«معركة دمشق»: مأزق النظام ومخاطر الاستيهام Posted: 25 Mar 2017 03:16 PM PDT تبدو حال الكرّ والفرّ العسكرية، شرق وشمال العاصمة دمشق وفي محور جوبر ـ القابون وساحة العباسيين تحديداً؛ وكأنها تحديث جديد لخلاصة مشهد عسكري قديم نسبياً، حكم توازنات القوّة بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة منذ أواسط تموز (يوليو) 2012. آنذاك، للتذكير، كانت المواجهات العسكرية في إطار عمليات «بركان دمشق»، أو «زلزال سوريا»، قد أسفرت عن اشتباكات واسعة النطاق في أحياء الميدان وجوبر والقابون، ثمّ برزة والقدم وكفر سوسة والتضامن. وآنذاك، للتذكير أيضاً، جرى تفجير مقرّ «مكتب الأمن القومي» ومقتل عدد من كبار أركان النظام، أمثال آصف شوكت وهشام بختيار وحسن توركماني ومحمد الشعار وداود راجحة. هي، كذلك، حال تراكمت عناصرها خلال عدد من المواجهات العسكرية اللاحقة، التي يمكن تصنيفها تحت مسمّى «معركة دمشق»، بصفة عامة؛ ولكن في هذا المحور ذاته، جوبر ـ القابون، بصفة محددة: مطلع شباط (فبراير) 2013؛ نيسان (أبريل) 2015، في محيط مخيم اليرموك؛ وأيلول (سبتمبر) 2015، في تل كردي وعدرا وحرستا؛ ضمن معارك أخرى. ولعلّ الجديد الأبرز، في الحال الراهنة، هو المشاركة ـ الأشدّ كثافة، من أيّ وقت مضى ـ لوحدات «حزب الله» اللبناني، وميليشيات «حركة النجباء» و»لواء أبو الفضل العباس» العراقية، في القتال إلى جانب النظام، وهذا مؤشر على مأزق النظام؛ وغياب «جيش الإسلام» عن المشاركة في القتال، وهذا مؤشر على مأزق الفصائل المسلحة. الثابت، مع ذلك، أنّ هذه الجولات، حتى حين تبدو فارقة في معطيات عديدة، لا تنتهي إلى صناعة منعطفات كبرى في انقلاب الموازنات العسكرية بين النظام والمعارضة المسلحة؛ ولا تفرض، بالضرورة، تبدلاً متميزاً في أنساق «المزاج» الشعبي داخل العاصمة دمشق (في صفوف ما يُسمّى بـ»الأغلبية الصامتة»، خصوصا)، أو خارجها، هنا وهناك في الجغرافيا السورية المتقطعة؛ ثمّ على نطاق أقليمي، أو دولي. صحيح، في المقابل، أنها قد تضيف إلى طاولات المفاوضات، في استانة أو جنيف أو…، ورقة ضغط إضافية ما، لصالح المعارضة؛ إلا أنها لا تحمل جديداً ترجيحياً مؤثراً في الميزان القائم راهناً. ومن جانب آخر، إذا جاز أن تُوْضَع جولات مثل هذه في سياق أعرض هو «معركة العاصمة» (وهذه تسمية معقدة ومركبة، ومجازية ربما، لا تقتصر البتة على الفعل العسكري وحده)؛ فإنّ من الحكمة، والواقعية أيضاً، أن لا تُهدَر آثارها في طراز من حمّى التلهف على تحميلها أكثر، بكثير غالباً، مما تحتمل من مغزى ومعنى. واضح لكلّ ذي بصيرة أنّ وصول المواجهات إلى أطراف ساحة العباسيين كفيل بممارسة أقصى الضغوط على النظام، في المستويات السياسية والعسكرية والمعنوية. وهذا ما حدث، بالفعل، في مواجهات صيف 2012، حين أبدى النظام علامات متزايدة على مزيج من الذعر والارتباك والتوحش، فأقام طوقاً أمنياً حول الأحياء، ونشر وحدات من الحرس الجمهوري، واستخدم المدفعية الثقيلة من ذرى جبل قاسيون، وتولت الحوامات مهامّ الاستطلاع والإسناد الجوي، وبعض عمليات القصف العشوائي أيضاً. كذلك كانت المواجهات قد امتدت من حيّ الميدان إلى مناطق واسعة من الأحياء المجاورة، في التضامن، والزاهرة، ونهر عيشة، والعسالي، والقدم، والحجر الأسود؛ بالإضافة إلى حيّ الشاغور، التاريخي بدوره، وحيّ ركن الدين العريق. الخطوة التالية كانت اضطرار النظام إلى سحب وحدات كبيرة، ولكن منتقاة بعناية بالغة، من القوّات الموالية التي كانت منتشرة في الجولان المحتلّ (وبينها اللواء 90، في المثال الأبرز)؛ واستقدامها إلى محيط العاصمة وريف دمشق، ووضعها تحت تصرّف أركان الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري. ليس أقلّ وضوحاً، على الجانب الآخر، لدى فصائل المعارضة العسكرية، ولكن تلك السياسية أيضاً؛ أنّ التهليل المبكّر لانتصارات «نوعية»، أو الحديث عن «تحرير العاصمة»، يمكن أن يتكشف عن درجة قاتلة من خداع الذات، واستيهام الانتصار، وانقلاب الكرّ المؤقت إلى فرّ مستديم! «معركة دمشق»: مأزق النظام ومخاطر الاستيهام صبحي حديدي |
ذاكرة مدينة Posted: 25 Mar 2017 03:16 PM PDT وأنا أمر بمدينة بورتسودان، تلك المدينة الساحلية التي نشأت فيها، وعشت فيها أياما جيدة وغير جيدة معا، وأصبحت جزءا من الذاكرة التي امتصت بعد ذلك مدنا غيرها، كان لا بد أن أتلمس أماكني القديمة، الأماكن التي لا أنساها أبدا، وأتوقع برغم معرفتي، أن معظمها قد انمحى تماما من واقع المدينة، أنني سأجدها في مكانها، وبالطبع لن أجدها أبدا. والمدن القديمة، عموما، وبعد انتشار مرض الاستثمار، وعبارات مثل: وسط البلد، وموقع مميز، ولا يقدر بثمن، هوجمت في وسطها، وانتزعت تلك الأحشاء التي كانت متكأ للناس العاديين من الأجيال السابقة، لتصبح متكأ باهتا، وغير دافئ أبدا لأجيال ستأتي، ملوحة بلغة جديدة، تحت ظل الحيوات الجديدة. والذي سيفتتح مركزا للإنترنت في ذلك البرج الأزرق التجاري الضخم المواجه للمستشفى، مثلا، لن يتخيل أبدا أنه يفتتح تلك الحداثة في غرفتي وغرفة أبي وتلك الغرفة الصغيرة الملاصقة للمطبخ، التي كانت عامرة بالضيوف، لم تنقطع عنها الرجل أبدا، وربما ما تزال أنفاس من رقدوا فيها وغادروها إلى بعيد، موجودة. ولأن العمارات ذات الخطط التجارية، لا تقنع بمساحات البيوت الضيقة، فقد كانت السينما القديمة قد أدرجت ضمن خطة البرج الأزرق، تلك السينما التي كنا نطالع أفلامها من سطح بيتنا، ولن يتخيل أحد أبدا أنها كانت هناك، وكان لها مدير وموظفون ورواد، ظلوا يتتبعون أفلامها من عهد شامي كابور، وانتوني استيفن، وترينس هيل، والإيطالي الضخم الشرس، المضحك، بود سبنسر، الذي مات منذ فترة قليلة، ساحبا معه، رقعة كبير مما تبقى من مساحة الزمن الجميل. لقد تجولت في المدينة، أطالع التغيرات، وأندهش، والحقيقة ليس من المفترض أن أندهش، وإنما هو اندهاش التحسر على تلك الذاكرة المدينية، التي لم يرد لها أن تبقى، لتطرح تساؤلات مستقبلية، أو تتحاور مع الأجيال اللاحقة. فكل مكان هناك، وأعني مكانا له اسم وهيكل، وأشخاصا كانوا يزورونه، إنما هو مكان حي، يرتب أفعاله وأنفاسه، ويمنح عبقا ما، أو رطوبة ما أو حتى جرحا غائرا، لكنه في النهاية مكان مهم. البيوت الضيقة، الصغيرة، التي من حجر خشن، مغبر، كان يسكنها موظفون فاعلون في الخدمة المدنية، موظفون في مصلحة الجمارك، والصحة، والبلدية، والتربية والتعليم، مدراء مدارس لم تكن طموحات السكنى المرفهة جزءا من خططهم، ويسكنون ويعيشون بناء على تلك المعطيات الموحدة التي تجعل كل الأشياء شبيهة ببعضها. واللقم التي تتصيدها حلوق الضعفاء، هي ذاتها التي في حلوق الأغنياء، وحتى الفرق بين تذكرة الصفوة وتذكرة الشعب في دخول السينما كان قروشا قليلة، بحيث يمكن بسهولة أن يتغير الوضع، ويصبح رواد ما يسمى» اللوج»، هم أنفسهم رواد درجة الشعب. وقد كانت توجد في المدينة داران للسينما، واحدة هي التي كانت بقرب بيتنا والآن تشاركه المحنة، في ذات البرج الأزرق الجديد، وهي سينما الخواجة، والأخرى، هي سينما الشعب التي كانت قريبة من السوق، وموقف باصات الأحياء. لكن لو قسنا المسافة، وعدد الخطوات التي يمكن قطعها في تلك البقعة التي هي وسط البلد في ذلك الحين، لما وجدنا مسافة تحتاج إلى أن تقطع بين الدارين. والذين يأتون من الأحياء البعيدة، يمكنهم الذهاب إلى أي المكانين بسهولة بحسب الفيلم الذي تعرضانه، والتسكع بعد ذلك في الشوارع المحيطة بالمكان، وتبادل مفردات الحياة البسيطة، من دون أن ينظر أحد إلى شاشة هاتف نقال، أو يعبث بلوحته، وينفصل عن الحياة الاجتماعية، وهو داخلها. تجولت وتذكرت أن ثمة حيا كان هناك، قريبا من بيتنا، ويقع خلف المستشفى مباشرة، اسمه حي الممرضين، ويسكنه بالطبع ممرضو المستشفى، في تسهيل فذ من الإنكليز وما تلاهم من حكومات ما بعد الاستقلال، لجعل الممرض قريبا جدا من مكان وظيفته، وهو عنصر مهم في المنظومة العلاجية، بجانب الطبيب والصيدلاني بالطبع. البيوت كانت على مرمى حجر، وأي ممرض متزوج، يملك بيتا هناك، وخرج من تلك البيوت، كما خرج من بيوتنا، نحن، أشخاص كثيرون فاعلون، قاموا بأدوارهم في مسألة بناء الوطن بعد ذلك. ومن جيلنا، ما زلت أذكر الكثير من الزملاء، الذين تربينا معهم صغارا، وتبادلنا عراكات الأطفال وبكاءاتهم، وشكل ذلك الجو، خلفيات كثيرة لأعمال كتابية استوحيتها بعد ذلك. المدارس أيضا، المدارس التي كانت بيوتا أخرى، للتربية الحقيقية، حيث المدرس أب آخر، مشغول بتمكين طلابه من تفصيل أحذية جيدة لخوض وحل الحياة كلها، ويملك صلاحية أن يفعل أي شيء من أجل التربية. وبالطبع كان التعليم أساسا، لكن التربية تأتي قبله، وقد تذكرت وأنا أمر بالبناء المتداعي للمدرسة الشرقية التي كنت فيها ذات يوم، تلك التربية المزعجة التي تمنعك من دخول السينما، ودار الرياضة، لمشاهدة المباريات، والتسكع في السوق من دون غرض محدد، حيث كان ثمة معلمون من المدرسة، يوزعون أنفسهم في تلك البؤر مساء، ومن المتوقع أن تصادف أحدهم في أي مكان تذهب إليه، وتتعرض للعقوبة في اليوم التالي. وذكرت في كتابي «مرايا ساحلية»، المكتوب عن مدينة بورتسودان، في فترة ما، ذلك المدرس الذي كان يغشى الحفلات الصاخبة في الليل، على دراجته، لا لكي يطرب من غناء المغنين أو يقضي وقتا طيبا، وإنما ليرى إن كان ثمة تلميذ من تلاميذه هناك أم لا؟ وأظنني ذكرت أن أحد التلاميذ، شاهده في حفل زواج شقيقته ففر من العرس إلى داخل البيت، يرتجف انفعالا. كان شاطئ البحر، مسرحا آخر للذاكرة البعيدة، كان كبيرا وواسعا، ولا تستطيع العين تحديد طوله، وثمة معالم قليلة راسخة في المكانة، والهيبة، موجودة عليه: النادي العالمي، نادي الرماية، نادي الضباط، كافتيريا جنة الشاطئ، وربما مكانين آخرين أو ثلاثة. الآن شاطئ البحر بعيد جدا عن ذلك الشاطئ القديم، ومحشو بكثير من بهارات التجارة من مقاه، ومطاعم، وأماكن لبيع أي شيء، ونواد جديدة. وتلك البيوت الفخمة التي تواجه البحر من الناحية الأخرى للشارع، وكانت في ما مضى بيوتا للطبقة الراقية، أو مقرات لشركات لم نكن نعرف نشاطها بالتحديد، أيضا تغيرت كثيرا، وباتت بقعا استثمارية فذة، لنشاطات الحياة الجديدة. بالنسبة للأحياء القديمة، وأعني الأحياء التي ولدت بولادة المدينة، أو بعد ذلك بقليل، فقد طالها التغيير أيضا، ولم تعد البيوت الصغيرة، ذات الطابق الواحد، أو تلك المبنية بالخشب، تعني أحدا في هذا الزمان، فقد أمحت كل تلك المعطيات القديمة، نبت البناء الأسمنتي الذي داس على الذاكرة والذكريات. وقد رسم أخي فيصل تاج السر، مستعينا بذاكرته، تلك البيوت الأربعة عشر، أو بيوت «14»، كما كانت تسمى محليا، وتؤوي أربعة عشر فردا من موظفي الخدمة الكبار مع أسرهم، وضاعت أيضا في لجة التغيير، رسمها، معيدا لها مجدها القديم. المدن القديمة قدمها ليس عارا، وتحديثها لا ينبغي أن يكون بهذه الشراسة، وأعني أن من المفروض تحديث المدن فعلا، فقط بعيدا عن الوسط القديم، الذي من المفروض أن يترك وسطا قديما كما هو، وربما سيكون بؤرا للسياحة أكثر من الجديد، الفج، المتوفر في كل مكان في الدنيا، ويمكن إيجاده بلا مشقة، بعكس القديم الذي إن ضاع، ضاعت معه الذاكرة. كاتب سوداني ذاكرة مدينة أمير تاج السر |
هل تعزز تعهدات الإدارة الأمريكية مواقف حكومة العبادي؟ Posted: 25 Mar 2017 03:16 PM PDT بغداد ـ «القدس العربي»: بدأت ملامح سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه العراق في الاتضاح هذه الأيام على خلفية زيارة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى واشنطن ولقاءاته مع القيادات الأمريكية، بعد ان انتشرت التوقعات واكتنف الغموض ملامح تلك السياسة عقب مجيء الرئيس الجديد دونالد ترامب. وأبدت مصادر الحكومة العراقية تفاؤلها باعلان ترامب اصراره على القضاء على التنظيم المتطرف ورغبته في تطوير العلاقة مع بغداد، وذلك من خلال ما تم لمسه من ترحيب واهتمام كبير وتصريحات مشجعة تؤكد على زيادة زخم الدعم الأمريكي للحكومة العراقية في مختلف المجالات. وحرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقيادات الأمريكية على استغلال وجود العبادي في واشطن لإيصال رسائل عدة أولها استمرار الولايات المتحدة في قيادة التحالف الدولي للقضاء على تنظيم «الدولة» وبقوة وزخم أكثر مما كان الوضع عليه في فترة الإدارة السابقة، حيث أعلن ترامب للعبادي مواصلة تقديم الدعم في محاربة تنظيم «داعش» وتحشيد المجتمع الدولي لتحقيق هذه الغاية اضافة إلى تقديم الإغاثة للنازحين وإعادة الإعمار. كما عبر عن أسفه لانسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011. وهو الأمر الذي فسر تساؤلات المراقبين إزاء تزايد أعداد الجنود والمستشارين الأمريكيين العاملين مع القوات العراقية في الآونة الأخيرة. وأكد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إنه «يتعين على القوات الأمريكية البقاء في العراق بعد هزيمة داعش لمنع عودة وظهور الجماعة الإرهابية مجددا»، وانه «سيكون من الخطأ الرحيل عن العراق كما فعلت الولايات المتحدة عام 2011» ومنوها إلى أنه «لا يرى أي سبب للانسحاب من جديد من العراق ونعيد الدرس نفسه». وكذلك أشار وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون، إلى ان حكومته ستعمل على حل الخلافات السياسية بين القوى العراقية التي أدت لنمو داعش. وهي إشارة إلى ضرورة التوافق الوطني واشراك المكونات العراقية كلها في القرار العراقي بعيدا عن التهميش والاقصاء. ما بعد تنظيم «الدولة» وجاءت رسالة مجلس الكونغرس إلى ترامب لتلقي المزيد من الضوء على سياسة الإدارة الجديدة عندما طلبت من الرئيس تقديم المزيد من الدعم للعراق والاهتمام باستقراره في مرحلة ما بعد تنظيم «داعش» وخاصة ما يتعلق باعمار المناطق المدمرة وتشجيع الحكومة العراقية على اتباع سياسة اللامركزية في المحافظات، والسعي لنزع سلاح الميليشيات الموالية لإيران. وهذه المواضيع تؤكد رغبة الإدارة الأمريكية في اعادة ترتيب أوضاع العراق بما يضمن استقراره وابعاد فتيل الأزمة بين المكونات التي كانت أهم أسباب بروز التنظيمات المتشددة مثل «القاعدة» و«داعش». وكان العبادي مدركا للمخاوف الأمريكية، لذا حاول في لقاءاته مع النخب الأمريكية إعلان عدم السماح بوجود السلاح خارج الدولة وان الحشد الشعبي خاضع لأوامره وانه لن يسمح له بالمشاركة في الانتخابات المقبلة، كما كرر محاربته للفساد الذي اعتبره أخطر من الإرهاب وانه كان أحد أسباب سيطرة «داعش» على مناطق واسعة من العراق. ورغم عدم وضوح مدى قدرة رئيس الحكومة على التعامل مع ملفات حساسة مثل لجم الميليشيات المدعومة من إيران ومواجهة حيتان الفساد ذات النفوذ القوي، إلا ان الدعم الأمريكي الواضح له، قد يكون مشجعا للعبادي لتنفيذ المزيد من الإجراءات في هذا الشأن. وتعزز موقف العبادي أكثر عندما وعدت الدول الـ68 المنضوية في إطار تحالف عسكري تقوده واشنطن ضد مقاتلي «الدولة» في سوريا والعراق، بالاستمرار في مساعي القضاء على «التهديد العالمي» للتنظيم، وذلك خلال اجتماع تلك الدول في واشنطن بحضور العبادي. وأكد البيان الختامي لهذا الاجتماع أن دول التحالف «متحدة في تصميمها على القضاء على هذا التهديد العالمي». وبشكل عام، يمكن اعتبار نتائج زيارة العبادي إلى الولايات المتحدة تعزيزا لموقفه بمواجهة التحديات الكثيرة التي تواجه حكومته سواء في الحصول على المزيد من الدعم في المجالات الأمنية والاقتصادية، إضافة إلى منحه القوة للوقوف في وجه مثيري الأزمات أمام حكومته من الخصوم وخاصة ضمن التحالف الشيعي. وفي شأن آخر، وعلى الجانب العسكري، تواصل القوات العراقية تقدمها لانتزاع المزيد من أحياء الجانب الغربي من الموصل من تنظيم «الدولة» وتأكد انهيار قدراته على ايقاف تقدم تلك القوات، وسط تزايد صعوبات المعركة ليس بسبب شراسة التنظيم في الدفاع عن مواقعه الأخيرة في المدينة فحسب، بل وللتحدي الإنساني في مأساة السكان المحاصرين بين نيران المقاتلين وضراوة الجوع والبرد وسقوط المزيد من المدنيين جراء القصف وصعوبة خروجهم من دورهم نحو المناطق المحررة بسبب عرقلة التنظيم لخروجهم واتخاذهم دروعا بشرية. وكشفت تقارير منظمات الاغاثة المحلية والدولية، حجم المعاناة والتقصير في التعامل مع هذه المأساة الإنسانية المؤلمة، مع إطلاق التحذيرات من ان «القادم سيكون أسوأ» كلما استمر تضييق الحصار على المدينة ووصول القوات إلى الأحياء القديمة التي تتعرض إلى دمار واسع نتيجة القصف والتفجيرات المتبادلة. وتأتي كل هذه التطورات بالتزامن مع استمرار التظاهرات الحاشدة المطالبة بالاصلاحات ومحاربة حيتان الفساد التي نظمها التيار الصدري والتي كشف فيها مقتدى الصدر تعرضه لتهديدات بالتصفية، داعيا الشعب العراقي إلى الاصرار على المضي في ثورة الاصلاح ومحاربة الفاسدين، كحل لا بد منه لأزمات العراق الآن ومستقبلا وللتوجه نحو التغيير المنشود. هل تعزز تعهدات الإدارة الأمريكية مواقف حكومة العبادي؟ مصطفى العبيدي |
ليبيا: استفاقة المجتمع المدني هل تجعل منه قوة ثالثة؟ Posted: 25 Mar 2017 03:15 PM PDT تحرك الشارع في العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الأخيرة، في صرخة غضب، مُبرهنا على كونه لم يمُت مثلما اعتقد البعض. استهدف المتظاهرون الميليشيات التي غدت دويلات تتحكم تماما بأحياء المدينة، في غياب مؤسسات الدولة المشلولة منذ 2014. وطالب المتظاهرون في ميدان الشهداء بإخراج المسلحين من العاصمة، لكن الأهم أنهم طالبوا بجيش وشرطة (كان شعارهم «نبو جيش ونبو شرطة» أي نُريد جيشا ونريد شرطة)، وهو مطلب اعتبر البعض أنه يصبُ الماء في طاحونة الجنرال خليفة حفتر. لكن رفع هذا الشعار يعني أولا الإيمان بأحقية الدولة في احتكار العنف الشرعي وضبط النظام العام، وإن كان حفتر استثمره أيضا للقول بأن الجيش الذي يُريده المتظاهرون هو جيشه. غير أن وصول جيش حفتر إلى العاصمة أمرٌ بعيد المنال بسبب غياب التغطية الجوية وصعوبة ضمان التموين والإمداد لقوات تبعد ألف كيلومتر عن قواعدها الخلفية. الأهم من ذلك أن متظاهرين سلميين تصدوا مرة أخرى لمُسلحي الميليشيات في قلب العاصمة بصدور عارية، وأن الميليشيات أطلقت عليهم النار، مثلما فعلت في الماضي، لأنها لا تعرف لغة أخرى سوى لغة القتل، ما أدى إلى جرح واعتقال العشرات. ففي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 فتح أيضا عناصر الميليشيات النار على المتظاهرين ضد حكومة علي زيدان في ضاحية غرغور، وكان المُحــتجون يحملون رايات بيضاء فقُتل منهم 43 مواطنا وجُرح أكثر من 160. وتكرر هذا السيناريو في حزيران/يونيو الماضي. إحراج للمجلس الرئاسي زاد هذا الرد العنيف من حرج المجلس الرئاسي، الذي لم يجد لديه الطرابلسيون حضنا آمنا يحميهم من سطوة المسلحين وجبروتهم. ورفعا للحرج طلب المجلس الرئاسي من النائب العام فتح تحقيق حول تعرض المتظاهرين لإطلاق النار في ميدان الشهداء، إلا أن نتائج التحقيق ستُدفن في الأدراج مثل سابقيه، لأن المجلس الرئاسي لا يملك القوة لتنفيذ القرارات القضائية، هذا إذا تجاسر المُحققون على الكشف عن الفاعلين الحقيقيين، سواء من أعطى الأوامر أم من نفذها. والغريب أن بيان المجلس الرئاسي حض المواطنين على «ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفتن التي من شأنها إدخال العاصمة في حمام دم»، وكأنه يطلب من المتظاهرين أن يُخلوا المجال للميليشيات، بالرغم من أن البيان أكد على الحق في حرية التعبير بالطرق السلمية. الجانب المُهم في هذا التطور المفاجئ داخل العاصمة هو أنه مؤشرٌ على استفاقة المجتمع المدني، الذي تعرض لحملات ترهيب وتصفية شاملة كسرت الزخم الذي انطلق مع انتفاضة 17 شباط/فبراير 2011. ولوحظت بعد سلسلة الاغتيالات، التي طالت شخصيات عامة، من بينها المحامية البارزة سلوى بوقعيقيس والوجه السياسي والحقوقي المعروف عبد السلام المسماري والناشطة المدنية انتصار الحصايري، موجة انحسار عامة للجمعيات والمنظمات الأهلية التي تفككت واندثر كثيرٌ منها، بعد اندلاع الصراع بين «فجر ليبيا» وعملية «الكرامة» في 2014. كان العدد التقديري المتداول للجمعيات الأهلية يُراوحُ بين 1800 و1900 منظمة وجمعية منتشرة في كل ربوع البلد، بعدما كان عددها لا يتجاوز 95 جمعية (غير مستقلة) في عهد معمر القذافي. أما اليوم فتدلُ جميع المؤشرات على تراجع ذاك الزخم، إذ توقفت غالبية الجمعيات عن العمل وتفرق أعضاؤها. الإعلام حلقة مفقودة كان لاحتجاب كثير من الصحف وتوقف محطات إذاعية وقنوات تلفزيونية عن البث في السنتين الأخيرتين أثرٌ كبير في تراجع دور الإعلام التحفيزي والتنويري، لاسيما في ظل أزمة وسائل الإعلام العامة ما أتاح للقنوات الخاصة استقطاب المشاهدين وخدمة أجندات سياسية لا تتطابق مع رسالة المجتمع المدني. وفي هذا السياق حذر «المركز الليبي لحرية الصحافة» من التحريض في وسائل الإعلام مُعتبرا أن الأخيرة «لا تدعم السلم المجتمعي وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بقدر ما تلعب دورا سلبيا، خصوصا في ظل غياب التنظيم الهيكلي والقانوني لقطاع الإعلام»، ومنتقدا بشدة «الخروق التي يرتكبها الصحافيون سواء باعتماد خطاب التحريض والكراهية أم التعاطي بشكل غير مهني مع قضايا الإرهاب والنزاعات المسلحة». مع ذلك تدلُ التعبئة التي أتاحت خروج الآلاف إلى شوارع طرابلس على أن نبض المجتمع المدني ما زال حيا في المدينة، وأن السكان وصلوا إلى أقصى ما في قُدرتهم على تحمُل الاشتباكات المتتالية بين الميليشيات وسط المباني السكنية، والشوارع المكتظة بالأهالي، في كل من حي الأندلس وقرجي وغوط الشعال وقرقارش، مع استخدام الأسلحة المتوسطة والثقيلة في تلك المعارك. قبل ذلك خرج المتظاهرون في الأول من حزيران/يونيو الماضي إلى شوارع طرابلس احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية وخاصة انقطاع الكهرباء وشح السيولة في المصارف، وشكلت المظاهرات بدورها علامة على يقظة المجتمع المدني واستعادة ثقته في نفسه. أليست عودة الحيوية هذه مُقدمة لتنامي دور المجتمع المدني وإسهامه في تحقيق ما عجزت عن إنجازه الحكومات الثلاث، عن طريق تعزيز دور الجمعيات والمراصد ووسائل الرقابة المجتمعية؟ واستطرادا ألا يمكن أن يشكل المجتمع المدني في المستقبل القوة الثالثة التي تحسم الصراع بين الجنرال حفتر والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق؟ المحكُ الذي ينبغي اعتمادُهُ لاختبار مدى قوة المجتمع المدني وقدرته على توجيه الأحداث هو بلا شك إنهاءُ المظاهر المسلحة في العاصمة، وإخراج الميليشيات منها إلى معسكرات بعيدة عن التجمعات السكنية، ومعاقبة المخالفين. وهذه الخطوة تحتاج إلى اتفاق ليبي-اقليمي-دولي على إنهاء المظاهر المسلحة في المدن، تنفيذا للترتيبات التي نص عليها الاتفاق السياسي، وهنا يمكن أن يلعب المجتمع المدني دورا مؤازرا ومُكملا لدور الدولة. ليبيا: استفاقة المجتمع المدني هل تجعل منه قوة ثالثة؟ رشيد خشانة |
الأردن: «الوزير الملاكم» آخر موجة في الانفعال النخبوي الذي يجتاح المواطنين Posted: 25 Mar 2017 03:15 PM PDT عمان ـ «القدس العربي»: عراك الأيدي الذي شهدته عمان منتصف الأسبوع الماضي بين وزير الزراعة المهندس خالد حنيفات ورئيس اتحاد المزارعين عدنان الخدام داخل جناح مكتب الوزير، لا يمكن تصنيفه فقط في إطار البوم الاحتكاكات الشخصية أو الجهوية التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر. ولا يمكن تصنيف وجبة الانفعال التي دفعت الوزير للاشتباك بالأيدي مع ممثل المزارعين مع أشرطة فيديو تتضمن ركلا وصفعا ضمن السياق نفسه فقط، فالمسألة تعكس حجم التوتر الذي يعيشه رموز كل القطاعات وحتى رموز المسؤولية والدولة بسبب حدة الأزمة الاقتصادية. الحادثة التي انتهت على الطريقة الأردنية التقليدية حيث وسطاء عشائريون خارج النطاق القانوني تكشف أيضا عن أزمة الإدارة والحكم عند المسؤولين الذين لا يملكون لأسباب خارج إدارتهم الأجوبة الدقيقة على أسئلة الحاجة أو الأزمة التي تطرح عليهم هنا وهناك حتى عندما يتعلق الأمر بصلب عمل وزاراتهم. عمليا يمكن إحتواء حادثة من هذا النوع حتى بعدما راجت على وسائط التواصل صفة اللقب الذي أطلقه النشطاء على الوزير حنيفات وهو «الوزير الملاكم». لكن الأهم انها سلطت الضوء أو تسلطه على ما يعانيه القطاع الزراعي الأردني في مرحلة الأزمة الاقتصادية حيث توقف الأردنيون عن الزراعة كما قال بصورة علنية البرلماني والناشط السياسي مبارك ابو يامين ليس فقط لان امكانات التصدير للخارج عندما يتعلق الأمر بالمنتج الزراعي تحديدا تقلصت أو تكاد تكون منعدمة، ولكن أيضا لأسباب سياسية أبرزها وأهمها إغلاق الحدود الأردنية مع كل من العراق وسوريا لأسباب أمنية والتعقيدات التي ترتبها المملكة السعودية المجاورة عندما يتعلق الأمر بصادرات الخضار والفاكهة الأردنية. بمعنى آخر تجارة المنتجات الزراعية مضروبة تماما لأسباب سياسية أيضا ومتأثرة سلبا بطبيعة الحال بمناخات الطقس حيث تقل معدلات الأمطار ومخزونات السدود عن معدلها المطلوب منذ سنوات أربع وبشكل متراكم. المزارعون لا تتوقف معاناتهم عند هذا الحد، فقد ضربت أطراف تجارتهم وزراعتهم حمى الأسعار والضرائب التي تفاعلت وانفعلت على أكثر من سياق وبأكثر من طريقة مؤخرا ضمن ما تسميه حكومة الرئيس هاني الملقي بمشروع الاصلاح الاقتصادي. لا يتم تعويض المزارعين بصورة منصفة، والكثير من الضرائب والأسعار رفعت على مدخلات الإنتاج الزراعي بما في ذلك أسعار العبوات والبذور والمياه. ظروف المسار الضرائبي والطقس وإغلاق الحدود وندرة التصدير عناصر تحالفت ضد صغار المزارعين وأخرجت طبقة المزارعين الوسطى من سوق التصدير وتسببت بخسائر كبيرة فيما بقي كبار المزارعين من ذوي النفوذ السياسي قادرون على المناورة والمبادرة ويواجهون خسائر أقل في تجارتهم. طبعا الضرر الذي لحق بقطاع الإنتاج الزراعي انعكس أيضا على المواطن لأن أسعار الخضار والفاكهة التي كانت متاحة ومعقولة ارتفعت وقد حذر ابو يامين بصفته قريبا من قطاع المزارعين من ان الأردني لم يعد يزرع معتبرا في شروح لـ«القدس العربي» ان هذه المسألة حساسة وعميقة وتدخل في نطاق الأمن الاستراتيجي والوطني والغذائي وليس من الحكمة قراءتها فقط في سياق قطاع يتضرر والحكومة تحاول مناقشته. المناقشة الأخيرة بين الوزير وأركان وزارة الزراعة ووفد اتحاد المزارعين ظهر انها عنيفة ومحتدة وانتهت باستدعاء سيارة الاسعاف لنقل كبير ممثلي اتحاد المزارعين الذي تعرض فيما يبدو للاشتباك والضرب داخل مكتب الوزير في مشهد لا يمكن إلا تصنيفه ضمن سياقات الحدة والانفعال التي تجتاح الجميع بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية في بلد مثل الأردن. بطبيعة الحال يظهر مشهد من هذا النوع ان الفرصة مواتية دوما لشعور نخب كثيرة في قطاعات متعددة في السوق بان طريقة ووسيلة الإدارة الحكومية لا تحترم مصالح الآخرين ولا تصغى لمعاناتهم خصوصا في ظل الأنباء عن توقف مئات المزارعين عن العمل وإغلاق مزارعهم إضافة إلى ان أكثر من ألفي منشأة اقتصادية وتجارية وصناعية في المملكة خرجت من السوق بسبب الركود والأزمة الاقتصادية الأخيرة. تتوسع في الأثناء مشاعر الغضب والقلق على المصالح ليس فقط عند المزارعين بل عند ممثلي قطاعات مختلفة لا يوجد لديهم مشكلة مع وجود أزمات أو مشكلات بقدر ما لديهم مشكلة مع الإصرار الرسمي على مراكمة الأزمات وتجنب الطرق الواضحة للحلول والمعالجات كما يلمح عضو البرلمان السابق ميشيل حجازين. حجازين وآخرون من قيادات العمل السياسي والشعبي لديهم تصورات عن إدارة حكومية ترفض استيعاب الأزمات عندما تحصل بقدر ما تراكم عليها وتزيدها تعقيدا بصورة تنقل المشكلات من مستوى التعقيد والتراكم إلى مستوى الاستعصاء الفعلي. مقابل أخطاء في الإدارة وانفعال وعشوائية في القرارات تتكسب طبقة من الرموز البديلة وتتقاسم ما تبقى من كعكة المناصب والمصالح في ظل أزمة مالية تخنق الجميع فيما ينمو شعور الضحايا من كل الفئات بأن نخب الإدارة وأحيانا نخب الحكم تكتفي بالمغنم ولا تشارك في المغرم الوطني. تلك معادلة تبدو عصية على الفهم وخارجة عن المألوف الأردني لكنها تحكم انفعالات الواقع الموضوعي اليوم ويمكن ببساطة تصنيفها ورصدها تحت سياق أو في إطار تداعيات الأزمة المالية وضعف وندرة المصالح التي تحظى بها دوما شريحة محددة من المحظيين والنافذين فيما يزيد عدد المتضررين ويتراكم الضحايا وترتفع بعض الأصوات التي يختصر حجازين وصحبه رسالتها وهو يقول «نريد ان نعيش نحن أيضا». عليه تصبح حادثة العراك بين وزير الزراعة ورئيس اتحاد المزارعين ليست معزولة عن سياق عام من التوتر والحيرة يجتاح الجميع. الأردن: «الوزير الملاكم» آخر موجة في الانفعال النخبوي الذي يجتاح المواطنين بسام البدارين |
«معركة دمشق»: جولة جديدة في حرب طويلة Posted: 25 Mar 2017 03:15 PM PDT تتواصل المواجهات بين المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام السوري، مدعومة بوحدات «حزب الله» والميليشيات المذهبية العراقية، في محور جوبر ـ القابون وساحة العباسيين، شرق العاصمة دمشق. وإذا كان مبدأ الكرّ والفرّ هو السائد في الاشتباكات الراهنة، فإنّ «معركة دمشق» المستقبلية تظلّ طويلة ومعقدة، تتعدد جولاتها وتتزايد أطرافها. (ملف حدث الأسبوع، ص 6 ـ 13) «معركة دمشق»: جولة جديدة في حرب طويلة |
قدرات النظام السوري والمعارضة على فتح جبهات متعددة Posted: 25 Mar 2017 03:14 PM PDT ركزّت الاستراتيجيات القتالية لقوات النظام السوري والقوات الحليفة على تقليل الجبهات القتالية إلى حدها الأدنى نتيجة النقص الحاد في أعداد المجندين في صفوفه واتساع رقعة القتال وتعدد الجبهات وتباعدها. ويعتمد النظام في الإبقاء على مجموعات مسلحة شبه عسكرية، قوات الدفاع الوطني والميليشيات الشيعية، في مناطق متدنية الأهمية لاستراتيجيات قيادات النظام والمستشارين الروس والإيرانيين على صعيد الجغرافية الحيوية أو الأهمية العسكرية. واستفاد النظام كثيراً من اتفاقيات الهدنة والمصالحات المناطقية في ريف دمشق لتفريغها من المسلحين تحت مسمى «تسوية أوضاع المسلحين» والتي بموجبها يتم سحب أسلحتهم وتهجيرهم إلى محافظات أخرى لتخفيف المخاطر والحد من التهديدات التي يُمكن أن تتعرض لها العاصمة دمشق، مركز الحكم. كما أنّ هذه التسويات تعني انتهاء العمليات القتالية والتي تُتيح الفرصة للنظام لترشيد استخدام العنصر البشري والمناورة بقواته في الجبهات الأخرى. في مقابل ذلك، يمكن لفصائل المعارضة المسلحة العمل على أكثر من جبهةٍ قتاليةٍ في وقتٍ واحد لإرباك قوات النظام الذي يتعذر عليه القتال على جبهات متعددة بكفاءة مقاربة لقتاله في جبهة واحدة أو جبهتين إثنتين. وأشارت تقارير إلى انتقال فوج المغاوير وعدد من وحدات الفيلق الخامس من محور تدمر، وانتقال قوات النمر من ريف حلب الشرقي إلى جبهة ريف حماة التي فتحتها المعارضة المسلحة بعد يومين من معركة دمشق وسيطرت على بلدة وعدة قرى وعشرات النقاط والحواجز، كما اضطرات قوات النظام إلى سحب لواء الجولان من محور معارك تدمر إلى محور معارك حي جوبر في دمشق. هناك ثمّة جبهات متعددة يمكن للمعارضة المسلحة فتحها في توقيت واحد أثبتت الأحداث الأخيرة إمكانية ذلك خلافا لما كان شائعا بافتقار المعارضة المسلحة للقدرات العددية والتسليحية لفتح أكثر من جبهة. وتتوزع قوات المعارضة على جغرافيات واسعة تشمل معظم خطوط التماس مع قوات النظام في مناطق سيطرته، فيما يتركز معظم الجهد القتالي لقوات النظام على جبهات ريفي درعا الشرقي والغربي والغوطة الشرقية في حرستا وحزرما، وعلى جبهات الساحل والقلمونين الشرقي والغربي، إضافة إلى جبهة بلدة تادف شرق مدينة الباب شمال حلب. تُشير وقائع السنوات الأخيرة من الصراع السوري المسلح إلى عجز واضح لدى قوات النظام في القتال على أكثر من جبهة قتالية واسعة في الوقت نفسه، لكنّ التدخل العسكري الروسي في صيف 2015 أعطى لقوات النظام فرصة لتجديد حيوية قواته التي كانت على وشك الانهيار، وفقاً لتصريحات أدلى بها الرئيس السوري بشار الأسد في تموز/يوليو2015 قال فيها «أن الجيش السوري قد تعبْ». كما شهدت الساحة السورية نشاطات لمجموعات شيعية مسلحة وفدت إليها من العراق ولبنان وأفغانستان، ومن إيران أيضاً بصفة مستشارين في الحرس الثوري. ومُنذ التدخل العسكري الروسي اعتمد النظام استراتيجية إعادة إخضاع المناطق حول العاصمة إلى سيطرته، وقد حقق نجاحات متواصلة بدءا من بلدات سحم ويلدا وغيرهما جنوب العاصمة وداريا والمعضمية ووادي بردى في الغوطة الغربية مروراً بالهامة وقدسيا ومنطقة التل وصولا إلى الغوطة الشرقية التي ظلت تنفرد باشتباكات متواصلة ضمن حدود الدفاع عن المناطق وسكانها، وقد زادت مساحات سيطرة قوات النظام في مناطق ريف دمشق ولم تخسر أي مساحة معتبرة طيلة نحو عامين. هشاشة دفاعات النظام في المعايير العسكرية، أفصحت المعارك في شرق العاصمة عن هشاشة دفاعات وتحصينات النظام التي انهارت بشكل غير متوقع خلال الساعات الأولى للعملية العسكرية قبل أن تستعيد هذه القوات توازنها ثانية بجلب تعزيزات إضافية وتدخل الطيران الحربي، لكنّ معركة دمشق قد لا تعني الكثير في استراتيجيات النظام لتأمين محيط العاصمة وتحصينها وإبعاد المعارضة المسلحة عنه وإجراء تغييرات في التركيبة السكانية، باستثناء إعادة النظر في أولويات المناطق التي يستعيد النظام سيطرته عليها وفقاً لحسابات خاصة تتعلق بحجم القوات المدافعة عنها، واستعداد الفصائل والشخصيات الفاعلة للمصالحة مع النظام الذي يستخدم القوة المفرطة في إرغامهم على القبول بالهدن والمصالحات. نهاية شباط/فبراير سيطرت وحدات من الجيش السوري على الأجزاء الشمالية والشمالية الغربية من مزارع حي القابون، شمال شرقي العاصمة، مع غارات مكثفة استهدفت الأحياء السكنية في الحي المتاخم لحي برزة الذي يخضع هو الآخر لسيطرة المعارضة المسلحة التي رفضت مهلة زمنية حددها الجيش لتسوية أوضاع المسلحين، كما حدث قبل أسابيع في منطقة التل القريبة من حي برزة والتي وافقت الفصائل على إخراج المسلحين والقبول بالمصالحة مع النظام. واستهدفت قوات النظام من خلال هجومها على مزارع حي القابون السيطرة على كامل حيي القابون وبرزة لربط الأطراف الشمالية الشرقية للعاصمة مع الغوطة الشرقية، لكنها فشلت في تحقيق هدفها واكتفت بسيطرتها على بعض الأجزاء التي تحوي مداخل ومخارج الأنفاق التي تربط حي القابون مع حي جوبر لتضييق الحصار وإرغام الفصائل على القبول بالتسوية مع النظام وتسليم أسلحتهم ومغادرتهم إلى محافظات أخرى، وهي استراتيجية ناجحة طبقها النظام في عشرات المناطق بريف دمشق. ما لم تواصل المعارضة المسلحة معركتها المتداخلة الهجومية الدفاعية في محيط دمشق بما لا يعطي أيّ فرصة لقوات النظام لإعادة ترتيب صفوفها ثانية بعد حالة الإرباك التي أصابتها، فمن المؤكد أن النظام سيقوم بصياغة أولويات زمنية تعطي الأسبقية لإدخال الغوطة الشرقية في المدى القريب ضمن استراتيجياته لاستعادة السيطرة عليها في إطار استراتيجية أشمل لاستعادة السيطرة على كامل جغرافية الأراضي السورية؛ ولتحقيق ذلك قد يستعين بالطيران الحربي الروسي أو القاذفات الاستراتيجية في مرحلة لاحقة تتوقف على قدرة المعارضة المسلحة في مواجهة النظام والدفاع عن مناطقهم، خاصة ان هذه المعركة رسمت خطوط تماس جديدة وضعت مركز الحكم في دائرة التهديد. قياساً إلى معارك سابقة مماثلة في حلب ودرعا وحماة وغيرها، يبدو من الصعوبة بمكان التكهن باستمرار قتال الفصائل لفترات زمنية لاحقة بشكل متواصل، سواء في جبهة حماة أو جبهة دمشق التي افتتحتها هيئة تحرير الشام في 19 آذار/مارس بتفجير سيارتين مفخختين على مراكز القيادة والسيطرة لقوات النظام في حي جوبر، شرق مركز العاصمة، مع هجوم لعدد من «الانغماسين» على مواقع أخرى هاجــمــتـها مجمــوعات مسلحة من فيلق الرحمن، أحد أهم فصائل المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية. سيبقى السؤال الأكبر، هل سيكون مصير الأحياء الشرقية للعاصمة دمشق شبيها لمصير مدن وبلدات مثل حلب وغيرها تؤول بعد معارك كبرى إلى إعادة سيطرة قوات النظام على تلك الأحياء وإرغام المسلحين والسكان المؤيدين للثورة على النزوح منها بدعم روسي إيراني مشترك، ولا مبالاة دول إقليمية مثل تركيا وأخرى عربية معنية بالأزمة السورية، ومباركة أوروبية أمريكية غير معلنة يمكن استشعارها من موقف الصمت حيال أزماتٍ سورية مشابهة؟ قدرات النظام السوري والمعارضة على فتح جبهات متعددة رائد الحامد |
لماذا تبدو فرص المعارضة محدودة في تحقيق تقدم في ريف دمشق؟ Posted: 25 Mar 2017 03:14 PM PDT قادت هيئة تحرير الشام مع حلفائها هجومين على قوات النظام في ريفي حماة ودمشق، وكان من الممكن ومنذ البداية توقع محدودية تأثير تلك الهجمات على مراكز سلطة النظام في مدينتي حماة ودمشق بالنظر لعدة عوامل ظلت تتحكم في مديات وفرص المعارضة المسلحة على مدى سنوات النزاع المسلح الخمس الماضية. لكن الملفت ان هجوم ريف دمشق في جوبر، القابون على تخوم ساحة العباسيين التي لم تتمكن المعارضة المسلحة من السيطرة عليها ولا مرة في السنوات الماضية، هذا الهجوم تم اجهاضه بصورة أسرع مما كان متوقعا، ولعل ذلك يرجع لعدة اعتبارات، منها ان جيش الإسلام أكبر فصائل الغوطة في دوما (وان عدديا) لم يشارك في العملية، بل انه لم يكن يعلم بها حسبما صرح، ليقود العملية منافسه في الريف الشرقي فيلق الرحمن والنصرة باسمها الجديد للمرة الثالثة «تحرير الشام». ورغم ان تحالف النصرة في سوريا المشكل من مجموعات جهادية في الغالب، بات هو القوة العسكرية الأكثر تنظيما وتأثيرا في العمليات ضد النظام في العامين الأخيرين، إلا انه لا يملك امكانيات كبيرة لتنظيم هجوم فعال بريف دمشق كتلك التي يملكها في جيب ادلب وريف حماة، فهو لا يملك هيمنة على فصائل ساحة الريف الدمشقي الشرقية بوجود جيش الإسلام الذي يرتبط معه بعلاقة طالما كانت مأزومة مع النصرة والجهاديين، فكريا وتنظيميا، والأمر نفسه مع باقي فصائل الغوطة المتنازعة فيما بينها كجيش الامة الذي اعـــدم قائده بسجون جيش الإسلام قبل ان يتلاشى. وبسبب هذه الخريطة المشتبكة لفصائل الريف الدمشقي التي تتوزع فيها السيطرة على المناطق كالاقطاعيات تبدو فرص تكوين جسد عسكري يفكر برأس واحد في الغوطة مستحيلة، وهكذا فان وضعا فوضويا كهذا ظل ينهك قوى المعارضة بسوريا على مدى خمس سنوات لا يمكن ان ينتج قوة عسكرية مؤهلة لمواجهة النظام وحلفائه من الميليشيات الذين ينتظمون في النهاية في مرجعية قرار عسكري وسياسي واحدة. الأمر الثاني يذهب بالخريطة الفوضوية السابقة نفسها لكن على المستوى السياسي وليس فقط العسكري، فبينما تصر المجموعات الجهادية على خيار المواجهة المسلحة فان مجموعات الجيش الحر المحدودة التأثير اجمالا في مناطق المعارضة، انخرطت في طريق التسوية السلمية ووصلت لمرحلة تسليم مناطق كاملة بالريف الدمشقي للنظام ضمن تسويات بعد الحصار، فالخيار العسكري لم يعد مرجحا لدى فصائل مرتبطة بحكومات الدعم العربية ومنها جيش الإسلام، وهو فصيل يقود ممثله فريق التفاوض المتواضع مع النظام في جنيف، وسبق للدولة الداعمة الأساسية لجيش الإسلام وهي السعودية ان أعلنت على لسان وزير خارجيتها الجبير انهم يقبلون ببقاء مؤسسات الدولة السورية وبضمنها الجيش الحكومي، وتركيا التي ترتبط بعلاقة وطيدة ببعض فصائل الحر والفصائل الإسلاموية ومنها جيش الإسلام بالتنسيق مع الولايات المتحدة، أعلنت على لسان وزير خارجيتها موقفا يعطي شرعية واضحة لقوات النظام، انها لا تمانع في سيطرة جيش النظام على الأراضي السورية ومنها منبج، فكيف يمكن تصور ان فصيلا منخرطا في هكذا مشروع تسوية سيكون متحمسا ومهيئا لمواجهة عسكرية جادة مع النظام وهو يسيطر على مقدرات أكبر كتلة سكانية للمعارضة على تخوم دمشق؟ لقد أدى الانخراط في مشروع التسوية مع النظام، ان كان من خلال الدول العربية أو التواصل مباشرة مع النظام، إلى ان يصبح هذا الجيب في الريف الدمشقي في حال أشبه بالهدنة، وهكذا فانه لا يمكن ان تكون العاصمة دمشق مهددة فعلا بوجود هكذا قوى مسلحة لم تعد تؤمن كثيرا بلغة السلاح، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها النظام والتي ما زال يتحدث بها الأسد في المفاوضات، ولا يمكن توقع تحقيق شيء يذكر من شن هجمات «موسمية» كل عام أو نصف عام على قوات النظام المرتاح نسبيا في دمشق، والقول انها ستهدد فجأة قصر الأسد في العاصمة دمشق الأكثر تحصينا، بينما دلت أمثلة أخرى انه ورغم سيطرة فصائل أكثر قوة وتنظيما على نصف حلب المدينة فإنها عجزت عن السيطرة على فرع أمني واحد داخل مركز المدينة رغم معارك استمرت سنوات، ورغم السيطرة على معظم الريف المحيط بالمدينة، لان النظام كان ينظر لهذا المحيط الريفي في النهاية كمصدات دفاعية عن مراكز السيادة في المدن، وهو لا يملك قدرة عددية ولوجستية على تغطية الأرياف فيركز على عواصم المحافظات الأكثر رمزية لبقاء سلطته. تقلص مناطق سيطرة المعارضة الأمر الآخر الذي يفسر صعوبة تنفيذ هجوم مؤثر ضد النظام في دمشق من الريف، ان العامين الأخيرين شهدا ضمورا وتقلصا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ريف دمشق، وآخرها كان المعضمية وداريا في الريف الغربي وهما تحملان رمزية كبيرة للمعارضة، ومع انحسار مساحة الحركة ضمن الريف وانقطاع خطوط الامداد تصبح فرص تنسيق هجوم كبير ومؤثر ضد دمشق محدودة، حتى لو افترضنا ان هناك جسدا عسكريا موحدا وكفوءا، فلا يمكن تصور ان مناطق محاصرة تماما يعيش سكانها في وضع خانق، مقطوعة خطوط الامداد تماما يمكن ان تشكل أرضا داعمة لهجوم جدي يشكل تهديدا على قوات النظام التي تتمتع بفضاء جغرافي واسع من الحركة والامداد. ومجرد النظر لخريطة دمشق ومحيطها، نجد ان مناطق المعارضة المتبقية في الغوطة شرق دمشق تكاد تكون جزيرة صغيرة في بحر يحيطها بالكامل من قوات النظام، ومن الصعب ان تتمكن نقطة صغيرة من تشكيل موجة غارقة، بعد خمس سنوات تخللتها فرص مواتية لشن هجمات مؤثرة عندما كانت مناطق سيطرة النظام في دمشق هي من تبدو كجزيرة وسط بحر الريف المحرر. لماذا تبدو فرص المعارضة محدودة في تحقيق تقدم في ريف دمشق؟ وائل عصام |
معركة دمشق منطلقاتها ومآلاتها Posted: 25 Mar 2017 03:14 PM PDT دمشق ـ «القدس العربي»: وصف المحلل العسكري محمد خير العطار في تصريح خاص لـ«القدس العربي» معركة شرق دمشق بـ «المعركة الناجحة» كونها استغلت عنصر المفاجأة للنظام السوري في الدرجة الأولى، والرأي العام المحلي والدولي، وقال: ان العملية العسكرية التي فجرتها كل من «أحرار الشام وهيئة تحرير الشام وفيلق الشام» نجحت نجاحا كبيرا في كسر وتيرة العمل الجاري منذ ما يقل عن سنة ونصف أو أكثر من ذلك، وكان نجاحها باهرا حيث أنها اختارت الجبهة التي رصد لها النظام أكبر قوة عنده وهو القطاع الشرقي للعاصمة، والتي لم تكن مغلقة يوما، فالنظام استنفر لها كل قدراته واستنفذ فيها غالب طاقاته. وأضاف العطار ان اختيار هذا القطاع لفتح معركة يعتبر أمرا مهما جدا، لأنها اكتسحت قوة النخبة لدى النظام، ودخلت مناطق لم تدخلها منذ بداية الثورة، ووصلت إلى ساحة العباسيين وشارع فارس الخوري، وشارع العدوي، وبعض الكتل المحيطة بهم. لمعركة شرق دمشق صدى إيجابي في رأي المحلل العسكري الذي رأى أن المعركة التي لم تزل قائمة، أفهمت الجميع بأن الثورة مستمرة، ولم تزل كاملة في نفوس الثوار، وقوية وقادرة على أن تحدث تغيرا مهما، في أهم الجبهات، وقد أوصلت المعركة رسالتها هذه للداخل والخارج، حيث أضفت ظلالها على مؤتمر جنيف، التي تمثلت بمحاولة الجعفري الضغط على فود المعارضة المفاوض بسبب اتهامه لممثلي الفصائل، بأنها قد شاركت بالعمل العسكري في دمشق وحماة، الأمر الذي يعطي دلالة واضحة بأن الجعفري ومن خلفه نظام بشار الأسد في أزمة حقيقية. طرق امداد وقال محمد خير العطار ان استمرار المعركة يتعلق بأمور عدة، قد لا نحيط بها كاملة، فالقدرات القتالية للفصائل المشاركة، ومخزونها المادي، من مواد اغاثية وذخيرة وأسلحة، وتوفر طرق امداد، والمعنويات العالية لدى مقاتليها، كل هذا يؤثر على مدى استمرارية المعركة، ومن جهة أخرى فإن حالة الهلع التي ظهرت على جنود النظام، والحالة المعنوية لقواته، ومقدرته على زج فصائل أخرى في المعركة، كلها عوامل تؤثر على مدى استمرار المعركة لفترة طويلة. وعن غياب أكبر فصائل المعارضة المسلحة في العاصمة وريفها عن معركة دمشق، قال المحلل العسكري، إن غياب جيش الإسلام له تأثير كبير من الناحية المادية والمعنوية على الفصائل المشتركة، فجيش الإسلام هو القوة الأكبر عددا في تلك المنطقة، والأكثر تسليحا، وغيابه على المعركة قد يكون له تأثير سلبي واضح. أما الأهم تأثيرا في توازن المعركة هو غياب الغوطة الغربية عن هذه المعركة، فغياب داريا ومعضمية الشام، الخاصرة الغربية لدمشق، كان لها الأثر السلبي الواضح، اذ أنهما كانتا المرشحتين للفزعة وتشتيت قوات النظام في مثل هذه معركة. وقال الناشط الميداني فارس عبد الرحيم لـ «القدس العربي»: ما تعيشه العاصمة السورية، دمشق اليوم من تشديد أمني وحظر تجوال، لم يمر عليها منذ أعوام، فخرق المعارضة السورية المسلحة لخطوط الأسد النارية المحيطة بدمشق، جعل الأسد في موقف محرج أمام الحليفين الروسي والإيراني. وأضاف، المخابرات السورية ضاعفت أعمال الاعتقال والقبضة الأمنية على غالبية أحياء العاصمة دمشق، وخاصة تلك المتصلة منها بشرقي العاصمة ووسط دمشق، كما أكد المصدر ان النظام السوري والميليشيات العراقية وحزب الله ضاعفوا جميعهم أعداد الحواجز العسكرية في عموم دمشق، بهدف تقطيع أوصال دمشق وفرزها إلى قطاعات عسكرية وأمنية لتسهيل مشروع السيطرة والقبضة الأمنية عليها. ميليشيات شيعية تدخل حلبة المعارك وأضاف فارس عبد الرحيم «عجز الفرقة الرابعة التي يقودها العميد ماهر الأسد شقيق بشار الأسد، وكذلك فشل قوات الحرس الجمهوري في رأب الصدع، أدى لتدخل مباشر من قبل الميليشيات الطائفية العراقية إلى حلبة المعارك». واستطرد، ان ساحة العباسيين المطلة على منطقة المواجهات وكذلك الطرق المؤدية إلى حي جوبر دمشقي الذي انطلقت منه المعارضة المسلحة، جميعها نقاط عسكرية تخضع للسيطرة المباشرة لميليشيات حزب الله اللبناني، ولواء أبو الفضل العباس العراقي، وحركة النجباء التابعة للحشد الشعبي العراقي بالإضافة إلى ميليشيا لواء «الأمام الحسين» العراقي. بدورها، أكدت قاعدة حميميم العسكرية الروسية الواقعة على الشريط الساحلي السوري (القاعدة الروسية) عبر قناتها الرسمية في تطبيق «تلغرام» إن معارك العاصمة دمشق تشهد مشاركة قوات عسكرية حليفة للنظام السوري غالبيتها من العراق في صد الهجمات. وأشادت القاعدة الروسية بتلك القوات فقالت «هذه القوات تمتلك خبرات عالية في مكافحة الإرهاب» فيما أكدت مصادر إعلامية متنوعة مشاركة الطائرات الحربية الروسية في قصف المواقع التي سيطرت عليها المعارضة السورية شرقي دمشق، وخاصة كراجات العباسيين الذي له الأهمية الجغرافية الكبيرة. معركة دمشق منطلقاتها ومآلاتها هبة محمد |
جنوب سوريا تحت «الضوء الكاشف» وسؤال مرهق لروسيا حول آلية ضمان «أصابع إيران» Posted: 25 Mar 2017 03:13 PM PDT عمان ـ «القدس العربي»: تعاني الضمانات التي تقدمها روسيا بوتيرة سريعة لكل من الأردن ومصر وبعض الأطراف العربية الأخرى عندما يتعلق الأمر بالتفاوض باسم النظام السوري من «عقبة فنية» ومهنية لا يمكن تجاهلها في الوقت الذي يركز فيه الأردن تحديدا على ضمانات «ميدانية» وعلى الأرض وليس سياسية فقط. الأردن الذي يلاصق الحدود الجنوبية لسوريا ويعتبر الشريك الأبرز فيها يقطع خطوات كبيرة بإتجاه التنسيق مع روسيا ويطالب بمسألتين أساسيتين هما تجنب المدفعية الثقيلة بالقرب من قراه وشريطه الحدودي في حالة اندلاع معركة تحرير أو استعادة الجنوب ثم إبعاد ميليشيات الحرس الثوري وحلفائها من المقاتلين اللبنانيين والعراقيين لأكبر مسافة ممكنة عن وسط درعا. المحطات الأمنية التابعة للاستخبارات الروسية في عدة عواصم في المنطقة تواجه بشكل متسارع أيضا السؤال التالي: «هل لديكم القدرة العملياتية الفعلية على الأرض لضمان الجانب الإيراني النافذ ميدانيا؟». أركان السفارة الروسية في عمان وبعد افتتاح غرفة عمليات أمنية مشتركة وصغيرة يطرح عليهم مثل هذا السؤال. بمعنى آخر يبدو ان موسكو وعندما يتعلق الأمر بالملف السوري تحديدا في مواجهة مباشرة خلف الستارة مع الاستفسار عن قدرتها الواقعية على التحدث أيضا باسم الإيرانيين خصوصا عندما يتعلق الأمر بمسألتين: الحرب على الإرهاب أولا -والاستعداد لمعركة جديدة مفصلية في جنوب سوريا ثانيا. يتصور المجتمع المعلوماتي المرتبط ببعض الدوائر السياسية بأن أصابع لمنظمات ومؤسسات إيرانية أمنية لا يمكن ضبطها سياسيا، تمكنت فعليا وطوال خمسة أعوام من «اختراق» بنية بعض التنظيمات الجهادية أو الإرهابية في الداخل السوري. ثمة من يردد هنا تحديدا تسريبات عن قدرات فائقة للاستخبارات الإيرانية في مجال توظيف بعض مجموعات «الإرهاب السني». وبالتالي يصبح شرعيا انشغال السفارات الروسية بالبحث عن طريقة لتقديم ضمانات حقيقية لمن يستفسر عن طهران وأصابعها على هامش الحديث الروسي عن «خطوات لإستعادة الثقة» بين مؤسسات تتبع النظام السوري ونظيرتها في بعض البلدان مثل مصر والأردن. في السياق يكشف محلل أمني ودبلوماسي بارز لـ«القدس العربي» النقاب عن أنه ليس من المتوقع ان يحصل سريعا ما يلي: أولا- تقدم إيران بضمانة مؤكدة على انها تستطيع الحاق ميليشيات الحشد الشيعية وبعض منظمات الحرس الثوري وحركة النجباء داخل سوريا بأي ترتيب سياسي مع روسيا. ثانيا- توفير الضمانات من طهران لموسكو خصوصا تلك التي تضمن «مصداقية» المفاوض الروسي وبدون ثمن سياسي واضح وأكيد وسريع. في المجتمع الاستخباري يستفسر المختصون كثيرا هذه الأيام عن المكان الذي ستظهر فيه قريبا شخصيات «جهادية» توصف بأنها مهمة بقيت في إيران لسنوات بعد هروبها من أفغانستان. وثمة اليوم من يقول ان مبعوثين يمثلون مثلا شخصية من وزن الشيخ السيد المصري وصلوا مؤخرا إلى دير الزور وزاروا الرقة قبل الكشف عن استقرار الأخير فيها، الهدف من هذه الزيارة إعداد إقامة رموز مهمة في حضن تنظيم الدولة الإسلامية. بعض الخبراء لا يستبعدون توفير طهران لأرضية انتقال رموز جهادية غامضة ويقدرون ان هذه العملية برمتها تنشطها طهران من وراء روسيا. الأهم في السياق نفسه ان موسكو بدأت تكثر من الحديث عن عودة محتملة قريبة لقوات النظام السوري إلى منطقة درعا جنوب سوريا. يكثر الروس من وعودهم في هذا الاتجاه أملا في تحقيق اختراق مع الأردن ولإكمال طلب أصر عليه المصريون حتى تصبح حدود الجنوب مماثلة لحدود الشمال واستباقا لخلق واقع ميداني يسبق برنامج الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب المعلن بعنوان إقامة «مناطق آمنة». التحدث عن ملف الجنوب يتفاعل في روسيا وبقوة هذه الأيام ويضرب بالنسبة لأوساط موسكو عدة أهداف بحجر واحد. يعتقد وعلى نطاق واسع انه تمهيدا لـ«مستجدات» محتملة في الجنوب السوري تم ضرب وعزل وإعطاب «شبكة التواصل» بين الأردن وإسرائيل مع جبهة النصرة التي أعلنت الاستنفار مؤخرا وبدأت تستعد لمعركة مفصلية. واضطرت جبهة النصرة منعا لانقلاب الأردن ضدها إلى إصدار قرارات بالجملة لنقل «الكادر الأردني» في مقاتليها إلى مناطق أبعد وسط وبداية شمال سوريا. في الأثناء يوافق الأمريكيون على برنامج سريع ومرحلي أمنيا تتحمس له عدة أطراف بعنوان توجيه ضربة قوية وشاملة لطرد تنظيم «داعش» من محيط دير الزور وتدمر تمهيدا للسيطرة على البادية الجنوبية واستعدادا لسيناريو عودة القوات السورية للجنوب حتى لا ينفرد ترامب أو يصر على مسلسل «المناطق العازلة». الضوء الأخضر صدر أيضا لاستهداف وطرد كتيبتي المثنى وخالد بن الوليد اللتين تبايعان تنظيم «الدولة» قرب حوض نهر اليرموك، والأردن متحمس للمسألة وللمساهمة أيضا وقد تكون الأولى له على الأرض السورية ضمن سياقات التحالف الدولي والتفاهمات الجديدة مع موسكو. جنوب سوريا تحت «الضوء الكاشف» وسؤال مرهق لروسيا حول آلية ضمان «أصابع إيران» بسام البدارين |
هل تكون إسرائيل الضلع المفقود في مثلث الحب بين ترامب وبوتين؟ Posted: 25 Mar 2017 03:13 PM PDT الناصرة ـ «القدس العربي»: استطاعت إسرائيل، رغم الحلف بين روسيا وبين أعدائها أن تبني تفاهمات حول مصالحها الأمنية في سوريا والمتمثلة بمنع نقل سلاح من الساحة السورية إلى لبنان، ومنع اقتراب إيران لحدودها. ومما سهَّل التوصل إلى هذه التفاهمات التأكيد الإسرائيلي للجانب الروسي على أنها محايِدة في الصراع في سوريا ولا تدعم طرفًا ضد الآخر وأنها لا ترى نفسها شريكًا في تحديد مستقبل سوريا، الأمر الذي دفع موسكو إلى الأخذ بعين الاعتبار المصالح الإسرائيلية ذات الطابع الأمني في سوريا. ومع ذلك، فإن تحليلًا لكمية الهجمات التي شنَّتها إسرائيل قبل التدخل الروسي وبعده يشير إلى أن روسيا لا تمنح إسرائيل حرية التصرف الكامل حتى في هذه المصالح لا سيما بعد إطلاق الصواريخ في الأسبوع الماضي نحو طائرات إسرائيلية في سماء سوريا للمرة الأولى وبإذن روسي على ما يبدو. كذلك فإن كمية الضربات تراجعت بعد دخول روسيا عمَّا كانت قبله، وربما يعود الأمر أيضًا إلى حرصها على عدم إعطاء سلاح مُتقدِّم لأعداء إسرائيل في سوريا. وفي إسرائيل ذاتها هنالك خلاف بين من يعتقد أن هذه التفاهمات قد تؤدي إلى علاقات استراتيجية بين البلدين، ومن يعتقد أنها ستبقى تفاهمات تقنية ذات صلة بالوضع الأمني القائم في سوريا فقط، ولا شك في أن دخول دونالد ترامب للبيت الأبيض قد يذهب بهذه التفاهمات إلى اتجاهات أخرى. وفي الشهر الماضي أثارت المحادثة الهاتفية التي جمعت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حيرة المتابعين والمختصين في الشؤون الدبلوماسية والسياسية، خاصة أن توقيتها كان مريبًا، إذ جاءت في ذروة التحقيق مع نتنياهو في شبهة فساد، وقبل يومين من لقاء الأخير مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. ونقلت صحيفة «مكور ريشون» الإسرائيلية عن دبلوماسي أوروبي قوله إن الفضول نابع من كون نتنياهو مقربًا من ترامب وبوتين على السواء، وعلى خلاف علاقة ترامب وبوتين الجيدة غير الممارسة، العلاقة بين بوتين ونتنياهو وثيقة جدًا، لا تقتصر فقط على التصريحات الداعمة أحدهما للآخر، إنما يتباحثان في الكثير من المواضيع. ويعتبر هذا اللقاء هو الخامس بين نتنياهو وبوتين في الفترة الأخيرة، سبقته أربعة لقاءات في موسكو وكلها بمبادرة إسرائيلية بحتة. وكانت العلاقات بين البلدين قد توثقت في أعقاب التدخل العسكري الروسي في سوريا، وأخذ التنسيق بين الطرفين بالتصاعد بدرجة كبيرة، في محاولة لمنع وقوع حوادث ذات عواقب وخيمة، مثل إسقاط الطائرة الروسية على الأراضي التركية قبل سنتين، وخلال هذه الفترة، شددت إسرائيل على رفضها أي تواجد إيراني في هضبة الجولان. وقالت الصحيفة إن السؤال الأساسي الذي يدور في خلد الكثير من السياسيين في أوروبا هو هل تكون علاقة نتنياهو الوثيقة ببوتين الضلع الناقص في مثلث الحب الذي يجمع ترامب وبوتين، مثلما وصفه أحد المصادر في دولة مهمة بالاتحاد الأوروبي؟ وذكر المصدر أن نتنياهو هو الوحيد الذي يملك علاقة وثيقة ببوتين وصداقة حميمة مع ترامب، وهذا أمر غير مسبوق، ومن المحتمل أن يلعب نتنياهو دور حلقة الوصل بين بوتين وترامب سواء في الوقت القريب أو البعيد. وبالإضافة إلى ذلك، ستجري في روسيا العام المقبل، الانتخابات التي ستسبب الكثير من القلق لبوتين في ظل الوضع الاقتصادي المتردي جراء العقوبات الأمريكية والأوروبية على بلاده. وبما أن الانسحاب من شبه جزيرة القرم غير وارد، فالحل الفوري والمثالي هو تنسيق العمل وتوحيد الجهود في سوريا لرفع عدد من العقوبات، وهو ما يمكن أن يلعب فيه نتنياهو دورًا مهمًا فيه، لكنه سيطلب الثمن، ومن المرجح أن يكون الثمن هو انحسار دور إيران في الساحة السورية. وفي ظل معرفة الولايات المتحدة وإسرائيل بتضارب المصالح بين روسيا وإيران في سوريا ستسعيان لتحريض موسكو وتحذيرها من «التوسع الإيراني» ما يمكن أن يمهد لعلاقة روسية أمريكية إسرائيلية، يضمن كل منهم حصته، وتتيح لترامب التراجع عن الاتفاق النووي الذي وصفه بالأكثر غباء في التاريخ. نقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله وبدأت بوادر مثل هذا التعاون تظهر في سوريا إذ عملت القوات الروسية والقوات الأمريكية الرابضة في الشمال السوري سويًا مؤخرًا، من أجل منع وقوع اشتباك بين القوات التركية ووحدات حماية الشعب الكردية. ويتنبه الباحث د. مهند مصطفى إلى أن العلاقات الروسية-الإسرائيلية انطلقت بعد التدخل الروسي العسكري في سوريا من تفهم الطرفين للمصالح السياسية للبلدين في البيئة الإقليمية والدولية. وفي رأيه يحمل هذا التفهم الإسرائيلي للمصالح الروسية في سوريا دورا إيجابيا في توثيق العلاقة بينهما، لذلك فإن إسرائيل امتنعت سابقا عن التنديد بالحرب الروسية على جورجيا، أو ضمِّ شبه جزيرة القرم وتدخلها في الحرب الأهلية المحدودة في أوكرانيا، مخالفة في ذلك الموقف الأمريكي الرسمي الذي يعتبر روسيا تهديدًا دوليًّا جديًّا في عهد الرئيس بوتين. ويوضح مهند مصطفى لـ «القدس العربي» أن الأمر كرّر نفسه في التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 حيث استغلت إسرائيل ذلك لبناء تفاهمات عسكرية وسياسية مع روسيا فور تدخل الأخيرة في سوريا. وينوه أن إسرائيل ترى بالتدخل الروسي الفاعل في المنطقة مؤشرا لصعودها كقوة دولية مؤثِّرة على البيئة الإقليمية، وربما يفوق التأثير الأمريكي، خاصة بعد توتر علاقة الأخيرة مع حلفائها التقليديين في المنطقة فترة إدارة أوباما. يشار بهذا المضمار أن مسؤولين إسرائيليين قالوا أكثر من مرة، وخاصة وزير الأمن السابق، موشيه يعلون، بأن الولايات المتحدة تركت فراغًا كبيرًا في الشرق الأوسط؛ مما حدا بروسيا لاستغلاله ودخولها للمنطقة. وكان يعلون مثابرًا في انتقاد الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة، واعتبر أن سياسة «الجلوس على الجدار» التي تتبعها في الشرق الأوسط تدل على ضعفها أمام التدخل الروسي. وردا على سؤال يوضح مصطفى أن إسرائيل أوضحت مصالحها الثلاث في سوريا، والتي تتمثل في منع نقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله، منع انتقال الحرب إلى الحدود الإسرائيلية والقيام بضربات استباقية لعمليات موجهة ضدها. وبشأن سؤال المستقبل يشير مصطفى إلى أنه مع تعقُّد الأزمة السورية فإن إسرائيل باتت أكثر ضبابية في رؤيتها لمستقبل سوريا. ويتابع « ربما كان الأمر يعود إلى تباين المواقف داخل النخب السياسية والأمنية الإسرائيلية حول مستقبل سوريا؛ فهناك من يفضِّل ذهاب الأسد، لأنه يمثِّل المحور الإيراني الذي تعتبره إسرائيل الخطر المركزي عليها، وآخرون يعتبرون بقاء الأسد لم يضرَّ بمصلحة إسرائيل الأمنية كونها خَبِرته في الماضي وردعته عسكريًّا، وتعرف التعامل معه، ومع ذلك فإن إسرائيل تصرِّح دائمًا بأنها لا تفضِّل طرفًا على الآخر». ويحمل هذا الموقف في رأي مصطفى إضافة إلى الاعتبارات الاستراتيجية الإسرائيلية، محاولة إسرائيلية للحفاظ على علاقات مع جميع الأطراف؛ فمن جهة تعلن إسرائيل عن تعزيز تحالفها وعلاقاتها مع الدول «السنِّية المعتدلة»، كما تسمِّيها، والتي ترغب في إسقاط الأسد، ومن جهة أخرى تعزِّز تفاهماتها مع روسيا والتي تعمل على إبقاء الأسد. وهذا يشير في رأيه وفي رأي مراقبين محللين آخرين إلى أن إسرائيل ترى في مسألة بقاء أو ذهاب الأسد مسألة هامشية بالنــســـبة لحفــاظها على مصالحها الأمنية على المدى القصير، ومصالحها الاستراتيجية على المدى البعيد. هل تكون إسرائيل الضلع المفقود في مثلث الحب بين ترامب وبوتين؟ وديع عواودة |
معركة جوبر وإعادة ضبط التوازنات Posted: 25 Mar 2017 03:13 PM PDT الهجوم المباغت الذي شنته الفصائل المعارضة على جبهة جوبر، شرقي العاصمة دمشق، خلخل الوضع القائم في تلك المنطقة منذ سنوات، بل غير صورة الوضع الميداني تغييراً انقلابياً في عموم سوريا، الأمر الذي ستكون له تداعياته السياسية في اجتماعات جنيف التي تستأنف يوم الجمعة 24 آذار/مارس، لحظة كتابة هذه السطور. فقبل معركة جوبر، كانت الصورة قاتمة من وجهة نظر المعارضة بعد هزيمتها القاسية في شرق حلب، وتجريف وادي بردى من سكانه ومقاتلي المعارضة فيه، ووصول مفاوضات تسليم حي الوعر في حمص إلى لحظاتها الأخيرة. انتشى المحور الروسي ـ الإيراني بانتصاراته تلك وجعل تابعهما السوري يستعيد آماله القديمة في قول كلمة «خلصت» (انتهت). أما اليوم فالنظام في أقصى حالات ارتباكه، لا يعرف كيف يحرك قواته المحدودة والميليشيات الشيعية متعددة الجنسيات الداعمة له من جبهة إلى أخرى، بخاصة بعدما اندلعت معركة موازية في ريف حماة الشمالي والغربي، مع استمرار القتال في الجبهة الجنوبية في مركز محافظة درعا بالذات. وها هي الصواريخ تطلق للمرة الأولى على بلدة القرداحة ـ عاصمة الدولة الأسدية ـ في توكيد رمزي على استهداف رأس النظام نفسه وعصبه الاجتماعي. فإذا أضفنا إلى كل هذه التطورات، الضربة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في عمق الصحراء الشرقية قرب حمص، والتعاطي المختلف لإسرائيل معها بالقياس إلى الضربات السابقة الروتينية، اتضح مدى الضعضعة التي بات النظام يعانيها، ومدى انقلاب التوازنات لغير مصلحته. ترى هل يمكن الاستنتاج من هذه التطورات أن السياسة السورية للولايات المتحدة بإدارتها الجديدة قد ارتسمت وبدأ وضعها موضع التطبيق؟ أم أن الأمر يتعلق بحلفاء واشنطن التقليديين، دول الخليج العربي وتركيا وإسرائيل، الذين يحاولون، كل لدوافع تخصه، وضع خريطة جديدة لتوازنات القوى في سوريا أمام الإدارة الأمريكية لأخذها بعين الاعتبار في رسم سياستها السورية؟ في كلتا الحالتين، ثمة وقائع جديدة قلبت، مبدئياً، آمال موسكو وطهران وتابعهما السوري في دمشق، وسيكون عليهم إعادة النظر في سياساتهم الحالية لمصلحة رؤية أكثر واقعية. إدارة ترامب التي سبق وأعلنت موقفها العدائي من إيران، و«غازلت» الروس ظاهرياً، ولا مشكلة لديها ـ إلى الآن ـ مع نظام بشار الكيميائي، بدأت تنخرط عسكرياً في سوريا بصورة جدية في إطار الحرب المعلنة على «داعش»، وتتسارع استعداداتها لمعركة الرقة من خلال زج المزيد من القوات البرية، وزيادة وتيرة القصف الجوي للرقة وما حولها، والقيام بإنزال مظلي شارك فيه مقاتلون كرد من قوات حماية الشعب، قرب سد الطبقة. الغزل الظاهري مع روسيا بوتين لا يمكنه أن يغطي على قلق الدولة الأمريكية العميقة من تمادي روسيا في محاولاتها لتوسيع مجال نفوذها العالمي. فإضافة إلى قضم موسكو لجزيرة القرم والمقاطعات الشرقية لأوكرانيا، وتفردها بالمشكلة السورية حرباً ومساراً سياسياً، امتدت طموحات القيصر بوتين إلى شرق ليبيا من خلال نظام السيسي في مصر التي أجرت موسكو معها مناورات عسكرية مشتركة قبل أشهر قليلة. وأخيراً قبرص اليونانية التي ترى في روسيا الأرثوذكسية حامية لها من تركيا بأكثر مما يمكن لليونان أن يقوم به في دور الحماية هذا. إذا نظرنا إلى خريطة النفوذ الروسي الآخذ في الاتساع، لرأينا أنها تسعى إلى تطويق أوروبا من الشرق والجنوب من خلال السيطرة على خطوط إمدادات النفط والغاز، الأمر الذي يشكل السلاح الأقوى لروسيا في صراعها الدولي مع المعسكر الغربي. من غير المتوقع أن تقف واشنطن مكتوفة اليدين أمام هذا التحدي الروسي. ولعل الخطاب العدائي لترامب ضد إيران يستهدف أصلاً فك عرى التحالف الإيراني ـ الروسي الذي يتجلى بأكثر صوره وضوحاً في سوريا، على غرار ما فعلته روسيا مع تركيا لفك عرى تحالفها التاريخي مع الغرب في إطار حلف الناتو. ويلاحظ أن الناتو هو الذي يواجه التوسعية الروسية بصورة مباشرة، إلى الآن، بدلاً من واشنطن. فالتعزيزات العسكرية البحرية الأطلسية متواصلة في البحر الأسود. وقبل أيام قليلة أعلنت قيادة الحلف عن توجه 120 جنديا بريطانيا، معززين بأسلحة ثقيلة بريطانية وفرنسية، إلى أستونيا في بحر البلطيق المحاذي لروسيا مباشرةً. (نسجل هنا، بين قوسين، حصول الهجوم الإرهابي على مبنى البرلمان في لندن الذي قتل فيه خمسة أشخاص وجرح آخرون، بعد أيام معدودة على إرسال الجنود البريطانيين إلى بحر البلطيق. تبنت داعش العملية، ولكن من يدري من يقف وراءها من أجهزة الاستخبارات التي تخترق هذا النوع من المنظمات؟ ألم يتزامن إعلان داعش الحرب على تركيا، أيضاً، مع تداعيات ما بعد إسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية؟ ولا نعرف شيئاً، بعد، عن ارتباطات القاتل القرغيزي الذي نفذ الهجوم الدموي على ملهى ليلي في إسطنبول في ليلة رأس السنة. فقد غابت أخباره عن الإعلام تماماً بعدما وقع في أيدي المخابرات التركية. ألا يحتمل أن تكون العملية هي الرد الروسي «العميق» على اغتيال سفيرها في أنقرة قبل مجزرة ملهى راينة بأسابيع قليلة؟). إذا كانت علاقة المخابرات الروسية بالعمليات الإرهابية المذكورة أعلاه هي من باب التكهنات المستندة إلى تاريخ طويل من حروب الجاسوسية القذرة بين الدول، فالتنافس الأمريكي ـ الروسي في سوريا تجلى بوضوح وعلنية في تسابقهما على كسب ود قوات حماية الشعب الكردية وتأمين حمايتها من تركيا. وإذا كان الأمريكيون يدربون المقاتلين الكرد على الإنزال المظلي في الشرق، فالروس تمركزوا عسكرياً في عفرين غرباً. وعبر الأتراك عن استيائهم من الحماية الروسية للقوات الكردية في عفرين، بأن استدعت الخارجية التركية القائم بالأعمال الروسي في أنقرة لإبلاغه احتجاجها على مقتل جندي تركي على الحدود، برصاصة أطلقتها قوات حماية الشعب من منطقة عفرين. ويمتد التنافس الأمريكي ـ الروسي على كسب ود الحليف المحلي، من «روج آفا» كما يسمي حزب الاتحاد الديمقراطي مناطق سيطرته في شمال سوريا، إلى إسرائيل التي يفوق عدد زيارات رئيس حكومتها نتانياهو إلى موسكو عدد زياراته إلى واشنطن، منذ اندلاع الصراع في سوريا وعليها. لعل الجديد في الغارة الإسرائيلية الأخيرة على مواقع قرب تدمر، هو تظاهر موسكو بعدم الرضى عنها إرضاء لحليفها الإيراني، في حين أن التنسيق العسكري قائم بين روسيا وإسرائيل منذ التدخل الروسي المباشر في سوريا، بما في ذلك «الخط الساخن» بين قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية وتل أبيب. ولكن، مع ذلك، من المحتمل أن العملية الإسرائيلية هي أقرب لأجندة واشنطن، وفيها تسجيل نقطة لمصلحتها ضد موسكو. بالعودة إلى الجبهات التي أشعلتها المعارضة المسلحة في قلب العاصمة دمشق، إضافة إلى الجبهة الجنوبية وجبهة حماه، يمكن القول إن مجمل هذه التطورات الميدانية تأتي في ظل غطاء عربي واضح من التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام التابعة لهذه الدول. من زاوية النظر السورية، لا تشكل هذه التطورات الإيجابية بدايةً الطريق لإسقاط النظام، وإن كان من المتوقع أن مصيرها لن يكون كمصير سابقاتها في حلب. بل المرجح أن توازن القوى الجديد في قلب العاصمة سيتحول إلى وضع جديد لفترة مديدة، حارماً النظام من «نعمة» استقرار الوضع الأمني في عاصمته. لن يكون بوسعه، بعد اليوم، أن يستقبل الوفود البرلمانية والإعلامية الغربية في «بيته» ليقول لها: انظروا إلى الحياة الطبيعية في دمشق. هذا هو مستقبل سوريا بقيادتي. فالحركة مشلولة في كامل شوارع العاصمة التي قطعتها قوات النظام بحواجز ونقاط تفتيش، على ما نقلت مختلف وسائل الإعلام. سنرى كيف ستنعكس مجمل هذه التطورات على «العملية السياسية» المستأنفة في جنيف وما زال الأمريكيون غائبين عنها. وإن كان من المتوقع أن تدور في الحلقة المفرغة ذاتها بدون أي نتائج عملية. معركة جوبر وإعادة ضبط التوازنات بكر صدقي |
الهجوم على دمشق: ضعف النظام وعزيمة المعارضة والحرب مستمرة Posted: 25 Mar 2017 03:12 PM PDT طوال الحرب السورية التي دخلت عامها السابع هذا الشهر ظلت العاصمة دمشق بعيدة عن المواجهات التي دمرت حمص وحلب ودرعا ومعظم المدن الثائرة على النظام السوري. ومع أن الحرب كانت حاضرة في دمشق من خلال أصوات قنابل الهاون والتفجيرات الانتحارية التي تنفذ بين الفينة والأخرى، ظلت الحياة في المدينة حية، مطاعمها ونواديها وشوارعها تعج بالحياة والبهجة المبطنة بالخوف. وما يميز الجبهة الشامية كما كشف تشارلس غلاس بتقرير نشره موقع «نيويورك ريفيو أوف بوكس» (3/2/2017) فالحرب حول دمشق هي حسب الطلب. وكان الصحافيون الذين يزورون العاصمة بناء على أذونات من الحكومة يعودون بحس أن الحرب تجري في أماكن بعيدة وأن هناك «سوريا مختلفة» في دمشق. وزاد حس الأمان والثقة بالنفس بعد خروج المقاتلين من مدينة حلب نهاية العام الماضي بعد معركة دموية جرت أمام سمع وبصر العالم. وبعدها انحرف ميزان الحرب لصالح النظام أو هكذا بدا الأمر وأصبحت روسيا اللاعب الرئيسي على الساحة في لعبة تسوية هشة بدأت في أستانة عاصمة قازخستان والآن في جنيف. وبدا أن المعارضة للنظام التي انهارت في الشمال على طريق الخروج من اللعبة خاصة في ظل التغيرات التي شابت حلفاءها من دول الخليج المنشغلة بحروبها الإقليمية وتركيا التي يسكنها الخوف من كيان كردي على حدودها الجنوبية، يكون امتدادا لدولة حزب العمال الكردستاني الساعي لبنائها في تركيا منذ أكثر من أربعة عقود. لكل هذا وجد مقاتلو حي الوعر في حمص، آخر معاقل المقاومة في المدينة المحاصرين منذ سنين الحل بالخروج إلى إدلب وريفها. نيران فوق دمشق إلا أن الحرب السورية المتحولة دائما والمليئة بالمفاجآت اندلعت في قلب العاصمة دمشق، ووصل المقاتلون إلى ساحة العباسيين قبل أن يسترد النظام المبادرة ويقوم بالمواجهة. وكان الهجوم مفاجئا له ولمراقبي الشأن السوري، سواء بتوقيته أو بطريقة تنفيذه والقوى التي شاركت فيه، والمنطقة التي انطلق منها. وأدى في يوم الأحد الماضي لنشر الذعر بين سكان العاصمة حيث بدت الشوارع مقفرة وأغلقت المحلات والمدارس. وسقطت قنابل الهاون في المناطق السكنية وأزت المقاتلات العسكرية وتردد صوت قعقعة الرصاص في كل المدينة التي عادت إلى جبهات القتال في الحرب المستعرة منذ عام 2011. ويعتبر الهجوم المباغت الذي أطلق عليه «يا عباد الله اثبتوا» الأول من نوعه والذي يصل فيه المقاتلون إلى قلب دمشق منذ عام 2012. ورغم تأكيد جماعة عباد الرحمن التي قادت الهجوم على استعادة كل ما فقدته بعد رد النظام إلا أن الهجوم كما تقول صحيفة «واشنطن بوست» (21/3/2017) لن يقود إلى تقدم مستمر في المعقل الرئيسي لبشار الأسد، أي العاصمة والذي يبدو أن قواته استطاعت وقفه. ولكن المعركة الأخيرة كما قالت مصادر في المعارضة، جاءت كهجوم وقائي لإحباط تحرك للنظام كان يهدف لضرب آخر جيب لهم في الغوطة الشرقية وبالتالي استعادة السيطرة على ريف دمشق ونواحيها. ففي السنوات الماضية فرضت القوات الموالية للنظام حصارا على مراكز المعارضة وأجبرتها على الاستسلام ضمن ما أطلق عليها عمليات «المصالحة» وبالتالي اخضاع هذه المناطق بالقوة. ولم يتورع النظام في غالب الأحيان عن ضرب مراكز المقاتلين بالطيران والمدفعية بحيث سوى مناطقهم بالتراب. دلالات إلا أن المعركة الأخيرة التي اندلعت في دمشق والجبهة التي فتحتها المعارضة في ريف حماة وتقول إن النظام تراجع من مراكز مهمة فيها، تؤشر إلى عدة أمور وهي ضعف سيطرة النظام على الوضع بعد عام ونصف من المكاسب التي تمت بمساعدة الطيران الروسي والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، بشكل أعطى صورة أن الحرب قد انتهت بانتصار الأسد. وكما يتضح من تطورات الأسبوع الماضي فالمعارضة ليست لديها القدرة الكافية على الإطاحة بنظام الأسد ولا يملك الأخير الوسائل الكافية لهزيمة المقاتلين. ويرى أندرو تابلر، الزميل الباحث في معهد واشنطن «هذا لا يعني ان النظام سيهزم، فقواتهم (المعارضة) صغيرة وهم يقومون بهجوم في مكان ثم يتراجعون ليبدأوا الهجوم في مكان آخر، وهذا يحدث منذ سنوات». أي حرب استنزاف طويلة وحرب بلا نهاية. وتضع هذه الجهود الروسية للتوصل إلى تسوية أمام مأزق، فلطالما تحدث الروس عن إقامة قصيرة في سوريا وأنهم يرغبون بتسوية مرضية للأطراف وأنهم حريصون على مؤسسات سوريا وليسوا مرتبطين بالأسد كشخص. لكن التطورات الميدانية تجعل من التقدم على المستوى السياسي أمرا صعبا. وعلى ما يبدو فالعملية مصممة لتأكيد حضور المشاركين فيها ومحاولة منهم لتحقيق مكاسب على طاولة المفاوضات وتعزيز صورتهم كقوى لا يمكن تجاوزها ميدانيا أو سياسيا. وفي هذا السياق كانت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة لإدارة باراك أوباما قد تراجعت عن الدبلوماسية وتركت القرارات للإدارة المقبلة. ولم تقدم إدارة دونالد ترامب سياسة واضحة من سوريا غير الحديث عن «سحق تنظيم الدولة الإسلامية» وإخراجه من «عاصمته» الرقة. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2016 رعت روسيا وتركيا اتفاق وقف لإطلاق النار إلا أن النظام السوري واصل تقدمه في جيوب المعارضة حول دمشق. ومن هنا جاء الهجوم المباغت محاولة من المعارضة لإجباره على الإلتزام بالاتفاق كما قال وائل علوان، المتحدث باسم فيلق عباد الرحمن التي تعتبر المجموعة الرئيسية في الهجوم هو تذكير النظام بضرورة الإلتزام باتفاق وقف إطلاق النار وبالضرورة الدفاع عن القابون وحي جوبر الذي يعتبر من أكبر الجيوب الواقعة تحت سيطرة المقاتلين في الغوطة الشرقية. خلافات المعارضة ورغم تماسك الحملة والتنظيم في الهجوم الأخيرعلى دمشق إلا أن المحلل في الشؤون السورية أرون لوند في مؤسسة «سينتشري فاونديشين» أشار إلى المشكلة الفصائلية والخلافات التي عانت منها الثورة السورية. فعباد الرحمن المعتدل تعاون مع جماعة أحرار الشام التي يراها البعض متشددة لشن الهجوم إلا أن القوة الرئيسية في دمشق وهي جيش الإسلام الذي يعتبر المنافس الحقيقي لهما، لم يشارك في الهجوم بشكل يؤثر على نجاعة الحرب ضد النظام. مع أن الجهود المشتركة هي التي أدت لهذا الهجوم المفاجئ ونشرت الرعب في صفوف النظام الذي سارع لاستدعاء فرقه العسكرية والفرقة الرابعة التي تدافع عن العاصمة كي تستعيد زمام المبادرة. ويرى لوند أن وحدة المعارضة «تعني مشكلة حقيقية للحكومة». وعلق أرون أن الهجوم كشف عن وجود تصميم قتالي لدى المعارضة وفي الوقت الحالي لن تؤدي هذه العزيمة لهزيمة النظام إلا إذا تصدع من الداخل أو انهار بطريقة درامية فعندها ستكون للمعارضة فرصة للانتصار. مظاهر ضعف وفي المحصلة تكشف المواجهات عن فشل كل طرف في المعركة توجيه الضربة القاضية وتحقيق النصر. فكما تقول صحيفة «التايمز»(21/3/2017) فالهجوم يعتبر أخبارا سيئة لكن ليس للجهاديين. فهي سيئة للنظام، لأن العزيمة القتالية لدى المعارضة لم تمت كما كان يأمل بسقوط حلب. وهي سيئة له لأنه بات يعتمد كثيرا على الروس والإيرانيين الذين ساعدوه على تحقيق المكاسب الماضية. وعندما يغيبون فهو خاسر دائما. وبالسياق نفسه فالهجوم وإن عبر عن قوة المعارضة إلا أنه كشف عن محدودية ما يمكنها عمله. فالمقاتلون وإن وصلوا إلى قلب العاصمة واقتربوا من المدينة القديمة لكنهم يعرفون أن دمشق لن تسقط بأيديهم. وأهم ما يكشفه الهجوم الأخير هو طبيعة التحالفات المتحركة بين الفصائل السورية. فعندما يجد المعتدلون أن حلفاءهم في الغرب والخليج وتركيا قد توقفوا عن دعمهم فهم لا يجدون غضاضة من التعاون مع الجماعات الأخرى وإن كانت متشددة أو جهادية للدفاع عن أنفسهم. وبالنظر لما عانته الجماعات المعتدلة من ملاحقة النظام لها وتجاهله العناصر الجهادية التي ظلت تتوسع في الصحراء والمناطق الريفية- سواء كانت جبهة النصرة أم تنظيم «الدولة» – فإن التحالف بين الطرفين يثير قلق الأطراف الخارجية التي ظلت تحذر من صعود الجهاديين وتقول إنها لا تريد استبدال نظام ديكتاتوري بآخر جهادي. وهذه الأطراف لم تقدم للمعارضة ما يساعدها على النصر. ومن هنا فالتطور الأخير وإن كان محاولة من بعض الجهات لتعزيز صورتها إلا أنه يكشف عن نجاعة التحالف مع الجماعات الجهادية والنتائج التي يمكن أن يسفر عنها. خاصة أن خسارة الغوطة الشرقية ستكون ضربة أخرى للمعارضة، فهي من أكثر التجمعات السكانية الخاضة للمعارضة. وفي ذروة الحرب كانت تستطيع حشد قوات كبيرة أكثر من تلك التي صمدت ودافعت عن حلب. دور الروس وتظل المعركة على «حدائق دمشق» أو الغوطة رهن الأطراف الخارجية والخطوة المقبلة التي سيتخذها الروس والإيرانيون الذين يقفون وراء الأسد. وفي ظل محاولات موسكو التأثير على منطقة الشرق الأوسط واتخاذ سوريا نقطة انطلاق لها فإن التصريحات عن خطط لإقامة قاعدة عسكرية في عفرين ذات الغالبية الكردية شمال سوريا إشارة للرهان الروسي في سوريا، فموسكو تحاول الإمساك بأوراق اللعبة والتحالف والتعاون مع كل الأطراف- النظام والمعارضة وتركيا والأكراد- والجمع بين كل الأضداد. وقد يصبح الأكراد ورقة ضغط تلوح بها روسيا وبالضرروة أمريكا لإجبار النظام والمعارضة على تقديم تسويات. وفي ظل خسارة تركيا الرهان على منبج والرقة فسترتفع أوراق الأكراد في اللعبة السورية كما هي في اللعبة العراقية اليوم. وفي النهاية تظل المواجهات في دمشق وحماة علامة على أن الحرب مستمرة ولا مخرج لكل اللاعبين منها. فبالنسبة للروس الذين بنوا حساباتهم للتدخل لإنقاذ الأسد ومنع «فيروس» الثورات العربية أو تغيير الأنظمة فلا خطة خروج واضحة من المستنقع السوري. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن عن أنجاز المهمة أكثر من مرة ليعود ويزيد من قواته وانخراطه. وكما يقول الكسندر شوملين من المعهد الروسي لدراسة الولايات المتحدة وكندا «فلا مخرج يلوح في الأفق» حسبما نقلت عنه مجلة «إيكونوميست» (25/3/2017). وكما تظهر التحركات الإسرائيلية الأخيرة فهناك قلق من وجود إيراني طويل الأمد في سوريا. وكشفت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» (16/3/2017) عن خطط إيرانية لإقامة قاعدة عسكرية على البحر المتوسط. ومع مراوحة الجهود السلمية التي تقودها روسيا مكانها فهي تتعلم مثل الأمريكيين من قبلها أن تحقيق السلم أصعب من الانتصار في الحرب. الهجوم على دمشق: ضعف النظام وعزيمة المعارضة والحرب مستمرة إبراهيم درويش |
على هامش الدورة 61 للجنة المرأة: ثلاث وزيرات عربيات يتحدثن عن أوضاع النساء في العالم العربي Posted: 25 Mar 2017 03:12 PM PDT نيويورك ـ «القدس العربي»: في الثالث عشر من شهر آذار/مارس الحالي، افتتح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس الجمعية العامة بيتر تومسون، الدورة الواحدة والستين للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة وبمشاركة وفود من المسؤولين الحكوميين وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص ومختلف الجهات لبحث أوضاع حقوق النساء والفتيات وسبل تمكينهن. وتركز الدورة الحالية على موضوع «تمكين النساء في عالم العمل المتغير». شاركت الدول العربية بوفود كبيرة رسمية وشعبية. «القدس العربي» التقت ثلاث وزيرات عربيات من المغرب وتونس وفلسطين وأجرت معهن الحوارات التالية. بسيمة الحقاوي: وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في المغرب ○ ما هي الرسالة التي يحملها الوفد النسائي المغربي إلى الدورة الواحدة والستين للجنة وضع المرأة فيما يتعلق بأوضاع النساء في المغرب وما حققن من إنجازات؟ • المغرب، بسبب من رؤيته الحقوقية من بين الدول التي أنصفت المرأة على أكثر من مستوى. فقد بدأت مسيرة توسيع الحقوق القانونية للمرأة منذ زمن طويل وبالتحديد في الخمس عشرة سنة الماضية. حققنا في «مدونة الأسرة» ثورة ثقافية حقيقية انطلاقا من نص القانون الذي جاء ليضع الأسرة تحت رعاية الزوجين، الرجل والمرأة، على قدم المساواة ملغيا بذلك التفاوت القانوني الذي كان موجودا في قانون الأحوال الشخصية. وأقرت «المدونة» حقوق وواجبات الزوجين بشكل متساو. كذلك أُنصف بعض أفراد الأسرة الذين كانوا محرومين من الارث انطلاقا من الفقه الإسلامي طبعا. فمثلا القانون الجديد يورث الحفيدة بعد أن ورث الحفيد. وكان الإثنان لا يرثان من الجد. هذا النص القانوني كان مفصليا في إنصاف المرأة. بعد ذلك تم اعتماد الكثير من القوانين التي تعزز من إنصاف المرأة. وأود أن أخص بالذكر الدستور المغربي الجديد الذي أقر عام 2011 وأحدث هيئة للمناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة. ○ القانون المكتوب شيء وتطبيقه شيء آخر يحتاج إلى تغيير الذهنية الذكورية المتجذرة في المجتمع كما تقول الكاتبة المغربية فاطمة مرنيسي، فهل هناك تغيير حقيقي في المجتمع نحو تقبل فكرة المساواة؟ • تلك القوانين الجديدة لم يكن لها أثر قانوني فقط، بل على الثقافة العامة للمجتمع لأنها جاءت بمضامين لها أثر في مسلكية الناس وغيرت الكثير من العقلية المغربية إذ إن القوانين القديمة كانت تكرس التفاوت بينما القوانين الجديدة جاءت لتصحح الأوضاع. كما أن الهيئات القانونية والحقوقية تتدخل لصالح تصحيح الوضع عندما يتعلق الأمر بالتفاوت سواء بالنسبة للأجور أو المعاملات. يتم التدخل من قبل الهيئات المختصة مثل لجنة حقوق الإنسان أو لجنة المناصفة ومحاربة التمييز ضد المرأة. ويناقش البرلمان قانون هذه اللجنة لاقرارها لتبدأ عملها رسميا في التدخل لصالح المساواة. إذا هذه القوانين ليست فقط لملء فراغ قانوني بل لإجراء تغييرات عملية حقيقية في العقليات وتغير من نظرة المجتمع للمرأة. وتوازت مع هذه القوانين مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز المساواة. فالسياسة الحكومية الآن تعزز هذا التوجه، فمثلا هناك تشجيع لإنشاء مجتمع مدني يساهم في تعزيز المساواة. هذه السياسة العمومية التي تتخذها الحكومة لها أثر كبير ومؤثر في البنى الاجتماعية كلها. فالمفتاح الذي وجده المغرب لتحقيق هدف المساواة يقوم على: سياسات عمومية وقوانين ثورية عمقها الثقافي بمستوى عمقها القانوني. وهناك عملية متابعة وتقييم للتدخل والتصحيح عندما يكون الأثر المطلوب ضئيلا. ○ هل المغرب يعاني من التيارات السلفية المحافظة التي تريد للمرأة أن تقر في بيتها فقط؟ • هناك تيارات معزولة وقليلة تبقى محصورة داخل بعض الأسر أي في تعامل الزوج مع زوجتنه وأطفاله. لكن ليس تيارا يؤثر على المجتمع المغربي بشكل جماعي. الشعب المغربي يملك هوية حضارية عصرية يتلمس طريقه نحو التقدم مطالبا بالحقوق للجميع. الهاجس الأكبر في المغرب هو التمكين والمقاربة الحقوقية لتحقيق الانصاف لجميع المواطنين والمواطنات. ○ ظاهرة العنف ضد المرأة في المغرب، وحسب تقارير مؤكدة، تثير القلق، هل من حل جذري؟ • نعم هناك قانون خاص بالعنف ضد المرأة متعدد الجوانب. جزء منه متعلق بالحماية وجزء بالرعاية والجانب الردعي والجزائي. هذا القانون أقره مجلس النواب. لكن مشكلة العنف لا تحل بالقانون فقط. العنف ضد المرأة موجود في أكثر الدول تقدما حتى في النرويج والسويد، قد تكون أسبابه المخدرات وقد تكون العقلية الذكورية. فعندما نضع قوانين ونتبعها ببرامج فإننا نهدف إلى الحد من هذه الظاهرة. لكن ظاهرة القضاء على العنف ضد المرأة لا يحل بالقانون وإلا لما وجد في بلدان متقدمة. القانون يحمي ويفرض العقوبات لكنه يحتاج إلى وقت، وتثقيف، وأوضاع اقتصادية متقدمة لأن العنف المحلي يتغذى على بيئة الفقر والحرمان. نزيهة العبيدي: وزيرة المرأة والأسرة والطفولة في تونس ○ تونس تملك تجربة فريدة في موضوع حقوق المرأة. ما هي الرسالة التي ستطرحينها في المؤتمر لتعكس تلك التجربة الغنية؟ • التجربة التونسية، كما لا يخفى على أحد، متميزة تغوص في عمق التاريخ وتعود لزمان طويل ولكن تم تثبيتها في «مجلة الأحوال الشخصية» عام 1956. ثم تبعت ذلك مجموعة من القوانين الحديثة والتحديثية وصولا إلى دستور 2014 الذي يصر على أن المساواة والتناصف هما أمران ضروريان وتصر الدولة على احترام حقوق المرأة والحفاظ عليها وحمايتها. ○ رغم التقدم الكبير في موضوع حقوق المرأة في تونس إلا أن وضع المرأة ما زال متخلفا عن الرجل في موضوع الأجور والرواتب، كيف يمكن تصحيح الأوضاع لصالح المساواة؟ • القوانين جاءت لتحمي الحقوق الإنسانية ولكننا وضعنا آليات من أجل العمل على تنفيذ هذه القوانين. من بين الخطوات أنشأنا مجلس النظراء يشرف عليه رئيس الحكومة وتشارك فيه اطارات عليا من الدولة تسهر على حقوق المرأة. في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي قمنا بعمل دورة تدريبية لأعضاء الحكومة بمن فيهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية لتمكينهم من مفهوم التنمية والعمل على مقاربة النوع الاجتماعي والتخطيط التنموي حسب مقاربة النوع الاجتماعي. نسعى دائما إلى المزيد من التطور لأننا نعرف أن الواقع في كثير من الأحيان لا يتماشى مع القوانين. نعرف أن هناك تحديات ونعمل على رفع هذه التحديات وتجاوزها. ○ هناك ظاهرة طارئة على المجتمع التونسي وهي التطرف برزت إلى السطح بعد الثورة، كيف تواجهونها؟ • ظاهرة التطرف والإرهاب هي ظاهرة عالمية لا يكاد يخلو منها مجتمع وكل دولة تعالجها بطريقتها الخاصة وكل مجتمع يصوغ مقارباته الخاصة للتصدي لهذه الظاهرة. نؤمن بالديمقراطية وبأن الاختلاف رحمة وظاهرة صحية ونستمع إلى كل الأصوات ونؤمن كذلك أن الحياة قابلة للتطور والسير نحو الأفضل لحماية الإنسان وكرامته رجلا كان أو امرأة. إن عودة المرأة إلى البيت أمر يهم النساء والرجال معا ولذلك سيحاربانها معا إذا كان المقصود بذلك التخلي عن الانجازات التي حققتها المرأة التونسية. «مجلة الأحوال الشخصية» عبارة عن ثقافة، أصبحت ثقافة نعيشها في أفكارنا ووجداننا. نعود إلى بيوتنا رجالا ونساء، ولكن ليس العودة إلى البيت بمعنى التخلف، نحن لا نسير في طريق التخلف بل طريق العلم والتقدم والانفتاح. ○ ماذا يريد الوفد التونسي المشارك في هذا المؤتمر أن يحقق؟ • وفدنا الرسمي مكون من أربعة أشخاص إمرأتين ورجلين. وهذا التوازن جاء عفويا وهو يعكس وضع تونس في التوازن والتسامح والاحترام المتبادل بين الجنسين. والرسالة التي نريد أن نبلغها للعالم أننا مجتمع جذوره عريقة في جوف الأرض وفروعه ترتفع عاليا في السماء. نؤمن بحرية الرأي ونحترم حقوق الإنسان ونعتبر أن الحقوق الإنسانية التي توافق عليها الناس عبر العصور هي أكبر مكسب أنجزته الإنسانية للجميع بدون استثناء. ○ هل هناك خوف على الديمقراطية في تونس. وهل التجربة التونسية في خطر؟ • الشعب التونسي مثل حقل القصب الذي ينحني أمام العاصفة لكنه لا ينكسر. وعندما نعود إلى حالة الاستقامة بعد الانحناء نكون أقوى ونسير دائما نحو الأصلب. وضعاف القصب يطير من الحقل ولا يبقى إلا الأقوى. هيفاء الأغا: وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية ○ ما هي الرسالة التي تحملينها نيابة عن المرأة الفلسطينية؟ • مشاركتنا في الدورة الواحدة والستين للجنة وضع المرأة هو من أجل تمكين المرأة الفلسطينية في المجال الاقتصادي ولننقل صورة عن معاناة المرأة الفلسطينية في هذا المجال والعالم يمر في محنة اقتصادية في هذه الظروف المتغيرة والصراعات الداخلية المنتشرة في أكثر من مكان، الشيء الذي أدى إلى تراجع أهمية القضية الفلسطينية. فقدومنا مهم جدا وحضورنا في كافة المحافل الدولية أمر ضروري لنرفع صوت الشعب الفلسطيني بشكل عام والمرأة الفلسطينية بشكل خاص. جئنا نطالب بتمكين المرأة الفلسطينية اقتصاديا وهذا الطلب كان محور الكلمة التي ألقيتها في الجمعية العامة باسم المرأة الفلسطينية متسائلا كيف يمكن تمكين المرأة تحت الاحتلال؟ فكيف يمكن تمكين النساء الفلسطينيات اقتصاديا ونحن لا نستطيع أن نتصرف في حدودنا ولا ثرواتنا ولا مصادرنا الطبيعية ولا حتى في مصيرنا. وفي هذه الظروف طالبنا المجتمع الدولي أن يكون عام 2017 هو عام انهاء الاحتلال. خمسون عاما من الاحتلال يكفي، من العيب أن تظل دولة واحدة في القرن الواحد والعشرين تحت الاحتلال. لا نريد العنف ولا الحرب، نحن شعب مسالم حضاري نصارع من أجل أرضنا وحماية وجودنا على الأرض الفلسطينية من أجل اقامة دولتنا المستقلة والمتمتعة بالسيادة والكرامة والاستقلال الوطني. الشعب الفلسطيني شعب أصيل متجذر في أرضه والمرأة الفلسطينية من نسيج هذا الشعب المناضل. ○ المرأة الفلسطينية تعيش نوعين من الاضطهاد، الاحتلال والمجتمع الذكوري المتسلط فكيف يمكنها أن تنتصر على الاضطهادين؟ • صحيح، لكن المعاناة الأساسية للمرأة الفلسطينية آتية من الاحتلال البغيض. المرأة تعاني على الحواجز وتتحمل عنف المستوطنين واعتقالات الأبناء والأزواج والأخوة. بعض النساء أوقفن على الحواجز وهن في الطريق إلى مستشفى التوليد وبعض الأطفال ماتوا على الحواجز بسبب الميلاد غير الآمن. في القدس سحلت بعض النساء، وفي غرف التفتيش تمت تعرية بعضهن بحجة الأمن وسحب الحجاب من على رؤوس المصليات في القدس. حرب غزة 2014 استهدفت النساء والأطفال عن عمد لأن النساء يلدن الأبطال والأطفال في الطريق إلى البطولة. نطالب العالم بالوقوف مع نضال المرأة الفلسطينية ضد هذا العنف الآتي من دولة الاحتلال. أما العنف المجتمعي فهو متوارث من عادات قديمة ليس لها علاقة بأخلاق شعبنا وهي بعيدة عن أخلاق الإسلام الذي أنصف المرأة بشكل كبير وفي كثير من الميادين. المرأة العربية المسلمة أخذت دورا كبيرا في عهد الرسول محاربة وتاجرة وعالمة. نود أن نرجع إلى عاداتنا الأصيلة والصحيحة وهذا التهميش وتفضيل الرجال وتعنيف المرأة يحتاج إلى وقت وثقافة معينة لتغييره. وبالفعل بدأنا نغير مثل هذه العادات المتحجرة لكن نحتاج إلى وقت وإلى تقدم تراكمي لنصل إلى تلك المرحلة. ○ هناك جدلية مفادها مع تصاعد الاشتباك مع العدو يقل العنف المجتمعي ومع تراجع المواجهة يزداد العنف الداخلي وخاصة الذي يستهدف المرأة. هل توافقين على هذا القول؟ • تفاقم العنف بالتحديد في غزة بعد حرب 2014 وارتفعت نسبة الطلاق. العنف افراز طبيعي للحرب. دمرت البيوت وانتقلت كثير من العائلات لتعيش بشكل جماعي في مراكز الإيواء كالمدارس حيث كانت تضم الغرفة الواحدة أكثر من 50 مواطنا نساء ورجالا. الخصوصية لم تكن موجودة. كان هناك خوف وترقب وضياع وضغط نفسي، فكيف سيبقى الناس يتصرفون بطريقة طبيعية. كل هذه المعاناة النفسية والاقتصادية والصحية شكلت حالات ضغط داخلي قد ينفجر بطريقة مرضية كالعنف الأسري والأمراض الجسمية والنفسية لكن الشعب الفلسطيني تجاوز كثيرا من هذه المآسي. كثير من نساء العالم بعد الحروب يتعرضن للظلم والقهر وبعضهن يتاجرن بأجسادهن إلا في فلسطين، فالمرأة تتحمل كثيرا وتصبر وتخرج من الحرب أقوى عزيمة وأصلب عودا وأكثر تمسكا بكرامتها. كثير من المقاتلين كانوا يستمدون صلابتهم من المرأة الصامدة التي تقف فوق ركام بيتها وتقول باقون هنا وصامدون هنا ولن نرحل. ○ متابعة للسؤال السابق هناك ظاهرة عادت للانتشار في المجتمع الفلسطيني وهي جريمة الشرف. كيف تفسرين هذه الظاهرة؟ • لسنا ملائكة بل بشرا عاديين ولدينا الصالح والطالح. لكن أود أن أؤكد أن الظاهرة موجودة ولكن بشكل غير مقلق. والتقرير الأخير لوزارة الداخلية يؤكد أن هناك انخفاضا في نسبة جرائم الشرف. لكننا ندين هذه الممارسة حتى لو حدثت لمرة واحدة. كثير من النساء يقتلن لأسباب أخرى لا علاقة لها بالشرف مثل الميراث ورفض الزواج من شخص ترتضيه العائلة أو قيام الفتاة بممارسات لا تنسجم مع تقاليد العائلة أو بناء على الشك فقط. لكن كل هذه الجرائم تعلق على شماعة جرائم الشرف والبعض يطمح من وراء هذا التصنيف أن ينال حكما مخففا. وهذا مرفوض ونحاول أن نعمل على تغيير قوانين تتعلق بهذا الموضوع مثل العذر المخفف. الجميع يجب أن يخضع للقانون. الله منح الروح ويجب ألا يأخذها أحد إلا الله. ○ كثير من الفلسطينيات يتحملن مسؤولية إعالة أسرهن بسبب استشهاد المعيل أو أسره أو رحيله قسرا. كيف تصفين أحوال النساء الفلسطينيات المعيلات؟ • المرأة الفلسطينية تدفع ثمن أي كارثة تحدث في فلسطين. تتحول مسؤولية العائلة من غذاء ودواء وكساء في غالب الأحيان إلى المرأة. حتى أثناء المعارك تضطر لتدبير احتياجات الأسرة بالمغامرة بالخروج من البيت. الوضع الاقتصادي هش وأكبر مشاكله أنه مرتبط بالاقتصاد الإسرائيلي. فدخل الفرد الإسرائيلي خمسة أضعاف الفلسطيني لكن الإثنين يدفعان السعر نفسه لشراء لتر من البنزين مثلا، بل على العكس أسعار الكهرباء والماء أرخص للإسرائيلي منها للفلسطيني. بالإضافة إلى الارتباط بالاقتصاد الفلسطيني هناك حصار خانق على الاقتصاد الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة. وكل ما مرت فترة هدوء وبناء وتقدم اقتصادي تقوم إسرائيل بشن عدوان جديد فتهدم كل ما بناه الفلسطينيون. انها تسيطر على البر والبحر والجو وكافة المعابر. 50 في المئة من النساء يعملن في قطاع الزراعة ولكن بعد الاستيلاء على الأراضي الحدودية ومنع الفلسطينيات من الوصول إلى أراضيهن وجني ثمار أشجارهن ومحاصيلهن خفض نسبة النساء العاملات في قطاع الزراعة إلى 30 في المئة. أما بالنسبة للقوة العاملة بين النساء الفلسطينيات فلا تتجاوز 19.4 في المئة علما أن 62 في المئة من النساء الفلسطينيات يحملن شهادة جامعية. ولا تتجاوز نسبة الأمية في فلسطين 3٪ وهي من أفضل النسب في المنطقة العربية، وعند التعيين في الوظائف العامة دائما يفضلون الرجال ولا تزيد نسبة النساء عن 40 في المئة بينما تنخفض النسبة في المراكز القيادية إلى 11.2 في المئة ونسبة الوزيرات 7 في المئة. وكموظفات في المناصب العليا لم نسمع ولو لمرة واحدة أن قدمت امرأة للمحاكمة بسبب اختلاس المال العام أو الفساد الإداري. وحسب منظمة الشفافية العالمية تنخفض نسبة الفساد 10 في المئة في المراكز التي تحتلها المرأة مقارنة بالوظائف نفسها التي يحتلها الرجال. يجب ان لا تعاقب المرأة كونها امرأة تلد وتحمل وترضع. المعيار الأساسي في التوظيف يجب أن يتعلق بالكفاءة لا بجنس المتقدم. ○ كيف وجدت التضامن مع الشعب الفلسطيني هنا؟ • لقد وجدت التضامن مع الشعب الفلسطيني جيدا فقد رحب الحضور بكلمتي وكان التصفيق حادا. هناك تأييد للرسالة التي طرحتها وهي بكل بساطة: «كيف تطالبون تمكين المرأة اقتصاديا ونساؤنا تحت الاحتلال. انهوا الاحتلال. ليكن هذا العام نهاية للاحتلال كي تنطلق النساء في عملية تنمية اقتصادية. أوقفوا الحصار افتحوا المعابر فالفلسطينيات لا تنقصهن الخبرة أو المهارة فأفضل معلمة في العالم اختيرت من فلسطين وهناك المخرجات السينمائيات والكاتبات والمخترعات للسماد الكيميائي الصديق للبيئة» وختمت كلمتي بالقول: «شعب فيه هذه النماذج ألا يستحق الحياة؟ ألا يستحق الاستقلال؟» فضجت القاعة بالتصفيق. على هامش الدورة 61 للجنة المرأة: ثلاث وزيرات عربيات يتحدثن عن أوضاع النساء في العالم العربي عبد الحميد صيام |
حرية التعبير في تونس: مكاسب عديدة تحققت وأخرى في الانتظار Posted: 25 Mar 2017 03:12 PM PDT تونس ـ «القدس العربي»: يشهد القاصي والداني أن حرية التعبير باتت واقعا في تونس، وهي تكاد تكون المكسب الوحيد بعد «الثورة» خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتونسيين. واستفاد الإعلام بشكل لافت من مناخ الحريات المتوفر حتى باتت وسائله المختلفة تشهد إقبالا واسعا على حساب نظيرتها العربية والأجنبية التي كانت مجح التونسيين قبل 14 كانون ثاني/يناير 2011. ولا يبدو أن التونسيين على استعداد للتفريط في المكاسب الحاصلة في مجال حرية التعبير رغم الانتكاسات التي تحصل من حين إلى آخر في هذا المجال سواء في زمن حكم الترويكا أو مرحلة ما بعد انتخابات 2014 التي أنتجت ائتلافا حاكما فيه مزيج بين القديم والجديد. بين المهنية والتوظيف الكاتب والإعلامي التونسي كمال بن يونس رئيس تحرير في جريدة «الصباح» أكد لـ «القدس العربي» ان «هامش حرية التعبير تطور بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية لكن التحدي الأبرز بالنسبة لبعض المؤسسات الإعلامية هو الخلط الذي يقع بين حرية التعبير والفلتان الإعلامي ومنها التعرض لرموز الدولة وأحيانا دون حجج». ويضيف ان «توجيه المعلومة، بما في ذلك المعلومة الأمنية والعسكرية، والتحكم بها ظاهرة عامة ليست خاصة بتونس وموجودة حتى في أوروبا، حيث يقع توظيف العمليات الإرهابية في الحملات الانتخابية». ويتابع: «أما المشكل الكبير بالنسبة للإعلام التونسي وربما في إعلام الدول العربية، عموما ان هناك خلطا بين المهنية والتوظيف. الخبر مقدس والتعليق حر، قاعدة تطبقها وسائل الإعلام العالمية، لكن الآن في بعض وسائل الإعلام التونسية نلحظ ان هناك تعددا وليس تعددية يعني هو مجرد تعدد عددي. وإذا رأينا كيفية تعاطي وسائل الإعلام مع أزمة نداء تونس وهو الحزب الحاكم مؤخرا نجد ان هناك خلطا كبيرا بين التعددية والتعدد. إذ يصار إلى نقل المعارك الندائية والتسريبات مع تعدد المتدخلين وهذا لا يصنف تحت إطار التعددية، ولا نجد من يطرح اشكالية هذا الحزب مثلا أو غيره بل هناك بحث عن الإثارة الإعلامية بعيدا عن الموضوعية». وعن دور المال السياسي في هذه المعارك يجيب بالقول: «لا يخفى ان المال السياسي يلعب دورا كبيرا في توظيف بعض وسائل الإعلام، ومن بين انعكاساته السلبية تهميش الملفات الكبرى والأكثر أهمية لصالح ملفات أخرى. مثلا لو كان هناك هامش من الحرية الإعلامية مع النزاهة لوقع التركيز على ضرورة البدء بتنظيم الانتخابات المحلية والبلدية قبل الانتخابات النيابية على غرار ما يحصل في كبرى الديمقراطيات العريقة. ولكن هناك من ليس في صالحه استقرار الوضع وذلك من خلال تواصل الاضرابات الفوضوية بسبب غياب بلديات منتخبة محليا. هناك ملفات أخرى يقع تهميشها من قبل الإعلام مثل الفساد الآتي من التهريب. حيث ان أرقام وزارة المالية التونسية تؤكد تسرب 70 في المئة من الواردات بسبب التهريب، أو يقع تهميش ملفات الفساد الضخمة أو ملفات الفساد في قطاع الصحة أو الصفقات الكبرى في بعض الطرقات ومشاريع البناء على حساب نقاشات بيزنطية حول وزير وظف خبيرا بألفي دينار تونسي». ويتابع: «هذه الملفات والمسائل يقع تهميشها وشغل الناس بمعارك ايديولوجية سياسية ومزايدات لا أخلاقية بين بعض اللوبيات وتهميش الشباب واستبعاد النقاش حول المشاكل الحقيقية للبلد وهي في الأساس تنموية بما في ذلك التربية والتعليم. فخلال كل السنوات الماضية نجد ان تلاميذ المدارس العمومية لا يدرسون إلا أربعة أشهر بسبب تواصل الاضرابات في النقابات الثانوية والتعليم الأساسي، وأيضا هناك تساؤل حول تضخم أعداد المدارس الخاصة على حساب العمومية وكذا الحال في المستشفيات الخاصة». ويطرح محدثنا تساؤلا حول من المستفيد من تهمش هذه الملفات الكبرى؟ ويضيف: «باعتقادي ان الإعلام يلعب دورا كبيرا في توجيه الرأي العام وصنعه، لذلك فان وضعه بين أيدي بعض مافيات رجال المال يعقد الأزمات بدل حلها». مرحلة انتقالية من جهته، يقول الخبير الإعلامي التونسي ورئيس تحرير اذاعة «صراحة اف ام» هشام الحاجي في حديثه لـ «القدس العربي» أنه: «لا شك ان قطاع الإعلام في تونس يعيش مرحلة انتقالية ما دام بصدد التحول من إعلام موجه في أغلبه إلى حر. ومفردات الانتقال تؤشر في حد ذاتها إلى أهمية المرحلة ويكفي ان نستحضر هنا مؤشرين اثنين يتمثل الأول في العدد الهام من الصحف الورقية والمواقع الالكترونية والمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية التي تؤثث المشهد الإعلامي، وهو عدد غير مسبوق في تاريخ تونس، وأما المؤشر الثاني فيتمثل في ارتفاع سقف الحريات لان الإعلام يعمل بدون محرمات و ممنوعات تقريبا، وهذا من النقاط الايجابية التي تضاف إلى الحيوية التي أدخلها تشبيب القطاع على المنتوج الإعلامي علاوة على ان شباب المهنة قد أظهر دفاعا لافتا عن الصحافة ودورها». ويضيف: «لكن للعملة وجهها الثاني والمتمثل في حصول تراجع عن الطفرة التي شهدها الإعلام بعد 14 كانون ثاني/يناير 2011 إذ تلاشت عدة صحف ظهرت بعد هذا التاريخ وغابت عدة اذاعات جديدة خاصة تلك التي اختارت التموقع في الجهات الداخلية ورمت عدة قنوات تلفزيونية، تأسست في سياق الاحتفاء بما يسميه أنصارها ثورة الكرامة، المنديل. ومن المفارقات في هذا الصدد ان وسائل الإعلام التي كانت فاعلة وناشطة قبل مغادرة زين العابدين بن علي سدة الحكم قد استعادت الموقع بل كانت أكثر قدرة على الاستفادة من مناخ الحريات والانفتاح لتحتل صدارة المشهد ولتزيد من تأثيرها ونفوذها ولتغنم من ذلك الكثير ماديا ومعنويا». ومن خلال هذا التوصيف الأولي، يتوقف محدثنا عند أهمية الرهانات التي يواجهها الإعلام التونسي معتبرا أن محدودية السوق تلعب دورا «كابحا» ومعطلا ويضيف إلى ذلك تأثير الأزمة الاقتصادية وأيضا غياب الشفافية في مستوى التمويل والإعلانات ويتوقع المزيد من الصعوبات أمام الإعلام والإعلاميين خاصة وان الحكومة لا تبدو على عجلة من أمرها، في رأيه للانكباب على وضع الآليات الكفيلة بحماية القطاع وتطويره. يضاف إلى ذلك، التداخل بين الجوانب الاتصالية والإعلامية وهو تداخل يمس، حسب الحاجي استقلالية وحرية الإعلام ويسيء إلى الاتصال. ويكفي أن نشير، حسب محدثنا، إلى تواتر الحديث عن «هيمنة» المال الفاسد لدى بعض وسائل الإعلام وما تثيره عمليات سبر الآراء من ردود فعل مشككة في مصداقيتها، للتدليل على ما ذكر. وهذا التداخل، في رأيه، من شأنه أن يقلص من مصداقية وسائل الإعلام وينقص بالتالي من اشعاعها ومردوديتها وهو ما يتأكد، في رأيه أيضا، من التراجع في مبيعات الصحف ونسب المشاهدة والاستماع. ويتساءل هشام الحاجي: «هل سيقع الانطلاق من المكاسب للحفاظ عليها وتطويرها أم ان الإعلام التونسي سيتراجع؟ الجواب في رأيه يكون لدى الإعلاميين الذين يبدو أن إصرارهم على حماية الحريات وعلى تطويرها هو الذي سيتغلب في النهاية. مفارقات حريّة الإعلام معز زيّود، الإعلامي والباحث في علوم الإعلام والاتّصال قال لـ «القدس العربي» ان قطاع الصحافة والإعلام، عرف خلال السنوات الأخيرة، مفارقات وإشكالات عديدة تمسُّ جوانبه التنظيميّة والمهنيّة والمجتمعيّة، ولكنّها لا تعكس ما حازه من درجة حريّة تعبير غير مسبوقة وما يواجهه من ضغوط وصعوبات متواترة للحدّ منها. وهو ما أثّر عموما في علاقته بالمشهد السياسي العام في البلاد. وأضاف ان منسوب حريّة التعبير الذي تحقّق لوسائل الإعلام التونسيّة بفضل أولى ثورات «الربيع العربي» عام 2011 لا يزال مرتفعا جدا. وهو ما جعلها تتربّع، دون منافسة، على عرش حريّة الصحافة على الصعيد العربي، لاسيما أنّ تونس تحتل المرتبة الأولى عربيا في التصنيف العالمي لحريّة الصحافة خلال عام 2016، وذلك بعد سنوات طويلة من انحسار الحريّات واكتساء الإعلام بلون واحد قبل الثورة. فقد أضحت وسائل الإعلام إجمالا في حل من أي خطوط حمراء أو مواضيع محرمة أو شخصيات عصية على النقد الحاد مهما علا شأنها. وفي المقابل، يضيف محدثنا، فإنّ الطفرة الإعلاميّة السائدة لم تحل دون تواتر ممارسات التضييق والتقييد ضدّ الصحافيين التونسيين في مناسبات عدّة، وخاصّة أثناء تغطية بعض العمليّات الإرهابيّة أو مواكبة الاحتجاجات الاجتماعيّة المتصاعدة في عدد من جهات البلاد. كما تتعلّق الانحرافات القائمة بالواقع التنظيمي الداخلي لوسائل الإعلام في حدّ ذاتها، بالنظر إلى ارتباط بعضها بأصحاب المصالح ودوائر التمويل غير المعلنة. وهو ما أدّى، في أحيان عديدة، إلى تسخير بعض وسائل الإعلام ما تحظى به من حريّة لتصفية حسابات سياسيّة أو حتّى أيديولوجية في مختلف الاتجاهات. وهذا ما يطرح ضرورة إيجاد الآليّات الكفيلة برفع تحدّي التعدّدية الإعلاميّة الحقيقيّة، باعتبارها لا ترتبط بالكمّ بقدر ارتباطها بالكيف. واشار إلى أنّه رغم إحداث «الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري» منذ سنة 2013 المكلّفة بإسناد التراخيص للقنوات التلفزيونيّة والمحطّات الإذاعيّة ومراقبة مضامينها ومنعها من تجاوز القانون وحماية استقلاليتها حيال السلطة التنفيذيّة وقوى المال والأعمال، فإنّ المؤسّسات الإعلاميّة لا تزال إلى حدّ كبير سجينة التجاذبات السياسيّة السائدة في البلاد، بل إنّ تلك الهيئة التعديليّة تحتاج في حدّ ذاتها لمن يُراقب أعمالها ويحفظ حيادها، في ظلّ انشغال مجلس نوّاب الشعب بصراعات سياسيّة مزمنة لا تزال تُميّز الفترة الانتقاليّة التي تمرّ بها تونس في كلّ المجالات. ويرجع حالة الانفلات التي تعرفها المؤسّسات الإعلاميّة إلى ارتهانها لإكراهات التمويل والتوزيع والإعلانات التي لم تخضع بعد إلى التنظيم القانوني. وهو ما يُشكّل أخطارا متواترة على حريّة الإعلام والصحافة في تونس، لاسيما في ظلّ طغيان حرب زيادة نسب المشاهدة والاستماع للقنوات التلفزيونيّة والمحطّات الإذاعيّة بسبب غياب أيّ تنظيم لهذا القطاع والإبطاء في إنشاء هيئة مستقلّة لقياس جمهور وسائل الإعلام، فضلا عن تأخّر تشكيل المجلس الأعلى للصحافة. ويردف بالقول: «واجمالا فإنّ ما تتمتّع به وسائل الإعلام التونسيّة من فائض منسوب الحريّة قد أضرّ بموضوعيّة المواد الإعلاميّة التي تُقدّمها وفتح الأبواب على مصراعيها أمام تواتر انتهاك أخلاقيّات المهنة، في ظلّ غياب القدرة على تعديل المشاكل المتراكمة للقطاع. كما أنّ استفادة وسائل الإعلام من الدرجة العاليّة لحريّة التعبير في كشف الكثير من قضايا الفساد لم يُحدّ من تصاعد نسق تلك التجاوزات أمام ضعف مؤسّسات الدولة في إنفاذ القانون. ومع ذلك تبدو هذه الفوضى أمرا منتظرا، إلى حدّ ما، وذلك بالنظر إلى خصوصيّات الفترة الانتقاليّة التي تعيشها تونس، باعتبار أنّ فائض الحريّة يُعدّ أفضل بكثير من غياب أو تغييب حريّة التعبير والصحافة والنشر في أيّ بلاد». استهداف حكومي ويعتبر رئيس منظمة «صحافيون بلا حدود» خليل الحناشي في حديثه لـ»القدس العربي» أن آخر القلاع الحصينة بعد أحداث الثورة التونسية هي تلك المتعلقة بحرية التعبير والحق في النفاذ إلى المعلومة في إطار حق دستوري يكفله دستور الجمهورية الثانية الصادر في كانون الثاني/يناير 2013. بيد أن هذه القلعة بدأت بدورها تشهد، في رأيه، بعض محاولات الاختراق التي تقف وراءها الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد والذي أقر مرسوما يقضي بعدم التصريح أو تقديم معلومات للصحافيين وفقا للمنشور الحكومي عدد 4 . وفي واقع الأمر فقد وجد هذا المنشور، حسب الحناشي، صدى كبيرا لدى مختلف مكونات المجتمع المدني المؤمنة بأن حرية التعبير خط أحمر لا مجال للمس به. وقد وحد هذا الأمر صفوف المنظمات الحقوقية في تونس لتصدر يوم 8 شباط/فبراير بيانا مشتركا ضم ثماني منظمات منها نقابة الصحافيين التونسيين، وهو ما جعل الحكومة تتراجع عنه، حسب محدثنا. في المقابل لا تزال الحكومة مصرة على تطبيق هذا المنشور الذي يأتي في وقت أكدت فيه على انها تسعى لتغيير الواقع الاجتماعي الرديء للصحافيين للتونسيين ما يحيلنا إلى القول ان حكومة الشاهد تعمل على مقايضة الصحافيين، فأما أن تحسن وضعهم الاجتماعي مقابل تمرير المنشور عدد 4 أو أن تتركهم يتخبطون في واقعهم الاقتصادي المتأزم. فمحاولة الحكومة، حسب محدثنا هي في الواقع محاولة يائسة وذلك بالنظر إلى حجم الرفض الواسع لعموم الصحافيين الذين أكدوا يومها تمسكهم بحقهم في المعلومة وتأكد الأمر أكثر فأكثر مع صياغة هاشتاغ تحت عنوان «سيب المعلومة» أي اترك المعلومة تمر، وهي حركة رمزية أخذت في التوسع لتشمل عددا كبيرا من المهتمين بالشأن العام بالإضافة إلى قطاع واسع من الأحزاب والشخصيات السياسية المستقلة. ويضيف رئيس منظمة «صحافيون بلا حدود»: «بالرغم من الرفض فإن الحكومة واصلت لفترة طويلة سياسة الهروب إلى الأمام من خلال رفضها الخوض في الحديث عن منشورها سيئ الذكر في إشارة واضحة إلى انها لم تبل بتحركات الصحافيين مما يؤكد على انها حكومة لا تحترم الآخر المختلف عنها. وقد عجل هذا الأمر باتخاذ خطوات تصعيدية من قبل نقابة الصحافيين التونسيين ولوحت يومها بإمكانية الدعوة إلى إضراب عام للتعبير عن غضب منظوريها من منشور الشاهد وحكومته التي تراجعت بالنهاية وتحت الضغط عن هذا المنشور». وتأتي معركة الإعلام ضد الحكومة، حسب خليل الحناشي، في وقت بدأت فيه النقابة وقطاع الصحافة عموما في التحدث عن أشغال المؤتمر المقبل لنقابة الصحافيين وهي فرصة ستستغلها الحكومة لدعم بعض «الزملاء» في المعركة الانتخابية المقبلة بما يمكنها من تثبيت الموالين لها من الصحافيين والذين يسعون جاهدين لإقناع الصحافيين بوجاهة توجهات حكومة الشاهد وسلامة اختياراتها. حتى أن البعض منهم، حسب محدثنا، قام بنسخ منشورات زملاء لهم من على صفحاتهم الخاصة على فيسبوك ونقلها إلى المصالح الإعلامية للحكومة مقابل وعود بالتوظيف في المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة. ويختم بالقول: «معركة الإعلام في تونس متواصلة ضد الحكومة التي تعيش حالة من الشيزوفرينيا حيث أنها تدعي دعمها لمكسب حرية الرأي والتعبير والنشر، والحال أن سلاحها موجه إلى هذه القلعة لمحاولة اختراقها من الداخل عبر فرمان متخلف وزملاء مستعدون للعب أدوار مهينة مقابل توظيف أو وهمن هم في غنى عنه». حرية التعبير في تونس: مكاسب عديدة تحققت وأخرى في الانتظار روعة قاسم |
«المنطقة العازلة» من قطاع غزة محرومة من الشجر والبشر ضمن مخطط إسرائيلي لقضمها وتشريد سكانها Posted: 25 Mar 2017 03:11 PM PDT غزة ـ «القدس العربي»: على مقربة من الحدود الشرقية التي تفصل بلدة القرارة الواقعة جنوب قطاع غزة، عن السياج الأمني الذي شيدته إسرائيل، وأتبعته بمنطقة سمتها «المنطقة العازلة» يقف سكان تلك المساحة التي كثيرا ما تشهد توغلات عسكرية ينفذها الجيش الإسرائيلي، ينظرون يوميا إلى حقولهم ويترقبون أن تمر عليها الأيام بسرعة، ليتمكنوا من حصادها بمناجلهم، قبل أن تحصدها سحقا الدبابات والجرافات الإسرائيلية، وتصبح كما في مرات سابقة كثيرة أثرا بعد عين. في تلك المنطقة الحدودية التي ترتدي في هذا الوقت من العام ثوبا أخضر، مع نمو النباتات، التي اقترب حصادها، والأزهار الربيعية التي شقت الأرض وأنبتت ألوانا مبهجة، بدون تدخل البشر، يمتزج هناك فرح السكان، بذكريات الألم. فاقتراب حصاد المحاصيل غالبا ما يترافق مع توغلات برية وعمليات عسكرية تنفذها قوات الاحتلال، التي لا تنقطع عن مهاجمة الحدود، بحجة تهيئة «المنطقة العازلة» ومنع نمو أي أشجار أو مزروعات في مساحتها، وهو أمر يضع هؤلاء المزارعين في حالة خوف كبيرة، خشية من توغل مفاجئ يأتي على حقولهم. منع بقوة النار ومصطلح «المنطقة العازلة» يطلق على تلك المناطق التي تقع على مسافة 300 متر من أراضي القطاع، من السياج الفاصل، وهي مناطق تمنع إسرائيل وجود أي نباتات أو بيوت داخلها، وتتحجج أن السبب في إقامتها يعود لاستغلال المنطقة الفارغة من رصد أي تحركات ضدها. «القدس العربي» زارت المنطقة والتقت الكثير من أصحابها، جميعهم تحدثوا عن حجم الخسائر المادية الكبيرة التي تكبدوها جراء العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل، ولم ينسوا الإشارة إلى تردي أوضاعهم الاقتصادية. وفي أرضه وقف مزارع يدعى أبو المكارم أبو سعادة، وهو رجل في بدايات العقد الخامس، وراح يشرح مأساة سكان المنطقة، ويقول وهو يشير بيده اليمنى، بعد أن ترك المنجل الذي كان يستخدمه في حصاد جزء من محصول «السبانخ» «شوف (أنظر)» وكان يصوب إبهامه نحو أرض زراعية قد محقت بالكامل «هذه أرض جدي» وقد جرفت تلك المنطقة في بدايات اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2000 ولم تسمح إسرائيل التي شملتها ضمن نطاق «المنطقة العازلة» بزراعتها، أو وصول ملاكها إليها. ويضيف لـ «القدس العربي» أنه منذ 17 عاما يرى تلك الأرض بعينيه، ولم تطأها قدماه مطلقا، ولا يخفي شوقه للوصول إليها وزراعتها، من أجل زيادة إنتاجه. لكن جنود الاحتلال دوما لهم بالمرصاد وهم يطلقون النار على كل من يقترب من حدود المنطقة، وتسببت عمليات إطلاق نار سابقة في وقوع ضحايا كثيرين من الفلسطينيين. ويقول المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن قوات الاحتلال تعرّض هذه المنطقة للذخيرة الحية، ويؤكد أن إقامة «المنطقة العازلة» مخالفة للقانون الدولي، حيث لا توجد ضرورة عسكرية تستلزم إقامة «مناطق عسكرية مغلقة» دائمة داخل قطاع غزة، ويوضح أن استخدام الذخيرة الحية يتسبب في إلحاق الإصابات في صفوف المدنيين، الأمر الذي يشكل «جريمة حرب». لا شجر يزرع ويضطر الكثير من سكان المنطقة لزراعة المحاصيل الموسمية، التي تزرع وتحصد في مواسم معينة، كالبصل والبازلاء والطماطم والسبانخ، بدلا من زراعة الأشجار المثمرة. ويوضح المزارع أبو سعادة أن لذلك علاقة بالعمليات العسكرية الإسرائيلية، ويقول إن الجيش الإسرائيلي قضى على الغالبية العظمى من الأشجار المثمرة في مناطق الحدود، خلال التوغلات البرية أو خلال الحروب السابقة، وإنه كان يلجأ في بداية الهجمات لاقتلاع الأشجار المثمرة، من بينها أشجار زيتون فاق عمرها المئة سنة وأكثر، وهو ما كبدهم خسائر مالية كبيرة. ويشير إلى أنهم أضحوا الآن يلجأون إلى زراعة المحاصيل التي لا يزيد ارتفاعها وقت النمو والحصاد عن 20 سم، لسببين، الأول له علاقة بالترتيبات الأمنية الإسرائيلية، التي لا تسمح أن ترتفع الأشجار قرب الحدود، من أجل توفير فرصة مراقبة أفضل لقواتها. وثانيا لأن الأشجار المثمرة تحتاج إلى سنوات حتى تبدأ بدر المحصول، في حين اقتلاعها وتجريفها يكون في أقل من ساعة واحدة. وكثيرا ما تتوغل قوات الاحتلال مع جرافات لتنفيذ عمليات توغل برية على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، وتعمل على تجريف وتمشيط المنطقة، حتى من النباتات البرية. ويشاهد الزائر للمنطقة بالعين المجردة، تلك الأبراج العسكرية الاحتلالية، والسياج الفاصل، ويشاهد أيضا الدبابات والجرافات. ويقول المزارع سليم أبو جامع أحد سكان المنطقة، إن لجوءهم قسرا إلى التحول من الاعتماد على زراعة الأشجار المثمرة، إلى الزراعة الموسمية، زاد من أزماتهم الاقتصادية. وأوضح لـ «القدس العربي» أن العائد المالي الذي كان يتوفر لهم في موسم حصاد الأشجار المثمرة، أكبر من العائد الذي توفره الزراعة الحالية. طائرات رش تفسد المحاصيل ويشير إلى أنه تكبد الشهر الماضي خسائر مالية، بعدما لجأت إسرائيل إلى طريقة جديدة للقضاء على محاصيلهم مع اقتراب موعد حصادها، من خلال رش المنطقة بمبيدات حشرية فتاكة. وقبل أيام ذكر تقرير لمنظمة «بيتسيلم» الحقوقية الإسرائيلية، أن عملية الرش هذه أدت إلى القضاء على محاصيل زراعية على مساحة 2000 دونم. وحسب التقرير فإن المحاصيل التي تعرضت للرش والتلف، لم تكن جاهزة لموسم الحصاد. ويقول المزارع أبو جامع متابعا حديثه بحسرة «متبقاش (لم يتبق) إلنا سوى هذه الأرض»، وكان وقتها يقف وسط أرض زراعية تساوي تقريبا أربعة دونمات مزروعة بالبصل والسبانخ، ويشير إلى أن التوغلات أيضا تأتي على شبكات الري، الأمر الذي يجعلهم في حاجة كل مرة إلى نصب شبكات جديدة، وهو ما يحتاج إلى مال وفير. ويؤكد هذا المزارع إنه لم يحصل حتى اللحظة على قيمة تعويضات أقرت له، حسب الوعد الذي قدمته إحدى الجهات الدولية، التي تقدم تعويضات عن خسائر الحروب والهجمات. خسائر مالية كبيرة ويشتكي هؤلاء المزارعون من ضنك الحياة، ويقولون إنهم باتوا بالكاد يستطيعون توفير لقمة العيش لأسرهم وأطفالهم، بسبب ما خلفته حروب وهجمات إسرائيل ضد لقمة عيشهم. ويقول نزار الوحيدي، مدير عام الإرشاد والتنمية في وزارة الزراعة لـ «القدس العربي»، إن حجم الأراضي التي ابتلعتها «المنطقة العازلة» تقدر بـ 25 ألف دونم، وإنها تشكل ما بين 25٪ إلى 30٪ من حجم الأراضي الزراعية في قطاع غزة. وأشار إلى أن حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها المزارعون، بسبب سياسات الاحتلال، على مدار سنوات الحصار، تقدر بنصف مليار دولار أمريكي. وتحدث الوحيدي عن عمليات منع زراعة الاحتلال للأشجار في تلك المناطق، وتدميرها في أوقات سابقة إلى جانب الأشجار مزارع دواجن وأغنام وأبقار، مؤكدا أن الخطر لا يزال يتهدد سكان ومزارعي تلك المناطق التي يمتد طولها لأكثر من 52 كيلومترا، على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، بفعل سياسات الاحتلال الحربية. وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت أن خسائر القطاع الزراعي خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014 قد بلغت 550 مليون دولار توزعت على القطاعين الحيواني والنباتي. وذكرت أن الاحتلال استهدف بشكل مباشر أكثر من نصف المساحات الزراعية في القطاع التي تقدر بـ 140 ألف دونم، في حين تضررت المساحات الأخرى، بشكل أو بآخر نتيجة عدم قدرة المزارعين للوصول لمحاصيلهم مما تسبب بجفافها. وخلال الحرب أيضا دمرت إسرائيل أكثر من 70 بئر مياه، وجرفت حوالي 34،500 دونم زراعي، واستبقت هذه الخسائر بأخرى خلال الحربين الأولى والثانية، ولا يزال قطاع الزراعة يعاني من خسائر مالية كبيرة، جراء استمرار سياسة الحصار المحكم ضد غزة منذ عشر سنوات. خوف من مقبل الأيام يشار إلى أن الحصار الإسرائيلي والهجمات العسكرية أدت لتدهور الوضع الاقتصادي، وإلى ارتفاع نسب الفقر والبطالة بشكل كبير، حيث باتت غالبية سكان القطاع تعتمد على المساعدات الخارجية لتأمين لقمة العيش، في حين وصل مستوى البطالة إلى نحو 44٪. وبالرغم من السكون الجميل في تلك المناطق القروية الهادئة، التي تسحر الزائر بأصوات الطيور على اختلاف أشكالها، إلا أن الحاجة فرحة، وهي سيدة مسنة يعمل أبناؤها كغيرهم في الزراعة، تخشى أن يبدل ذلك الهدوء، بتصعيد جديد، تعلو فيه أصوات القنابل على أصوات الطيور المغردة. وتقول هذه السيدة وهي في منتصف الثمانينيات لـ «القدس العربي» وقد عايشت سابقا كل الحروب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ بداية الصراع عام 1948، إن الحرب الأخيرة كانت الأعنف، وإنها لا تزال تخشى أن يعود التصعيد من جديد. «المنطقة العازلة» من قطاع غزة محرومة من الشجر والبشر ضمن مخطط إسرائيلي لقضمها وتشريد سكانها أشرف الهور |
مدينة بنيت على وادي مرتيل: تمودة المغربية تنبعث من تحت الأنقاض Posted: 25 Mar 2017 03:11 PM PDT الرباط ـ «القدس العربي»: تعتبر تمودة من أهم المواقع الأثرية في المغرب. وبفضل موقعها الاستراتيجي على إحدى ضفاف البحر الأبيض المتوسط (بالقرب من تطوان) فإن هذه المدينة الأثرية اكتست أهمية قصوى، من حيث كونها شهدت نشاطا بشريا واقتصاديا وحضاريا خلال عصر ما قبل الإسلام، وبالضبط منذ القرنين السادس والخامس قبل الميلاد. ويعدّ هذا الموقع، الذي يتميز بغنى مناظره وبيئته، عاملا من العوامل الرئيسية في عملية التنمية المستدامة لإقليم تطوان. ولقد كان تأهيل تمودة من طرف وزارة الثقافة المغربية مشروعا نموذجيا على صعيد البلاد ككل، حيث أشرفت مجموعة من الفرق متعددة الاختصاصات ـ من ضفتي مضيق جبل طارق ـ على برامج البحث والحفاظ على آثار الموقع وحمايتها ونشر نتائج التنقيبات التي تجري فيها. ومن بين ثمار هذا الجهد إصدار كتيّب/ دليل رسمي للموقع، يقدم تفاصيل وافية عنه. جذور فينيقية قديمة أصل اسم تمودة القديمة يعني «بِرْكَة» أو «مستنقع» فيما يحيل اسم مدينة تطوان التي تأسست خلال العصر الوسيط إلى كلمة أمازيغية تعني «عيون الماء الوفيرة». ويحتمل أن يكون تمودة أطلق في الأصل على النهر والأراضي المحيطة به. وترجح الأبحاث أن تكون لهذه المدينة الأثرية أصول فينيقية قديمة جدا، إذا ما أُخذت بعين الاعتبار عملية استيطان البحارة الذين أتوا من مدن المشرق الأخرى إلى أقصى غرب المتوسط، وذلك منذ القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد. ولقد ساهم تأسيس عدة مستعمرات كـ «غدير» (قادس) و»ليكسوس» (العرائش) في عملية التوغل الفينيقي داخل الأراضي، وهو تأثير أتى ببعض العناصر الرئيسية التي ساهمت في تطور المجتمع فيما بعد كالكتابة والتمدن. وأدى اتصال الفينيقيين بالمجتمعات المحلية إلى تطور بعض أشكال السكن من قرى صغيرة إلى مدن حقيقية، وعرف الشاطئ المتوسطي بدوره نشاطا استيطانيا ملحوظا، كما تدل على ذلك المحطات التجارية القديمة التي عُثر على آثارها في مدن سبتة ومليلية والناظور. ويبدو أن وادي مرتيل لم يكن بمعزل عن النشاط الاستيطاني الفينيقي، كما يدل على ذلك وجود محطة هامة في مصبه، مما يؤكد أهمية هذا المجرى النهري كمنفذ للاتجار مع سكان المناطق الداخلية للمغرب. فعلى ضفاف هذا الوادي، يوجد موقع «كيتان» الذي جرى فيه التنقيب من لدن فريق من الأكيولوجيين المغاربة والاسبان، مما أثبت التغلغل الفينيقي في البلاد. ويؤكد الباحثون المختصون أن وجود رابية فريدة بمحاذاة وادي مرتيل مكّن سكان تمودة من مراقبة المنفذ الذي يؤدي إلى الأراضي الخصبة الداخلية، كما أتاح لهم المبادلات التجارية مع الساحل ومن حماية أنفسهم بسهولة. وبذلك، يلاحظ أن تمودة انتصبت في موقع جغرافي واستراتيجي مهم وملائم لتطور حاضرة كبرى. وترجح المعطيات الأثرية أن يكون تأسيس تمودة تم في زمن ما من القرن السادس أو الخامس قبل الميلاد، وهو تأسيس ما زالت المعلومات بخصوصه نادرة، غير أن ذلك لا يمنع من التأكيد على وجود مدينة «هيلنيستية» كبيرة، أعيد تأسيسها في أواخر القرن الثالث أو مطلع القرن الثاني قبل الميلاد. وكانت تمتد على جزء كبير من السهل، حيث بلغت مساحتها عدة هكتارات. وتعكس مدينة تمودة هندسة بناء ميزت العصر «الهيلنيستي» في حوض البحر الأبيض المتوسط، إذ اختُطّت على شكل رقعة شطرنج، بشوارعها المتعامدة في ما بينها، تتوسطها ساحة مركزية مستطيلة الشكل، على طراز «الأغورا» (أي الساحة المركزية العامة) وتحيط بها عدة كتل بيوت أو أحياء سكنية تفصل بينها أزقة. وفي هذه الأحياء، جرى الكشف عن دور بنياتها غير واضحة المعالم، تشتمل على عدة غرف مخصصة لوظائف منزلية شتى، وكذا على دكاكين أو محترفات صغيرة. ويدلّ اشتمال بعض الدور على مواد بناء ثمينة (الأساطين والأعمدة مربعة الشكل) وقطع الأثاث التي كشفت عها الحفريات، على أن الأمر يتعلق بمدينة كانت مزدهرة ومتصلة بالطرق البحرية التي كانت تربط بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط بعضها ببعض ثقافيا واقتصاديا خلال تلك العصور الغابرة. نشاط اقتصادي متنوع تمودة من بين المدن القليلة في هذه الجهة التي حظيت بامتياز سك النقود، ويبدو أنها عرضت للتداول نقودا برونزية، كانت لها قدرة شرائية ضعيفة خلال النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد. وتمثل رسوم ورموز أوجه نقود تمودة بصفة عامة، صورة رجل ملتح، وإن كان هذا الوجه يبدو في بعض القطع النقدية مغطى بخوذة، ولقد اختلف علماء المسكوكات في ما بينهم بخصوص الملك الذي تمثله تلك النقود، فبعضهم يعتقد أنه «بوغود» والبعض الآخر يعتقد أنه «بوخوس» والواقع أن هذه النقود تتطلب دراسة عميقة لطرق تمثيل هؤلاء الأشخاص، مع الرجوع إلى المعلومات التاريخية والأركيولوجية التي يتوفر عليها الباحثون بخصوص هذه المدينة. ويفسر الاهتمام بالموارد الزراعية للمناطق الداخلية ما تعكسه ظهور هذه النقود من رسوم لسنابل القمح أو عناقيد العنب، وهو ما يرمز إلى ثروة أخرى من ثرواتها، وقد أضيفت إلى الرسوم النباتية رموز فلكية (كُرَيّة ونجم) لها علاقة ـ على الأرجح ـ بالأدوار الطبيعية لفصول السنة. وبالإضافة إلى ذلك، تبدو في وسط النقود أشكال تعكس تعرجات، تُؤَوَّل عادة بتعاريج وادي مرتيل الذي بنيت المدينة على إحدى ضفافه، ونقشت على تلك القطع النقدية أسماء مختلفة كتبت بحروف بونيقية. اعتمدت الحياة في تمودة البويقية على مجموعة من الأنشطة الاقتصادية التي قامت على الانتفاع من الموارد الطبيعية المتوفرة في محيط المدينة، فقد استغل سكانها البر والبحر بشكل مكثف، الشيء الذي جعل من صيد السمك والمحار وإنتاج الأرجوان وتمليح الأسماك والزراعة العماد الأساسي اقتصاد المدينة. وبهذا الخصوص، جرى العثور على العديد من مثقلات شباك الصيد والصنانير ومصانع تمليح السمك في نواحي المدينة. كما استغلت الأراضي المحيطة لزراعة الحبوب، مثلما تثبت ذلك عدة طواحين عثر عليها بالموقع، وكذا رسوم سنابل القمح التي نقشت على أظهر القطع النقدية التي سُكّت في المدينة. وعلى بعض هذه القطع النقدية عوضت عناقيد العنب سنابل القمح، مما يمكن الباحثين من معطى غير مباشر بخصوص نشاط آخر من بين النشاطات الاقتصادية للمدينة: زراعة الكروم وإنتاج الخمر. ويقدم الباحثون أدلة على وجود صناعة تعدين الحديد في المدينة، كما تثبت ذلك مختلف الأدوات التي كشفت عنها الحفريات (سكاكين وفؤوس ومسامير وآلات زراعية). ولقد مكّن هذا النشاط التعديني سكان تمودة ونواحيها من ممارسة الزراعة واستغلال السهل الخصب الذي أسست المدينة فيه. وتم العثور ـ خلال حفريات 2009 ـ على عدة قطع حديدية ذات أشكال مسطحة محدبة ترجع إلى القرن الثاني الميلادي، وهي تشكل الشوائب المميزة لمصاهرة الحديد كما تدل على ذلك نتائج تحليل عينات منها. ويبدو أن كور الحداد كان يعمل بشكل دائم في المعسكر الروماني، حيث كان الصانع يجهز الجنود ويصلح أسلحتهم، وكانت مناجم الرصاص في نواحي تمودة تحتوي على رصاص مشوب بالفضة استغل خاصة خلال العصر الروماني، مثلما تشهد على ذلك القناديل التي اكتشفت بداخلها. ولقد كان المعدن الذي يُستخرج من هذه المناجم يجمع في المدينة قبل أن يصدر عبر النهر ثم البحر إلى طنجة، ومنها إلى باقي المدن. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن تمودة شهدت أنشطة أخرى مختلفة، كصناعة النسيج التي تثبت وجودها بشكل غير مباشر مثقلات محترفات الحياكة التي عثر عليها خلال بعض الحفريات. وعلاوة على ذلك، كانت تمودة تستورد منتجات مصنوعة في مناطق أخرى من حوض البحر الأبيض المتوسط عبر وادي مرتيل وشاطئ المضيق كطريقين للتجارة والمبادلات. حصن دفاعي من جانب آخر، كانت تمودة بمثابة قلعة عسكرية ولاسيما إبان الوجود الروماني في المنطقة، وكشفت الحفريات بهذا الخصوص عن وجود حصن في تلك المدينة الأثرية. وكان تصميم هذا النوع من المباني بسيطا، ويستجيب لضروريات الجيش، وكانت عادة مستطيلة الشكل، وزواياها نصف دائرية، قبل أن تضاف إليه في أواخر القرن الثالث مجموعة من الأبراج نصف الدائرية، خارج الأركان. وكان الدخول إلى الحصن يتم عبر أربعة أبواب، يطل كل باب منها على جهة من الجهات الأربع. وكان جهاز الحصن الدفاعي يتكون أيضا من مجموعة أخرى من الأبراج نصف الدائرية أيضا، بحيث بلغ عددها الإجمالي عشرين برجا. وقد استمر الحصن، بمميزاته هذه، إلى غاية القرن الخامس الميلادي وكانت روما قد دأبت على بناء هذه الحصون حتى تبسط سيطرتها على الأراضي المحيطة بها. ويكتسي حصن تمودة شكلا شبه مربع، تبلغ مساحته 9000 م2، ويتراوح طول ضلعيه ما بين 98 و99م بالنسبة للضلع الممتد من الشمال إلى الجنوب، و91 و92م بالنسبة للضلع الممتد من الشرق إلى الغرب. وكان اتجاه هذه المباني الدفاعية عادة ما يستجيب للمتطلبات الاستراتيجية، وقد توجد في محيط هذه المعسكرات سدود من التراب المدكوك، وخنادق وحواجز تساعد على الدفاع عنها، وهي أشكال لم يتم العثور عليها بعد في محيط تمودة. وفي عدة حالات، أصبحت المعسكرات عبارة عن مدن، وهو ما لم بالنسبة لتمودة. والمعسكر الروماني المشيد فوق المدينة مربع الشكل تقريبا، وتتكون الأجهزة الدفاعية فيه من الأبواب والأسوار والأبراج. وبخصوص أبوابه فهي أربعة، وتطل كل واحدة منها على الجهات الأصلية. ومع مرور الزمن، عرفت هذه الأبواب تغييرات شتى، وذلك منذ بناء المعسكر على امتداد النصف الأول من القرن الأول إلى غاية إخلائه بصفة نهائية خلال العصر الإمبراطوري الأسفل، بحيث وصلت وهي محصنة بأبراج داخلية وخارجية. ويعتبر الباب الجنوبي أهم هذه الأبواب بالنظر إلى الحالة التي وصل فيها وكذا بالنسبة لضخامته. وكان الباب المذكور يتكون من ثلاث فتحات، سدت اثنان منها بسبب بناء نصفي البرجين الخارجيين في زمن لاحق. وفي ما يخص الأسوار، فلقد بنيت بشكل متين جدا، ويبلغ عرضها بالنسبة لكل محيط المعسكر 1.10 متر تقريبا. وتكمل الأبراج هذا النظام الدفاعي، ولقد تم بناؤها في أوقات مختلفة من حياة الحصن العسكرية، وأشكالها مختلفة، فيما بين أنصاف الأبراج الخارجية والأبراج الداخلية مربعة الشكل. وتقع في مواضع استراتيجية لحماية أبواب المعسكر وزواياه الخ. ولقد أدت كل هذه التغييرات إلى تطور صورة شكل المعسكر على مر العصور. وإلى حد اليوم، لم يتم العثور ـ بعد ـ على عناصر أخرى تتعلق بالتقنيات العسكرية الخاصة بالدفاع والهجوم، ولكن هذا لا يعني أنها لم توجد في معسكر تمودة. وكان اتصال الحصن بالمعسكرات الأخرى التي تراقب الحدود يتم عبر أبراج مراقبة صغرى توجد في المنطقة، لا يتوفر الباحثون بخصوصها بعد على معطيات أركيولوجية، وقد تطابق مواضع هذه الأبراج المواضع التي وُجدت فوقها المعسكرات الإسبانية في عهد استعمار المغرب. مدينة بنيت على وادي مرتيل: تمودة المغربية تنبعث من تحت الأنقاض طاهر الطويل |
نزار قباني شاعر لجميع الفصول: هل يجود الزمان! Posted: 25 Mar 2017 03:11 PM PDT يبدو لي أن عدداً غير قليل ممن أعرف من العرب المعاصرين: اللامنتمين سياسياً أو حزبياً أو «أي شيئياً» قد بدأوا «يمارسون» أسلوب العجائز في تذكر أيام الصبا والشباب، «الأحسن» والأكثر أمناً مما نحن فيه، في هذا الزمن المتشدّق بالديمقراطية وحرية الرأي، وأخواتها! ينكر عليّ بعض من أحترم آراءهم هذا التشاؤم ـ التشاؤل من تضاؤل الإبداع في الساحة الأدبية العربية المعاصرة، تضاؤلا بدأ ينحدر نحو الإدقاع منذ «تباشير» الربيع العربي، الذي سرعان ما انقلب صقيعاً عربياً. هذا أول الأسباب التي «تحرّض» على تذكُّر الماضي القريب، قبل البعيد، تأساءً وتعزية. أين الأسماء الكبيرة في الرواية العربية؟ من جاء، بعد نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وجبرا، في روايات لا تقوى على تركها إلى جانبك بعد قراءة الصفحة الأولى؟ كيف حال الشعر بعد فترة الخمسينات الذهبية في الشعر العربي، في العراق وعدد من الأقطار العربية؟ من ظهر في أي بلد عربي شاعراً يقترب من إبداع الجواهري، لغة وجزالة هي وريثة المتنبّي؟ والشعر في فلسطين، على الرغم من وقوع البلاد في أتون احتلال دونه «أبارتهايد» جنوب أفريقي؟ أين من يسير على طريق الآلام حاملا صليبه «المعاصر» مثل محمود درويش وسميح القاسم؟ ومنارة الشعر العربي الحديث، «الشاعر لجميع الفصول» نزار قباني. هل نذكره ونتذكّر شعره «في كل مناسبة» كما يفعل «مُدمِن» على الشعر مثلي؟ بداية الربيع، إذا ما بدأ حيث أقيم في كمبرج، تذكِّرنا بميلاد نزار في الحادي والعشرين من آذار/مارس 1923. وكان نزار يذكِّرنا دائما أنه ولد مع ميلاد الربيع، وله الحق في ذلك. ويبدو أن آذار العشرينات من القرن الماضي كان يبشر بميلاد جديد للشعر العربي. ففي ذلك العقد ولد للشعر نازك، 1923 كذلك، وفي عام 1926 ولد كل من شعراء الحداثة في العراق: بدر، البياتي، وبلند الحيدري. جميع هؤلاء الشعراء كانوا بشائر ربيع عربي شعري، ما لبث أن انحدر نحو شتاء فقير بعد غيابهم في أواخر تسعينات القرن الماضي. ومن دماء تموز الشعر القتيل أينعت شقائق النعمان الفلسطينية: محمود وسميح. هل يسمح لنا «التشاؤل» فتح كوة صغيرة نُطِلُّ منها على ربيع شعري ولد مع ولادة نزار؟! منذ مجموعاته الأولى: «طفولة نهد» و«قالت لي السمراء» شهد الشعر العربي ولادة لغة جديدة، بسيطة في عباراتها، تتناول حياة الناس العاديين، من غير أصحاب الفخامة والألقاب الرنانة، وتتحدث عن المسكوت عنه في مطاوي النفس البشرية التي كانت، حتى ربيع نزار، من المحرَّمات في «ثقافة» جيل تحجَّر في ظلمة العهود العثمانية الطويلة، حيث صار للشعر لغتان: مسموحة وغير مسموحة. لكن نزار يخبرنا أن الشعر لغة القلب التي تدخل إلى القلب دون استئذان: قلبي كمنفضة الرمادِ أنا إن تنبُشي ما فيه تحترقي قلبي أنا شِعري ويظلمني من لا يرى قلبي على الورق وقيل: هذا شاعر المرأة، وشاعر الحب وغير ذلك من تُهَم لا يتبرأ منها. والرجل في شعر نزار مكشوفةٌ حقيقتُه بما لم يجرؤ أحد قبل نزار أن يكشف. قصيدة «حُبلى» أبلغ إدانةٍ لرجل المجتمع «المتحضِّر» المتخفّي وراء ذكورية المجتمع وأبويَّة لا تقبل بكشف المستور. «لا تمتقع هي كلمة عَجلى/إني لا أشعرُ أنني حُبلى/وصرخت كالملسوع بي: كلا/سنمزِّق الطفلا/.. وكان أن ثارت «إنسانية» المرأة في ذلك المجتمع الذكوري الأبوي، فقذفت بوجه «رجل العصر» ما أعطاها ثمناً لجريمته: «ليراتك الخمسون»، أنا لا أريدُ له أباً نذلا. ولأن نزار شاعر لجميع الفصول كان اهتمامه بالمجتمع العربي وبالشؤون السياسية حاضراً بمناسبة وبغير مناسبة… إن شئت. قصيدة «خبز وحشيش وقمر» إدانة شديدة للمجتمع العربي، دفعت بالقائمين على «سلامة» هذا المجتمع العربي، «الإسلامي» في الغالب، إلى تجريم شاعر لا يخشى في الحق لومة لائم. وكان زلزالُ حزيران 1967 قصيدةً قالت ما لا يُقال حتى ذلك اليوم الكارثي، على جميع المستويات: «هوامش على دفتر النكسة». يرى كثيرون أن هذه القصيدة أكبر من «هوامش» لأنها معلّقة يجب أن تُكتب بماء الذهب وتُعلّق في كل دار عربية، لتكون «الصَّبوح» و«الغَبوق» لكل عربي لم يُعاقر الراح ولا يعرف أدب الشراب،إذا المُدامة عربدت في كأسها. مَن مِن الشعراء العرب قال بلغة كارثية البساطة: «كلَّفنا ارتجالنا/خمسين ألف خيمة جديدة»! فهو يبدأ هكذا: «أنعي لكم يا أصدقائي اللغة القديمة/والكتب القديمة/أنعي لكم، أنعي لكم/نهاية الفِكر الذي قاد إلى الهزيمة». لغة الشعر القديمة، والكتب القديمة، قد ماتت جميعاً، لأن ما أنتجته من فكر هو الذي قاد إلى الهزيمة، التي تسميها اللغة القديمة التي ماتت: النكسة! والفكر الذي قاد إلى الهزيمة هو الفكر الذي تخدَّر بالاستماع إلى «وأول أ آبلك فين/وابدأ كلامي منين» تتكرر مئين المرات لتصل إلى «ولما أشوفك يروح مني الكلام وانساه». إذن لماذا أرادت أن تقابله أساساً؟ مرة حضرتُ مجلساً ضم بعض كبار «المسؤولين» فيه ضابط كبير أقسم أن «الجماعة» ليلة الخامس من حزيران كانوا يستمعون إلى رائعة «سومَه» ما بين رنين الكاس/ورنّة الألحان. حسبتُ الرجل ناقماً أو شامتاً فكان يبالغ في أسلوب «جَلد الذات» إلى أن اكتحلت العينان بطلعة «مسؤول كبير جداً» على التلفزيون، بعد «النكسة» بأيام فصرّح لافُظَّ فوه، ولله أبوه: «دَحنا كنا مستَنّيهم من الشرق، أطا بيهم جونا مل غرب». ما شاء الله يا سيادة أركان حرب… قل لي «بالزمّة» كيف حصلت على الشريط الأحمر على الكتفين، وهذه الأغطية لقناني الكولا التي تملأ صدرك؟ ألم تدرس تاريخ الحروب؟ ألم تسمع أن الحرب خدعة؟ ألم تدرس لماذا خسر المسلمون في موقعة أحُد في أول الدعوة الإسلامية، يوم نزل المسلمون من موقعهم المرتفع على جبل أحُد إلى أرض المعركة التي هُزمت فيها قريش، نزلوا خلافاً لأوامر الرسول الكريم قائد المعركة، ليجمعوا الغنائم والأسلاب، فاستدار خالد بن الوليد «اللي مش اركان حرب» والتف حول الجبل، وفاجأ جامعي أسلحة الهاربين، وصار اللي صار. ونستأذن من الهم والغم، ونقلب صفحة على ذكريات جميلة عن نزار وشعره. في أحد مؤتمرات المربد الشعرية ببغداد كان نزار يجلس في الصف الأول أمامي، وكنتُ أنا جالساً خلفه تماماً. صعدت «سعاد الصباح» إلى المسرح لألقاء قصيدتها، ووجدتُ لغتَها وإلقاءها صورة من شعر نزار وإلقائه، أو هكذا بدا لي. فلم استطع كبتَ ملاحظتي بصوت مسموع: «هذا شعر نزار بصوت نسائي» فالتفت اليّ نزار بابتسامة عتاب قائلا: «وبعدين مَعَك»! فالتزمتُ الصمت بعدها. وفي أواخر سبعينات القرن الماضي، أيام «الحويدس» في لبنان، جاءنا نزار وبلقيس وولديهما: عُمر وزينب إلى بغداد، وأقاموا في دار أهل بلقيس، الذي يبعد عن دارنا في حي الجامعة، أيام الخير، بخمس دقائق. دعوتُ نزار إلى دارنا، فلما دخلت وهو إلى جانبي صار يتلفَّت إلى حديقتنا مراراً. ولما نزل من السيارة وقف ويده على باب السيارة المفتوح ودهشة باسمة على وجهه سائلاً: شو هالعطر اللزيز بحديقتكم؟ قلتُ هذا «الرازقي» زهرة فُل مطعَّمة على ياسمين. قال وكيف نحصل على شجرة منها لحديقة بلقيس؟ قلتُ: تكرم عينك: غداً اجلب لكم شتلة منها. وهكذا فعلتُ. ومن يومها صار الرازقي حاضراً في شعر نزار حضور الياسمين. وفي «أيام الخير» اللاحقة، يوم كانت هناكَ دمشق تُزار، ومؤتمرات شعرية نُدعى اليها، كان أول عمل أقوم به حال وصولي فندق الشام أن «آخذ تكسي» إلى مقبرة «باب صغير» لزيارة قبر نزار الذي وافاه الأجل في مستشفى بلندن يوم 30 ـ 4 ـ 1998، لقراءة الفاتحة على روحه. كان دليلي حارس المقبرة يرافقه عسكري، ساعدني في أخذ صورة لي أمام «مثوى فقيد الشعر العربي: نزار قباني». تكررت هذه التجربة كلما دُعيت إلى مؤتمر في دمشق وكان الدليل يؤكد لي كل مرة انه يبدأ «دوريته كل صباح» بزيارة المثوى، وقراءة الفاتحة. هكذا كانت أخلاق العسكر في أيام قبل الصقيع العربي. لكن في هذه الأيام الكابوسية، لم تبقَ مؤتمرات أدبية في دمشق، ولا زيارات مثوى لقراءة الفاتحة، فالكل مشغول بأمور أخرى. نزار قباني شاعر لجميع الفصول: هل يجود الزمان! عبد الواحد لؤلؤة |
تستولدها علاقة عاطفية بين المشاهد والفيلم: الذائقة السينمائية Posted: 25 Mar 2017 03:10 PM PDT إن السينما بوصفها فنا يجمع في طياته فنونا عدة، وتقنيات كثيرة، وتستطيع أن تخاطب أكبر شريحة من الناس، لأنها فن جماهيري في الأساس، يستند إلى البصر، الذي هو الذاكرة الأقرب والأسهل والأيسر لكل إنسان، فمن المعلوم أن النظر الحاسة الأولى في التلقي لدى الإنسان، ويصاحبه السمع، ومن ثم يتفاعل المرئي مع السمعي في الإدراك العقلي والوجداني، لتحدث المعرفة المبتغاة، والمتعة المنشودة، والتأثير المستهدف، وكل هذا يحمل في طياته الكثير من الرسائل والإشارات والعلامات والمعارف والخبرات، لأن السينما ببساطة فن شامل للقول والحركة والحكاية والموسيقى والمكان والزمان والديكور والشخصيات، ما يستوجب تلقيا شاملا لهذه العناصر والمفردات مجتمعة معا، ثم التفصيل والتمعن عند عناصر معينة تميز فيلما عن آخر، وتبقى في ذاكرة المتلقي وأعماقه دوما. فحب السينما لا يتأتى أبدا من منهج نقدي ولا قراءة كتاب وما شابه، وإنما يأتي من علاقة حميمية خاصة، فيما يمكن أن نسميه تجربة عاطفية بين المتفرج والفيلم، فإذا لم توجد فلا فائدة من أي حديث في النقد السينمائي، ولا فائدة ممن تصدى للنقد السينمائي دون أي يكون لديه تراكم بصري كبير بالأفلام العالمية عالية المستوى، فهناك من يدعي النقد، وقد يملك منهجية نقدية من خلال دراسته الأكاديمية، ولكنه لا يملك رصيدا كافيا يؤهله لتذوق جماليات الأفلام، والحكم عليها. وبعبارة أخرى، فإن السينما مثل سائر الفنون والآداب، لابد للناقد والمتذوق والباحث في مجالها من تكوين خبرة جمالية وفكرية وتقنية بها، قبل أن يتصدى للتحليل والحكم والنقاش، وإلا سيكون بمن يطبق آليات نقدية دون ذائقة جمالية. فالسينما فن عظيم، ومن المهم إدراك الناقد السينمائي لأهم المفاهيم السينمائية الموسومة بها الأفلام، لكونها أطرا وتصورات وإجراءات يمكن الاستناد إليها وتنميتها وتعميقها في صياغة مفاهيم النقد السينمائي وأسسه. فالهدف هنا قراءة الفيلم السينمائي، ضمن رؤية نقدية سينمائية تنظر إلى السينما بوصفها نصا سرديا/ حكائيا، فيه القصة والأحداث والحوار والشخصيات، وما يستتبع ذلك من دلالات وإشارات وعلامات، وما يستلزمه من تأويل وتفسير وقراءة ضمن معطيات ثقافية وحضارية ونفسية وجمالية. فـ«السرد خطاب يقدم حدثا أو أكثر، ويشمل إنتاج حكاية أي سرد مجموعة من المواقف والأحداث. والسرد بوصفه منتجا يتعلق بحدث حقيقي أو خيالي أو أكثر، يقوم بتوصيله واحد أو اثنان أو عدد من الرواة. أما عن وسائط تقديمه فهي عديدة متنوعة، شفاهية ومكتوبة، وتشمل الصور الساكنة أو المتحركة، والإيماءات، وأي تأليف (حكائي) منظم». فإذا وعى الناقد/ المتذوق السينمائي أن الفيلم هو سرد، أي حكي وخطاب، فإنه يفتح له مجالات واسعة لقراءة السينما ضمن معطيات المناهج النقدية والإنسانية، المعنية بتفسير الخطاب، مثل النقد الثقافي، السيمياء، الهرمنيوطيقا، النقد الاجتماعي، النقد النفسي، بجانب النقد التقني المعني بفن السينما تحديدا، الذي يشمل: السيناريو والإخراج والتصوير والإضاءة والحركة والأداء الدرامي التمثيلي والديكور. وكلها معطيات تساهم في تشكيل الخطاب السردي السينمائي من جهة، ولها أدوارها الدلالية من جهة أخرى، أي أننا نقرأ الفيلم قراءة شاملة لكل مكوناته. ومن المهم الوعي بأن أساس النقد السينمائي هو المنهج التحليلي، الذي يعني تحليل الفيلم فكريا وجماليا، والوقوف على عناصر الفيلم، ومناقشتها بشكل معمق، فالتحليل يبدأ بنظرة كلية، تعقب المشاهدة، ومن ثم دراسة عناصر الفيلم المكونة له: الفكرة، الرؤية المطروحة، جماليات الضوء والصورة، جماليات أداء الممثلين، جماليات الإخراج، السرد والشخصيات والأحداث، فالتحليل في النقد السينمائي يعني: تفتيت الكل لاكتشاف طبيعة الأجزاء وتناسبها ووظيفتها، وعلاقاتها المتداخلة، ولا يعني التفتيت التجزئة والإغراق في الفرعيات، وإنما يفتت ضمن رؤية كلية، ومن ثم يعيد تركيب العناصر، أي من الكلي إلى الجزئي، ثم من الجزئي إلى الكلي. فالتحليل السينمائي يفترض مسبقا وجود عمل فني كلي موحّد ومنطقي التركيب، مع الأخذ في الحسبان أنه لا يوجد تحليل تام وفهم كامل للسينما، فهي مثل كل الفنون والآداب، تتعدد مداخل ومناهج دراستها، وبالتالي تتعدد قراءاتها، وتظل منفتحة على كافة أوجه القراءة والتأويل، وبالتالي لا إجابات نهائية قاطعة حول أي عمل من أعمال الفن، بل هو منفتح بانفتاح الزمان والأذهان. فالتحليل يساعدنا على تثبيت تجربة التذوق السينمائي في عقولنا، حتى نستطيع أن نستمرئها أطول مدة في ذاكرتنا، فنحن ننشغل بالفيلم فكريا وإبداعيا معا، وبذلك يشمل التحليل الناقد المتخصص، والمتلقي المهتم، والمتفرج العادي، فكلٌ منهم يطرح أسئلة، وتثور في نفسه إشكالات وقضايا، لن يجيب عنها سوى التحليل السينمائي. فالغاية الكبرى من التحليل أن يفتح سبلا جديدة للوعي، وأعماقا عديدة للفهم، وكلما ازددنا فهما اكتمل وعينا في تذوق الفن، وإجلاء وإيضاح دلالاته. فعملية تكوين التلقي يأتي على دربين كما يذكر جوزيف بوجز، في كتابه «فن الفرجة على الأفلام»، الأول ما يسمى «النسق المعهود» الذي يعني ما درجت عليه الأفلام المتميزة في طريقة بنائها وجمالياتها وسردها، فالسينما باتت شكلا فنيا مستقرا له خصائصه المعروفة. والدرب الثاني «النسق غير المعهود» ويعني الأفلام التي تبنى بشكل مغاير لما هو سائد على نحو ما نجد في السينما التجريبية، التي هي سينما تمارس التطور، والشغب والتمرد، على السينما المعهودة في العالم. ولابد من وجودها جنبا إلى جنب مع النسق المعهود، فالتجريب هو الوجه الآخر للإبداع، وبداية الإبداع تجريب، فالسينما التجريبية هي البوابة الخلفية للإبداع، قبل أن ينتقل ويستقر في البوابة الأمامية ويصبح ضمن نهر الإبداع السينمائي المعهود. يمكن القول إذن إن الذائقة السينمائية تتكون من مشاهدات مستمرة للأفلام ذات المستوى الراقي، التي تشكل نماذج جمالية عالية المستوى لدى المتلقي، وليس من الأفلام التجارية وما أكثرها والأهم في ذلك، وجود ثقافة سينمائية متراكمة من القراءة والاطلاع لتحليل الأفلام، ومختلف الفنون المتصلة بصناعة السينما. أما الناقد السينمائي فعليه أن يكون ملما بمناهج النقد الحداثي وما بعد الحداثي، لأنها تقدم آليات وأدوات كثيرة في التحليل والتأويل وقراءة البنية الجمالية. تستولدها علاقة عاطفية بين المشاهد والفيلم: الذائقة السينمائية مصطفى عطية جمعة |
«جريمة في رام الله» للروائي الفلسطيني عبَّاد يحيى: المكان صغير واحداثيات التاريخ كبرى Posted: 25 Mar 2017 03:10 PM PDT منذ أمد لم أقرأ رواية فلسطينية تتحدث من عمق القاع الفلسطيني، ذلك المكان الحافل بالأحداث والمرويات والحكايات، حكايات الانتهاكات الكولونيالية وتحولاتها في تلك الأرض الجميلة، أرض صارت نهباً للعصابات الاستيطانية، ودرعها النازي المحمي بجنود الاحتلال الفاشيين والمدعومين على الدوام من الإمبريالية العليا والماسونية العالمية في أمريكا وغيرها من الدول الأوروبية. من هنا تبرز مظلومية المواطن الفلسطيني، وهو يتحرك في هذه البقعة المرسومة بدقة من قبل القوى العظمى المتحيزة للكيان الإسرائيلي وشرعنة تصرفاته النازية، تلك التي أدّتْ بسلطات الاحتلال إلى توسيع الاستيطان الذي أدى بدوره إلى قضم ممنهج لأرض الكنعانيين، السكان الأصليين لهذه الأرض المثالية. الدواعي لإيراد هذا الكلام الآنف، هو صدور رواية أدبية بحتة، لأديب وباحث فلسطيني شاب، تلقى أخيرا أوامر من النائب العام للمثول أمام القضاء الفلسطيني ومحاكمته، في جناية كتابة هذه الرواية، ومنع تداولها وسحبها من السوق، ومن ثمَّ مثول ناشرها وموزعها أمام القضاء تحت ذريعة خدش الحياء والإخلال بالآداب العامة والترويج للأدب الإباحي والإيروسي. تبدأ رواية «جريمة في رام الله « للروائي عبّاد يحيى، برسم حياة الشخصية المركزية وبطلها، وتدوين حركته ومساره اليومي المتحرك في دائرة صغيرة، هي مدينة رام الله وضواحيها، حركة تحمل طابعها الدلالي المفتوح على الاحتمالات والوقائع التي سوف يصادفها البطل الرئيسي في الرواية، والذي سيظهر انه يحمل اسم وسام في الفصول الأخيرة، وذلك عبر لسان الراوي الذي يتحدث تارة بصيغة الغائب، وأخرى بصيغة ضمير المتكلم. لعل الأحداث الكثيرة التي واجهت الشخصية الأساسية في الرواية، في مكان يعد صغيراً، هي التي وضعت الرواية في سياق من التوتر الدائم والنسق الحار الذي يغلي بالممكنات واحتمال حدوثها، مكان صغير، ينطوي على إحداثيات كبرى، وشؤون يومية صغيرة، وتفاصيل عديدة، تحدث للشخصيات التي سوف يواجهها وسام، الحائر والمتردد والمنزوي والمتقلب في نزواته وأفكاره ورؤاه الحياتية، الاجتماعية والفكرية، وحتى السياسية. إنه حقاً شخصية مثالية، تتورط دون أن تنخرط في الفعل الواقع، شخصية منطوية على نفسها وذاتها، بعيدة، وحالمة، وترى أنها مختلفة عن الآخرين، ولها صفات معينة، تجعلها تتجنب الأفكار الكبرى، واليقينيات المطروحة والرائجة في سوق الفكر والايديولوجيا. شخصية ترى في الشأن الذاتي، موقعها، وفي معالم الجسد رؤيتها إلى الحياة، الشأن الشخصي ودوافعه الذاتية، هو ما يحرك هواه وأفعاله الرقيقة، غير المؤذية. ربما يرى الآخرون فيها ما يؤذي الواقع العيني، بينما هم منغمسون في واقع غير مرئي أشد لبساً، مما هم يتحدثون عنه، ويرنون إليه، واقع فاسد يُروِّج له التيار الديني المتزمت والأفكار السلفية، كالحق في مثنى وثلاث ورباع، والحق في سرقة الأموال باسم الدين، وتارة باسم الثورة. نفر قليل في يدهم السلطة والمال والجاه، يسعون إلى تحطيم الإرادة الإنسانية، بقوة البطش والسلاح والتفنن في تدمير الآخر، معنوياً ومادياً وحسياً، تحت واقع التجسس والتلصص والإخبار والتقوُّل والإطاحة بالجماليات، من أجل بقاء الصورة المثلى، للسياسي والقائد والزعيم والمناضل ورجل الدين المدعوم من القوى الخفية التي تمده بالمال والجاه والقوة، لكي يتفوّه ويقول ويرمي بمنتخبات الكلام الذي يريد، كلام التأويل والتفقيه والمباهلة، للكائن السادر والمعزول، والمجرد من يد العون والمساعدة والتآزر المفترض أن يكون سائداً في مجتمعات التحول والتغيير والثورة. تتنازع الرواية، ثلاث عشرة وحدة سردية، وهي مهداة إلى وسام، الشخصية المحورية في العمل. تبدأ الوحدة الأولى برؤوف صديق وسام، وتنتهي الثالثة عشرة والأخيرة وهي جد قصيرة برؤوف أيضاً، الذي يختفي من حياة وسام ذات يوم لينتهي لدى السلطة الإسرائيلية، متهماً من قبلها بالتخطيط لعمل إرهابي ضدها، ليبقى وسام منفرداً بكل الفصول، يروي ويحكي ويقص منذ بدء السطر الأول الذي قال فيه: «طوال حياتي كنت أظن أن المصائب والمآسي أشياء تحدث للآخرين وليست لي، حتى عرفت دنيا». تسبق هذا السطر الذي سيتوالى عليه السرد بصفحة خاصة، وربما هو خبر الجريمة المنشور في صحيفة فلسطينية في العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر لسنة 2012 ليبني عليه الراوي الحكاية، ويأتي هذا الخبر هكذا: «أعلنت الشرطة مقتل المواطنة، ر. س البالغة من العمر 29 سنة، إثر طعنها في ساعة مبكرة من فجر اليوم في شارع فرعي، في حي الماسيون في مدينة رام الله، ولا تزال التحقيقات جارية، لكشف ملابسات الحادث، ولم تعلن الشرطة اعتقال أي مشتبه بهم». تتنازع الرواية أيضاً، شخصيات أخرى، تنضاف إلى هذا العمل الشائق، المكتوب بطريقة ميلودرامية، تُظهر الدوافع النفسية لكل شخصية في الرواية، ولكأننا نقرأ الجريمة والعقاب لدستوفسكي الذي أثر في جميع كتاب العالم، وبالأخص في عالم البحث النفسي والتوترات الشخصية والسايكولوجية والأفكار الفلسفية والانطولوجية التي تواجه مصير الكائن المسحوق، تحت سطوة الزمن والأحداث وتفاعلات المكان معه، ومع المحيط الذي يوجد فيه، ويتحرك في داخله. محيط حيران وقلق ويمور باضطرابات وتوهمات، وأحلام كافكوية، تواجه الكائن المنسحق تحت آلة العمل، والسلطة، والفكر الذي يسود المكان، ويحكمه ويُصادر إرادته وقوته، وأحلامه اليومية، ويوتوبياه وتشوُّفاته المستقبلية. فشخصيات مثل وسام الشخصية المحورية في هذا النص الروائي، ورؤوف ونائل ومنتصر ونور ودنيا وآرنو وأبي وليم والطبيب المُعالج والمحقق في الجريمة، هذا فضلا عن عائلة وسام كوالده ووالدته وشقيقه، وبعض العمال في الحانة، هي شخصيات تظهر لتختفي في الحال، كما هو حال المجتمع والواقع، مع ناسه المتحرِّكين في نسيجه اليومي، شخصيات تراها، وتتجسد أمامك، ثم تغيب كغياب «دنيا» عن حياة وسام حتى نهاية الرواية، لتظهر فيما بعد، حين تشارف الرواية على نهايتها، تظهر في تقرير تلفزيوني، يوم حدوث الجريمة كمراسلة ومعدة للخبر، مفاجئة وسام بذلك الظهور، بعد اختفاء طويل من ساحة الأحداث، والتفاصيل العميمة التي واجهت وسام، طيلة مشواره ودراسته وعمله وسكنه في رام الله. لعلّ الأحداث الكثيرة التي واكبت الرواية وانتشرت في متونها وهوامشها، قد عجَّلتْ من نهاية وسام الذي تعرض للمساءلة، بسبب مُقْته للأفعال الثورية التي يلهج بها فتيان فتح، وهو كان أحدهم. انه تقليد توارثه عن والده، المنافح عن الأرض والثورة، لكن الاختلاف الذي ظهر على وسام، عبر تطوره العقلي والفيزيائي المتمثل في ثيمة الجسد، صار يعزله عن المجتمع، ويمنحه رؤية مختلفة للواقع العيني، تلك الثيمات التي أدت به إلى طريق مسدود، في واقع لا يحتمل الخفة الجسدية للكائن، على حد تعبير الروائي التشيكي كونديرا. فالمثلية، و«الهومو ساكشويل» التي انتشرت بفضل الميديا المتطورة، ووسائط التواصل الاجتماعي، في بلد عربي صغير ومتديِّن، واقع تحت سلطة الأب والزعيم والعراب الأكبر، وهي في النهاية، سلطة بطرياركية دون شك، لن تسمح لفتى أن يختلي بجسده، أو يُطوِّر هذا الاختلاء ليكون علنياً، أو أمراً واقعياً وعادياً، لذا تُختلق له المشاكل وردود الأفعال والملابسات والتلاسن، فهناك من يتجسس ويراقب. فالأخ الأكبر كما أورد جورج أورويل يوماً، هو موجود في كلّ مكان، في الجامعة والشقة والعمل والمكان الصغير، وبين الأهل. إن مساعدة الأهل تأتي عبر دفع التكاليف الدراسية، وعن طريق الأخ أو الأب، ومن ثم تساؤل الأم المشروع عن ولدها، هذا الذي ترى فيه صورة أخرى، من تعب حياتها عليه، كلها ستتحكم بمصير وسام، الشخصية المتسائلة والحالمة بالتغيير! ولكن على طريقتها هي، طريقة الانفتاح، واعتبار الجسد ملكا شخصيا لحامله، وليس لمراقبه. إنها سيرة العالم الجديد، والواقع الجديد، والمتغيرات التي تحصل في حاضرنا اليومي، كل لحظة، لا يتقبله الواقع البسيط والمحكوم بالمثل والتقاليد المتوارثة والعادات العربية للمسلم، حيثما كان، في رام الله، أو بغداد، أو دمشق أو القاهرة. ترد في الرواية بعض التفاصيل المحكية والحالمة، في سياق المونولوغ الداخلي والحلمي المستعاد في هيأة صوَرية، ولقطات ساخنة لحيثيات جماع جسدين، يقومان بعملية مثلية. وثمة أيضاً كلام يُحكى عن الثورة وروادها، وثمة تعليق لوسام على صورة لأبي عمار وهو يحمل بندقية، وكيف أنها تُظهره بمظهر غير لائق، حسب مخيلة وسام الذي وقع في المتخيَّل الحسي، وهو يُفسِّر كل نأمة بطريقة ايروتيكية، تحمل معان جنسية، ومن هنا احتجازه وضربه وتعذيبه والتحقيق معه، حول تعليقه على صورة قائد الثورة، ثم الإفراج عنه وإحالته إلى الطبيب لغرض العلاج، كونه مريضاً، حسب رأي المحقق. يحاول وسام الاستغناء كلياً عن مساعدة الأهل، فيلجأ إلى عمل آخر، مع عمله الأولي في مكتب الجامعة، وهو العمل في حانة ليلية، يجده له رؤوف. في البدء يتردد في الإقدام عليه، ولكنه في النهاية يرضخ للأمر الواقع، وينخرط في العمل الذي ستحصل فيه الجريمة، ومقتل «نور» على يد أحد القتلة الليليين المتربِّصين بفتيات مثل نور، تعيش على هواها. لكن المسألة لن تنتهي إلى هذا الحد، فالبعد البوليسي في الرواية سيتواتر ولا سيَّما حين تقترب من نهايتها، فوسام سيُطلب للتحقيق، وسيُعنَّف في المركز، ويُهان ويُهدَّد بقطع قضيبه، دون أن تسند إليه أي أدلة فعلية وحقيقية، إذ جيء به كونه عاملاً في الحانة، فدارت حوله الشبهات دون توكيد لفعل ما. حين ينتهي التحقيق معه صديقه آرنو الباحث، وزميل دراسته، يدبر له سفرة إلى باريس وجواز سفر وتذكرة وفيزا، وهناك سيسرد حكاية وسام في كتاب وربما فيلم، فهو مثلي أيضاً وفرنسا تهتم بهكذا أمر يحدث في بلد عربي. حين يعود ستتفاقم أزماته النفسية ومشاكله الحياتية، فيذهب إلى بيت أهله، مختاراً شجرة الجوز الوحيدة الموجودة في باحته، ليعلق فيها نفسه بحبل، منهياً حياته التراجيدية. عبّاد يحيى: «جريمة في رام الله» دار المتوسط، ميلانو 2017 237 صفحة. «جريمة في رام الله» للروائي الفلسطيني عبَّاد يحيى: المكان صغير واحداثيات التاريخ كبرى هاشم شفيق |
فارس نايف الفايز في «تمثلات الموت في الرواية العراقية»: ارتياد مناطق جديدة من التجريب والتجديد Posted: 25 Mar 2017 03:10 PM PDT يقدّم الباحث العراقي فارس نايف الفايز في كتابه الصادر حديثاً «تمثّلات الموت في الرواية العراقية 2003- 2013» مبحثاً مهماً من مباحث السرد العراقي، سرد الكتابة وسرد الحياة معاً، فلم تتخلص رواية أو مجموعة قصصية أو شعرية عراقية من فكرة الموت وتمثّلاته، حتى عدّ بعض النقاد أن اللغة العراقية لغة حزن منذ سومر وحتى الآن. الحزن العراقي كان واضحاً في الرواية، منذ بداياتها وحتى يومنا هذا، وهنا يتحدث الفايز عن الموت وأشكاله مبيناً أنّ الباحث الذي يدرس الموت عليه أن يضع في حساباته الانزلاق بين فكّيه، يعاني (فوبياه)، ويصارع أوهامه التي تحط به على تخوم الرعب من المصائر المجهولة، ويكابد ما ستقوده إليه عنوة مشاعره وأحاسيسه من أخاديد الكآبة، وأنفاق الحزن والآلام، لأن مجرد ذكر اسم الموت، يستدعي في ذهن الإنسان أمواجاً متلاطمة من الأفكار، والهواجس والتأملات في عوالم محاطة بالأسرار والألغاز، وتلك هي قضية الإنسان الكبرى، والصخرة التي تكسرت عليها أحلامه، وآماله وطموحاته ولذائذه. ويضيف الفايز في تقديمه لكتابه، أنه مثلما تكفلت الرواية بواجبها، ورصدت انهيار الواقع، وغطت حركة التاريخ والمجتمع، فامتلأت بذلك مشاهدها وفصولها السردية، وأعرب كتابها عن مواقفهم في إدانة الوضع المأساوي المتردي، فإنه يتعين على الباحث كذلك أن ينهض بدوره، فيستغور هذه النصوص الروائية، ويستكشفها وينقب في المضامين التي انبثقت عنها، ليجلو العوامل والدوافع، ويحلل مواطن القوة والضعف، ويطرح مساءلاته التي تسهم حتماً بإنضاج الفعل الإبداعي، وإنارة المساحة التي تقف عليها الرواية العراقية وسط مثيلاتها من الإبداع الروائي العربي والعالمي، فكانت هذه المهام التي تناط بالنقد من أهم البواعث التي حثت الكاتب على اختيار موضوعة الموت في الرواية العراقية. قسّم الفايز كتابه إلى ثلاثة فصول، كان الفصل الأول معنياً بـ»تمثيلات الموت في المتن الروائي»، تناول فيه أشكال الموت في الرواية والمؤديات التي أنتجت تلك الأشكال الموتية، ولم يقتصر فيه على الموت المادي الفيزيقي، إنما شملت الدراسة مظاهر الموت الرمزي والمعنوي كذلك. في حين استعرض في الفصل الثاني «دلالة الموت في البنى الروائية» الدلالات والإيحاءات التي ينسجها الموت في تعالقه مع البنى الروائية، وكيف أن الروائي يبث الموت وسط تلك البنى مستثمراً الإمكانات المعبأة في المفهوم ليصل إلى غايات معينة، ولكن بطرائق فنية تتسم بالتجديد والجرعات التجريبية المنفلتة عن التقليدي والنمطي، لشد المتلقي والاستحواذ على ذهنه وإمتاعه بطرق مغايرة. وفي الفصل الثالث «التوظيف الفني للموت في الرواية» تتبع الكاتب التوظيف الفني للموت وما خلقه من معطيات فنية وجمالية في الرواية والدماء الجديدة التي يمكن أن يضخها في شرايين العناصر السردية، والجاذبية المترتبة عنها في النص والمناص في الآن نفسه. وانطلاقاً من فكرة الانفتاح النابعة من عدم استقرار الرواية على شكل نهائي، وتمردها على التنميط والثبات، واتساع موضوعة الموت على جوانب عدة تاريخية، واجتماعية، ونفسية، فضلاً عمّا أحدثه من إضافات بنيوية، وموضوعية في الراوية العراقية، ارتأى الفايز أن يتكئ في مقاربة النصوص على أكثر من منهج نقدي، نافراً من الرؤية الأحادية، والأحكام المسبقة، والقوالب المعدة سلفاً للتفسير سعياً لإثراء التأويل وتجنباً لتقويل النص ما لم يقله. سعى الفايز في كتابه هذا إلى تتبع كل ما يمكن أن يمت للموت بصلة وطرحه من خلال رؤاه النقدية، الموت جسداً أو غياباً أو انفصالاً أو في أشكاله العديدة الأخرى، وهذه الرؤى هي ما أوصلته لنتائج كثيرة في بحثه، فقد تمثلت الرواية العراقية الموت بكافة أشكاله وطرزه، المادي والمعنوي، والآتي منها بسبب طبيعي أو بأثر العنف، ولكن التركيز كان على الموت العنفي في محاولة من كتاب هذا الجنس الإبداعي- الرواية- للحفر عن العوامل المؤدية إلى هذه الكثافة من الموت وبيان آثاره وما أدى إليه من تسميم حياة الشخصيات وحشرها في مصائر مأساوية ونهايات فظيعة. كما أظهرت النصوص الروائية في جل محكياتها أن المتسبب الأول في جريان أمواج الموت المتلاطمة وعلى طول التاريخ هو السلطات الشمولية المستبدة وما تعاقب معها من الغزاة والمحتلين، إذ لم يقدم الجميع للمجتمع الخاضع لكلا القوتين (السلطة/ الاحتلال) غير الفقر المدقع والأمراض والخراب والزج في الحروب بالنيابة أو الحروب العبثية والقهر السياسي وقمع الحريات وانتهاكها ونصب الخوازيق والمشانق وإقامة كرنفالات الإعدام الفردي والجماعي وملأ بقاع البلاد بالمقابر الجماعية، واتفقت كافة المسرودات في الرواية بعد 2003 على استئثار البعثيين بالنصيب الأوفر من تدمير حياة العراقيين وحشرهم في مطبات الموت اللانهائية. من جهة أخرى، فقد كان الموت المعنوي الذي كابدته الشخصيات موازياً بقوته واحتدامه الموت المادي العنفي، فقد أحدثت الحروب المتوالية وصروف الاستبداد والقهر وانتهاك الكرامات وامتهان إنسانية الشخصيات إلى زعزعة القيم وتشويش الأفكار وانحطاط المجتمع فسادت الخيانات والسرقات والإساءة إلى العلاقات الإنسانية فتشتت العائلة وتشرذمت ودب في كيانها العداء والتناحر وتهاوت صروح المثابات الأخلاقية والقيم الإنسانية إذ تنكر الأب لأولاده والزوجة لزوجها والجار لجاره فانتشرت حواضن الرذيلة والانحدار والبغضاء والفجور. كما تسببت المناخات نفسها بتعطيل عوامل النهوض والتقدم، فبدلاً من بناء المصانع والمؤسسات والمجمعات السكنية بنيت معسكرات الجيش وزنازين السجون وتشابهت حياة الشخصيات خارج تلك السجون مع التي في داخلها إذ أصبحت البلاد سجناً كبيراً مدججاً بالجوع والحصارات والانكسار وبالخوف والرهبة وتكميم الأفواه ورضوخ الشخصيات كالعبيد وتحولت الزنازين إلى قبور فوق الأرض فقد مورست على السجناء ألوان من التعذيب يصعب على الخيال تصديقها أدناها الاغتصابات وآخرها الجنون والمسخ كما في أبطال روايات «على فراش الموز» إذ يجبرون السجين على النهيق كالحمار، ومن يفلت من براثن الطغيان والظلم فإنه سيعاني مرارة المنفى وقلق الروح المنبتة عن موطنها يكتوي بنيران الحنين إلى الوطن الذي ذاق فيه العسف ويواجه الطرد من مجتمع لا يقبل ذوبانه فيه واندماجه بالكامل فيعيش تلك المنطقة الزئبقية من قلق المصير وضياع الهوية والتعليق في فراغ الروح الضائعة بين الحاضر والماضي. ويلحظ الفايز أن الرواة والشخصيات لم ينشغلوا كثيراً في تأمل الموت وإبداء الأفكار العميقة حوله كما لم يعثر على تفسيرات فلسفية أو فكرية سوى بعض النتف المتناثرة من الأفكار التي تمت للفلسفة الوجودية كما في رواية «في الطريق إليهم» ورواية («في باطن الجحيم)» وإنما كان هاجس الشخوص الأكبر هو تسجيل صور الموت وحشد أكبر ما يمكن منها من المشاهد وبيان فظاعتها وكثافتها والقبض عليها في الذاكرة وتوجيه أنظار المروي إليه الداخلي والخارجي إلى بشاعة ما حدث ويحدث في حق شعب أحاط به مصير أسود. وحسب الفايز، فإن ما يحسب للرواية العراقية بعد 2003 أنها تماست مع هموم مجتمعها وأعلنت عن نكباته وعرضت لمراحله السياسية والإيديولوجيات المتصارعة فيه وإلى نظمه العرفية وقد ابتعدت في ذلك عن ارتفاع منسوب الإيديولوجيا وتصاعد ضجيج الصوت الخطابي والشعاراتي وجسدت ما تريده من خلال حركة الشخوص وحواراتهم وسير حياتهم. لهذا فقد انشغلت الرواية العراقية بعد 2003 بإلقاء الضوء على صور الموت التي أعقبته بتداعيات الاحتلال الأمريكي، وقد اتفقت معظم محكياتها على تجريم المحتل وفضح وتعرية همجيته وعنجهيته وتعطش جنوده لدماء العراقيين، كما وثقت المآسي التي جرها على البلاد من خلال عمله على تغييب الوحدة الوطنية وبث روح الفرقة وانعاش الهويات الفرعية القومية والمذهبية فنمت منظومات فكرية متضاربة ومتقاطعة وتفشت الطائفية وأغرقت البلاد بدماء النزاع المحلي والقتل على الهوية وانتشرت عصابات الجريمة والخطف والقتل والسلب. المحكيات الروائية التي درسها الفايز لم تقف عند عرضها للإرهاب عند تفاصيل تنظيمات الإرهابيين وتكوينات خلاياهم ودوافعهم الحقيقية في الانتماء لتلك التنظيمات والظروف المحيطة بشخصياتهم وتواريخهم والمجتمعات التي انحدروا منها فضلاً عن السلم التراتبي الذي تنتظم فيه خلاياهم وإنما انصب اهتمامها على تدوين بشاعة أساليبهم في القتل وإدانة وحشيتهم وتوثيق صور الجثث المحطمة والأشلاء المتناثرة جراءهم. ولخصوصية الرواية النسوية العراقية، فقد كان لبصمتها الخاصة في تسجيل صور الفقد والمواجع المتقدة وبيان معاناة المرأة في ظل طواحين الموت بمختلف مواقعها، المرأة الأم، الزوجة، والحبيبة والأخت، وكذلك المرأة المثقفة المضطهدة وما تعانيه من حيف مزدوج فهي تقع تحت وطأة السلطة السياسية وسلطة أخرى هي التقاليد والأعراف وتحيزاتها الثقافية للذكورة والمرأة الكاتبة أقدر على استظهار كل ذلك واستنطاق المتواري والمسكوت عنه منه والعمل على مواجهته ومقاومته وتجلى جانب من تلك المواجهة في لون من السرد تقود فيه حركة الأحداث إلى تهشيم الصورة النمطية للمرأة الضعيفة السلبية وتمزيق أقنعة الذكورة المزيفة وقلب الصورة والوصول في مجريات السرد إلى قتل الذكر مادياً ومعنوياً أو فنياً للخروج من قمقم الخنوع والأنوثة الراضخة التي لا تعدو أن تكون جسدا للمتعة والتلذذ. وبعد البحث تأكد للفايز أن الروائيين العراقيين سعوا إلى أن تكون كتاباتهم غير خاضعة للنظم المقولبة والتقليدية من حيث المواضيع أو التقنيات وبذلوا جهدهم في ارتياد مناطق جديدة من التجريب والتجديد وقد وظف كثير منهم أساليب القص الحديثة فتداخل في الرواية الخيال المغرق بالوهم والغرائبي والعجيب مع الواقعي المرجعي والتوثيقي والشعري مع التسجيلي والمحكي عملا على جذب المتلقي وشدّه بحبال التشويق والإدهاش، وأفادتهم ثيمة الموت كثيراً في ذلك لكون الموت من القضايا الحساسة والأساسية في حياة كل إنسان وكذلك توظيف ما تنطوي عليه فكرة ما بعد الموت بعوالمها المغيبة والملغزة في طرح نظم من القص العجائبي تمد المشاهد بجرعات من التجديد تأخذ بعنق المتلقي إلى ارتياد مناطقها والإنصات إلى أفكار الشخصيات وهموها وفق آليات مغايرة وغير مباشرة أو تقليدية. ويختم الفايز كتابه مبيناً أن الرواية العراقية استثمرت موضوعة الموت فنياً فأثرت به موضوعاتها وبداياتها وإنتاج عناوينها المتشظية بالدلالات الجاذبة وتطريز مقدمات المحكي باستهلالات تضيف إلى رصيد المتلقي اللغوي والفكري. كما أفادت الرواية مما يجترحه الموت من طقوس تحيط به وأعراف ومشاعر من لون خاص وما يتطلبه من أماكن تنشأ بمقتضاه ما استولد أماكن بكر أغنت المحكي وشعبته وعبأته بالجاذبية والمتعة والتشويق. فارس نايف الفايز: «تمثّلات الموت في الرواية العراقية 2003- 2013» دار الرافدين، بيروت، 2017 252 صفحة. فارس نايف الفايز في «تمثلات الموت في الرواية العراقية»: ارتياد مناطق جديدة من التجريب والتجديد صفاء ذياب |
فاضل السلطاني: «لا أحد يعود» Posted: 25 Mar 2017 03:09 PM PDT هذه هي المجموعة الخامسة للشاعر العراقي فاضل السلطاني، بعد «قصائد»، «النشيد الناقص»، محترقاً بالمياه»، و«ألوان السيدة المتغيرة»؛ فضلاً عن ترجمات متميزة، إلى العربية، لمختارات من الشعر البريطاني، وفيليب لاركن، وميروسلاف هولب؛ إلى جانب قصص قصيرة من وليم تريفور، ورواية توني موريسون «العين الأشدّ زرقة». هنا مقاطع من قصيدة طويلة بعنوان «في الطريق إلى دمشق»: «كنتُ في غرفتي/ بنافذتها الوحيدة/ وموتاي المعلقين فوق الجدار/ وهم يحدقون كما في كل ليلة/ في الحقائب المعدّة للسفر/قلت أنام قليلاً/ أنا وصاحبي كلبي/ فطريقي طويل/ وقد يطول/ كم نمتُ وصاحبي كلبي؟/ دقة على الباب/ وانفتح الجدار/ حمام على الجامع الأموي/ حمام على قبر زينب/ وحمزة يلعب بين الحمام/ على الجامع الأموي/ على قبر زينب يلعب/ يسرق أغنية من حنجرة مقطوعة/ ما تزال تغنّي/ ويضيع بين سرب الحمام/ مطر/ غياث/ إبراهيم/ مشعل/ يا لهذه الأمّة التي لا تجيد العدّ/ فرس.. أتراك/ أمويون وبعثيون/ عباسيون وبعثيون/ مطر على قبر زينب/ أين رأيتُ هذا المطر من قبل؟/ غساسنة.. بعثيون/ ومناذرة.. بعثيون/ يا لهذه الأمّة التي لا تجيد العدّ!/ كنت أنام في غرفتي/ وصاحبي كلبي/ وحيدين كنّا/ فمن قد أتى/ بطوق الحمامة لي؟/ ومن فتح النافذة/ لأراه في الطريق إلى دمشق؟/ ـ ماذا تريد يا شيخي؟/ ـ أين الطريق؟/ وماذا تريد يا شيخي؟/ ـ أين الطريق إلى معرّة النعمان/ لأمسح خدّها التربا/ وأستوحي من طوق الدنيا بما وهبا/ اشتقت لأبي العلاء/ ـ لا طريق هناك/ أغلقوا القبر بالقبر/ ـ لإذن لأعودَ لبيتي بشيخ محي الدين/ ـ لا بيت هناك/ أغلقوا البيت بالقبر/ ألستَ ترى أيها الشيخ؟». دار نون، رأس الخيمة 2017 فاضل السلطاني: «لا أحد يعود» |
جورج صبرة: «2011 أوراق من ذاكرة الثورة» Posted: 25 Mar 2017 03:09 PM PDT المؤلف معارض سوري شغل مواقع قيادية داخل سوريا، في «حزب الشعب الديمقراطي» و«إعلان دمشق»؛ وفي الخارج أيضاً، عبر «المجلس الوطني» و«الائتلاف» و«هيئة التفاوض». وكتابه هذا يسجّل شهادات عن الأشهر الأولى من الانتفاضة، في العاصمة دمشق ودرعا وريف دمشق وقطنا؛ وكذلك وقائع اعتقال صبرة، في سجن عدرا وفرع التحقيق العسكري؛ ثمّ فترة الملاحقة والتخفي، والخروج من سوريا، عبر الحدود الأردنية، مشياً على الأقدام. هنا فقرات من المقدّمة التي كتبها الشاعر السوري نوري الجراح: «بحرارة وأمانة، وشغف بالثورة التي طال انتظارها، كتب جورج صبرة ملامح من وقائع العام الأول لسفر الخروج السوري إلى الحرية. كتب من موقعه كمناضل، ومن موقعه كأب، ومن موقعه كأديب، ومن موقعه كإنسان مهدور الحقوق؛ سجيناً وقائداً سياسياً، ومتظاهراً في المدينة. مسلماً ومسيحياً، جامعاً في إيمانه العميق بالحرية جروح السيد المسيح ورداء أبي ذرّ الغفاري، متنقلاً مع رفاقه في العمل السري لسنوات على طور جديد من أطوار الكفاح العلني لتخليص مهد الفلسفات الروحية والأديان الثائرة لأجل الحرية، ولأجل حضارة الإنسان، من أعتى الدكتاتوريات التي عرفها الشرق والغرب، يحسب لجورج صبرة أنه دوّن في صحائفه اعتمالات الريف والمدينة، ولقاءهما المبدع في أتون الثورة، فكتب توق جميع السوريين إلى العمل العام بعد عقود من الحرمان السياسي لأهل المجتمع، إلى الشراكة في مجتمع مدني يتساوى فيه الأفراد في الحقوق والواجبات، ويخلصهم من «سلطة الأبد» وما قابلها من لا أبالية مجتمعية هي تعبير من المجتمع عن يأسه من النظام، أكثر منها تعبيراً عن كسل روحي أو فكري أو حضاري. في سطور هذا الكتاب نتعرف على المجتمع السوري، كما لو لم نكن نعرفه من قبل، مصوّراً بأمانة وسعادة كيف تفجرت الطاقات، وبان المعدن الثمين للإنسان السوري». دار الوراق، الرياض 2016 جورج صبرة: «2011 أوراق من ذاكرة الثورة» |
راينر ماريا ريلكه: «مذكرات مالته لوريدز بريغه» Posted: 25 Mar 2017 03:08 PM PDT هذه الرواية، التي أنجز ترجمتها إلى العربية الناقد الفلسطيني إبراهيم أبو هشهش، أستاذ الأدب الحديث في جامعة بير زيت؛ تعدّ واحدة من أهمّ الأعمال الروائية الانطباعية في القرن العشرين، فقد مثلت انقطاعاً عن التقاليد السردية الواقعية، وكان لها تأثير كبير على الرواية الأوروبية الحديثة. ولعل أبرز سمة تميزها وتجعلها من الروايات التي مهدت الطريق للرواية الحديثة هي غياب الحدث المركزي بوصفه نقطة الارتكاز الأساسية للسرد، واعتمادها تقنية تيار الوعي التي بلغت ذروتها لاحقاً على يدي مارسيل بروست وجيمس جويس، وانتهاجها الأسلوب المونتاجي الذي كان من المبادئ التكوينية الأساسية التي منحت السرد شخصيته الخاصة؛ كما جاء في كلمة الغلاف. والرواية لا تقوم على أحداث متسلسلة تاريخياً، لأنّ المقاطع المتلاحقة لا رابط بينها سوى مشاعر السارد، مالته، وتطور وعيه من خلال انطباعاته وقراءاته التي يتابعها القارئ في 71 مقطعاً، يمكن قراءتها على أنها قصائد نثر قائمة بذاتها. ولكنها، في الوقت نفسه، هي ما يشكل المقولة السردية الكلية في الرواية، من خلال الربط الكنائي بين الموتيفات والثيمات والمواقف المتضادة أحياناً، والمتناظرة أو المتوازية أحياناً أخرى. إنها رواية عن التجارب الوجودية الكبرى للإنسان المعاصر: الخوف والعزلة والمرض والحبّ والموت. ويعتبر ريلكه (1885 ـ 1926) أعظم شعراء ألمانيا في القرن العشرين، وبين كبار شعراء القرن العشرين. ولد في براغ وقضى معظم عقود حياته متجولاً في معظم أرجاء أوروبا، كما زار تونس ومصر، وأقام في سويسرا اعتباراً من سنة 1919. بين أهمّ أعماله: «كتاب الصور»، «قصص الإله الطيب»، «كتاب الساعات»، «مراثي دوينو»، وسونيتات إلى أورفيوس». وجدير بالذكر أنّ الشاعر والناقد العراقي كاظم جهاد أنجز ترجمة غالبية أشعار ريلكه إلى العربية. دار الشروق، عمّان 2017 راينر ماريا ريلكه: «مذكرات مالته لوريدز بريغه» |
حبيس وراجح: الفن وعي والرقص وجود والعروض غنية وتحكي حياتنا Posted: 25 Mar 2017 03:08 PM PDT بيروت ـ «القدس العربي»: تماما كما لم تكن تدرك الراقصة ميا حبيس أن الرقص مهنة متاحة للبشر، ربما بدوره مؤسس «مقامات للرقص المعاصر» في لبنان الكوريوغراف والراقص عمر راجح لم يكن في باله أن «سيتيرن بيروت» أو «خزان بيروت» سيحتضن فعاليات الدورة الـ13 لـ«مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» كحيز مكاني خاص مجهز لاحتضان الفنون الأدائية، وفيه ستتم العروض الـ22 بكل ما تطلبه من تقنيات. عشر سنوات أمضاها راجح في إدارة المهرجان، وحبيس تدير الدفة للسنة الثالثة بشغف وتجدد واضحين. وللتجدد مساحة واضحة منها استقبال الجمهور الخارج من العرض في «هول سيتيرن» بوجود موسيقيين يقدمون العزف الحي، مما يؤمن تواصلا وتفاعلا بين الجمهور ونقاشاً حيوياً حول العروض. فالحالة التي يخلقها رواد المسرح بعد العروض تشكل تتمة حيوية في مساحة العرض. فالعروض المسرحية تعيش بالضرورة من خلال من تفرّج عليها. اسبوعان من «الحلم، المبادرة والمسؤولية» وهو عنوان الدورة الـ13 ستنطق بها الأجساد الراقصة لتسرد للمتلقين قصصاً من حياتنا. فرق من أكثر من 10 دول عربية وأوروبية وجمهور مريد ومشجع يلتقون في منصة أصبحت حاجة منتظرة ضمن المشهد الثقافي القائم في بيروت، كما صار لها صيت ثقة حول العالم. والجميع «محكومون بالأمل» حسب المسرحي سعدالله ونوس، والاستعارة التي اختارها مؤسس المهرجان عمر راجح. مديرة «ايبود» ميا حبيس أمضت قسطاً كبيراً من حياتها ترقص ولا تزال. وحين صار التخصص الجامعي ضرورة اختارت الأدب الفرنسي والتسويق، دون أن تقرر الالتحاق بمعهد للرقص وجدت نفسها ترقص باحتراف. اللقاء الفني والإنساني مع الفنان عمر راجح حفزّها لمنح الرقص قسطاً أكبر من الوقت، فصارت من أعضاء فرقة مقامات للرقص المعاصر. تقول حبيس: لم يراودني تصور بأن الرقص مهنة قائمة بحد ذاتها. ولم يخطر في بالي أن فرقة لبنانية راقصة ستلف العالم لتعرض أعمالها. وعندما صار المستحيل ممكناً تفتحت آفاقي الخاصة عبر اللقاء مع فرق أخرى من العالم. إذا «مقامات للرقص المعاصر» فرقة أسسها عمر راجح سنة 2002 وفي 2004 أطلق «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر»، ومن ثم «ملتقى ليمون» سنة 2009 الخاص بفرق فنية عربية فقط. في تحليلها لصلة البشر بالرقص ترى ميا حبيس «الرقص مرتبط بوجودنا. صلته وثيقة بمجتمعنا ومحيطنا. تفاعل الجمهور مع فرقة مقامات أولاً ومن ثم مع بايبود بدءا من سنة 2004 كان العامل الأساسي في التوسع والتجدد». الدورة الـ13 من بايبود تتميز بالتفرد والغنى، «الحلم والمسؤولية والمبادرة» ثلاثي يحكم حركة العروض. حسب ميا حبيس: بحثنا عن عروض مخصصة لهذه الثيمة. نحن نتجدد عبر الفرق الفنية والفنانين الذين يأتون إلينا للمرة الأولى. نتجدد مع شراكات مضافة إلى البرنامج كما متحف سرسق وغاليري تانيت. وجود «سيتيرن بيروت» واحتضانه لعروض هذه الدورة فتح لنا الباب واسعاً في اختيار المدعوين للمشاركة في بايبود، لأن التقنيات المطلوبة أصبحت متوفرة في المسرح المصنوع من الفولاذ والذي يضم صالات مسارح ومكاتب. أن يكون لنا مسرح خاص فهذا مخاطرة كبيرة جداً. فثمة عروض تعجز مسارح بيروت عن استقبالها تقنياً، لهذا كان الحافز كبيرا لإنجاز «سيتيرن» بمساحة ألف متر مربع. ميا حبيس امرأة شغوفة بالرقص لأنه يحقق وجودها. متفانية من أجل تطوير بايبود عاماً تلو عام، تقول لمن يسأل عن ماهية «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» ومن هو جمهور هذا الرقص؟ ليس بالضرورة أن يملك المتحمس لاكتشاف عروض المهرجان خلفية معرفية أو ثقافية خاصة بهذا النوع من الرقص أو بسواه، بل هو عرض لكل الناس. جمهور المهرجان ليس بجمهور خبير بالرقص. قد لا يحب الجمهور عرضاً ما، لكنه سيتفاعل معه دون شك. خلال الدورات الـ12 لبايبود بنينا الثقة مع الجمهور، وهو ينتظر كل عام أن نقدم له عروضاً مميزة. سواء أحب الجمهور العرض أم لم يحبه فهو سيضعه بمواجهة أفكار جديدة تتفتح لديه، وبمواجهة أسئلة جديدة. ولأن الرقص جزء من الحياة نهتم باستقطاب عروض تتحدث بلغة الناس والحاضر. الرقص الذي يحقق وجود ميا حبيس بل ويؤكده، تقول عن حضورها على المسرح: خلال الرقص أشعر بوجودي الكبير، ويستحيل أن أتشتت إلى حيز مكاني آخر. وفي الوقت عينه أكون موجودة بقوة داخل جسدي. وليس لجسدي الاتيان بأي حركة خارج رأسي، والعكس جائز كذلك. هي حالة كلية تشعرني بالثبات والاكتفاء من حضوري في هذه الحياة. مصمم الرقص والراقص عمر راجح الذي تولى مهمة إطلاق «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» وهو محكوم بالأمل كما يردد على الدوام. يحاول راجح القراءة في كيفية إغراء الجمهور بمشاهدة الرقص المعاصر خاصة وأننا شعب يعتز بتراثه من الرقص الشرقي والدبكة؟ يقول: الرقص الشرقي من أهم الفنون المعاصرة. العلة ليست فيه بل تكمن في كيفية التعاطي مع هذا الفن. أين نقدمه وما هي طريقة هذا التقديم. في بايبود نقارب الرقص المعاصر من خلال هويتنا وبيئتنا اللبنانية، لهذا كبُر المهرجان. وإلى جانب الفرق الأجنبية الفرق المحلية والعربية موجودة بقوة، وهي تحكي همومها، أفكارها، حياتها وتطلعاتها. لهذا السبب تقرّب الجمهور من المهرجان وكانت عروضنا مكتملة الحضور جميعها في الدورات الـ 12 الماضية. في رأي الرقص المعاصر موجود في حياتنا أكثر من أي رقص آخر، والسبب أنه مبني على الحركة، وكذلك على الموضوع الاجتماعي والفكرة النابعة من حياتنا. إذاً كيف للجسد المرن بحركته أن يعبر عن ثيمة «الحلم، المسؤولية والمبادرة»؟ وكيف لمؤسس بايبود أن يقنع الجمهور بالحضور لمعاينة كيفية بناء الحلم على المسرح مباشرة؟ لعمر راجح مقولته المثبتة من خلال فنه وقناعته بما يقوم به. يقول: الحلم هو النقطة المركزية. العروض تشجع على الحلم دون خوف. تُحفز على الحلم والتأكيد والسعي لتحقيقه. تطلعات الفرد يجب أن تتحقق والسبيل لذلك أن يكون حلماً واقعياً، وأن يتميز صاحبه بالإقدام، الجهد والمبادرة. بمجرد قراءة الصحف والتحدث مع آخرين في كل يوم يُطرح علينا السؤال: ما الذي يمكن فعله؟ أي ما هي قدرتنا على الفعل؟ ومن هنا أتى تعبير مسؤولية. كمسؤولين في المهرجان وضعنا الثيمة، وفي كل عرض يقرأ الجمهور التوجه المقصود منه. العرض الآتي إلينا من بريطانيا يتحدث عن عصر النهضة والتنوير ما يدفعنا للسؤال ماذا علينا أن نفعل لحاضرنا؟ أما عرض الافتتاح الرائع «ثقل الاسفنج» فيبحث الصلات بين الأطراف التي تتشكل منها العائلة، وكذلك صراع الأجيال الذي تمر به مختلف العائلات. مع راقص ومصمم رقص محترف يجوز لنا طرح السؤال عن قدرة الجسد على النطق بلغة العقل؟ يقول راجح: هذا يعتمد على قدرة التمييز بين الجسد والعقل. الرقص نوع من وجود، والفكرة التي نرغب في إيصالها تتحدث عن نفسها من خلال الحركة. الفن وعي، والرقص فن يبث الوعي دون شك، بل هو الوعي. نتأكد من وجودنا من خلال حواسنا أي من خلال جسدنا. ليس لإنسان أن يحقق تطوره برأس مقفل. الرقص والموسيقى وكل الفنون هي ابنة الأرض. الفلاح يغني في أرضه، والراعي يعزف المجوز مع قطيعه. الثقافة والفن أساس الحياة فمهما من يدفعنا للسؤال. عندما شاهدت عرضاً لفرقة كركلا وأنا في عمر الـ 14 سنة طرحت السؤال على نفسي. بعيداً عن ذاك العرض مستحيل أن أكون ما أنا عليه حاضراً. السؤال الأساسي الذي يطرحه الفن: كيف تصبح حياتنا أفضل؟ ولهذا السبب يتظاهر الناس في الشارع من أجل حياة أفضل. الأسئلة مفصلية والهدف منها ان لا يكون الإنسان في وضعية «البلوك». من 13 إلى 29 نيسان/ابريل تمتد العروض. تاريخ البدء مفصلي في حياة اللبنانيين، ومعه صارت الحياة جحيماً. في اختيار التوقيت يرى راجح: انها صدفة ذات معنى وليست عبثاً. حان الوقت لأن نقارب علاقتنا بهذا التاريخ بطريقة مختلفة. بالنسبة لي 13 نيسان/ابريل 2017 هو بداية مشروع حياة، وبداية رؤية لحياتي. إلى الدورة الـ 13 من بايبود أدعو الجمهور لموافاتنا إلى حلمنا. ويضيف عمر راجح: جمهورنا هو كل الناس. وهؤلاء يقولون لنا أنهم يدركون ويثقون بأن ما نقدمه جديد وله معنى، ويحمل أفكاراً من شأنها أن تترك اثراً على حياتهم. المهرجان يقع في مرتبة مهمة جداً في دائرة الرقص العالمي. لهذا كانت شراكة مع غاليري تانيت لاستقبال معرض لأيقونة الرقص المعاصر الألمانية الراحلة بينا باوث. هو معرض عن حياتها، اختار بايبود جزءاً صغيرا منه، ليغادر برلين للمرة الأولى. والألماني لوتس فورستر قرر أن يكون حضوره الأخير على المسرح في بايبود. ومن العروض العربية «نصيرة بلعزا من الجزائر، وميريم جازولي من المغرب، وكذلك فرق من إيران، وتونس، وفلسطين ولبنان». أما ربيع مروة الذي يعرفه لبنان ممثلاً ومخرجاً مسرحياً يصل إلى بيروت مع فرقة شهيرة هي «دانس أون» أعضاؤها تجاوزوا الأربعين عاما، مقدماً كمخرج وكمصمم عرضاً برعاية معهد غوته الألماني. سواء أحب الجمهور العرض أو لم يحبه فهو سيضعه بمواجهة أفكار وأسئلة جديدة حبيس وراجح: الفن وعي والرقص وجود والعروض غنية وتحكي حياتنا في دورته الـ 13 مهرجان «بيروت للرقص المعاصر» يدعو للحلم زهرة مرعي |
الإنشاد الديني في تونس: أذكار تروض الروح وتخفف أثقالها Posted: 25 Mar 2017 03:07 PM PDT الإنشاد الديني طلب ونشدان، طلب يلوذ فيه المنشِد بالمدائح والأذكار وترتيل القرآن والإشادة بسيرِ الرسول والصحابة ومقامات الأولياء سبيلاً إلى تحقيق سكينةِ روحه، ونشدان يتقصده الدنيوي لمعانقة فضائه الإلهي. وهو ممارسة نجد لها حضورا في ثقافة المجتمعات القديمة على غرار الترانيم اليهودية وتراتيل الكنائس المسيحية وأغاني الفراعنة لنهر النيل. ثم إن الإنشاد تعزز بمجيء الإسلام، فاتخذ له في بداياته صورة ترتيل القرآن والحرص على طراوةِ صوتِ الأذان حتى قال فيه عمر رضي الله عنه: «لولا الخلافة لأذنت». وقد اشتهر بعض الصحابة بحسن تلاوتهم للقرآن مثل أبي موسى الأشعري الذي خاطبه النبي لما سمع تلاوته بقوله: «يا أبا موسى لقد أوتِيت مزمارا من مزامير آل داوود» وفق رواية البخاري. ثم تطور الإنشاد في ما بعد ليأخذ له أشكالا عديدة ظلت تمارس داخل المساجد على غرار الدعاء والتسبيح والمديح والأذكار في المناسبات الدينية مثل عِيدي الأضحى والفِطر والمولد النبوي الشريف. والظاهر أن الإنشاد الديني شاع في البلدان الإسلامية مع ظهور الطرق الصوفية، إذ لم تعد ممارسته حكرا على المساجد وإنما اتخذ له في الزوايا شكل «الحضرة» التي يروض فيها الجسد والنفس بأشعار ابن عربي وابن الفارض والحلاج وأبي شعيب الأنصاري لاستحضار حالة إيمانية صافية. وقد استمر حضور الإنشاد في مناسبات الناس الدينية والشخصية إلى يومنا هذا وانتشر في أغلب أقطارنا العربية وصارت له مدارس تنتمي كل واحدة منها إلى قطب من أقطاب الصوفية كالقادرية والشاذلية والعيساوية والنقشبندية والسلامية على حد ما هو موجود بشمال افريقيا وخاصة في تونس. وفي هذا الشأن يذكر الباحث فتحــي زغندة المختص في التراث الموسيقي التونسي ضمن مقالة له موسومة بـ«الأناشيد الصوفيـة والموسيقى الدنيوية في تونس بين الائتلاف والاختلاف» أن الزوايا في المغرب العربي وفي تونس خاصة قد لعبت دورا محوريا في انتشار الأناشيد الصوفية «حيث وجد فيها أتباع الطرق ملاذا يمارسون الموسيقى والإنشاد بعيدا عن أنظار المحرمين للممارسة الموسيقية، والزاوية فضاء لزيارة الأولياء والصالحين، يجتمع فيه المنتسبون إلى إحدى الطرق الصوفية قصد التعبد والذكر والتقرب من الله تعالى ومدح شيوخ الطريقة وتقديم النذور والصدقات للفقراء والمحتاجين وللتعارف والترفيه عن النفس بإنشاد القصائد والمدائح». ومن أشهر نصوص الإنشاد الديني في تونس ما ابتهل به لطفي بوشناق لله تعالى: يا سيدي أتيت لك ٭ عبدا وقد أسلمت لك العجز لي والملك لك ٭ والذل لي والعِز لك فالعبد عبد ما سلك ٭ كلا ولو حتى ملك فالفضل كل الفضل لك ٭ لولاه كل قد هلك أنت الذي أجرى الفلك ٭ ولكل شيء قد ملك فارحم عبيدا قد قال لك ٭ الذنب لي والعفو لك وقد انفتح الإنشاد على استعمال بعض الآلات الموسيقية في اللاحق من تاريخه، حيث جمع بذلك بين الأهداف الدينية والأهداف الفرجوية. ومن تلك الآلات التي تحضر في الإنشاد الديني في تونس نذكر «الدربوكة» و«البندير» و«الزكرة» و«الكلارينات»، وهي آلات تؤثث بها «الخرجات» التي تتخذ لها صورة احتفال شعبي يتجمهر فيه أتباع الطريقة الصوفية رافعين أعلام زواياهم وتكاياهم وهم يتوجهون صوب ضريح من أضرحة أولياء الله الصالحين وسط أجواء دينية تفوح منها روائح البخور والعنبر والمسك وتتخللها نخبة من الأشعار والمدائح والابتهالات الصوفية. ومن أشهر تلك «الخرجات» و«مواسم» الإنشاد الديني التي يقبل عليها الناس في تونس نذكر سهرة «الحضرة» التي أخرجها الفنان الفاضل الجزيري وشارك فيها لطفي بوشناق، و«خرجة سيدي علي الحطاب» في مدينة المرناقية و«خرجة سيدي أبي سعيد الباجي» في ضاحية سيدي بوسعيد و«خرجة سيدي مسعود» في جزيرة قرقنة و«خرجة سيدي الشريف العجمي» في ضاحية حلق الوادي و«خرجة سيدي عامر» في مدينة المنستير و«موسم سيدي عبد القادر» في منزل بوزلفة و«موسم سيدي علي عزوز» في مديـــنـــة زغـــوان و«موسم سيدي الصحبي» في القيروان و«موسم سيدي أحمد التليلي» في فريانة و«موسم سيدي بو علي» في مدين نفطة. وتتحول الخرجات في تلك المدن والضواحي إلى مسارح مفتوحة وعروض كرنفالية كبيرة يشارك فيها الصبية والنسوة والرجال، وتذبح فيها القرابين، وترتفع فيها الأدعية، وتشعل فيها الشموع، ما يجعل الديني فيها يمتزج بالدنيوي ويرقى به إلى المراقي الوجدانية العليا التي تصفي الروح وتخفف عنها ثِقل أيامها وحمولاتِ أوهامها، وغالبا ما تبلغ نشوة الإنشاد الديني ببعض المنشدين والحضور مبلغ حالات الإغماء والتخمر. ومن أشهر المنشدين الدينيين في تونس نذكر الشيخ علي البراق والشيخ عبد المجيد بن سعد والشيخ محمد شقرون، وقد ظهرت أسماء جديدة في مجال الإنشاد نخص بالذكر منها فوزي بن قمرة وحسين بن عامر وأحمد الجلمام وحاتم الفرشيشي ومنير المهدي وعادل سلطان. الإنشاد الديني في تونس: أذكار تروض الروح وتخفف أثقالها عبدالدائم السلامي |
انطلاق موسم فورمولا-1 الجديد : مرسيدس يتطلع الى موسم جديد خال من المشاكل بعد اعتزال روزبرغ! Posted: 25 Mar 2017 03:07 PM PDT ملبورن – «القدس العربي»: يتطلع فريق مرسيدس للاستفادة من العلاقة الهادئة بين السائق البريطاني لويس هاميلتون وزميله الفنلندي فالتيري بوتاس في أعقاب اعتزال الألماني نيكو روزبرغ بطل العالم لسباقات فورمولا-1. وأكد توتو فولف رئيس فريق مرسيدس، أنه يعتقد بأن الشراكة الجديدة ستساعد الفريق الذي وجد نفسه في المواسم الماضية منقسما بين معسكرين مختلفين، في ظل توتر العلاقات بين هاميلتون وروزبرغ. وفي المواسم الأخيرة، كثيرا ما اضطر فولف للتدخل لتصفية الأجواء بين هاميلتون وروزبرغ في ظل التصرفات المثيرة للجدل التي شهدها صراع السائقين مع بعضهما بعضا على لقب بطولة العالم لفئة السائقين. ومع رحيل المدرب بادي لوي إلى ويليامز وتطبيق لوائح جديدة لفورمولا-1 فإن موسم 2017 يبدو مختلفا لفريق مرسيدس حامل لقب فئة الصناع (الفرق). وأبدى فولف ارتياحه وتطلعه إلى عدم تكرار حالة الجدل الواسعة التي أسفر عنها الصراع والخلافات بين هاميلتون وروزبرغ في الموسم الماضي. وقال النمساوي فولف (45 عاما) إن علاقة أفضل تجمع بين هاميلتون والفنلندي بوتاس. وفي ظل الشراكة بين بوتاس وهاميلتون الفائز بلقب بطولة العالم ثلاث مرات، فإن مرسيدس يتطلع للحفاظ على قوته الدافعة خاصة في ظل التغييرات الفنية الكبيرة التي طرأت على بطولة العالم. ويتطلع فولف بنظرة إيجابية إلى الموسم الجديد الذي يبدأ الأحد المقبل ويتمنى أن يواصل مرسيدس هيمنته للموسم الرابع على التوالي، والاستفادة من التغييرات العديدة التي طرأت على قوانين سباقات فورمولا-1 هذا الموسم. وقال فولف: «الفريق ينبغي أن يتطور كأي شركة». وأضاف: «لا يمكن أن تجمد الأوضاع وتأمل بأن تبقى كل الأمور على حالها، إنه شيء ديناميكي». وأضاف: «بالتأكيد أرى مخاطر هذه التطورات، خسارة سائق مثل نيكو خطوة كبيرة، ولكنها في الوقت ذاتها فرصة للعودة إلى النجاحات عن طريق سائق مثل فالتيري بوتاس، ومن خلال العلاقة المحايدة التي تجمعه بلويس، وهو شيء بالتأكيد يساعد الفريق». وشدد فولف على أنه معجب كثيرا بروزبرغ وما زال على اتصال وثيق بالسائق الألماني «لكنه لن يفتقد إلى العلاقة العدائية التي جمعت السائقين». وقال فولف: «تلك الأمور كانت تتطلب منا الكثير للسيطرة عليها. فكنا نضطر أحيانا لقضاء أوقات طويلة من أجل حلها.» وتابع: «هذه الأمور في بعض الأوقات شكلت معاناة شديدة لنا، قضينا في تسوية هذه الأمور أوقات أكثر من المفترض، لكن من خلال سيارتنا الجيدة نجحنا في القتال خلال السباقات وفزنا بلقب فئة السائقين»، وأكمل: «تتوقع في بعض الوقت أن يتخطى هذا التنافس الحدود المسموحة، حسنا، لكنني أفضل أن أتجاوز هذا الأمر من خلال شراكة جديدة بين السائقين». ولدى سؤاله حول الدروس التي استفادها مرسيدس من التنافس بين هاميلتون وروزبرغ، قال فولف: «لقد امتطينا الحصان الشرس بأفضل طريقة ممكنة، في بعض الوقت تعاملنا بشكل مختلف، ربما بشكل أكثر حذرا». وأوضح: «لكن كل سائق لديه ديناميكية مختلفة، الأمر أكثر هدوءا بين فالتيري ولويس، لكن بالتأكيد قد تتغير الأمور عندما تشتد المنافسة بينهما». وأكد فولف أنه تعلم في المواسم الثلاثة الماضية التي سيطر خلالها مرسيدس على لقب فئة الصناع والسائقين، أنه من الصعب توجيه سائق. ويعتقد فولف ان هاميلتون استعاد توازنه بعد خسارته المحبطة للقب بطولة العالم في 2016 لصالح روزبرغ، خلال آخر سباق في الموسم في أبوظبي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وهو السباق الذي شهد تجاهل هاميلتون لأوامر الفريق من خلال محاولة تجاوز زميله الألماني. وأوضح فولف: «هاميلتون مثله مثل أي رياضي كبير يستطيع تجاوز الأمور ووضعها خلف ظهره، ولقد استعد بشكل جيد للموسم الجديد الذي ينطلق الأحد المقبل». ويدخل فولف نفسه الموسم الجديد بمعنويات مرتفعة بعدما جدد عقده مع مرسيدس حتى 2020. ويرى فولف أن فرص جميع الفرق في المنافسة أصبحت متساوية، مضيفا: «الفرص والمخاطر واحدة للجميع، في ظل هذا يمكنك أن ترى الابتسامة تعلو وجه كل من في الفريق، ليس من سبيل العجرفة ولكن على سبيل السعادة بالتحدي». وبعد الفوز في أكثر من 50 سباقا وحصد لقب فئة الصناع والسائقين في المواسم الثلاثة الماضية، فإن التوقعات في فريق مرسيدس قد لا تتسم بالواقعية، ووفقا لفولف: «فمن المهم أن تضع المعايير لنفسك وللأجواء المحيطة بشكل متقن». وختم فولف حديثه بالقول: «سواء حققنا النجاح مجددا أو حظينا بالمتعة في مطاردة فريق أفضل منا، لا يهم في هذه اللحظة، كلا الأمرين له جاذبية خاصة». هاميلتون… السائق الذي يهابه الجميع! أفلت لقب بطولة العالم للسائقين الموسم الماضي من لويس هاميلتون، ويبدو أن بطل العالم ثلاث مرات غير مستعد لتكرار ذلك في 2017. وفاز السائق البريطاني بأكبر عدد من السباقات مقارنة بأي سائق آخر موجود في الموسم الجديد، ويعلم كل الحيل، حيث يبدأ موسمه الـ11، وتضعه المراهنات على قمة المرشحين للفوز باللقب عندما ينطلق الموسم بجائزة استراليا الكبرى في الفترة من 24 وحتى 26 مارس/ اذار. لكن ربما ما زالت هناك بعض العوائق. وبالنسبة لمن يعتقد أن سائق مرسيدس سيستمتع بموسم سهل بعد اعتزال الالماني نيكو روزبرغ الذي تفوق عليه وحصد بطولة العالم رغم فوزه بعدد أقل من السباقات فهناك سيناريو بديل. وقال ديمون هيل بطل العالم 1996: «تخيلوا انتفاضة فيراري والمنافسة على اللقب بين سيباستيان فيتل بطل العالم أربع مرات وهاميلتون الفائز باللقب ثلاث مرات. ستكون منافسة مثيرة.» وهذا يمكن أن يحدث بعدما كان فيراري هو الفريق الأسرع في اختبارات ما قبل الموسم، ليزيد الشكوك حول نجاح سيارته الجديدة «اس.اف 70 اتش» في تقليص الفارق مع مرسيدس والآخرين. ويحتل فيتل المركز الثاني في مراهنات الفوز باللقب. وفاز مرسيدس في 51 من آخر 59 سباقا، وكل السباقات الـ21 الموسم الماضي باستثناء اثنين. وخرج فيتل السائق السابق في رد بول وزميله المخضرم كيمي رايكونن، وهو آخر سائق فاز مع فيراري ببطولة العالم في 2007 بدون أي انتصار في 2016 وعليهما الكثير من الضغط للنجاح. وهناك احتمال بغض النظر عن قرار روزبرغ المفاجئ بالاعتزال بعد أيام من فوزه باللقب، أن يقدم هاميلتون شيئا استثنائيا. وقال هيل: «لويس وحش متقلب المزاج وربما يكون في وضع يقول لنفسه إنه اكتفى بكل شيء ولا يريد فعل المزيد. لو لم تسر الأمور بشكل جيد للويس فهو لديه القابلية للتعبير عن مشاعره.» وهاميلتون صاحب عروض كبيرة ولديه شهرة عالمية ووجه مألوف في الولايات المتحدة. والامريكيون يعشقون الفائزين. لكن انفراد هاميلتون بدون منافس، ربما لن يكون جيدا من أجل فورمولا-1 في بداية عصر جديد بسيارات أسرع، ومع اطاحة مجموعة ليبرتي ميديا بالبريطاني بيرني ايكلستون (86 عاما) مسؤول الحقوق التجارية السابق. ومع تحسس فالتيري بوتاس، الذي لم يفز بسباق من قبل، خطواته بعد انضمامه من وليامز إلى مرسيدس بعد رحيل روزبرغ فإن ذلك يمكن أن يحدث. ولم يخسر بوتاس أمام زميل في الفريق ذاته على الإطلاق، لكنه قضى مسيرته في فورمولا-1 مع وليامز يينما هاميلتون قصة أخرى. وقال هيل: «نيكو أخرج كل ما لديه ليفوز بالبطولة العام الماضي. هو (هاميلتون) منافس مخيف… أعتقد أنه سيضاعف من جهوده بعد ما حدث العام الماضي.» ويمكن وضع ماكس فرستابن ودانييل ريكاردو سائقي رد بول الذي فاز كل منهما بسباق في العام الماضي في الحسبان وسيارة الفريق الجديدة ربما تكون أكثر قوة مما ظهر في الاختبارات. ويملك وليامز أصغر سائق والأقل خبرة وهو الكندي لانس سترول البالغ عمره 18 عاما لكنه في مكان أفضل من البلجيكي ستوفل فاندورنه سائق مكلارين. وحل فاندورنه الذي شارك في سباق واحد في الموسم الماضي بدلا من جنسون باتون بطل العالم 2009 في سيارة مليئة بمشاكل الكفاءة. وتظهر الرياضة بشكل جديد بوجود إطارات أكبر وسيارات أعرض. وأدى ذلك إلى تحقيق أزمنة أفضل وقدرة السائقين على عبور المنعطفات بسرعة أكبر من السابق حتى وإن كانت السيارات أبطأ في الخطوط المستقيمة. لكن التساؤل هو: هل سيساعد ذلك على زيادة حالات التجاوز في السباقات؟ وأدى تغيير الإطارات إلى تمتعها بعمر أطول وهو ما سيؤدي إلى وقفات صيانة أقل. وقال هاميلتون بعد اختبارات ما قبل بداية الموسم الأولى: «دعونا نأمل في سباقات رائعة. لكن لا تحبسوا أنفاسكم»، وهو شعور أي سائق يأمل في التفوق على منافسه البريطاني هذا الموسم. وقال كريستيان هورنر رئيس رد بول: «مرسيدس هو المرشح الأبرز. هو فاز في 50 سباقا في آخر ثلاثة مواسم وفزنا نحن في خمسة وفيراري في ثلاثة. هل يجب أن أقول أكثر من ذلك؟». الشكل الجديد وأبرز تغييرات الموسم الجديد خضعت بطولة العالم لسباقات فورمولا-1 للسيارات لتغييرات هائلة بوجود سيارات أعرض وإطارات أكبر أدت إلى شكل جديد وتحديات أكبر. وستكون البطولة أيضا تحت قيادة جديدة بعد استحواذ مجموعة ليبرتي ميديا عليها، وإبعاد بيرني إيكلستون مسؤول الحقوق التجارية. وفي ما يأتي التغييرات التي ستشاهدها الجماهير بدءا من جائزة استراليا الكبرى اليوم. أزمنة اللفات من المتوقع أن تكون السيارات أسرع بفارق من ثلاث إلى خمس ثوان بسبب التغييرات في الانسيابية والإطارات. أسرع لفة في التجارب في برشلونة كانت أسرع من أي مركز أول المنطلقين منذ موسم 2007. الوقت المكتسب يأتي من المنعطفات والتي أصبحت السيارات أسرع فيها بسبب التحسن في الضغط السفلي وتماسك الإطارات. وهذا يعني ضغط أكبر على السائقين. السرعة في الخطوط المستقيمة ستكون أقل لكن السائقين سيمكنهم السير بأكبر سرعة لفترة أطول. وقال لويس هاميلتون بطل العالم ثلاث مرات وسائق مرسيدس: «هذا غير حقيقي. هذا مذهل. أقود في بعض هذه المنعطفات… وكأنني طفل في قطار سريع في الملاهي لأن الأمور أفضل كثيرا عما كانت عليه.» الإطارات الإطارات ستكون أكبر. زاد عرض الإطارات الخلفية من 325 إلى 405 مليمترات والأمامية من 245 إلى 305 بينما سيظل هيكل الإطار بلا تغيير. وتتوقع بيريلي أن تكون الإطارات أكثر تماسكا بنسبة 25 في المئة وتدوم لفترة أطول وهو ما سيؤدي إلى تقليص عدد وقفات الصيانة. وقال بول همبري رئيس قطاع رياضة المحركات في بيريلي: «أعتقد أن الاستراتيجيات التي شاهدناها في المواسم السابقة ستتقلص بشكل كبير. أنا واثق من أننا سنشاهد وقفة صيانة واحدة في أغلب السباقات.» الانسيابية الجناح الأمامي سيكون أعرض حيث سيصبح 1800 مليمتر بدلا من 1650. أيضا الجناح الخلفي سيكون أعرض، لكن أكثر انخفاضا ليساعد على ظهور السيارات بشكل أكثر قوة. ستكون السيارات أعرض وأطول وأثقل. سيزيد العرض إلى 2000 مليمتر بدلا من 1800 في عودة إلى أبعاد ما قبل موسم 1988. وزن السيارة سيزيد 20 كيلوغراما ليصل إلى 722 كيلوغراما، وتستخدم أغلب الفرق جناح في المنطقة خلف رأس السائق وهو ما يطلق عليه «زعانف القروش»، لكن التعديل في الانسيابية ربما يجعل التجاوز أكثر صعوبة. الوقود سيسمح لكل سائق بخمسة كيلوغرامات إضافية من الوقود ليصل الإجمالي إلى 105 كيلوغرامات، ليعوض الزيادة في الاستهلاك الناجمة عن التماسك الأكبر للإطارات، لكن هناك مخاوف من أن ذلك ربما لن يكون كافيا. الأبطال للمرة الأولى منذ 1994، وهو الموسم التالي لاعتزال آلان بروست بعد الفوز بلقبه الرابع ستكون فورمولا-1 بلا حامل لقب بعد اعتزال نيكو روزبرغ في ديسمبر/ كانون الأول. ورحل أيضا جنسون باتون بطل 2009، لكن أربعة فائزين سابقين هم هاميلتون وسيباستيان فيتل (فيراري) البطل أربع مرات وكيمي رايكونن (فيراري) الفائز في 2007 وفرناندو الونسو (مكلارين) البطل مرتين سيواصلون مغامرتهم في البطولة. الفرق تقلصت إلى عشرة فرق بعد حل فريق مانور. تحول فريق تورو روسو لاستخدام محركات رينو بدلا من فيراري. السباقات 20 سباقا هذا الموسم، وهو أقل بسباق واحد عن الموسم الماضي بعد غياب جائزة المانيا الكبرى بسبب مشاكل مالية ولا يوجد سباق جديد. سائقون جدد رحل باتون وروزبرغ والبرازيلي فيليبي نصر والمكسيكي استيبان غوتيريز. ويشارك البلجيكي ستوفل فاندورنه مع مكلارين والكندي لانس سترول (18 عاما) مع وليامز للمرة الأولى. وانتقل الفنلندي فالتيري بوتاس إلى مرسيدس والفرنسي استيبان اوكون إلى فورس انديا والالماني باسكال فيرلاين إلى ساوبر والدنماركي كيفن ماغنوسن إلى هاس والالماني نيكو هالكنبرغ إلى رينو. الراحلون لم يعد إيكلستون مسؤولا لكنه الآن في منصب «شرفي». انفصل رينو عن فريدريك فاسور رئيس الفريق ولم يعين مسؤولا آخر بدلا منه. رحل بادي لو المدير التقني عن مرسيدس وتولى جيمس اليسون المسؤول السابق في فيراري منصبه. رحل رئيس قسم المهندسين بات سيموندز عن وليامز. انطلاق موسم فورمولا-1 الجديد : مرسيدس يتطلع الى موسم جديد خال من المشاكل بعد اعتزال روزبرغ! |
الكرات الباردة والساخنة! Posted: 25 Mar 2017 03:07 PM PDT عندما علق مدير المسابقات في الاتحاد الاوروبي لكرة القدم جورجيو ماركيتي على ادعاءات التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية، وتحديدا قرعة دوري أبطال اوروبا، فانه لم يتمالك نفسه من الضحك، معتبراً أن الأمر مجرد مزحة. وكون نظرية المؤامرة دائماً تسيطر على مشجعي اللعبة وعشاق الأندية الكبيرة، فأنها تصبح بمثابة حقيقة ويقين عندما يقع فريقهم أمام احد الكبار، أو يصطدم بعملاق آخر كان من المفترض أن يلقاه في المباراة النهائية وليس في الدور ربع النهائي، على غرار ما حدث بين ريال مدريد وبايرن ميونيخ في القرعة الاخيرة للتشامبيونزليغ. وقبلهم ملأ أنصار أرسنال الانكليزي مواقع التواصل الاجتماعي بفرضيات التلاعب بالقرعة، وساندهم كثيرون من أنصار الفرق الاخرى، بعدما اصطدم في قرعة دور الـ16 لدوري الأبطال مع بايرن ميونيخ للمرة الثالثة في السنوات الأربع الاخيرة، والذي دفع الى اعتبار ان الامر مرتباُ، كون أرسنال في السابق كان يحل ثانيا في مجموعته، ويرضى بلقاء أحد أبطال المجموعات الاخرى، لكنه هذا الموسم تصدر مجموعته، واعتقد أنصاره أنه سيلاقي أحد فرق قوى الصف الثاني، لكنه للغرابة وقع حظه ضد البايرن مجدداً. لكن ما أضفى الشكوك، بل أكدها الى حد اليقين، وتأكيد التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية، هو تصريح رئيس الاتحاد الدولي للعبة السابق «الفاسد» جوزيف بلاتر، الذي قال الصيف الماضي أنه كان شاهداً على التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية باستخدام الكرات الساخنة والباردة، على اعتبار ان الذي يختار بامكانه التفرقة بين الكرتين امام باختيار الباردة وتفادي الساخنة أو العكس، كي يوجه اليويفا القرعة مثلما يريد، طبعاً هو ما نفاه ماركيتي مدير المسابقات في اليويفا واعتبرها مزحة، لكن تغليق بلاتر قادني الى أكثر من تحليل. أولاً، السبب خلف كشف بلاتر هذا الأمر هو تلويث سمعة الاتحاد الاوروبي، في وقت كانت الحرب محتدمة بينه وبين رئيس اليويفا ميشيل بلاتيني، تخللتها حملات تبادل الفضائح والتنكيل بالآخر، فكان دور بلاتر بابراز فساد صديفه القديم، معتبراً أن هذا الأمر لم يحدث مطلقاً تحت ادارته في مسابقات الفيفا. لكن أهم ما اثارني هو أن بلاتر يعترف بأنه شاهد هذا الامر يحدث (أي التلاعب بالقرعة)، وبالتأكيد فانه كان في وقت كان رئسياً للفيفا وفي عز قوته، رغم أنه لم يحدد متى، ومع ذلك فأنه لم يعترض، ولم يلفت نظر «صديقه» بلاتيني، ولم يعتبر الأمر فساداً، ما يعكس مدى عمق أزمة المصداقية والفساد الذي كان ينهش كرة القدم عموماً والفيفا واليويفا خصوصاً. طبعاً من السذاجة اعتبار الأمر حقيقة مطلقة، رغم أن مدير المسابقات ماركيتي اعتبر أن الامر مستحيلاً لانه لن يرضى أي نجم سابق يستدعيه اليويفاا أن يقوم بعمليات التلاعب واختيار الكرات الباردة والساخنة، مثلما هو أيضاً من السذاجة أن لا شيء مثل هذا يحدث، خصوصاً أن بعض النجوم، مثل النجم الانكليزي السابق والاعلامي الحالي غاري لينيكر تحدث عن «الكرات الساخنة والباردة» منذ سنوات، مع التذكير أن ليست كل قرعة يتم فيها التلاعب، وليست كل الأوعية في القرعة المتلاعب فيها تحوي كرات باردة وساخنة، وأعتقد أن هذه الامور بدأت تحدث في قرعة دوري أبطال اوروبا، حيث آثر اليويفا توجيه القرعة لاختيار الفرق الشعبية، وضمان وصولها الى الأدوار اللاحقة، بدل العشوائية في القرعة والتي قادت في السابق الى انتاج نهائي 2004 بين الفريقين الاقل شعبية بين الكبار موناكو الفرنسي وبورتو البرتغالي، وزادت الوتيرة بعد ذلك بعد احتكار الانكليز للادوار اللاحقة، فكان القرار التخنيق عليها بالقوانين، وأيضاُ ضمان وصول اما برشلونة أو ريال مدريد او الاثنين معاً الى الدور النهائي، لضمان استمرار شعبية اللعبة، وبالتالي زيادة المداخيل عبر الرعاة ومالكي حقوق البث في العالم، فهناك 4 أو 5 أندية في أوروبا يجب أن يكون بينها واحد على الاقل في المباراة النهائية، كي يضمن اليويفا حضورا عالميا كبيراً لنهائي مسابقته. twitter: @khaldounElcheik الكرات الباردة والساخنة! خلدون الشيخ |
اعتزال بودولسكي… نهاية حقبة في تاريخ «المانشافت»! Posted: 25 Mar 2017 03:06 PM PDT برلين ـ «القدس العربي»: بمواجهة من العيار الثقيل، نال المهاجم الألماني المخضرم لوكاس بودولسكي فرصة ختام رائع لمسيرته الدولية مع المنتخب الألماني (مانشافت) عندما واجه الفريق نظيره الإنكليزي وديا الأربعاء الماضي في مدينة دورتموند الألمانية. ومنح يواخيم لوف مدرب المانشافت لاعبه هذه الفرصة الثمينة لرفع رصيده إلى 130 مباراة دولية مع الفريق من خلال هذه المواجهة القوية. وتأتي المباراة ضمن استعدادات المانشافت للتصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2018، حيث يحل الفريق ضيفا على منتخب أذربيجان اليوم في أول جولة بالتصفيات في 2017 . لكن المباراة كانت فرصة أيضا لمنح بودولسكي نهاية مثيرة ورائعة لمسيرته الدولية الحافلة. وأعلن بودولسكي اعتزاله اللعب الدولي عقب مشاركته مع المانشافت في كأس الأمم الأوروبية الماضية (يورو 2016) بفرنسا. ويأتي بودولسكي في المركز الثالث بقائمة أكثر اللاعبين مشاركة في المباريات الدولية مع المانشافت، حيث يتصدر لوثار ماتيوس القائمة برصيد 150 مباراة مقابل 137 مباراة للمهاجم ميروسلاف كلوزه. كما يحتل بودولسكي المركز الرابع في قائمة أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف مع المانشافت، حيث أحرز 48 هدفا مقابل 71 هدفا لكلوزه، و68 هدفا للأسطورة جيرد مولر، و59 هدفا لنجم ألمانيا الشرقية السابق يواخيم ستريتش. وقال لوف إنه يشعر بالسعادة لأن بودولسكي ودع مشجعيه بهذه المواجهة الكلاسيكية الكبيرة. واستهل بودولسكي (31 عاما) المولود في بولندا، مسيرته مع المانشافت بالمشاركة في الدقيقة 73 بديلا لفريدي بوبيتش خلال المباراة أمام المنتخب المجري بمدينة كايزرسلاوترن الألمانية في السادس من حزيران/ يونيو 2004، بعدما احتفل بعيد ميلاده التاسع عشر. وقبلها بأيام، كان رودي فولر مدرب المنتخب الألماني وقتها اختاره ضمن قائمة المانشافت لبطولة «يورو 2004» قبل أن يبدأ مشاركاته الدولية مع الفريق. وأصبح بودولسكي، الذي لعب في الماضي لفرق كولن وبايرن ميونيخ الألمانيين وأرسنال الإنكليزي وانتر ميلان الإيطالي، لاعبا منتظما في قائمة المانشافت تحت قيادة المدربين التاليين يورغن كلينسمان ولوف، لكنه كان بديلا في معظم المباريات التي خاضها تحت قيادة لوف. وحظي بودولسكي، الذي يلعب حاليا لغالطة سراي التركي، دائما بعشق الجماهير، حيث كان مع زميله باستيان شفاينشتايغر أكثر اللاعبين المفضلين لدى جماهير المانشافت. وكان اللاعبان نموذجا ومؤشرا على الشكل الجديد للمانشافت بعد رحيل فولر عن تدريب الفريق، اثر إخفاق المانشافت في «يورو 2004» ليتولى كلينسمان تدريب الفريق. ولعب بودولسكي وشفاينشتايغر جنبا إلى جنب حتى 2016، حيث توج اللاعبان مسيرتهما بلقب كأس العالم 2014 في البرازيل والتي خاض فيها بودولسكي مباراتين كبديل. وقال بودولسكي: «من الرائع أن تشعر بتقدير الناس لما حققته من إنجازات. وهذا هو ما أشعر به». وأعرب لوف كثيرا عن استحسانه للبدائل التي يقدمها بودولسكي إلى الفريق، حيث كان بشكل أساسي ساعدا هجوميا في الناحية اليسرى من الملعب واتسم بالسرعة والتسديدات القوية. كما أشاد لوف مرارا بالحضور القوي والمجهود الوفير والأداء الإيجابي والاحترافي من بودولسكي. ولعب بودولسكي خارج ألمانيا منذ 2012، بعدما أنهى فترته الثانية مع كولن الذي لعب له في الماضي خلال فترة الشباب. وانتقل بودولسكي في 2012 إلى أرسنال فيما انتقل لغالطة سراي في 2015، كما سينتقل بعد نهاية الموسم الحالي إلى فيسيل كوبي الياباني. وأصبح بودولسكي آخر نجوم الجيل الذي أعلن عن مسيرته مع المانشافت بقوة قبل عشر سنوات كما أنه آخر نجوم الجيل الذي شارك بقيادة المدرب كلينسمان في مونديال 2006 بألمانيا. واعتزل معظم نجوم الجيل الذي مثل المانشافت في مونديال 2014، فيما لا يزال بعض نجومه مثل شفاينشتايغر وفيليب لام وبير ميرتساكر في الملاعب ولكنهم اعتزلوا اللعب الدولي. وحرص لوف على تجديد دماء المانشافت بشكل مستمر. وهذه المرة، استدعى لوف اللاعب الشاب تيمو فيرنر (21 عاما) مهاجم لايبزيغ حيث خاض مباراته الدولية الأولى مع المانشافت. ويأمل المانشافت في الثأر لهزيمته 2/3 أمام المنتخب الإنكليزي والتي تعرض لها قبل عام واحد فقط، في مباراة الفريقين الودية بالعاصمة الألمانية برلين. لكن الهدف الأبرز للوف هو الاستعداد الجاد للمباريات المتبقية للفريق في تصفيات المونديال، بعدما حقق الفوز في مبارياته الأربع الأولى بالتصفيات ليتصدر المجموعة الثالثة. وقال لوف: «هدفنا هو حسم بطاقة التأهل للمونديال بأسرع وقت ممكن». اعتزال بودولسكي… نهاية حقبة في تاريخ «المانشافت»! |
كرة القدم الفرنسية وريال مدريد يفقدان رائدهما ريمون كوبا! Posted: 25 Mar 2017 03:06 PM PDT انجيه (فرنسا) ـ «القدس العريي»: فقدت كرة القدم الفرنسية الأسبوع الماضي أحد أبرز نجومها التاريخيين ريمون كوبا الذي توفي عن 85 عاما بعد معاناة طويلة مع المرض، ومسيرة رياضية كان فيها أول لاعب فرنسي يتألق خارج بلاده. وقوبل رحيل اللاعب الذي نال عام 1958 جائزة الكرة الذهبية لافضل لاعب، وأحرز أبرز لقب أوروبي للأندية مع ريال مدريد ثلات مرات في العقد الخامس من القرن الماضي، بتصريحات أبرزت مكانته، لا سيما من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي اعتبره «اسطورة». واعتبر رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت ان رحيل كوبا سبب «خسارة رهيبة لكرة القدم الفرنسية» التي ستحيي ذكراه بدقيقة صمت خلال مباريات الاسبوع. اما هولاند فاعتبر ان «ريمون كوبا كان اسطورة للكرة الفرنسية. جمع بين ذكاء اللعب والتقنية اللافتة»، مشيرا الى انه «كان أول لاعب كرة قدم حديث، شخصية قوية ألهمت موهبتها الشبان في عصره». وكان كوبا المتحدر من أصل بولندي، واسمه الاصلي ريمون كوباشيفسكي، لفت الانظار في صفوف انجيه قبل ان يلعب في ريمس من 1951 و1956، لينتقل بعدها الى ريال مدريد. ويعد كوبا رائدا في الكرة الفرنسية، اذ كان أول لاعب يتألق في الخارج، وساهم في قيادة النادي الملكي الى اللقب القاري ثلاث مرات (1957 و1958 و1959) الى جانب مجموعة من النجوم كألفريدو دي ستيفانو وفيرينك بوشكاش وفرانشيسكو خنتو. الا ان انتقال كوبا الى الريال في حينه لم يكن سهلا. وقال عنه اللاعب الراحل في تصريحات سابقة: «كنت اول لاعب فرنسي يغادر البلاد. في تلك الفترة، اعتبرني كثيرون بأنني خائن». واضاف: «كل ما في الامر انني كنت رائدا». مباراتان فقط اقنعتا رئيس ريال مدريد السابق سانتياغو برنابيو بالتعاقد معه، نهائي كأس ابطال الاندية الاوروبية (دوري الابطال حاليا) التي خسرها فريقه ريمس امام الريال 3-4 في مباراة تألق فيها كوبا عام 1956، والمباراة الودية بين فرنسا واسبانيا (2-1) التي تألق فيها مجددا كوبا واطلق عليه بعدها لقب «نابليون» من قبل صحافي انكليزي يدعى ديزموند هاكيت يعمل في صحيفة «دايلي اكسبرس»، بفضل ذكائه التكتيكي وقصر قامته (1،68 م). وكاد قصر القامة يحول دون احتراف كوبا الكرة المستديرة. واوضح اللاعب انه «عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري، جاءت اندية عدة لمتابعتي عن كثب من المنطقة، لنس وليل وروبيه وفالنسيان… لكنها اعتبرت انني قصير جدا». الا ان تصميم الشاب الذي عمل أربع سنوات (من سن الـ14 الى 18) في مناجم الفحم الحجري حيث تعرض لحادث افقده جزءا من اصبعين في يده، كان غير محدود. مع ريمس (1951-1956) توج بطلا لفرنسا عامي 1953 و1955، وقاده الى نهائي كأس الابطال الاوروبية التي فتحت له أبواب ريال مدريد. وخلال كأس العالم 1958 في السويد، قاد كوبا المنتخب الفرنسي الى نصف النهائي قبل ان يخسر امام البرازيل 2-5. وعلى رغم تألق مواطنه جوست فونتين (هداف البطولة برصيد 13 هدفا) وبزوغ نجم الاسطورة البرازيلي بيليه، اختير كوبا أفضل لاعب في تلك النسخة التي انهاها المنتخب الفرنسي في المركز الثالث. وفي العام ذاته، بات كوبا اول لاعب فرنسي يحرز جائزة الكرة الذهبية لافضل لاعب في اوروبا، علما انه حل ثانيا ايضا عامي 1956 و1957 وثانيا عام 1959 في هذه الجائزة المرموقة. وعن تجربته مع الريال، قال: «أمضيت هناك ثلاث سنوات رائعة احرزنا خلالها كل الالقاب الممكنة، كما تم اختيارنا سنة 2000 فريق القرن من أنصار النادي عند الإحتفال بالذكرى المئوية لتأسيسه». واضاف: «كانت الأجواء خلال المباريات خارقة للعادة، وكان 125 الفا من أنصارنا يلوحون لنا بمناديلهم البيضاء. لم يكن للفريق أي راعٍ في ذلك الحين، ولم تكن المباريات منقولة عبر التلفزيون، وكان علينا خوض مباريات ودية في العالم بأسره لتأمين الموارد المالية». كان كوبا مراوغا من الطراز الرفيع. ويقول: «كنت احب المراوغات كثيراً، وهو ما عابه علي البعض احيانا حيث كانوا يعتبرون انني احتفظ بالكرة أكثر من اللازم وانني اجعل الهجمات بطيئة. بيد أن المدربين الذين عملت معهم كانوا يطلبون مني ألا أغير أسلوب لعبي». واضافة الى مهاراته، كان كوبا ممونا اساسيا لزملائه من خلال تمريراته، وهو ما أدركه مدربوه وحاولوا الإستفادة منه، لا سيما ان مراوغاته كانت تمكن الزملاء من الافلات من الرقابة والت مركز في المكان المناسب لتسجيل الاهداف. وعاد عام 1959 الى ريمس وانضم الى صديقه المقرب جوست فونتين بعد عام من تألقهما في كأس العالم. ودافع عن الوان الفريق حتى عام 1967، قبل ان يعتزل وهو في السادسة والثلاثين من عمره. وفي العام 1973، عرض عليه باريس سان جيرمان العودة عن اعتزاله، الا انه فشل في اقناعه بذلك. واصل كوبا مزاولة كرة القدم على سبيل الهواية حتى في السبعينات من عمره، ولم يتوقف نهائيا عن ذلك سوى بعد خضوعه لجراحة في عظمة الرجل اليمنى. كرة القدم الفرنسية وريال مدريد يفقدان رائدهما ريمون كوبا! |
«مؤسسة الحلم الآسيوي»… مشروع يتخطى حدود كرة القدم في القارة الصفراء! Posted: 25 Mar 2017 03:05 PM PDT كوالالمبور ـ «القدس العربي»: شدد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على رغبته القوية في الاستفادة من اللعبة في تحقيق التطوير الاجتماعي، عبر إطلاق «مؤسسة الحلم الآسيوي». وذكر الاتحاد أن رئيسه الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة قرر إطلاق المؤسسة لمساعدة المجتمعات في كافة أرجاء قارة آسيا، في خمسة جوانب أساسية. وأوضح سلمان، الذي سيرأس المؤسسة، أنها ستوفر الدعم مع منظمات المجتمع المدني الرئيسية في الجوانب المتعلقة بالأطفال والشباب، والصحة، والتعليم والنزاهة، والاندماج الاجتماعي والتنوع، والدعم الإنساني. وقال: «كرة القدم تملك قدرة فريدة من نوعها على توحيد الناس في كل مكان، إنها أداة قوية، ونحن كعاملين في مجال كرة القدم نحمل مسؤولية الاستفادة من هذه الأداة في الأهداف الخيرية.»وأضاف: «مؤسسة الحلم الآسيوي في الاتحاد الآسيوي ستعمل على توفير التمويل والموارد، ومن خلال الشراكة مع عدة أطراف، للاستفادة من قوة كرة القدم لمساعدة الناس المحتاجين في كافة أرجاء القارة.» وتلقت مؤسسة الحلم الآسيوي تبرعين رئيسيين من برافول باتيل نائب رئيس الاتحاد الآسيوي رئيس الاتحاد الهندي للعبة، والأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز من السعودية والحاصل على جائزة الحلم الآسيوي، وقام أحمد عيد رئيس لجنة المسؤولية الاجتماعية في الاتحاد الآسيوي نيابة عن الأمير سلطان بتسليم شيك بقيمة 100 ألف دولار للمؤسسة، خلال حفل الإطلاق. كذلك قدم باتيل تبرعا بقيمة 100 ألف دولار، سيساهم في تعزيز انطلاقة المؤسسة بأفضل صورة ممكنة، كما سيقدم الاتحاد مساهمة سنوية للمؤسسة من خلال التبرع بنسبة مئوية من قيمة الجائزة المالية المقدمة في دوري أبطال آسيا. وكان المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي صادق على إطلاق المؤسسة، التي ستقدم المساعدات بطريقة شفافة وفعالة، كما ستتولى مهمة تقييم احتياجات كافة الاتحادات الوطنية الأعضاء، ومراقبة التطور في المشاريع القائمة لضمان المحاسبة والنزاهة في الاستفادة من كافة المساعدات المقدمة. وستعمل المؤسسة كصندوق، يتولى مجلس أمناء مراقبة عمله وتمويله، وسيتم الإعلان عن أسماء أعضاء مجلس الأمناء في وقت لاحق. وينشط الاتحاد الآسيوي بالفعل في عدة مشاريع للمسؤولية الاجتماعية في عدة مناطق من قارة آسيا، بما في ذلك مساعدة ضحايا الإعصار الذي تعرضت له تاكلوبان في الفلبين، وضحايا الزلزال المدمر في نيبال، وكذلك المناطق التي تأثرت بالفيضان في اليابان. وسيقدم ذلك العمل بالشراكة مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى، تحت مظلة المؤسسة الجديدة للحلم الآسيوي. «مؤسسة الحلم الآسيوي»… مشروع يتخطى حدود كرة القدم في القارة الصفراء! |
مصر تتفاوض على الشريحة الثالثة من القرض مع صندوق النقد الدولي بعد استلامها الثانية Posted: 25 Mar 2017 03:05 PM PDT القاهرة ـ «القدس العربي»: تسلمت مصر الاثنين الماضي، مليار دولار، وهي عبارة عن قيمة الشريحة الثانية من التمويل المخصص بقيمة 3 مليارات دولار من البنك الدولي، لدعم برنامج الحكومة الاقتصادي. وقال الدكتور ميرزا حسن، القيادي في البنك الدولي في واشنطن، إن الحكومة المصرية ستخوض مفاوضات مع البنك، في نيسان/أبريل المقبل، للحصول على الشريحة الثالثة من القرض، مشيرًا إلى أن الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي، ستزور واشنطن قريبا للتفاوض مع البنك حول تلك الشريحة. وأضاف أن «الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والهيكلية، التي تخوضها الحكومة حاليًا تؤهلها لتجاوز مشاكلها الاقتصادية على المدى المتوسط والقصير». وأشار البنك الدولي في بيان صادر عنه إلى أن الحكومة المصرية «اتخذت خطوات هامة على صعيد الإصلاح المؤسسي وإصلاحات السياسة الاقتصادية، ما أرسى القواعد التي يمكن الانطلاق منها نحو توفير مزيد من الوظائف وتحقيق النمو الشامل». وقالت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية سحر نصر في بيان لها: «الشريحة الثانية ستساهم في تحفيز استثمارات القطاع الخاص، ودعم الاحتياطي من النقد الأجنبي». وأكدت أن منح البنك الدولي لمصر الشريحة الثانية، يدل على أن الاقتصاد يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق تنمية شاملة. واجتمعت الدكتورة سحر نصر، مع بعثة البنك الدولي لمصر للتفاوض حول الشريحة الثالثة بقيمة مليار دولار، من التمويل المخصص بقيمة 3 مليارات دولار لدعم برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي. وأوضحت أن البعثة زارت مصر للتأكيد على الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار، والتعرف على الخطوات التي اتخذتها الحكومة في المجالات التي يقاس على أساسها تقرير ممارسة الأعمال. وأشارت إلى أن المستهدف أن تنفذ مصر عددا من الإصلاحات لتحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، وتحسين ترتيب مصر في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال، وتصنيف الاقتصاديات الناشئة. وأوضحت أن الحكومة تمضي في اتخاذ عدد من الإصلاحات من شأنها دعم القطاع الخاص، ما يساهم في زيادة حجم الاستثمارات في مصر. وأكدت أن البعثة وصلت مصر بعد حصولنا على الشريحة الثانية بقيمة مليار دولار، ويأتي هذا التمويل في إطار محفظة مصر في البنك والبالغ قيمتها 8 مليارات دولار، منها 6 مليارات للحكومة و2 مليار لدعم القطاع الخاص، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية لمصر مع البنك الدولي، والتي تغطي الفترة من 2015 إلى 2019، وهي فترة سيقدم فيها البنك الدولي تمويلا قدره نحو 6 مليارات دولار. زيادة الطلب على الدولار اما عن تأثير استلام الشريحة الثانية من القرض على أسعار الدولار في البنوك ونظراً لكونها مخصصة لتمويل المشروعات الخاصة فإنها لن يكون لها تأثير كبير على أسعار الدولار من حيث تسببها في انخفاضها بنسبة ملحوظة وان كان لها تأثير فإنها ستجعل أسعار الدولار مستقرة في البنوك ومع حدوث تحركات بفارق سعر طفيف يقدر من 3 إلى 5 قروش خلال الفترة الحالية. نظراً لان الطلب على الدولار سوف يزيد خلال الفترة المقبلة بسبب سداد اعتمادات المستوردين من أجل استيراد منتجات وسلع رمضان ما سيؤدي إلى حدوث تحرك في أسعار الدولار في تلك الفترة. وكانت وزيرة التعاون الدولي المصرية سحر نصر صرحت في أيلول/سبتمبر الماضي أن الشريحة الثانية ستوجه صوب المشروعات ذات الكثافة العمالية وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد التي عانت من تدهور الأوضاع الاقتصادية في السنوات الأخيرة. وأشارت الإعلامية لميس الحديدي، إلى تسلم مصر الشريحة الثانية من قرض البنك الدولي، والتي كان من المفترض تسلمها أواخر عام 2016، وبذلك تتبقى آخر شريحة من قرض بقيمة ثلاثة مليار دولار. وأضافت في حديثها في برنامج «هنا العاصمة»، أن القرض مقدم على ثلاثة أعوام، بفائدة 1.68٪، مع فترة سماح خمس سنوات ومدة سداد 35 سنة. وقالت إن تلك القروض الميسرة من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، تساعد في مساندة برنامج الإصلاح الاقتصادي، لدعم الصحة والتعليم، لكن تضرر الكثير من تلك المنظومة التي فرضتها قيود صندوق النقد، لذا زاد التضخم وارتفعت المديونية لتصل إلى 60 مليار دولار، وفقا لتصريحات الدكتور عمرو الجارحي وزير المالية، وهي مرشحة للزيادة الفترة المقبلة. وقال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله إن صرف الدفعة الثانية من صندوق البنك الدولي أمر طبيعي بعد تنفيذ مصر شروط البنك كافة، من رفع الدعم عن المحروقات وتحرير سعر الصرف وتخفيض مرتبات الموظفين وتقليل عددهم وفرض الضريبة على البورصة، وهذه هي «الروشتة» التي طُلبت من مصر منذ 2015 ونفذها النظام. وأضاف أن موقف الحكومة صعب للغاية، وكانت مضطرة لتنفيذ كامل الشروط وغض الطرف عن السخط الجماهيري الكامن حتى الآن. يذكر انه في نهاية 2016، وافق البنك الدولي على تقديم الشريحة الثانية من قرض يقدمه إلى مصر، بقيمة إجمالية تبلغ 3 مليارات دولار وحصلت في ايلول/سبتمبر 2016 على الشريحة الأولى بقيمة مليار دولار. وقفز الدين الخارجي لمصر إلى 60.152 مليار دولار في أيلول/سبتمبر 2016، وهو أعلى مستوى خلال ربع قرن، مقابل 46.148 مليار دولار في الشهر نفسه من العام 2015، بزيادة قدرها 14 مليار دولار، حسب بيانات المركزي المصري. وتسلمت مصر الشريحة الأولى من قرض البنك الدولي في ايلول/سبتمبر الماضي لسد الفجوة التمويلية التي تفاقمت في العامين الماضيين. واتخذت الحكومة إجراءات عدة خلال الفترة الأخيرة مثل خفض الدعم على المحروقات، وفرض ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى تحرير سعر الصرف الذي أدى إلى تضاعف قيمة الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. مصر تتفاوض على الشريحة الثالثة من القرض مع صندوق النقد الدولي بعد استلامها الثانية محمد علي عفيفي |
الضفادع التركية تغزو المطاعم الأوروبية Posted: 25 Mar 2017 03:05 PM PDT أدرنة ـ صالح باران: رغم أنه لا مكان لها في المطبخ التركي، إلا أن إقبال الأوروبيين على الضفادع، دفع عددا من العائلات التركية في ولاية أدرنة شمال غربي البلاد، إلى امتهان صيدها، منذ نحو نصف قرن، وتوريث المهنة للأبناء. ويجتمع الصيادون صباحا في مقهى حيهم، ومعهم مستلزمات الصيد، المتمثلة في الجزمة (حذاء عالي الساق)، والشباك، وينقسمون إلى مجموعات، بعد تحديد وجهاتهم، بحثا عن مصدر رزقهم. ويتجه الصيادون إلى أقنية المياه المخصصة لسقاية أراضي الأرز، عموما، فضلا عن المستنقعات، حيث تكثر الضفادع فيها. وينزلون إلى الأقنية التي تصل المياه فيها إلى مستوى الظهر، ويُحدثون موجات بأرجلهم، لدفع الضفادع إلى الحركة، وبالتالي الوقوع في شباكهم. ومع سقوط الضفادع في شباكهم ترتسم ابتسامة على وجوه الصيادين، الذين ما زلوا يتشبثون بمهنتهم، رغم تضاؤل مردودها المادي، مقارنة بالماضي. وتصل الضفادع إلى المطاعم الفاخرة في أوروبا حيث تجهز منها وجبات شهية، عبر تجار يشترونها من الصيادين الذين لا يعرفون طعمها في تركيا. ويبيع الصيادون كيلو غرام الضفادع بـ 30 ليرة تركية (نحو 9 دولارات) في فصل الشتاء، بينما ينخفض السعر إلى ما بين 10 و15 ليرة صيفا. رئيس جمعية صيادي الضفادع في أدرنة، شفق دميرجان، قال، إنه يمارس المهنة التي ورثها عن والده منذ 22 عاما. ورأى أن مهنتهم «ربما تعد الأصعب في العالم»، حيث يضطرون للبحث عن الضفادع والإمساك بها في الأقنية المائية والمستنقعات، في سبيل قوت يومهم. وحول عدد صيادي الضفادع في الولاية، ذكر أن هناك نحو 300 صياد في أدرنة، معربا عن استيائه من تدني أسعار الضفادع، خاصة في أشهر الصيف. وأوضح نائب رئيس الجمعية علي يالجين، أنه يزاول صيد الضفادع منذ 40 عاما. وأشار إلى تضاؤل أعدادها مع مرور الوقت، لاسيما بسبب استخدام المبيدات الزراعية. ودعا الصياد أجدر دميرجان، إلى تأسيس منشأة في حيهم لتجهيز الضفادع، وتصديرها دون اللجوء إلى وسطاء، لزيادة الأرباح. وأشار إلى أن الغجر يزاولون هذه المهنة بشكل عام في أدرنة. وتوجه دميرجان بنداء إلى أثرياء الولاية لتأسيس منشأة في حيهم، تعود بالفائدة على الجميع، لاسيما نساء الحي، اللواتي سيجدن فرصة للعمل فيها. وبالإضافة إلى التجار، تعمل عدة شركات تركية على تصدير «أرجل الضفادع» إلى أوروبا لاسيما فرنسا، التي تأتي في مقدمة الأقطار التي تستهلك منتجات الضفادع. وبلغت قيمة صادرات الشركات التركية من «أرجل الضفادع»، إلى الأسواق الخارجية خلال العام الماضي، 11 مليون ليرة تركية (قرابة 3 ملايين دولار أمريكي). وتعد فرنسا من أكثر الدول الأوروبية استهلاكا للضفادع، حيث تشير تقارير صحافية محلية إلى أنها تستهلك نحو 80 مليون ضفدعة سنويا. الأناضول الضفادع التركية تغزو المطاعم الأوروبية |
هجوم لندن يهيمن على الإعلام في العالم والتضامن مع الضحايا يُغطي شبكات التواصل Posted: 25 Mar 2017 03:04 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: هيمن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة لندن الأربعاء الماضي على وسائل الإعلام العربية والعالمية، في الوقت الذي طغى فيه أيضاً على شبكات التواصل الاجتماعي في أوروبا وأمريكا والعالم العربي، بينما دشن الكثير من النشطاء حملات بالعربية والانكليزية للتضامن مع ضحايا الهجوم وإدانة العملية. وتسبب الهجوم الذي نفذه رجل يدعى أدريان راسل أجاو، ويعرف أيضًا باسم خالد مسعود وأدريان ألمز. بمقتل أربعة أشخاص وإصابة 29 آخرين بجراح، حيث كان يقود سيارة مسرعة على جسر «وستمنستر» في وسط لندن ودهس متعمداً عدداً كبيراً من المشاة والسياح، قبل أن ترتطم السيارة بحائط ثم يترجل منها مسرعاً وبيده السكين فيهاجم شرطياً أمام مبنى البرلمان ويسدد له عدة طعنات أدت إلى وفاته على الفور، أما المهاجم فأطلق رجال الشرطة نيران أسلحتهم باتجاهه فأردوه قتيلاً في اللحظة نفسها قبل أن يواصل هجومه بالسكين. واستنفرت العشرات من شبكات التلفزيون والصحف ووسائل الإعلام لتغطية الهجوم الذي وصف بأنه الأكبر والأعنف منذ العام 2005، فيما تسابقت العديد من المواقع الالكترونية لنشر القصص والأخبار والتفاصيل المتعلقة بالهجوم، ليتصدر هذا الهجوم اهتمامات وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم خلال الأيام الماضية. وفور انتشار نبأ الهجوم في لندن دشن نشطاء بريطانيون حملة «#We are not afraid» أو «نحن لسنا خائفون» وذلك للتعبير عن تحديهم للتهديدات الإرهابية ورفضهم المطلق لها، إضافة إلى ادانتهم للعملية وتضامنهم مع الضحايا، فيما شارك الآلاف من البريطانيين والغربيين والعرب ونشطاء في مختلف أنحاء العالم بالتغريد على «تويتر» ضمن هذا الوسم، وساهموا في الحملة على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي. غضب عالمي واسع وعبرت أغلب الصحف العالمية التي صدرت في اليوم التالي للهجوم عن الغضب الشديد والتضامن مع الضحايا، فيما غطت صور الهجوم الصفحات الأولى لكافة الصحف الرئيسية في العالم. ففي داخل بريطانيا أبرزت صحف الغارديان والتايمز و(i) صورة الوزير وعضو مجلس العموم البريطاني توبياس إلوود وهو يحاول إنقاذ الشرطي الذي تعرض للطعن أمام مبنى البرلمان قبل أن يفارق رجل الشرطة الحياة متأثراً بجراحه. أما صحف: دايلي ميل، ودايلي ستار، ودايلي تلغراف، ودايلي ميرور، وصحيفة الصن الشعبية واسعة الانتشار، فجميعها وضعت على الصفحات الأولى صورة القاتل خالد مسعود، الذي لم تكن هويته قد تم الكشف عنها عندما تمت طباعة هذه الصحف وتوزيعها، حيث أكدت الشرطة هويته في مساء اليوم التالي للهجوم، أي مساء يوم صدور الصحف. وفي الولايات المتحدة استحوذ الهجوم على اهتمام واسع للصحف المحلية، حيث وضعت جريدة «واشنطن بوست» على صدر صفحتها الأولى صورة كبيرة لأحد الضحايا على جسر «ويستمنستر» وكتبت فوق الصورة عنواناً يقول: «هجوم في قلب لندن». أما جريدة «نيويورك تايمز» فعنونت لصفحتها الأولى بعبارة: «هيجان قاتل في قلب لندن». وكتبت جريدة «وول ستريت جورنال» الأمريكية في عنوانها الرئيسي: «هجوم إرهابي قرب مبنى البرلمان البريطاني»، فيما وضعت صورة كبيرة يظهر فيها الوزير إلوود واقفاً إلى جانب الشرطي الذي قُتل في الهجوم، بينما يتدافع المسعفون حوله محاولين أن يفعلوا شيئاً لانقاذه. وأفردت جريدة «بوسطن هيرالد» الأمريكية صورة كبيرة لاثنين من رجال الشرطة البريطانية، أحدهما امرأة تبكي، وكتبت الصحيفة عنوانا رئيسياً يقول: «لندن الجريئة تواجه هجوماً إرهابياً قاتلاً». الصحافة الفرنسية أما في العاصمة الفرنسية باريس فكتبت صحيفة «لوفيغارو» اليمينية في عنوانها الرئيسي: «الإرهاب الإسلامي يضرب قلب لندن» ونشرت مقالاً قالت فيه إن «لندن أصبحت هدفاً للإرهاب منخفض الكلفة». وأضافت الصحيفة: «إرهابيون متعصبون مستعدون للموت، أشياء من الحياة اليومية يتمّ تحويلُها إلى وسائل موت، أهداف رمزية يتم استهدافها من أجل مضاعفة الرعب والصدمة النفسية» قبل أن تصل إلى الخلاصة: «إن اعتداء لندن توضيح لهذا الإرهاب غير المكلف، والذي يُدمي كبريات المدن الأوروبية، في السنوات الأخيرة، وهي طرق هجوم شجَّع عليها أبو محمد العدناني، في 22 أيلول/سبتمبر 2014، في دعوته إلى قتل مواطني دُوَل التحالف». أما صحيفة «لوباريزيان» فقالت إن «الإرهاب استهدف قلب لندن» ونشرت تقريراً عن الوزير والنائب توبياس إلوود الذي وصفته بأنه «النائب -البطل»، مشيرة إلى أنه «حاول إنعاش الشرطي الذي تعرض للطعن، لكن المعجزة لم تحدُث»، على حد تعبير الصحيفة. جريدة «ليبراسيون» عنونت على صفحتها الأولى بعبارة: «هجوم في العمق السياسي للندن» وأشارت إلى أن ما حدث يأتي «بعد مرور عام كامل على اعتداءات بروكسل التي خلفت 32 قتيلا». أما صحيفة «وست فرانس» فقد اعتبرت ما جرى «اعتداء جديدا على الديمقراطية» وكتبت: «لا ينبغي لنا أن نخطئ في قراءة ما جرى. فليس، فقط، الصدى العالمي الذي يضمنُهُ، في الرؤوس المريضة لمرتكبي هذا الاعتداء، اختيارُ هذا الموقع المعروف عالميا والذي يحظى بالاحترام. بل الديمقراطية، هي أيضا، المستهدَفَة. كما كان عليه الشأن في باريس وكل المدن التي تعرضت للاعتداء». وأعلنت الصحيفة تضامنها مع سكان لندن، وقالت: «نحن جميعا لندنيون حتى في زمن البريكست. أمامنا، جميعا، تحدي رهانات أمنية واستراتيجية لا سابق لها، منذ جيلين. وهو ما يتطلب الصرامة والهدوء ووضوح الرؤية. حتى لا نستسلم للخوف». شبكات التواصل الاجتماعي وحفلت شبكات التواصل الاجتماعي بالتضامن مع لندن، فيما تصدر الهاشتاغ (#We are not afraid) قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على «تويتر» في العديد من الدول العربية، إلى جانب العديد من الدول الأوروبية والغربية. وانتشرت العديد من الوسوم التضامنية الأخرى على «تويتر» سواء في العالم العربي أو خارجه، ومن بينها (#Pray for London) و(#Pray for UK) وكذلك وسوم (#لندن) و(#البرلمان_البريطاني)، وغير ذلك. وأكّد الكثير من المغردين أن الهجوم استهدف الديمقراطية، وأن الديمقراطية لا يُمكن أن تنهار باعتداء إرهابي، كما تداول المغردون والنشطاء العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تتعلق بالهجوم. وكتب أحد النشطاء البريطانيين على «تويتر»: «الهجوم الذي وقع في وستمنستر عمل خسيس، لكن رد فعل الكثيرين يثلج الصدر، وهذا يؤكد أنه يمكننا التغلب على الإرهاب من خلال توحدنا». وكتبت مغردة من بريطانيا تُدعى صابرينا بار: «ربما يحاولون إخافتنا، ولكن الخير سوف ينتصر دوماً على الشر، كل تفكيري الآن في ضحايا الهجوم، وقلبي معهم». أما الناشطة زو بارامور فكتبت على «تويتر»: «لندن قوية، متسامحة، تقدمية، ومتنوعة. نحن لسنا خائفين»، فيما كتب كاز كورنوي مغرداً: «أي شخص يظن أن لندن قد تروعت بسبب الحادث أؤكد له أن هذا غير صحيح». وكتبت مغردة أخرى على «تويتر»: «لندن مدينة جميلة وساحرة ورائعة. كل مشاعري مع ضحايا الحادث الرهيب. نحن لسنا خائفين». وغرد الناشط الفلسطيني المعروف والمقيم في أوروبا حسام شاكر معلقاً على هجوم لندن بالقول: «المسلمون كالعادة من أوائل ضحايا الاعتداءات في أوروبا، مثل الأكاديمية والزوجة والأم عائشة فرادي التي قُتلت في #اعتداء_لندن وهي من أصل قبرصي». وغرد الإعلامي في قناة «الجزيرة» الاخبارية عثمان آي فرح عبر حسابه على «تويتر» بالقول: «زمان تنظيم القاعدة يتبنى كل العمليات… الآن داعش يتبنى كل العمليات… كأنها لعبة… يقرر المدرب متى ينزل اللاعب وفي أي شوط…موضوع مريب». ونشر مدير «مركز العودة الفلسطيني» في لندن طارق حمود صورة لاحدى الضحايا، وهي عائشة فريدي، وكتب معلقاً: «إلى جانب الشرطي كيث بلمير كانت المسلمة عائشة فريدي واحدة من ثلاث ضحايا لهجوم لندن الهمجي… المسلمون ضحية مزدوجة للإرهاب». وعلق الدكتور المحامي طارق شندب على الهجوم الإرهابي بالقول: «فيما كان البرلمان البريطاني يناقش إرهاب إيران وميليشياتها في العالم والدعوة لتصنيفها إرهابية عالمية تبنت داعش هجوم لندن. داعش صناعة إيران». ورد عالم دين سعودي يُدعى علي الحدادي على مزاعم تنظيم الدولة الإسلامية بتغريدة قال فيها: «مغازي النبي صلى الله عليه وسلم حققت عز الإسلام وانتشاره في وقت وجيز.. أما المسماة بـ (غزوة لندن) وأمثالها فلم تزد المسلمين إلا ذلا لمخالفتها دين النبي صلى الله عليه وسلم منهجا وغاية». وكانت العديد من دول العالم والسياسيين وقادة الرأي قد أدانوا الهجوم الذي شهدته مدينة لندن الأربعاء، وهو الأكبر منذ هجمات السابع من تموز/يوليو 2005 عندما فجر عدد من الانتحاريين أنفسهم في قطارات وحافلات مزدحمة في العاصمة البريطانية لندن. وتعتبر المنطقة التي استهدفها الهجوم واحدة من أكثر الوجهات في العالم جذباً للسياحة حيث يقصدها ملايين السياح سنوياً من مختلف أنحاء الكرة الأرضية، ويوجد في المكان مبنى البرلمان البريطاني وعلى مقربة منه مكتب رئيسة الوزراء في 10 داوننغ ستريت، إضافة إلى أن «عين لندن» الموجودة في المكان أيضاً تستهوي أعداداً كبيرة من الزوار يومياً من هواة ركوب الأماكن المرتفعة. هجوم لندن يهيمن على الإعلام في العالم والتضامن مع الضحايا يُغطي شبكات التواصل |
صورة فتاة محجبة تشعل جدلاً واسعاً في الإعلام البريطاني Posted: 25 Mar 2017 03:04 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت حالة من الجدل في وسائل الإعلام البريطانية استمرت يومين بسبب صورة لفتاة مسلمة محجبة كانت في مكان الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة لندن، حيث ظهرت الفتاة في الصورة وهي تسير بين الضحايا وكأنها غير مكترثة بما جرى ما دفع بعض المتصيدين إلى تفسير ذلك على أنها لا تتعاطف مع الضحايا ولا تكترث بهم، لكن صورة ثانية للفتاة ذاتها ظهرت لاحقاً لتنسف هذه الرواية. وتظهر الفتاة في الصورة وهي تُمسك هاتفها المحمول بيدها، وتمر بجانب أحد الضحايا، حيث ينشغل عدد من المارة والمسعفين بانقاذه، بينما هي تظهر من بعيد وكأنها منشغلة بهاتفها المحمول وغير مكترثة بما يجري حولها، وتسير بشكل طبيعي وسط العدد الكبير من الضحايا، وهو ما أثار جدلاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي في بريطانيا، وسرعان ما انتقل الجدل إلى الصحافة المحلية ومواقع الانترنت التي تلقفت هي الأخرى الصورة وتناولتها بالتعليق. ونشرت كل من جريدة «دايلي ميل» وجريدة «الصن» تقريرين منفصلين عن الصورة، وما إذا كان هذا يؤشر على أن الجالية المسلمة في بريطانيا لا تكترث بضحايا الهجمات الإرهابية ولا تتضامن معهم، لكن كلاً من الصحيفتين تمكنتا من نفي هذا الاتهام، وكشفتا حقيقة الصورة التي تناولها البعض مجزوءة. وبدأ الجدل عندما نشر أحد العنصريين الصورة عبر حسابه على «تويتر»، وكتب فوقها كلمة (هم) في اشارة إلى المسلمين، وكيفية تعاطيهم مع الحادث، ووضع بجانبها صورة للمسعفين يحاولون إنقاذ أحد الضحايا وكتب عليها كلمة (نحن)، وغرد تحت الصورتين بعبارة واحدة: (هذا هو الفرق الرئيس بين المسلمين والمسيحيين)، محاولاً التحريض على المسلمين عموماً وإظهار أن العملية الإرهابية التي استهدفت المارة في وسط لندن تمثل كل المسلمين. ورغم أن الصورة لاقت انتشاراً واسعاً، إلا أن المئات من المغردين على «تويتر» تصدوا للعنصري وأكدوا أن الصورة لا تعبر عن واقع حال المسلمين في بريطانيا الذين أعلنوا بوضوح رفضهم العمل الإرهابي والهجمات التي تستهدف الأبرياء، فيما توقع كثيرون أن يكون للصورة بقية، وهو ما اتضح سريعاً عندما كشف المصور ذاته لجريدة محلية أن الفتاة المحجبة ليست سوى واحدة من الضحايا، وكانت في حالة من الرعب والهلع، وكان هاتفها في يدها بالفعل لكنها لم تكن تستعمله، وربما لم تكن تدرك أو تعي ما الذي تحمله في يدها. ونقلت جريدة «الصن» عن المصور الذي التقط الصورة وهو جيمي لوريمان قوله: «إن الفتاة المسلمة كانت تشعر بالأسى والغضب»، واصفا الجدل الذي حصل بأنه أمر «سام» و»تصيد» و»استهداف مريض» للفتاة المحجبة بشكل واضح. وكتبت مواطنة بريطانية رداً على ناشر الصورة: «أنت لا تملك أي فكرة عما يحدث في هذه الصورة وتقرر أن تصنع السياق الخاص بك». وتصدى مغرد خليجي يُدعى راشد بطي للصورة بصورة مضادة، حيث نشر صورة تم التقاطها من مكان الهجوم، ويظهر فيها شاب يمشي بجانب الضحايا ويحمل هاتفه بيده، تماما كما تفعل الفتاة المحجبة، وعلق على الصورة بقوله: «صورة الفتاة المحجبة أعيد نشرها والتغريد بها على تويتر كثيراً، لكنهم لا يرغبون أن يعيدوا نشر صورة الشاب، على الرغم من أنه يفعل الأمر ذاته». وكتبت ناشطة بريطانية تُدعى ليزا رو على «تويتر»: «علينا أن نتعلم اعتباراً من الآن أن لا نرسم في أذهاننا أفكاراً من صور التقطت في جزء من الثانية». يشار إلى أن العملية التي استهدفت المارة على جسر «ويستمنستر» وسط لندن انتهت بمقتل أربع أشخاص بينهم شرطي تعرض للطعن على يد المهاجم، بينما توفي الثلاثة الباقون دهساً بالسيارة التي كان يقودها المهاجم قبل أن يترجل منها ويطعن الشرطي الذي كان يحرس مبنى البرلمان البريطاني، فيما تصدى رجال الشرطة له وأطلقوا النار عليه فأردوه قتيلاً على الفور. وتبين لاحقاً أن المهاجم مسيحي اعتنق الاسلام قبل سنوات واسمه خالد مسعود ويبلغ من العمر 52 عاماً. صورة فتاة محجبة تشعل جدلاً واسعاً في الإعلام البريطاني |
أمن المعلومات والانترنت يُكلف العالم 90 مليار دولار في 2017 Posted: 25 Mar 2017 03:03 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: توقعت دراسة جديدة صادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية «غارتنر» أن يصل الانفاق العالمي على أمن المعلومات إلى 90 مليار دولار خلال العام الحالي، بزيادة قدرها 7.6٪ عن العام الماضي وليصل هذا الإنفاق إلى ذروته في عام 2020 بما يقدر 113 مليار دولار. ورجحت الدراسة أن يمثل الإنفاق لتعزيز قدرات الكشف عن المخاطر الأمنية والاستجابة لها أولوية رئيسية لمشتري الحلول الأمنية بحلول العام 2020، مشيرة إلى أن الشركات باتت تعمل على تغيير استراتيجيات إنفاق الميزانية المخصصة للحلول الأمنية، والتحول من نهج الوقاية إلى نهج الكشف عن مخاطر الحوادث الأمنية والاستجابة لها. وقال كبير محللي الأبحاث لدى «غارتنر» سيد ديشباند إن «التحول إلى نهج الكشف عن المخاطر والاستجابة لها يمتد ليشمل الأشخاص، وعمليات الأعمال، وعناصر التكنولوجيا، وسيدفع بأغلبية أسواق الحلول الأمنية على مدى السنوات الخمس المقبلة نحو النمو والازدهار. وعلى الرغم من أن هذا لا يعني عدم أهمية نهج الوقاية أو اتجاه المدراء التنفيذيين لأمن المعلومات نحو التخلي عنه، إلا أنه يرسل رسالة واضحة بأن نهج الوقاية غير مجدي ما لم يرتبط بالقدرات على الكشف عن المخاطر الأمنية والاستجابة السريعة لها». وأضاف «إن النقص في المهارات والخبرات اللازمة يقود المؤسسات لمزيد من الإنفاق على خدمات الحلول الأمنية. وتفتقر العديد من المؤسسات لوجود معرفة مؤسسية راسخة باستراتيجيات الكشف عن المخاطر الأمنية والاستجابة لها، إذ طالما شكلت الوقاية النهج الأكثر شيوعاً وانتشاراً على مدى عقود طويلة. إضافةً إلى أن ندرة المهارات والطلب الكبير عليها، يستوجب على المؤسسات البحث عن المساعدة الخارجية من قبل مستشاري الأمن، وشركات توريد الخدمات الأمنية المدارة، والمصادر الخارجية، ما يتطلب تخصيص المزيد من الميزانية للنفقات». وتقول الدراسة والقائمون عليها إن الرغبة في الارتقاء بقدرات الكشف عن الحوادث الأمنية والاستجابة لها أوجد قطاعاً جديداً لمنتجات الحلول الأمنية، مثال ذلك، تقنيات الاكتشاف، وحلول الكشف والاستجابة للأجهزة الطرفية (EDR) وعمليات التقسيم المعرفة بالبرمجيات، ووسطاء تأمين الوصول إلى السحابة (CASBs) والتحليلات السلوكية للمستخدم. وتحتاج هذه القطاعات الجديدة إلى موارد مالية، والتي يمكن أن تأخذ من موارد الانفاق المخصصة للقطاعات القائمة كأمن البيانات، ومنصات حماية الشركات (EPP) وأمن الشبكة، وإدارة المعلومات والأحداث الأمنية (SIEM). وعلى صعيد الخدمات، فإن ظهور خدمات مدارة ومتخصصة للكشف والاستجابة يشكل تهديداً على شركات توريد الخدمات الأمنية المدارة التقليدية. كما أن ارتفاع عدد حلول النقاط في أسواق الحلول الأمنية والتي تعالج مسائل الكشف عن المخاطر الأمنية والاستجابة لها مشكلة إدارة بالنسبة لمديري أمن البيانات والمدراء التنفيذيين لأمن المعلومات، الأمر الذي يزيد من الانفاق على برامج الإدارة والخدمات المتكاملة بشكل أفضل مع الأسواق المجاورة. ومع تحول الشركات نحو تحقيق التوازن مع حلول الوقاية باعتماد منهجية أحدث للكشف عن المخاطر والاستجابة لها، فقد بات المدراء التنفيذين لأمن المعلومات يعملون على تغيير طرق قياس مدى نجاح استراتيجياتهم الأمنية. وباتت جميع الاستثمارات الأمنية تقاس في كيفية إسهامها في تغيير العقلية والتوجه نحو منهجية حلول الكشف عن المخاطر والاستجابة لها، حتى أن الضوابط للحلول الوقائية الأمنية مثل منصات حماية المؤسسات (EPP) وجدران الحماية، والتطبيقات الأمنية، وأنظمة كشف التسلل، يجري تحسينها لتوفير المزيد من تبادل المعلومات داخل العمليات الأمنية والتحليلات ومنصات إعداد التقارير. وقال لورينس بينجري، مدير الأبحاث لدى «غارتنر»: «يحرص المدراء التنفيذيون لأمن المعلومات على تسليط الضوء على العائد على الاستثمار من سياساتهم الأمنية من حيث القيمة العملية الناتجة عن الحد السريع من التعرض للمخاطر، بالإضافة إلى وقف تهديداتها ومنع حدوثها. وإن أهم محفز للمدراء التنفيذيين لأمن المعلومات في هذا المسعى هو في تحقيق رؤية ومعرفة شاملة للبنية التحتية الأمنية بهدف الانخراط في حوارات استراتيجية تستند إلى المخاطر ومناقشتها مع مجلس الإدارة، والمدير المالي، والرئيس التنفيذي حول اتجاه البرنامج الأمني الذي يتبعونه». أمن المعلومات والانترنت يُكلف العالم 90 مليار دولار في 2017 |
«تويتر» يستخدم تكنولوجيا ذكية لضبط الحسابات والتغريدات التي تدعم العنف Posted: 25 Mar 2017 03:03 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تستخدم شبكة «تويتر» برنامجاً ذكياً ومتطوراً هو الأول من نوعه في العالم من أجل مراقبة ملايين الحسابات الموجودة على الشبكة وتتبعها واكتشاف التغريدات التي تدعو للعنف أو تدعم الإرهاب أو تتضمن أفكاراً متطرفة، فيما تمكن النظام الجديد من إغلاق مئات آلاف الحسابات التي تنتشر على الشبكة. وكشفت شركة «تويتر» أن نظامها الذكي قام بإغلاق 377 ألف حساب خلال الشهور الستة الأخيرة من العام الماضي، وذلك مقارنة بـ24 ألف حساب فقط تم إغلاقها خلال الفترة ذاتها من العام السابق، أي خلال النصف الثاني من عام 2015. وحسب «تويتر» فان أقل من 2٪ فقط من الحسابات التي تم إغلاقها كان قرار الاغلاق ناتجاً لطلب وصل من سلطات حكومية، فيما كشفت الشركة أن تركيا هي الدولة الأكثر في العالم التي طلبت خلال تلك الفترة إغلاق حسابات أو حذف تغريدات. وأوضح موقع «تويتر» أن 74٪ من الحسابات التي لها صلة بالإرهاب تم العثور عليها بواسطة أدوات مكافحة البريد المزعج (البريد الإلكتروني غير المرغوب فيه). وتتعرض شبكات التواصل الاجتماعي العالمية إلى ضغوط كبيرة من الحكومات الغربية، ومن بينها الولايات المتحدة، من أجل ضبط وملاحقة الحسابات التي تحث على العنف او تحرض على الإرهاب. إلى ذلك، كشفت «تويتر» عن إحصاءات تتعلق بحضور الأمهات في المملكة العربية السعودية على الشبكة، وذلك بالتزامن مع الاحتفال بعيد الأم. وقالت الشركة إن أكثر الأوقات التي تستخدم فيها الأمهات تويتر تكون قبل النوم بنسبة 62٪ ثم عند الاستيقاظ بنسبة 59٪ وفي وقت العطلة بنسبة 54٪ فيما تصل أغلب الأمهات إلى الموقع عبر الأجهزة المحمولة وذلك بنسبة 80٪. وكشفت أرقام تويتر، أن الأمهات يحرصن خلال تصفحهن تويتر على مواكبة آخر أخبار الأصدقاء، وذلك بنسبة 50٪ ثم مشاهدة الفيديو والصور، بنسبتي 48 و46٪ على التوالي، وآخر ما يهمهن هو الأخبار والرياضة بنسبة 41٪ أما عن سبب استخدام تويتر فيتركز في معظمه للاطلاع على أخبار الآخرين بنسبة 50٪. وتتركز متابعة الأمهات على تويتر على العلامات التجارية والشركات بنسبة 73٪ ثم الأصدقاء بنسبة 63٪ ثم العائلة بنسبة 50٪ ثم المشاهير بنسبة 46٪. وفيما يتعلق بأنواع العلامات التجارية التي يتابعنها على تويتر فالنسبة الكبرى تذهب إلى السلع الغذائية، ثم تجارة التجزئة بنسبة 30٪. وتقول 41٪ من الأمهات إنهن يتابعن العلامات التجارية لمواكبة أخبارها، ثم أخبار المنتجات، ثم لمعرفة العروض والمبيعات بنسبة 37٪ بينما تنتهي ما نسبته 27٪ من الأمهات بشراء المنتج. أما فيما يتعلق بعلاقة تويتر بالتلفزيون، فقد ذكرت الشركة أن 74٪ من الأمهات يستخدمن الموقع أثناء الإعلانات، بينما تغرد 50٪ من الأمهات عن إعلان على التلفزيون خلال بث البرنامج، بينما تبحث 66٪ من الأمهات عن علامة تجارية أو منتج شوهد خلال إعلان على التلفزيون. يشار إلى أن السعودية تحتل المركز الأول من حيث أكثر الدول استخداماً لشبكة «تويتر» وذلك حسب احصاءات العام 2015، حيث يُفضل أغلب السعوديين «تويتر» على «فيسبوك» وينشطون من خلاله. «تويتر» يستخدم تكنولوجيا ذكية لضبط الحسابات والتغريدات التي تدعم العنف |
المفاجآت تتوالى: سيارة ذاتية القيادة مزودة بسرير للنوم ووسائل ترفيه Posted: 25 Mar 2017 03:03 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: ابتكرت شركة صينية متخصصة سيارة ذاتية القيادة فريدة من نوعها يتوقع أن تكون الأفخم والأرقى بين نظيراتها من السيارات ذاتية القيادة، حيث أنها مجهزة بأحدث وسائل الراحة والاسترخاء والترفيه بما في ذلك سرير مجهز للنوم خلال السير على الطريق. وكشفت شركة «NIO» الصينية عن تصميم جديد لسيارتها ذاتية القيادة، وتحتوي على غرفة نوم مجهزة للنوم والاسترخاء ومشاهدة التلفزيون خلال السير على الطريق. وقال الخبراء في الشركة: «تم تصميم سيارة EVE الجديدة بحيث تتناسب مع متطلبات جميع الركاب في المستقبل، فشكلها المميز وسقفها البانورامي وحجرتها المزودة بمقاعد مريحة قابلة للتحول إلى أسرة قادرة على توفير الراحة لمستخدميها». وأضاف القائمون على هذا التصميم: «نظام توجيه السيارة سيعتمد على منظومة NOMI التي طورتها شركة «NIO» المنظومة الجديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتتناسب مع احتياجات ومتطلبات المستخدم، فأجهزة الكمبيوتر ستعمل على إعادة برمجة عمل السيارة في كل رحلة، فعلى سبيل المثال ستقوم المنظومة بتغير شدة الإضاءة وألوانها بما يتماهى مع ذوق كل سائق كما ستأخذ بعين الاعتبار مدة الرحلة التي سيقوم بها». وأوضح الخبراء أنه يمكن لسائق السيارة الاعتماد على منظومة القيادة الذاتية بشكل كلي، ولكن في حال رغبته يمكنه أن يتولى بنفسه قيادة السيارة لتتحول منظومة NOMI إلى منظومة قيادة مساعدة. وأشاروا إلى أن مشروع سيارتهم الجديدة والتي ستبدأ الشركة بتصنيعها عام 2020 أتى في إطار منافسة NIO لشركات السيارات المعروفة في العالم كفورد ومرسيدس وفولفو، والتي تنوي طرح سيارات ذاتية القيادة في المستقبل. يشار إلى أن شركة «غوغل» الأمريكية هي التي تتصدر حالياً سوق السيارات ذاتية القيادة، حيث تقوم منذ فترة طويلة باجراء التجارب على سيارتها التي قطعت مسافات ضخمة داخل الولايات المتحدة من أجل التجربة والتأكد من سلامتها. وقالت «غوغل» في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي إن سياراتها ذاتية القيادة سجلت مليوني ميل (3.2 مليون كيلومتر) على الطرق العامة وإنها مستمرة في قطع نحو 25 ألف ميل من تجارب القيادة أسبوعيا، مشيرة إلى أنها تقوم بتطوير هذه السيارات منذ عام 2009. وتركز الشركة، التي يوجد مقرها في وادي السليكون، على صنع سيارات ذاتية القيادة بالكامل دون حاجة إلى سائق وهو ما قد يجعل القيادة أكثر أمانا وكفاءة ويفتح الباب أمام توفير وسائل نقل للمعاقين وكبار السن. وقالت في العام الماضي إن مثل هذه السيارات ستكون جاهزة للإنتاج بحلول 2020. وكانت شركة «أبل» الأمريكية كشفت أواخر العام الماضي علنا عن طموحاتها للعب دور في سوق السيارات ذاتية القيادة الناشئ من خلال رسالة توصية بالسياسات موجهة إلى الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة. ولم تتضمن الرسالة تفاصيل دقيقة عن منتجات أبل ذاتية القيادة، لكنها ذكرت أن الشركة ستستخدم «تعلُّم الآلة» لجعل منتجاتها وخدماتها أذكى وأكثر بديهية وأكثر شخصية، وأنها تستثمر بقوة في دراسة تعلم الآلة والأتمتة، ومتحمسة لإمكانيات الأنظمة الآلية في العديد من المجالات بما فيها النقل. وتدعو «أبل» بقوة لسياسات تعامل القادمين الجدد في صناعة السيارات معاملة القادة الحاليين نفسها في هذه الصناعة، وألا يكون أي صانع جديد للسيارات ملزما بكشف مزيد من المعلومات عن سيارات ذاتية القيادة قبل أن يتم اختباراها في الطرقات العامة بطريقة آمنة ومسيطر عليها، وفقا للرسالة. ويبدو واضحا من الرسالة أن أبل ستصنع سياراتها الذاتية القيادة التي تحمل علامتها التجارية وليس فقط البرامج أو أنظمة التشغيل التي تعمل في هذه السيارات. إلى ذلك، كشفت شركة صناعة السيارات الألمانية «فولكسفاغن» مؤخراً عن أحدث تصوراتها لمستقبل السيارات ذاتية القيادة وذلك من خلال النموذج الأولي الجديد «سيدريك» التي تأتي بدون مقود أو دواسات. وقالت «فولكسفاغن» إن السيارة الجديدة، التي كشفت عنها خلال معرض السيارات المقام في مدينة جنيف السويسرية، تمتاز بأنها أول مركبة صُممت من الأساس للقيادة المستقلة تماماً. وأوضحت الشركة الألمانية أنها تستخدم «سيدريك» التي وصفت السيارة بأنها «صديق ورفيق لعائلتك» لتسليط الضوء على أهمية المركبات ذاتية القيادة لمستقبل الشركة. المفاجآت تتوالى: سيارة ذاتية القيادة مزودة بسرير للنوم ووسائل ترفيه |
دراسة متخصصة تكشف: لهذه الأسباب يُغير العرب هواتفهم الذكية Posted: 25 Mar 2017 03:02 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تمكنت دراسة أجرتها شركة «إبسوس» من تحديد العوامل التي تدفع المستخدمين في المنطقة العربية إلى شراء الهواتف الذكية، وما هي الأشياء التي تدفعهم للاختيار من بين الهواتف المتاحة أمامهم في السوق. وتبين من الدراسة التي أجريت على المستهلكين في السعودية أن العوامل التي يبدي لها المستخدمون اهتماماً في أي هاتف ذكي تتلخص في سرعة المعالج وسعة الذاكرة، وقوة عمل البطارية وزمن الشحن وجودة الكاميرا الخلفية. وتقول الدراسة التي اطلعت على نتائجها «القدس العربي» إن منطقة الشرق الأوسط تتميز بنسبة عالية من الشباب، وخاصة في المملكة العربية السعودية التي يقل عمر 75٪ من سكانها عن 25 عاماً. وتضيف: «شهدنا مؤخراً ارتفاعاً واضحاً في الإقبال على الاستهلاك الإلكتروني، حيث يستخدم 41٪ من السعوديين أجهزتهم المتحركة كوسيلة أساسية للحصول على المعلومات المتوفرة على الإنترنت، بما فيها مقاطع الفيديو». وأظهرت نتائج الدراسة ان 79٪ من المستهلكين يغيّرون هواتفهم خلال عام واحد من شرائها، بينما ينتقل 37٪ من المستخدمين إلى هاتف جديد خلال 6 أشهر، حيث تلفت الدراسة إلى أنه لهذا السبب فقد طوّرت الشركة التقنية العملاقة «هواوي» تطبيق «استنساخ الهاتف»، وهو تجربة فعالة من لمسة واحدة تتوفر لتحميلها على جميع الهواتف الذكية. ويسمح التطبيق المبتكر للمستخدمين نقل الملفات بكفاءة تامة من جميع أجهزة الهواتف الذكية، ليتمكنوا من نقل المحتوى بين الهواتف بدون الحاجة إلى اتصال «بلوتوث» أو شبكة إنترنت. وفيما يزداد إقبال المستهلكين في الشرق الأوسط على التسوق الإلكتروني، كشفت الدراسة أن المشاركين أصبحوا أكثر ارتياحاً لإجراء المشتريات الإلكترونية عبر الهواتف الذكية فيما يقدم لهم التجار الضمانات ذاتها التي تقدمها محلات التجزئة في الأسواق، بالإضافة إلى قسائم الهدايا والكوبونات وغيرها من المزايا السعرية التي تغريهم بالتسوق، فضلاً عن الراحة الفائقة في تجربة التسوق عبر الأجهزة المتحركة ومنصات التجارة الإلكترونية التي سهّلت تجربة التسوق بشكل كبير. دراسة متخصصة تكشف: لهذه الأسباب يُغير العرب هواتفهم الذكية |
إصابة عدد من الفلسطينيين في مواجهات مع قوات إسرائيلية شمال الخليل Posted: 25 Mar 2017 03:01 PM PDT أصيب أمس السبت عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق خلال مواجهات اندلعت مع قوات إسرائيلية، في بلدة بيت أمر شمال الخليل. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن مواجهات اندلعت قرب مسجد بيت أمر الكبير وسط البلدة، بعد قيام جنود الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق قنابل الصوت والغاز السام صوب المواطنين ومنازلهم، ما تسبب بإصابة عشرات المواطنين بحالات اختناق. وحسب الوكالة، داهمت قوات الاحتلال، مخبزا ومنزلا وسط البلدة وفتشتها وعبثت بمحتوياتها. وكان 12 فلسطينيا أصيبوا الجمعة بعد قمع الجيش الإسرائيلي لتظاهرة انطلقت في بلدة المغير شرق مدينة رام لله احتجاجا على محاولة إسرائيل بناء مستوطنة على أراضي قريتي كفر مالك والمغير. إصابة عدد من الفلسطينيين في مواجهات مع قوات إسرائيلية شمال الخليل |
بمبادرة من الاتحاد الوطني للمرأة التونسية: الاسبوع الثقافي الفلسطيني التونسي لدعم الأسرى رسالة حب وسلام إلى القدس Posted: 25 Mar 2017 03:01 PM PDT تونس ـ «القدس العربي»: على ايقاع الدبكة والأغاني الفلسطينية وبحضور الألوان والأزياء التقليدية، احتضنت العاصمة التونسية فعاليات «الأسبوع الثقافي التونسي الفلسطيني لدعم الأسرى» وذلك من أجل مساندة قضية الأسرى وإيصال صوتهم للعالم. على مدى اسبوع من اللقاءات الثقافية والفكرية المنوعة، تبادل التونسيون والفلسطينيون النقاش حول واقع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي وكيفية دعم القضية الفلسطينية. كما تخلل المهرجان معرض للصور والحلويات التقليدية الفلسطينية ليمتزج عبق فلسطين بالياسمين التونسي. هي حكاية شعب واحد لا شعبين. وحكاية دم واحد امتزج في منطقة حمام الشط أين استشهد أبطال من القيادات الفلسطينية ومواطنون تونسيون، لذلك لم تكن صدفة ان تبدأ اولى تظاهرات الاسبوع الثقافي الفلسطيني في تونس. هذا ما أكده الأسير المحرر رائد ابو الحمص المدير التنفيذي لنادي الأسير في مداخلته لـ «القدس العربي» وقال ان هذا النشاط يأتي في إطار تشكيل جبهة مساندة لقضية الأسرى الأبطال المسجونين في سجون الاحتلال. وقال ان التعاون مع الشعب التونسي ومؤسسات المجتمع المدني مهم من باب مساندة الأسرى للإفراج عنهم. وأكد ان احتضان الخضراء لجزء مهم من فعاليات يوم الأسير، يشكل علامة فارقة وجسرا يجب الاستناد اليه في أي مشاريع ونشاطات أخرى وذلك في سياق تدويل قضية الأسرى وإطلاع المجتمع التونسي على ما يجري داخل السجون. وأكد محدثنا ان العلاقة بين فلسطين وتونس عضوية تجسدت في استقرار الزعيم الرمز ياسر عرفات بأرض تونس بعد خروجه من بيروت. وشدد على ضرورة التكاتف في وجه ما تتعرض له المنطقة من نكسات تراجعت خلالها قضية فلسطين، وقال ان مثل هذه النشاطات تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية . الأسرى المناضلون بصمت مطيع كنعان ممثل حركة فتح في تونس قال ان هذه المناسبة مهمة جدا لتؤكد على أهمية العلاقات التي تربط بين الشعبين وخاصة إذا ما تعلق الأمر بالأسبوع الثقافي للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين أبناء الحركة الوطنية الأسيرة. وأضاف: «ان هؤلاء الأبطال القابعين في سجون الاحتلال يناضلون بصمت من وراء القضبان وفقدوا حريتهم من أجل فلسطين الغالية. هؤلاء يستحقون منا كل الاحترام والتقدير وبالتأكيد ان أي لفتة تضامنية من أي كان في وطننا العربي في تونس أو في غيرها ستشكل علامة مضيئة على درب هؤلاء الأبطال وستكون نبراسا يفخرون به وتعلي من معنوياتهم التي هي أصلا عالية وتمد من هم خارج السجن بالقوة والشجاعة في مواجهة الاحتلال». وأشار إلى ان الاحتلال أراد ان يجعل من هذه السجون مقابر للمناضلين والوطنيين الفلسطينيين لكن أتت الأمور على عكس ذلك وأصبحت هذه السجون أكاديميات تخرج الأبطال والقيادات الفلسطينية. وقال ان هؤلاء سجناء داخل أوطانهم من قبل المحتل الذي اغتصب الأرض والوطن ولم يكتف بذلك بل اغتصب أيضا الحرية. مستطردا: «هذه الحرية تهون من أجل فلسطين ومقاومة الاحتلال». يوم الأسير من تونس رائد عامر مدير عام العلاقات الدولية في مؤسسة نادي الأسير قال لـ «القدس العربي» ان «مشاركة نادي الأسير في الاسبوع الثقافي الفلسطيني تأتي ضمن فعاليات يوم الأسير الفلسطيني وبمناسبة يوم الأرض والهدف منها ابراز ملف الأسرى ومعاناتهم داخل سجون الاحتلال وتسليط الضوء على ملف الأسرى والأسيرات المرضى لإيصال صوتهم». مقاومة الاحتلال لا تكون بالسلاح فقط بل هناك مقاومة ثقافية وفكرية تشارك فيها بشكل خاص مؤسسات المجتمع المدني سواء في فلسطين أو في الخارج. في هذا السياق لفت محدثنا إلى ان هناك مساع لنقل هذه التظاهرة أيضا إلى باقي الدول وخاصة الجزائر والمغرب وكذلك بعض الدول الأوروبية من أجل ايصال صوت فلسطين. النضال النسوي راضية الجربي رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية أشارت إلى ان كل خطوة لدعم القضية الفلسطينية والأسرى تمتلك أهمية، لان الأسرى بحاجة لكل دعم معنوي. وأوضحت ان مبادرة الاتحاد هي معنوية في الأساس لكنها مهمة لكي لا يشعر الأسرى بالعزلة وهي لفتة معنوية لفائدة الأسرى الفلسطينيين وتكريسا لإيمان الاتحاد الوطني للمرأة التونسية بمبادئ حقوق الإنسان التي لا تتجزأ ومناصرته لكل القضايا العادلة والحقوقية وعلى رأسها قضية الأرض. في هذا السياق قال كمال الحسيني رئيس مؤسسة تكريم شخصية العام ان المرأة التونسية جددت العهد، معتبرا انها مبادرة جميلة تقدم للأسرى وقال ان قضية الأسرى هي الأشرف وهي بوصلة الشرفاء وأضاف: «من تونس نبتعد أميال لكن الرسالة ستصل أمام العالم كله ولن يكون هناك سلام واستقرار إلا إذا تحرر الأسرى. وقال انه من الأهمية بمكان تسليط الضوء على أسرى القدس المغيبين في أي اتفاقيات ويجب ان يتم تناول قضيتهم أمام العالم بشكل قوي. وشدد على أهمية ان تنتقل هذه المبادرات إلى كل الوطن العربي ودعا كل الاتحادات النسائية في كل الوطن العربي من أجل ارجاع القضية الام إلى الواجهة محذرا من تغييب القضية الفلسطينية خلال السنوات الماضية. من تونس من شارع الحبيب بورقيبة، حيث تتربع خيمة التراث الفلسطيني، من هنا كل الدروب تؤدي إلى فلسطين وكل القلوب تنبض حبا للأقصى، ولفلسطين أم البدايات واصل الحكاية. بمبادرة من الاتحاد الوطني للمرأة التونسية: الاسبوع الثقافي الفلسطيني التونسي لدعم الأسرى رسالة حب وسلام إلى القدس |
محشي الملفوف Posted: 25 Mar 2017 03:00 PM PDT المقادير: 2 ملفوف متوسط الحجم الحشوة نصف كيلو لحم بقري كوب أرز ربع كوب بقدونس مفروم 3ملاعق صلصة طماطم 3فص ثوم مدقوق بصلة مفرومة فرما ناعما بيضة كمون وبهارات مشكلة وملح حسب الرغبة عصير نصف ليمونة طريقة التحضير: نغسل الأرز ونصفيه ثم نخلطه مع باقي مكونات الحشوة. نزيل الأوراق الخضراء من الملفوف ونقطع الرأس بدون فك الأوراق. نسلق الملفوف 5 دقائق أو إلى أن يصبح طريا ثم ندعه يبرد قليلا نفك الأوراق ونقطعها على شكل مربعات ثم نبدأ بوضع الحشوة. نصف بعض أوراق الملفوف المتبقية بدون حشوة على الصينية ونضع فوقها حبات الملفوف جنبا الى جنب بحيث تكون متماسكة. نصب مقدار من الماء المخلوط بقليل من صلصة الطماطم والليمون الحامض والكمون إلى أن نغطي الملفوف ثم نضع القصدير على الصينية ونحكم إغلاقه ثم ندخله الفرن على درجة 180 لمدة ساعة. محشي الملفوف طبق الأسبوع |
مؤتمر للأمراض الجلدية في دبي يكشف علاجات جديدة للبهاق والصدفية Posted: 25 Mar 2017 03:00 PM PDT يكشف مؤتمر دولي في دبي عن علاجات جديدة للسيطرة على الأمراض الجلدية الشائعة خاصة أمراض الصدفية والبهاق وحساسية الجلد. وتنطلق فعاليات الدورة السابعة عشرة من مؤتمر ومعرض دبي العالمي لأمراض الجلد والليزر» دبي ديرما « يوم غد الاثنين، والذي يعد أكبر مؤتمر للأمراض الجلدية في الشرق الأوسط. وقال الدكتور إبراهيم كلداري، أستاذ الأمراض الجلدية في كلية الطب في جامعة الإمارات، ورئيس المؤتمر إن الحدث يشارك فيه أكثر من 276 محاضرا ومتخصصا من أطباء الجلد والتجميل من الإمارات والسعودية ومصر والأردن والعراق وروسيا وسنغافورة وكوريا وتايلاند ودول أوروبية وأمريكية. وذكر أن الأبحاث المقدمة للمؤتمر تكشف عن أدوية للسيطرة على أمراض الصدفية والبهاق والحساسية، إلى جانب أوراق بحثية هامة تتعلق بسرطان الجلد. وأوضح كلداري أن المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة أيام، يتناول الأمراض الجلدية الشائعة، والصعبة والنادرة، وأحدث الأدوية المتعلقة بأمراض الجلد. كما يتناول المؤتمر العلاج التجميلي، وجراحات الجلد والليزر، خصوصا عمليات الفيلرز والبوتوكس وسحب الدهون وشد الوجه. وذكر كلداري أن المؤتمر العلمي للمؤتمر يضم 157 جلسة علمية و72 ورشة عمل و99 دراسة علمية، بالإضافة إلى عدد من حلقات البحث المتنوعة والتي تبرز آخر ما توصل إليه العلم في مجال طب التجميل والأمراض الجلدية. ويشارك في المعرض المصاحب للحدث 540 شركة عارضة تطرح أحدث الأجهزة والمعدات الطبية المتعلقة بطب الجلد. وينظم المؤتمر شركة اندكس لتنظيم المؤتمرات والمعارض بالتعاون مع رابطة أطباء الجلد العرب، ورابطة أطباء الجلد لدول مجلس التعاون الخليجي، والأكاديمية العربية للأمراض الجلدية والتجميل بدعم من هيئة الصحة في دبي. ( د ب أ) مؤتمر للأمراض الجلدية في دبي يكشف علاجات جديدة للبهاق والصدفية |
علماء يعتقدون أن القمر نشأ عن تصادم بين الأرض وكوكب آخر Posted: 25 Mar 2017 03:00 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: توصل علماء متخصصون في الفضاء والفلك إلى نتيجة مفادها أن كوكب الأرض الحالي تشكل من اصطدامه مع كوكب آخر بحجم المريخ يسمى «ثيا» وقد نجم عن هذا التصادم نشوء القمر، الذي ظل يدور حول الأرض بفعل جاذبيتها. وأظهرت تحليلات صخور القمر، التي جلبها رواد الفضاء في رحلات أبولو بين عامي 1969 و1972 أن التركيب الكيميائي لها يضم عناصر موجودة في «ثيا» والأرض معا، بنسبة 50 في المئة لكل منهما. ويوكد العلماء أن تصادم «ثيا» مع الأرض كان عنيفا بما يكفي ليشكل سحابة من الركام، انطلقت في الفضاء لتشكل القمر في وقت لاحق، وهو ما يبرر وجود مكونات كيميائية من الكوكبين في تكوين القمر. ويعتقد العلماء أن حادث تصادم «ثيا» مع الأرض وقع بعد 100 مليون سنة تقريبا من تشكل الأرض، وذلك بزاوية 45 درجة. ويؤكدون على الحاجة الماسة إلى مزيد من الدراسات للتأكد من صحة هذه الدلائل التي ظلت مبهمة لفترات طويلة من الزمن. من جهة ثانية، أكد العلماء البريطانيون والأمريكيون أن الأرض القديمة كانت تشبه قمر زحل تيتان الذي نرصده اليوم مع أحواضه الهيدروكربونية وغلافه الجوي. ويرون أن الغلاف الجوي للأرض شأنه شأن الغلاف الجوي لتيتان المعاصر، احتوى منذ 2.4 مليار عام كميات كبيرة من غاز الميثان. وكان هذا الغاز الذي تُنتجه الكائنات الحية الدقيقة يمنع الهيدروجين من مغادرة الغلاف الجوي، واستمر الأمر كذلك مدة مليون عام عندما كانت الأرض تشبه تيتان كثيرا، ثم غادرت كمية كبيرة من الميثان الغلاف الجوي الأرضي. وتسبب هذا الأمر في دخول الأوكسجين في الغلاف الجوي للأرض حيث ازدادت كثافته مع مرور الوقت بمقدار عشرة آلاف مرة. وتوصل العلماء إلى هذا الاستنتاج بعد تحديد عمر نظائر الكبريت والكربون، التي تتضمنها بعض النماذج للصخور، وكذلك بعد إعداد بضعة نماذج كيميائية كمبيوترية للأرض القديمة. يذكر أن تيتان هو أكبر أقمار زحل، وكتلته ضعف كتلة قمر الأرض، وقطره يزيد عن قطر القمر بمرة ونصف. ويسود في غلافه الجوي غاز النيتروجين المختلط مع رواسب الميثان التي تشكل سحبا، ويتصف سطحه بأنواع معقدة من التضاريس وأحواض مليئة بالهيدروكربونات. وفي 14 كانون الثاني/يناير 2005 هبط على سطحه مسبار «Huygens» الذي سبق له أن انفصل، في 25 كانون الأول/ديسمبر العام 2004 عن مسبار «كاسيني» الأمريكي. علماء يعتقدون أن القمر نشأ عن تصادم بين الأرض وكوكب آخر |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق