الدراما في السنوات الأخيرة تسجل تراجعاً عما كان عليه وضعها قبل انطلاق قنوات تلفزيونية يمنيّة غير حكومية، والتي ظهر بالتوازي معها عدد من شركات الإنتاج الخاص، وكل ذلك كان يعوّل عليه أن يُسهم في إحداث نقلة نوعية في تجربتها، إلا إن هذا القطاع ممثلاً في القنوات غير الحكومية وبعض شركات الإنتاج، ومن خلال ما قدمه من أعمال في السنوات الماضية خيّب آمال مَن كانوا يعتقدون أن توليه زمام القيادة والمبادرة في إنتاج هذه الأعمال سيكون الحل لتجاوز مشاكلها، ليتضح بذلك أن المشكلة أعمق بكثير، حيث بقي تطوير الدراما خارج أهداف تجارب إنتاج القطاع الخاص، وبقيت القيادات الإدارية للعمل الإعلامي والإنتاج الفني في القطاع الخاص تعاني من مشاكل قيادات القطاع الحكومي نفسها في هذا المجال فكانت المحصلة أعمالا هـشة يتم إنتاجها بهدف الفوز بنسبة تمويل إعلاني يحقق فائض ربح مناسب بصرف النظر عن قيمة العمل الدرامي وهو ما أصبح معه تكريس وضعها الضعيف هدفاً غير مباشر.

سخرية فجة

مَن يتتبع ما اُنتج منها خلال السنوات العشر الماضية سيلاحظ مدى الإصرار على مواصلة تقديم أعمال محلية لا قيمة فنية لها وغير قابلة للتسويق العربي، بل إنها تبقى غير قادرة على منافسة المسلسلات العربية في أولويات المشاهدة لدى المشاهد المحلي باستثناء أعمال قليلة جداً لا تكاد تذكر، بينما معظم الأعمال تفتقد لنص متماسك يتمحور حول موضوع حيوي منظوم في سياق خطاب غير مباشر ويعتمد حبكة متقنة تنضبط في خيوطها منطقية الأحداث وتصاعدية صراع الفعل الدرامي. وهذا مرجعه أن المُنتج لا يلتزم بشكل دقيق بمعايير العمل الفني حتى على مستوى العلاقة بملابس ومكياج الممثل وفي علاقة العمل بكثير من عناصره من كًتاب وممثلين ومصورين وغيرهم، لأن الالتزام الفني هنا مكلف مادياً ويحتاج وعيا تنافسيا، كما أن الالتزام الموضوعي قد يعرضهم لخصومة مع طرف ما، فتكون المحصلة كما هي عليه أعمال السنوات الأخيرة، والتي سجلت تراجعاً عما كانت عليه قبل انطلاق فضائيات التلفزيون اليمنيّة الأهلية. فمسلسل «كيني ميني» و»عيني عينك» و»همي همك» وغيرها من الأعمال التي جاءت على منوالها في شاشات التلفزيون الحكومي وغير الحكومي على حد سواء بقيت تعاني اهتراءً فنيا وموضوعيا، فشخصية (زنبقة) في مسلسل «همي همك» على ما لقيته من شهرة محلية، دليل كاف على ما تعانيه هذه الأعمال من انفصام مع الواقع والهروب بعيداً عن إثارة أسئلة لحظته الراهنة من خلال جرعات زائدة من السخرية التي لا معنى لها.

الإقناع المحلي

بلا شك إن ثمة أعمالا خلال المرحلة الراهنة يمكن اعتبارها جيدة مقارنة بواقع الحال، لكنها قليلة جداً، فيما نجد هذه النوعية من الأعمال الجيدة أكثر حضوراً في مرحلة سابقة، بل سنجد أن معظم الجيد منها اُنتج حكومياً في عقدي الثمانينيات والتسعينيات، وبعض سنوات العقد الأول من الألفية الثالثة مثل: مسلسل «الفجر» عام 1983 من إخراج ناصر العولقي، «المهر» عام 1993 من إخراج عبد العزيز الحرازي وبطولة نبيل حزام ويحيى إبراهيم، «الثأر» خلال التسعينيات أيضاً من إخراج مجاهد السريحي، «الحب والثأر» عام 2007 من إحراج عبدالعزيز الحرازي، وغيرها من المسلسلات التي تبقى متميزة مقارنة بما أنتج بعدها من قبل فضائيات تلفزيون القطاع الخاص. الجدير بالإشارة أن التردي في أعمال السنوات الأخيرة قد شمل أيضاً ما أنتجه التلفزيون الحكومي.

الحكم الفاسد

ما تعانيه الدراما التلفزيونية اليمنية يأتي ضمن معاناة تشمل الفنون عموماً كما سبقت الإشارة، فالفنون والتنمية الثقافية بقيت هامشية في سياسة الدولة، في ظل استمرار النظام السابق في تكريس معادلة الحكم الفاسد من خلال إدارة البلاد اعتماداً على الولاءات التقليدية وتجاهل الكفاءات الإبداعية على مستوى كافة مجالات العمل والإنتاج، وهي مشكلة ما زالت مؤثرة حتى اليوم في الحياة العامة وحتى على مستوى نخبه المجتمع ونتيجة لذلك تحضر ثقافة الصراع والسباق على المصالح الفردية بقوة تتجاوز ما سواها.
على الرغم من ذلك يتطلع الكثير في أن تشهد الدراما التلفزيونية اليمنية في المستقبل وخاصة مع بناء دولة مدنية حديثة، تحولاً نوعياً تصبح، من خلاله، جزءاً من مفاعيل تطوير المجتمع من خلال أعمال تحاكي الواقع وتحاول أن تُجيب على أسئلة التحديث الملحة وتُعيد تفكيك تحديات التقدم وهو ما يتطلب شجاعة وسخاء وإدراكا لحقيقة الحاجة لإنتاج درامي عربي مشترك، وهو ما سيكون له عظيم الأثر في تطورها. لكن تجارب الإنتاج الدرامي العربي المشترك بقدر ما قد يحالفها النجاح فقد يحالفها الفشل اعتماداً على عوامل داخلية، وهو ما تحقق يمنياً من خلال عدة تجارب أبرزها: تجربة الإنتاج اليمنيّ السوري لمسلسل «وضاح اليمن» في الثمانينيات، والذي حقق نجاحا لافتاً. والثانية في بداية الألفية الثالثة من خلال إنتاج مسلسل «سيف بن ذي يزن» لكنها قدمت عملاً فاشلاً وباهتاً لأسباب متعلقة بالرؤية الإدارية الفاسدة التي كانت قد تموضعت وتحكمت في إدارة المشاريع العامة بما فيها العمل الفني في التلفزيون اليمنيّ، وهي المشكلة نفسها التي كرّست معظم الأعمال الدرامية اليمنية لاحقاً في دائرة ضيقة لم تغادرها حتى اليوم كجزء من مشكلة ثقافية كرستها انحرافات السياسة في علاقتها بالدولة والمجتمع والمستقبل فكانت الفنون في مقدمة الضحايا نتيجة إصرار السياسي اليمنيّ على المراهنة على قوى التخلف وثقافة الغلبة والنتيجة هي ما يعيشه اليمن اليوم من احتراب تحولت معه البلد لساحة صراع مصالح خارجية ببيادق محلية.

الدراما اليمنيّة: من مأزق الأسئلة إلى ورطة التهريج

أحمد الأغبري

الخطوة التالية في المشاركات العربية بالمونديال

Posted: 30 Jun 2018 02:08 PM PDT

خرجت كل المنتخبات العربية الاربعة من الدور الاول لنهائيات كأس العالم بعد فوز وحيد على منتخب أجنبي، كان من نصيب المنتخب التونسي على المغمور بنما الذي يشارك في المونديال للمرة الاولى في تاريخه. الانتصار الثاني من اصل 12 مباراة خاضها العرب، كان من نصيب المنتخب السعودي على شقيقه المصري، فكان الانتصار التونسي الاول له منذ 1978، حيث فاز في ذلك المونديال على المنتخب المكسيكي ليكون الانتصار الاول في تاريخ العرب، لكن منذ ذلك الوقت كم تطورت المشاركات العربية، وماذا نتوقع في المشاركات المقبلة؟
في الايام الماضية كنت طرفا في نقاش مثير عن أن فشل المنتخبات العربية في كأس العالم هي انعكاس للفشل العربي على الأصعدة كافة، وأن الرياضة العربية لن تنجح في ظل وضع عربي متخلف، وفي ظل وجود فساد وأزمات سياسية.
طبعاً، الى الآن لم تصل الى نهائيات كأس العالم سوى 8 منتخبات عربية من اصل 22 منتخباً، وشاركت 30 مرة منذ مونديال 1934، والمحصلة تبدو ضعيفة بتأهل ثلاثة منها فقط الى الدور الثاني، بدأها المغرب في مونديال 1986، ثم المنتخب السعودي في مشاركته الاولى في مونديال 1994، واخيراً المنتخب الجزائري في المونديال السابق في 2014.  
لكن لا أرى عدلاً يكمن في وضع كل المنتخبات العربية في سلة واحدة، وفي الحكم عليها بشكل جماعي على ان الاخفاق واحد، بل علينا أن ندرس حالة كل منتخب على حدة، كي نصل الى خلاصة ونتيجة تكون اقرب الى الدقة في تشخيص علة المنتخب. وبالتأكيد فان ما حدث في المونديال الروسي يعد خيبة لنا كعرب، لكنه لا يرقى الى اعتباره اخفاقاً، والسبب ان ما حدث كان متوقعاً، وبسبب آمالنا العريضة واحلامنا الوردية التي قادتنا الى حلم جميل فاق التوقعات، لكن المنطق يقول ان اقصاء المغرب وتونس كان متوقعا، كون تفوق أحدهما على العمالقة اسبانيا والبرتغال في مجموعة المغرب، وبلجيكا وانكلترا في مجموعة تونس سيعد من اكبر مفاجآت البطولة، وغير متوقع. وكذلك الحال بنسبة اقل مع مجموعة السعودية ومصر، حيث توقعنا قدرة المنتخب المصري بقيادة صلاح ان يصارع روسيا على البطاقة الثانية، لكن بسبب فوضى الاتحاد المصري وعبثيته وعشوائيته أقحمت لاعبي المنتخب في أمور بعيدة عن كرة القدم، ما اثر تدريجيا بالسلب.
لكن هناك اتحادات كروية عربية كثيرة اجتهدت وعملت وطورت، وبالتأكيد وقعت في أخطاء، لكنها تقديرات كروية، علما ان حالها يظل أفضل بكثير من حال المنتخب الالماني حامل اللقب، الذي لم تجد صحافته أي عذر او حتى عتب لتكتبه، بل ذهبت تلقائيا الى التغييرات المرتقبة في الجهاز الفني وربما في اللاعبين، وبمعنى آخر ان منتخبات عريقة وكبرى تقع ايضاً في مصيدة الاخفاقات، فرأينا اهتزازا في المستوى من الارجنتين واسبانيا وحتى البرازيل التي تدرجت بالعروض من مهزوز في البداية الى مقبول وصولا الى جيد، وهو في تصاعد. لكن أيضاً هناك منتخبات عريقة وجبارة في عالم اللعبة لم نرها في المونديال مثل المنتخبين الايطالي والهولندي والتشيلي، بل حتى الامريكي الذي حكومته هي الاقوى في العالم عسكريا واقتصاديا وسياسياً، ووضع اتحاده الكروي نصب عينيه الفوز باللقب منذ تنظيم المونديال في 1994، لكن اليوم أخفق حتى في التأهل.
الخطوة التالية لمنتخباتنا العربية، هي ببساطة الوصول الى أبعد من الدور الثاني، وهذا يتحقق بخطوة واحدة مهمة، وهي تطبيق الاحتراف على أصوله، أو السماح لنجومنا بالرحيل الى أوروبا وتعلم الاحتراف على أصوله، فلهذا كان المنتخب المغربي صاحب أقوى العروض، لكن ليس أفضل النتائج، بسبب وجود لاعب يلعب لريال مدريد (حكيمي) ومدافع يوفنتوس بطل ايطاليا (بنعطية) وافضل لاعب في الدوري الهولندي (زياش)، ولهذا ادرك تركي آل الشيخ هذه الحقيقة وقال معقبا على خسارة السعودية الاولى برغبته في ارسال 1000 فتى بين 12 و16 عاما الى اوروبا للاحتراف، رغم ان الانظمة الاوروبية لن تسمح بأطفال في هذه السن، فمن المنطقي التفكير بشبان بين 18 و22 عاماً، على الا يكون ذلك قبل المونديال بستة شهور، على أمل ان يبرز محمد صلاح جديد، الذي على ما يبدو تدمره عقلية اتحاده الهاوية.     

الخطوة التالية في المشاركات العربية بالمونديال

خلدون الشيخ

كيف قضت المحسوبية على ألمانيا وملوك «السبوبة» في كأس العالم؟

Posted: 30 Jun 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: في حديثي الأسبوعي مع أستاذي الكبير، الذي انتظره مساء كل اثنين بفارغ الصبر، لاحظت تأثره وحزنه على أوضاع منتخب مصر أكثر من هزائمه في كأس العالم! لم يقف عند كوارث هيكتور كوبر الفنية، ولا عند تغييراته وسوء إدارته في المباريات الثلاث، فقط ألقى باللوم على المسؤولين عن بعثة المنتخب، لكن ما أدهشني حقا، كم المعلومات المتوافرة لديه عن «فضائح» منتخب بلادي! لدرجة أنه أخبرني عن أسرار وخبايا داخل معسكر الفراعنة في «غرزوني»، لم أكن أسمع عنها قبل المحادثة، رغم أن أستاذي العزيز نادرا ما يهتم بكرة القدم المصرية والعربية على حد سواء، بخلاف أنني على «الورق» المعني بالأمر، بحكم الهوية والإقامة والعمل كمراسل للمؤسسة الإعلامية في القاهرة، إلا هذه المرة، كنت حرفيا وبدون رياء «آخر من يَعرف»، هذا في حد ذاته جعلني أراجع نفسي، هل هذا تقصير مني في العمل؟ هل عثرات منتخبي والعرب في كأس العالم تسببت في عزوفي عن متابعة أخبار ممثلينا في روسيا؟ لكن سرعان ما تأكدت أن وقت المكالمة جاء بالتزامن مع التقارير المُنتشرة في كل بقاع الأرض عن الجرائم التي ارتكبها اتحاد الكرة (عن عمد) في حق المنتخب، بقرارات أشبه بوصمة العار التي لن تمحى من التاريخ.
من يتابعون رأيي المتواضع منذ حصولي على شرف كتابة مادة أسبوعية في «القدس العربي» في مثل هذا اليوم بالضبط العام الماضي، يُلاحظون اهتمامنا وتركيزنا على أهم الأحداث الكروية العالمية وبالأخص الدوريات الخمسة الكبرى ودوري أبطال أوروبا، فبعيدا عن لذة الاستمتاع الشخصي بالكتابة عن كل ما هو عالمي في كرة القدم، أجد صعوبة في التغلب على عاطفتي عندما يتعلق الأمر بكتابة رأي شخصي عن فريقي المحلي المُفضل أو خصومه أو منتخبي وبدرجة أقل المنتخبات والفرق العربية، أبسط شيء، أراجع نفسي أكثر من مرة في عبارات النقد، حتى لا تُفسر بشكل جارح للمعنيين بالأمر، لكن وجود أربعة منتخبات عربية، بينهم منتخبي المصري، ضاعف جرعة «الادرنالين» بداخلي، لأطلق العنان لنفسي على أمل أن استفيق على حلم جميل، لكن بمُجرد انتهاء الجولة الأولى، تأكدت كغيري أن المشاركة العربية ستنتهي بكابوس، نظرا للفارق الزمني الشاسع بين الكرة في بلادنا والكرة في أوروبا وأمريكا الجنوبية بالتحديد، مع ذلك لم أتأثر نفسيا بخيبة الأمل العربية، أكثر من صدمتي في الصورة الباهتة التي ظهر عليها المنتخب المصري بالذات دون بقية المنتخبات المشاركة في البطولة.

سبب الفشل الذريع

دع العقل يتحدث. من منا كان ينتظر وصول المنتخب المغربي لدور الـ16 على حساب بطل أوروبا بقيادة أفضل لاعب في العالم كريستيانو رونالدو؟ أو المنتخب الإسباني الذي جاء إلى أرض الثلج للمنافسة على اللقب؟ بالإضافة للمنتخب الإيراني، الذي فاجأ العالم بمستوى أقل ما يُقال عنه «متميزا». إذن متفقين أن الأمور لم تكن سهلة على أقوى ممثلي العرب في المونديال أليس كذلك؟ ونفس الأمر ينطبق على المنتخب التونسي بوجوده في مجموعة لا تقل صعوبة عن مجموعة الجار المغربي، جنبا إلى جنب مع المنتخب الإنكليزي وكذلك البلجيكي المُرشح فوق العادة هذه المرة للوصول لأبعد مكان في المسابقة، حتى المنتخب السعودي، نجح في حفظ ماء وجهه، بمباراة جيدة أمام أوروغواي، وأخرى أفضل منها أمام مصر. ما يُحزن حقا هو منتخب مصر، الذي لم يكن يكن الأسوأ عربيا، بل الأسوأ في البطولة، بصوت أبسط المصريين «لا  شكل ولا لون ولا طعم ولا ريحة»، هذا في الوقت الذي كان ينتظر فيه أكثر المتشائمين عودة منتخبهم ولو بنقطة يتيمة، خصوصا بعد الهالة الإعلامية الضخمة على اللاعبين، بجانب مشاركتهم في أغلب إعلانات وبرامج شهر رمضان، المعنى الحقيقي للرفاهية المبالغ فيها، مع ذلك، لم يكتف هؤلاء النجوم بما قسمه الله لهم في الشهر المبارك، ولا حتى بمكافأة المشاركة المُخزية في كأس العالم، بل كما قال أحمد شوبير «توحشوا» كلما اقترب موعد عودتهم إلى مطار القاهرة، بعد الخسارة المُذلة أمام روسيا.

«السبوبة» تحكم

أقل ما يُمكن قوله، أن المجموعة التي وضعت دولارات «ام بي سي» فوق مصلحة الوطن، تعاملت مع كأس العالم برمته على أنه «سبوبة»، ولمن لا يعرف قصة «ام بي سي»، فيُقال عصام الحضري لعب دور «العراّب»، باتفاق مُسبق مع مهيب عبدالرحمن، بموجبه يحصل الأسطورة على مبلغ لا يقل عن 1000 دولار وقابل للزيادة حتى 5000، بحسب قيمة الشيك الذي يتسلمه الضيف، الذي يأتي إلى غرفة الحضري في السر في منتصف الليل، ولماذا غرفة الحضري بالتحديد؟ لأنها الغرفة المُثبتة بها الكاميرا! أي فضيحة هذه؟ لكن إذا جئنا للحق والعدل الإلهي، فهي أقل عقاب مُستحق لأصحاب النوايا السيئة. الله وحده يعلم النوايا؟ نعم لكنه يقول لنا ألا تُفكرون… ألا تتدبرون، وبغض النظر عن الأدلة الصارخة على إدانة اتحاد الكرة، بالمقامرة والعبث بمصلحة المنتخب، باختيار عاصمة الشيشان لتكون مقر الإقامة، ومعروف مُسبقا أن هذا القرار سيُكبد اللاعبين رحلات سفر تفوق الـ5000 ميل، مع الاختلاف الكبير في الطقس ودرجات الحرارة بين غروزني والمدن التي استضافت مباريات المنتخب، هذا لا يعكس سوى عدم احترافية المسؤولين وقصر نظرهم، والأهم بطبيعة الحال «السبوبة»، التي فرضت عليهم قبول هدية الإقامة في فندق «لوكال» الإماراتي، من أجل توفير المليوني دولار المُستحقة من الفيفا نظير الإقامة في المكان الذي تختاره بعثة المنتخب، هناك أشياء أخرى عكست سوء النية، مثل هجمة الفنانين على فندق اللاعبين في سان بطرسبرغ قبل مباراة روسيا، وهي الهجمة التي أصابت الجماهير بكل أنواع الإحباط والتشاؤم، ناهيك عن الحُرم المشهود في حق محمد صلاح، بتركه كالدمية في يد رمضان قديروف، لأغراض ومكاسب سياسية لا دخل لصلاح بها، فكانت النتيجة تلطيخ سمعته في كل الدول التي تنظر للرئيس الشيشاني على أنه «إرهابي» ومطلوب للعدالة الدولية، وفي مقدمتهم إنكلترا، التي يعيش فيها أكثر من مصر!
الطامة الكبرى بالنسبة لي، والتي جعلتني أؤمن يقينا أن المصالح الشخصية كانت فوق مصلحة المنتخب، هو المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الاتحاد هاني أبو ريدة، لتبرير فشل الحملة المونديالية، قمة «الهرجلة والعشوائية»، دعك مما فعله مجدي عبدالغني بخروجه عن النص، بمقاطعة أبو ريدة، ليُبرئ نفسه من التهم الموجهة إليه بالسرقة، في مشهد لن تجده إلا في مصر، لكن في حقيقة الأمر، ما قاله المهندس البورسعيدي يحتاج لكثير من التمعن، فكل ما أراد الرجل تصديره لنا، أن الاتحاد هو الملاك البريء، الذي حفر في الصخر لتعود مصر للمشاركة في كأس العالم بعد غياب 28 عاما، أما عن الهجوم على صلاح في إنكلترا، فسببه باختصار «الصحف الصفراء». الأخرى ان المستوى الأقل من المتواضع الذي ظهر عليه المنتخب المسؤول عنه كوبر وجهازه الفني فقط، كذلك رجل الأعمال الشهير الراعي للمنتخب، من حقه أن يدخل المعسكر كما يحلو له، ويلتقط الصور مع اللاعبين حتى أثناء المباراة، والأهم يجب توجيه الشكر لأعضاء الاتحاد لأنهم وصلوا بالمنتخب لنهائي أفريقيا وكأس العالم، هل تتفقون معه؟ أشك في ذلك، لكن قبل غلق صفر مصر في كأس العالم، وجب توضيح أمر مُعين، أننا لم نتطرق للجوانب الفنية والتكتيكية للفراعنة، وكيف سنتحدث في أمور فنية لمنتخب هدد مرمى منافسيه 5 مرات في ثلاث مباريات؟ بالتأكيد ستكون مضيعة وإهدارا للوقت، ويمكن القول أن تخبط كوبر وجبنه بضم 9 مدافعين مقابل رأس حربة وحيد (رقم 9)، نوع من أنواع تخليص الحق من أصحاب السبوبة، ليُهدم المعبد فوق رؤوسهم جميعا بعد هدف السعودية الثاني، بدلاً من طمس الحقيقة بفوز خادع لتهدئة الرأي العام، وهذا بالتفصيل ما فعلته «السبوبة» في منتخب مصر في كأس العالم.

المحسوبية الألمانية

صدق أو لا تُصدق. ألمانيا خارج المونديال من مرحلة المجموعات للمرة الأولى منذ أواخر الثلاثينات، وبالنظر إلى الأسباب، سنجد أن المسؤولية تقع على عاتق المدرب يواكيم لوف وسوء اختياراته، بتجاهل لاعب بحجم ليروي ساني، اُختير قبل أقل من شهرين أفضل لاعب شاب في البريميرليغ، أتصور أن وجوده كان سيُعطي إضافة نوعا ما مسعود أوزيل، الذي قدم بطولة للنسيان، والمستوى الذي ظهر عليه ساني تحت قيادة بيب غوارديولا الموسم الماضي، لا يعطيه حق التواجد في قائمة ألمانيا، بل اللعب في التشكيلة الأساسية أو كورقة رابحة على المقاعد، في ظل الهبوط الجماعي في مستوى جُل اللاعبين، باستثناء توني كروس، حتى الاعتماد على الحارس مانويل نوير، الذي لم يلعب مع البايرن طوال الموسم بداعي الإصابة، يُجّسد المعنى الحقيقي للمحسوبية، لأنه لا يُعقل أبدا أن يكون لديك الحارس الأساسي لبرشلونة الذي قدم موسما جيدا، وتعتمد على آخر ما زال بحاجة لوقت طويل لاستعادة حساسية المباريات، وهذا وضح من خلال هفواته التي وصلت لحد الاستهتار بالمرمى بالخروج أثناء اللعب وليس في ركلة ثابتة أو ركنية، لعمل الزيادة الهجومية أمام كوريا الجنوبية، فكانت النتيجة، الهدف الثاني الخادش لحياء «الناسيونال مانشافت»، من انفراد من منتصف الملعب والمرمى خال من حارسه، وأيضا غياب عملة المهاجم القناص الذي تشتهتر به ألمانيا في مختلف العصور، بداية بجيرد مولر ورومينيغه مرورا بالثنائي الخيالي كلينسمان ورودي فولر، نهاية بهداف كأس العالم التاريخي ميروسلاف كلوزه، وفي تشكيلة يواكيم لوف في روسيا، لم يكن للألمان رأس حربة قادر على صنع الفارق، أضف إلى ذلك ظهور قلة الطموح لدى اللاعبين، وحالة التشبع التي أصابت الكرة الألمانية بعد احتكار بطولات أوروبا والفيفا في مختلف المراحل السنية، بما فيها مونديال البرازيل قبل أربع سنوات وكأس القارات العام الماضي، لذا كان لا بد أن تحدث استفاقة للماكينات ليعود أقوى كما عودنا دائما وأبدا، بداية بمعجزة «بيرن» في نهائي مونديال 1954، بقلب الطاولة على بوشكاش ورفاقه في المنتخب المجري، من هزيمة 2-0 في أول 20 دقيقة، لفوز لم ولن يُنسى 3-2، في أول ظهور لهم بعد الحرب العالمية الثانية، وكذا بعد انتكاسة 1994 و1998، بالخروج من الأدوار الإقصائية، عادوا بالظهور في النهائي 2002، والتواجد في المربع الذهبي عامي 2006 و2010، ثم لحظة معانقة الكأس في «الماراكانا» عام 2014، باختصار شديد، لا خوف أبدا على الألمان، بل الخوف علينا نحن، فآخر مرة خرجوا مُبكرا من كأس العالم من الدور الأول، أشعلوا نيران الحرب العالمية الأعنف في تاريخ البشرية… الله يسترها

وداعا أفريقيا

بخروج السنغال من دور المجموعات، بالخسارة الساذجة أمام كولمبيا في لقاء الجولة الثالثة، تكون القارة السمراء سجلت أسوأ رقم لها في المحفل العالمي الأهم منذ 1982، بعدم الحضور بممثلها التقليدي في دور الـ16، وهذا ليس من قبيل الصدفة، بل نتيجة الزيادة المهولة في عمليات تجنيس مواهب أفريقيا سواء السمراء أو العربية شمال أفريقية، وهذا نُشاهده بوضوح في تشكيلة فرنسا وبلجيكا وإنكلترا وآخرين، لنا أن نتخيل أن هؤلاء أمثال روميلو لوكاكو، نجل روجيه لوكاكو لاعب زائير، الذي أطاح بتونس من ملعب «المنزة» عام 1994 في البطولة الافريقية، وبول بوغبا وكل من على شاكلتهم مثلوا منتخباتهم الأصلية؟ أقل شيء كانت ستتقارب القوى بعض الشيء بين أفريقيا والقارتين المتحكمتين في عالم كرة القدم «أوروبا وأمريكا الجنوبية»، أما الآن، فعادت تقريبا لعصور الظلام وما قبل المشاهدة بالألوان، بوجود اليابان، كمنافس وحيد من خارج القارتين في دور الـ16، رغم غياب قوى عظمى عن القارة العجوز، كانت مُعتادة دائما على التواجد في هذا الدور كأسياد الدفاع إيطاليا والطواحين البرتقالية هولندا، ويكفي الآفارقة شرف التمثيل المُشرف متمثل في السنغال ونيجيريا وبدرجة أقل تونس والمغرب… باستثناء مصر التي لم تترك أي انطباع.

ماذا قدم «VAR»؟

بوجه عام، يُمكن اعتبار تقنية الفيديو بمثابة «الاختراع المُفيد للبشرية»، يكفي أن الدور الأول فقط، أسفر عن احتساب 23 ركلة جزاء، وهذا رقم قياسي في عدد الركلات المحتسبة في مونديال واحد، أكثر مرة شهد المونديال احتساب ركلات جزاء، كانت نسخ 1990 و1998 و2002 (18 ركلة جزاء)، هذا بجانب توفير عنصر «العدالة» لأعلى درجة ممكنة، باستثناء ما حدث في لقطة كريستيانو رونالدو، التي كانت تستوجب طرده في نهاية مباراة إيران، والمنتخب المغربي غير المحظوظ بعدم مشاهدة حكام الفيديو، ما فعله بيبي مع بوطيب وبنعطية قبل أن يسكن رونالدو الكرة الشباك برأسه، وظُلم الأسود أيضا، بعدم لجوء الحكم للتقنية ليتأكد بنفسه أن الكرة لمست يد جيرارد بيكيه داخل منطقة الجزاء، أما غير ذلك، ففي الغالب كل القرارات كانت عادلة، بما فيها هدف كوريا الجنوبية الأول في ألمانيا، الذي أعاد الحكم احتسابه بعد مشاهدة الكرة وهي تعود من قدم المدافع، وفي اليوم الختامي لدور المجموعات، أنقذت كولومبيا بعدول الحكم عن قرار احتساب ركلة جزاء للسنغال قبل نهاية الشوط الأول، كانت ستُغير سيناريو المباراة تماما، ومع بعض التعديلات في الاستخدام، وتمرس الحكام عليها، ستوفر عدالة أكثر في المستقبل.

نجوم الدور الأول ومعارك دور الـ16

ظهر أكثر من نجم عالمي بمستوى متميز في مباريات الدور الأول، أبرزهم الأفضل في آخر عامين كريستيانو رونالدو، بتأثيره الكبير على نتائج منتخبه، بفضل أهدافه الأربعة، وإلى الآن، يُمكن اعتباره أقوى المُرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب والهداف إذا ذهب مع أحفاد فاسكو دا غاما بعيدا في كأس العالم، ومثله أو بدرجة أقل يأتي الجلاد الإنكليزي هاري كاين، الذي أبلى بلاء حسنا في أول ظهور له في كأس العالم، ونجح في اعتلاء صدارة الهدافين بخمسة أهداف، وتشمل قائمة الأفضل حتى الآن، البرازيلي فيليب كوتينيو بتألق لافت، أسفر عن تسجيل هدفين والفوز بجائزة لاعب المباراة مرتين أيضا، ومن أبرز الوجه كذلك، المشاغب دييغو كوستا، هو الآخر سجل ثلاثة أهداف، منها اثنان في البرتغال ويبصم على مونديال جيد حتى الآن، تماما مثل روميلو لوكاكو بأهدافه الأربعة، والمفاجأة الروسية تشيرشيف صاحب الأهداف الثلاثة.
أما عن المعارك المُنتظرة في الدور الـ16 الذي بدأ أمس، فسيكون من الصعب جدا التنبؤ بنتائجه، فبعد ما حدث في مباراتي السبت، لم يَعد هناك مواجهات سهلة على الورق سوى مباراتي إسبانيا ضد روسيا وبلجيكا ضد اليابان، منطقيا تبدو حظوظ لاروخا والشياطين الحمر أوفر حظا، لكن بقية المباراة، ستكون أشبه بالمعارك حامية الوطيس، كالمواجهة الأوروبية الخالصة التي ستجمع كرواتيا بالدنمارك، فكلا المنتخبين عبر عن نفسه بشكل جيد في الدور الأول، وتوقع هذه المباراة بالذات لا يَقل صعوبة عن توقع المعركة الأوروبية الأخرى بين سويسرا والسويد، ولو أن فرص أحفاد الاسكندنافيين تبدو أقوى بعد الدفعة المعنوية الهائلة بالإطاحة بحامل اللقب من المجموعة، مثل فرص الإنكليز أمام كولومبيا والبرازيل أمام المكسيك، بحكم التاريخ، الذي يقول أن منتخب السيليساو لم يُهزم من قبل أمام أحفاد الهنود الحمر، تقابلا 4 مرات، 3 مرات عرف السحرة الفوز، مقابل تعادل وحيد كان في دور المجموعات النسخ الماضية، كذلك الأسود الثلاثة قضوا على كولومبيا بثنائية نظيفة في اللقاء الوحيد بينهما في البطولة عام 1998.

كيف قضت المحسوبية على ألمانيا وملوك «السبوبة» في كأس العالم؟

عادل منصور

لاعبو السياسة يفسدون ما صنعته أقدام «اسود أطلس»

Posted: 30 Jun 2018 02:08 PM PDT

الرباط ـ «القدس العربي»: «لماذا الاهتمام إلى هذه الدرجة بمباراة كرة قدم؟»، هكذا سألت مذيعة مراسلة أوروبية بالمغرب، حين نقلت لها حجم الحسرة والحزن الكبيرين اللذين خيما على المغاربة وهم يشاهدون المباراة الأخيرة في لحظاتها الأخيرة، مباراة العودة السريعة من مونديال روسيا. فما كان من الصحافية التي تابعت ما عجت به ملاعب السياسة وميادين الاحتجاجات في المغرب طيلة سنة، إلا أن قالت بشكل تلقائي «لأن في المغرب مشاكل كثيرة بكافة المجالات، واحتجاجات، والناس يشعرون بالإحباط، كانوا ينتظرون أن تهديهم كرة القدم فرحة وسط كومة المشاكل».

أمل وانكسار سريع

لم تهدهم كرة القدم هذا الفرح العابر. أهدتهم فخرا عابرا. فخرا بأداء متميز للمنتخب المغربي رغم الحسرة. المتابع لأجواء المباريات في المقاهي وحديث الناس عنها بالفضاء الأزرق والأخضر، كان يلمس شحنة عالية من الحماس ومن وطنية رياضية كبيرة، تعكسها ليس فقط الأعلام والسترات الحمراء التي يرتديها المتفرجون أثناء مشاهدة المباريات، ولا اصطفافهم قبل الوقت أمام الشاشات، بل خفقات قلوبهم التي تكاد تسمع صوتها يزاحم صوت المعلق كلما لامست قدم لاعب مغربي الكرة في اتجاه باب النصر، مرمى الفريق الخصم. فيعلو الصراخ وكأنه سيسجل الهدف، لكنه لا يسجل. تنتهي المباراة.
يترك بعض المتفرجين الأعلام الصغيرة فوق الطاولات، والقلوب الحمراء التي جلبتها معها المشجعات، تركنها هي الأخرى على الطاولات. فلا شيء يعلو على الرغبة في الانتصار، يريدون وطنا يشعرون فيه بنشوة الانتصار، فطعم الهزائم ذاق منه الكثيرون، ولا يهم هؤلاء الآملون في نصر كروي إن كانت مجموعة منتخبهم أطلق عليها اسم «مجموعة الموت»، لقوة الفرق التي كان مصير المغرب أن يواجهها، فلا شيء يوقف الرغبة في تحقيق الانتصار، ولا شيء مستحيلا في عيون راغبيه، غير أن الهزيمة انتصرت. وبقي هدف البرتغال في شباك المغرب بلا مقابل. خسر المغرب المباراة. بل إنها صافرة إعلان العودة من روسيا. إنه الإقصاء الذي نزل ثقيلا على المتابعين. يغادر المتفرجون بملامح محبطة وحسرات بالعيون، بهذا المشهد تنتهي الفرجة، إنه جزء من مقابلة المغرب مع البرتغال التي خسرها بهدف ونال أداء الفريق المغربي بها الإعجاب.

الشعور بانتصار ولو بعد حين

قال ذوو الاختصاص الكروي أن الحظ لم يحالف المغرب حين وضعته القرعة مع البرتغال وهو بطل أوروبا 2016، وأيضا إلى جانب المنتخب الإسباني الذي جمع نجوم ريالييه وبرشاوييه، وحاز على كأس العالم 2010، وكذلك مع إيران الذي رغم أنه لم ينهزم في إثنتي عشرة مباراة رسمية في تصفيات المونديال الآسيوية، إلا أنه فاز على المغرب بهدف مغربي… ومع ذلك أجمع الكثيرون على الأداء المميز للمنتخب المغربي وقتال لاعبيه وإصرارهم إلى آخر اللحظات، خاصة في المباراة الأخيرة مع الإسبان حين سجل الأخير في الدقيقة الأخيرة هدف التعادل الذي نال من نشوة انتصار، وإن لم تكن لها قيمة في المونديال فقيمتها أنها كانت ستكون أمام فريق عالمي قوي، لكن هدف التعادل كان رصاصة أخيرة على هذا الأمل في انتصار. ورغم أن المباراة كانت شكلية لأن مصير العودة كتبته البرتغال، وكان منتظرا أن تنقص لدى اللاعبين تلك الروح القتالية التي أظهروها خلال المقابلتين السابقتين، إلا أن اللاعبين المغاربة لعبوا كأنهم باقون بالمونديال، لأن البحث كان أساسا على شعور انتصار.

الريف في قلب المونديال

برصيد نقطة يتيمة أنهى المغرب مشاركته، لكنها كانت نقطة غالية، لأنها جاءت أمام منتخب مرشح لانتزاع اللقب العالمي، بهذه الواقعية أثنى المغاربة على أداء منتخبهم واعتبروا المباراة الأخيرة ذات رمزية كبيرة، وحظيت بتعاليق خرجت بها من مضمار الكرة إلى السياسية. وأثنى رواد الفضاء الأزرق على قتالية اللاعبين وتمنوا لو أن للسياسيين مثلها، مقارنين بين لعبتين تختلف قواعدهما لكن في الأخير يبحث الجمهور عماذا تسجل من أهداف؟ ربح أم خسارة؟ وركزت التعليقات على اللاعبين المغاربة من الريف، لماذا حظي هؤلاء باهتمام بالغ لنشطاء الفيسبوك؟
لأن بالريف الكثير من الشباب بالسجون بعد الاحتجاجات التي عرفتها المنطقة، شمال المغرب، ووجهت لهم اتهامات من جهات رسمية بالانفصال. وكان المغاربة يتفرجون على أداء ستة لاعبين و يهتمون بهم أكثر في مجال التعليقات، مشيدين بحبهم الجارف لبلدهم و قتاليتهم كي يهدوا المغاربة فرحة بانتصار. لم يسبق أن اهتم المغاربة بسؤال من أي جغرافيا يتحدر اللاعبون، ما داموا جميعا أبناء البلد الواحد، بالشكل الذي اهتموا به هذه المرة، لأن هذه المرة، يعيش المغرب على وقع ظرفية خاصة منذ حوالي سنة، ظرفية فرضت أن احتل الريف مركز الاهتمام في السياسة وعلم الاجتماع والتاريخ والإعلام و حتى كرة القدم.
هكذا لقب أحد المعلقين على الفضاء الأزرق نورالدين أمرابط، اللاعب الذي خطف الأنظار أثناء مباريات المغرب، بـ»زفزافي المنتخب»، تنويها بصموده ورغبته في الانتصار مهما كانت التحديات. أمرابط وهو من مواليد 1987 بناردن في هولندا، صار مادة دسمة لتعليقات النشطاء على الفيسبوك، بينهم نشطاء الحراك. فقد غامر بحياته حين أصر على اللعب في المباراة ضد البرتغال رغم إصابته بارتجاج في المخ، وتحدى مراسلات «الفيفا» الاحتجاجية على مشاركته في المباراة أربعة أيام فقط عقب إصابته الخطيرة أمام إيران. و كتب العديد تعابير الإعجاب بروح التضحية لديه، لكن لم يغفلوا سؤالا حارقا: ماذا لو كان أمرابط يحيا بالريف وهو يملك تلك الأنفة الكبيرة التي أظهرها في المباريات؟ أكيد سيكون ناشطا في الحراك، يقول الكثيرون، وبأنه كان سيطالب أيضا بمستشفى وجامعة وملعب بالحسيمة، وأكيد كان سيكون مصيره سجن عكاشة بالدارالبيضاء وربما حكما قاسيا. ولم يكتف المعلقون بإطلاق هذه الأحكام ومشاركة هذه التخمينات بشكل جزافي، بل تداولوا على الفضاء الأزرق ملصقا يحمل صورة أمرابط إلى جانب لاعب اسمه أيوب المرابط، وهو لاعب بفريق محلي يدعى «شباب الريف» حكمت عليه المحكمة الابتدائية بمدينة الحسيمة بسنة سجنا نافذا في 15 نوفمبر من سنة 2017 بفعل نشاطه في حراك الريف، وكان عمره 19 سنة، وعلى عكس ما قيل عن مصير نورالدين لو أنه كان يحيا بالريف قيل لو أن أيوب ولد بهولندا لصار الآن نجما كرويا معروفا.

ود بين المغاربة والجزائريين

ليس الريف وحده من جعل السياسة مادة نقاش على طاولات مشاهدة المباريات وبالفضاء الأزرق وكذلك الجرائد، بل أيضا الموقف الجزائري من ملف ترشح المغرب لمونديال 2026، حيث شكل تصويت الجزائر للمغرب موضوعا أساسيا للنقاش وفتح الباب لتبادل رسائل الود بين الشعبين، وجرى تداول فكرة تقديم ملف مشترك مغربي جزائري لتنظيم مونديال 2030، وهي الفكرة التي تضمنتها رسالة الملك محمد السادس التي بعث بها إلى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للتعبير عن الشكر والتقدير لموقف الجزائر، وهي الرسالة التي كشف فحواها السفير المغربي حسن عبدالخالق في حوار مع قناة جزائرية. موقف الجزائر حظي باحترام كبير رسمي وشعبي رغم الخلافات السياسية، في حين صب المغاربة جام غضبهم على السعودية التي صوتت للملف الأمريكي تاركة «الأشقاء» بل باذلة مجهودا لثني دول عربية أخرى عن التصويت لصالح المغرب.

حملة سخرية من المنتخب السعودي

وعكست متابعة المغاربة لمباريات المونديال في روسيا هذا الغضب المغربي من الموقف السعودي، وهو ما أظهرته حملة التشجيع التي قام بها المغاربة بنوع من السخرية والحسرة للمنتخب الروسي ضد السعودية، حيث انتشر كالنار في الهشيم هاشتاغ «المنتخب الروسي الشقيق» قبل المباراة، وبعدها استمرت السخرية بعدما خسر المنتخب السعودي بخمسة أهداف سددتها روسيا في شباكه. حملة السخرية والغضب من الموقف السعودي وإن حملت تعبيرا عن خذلان في لحظته إلا أنها لا زالت مستمرة بعيدا عن ملاعب الكرة، حيث صار الفضاء الأزرق ملعبا للتراشق بين ناشطين بالبلدين، حملة لم تخل من تعبيرات عنصرية صدرت من الطرفين، استهزاء بالعرق (عرب وأمازيغ) وبالبلد. غضب المغاربة على السعودية لم يوازيه إلا غضبهم من التحكيم الذي أفسد في نظر الكثيرين من الأوساط الرسمية والمتابعين، إمكانيات أفضل خلال مونديال روسيا، وما إن وصل المنتخب للمغرب، حتى ثارث ثائرة فوزي القجع، رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، ضد «الفيفا» في تصريحات إعلامية شديدة اللهجة جاء في أحدها: «مستوى التحكيم كان رديئا للغاية، وهذا ما قلته لرئيس الفيفا سواء كتابيا أو شفهيا»، مضيفا: «صحيح أن أخطاء الحكام واردة لكن ألا تشتغل تقنية الفيديو في أربع مناسبات في المباراة ذاتها مسألة تخدش الحياء».

السياسىة تفسد ما أنجزته الكرة

عاد المنتخب المغربي، بخفي حنين من روسيا، لكنه حظي باحترام وتقدير فائق لمستوى اللعب، وكذلك مدربه الفرنسي هيرفي رونار الذي وجه رسالة مؤثرة للجماهير المغربية يشكرها على الدعم والتشجيع الذي «جعل الفريق في مستوى أرفع ويعود من كأس العالم برأس مرفوعة». غير أن ما صنعته الكرة من شعور بالفخر، جعلته السياسة شعورا عابرا سرعان ما تبدد حين نطقت بأحكام صادمة في حق معتقلي حراك الريف، فانقلب شعور الفخر إلى سيل من عبارات الغضب على البلد وسياسته، امتلأت بها وسائل التواصل الاجتماعي والجرائد التي لا يزال عنوان الصدمة والخيبة يهيمن على عناوينها، ويزداد كلما اضيف خبر حكم آخر أو اعتقال آخر بالريف بعد موجة الغضب على الأحكام، فأفسد لاعبو السياسة ما صنعته أقدام اللاعبين بالمونديال.

لاعبو السياسة يفسدون ما صنعته أقدام «اسود أطلس»
المغرب وبحث شاق عن شعور بالانتصار
سعيدة الكامل

«نسور قرطاج» بين وهج الحماس ولعنة الإصابات وألم الخيبة

Posted: 30 Jun 2018 02:07 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: تزينت شوارع موسكو طوال الاسابيع الماضية بألوان العلم التونسي الحمراء والبيضاء عاكسة حماس الجماهير التونسية التي توافدت بأعداد كبيرة من تونس نفسها، وكذلك من مختلف انحاء اوروبا، لتشجيع القرطاجيين الذين حققوا نتائج مرضية خلال مرحلة التصفيات، وأيضا خلال المباريات الودية التي أجروها قبيل المونديال والتي جمعتهم بمنتخبات لها وزنها إقليميا ودوليا، على غرار إسبانيا والبرتغال، وحققوا معها نتائج مرضية. وجعل هذا التألق في الوديات المدرب نبيل معلول يعد التونسيين قبيل المونديال بالذهاب بعيدا وإدراك الدور ربع النهائي، متناسيا أن لديه غيابات هامة وركائز أساسية أثر غيابها بسبب الإصابات أو بسبب الخلافات على مردود نسور قرطاج.
ولعل غياب نجم المنتخب وهدافه يوسف المساكني، المكنى بـ»النمس»، نظرا لدهائه الكروي، بسبب الإصابة، أثر بشكل كبير على أداء النسور القرطاجية. كما لفت الإنتباه غياب رأس الحربة طه ياسين الخنيسي الذي أصيب أيضا قبيل المونديال وحرم من المشاركة بمعية رفاقه في روسيا. كما أن عدم دعوة هداف الدوري البلجيكي حمدي الحرباوي أثار الكثير من السخط، خصوصا في مباراة بلجيكا، حيث كان يفترض أن يزعج الحرباوي المنافس البلجيكي الذي يعرف جيدا قدرات هذا اللاعب. وبالتالي فقد سافر النسور إلى روسيا بدون رأس حربة قناص للأهداف الأمر الذي أثر سلبا على أدائهم الهجومي. أما دفاعيا فأثرت إصابة حارس نيس الفرنسي معز حسان، منذ الدقائق الأولى لمباراة انكلترا على الأداء الدفاعي للمجموعة، ناهيك عن مشاركة الظهير الأيسر علي معلول وهو مصاب، الأمر الذي جعل الخصوم يستغلون الرواق الذي يلعب فيه لبناء هجماتهم. وزادت الطين بلة إصابة الظهير الأيمن محمود برون صاحب الهدف التونسي الأول في مباراة بلجيكا، وكذا إصابة محور الدفاع صيام بن يوسف في المباراة ذاتها. ونتيجة لذلك تحولت كل الاحلام والورود الحمراء والبسمات التي اطلقها التونسيون في شوارع موسكو إلى حزن بلون الدم الأحمر والراية الوطنية الحمراء. موجة غضب عارمة واستياء سادا بعدما سقط الحلم وتكسرت اجنحة النسور في سماء أرض القياصرة امام منتخب بلجيكا بخماسية مقابل هدفين كان بالإمكان تسجيل المزيد منها لو آمن الهجوم التونسي رغم الغيابات بحظوظه… الهزيمة كانت مروعة وجاءت بعد نكسة أخرى وهي الهزيمة ضد الانكليز بعد الدقيقة تسعين في وقت كان الجميع ينتظر أن تنتهي المباراة بالتعادل.
ولعل من المفارقات أن هذا المنتخب البلجيكي نفسه وبنفس اللاعبين انهزم منذ سنوات في فئة الناشئين، أمام المنتخب التونسي في بطولة العالم للناشئين 1/4، ما يطرح التساؤل حول المتابعة للاعبين والمواهب في بلداننا بالمقارنة مع ما يحصل في الغرب، و هو ما يبرزه تطور المنتخب البلجيكي مقابل تراجع أداء التونسيين. يتساءل البعض في تونس هل خدع نبيل معلول التونسيين وباعهم الوهم؟ وما اسباب الهزيمتين؟ وهل أن الإنتصار في المباراة الأخيرة على بنما يمكن أن يحجب النقائص؟
يتفق الخبراء على ان الحظ لم يحالف المنتخب التونسي بتواجده في مجموعة صعبة مقارنة بباقي المنتخبات العربية. كما أن الحظ لم يحالف معلول بسبب كثرة الإصابات التي طالت ركائز أساسية فقد المنتخب بغيابها التوازن الذي عرف به وأهله ليحتل المرتبة الـ14 في ترتيب الفيفا متصدرا المنتخبات العربية والإفريقية. كما يفسر البعض ما حصل بهشاشة الشخصية التونسية الإنهزامية التي تخشى الكبار في الرسميات ولا تتألق أمامهم سوى في المباريات الودية. وللاشارة فان مجيء اكثر من 30 الف مشجع لحضور مباراة تونس مع انكلترا وبلجيكا يعكس مشهدا افتقده التونسيون طويلا بعد ثورتهم، وبعد حالة الاحتقان والانقسام والتصدع السياسي الواضح في المشهد السياسي. لقد مثلت لهم كرة القدم فرصة أخيرة للسلام والوئام مع انفسهم، حيث التفوا جميعهم حول علم بلادهم مرددين بصوت واحد «تونسي يا تونسي، معاك ربي والنبي».
بين لحظة واخرى تحولت كل وعود الانتصار، والاغاني المتوهجة بزهور الحلم الى لعنات وخيبة والى شتائم بالجملة على المنتخب ومدربه من عديد التونسيين المشجعين والمتابعين… فبعد اغنية «جايين يا روسيا»، تتردد اليوم في أرجاء تونس أغنية «مروحين يا روسيا». وحقيقة الحال فان انتكاسة فريق النسور تعكس حالة الهشاشة التي وصلت اليها مجتمعاتنا، فهي جزء لا يتجزأ من هزائم أخرى طالت مختلف الميادين ولم تشذ الرياضة هذه المرة عن القاعدة.

«نسور قرطاج» بين وهج الحماس ولعنة الإصابات وألم الخيبة

روعة قاسم

حرب المياه تخنق الزراعة في العراق

Posted: 30 Jun 2018 02:07 PM PDT

بغداد ـ «القدس العربي»: بدأت أولى تأثيرات الحملة المنظمة لخفض وقطع مياه الأنهار الآتية من تركيا وإيران على الزراعة العراقية، عندما قلص العراق خطته الزراعية إلى النصف مع إيقاف زراعة محاصيل رئيسية مثل الأرز والذرة بسبب نقص المياه.
وحظرت الحكومة العراقية في خطتها الزراعية لهذا الصيف، على المزارعين الأرز وبعض المحاصيل المهمة الأخرى، التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، نتيجة انخفاض معدلات مياه الأنهار الرئيسية الآتية من تركيا وإيران.
ووجه وزير الموارد المائية العراقي حسن الجنابي، كتابا إلى مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، أشار فيه إلى أن الوزارة قررت استثناء بعض المحاصيل الزراعية منها الأرز والذرة من خطة الزراعة الصيفية للوزارة لإعطاء الأولوية لمياه الشرب والصناعة وزراعة الخضراوات.
وقال حميد نايف المتحدث باسم الوزارة، في تصريحات، أن «الوزارة ليست سعيدة بالقرار لكن لا يمكنها وقفه، وان الأرز والذرة الصفراء أُخرجا من الخطة الزراعية الصيفية لعدم توفر المياه، ونحن في إحراج من الأمر، لا سيما أن المحصولين من المحاصيل الاستراتيجية، والفلاحون هيأوا أراضيهم لزراعتهما». وأكد أن «الخطة المقرة تمثل 50 في المئة من الخطة التي أعدتها وزارة الزراعة لهذا العام».
وأوضح بيان لوزارة الزراعة، أن «الخطة الزراعية الصيفية لهذا العام التي تم إقرارها من قبل اللجنة الدائمة المشتركة بين وزارتي (الزراعة والموارد المائية) خالية تماما من المحاصيل الصيفية المعتمدة على الإرواء (انهار ومشاريع إرواء) وهي الأرز، والذرة الصفراء، والذرة البيضاء، والسمسم، والدخن، وزهرة الشمس، والقطن، والماش» مبينة ان الخطة الصيفية المقرة ستكون بمساحة (600) ألف دونم وهي مخصصة لزراعة الخضراوات ومحاصيل أخرى، فضلا عن إعطاء حصة مائية لبساتين النخيل، مع الإبقاء على المحاصيل التي تعتمد على الآبار في عملية الإرواء ولكن بمساحات محددة.
ويذكر أن العراق زرع 100 ألف دونم من الأرز خلال الموسم الماضي، ويعادل الدونم الواحد 2500 متر مربع.
وفي السياق ذاته، أكد مستشار وزارة الموارد المائية ظافر عبد الله، ان كمية المياه الموجودة في الخزانات والسدود العراقية تكفي للشرب و50 في المئة من الزراعة فقط، مبينا أن «خلية الأزمة المكونة من عدة وزارات، عملت على تأمين مياه الشرب لمراكز المدن مع نظام الجدولة، فيما ستتأثر التجمعات السكانية الواقعة في نهايات الأنهر». وأقر أن «الأهوار ستكون المتضرر الأول جراء تشغيل سد اليسو التركي، فيما تقتضي الخطة التي وضعتها خلية الأزمة ان لا يمتد التأثير إلى مستوى الجفاف وهجرة السكان من الأهوار». 
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أعلن «إن الحكومة تخطط لمد المزارعين بالمياه، خصوصا لمحصول القمح الاستراتيجي، لكنها ستقلص الأراضي المخصصة لزراعة محاصيل أخرى تستهلك الكثير من المياه».
وجاءت تصريحات الحكومتين العراقية والتركية المتناقضة حول أزمة المياه، لتؤكد غياب التنسيق بينهما وصعوبة حل هذه الأزمة المستعصية منذ سنوات.
فقد أكد العبادي، ان «المشكلة في العراق ليست في نقص السدود، فهي موجودة والخزين فيها أقل من النصف، ولكن المشكلة في نقص المياه الآتية من دول الجوار» منوها إلى ان توقيت بدء ملء سد اليسو التركي على نهر دجلة له علاقة بالانتخابات التركية لكسب أصوات المزارعين.
كما أعلنت وزارة الخارجية العراقية، أن «تركيا لم تبلغ العراق بموعد ملء سد اليسو، وأن العراق طلب منها تأجيل موعد ملء السد لأنه سيعرضنا إلى الجفاف لكنها لم تستجب» مشيرة إلى أن «تركيا تحاول التفرد بالنهر عن طريق التملص من عضوية اللجان الدولية».
إلا ان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن أن تركيا أبلغت السلطات العراقية بضرورة تخزين المياه قبل 10 سنوات» واصفاً حكام البلاد بأنهم «لم يفعلوا شيئا وليست لهم أذن صاغية».
وأيد كلام الرئيس التركي، وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري الذي اعتبر ان حكام العراق قد «فشلوا» في مواجهة تحديات أزمة المياه مع الدول المتشاطئة الأخرى. وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي «على الرغم من التحذيرات المتكررة التي قدمناها، فشل حاكم العراق في فهم التحدي الخطير المتمثل في قطع إمدادات المياه من تركيا وإيران».
ورغم ان أزمة المياه بين الدولتين تمتد لسنوات، إلا ان مشكلة الجفاف في العراق وتقلص مستويات مياه نهر دجلة تفاقمت مؤخرا جراء خطة تركيا لملء سد اليسو الضخم على النهر، الذي كان المفترض ان يبدأ في حزيران/يونيو الماضي لكن تركيا أجلت ذلك إلى شهر تموز/يوليو الجاري عقب شكاوى من العراق.
وكان وزير الموارد المائية العراقي السابق لطيف رشيد، كشف ان أزمة شحة المياه التي تواجه العراق، ناجمة عن عدم وجود اتفاقات أو تفاهمات مشتركة مع تركيا وإيران، تضمن حقوق العراق في المياه مع هاتين الدولتين.
وبين ان العراق يمتلك إمكانية للاستثمار في أراضيه الزراعية بما لا يقل عن 15 مليون دونم، إلا ان الأراضي المزروعة سواء الوقتية أو السنوية أقل من 4 ملايين دونم «أي إننا نستغل أقل من ربع المساحة الصالحة للزراعة». علما أن نحو 70 في المئة من الموارد المائية العراقية تأتي من جيرانها.
ولم تكن تركيا الوحيدة التي قطعت مياه الأنهار أو خفضتها عن العراق، بل تزامن ذلك مع خطة إيرانية يجري تنفيذها منذ سنوات أدت إلى قطع مياه العديد من الأنهار التي تصب في العراق. وقد حذر وزير الموارد المائية حسن الجنابي من ان «الخطر الحقيقي الذي يواجه العراق هو من السدود الإيرانية المنتشرة على نهر الزاب الذي يدخل الأراضي العراقية».
وحذر رئيس لجنة الزراعة والمياه البرلمانية العراقية، فراس التميمي، مما وصفة بـ»الكارثة الحقيقية» بسبب قطع إيران المياه عن نهر الزاب الصغير.
وقال في تصريح إن «استمرار إيران في بناء السدود، وقيامها بقطع المياه عن العراق لتغذية سدودها، كارثة حقيقية تهدد العراق في المستقبل، لكونها تتسبب في انخفاض منسوب المياه إلى مستوى كبير» مشيراً إلى أن «العراق يعاني أساساً من أزمة مياه جادة وخصوصاً في فصل الصيف».
وتوقع التميمي أن «تقوم إيران بقطع المياه عن أنهر أخرى نتيجة لاستمرارها في إنشاء مشاريع على منابع نهر دجلة» منبهاً إلى أن «استمرار هذه المشاريع ستكون لها نتائج ومردودات سلبية في الأعوام المقبلة على الواقع الزراعي في العراق».
وتشير التقارير، إلى ان إيران أقدمت منذ سنوات، على قطع المياه عن أكثر من 45 رافدا وجدولا موسميا كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند وهوشياري ودويريج وكنجان وكنكير وقره تو وهركينة وزرين، وآخرها نهر الزاب الصغير الذي يغذي محافظة السليمانية.
ويؤكد الخبراء المعنيون ان العراق يواجه أسوأ أزمة نقص للمياه منذ سنوات ستكون لها آثار مدمرة على الزراعة فيه، وذلك نتيجة عدة أسباب أبرزها خفض حصة البلاد من مياه الأنهار الآتية من تركيا وإيران بعد إقامة عدة سدود وتغيير مجرى بعضها، إضافة إلى قلة الأمطار في الشتاء الأخير. كما أدت المعارك مع تنظيم «داعش» إلى حصول مشاكل في إدارة السدود التي كانت تحت سيطرته، في وقت يبدو فيه ان أزمة نقص المياه هي جزء من تدهور الأوضاع العامة في العراق وعدم وجود حكومة قوية فيه تكون قادرة على إدارة الأزمات بالشكل الصحيح وفرض حقوق البلد المائية المعترف بها دوليا، على تركيا وإيران، اللتان تستغلان المياه لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية دون التشاور مع الحكومة العراقية.

حرب المياه تخنق الزراعة في العراق

مصطفى العبيدي

ليبيا ـ تونس: ثلاث فرص مهدورة

Posted: 30 Jun 2018 02:06 PM PDT

تشكل اجتماعات اللجنة العليا التونسية الليبية المقررة للأسبوع المقبل، فرصة لإعادة العلاقات الثنائية إلى السكة، ووضع خريطة طريق مشتركة يستفيد منها البلدان، اللذان يمران بمصاعب اقتصادية واجتماعية كبيرة. وتستطيع تونس ان تساعد ليبيا في التغلب على الاختناقات التي تُعطل تحسين الأوضاع، فيما تملك الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، برئاسة فائز السراج، أن تساعد التونسيين، على الرغم من مشاكلها، من خلال إسنادهم بعض مشاريع إعادة الإعمار، التي سبق أن أُسند كثيرٌ منها لشركات فرنسية وتركية وإيطالية. ويعتمد ذلك على العلاقات الخاصة التي ربطت بين الجانبين على مدى التاريخ، إذ قلما بلغت العلاقات بين بلدين عربيين مستوى من المتانة والعمق والتداخل مثل الذي بلغته العلاقات التونسية الليبية، بحكم الجغرافيا والتاريخ، وخاصة بفعل حركات الهجرة البشرية من ليبيا إلى تونس وبالعكس، في فترات تاريخية قديمة وحديثة. وتمت عملية الاندماج في المجتمع المحلي من دون صعوبات، ناهيك أن بعض أبناء المهاجرين الليبيين اعتلوا سدة الحكم في تونس، بعد الاستقلال عن فرنسا، أسوة بالحبيب بورقيبة والباهي الأدغم وهادي نويرة. غير أن هذا التداخل لم ينفع في لجم الأزمات الثنائية واقتناص الفرص المتاحة للتكامل، إذ أهدر الجانبان أربع فرص ثمينة لبناء علاقات متشابكة ومتكاملة. وأول تلك الفرص هي إعلان وحدة سياسية بين تونس وليبيا تحت مسمَى «الجمهورية العربية الإسلامية» في العام 1974.
ومكن اكتشاف النفط واستثماره بكميات تجارية من تحريك الاقتصاد الليبي، وكان عُنصرا مُحفزا للتقارب التونسي الليبي، ليس فقط على الصعيد السياسي، وإنما أيضا على الصعيد الاجتماعي بعد تدفق الأيدي العاملة التونسية على ليبيا. وبالرغم من المناكفات، العلنية أحيانا، بين الرئيس الحبيب بورقيبة والعقيد معمر القذافي، الذي كان رئيس الدولة الفعلي في ليبيا، فإن البراغماتية دفعت الرجلين إلى التقارب، لاسيما عندما حلت بتونس أزمة اقتصادية صعبة، في أعقاب إنهاء تجربة التخطيط (1969) فبدت ليبيا، في مطلع السبعينات، بوابة الدعم الوحيدة المُتاحة وسط أوضاع دولية وإقليمية غير مواتية، بعد حرب أكتوبر العربية الإسرائيلية.
على هذه الخلفية خطط القذافي لإعلان وحدة سياسية بين تونس وليبيا ورتب لقمة على انفراد بين الرجلين في جزيرة جربة يوم 12 كانون الثاني/يناير 1974، انتهت بالإعلان عن قيام «الجمهورية العربية الإسلامية». غير أن دولة الوحدة لم تستمر سوى ثماني وأربعين ساعة، ثم انفضت في أجواء مُلبدة بالخلافات، تطورت إلى أسوأ أزمة في العلاقات الثنائية.
فبعد اخفاق المحاولات الوحدوية العربية، يئس القذافي من الرئيس المصري أنور السادات واتجه غربا إلى تونس، مع أنه كان يُدرك تباعد الرؤى العميق بينه وبين بورقيبة في هذا الملف تحديدا. إلا أنه عرف كيف يأخذ بورقيبة بالإغواء، فتنازل له عن رئاسة دولة الوحدة، لكي يضمن موافقته على المشروع. وأدرك بورقيبة أيضا مرارة مُخاطبه الذي نفض يديه من أهل المشرق في أعقاب فشل مشروع «اتحاد الجمهوريات العربية» (17 أبريل/ نيسان 1971). ومن هنا يمكن اعتبار تجاوب بورقيبة مع عرض القذافي الوحدوي، وسيلة لإبعاده عن مصر والمشرق عموما، وربطه بالقطار المغاربي، المتعطل لامحالة. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن تراجع بورقيبة لم يكن مبنيا على حقد أو استنقاص من الليبيين مثلما يُلمح إلى ذلك البعض، ففي جميع المناسبات التي تحدث فيها عن ليبيا كان يذكر أهل البلد بكل خير لأنه لم ينس السند الذي لقيه منهم في صبراتة وطرابلس ومصراتة وبنغازي لدى عبوره ليبيا خلسة إلى مصر في 1946.
مع ذلك أجهضت التجربة لأن الدولة العميقة في تونس كانت ضد الدعوات الوحدوية والمشروع العروبي عموما. كما ساهمت الجزائر بزعامة هواري بومدين في إحباط الوحدة، إذ بدأت نُذر أزمة تعصف بعلاقاتها مع المغرب، بسبب قضية الصحراء الغربية، فلم تكن ترغب في تشكُل قوة عسكرية واقتصادية جديدة على حدودها الشرقية.
وأدى إلغاء الوحدة إلى تدهور كبير في العلاقات الثنائية تجسد في طرد العمال التونسيين من ليبيا، في وقت كانت نسبة البطالة في تزايُد والاقتصاد التونسي في حاجة إلى سوق في حجم السوق الليبية لترويج المنتوجات الصناعية والزراعية، والتقليل من حجم المديونية. وهكذا ضاعت فرصة السير نحو التكامل بخطوات تراكمية، في قطاعات محددة، ووفقا لمصالح متبادلة يكسب منها الطرفان معا. لا بل ارتدت العلاقات خطوات كبيرة إلى الوراء من خلال الحملات الإعلامية المتبادلة القائمة على الشتائم والحرب الدبلوماسية الضارية بين الحكومتين.

انتكاسة جديدة

في أعقاب عملية الاستيلاء على مدينة قفصة (جنوب) على أيدي كومندوس أتى من ليبيا عبر الجزائر في كانون الثاني/يناير 1980، انتكست العلاقات الثنائية كما لم تنتكس من قبل. وباتت ليبيا العدو الأول للمسؤولين التونسيين، والعكس صحيح. غير أن مرض الوزير الأول الهادي نويرة واضطراره التخلي عن منصبه، وتسمية محمد مزالي خلفا له، حفزا الليبيين على السعي للمصالحة وإعادة العلاقات المقطوعة، بل وإرسال وزير الخارجية (الراحل) علي عبد السلام التريكي إلى تونس، في العام التالي، تمهيدا لزيارة القذافي نفسه لتونس. ولاحت فرصة تقارب جديد كانت ستُعطي دفعا للعلاقات الثنائية، لو سارت الأمور بصفة مُتدرجة، ووُضعت أهداف مُحددة قابلة للتحقيق في آجال معقولة. وفي غياب تلك الرؤية التي تشجع ديناميات التكامل وتحُدُ من نزعات الانفصال والاحتراب، تزعزعت الثقة مجددا بعد توقيع الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة والجزائري الشاذلي بن جديد والموريتاني معاوية ولد طايع على معاهدة أطلق عليها اسم «معاهدة الأخوة والوفاق» (1983). وشعر المغرب وليبيا بأنهما أقصيا من المعاهدة، بل وشعر البعض في البلدين أنها تشكل محورا إقليميا موجها ضدهما. وسرعان ما توصلا إلى معاهدة ثنائية مضادة أطلقا عليها اسم «معاهدة وجدة» في آب/اغسطس 1984، ما كرس سياسة المحاور في المنطقة المغاربية. وانتقلت العلاقات التونسية الليبية في تلك الأجواء إلى مرحلة جديدة من التوتر لم تلبث أن استحالت إلى أزمة شاملة أسوة بأزمتي اتفاق جربة وعملية قفصة، استمرت حوالي ثلاث سنوات.
وما أن استولى الجنرال زين العابدين بن علي على الحكم بعد الاطاحة بالحبيب بورقيبة حتى رحب العقيد القذافي وأركان حكمه بتلك العملية وسارعوا إلى إعادة ربط العلاقات الثنائية مع تونس، ويمكن القول إن إعلان بن علي والقذافي بدء الاستثمار المشترك لمنطقة مساحتها 3000 كلم مربع في حقل البوري النفطي البحري أنهى أحد أبرز الخلافات بين البلدين منذ بدء الثمانينات. ويقع حقل البوري داخل الجرف القاري للبلدين على طول خط الحدود مع تونس.
وأتى الاتفاق على الاستثمار المشترك في أعقاب القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي احتكم إليها البلدان، وقد تركت المحكمة لخبراء البلدين مهمة رسم حدود المنطقة المنويُ استثمارها استثمارا مشتركا.
ويُلاحظ أن العلاقات بين ليبيا وتونس لم تستقرَ إلا عندما تولى الرئيس السابق بن علي منصب الرئاسة في عام 1987، بينما تأرجحت العلاقات بين البلدين في عهد بورقيبة بين استنفار عسكري على الحدود وطرد العمالة التونسية من ليـبيا، وصولا إلى إعلان وحدة لم تُعمر أكثر من 48 ساعة بين البلدين. ويمكن اعتبار ربع قرن من الاستقرار في العلاقات الثنائية أرضية مناسبة لتكريس التكامل الاقتصادي بين البلدين، لكن لم يكن هذا هاجس زعيمين يتحدران من المؤسسة العسكرية. وأظهر احتضان التونسيين أكثر من مليون لاجئ ليبي غداة الأحداث التي أطاحت بالعقيد القذافي العام 2011، أن الأرضية الشعبية مُمهدة لخطوات أكبر. وتسببت الفوضى السائدة في ليبيا منذ ذلك التاريخ، وغياب الدولة بإرجاء أي مشاريع مشتركة دول الجوار. لكن ليبيا بدأت تتعافى حاليا، وإن بخطوات وئيدة. ويمكن للبلدين أن يتعاونا بطريقة تؤمن فرص عمل لنحو مليون شخص، غالبيتهم يعيشون في الجنوب التونسي، ممن يتعاطون التجارة الموازية. بهذا المعنى يمكن أن يكون الاجتماع المقبل للجنة العليا المشتركة فرصة لبدء مسار جديد، من شأنه التخفيف من الاختناقات الاقتصادية والاجتماعية هنا وهناك، وضرب شبكات التهريب ودعم الاقتصاد المُنتج.

ليبيا ـ تونس: ثلاث فرص مهدورة

رشيد خشانة

غزة: ارتفاع أسعار الطماطم يثير غضب المواطنين ويشعل مواقع التواصل الاجتماعي

Posted: 30 Jun 2018 02:06 PM PDT

تنتاب المواطنين في غزة حال غضب شديد، بعد أن شهدت أسعار الطماطم ارتفاعاً مفاجئا في الأسواق المحلية، مقرونا بالواقع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه كافة شرائح المجتمع. إذ صعد سعر الكيلو الواحد من 5 إلى 7 شواكل بعد أن هبط سعرها قبل أيام لشيكل واحد فقط، ومن ثم تجاوز ارتفاعها خمسة أضعاف الأمر الذي أثار استياء بين الناس. وأصبح حديث المواطنين يدور حول غلاء أسعار الطماطم حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات التي تتناول الموضوع، ودعوة صناع القرار، إلى مقاطعة شراء الطماطم على الرغم من أنها عصب النظام الغذائي بالنسبة للمواطنين ولا يمكن الاستغناء عنها دوناً عن باقي أنواع الخضراوات.
وفي سوق مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، يقف البائع أبو كمال جودة أمام حيرة من أمره بعد أن بدأ العفن يظهر على أكوام كبيرة من الطماطم على بسطة بيع الخضراوات الخاصة به، نتيجة توقف المواطنين عن شرائها منذ أيام، حيث أن ارتفاع درجات الحرارة الشديد، يهدد كميات الطماطم المتراكمة بالفساد، وهو ما يؤثر على الباعة الذين يتذمرون من قلة البيع.
يقول أبو كمال لـ»القدس العربي» أن «حركة المواطنين الشرائية تبدو ضعيفة « وبين أن أكثر أنواع الخضار التي يتم الإقبال عليها بشكل يومي هي الطماطم كونها تستخدم في إعداد أغلب وجبات الطعام.
وأشار إلى أن الارتفاع المفاجئ جاء نتيجة عدة أسباب أهمها تصدير كميات كبيرة إلى خارج قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري والسبب الآخر استهلاك كميات كبيرة خلال شهر رمضان والقطف المبكر.
واضطر غلاء سعرها المواطنين إلى البحث عن بدائل في الاقبال على الطماطم المعلبة التي تباع أسعار منخفضة.
وأكد مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة نزار الوحيدي أن ارتفاع أسعار الطماطم في السوق المحلي يأتي بسبب استهلاك منتوج قرابة 3000 دونم خلال الشهر الماضي، منوهاً إلى أن هذا التوقيت من كل عام يشهد مرحلة انتقالية من الزراعة الأرضية إلى زراعة الدفيئات وهذا أثر على ارتفاع أسعارها.
وأضاف لـ»القدس العربي» أن حجم الاستهلاك الكبير من قبل المواطنين والاعتماد عليها بشكل رئيسي، أدى إلى نفادها من الدفيئات الزراعية المنشرة في غزة. وأكد أن عملية التصدير لا تضر بالسوق المحلي وليس لها أي علاقة بارتفاع الأسعار، ذلك لقلة الكميات التي يسمح بتصديرها.
وبين مدير عام التسويق في وزارة الزراعة تحسين السقا أن ارتفاع أسعار الطماطم في هذا الوقت بالتحديد هو أمر طبيعي، نتيجة انتهاء المحصول وتهيئة الأراضي الزراعية لاستقبال محصول جديد.
وتوقع لـ»القدس العربي» أن تشهد أسعار الطماطم خلال الأيام المقبلة انخفاضا ملموسا. وبين أن الأسبوعين المقبلين سيشهد محصول الطماطم إنتاجا ما يخفض أسعاره في السوق.
ودعا المواطنين إلى عدم بث الإشاعات وتفهم الأسباب الرئيسية وراء هذا الغلاء والوقوف إلى جانب المزارعين الذين يتعرضون بشكل دائم للعقبات والأزمات ولاستهداف إسرائيل لمزارعهم ورش المبيدات الحشرية السامة التي تعمل على إبادة المحاصيل وتكبدهم خسائر فادحة.
وأطلق نشطاء في فيسبوك هشتاغ «خليها تعفن» يدعون فيه المواطنين إلى مقاطعة شراء الطماطم، مطالبين الجهات المعنية في وزارة الزراعة بالتوقف عن تصديرها تماما.

غزة: ارتفاع أسعار الطماطم يثير غضب المواطنين ويشعل مواقع التواصل الاجتماعي

إسماعيل عبد الهادي

جدل واسع في الوسط الإعلامي الأمريكي بسبب علاقة بين صحافية ومسؤول حكومي

Posted: 30 Jun 2018 02:06 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت حالة من الجدل الواسع في الوسط الإعلامي في الولايات المتحدة بسبب انكشاف علاقة غرامية تربط صحافية أمريكية مهمة مع مسؤول حكومي كان يقوم بتسريب المعلومات السرية للصحافية من أجل نشرها.
واعترفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بشكل رسمي وعلني بأن الحكومة الأمريكية استحوذت على رسائل البريد الإلكتروني وقائمة اتصالات الهاتف المحمول الخاصة بمراسلتها في شؤون الأمن القومي ألي واتكينز في إطار تحقيقات حول تسريب معلومات سرية من قبل مسؤول حكومي كبير. وكشفت الصحيفة عن علاقة غرامية سرية تعود إلى ما قبل ثلاث سنوات تجمع بين واتكينز (26 عاماً) والموظف السابق في لجنة الاستخبارات التابعة إلى مجلس الشيوخ جيمس وولف (58 عاماً) والمتهم بالكذب على مكتب التحقيقات الفدرالي «إف بي آي» حول تسريبات إلى الإعلام.
واندلعت موجة من الجدل في الأوساط الإعلامية في الولايات المتحدة بعد انكشاف هذه المعلومات واعتراف الصحيفة بها بشكل رسمي، وتساءل الكثير من المعلقين عن الدور الذي تلعبه العلاقات الشخصية بين الصحافيين والمسؤولين في عمليات الحصول على المعلومات.
وكانت واتكينز تعمل لصالح عدد من المواقع الإخبارية المعروفة في الولايات المتحدة مثل «بوليتيكو» و»هافينغتون بوست» و»ماكلاتشي» و»بازفيد» إضافة إلى «نيويورك تايمز».
وحسب المعلومات التي جمعتها «القدس العربي» فقد تبين أن واتكينز أخبرت أصدقاءها بأنها بدأت بمواعدة وولف المتزوج في خريف عام 2014 بعد شهور عدة من تخرجها الجامعي والبدء بالعمل لمصلحة «هافينغتون بوست» لكن وولف شرع في استمالتها قبل تخرجها حين كانت لا تزال متدربة في «ماكلاتشي» عن طريق معايدتها في عيد الحب وإهدائها سواراً من اللؤلؤ بمناسبة تخرجها.
ودامت هذه العلاقة نحو 3 سنوات إلى آب/أغسطس من عام 2017 حسب ما نشرت «نيويورك تايمز».
وبعد انفصالهما بدأت واتكينز بمواعدة موظف آخر في لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ أثناء عملها لمصلحة «بوليتيكو».
وتقول التقارير إنه في حزيران/يونيو عام 2017 التقى الموظف في الجمارك وحماية الحدود جيفري رامبو بالصحافية وأخبرها أنه على علم بعلاقتها مع وولف، لكن الصحافية أطلعت المسؤولين عنها فوراً على هذا اللقاء وقالت إنها تعتقد أن رامبو يهدّدها بالكشف عن علاقتها في حال لم تساعد في تحديد هوية مسربي المعلومات من الحكومة الأمريكية.
وفي 14 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أي قبل أيام من التحاق واتكينز بالعمل في «نيويورك تايمز» اتصل عميلان من مكتب التحقيقات الفيدرالي «FPI» معها وسألاها عدة أسئلة حول وولف، إلا أن واتكينز أبلغت المسؤولين عنها في صحيفة «نيويورك تايمز» فوراً بالأحداث.
وفي شباط/فبراير الماضي تلقت الصحافية واتكينز خطاباً من وزارة العدل يبلغها بأن بعض سجلات الهاتف والبريد الإلكتروني الخاصة بها، ويعود بعضها إلى سنوات، قد استولت عليها الحكومة، إلا أنه بناء على نصيحة محاميها فلم تخبر واتكينز المسؤولين في «نيويورك تايمز» عن هذا الإجراء.
وفي 7 حزيران/يونيو الحالي اعتقلت قوات الأمن الأمريكية وولف واتهمته بالكذب على مكتب التحقيقات الفدرالي بخصوص تواصله مع صحافيين وبينهم واتكينز. وتسببت هذه المعلومات بموجة من الجدل في الولايات المتحدة، أما السبب الأول للجدل والتعليقات فيتعلق بالاستهجان الكبير لاستيلاء الحكومة الأمريكية على سجلات الاتصال والمراسلات والبريد والمكالمات العائدة لصحافية على رأس عملها، وهو ما يشكل انتهاكا لحقوق الصحافيين وعملهم ومحاولة لإجبارهم عنوة على الكشف عن مصادرهم.
أما السبب الثاني للجدل فيتعلق بالعلاقة التي تجمع الصحافية مع المسؤول، وكيف يتم استغلال مثل هذه العلاقات الشخصية في عمليات تسريب المعلومات والبيانات في الولايات المتحدة.
وقالت «لجنة حماية الصحافيين» في نيويورك إن الاستيلاء على سجلات واتكينز يشكل «تهديداً أساسياً لحرية الصحافة» و»سابقة خطيرة» فيما قالت متحدثة باسم «نيويورك تايمز» إن «أهم قضية هنا هي الاستيلاء على الاتصالات الشخصية للصحافي، وهو تصرف ندينه، ونعتقد أنه يجب على الأمريكيين الشعور بالقلق العميق إزاءه».

جدل واسع في الوسط الإعلامي الأمريكي بسبب علاقة بين صحافية ومسؤول حكومي

أطول حملة احتجاج ضد السيسي على شبكات التواصل في مصر

Posted: 30 Jun 2018 02:05 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: شهدت شبكات التواصل الاجتماعي في مصر حملة الاحتجاج الأطول من حيث المدة الزمنية ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد التموينية، فيما تفوقت حملات الاحتجاج على أي وسوم أخرى أو اهتمامات مغايرة للمصريين على شبكات التواصل والإعلام الالكتروني على الانترنت.
وتصدرت حملة «#ارحل ـ مش ـ عايزينك» قائمة الاهتمام في مصر على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية لتشكل استمراراً للحملة التي سبقتها بأسبوع تحت الهاشتاغ «#إرحل ـ يا ـ سيسي» فيما تفوق كل من الوسمين على الوسوم المتعلقة بمباريات كأس العالم والتي عادة ما تشغل المصريين.
وجاءت حملة المطالبة برحيل السيسي عن الحكم في ظل موجة الغضب الواسعة التي تشهدها البلاد بسبب ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية، وخاصة أسعار المحروقات والكهرباء التي سجلت ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الماضية.
وأطلق النشطاء المصريون حملة «#إرحل ـ مش ـ عايزينك» على الانترنت والتي استحوذت على اهتمام كبير في أوساط مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، وصعد الهاشتاغ إلى قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على «تويتر» نهاية الأسبوع الماضي، ويأتي بعد أيام قليلة على حملة مشابهة تحت عنوان «#إرحل ـ يا ـ سيسي» ليشكل كلاً من الاثنين الحملة الأطول زمنياً من أجل المطالبة برحيل الرئيس السيسي عن رئاسة الجمهورية في مصر.
وكتب الفنان عبد الله الشريف مغرداً على «تويتر» تحت هذا الهاشتاغ: «‎#ارحل ـ يا ـ سيسي نخليها ‎#ارحل_مش_عايزينك أظن أشيك». فيما قال مغرد آخر: «‏فساد في فساد زي كل حاجة فاسدة في دولة فاسدة دولة عسكر حرامية وفساد في ماسر، احنا الفساد عندنا غير… فساد مدلع ومتهني وبيلاقي اللي بيطبطب عليه عشان كده كبر ومخالبه بقت مدبوبة في رقاب الفقراء والفقرا بس».
وغرد نائب رئيس اتحاد طلاب مصر ورئيس اتحاد طلاب جامعة ﺍلأﺯﻫﺮ السابق أحمد البقري قائلاً: «#ارحل_مش_عايزينك يا سيسي لانك قاتل وفاشل، قتلت واعتقلت آلاف الأبرياء اللي رفضوا قمعك واستبدادك، وفاشل لان الجنيه انهار أمام الدولار والأسعار بقت نار والديون زادت الضعف في عهدك من 40 مليار دولار إلى أكثر من 80 دولارا في 4 سنوات فقط، ومشاريع فناكيش من العجلة إلى اللمض إلى الكفتة».
وكتبت إحدى الناشطات تقول: «ترجموها له بكل لغات العالم يمكن مبيفهمش عربي: #ارحل ـ مش ـ عايزينك» فيما قالت ناشطة تُدعى ياسمين: «في بلاد الديكتاتور.. لو كان شاف حد بيقوله لأ ومايوطيش، كان خاف وحس الأمر جد وقال ما أذيش، لكن بحكم الخوف والعجز وذل رغيف العيش، هنعيش كل نهار بنموت ونموت ف كل سيس بيعيش».
وغرد يوسف محمد باللغة الانكليزية قائلاً: «لأن فتيات مصر في السجون يواجهن الوجه البشع لك ولنظامك.. #إرحل ـ مش ـ عايزينك».
وعلقت عيشة محمد كمال قائلة: «#ارحل ـ مش ـ عايزينك.. حادثتين اليوم حصلتا ومرتا مرور الكرام كأننا متنا خلاص ومبقناش نحس، الاولى: انتحار شاب في العشرينات لفشله في شراء الدوا لأمه، والتانية: شاب اتمسك وهو بيهرب من صيدليه عشان سرق دوا وطلع دوا استنشاق لامه العيانه وكان بيعيط عشان كان ب27 جنيه ووصل 111 جنيه بعد الغلو، وهو معهوش!».
وغردت فاطمة بالقول: «صعب نبقى غرقانين لشوشتنا في الظلم والجهل والمرض وحارقين دمنا أوي على فريق كورة!! طلع الهروب والاستعباط على نفسنا مش بينفع».
ونشر خالد صورة لميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير وكتب معلقاً عليها: «نحن نستطيع أن نكرر ذلك.. لا تفقدوا الأمل» وفعلت الأمر ذاته ناشطة تُدعى ابتهال، حيث نشرت صورة شهيرة لجانب من تظاهرات ثورة يناير وكتبت عبارة واحدة تعليقاً على الصورة: «نستطيع أن نفعلها مرة أخرى».
وغرد تيسير عبد الرحيم بالانكليزية قائلاً: «سوف لن نستسلم أبداً، إنها شرعيتنا» بينما علق آخر قائلاً بالانكليزية والعربية معاً: «هذا يكفي لك.. إرحل ـ مش ـ عايزينك».

أطول حملة احتجاج ضد السيسي على شبكات التواصل في مصر

مقتل 47 صحافياً في ستة شهور في مختلف أنحاء العالم وسوريا الأخطر

Posted: 30 Jun 2018 02:05 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: قتل 47 صحافياً في مختلف أنحاء العالم على اختلاف الأمكنة خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي، حسب ما تمكنت منظمة «مراسلون بلا حدود» التي تتخذ من باريس مقراً لها من التوثيق والرصد.
وقالت المنظمة في أحدث التقارير الصادرة عنها إن الـ47 قتيلا هم 36 صحافياً محترفاً و9 صحافيين مواطنين ومتعاونين اثنين مع وسائل الإعلام.
وتفوقت أفغانستان على سوريا لتتصدر قائمة الدول الأخطر في العالم على الإطلاق، وإن كانت سوريا لا تزال هي الأخطر على المستوى العربي على الرغم من تراجع حدة القتال وتراجع المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.
وحسب «مراسلون بلا حدود» فان 11 صحافياً قضوا خلال الشهور الستة الماضية في أفغانستان، بينما قُتل 7 صحافيين في سوريا، وخمسة في اليمن، وخمسة في المكسيك، أما الباقون فتوزعوا على مختلف أنحاء العالم.
ووصفت المنظمة بداية العام الحالي 2018 بأنها «بداية سوداء بالنسبة للصحافيين» وقالت إنها صرفت 40 في المئة من المنح التي تخصصها للصحافيين في إعادة التوطين وتأمين السلامة. واعتبرت المنظمة في تقريرها الذي اطلعت على مضمونه «القدس العربي» أن وضع الصحافيين الأفغان هو الأكثر هشاشة بسبب مقتل 11 صحافياً منذ كانون الثاني/يناير الماضي، كما تعرض آخرون إلى تهديد مستمر، أما النساء الصحافيات فهن الأكثر استهدافاً، والأكثر هشاشة، وفقاً للتقرير.
وتم توثيق مقتل عدد من الصحافيين في سوريا واليمن على الرغم من هروب غالبية الصحافيين من هذين البلدين وبقاء عدد قليل من الإعلاميين هناك لتغطية الأحداث.
وتحتل سوريا المرتبة 177 على قائمة مؤشر حرية الصحافة الذي تنشره «مراسلون بلا حدود» بينما يحتل اليمن المرتبة 167 على المؤشر ذاته.
وأفاد التقرير بأنه توجد في كل من سوريا واليمن بؤر سوداء للمعلومة، والعديد من الصحافيين لم يكن أمامهم أي خيار أمام التهديدات، إلا ترك هذه المهنة أو مغادرة البلاد بشكل كامل.

مقتل 47 صحافياً في ستة شهور في مختلف أنحاء العالم وسوريا الأخطر

الصحافة المطبوعة في تونس تواجه أزمة حادة وأعرق الجرائد مهددة بالإغلاق

Posted: 30 Jun 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: دخلت الصحافة الورقية في تونس مرحلة حرجة بعد أن تسربت معلومات عن انهيار وشيك لمؤسسات كبيرة، وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه متابعة التونسيين لوسائل الإعلام المطبوعة في البلاد.
وقال مصدر صحافي تونسي لـ»القدس العربي» إن واحدة من أكبر وأعرق المؤسسات الصحافية في تونس أصبحت مهددة بالإغلاق بسبب الأزمة المالية التي تواجهها.
ولفت المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إلى أن حركة النهضة التي تمثل التيار الإسلامي في البلاد اضطرت أيضاً إلى إغلاق قنواتها التلفزيونية وصحيفتها المطبوعة ولم تعد ممثلة في وسائل الإعلام، مؤكداً أن «أغلب وسائل الإعلام التونسية باتت حالياً تحت هيمنة المتنفذين الذين كانوا خلال فترة حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي يتحكمون فيها».
وتأتي هذه المعلومات بالتزامن مع الأنباء التي كشفها الكاتب التونسي المعروف زياد الهاني وتداولتها تقارير إعلامية في تونس ومفادها أن مؤسسة «سنيب لابراس» أصبحت على حافة الإفلاس ومهددة بالتوقف في أي لحظة، وهي المؤسسة التي تُصدر صحيفتين، إحداهما باللغة العربية والأخرى بالفرنسية.
وقال الهاني الذي يكتب في إحدى هاتين الصحيفتين إن المؤسسة «تقف على حافة الإفلاس، وتعاني من ديونها المتراكمة لدى صندوق الضمان الاجتماعي وشركة التأمين والمزودين، إضافة إلى صعوبة بالغة في توفير الأجور الشهرية للعاملين فيها. كما تعاني من أزمة الورق التي تهدد بإيقاف صدورها، ومن حالة انفلات وفساد أقله تمتع بعض كبار نقابييها بتفرغات غير قانونية وامتيازات غير مشروعة يحصلون عليها على حساب عرق المواظبين على العمل في المؤسسة وبرعاية كاملة وتغطية من رئاسة الحكومة التي تزعم محاربة الفساد» على حد تعبيره.
وتساءل: «ما معنى أن توافق الحكومة على برنامج لإعادة هيكلة المؤسسة وتطهيرها، ثم تعين على رأسها صحافياً تقاعد منذ أكثر من 9 سنوات؟ هل جاءت به للسيطرة على الخط التحريري الوطني لصحف المؤسسة وأساساً جريدتنا «الصحافة اليوم» الذي لا يعجب أركان رئاسة الحكومة. أم أنها تريد «تبريك» (إفلاس) المؤسسة على يديه، باعتباره أحد أبنائها السابقين لتبرير إشهار إفلاسها وبيعها، ثم تعلن فيما بعد براءتها من الجريمة التي دبرتها في جلسات مكاتبها المغلقة بمشاركة من يفترض فيهم الغيرة على المهنة والدفاع عن حريتها واستقلاليتها؟».
وحسب المعلومات التي تتواتر من تونس فإن مؤسسة «سنيب لابراس» ليست وحدها التي تواجه شبح الإفلاس، وإنما تعاني أيضاً واحدة من أشهر وأقدم وأعرق وأكبر المؤسسات الصحافية في البلاد من أزمة مالية، وهي مؤسسة «دار الصباح» التي تصدر جريدة «الصباح» اليومية.
وتقول المصادر الإعلامية في تونس إن جريدة «الصباح» تعاني من أزمة مالية عميقة قد تؤدي بها إلى الإفلاس والإغلاق في أي لحظة، وسط معلومات متداولة في الوسط الإعلامي في تونس عن نية الحكومة بيع الصحيفة.
وقال المصدر الصحافي التونسي الذي تحدث لــ»القدس العربي» إن العديد من الأسباب تقف وراء أزمة الصحف المطبوعة في البلاد، أهمها التراجع الحاد في الايرادات والإعلانات التجارية، وهو التراجع الذي يأتي بالتزامن مع تراجع إقبال القارئ التونسي على هذه الصحف.
وحسب الصحافي التونسي فإن المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في تغيير المزاج العام المتعلق بما يرغب فيه المتلقي ومصادر الحصول على المعلومات، في الوقت الذي لم تنجح فيه الكثير من المؤسسات في التعامل والتعاطي مع المستجدات التي شهدها عالم الصحافة.

الصحافة المطبوعة في تونس تواجه أزمة حادة وأعرق الجرائد مهددة بالإغلاق

أحدث صيحات التكنولوجيا أصبحت رقائق مزروعة في أجساد البشر

Posted: 30 Jun 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: يتجه الإنسان تدريجياً إلى أتمتة ذاته وتحويل جسده إلى شبكة من الالكترونيات والتكنولوجيا لضمان الاستفادة من أحدث صيحات التكنولوجيا الحديثة وابتكاراتها، وذلك عبر زراعة رقائق الكترونية ذكية في الجسم يتزايد انتشارها في العالم تدريجياً.
وكشف تقرير نشره موقع «سينس أليرت» المتخصص في أخبار العلوم والتكنولوجيا، أن أعداداً متزايدة من البشر بدأوا يزرعون رقائق الكترونية في أيديهم لتحل بديلاً عن بطاقات الصراف الآلي والدفع النقدي والائتمان والبطاقات المصرفية الأخرى.
وقال التقرير إن «آلاف الناس يقومون حالياً بزراعة رقائق الكترونية صغيرة في أجسادهم وتحديدا في اليد لتقوم بعمل بطاقات الدفع أو المفاتيح الإلكترونية».
ويلفت الموقع إلى أن هذه الظاهرة بدأت تشهد انتشاراً واسعاً ومتزايداً في السويد، لافتاً إلى أن بعض الخبراء يرون أن الرفاه الاجتماعي في السويد هو السبب المباشر لظهور مثل هذه الاختراعات الغريبة، في حين يرى البعض الآخر أن هذه التكنولوجيا الجديدة هي نتاج ظاهرة «Bio-Hackers» المنتشرة في البلاد.
وتعني ظاهرة «بيو هاكرز» التفشي الكبير والواسع لحب علم الأحياء وتوابعه بين أوساط الشباب في السويد، وكذلك قيامهم بتجارب علمية وطبية وحيوية خارج نطاق المؤسسات التقليدية، كالجامعات الأكاديمية والمختبرات الطبية. ويلفت التقرير إلى أن سياسة السويد التكنولوجية سواء الرسمية أو الشعبية تقوم على مبدأ تطوير قدرات ومكامن الإنسان البيولوجية، التي تمكنه من مجاراة تقنيات الذكاء الاصطناعي في المستقبل، كما أن الشعب السويدي يشتهر بإيمانه الكبير بالتكنولوجيا والابتكار الرقمي، وذلك نتيجة لقناعته بالتأثير الإيجابي للتكنولوجيا على المجتمع وعلى تطور الإنسان.
واستفادت الحكومة السويدية بشكل كبير من السمة السابقة، حيث استثمرت بشكل كبير في البنى التحتية الداعمة للتطور التكنولوجي، ما أدى إلى تعاظم حصة الصادرات التقنية في مجمل الاقتصاد السويدي، حسب التقرير. وأدى هذا التناغم بين الشغف الشعبي والدعم الحكومي إلى جعل السويد متميزة في الابتكار التكنولوجي بالمقارنة مع نظيراتها من الدول المتقدمة.
وتقوم التكنولوجيا الجديدة على إدخال الإنسان رقاقة تقنية إلى جسده، وعندها لن يقلق من ضياع بطاقة الدفع الإلكترونية أو من حمل محفظة نقود كبيرة، بينما يراها بعض الناس تكنولوجيا غير ضرورية وغير فعالة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يجري الحديث فيها عن رقائق الكترونية تتم زراعتها في الجسم وتجعل الإنسان يستفيد من التكنولوجيا الحديثة على مدار الساعة، حيث سبق أن قدمت شركة بلجيكية فرصة لتحويل موظفيها إلى «بشر إلكترونيين» العام الماضي، ووافق ثمانية موظفين في الشركة على زرع رقائق الكترونية في أيديهم تمنحهم القدرة على الدخول إلى المقر الرئيسي للشركة وأنظمة الكمبيوتر دون اللجوء إلى شارات الهوية التقليدية.
وبواسطة هذه الرقائق البلجيكية يكون بمقدور الإنسان فتح الأبواب بلفتة واحدة من اليد ومن دون استخدام شارات الهوية التقليدية، وإنارة الأضواء، والتواصل مع أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.
وتنبعث من هذه الرقائق موجات راديو مخزنة فيها كل البيانات التي تجعلها تحل محل جواز السفر وبطاقة الهوية والبنك والتأمينات، حيث قال المدير التنفيذي لشركة «نيو فيرجن» صاحبة الابتكار فنست نيس: «بسهولة يمكنك نسخ بياناتك المحملة على الرقائق الالكترونية وإضافة ما ترغب به إلى محتوى هذه الرقاقة وكأنها أشبه بالموقع الالكتروني الخاص بك الذي تتحكم به بحركة واحدة من يدك».
وإضافة إلى ذلك، فقد سبق أن أعلنت شركة «ثري سكوير ماركت» التي تعمل في مجال تصنيع آلات البيع وتتخذ من ولاية ويسكنسن الأمريكية مقراً لها، أنها تعتزم زرع رقائق الكترونية في أيدي العاملين فيها.
وأوضحت أن الرقاقة التي تبلغ قيمتها 300 دولار أمريكي فقط ستسمح للعاملين بالدخول من الأبواب المحمية بإجراءات أمنية، والدخول إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم والمحمية بدورها بكلمات سر، بل وشراء الأطعمة من المقصف الموجود في المكان.
وفي وقت سابق من العام الجاري قالت شركة «إبي سنتر» لرعاية المشروعات التكنولوجية الصغيرة إنها تعتزم زرع رقائق تكنولوجية للعاملين لديها في العاصمة السويدية ستوكهولم.
وعلى الرغم من تأكيد القائمين على المشروع أن هذه الرقاقات الالكترونية تحافظ على خصوصية الإنسان ومعلوماته الشخصية، إلا أن هناك من يتحفظ على استخدامها ولا يبدو مقتنعاً بسلامة زرعها نظراً للتسارع الهائل الذي تشهده التقنية الحديثة.
وقد حذرت المنظمات المعنية بحماية الحريات المدنية من أن عمليات الزرع الحديثة تلك قد يتم استغلالها لانتهاك الخصوصية بطرق أخرى، غير مراقبة تحركات من يضعها تحت جلده.

أحدث صيحات التكنولوجيا أصبحت رقائق مزروعة في أجساد البشر

هل يستطيع البشر بلوغ الحياة الأبدية؟

Posted: 30 Jun 2018 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: توصل علماء أمريكيون إلى اختراع ثوري جديد من الممكن أن يشكل خطوة مهمة في إطالة أمد حياة الإنسان، وفي الوصول إلى الحياة الأبدية على كوكب الأرض، وهو الهدف الذي لا يزال مجرد خيال علمي أو أمنيات يُطلقها العلماء بين الحين والآخر، في الوقت الذي لم يتمكن العلم الحديث من التوصل إلى علاج لمعضلة «الموت» التي تهدد البشر أينما كانوا.
وكشف علماء في جامعة كاليفورنيا الأمريكية عن أداة الحمض النووي الثورية التي يمكنها أن تساعد في جعل البشرية أقرب إلى الحياة الأبدية.
ويقدم الجهاز المطور تقنية جديدة تجعل من الأرخص والأسهل تركيب الجينات خلال وقت قصير جداً وهي عملية تستغرق عادة عدة أيام وتكلف الكثير من المال.
ويقول العلماء إن النظام الجديد أكثر دقة من الطرق الحالية، ما يسمح للباحثين ببناء خيوط الحمض النووي حتى 10 مرات أطول من التكنولوجيا الحالية.
كما يمكن لهذه التقنية أن تساعد العلماء الذين يعملون على إبطاء عملية الشيخوخة، عن طريق التلاعب في جزيء رئيسي يسمى «تيلوميراز» يُعتقد أنه يصلح الأخطاء في الحمض النووي.
وأوضحوا أيضا أن ابتكارهم يمكن أن يؤدي إلى تطوير «طابعات الحمض النووي» في مختبرات الأبحاث التي تعمل مثل الطابعات ثلاثية الأبعاد في العديد من ورش العمل الحديثة.
وقال دان أرلو، وهو طالب دراسات عليا في جامعة كاليفورنيا: «إذا كنت مهندسا ميكانيكا، فمن الجيد أن يكون لديك طابعة ثلاثية الأبعاد في متجرك يمكنها طباعة جزء معين خلال الليل، حتى تتمكن من اختباره في صباح اليوم التالي. وإذا كنت باحثا أو مهندسا بيولوجيا ولديك أداة تعمل على تبسيط توليفة الحمض النووي (طابعة دي أن إيه) فيمكنك اختبار أفكارك بسرعة وتجربة المزيد من الأفكار الجديدة. أعتقد أنه سيؤدي إلى الكثير من الابتكار».
وتعتمد الطريقة الجديدة على «نهج القوة الشديدة» الذي يستخدم الجزيئات التي تتشكل بشكل طبيعي في الجسم. كما تستند إلى الأنزيمات، وهي بروتينات صغيرة تستخدمها أجسادنا لتسريع التفاعلات الكيميائية، لربط كل قطعة جديدة من الحمض النووي فعليا بالتسلسل. ثم يتم قطع كل إنزيم من التسلسل والتخلص منه في عملية تسمح للباحثين بإنشاء فروع مفردة من الحمض النووي تصل إلى 2000 قاعدة طويلة.
ويجب على العلماء في العادة أن يطلبوا جينات من مختبر خاص يتقاضى ما يزيد عن 300 دولار لكل جين في عملية تستغرق أسبوعين للوصول إلى المتلقين.
وقال فريق البحث إن التقنية المطورة يمكن أن تركب يوما ما جينات جديدة كاملة طوال الليل، مقابل تكلفة قليلة.
ويعتقد العلماء أن الإنزيمات مفتاح تحسين دقة التقنيات الحالية لأن الجسم يستخدمها لبناء الشيفرة الوراثية الخاصة، كما يمكن لهذه الطريقة أن تجعل من الأرخص والأسهل على البيولوجيين اكتشاف علاجات جديدة للأمراض، وهو ما يمكن أيضاً أن يُطيل من عُمر الإنسان.

هل يستطيع البشر بلوغ الحياة الأبدية؟

طاقية جديدة لإخفاء البشر والمركبات

Posted: 30 Jun 2018 02:03 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن فريق من العلماء من ابتكار «طاقية الإخفاء» التي لطالما انشغل بها الخيال العلمي وانتشرت في الأفلام الخيالية، حيث يرتديها الشخص فيصبح غير مرئي ولا يتمكن من حوله من مشاهدته، بينما هو يرى الناس ويفعل ما يشاء.والابتكار الجديد ليس سوى اختراع عسكري مهم من أجل التخفي خلال الحروب والعمليات العسكرية، ويهدف إلى التقليل من الخسائر البشرية، كما أنه يمكن أن يُستخدم في عمليات إخفاء الأفراد أو المركبات على حد سواء.
وأطلق العلماء على الاختراع الجديد اسم «ورقة التخفي» باعتباره جهازا رقيقاً قادراً على حجب الكائنات عن كاميرات الأشعة تحت الحمراء.
وحسب تقرير مطول نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية عن هذا الابتكار العسكري الجديد فان سُمك «ورقة الإخفاء» يبلغ أقل من ملليمتر واحد، ورغم رقتها إلا أنه في إمكانها جعل الكائنات غير مرئية بشكل فعال أمام الطائرات دون طيار.
وتصنع الأوراق من السيليكون القابل للثني ويمكنها إخفاء حوالي 94 في المئة من ضوء الأشعة تحت الحمراء الذي تواجهه وفقا لدراسة أعدها باحثون في جامعة «ويسكونسن-ماديسون» الأمريكية ونشرتها الصحيفة البريطانية.
ويأمل الباحثون في استخدام هذا الجهاز لمساعدة الجنود ومعداتهم في البقاء في أمان في ساحات المعارك.
وقال هونغروي جيانغ، وهو معد مشارك في الدراسة، إن ما ابتكروه يتمثل في ورقة «إخفاء» رقيقة، وهي أقل ثقلا بكثير من الدروع المعدنية أو البطانيات الحرارية.
وتعطي الأجسام الدافئة مثل جسم الإنسان أو محرك السيارة، حرارة مثل الأشعة تحت الحمراء، وهو ما يمكن للطائرات دون طيار التقاطه.
وتعمل «ورقة الإخفاء الرقيقة» من خلال قدرتها على امتصاص الضوء في «نطاق الأشعة تحت الحمراء ذات الموجات المتوسطة والطويلة» وهو نوع من الضوء المنبعث من الأجسام التي تكون في درجة حرارة الجسم البشري نفسها، وفقا للدراسة.
وتم تزويد الجهاز بمواد تسخين إلكترونية يمكنها «خداع» كاميرات الأشعة تحت الحمراء، وللقيام بذلك استخدم الباحثون السيليكون الأسود لصنع الورقة، والذي يتم تصنيعه عن طريق جمع بلورات السيليكون على رقاقة من المادة نفسها، ما يخلق «غابة» من إبر السيليكون تسمى الأسلاك النانوية والتي تعكس الضوء الخفيف للغاية.
ويتم تصنيع أسلاك النانو باستخدام جزيئات صغيرة من الفضة، محفورة في رقاقة السيليكون، ثم تُبنى جزيئات الهواء في السيليكون الأسود لمنعها من ارتفاع درجة الحرارة، وترتد موجات الضوء ذهابا وإيابا بين الإبر، ما يمنع الضوء من الهروب.
ومن المعروف أن السيليكون الأسود يحبس الضوء المرئي، ولكن الباحثين أدركوا أن في إمكانه أيضا احتجاز ضوء الأشعة تحت الحمراء.
وكانت الكائنات «غير قابلة للاكتشاف عمليا» خلال الاختبارات، لذلك يركز الباحثون حاليا على معرفة وزن الجسم وكتلته اللازمة لنجاح استخدام الجهاز الجديد.

طاقية جديدة لإخفاء البشر والمركبات

للمرة الأولى وصول روبوت ذكاء اصطناعي إلى الفضاء

Posted: 30 Jun 2018 02:03 PM PDT

وصل الروبوت « «CIMONإلى محطة الفضاء الدولية، كأول روبوت ذكاء اصطناعي عائم مصمم لمساعدة رواد الفضاء علمياً ولوجستياً وعاطفياً.
وأعلنت شركة «سبيس إكس» الأمريكية، أمس، إطلاق الروبوت لمساعدة رواد الفضاء الستة الذين يعيشون في المحطة الفضائية الدولية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا».
وجرى إطلاق الروبوت من ولاية فلوريدا الأمريكية (جنوب شرق) بواسطة صاروخ «فالكون 9» برفقة شحنة من الطعام والإمدادات (قدرها 3 أطنان ) للطاقم على متن محطة الفضاء الدولية.
ويستطيع الروبوت «CIMON»الاستجابة للأوامر الصوتية، إضافة إلى البحث في قواعد البيانات عن معلومات حول محطة الفضاء الدولية. كما يمكنه تقييم الحالة المزاجية «لزملائه» من البشر والتفاعل معهم وفقا لذلك.
ويضاهي حجم الروبوت كرة الطائرة ويصل وزنه إلى 5 كيلوغرامات، وتم بنائه من قبل شركة الطيران الأوروبية «إيرباص» بدعم تكنولوجي من شركة «آي بي أم».
وقالت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية «ناسا» في بيان لها، الجمعة، بعد عملية الإطلاق الناجحة، إن «الهدف من ذلك هو القيام بدراسة تجريبية لتقديم معلومات أولية عن تأثيرات دعم الذكاء الاصطناعي للطاقم، من حيث الكفاءة والقبول، خلال المهام طويلة المدة في الفضاء».
كما شبّه مانفريد جاومان، المسؤول في شركة «إيرباص»، الروبوت بأنه «دماغ طائر».
وتم تصميم الروبوت ليتحدث الإنكليزية فقط خلال فترة إقامته الأولى في محطة الفضاء الدولية، لكن القائمين عليه أعلنوا أنهم سيجهزونه بإعدادات لغوية أخرى ليكون قادرا على فهم رواد الفضاء الآخرين.
ويمكن أن ينطلق الروبوت مسرعا نحو أي رائد فضاء ينادي عليه باسمه، وذلك باستخدام مراوحه الداخلية الأربعة عشر.
ومن المقرر أن يعود «CIMON» إلى الأرض في كانون الأول/ديسمبر المقبل. (الأناضول) 

للمرة الأولى وصول روبوت ذكاء اصطناعي إلى الفضاء

ابتكارات

Posted: 30 Jun 2018 02:02 PM PDT

طائرة ركاب أسرع من الصوت

ابتكرت شركة «بوينغ» الأمريكية طائرة ركاب جديدة تتجاوز سرعتها سرعة الصوت وقادرة على قطع المسافة من لندن إلى نيويورك في ساعتين بدلاً من ثماني ساعات، وهي الطائرة التي يمكن أن تشكل اختراقاً كبيراً في عالم الطيران خلال السنوات المقبلة.
وعرض المعهد الأمريكي للملاحة الجوية والفضائية تصميم الطائرة الجديدة فائقة السرعة، حيث يُظهر التصميم طائرة شبيهة بالـ»كونكورد» التي تم سحبها من العالم في العام 2003 وستكون الطائرة الجديدة قادرة على قطع المحيط الهندي في ثلاث ساعات فقط.
وتصل سرعة الطائرة إلى 6 آلاف كيلومتر في الساعة لكنها لن تكون جاهزة للاستخدام إلا بعد نحو عشرين عاما من الآن.
ويرتقب أن تحلق الطائرة «المثيرة» على علو 30 ألف قدم، كما أنها ستفوق سرعة طائرة «كونكورد» بواقع مرتين ونصف.

غواصة تجسس

تعتزم الولايات المتحدة تصنيع أحدث غواصة لأغراض التجسس من أجل تطوير قواتها البحرية، فيما تمكن موقع «كوفيرت شورز» من نشر صورة لتصميم هذه الغواصة المبتكرة.
وقالت المصادر الأمريكية أن الغواصة «Sub 2000» تمثل انتقالا نوعيا وجذريا تختلف فيه عن كل الغواصات الأمريكية السابقة، لصغر حجمها ولاعتمادها على تصميم هيكل مسطح واضح.
وصممت الغواصة لتكون هجومية ويمكن أن تستخدم في مهام الاستطلاع أيضا، لأنها تملك هيكلا مسطحا يسمح لها بالاختباء في قاع البحر بالقرب من سواحل العدو. كما تتمتع بقابليتها على نشر أجهزة استقبال أو اعتراض الإشارات الكهرومغناطيسية.
وزودت غواصة بدرونين يعملان تحت الماء، وهذا يؤهلها لاحتلال مكان الجيل الثاني من غواصات «USS Parche».

حبة بديلة عن الوخز بالإبر

طوّر فريق من العلماء الأمريكيين «حبة أنسولين» تغني عن استخدام الحقن اللازمة لعلاج مرضى السكري من النوع الأول.
وقال الباحثون الذي طوروا الحبة إن هذا الابتكار سيستفيد منه نحو 40 مليون مصاب بالمرض حول العالم، حيث تُقدم الحبة جرعة ملائمة لكل حالة.
وتوضع كل مركبات الحبة داخل كبسولة مقاومة لأحماض المعدة، إلا أنها تتحلل عند مرورها بالوسط القاعدي للأمعاء الدقيقة.
ومن مزايا العلاج الجديد أنه يمكن حفظ الحبة الجديدة لشهور دون أن تفسد، وهذا أمر صعب بالنسبة لحقن الأنسولين.

ابتكارات

معضلة الانقطاع المدرسي ظاهرة تتصاعد أكثر من 100 ألف حالة تسرب مدرسي سنويا في تونس

Posted: 30 Jun 2018 02:02 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: كان توفير التعليم المجاني والراقي للجميع أحد أهم أهداف دولة الاستقلال في تونس الناشئة والمستقلة في خمسينيات القرن العشرين، وذلك بامكانيات متواضعة أو كادت أن تكون معدومة. وحرصا على تحقيق هذا الهدف لم تكتف الدولة التونسية بسن القوانين ورصد الأموال والبنى التحتية، بل كلفت للقيام بهذه المهمة الجسيمة مرشدات اجتماعيات كن يجبن القفار والجبال الوعرة ليصلن للنقاط المعزولة في أنحاء الجمهورية الوليدة، ليقمن بدور المؤطر لآلاف العائلات والتبليغ عن أسماء الأولياء الذين امتنعوا عن إلحاق أبنائهم بقطاع التعليم لمعاقبتهم بالسجن إن لزم الأمر.
أما اليوم، فقد تغيرت الأمور كثيرا في تونس، وهناك عودة إلى الوراء تحيل إلى عقود الاستعمار والتخلف أرقت المضاجع وجعلت البعض يطلقون صيحات فزع. وتتمثل هذه الانتكاسة في بروز ظاهرة الانقطاع المدرسي خاصة بعد السنة السابعة أساسي (أي ابتدائي) وهي ظاهرة لافتة تتصاعد سنويا. فكيف يمكن لدولة كانت مضرب الأمثال في الحث على طلب العلم ان تشهد بين عشية وضحاها وفي ظرف زمني وجيز مثل هذه الظواهر؟

أسباب مختلفة

يقول منير حسن رئيس فرع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المنسيتر لـ «القدس العربي» ان للانقطاع المدرسي أسباب عديدة منها المدرسية وتتفرع بدورها إلى جملة من الأسباب متعلقة بطبيعة البرامج، البنية التحتية المدرسية، وطبيعة الزمن المدرسي، أي البنية المدرسية بشكل عام. وهناك أسباب أخرى عامة صحية واقتصادية واجتماعية وهي كلها تؤدي إلى الانقطاع المدرسي. وفي العموم فان الانقطاع المدرسي هو حصيلة المنوال التنموي الدارج في تونس والذي هو اقصائي تماما، لان الاحصائيات تؤكد ان هناك أكثر من 100 ألف منقطع سنويا من الأطفال في تونس وهو رقم ضخم يشمل حوالي 6 إلى 10 في المئة من الأطفال الذين يدرسون في المرحلة الاعدادية وترتفع هذه النسبة في المرحلة الثانوية أي من السابعة أساسي إلى البكلوريا حيث تصبح اثني عشرة في المئة.
ويضيف بالقول: «في طبيعة الحال 93 في المئة من المنقطعين عن الدراسة ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة وهذا بسبب الاقصاء الاقتصادي والاجتماعي بسبب المنوال التنموي. لان هناك علاقة وثيقة جدا بين الانقطاع المدرسي والوضع الاجتماعي للمحيط العائلي للطفل إضافة إلى أسباب تحدثنا عنها سلفا وهي كلها تلتقي لتؤدي إلى هذه الظاهرة».

أي حلول؟

عن معالجة هذه الظاهرة يجيب محدثنا قائلا: «ان المعالجة تكمن في ضرورة بناء توافق اجتماعي حول الإصلاح التربوي. انخرطنا في مسار الإصلاح التربوي ولكن إلى حد الآن هذا المسار متوقف واعتقد أنه لا توجد تماما رؤية اجتماعية مشتركة تجيب عن الغاية الأساسية من هذا الإصلاح. إلى حد الآن هناك تركيز على الجوانب التقنية رغم أن هذا الإصلاح لا يتناسب مع المنوال التنموي السائد في تونس. هناك بعض الحلول التي تقوم بها وزارة التربية من نوع (المدرسة تسترجع أبناءها) وهي إصلاحات شكلية لأننا لم نقض تماما على أسباب ظاهرة الانقطاع وعزوف التلاميذ».
وأضاف: «لا بد من حوار مجتمعي حول الأسباب التي تؤدي إلى الانقطاع مع مراجعة المنظومة التربوية جذريا من أجل إيجاد حل مشترك من قبل كل أطياف المجتمع من أجل إيجاد إصلاح حقيقي يستهدف التنمية ومختلف شرائح المجتمع التونسي خاصة الأكثر هشاشة في المجتمع».
وأشار إلى ان ظاهرة الانقطاع المدرسي موجودة في عديد الدول العربية لكن هناك بعض الخصوصيات في الانقطاع المدرسي في تونس مثل كما انه ظاهرة ذكورية، حيث ان حوالي ثلثي المنقطعين من الذكور وأكثر المستويات التي ينقطع فيها التلميذ هي السنة السابعة أساسي. حيث يمثل الانقطاع حوالي 45 في المئة من جملة الذين ينقطعون في المستوى الاعدادي وأيضا السنة أولى ثانوي حيث يمثلون حوالي النصف من جملة الذين ينقطعون في المستوى الثانوي. وهذا يؤكد ان هناك ثغرة في المنظومة التربوية أثناء الانتقال من التعليم الابتدائي إلى الثانوي تنتهي عادة بصعوبات كبيرة بالنسبة للتلاميذ وعدم القدرة على الاندماج في المدرسة الثانوية وهذا ما يدفع التلاميذ إلى الانقطاع في هذين المستويين.
هناك خاصية أخرى بالنسبة للانقطاع المدرسي وهو ان هناك نوعا من التمييز الذي تفرضه المنظومة التربوية خاصة في مستوى السند المدرسي المقدم إلى التلاميذ لإعانتهم، باعتبار ان الطرق البيداغوجية المعتمدة في التدريس منذ السنوات الأولى تفرض هذه الفوارق البيداغوجية والتمييز وتضرب مبدأ تكافل الفرص بين التلاميذ وهكذا في طبيعة الحال أصبحت المدرسة نموذجا لإعادة إنتاج العلاقات السائدة نفسها تحت تأثير المنوال التنموي وهي الاقصاء والعنف والفشل وهي كلها مشاكل تتسبب في نفور التلاميذ من الفضاء المدرسي.
وهناك ظاهرة أخرى وهي الكلفة الاجتماعية للانقطاع المدرسي، فهي باهظة جدا بالنسبة للبلاد التونسية، فهو يمثل ضربا لمستقبل الدولة، وهو إعادة إنتاج للأمية في المجتمع وهو إعادة إنتاج يد عاملة غير مؤهلة ولظواهر اجتماعية خطيرة في المجتمع مثل الانحراف والادمان والتهريب والإرهاب إلى غير ذلك، وهذا في طبيعة الحال يمثل أحد الأسباب الرئيسية التي يعاني منها المجتمع التونسي جراء المنوال التنموي السائد الحالي والذي اضر بالمدرسة العمومية ووجهها نحو شرعنة خدمة التعليم، لان الدولة إلى حد الأن لم تتدخل لإيقاف النزيف الذي يضرب قطاع التعليم ومن بين مظاهره الانقطاع والعزوف المدرسي».
أما عن ارتفاع الظاهرة بعد الثورة أجاب محدثنا: «الأرقام مستقرة منذ مدة وهي ظاهرة موجودة قبل الثورة، لكن كانت هناك تغطية على نسب الفشل المدرسي في إجراءات مرتجلة. والآن، وبعد ان تم التخلي عن بعض هذه الإجراءات فان الظاهرة ارتفعت نسبيا رغم ان هناك تدخلا من الوزارة المعنية من أجل الحد من هذه المعضلة، لكنها ظاهرة موجودة بقوة وهي تعكس ليس فقط فشل الإدارة وانما المجتمع ككل في ايجاد حلول كفيلة بإدماج هؤلاء الأطفال في منظومة تربوية قادرة على إدماجهم وان توفر لهم المبادئ الأساسية التي يمكن ان نبني بها مجتمعا متوازنا وليس تعليمهم مبادئ الإقصاء والعنف وهو مع الأسف ما تقدمه اليوم المدرسة لجيل كامل من الأطفال وهم ضحايا المنظومة التربوية الفاشلة».

معضلة الانقطاع المدرسي ظاهرة تتصاعد أكثر من 100 ألف حالة تسرب مدرسي سنويا في تونس

روعة قاسم

كفتة البرغل

Posted: 30 Jun 2018 02:01 PM PDT

المقادير
5 أكواب عصير طماطم
ثلاثة فصوص ثوم
ثلاث ملاعق كبيرة سميد
2 بصل مفرومة
ملعقتان كبيرتان سمن
2 معلقة صغيرة نعناع (أخضر مفروم)
معلقة صغيرة ملح (أو حسب الرغبة)
معلقة صغيرة قرفة
كيلو لحمة مفرومة
معلقة صغيرة قشر ليمون
نصف كوب فطر (مقطع صغير للحشو)
نصف كوب برغل
نصف كوب بازلاء (مسلوقة للحشو)
نصف كوب جزر (مقطع ومسلوق للحشو)
نصف معلقة صغيرة فلفل أسود مطحون

طريقة التحضير

نغسل البرغل وننقعه في الماء لمدة ساعة ثم نصفيه جيدا بوضعه في مصفاة مع الضغط عليه باليد.
نخلط البصل مع اللحم ونتبله بالملح والفلفل وبشر الليمون والنعناع.
نفرم خليط اللحم والبصل مع إضافة البرغل ويخلط جيدا حتى يصبح ناعما.
نبلل اليد بالماء ونأخذ من العجين حجم ثمرة المشمش ثم نضغط عليها بإصبع الإبهام لتشكل كوبا صغيرا ثم نضع في داخله الخضر المسلوقة ونغلقها جيدا.
في إناء على نار متوسطة نضع البصلة مفرومة ونشوحها ثم نضيف الثوم مع التقليب.
نضيف عصير الطماطم ونتبل بالملح والفلفل.
ثم نضيف السميد ونقلب ثم نضيف الكفتة. ونتركها حتى تغلي ثم نخفف درجة الحرارة حتى تنضج الكفتة. نقدمها ساخنة مع أرز أبيض وسلطة.

كفتة البرغل
من المطبخ التركي

جهاز جديد لعلاج صعوبة التنفس لدى مرضى انتفاخ الرئة

Posted: 30 Jun 2018 02:01 PM PDT

وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA « على جهاز جديد، لعلاج المرضى الذين يعانون من صعوبة التنفس المرتبطة بمرض انتفاخ الرئة الشديد.
وأوضحت الهيئة، في بيان لها أمس السبت، أن الجهاز الجديد يطلق عليه اسم Zephyr Valve يستهدف الأشخاص الذين يعانون من انتفاخ الرئة ومن أعراض حادة لم تتحسن من تناول الأدوية.
وأضافت أن انتفاخ الرئة هو مرض رئوي يجد المصابون به صعوبة في التنفس خصوصًا عند الزفير، وهو أحد شكلين رئيسيين من الأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة والثاني الالتهاب الشعبي المزمن.
ويعاني معظم المصابين بالأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة من انتفاخ الرئة والالتهاب الشعبي المزمن، وتتميز هذه الأمراض بازدياد ضيق القصبات التي تصل الرئتين بالفم والأنف، ويعد سببًا أساسيًا للوفاة في البلدان الصناعية.
وأشارت الهيئة إلى أن الجهاز الجديد يوسّع الخيارات المتاحة للمرضى، وخاصة الذين يعانون من صعوبة التنفس، بعد جراحة الرئة، مثل خفض حجم الرئة أو زراعة الرئة.
وباستخدام منظار القصبات المرن، يضع الأطباء الجهاز الجديد، في جزء من الشعب الهوائية الرئوية، وهو مشابه في حجمه لمحايات قلم الرصاص.
ويهدف تصميم الجهاز إلى منع الهواء من دخول الأجزاء التالفة من الرئة، والسماح للهواء المحاصر والسوائل داخل الرئة بالخروج أثناء الاستنشاق.
وتمت تجربة فاعلية وسلامة الجهاز، عبر دراسة أجريت على 190 مريضًا يعانون من انتفاخ الرئة الشديد.
وفي هذه الدراسة، تم علاج 128 مريضًا بالجهاز الجديد، بالإضافة إلى الأدوية الأخرى التي يتناولها مرضى انتفاخ الرئة، فيما تلقى باقي المشاركين في الدراسة أدوية انتفاخ الرئة فقط دون الجهاز الجديد.
وبعد عام من العلاج، تحسنت وظائف الرئة لدى 47.7 في المئة ممن حصلوا على الجهاز، مقابل 16.8 في المئة من المرضى الذين لم يحصلوا على الجهاز.
وتشمل الآثار الجانبية الأكثر شيوعا للجهاز، الالتهاب الرئوي وتفاقم انتفاخ الرئة والسعال وضيق التنفس وألم في الصدر.
ووفقا للمراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية، فإن 3.5 مليون من البالغين الأمريكيين تم تشخيص إصابتهم بمرض انتفاخ الرئة. (الأناضول)

جهاز جديد لعلاج صعوبة التنفس لدى مرضى انتفاخ الرئة

المونديال السوري

Posted: 30 Jun 2018 02:00 PM PDT

المونديال السوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق