Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 16 يونيو 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


قمة سنغافورة: قراءة إسرائيلية سوريالية

Posted: 16 Jun 2018 02:20 PM PDT

سرّبت بعض المواقع الأمريكية والإسرائيلية فقرات من تقرير سرّي وضعته وزارة خارجية دولة الاحتلال، يثير الشكوك حول قمة سنغافورة الأخيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. هنالك طرازان من المخاوف، يقول التقرير، يدور أوّلها حول «الثغرات» الجوهرية في الخطّ الدبلوماسي الأمريكي بعد القمة، بالمقارنة مع اشتراطات واشنطن قبلها (نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية «على نحو تامّ، لا يقبل التراجع، ويخضع للتدقيق»). طراز المخاوف الثاني هو أن إدارة ترامب، التي رفضت في الماضي المقاربة الصينية القائمة على مبدأ «تجميد مقابل تجميد»، عادت وقبلت ما هو أقلّ من ذلك، أي تجميد المناورات المشتركة الأمريكية ـ الكورية الجنوبية دون أن تكون بيونغ يانغ قد شرعت فعلياً في تجميد برنامجها النووي.
مخاوف الخارجية الإسرائيلية تنصبّ على «ثغرات» اتفاقية سنغافورة التي وقّع عليها ترامب وكيم، لكنّ المضمون الأدقّ للمخاوف يدور حول البرنامج النووي الإيراني في واقع الأمر، وما إذا كان أيّ مستوى من التراخي الأمريكي تجاه بيونغ يانغ يمكن أن يشكّل سابقة لتراخٍ مماثل مع طهران، إذا تبدلت الأحوال وغادر ترامب البيت الأبيض وجاء خَلَفه برؤية معاكسة للاتفاق النووي الغربي مع إيران. من الطريف، إلى هذا، أن تكون دولة الاحتلال هي صاحبة الهواجس؛ في حين أنها الدولة الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي في الشرق الأوسط!
مفارقة تعيد الذاكرة إلى تموز (يوليو) 2004 حين قام محمد البرادعي، وكان يومها مدير الوكالة الدولية للطاقة النووية، بزيارة دولة الاحتلال؛ فلم يُسمح له بتفقد المواقع النووية الإسرائيلية إلا من أعالي السماء، على متن حوامة عسكرية، خلافاً لكلّ قواعد التفتيش، بل بدا مفهوم التفتيش على هذا النحو أضحوكة سوريالية. يومذاك لم يتضح عجز البرادعي، ومن ورائه الوكالة العتيدة، عن الكيل بمكيال واحد في معالجة ملفات الحدّ من انتشار السلاح النووي، فحسب؛ بل افتُضح كذلك انحيازه إلى القراءة الأمريكية لروحية التفتيش ذاته، وأنه يجب أن يقترن بتوصيف هذا النظام أو ذاك سياسياً، وبالتالي فإنّ ما يُطبّق على ليبيا وإيران والعراق، لا يجوز أن يُطبّق على دولة الاحتلال! وبالفعل، أعلن البرادعي أنه «يتفهم» المخاوف الإسرائيلية، الأمنية والوجودية؛ وصبّ جام غضبه في المقابل على إيران، وعلى الإرهابيين الذين يمكن أن يمتلكوا الأسلحة النووية ذات يوم قريب؛ دون أن ينسى التشهير بالعالِم الباكستاني عبد القادر خان، الذي هرّب أسرار القنبلة النووية إلى 18 بلداً…
كذلك تعيدنا المفارقة إلى سلسلة الأسئلة التي طرحها، ذات يوم، الصحافي الأمريكي شارلز ريز:
ـ مَنْ هي الدولة التي ترفض التوقيع على الاتفاقيات الدولية لحظر إنتاج الأسلحة النووية، بل وتحظر على المنظمات الدولية القيام بأي تفتيش على منشآتها النووية؟
ـ من هي الدولة التي احتلت عسكرياً أراضي الدول المجاورة، وتواصل ذلك الاحتلال متحدية بذلك جميع قرارات مجلس الأمن الدولي المطالبة بإزالة آثار ذلك العدوان؟
ـ من هي الدولة التي استخدمت جاسوساً يُدعى جوناثان بولارد، لسرقة وثائق سرّية أمريكية، ثم باعتها إلى الاتحاد السوفييتي؟ وهل هي الدولة ذاتها التي أنكرت الواقعة في البدء، ثم اعترفت بها ومنحت الجاسوس الجنسية الفخرية، بل ونظمت حملات ضغط واسعة لإجبار الرئيس الأمريكي على إطلاق سراحه، لأنه في نظرها بطل وطني؟
ـ من هي الدولة التي ترفض تنفيذ عشرات قرارات مجلس الأمن الدولي، بل وتستخفّ بها وبالهيئة الدولية التي أصدرتها؟
وبالطبع، في وسع ريز أن يضيف، اليوم، المزيد من الأسئلة إلى هذه الأحجية؛ بينها عجائب تقرير خارجية الاحتلال، الذي يطعن في أهلية الاتفاقيات التي أبرمها الرجل ذاته… الذي اعترف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال!

11RAI

قمة سنغافورة: قراءة إسرائيلية سوريالية

صبحي حديدي

هل كان العرب يتكلّمون بالفصحى؟

Posted: 16 Jun 2018 02:19 PM PDT

أثار مسلسل «يوسف الصدّيق» الذي يعرض في التلفزيون التونسي «نسمة» بالعاميّة التونسيّة، لغطا كبيرا في الصحافة وفي مواقع التواصل الاجتماعي، بل سجالا لا نخاله سينقطع قريبا. وقد رأى فيه كثيرون دارجة رخيصة تفتقد المقدرة على قوّة الوصف والتحليل، ولا تشارف روح النبيّ في جلالها وقداستها؛ وكأنّ الأنبياء في تقدير هؤلاء لا يتكلّمون إلاّ لغة فنّيّة عليا، أو هم ليسوا من معدن عامّة الناس في معيشهم وشؤون حياتهم؛ أو لا يقاسون بمقياسهم. والحقّ أنّنا لا نملك شيئا يؤبه له؛ عن لغة النبي يوسف وما حفّ به من أساطير، ولا هو تكلّم هذه الدارجة التونسيّة، ولا العربيّة الفصحى.
على أنّ ما يعنيني في السياق الذي أنا به، أنّه كانت إلى جانب الفصحى أو عربيّة الشعر والأمثال والخطب والحكم، لغة دارجة هي لغة التّعبير اليوميّ واللسان المتداول أو ما نسمّيه لغات العرب ولهجاتهم. بيد أنّنا نكاد لا نعرف شيئا عن هذه «العربيّة» التي كانت متداولة في هذه الأوساط. ونكاد لا نملك عنها إلاّ طوائف متفرّقة من الأخبار تتعلّق بظاهرة اللّحن والدّخيل والأخطاء اللّغوية التي شاعت بنسبة أو بأخرى في بيئات العلماء والكتّاب والشّعراء؛ ويمكن أن نحملها على أنها من أثر العربيّة المحكيّة أو المولّدة فيهم.
وكان لبعض علماء اللغة موقف محمود، فقد فسح الكسائي في العربيّة للغات «اللّهجات» الشاذّة أو النّادرة عكس سيبويه؛ وتوسّع في قواعد النّحو والصّرف حتّى تشمل القراءات جميعها، معتمدا مبدأ الاتّساع في الرّواية والقياس ومخالفة البصريّين، وما إلى ذلك من المسائل الخلافيّة التي لا يتّسع لها مقالنا. ولكنّها تعزّز من وجاهة القول بأنّ العرب خاصّتهم وعامّتهم لم يتكلّموا بهذه الفصحى المعربة إلاّ في فضاءات مخصوصة. وأمّا حرصهم عليها في كلّ ما دوّنوه، فقد كان من حرصهم على القرآن حتّى يظلّ مقروءا أبدا مفهوما أبدا. ومن ثمّة جرت كتبهم وسائر مصنّفاتهم على نسق واحد يكاد لا يختلف في الجملة. فهي أخبار وأشعار ولغة وجمع وتحقيق؛ تتطابق كلّها في وصف لغة «ثابتة « تكاد لا تتغيّر معالمها ولا أبنيتها. فلا غرابة أن صارت لغة القرآن هي الحكم بين اللغات والمقصود بها لهجات العرب.
يقول ابن خالوبه: «قد أجمع النّاس أنّ اللغة إذا وردت في القرآن فهي أفصح ممّا في غيرها، لا خلاف في ذلك». وواضح من كلامه أنّ هناك لغات أو لهجات أخرى، لكنّها لا تجاذب لغة القرآن في فصاحتها. والمسألة عنده وعند غيره تتعلّق بحكم قيمة أي بجودة اللغة وحسن المنطق؛ وليس بالاستعمال.
وما يستوقفنا في القرآن مثلا من آيات «حواريّة» يُسند فيها الكلام إلى قائله على نحو ما نرى في سورة يوسف وفي سورة مريم على لسانها ولسان قومها وابنها المسيح، وغيرهما مثل حوار الله مع إبليس؛ إنّما هي ممّا يسمّيه المفسّرون «الإخبار عن القول» و»حكاية القول» ويسمّيه المعاصرون «الخطاب المنقول»؛ أي أنّها حوارات لا تقع إلاّ في النصّ، ولا يمكن أن تقع خارجه؛ لأنّ الناس لا يتكلّمون في واقعهم ومعيشهم بمثل هذا الكلام المقفّى الموقّع الذي تنتظمه فواصل وأسجاع. وقس على ذلك سائر مصنّفات العرب مثل «الأغاني» وغيرها من روايات وأخبار مكتوبة بفصحى فنّيّة؛ فهي ليست إلاّ صياغة كتّابها أو الذين نقلوها من اللّهجة إلى اللغة. وما إشارات القدماء إلى استعمال عبارات عاميّة ورطانة نبطيّة في الشعر القديم وخاصّة المحدث، سوى دليل من بين أدلّة أخرى على هذه اللغة «الثانية» أو «العاميّة» أو «المولّدة» التي لم يقف التّأثرّ بها أو باللّهجات واللّغات الأخرى عند حدود اللّغة، بل تعدّاها إلى الأوزان الشعريّة الشعّبية، فقد نظمت قصائد على نمط شعراء الأدوار والمزدوج والدوبيت والرّباعي.
وتسترعي انتباهنا من هذه المسألة جملة أمور من أهمّها أنّ تصنيف الظّواهر اللغويّة عند العرب كان أساسه المعياريّة والمحافظة على فصيح الكلام. ولم يكن الهدف منه وصف قدرة المتكلّم أو كفايته اللّغويّة، وإنّما صوغ الأحكام التقييميّة، وتحرّي الصواب من الخطأ. ولم يكن بميسور الدّراسات اللغويّة والنّحويّة أن تتخلّص من حبائل المعياريّة، وهي التي خضعت لمقتضيات استعمال لغويّ مخصوص كانت تحكمه قيود دينيّة وأوضاع اجتماعيّة وثقافيّة شتّى. وكان غرضها أوّل الأمر خدمة التّفسير القرآني، ثم جنحت عن هذا القصد إلى «التّهذيب اللّغويّ « وإهمال ما لا توافق لغة القرآن وعربيّة الشعر، فقد كانت عندهم من العربيّة المولّدة أو العاميّة.
والكتب المؤلّفة في لحن العامّة تؤكد هذا المنحى؛ فقد كان غرضها إثبات الصّواب اللّغويّ وليس وصف كلام الناس. وربمّا زكّى هذا الوصف أنّ كثيرا من المصنّفات في اللّغة والنّحو والبلاغة كان دافعها نزعة تعليميّة واضحة تنشد من جملة ما تنشده، تمهيد طرائق تعليم الكتّاب أساليب الكتابة وتجويدها، أو تمكين الكاتب الناشئ من أسرار اللّغة وتطويعها له، ومن الاقتدار على ضروب الكتابة والتصّرف في فنونها. وكان المتقدّمون يسمّون هذه الكتب أدبا، فقد كان ذلك هو رسم الأدب في عصرهم. فكان من البديهيّ أن «تفرض» هذه المصنّفات الاستعمال الذي تعدّه أنموذجا للغة المثال أي اللغة المكتوبة وليس لغة الاستعمال اليومي. ومن الصّعوبة بمكان الإقرار بأنّ العربيّة كما نعرفها من الشّعر القديم تساوي تماما في كلّ شيء لغة البدو أو عامّة الناس. وهذه العربّية التي تضمّ أشعار أهل الجاهليّة وكلام الفصحاء والحكماء من العرب وكلام الكهّان وأهل الرّجز والسّجع وغير ذلك من بلاغتهم وصنوف فصاحتهم؛ لغة فنيّة خالصة كانت قد ترفعّت عن لهجات الخطاب اليوميّة منذ زمن بعيد أي قبل ظهور الإسلام بكثير. ولكن دون أن يسوق ذلك إلى خلوّها من أيّ أثر لهذه اللّهجات. والأقرب إلى الحقّ أنّ هذه اللّهجات كانت من الفصحى بمنزلة العامّية ولغة الحياة العامّة. وهذا رأي نسوقه بكثير من الاطمئنان ولا يضعّفه ما نعرفه عن أهل اللّغة والنّحو من علماء العربيّة الذين ظلّوا حتّى القرن الرّابع للهجرة يترحّلون إلى البادية ويلتزمون صحبة الأعراب للاستعانة بهم على كشف مكنونات اللّغة والنفاذ إلى أسرارها. فاللّغة التّي كانوا ينشدونها إنّما هي لغة الشّعر القديم، وليست لغة التّخاطب عند هؤلاء البدو. ولا أحد منهم حفل بهذه اللّغة أو جعلها والفصحى نسجا واحدا وكيانا بعضه من بعض.
ولكن أن يستخلص من ذلك أنّه لا وجود للغة بلا إعراب عند البدو على الإطلاق، فأمر غير مقبول وحجّة واهية كما يقول أنطون شبيتالر.
وفي حديث اللّغويين عن «السليقيّة» ما يؤكّد أنّ الاختلاف كان يضيق أو يتّسع بين الفصحى ولغة التّخاطب عند البدو. فإذا كانت الأولى معربة تكتسب بالدّربة والمراس والرويّة؛ فإنّ الثّانية متحرّرة من علامات الإعراب وتصاريف القواعد جريا على السّليقة. وربّما كان هذ ا «التحرّر» القاسم المشترك المميّز بين العربيّة المولّدة أو العاميّة ولغة التّخاطب عند البدو. وفي ما عداه احتفظت كلّ منهما بقواعدها وأعرافها وطرائق أدائها.
من المفيد إذن أن نميّز لغة الشّعر القديم من لغة الخطاب اليوميّة دون أن نفصل بينهما الفصل كلّه، والأقرب إلى الصّواب أن نقول إن ّ كلاّ منهما أثّرت في الأخرى، إذ كانت الفصحى تجري عل ألسنة المتحدّثين بهذه اللّهجات مثلما كانت اللّهجات تجري على ألسنة المتكلّمين بالفصحى. فالجاحظ مثلا يروي نوادر الأعراب معربة إعرابا كاملا، ويتصنّع اللّحن في أخرى بما يناسب الموضوع. ويبدو أنّ استعمال الإعراب خارج المحيط العلمي، كان يعدّ على عهده، تقعّرا وتشدّقا.
وحاصل الرأي أنّ العربيّة الفصحى المعربة لغة كتابيّة لم يتكلّم بها العرب إلاّ في فضاءات مخصوصة. وخير دليل لما نسوقه أنّ الكتابة لا تملك ـ كما يقول علماء اللغة ـ ما يملكه المتكلّمون من تعبيريّة الجسد؛ من حركات ونغمة في الصّوت توضّح الكلام الملفوظ، ومن ثمّة كان لزاما أن تستخدم في دقّة قواعد النّحو ومفردات اللّغة استخداما محكما وإلاّ جاءت غامضة غير مفهومة.
واللغة المكتوبة لغة خاصّة لا علاقة لها باللّغة المنطوقة، كأنْ تكون لغة دينيّة أو لغة شعريّة كما هو الشأن في العربيّة الفصحى حتّى أنّ بريتوريوس يعدّها «لغة فنيّة خالصة» تعلو بما لها من طبيعة مميّزة على كلّ اللّهجات. فإذا كان النبيّ يوسف يتكلّم بـ»التونسي»، فهذا سائغ مقبول؛ ولكن شريطة أن تكون هذه المحكيّة التونسيّة، فنيّة محكمة؛ لأنّ الأمر يتعلّق بعمل فنّي يفترض أن تكون له عاميّته المخصوصة لا المبتذلة. وهذا ما قصّر فيه أهل «الدبلجة»؛ فكان فؤاد يوسف من «الأنبياء» ولكنّ لسانه أو اللون التونسي المحلّي، أزرى به وأنزله سهل الأباطح.

كاتب تونسي
11RAI

هل كان العرب يتكلّمون بالفصحى؟

منصف الوهايبي

قمة سنغافورة: يُسر المصافحة وعُسر السلام

Posted: 16 Jun 2018 02:19 PM PDT

صافح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الزعيم الكوري كيم جونغ أون في قمة سنغافورة، وتبادلا عبارات المحبة بعد أن تراشقا بالشتائم قبل أسابيع قليلة. ورغم الحماس الذي يثيره البيت الأبيض حول الاتفاق الذي تمخض عن القمة، فإن المراقبين داخل أمريكا وخارجها ليسوا على ثقة كافية بأن الاستبشار بالمصافحة يكفي لتخليص شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي وتعبيد دروب السلام، فهذه ما تزال متعرجة وشائكة وحافلة بالمشاق والعوائق. هذا دون احتساب استعداد ترامب للنكث بالعهود والمواثيق، كما فعل في الاتفاق النووي الغربي مع إيران، أو اتفاقية باريس حول المناخ.
(ملف الحدث، ص 6 ـ 13)

قمة سنغافورة: يُسر المصافحة وعُسر السلام

قمة ترامب وكيم: شكوك في الكونغرس في نجاحها على المدى البعيد وتحذير من دور متوقع لبولتون لإلغاء الصفقة

Posted: 16 Jun 2018 02:18 PM PDT

واشنطن ـ «القدس العربي»: يمثل الاجتماع بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بداية عملية دبلوماسية مختلفة قد تشير إلى طريقة مغايرة في التفكير الأمريكي بشأن الأمن في شمال شرق آسيا في الوقت الذي يحاول فيه صناع السياسة في واشنطن استيعاب نتائج قمة سنغافورة.
ولاحظ الكثير من النقاد، ان البيان المشترك للقمة لم يكن مفصلا بطريقة مريحة ولم تبرز أي تفاصيل حول نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، وعلى الرغم من تعليقات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول نزع السلاح النووي بالكامل القابل للتحقق، والذي لا رجعة فيه، إلا انه لا يوجد ذكر لمــثــل هذه العملية في البيان المشـتـرك، وهذا الإغــفــال يفــسر الانتــقــادات الســاخطة المتزايدة من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس.

مفاتيح النجاح أو الفشل

وقد يحمل هذا الغموض المفتاح لنجاح الصفقة في نهاية الأمر، فالقمة التي تمت في سنغافورة تفتح الباب أمام عملية نزع السلاح النووي، ووفقا لأقوال العديد من المحللين الأمريكيين، فإن البيت الأبيض يميل بشكل متزايد نحو عملية موسعة منذ ان ردد مستشار الأمن القومي جون بولتون فكرته عن إعادة النموذج الليبي في الشهر الماضي، الأمر الذي أدى إلى توبيخات متتالية من كوريا الشمالية وبالتالي التوصل لقناعة في واشنطن بان بيونغ يانغ لن تنظم إلى نزع السلاح النووي دون الحصول على ضمانات أمنية في المقابل.
وأوضح خبراء أمريكيون في الشأن الكوري ان غموض البيان المشترك يسمح بتفسير، وإعادة تفسير، لكيفية نزع السلاح النووي في المستقبل في سياق علاقة متطورة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وحسب ما قاله الخبير كريستوفر ستيتز من مركز التحليل التابع للبحرية الأمريكية، فإن هذه المرونة قد تعمل لصالح الطرفين إذا أرادا تفادي العثرات التي أحاطت بالمحاولات الدبلوماسية السابقة للتعامل مع البرنامج النووي لكوريا الشمالية، وفي الواقع، فإن عدم وجود خطة مفصلة قد يكون علامة على ان توقعات الولايات المتحدة أصبحت خفيفة.

استحالة نزع السلاح النووي

ومن غير المرجح ان يعترف البيت الأبيض بحقيقة قاسية هي استحالة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة حيث كانت كوريا الشمالية تبني منشآت تحت الأرض منذ الخمسينيات من القرن الماضي بغرض صريح هو إخفاء أصولها الاستراتيجية والعسكرية، وكان لكوريا الشمالية الوقت الكافي لتصنيع أو تغيير المواد المتعلقة ببرنامجها النووي، ولا يعتقد عدد كبير من المراقبين، ان كوريا الشمالية ستتخلى في النهاية عن كامل برنامجها النووي، ومع ذلك، حتى لو فعلت ذلك، فان البعض في واشنطن يحمل شكوكا في جو من عدم الثقة، بما في ذلك تلك الشكوك الصغيرة القادرة على إغراق وإفشال العملية برمتها.
وقال محللون أمريكيون ان الأهم من نظام نزع السلاح النووي هو خفض التوترات في شبه الجزيرة الكورية وبناء الثقة التي تضمن ان كوريا الشمالية لن تختار أبدا السلاح النووي أو وضعها في حال يشعرها انها يجب ان تستخدم هذا السلاح، وأوضح الخبراء ان لكوريا الشمالية كل الأسباب للتعاطي مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وفي الواقع فإن سياسة كيم منذ قدومه إلى السلطة كانت تسير في اتجاه هذه النقطة وهذا يعني ان الاستقرار المستقبلي للمنطقة يتطلب استمرارا لزخم العملية السياسية.
وبدلا من تفويض طريق محدد إلى نزع السلاح النووي فان بيان سنغافورة يؤكد على إعادة العلاقات بين الكوريتين من خلال عملية بناء الثقة بالتزامن مع تصريحات ترامب، ووفقا لاستنتاجات مراكز البحوث ومستودعات التفكير الأمريكية من الاتجاهات المحافظة والليبرالية، فإن واشنطن وبيونغيانغ قد تتمكنان من تجنب العقوبات التي لا يمكن التغلب عليها في عملية نزع السلاح النووي من خلال عدم ارتكاب أي من الطرفين التزامات صعبة، والمرونة قد تساعد على العثور على فرص إبداعية إذا ظهر خلاف.

رموز خالية من الجوهر

استخدم ترامب مصطلح نهاية ألعاب الحرب في محاولة للتوصل إلى اتفاق سريع مع الكوريين ولكن تعليقاته كانت تدل على نظرة غير ثاقبة للمستقبل. وقال محللون ان المصطلح غير دقيق للغاية كما ان التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وفقا لآراء العديد من المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية، ضرورية ولا يمكن إلغاء هذا الارتباط، وهذا الغموض سيؤدي إلى مشاكل في المستقبل أثناء المحادثات لإن لا أحد يعرف ما الذي يعنيه ترامب.
وقال جون ف . تييرني، وهو سيناتور سابق في الكونغرس الأمريكي ان قمة سنغافورة استحضرت الكثير من المعاني الرمزية ولكنها كانت خالية من الجوهر، بما في ذلك إجراءات يمكن ان تؤدي إلى اتفاق لنزع السلاح النووي يمكن التحقق منه في شبه الجزيرة الكورية.
وأكد انه لا ينبغي التقليل من أهمية الرمزية للمصافحة التاريخية بين ترامب وكيم أو الاستخفاف بقرار ترامب في اختيار الدبلوماسية بدلا من العمل العسكري، إلا انه يجب تبديد أي فكرة مفادها ان هذه القمة قد حققت تقدما ملموسا تجاه نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية مع الإشارة هنا إلى ان البيان المشترك لا يلتزم إلا في أربعة إجراءات عامة تم التعبير عنها إلى حد كبير في التصريحات السابقة لكوريا الشمالية، وهي
إعادة العلاقات بين البلدين وزيادة التركيز على نظام سلام مستقر والعمل على نزع السلاح النووي واستعادة رفات الجنود.
هذه الإجراءات، وفقا لتقدير غالبية المحللين، جديرة بالاهتمام ولكنها لا تصل إلى مرحلة القيام بإجراءات محددة من شأنها ان تتحرك في اتجاه تحسين الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية، ولا يملك الفريق المفاوض الكثير للبناء فيما وراء التصريحات الرمزية والإيماءات فالرمزية بدون مضمون لا يمكن تحملها على المدى الطويل.
وخلص محللون أمريكيون إلى ان خطر نشوب حرب كارثية في شبه الجزيرة الكورية قد تقلص في الوقت الراهن ولكنهم قالوا انه لا يمكن التفاؤل بإزالة السلاح النووي.
ولعب جون بولتون، مستشار الأمن القومي لترامب، دورا أساسيا في إخراج اتفاق دبلوماسي سابق مع كوريا الشمالية كان قد نجح في تقييد قدرة بيونغ يانغ على إنتاج البلوتونيوم ولكن هناك قلق من أن بولتون الذي جلس حول طاولة المفاوضات مع كيم في القمة لا تعجبه المسارات الحالية وانه سيعمل من وراء الكواليس لتقويض التقدم الدبلوماسي.
وقد تكون الأسباب متعمدة لان أي فرصة دبلوماسية ضائعة ستسمح للصقور داخل الإدارة بالقول ان الكوريين الشماليين لا يمكن الوثوق بهم وان الحرب هي الخيار الوحيد المتبقي على الرغم من ان العدد المحتمل للقتلى سيصل إلى الآلاف إذا استبعدنا ان الحرب ستكون نووية.
ومن جهة أخرى، رفض خبراء استخبارات ادعاءات ترامب بأن كوريا الشمالية لم تعد تهديدا نوويا بعد (موعد عاجل) مع كيم جونغ أون، إذ قال ماكوم نانس، وهو محلل استخبارات سابق في البحرية الأمريكية، ان ترامب واهم في اعتقاده بإن قدرات كوريات الشمالية البالستية لم تعد موجودة مشيرا إلى أن تاريخ كيم والسرعة في الموعد هي إشارات إلى ان التهديد النووي لا يزال موجودا.
وأوضح ان هناك 20 إلى 60 سلاحا نوويا في كوريا الشمالية كما ان الصواريخ والأسلحة الكيميائية والبيولوجية والمدفعية ما تزال موجهة نحو كوريا الجنوبية، وقال «الانضمام إلى نادي الأولاد الديكتاتوريين لا يجعل أمريكا أكثر أمنا».

نجاح كيم

واستنتج العديد من المحللين الأمريكيين ان زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون المتهم باغتيال أقاربه واعدام العشرات من مواطنيه قد حصل على أفضل نتيجة من الاجتماع، الشرعية على المسرح الدولي. وقالت سومي تيري من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية ان اجتماع سنغافورة كان بالفعل حفلة كبيرة بالنسبة إلى كوريا الشمالية.
وقد عومل كيم وكأنه نجم موسيقى روك أكثر من كونه ديكتاتورا في أنحاء سنغافورة وحاز على تعليقات اعجاب من رئيس الولايات المتحدة المعروف بالتعليقات البذيئة، إذ وصفه ترامب برجل موهوب جدا ومفاوض جدير، وفي الواقع لم يفعل كيم شيئا مقابل ذلك، إذ لم يحدد الاعلان المشترك أي إطار زمني لنزع السلاح ولا توجد لديه خطوات للتحقق من نزع السلاح على الرغم من سلسلة طويلة من التصريحات المتناقضة خلال الأشهر الماضية.
ألعاب الحرب

ولم يكن ترامب خجولا إزاء الدخول في محرمات السياسة الخارجية الأمريكية، إذ سار في نهج غير تقليدي تجاه الدبلوماسية النووية، وقد أزعج مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية من خلال التراجع عن توقيع بيان مشترك مع مجموعة السبع ووصف رئيس وزراء كندا بإنه غير صادق وضعيف.
وسئل ترامب في ختام قمته مع كيم عن مديح خصمه بعد إهانة حليف، فكانت اجابته بانه يتم استغلال الولايات المتحدة من قبل كل الدول الأخرى. وأعلن بشكل مفاجئ أنه سيتم إيقاف المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية بينما تستمر المفاوضات مع الشمالية كتدبير لتوفير التكاليف، وقد بدا التنازل مهما ولكن هناك الكثير من الالتباس حول معنى ذلك، وجادل العديد من مسؤولي الإدارة بشأن ما إذا كانت هناك فروقات بين الألعاب الحربية واسعة النطاق والتدريبات العسكرية اليومية.
وبغض النظر عن كيفية تنفيذ الإعلان، فإنه لم يتم التشاور مع كوريا الجنوبية أو اليابان بهذا الشأن من قبل، وقال فيكتور تشا، وهو مساعد للسفير الأمريكي السابق لدى كوريا الجنوبية، ان الكوريين لديهم تحفظات سابقة وتحذيرات من ذلك، وبطبيعة الحال ستخلق الظروف الجديدة مخاوف من جانب الحلفاء.

11HAD

قمة ترامب وكيم: شكوك في الكونغرس في نجاحها على المدى البعيد وتحذير من دور متوقع لبولتون لإلغاء الصفقة

رائد صالحة

ترامب ـ كيم مفارقات القمة التاريخية

Posted: 16 Jun 2018 02:18 PM PDT

منذ الحرب الكورية مطلع خمسينيات القرن العشرين حتى الآن وشبه الجزيرة الكورية منطقة توتر وصراع وساحة من أهم ساحات الحرب الباردة طوال تاريخها، وعلى جانبي خط الحدود الذي قسم شبه الجزيرة إلى نصف شمالي بحكومة شيوعية لم يبق اليوم من حلفائها القدامى سوى بكين، ونصف جنوبي بحكومة رأسمالية أوجدها الدعم الأمريكي لتمثل نموذجا اقتصاده رأسمالي ونظام ليبرالي يحتذى في جنوب شرق آسيا.
حكمت بيونغيانغ منذ انفصالها عن الجنوب عائلة واحدة مكونة من الجد المؤسس والأب المرسخ والحفيد الذي ربما ستزول دولة الشمال في عهد انفتاحه على الجنوب، كيم جونغ أون، ابن الرئيس السابق كيم جونغ إيل وحفيد الرئيس الأسبق كيم إيل سونغ، عائلة واحدة تحكم منذ 70 عاما بأيديولوجيا ماركسية وتسدل ستارا حديديا على النصف الشمالي من شبه الجزيرة. كثيرا ما وصلت الأزمات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وحلفائها إلى حافة الحرب، فبعد ان دخلت كوريا الشمالية النادي النووي وسعت إلى تطوير ترسانتها الصاروخية البالستية والعالم قلق من ان يقدم الرئيس الشاب في إحدى شطحاته على الضغط على زر إشعال الحرب التي هدد بها الولايات المتحدة قبل عام، فرد عليه الرئيس الأغرب في تاريخ الولايات المتحدة، دونالد ترامب، في أغرب تصريح؛ «انا أمتلك زرا نوويا أكبر من الموجود على مكتبك»!.

أهداف الطرفين

أهداف استراتيجية واضحة لدى كل طرف من طرفي قمة سنغافورة التاريخية، يقول البروفيسور لي يونغ سون من كلية الحقوق والدبلوماسية في جامعة تافتس: «إن كيم يسعى لتخفيف العقوبات، وإجهاض الجهود العسكرية الأمريكية، وخلق حالة يعترف فيها العالم بشرعية كوريا الشمالية كدولة نووية». بينما كان الهدف الأمريكي واضحا وهو أن تسفر هذه القمة عن بدء عملية نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وتفكيك برنامج الصواريخ البالستية وفرض نمط من الانفتاح على الدولة المغلقة وبداية التعاون مع الجارة الجنوبية، مما يعني إدخال تغييرات جوهرية على النظام السياسي والاقتصادي في البلد والسماح بانعكاس هذه التغييرات على الحياة الاجتماعية في كوريا الشمالية.
تركزت أعمال القمة التاريخية على قضايا نزع الأسلحة النووية وتخفيف التوترات. لكن يمكن اعتبار لقاء سنغافورة بين الرئيسين لقاء تمهيديا شهد توقيع اتفاقية بين البلدين تضمنت الإشارة إلى انهما سيتعاونان في بناء «علاقات جديدة» وستقدم الولايات المتحدة لكوريا الشمالية «ضمانات أمنية» وبشأن الأسلحة النووية، أعاد كيم «تأكيد التزامه الثابت بإكمال إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية». وقال مراقبون إن الوثيقة الموقعة تفتقر إلى التفاصيل بشأن كيفية إنجاز عملية نزع الأسلحة النووية على وجه الخصوص. بيد أن ترامب قال للصحافيين لاحقا؛ «إن الولايات المتحدة علقت ألعاب الحرب الاستفزازية التي تقوم بها إلى جانب كوريا الجنوبية» وأضاف «أريد رؤية انسحاب القوات الأمريكية من الجنوب». ووصف محللون ذلك بأنه تنازل رئيسي من جانب ترامب.

لحظة المصافحة ترقب
وبرتوكول قد يكسر

ذكر المراقبون والمحللون مجموعة من النقاط التي مثلت أهم المفارقات في القمة التاريخية التي انصبت على كل تفصيل مهما كان صغيرا، بدءا من ان الرئيسين بتسريحتي شعرهما الغريبة هما أول رئيسين أمريكي وكوري شمالي يلتقيان، ترامب السبعيني وكيم الثلاثيني. الرئيسان غريبا الأطوار بمزاجهما الذي كاد يلغي القمة على إثر تصريح ترامب ثم تراجعه وقبوله الحضور بعد ذلك.
الدخول إلى القاعة كان مرتقبا، لان البرتوكول الدبلوماسي يرسم صورة محددة لذلك، وهي ان الرئيس الأهم سيدخل اولا ليدخل بعده الرئيس الأقل أهمية، لكن من رتب اللقاء حل هذه النقطة بدخول القاعة من مدخلين ليلتقي الرئيسان في الوسط ويتبادلا المصافحة التاريخية. وقال الرئيس ترامب خلال تعليقاته الأولية أمام الصحافيين «أتوقع علاقة رائعة مع كيم». وأضاف «لدي شعور رائع وسنجري محادثات رائعة وستكون ناجحة بشكل لا مثيل له». وبدت علامات الارتياح على الرئيسين ترامب وكيم خلال اللقاء الذي جمعهما. وشدد كيم على أن «الطريق إلى هنا لم يكن سهلا» مشيرا إلى أن الممارسات السابقة مثلت عائقا أمام التحرك قدما.

الاستعراض الإعلامي

فى تحليل للكاتب الألماني ستيفان كوزمانى، في مجلة «شبيغل» الألمانية نقرأ؛ «قمة ممتازة! يوم تاريخي! تقارب العلاقات بين ترامب وكيم! لا مزيد من الأسلحة النووية في كوريا الشمالية! هل يمكن أن يكون هذا الأمر حقيقيا؟». ويكمل كوزماني قراءته مشيرا إلى أن قمة ترامب وكيم، ما هي إلا استعراض إعلامي، ولن تكون هناك نتائج ملموسة على الأرض، فالرئيس الأمريكي معروف بعدم التزامه بالمعاهدات الدولية، وديكتاتور كوريا الشمالية لا يهمه سوى اعتراف العالم به رسميا. ويختم تحليله بالقول؛ «مع لاعبين أبديا اهتماما لجذب الانتباه، وهما كيم، الذي يريد امتداد سلطته الديكتاتورية، وترامب، الذي يريد تزيين نفسه بنجاح كبير في السياسة الخارجية، نتوقع كل شيء، فقد حصل كلاهما على أكثر ما يريدانه في الدقائق الأولى من اجتماع القمة، فكانت الصور جميلة ومدهشة للعالم».
من شروط الاستعراض الإعلامي التأكيد على كل تفصيل حتى التفاصيل الصغيرة مثل قائمة الطعام وأجنحة الفندق في منتجع وجزيرة سينتوسا الساحرة في سنغافورة التي سيختارها الرئيسان. والبداية كانت مع خبراء لغة الجسد، وحسب المسؤول في مؤسسة «إنفلونس سولوشن» وهي شركة لتقديم الاستشارات والتدريب في سنغافورة، فإن مصافحة الزعيمين كانت ذات طابع «ندي» فعادة ما يطيل ترامب مصافحة الزعماء الأجانب كما يجذب أيديهم صوبه في بعض الأحيان للدلالة على إبداء السيطرة، لكنه لم يفعل ذلك أثناء لقائه كيم، إذ تصرف الزعيمان على نحو متحفظ.
وحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، لفت خبراء لغة الجسد إلى أن ترامب لمس كيم في ذراعه وظهره، عندما التقى به للمرة الأولى، أمام عدسات الصحافيين، بينما كان كيم أكثر تحفظا منه. وأكدت خبيرة لغة الجسد باتي وود، أن هذه اللمسات الصغيرة وغير المتوقعة من ترامب أظهرت قوته، فيما أشارت إلى أن اللمس يرمز إلى الدفء، وتذويب المسافات، فذكرت أن «اللمسات الإضافية من ترامب لكيم جونغ أون تشير إلى رغبته في السيطرة على الاجتماع والهيمنة عليه منذ البداية».
لكن في المقابل، برر كيم هيونغ-هي، مدير مختبر كوريا للغة الجسد، أن تحفظ كيم جونغ أون تجاه ترامب، جاء اتباعا للثقافة الكورية، وهي «عدم لمس شاب لشخص أكبر منه سنا» مرجحا أنه لم يلمس ترامب كعلامة على احترام شخص مسن «عجوز» إذ ان احترام كبار السن يعد أحد القيم الكونفوشيوسية القديمة المتوارثة في ثقافة شبه الجزيرة الكورية.

كيم يصطحب مرحاضه الخاص إلى سنغافورة

ذكرت دوائر سنغافورية مقربة من المسؤولين عن الإعداد للقمة التاريخية حرص الرئيس كيم جونغ أون، على اصطحاب المرحاض الخاص به إلى سنغافورة، استعدادا لملاقاة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووفقا لما نشرته صحيفة «دايلي ميل» البريطانية، اصطحب الوفد الكوري سيارة ليموزين مضادة للرصاص وطائرتين مطابقتين لطائرة الرئيس تستخدمان للتمويه، بجانب مرحاضه الفرنسي الرخامي الفاخر رغبة منه في حماية فضلاته التي يسعى لإعادتها معه إلى بلاده. ووفقاً لصحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية، أن كيم يرفض دائما استخدام أي مرحاض آخر غير مرحاضه الخاص في تناقلاته حتى داخل بلده.
ومن المعروف ان الفضلات يمكن أن تظهر معلومات مهمة عن صحة صاحبها، وتحدد الحالة الصحية للقولون والجهاز الهضمي واختبار بعض الأمراض، ومعرفة الأدوية التي يتناولها، لذلك لا يستغرب القائمون على مؤتمرات بهذه الأهمية مثل هذا الإجراء الذي اتبع سابقا في عدد من رحلات الرؤساء، وعلى سبيل المثال يذكر المختصون قيام جهاز الخدمة السرية الأمريكي بإحضار مرحاض محمولا لاستخدام الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش، خلال زيارته للنمسا عام 2006.

ختامها دعوات

كشفت تقارير إخبارية عالمية أن الرئيس الكوري كيم جونغ أون، فاجئ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بقرار وصف بالمثير، قبل قمة سنغافورة المرتقبة. فقد ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأمريكية إن كيم جونغ أون، جعل يوم الثلاثاء، 12 حزيران/يونيو، موعدا لنهاية قمة سنغافورة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. ودفع قرار الرئيس الكوري الشمالي، ترامب إلى اتخاذ قرار بتقديم موعد مغادرته إلى الثلاثاء بدلا من الأربعاء.
وحسب صحيفة «تشونان ايلبو» الكورية الجنوبية نقلا عن مصادر مطلعة قد تم توجيه الدعوة الرسمية من الجانب الكوري إلى الرئيس ترامب لزيارة بيونغيانغ في تموز/يوليو المقبل لإجراء جولة مفاوضات جديدة، في المقابل وجه دونالد ترامب الدعوة للرئيس كيم جونغ أون لزيارة واشنطن، حسب ما أفادت «وكالة الأنباء الكورية الشمالية» الرسمية الأربعاء إن الزعيم الكوري الشمالي دعا ترامب لزيارة بيونغيانغ في وقت مناسب، كما دعا الرئيس الأمريكي، كيم جونغ أون لزيارة الولايات المتحدة. ولفتت الوكالة إلى أن الزعيمين «قبلا» بكل سرور دعوة بعضهما البعض.

11HAD

ترامب ـ كيم مفارقات القمة التاريخية

صادق الطائي

موسكو: ترحيب بالنتائج وشكوك في التنفيذ

Posted: 16 Jun 2018 02:18 PM PDT

رحبت روسيا على المستوى الرسمي بنتائج مباحثات زعيمي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في سنغافورة، ولكنها دعت إلى تطويرها أكثر لكي تكتسب عملية تسوية الوضع في شبه الجزيرة الكورية طابعا دوليا أوسع وعدم حصر نطاقها بين واشنطن وبيونغ يانغ، وضمان خروج نتائجها إلى حيز التنفيذ. من ناحيتها رأت دوائر المراقبين المحليين، إن نتائج مباحثات دونالد ترامب وكيم جونغ أون، غير ذات قيمة ولا تشكل ضمانة لحل النزاع في شبه الجزيرة الكورية. وهناك إجماع في موسكو على إن لقاء ترامب ـ كيم حدث تاريخي نظرا لكونه لقاء شخصي زعيمين من نظامين متنافرين، وهذا تطور هام بقدر ما أن النظام الأمريكي مؤسساتي ويعمل وفق آلية أن صناعة القرار ليس بيد شخص بمفرده مهما حاول ترامب تغيير ذلك، أما الوضع في كوريا الشمالية فعلى العكس من ذلك، فصناعة القرار بيد بشخص بمفردة، والآن تم اللقاء بينهما.
الموقف الرسمي الروسي ينطوي على منطلقين، الأول الترحيب باللقاء والثاني المتحفظ على طبيعة اللقاء ويدعو لتطويره. واعتبر تعليق لدائرة الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية: «إن تطبيع العلاقات الأمريكية / الكورية الشمالية، التي عكسها البيان الختامي المشترك، يعتبر جزءا من مجموع مشكلة التسوية في شبه الجزيرة الكورية التي من بينها مشكلة السلاح النووي». كما قيمت الخارجية الروسية إيجابا إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن أن من غير المناسب إجراء مناورات عسكرية خلال عملية المباحثات. وأعربت المؤسسة الدبلوماسية الروسية عن القناعة أن: «وقف الأعمال الاستفزازية خطوة ضرورية باتجاه خلق مناخ الثقة». وحث التعليق على المباشرة في «وضع صيغة لمشاورات متعددة الأطراف يكون هدفها النهائي إنشاء آلية ثابتة للسلام والأمن على أساس احتساب المصالح المشروعة لجميع دول شمال ـ شرق».
وتجسد الموقف الرسمي أيضا في تصريح نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف لوكالة أنباء «تاس» الرسمية حيث قال: «إن موسكو تنظر بإيجابية للقمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، لكن «الشيطان يكمن في التفاصيل». وأضاف، إن روسيا مستعدة للمساعدة في تنفيذ ما اتفق عليه الجانبان من العمل على نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية وتأمل أن تفتح تسوية الأزمة النووية الباب أمام التعاون الاقتصادي الطبيعي.
ويستنتج من كلام ريابكوف ان روسيا تريد أن تكون إلى جانب الصين والقوى الدولية الفاعلة الأخرى طرفا مشاركا في عملية تطبيع الوضع في شبه الجزيرة الكورية ككل، وعدم حصرها بيد اللاعب الأمريكي، واقتصار جدول عملها على العوامل التي تؤجج العلاقات الكورية الشمالية/ الأمريكية. لذلك فان موسكو تدعو إلى إحياء «المباحثات السداسية» السابقة، بكونها قريبة من شبه الجزيرة الكورية، وان التطورات هناك تمسها بهذا الشكل أو ذاك.
وضمن هذا السياق أيضا شكك مسؤول روسي آخر في عدم تراجع الولايات المتحدة وكوريا عن ما تم التوصل إليه من اتفاقات في سنغافورة. وفي الوقت نفسه يحث هذا المسؤول وهو رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفدرالية (المجلس الأعلى للبرلمان الروسي) والمقرب من الكرملين قسطنطين كوساتشوف، على عدم المبالغة بالشكوك بالنجاح الذي تحقق خلال القمة في سنغافورة. وقال في صفحته على الانترنت: «ليست هناك ثقة في أن الولايات وكوريا الشمالية ستباشران فورا في تطوير نجاح قرارات سنغافورة» منوها إلى ان كلمات ترامب بشأن عملية نزع السلاح في شبه الجزيرة الكورية ستبدأ «قريبا، قريبا جدا» لا تعدو غير تمنيات كبير، وليس الواقع». ولفت كوساتشوف إلى أهمية دور المجتمع الدولي في عملية التسوية السلمية في شبه الجزيرة الكورية.
ونرصد في ردود مراكز التحليل السياسي تركيزا على إن اللقاء انطوى على بعد «مسرحي» أكد خلاله كلا الزعيمين شخصيته، وفق ما تمثلت في تصافح الأيادي وتوزيع الابتسامات والتصريحات الصاخبة. في الوقت ذاته يجمع غالبية المراقبين الروس على أن الإيجابيات في لقاء زعيمي الولايات المتحدة وكوريا تنحصر في انطلاقة عملية المباحثات التي أبعدت شبح سيناريو الحرب إلى المرتبة الثانية. وان هذا التطور يصب في صالح الأمن الروسي. ولكن من الناحية السياسية تبقى موسكو كما ينم من التعليقات، تتطلع إلى مشاركتها في العملية، في مراحلها المقبلة. وربما ستكون المسألة في جدول أعمال لقاء الرئيس فلاديمير بوتين الذي يدور الكلام عنه بكثافة هذه الأيام، بنظيره الأمريكي رونالد ترامب.
ويقول مدير اللجنة الوطنية لبحوث مجموعة بريكس بروفيسور معهد العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية جيورجي ترولويا: «إن في قمة الزعيمين الأمريكي جانبان الأول استعراضي وقد أداه المشاركون على وجه حسن، حيث شاهد العالم تصالح خصمين وتصافح زعيمين حازمين وناضجين ربتَ أحدهما على ظهر الآخر وتعهدا بعدم التورط في حرب وسيقيمان العلاقات وينفذان التزاماتهما. من هذه الناحية تحقق إنجاز كبير للطرفين. واستدرك بالقول: ولكن في الواقع لم يجرِ شيء ذو قيمة. وحسب تقديره إن الوثائق التي جرى التوقيع عليها تنطوي على طابع عمومي إلى أقصى حد.
وعلى حد قراءة ترولويا فقد تيسر لكيم كسب بعض النقاط لصالحه، أولا: نصت الوثيقة على صيغة «التقدم نحو جعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية». ولم تتضمن الصيغة الأمريكية «بلا عودة» و«التحقق». وثانيا، جرت الإشارة فيها عن» ضمان أمن» كوريا الشمالية، وهذه الصيغة لم تكن موجودة سابقا، فقد دار الكلام عن «الوعود» ولكن «الضمان» فكرة كوريا الشمالية أيضا. ولعب ترامب ورقته أيضا حيث أعاد الأذهان إلى حقوق الإنسان في كوريا الشمالية خلال الحوار مع كيم، وعن المواطنين اليابانيين المختطفين، واكد أن الجانبين يسعيان لإنشاء نظام سلام بمشاركة كوريا الجنوبية والصين، وعلى هذه الشاكلة ستشعر الأطراف الأخرى بالرضا ولن تنسف نتائج القمة.
وترجح القراءات الروسية أن كوريا الشمالية ستتوقف عن توسيع احتياطياتها النووية والصاروخية ولن تستفز الولايات المتحدة، وربما ستقوم بتقليص احتياطيات المواد الانشطارية وتوقف إنتاج أنواع جديدة من المواد المتفجرة وبعض أنواع الصواريخ العابرة للقارات. إلى جانب ذلك فإن كوريا الشمالية نالت الاعتراف بكونها دولة نووية ما دامت المباحثات جارية، وان الولايات المتحدة استسلمت لواقع عجزها عن سحقها ويتعين التعايش معها.
في الوقت نفسه يجمع المراقبون على أن روسيا تتطلع إلى أن لقاء زعيمي الولايات المتحدة وكوريا الشمالية سوف يساعد على تخفيض التوتر وانطلاق المباحثات، وتراجع سيناريو الحرب وهو جانب إيجابي من دون شك وخاصة للبلدان المجاورة لكوريا الشمالية التي من بينها روسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية. وفي الوقت ذاته يشيرون إلى أن رفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية ستكون عاملا هاما لتكثيف روسيا علاقاتها الاقتصادية مع الكوريتين.
ويقول اندريه كازانتسوف خبير مركز التحليل السياسي في معهد الدراسات الدولية في موسكو: «إن خسائر فادحة ستلحق بروسيا في حال نشوب نزاع مسلح بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة» مشيرا إلى أن موسكو تراهن في الفترة الأخيرة على الشراكة الآسيوية. موضحا «في حال تخفيف التصعيد سيتسارع الإنماء الاقتصادي في شرق آسيا، مما سيمنح روسيا الفرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية أكثر في المنطقة».

11HAD

موسكو: ترحيب بالنتائج وشكوك في التنفيذ

فالح الحمراني

إيران وقمة سنغافورة: الصدمة !

Posted: 16 Jun 2018 02:17 PM PDT

كالعادة وفي كل موضوع كبير على شاكلة «قمة سنغافورة» بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والكوري الشمالي كيم جونغ أون، ينقسم الإيرانيون في نظام الجمهورية الإسلامية إلى فريقين وربما أكثر، لكن الرسميين في الحكومة أظهروا وكأنهم غير مكترثين لنتائج هذه القمة على السجال الجاري حول الاتفاق النّووي، بقدر ما يمكنهم من إرسال تحذيرات إلى كيم جونغ أون من الثقة في الرئيس الأمريكي الذي قالت طهران إنه يمكن أن يلغي اتفاقهما على نزع السلاح النووي خلال ساعات.
وتساءل المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت الثلاثاء بعد ساعات من تحذير مماثل أطلقه المتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي في مؤتمره الصحافي الاسبوعي الاثنين، «لا نعلم مع من يتفاوض زعيم كوريا الشمالية؟». مضيفاً «من الواضح أنه يمكن أن يلغي الاتفاق قبل أن يعود لبلاده» مشيراً بذلك إلى قرار ترامب الشهر الماضي، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم دولياً مع إيران في تموز/يوليو عام 2015 ووصفه بأنه «معيب» للغاية، وقرر أيضاً إعادة فرض العقوبات على إيران.
إذن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تخف تذمرها من «قمة سنغافورة» وكانت تتمنى لو لم يجلس الزعيم الكوري الشمالي مع ترامب على طاولة واحدة وأنها تراقب عن كثب ما يحصل بينهما، لأنها تخشى أيضاً أن يتم في مرحلة لاحقة إذا تقدمت المفاوضات، تزويد بيونغ يانغ واشنطن بمعلومات حساسة عن الجزء الحساس لبرنامجها الصاروخي، كجزء من اتفاقية شاملة بينهما، خصوصاً وأن التعاون العسكري بين إيران وكوريا الشمالية قديم، يعود إلى فترة الحرب العراقية الإيرانية، وتوج بعدها بزيارة الرئيس الإيراني (آنذاك) علي خامنئي بيونغ يانغ التي أسفرت عن تعاون أكبر تضمن تزويد طهران بتقنية الصواريخ البالستية، واستمر هذ التعاون حتى الآن.
وعموماً، تظهر التصريحات الإيرانية الرسمية خصوصاً بهرام قاسمي المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الذي أرسل إشارات «مرنة» غير مسبوقة بقوله :»ما لم تتحدث أمريكا بلغة الاحترام أمام المنطق الإيراني القوي وليس بلغة التهديد والعقوبات، فليس هناك أي آفاق لأي حوار معها، وكأنه كان يعرض إمكانية الجلوس أيضاً على طاولة المفاوضات المباشرة مع واشنطن ليس حول جميع الملفات، إذا مضى الاتفاق النووي الإيراني دون تعثر، وحصلت طهران على مكاسبها الاقتصادية منه بما يؤهلها خوض نقاش في الداخل، يعبئ الشارع لصالح «الحوار المباشر» مع واشنطن دون شروط مسبقة.
أما إيران الأخرى التي يهيمن عليها المتشددون من التيار المحافظ ويُسمون في طهران (دلواپسان) أي «المتخوفون» القلقون على النّظام مما يعتبرونه فشل الرئيس حسن روحاني في تحقيق شيء لصالح إيران من المفاوضات مع الغرب، وهؤلاء، وإن كانوا شعروا بـ«الصدمة» فإنهم حاولوا استغلال تداعيات «قمة سنغافورة» على إيران، ليشنوا حرباً بلا هوادة، على روحاني والتيارين الإصلاحي والاصولي «المعتدل» اللذين تحالفا معه ودعماه خلال المفاوضات النوويّة، ورفع بعضهم مرة أخرى شعار «النموذج الكوري الشمالي» بحذافيره رغم أنهم شددوا في وسائل إعلامهم لخطب ود الشارع الغاضب من «فشل» الرئيس، على الحديث عن «فوارق» جوهرية بين إيران وكوريا الشمالية، في محاولة لتبريز صدمتهم من مجرد قبول كيم جـونغ أون لــقـاء ترامب، وقـــالـــوا «إن كليهما لا يمكن التكهن بتصرفاتها».
«المتخوفون» على النظام، أخذ صوتهم يرتفع مجدداً بعد أن همشهم الاتفاق النووي، وكانوا في جبهة واحدة مع الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد الذي أدت طريقة مفاوضاته النووية في الفترة ما بين 2005 وحتّى 2013 إلى تكبيل إيران بسبعة قرارات عقوبات دولية من مجلس الأمن، وعدد آخر من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا وعموم دول الاتحاد الأوروبي. وكرر هؤلاء الدعوة مجدداً إلى الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية مثلما فعلت بيونغ يانغ عام 2003 وإغلاق كافة الأبواب أمام المفتشين الدوليين، وهذا يعني أيضاً الانسحاب من البروتوكول الإضافي الذي يسمح بتفتيش مباغت لمنشآت إيران النووية، وهم بذلك يلمحون إلى أن تتحول إيران دولة «نووية» بكل معنى الكلمَة، بالضبط كما فعلت كوريا الشمالية التي تفاوض الْيوم من موقع قوي، ‏وكتبوا أن «قمة سنغافورة» أكدت أن أمريكا ليست إلا نمرا من ورق تتنمر فقط على النعاج الذين ارتضوا لأنفسهم أن يحلبهم ترامب باستمرار كالشاة ما أن يجف ضرعها حتى يسلخها كما قال هو عن السعودية…كن قوياً ولن يكتفي ترامب أن يكون السباق إلى مصافحتك بل وسيربت على كتفك».
ويتفق الرئيس روحاني مع الرأي القائل إن المفاوضات مع الولايات المتحدة كان يمكن أن تقطع أشواطاً كبيرة لكن بعيداً عن الأنظار، إذا تم بالفعل بناء جدار الثقة الذي أقامه إلى حد ما، الاتفاق النووي، بما سمح للسفير الأمريكي السابق في مسقط الطلب من سلطنة عمان القيام بوساطة مع إيران لحل الأزمة اليمنية خصوصاً وأنه كان شاهداً على مفاوضات «سرية» جرت هناك في عهد أحمدي نجاد، مهدت لإبرام الاتفاق النووي، في عهد خلفه حسن روحاني.
وفي هذا الواقع، وجه روحاني أيضاً نصائح للزعيم الكوري الشمالي قبل «قمة سنغافورة» دون أن يذكره بالاسم، بأن يضع نصب عينه، الاتفاق النووي الإيراني، وتنصل ترامب عنه، وهو ما تكرره طهران باستمرار هذه الأيام لتقول إنه كان بالإمكان تحقيق الكثير في الملفات كلها ومنها بالطبع ما يقال عن الدور الإيراني في المنطقة «المقلق» للغرب، لو نجح الاتفاق النووي.
ومن هنا فإن معظم الإيرانيين كانوا يستبعدون حصول هذه القمّة، ويرى «المتخوفون» منهم بشكل خاص، أن على إيران مقاومة الضغوط، ويحثون على التوجه صوب عسكرة البرنامج النووي رغم وجود فتوى من المرشد الأعلى علي خامنئي بتحريم الحصول على سلاح نووي وإنتاجه، بينما يواصل الرسميون مفاوضاتهم مع الأوروبيين وروسيا والصين، للحصول على ضمانات عملية تجعل بقاء إيران في الاتفاق النووي ضرورياً لمنع المتطرفين في إيران من العودة مرة أخرى إلى الواجهة، بما يُعرض للخطر، ليس فقط أمن المنطقة واستقرارها، بل السلام العالمي، وهذا ما أشار له مراراً، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويبدو أن إيران التي ركزت كل جهودها في الشرق الأوسط غرب آسيا وحصدت غضباً من الغرب وصل إلى حد اتهامها بأنها تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، أخذت تعيد النظر في دورها المتعثر هو الآخر في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز وهي محيطها الطبيعي بسبب استحقاقات التأريخ والجغرافيا لمواجهة تداعيات «قمة سنغافورة» فيما لو اشتدت العقوبات الأمريكية عليها. فلدى الكثير من دول آسيا الوسطى والقوقاز الكثير من القواسم المشتركة التي تجمعها بإيران، إن كان هذا يتعلق بالتاريخ المشترك والثقافة واللغة أو الحدود وقرب المسافة، لكن جميعها بلا استثناء لا تجد في ظل نظام الجمهورية الإسلامية الحالي أي وجه من الأوجه الثقافية أو الدينية أو التاريخية التي تجمعها به خصوصاً دولة مثل طاجيكستان التي تجمعها بإيران لغة واحدة وتاريخ مشترك لكنها أخذت تفكر بالاستقلال الثقافي والتاريخي الذي وصل إلى اللغة الفارسية وأخذت تروج إلى وجود لغة طاجيكية مستقلة عن الفارسية، كما فعلت تركيا أتاتورك عندما توقفت عن استخدام الحروف العربية.

11HAD

إيران وقمة سنغافورة: الصدمة !

نجاح محمد علي

مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية

Posted: 16 Jun 2018 02:17 PM PDT

نيويورك ـ «القدس العربي»: تعتبر قمة سنغافورة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس مجلس شؤون الدولة في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، كيم جونع أون، تاريخية بكل المقاييس إذا ما أخذنا بعين الاعتبار توتر العلاقات بين البلدين لدرجة أن ترامب هدد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي بإزالة الدولة عن الوجود فرد عليه كيم بأن صواريخه بعيدة المدى تستطيع أن تدمر المدن الرئيسية في الولايات المتحدة ليس في الساحل الغربي القريب على بلاده فحسب بل وفي كل أنحاء البلاد. لقد وصل التوتر مداه عندما قامت كوريا الشمالية في الرابع من أيلول/سبتمبر بتفجير ما بدا أنه «قنبلة هيدروجينية» بعد أن أكملت اختباراتها في حقل الصواريخ بعيدة المدى والتي بلغ عددها عشرين خلال عام 2017. والقنبلة ذات حجم صغير يمكن أن يحملها الصاروخ البالستي إلى مسافات بعيدة.
شعر النظام في كوريا الشمالية أن الولايات المتحدة ستأخذه بجدية أكبر ويبدو أن ترامب أيضا شعر أن التهديد والوعيد لا يزيد النظام في بيونغيانغ إلا إصرارا وعنادا وجرأة بعد أن كسر حاجز الخوف. كما أن ترامب توصل إلى قناعة أن كيم جونغ أون لن يتردد في إطلاق ترسانته من الصواريخ إذا وجد نفسه بين خيارين الاستسلام أو الدفاع عن وجوده ونظامه. إذن كان لا بد من أحد الزعيمين أن ينزل عن الشجرة التي تعلق بها فأعلن ترامب فجأة أنه على استعداد للقاء زعيم كوريا الشمالية فالتقط الفرصة كيم جونغ أون، وقبل الدعوة لأنه ليس لديه ما يخسر. بل إنه سيفاوض من موقع القوة مستندا إلى ترسانة من الأسلحة تستطيع أن تحول كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة، و30 ألف جندي أمريكي في المنطقة العازلة إلى رماد في حالة ما تعرضت بلاده إلى العدوان. انها المفاوضات من على أرضية القوة. سيفاوض كيم سنوات ليختبر مدى مصداقية الولايات المتحدة في عهد ترامب خاصة أنه زعيم متقلب ولا يتورع عن تغيير موقفه. إذن الاختبار الحقيقي ليس في البيانات الختامية ولا في التصريحات المغرقة في التفاؤل بل في مدى إلتزام الدولتين بتعهداتهما.
قمة سنغافورة قد تذكرنا بقمة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون مع الرئيس الصيني آنذاك ماو تسيتونغ عام 1972 والتي غيرت مجرى العلاقات بين الطرفين وإلى الأبد، وفتحت الدولتان صفحة من التعاون عادت بمنافع جمة للبلدين. فهل نحن أمام إعادة تجربة نيكسون ـ ماو أم أن الخلافات العميقة بين الطرفين ستعود لتعكير العلاقات؟
أود أن أراجع مجموعة من المحطات التاريخية التي قد تؤثر على مستقبل العلاقات:
الحرب الأمريكية الكورية: دخل البلدان حربا مدتها ثلاث سنوات أسفرت عن مقتل ملايين الأشخاص بينهم 36 ألف جندي أمريكي. بدأت الحرب في حزيران/يونيو عام 1950 عندما تدفقت قوات كوريا الشمالية عبر الحدود وبدأت هجومًا مفاجئًا. في البداية كان الجيش الكوري الجنوبي الضعيف يقترب من شبه الجزيرة قبل أن تدفع قوات الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الغزاة إلى عمق كوريا الشمالية. تدخل الجيش الصيني في وقت لاحق، ودفع قوات الأمم المتحدة مرة أخرى. وانتهى القتال بهدنة في 1953. ولم يتم بعد استبدال معاهدة الهدنة بمعاهدة سلام، تاركة شبه الجزيرة في حالة حرب من الناحية التقنية.
مواجهات وتجسس وقتلى: عام 1968، هاجمت قوارب البحرية الكورية الشمالية سفينة التجسس الأمريكية «يو إس إس بويبلو» وألقت القبض عليها قبالة الساحل الشرقي لكوريا الشمالية. قتل أحد البحارة الأمريكيين وتم أسر 82 آخرين. وقد احتُجزوا في كوريا الشمالية لمدة 11 شهراً وتعرضوا للضرب والاستجواب قبل إطلاق سراحهم بعد أن وقع كبير المفاوضين الأمريكيين بيانا اعترف فيه أن السفينة دخلت بشكل غير قانوني المياه الإقليمية لكوريا الشمالية. وفي صيف عام 1976 تم ضرب جنديين أمريكيين حتى الموت من قبل الجنود الكوريين الشماليين المحاصرين خلال معركة حول الجهود الأمريكية لقطع أشجار الحور العالية في المنطقة منزوعة السلاح التي تشطر الكوريتين. استجابت الولايات المتحدة الغاضبة من خلال ارسال قاذفات ب -52 تحمل رؤوسا نووية لتطير فوق المنطقة المنزوعة السلاح لترويع كوريا الشمالية. وتراجعت حدة العداء بعد ذلك حينما عبر الزعيم الكوري الشمالي كيم ايل سونغ، جد كيم جونغ أون الحالي، عن أسفه إزاء عملية القتل.
تحسن العلاقات أيام كلينتون: وفي عام 1994 وقّعت الولايات المتحدة على اتفاق لنزع السلاح النووي مع كوريا الشمالية أنهى شهورا من مخاوف الحرب الناجمة عن تهديد الشمال بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي وتحويل مخزونها من الوقود النووي إلى قنابل. وبموجب الاتفاقية التي يطلق عليها «الإطار المتفق عليه» جمدت كوريا أنشطتها النووية ووافقت على تفكيك منشآتها النووية مقابل بناء مفاعلين نوويين يعملان بالماء الخفيف لتوليد الكهرباء والنفط. وفي عهد الرئيس جورج بوش انهار الاتفاق عام 2002 عندما اتهم مسؤولون أمريكيون كوريا الشمالية بإدارة برنامج نووي باستخدام اليورانيوم المخصب. توقفت المساعدات الأمريكية خاصة من المحروقات. فما كان من كوريا الشمالية إلا أن أعلنت عن انسحابها من اتفاقية عدم الانتشار النووي. وعندما تكون دولة خارج الاتفاقية فمعنى ذلك أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية غير مخولين بدخول البلاد والتفتيش وهو ما أعطى كوريا الشمالية فرصة لتطوير قدراتها الصاروخية والنووية.
محاولات فاشلة: عادت الولايات المتحدة إلى مائدة المفاوضات مع كوريا الشمالية عام 2003 وهذه المرة في إطار المحادثات السداسية التي تضمنت أيضا كوريا الجنوبية والصين وروسيا واليابان. وخلال المحادثات التي استمرت حتى عام 2008 أوقفت كوريا الشمالية الأنشطة النووية مرة أخرى وعطّلت بعض العناصر الرئيسية في مجمعها النووي الرئيسي مقابل منافع أمنية واقتصادية وطاقة. لكن المحادثات انهارت بسبب طلب الولايات المتحدة تطبيق أنظمة قاسية من عمليات نزع السلاح. وأعلنت كوريا الشمالية أنها انسحبت رسميا من المحادثات عام 2009 احتجاجا على الإدانة الدولية بشأن إطلاق صاروخ محظور بعيد المدى.
وبدل أن تحاول الولايات المتحدة إعادة فتح الحوار مع نظام كوريا الشمالية لجأت إلى مجلس الأمن الدولي وبدأت تستصدر قرارات تتعلق بالعقوبات. وكلما اتخذ مجلس الأمن قرارا جديدا يتضمن سلة عقوبات إضافية كلما سارعت كوريا الشمالية في تنفيذ برنامج التسلح وتطوير قدراتها النووية والباليستية. كانت في سباق مع الزمن، ستفاوض عندما تفجر أول تجربة لقنبلة هيدروجينية، يومها ستذهب إلى طاولة المفاوضات مرفوعة الرأس وتقول للولايات المتحدة: أنا على استعداد للتخلص من ترسانتي النووية ولكن هذه هي شروطي.
بعد تولي كيم جونغ أون السلطة أواخر 2011 بدأ بإجراء عدد كبير من تجارب عديدة على الأسلحة كجزء من هدفه المعلن المتمثل في بناء صواريخ ذات رؤوس نووية قادرة على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة. وفي 2017 شهد العالم مخاوف من اندلاع حرب في شبه الجزيرة الكورية وتصاعدًا حادًا بعد أن أجرت كوريا الشمالية تجربتها النووية السادسة والأقوى في ايلول/سبتمبر وثلاث تجارب لإطلاق صاروخ بالستي عابر للقارات. وفي هذه الفترة تم تبادل الكلام اللاذع والإهانات الشخصية والتهديدات بين ترامب وكيم.
سلات العقوبات: بدأ مجلس الأمن بإصدار عدد من القرارات العقابية الصارمة ضد كوريا الشمالية منذ أول تجربة نووية عام 2006. حيث طالب القرار 1718( 2006) بوقف التجارب النووية ومنع تصدير كوريا الشمالية بعض الإمدادات العسكرية والسلع الكمالية. وقد أنشا المجلس لجنة عقوبات تتكون من كل أعضاء المجلس يساعدها فريق من الخبراء. وأصدر بعدها سبعة قرارات قاسية جدا كان آخرها القرار رقم 2375 الذي اعتمد في 11 ايلول/سبتمبر الماضي بعد التجربة الهيدروجينية الأخطر. وقد استهدف القرار خنق كوريا الشمالية عن طريق وقف استيراد النفط الخام وواردات المنتجات النفطية المكررة، وحظر المشاريع المشتركة وصادرات المنسوجات والمكثفات من الغاز الطبيعي والواردات السائلة، كما حظر على المواطنين الكوريين الشماليين العمل في بلدان خارج بلدهم.
قد يكون هذا سر الاختراق. لقد تردت الحالة الإنسانية في كوريا الشمالية بسبب العقوبات وأصبح الفقر المدقع منتشرا في البلاد وهناك نحو أربعة ملايين يعيشون على المساعدات الإنسانية.
إذن لكل من الزعيمين مصلحة في الاتفاق لكن الطريق ليست معبدة بالورود ولا نتوقع أن يبدأ كيم جونغ أون بالتعاون في تنفيذ ما اتفق عليه إلا بعد رفع منظومة العقوبات الدولية إن لم يكن كلها مرة واحدة ولكن جزئيا وتدريجيا. وهذا الأمر ليس في يد الولايات المتحدة بل في يد مجلس الأمن الدولي. فهل من مصلحة الدول دائمة العضوية الأخرى أن ترى ترامب يحقق انجازا كبيرا بنزع السلاح النووي من كوريا الشمالية وإعلان شبة الجزيرة الكورية منطقة خالية من السلاح النووي يستحق بعدها الزعيمان جائزة نوبل للسلم؟
11HAD

مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية

عبد الحميد صيام

بعد كيم عين ترامب على بوتين لـ«صفقة سوريا»

Posted: 16 Jun 2018 02:16 PM PDT

قمّة زعيميّ أمريكا دونالد ترامب وكوريا الشمالية كيم جونغ أون، في سنغافورة، هي حدث تاريخي، ستؤول نتائجه إلى تحوّل له تداعياته وانعكاساته الجمّة، التي لم تكن في الحسبان حتى الأمس القريب.
القمّة بما حملته من تعهد لكوريا الشمالية، بالتخلص من ترسانتها النووية، تشكل إنجازاً دبلوماسياً كبيراً لسيد «البيت الأبيض» حيال الداخل الأمريكي وفي السياسة الخارجية. صحيح أن لا شيء مضموناً في السياسة وأن الاتفاق قد يُصاب بنكسة، فحلفاء كوريا الشمالية لا يرقصون فرحاً، لا سيما الصين وروسيا وإيران، والقلق تسرّب هو الآخر إلى خصوم بيونغيانغ حلفاء واشنطن، من كوريا الجنوبية إلى اليابان، لكن العارفين بترامب يقولون أن «الرجل يختلف في طريقة التفاوض عن أسلافه» وهو لم يكن ليعقد القمّة لو لم تُفضِ المفاوضات التي أدارها فريقه إلى موافقة على نزع السلاح النووي، ليبدأ البحث في التفاصيل العملية لكيفية التنفيذ الذي حَدّد سقفه الزمني وزير الخارجية مايك بومبيو بحلول نهاية الولاية الرئاسية الأولى لترامب في أواخر العام 2020.
الداخل الأمريكي سيكون مرتاحاً إلى انخفاض منسوب التوتر الذي خيّم على بلاده خلال الفترة الماضية، وإلى ارتفاع فرص السلام مع كوريا الشمالية، والتزام بيونغيانغ بتسليم رفات الجنود الأمريكيين الذين فُقدوا خلال الحرب الكورية في القرن الماضي، وتعهدها بـ «العمل نحو النزع التام للأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية».
أهمية الاتفاق حول نووي كوريا الشمالية أنه يأتي بعد الاتفاق النووي الإيراني الذي اعتبره سلفه باراك أوباما «أيقونة وإنجازاً يرتبط باسمه». أوباما من ضمن مجموعة الخمسة زائد واحد توصلوا إلى ما وصفوه بـ «اتفاق تاريخي» مع طهران يقضي بتجميد التخصيب لمدة عشر سنوات قبل مواصلة البرنامج، فيما لدى ترامب لا «غروب» للبرنامج بل انتزاع كامل. آمال الرئيس الأمريكي بالنجاح تستند في بداية المطاف إلى سلاح العقوبات الاقتصادية الذي استخدمه بشكل جدّي وفعّال، ويستمر بالتزام اللجوء إلى «القوة الناعمة» طريقاً للتطويع. وهذا هو المسار المتّبع في الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران بعدما انسحب من الاتفاق النووي معها.
الأكيد أن كوريا الشمالية ما بعد قمة ترامب – كيم هي غير كوريا الشمالية قبلها. عاد الرجل إلى بيونغيانغ مع «جزرة» الانفتاح والنهوض الاقتصادي وحلم ناطحات السحاب ومطاعم الـ «ماكدونالدز»، والأهم الضمانات الأمنية له ولحاشيته.
ارتدادات قمة سنغافورة ستتكشف بشكل أدق في مقبل الأسابيع والأشهر، ولا سيما حيال المنطقة. حلفاء ترامب التقليديين من الخليجيين، وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية، يمكنهم أن يتنفسوا الصعداء. استراتيجية «العم سام» تُؤتي ثمارها. زمن «خذلان» أوباما انتهى، وزمن «الحزم الترامبي» إلى مزيد من الخطوات التصعيدية في سياسة تضييق الخناق على إيران ومواجهة نفوذها في المنطقة ومحاصرة دورها السلبي.
معارك الحُديدة في اليمن تأتي، في جزء منها، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية. كثر من المراقبين يُدركون أن ثمة خطوطاً حمر دولية كانت مرسومة على بعض الجبهات. الغطاء الأمريكي اليوم كفيل بتأمين خط العبور.
ما يتم الانتظار لمعرفته، هو كيف ستسير الأمور حيال ملفات النزاع الأخرى في المنطقة، ولا سيما سوريا؟ المتابعون في واشنطن يُحدّدون موعداً سيكون فاصلاً في هذا الشأن، وهو القمّة الأمريكية – الروسية. كان من المتوقع أن تحصل في النصف الأول من تموز/يوليو المقبل، لكنها قد تتأخر إلى آب/أغسطس.
ترامب في قمة مجموعة الدول السبع بعث برسالة إيجابية لنظيره فلاديمير بوتين. مدّ يده لسيّد الكرملين. يمكن لمجموعة السبع أن تتحوّل مجدداً إلى مجموعة الثماني بعد عودة موسكو إليها التي أُخرجت منها نتيجة احتلال القرم. هذا احتضان اقتصادي تحتاجه روسيا، ولكن لا بدّ للقمة المرتقبة من مقاربة ملفين أساسين: إيران وسوريا.
الشروط في ما خص إيران لا تحمل جديداً. الجديد المفاجئ الذي قد يحدث هو في محاولة طهران تجرّع كأس السمّ. فعلها من قبل آية الله الخميني إبان حرب الخليج الأولى، وقد يفعلها علي أكبر خامنئي اليوم. فليس من قبيل الهلوسة أن نرى قمة تجمع ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني. المرشد الروحي أرسل خلال الأيام الماضية إشارات لافتة: «شعار تدمير إسرائيل ليس إيرانياً»!.
الرئيس الأمريكي يريد الوصول إلى اتفاق حقيقي مع إيران. الاتفاق الحقيقي يعني نزع السلاح النووي نهائياً وإطلاق يد المفتشين ووضع قيود على برنامج الصواريخ البالستية، ووقف تمويل المنظمات الشيعية وتسليم أسلحتها إلى الدول الموجودة فيها ووقف تدخلها في شؤون دول الجوار والانكفاء إلى داخل حدودها. الاتفاق مع روسيا حول سوريا، أو حدوث اختراق في العلاقات الأمريكية – الإيرانية يعني، من ضمن ما يعنيه، الوصول إلى ترتيبات تقضي بخروج إيران وأذرعها العسكرية من سوريا.
العقوبات على إيران ستتصاعد وستكون العقوبات الإضافية أكثر قسوة، ولن توفّر الميليشيات الشيعية، سواء أكانت عراقية أم لبنانية، وكذلك رموز النظام السوري، ومن غير المستبعد أن تطال أذرعه الاقتصادية التي ذهب لبنان، بالأمس، إلى تجنيس عدد منها بمرسوم جمهوري في خطوة غير مفهومة، وليس من الواضح بعد أي تداعيات ستنجم عنها.
لا يزال من المبكر الحسم بما ستكون عليه الأمور في سوريا. كوريا الشمالية لن تستطيع أن تبيع النظام السوري وإيران تكنولوجيا وخدمات تقنية، كما كانت تفعل سابقاً. وروسيا التي أُلقي على عاتقها، في قمة هامبورغ، مسؤولية لجم حليفتها طهران تحاذر السقوط في فخ الاستنزاف. وكلام الأسد الأخير عن الحاجة الطويلة لـ «حزب الله» رسالة تصعيدية، كما أن منطقة الجنوب السوري محفوفة بمخاطر انفلات اللعبة، وسط تسريبات لـ«محور الممانعة» عن احتمالات القيام بعمل عسكري محدود في الزمان ومحدد في المكان على الأراضي السورية من أجل الوصول إلى ربط نزاع إيراني – أمريكي لإعادة تكــريس وقائع تلحظ مصالح الجميع!.
تسريبات تضع الكرة في ملعب روسيا التي تريد أن تقدّم نفسها على أنها الضامن للنظام وحلفائه، وتدرك أن «إنقاذ سوريا» ليس ممكناً بالآلة العسكرية من دون عملية سياسية بشراكة أمريكا وحلفائها من العرب وبغطاء دولي.
قد يكون ثمة تفاؤل مُفرط في التحوّلات المرتقبة في المنطقة التي سيحملها معه الاتفاق النووي حول كوريا الشمالية، لكن تسارع الأحداث يشي بإمكان صيف حار في مناطق الصراع المفتوحة، في وقت يعود فيه الحديث، مع الزيارة المرتقبة لجاريد كوشنر صهر ترامب إلى إسرائيل ومصر والسعودية، عن سعي لدى الإدارة الأمريكية بالعمل للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إنما ليس من بوابة الفلسطينيين بل من بوابة بعض دول «محور الاعتدال» بما تحمله تلك الخطوة من مخاطر!
11HAD

بعد كيم عين ترامب على بوتين لـ«صفقة سوريا»

رلى موفّق

قمة سنغافورة: كيم عاد محملا بالهدايا والشرعية وترامب بذكريات حبه مع الزعيم «الموهوب»

Posted: 16 Jun 2018 02:16 PM PDT

يعني اسم جزيرة «سينتوسا» بلغة الملايو الهدوء والسلام، لكن خلف الوداعة التي تخفيها الفنادق وملاعب الغولف وأماكن الجذب السياحي التي يزورها حوالي 20 مليون سائح في العام، هناك تاريخ قاتم للجزيرة الصغيرة في سنغافورة التي كانت يوما جزءا من الفدرالية الماليزية. فقد كانت تعرف باسم «بولاو كالنغ ماتي» أي «جزيرة ما وراء الموت» ذلك أنها كانت في القرن التاسع عشر مقرا للقراصنة وفي القرن العشرين تحولت لقاعدة عسكرية بريطانية وسجنا جمعت فيه القوات اليابانية الغازية أسرى الحرب الصينيين في أثناء الحرب العالمية الثانية.
ولم تتحلل الجزيرة من تاريخها الأسود إلا في عام 1972 حيث استعادت اسمها الأول وقامت حكومة سنغافورة بتطويرها وتحويلها إلى منطقة سياحية. ومن هنا يضفي تاريخ الجزيرة دلالة رمزية على القمة «التاريخية» بين زعيم ما يطلق عليه العالم الحر، دونالد جي ترامب، رئيس الولايات المتحدة وكيم جونع أونغ ـ أون، سليل عائلة كيم التي تتوارث كوريا الشمالية.
فسنتوسا هي خلفية رمزية لعلاقة الحب التي نشأت بين ترامب وكيم وجاءت ضمن سياق تخليص شبه الجزيرة الكورية من أسلحتها النووية. والقمة القصيرة وإن خرجت باتفاقيات ودعوات للتعاون بين البلدين ودعوة أمريكية لكيم كي يزور واشنطن وأخرى لزيارة ترامب بيونغيانغ، عاصمة كوريا الشمالية، إلا أن خلف بريق قمة سنغافورة وما نظر إليه الكثير من المحللين على أنه برنامج من تلفزيون الواقع التي تخصص بها تاجر العقارات ترامب قبل وصوله إلى البيت الأبيض، غابت التفاصيل والأجندة حول كيفية تدمير البرامج النووية الكورية الشمالية وتبعات كل هذا على علاقة الولايات المتحدة بحلفائهم في كوريا الجنوبية الذين كانوا وراء هذه القمة، فلولا جهود المصالحة التي قام بها مون جا ـ إن لما حصلت القمة في المقام الأول. ولا بد من النظر للقمة بمثابة عرض مسرحي اكتمل بفيلم فيديو من 4 دقائق ترامب ـ كيم والعلاقات الجديدة بين البلدين، بل وتعامل ترامب مع كل القمة على أنها فرصة للاستثمار السياحي وبناء التجمعات السكنية على شواطئ كوريا الشمالية العذراء. والسؤال وسط «الصخب والضوضاء» هو ماذا بعد سنغافورة؟ فكعادة ترامب وبالضرورة إدارته تحدث بلغتين، تلك التي تعبر عنها المؤسسة الأمنية والعسكرية، أما الأخرى فهي الواردة في تصريحات ترامب وتغريداته آخر الليل. وعادة ما تتكيف المؤسسة مع رغبات الرئيس في النهاية. إلا أن خطورة قمة سنغافورة ليست نابعة من العمومية والضبابية حول المرحلة المقبلة، بل في تداعياتها على حلفاء أمريكا. فقد جاءت بعد المواجهة مع حلفاء أمريكا التقليديين في قمة الدول السبع الكبرى وتهديد ترامب بفرض تعرفة جمركية على الفولاذ والألمنيوم وما تبع ذلك من تغريدات ناقدة لرئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو الذي وصف بـ «الضعيف والمخادع» في تغريدة للرئيس الأمريكي.

من القزم إلى المحبوب

وعلى العموم فالنظرة العامة للقمة هي أن ترامب منح الرئيس الذي كان يصفه بالمجنون والمتهور و«الرجل القزم» وهدد بتدميره شرعية دولية وخروجا من حالة «المنبوذ» التي عاشتها كوريا الشمالية. وفجأة وجد كيم نفسه رمزا على الساحة الدولية، الكل يتودد له ويريد مقابلته بل وشوهد وهو يتجول في شوارع الجزيرة وينظر لسيارة ليموزين ترامب. وخلف كل الصورة، فالصين هي الرابح الأول من القمة، خاصة أن كيم قام بأول زيارتين للعالم الخارجي منذ توليه الحكم عام 2011 وظلت الصين راعيته والمسؤولة عن غالبية تجارة كوريا مع العالم الخارجي.

تنازلات

ولهذا رأت صحيفة «الغارديان» (12/6/2018) أن ترامب قدم لكيم تنازلات كبيرة مقابل أشياء قليلة. وكما قال معلق بلغة حادة إن اللقاء الذي جاء من أجل حل الملف النووي الكوري بدا «كحفلة ترحيب كبيرة لنادي تسلح نووي» وقدم فيها ترامب الهدية وراء الهدية مقابل إرضاء ذاته المتضخمة و «لم يكن يعرف أو مهتما في أن بلاده عادت أفقر من رحلة الذهاب» وكانت اللغة في البيانات أضعف من محاولات أمريكية سابقة مع كوريا الشمالية بفارق وحيد وهي أنها تملك برنامجا نوويا متقدما. وكعادته في ضرب حلفائه استجاب ترامب لمطلب كيم وقف المناورات العسكرية مع الكوريين الجنوبيين بل وألمح لسحب القوات الأمريكية التي يظل وجودها ورقة ضغط في أي مفاوضات. وربما كانت القمة نتاجا للخطاب الحربي الذي تبناه ترامب ضد كيم «الموهوب» الذي يقوم بمهمة صعبة لإدارة البلد. ولم يكن لترامب على ما يبدو الوقت لكي يؤكد موقف بلاده الدائم من المشروع النووي وضرورة وقفه بشكل كامل والتأكد من التخلص منه وللأبد. ولكن مع العرض في قمة سنغافورة لا تتوقع الكثير، سواء في اللقاءات الثنائية الأسبوع المقبل أو في واشنطن وبيونغيانغ. فقد يقول الرئيس الأمريكي «أثق به ويثق بي» ولكن إن كان ترامب ساذجا فكيم بالتأكيد ليس كذلك. وفي الوقت الذي اكتشف فيه حلفاء الولايات المتحدة أنهم لا يستطيعون الاعتماد عليها والثقة بها بعد تمزيق ترامب الاتفاقية النووية مع إيران ورفضه التوقيع على بيان قمة الدول السبع فإن قمة يوم الثلاثاء كشفت عن أمر مقلق ومثير، وهي أن الأمريكيين أيضا لا يمكنهم الاعتماد على رئيسهم.

يرتاح مع الطغاة

فهو على حد تعبير «نيويورك تايمز» (12/6/2016) كان في أعلى تجلياته ومنحته علامة عشرة من عشرة. وقالت إن لحظة الانتصار الترامبية تصل النشوة عندما يتعامل مع الطغاة ومنتهكي حقوق الإنسان بل كان مع كيم متغزلا وباسما ومربتا على الظهر. وكان على ما يبدو مشغولا بتفكيك لقاء حب بدون ترتيب أكثر من تحليله لقاء دبلوماسيا «هناك كيمياء عظيمة بيننا». وتعتقد «نيويورك تايمز» أن هذا الأداء المدهش في حضرة الطغاة هو تعبير عن إعجابه بهم ولأنه يرى نفسه زعيما قويا فكلما أظهروا وحشية وقسوة كلما نالوا إعجابه بهم.
فحقيقة أن كيم «الموهوب» ملطخة يداه بدماء شعبه يجب أن لا تكون عائقا أمام عقد صفقة معه. ولعل احترامه لفلاديمير بوتين وردريغو دوترتي، رئيس الفلبين وكيم المنبوذ الذي يقود دولة فقيرة محطمة نابع من شعوره بالثقة والتفوق أمام هؤلاء مقارنة مع حلفاء أمريكا الطبيعيين الذي عليه التعامل معهم على قدم المساواة. والفارق في الطول بين ترامب وكيم مهم من منظور الرئيس الأمريكي. وهذا الإعجاب ليس منفصما عن شعور ترامب بأنه صانع الصفقات الكبيرة وبطريقته الخاصة. وفي الشؤون الداخلية اكتشف صعوبة القيام بهذا بدون معارك ومناوشات مع الكونغرس، بخلاف السياسة الخارجية التي يشعر أنه حر وبدون قيود. ولا بد من الإشارة إلى أن ترامب يحب المخاطرة والبحث عن الأمور الكبيرة. فلو فشل في مهمته مع كوريا الشمالية فلن يلومه أحد، فهي مهمة كبيرة غلبت سابقيه. ولو نجح فهذا مدهش. لكل هذا لم يقاوم ترامب الرغبة في التعامل مع كيم «فهناك الكثير من اللاعبين الأشرار والأنظمة الخطيرة حول العالم. لكن أي منها هو الأكثر جنونا؟ ولو استطاع ترامب كسره فسيحصل على المديح وبالتأكيد جائزة نوبل التي يتطلع لها».

لماذا نسي؟

يحب ترامب على حد تعبير «واشنطن بوست» (13/6/2018) ومنذ لقائه بكيم نشر الكثير من الأمور غير الصحيحة من مثل أن الشعب الكوري الشمالي يحب زعيمه، وفي هذا يتجاهل أن من لا يظهر حماسا للزعيم ينتهي في معسكرات الاعتقال. وأي شخص ينتقده لا يتوقع البقاء حيا. ومن يشك في ولائه يسجن أو يقتل مع عائلته أو عائلتها. وهناك ما بين 80.000 ـ 120.000 شخص في معسكرات الاعتقال لم ينج منهم أحد أو يطلق سراحه. فتقرير وزارة الخارجية لعام 2017 عن حالة حقوق الإنسان في العالم وصف ما يواجهه الكوريون الشماليون وفي كل المناحي: «قتل فوري واختفاء قسري وأشغال شاقة والتدخل في الخصوصية العائلية والمراسلات وحرمان من حرية التعبير والتجمع وممارسة الشعائر الدينية وحرية التنقل وما إلى ذلك. وعلى ما يبدو نسي ترامب ما قاله في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما قال في سيؤول أن الكثير من الكوريين يفضلون أن يباعوا كرقيق والعيش كعبيد في الخارج على البقاء في بلادهم. وتقول الصحيفة أننا لا نعرف إن نسي كل هذا عندما قابل كيم ـ الذي يعبده شعبه وكل ما نعرفه أن آلافا من الكوريين المساجين ومن يتطلع من الشعب الكوري للحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية سيفقدون الأمل في المستقبل ويشعرون بالخيانة وهم محقون في هذا الشعور. وكما يرى دانيال راسل في «فورين أفيرز» (12/6/2018) فقد لعبت مقامرة ترامب لصالح كيم. فالرئيس الأمريكي محق في أنه صنع التاريخ بمقابلة الزعيم الكوري لكن علينا أن ننتظر إن كان قد قام بإنجاز تاريخي أو مهزلة تاريخية. فلم يغامر أي رئيس من قبله بمقابلة كهذه بدون تحضير لها وبوعود لكسر التعاون الدفاعي مع كوريا الجنوبية. ومن جانبه فإن كيم يمكنه أن يفاخر بتحقيق ما لم يحققه والده أو جده ـ بناء قدرات نووية والحصول على دعم دولي من «رجل نبيل» أي الرئيس الأمريكي. ويقول راسل إن البيان الموقع بين الطرفين في نهاية القمة هو نسخة معدلة من بيانات سابقة في أعوام 1992 و 1994 و 2005. وبناء على سجل كوريا الشمالية والتزاماتها في الاتفاقيات السابقة فإن ما يزعم الطرفان تحقيقه في الوقت الحالي قائم على أهداف يمكن أن تتحقق في المستقبل. فأولويات كيم تقوم على تخفيف برنامج العقوبات الاقتصادية ومنع عملية وقائية أمريكية ضد المشاريع النووية بالإضافة لوقف التعاون الدفاعي الأمريكي ـ الكوري الجنوبي بشكل يخرج بيونغيانغ من عزلتها. ومنحت قمة سنغافورة كيم ما يريده. وحتى لو انتهت علاقة ترامب ـ كيم الغرامية بالدموع فلن تستطيع واشنطن فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية بوجود الثنائي الصين وروسيا في مجلس الأمن، ولن يستطيع فرض الحل العسكري نظرا للمعارضة الكورية الجنوبية التي كانت تخاف حتى في عز الأزمة من آثار عملية عسكرية عليها. وتظهر الاستطلاعات في كوريا الجنوبية أن كيم أكثر شعبية بين المواطنين من ترامب. وبعد حملة العلاقات العامة التي قام بها الرئيس الشمالي فإن عملية وقائية أمريكية ستواجه معارضة من الطرف الجنوبي. ويأتي نجاح كيم الباهر أنه قلل من إمكانية المناورات العسكرية الأمريكية ـ الكورية التي يراها ترامب مكلفة. وتم هذا بدون تخلي كوريا الشمالية عن مناوراتها العسكرية أو حتى اختباراتها الصاروخية. وكان من أهداف نظام بيونغيانغ الدفع باتجاه نهاية التعاون العسكري ـ الأمريكي من خلال معاهدة دفاع مع الجنوب. ولكنه ليس بحاجة لمعاهدة في ضوء تأكيدات ترامب على سحب القوات من شبه الجزيرة الكورية.

الصين الرابحة

وفي النهاية فما جلبه معه كيم من سنغافورة كاف لأن يعزز موقفه في الداخل وفوق كل هذا فقد كانت المقابلة الودية الحميمة مع الرئيس الأمريكي بمثابة تطبيع وشرعنة لكوريا الشمالية المتسلحة بالسلاح النووي. أما الصين فقد تنفست الصعداء فلم تعد كما ناقش إيفان اوسنوس في «نيويوركر» (12/6/2018) بحاجة لكيم كي يقوم بالعمل نيابة عنها، بل جاءت الكلمات من فم الرئيس. فلطالما طلبت من الأمريكيين وقف النشاطات العسكرية في شبه الجزيرة الكورية.

11HAD

قمة سنغافورة: كيم عاد محملا بالهدايا والشرعية وترامب بذكريات حبه مع الزعيم «الموهوب»

إبراهيم درويش

قمّة سنغافورة: بين الإطارين العالمي والقومي للمسألة الكورية

Posted: 16 Jun 2018 02:15 PM PDT

ما كادت «قمة سنغافورة» بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون تتصدّر «القيل والقال» العالميين، وتوحي بعالم أكثر استقراراً وأماناً وتعيد الاعتبار للفضائل «التعقّلية» للجنون، أو بالأحرى لـ«نظرية الرجل المجنون» في العلاقات الدولية، حيث يمكنك انتزاع مكاسب لصالحك بتظاهرك بالتهوّر شرط أن تعرف متى توقف مسرحيتك في اللحظة المناسبة والنافعة، حتى قفز التوتّر مجدّداً إلى الواجهة، بموجة من «الكزكزة» بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، على خلفية مزدوجة: رزمة الإجراءات الضريبية الأمريكية الموجهة ضدّ الصين، وعودة التوتر في بحر الصين الجنوبي الذي يعجّ بـ«ألغام» الممرّات المتنازع عليها.
فإذا استمهلنا الموجة الراهنة من التوتر الأمريكي ـ الصيني بحدّ ذاتها بعض الشيء، لتأخذ مداها ـ أو تستدرك، فإنّها تنفع مع ذلك للتنبيه بأنّ سياقي الانفراج بين الكوريتين وبين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، ليس محض انعكاس للعلاقات الصينية الأمريكية.
وإذا كانت الصين تمثّل بالنسبة إلى كوريا الشمالية الأخ الأكبر فإنّ وطأة هذا الأكبر كثيراً ما استشعرها قادة بيونغ يانغ، ابتداء من المؤسس كيم ايل سونغ في الستينيات في موقفه السلبي من «الثورة الثقافية» في الصين، مع إصراره في الوقت عينه على عدم أخذ طرف في النزاع السوفياتي ـ الصيني، بل اتخذ من هذا الانشطار في المعسكر الشيوعي ذريعة للانطواء على الذات، وبلورة أيديولوجية «جوتشيه» التي أزاحت مصادرها الماركسية ـ اللينينية عن الواجهة شيئاً فشيئاً، لصالح خلطة قومية ـ عسكرية ـ سلالية محافظة محتفظة في الوقت عينه بهدفية بناء المجتمع الإشتراكي، ومقدّسة للعائلة كأساس بنية المجتمع، وللعائلة الحاكمة «المقدسنة»، كنموذج مثالي لكل أسرة. بيدَ أنّ طموح الكفاية الذاتية التامة المكرّسة كعقيدة للوحدة العضوية بين «الشعب» و«الحزب الثوري» و«الزعيم» ظلّ بعيداً عن واقع «الاعتماد» الكوري الشمالي على الصين، كمصدر للطاقة والقوت والسوق السوداء، لكن هذا لم يجعل كوريا الشمالية تتحول إلى «بيدق» لبكين، كما أن الصين في مجلس الأمن ملتزمة التصويت إلى جانب العقوبات ضد كوريا الشمالية، يكاد يكون من دون انقطاع منذ 1993، وموقفها من نزع السلاح النووي لبيونغ يانغ ثابت، وعرف العام الماضي بالتحديد أقصى مدى لعقوبات تكبيلية صينية لبيونغ يانغ، الأمر الذي انعكس أيضاً تبادلاً للاتهامات ولغة التنديد في الإعلام الرسمي للبلدين، إلى أن أعيد تحسين العلاقات جزئياً في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي سمح بلقاء مارس/آذار الماضي بين كيم جونغ اون والزعيم الصيني شي جين بينغ.
منذ خلافته لوالده، وكيم جونغ اون يستشعر بأنّ مراكز قوى يمكن أن تتربّص له في قيادة الحزب والجيش في كوريا الشمالية يمكن أن تكون مدعومة من الصين، وأغلب القيادات التي جرت تنحيتها أو تصفيتها في الأعوام الأخيرة ينظر لها كمقرّبة أو ذات «خطوط تواصل» مشتبه بها مع الصينيين. كما أنّ التقارب الصيني ـ الكوري الجنوبي في ربع القرن الأخير كان بحدّ ذاته عامل استياء أساسي بالنسبة إلى كوريا الشمالية، خصوصاً حين ترافق مع صعود قيادة كورية جنوبية تصلّبية تجاه النظام في الشمال، بعد وصول اي ميونغ باك إلى الرئاسة في سيول عام 2007، ولغاية عودة خط الاعتدال في مايو/ أيار 2017 مع انتخاب مون جاي إين، هذا وقد عاد حزب الأخير، الحزب الديموقراطي «مينجو» ليحرز النجاح الانتخابي قبل أيام، بعيد قمة سنغافورة.
انعقاد هذه القمة يأتي إذا على خلفية «اجتماع تناقضات». من ناحية، ضغط صيني على كوريا الشمالية للعدول عن سياساتها التسلّحية وتجاربها الاستفزازية في الإقليم، وهو في جزء منه يعكس التقارب الصيني ـ الكوري الجنوبي، فيما يعكس في جزء آخر الاقتناع الصيني بأن أي وضع ملتهب في شبه الجزيرة الكورية هو في مصلحة الأمريكيين في الوقت الحالي. من ناحية أخرى، عودة الروح لسياسة «الشمس المشرقة» الانفراجية تجاه القسم الشمالي من كوريا، بعد عشر سنوات تصلّبية عجاف للقوميين المحافظين في الجنوب، الذين سبق لهم أن وقفوا بالمرصاد أمام مساعي إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما «التهدوية» مع كوريا الشمالية، وكان لهم دور مفصلي في الإطاحة بـ«اتفاق بكين» 2007 و«اتفاق 2012».
في المقابل، ثمة مرشّح للانتخابات الرئاسية الأمريكية أقام مناقضة صاخبة أثناء حملته، بين نموذج «المبادرات والاتفاقات» المسيئة للمصلحة الأمريكية، التي تجسّدها سياسات اوباما، من كوريا الى إيران، وتبلغ ذروتها في الاتفاق النووي مع الأخيرة، وبين مبادرات يمكن أن تتحقق من خلال إظهار الولايات المتحدة لقدرتها على الإيذاء. وبعد انتخابه، لن يتردد دونالد ترامب، وعلى مسمع العالم كله، في الأمم المتحدة، من توعد كوريا الشمالية بالتدمير الشامل إن هي واصلت عملها الاستفزازي، وأظهر أنّه غير متردّد بمحو النووي بالنووي. لكن كوريا الشمالية صعّدت من تجاربها بعد هذا الكلام، وطالت المياه الإقليمية الأمريكية في هاواي، وأبرزت على طريقتها قدرتها الإيذائية لكوريا الجنوبية واليابان. لم يتبدّل هذا الجموح الشمالي إلا بعناصر ثلاثة لا يمكن اختزال الواحدة منها للأخرى، ولو أنّها ساعدت بعضها البعض: تصاعد الضغط الصيني على الشمال، عودة التيار التصالحي مع الشمال للحكم جنوباً، مبادرة ترامب في عز التوتر قبل عام لطرح إمكانية لقائه بالزعيم الشمالي، بل حتى دعوته إلى البيت الأبيض للتفاهم. من الطريف هنا قراءة موقف صحافية محافظة أمريكية، مشهورة بمواقفها إلى جانب اليمين الإسرائيلي، منى شارين، من قمة سنغافورة. ليس لأن شارين «ضليعة» بالشأن الكوري، بل لأنها تعكس «نفسية» معينة. فمنى شارين تعيب على ترامب أنه أتى تحت شعار إسقاط الصفقات الأوبامية الرخوة وفرض صفقات من موقع القوة، لكن بالنتيجة ترامب هو الذي قدّم تنازلات، وقبل بالندّية مع زعيم نظام شمولي مثل كيم جونغ اون، في حين لم يقدّم الأخير أي شيء، ذلك أن تحويل شبه الجزيرة الكورية إلى إقليم خال من السلاح النووي هو أساساً موقف رسمي لكوريا الشمالية، التي لم تعلّق عضويتها في منظمة منع انتشار الأسلحة النووية عام 2003، إلا كموقف ضدّ التهديد الأمريكي لها في إثر إدراج إدارة جورج دابليو بوش لنظامها في عداد ثلاثية «محور الشر».
بعيداً عن منى شارين، ستجد محللين آخرين يتلقفون إغراء المقارنة بين مشهدية «أوباما ـ راوول كاسترو» وبين الصور المبثوثة من قمة سنغافورة، في حين يقارن آخرون بين سلوكيات كوريا الشمالية وإيران. وهنا، بعكس الصهيونية الأمريكية منى شارين، ستجد صحافياً صهيونياً في «جيروزاليم بوست» كعاموس ازائيل، يخوض تحت عنوان «إيران ليست كوريا الشمالية» في الفروقات بين الحالتين، فمن ناحية كوريا الشمالية «دهرية» وإيران «أُخروية»، وبهذا المعنى كوريا الشمالية تخوض معركتها في «الآن والهنا» بحيث أنها يمكن أن تكون عدواً كاملاً إذا اعتبرت أنها يمكن أن تنتزع مرادها بالحرب، لكن إذا رأت الطريق مسدوداً أمامها فإنها لن تلبث حتى تتكيّف، كما أن نظامها «ملكي مطلق» وزعيمها قادر بالتالي على الانفتاح على الأمريكيين دون أن يجد «حرساً ثورياً» له بالمرصاد، وليس لكوريا الشمالية مدى لتدخلها كالمساحة الواسعة لحركة إيران في العالمين العربي والإسلامي.
نحن هنا، بشكل أو بآخر، أمام صيغتين. الأولى: «كوريا الشمالية ليست كوبا»، أي أن تسليفها أوراقاً غير مضمونة هو تسليف غير محمود العواقب، بخلاف كوبا التي لا تمثّل، رغم اختلاف نظامها، أي تهديد للولايات المتحدة. الصيغة الثانية «إيران ليست كوريا الشمالية»، بمعنى أن تعاقبية تصلّب ـ انفراج لا يمكن إسقاطها على النموذج الإيراني، فالنموذج الإيراني «متمدّد»، فيما النموذج الكوري الشمالي «انعزالي بطبيعته». تندرج الصيغتان ضمن منطق المقارنات بين سلوكيات ومآلات «الدول المارقة» في التوصيف الأمريكي منذ عقدين. وهي بهذا المعنى صيغ ليس فقط أيديولوجية، بل أساساً «دعائية». لا يمكن الركون إليها لفهم المسألة الكورية في راهنها وأفقها، كمسألة يرتبط فيها كل مسار نازع للنووي بمسار إنهاء الحرب بين الشطرين وكل مسار على هذا الصعيد بإشكالية إعادة توحيد كوريا لتأخذ مكانها بين الأمم الأسيوية الناهضة، فهذه ليست أبداً إشكالية خيالية بالنسبة لعموم الكوريين، شمالاً وجنوباً. بإغفال الإطار القومي للمسألة الكورية، لا قابلية للفهم، تماماً مثلما أنّه، وأياً كانت الشكوى من سياسات إيران في المنطقة العربية، فإنّ طرح مسألتها «النووية» بشكل معزول عن احتكار إسرائيل الإقليمي للسلاح النووي، يوجد أساساً عميقاً للمكابرة على الفهم. بقي شيء هنا، ليس بتفصيل: لم يحظ النظام الحاكم في كوريا الشمالية بجاذبية «اكزوتية» تقارن بما كان للصين وفيتنام وكوبا في أفئدة المعادين للامبريالية عبر العالم. فقط في السنوات الأخيرة لوحظ شيء من هذا القبيل، بسبب حشر واشنطن لهذا النظام مع الأنظمة التي تناوئها في الشرق الأوسط في خانة واحدة، هذا مع أن العلاقات الكورية الشمالية ـ الإيرانية مثلاً ظلّ تطورها محكوماً بعائق موازنة طهران علاقتها «العسكرية» مع كوريا الشمالية، بعلاقتها «الأجدى» اقتصادياً مع كوريا الجنوبية. كوبا كانت «فردوس» الثوريين بخلاف كوريا الشمالية. حتى عندما حاول اوباما ممازحة راوول كاسترو، فعلها من موقع يريد أن يقول في خلفية متخيلة ما، بأنّهما «تقدميّان في نهاية التحليل». يوحي ترامب بالعكس تماماً هنا، يوحي بأنّه استعاد نظرية «جوتشيه» الكورية الشمالية على طريقته، نوع خفيّ من التلاقي الأيديولوجي بين القوميين الشعبويين.
11HAD

قمّة سنغافورة: بين الإطارين العالمي والقومي للمسألة الكورية

وسام سعادة

حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: جميعنا في سفينة واحدة وأي انقسام هو إضعاف ذاتي

Posted: 16 Jun 2018 02:15 PM PDT

ما هي تفاصيل المشروع الإسرائيلي الأمريكي الذي ينفذ على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة لتصفية القضية الفلسطينية؟ ولماذا تتوقع الدكتورة حنان عشراوي حربا دينية؟ وهل تراجع بالفعل معسكر الحلفاء التاريخيين للقضية الفلسطينية؟ ولماذا لم تنفذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي؟ وهل بالإمكان نقل تجربة غزة في المقاومة الشعبية إلى الضفة الغربية؟
«القدس العربي» حاولت الإجابة عن كل تلك التساؤلات وغيرها من خلال حوار أجرته مع الدكتورة حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمعروفة فلسطينيا وعربيا ودوليا بالدبلوماسية الهادئة القوية بحكمتها وعقلها المتقد ووطنيتها ونظرتها الاستشرافية للمستقبل.
○ هناك قرارات تم اتخاذها من قبل المجلس المركزي والوطني واللجنة التنفيذية كان من بينها تحديد العلاقة مع إسرائيل ومع ذلك لم يتم تنفيذها حتى اللحظة، لماذا؟ وهل كانت من باب المناورة السياسية؟
• أولا علينا أن ندرك ان القرارات التي صدرت عن الوطني والمركزي متنوعة، فمنها قرارات لا يمكن تطبيقها وبالتالي كان يجب ألا تؤخذ لتسجيل المواقف دون تطبيق، وهناك قرارات تحتاج إلى وقت ودراسة ومسؤولية في التطبيق وهناك قرارات كان يجب ان تطبق فورا وبالتالي ينبغي علينا التعاطي مع القرارات حسب طبيعتها وإمكانية تطبيقها حسب المضمون والجوهر والآثار المترتبة عليها وجميعها قيد الدراسة ولم تهمل.
○ ماذا عن القرار الأهم المتعلق بإعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها؟
• وقف التنسيق الأمني عليه «حكي كثير» واتخذ القرار منذ السنة الماضية في المجلس المركزي واللجنة التنفيذية وهناك دراسات بهذا الخصوص من لجان متخصصة ومن الصعب ان توقف كل شيء، لأن هناك قضايا حياتية معيشية في التنسيق لا تستطيع إيقافها. ولذلك تم الاتفاق على تخفيض أي اتصالات إلى أدنى مستوى كرسالة واضحة للطرف الإسرائيلي.
هناك قرار بإعادة تعريف العلاقة مع إسرائيل، وما زلنا نتابع هذا الموضوع لأن تاريخ العلاقة مع إسرائيل له جوانب مختلفة منها الاقتصادي والأمني والمدني والتجاري.
○ على ذكر العلاقة التجارية والاقتصادية مع إسرائيل هل بالإمكان التخلص من اتفاقية باريس الاقتصادية؟
• بروتوكول أو اتفاق باريس الاقتصادي لا نستطيع شطبه كليا مع انه مأساوي ومجحف، ولكن يجب فرض أمر واقع جديد وإيجاد بدائل بشكل تدريجي لأن إسرائيل تسيطر على المعابر ولا يمكن أن نقبل استمرار مصادرة إسرائيل 3 في المئة من مدخولاتنا، واقتطاع جزء لا يستهان به منها كعمولة من خلال اتفاق يسمح لها بالتحكم بمعابرنا. يجب ان نسيطر على معابرنا وأجوائنا ومياهنا وحدودنا دون أن نستأذن دولة الاحتلال التي تسرق أموالنا وتستخدمها كما تشاء.
هناك العديد من الاتفاقيات مجحفة بحقنا ومن بينها اتفاقية باريس وكانت جميعها هشة وضعيفة ونوقشت بالخفاء بعيدا عن أعيننا، وأعلنت منذ البداية عن تحفظات بشأنها.
○ عملية السلام اصطدمت في الحائط ومن الواضح انها لن تأتي بأي نتيجة وهناك وسائل مقاومة شعبية جديدة في غزة هل يمكن أن يتم اعتمادها في الضفة الغربية؟
• كل مرحلة وكل مكان له خصوصيته، الشعب الفلسطيني لم يتوقف طوال تاريخه عن ابتداع الوسائل الكفيلة بمقاومة الاحتلال، ولا يجوز أن نقول أن هناك بديلا واحدا يمكن أن يعتمد في كل الأماكن.
الحل السياسي غير متاح الآن لأن هناك ائتلافا عنصريا يمينيا متطرف يحكم إسرائيل يستهدف وجود وحقوق الشعب الفلسطيني، ويسعى نحو دولة إسرائيل الكبرى بالتوسع والاستيطان تسانده وتدعمه إدارة أمريكية تعمل كشريك ووكيل لإسرائيل في كل العالم.
وشعبنا قادر على ابتداع وسائل متعددة ومختلفة في كل مرحلة عاشتها القضية الفلسطينية مع اختلاف طبيعة الظلم الذي يتعرض له.
هناك فلسطينيون في المنافي والشتات واللجوء بدون حماية. وهناك فلسطينيون في أراضي 48 يعيشون تحت نظام عنصري قمعي. وهناك فلسطينيون في القدس يتعرضون للضم والتهويد والطرد. وهناك فلسطينيون في غزة يتعرضون للحصار والتجويع والحروب.
وفي الضفة هناك حصار داخلي لكل المدن بالحواجز والاستيطان وتقطيع أوصال الوطن وانتهاك كل الحقوق والحريات، وبالتالي لابد أن يواجه شعبنا كل هذه التحديات بأنواعها بأقل تكلفة ممكنة وأكثر مردود حسب طبيعة المرحلة ومتطلباتها وظروفها.
هناك وسائل يستخدمها شعبنا في الضفة تتناسب مع الوضع المتاح مثل الوسائل المدنية والمقاطعة والإعلامية والدبلوماسية والدولية وهناك وسائل ميدانية محدودة ضمن إطارها وواقعها على حواجز الاحتلال وداخل المدن مثل المظاهرات والاشتباك على حواجز الاحتلال.
○ من الواضح أن من يحكم في إسرائيل والولايات المتحدة هم غلاة المتطرفين دينيا، وهناك من يرى أنهم سيقودون العالم باتجاه حرب دينية. إلى أي مدى يمكن أن نصل إلى حرب من هذا النوع؟
• للأسف، نعم هناك احتمال كبير، لأن إسرائيل تستخدم ايديولوجية وعقلية دينية مطلقة. نحن نواجه عدة أصوليات منها أصولية يهودية استخدمت سياسيا من أجل تكريس السيطرة الصهيونية، وسرقة الأراضي بعد أن أضفت نوعا من القدسية اليهودية على هذه الأرض من خلال الادعاء بأنهم شعب الله المختار، ويمتلكون هذه الأرض كوعد من الله لهم.
حتى أولئك اليهود الذين لا يؤمنون بالله يستخدمون هذا الغطاء لتمرير المشروع الصهيوني الذي التقى مع الصهيونية المسيحية الأصولية في الولايات المتحدة، والذين تبنوا التفسير الحرفي للتوراة تماما كما تبنته إسرائيل لصالح مشروعها الاستعماري.
وهم يؤمنون أن كل اليهود يجب أن يتجمعوا في القدس وأرض فلسطين التاريخية لاستقبال المسيح الذي سيبيد كل من يرفضون أن يكونوا مسيحيين عن بكره أبيهم، حسب ما يؤمنون ويدعون بأنه موجود في التوراة على شكل وعد من الله، وهذا تشويه وتزوير للدين من أجل تحقيق مآرب خاصة وسياسية.
وهناك صهيونية مسيحية أصولية حرفية تتحكم في الإدارة الأمريكية وهؤلاء يشكلون خطرا كبيرا على فلسطين والعالم لأنهم يؤمنون كما اليهود الأصوليين بأن الله اعطاهم صلاحيات على الأرض وهم يقومون بتنفيذها باسم الله.
والتقت هذه المسيحية الأصولية وتحالفت معهم الصهيونية اليمينية في الولايات المتحدة مثل اللوبي «إيباك»، ومجموعة من الأصوليين تم وضعهم في البيت الأبيض وهؤلاء جميعا يمثلون قمة الصهيونية المسيحية التي تدعم الاستيطان، وهم يعملون على قلب رجل واحد، ويضعون أنفسهم في خدمة المشروع الصهيوني الأصولي، وقاموا بتشويه العلاقات الدولية، ونشر مفاهيم الانعزالية والشعبوية وازدراء القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان ورفض أي مؤسسة أممية أو أي تحرك مبني على القانون الدولي وتفتيت أي تجمع إقليمي أو دولي.
ولاحظ كيف قام ترامب وإدارته بتخريب العديد من الاتفاقيات الدولية بما في ذلك الاتفاقيات المتعلقة بجارته كندا، والاتحاد الاوروبي. وشجع على تفتيت دول هذا الاتحاد ودفعها نحو العمل بشكل فردي لا جماعي.
تحت شعار «أمريكا أولا» وعمموا هذا الشعار في كثير من دول العالم بحيث باتت هذه الدول ترفع شعار «أنا أولا» وشجعوا حلفائهم على ضرب القانون الدولي والحقوق الإنسانية الدولية.
نحن نتحدث عن تغيرات عالمية وإقليمية كبيرة تقوم بها الولايات المتحدة بتعليمات من العقلية الأيديولوجية الأصولية الصهيونية بعد أن وظفت الإدارة الأمريكية نفسها خادمة لإسرائيل.
○ كيف تؤثر هذه التركيبة المتطرفة دينيا على العالم الإسلامي؟
• هناك محاولة لاستغلال حالة الانقسام الإقليمي لخلق وتغذية انقسامات وتطرف داخل العالم الإسلامي مثل «داعش» وعرب معتدلين وغير معتدلين ومسلمين سنة معتدلين مقابل الشيعة و»داعش» ويحاولون من خلال ذلك صناعة حلف إقليمي تكون إسرائيل على رأسه ضد عدو أكبر يقومون بخلقه يسمى إيران.
لاحظ كيف يحاولون إعادة تعريف من هو العدو في المنطقة، ومن هو الصديق من خلال تنصيب إيران كعدو للمنطقة بدلا من إسرائيل التي يحاولون فرضها كقوة أمنية اقتصادية استخباراتية عسكرية للمنطقة.
○ كيف يمكن أن ننأى بفلسطين عن هذا الخراب؟
• كل ما سبق يحتاج بالضرورة إلى ضرب القضية الفلسطينية.
وفلسطين لا تستطيع وحدها مواجهة هذا المخطط وهي بحاجة لحلفائها ودعم وحماية، ونحن دخلنا بالفعل معركة بدأت بموقف حاد يواجه الولايات المتحدة تصفية قضيتنا الوطنية لأن لنا حقوق غير خاضعة للابتزاز وغير معروضة للبيع أو المقايضة، ومن يعتقد ان باستطاعته تركيع الفلسطينيين وتسليمهم فهو واهم والتاريخ يشهد على ذلك، نحن شعب يؤمن بحقوقه الإنسانية والتاريخية والوطنية والسياسية ومتمسك بهويته ومستقبل أبنائه ولن يتخلى عنها ولذلك نحاول الحد من الهجمة الإسرائيلية بالاعتماد على أنفسنا أولا وبالتعاون مع حلفائنا ومناصرينا في العالم.
○ على ذكر الحلفاء كيف تنظرين إلى امتناع بعض الحلفاء عن التصويت داخل الجمعية العمومية الأربعاء عن مواقف سبق وأن صوتوا لصالحها؟
• إسرائيل لا تحاول فقط الهجوم علينا من خلال الولايات المتحدة والتحركات الإقليمية فحسب، بل هي تحاول محاصرتنا والضغط علينا من خلال اختراق حلفائنا التاريخيين في افريقيا وأمريكيا اللاتينية وأوروبا.
خلال عملية التصويت في الأمم المتحدة لمسنا تراجع عدد من الدول الأوروبية من خلال امتناعها عن التصويت لصالح طلب الحماية الدولية لشعبنا كان من بينها ألمانيا والنمسا والدنمارك وغيرهم من الحلفاء التاريخيين.
وهذا بالفعل تراجع خطير تم بضغوط وابتزاز من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل يستهدف الدول الملتزمة بالقوانين الدولية وبقرارات الأمم المتحدة التي وافقت عليها سابقا نفس الدول التي امتنعت عن التصويت.
○ كيف يمكن مواجهة هذا التراجع؟
• علينا رص الصفوف، ومسؤوليتنا الأولى انصاف شعبنا ونعطيه الحصانة والمناعة والقدرة على الاستمرارية والصمود. هناك هجمة غير مسبوقة لتصفية القضية الفلسطينية وتركيع شعبنا وقيادته ولا يجب أن نستخف بهذه الهجمة على الإطلاق تماما كما لا يجب أن نستخف بقدرتنا على الصمود والمقاومة.
وإذا استطعنا تثبيت صمود شعبنا على أرضه ونحافظ على استمراريتنا. وعلينا ان ننسق خطواتنا ونقوي علاقاتنا مع حلفائنا ومع القوى المجتمعية في العالم من خلال الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي وتحريك الرأي العام العالمي.
صحيح اننا لا نملك المال ولكن علينا أن نتحرك بحيث نستطيع إيجاد مناعة وحصانة خارجية. ما زال الرأي العام العالمي يتعاطف معنا بقوة، وما زال يزدري إسرائيل ويطرد مسؤوليها من قاعات الجامعات والمنابر.
○ ماذا عن حالة الانقسام الفلسطيني؟ وهل هناك بالفعل مشروع ينفذ لإقامة دويلة في غزة؟
• مسؤوليتنا الأولى إنهاء الانقسام ورأب الصدع الداخلي وبناء مكامن القوة التي نمتلكها وعلينا إدراك خطورة المرحلة. جميعنا في سفينة واحدة وأي انقسام هو اضعاف ذاتي ومحاولة لإغراق السفينة.
هناك مخططات بالفعل لإيجاد الحل من خلال منح الفلسطينيين دولة محاصرة في «غزة» يتم منحها نوعا من الرخاء الاقتصادي. ويتم استئصالها كليا عن فلسطين، وتصبح معتمدة في شريان حياتها على مصر مع فتح ميناء بحري أو مطار مقابل أن تعطي هذه الدويلة المسخ الأمن لإسرائيل.
وهناك من بدأوا التعاطي مع المشروع وتم بالفعل تنظيم تحركات واجتماعات من قبل أمريكا وإسرائيل لتنفيذ هذا المشروع، وتم تجاوز وتخطي القيادة الفلسطينية التي تتصدى لهذا المشروع جنبا إلى جنب مع محاولة البحث عن بديل لهذه القيادة. وضمن المخطط لن يكون هناك أي توصل جغرافي بين الدولة المحاصرة في «غزة» مع الضفة الغربية.
○ وما الذي يخطط للضفة الغربية؟
• الضفة الغربية يخطط لها أن تكون عمليا منزوعة السلاح ضمن إسرائيل الكبرى، وبسيادة أمنية إسرائيلية، مع سيادة جغرافية على الحدود، والأجواء، والمياه. وحصر أهلها في تجمعات سكانية مستباحة يمنح أهلها حق تسميتها أي شيء يريدونه مع مصادرة معظم أراضيها.
○ ماذا عن الخطر الديموغرافي؟
• الخطر الديموغرافي الأكبر يتم عمليا التخلص منه عبر الدويلة المخطط لها في «غزة». أما عن الضفة فهم يخططون أن يحدث لها ما يحدث مع أهلنا في فلسطين التاريخية عام 1948 فهم كانوا يملكون 90 في المئة من الأرض والآن لا يملكون أكثر من 3 في المئة من الأرض محاصرين عمليا في غيتوات تسميها إسرائيل في الضفة الغربية تجمعات سكانية. رام الله، ونابلس، واريحا، وبيت لحم وأجزاء من الخليل وبدون أي ترابط بينها. وهو مخطط بدأت ومنذ فترة بتنفيذه على الأرض لفرض إسرائيل الكبرى على الضفة الغربية من خلال مصادرة الأرض وبناء المستوطنات في مناطق مدروسة وأهداف محددة مع تهميش البنية التحتية الفلسطينية وبناء بنية تحتية تربط المستوطنات بإسرائيل.

11HAW

حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: جميعنا في سفينة واحدة وأي انقسام هو إضعاف ذاتي

حاورها: منير أبو رزق

الجزائر: معركة الحريات بين عهدي «الدولة العسكرية» و«الدولة المدنية»

Posted: 16 Jun 2018 02:15 PM PDT

الجزائر ـ «القدس العربي»: عرفت الجزائر في السنوات القليلة الماضية تحولات كثيرة على عدة مستويات، فالوضع السياسي الذي تعيشه البلاد ألقى بظلاله على بقية القطاعات التي راحت تتكيف على أساس طبيعة نظام الحكم السائد. وكان من الطبيعي أن معركة الحريات الفردية والجماعية تجد نفسها في قلب الصراع الدائر والفوضى المستشرية الناتجة عن إعادة ترتيب بيت النظام من الداخل في إطار صراع الإرادات بين مختلف مكوناته وعصبه، فيما توحي كل المؤشرات أن معركة الحريات ستشتد خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة وأن النظام مقبل على مرحلة أصعب مما سبق، ولن يسمح بمن يقف في وجهه مهما كان الثمن!
نال الجزائريون حريتهم الأولى بالاستقلال عن فرنسا التي كانت تعتبر بلدهم جزءا منها وتصنفهم في درجة «الأنديجانا» ( مواطنين درجة ثانية) بعد مقاومة مريرة وحرب تحرير مجيدة سقط فيها مليون ونصف مليون شهيد، ودفعوا على خلاف الكثير من الشعوب ثمنا باهضا لاستعمار غاشم فعل بالبلاد الأفاعيل، استعبد شعبها ونهب خيراتها وأراد طمس هويتها، ارتكب المجازر الجماعية، واستخدم ضدهم النابالم، وطبق سياسة الأرض المحروقة، وفي الأخير جرب فيهم القنابل النووية، ولهذا خرج الجزائريون من الحرب وشعارهم الأبرز يقول «: بطل واحد هو الشعب». فعلى خلاف الكثير من الثورات لم يكن للثورة الجزائرية زعيم أو قائد ولا كان في إمكان أحد أن يدعي بطولة أكثر من غيره، وكانت عبارة الشعب هو السيد موجودة في معظم القوانين والدساتير، حتى وإن تم الالتفاف عليها في وقت لاحق!

السنوات الأولى

الجزائر اتجهت بعد استقلالها سنة 1962 إلى اتباع النموذج الاشتراكي الذي كان الأقرب إلى فكر من أمسكوا بزمام السلطة آنذاك، فالثورة قادها الفقراء والمعدومون، عدا استثناءات قليلة من بعض قادة الثورة الذين جاءوا من عائلات ميسورة الحال، مثل مصطفى بن بولعيد، لذا كان النموذج الاشتراكي القائم على تقاسم الثروة وعلى ملكية الدولة لرؤوس الأموال، وعلى المساواة في كل شيء، الأقرب إلى الجزائر المستقلة حديثا، ولكن النظام الاشتراكي هو أيضا نظام ديكتاتوري في طبيعته حتى في نسخته الأصلية السوفييتية، فما بال النسخ الأخرى «العالمثالثية». وكان من الطبيعي أن النظام الجزائري الذي تولى الحكم بعد صراع مرير بين قيادة الأركان والحكومة المؤقتة، التي كانت تمثل الشرعية، فيما كانت قيادة الأركان تحتكم على جيش استطاع فرض منطقه وشرعيته بقوة السلاح، أن يلجأ إلى استبعاد مسألة الحريات واعتبارها من الأمور الثانوية بل ومن الأمور التي قد تفتح على البلاد أبواب الفتن والأزمات، فلا أحزاب إلا الحزب والواحد، ولا إعلام إلا إعلام الحزب الواحد، ولا جمعيات إلا تلك التي تولد من رحم الحزب الواحد، الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب.
ورغم أن كل شيء كان محسوبا حسابه، إلا أن البداية كانت في تمرد قاده الزعيم الراحل حسين آيت أحمد الذي أسس أول حزب معارض أشهرا قليلة بعد الاستقلال، لكن المجال السياسي المغلق آنذاك لم يترك لآيت أحمد إلا سبيل حمل السلاح من أجل فرض التغيير الذي كان يريده، ولكن هذا التمرد المسلح توقف عند اعتداء المغرب على الجزائر فيما عرف بحرب الرمال. لكن المخاض تواصل، حتى وإن كان النظام فرض منطقه بالحديد والنار، ولم تستقر الأمور طويلا، إذ قاد العقيد هواري بومدين انقلابا عسكريا ضد الرئيس أحمد بن بلة الذي كان قد اختاره رئيسا ليبقى هو الخلفية، لكن الصراعات بين الرجلين واختلاف الرؤى، ومحاولات بن بلة التخلص ممن أتوا به إلى الحكم عجلت بالانقلاب عليه وتحديد إقامته وإزالة كل آثار حكمه، وأصبح للحكم واجهة عسكرية بعد أن كان له خلفية عسكرية فقط، وقام العقيد بومدين بتعطيل الدستور، ودخلت البلاد مرحلة جديدة من التوتر ومطاردة المعارضين حتى من أبناء النظام، ففي تلك الفترة اغتيل في ألمانيا كريم بلقاسم أحد أبرز قادة الثورة وقائد الوفد المفاوض في إيفيان التي أفضت إلى استقلال البلاد، كما تم اغتيال محمد خيضر في إسبانيا، وكانت أصابع الاتهام توجه إلى جهاز المخابرات العسكرية.
مع بداية الثمانينيات ورحيل الرئيس هواري بومدين ومجيء الشاذلي بن جديد، دخلت البلاد حقبة جديدة، فالرئيس الجديد وإن جاء في ثوب «البومدينية» إلا أنه سرعان ما انقلب عليها، وشرع في تصفية رموز ورجال وسياسات تلك المرحلة، لكن مسألة الحريات بقيت على الحال نفسه، والنظام رافض لأي انفتاح أو تفتح، بدليل الخطأ الذي ارتكبه سنة 1980 عندما منع محاضرة للأديب مولود معمري في مدينة تيزي وزو في منطقة القبائل، لتشتعل بعدها مظاهرات واحتجاجات قوبلت بقمع من طرف قوات الأمن مأمورة من نظام لم يعر الأمر أهمية، واعتقد أنه يستطيع سحق المظاهرات، لكنه تسبب فيما أصبح يعرف بالربيع الأمازيغي، وهي أول انتفاضة ضد النظام الحاكم، والتي انتهت بسقوط عشرات القتلى، فضلا عن الجرحى والموقوفين.

مخاض وتجاذبات

سنوات الثمانينيات شهدت ظهور الكثير من الحركات والتنظيمات التي كانت تنشط في غالبيتها في السر، سواء تعلق الأمر بالإسلاميين أو الحقوقيين، والذين تعرض الكثير منهم إلى الاعتقال ومثلوا أمام محكمة أمن الدولة وسجنوا، ولكن البلاد التي كانت تعاني غياب أفق سياسي دخلت في أزمة اقتصادية خانقة وسط تجاذبات دولية ميزها تراجع الاشتراكية وتهاويها، فضلا عن صراعات صامتة داخل النظام، كل هذا عجل في انفجار ما عرف بأحداث الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر التي كانت انتفاضة شاملة هزت أركان النظام، دون أن يعرف أحد الأسباب المباشرة لها، ولا ما إذا كانت عفوية أو مفتعلة، ولا إن كانت جهات من داخل النظام حركتها أو أيادي خارجية دفعت نحوها، ورغم أن انتفاضة الشعب الجزائري لم تحمل مطالب واضحة عدا رفع الغبن والظلم عن المواطن، إلا أنها وجدت من يلبسها لباس مطالب التعددية والانفتاح الديمقراطي، ووجدت أيضا من يركب موجتها من الإسلاميين.
الجزائر عرفت نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات انفتاحا ديمقراطيا غير مسبوق، فقد سمحت السلطة بتأسيس الأحزاب والجمعيات وفتحت الباب أمام التعددية الإعلامية بل وساهمت فيها، وتأسست منظمات حقوقية، وسارت الأمور بنوع من الفلتان المتأرجح بين التفاؤل وبين التخوف مما هو آت، فالإسلاميون اكتسحوا الساحة السياسية وفازوا بالانتخابات المحلية سنة 1990 وخطابهم يزداد تطرفا، والنظام ينسحب أمامهم مرة بعد أخرى فاسحا المجال لهم في انتظار أن ينقض عليهم، وهو ما حدث بعد إجراء الدور الأول من الانتخابات البرلمانية في كانون الأول/ديسمبر 1991 وفوز الإسلاميين بالأغلبية الساحقة من مقاعد البرلمان، الأمر الذي جعل قادة الجيش يقررون التدخل ووقف المسار الانتخابي، بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، ودخلت البلاد عهدا جديدا أكثر خطورة مما سبق.
عاشت الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي ما وصف بالحرب الأهلية أو الحرب على الإرهاب، البعض يراها عشرية حمراء بلون الدم الذي سفك والبعض الآخر يراها سوداء بلون الخراب والدمار واليأس الذي حل بها، الأكيد أنها كانت سنوات مرت كأنها عقود، سنوات فقدت فيها الدولة وضاعت فيها الحريات، لأن الأمن كان أولوية الأولويات، والإرهاب كان يتربص بالمواطنين والمواطنات، حصد الأرواح وخرب الممتلكات، ورغم ذلك كانت هناك أصوات تدافع عن الحريات، وتدعو إلى وقف المحاكم الخاصة وغلق المحتشدات والكشف عن مصير المفقودين والمخطوفين، ووضع حد للتجاوزات.

أطول مرحلة

مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كانت مختلفة عن غيرها، لسبب رئيسي وهو أنها طالت من حيث الزمن، فعند دخول العام المقبل سيكون بوتفليقة الذي وصل الحكم سنة 1999 قد قضى في الحكم 20 عاما، وهي أطول فترة حكم عرفتها البلاد. فبن بلة حكم البلاد أربع سنوات، وبومدين 13 سنة، والشاذلي بن جديد 13 وبعده الرئيس محمد بوضياف 6 أشهر، والرئيس علي كافي عامين ونصف، والرئيس اليامين زروال 5 سنوات، كما أن البلاد خلال فترة حكم بوتفليقة خرجت من مرحلة الإرهاب إلى مرحلة ما بعد الإرهاب التي تفضل السلطة تسميتها بـ «فترة المصالحة الوطنية».
الرئيس بوتفليقة بدأ فترة حكمه برده العنيف على صحافي فرنسي سأله يوم إجراء الانتخاب عما إذا كان سيفتح السجون السرية للمخابرات؟ بأنه لا توجد أي سجون سرية، كما أن بدايات عهده عرفت توترا في علاقاته مع الصحافة والصحافيين، فلم يتقبل الرئيس المنتخب لتوه هامش الحرية الذي كان موجودا لدى العاملين في مهنة المتاعب، ولم يتوان في وصفهم بـ»طيابات الحمام» وهو الوصف الذي أثار جدلا واسعا، لما فيه من إهانة للصحافة والعاملين بها، وخلال بدايات حكمه تم تعديل قانون العقوبات الذي تضمن الحبس ضد الصحافيين، وهو ما أثار جدلا واسعا، كما أن الرئيس الجديد لم يتقبل وجود أحزاب سياسية كثيرة، واستغرب ذلك، وحتى وإن لم يغير القانون إلا أنه عمل على عدم اعتماد أحزاب جديدة، خاصة تلك التي أسسها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق، وسيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الأسبق.
ولم يعمر الرئيس بوتفليقة طويلا في الحكم حتى اندلعت ما عرفت بأحداث الربيع الأسود، فمقتل شاب في مركز للدرك في منطقة القبائل أعقبه تسيير كارثي من قبل السلطات التي لم تسارع إلى تهدئة الأمر، بل صبت الزيت على النار بتصريحات وزير الداخلية آنذاك نور الدين يزيد زرهوني، لتشتعل المنطقة نارا وغضبا قرابة عامين، سقط خلالها أكثر من 100 قتيل برصاص قوات الأمن، ولتضطر السلطة بعد ذلك إلى تقديم تنازلات أكبر من تلك التي كانت ستقدمها لو سارعت لاحتواء الأزمة في بدايتها، فالرئيس بوتفليقة الذي قال لما انتخب إنه لن يكون الرئيس الذي سيجعل الأمازيغية لغة وطنية، عدل الدستور خصيصا سنة 2002 لجعل الأمازيغية لغة وطنية ثم لغة رسمية في وقت لاحق.
كما أن رياح الربيع العربي التي بدأت تهب على الجزائر سنة 2011 جعلت السلطة تسارع إلى الانفتاح قليلا، بأن أعادت فتح الباب أمام تأسيس أحزاب سياسية، وكذا سمحت بإنشاء قنوات تلفزيونية خاصة، ووعدت بترقية مكانة المعارضة، وألغت عقوبة الحبس ضد الصحافيين، وهو ما اعتبر مكسبا بالنسبة للمناضلين في سبيل تكريس الحريات الفردية والجماعية، حتى وإن كانت السلطة نفسها التفت حول ما أعطته باليمنى لتأخذه مجددا باليسرى.

الرابعة والخامسة أيضا!

أصيب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في نيسان/أبريل 2013 بجلطة دماغية، لكن القائمين على السلطة اختاروا مصطلحا آخر لتوصيف الحالة فقالوا في بياناتهم الرسمية إن الرئيس أصيب بنوبة إقفارية عابرة، وبعد مرور أسابيع وأشهر تبين أن الرئيس أصيب بجلطة دماغية أفقدته القدرة على المشي وتحريك بعض أطرافه ما أفقده القدرة على الكلام بشكل جيد، ورغم وضعه الصحي الصعب، إلا أنه اختار الترشح إلى ولاية رئاسية رابعة، رغم معارضة الكثيرين، حتى من داخل النظام نفسه، لكن الممسكين بزمام السلطة قرروا وانتهى الأمر، وتم ترشيح الرئيس مجددا، واندلعت مظاهرات رافضة لترشحه قادتها حركة «بركات» ( كفاية) التي تأسست على عجل وضمت ناشطين وإعلاميين وسياسيين ومواطنين عاديين قرروا رفض الولاية الرابعة، وتسامحت السلطة إلى حد ما مع تلك المظاهرات، وأوقفت العشرات من المشاركين فيها لتعيد إطلاق سراحهم، ومرت الأيام والأسابيع وجرت الانتخابات الرئاسية وحصل بوتفليقة على ولاية رابعة.
قبيل انقضاء الولاية الثالثة وبداية الرابعة اندلع صراع خفي ما لبث أن خرج إلى العلن بين مكونات النظام، والذي أخذ صورة صراع بين جهاز الاستخبارات والرئاسة، أي بين الفريق محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق قائد الجهاز الذي كان ذكر اسمه كافيا لترتعد الفرائص، وبين الفريق الرئاسي، حول الولاية الرابعة، وكان عمار سعداني أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني على رأس الذين وظفوا في هذه الحرب للإطاحة بالجنرال توفيق، وكان هو ( أي سعداني) المبشر بما أسماه الدولة المدنية التي أراد أن يقدمها كبديل لما يعتبره «الدولة العسكرية» مؤكدا أن نهاية توفيق ستكون بداية عهد جديد من الانفتاح والحريات، ولكن توفيق سقط نهاية 2015 بأن أقيل وأحيل إلى التقاعد، والدولة المدنية التي بشر بها سعداني مؤيديه وخصومه كان هو أول ضحاياها بعد أن أبعد من منصبه بطريقة أقل ما يقال عنها إنها مهينة.
كما أن الحريات التي وعد بها سعداني لم تر النور، إلا على الورق، فالمظاهرات أصبحت مرفوضة أكثر من أي وقت مضى، وإذا كانت السلطات تكتفي بمنعها أو توقيف المشاركين فيها، إلا أنها أصبحت تلجأ إلى استخدام القوة لتفريقها، كما حدث مع المظاهرات التي نظمها الأطباء المقيمون طوال الأشهر القليلة الماضية احتجاجا على أوضاعهم المهنية والاجتماعية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قدماء الجيش وأعضاء الحرس البلدي، الذين منعوا من التظاهر.
كل المؤشرات توحي أن المرحلة المقبلة ستكون صعبة، فالسلطة مصممة على المضي نحو ولاية خامسة لبوتفليقة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، والمعارضة مصممة على التصدي لهذا المشروع، الذي يعترف رجال النظام أنفسهم في جلسات خاصة أنه صعب الإقناع به وأنه سريالي، لذا لن يكون أمام السلطة سوى القوة لفرض منطقها على المعارضين لها.

11HOR

الجزائر: معركة الحريات بين عهدي «الدولة العسكرية» و«الدولة المدنية»

كمال زايت

حكاية التكية المصرية في أرض الحجاز

Posted: 16 Jun 2018 02:14 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: «التكية المصرية من الآثار الجليلة ذات الخيرات العميمة، وأنها نعمت صدقة جارية لمسديها ثواب جزيل وأجر عظيم، وقد أنشأها ساكن الجنان محمد علي باشا رأس الأسرة الخديوية في سنة 1238 هجرية … يرد إليها من الفقراء في الصباح والمساء، فيتناول الفقير في كل مرة رغيفين وشيئا من (الشُربة) والأرز واللحوم والسمن، وربما أعُطي أكثر من ذلك إن كان فقره مدقعا، وكثير من نساء مكة الفقراء يتعيشن بما يأخذن ويكتفين بذلك عن مسألة الناس … ولو سمعت الأدعية المتصاعدة من قلوب الفقراء لرب هذه النعمة لأكبرت هذا العمل، وانساقت نفسك إلى أمثاله إن كان لديك سعة فى المال وبسطة، أما التكايا الأخرى فلم أزرها، لأنه لا يأوى إليها فقير». (من كتاب مرآة الحرمين لإبراهيم باشا رفعت كومندان بعثة الحج المصرية).
تأتي هذه العبارات لتوضح مدى الأهمية الاجتماعية والسياسية وقبلها الاقتصادية لوجود (التكايا) التي توقف على فقراء المسلمين. ونظراً لوجود المقدسات الإسلامية في أرض الحجاز ــ العربية السعودية حالياً ــ فقد كانت من أهم المناطق التي اهتم بها حُكام مصر باعتبارها واجباً دينياً في المقام الأول، كذلك دلالة على بسط النفوذ السياسي وقوة الدولة المصرية. ورغم محاولة مستميتة من العربية السعودية لمحو هذا التاريخ، والذي تراه مجرّد سُبّة في حقها كفقراء في الأمس يستجدون العطايا والمنح المصرية، إلا أنه ورغم محو هذا الأثر ــ هدم التكية تماماً عام 1983 ــ إلا أنه يظل باقياً كدلالة معنوية لما كان عليه حال الدولة المصرية في تلك الأيام. ويلاحظ أن التكية المصرية لم تكن وحدها في مكة، فقد شاركتها تكايا آخرى، لكنها كانت الوحيدة التي يأوي إليها الفقراء.

النشأة

تأسست التكية المصرية مع دخول جيوش محمد علي، أراضى الحجاز في بداية عام 1811 ميلادية، ورغم خروج مصر من شبة الجزيرة العربية عام 1840 وانتهاء السيطرة السياسية لمصر على أرض الحجاز، فقد ظل الحجاز يعتمد على ما ترسله مصر سنويا من خيرات ومخصصات للحرمين الشريفين وللأشراف والقبائل العربية في ما عرف باسم «مخصصات الحرمين والصرة الشريفة». بدأ إنشاء أول تكية في مدينة مكة المكرمة بأمر من محمد علي باشا، ومن ثم ذهبت إلى المدينة المنورة على يد ابنه إبراهيم باشا، بحيث تتمكن مصر من مساعدة إطعام حجاج بيت الله من المصريين ومن كل الجنسيات. حيث بدأ زوارها يوميا حوالي أكثر من 400 فقير، ويزيد هذا العدد إلى 4000 فقير خلال شهر رمضان وقت الحج. فعندما يصل الحاج إلى الأراضي الحجازية يتوجه إلى التكية المصرية يأكل ويشرب وينام ويحظى بالرعاية الطبية على حساب الدولة المصرية، فلم يقتصر إطعام الفقراء في التكية على المصريين فقط، بل كانت مفتوحة أمام جميع المسلمين على اختلاف جنسياتهم، أما المصريون فقد تمتعوا دون غيرهم بميزة الإقامة والسكن داخل التكية طوال مدة أداء الشعائر المقدسة.

التكية

بداية، اختلفت الأقاويل حول كلمة «تكية» فبعضهم يرجعها إلى الفعل العربي اتكأ، بمعنى استند أو اعتمد وكأنها وضعت لمن يتكئ فلا يعمل ولا يطلب رزقاً حتى إذا حان وقت الوجبة اتجه إليها ليحصل على الطعام، ومنهم من يرى أنها تركية الأصل وهي الاتكاء والتوكؤ والاستناد إلى شيء للراحة والاسترخاء. والبعض يرى أن الكلمة أتت من تكية الفارسية، بمعنى جلد، فشيوخ الزوايا الصوفية كانوا يجعلون جلد الخروف أو غيره من الحيوانات شعاراً لهم.
وبالنسبة للتكية المصرية فيبلغ طولها 89 متراً وعرضها 50، وعلى الرغم أنها مبنية من دور واحد، إلا أنها متقنة التصميم بحيث ضمت طاحونة لطحن القمح ومطبخا واسعا ومخزنا وحجرات للزوار. تضم التكية طاحونة يتناوب إدارتها أربعة بغال لطحن القمح، وفيها مطبخ واسع فيه ثمانية أماكن توضع عليها أوان ثمان من ذات الحجم الكبير (قزانات)، وفيها مخبز ذو بابين يُخبز به العيش ومخزن وحجرات للمستخدمين. وفي مدة الحج يسكنها بعض عمال المحمل كالطبيب والصيدلي وكاتب القسم العسكري والسقائين، وتوضع فيها أمتعة الأمير والأمين، وفي التكية بيوت أدب (حمامات) وصنابير ماء ومكان جميل مفروش في وسط بركة ماء صناعية (فسقية) ويجلس فيه أمير الحج وأمير الصرة وكاتب حينما يصرفون المرتبات. ومكتوب على باب التكية بالخط الثلث: «لعباس مولانا الخديوي فضائل .. عليها دليل كل يوم مجدد، رأيناه قد أحيا تكية جده .. فقلنا أعباس بنى أو محمد».

التنظيم الإداري

كانت التكية تحت إدارة مباشرة لعدة موظفين، وهم: ناظر ومعاون وكتبة يقومون جميعاً بخدمة الفقراء. وفي مدة الحج يتواجد فيها الطبيب والصيدلي وكاتب القسم العسكري لضبط الأوضاع في الازدحام خلال تلك الفترة. وكانت مرتبات موظفي تكية مكة المكرمة تبلغ 1047 جنيها مصريا و 7050 جنيها ثمن أغذية بالإضافة إلى عشرة جنيهات لإحياء ليلة المولد النبوى و10 أخرى في 13 رمضان تذكاراً لوفاة محمد علي باشا و10 لموسم عاشوراء و10 لعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة ملك مصر و16 جنيها لإتخاذ محل لصلاة التراويح في المسجد الحرام. وتقول بعض الإحصائيات أن الإنفاق على تكيتي مكة والمدينة بلغت عام 1909 ما يقرب من 1960 جنيها من ضمن إجمالي نفقات مصر في الحرمين والتي بلغت 50 ألف جنيه.

عهد سعيد

وفي عهد والي مصر سعيد باشا، حظيت تكية المدينة المنورة بعنايته وأصدر أمره في شهر رمضان سنة 1277 هجريا/1860ميلاديا بزيادة الكميات المرسلة من اللحم والأرز والغلال على أن تُجمع النقود اللازمة من إيراد بعض أملاكه الخاصة. كما أوقف مساحة كبيرة من أرضه الزراعية لأعمال الخير في التكية. واشتملت أوامر سعيد باشا على أن تجمع تلك النقود من إيراد بعض أملاكه في مديرية البحيرة، أما الغلال فترسل من الأرض التي يملكها في فارسكور، أما الأرز فيرسل من زراعة ديروط. كما اشترطت أوامر الوالي المصري أن تكون مصاريف النقل مأخوذة من إيراد أرضه في البحيرة. وبلغت مساحة الأراضي الموقوفة على هذه الأمور الخيرية أربعة آلاف وسبعمئة وواحد وخمسين فدانا وهو ما يوضح حرص سعيد باشا على الإنفاق على التكية من ماله وأملاكه الخاصة حتى تكون قربى له عند الله يوم القيامة.

إنها تكية محمد علي

ومن الحكايات التي تدلل على اهتمام الحكومة المصرية طوال تاريخها ــ في عهدها الملكي ــ بالتكية وأحوالها، ما ذكره إبراهيم باشا رفعت كومندان بعثة الحج، من أنه عندما كان في حجة سنة 1325 هجرية، وجد ناظر التكية لم يصرف للفقراء شيئاً لمدة 17 يوما، وذهب إلى هناك في الصباح، فوجد الباب مغلقاً، فأمر جاويش القرة قول (القسم) بفتح الباب وأشار للفقراء بالدخول، وبعث إلى الناظر فأوقظه من نومه وقال له «هذه تكية محمد علي جُعلت للفقراء، فكيف توصد الأبواب من دونهم؟» وأمره بشراء خبز من السوق وصرفه لهم، ثم سأله عن السبب في ما فعله، فأخبره أن في البلد وباء وأنه ينتظر حتى يسافر المحمل والحجاج، فقال له «إن ترك الصرف يزيد الوباء لأن الفقراء يموتون جوعاً فتزداد الوفيات» وأمره بفتح التكية.

الملك فؤاد والتكية المصرية

للملك فؤاد حكاية عجيبة مع التكية المصرية تشبه شخصيته. فقد نصحه المقربون منه بالسفر إلى الأراضي الحجازية، تكفيرا لذنوبه، لكنه اعتذر لكثرة مشاغله ومسؤولياته وتفرغه لأمور الحكم، فاقترحوا عليه أن يعين أحد الأفراد في التكية يقوم بأداء الصلوات الخمس، ويقوم بإطعامه مقابل أن يقوم بالدعاء له! ويتقاضى نظير ذلك راتبا شهريا يقدر بـ 25 جنيها. وهو راتب كبير بمقاييس ذاك الزمان، فكان الرجل المنوط به القيام بذلك، ويدعى الشيخ علي الغزالي، يجتلس أريكته في التكية في مكة، بينما يجتلس فؤاد عرش مصر، وهو مطمئن البال بأنه يؤدي فرائضه على الوجه الأكمل. من ناحية أخرى، كان الحج يتكلف أيام الخديوي عباس 3 جنيهات، جنيه لتأجير جمل يحمل أمتعة الحاج من مصر إلى الأراضي الحجازية، وباخرة من نوبيع تحصل على 50 قرشا، وغذاء الجمل يكلف جنيها أو جنيها وربع. وحينما يصل الحاج إلى الأراضي الحجازية يتوجه إلى التكية المصرية، يأكل ويشرب وينام ويحظى بالرعاية الطبية على حساب الدولة المصرية.

حلم الخلافة والثأر المقيم

سعت العربية السعودية لمحاولة قيادة العالم الإسلامي وإحياء الخلافة الإسلامية بعد سقوطها على يد كمال أتاتورك في تركيا عام 1924 ودار الصراع وقتها بين الملك عبد العزيز، والملك فاروق الأول ملك مصر والسودان، فتنافس عاهلا السعودية ومصر في إقامة القصور استعدادا لاعتلاء كرسي الخلافة، فأنشأ الملك عبد العزيز سلسلة قصور في مدينة الخرج التي تقع جنوب شرق العاصمة الرياض، وتوسع الملك المصري في قصوره في الإسكندرية والقاهرة. ومع اشتداد الصراع على منصب الولاية والخلافة تدخل الإنكليز وفضوا الاشتباك بين العاهلين، ذلك بابتكار فكرة الجامعة العربية، وبالتالي انطفأ الصراع على منصب الخليفة الديني. فالسعودية سعت على الدوام إلى قيادة العالم الإسلامي، وكانت مصر تمثل المنافس القوي لها، لهذا قامت بهدم كل الآثار المصرية في الجزيرة العربية، سواء التكية المصرية في مكة والمدينة، لكي لا تتذكر الأجيال الراهنة الدور القيادي لمصر في أرض الحجاز، حتى أنه عند زيارة الأراضي المقدسة قبل هدم التكية كانت السلطات السعودية تمنع المصريين من زيارتها. لم تنس السعودية قضاء محمد علي والجيش المصري على حركة التمرد ضد الدولة العثمانية، ودور إبراهيم باشا في القضاء على قيام الدولة السعودية الأولى، هذا الثأر الذي لم ينته حتى الآن.

آخر صور الفقر

حينما تم هدم التكية المصرية بحجة توسعة الحرم سنة 1983 كتبت الصحف السعودية تقول «اليوم نسقط آخر صورة من صور الفقر في المملكة». فالأمر لم يكن اعتباطياً، بل فكرة مسلطة على الساسة السعوديين، بأن تمحو آخر مظهر ووجود للمصريين على أراضيهم، حتى ولو كان هذا الأثر ذو دلالة دينية أو ما شابه من اقترابه وتماسه مع المقدس الإسلامي. تم هدم التكية المملوكة لوزارة الأوقاف المصرية في عهد مبارك المخلوع، ودون معرفة وزارة الأوقاف، وفي غفلة من الجميع، مما يوضح مدى التواطؤ بين مبارك والنظام السعودي.

حكاية التكية المصرية في أرض الحجاز

محمد عبد الرحيم

قلعة القاهرة في تعز اليمنيّة: شاهدٌ تاريخي يروي مأساة التراث تحت وقع الحرب

Posted: 16 Jun 2018 02:14 PM PDT

صنعاء ـ «القدس العربي»: على الرغم مما الحقته بها مقاتلات التحالف من دمار كبير، ما زالت قلعة القاهرة في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) تقف بكل عنفوان تاريخها شاهدة على حرب كانت هذه القلعة جزءاً منه وصولاً إلى الحرب الراهنة، بدءاً من استخدامها من قبل القوات الموالية لجماعة «أنصار الله»(الحوثيين) والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله ضد ما تُعرف بقوات المقاومة الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، ومن ثم استهدافها من قبل مقاتلات التحالف ملحقة خراباً في معظم معالمها، انتقلت معها السيطرة العسكرية عليها لفصيل آخر، لتبقى القلعة تنزف في قلب المعركة المستعرة هناك.
كانت هذه القلعة، التي تُعدّ من أهم القلاع التاريخية في البلاد، جزءاً من ساحة الحرب منذ استعارها عام 2015. كان ذلك بعد عام من إعادة افتتاحها عقب ترميم استمر 12 سنة كمعلم تاريخي فريد قررت السلطات عام 2014 فتحه مزاراً ثقافياً يروى تاريخاً طويلاً من تكريس القلعة موقعاً عسكرياً ومعتقلاً سياسياً، ويتحدث عن خصوصيتها كمعلم معماري عسكري إسلامي متميز، لتأتي الحرب الراهنة، وتدفن تحت الركام أحلام ومشاريع استثمار وتطوير موقعها ومبانيها ضمن مشاريع ثقافية كان منها ضمها إلى قائمة» يونيسكو» للتراث الإنساني العالمي بالإضافة إلى استثمار المكان مقصدا ثقافياً وسياحياً، وهو ما كانت السلطات قد بدأت بالاشتغال عليه، بما في ذلك تجهيز ما يعرف بـ»دار الأدب» داخل القلعة ليكون متحفاً، وهو ما تم فيه نقل عدد من القطع واللقى الأثرية الخاصة بالمتحف إلى هناك. إلا أن كل ذلك بات اليوم تحت الركام بما في ذلك القطع الأثرية، لتمثل تلك الآثار رقماً آخر يُضاف للخسائر التي خلفها الدمار الناجم عن استهداف القلعة التي تبقى، اليوم بما نالها، شاهداً عما وصلت إليه مأساة التراث تحت وقع الحرب.

أضرار في السور والقصر

خصوصية موقع القلعة وتميز تصميمها ومعمارها وتحصيناتها جعل منها مركزاً للحكم وموقعاً عسكرياً دفاعياً؛ ولهذا كانت هدفاً وجزءاً من الحروب التي كانت تستهدف السيطرة على المدينة خلال عهود عددٍ من الدول التي تعاقبت على الحكم، وآخرها الحرب المستعرة حالياً. فعندما اندلعت هذه الحرب وكانت مدينة تعز إحدى ساحاتها، ونتيجة لذلك دخلت القلعة ضمن استخدامات واستهدافات المعركة، بدءاً من استخدامها من قبل القوات الموالية للحوثيين/ صالح عام 2015 ضد القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور وصولاً لاستهدافها بالطيران من قبل مقاتلات التحالف أكثر من مرة، وبخاصة في أيار/مايو 2015.
وحسب بيانات الهيئة اليمنية للآثار والمتاحف فإن طائرات التحالف ألحقت بالقلعة ضرراً صنفته «كلي». وفي تصريح لـ»القدس العربي» قالت خبيرة الآثار في مدنية تعز بشرى الخليدي «لقد تسببت غارات الطيران بأضرار كبيرة في السور والقصر والمخازن، بما في ذلك ما كان يعد متحفاً داخل القلعة، وكان يضم عدداً كبيراً من القطع واللقى والمقتنيات الأثرية الهامة، كلها نالها الدمار وطمرها الركام».
وتحدثت عن محاولات عند بدء الحرب لدى أطراف الصراع لتجنيب القلعة الاستخدام والاستهداف العسكري، حفاظاً على قيمتها التاريخية الثمينة: «حينها استجاب الطرفان، إلا أنه سرعان ما توالت الاستفزازات وعادت المواجهات، حتى تم استهدافها من الطيران».
ما شهدته هذه القلعة ليس سوى صورة من صور الدمار الذي نال المعالم التاريخية في البلاد جراء الحرب، والتي يعكس مدى استهتار أطراف الصراع بكل ما له صله بالذاكرة الثقافية والهوية الوطنية؛ وبالتالي – يرى البعض- أن جميع الأطراف مسؤولة عما تعرضت وتتعرض له هذه المعالم.

أول معتقل سياسي في اليمن

تنتشر في اليمن الكثير من القلاع والحصون تروي تاريخ المعمار العسكري الإسلامي هناك. وتعد قلعة القاهرة في مدينة تعز، وعلى الرغم من وجود أكثر من قلعة يمنيّة لها ذات الاسم، من أشهر قلاع اليمن الأثرية ومن أبرز شواهد العمارة الإسلامية الحصينة، ذلك أنها تختزل موقعاً وتصميماً وتوزيعاً وتشييداً وتسويراً وتوظيفاً أبرز ملامح خصوصيتها. ما زال كل شيء هناك ينبض بروح التاريخ الذي يعود بالقلعة إلى ما قبل ألف سنة كانت خلالها داراً للحكم وسجنا ومدرسة وأكثر من ذلك، وعُرفت في مرحلة من المراحل بأنها أول معتقل سياسي في اليمن، واستمرت كذلك حتى مرحلة متقدمة.
ظلت القلعة تحتفظ بمنشآت تعود لمراحل مختلفة من تاريخ اليمن على مدى الألف سنة الذي هو عمرها متفردة بتصميم ربما لا نظير له في القلاع الأخرى، وهو تصميم أجاد استغلال موقعها ومساحتها الصغيرة لتحتوي مرافق وظيفية وخدمية تلبي الحاجة منها دار للحكم وثكنة عسكرية وما يلحق بهما.
ونحن نكتب عنها ستتجاوز ما نالها من خراب في الوقت الراهن، لنتحدث عما كانت عليه قبل الحرب، ذلك باعتبارها جزءاً من التاريخ، والتاريخ لا ينتهي بطمر معالمه، علاوة على أن البلاد ستطوي صفحة الحرب حتماً، وسيُعاد تشييد ما تم تدميره مما يمكن إعادة تشييده بما فيها هذه القلعة.

أبّهة ورهبة

على الرغم مما نالها من دمار، ما زالت العيون تنظر إليها بما كان لها من أبهة ورهبة، إذ ما تزال مشرئبة بموقعها على التل الصخري في السفح الشمالي لجبل صَبر، وهو الجبل الذي تفترش سفوحه ووديانه مدينة تعز (256 كم جنوب غرب صنعاء) وهي المدينة التي تزخر بمعالم تاريخية هامة من مدارس ومساجد وقصور وغيرها، من بينها هذه القلعة، التي تقف على هذا المرتفع شبه الهرمي كأنها تراقب وتحمي المدينة. هذه المدينة التي كانت ذات يوم عاصمة للدولة الرسولية (1229-1454م) التي حكمت اليمن لقرنين في تاريخه الوسيط، وتعدّ في التاريخ المعاصر إحدى أهم مُدن البلاد، ولخصوصية بيئتها الثقافية والتاريخية اُختيرت عام 2013 عاصمة ثقافية لليمن، وضمن تحضيرات تدشينها اُختيرت صورة هذه القلعة شعاراً لها، في دلالة على أهميتها بين معالم المدنية وضمن أهم معالم التاريخ الإسلامي في اليمن.

القلعة والمدينة

في مرحلة من مراحل ذلك التاريخ، وتحديداً في عهد الدولة الصليحية (1047- 1158) التي سبقت الدولة الرسولية في حكم وتوحيد اليمن، شُيدت – وفق عددٍ من المراجع- هذه القلعة، التي شهدت خلال حقب مختلفة تطورات جعلت منها فصلاً هاماً من فصول الصراع والنهضة التي شهدها اليمن، وخاصة في حقب الدُول الطاهرية والأيوبية والرسولية وصولاً إلى العهد العثماني وعهد الأئمة، حيث تحولت القلعة سجناً حربياً ومركزاً لحفظ رهائن القبائل الذين كانوا يتلقون فيها تعليمهم في مدرسة زادت من شهرتها، كانت، قبل ذاك «داراً للحكم وقصراً لسكن عائلات الحكام تحصنها الأسوار، بحدائقها المعلقة التي كانت تطل على المدينة في منظر ساحر».
يصعد الزائر إلى القلعة وهو مفتون بروعة مشهد المدينة في الأسفل، وهنا تقول الروايات إن قرية صغيرة نشأت على سفح هذه الربوة، كانت تسمى عُدينة، بضم العين، شكلت نواة المدينة التي صار اسمها تعز، ومنها جاءت، وفق إحدى الروايات تسمية هذه القلعة «حصن تعز». مما سبق فقد أدى تشييد القلعة واستخدامها داراً للحكم وثكنة عسكرية في عهد الدولة الصليحية إلى اتساع المدينة التي أصبحت في عهد الدولة الرسولية عاصمة الدولة كما سبقت الإشارة.

الأسوار

من أهم معالم القلعة تبرز الأسوار (التي هي من ضمن ما ناله الدمار مؤخراً) ذلك أنها كانت تظهر في امتدادها وتداخلها حول القلعة في منظر يكرّس الأهمية والمكانة لاسيما في تصميمها الذي يشي بعبقرية أجادت التعامل مع الوظيفة بحكمة وجمال، وهي حكاية تتواصل قراءتها وصولاً إلى باحات القلعة، حيث كان الزائر يقف على تصميم مدهش يفيض حكمة يمكن قراءتها بوضوح في مهارة استغلال البطن الصخري للربوة في حفر مخازن لمياه الأمطار وأخرى للمؤن الغذائية، فضلاً عن استغلال الأسوار المتعالية والممتدة والمشيدة على اتساع يصل إلى أربعة أمتار، في تشييد أبراج الحراسة ومساكن الحرس ومرابض الخيول وغيرها من المرافق والمتنفسات.
أما في فناء القلعة، فالمنظر كان يبدو مدهشاً في التعدد والتنوع والاستغلال الأمثل وخاصة للأروقة. والتي كان لكل منها وظيفته، ومن أسماء تلك الأروقة وفق إحدى الروايات: دار الأدب، ودار العدل، ودار الإمارة، وهذا الأخير تقول الروايات إنه كان خاصاً بالملك بالإضافة إلى قصر الضيافة، وهو خاص باستقبال الضيوف فضلاً عن مبان أخرى كانت تتدرج وتتداخل مع بقية المرافق والمنشآت المشيدة على الجانبين الشرقي والغربي للقلعة ومنها المدرسة والمسجد. واللافت أن جميعها ترتبط ببعضها بممرات بالإضافة إلى أنفاق وممرات سرية، ولتلك الانفاق حكايات وأساطير ما زالت تروى حتى الآن.

الحكاية

حتى قبل الحرب وعقب الترميم كانت أبهة المُلك تنضح من كل شيء هنا، فالقصر المنيف (ناله الدمار) وغيره من مبان ومرافق هذه القلعة تروي لنا حكايات مَن تعاقب على المُلك والحُكم فيها ومَن مرواً عليها عبر تاريخها. فكما سبقت الإشارة، فالقلعة كانت إحدى أهم الثكنات العسكرية ودُور الحكم لعدد من الدويلات اليمنيّة ابتداء من الدولة الصليحية، حيث كان الأمير عبد الله بن محمد الصليحي شقيق الملك المؤسس للدولة الصليحية على بن محمد أول من فطن لأهمية المكان، فقرر بناء قلعة حصينة عليه، فبناها سنة 1045 حيث شيد الأسوار والمخازن المحفورة في البطن الصخري للربوة، ومن ثم أكملت أروى بنت احمد الصليحي زوجة ملك الدولة الصليحية بناء مباني القلعة. وخلال تلك المرحلة بقيت تحت حكم الصليحيين إلى أن أنهار حكمهم لتشهد القلعة صراعات بين متنازعي الملك والحكم في اليمن، إلى أن زحف الأيوبيون على اليمن، الذين استولوا على القلعة سنة 1173 وحينئذ ظلت مقراً للجيش الأيوبي حتى انتهى عصر الدولة الأيوبية عام 1230 وانتقل الحكم إلى بني رسول الذين أسسوا الدولة الرسولية واتخذوا من مدينة تعز عاصمة لملكهم، وبقيت القلعة ثكنتهم العسكرية إلى سنة 1255. وشهدت القلعة خلال حكم الرسوليين تطوراً، وهو التطور الذي استمر خلال حكم الدولة الطاهرية (1451- 1517) التي استولت على القلعة عام 1454 ليتواصل استخدامها في عهد العثمانيين، ومن ثم في عهد دولة الأئمة سجناً سياسياً للرهائن وثكنة عسكرية حيث اتخذ الأئمة من أحد مبانيها مسكناً للاحتفاظ بأبناء شيوخ القبائل كرهائن لضمان استمرار الولاء والطاعة، ومن ثم تحويل مبنى دار الأدب فيها إلى معتقل سياسي للمعارضين لدولة الأئمة، وعدته إحدى الروايات أول وأشهر معتقل سياسي في اليمن. وعلى الرغم من ذلك بقيت القلعة تضم مدرسة ظلت تؤدي وظيفتها في تعليم الرهائن على أيدي عديد من العلماء.
لقد تعاقبت على القلعة عددٌ من الدول، وشهدت تطورات في الاستخدامات في مراحل مختلفة، كل ذلك ضاعف من أهميتها معلما معماريا وشاهدا على مراحل من تاريخ البلاد، مثلما تشهد اليوم باستهدافها بالتدمير واستخدامها موقعاً عسكرياً، على الحرب التي تستهدف كل شيء.

قلعة القاهرة في تعز اليمنيّة: شاهدٌ تاريخي يروي مأساة التراث تحت وقع الحرب

أحمد الأغبري

رواية التاريخ ومواضعات التسريد

Posted: 16 Jun 2018 02:13 PM PDT

لرواية التاريخ مواضعات خاصة تتأطر فيها منظورات السرد وتتحدد عبرها بروتوكولات عمل السارد، فتتمظهر المسرودات بمظهرية خاصة، وتتشكل وظائفية المسرود له والقارئ على المستويين الفني والموضوعي في صيغة تشكيل هيكلي يعطي العمل الروائي نكهة تاريخية.
وقد يطبعه بصبغة روائية تخييلية ليصبح رواية تاريخ همّها الحدث لا الواقعة بدون تقييد موضوعي، ولا تحييد فني أو حظر على استثمار المخيلة، لا يجيز للكاتب الزوغان في المنقولات أو الانفلات من التوثيق للمرويات. ولكي تشكل هذه البروتوكولات تعادلية تاريخية ذات تموضعات محددة، فإننا سنقتصر هنا على أربعة تموضعات هي (الجسد/ الذاكرة/ الإيهام بالواقع/ المركز).
1 ـ تتعامل رواية التاريخ مع الجسد لا كتاريخ بل كثقافة. ووفقا لسياسة ما بعد الحداثية تكون الكتابة الميتاخرافية التاريخية تعبيرا عن الجسد، من خلال نسقين معرفيين مختلفين، نسق يعزل الجسد عن كل ما يقع خارجه، ونسق يدمج الجسد في تناغم مدهش مع كل ما يقع خارجه، وبذلك يغدو الجسد ممتدا بلا نهاية وهذا ما تحاول الكتابات النسوية تأكيده متعاملة مع تاريخ ثقافي جديد للجسد الإنساني.
ولا غرو أن تقف ثقافة الجسد ما بعد الحداثية بالضد من الأبوية، فلا ترى الجسد بالمفهوم الاستهلاكي الذي يتضمن الرغبة واللذة والشهوة؛ بل بمعيار جديد أيديولوجي يتحدى حالات الرغبة، منتميا إلى ما بعد الحداثة، ولهذا ترى ليندا هتشيون أن (الرغبة كإشباع أرجئت إلى ما لا نهاية).
ويتخذ التعامل مع الجسد في الرواية العربية ما بعد الحداثية عامة، ورواية التاريخ خاصة، طابعا جديدا فليس الجسد كيانا للذة ولا هو موضع تصدير للشهوة، إنه الآن إشكالية تتجاذبها المتناقضات والمتضادات، فهو تحد ومقاومة وهو حياة وموت واعتلاء وذواء. وهذا الطرح إنما يأتي في سياق الانقلاب النسوي على مدخرات النسق الذكوري العام رغبة في تعرية مخبوءاته.
وأدت السخرية دورا انقلابيا في سلب المركزية من تاريخ الجسد وتحويله من مهيمن إلى مهمش ثانوي، فللزمن فعل وأثر في تقريع الطغاة وتلقينهم الدرس لأنه وحده الذي يكشف زيف (التموضع اللامعتاد) المتمثل في الاعتداد الملوكي وتحويله إلى مجرد (تموضع معتاد) والمتمثل بالذواء في شكل رفات وعظام.
2 ـ أما الذاكرة كشاهد فإن فعل الذاكرة لا ينفصل في عمومه عن خصوصه، كما لا يختلف البعد الذاكراتي الفردي عن البعد الجمعي، كونه تحصيلا عنه واستتباعا له، ولا ينفصل العامل الشخصي فيها عن العامل الرسمي، لأنهما متلاقيان حتما في شكل علاقة بين الذات والزمان والمكان. وعادة ما يعطي الاشتغال السردي حول الأسطورة أبعادا ذات دلالات رمزية، بما لا يجعل المعنى المترشح مباشرا أو عمليا بعكس السرد الواقعي، الذي يستبعد الأسطورة ليشتغل بدغماطية واقعية أو كلاسيكية، ومن هنا كانت دعوة المفكر محمد أركون لصناعة جهاز مفاهيمي جديد يخالف التفكير الأصولي، يقوم على الأسطورة والميثولوجيا والطقس العشائري والرأسمال الرمزي، ومن تقانات تحقيق هذا البروتوكول توظيف تقانة الشاهد التي بها يتم إلغاء مسألة التحقيب لتكون اللازمنية في رواية التاريخ هي الدينامية التي يسير عليها المعطى البنائي للسرد.
3 ـ الإيهام بالواقع بؤرة سردية فيها تبدو الواقعية في شكل جديد يقوض الواقعية التقليدية ليتجه بها نحو الاستيهام، فيغدو الزمن متداخلا بالمكان وتصبح الذات نهبا للتشظي الناتج من تضعضع الواقع بالوهم مع غلبة التشكيك في الأشياء التي تبدو ظاهريا كأنها موجودة ولا موجودة متشيئة ولا متشيئة، ويظل الخادع الأكبر للقارئ هو التعاطي الديالكتيكي مع ثنائية الواقع/ الحلم بالمكاشفة والتشكيك بقصدية بلوغ الحقيقة.
وهذا هو ما تسعى إليه الرواية التجريبية التي يطلق ميشيل ريمون على كتّابها اسم الروائيين الجدد، أي الروائيين الذين شرعوا في تجديد الفن الروائي، والذين يشتركون في عملهم المنظم في العثور على أشكال جديدة رافضين الأشكال الماضية. وما هذا التعاضد السردي داخل الرواية، متنا وهامشا، إلا إعلان عن توحد الذات في المكان الذي بدا كمتاهة يفضي ارتيادها إلى مغامرة، ولا مناص للقارئ من أن يسهم في هذه المغامرة شاء أم أبى، إذ أن عليه أن يفك شيفرات شخصياتها، ويوصل أطراف أزمنتها، ويلم شتات أحداثها، ليظفر بأفق توقعه الذي لن يكون مناله سهلا لكنه أيضا ليس بالعسير. وأهم غايات الواقعية الجديدة هي أن تصنع الصدمة التي بها يستفيق الوعي منتشيا بالظفر بالمعرفة حاصدا الحقيقة من منابتها الأصل، بلا تشويه ولا تدليس ولا تزييف أو تزوير. وما كتابة رواية التاريخ إلا لصق بالمبدع الذي يرى بعين ناطقة ترصد ما خفي على الآخرين حاملا كاميرا ذاكراتية تلتقط له كل ما هو صغير وتفصيلي قد يعجز غيره عن التقاطه ورصده.
4 ـ تهرئة المركز وسيادة الهامش في رواية التاريخ يكشف زيف المرويات التاريخية، بناء على طروحات المرحلة ما بعد الكولونيالية، وهنا توظف رواية التاريخ (التمثيل) الذي يعطي للكتابة طابعا تخييليا يسخر مما حفظه التاريخ لنا من مرويات ووثائق، والهدف كشف اللبس الذي تتستر به الأيديولوجيا والتاريخ. وتتوسل الرواية بفرضية ما بعد حداثية مفادها أن التاريخ مادة سردية قابلة للتنميط والتمطيط وليست مادة معرفية مفروغة الفرضيات والنظريات مقطوعة الشك محنطة في الماضي. ويتمحور الإيهام بالتمثيل في الأغلب حول بنيتي المركزـ الهامش في شكلين بنائيين أولهما أن التمثيل العشوائي هو الذي ينتج تواريخ زمنية لكنها ليست تاريخية، وثانيهما أن التمثيل التاريخي هو الذي ينطوي على زمنية أحداث وحبكات وقد يمتزج التمثيلان لتتشكل منهما مرجعية حكائية مفترضة تناقض التاريخ الخاص الذي لن يعود مجرد أحداث حصلت في مرحلة ما من الزمن، بل هي ديمومة لا نهائية ودوامة متوالية ليس فيها متعال ودان ولا ذاهب وآت. وهذا ما يحقق التزامن في التواريخ الزمنية الفاعلة أو الحقيقية والتواريخ الزمنية المهلهلة فيتخلل الماضي الحاضر ويكون الزيف موجودا فيهما معا، لأن التاريخ ما عاد علما فيفرض علينا تصديق منطقيته، بل هو محكي متخيل قد تطاله الهرطقة والأكاذيب. وتكاد هذه الخلخلة تشتغل على مستوى (الكاتب، القارئ الضمني، القارئ الفعلي) فأما الكاتب فإن مهمته تتمثل في خلخلة التوالي السردي عبر الإصرار على عدم التنازل عن واقعيته إلى الماضي، مع اللاانشداد للواقع على حساب الماضي، وبذلك يتمكن من تسجيل الماضي بمنظور الواقع الحاضر، وكأنه يمارس دورين دور المؤرخ ودور الأديب الاجتماعي، إذ ما من سبيل للاستنارة من ظلمة الحاضر إلا بما انتهى إليه الماضي من أخطاء أو انتصارات، لنتزود منها ونتعظ نحن القراء. وأما القارئ الضمني الذي هو بنية ذات وظائفية مرجعية، فإن مهمته تتــحدد في خلـخلة التعامد التخييلي داخل المعمار السردي ما بين المركز والأطراف.
أما القارئ فيتمثل دوره ككيان فعلي خارجي في ردم الخيبة في أفق التوقع، التي حصلت بسبب ما اعترى المتن النصي من إشارات زمنية خارجية، ونصوص موازية داخلية، باستعمال مقصدية الحذف والفراغات التي تخللت السلاسل السردية وأتمت البناء وأنجزته. ولا يتم التفاعل بين هذه الأطراف إلا بوجود القصد الذي يتبلور عند الكاتب في اشتغال يشترك في أدائه المسرود له، جنبا إلى جنب القارئ بطريقة تزامنية، ليكون لكل منهما محموله الدلالي ودوره الامتدادي الذي يتوزع بين الظهور والتمظهر والاستظهار والمفارقة تعبيرا عن تعاقب العصور والتواريخ والحقب. وبهذا الشكل يتحقق التوافق في الخطاب السردي بين زمن المغامرة وزمن القارئ، وبدينامية عالية ولا تتم خلخلة المركز وإبداله بالهامش إلا بتزامنية المبنى الخارج سردي مع المبنى الداخل سردي، ويعد توظيف الميتاسرد في رواية التاريخ أحد بروتوكولات خلخلة المركز والهامش على مستوى التلقي بوصف الميتاسرد خطابا يشتغل على ممكنات الكتابة الفنية وككتابة نرجسية وظيفتها خلخلة اللعبة السردية.

11ADA

رواية التاريخ ومواضعات التسريد

نادية هناوي

العرض المسرحي المغربي «سأموت في المنفى»: ذكرى الوطن كسيرة ذاتية

Posted: 16 Jun 2018 02:13 PM PDT

إن أردنا ثبت مصطلح (السيرة الذاتية الدرامية) سنجده ينطبق على عرض المونودراما «سأموت في المنفى» للمسرحي غنام صابر غنام، الذي قدمه كمؤلف وممثل ومخرج، في رواق محمد الفاسي في وزارة الثقافة المغربية. تدل الصيغة الزمنية في العنوان على المستقبل، ذلك أن ضمير المتكلم يتنبأ أن نهايته ستكون في المنفى، هذه الكلمة الأخيرة تعني البعد الاضطراري وليس الاختياري، عن الوطن، هذا الاضطرار هو الذي جعل الذاكرة خزانا لأحداث ووقائع تدل على حنين متأصل لدى الشخصية الرئيسية التي أفصحت في العرض المسرحي عن اسمها الحقيقي، وهو غنام صابر غنام، وتاريخ ومكان ولادتها، فالأمر يرتبط هنا بالشخصية الدرامية وليس الشخص.

الآليات

لا وجود لديكورات أو خشبة مسرحية، فقط ممثل وكرسي وجمهور وفضاء يجمعهم. حيث يتوسط الممثل هذا الفضاء شبه الدائري، فكانت تحركاته للتواصل المسرحي مع الجمهور، مستعملاً لغته الجسدية، الصوت والحركة وملامح الوجه وحركات العينين، وكرسيا له وظائف عديدة، كأن يستعمله قبرا. تبدأ الأحداث فيما يشبه البرولوغ المُمَهِّد لها، كتمهيد للماضي، حيث تخاطب الجمهور الحاضر مباشرة مقدمة له بعض المفاتيح لفهم العرض المسرحي، هذا البرولوغ هو جزء من العرض المسرحي، لكن ما يميزه عن بقية الأحداث هو أنه آنيّ من الناحية الزمنية وليس ماضيا. ولأنه آنيّ فهو ليس جزءا من ذاكرة هذه الشخصية. وهو ما سيتغير حسب كل عرض بالنسبة للمكان والمشاهدين وزمن التقديم، وليس الأمر كذلك بالضرورة لما بعده، وقد تحدث تعديلات أو تغييرات طفيفة في البنية، ولكنها لا تمس جوهر الخطاب المسرحي.
لتوصيل هذا الخطاب، كان لابد من وجود علامات يتم التفاعل من خلالها، أهمها لغة الممثل الجسدية، الصوت والحركة وملامح الوجه وحركات العينين، فقد كانت استدارة الوجه يمنة ويسرة، على سبيل المثال، انتقالاً من شخصية إلى أخرى في أحد المشاهد. ويمكن القول إن هذه الحركات المصحوبة بالتلوينات الصوتية، أضفت على الدلالة المسرحية شحنة عاطفية وبعدا، هذا البعد يظهر كذلك من خلال علامة مسرحية تتعلق باللباس. هذه العلامة هي الكوفية الفلسطينية، التي اتشح بها جسد الممثل، فهي رمز لفلسطين، ولم يكن الاتشاح بها للزينة، بل باعتبارها علامة على الهوية الوطنية الفلسطينية. وكان للكرسي وظائف عديدة؛ فمن الناحية الشكلية، كان الجلوس عليه للاستنطاق الذي يقوم به محقق المخابرات الأردنية تجاه الأخ الأصغر ناصر، أخ الشخصية الرئيسية، فيما يمثل حالة الاستراحة بالنسبة للأب في حديقته، أما وهو محمول على الظهر فيوصف بأنه حقيبة سفر، وموضوع وفق شكل معين على الأرض يعدّ قبرًا يضم رفات المتكلم. كان الزمن حين استُعمل الكرسي على هيئة قبر زمنًا استباقيا لم يدخل في عداد التاريخ بعد. الكرسي إذن باعتباره علامة سيميائية تتغير وظائفه انسجاما مع سيرورة الأحداث في العرض، لهذا تعددت معانيه. وبطبيعة الحال، فالفضاء يتغير حسب تغير وظيفة هذه العلامة السيميائية، إذ إن فضاء الاستنطاق ليس هو فضاء الاستراحة، وهذان الفضاءان ليسا المطار الذي يرمز إلى السفر. ويبدو أن متابعة المتكلم، الشخصية الرئيسية، لأحداث وطنه وإدراكه لتعقيدات القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي، جعلته ييأس من العودة إلى الوطن الحر المستقل غير المستَعمَر وهو على قيد الحياة، من هنا جاء العنوان «سأموت في المنفى» يختزل في حد ذاته عمق مأساة الشخصية الرئيسية ومدى تعلقها بوطنها.

البنية

في هذا العرض ثمة حكاية رئيسية هي حكاية الشخصية الرئيسية، أي غنام صابر غنام، تفرعت عنها حكايات صغرى، بالمعنى الفني، تتقاطع معا. الحكاية الإطار هي الأصل، والحكايات الصغرى فروع. سبب اعتبار هذه فروعا وتلك أصلاً هو أن هذه الحكايات الفرعية استدعتها ذاكرة الشخصية الرئيسية لنسج حكايتها. مرد هذا التقاطع هو أن للشخصية الرئيسية أسرة وعائلة وجيرانا. زد على ذلك أنها، أُبعدت قسرًا عن وطنها، حيث عرفت حياة المنفى. ولأن الأمر يتعلق بسيرة ذاتية مسرحية، فإن مادة الأحداث المسرحية تشكلت مما له علاقة بالأسرة والعائلة، والجيران والوطن، وحياة المنفى التي كان أول مؤشر عليها في العرض المسرحي هو المطار. ولكل حكاية صغرى سياقها وظروفها الخاصة، فعلى سبيل المثال، يختلف سياق الحكايتين الصُّغريين وظروفهما ومحتواهما فنيا، الخاصتين بفهمي وناصر، عن حكاية الأب صابر والأم خديجة، وكذلك الشأن بالنسبة للمحقق.
وتم تقديم الأحداث عبر تقنيتي السرد والتشخيص؛ ففي إطار السرد كانت الإحالة على تواريخ عديدة، منها ما يتعلق بزمن الولادة وزمني النزوح واللجوء، غير أن العرض المسرحي، انطلاقًا من ثنائية النزوح/اللجوء، كشف عن مؤامرة كانت مدبرة منذ البداية، أي منذ سنة 1948 سنة النكبة. ذلك أن أسرة الشخصية الرئيسية تم إبعادها قسرا، من كفر عانا إلى أريحا في التاريخ المذكور، أي أن هذا الإبعاد القسري كان داخل الوطن. لكن رغم أنه داخل الوطن فقد أُطلق على النازحين قسرا اسم «لاجئين». لاجئون داخل وطنهم! بعد هذا الإبعاد القسري بسبع سنوات، وبعد النزوح من كفر عانا إلى أريحا، كان ميلاد الشخصية الرئيسية أي سنة 1955. هذه الأزمنة تتعلق بشخصيات محددة مذكورة في العرض المسرحي، من شدة تعلق الشخصية الرئيسية بالموطن الأصلي، وهو كفر عانا، الذي ولد وعاش فيه أبوه قبل النزوح، وقبل ميلاد الشخصية الرئيسية (غنام صابر غنام) ردت هذه الشخصية، أي الشخصية الرئيسية، اسم عانا إلى الإلهة أنات. ومنها ما يتعلق بأحداث تاريخية عرفتها فلسطين والقضية الفلسطينية في القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة. من هذه التواريخ الأخيرة وعد بلفور (2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917) وتدخل الملك عبد الله الأول في قضية القدس. مدينة القدس التي قدم العرض المسرحي معلومات عن مكونات بشرية فئوية فلسطينية نزحت إليها من مناطق فلسطينية أخرى، واستقرت بها بعد احتلال تلك المناطق، وكانت لأوصاف هذه الفئات وظيفتان دلاليتان مختلفتان؛ فهي تبين – من جهة – المكانة الاجتماعية العليا لتلك الفئات الاجتماعية، وتبين كذلك موقف الشخصية الرئيسية منها من جهة أخرى. في هذا السياق المرتبط بأحداث تاريخية تتعلق بفلسطين، قدم العرض تعليقًا يكشف عن موقف سياسي واضح ذي بعد وطني، يتجلى هذا في تعليق الشخصية على إبرام اتفاق بين الملك عبد الله الأول، ملك الأردن في ذلك الوقت، مع وزير خارجية الكيان الصهيوني إلياهو ساسون. وينص هذا الاتفاق، حسب العرض، على الموافقة على استقرار تلك الفئات الاجتماعية في القدس. كان تعليق الشخصية الرئيسية على هذا الحدث هو أن العرب يميلون إلى التكتيك، ولكن بدون استراتيجية، تعليق يفيد ضمنا بأن المحتل يجمع بين التكتيك والاستراتيجية. تختلف مسارات كل الشخصيات التي تم استحضارها عبر الذاكرة، التي تم تقديمها عبر تقنيتي السرد والتشخيص، كما يختلف مسار الشخصية الرئيسية عن بقية المسارات الأخرى. ولتبئير شخصية الأب كان التركيز على اليوميات وبالضبط على 15 يوما الأخيرة من حياة هذه الشخصية. في اليوم الأخير مات الأب احتراقا، وللاحتراق في العرض المسرحي مدلولان مختلفان، مدلول مادي يتعلق بفعل الاحتراق الحقيقي الذي أبرزت سببه حركة يد الأب الجالس على كرسي في الحديقة، ومدلول مجازي يتعلق بالمأساة، إنه احتراق وجداني. لذلك كان الانتقال من المدلول الأول إلى الثاني إمعانًا في الكشف عن عمق المأساة. وفي المسار الخاص بشخصية الأخ توجد «الجبهة الشعبية» و»حركة القوميين العرب» إذن يوجد تكوين سياسي لدى هذه الشخصية، جعلها تعي وتدرك ملابسات القضية الفلسطينية والظروف المحيطة بها داخليا وخارجيا. فكانت المراقبة والمتابعة الأمنية من لدن الشرطة الصهيونية.

المنفى

لا تُعدّ بلدان المنفى بديلاً عن الوطن، الذي عوَض أن تستقر فيه الشخصية الرئيسية وتمتلك أوراق ثبوت هوية فلسطينية، كسائر البشر، استقر هو في ذاكرتها، استقرارا مصحوبا بالمعاناة، تكشف عنها بوضوح ملامح الشخصية الرئيسية، وحركاتها، والنبر، واللغة اللفظية، بعد أن تمكنت من زيارته في سياق زمني مغاير. ليست هذه كلها هي فقط التي كشفت عن مدى التعلق بالوطن، بل ظهر هذا التعلق حتى في ذكر عدد محدد يتعلق بدرجات سلم المنزل، والحديقة، والأشجار، وهذه كلها كانت حافزا لإنعاش الذاكرة، هذه التفاصيل لم تُمح من الذاكرة رغم الإبعاد القسري عن الوطن.
وطن يسكن في ذاكرة الشخصية الرئيسية عوض أن تسكن فيه هذه الأخيرة، وهي مجبرة على ذلك، هي مجبرة أولاً لأنها ولدت بعد سنة النكبة أي سنة 1948 بسبع سنوات، ثم بسبب ضغط الأحداث. إن عدم نسيان الوطن لا يوجد فقط في ذاكرة الشخصية الرئيسية، وهي ذاكرة بشرية حية، ولكن يوجد في ذاكرة المقبرة داخل فلسطين المحتلة وخارجها؛ ففي خارجها، أي في أرض اللجوء، كانت شواهد القبور تشير إلى قرى وبلدات ومدن ولد فيها فلسطينيون قبل أن يرحلوا عنها ويموتوا ويُدفنوا في أرض اللجوء. في هذه المقبرة توحدت فلسطين، على المستوى الرمزي، إذ في هذه الشاهدة كُتبت حيفا، وفي هذه يافا، وهكذا دواليك. وفي داخلها حرصت إحدى الشخصيات (إميل حبيبي) على البقاء في حيفا، رغم الاحتلال، وقد أوصت هذه الشخصية بكتابة «باق في حيفا» على شاهدة القبر. ظهر جليًا تعاطف الشخصية الرئيسية مع هذه الأخيرة من خلال التشديد الصوتي في نطق «باق في حيفا» وحركة اليد والأصبع التي تؤكد على البقاء. فمقاومة النسيان والسرقة، نسيان وسرقة الوطن المحتل من لدن الاستعمار الصهيوني، تكون عبر الذاكرة البشرية الحية، وكذلك عبر شواهد القبور. تضاف إليهما مقاومة من نوع آخر أشار إليها العرض المسرحي. هذه المقاومة الأخيرة تكون عن طريق الكتابة والإبداع، وهذه هي وصية أدوارد سعيد التي أشار إليها العرض المسرحي. في هذا الإطار، ذُكرت في العرض المسرحي أسماء مثقفين فلسطينيين قاوموا، من خلال الكتابة والإبداع، الاحتلال الصهيوني ومنهم: محمود درويش، وغسان كنفاني، وجورج حبش، وناجي العلي، ووديع حداد، وتوفيق زياد.
ومثلما تعددت الفضاءات المسرحية في مجمل الأحداث والمتواليات المسرحية، تعددت كذلك الأزمنة المسرحية، وهي الماضي والحاضر والمستقبل، يتعلق المستقبل بما بعد موت الشخصية الرئيسية. فغنام صابر غنام يجسد شخصية ابنه وهو يؤبنه، بعد أن ووري «جثمانه» الثرى (بعد عمر طويل). لكن الزمن الماضي هيمن في هذا العرض المسرحي مقارنة مع الزمنين الآخرين أي الحاضر والمستقبل. ليصبح التاريخ هو مصدر المادة الحكائية، تاريخ شخصية يتقاطع مع تاريخ وطن هو فلسطين.

11ADA

العرض المسرحي المغربي «سأموت في المنفى»: ذكرى الوطن كسيرة ذاتية

أحمد بلخيري

مجموعة الشاعر السوري نوري الجراح «قارب إلى لسبوس»: تراجيديا الشتات السوري بإيقاعات الموج

Posted: 16 Jun 2018 02:13 PM PDT

… وكما لو تجسد أمامنا حياً، زُحَلُ «غويا» وهو يأكل ابنه من أجل سلطته؛ كما لو وضع هوميروس أقدامَنا المتعثرة على دروب فزع الطرواديين الهاربين من مدينة تتناثر قطرات دمائها متقصفةً في الحريق، بحثاً عن سراب ملاذ؛ في غيابٍ بحري لا تضيء أبعاده سوى الآمال الكابية لأضواء كواكب بنات نعش؛ يرتدي الشاعر السوري نوري الجراح في مجموعته الشعرية الجديدة «قارب إلى لسبوس» أقنعة العرافين ورواة التراجيديا اليونانيين، ووجوه وأصوات الضحايا، والمكلومين السوريين، حيث: «دمي منشدي الأعمى»؛ ويرتدي، يا للهول كذلك، أقنعة الجلادين الوحوش الذين تقطر من دماء أجسادهم المجلودة بأوهام التاريخ دماء ضحاياهم:
«في باحة الأموي أقفُ
وأجلد نفسيَ بالسلاسلِ
أجلد وأجلد وأجلد حتى لا يبقى في جسدي مطرحٌ وليس فيه جرحٌ
يصرخ: يا حسين…
وبسيف ذي الفقار أدمي جمجمتي.
من أنا؟»
في باحة الأموي،
أخيراً،
في باحة الأموي
جسدي يشطر التاريخ،
جسدي يمكن نصل الملهاة من نسل معاوية ويزيد».
ولا يرتدي الشاعر هذا، من أجل أن يصف، حيث يعز وصف مأساة شتات السوريين تحت نصال التقطيع والتهجير على دروب الدماء فحسب، وإنما لكي يضع أيضاً بأسلوب سلفه لقيانوس السميساطي، مرآةَ شكرٍ ضخمة ساخرة للتاريخ، وأمام العالم، على حسن مشاهدته لجثث أطفال السوريين تتناثر في غبار المجازر، وتتقاذفها الأمواج بصمت على شواطئ الملاذ: «شكراً لكم/ شكراً لهذا البحر/ شكراً لأزمير الحزينة/ شكراً لتلك الموجة العذراءِ/ حملتني من يديْ أمي/ لتعيد الأرض لي/ لتكون الأرض، كل الأرض، منذ اليومَ قبري.». ولكي يضع أيضاً مرآة وداع يبدو هادئاً بإيقاع لهجة العراف تيريزياس، لـ: «خشب اللوز، للصدف من دمشق في خشب اللوز»، لكنه الوداع الأخرس المهول بقارعة هذه اللهجة حيث: «البوابات سُدت بالمصارع وحامت على الأقواس نسور زاعقة»، في حصارات الدم، حصارات الدم. وفوق كل ذلك لكي يقدمَ الفني الذي يسير فوق صراط فخاخ تغريبة كبرى يدرك الجراح بخبرته الشعرية الطويلة جيداً كما يبدو، حتمية ابتلاعها لما لا يرتقي إلى مستواها من نصوص، ولمن لا يكون دم المغربين في قصيدتها: «دم الضوء وحروف اللغة».
باقترابٍ أكثر من سراب شراع قارب الشاعر إلى لسبوس، وابتعادٍ أكثر بلوح ثلج عن حريقه الدامي الذي أشعله، لاستجلاء القيم الفنية في المجموعة، يمكننا رؤية ولمس وسمع وربما شم تهيكل القصائد الست التي تكونها في بنية بسيطة، تتغلف بتكسراتِ شراعٍ يغيب في الأزرق الشبحي الفيروزي وفق تصميم وإخراج الفنان خالد الأنصاري، وتتوضع متشابكةً مع لوحاتٍ مفزعةٍ بشخوصها الشبحية الغرقى والطافية بطائرات ورقية بالأبيض والأسود للفنانة السورية ريم يسوف، لتخلق وتبث بهذا التلاحم الفني الرفيع روح الغياب التي تسيطر على القارئ في المجموعة.
في هذه البنية غير الهندسية التي تتناثر مكوناتها في الظاهر مثل أمتعة ركاب تخلفت عن قارب غرق لتوه واختلطت دون ترتيب بالجثث، يفتتح الشاعر مجموعته بقصيدة «قارب إلى ليسبوس»، التي تحتل أكثر من نصف المجموعة، وُيتبعها بخمس قصائد تحت عنوان قصائد أخرى، مكللةً بتيجان عناوين متألقةٍ، وتنبض بذات الروح: «جهة الجبل، الوصول إلى أثينا، أنشودات وسوناتات، ثلاث طفلات، والقصيدة ما بعد الأخيرة»، وتتخلل دواخل القصائد عناوينَ تقسمها إلى مقاطع، يختمها مقطع «لم أكن في دمشق»: «وصلتُ إلى نهاري على حصان قتيلٍ/ وصلتُ/ ورأيتُ النهر محترقاً/ والأشجارَ هاربةً على الوادي/ السماءُ أطبقت على الأرض/ والفتى الصريع سد بقامته باب البيت».
وما يلفت الانتباه في هذا الترتيب الذي يبدو زمنياً، مع بعض تقديمات قصائد على قصائد كُتبت بعدها، هو انتظامه في بنية عميقة تجري فيها إعادة تكوين مأساة الشتات بستّ نصال، تقطر منها دماء السوريين التي تتكرر كمفردات لا تكاد تخلو منها قصيدة. وما يؤكد هذا الانتظام هو إدراك الشاعر بوضوح لما يستخدم في تسيير قاربه من أدوات؛ فإضافة إلى سير القصائد الخمس بذات الروح مع القصيدة الأولى الأساس (لمَحْوَرة المجموعة حول الشتات السوري، ونقله من أبعاده البسيطة المنظورة كتهجير قسري فاجع لشعب أعزل أمام الصواريخ والبراميل المتفجرة، إلى أبعاد الرؤية التاريخية لعلاقات هذا الشعب مع محيطه الذي أصبح يشكل الملاذ، والرؤية المستقبلية لمصير المهجرين داخل هذا الملاذ)؛ يخطو الشاعر خطوة أبعد في تطوير البعد التراجيدي الذي بدأه في قصيدته السابقة لهذه المجموعة: «الأيام السبعة للوقت». وعلى غرار أسلافه الذين اخترعوا الأبجدية، وتركوها للعالم على ألواح، ينشر الشاعر أشرعة قاربه السرابي المأمول إلى لسبوس، على ألواح يفتتحها بلوح إغريقي يرتدي فيه قناع شاعرة الإغريق سافو، التي تنوح متألمة ومتحسرة من منفاها في صقلية، على أشقائها السوريين «الخارجين من لوح الأبجدية المكسور»، السوريين الذين شهدتْ نقل عنب شامهم، من داريا، ودوما ووادي الشآميات اللواتي تضوع أياديهن بالأدهان الطيبة، إلى بلادها؛ وتشهد الآن نقل أطفالهم على متن أمواج بحرها «جثثاً بلا وجوه»… ويُلحق الشاعر بهذا اللوح ستة ألواح يعرض فيها عمق جراح شتات السوريين التي تشكل مأساة العصر، ويختمها بلوح إغريقي تلوح فيه يد سافو مودعةً ضحايا الشتات ولكن مع ترك وصيتها المتضمنة رؤية الشاعر لمصائر أشقائها في هذا الوداع: «أيها السوريون الهلاكيون، السوريون المرتجفون على السواحل، السوريون الهائمون في كل أرض، لا تملؤوا جيوبكم بتراب ميت، اهجروا الأرض تلك ولا تموتوا. موتوا في المجاز، ولا تموتوا في الحقيقة. اتركوا اللغة تدفنكم في أوصافها، ولا تموتوا وتدفنوا في ترابٍ. ليس للتراب ذاكرة سوى الصمت. أبحروا في كل جهة، وفوزوا بضجة أرواحكم. ووراء العاصفة والهشيم انهضوا في كل لغة وكل كتاب وكل أجل وكل خيالٍ، واضطربوا في كل ترابٍ، وانهضوا كما ينهض البرق في الأشجار».
ويُدخل الشاعر في تطوير البعد التراجيدي في قصيدته، ما يتكامل مع هذا البعد بإثراء هادئ يركب للقصيدة أجنحة التخييل، مثل استخدام أسطورة قدموس السوري، الذي هام بخطى الفاجعة دون جدوى بحثاً في مدن الإغريق عن أخته التي منحت قارة أوروبا اسمها، ولم يبق منه الآن «سوى حطامٍ في قارب»، وأكاذيب حماية إله البحر الغادر بوصيدون، وأوهام عودة عوليس إلى إيثاكا، وغسل دم هابيل من يد قابيل، وفكر وفلسفة وسخرية السوري الفراتي لقيانوس السميساطي، واستيهامات قارة البشرية الضائعة أطلانتس، والكثير الكثير الفاجع في خطاب التحسر على سوريا التي تنتهك تحت الأنوار الساطعة لسماء الأمم الغادرة:
«قلب من لم يدمى بعد،
قلب من لم يدمى لأجلك يا سوريا،
هل بقي قلبٌ لم ينزف اسمك الجميل بين الأسماء
الأمم أخرجت النصال من الخزائن
جنود العماء يجمعون أجمل صِبيتك وبناتِك ويحزون رقابَهم
في آنية
ويملؤون بها السلال».
ويُجري الشاعر هذا التطوير، بأسلوبه المميز في قصيدة النثر التي بقي على وفائه لها أيضاً في هذه المجموعة، طازجةً ومتألقةً وتحلق بأجنحة إيقاع التفعيلة إن اقتضى ذلك النشيد، مع غلبة إيقاع تردد الموج الذي تتراقص على انسفاحات زبده، بما يحمل للشاطئ من أمتعة تختلط بالجثث، لغةُ القصائد، بمفردات الشاعر المتلاحمة بموضوعها.
«قارب إلى لسبوس» مجموعة شعر متميزة، ليس على صعيد الأعمال الأدبية التي تناولت المأساة السورية حيث يصعب على أي عمل فني استيعاب وتجسيد هولها، دون الوقوع في فخاخ المحدود وقصقصة أجنحة غير الحامل لمفاتيح الرؤية فحسب، بل مميزة أيضاً على صعيد أعمال الشاعر نفسها، لمن يتابعون تجربة نوري الجراح الذي فرض شعره باحترام على حداثة قصيدة النثر.

نوري الجراح: «قارب إلى لسبوس»
منشورات المتوسط، ميلانو 2018
134 صفحة

مجموعة الشاعر السوري نوري الجراح «قارب إلى لسبوس»: تراجيديا الشتات السوري بإيقاعات الموج

المثنى الشيخ عطية

مريم بن بخثة في «سقوط المرايا»: فكرة الزيف التي أثقلت كاهل المرايا

Posted: 16 Jun 2018 02:12 PM PDT

من جملة ما يثيره العنوان أن هناك سقوطا مدويا للمرايا، سيؤدي بها إلى التكسر والتشظي، وأن هناك قوة قاهرة هي التي تقف وراء هذا السقوط، إنه ليس ذاتيا مقبلا من الداخل، بل بفعل قوى خارجية أكرهت المرايا على السقوط، ولا يمكن إلا ترجيح فكرة الزيف التي أثقلت كاهلها، فأدت بها إلى التهاوي العنيف. فالمرايا لا تعكس إلا ما تراه؛ أي ما يقدم لها، بدون رتوش، لكنها شعرت مثل الإنسان ذي الحس المرهف، والمتمسك بالمثل العليا، أن الزيف هو السائد، وأن الخيبات ناتجة عن التدليس وغياب الصدق. ومن هنا حضور الشخصيات المتشظية التي تشعر بالانكسار والتمزق والحيرة.
تتكون الرواية من خمسة وعشرين فصلا أو لوحة، هي بمثابة محطات تمكن القارئ من أخذ نفسه، ومراجعة ما تم تقديمه، لمواصلة رحلة القراءة والاكتشاف، وفي الوقت نفسه، هي محطات لتغيير السراد، بالانتقال من سارد إلى آخر، كل ذلك تحت إشراف السارد الأساس، الذي يوزع الأدوار، ويتتبع الشخصيات، ويروي الأحداث، يشكك فيها حينا، ويناقشها حينا آخر.
صحيح أن الراوي صار شخصية ضمن شخصيات القصة المروية، لكن بصفته شاهدا لا يتحمل صدقية الأحداث؛ إذ يلقي بالمسؤولية على عاتق سمير صاحب القصة التي حملها معه باحثا عمن يرويها. ومفتتح العمل أو مدخله جاء عبارة عن ميتا رواية؛ أي أن الرواية كانت تفكر في ذاتها وهي تفكر في الحكاية وكيفية روايتها، تناقش أبعاد الكتابة ومراميها.
إنها قصة حب عاصف، جمع سمير بنعيمة افتراضيا، ثم واقعيا، تحديا فيه كل المطبات، لكنه ينتهي بالفشل الذريع، ويولد مرارة في نفس سمير؛ هذا الرجل الذي آمن بالحب كقيمة رمزية كبيرة، مخلفا وراءه عمله وأسرته، ووطنه، وقدم ليحرر نعيمة من واقعها المتأزم، وعيشها المرير، بفعل تسلط أخيها عليها وعلى الأسرة بأكملها. تنبع المرارة من مغادرة نعيمة لبيتها بدون أن تترك ما يدل على سبب المغادرة، لتنبت أسئلة في رأس وقلب سمير: ما السبب، ومن يقف وراء ذلك، وهل للحب قيمة لدى الطرف الثاني، وينمو الشك، ويتغلب عليه بالرغبة في معرفة ما جرى، بالبحث عن زوجته، بدون كلل أو ملل، ويعدو إلى مصر ليرتاح قليلا، بعدها يعاود البحث، فلا بد له من أجوبة تسكن هواجسه، وتذيب شكوكه.
آمنت الروائية بقصة سمير، وقبلت، بعد مفاوضات، أن تتولى دفة سردها، بتقاسم أدوار السرد. هكذا، انتقلت الشخصيات بما فيها الرواية، من العالم الواقعي إلى العالم التخييلي، لتصير كلها محكومة بقوانينه الفنية والجمالية. لقد صارت كلها من عالم الخيال، لكنها لم تفقد حضورها الواقعي كليا، فمازالت عملية البحث عن نعيمة مستمرة، فبعد أن فشل البحث في مراحله الأولى، كما النداء التلفزيوني، واعتماد برنامج «الخيط الأبيض»، وتدخل الشرطة بدون جدوى، فإن الرواية، ستعمل على صنع الحدث، أو إعادته إلى الواجهة، فضلا عن الدروس والعبر التي يمكن أن يستخلصها المتلقي منها.
لعبت الرواية على الفجوة، لشد القارئ، وجعله شريكا في البحث والتنقيب، وطرح الأسئلة، بيد أن السؤال المهم، هو: هل سرد أحداث الحكاية حقيقي؟ هل كان سمير، وهو يضع قصته بين يدي الكاتبة صادقا؟ لم يتم تحميل أخ نعيمة المسؤولية ولو ضمنيا؟ لم َلمْ يمنح فرصة القول، حتى إن صدقنا القصة؟ ألا يمكن أن يكون الأمر مجرد تخييل أو تهويم، مارس سلطانه على سمير، فظن أنه حقيقي؟ ألا يعدو أن تكون القصة مختلقة؟
تركت الروائية الكثير من البياضات، ما يجعل الكثير من الأسئلة تثار بشأن واقعية ومنطقية الأحداث؛ فيصعب إن لم يكن من باب الاستحالة تصديق أفعال سمير وتصرفاته، اللهم إلا إذا كان دونكيخوتيا في جلباب معاصر، أو أن يكون غارقا في مثاليات ضاربة في عمق اللامعقول؛ فما يقوم به لا يمكن أن ينهض به إلا من يعيش في السحاب. لقد عاش الرجل الكثير من التجارب الصادمة كانت جديرة بجعله واقعيا، حذرا وقادرا على تقدير حساب الخسارة والربح في علاقته بالأشخاص؛ فبعد تجربته المريرة مع أصدقائه الخلص حين أنشأ صحبتهم مشروعا مربحا؛ كان من المفروض أن يتعلم من دروسه ويستخلص منها العبر، لكنه ظل متنسكا بأشكال فشله؛ وكأنه يستعذب الضربات، ويستلذ النكبات.
شخصية سمير مثال التضحية بفعل إيمانه الطوباوي المفرط بقيم الحب والإنسانية. إنه ينظر إلى السماء وينسى الأرض المليئة بالحفر، ومن هنا سقطاته المتتاليات، لا يخرج من فشل إلا ليسقط في آخر، بدون حس نقدي، ولا اتعاظ. وما حققت له تجاربه المرة النضج المطلوب.
فهل الإفراط في المثالية والطوباوية للبطل، والبناء الموازي للإنسان كان من أجل تذكير هذا الأخير بكينونته المفطورة على المحبة التي تلامس مراقي الأصفياء؟
تحضر في الروايات تقابلات ذات أهمية، ومنها:
1ـ المقابلة بين أصدقاء سمير في مصر، وأصدقائه في المغرب، هذا التقابل الضدي، يدفع إلى استخلاص فكرة نسبية القيم؛ وأن الخير والشر يوجدان في كل مكان.
2ـ سمير الإنسان الطوباوي، وأحمد الواقعي حد الألم.
3ـ زواج سمير الاختياري والمبني عن اقتناع رغم الفوارق الطبقية، وزواج أم نعيمة المفروض بفعل اختلاف الوضع الاجتماعي. وإن عرفا معا الفشل، لكن الأسباب لم تكن واحدة.

القضايا المثارة

لعل أهم قضية مثارة في هذا المتن؛ هي قضية الثقافة الذكورية، حيث عملت الروائية على تكسير نواتها الصلبة بنقد فداحة نتائجها على الفرد والمجتمع. لقد سلطت الأضواء على سلوك الأخ، وعلى جبروته، وما نجم عن ذلك من انكسارات لأفراد أسرته، خاصة الإناث؛ فقد أدى تسلطه إلى فقدان إحدى أخواته عقلها، والثانية زوجها، وسعى إلى إفشال زواج نعيمة من سمير.
كشف قضية الفساد الإداري، والرشوة في بلادنا العربية. هذا الفساد الذي اعتمد منطق: «إدهن السير يسير»، منطق أعوج يضر بمصالح الأفراد والمجتمع. التمزق النفسي والعاطفي لدى الشخصية الأساس: سمير؛ تمزق ناتج عن العيش بين بلدين، وبين أسرتين؛ وقد عاشت هذه الشخصية صراعا نفسيا مريرا، انعكس على سلوكياتها وحياتها بصفة عامة.
أما النقطة المحورية؛ فهي الإشادة بالحب كقيمة معنوية رفيعة قادرة على ردم الحدود، وتجسير العلاقات بين الناس.

في الختام

تمتاز رواية «سقوط المرايا» بقدرتها على الجمع بين السرد والحوار مع توظيف للشعر، أيضا، التركيز على جانب الرسالة التي تود طرحها والانتصار لها، بغاية تنوير القارئ، وجعله يتجاوز المعيقات التي تثبط همته، وتؤخر سيره. والأكيد، أن الرواية، سعت إلى الإعلاء من شأن الحب، إذ تعده بلسما لجراحاتنا، به نشفى ولا نشقى. تعاهد مُعلن على الانتصار للصدق والوضوح والجهر بكوامن العِلل، هدفها الأساس التوعية والتنوير والتربية على الذوق والفن وتلمس نقط الضوء في داخل كل منا.

مريم بن بخثة: «سقوط المرايا»
دار الوطن للنشر والتوزيع، الرباط 2015
130 صفحة

مريم بن بخثة في «سقوط المرايا»: فكرة الزيف التي أثقلت كاهل المرايا

عبد الرحيم التدلاوي

كريم دكروب بعد 25 مسرحية: نشبه ذاتنا بجمالياتنا والالتزام بلغتنا العربية

Posted: 16 Jun 2018 02:12 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: ثابر المخرج اللبناني كريم دكروب في التزامه تقديم العروض المسرحية للأطفال حتى بات من الطقوس. قبل عقدين ونصف كانت خطوته الأولى في مسرحية «شو صار بكفر منخار» حينها أبهج الكبار كما الصغار في معالجته لموضوع النفايات، وفي تقديمه للشخصيات ممثلة في الحيوانات، وكذلك في الموسيقى الجميلة. اليوم وفي الألفية الثالثة كان للذئب أن يصبح بطلاً في مسرحية «يا قمر ضوي ع الناس» وأن يجيب على أسئلة متراكمة بدأ الأطفال بطرحها منذ صارت وحشية الإنسان صورة تغزو الإعلام. فهل دائماً يقدم المسرح إجابات عن تساؤلات الأطفال الغزيرة؟ شهر في الصين وعروض في سبع مدن. إثر عودة فرقة مسرح الدمى اللبناني من جولة عروض في سبع مدن في الصين كان هذا الحوار مع المخرج والكاتب كريم دكروب:
○ مواسم عروض مسرح الدمى اللبناني وجمعية خيال تستعيد العديد من المسرحيات لذلك تختلط الأمور علينا أي منها الجديد؟
• رداً على اختلاط القديم بالجديد، فمنذ تخرجت في دراسة المسرح في روسيا قبل 26 سنة، عدت بحلم حققت الجزء الكبير منه. يتمثل في إيجاد «ريبرتوار» مسرحي. درسنا في الجامعة عن العديد من المسرحيات وكيفية إخراجها قبل مئة سنة وحضرناها. عظيم أن يشاهد الطالب مسرحية يدرسها بإخراج يعود لقرن، وفي مسرح موازٍ تُعرض المسرحية عينها بإخراج جديد، ويشاهد العرضين. هذا ما يؤسس لتقاليد المسرح. في لبنان نفتقد التقاليد المسرحية، فأوليت لنفسي مهمة إرسائها، أي المساهمة بجهدي المتواضع بذلك وعبر مسرح الأطفال. من أسس تقاليد المسرح أن يكون دائماً وعبر موعد ثابت، ويتضمن مجموعة من المسرحيات. إذ لا يجب أن تتوقف مسرحية حققت نجاحاً لسبب ما. وتالياً مأسسة المسرح. المسرحية في حد ذاتها تتحول إلى مؤسسة. يترك ممثل ويأتي بديلاً عنه، يتواصل التدريب وتستمر المسرحية. ففي روسيا كل مسرحية هي مؤسسة، لها فريقها واستمراريتها بغض النظر عن الخارج منها والداخل. ففي أحيان يصبح المخرج خارج المسرحية لأن آخراً يتولى مهمة الحفاظ على إخراجها. ففي فرقة مسرح الدمى اللبناني من يتولى مهمة الحفاظ على إيقاع المسرحية وإخراجها. حققت حلمي ولو بنسبة متواضعة فمسرحية «شو صار بكفرمنخار» وهي الأولى لي مستمرة وقد بلغت الـ25 من العمر. ورداً على السؤال فـ»يا قمر ضوي ع الناس» هي الأحدث.
○ أسست مسرح الدمى اللبناني في عمر مبكر بين الأمس واليوم ما هي أهم المفاصل المؤثرة سلباً وإيجاباً على هذا الفن؟
• الأهم في مسرحنا أنه لا يشبه مسرحاً آخر في العالم. الأسبوع الماضي عرضنا في بولندا «يا قمر ضوي عالناس» فأخبروني أن العناصر الجمالية لمسرحنا مختلفة كلياً عن المعروف لديهم. أي اننا لا نحاول التشابه مع الغرب وهذا الأهم، رغم أن هذا الغرب هو الذي علّمني وكذلك أخي وليد الذي يتولى مهمة السينوغرافيا في مسرح الدمى. نحن مسرح يتمسك باللغة العربية وفي لبنان حيث يحاول كثيرون بجهود واعية إهمالها ونسيانها. سياسة إقصاء اللغة تمارس على الذات وعلى الأطفال، عبر اللجوء لمصطلحات من لغات أخرى والخروج من الهوية اللبنانية ـ العربية. إنها الكارثة التي ألمسها مع طلابي في الجامعة اللبنانية، فهم يعانون من تهشيم وتكسير في تكوين لغتهم الأم. هكذا نحن في مواجهة شباب لا يمتلكون لغة يفكرون بها، ويفتقدون التفكير المنطقي.
○ كيف تراقب التطورات التي تطرأ على وعي الطفل تبعاً للأجيال والأحداث؟ ما هي الوسائل التي تساعدك في ذلك؟
• مراقبة هذا التطور تتم عبر مستويين. الأول مراقبة المفاهيم التي يستوعبها الطفل. والثاني مراقبة التطور التكنولوجي. في الثاني نحن مستمرون في استخدام المزيد من التكنولوجيا في مسرحنا. والتطور على صعيد المفاهيم كبير جداً بالنسبة لنا بين المسرحية الأولى والأخيرة. الأخيرة «يا قمر ضوي ع الناس» تتناول أزمة الإنسانية والعنف. والبدء مع صورة الإنسان الأول يقتل إنساناً أول آخر. يشهق الأهل لدى رؤية المشهد الأول، ويقولون «ليست للأطفال». إنما الأطفال يتابعون، فالأهل ينكرون أن أبنائهم يرون ويسمعون كل ما يدور في هذا العالم عبر التلفزيون والهاتف الذكي. ويرى الأطفال الأهل يتحدثون عن القتل والذبح والاغتصاب، وتتكون لديهم الأسئلة. بين أول مسرحية «كفر منخار..» التي تطرح مسألة البيئة والنفايات، وبين «يا قمر..» التي تطرح أزمة الإنسانية، الفرق شاسع في المفاهيم. نحن حيال تطور فعلي. وفي الوقت عينه نحن حيال قضية موجودة في الكتب الدينية جميعها وهي «قصة يوسف». عالجنا المسرحية من خلال معايشة الذئب للحكاية. في هذه المسرحية أخبرنا الذئب عن مدى توحش الإنسان. قضية لم تكن واردة قبل 25 سنة، بل حين أصبح القتل من يومياتنا بدءاً من الأزمة السورية.
○ هذا يعني أنك تهدف لتقديم إجابات عن أسئلة الأطفال؟
• إنها محاولة إجابة. نحاول طرح تمرين فكري مشترك مع المتفرجين على الإجابة.
○ هل هدّأت مسرحية «يا قمر ضوي ع الناس» قلق الأطفال ومخاوفهم؟ وكيف تلمس انعكاس المسرح عليهم؟
• لا أدعي ذلك، أقله نبّهت الأهل لضرورة فتح هذا النوع من الحوار مع أطفالهم. لهذا تركيزنا على العروض العائلية.
○ وبماذا يستفيد الأهل الذين يرافقون أطفالهم إلى العروض؟
• كل عرض مسرحية يطرح قضية خاصة بالأطفال. «فراس العطاس» تطرح قضية الطفل الذي ضجر من اسقاطات موضوع الإنشاء الذي تلزمه به المدرسة. رغب أن يكتب تجربته كما يراها في موضوع الإنشاء. حكينا عن الطفل المنعزل الرافض للعب، والراغب في تخريب غرفته. ويطلب ان يفتخر والداه في انجازاته واختراعاته، لكنه لا يجد تجاوباً. موضوع يحمل توعية للأهل. وفي «أزرق يا زهر» التي خلقت نقاشاً كبيراً، وفي نهايتها يعتذر الأب من ابنته «لأننا نسيناك مع ولادة أخيك».
○ هل تأثير المسرح على الطفل طويل الأمد؟ وكم يدخل في بنيانه النفسي والمعرفي؟
• بنسبة مئة في المئة. تكونت شخصيتي من خلال حضوري لمسرحية «فراس والدولاب الفصيح» لفرقة السنابل. وطبعاً غيرها لفرقة السنابل. شاهدت المسرحية في عرض في قصر الأونيسكو جلست على الدرج لإمتلاء المقاعد. أتذكرها صورة صورة، وانطباعاتي معها. وأتذكر تحديداً الأسئلة التي تولدت عندي حول الهوية منذ تلك اللحظة وكنت بعمر تسع سنوات.
○ هل يعبر الأطفال خلال العرض؟
• يحدث ذلك. ويحدث أن يتكلموا مع الشخصيات ويصمتوا. وقد يصعد بعضهم إلى المسرح مع انتهاء العرض. تعبير الأطفال مباشر وصريح بخلاف الكبار.
○ أن تكون مخرجاً واستاذاً جامعياً ومعالجاً نفسياً فهل من تواصل بين الاهتمامات الثلاثة؟ وهل من فائدة متبادلة؟
• بعد دخولي في صلب العمل النفسي تغيرت طبيعة عملي في المسرح. صار لمسرحياتي بعداً مضافاً هو النفسي، مما انعكس على مسرحيات «فراس العطّاس، يا قمر ضوي، Le bal de reve» والأخيرة قدمتها في فرنسا. وكوني مسرحيا فهذا يجعلني مميزاً جداً في الجانب النفساني، فأنا أملك أدوات ليست لدى زملائي وهي أساسية في العمل النفساني. والأهم في التعليم أن أتعلم من الطلاب. أشعر بالجحيم مع الصف الذي لا يعلمني وتكون السنة الجامعية طويلة. الصف المتفاعل يخلق تحديا لمزيد من العطاء. تضاعف تعلُمي مع افتتاح الماستر في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. تسجل في الماسترز كبار من خريجي المعهد، من ضمن من علمته وتعلمت منه الفنان رضوان حمزة رحمه الله. توفي بعد أشهر من تخرجه. وفي الماسترز مخضرمون في المهنة وهم طلابي، ومنهم تعلمت الكثير.
○ جمعية تعاونية هي «خيال للتربية والفنون» مرادفة لمسرح الدمى اللبناني وتعملون وفق هذا العنوان. هل تتلقون دعماً من وزارة الشؤون الاجتماعية؟
• يضحك ملياً ويقول: طرفة أرددها في أي مكان أحل فيه. أسأل من أمامي: هل تحزرون أين سجلت الجمعية التعاونية للتربية والفنون؟ كصحافية أجبت: في وزارة التربية أو وزارة الثقافة. لكن فاجأني كريم دكروب بالقول: في وزارة الزراعة!! وتابع شارحاً وضاحكاً من فنون الجنون في لبنان: عندي غرام في العمل المؤسساتي والقانوني، وأن أكون مواطناً كاملاً يقوم بواجبه ويدفع ضرائبه. من البدء بحثت عن صيغة لقوننة عمل فرقة الدمى. لا بند في وزارة الثقافة يسمح بتسجيل فرقة مسرحية. وشرط وزارة الداخلية جمعية لا تبغي الربح وان لا يتقاضى الأعضاء مالاً. هذا لا يناسبنا وعندها نتحايل على القانون. أن نكون شركة فهذا غير مناسب، فنحن قد نتلقى تمويلاً أجنبياً أو محلياً. بعد البحث والتدقيق كانت الجمعية التعاونية وهدفها تحسين وضع أعضائها في مهنتهم، ولهم حق تقاضي بدل أتعاب. وتسجلنا في وزارة الزراعة!
○ مرّ على مسرح الدمى كبار الفنانين كممثلين. هل تجد صعوبة في دعوة أحدهم للمشاركة في عمل مسرحي حالياً؟
• مطلقاً. بدءاً من أحمد قعبور الذي أتعاون معه حتى اللحظة في الموسيقى. ومن الممثلين في مسرح الدمى من بات نجماً كما باسم مغنية، ودارين حمزة، وبديع أبو شقرا، وفؤاد يمين. وحتى الآن يصر باسم مغنية على المشاركة في العروض في مسرحية «شتي يا دنيي صيصان» كذلك رشاد زعتير، أما فؤاد يمين فلم ينقطع قط عن المسرحيات التي سبق وشارك فيها. يحب مسرح الدمى لأنه يتيح له الحضور الدائم.
○ وماذا عن الموسيقى وهي من أرقى ما يكون مع أحمد قعبور؟
• جهد نواظب عليه. نحترم كافة عناصر العرض. ونختار التعاون مع فنانين على مستوى المسؤولية. في معظم الأوقات أحب التعاون مع أحمد قعبور، وهو يبادلني الشعور نفسه.
○ عدد المسرحيات حتى الآن؟
• بحدود 25. وفي الريبرتوار الدائم تسع مسرحيات.

كريم دكروب بعد 25 مسرحية: نشبه ذاتنا بجمالياتنا والالتزام بلغتنا العربية
بجهد ومثابرة ساهم في إرساء تقاليد جديدة مع مسرح الدمى اللبناني
زهرة مرعي

حكاية «مغارة أسطورية» تخرج آلاف المغاربة بحثا عن كنز

Posted: 16 Jun 2018 02:11 PM PDT

الرباط ـ «القدس العربي»: كثيرة هي الحكايات والأحجيات التي تحفل بشخصيات منقذة، بأبطال يغيرون أحوال الناس ويحققون أحلامهم في لمحة بصر، والثقافة المغربية لا تخلو من هذه الحكايات التي يخطف بها رواة، محترفون وهواة، انتباه الأطفال ويدهشونهم. غير أنه لم يحدث أن خطفت حكاية عقول آلاف الناس حتى صدقوها وساروا يبحثون عن «الكنز المنقذ» مسافة طويلة على الأقدام في يوم مشمس وهم صائمون، وبين الحشد اجتمعت كل الأعمار، أطفال وشيوخ وشباب. حدث هذا في صبيحة يوم 26 من رمضان، الذي يحمل رمزية في الثقاقة الدينية الشعبية، في قرية تدعى سرغينة، تقع وسط المغرب. المنطقة واسمها كثير من المغاربة لم يكن يعرفه، حتى طفت فجأة إحداثياتها على خريطة المغرب، وصارت حديث الناس عن حكاية بدأت بوعد مشوق واستفاق منها البطل بصوت أساور الدرك الملكي عوض الذهب، فماذا حدث؟
هناك كنز، وهذا الكنز يوجد في سفح جبل، في ضواحي سرغينة التابعة لبولمان. هذا ما راج طيلة أسبوعين في منطقة لا تبدو عليها آثار كنز التنمية الحكومي. انتشر الحلم بين الحالمين بنصيب من الثروة التي قيل لهم أنها ذهب يوجد في سفح الجبل، وكان الموعد هو 26 رمضان اليوم المثقل بتمثلاث دينية وثقافية كثيرة، للكشف عن الكنز الموعود. فحج الناس من كل فج عميق لجبال بولمان وحتى من خارج الإقليم ، واحتشد أزيد من خمسة آلاف مواطن ومواطنة، فخطب فيهم بطل الحكاية، وهو شاب في عقده الرابع، متزوج وأب لطفلين، كان يجوب البيوت بيتا بيتا ويخبرهم بحلمه وباليوم الموعود لتحققه ومن صدقه من الناس يرافقه لطرق أبواب أخرى، إلى أن وصل يوم الحقيقة فوقف يخطب في الناس على سفح الجبل قائلا أن الكنز الذي حدث به الناس هو أرفع قيمة من الذهب: «الناس يظنون أن الكنز الذي يوجد وسط الجبل هو ذهب، لكنني أقول أنه أكثر من الذهب، وهو ملك للعالم وليس فقط لساكنة سرغينة» يقول الشاب ملتحفا العلم الوطني للناس الذين احتشدوا في يوم ظنوا أنهم سيشيعون فيه الفقر إلى مثواه الأخير وستنفرج أزمات المغرب بلا مخططات حكومية ولا قروض لا حراكات اجتماعية.
الواصلون إلى الجبل وصلوا إليه بشق الأنفس نظرا لصعوبة تضاريس المنطقة وبعده عن قلب القرية حوالي عشرة كيلومترات، فقد توافد الناس على القرية منذ الليلة السابقة عن اليوم الموعود من مناطق مغربية عديدة تبعد عن سرغينة كيلومترات، غير أن الذين التفوا حول لحسن، وهو اسم المبشر بالكنز ويقطن في مدشر قريب من الجبل، هم فقط من استطاعوا تحمل عناء الرحلة الشاقة، أما الحشود الأخرى فقد حلت في القرية لكنها لم تصل إلى المكان. والمثير أن السلطات هي الأخرى سبقت إلى المكان بساعات قبل الموعد ولم تمنع الناس ولا لحسن الذي سبق أن تم توقيفه مرة واحدة خلال حملة الدعاية التي كان يديرها، وأخلي سبيله ليكمل حملته في أمان.
وجلس الناس ينصتون إلى بطل الحكاية، وهو يخبرهم أنه سيتوجه نحو المغارة التي يوجد فيها الكنز رفقة بعض أفراد عائلته الذين اختارهم من بين الحشد، وبعدها سيلتحق به الآخرون، هذا ما حدث بالفعل. وبعد عملية تنقيب طفيفة كتب لحسن على حجرة كبيرة كلمة «الله» وقال للناس: انظروا هذا هو الكنز، وأن المفاتيح التي كان يحكي عنها في روايته هم الآباء والأمهات، إذن فمن أراد معرفة الله عليه أن يبتغي رضى الوالدين كمفاتيح لهذا الكنز، ثم طلب من الناس مغادرة الجبل وكل واحد سيتوصل بنصيبه من الكنز في بيته. أخبر الناس أنه سيغادر رفقة العائلة والأقارب ثم يتبعه الباقي وهذا ما حدث حيث انتهى المشهد بانسحابه رفقة رجال الدرك الملكي، تم فتح تحقيق في القضية ووفق مصادر يقال أنه تم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية بفاس.
المغارة التي كان يتحدث عنها بطل الحكاية لا أحد كان يراها حسب حفيظ تيليلوت وهو صحافي وناشط جمعوي في الإقليم، حضر الواقعة وقال لـ»القدس العربي» أن لحسن استطاع أن يقنع الناس أنه يرى أشياء لا يرونها، مؤكدا أن الحدث أثار ردة فعل وسط الفاعلين الجمعويين في المنطقة الذين استغربوا كيف ما زال الناس يصدقون روايات خرافية من هذا القبيل، كما نجمت عنه حالة تذمر وسط الساكنة بفعل السخرية التي نشبت على مواقع التواصل الاجتماعي وأساءت للمنطقة على حد قوله.
تيليلوت يقول، بالرغم من التناول الساخر للحدث ورغم ما يمكن أن يقال عن الشخص إلا أن لحسن «استطاع نسج سيناريو ذكي حول مكان حساس وهو مقلع للحصى يوجد بقلب الجبل» وغلبت الخرافة على الرسالة وهي لفت الانتباه إلى خيرات المنطقة المتمثلة في مقلع كبير فتح لحسن عينيه وأمضى معظم عمره وهو قبالة ذلك الجبل الذي يقابل مكان سكنه. يقول تيليلوت إن الحدث في العمق يعبر عن واقع اجتماعي ومعاناة بطريقة يتداخل فيها المعيش اليومي للساكنة مع المقدس الذي يرتبط برمزية ليلة القدر.
هذا الحدث استأثر بالنقاش على وسائل التواصل الاجتماعي لأنه كان الأبرز والمفاجئ فيما اعتاد الناس تداوله كلما حلت ليلة القدر وما يرافقها من طقوس جزء منها مرتبط بالتدين وآخر بالثقافة الشعبية عموما. وإلى جانب الكنز تشاطرت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يتحدث مصوروه على ملائكة طافت سماء مدينة مكناس، الواقعة وسط المغرب. غير أن حكاية الكنز بعثت بشكل أقوى النقاش حول الواقع الاجتماعي للناس الذين آمنوا بمعجزة ستخرجهم من الفقر وحول الموروث الثقافي الذي يحفل بحكايات ووقائع التنقيب عن «الكنوز في المقابر التي يحرسها الجن» وعن «عقيدة المغارات» في الثقافة الشعبية المغربية والتي كتب عنها الأنثروبولوجي هنري باسي، دراسة في أواخر القرن التاسع عشر. نقاش يجمع بين الدراما والكوميديا في ختام ليالي رمضان التي كتب الكثيرون عن استيائهم مما تقدمه التلفزيونات المغربية خلالها، فكسرت مواقع التواصل الاجتماعي النمطية في «الفرجة» من خلال حــكــاية «مغارة سرغينة» وبطـلها الذي انتهى على غير ما تنتهي به عادة الحكايات التي تروى عن المنقذين وأصحاب «البركات».

حكاية «مغارة أسطورية» تخرج آلاف المغاربة بحثا عن كنز

سعيدة الكامل

بداية العرب في كأس العالم: طقطقة وسذاجة الى تكرار أخطاء الماضي!

Posted: 16 Jun 2018 02:11 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: ذاقت الجماهير العربية بمختلف جنسياتها من المحيط إلى الخليج، طعم ومرارة «العلقم»، بالبداية المتواضعة جدا لثلاثة من ممثلي لغة «الضاد» في نهائيات كأس العالم 2018، استهلها المنتخب السعودي بكابوس مشابه لكوابيس 2002، بهزيمة نكراء على يد البلد المنظم، وصلت نتيجتها لخماسية نظيفة، وتبعه المنتخب المصري بسقوط ساذج جدا أمام أوروغواي في آخر لحظات الوقت الأصلي، وبنفس الكيفية، بل ربما أكثر قهرا، ذبح المنتخب المغربي نفسه بنفسه أمام نظيره الإيراني بهدف بالنيران الصديقة في الدقيقة الأخيرة من الوقت المحتسب بدل الضائع.

«سودوا وجهي»

من تابع ردود الأفعال على تسونامي خماسية الدب الروسي في الأخضر السعودي، لاحظ كم «الطقطقة» غير المسبوقة على أشخاص مُعينين، في مقدمتهم رئيس هيئة الرياضة تركي آل الشيخ، الذي بدا وكأنه استفاق على الكابوس، في البيان المُرفق بمقطع الفيديو الشهير بعبارة «سودوا وجهي»، إشارة إلى الأداء الأقل من المتواضع الذي ظهر عليه رجال المدرب خوان أنطونيو بيتزي، في أول حضور لمنتخب عربي في مباراة افتتاحية لكأس العالم، ويُحسب للشيخ هذه المرة، أنه تّحلى بنصف شجاعة الاعتراف، بإقرار موثق أنه شريك مع اللاعبين في المهزلة، لكن بدون التطرق من قريب ولا بعيد بالشق المتعلق به هو شخصيا، فقط كما شاهدنا وسمعنا. أفرط في معايرة كل اللاعبين بدون استثناء، مُستخدما لغة المال كعادته، بالتشهير للمعاملة «10 نجوم» التي يتمتع بها كل أفراد المنتخب، من أصغر عامل إلى أكبر مسؤول، ليُزيد احتقان وغضب الجماهير تجاه اللاعبين، وهو يقول: «صرفنا رواتبهم ثلاث سنوات»، هذا بجانب المعسكر الخيالي وبرنامج الإعداد المثالي بتحضير مباريات ودية أمام منتخبات عالمية من نوعية أبطال العالم السابقين إيطاليا وألمانيا.
لقد حاول الوزير توجيه سهام النقد على اللاعبين، لكن بالمصطلح الدارج الذي يراه يوميا عبر كل صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي «ردت في صدره»، بعاصفة من الغضب في بيت السعوديين «تويتر»، تجلت في آلاف التغريدات الساخرة منه قبل اللاعبين والمدرب، لعدم احترامه عقول أبسط المتابعين العاديين. يقول زميلي الصحفي الذي أخشى ذكر اسمه حفاظا على وظيفته التي يتربح منها دخله الشهري من أحد الصحف التي يُديرها الديوان الملكي من وراء الكواليس «والله الهزيمة متوقعة. إيش اقولك يا صديقي، هذه نتيجة التخبط والعبث بقرارات تُحدد مصير أمم».
صحيح صديقي الذي يطل على المستمعين يوميا لتقديم برنامج في إذاعة محلية ساحلية، اكتفى بجملة قصيرة جدا، لكنها انعكست في ردود الأفعال على الهزيمة، خصوصا ردود الأفعال في مواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن الشكليات وخيمة القناة الرياضية الحكومية التي علقت «المشانق للاعبين بعد عودتهم»، فهناك في العالم الافتراضي حالة غضب تبدو كالقنبلة التي أوشكت على الانفجار في وجه الوزير، الذي أخفى نصف الحقيقة في خطاب السواد الأعظم. أسمع في أُذني صوت يقول وما هي نصف الحقيقة المخفية؟ أليس كذلك؟
الجواب بسيط جدا، ويحتاج فقط العودة إلى الوراء ستة أشهر فقط. آنذاك قام الشيخ بإرسال دفعة من اللاعبين السعوديين منهم أفضل لاعب في العالم فهد المولد، صاحب هدف العودة لنهائيات كأس العالم بعد غياب 12 عاما، لخوض إعارة في الليغا الإسبانية مع ليفانتي بموجب اتفاقية الاتحاد السعودي مع رابطة الليغا، وشملت القائمة أيضا يحيى الشهري وسالم الدوسري، والثلاثة من الأعمدة الأساسية للمنتخب، فكانت أول ضربة بالمطرقة على رأس السعوديين في بداية العام الجديد، وسبقها تخبط غير مفهوم بعدم الموافقة على الإبقاء على المدرب الذي قاد المنتخب للوصول للمونديال بيرت فان مارفيك، وجلب إدغاردو باوزا بعد تجربته القصيرة مع الإمارات وما تبعه من إقالته لسوء الأداء والنتائج في مباريات ودية وتعيين بيتزي، ليتعاقب على تدريب المنتخب ثلاثة مدربين في ظرف ثمانية أشهر فقط، وما زاد الطين بلة في الأسابيع القليلة الماضية، انشغاله بصراعاته الشخصية على حساب مصلحة المنتخب، بتفريغ وقت طويل لتعليقات على «فيسبوك» وإعلانات على «يوتيوب» ممولة للمحامي محمد حمودة، وهو يتفاخر برفع دعوى قضائية على أعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي، وتبعها وصمة العار بمساندة ودعم الملف الأمريكي المُشترك لتنظيم كأس العالم 2026 على حساب الملف المغربي، وفي الأخير تذكر أن هناك منتخبا مُقبلا على المونديال، وحتى عندما سافر، تعمد إثارة الجدل وزيادة التوتر بين مشجعي مصر والسعودية، بتصريح لا يُمكن فهمه أو تفسيره إلا أنه من النوع المُستفز، بقوله «ربنا يشفي صلاح لكن بعد المونديال»، ومن حسن حظه أنه وجد الحماية الكافية من أفراد وحرس المطار الروسي في الوقت المناسب، وإلا كان سيندم على ما قاله.

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا

هذه تقريبا نصف الحقيقة التي حاول تركي آل الشيخ الاحتفاظ بها لنفسه ومن ورائه، لم يتحدث عنها المُقدمين ولا النقاد عبر الشاشات الحكومية، أما ما يَخص اللاعبين، فالأمر يتعلق بالإمكانات والقدرات الفردية. تعرف عزيزي قارئ «القدس العربي». قائمة المنتخب السعودي هي الأقصر من حيث القامة في كل المنتخبات والأكثر بدانة! لذلك منطقيا وبديهيا أن تقول لنا لغة الأرقام أنه من أصل 50 حوارا فضائيا (بصوت رؤوف خليف)، فاز لاعبو السعودية بـ13 فقط، ناهيك عن الكوارث الدفاعية، وبالأخص عقدة التعامل مع الكرات العرضية، التي استقبلت منها الشباك 14 هدفا، أكثر من أي منتخب آخر في تاريخ نهائيات كـــأس الـــعــالم، وأرقام أخـــرى سلــبــية، مـنـــها الفشل في الحفاظ على نظافة الشباك في المونديال للمرة الـ13 من أصل 14 مباراة.
تُريد أسوأ من ذلك؟ للمرة الأولى في تاريخ المباريات الافتتاحية يفشل منتخب في تسديدة ولو كرة واحدة على الطرف الآخر على مدار 90 دقيقة، وهي كذلك ثاني أسوأ هزيمة في الافتتاح، بعد هزيمة أمريكا أمام إيطاليا 7-1 عام 1934، حتى أسوأ من هزيمة باراغواي أمام فرنسا عام 1938، لكن ما يشفع لأمريكا وباراغواي أن إيطاليا وفرنسا فازتا في النهاية باللقب… فهل ستفعلها روسيا؟ علما أننا لم نتطرق عن رفاهية اللاعب السعودي ولا بالتأخر الزمني بينه وبين المحترفين في أوروبا، كما يخذل أنصاره بالنتائج التي تضعه في باب المجد من الباب الخلفي، أو بمعنى أدق هزائم كنا نعتقد أنها اختفت من التاريخ كما حدث في ليلة العيد وقبل عقد ونصف العقد أمام ألمانيا يوم مذبحة الثمانية، لكن لنكن مُنصفين، هذا لم يكن سبب تّحول المنتخب السعودي لوجبة دسمة لنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مواقف الشيخ الأخيرة، ساهمت في جرعة «الطقطقة» أكثر من أي وقت مضى، بالذات من المغاربة والمصريين، الذين احتفلوا على الوزير على «تويتر»، ولأن المسألة بالفعل تتعلق بالقدرات والإمكانات الفردية، قُل لي بالله عليك أي فرصة هذه أفضل من مباراة افتتاحية العالم يراها ويُشاهدها ولي العهد ورئيس روسيا ورئيس الاتحاد الدولي؟ إن لم تُقدم أفضل ما لديك أمام منافس في المتناول كما كان يُروج الإعلام السعودي؟ الأمر ببساطة كما تقول الآية «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسا إِلا وُسْعَهَا»، لو دققنا النظر في معدل ركض لاعبي كلا المنتخبين، سنجد أن المنتخب الروسي ركض 12 كيلومترا أكثر من السعودي، بخلاف التفوق الكاسح في ألعاب الهواء الذي أشرنا إليه، فكانت المحصلة بعد هذا السرد هزيمة أشبه بالكابوس لا يتمنى المشجع السعودي رؤيته مرة أخرى.

سذاجة الانتحار

لم يعد هناك أدنى مجال للشك، أن كوبر سيبقى هو كوبر. لن يتغير أبدا، هذه ليست بداية تهجمية. بالعكس، وجهة نظره تُحترم كمدرب يؤمن بالتفاصيل البسيطة، ويعرف كيف يُبقي المباراة مُعلقة لأطول فترة ممكنة، على أمل إما أن يخطف فريقه المباراة بلعبة عبقرية من صلاح أو حل فردي من تريزيجيه أو يخسر في اللحظات الأخيرة، كما حدث أمام الكاميرون في نهائي كأس الامم الافريقية 2017 وأمام البرتغال في ودية مارس ومباريات أخرى، لكن المُحير فعلاً. السذاجة الدفاعية وقلة التركيز التي تضرب لاعبي الوسط والمدافعين في الكرات الثابتة والعرضيات، فبعد أداء يندرج تحت مُسمى «بطولي» طوال 90 دقيقة، في لحظة ينهار كل شيء في ركلة ثابتة أو ركنية كما فعل خيمينيز ومن قبله رونالدو وأغلب الأهداف التي استقبلتها شباك الفراعنة في عهد المدرب الأرجنتيني، لكن بغض النظر عن النتيجة، فالمعنويات في المعسكر المصري تبدو أهدأ وأكثر استقرارا من السعودية وكذلك المغرب، فمع الأخضر لا تستبعد أن تستيقظ على قرار مفاجئ في الفجر، وأسود أطلس، قضوا على أنفسهم بالهدف العكسي الذي سجله عزيز بوهدوز في شباكه في الوقت المحتسب بدل الضائع، قبل مقارعة البرتغال وإسبانيا وهما في أفضل حالاتهما كما عكست مباراتهما معا، الأجمل في البطولة، التي انتهت بالتعادل 3-3 في ليلة الملك كريستيانو رونالدو بأهدافه الثلاثة (الهاتريك)، ليُنهي عقدته مع الماتدور.
بالعودة إلى الفراعنة. النتيجة في حد ذاتها، عكست السجل المتواضع لمنتخبهم في المونديال، فهي خامس مباراة لهم في تاريخ المونديال، ولم يعرفوا من قبل طعم الهزيمة، تعادلوا قبل مواجهة أوروغواي مباراتين وخسروا مثلهما، حتى في معدل الأهداف، استقبلت شباكهم ست أهداف وسجلوا ثلاثة، آخرها هدف مجدي عبدالغني، الذي كان من داخله أكثر السعداء بالهزيمة، ليس فقط تشفيا في رئيس الاتحاد المهندس هاني أبو ريدة، بعد صفعة استبعاده من رئاسة البعثة، على خلفية تسهيل إسقاط النجوم في برنامج المقالب «رامز تحت الصفر»، ومشكلة أخرى تتعلق باتهامه بالتعدي على أحد أفراد شركة الملابس الرياضية الراعية لقميص المنتخب، أو شيء آخر من هذا القبيل، بل أيضا لأنه سيستمر في قهر أبناء جلدته بتذكيرهم بهدفه في مرمى الحارس الهولندي بروكلين في مونديال 1990. لكن واقعيا، يُمكن القول أن ردود الأفعال جاءت إيجابية على الأداء الذي ظهر به المنتخب المصري أمام السفاح لويس سواريز ورفاقه، وأكثر من خطف الأضواء، واستحق ذلك، هو الحارس الموهوب محمد الشناوي، الذي فاز بجائزة لاعب المباراة، بفضل تصدياته الرائعة، اثنان منها أخرجهما بطريقة لا تُصدق، الأولى في انفراد صريح مع مهاجم برشلونة، والثانية برشاقة ورد فعل مُذهلة في إبعاد تسديدة كافاني الماكرة في أقصى الجهة اليمنى، وهذا في حد ذاته مكسب كبير للمنتخب، لأن حراسة المرمى كانت من المشاكل التي تؤرق المشجعين قبل البطولة، خاصة بعد استبعاد الحارس المتميز محمد عواد، والإصرار على شناوي الأهلي وشريف إكرامي بجانب المخضرم الحضري، أضف إلى ذلك، المكسب الأهم باستعادة السلاح الرادع محمد صلاح، الذي وضح تأثير غيابه على خط الهجوم، بجانب المكسب المعنوي الهام، بإثبات اللاعبين أنهم ليسوا منتخب صلاح، بندية وصمود أمام أحد أعرق منتخبات العالم، وبطل المونديال مرتين من قبل طوال الوقت الأصلي للمباراة، وضح في الجرأة غير المعتادة في بداية الشوط الثاني التي كان ينقصــها فقــط التركيز في اللمسة الأخيرة على حدود منطقة جزاء المنافس اللاتيني.

هل هناك أمل؟

لا أخفيكم سرا… على المستوى الشخصي يُراودني شعور أن الأمس لم يتغير أبدا ولن يتغير. هذه ليست نظرة تشاؤمية! بل استنادا إلى واقع منتخباتنا العربية في المونديال، باستثناء ما فعلته الجزائر في النسخة الماضية، كما أوضحنا… لعنة العرضيات بالنسبة للسعوديين باتت أشبه بالعدو الذي يستحق الدعاء عليه في الليالي المباركة، ومصر مع كوبر ممنوعة على أصحاب القلوب الضعيفة، حتى المغرب أصابني بسكتة كروية، وكأن الزمن عاد 20 عاما بسيناريو أكثر قسوة من مباراة الهفوات الدفاعية العجيبة أمام النرويج في افتتاح مباريات المجموعة الأولى في مونديال فرنسا 1998، الفارق أن العمر تقدم 20 عاما والأخطاء الفردية أو بالأحرى النيران الصديقة، ما زالت كابوس المغاربة، أمس كان يوسف شيبو بالتعاون مع الحارس إدريس بن زكري، واليوم عزيز بوهدوز! لذا لم يَعد أمام رينار ورجاله غير ما قاله في فترة التحضير، بالسير على خطى محاربي الصحراء في مباراتهم الخالدة أمام ألمانيا قبل أربع سنوات.
أما البرتغال بقيادة الفتاك كريستيانو رونالدو وإسبانيا المُرشحة للعودة إلى أراضيها بالكأس، لا يُمكن لأي مدرب أن يصنع الفارق بنفسه، حتى لو كان سير أليكس فيرغسون، في مثل هذه المباريات، يتوقف الأمر على اللاعبين وجوعهم لإحداث مفاجأة عكس كل التوقعات، وهذا فعله السير عندما كان مُدربا لأبردين في الثمانينات، يقول في كتابه عن سيرته الذاتية كان في كل مباراة يُحفز اللاعبين لإسقاط خصومهم واحدا تلو الآخر في البطولة الأوروبية، بقوله «منافسنا ليس ريال مدريد»، وعندما جاءت لحظة الحقيقة بصدام عملاق القارة العجوز في النهائي قال لهم «ليس لدي ما أقوله… الآن الأمر متروك لكم… ستواجهون ريال مدريد أكبر فريق في أوروبا»، لتحدث المعجزة ويفوز الفريق الاسكتلندي يوم 11 مايو عام 1983 بنتيجة 2-1 بعد وصول المباراة للأشواط الإضافية بانتهاء وقتها الأصلي بالتعادل 1-1، مع «أسود الأطلس» لن تكون هناك أشواط إضافية، لكنهم بحاجة لواحدة من مثل هذه المعجزات، إذا أرادوا إعادة كتابة التاريخ من جديد. أيضا وضع مصر من ناحية المنطق بعيدا عن العاطفة، يبدو لا يختلف كثيرا عن المغرب.
سؤال: منذ متى يخرج البلد المنظم من الدور الأول باستثناء جنوب أفريقيا؟ دعك من المؤامرة التحكيمية. عامل الأرض والجمهور والدفعة المعنوية بعد خماسية السعودية، كلها مؤشرات الى أن المنتخب المصري سيكون أمام تحدٍ لا يقل صعوبة عن لقاء أوروغواي، علما أنه لا بديل سوى الفوز على الدب الروسي ثم على السعودية في اللقاء الثالث، وما أدراك ما السعودية إذا واجهت مصر في مباراة مصيرية. أو أي لقاء عربي خالص في موعد كهذا، من الصعب توقع حدوث أي شيء.
الآن دعونا ننتظر مفاجأة سارة من نسور قرطاج في اختبارهم الصعب أمام مهد كرة القدم المنتخب الإنكليزي، في سهرة الغد الاثنين، لحفظ ماء وجه العرب من جانب، وكذا ليحصل نبيل معلول ورجاله على دفعة معنوية هائلة قبل اللقاء الأصعب ضد المنتخب البلجيكي بقيادة أسلحته المُدمرة في كل المراكز، ثم مواجهة بنما في نهاية الدور الأول.
كل التوفيق لمنتخباتنا العربية في كأس العالم.

بداية العرب في كأس العالم: طقطقة وسذاجة الى تكرار أخطاء الماضي!
 
عادل منصور

الفيفا «خان» المغرب وليس العرب!

Posted: 16 Jun 2018 02:10 PM PDT

انطلقت منافسات المونديال، وتجيش المناصرون حول العالم في حملات تأييد لمنتخبات بلادهم، ولمنتخبات يعشقونها، رغم ان البداية كانت مؤسفة لمنتخباتنا العربية الثلاثة، فجاءت الخسارة السعودية كارثية، والمصرية كئيبة، والمغربية قاتلة ومميتة للمعنويات.
خيبة المنتخبات العربية داخل الملعب، سبقتها خيبة أخرى خارجه، عندما أخفق المغرب للمرة الخامسة للحصول على شرف استضافة المونديال بخسارة ملف استضافة مونديال 2026 امام الملف الامريكي المكون من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، رغم انه، واقعيا، مونديال الولايات المتحدة التي ستسضيف غالبية المباريات، وهي 60 مباراة من اصل 80، بينها المباراتان الافتتاحية والختامية. طبعاً حزن المغاربة امتد الى وصف الاخفاق بانه «خيانة» من «الاخوة» العرب، بتصويت 7 دول عربية للملف الامريكي، رغم انني أضحك ساخراً من الاعتقاد في يومنا هذا من مصطلح «العروبة» و»الاخوة» في عصر شرذمة هذه الامة، على الاقل سياسيا بين حكامها، رغم بقاء غالبية الشعوب ملتصفة بهويتها وعزة انتمائها، ولهذا أقول لأخوتي المغاربة، ان الجميع يبحث عن مصلحته الخاصة، وان من صوت ضدكم من العرب، لم يخسركم فرصة الحظي بالمونديال، بل ان من صوت لكم من العرب، لم يكن بسبب «الاخوة» بقدر ما كان نفوراً من التهديدات الامريكية، ورفضا لها. ومع ذلك أقول ان المغرب خسر شرف الاستضافة هذه المرة، لانه فشل في قراءة المعطيات الجديدة، فعندما حل السويسري جاني انفانتينو رئيسا للفيفا بدل مواطنه جوزيف بلاتر في 2016، كان واضحاً كيف يفكر وما هو محور اهتمامته، وهو زيادة مداخيل الفيفا، وأبرز ما فعله في مطلع قراراته كان رفع عدد الفرق المتأهلة الى مونديال 2026 من 32 الى 48، وهو مؤشر واضح الى بحثه عن زيادة المداخيل وبالتالي بحثه عن اكثر من مستضيف مشترك لهذا المونديال، والهدف أيضاً زيادة المداخيل. وهنا لعبت السياسة دورها، فانفانتينو استدرك الخطأ الذي وقع فيه سلفه بلاتر بتهميش الولايات المتحدة، التي قادت حملة عالمية تكاد تكون احادية لهز أركان الفيفا، وقادت غالبية أعضائه الى السجون بتهم الفساد، واوقفت رموزه عن ممارسة أي نشاط في اللعبة، بحجة نخر الفساد في هذه المؤسسة العالمية. لكن انفانتينو اقترح ايضاً ان يكون الملف مشتركاً، رغم انه بالاسم فقط، لان عملياً الولايات المتحدة هي المستفيدة الاكبر من هذا المونديال.
ولطالما حارب الفيفا تدخل الحكومات السياسية بالاتحادات الكروية الوطنية، وسعى الى استقلالية المنظومة الكروية كي لا ترزح تحت رحمة السياسيين، وعزل الكرة عن السياسة، بل كان قاسياً مع من يقع في هذا الفخ، فدفعت الكويت ومعها السودان ثمناً لهذا في السنوات الماضية، بتجميد نشاطهما الكروي، وحرمان انديتهما ومنتخبيهما من المشاركة في المسابقات القارية والعالمية، لكن ما يثير الدهشة انه عندما يصدر رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب تهديدات صريحة الى كل من سيصوت للمغرب وضد الملف الثلاثي في الاقتراع، فان انفانتينو اختار غض الطرف عن تدخل سياسي بجح في شأن كروي يديره الفيفا، ولو كنت مكان المغرب لطلبت النصيحة القانونية لمقاضاة الفيفا على هذا النفاق والكيل بمكيالين. في الواقع عمل المغربيون بدون كلل او ملل في الترويج لملفهم في الاسابيع والشهور التي سبقت التصويت، وكانوا أنشط كثيراً من نظرائهم في الملف الثلاثي، بل أن بعض الخبراء اعتقدوا قبل أيام من اجتماع «كونغرس» الفيفا، بان فرصة المغرب لا تقل عن الملف الثلاثي في الفوز بشرف الاستضافة.
لا يمكن للفيفا ان يعتبر ان كل ما حصل كان نزيها وبعيدا عن السياسة، فنحن معشر الكرويين، نبغض تدخل السياسيين في اللعبة، فالمنتخب الارجنتيني زادت شعبيته بعدما رفض اللعب في القدس واقحام نفسه في مسألة سياسية، لكن تظل فينا هذه الغريزة التي تربط بين ما تفعله الآلة العسكرية الروسية ومنتخبها الكروي، وبين مخططات ايران ومنتخبها وبين المنتخب الانكليزي وتاريخ بلده الاستعماري، رغم ان احد نواب برلمانه رفض رفضا قاطعا طرح فكرة الانسحاب من المونديال بسبب الخلاف السياسي مع روسيا قائلاً: «كرة القدم لن تكون ساحة لخصوماتكم السياسية… لان الشعب يعشق كرة القدم ويكره السياسة».

twitter: @khaldounElcheik

الفيفا «خان» المغرب وليس العرب!
 
خلدون الشيخ

غضب عارم في المغرب على «خذلان الأشقاء» وعلى خيبة «مونديالية» خامسة!

Posted: 16 Jun 2018 02:10 PM PDT

الرباط ـ «القدس العربي» : نزلت الخيبة على المغاربة الآملين في احتضان المغرب لكأس العالم 2026 بحجم ثقل خيبتين، الأولى أن يكون رقم الفشل خمسة، والثانية أن تكون لـ»ذوي القربى» في نزع الحلم يد.
وبعناوين كبرى عن «الخيبة» و»خيانة الأشقاء» تصدر الحدث الصحف المغربية، ولا حديث يعلو عن يوم الحسم الذي أبعد فيه أمل المغرب إلى أجل آخر… و بين من كان يتوقع النتيجة ويأمل ربما أن يحدث غير «المتوقع»، ومن كان منتظرها ويرى في الترشح مغامرة بلا زاد ولا عتاد، امتلأ الفضاء الأزرق بتعليقات صب فيها المغاربة غضبهم على الدول العربية وعلى السعودية خاصة، موجهين لها أصابع الاتهام في إحباط حلم تنظيم المونديال، ولم يستثنوا خيارات الساسة المغاربة من موجة الغضب.
وإلى جانب محتوى الملفين المتنافسين، فالسياسة لم تغب في تحليل الغاضبين للاصطفافات خلال التصويت، و شوش الحدث على خريطة «الأصدقاء» و»الخصوم» الرسمية، فظهر أن للسياسة حلفاء وللكرة لعب آخر لا تحكمه «أواصر الصداقة» ولا يربطه «حبل الود غير الممدود» مع من معهم خلاف، فصوتت الجزائر للمغرب واختارت السعودية ملف «العم سام» ومن معه. هكذا طفت صباح الأربعاء صباح «صدمة» خبر تصويت السعودية إلى جانب ست دول عربية ضد المغرب، وركزت الانتقادات على «الخذلان» السعودي إلى جانب الإمارات والبحرين والكويت والأردن ولبنان والعراق، وهي كلها دول منحت صوتها للملف المشترك للولايات المتحدة والمكسيك وكندا، الملف الذي حاز 134 صوتا مقابل 65 صوتا فقط للمغرب. وإلى جانب هذه الدول العربية، اختارت عشر دول إفريقية كذلك أن تمنح صوتها للملف الأمريكي، وأبرزها بنين وبوتسوانا والرأس الأخضر وغينيا وليبيريا وموزمبيق ونامبيا وجنوب إفريقيا وسيراليون وزيمباوي، في حين صوتت الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا ومصر واليمن وعمان والسودان وقطر وفلسطين وسوريا، للمغرب إلى جانب العديد من الدول الأخرى بالقارة السمراء.
إيران التي قطع المغرب حديثا علاقاته الديبلوماسية معها، امتنع الاتحاد الإيراني عن التصويت لأي ملف لاعتبارات سياسية تتميز بقطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب ومع أمريكا معا.
جارة المغرب الراسية على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، إسبانيا، اختارت موقف الحياد، وعزت عدم التصويت إلى كون الاتحاد الإسباني منشغلا بإقالة مدرب المنتخب، ما جعل الرئيس يتغيب ويوفد ممثلا عنه صعب عليه الاختيار بين الملفين. أما روسيا التي احتضنت مؤتمر الجمعية العمومية للفيفا بالعاصمة موسكو، الذي شارك فيه 203 اتحادات، فتفاجأ المغاربة بتصويتها للملف الأمريكي ضد الملف المغربي.
عموما وعكس المتوقع لم يحظ المغرب بدعم كبير من أوروبا، رغم رهانه على القرب الجغرافي لها وعامل التوقيت، رغم الاتصالات المكثفة مع رؤساء الاتحادات الأوروبية، حيث لم تصوت أكثر من عشر دول أوروبية للمغرب وهي: فرنسا وبلجيكا وهولندا وصربيا وسلوفاكيا وألبانيا وبيلاروسيا وإستونيا ولوكسمبورغ ومونتينغرو، واختارت غالبية الاتحادات التصويت للملف الأمريكي.
ومن روسيا عبر سفير المغرب، عبدالقادر لشهب، عن استيائه وتذمره من نتائج التصويت قبل أن يؤكد في تصريحات صحافية أن المغرب يمتاز بالروح الرياضية ويهنئ الفريق الفائز، ولم يخف ما أسماه «خذلان الأشقاء» قائلا: «الأشقاء خذلونا» في إشارة للأصوات العربية التي ذهبت للملف الأمريكي، معلنا أن المغرب على استعداد للترشح مرة أخرى للفوز بتنظيم النسخة ما بعد 2026، وأن المغرب منفتح على دول الجوار لتنظيم مشترك قائلا: «مرحبا بدول الجوار كي ننظم نسخة مشتركة لنهائيات كأس العالم».

السعودية ليست السبب!

ورغم الاسيتاء الكبير الذي ساد لدى المغاربة جراء تصويت دول عربية ضد المغرب، وخاصة الدور الذي قامت به السعودية في هذا الباب، فإن النشطاء على العالم الأزرق ومنهم سياسيون وفاعلون مدنيون وإعلاميون لم يتوانوا في توجيه سهام النقد للمغرب، واختلفت دواعيه باختلاف الانتماءات والزوايا، وهكذا انبرى جزء يعيب على المغرب ضعف ملفه في المنافسة وغياب بنيات تحتية ملائمة لاستقبال تظاهرة دولية من هذا الحجم، كعدد الملاعب وجاهزيتها والطرق ووسائل النقل العمومية والمطارات، إلى غير ذلك، وهو ما سبق وسجله تقرير لجنة الملفين «تاسك فورس»، حيث أشار لضعف كبير في الملف المغربي على مستوى البنيات التحتية، وجاء فيه «من أصل 14 ملعبا قدمه المسؤولون عن الملف المغربي، هناك تسع منشآت رياضية تحتاج إلى عملية بناء كاملة، بينما الملاعب الخمسة المتبقية التي زارها الخبراء، بحاجة إلى إعادة بناء أو تأهيل شامل لأبرز مرافقها» في حين أن الملف الثلاثي جاهز بنسبة تفوق 90٪.
وحسب هذا الرأي فمربط الفرس يوجد في ضعف الملف المغربي ولا يقع على الدول العربية التي اختارت دعم الملف الأمريكي، هكذا يرى من وقفوا على فراغات الملف، ومنهم الإعلامي عبدالله الترابي الذي كتب: «يجب ألا نضخم دور الدول العربية في خسارة التنظيم، سبع دول عربية لم تصوت لنا، يمكن أن نتحسر على ذلك عاطفيا، لكنه لم يساهم في ترجيح غلبة الملف الأمريكي»، مضيفا: «فرق كبير بين ملف يقول للاتحادات التي ستصوت أن كل شيء متوفر من بنيات تحتية و ملاعب ونقل تلفزي وشبكة مواصلات حديثة، وملف آخر جزء كبير منه مبني على النوايا الحسنة والانتماء لإفريقيا».

المونديال كنز أم خرافة كنز؟

تتراوح التكلفة الإجمالية التي من المفترض أن يتحملها المغرب ليكون ملفه جاهزا، ما بين 50 و60 مليار درهم كحد أدنى، ومغامرة الترشح رغم إكراهات البنيات التحتية والتكلفة المالية، هناك من يراها مغامرة ذات جدوى بإمكانها أن تضع البلاد أمام تحدي توفير ما يتطلبه الحدث من متطلبات، وهو ما سيكون بمثابة حافز لخلق ديناميكية تسهم في بدء تحدي التنمية ليكون المغرب في مستوى استضافة كأس العالم. هذه الحجج التي بنى عليه الخطاب الرسمي دفاعه عن استضافة المغرب مونديال 2026، انهالت بعد الخسارة، عكسه العديد من التدوينات والتحليلات التي انتقدت الخطاب واعتبرته للاستهلاك الداخلي، وبأنه لم تواكبه حملة قوية ذات جودة كان يمكن أن تجر موقف العديد من البلدان القوية إلى صالح المغرب، خاصة منها التي لا يشكل لها الضغط الأمريكي مبررا لعدم التصويت لصالحه.
وهناك من ذهب إلى طرح التساؤل حول اذا كان تنظيم كأس العالم من أولويات البلاد وتتحمله خزينة الدولة من الأساس، فشبه حسن بناجح، القيادي بجماعة العدل والإحسان، وهي أكبر جماعة إسلامية معارضة بالمغرب، سعي المغرب إلى تنظيم التظاهرة الرياضية العالمية بـ»خرافة سرغينة»، وهي المنطقة الواقعة وسط المغرب التي هب سكانها مطلع هذا الأسبوع يلبون نداء شخص أوحى لهم بوجود كنز في سفح جبل سينقذ المغرب من الفقر، قائلا: «وماذا تساوي خرافة كنز سرغينة أمام خرافة المونديال التي كان واضحا منذ البداية أن حتى مسوقيها لا يصدقونها، ومع ذلك كان الإصرار على هدر الأموال الطائلة من أجل وهم لا تتوافر فيه ذرة من عناصر الحقيقية ولا تحترم فيه أبسط شروط الشفافية في التصرف في أموال الشعب»، ويضيف بناجح أن «الخرافة العظمى أن تلك المشاريع المسطرة في الملف ستتبدد كما تبددت سابقاتها في الترشيحات الأربعة الماضية طوال 25 سنة». وبين كل التحليلات يبقى لمنطق الربح والخسارة، حضور وازن إلى جانب كل الأسباب التي يمكن أن تفسر عدم فوز المغرب، فالملف الأمريكي يغري بأن تصل الأرباح 11 مليار دولار، في حين لم تتعد أرباح المغرب المدرجة في ملفه خمسة مليارات دولار وهو ما كان يكرره بشكل دائم رئيس الفيفا، جاني إنفانتينو، أن «الملف الأمريكي مغر»… تعددت الأسباب والكل يقول في المغرب الخيبة خامسة.

غضب عارم في المغرب على «خذلان الأشقاء» وعلى خيبة «مونديالية» خامسة!

سعيدة الكامل

هل تكون تونس احدى مفاجآت كأس العالم؟

Posted: 16 Jun 2018 02:09 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: يترقب التونسيون بفارغ الصبر المباراة الأولى التي ستجمع منتخبهم، نسور قرطاج، بالمنتخب الانكليزي العتيد الفائز بكأس العالم سنة 1966، غدا الاثنين ضمن فعاليات مونديال روسيا 2018. وخصص الاعلام التونسي المكتوب والمسموع والمرئي مساحات واسعة لمتابعة تحضيرات الكتيبة القرطاجنية لهذه المباراة الصعبة التي يواجهون خلالها واحدا من عمالقة العالم.
ترقب حذر للتحضيرات من عموم التونسيين، ومتابعة لكل التفاصيل المتعلقة بالمباراة ابتداء من اسماء اللاعبين الذين ستضمهم التشكيلة الأساسية التي ستكون مزيجا بين المحليين والناشطين خارج الديار، وصولا الى الفندق الذي اختار المنتخب التونسي الاقامة به طوال فترة المونديال، وهو فندق يقع على بعد 40 كيلومترا من وسط موسكو، ويضم منتجعا سياحيا غابيا ويتوفر على جميع المرافق الضرورية للاعبين في فترة المونديال، ورفعت في أرجائه أعلام تونس وتم تجهيزه بـ500 كاميرا مراقبة وعرف استعدادات امنية لتأمين الوفد التونسي.
«ايطاليا افريقيا «هي التسمية الأهم اليوم لنسور قرطاج في الاعلام الأوروبي، وهو ما جعل الإنكليز يتبارون وديا مع إيطاليا استعدادا للمنتخب التونسي، بالنظر إلى تأثر الكرة التونسية بنظيرتها الإيطالية بحكم الجغرافيا والتفاعل بين البلدين على ضفتي المتوسط منذ عهود الحروب البونية بين قرطاج وروما. كما أن النسور أبلوا بلاء حسنا خلال المباريات التحضيرية التي جمعتهم بمنتخبين أوروبيين عريقين، هما البرتغال وإسبانيا، إضافة إلى كوستاريكا وإيران وتركيا، ما جعل الكثيرين يشبهون أداء المنتخب التونسي وانضباطه التكتيكي بنظيره الإيطالي صاحب الأمجاد والذي لم يحالفه الحظ للترشح في واحدة من مفاجآت هذا المونديال. ولعل حنين الأوروبيين إلى إيطاليا الغائبة هو الذي جعلهم يقتفون آثارها لدى القرطاجيين.
هذه النتائج المرضية في التحضيرات، والأداء الجيد للمنتخب، جعلت أحلام التونسيين بترشح فريقهم الى الدور الثاني تكبر يوما بعد يوم، رغم ان مجموعة تونس، بحسب عديد المتابعين هي مجموعة صعبة، بل لعلها الأصعب بالمقارنة مع المجموعات التي تضم بقية المنتخبات العربية. كما أن الحظ لم يحالف التونسيين بعد إصابة نجمهم يوسف المساكني قبيل المونديال والذي حرم من المشاركة شأنه شأن هداف البطولة البلجيكية حمدي الحرباوي الذي لم تتم دعوته بسبب خلاف بينه وبين رئيس الاتحاد التونسي وبعض زملائه في المنتخب.
ورغم هذه الغيابات غير الهينة والتي تعتبر من الحجم الثقيل، فإن صياد النسور نبيل معلول نجح على ما يبدو في اختياراته، ودعا عموما أفضل ماهو موجود محليا وخارجيا. وبالتالي فإن تشكيلة المنتخب التونسي التي ستواجه انكلترا ستتشكل من الفئتين، ومن المرجح أن تؤول حراسة المرمى لمعز حسن أو أيمن المثلوثي، أما قلب الدفاع فسيحوي ياسين مرياح ومعه إما صيام بن يوسف أو يوهان بن علوان، أما الظهيران فمن المرجح أن يكونا علي معلول وحمدي النقاز، وسيتشكل وسط الميدان الدفاعي من الثلاثي الياس السخيري وسيف الدين الخاوي والفرجاني ساسي، وهجوميا في الوسط بات من شـبه المؤكد التعويل على نعيم السليتي وأنيس البدري، و سيكون وهبي الخزري إذا تم تأهيله من الإصابة قلب الهجوم، وفي حال لم يكن الخزري جاهزا فإن فخر الدين بن يوسف سيكون البديل.
وكان تصريح سفير بريطانيا في تونس، الذي أعرب من خلاله عن أمله بأن يتعادل «منتخبانا»، بحسب تعبير السفير، وان يترشحا معا ويتقابلا في آخر جولة من المونديال، حظي باهتمام واستحسان شرائح تونسية عدة متابعة لهذا الحدث الهام، وحتى سفير روسيا بتونس أدلى بدلوه في هذا الإطار، اذ عبر عن أمله بان يتوفق نسور قرطاج في تقديم مردود جيد يشرف كرة القدم التونسية، وأضاف ان المنتخب التونسي فريق عريق وتأهل عن مجموعته الإفريقية في المرتبة الاولى، كما انه يصنف الأول عربيا وإفريقيا في ترتيب الفيفا. كما عبر مدرب المنتخب البلجيكي، منافس تونس، عن اعجابه بأداء نسور قرطاج أمام المنتخب الاسباني، وقال أن مردود التونسيين لم يكن مفاجأة أو صدفة، وهو تأكيد على أن تونس قد تكون واحدة من مفاجآت هذه الكأس العالمية، ويخوض المنتخب التونسي غمار المونديال الروسي ضمن المجموعة السابعة التي تضم أيضا انكلترا وبلجيكا وبنما.
فالجميع في تونس إذن يتابع المباريات التحضيرية الودية، ومن كل الشرائح والاعمار، فحتى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، وأثناء لقائه بلاعبي المنتخب وطاقمه الفني بقصر قرطاج الرئاسي قبيل سفرهم الى روسيا في طائرة خاصة كتبت عليها بالانكليزية وبخط بارز عبارة «نسور قرطاج»، أثنى على الاداء الجيد، ونظر إلى أحد اللاعبين وعبر إن إعجابه بمردوده، وسأله ممازحا عن ركلة سددها اللاعب، هل الحظ كان وراء نجاح تلك التسديدة؟

هل تكون تونس احدى مفاجآت كأس العالم؟

روعة قاسم

الصراع يحتدم بين القوى الغربية للسيطرة على موارد افريقيا والهيمنة عليها

Posted: 16 Jun 2018 02:09 PM PDT

نواكشوط ـ «القدس العربي»: لم تشهد القارة الافريقية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة التي تبعتها شبيها لما تشهده اليوم من حضور عسكري أجنبي كبير للغاية.
وأحصت دراسات قيم بها في المجال قرابة ثلاثين قاعدة عسكرية دائمة أو مؤقتة في عدد من المواقع داخل القارة السمراء.
ويسوغ هذا الحضور على المستويات الرسمية بأنه جاء لتحقيق هدف وحيد هو محاربة الإرهاب والقرصنة البحرية في القرن الافريقي ومؤخرا في خليج غينيا. غير أن هذا الحضور يخفي وراءه أمرا آخر هو تنافس القوى الغربية والدول الصاعدة على التأثير وعلى التحكم في ممرات وخيرات القارة.
ويشكل حضور تنظيم القاعدة واستمرار نشاط حركة بوكو حرام، أبرز تهديد للاستقرار في المنطقة الساحلية وفي منطقة بحيرة التشاد، مع ما يحمله في طياته، من كوارث بينها الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر والهجرة السرية.
وبالإضافة إلى الجانب الأمني، فإن عدم الاستقرار الذي يطبع منطقة الساحل يطرح مشكلات اقتصادية على هذه المنطقة الثرية بالموارد المعدنية والطاقوية مثل النفط والغاز والذهب واليورانيوم والماس والفوسفات والبوكسيت والمغنيزيوم.
ويسيل هذا الثراء لعاب القوى العالمية المتغلبة، حيث بدأ الصراع يحتدم في هذا النطاق، بين الولايات المتحدة وفرنسا وهو ما يفسر إقامتهما للقواعد العسكرية التي لها مهمة أساسية واحدة هي حماية تموينهما بالمواد المعدنية والطاقوية، حسبما يؤكد محللون عديدون.
ومما جذب الحضور العسكري، أيضا ظاهرة القرصنة في القرن الافريقي الذي يعتبر الممر التجاري الدولي الرابط بين آسيا وافريقيا وأوروبا.
واستدعى نشاط القرصنة تشكيل فريق الاتصال في عرض السواحل الصومالية، كما استدعى نشر القوة البحرية الأوروبية، وإنشاء قواعد عسكرية بحرية بينها القاعدة العسكرية البحرية الفرنسية في جيبوتي والقاعدة العسكرية التركية في الصومال.
وامتدت ظاهرة القرصنة البحرية نحو سواحل غينيا في افريقيا الغربية وازداد نشاطها كثيرا منذ 2012.
وأكد تقرير لمؤسسة هرث فتيور «أن الهجوم العسكري على البواخر العابرة من خليج غينيا، ارتفع بنسبة 76 في المئة ما بين عامي 2015 و2016 في منطقة خليج غينيا الثرية بالموارد الطاقوية والتي تحولت إلى بؤرة للقرصنة البحرية في افريقيا.
ولوحظ الحضور العسكري الصيني أيضا منذ 2009 بعد أن تحولت الصين إلى الشريك التجاري الأول لافريقيا، بارتفاع مبادلاتها التجارية مع القارة السمراء عام 2016 إلى 149.2 مليار دولار (56.9 مليار دولار من الواردات، و92.3 مليار دولار من الصادرات).
ولحماية مصالحها الحيوية، أنشأت الصين عام 2017 أول قاعدة عسكرية لها في جيبوتي قريبا من قـــاعدة لمونيي العسكرية الأمريكية.
وينتظر أن تستقبل القاعدة الصينية 10 آلاف جندي في أفق 2026 التاريخ المحدد لاستكمال الصين إرساءها لقاعدتها العسكرية المتقدمة في افريقيا. وينضاف للحضور العسكري الصيني، حضور عسكري لدول صاعدة بينها الهند التي ارتفعت مبادلاتها التجارية مع دول افريقيا من مليار دولار عام 1995 إلى 75 مليار دولار عام 2015 حسب ما أكده تقرير للبنك الافريقي للتنمية.
وقد أنشأت حكومة دلهي مركزا للإنصات شمال مدغشقر عام 2007 لمتابعة حركة البواخر في المحيط الهندي ولمراقبة الاتصالات البحرية.
وللدب الروسي هو الآخر حضوره ومصالحه في القارة الافريقية، فقد قررت موسكو أن تضع تنشيط التبادل التجاري مع افريقيا أولوية في سياستها الخارجية بعد أن لاحظت ضعف مبادلاتها مع دول القارة.
وعززت الحكومة الروسية تعاونها العسكري مع دول بينها الجزائر ومصر وأنغولا وأوغندا وزيمبابوي وجنوب افريقيا واثيوبيا والموزامبيق، وذلك بعد سلمت معدات عسكرية لتجهيز كتيبتين في جمهورية وسط افريقيا قوامهما (1300 رجل) وابتعثت إلى حكومة بانغي 200 مرشد عسكري من القوات الروسية الخاصة.
ويعود الحضور العسكري الخارجي المكثف في افريقيا لضعف الدول الافريقية ولهشاشة جيوش القارة؛ وباستثناء الدول القليلة التي تسعى لتأمين نفسها بوسائلها الخاصة والتي من بينها مصر التي تواجه حرب عصابات في سيناء، والجزائر التي يتفاعل الإرهاب في حدودها الجنوبية، والكمرون ونيجريا اللتان تواجهان حركة بوكو حرام، فإن هناك بلدانا مثل مالي والنيجر ووسط افريقيا تحتاج للدعم العسكري الخارجي لتأمين ذاتها.
وحتى الدول التي تجمعت في منظمات أمنية ودفاعية لم تتمكن لأسباب مالية من تنفيذ خططها العسكرية المشتركة، وأبرز مثال على ذلك مجموعة دول الساحل الخمس التي تأخرت انطلاقة قوتها العسكرية المشتركة لعدم وجود التمويلات الكافية.
واضطرت دول المجموعة لمد يد المساعدة لبلدان العالم للحصول على مبلغ 414 مليون أورو لازم لتجهيز قوتها المشتركة.
ولفرنسا حضورها العسكري الكبير في دول افريقية بينها موريتانيا، حيث ترابط كتيبة عسكرية مجهولة العدد في أطار شمال موريتانيا تابعة لقيادة العمليات الفرنسية الخاصة، ولها حضورها في مــالي بقاعدة قوامها 1700 رجل، وفي وسط افريقيا بـ 1200 رجل، وفي خليج غينيا عبر قاعدتها البحرية التي أسستها عام 1990.
وللولايات المتحدة حضورها من قاعدة «أفريكوم» المنتشرة في بوركينافاسو والكمرون، وجيبوتي، والغابون، وغانا، وكينيا، والنيجر، وأوغندا، وجمهورية وسط افريقيا، والكونغو، والسنغال، والصومال، وجنوب السودان، والتشاد؛ وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرا عن حضور عسكري أمريكي في مصر وأريتريا وتونس وإثيوبيا. أما المملكة المتحدة فلها، هي الأخرى، حضورها العسكري في كينيا ومالي؛ وللهند حضورها العسكري في مدغشقر، ولألمانيا حضورها العسكري في النيجر ومالي ولتركيا حضورها في الصومال، ولليابان حضورها في جيبوتي ولإيطاليا حضورها العسكري في ليبيا والنيجر، ولبلجيكا حضورها العسكري في مالي، وروسيا هي الأخرى حاضرة عسكريا في جمهورية وسط إفريقيا.
بهذه المعلومات يتضح أن القارة الافريقية شبه محتلة من طرف الدول الجشعة للموارد الطاقوية والمعدنية؛ فإذا كانت هذه الدول قد نالت استقلالها فإن قوى الاستعمار الغربي قد خرجت من باب لتدخل من نافذة المصالح ولتحكم سيطرتها على دول افريقيا مستغلة هشاشة أنظمتها وعوز وفقر شعوبها.

الصراع يحتدم بين القوى الغربية للسيطرة على موارد افريقيا والهيمنة عليها

عبد الله مولود

بدء نقل نفط كركوك إلى إيران كسر للحصار الأمريكي عليها

Posted: 16 Jun 2018 02:08 PM PDT

بغداد-»القدس العربي»: أعلن العراق بدء تنفيذ الاتفاق بينه وإيران لنقل نفط كركوك إلى بالشاحنات، مقابل تسليم الكمية نفسها للعراق عبر البصرة، في خطوة تتعارض مع إجراءات أمريكية لإعادة فرض العقوبات على إيران عقب إلغاء الاتفاق النووي معها.
وكان محافظ كركوك راكان الجبوري، صرح في شباط/فبراير الماضي، إن العراق سيصدر نفطا من كركوك إلى إيران بمعدل 60 ألف برميل يوميا. وذلك في إطار اتفاق وقع بين بغداد وطهران في كانون الأول/ديسمبر الماضي يقضي بمبادلة 60 ألف برميل يوميا من الخام المنتج من كركوك بنفط إيراني للتسليم في جنوب العراق، مع نقل النفط بالشاحنات إلى كرمانشاه في إيران.
وأعلنت وزارة النفط العراقية انها بدأت نقل نفط كركوك إلى إيران بكميات تتراوح بين 30 إلى 60 ألف برميل يومياً لغرض مقايضته مع نفط إيراني يتم تسليمه عبر البصرة جنوب العراق. منوهة إلى ان تدفق نفط كركوك يكون عبر الناقلات الحوضية إلى إيران، ضمن الاتفاق الذي أبرمته وزارة النفط مع وزارة النفط الإيرانية في صفقة تبادلية بالكميات والمواصفات نفسها.
وتأكيدا للخبر، أعلنت وكالة «ارنا» الإيرانية الرسمية، «بدء عملية مقايضة نفط كركوك مع إيران بعد حل مشكلة النقل بين الطرفين». ونقلت الوكالة عن وزارة النفط الإيرانية، تقريراً أشارت فيه إلى أن شاحنات النفط العراقي الآتية من مدينة كركوك دخلت الأراضي الإيرانية لتفريغ حمولتها في خزانات مدينة درة شهر (غرب إيران).
وسبق للعراق ان أعلن عن اتفاق البلدين على تنفيذ مشروع لإنشاء خط نفطي استراتيجي من كركوك إلى إيران، عندما ذكر وزير النفط العراقي جبار علي اللعيبي، في شباط/فبراير الماضي، إجراء مباحثات مع إيران لتحديد موعد بدء صادرات النفط من حقول كركوك العراقية، وذلك في أعقاب توقيع اللعيبي ونظيره الإيراني زنكنة، في الشهر نفسه، على اتفاق مد أنبوب لنقل خام النفط العراقي من حقول كركوك عبر الأراضي الإيرانية، ونقل النفط العراقي من البصرة إلى عبادان في إيران.
ويتزامن بدء تنفيذ الاتفاق النفطي في وقت يمر المشهد العراقي هذه الأيام بمخاض صعب يتمثل بوجود تيارين سياسيين، أحداها يوالي إيران والآخر يسعى لتقليل النفوذ الإيراني في العراق، وهما يخوضان معركة شرسة لجمع الأغلبية النيابية اللازمة لتشكيل الحكومة المقبلة.
وبرزت مشكلة تصدير نفط كركوك في السنوات الأخيرة جراء التوتر بين حكومتي بغداد وأربيل، وخاصة بعد قيام القوات الاتحادية بالسيطرة على المحافظة النفطية ومناطق أخرى متنازع عليها بين بغداد والإقليم في تشرين الأول/اكتوبر الماضي عقب الاستفتاء على الاستقلال الذي نظمته حكومة الإقليم في أيلول/سبتمبر الماضي.
وتقوم حكومة الإقليم حاليا بتصدير نحو 250 ألف برميل يوميا من حقول النفط في شمال العراق عبر خط الأنابيب إلى تركيا وتحتفظ بوارداتها لصالحها رغم رفض بغداد لذلك.
ويذكر ان وزارة النفط العراقية، كشفت عن ارتفاع كميات النفط الخام المصدرة والإيرادات المتحققة لشهر أيار/مايو الماضي مقارنة مع الأشهر الماضية لعام 2018 الحالي.
وبلغت كمية الصادرات من النفط الخام العراقي (108) مليون و(194) ألف و(920) برميل بإيرادات بلغت (7) مليارات و(566) مليونا و (294) ألف دولار.
ويعتقد المتابعون للشأن العراقي، ان صفقة تبادل نفط كركوك بنفط إيراني، جاءت كمكافأة لإيران على دورها الفاعل في حسم الصراع العربي الكردي على محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومساعدتها حكومة حيدر العبادي، من خلال فرض نفوذها على بعض الأطراف الكردية، لبسط سيطرة القوات الاتحادية على كركوك وانسحاب قوات البيشمركه منها، عقب أزمة الاستفتاء على الاستقلال.
إلا ان البدء في تنفيذ هذه الصفقة لم ينل رضا الولايات المتحدة التي الغت مؤخرا الاتفاق النووي مع إيران وأعلنت تطبيق اجراءات وعقوبات وحصار على إيران لإضعاف نفوذها في المنطقة.
ومن المؤكد ان قرار تبادل النفط بين العراق وإيران، يأتي ضمن محاولات حكومة بغداد لإيجاد منافذ جديدة لتصدير نفط كركوك إضافة إلى خط تصدير النفط عبر تركيا الذي يتأثر بالأزمات بين بغداد والإقليم، بينما يحقق الاتفاق لإيران متنفسا لتصدير نفطها عبر الالتفاف على الحصار الأمريكي. ولذا فان المستفيد الأول من الاتفاق سيكون إيران لكسر عزلتها الدولية، بينما لا يشكل الاتفاق حاجة مهمة للعراق الذي يصدر حاليا من موانئ البصرة، أقل من قدراته التصديرية الحقيقية، التزاما باتفاق منظمة اوبك حول كميات تصدير نفط أعضاءها.

بدء نقل نفط كركوك إلى إيران كسر للحصار الأمريكي عليها

ارتفاع أسعار الوقود للمرة الثالثة في مصر خلال 20 شهرا

Posted: 16 Jun 2018 02:08 PM PDT

أعلنت مصر أمس السبت تطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود هي الثالثة خلال عشرين شهرا، وتتراوح بين 17.4٪ إلى 66.6٪.
ويعد قرار تحريك أسعار الوقود الأول الذي يمس الدعم الحكومي بعد أيام من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي الذي احتفظ بحقيبة الإسكان أيضا. وقالت وزارة البترول والثروة المعدنية، في بيان، إن مجلس الوزراء أقر زيادة أسعار المنتجات البترولية، اعتبارًا من الساعة التاسعة صباح (08:00 ت.غ) أمس السبت». وزاد سعر لتر بنزين 92، بنحو 1.75 قرش، ليصبح 6.75 جنيه، بدلا من 5 جنيهات (بزيادة نحو 35٪).
وزاد سعر لتر بنزين 80 (أقل جودة) ليصل إلى 5.5 جنيه للتر، بدلا من 3.65 جنيه (نحو 50٪).
وأصبح سعر لتر السولار 5.5 جنيه، بدلا من 3.65 جنيه، وارتفع سعر متر الغاز للسيارات من جنيهين إلى 2.75 جنيه ( 37.5٪.). وزاد سعر بنزين 95 إلى 7.75 جنيه للتر، بدلا من 6.6 جنيه (بزيادة نحو 17.4٪).
وارتفع سعر أسطوانة البوتاجاز (غاز الطهي للاستخدام المنزلي) من 30 جنيها إلى 50 جنيها (نحو 66.6٪)، بينما أصبح سعر أسطوانة البوتاجاز التجارية 100 جنيه، بدلا من 60 جنيها (نحو 66.6٪).
وهذه الزيادة هي الثالثة لأسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، ضمن اتفاق أبرمته القاهرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض 12 مليار دولار.
وكانت الزيادة الأولى عقب يوم من تحرير سعر الصرف، والثانية أواخر يونيو/ حزيران 2017.
ووصف وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، زيادات أمس، في بيان، بأنها ضمن «قرارات تصحيح منظومة دعم المنتجات البترولية وتعديل التشوهات السعرية». وتابع أن «إجمالي دعم المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، خلال السنوات الخمس الماضية، بلغ 517 مليار جنيه لم يستفد منها المستحقون الحقيقيون للدعم». وأضاف أنه «رغم أن دعم المنتجات البترولية تم إقراره في الأساس لحماية البعد الاجتماعي، إلا أن الواقع يؤكد أن هذا الدعم كان أكبر عامل سلبي يعيق تحقيق العدالة الاجتماعية داخل المجتمع». ‎ ومضى قائلا إن «الفئات الأعلى دخلاً والأكثر قدرة تستفيد من الجانب الأعظم من الدعم الموجه للمنتجات البترولية والغاز الطبيعي، بينما لا تستفيد الفئات الأقل دخلاً إلا بالنسبة الأقل، وهو الأمر الذي تؤكده جميع الدراسات والتقارير عن الدعم».
وهذه هي الزيادة الثالثة التي تمس خدمات حياتية مهمة للمصريين خلال نحو أسبوعين، بعد زيادات في المياه والكهرباء، إضافة إلى زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق قبل نحو ثلاثة أشهر.
وقالت بعثة صندوق النقد، في بيان مؤخرا، إن الحكومة المصرية ما تزال ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة، للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة لمعظم منتجات الوقود خلال 2019.
ويمثل دعم المواد البترولية قيمة ما تتحمله الدولة المصرية نتيجة بيع هذه المواد بأسعار تقل عن تكلفة توافرها للسوق المحلية، سواء عن طريق الإنتاج أو استيراد بعضها من الخارج.
ويشكو مصريون من تداعيات تحرير سعر صرف العملة المحلية، وأبرزها ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وعادة ما يتبع ارتفاع أسعار المنتجات البترولية زيادات في أسعار أجرة النقل العام والخاص، ومن ثم أسعار معظم السلع، بسبب ارتفاع تكلفة النقل. (الأناضول)

ارتفاع أسعار الوقود للمرة الثالثة في مصر خلال 20 شهرا

اختراق موقع صحيفة قطرية يعيد التذكير بقرصنة «قنا»

Posted: 16 Jun 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تعرض موقع إحدى أهم وأشهر الصحف اليومية في قطر للاختراق الأسبوع الماضي، ليعيد إلى الأذهان حادثة القرصنة التي تعرضت لها وكالة الأنباء القطرية «قنا» العام الماضي وكانت شرارة اندلاع أزمة الخليج ومهدت لاتخاذ أربع دول عربية قراراً بفرض الحصار على قطر.
وتبين بعد عدة شهور من التحقيقات بشأن الاختراق الذي تعرضت لها وكالة «قنا» أن عملية القرصنة تمت من داخل أحد المواقع السيادية في إحدى العواصم الأربع التي تفرض الحصار على الدوحة، ما يعني أن الاختراق كان مدبراً وليس عفوياً وكان يُراد له أن يكون بداية الأزمة. وأكدت وزارة الداخلية القطرية في تغريدة لها على «تويتر» احتواء عملية الاختراق التي تعرض لها الموقع الإلكتروني لصحيفة «الشرق» اليومية يوم الثلاثاء الماضي، وقالت إنه «جار استكمال الإجراءات وجمع الاستدلالات».
وكانت صحيفة «الشرق» أعلنت تعرض الموقع الإلكتروني لها لاختراق وبث خبرين مفبركين ومغرضين بشكل مناف للحقيقة.
وقالت الصحيفة على موقعها: «يتضح من صياغة الخبر، وأسلوب الفبركة، من هم منفذو عملية الاختراق وأهداف هذه القرصنة غير الأخلاقية» لكنها لم تحدد الجهة التي تقف وراء العملية.
وحسب الصحيفة فقد «حصلت عملية الاختراق الساعة الثالثة من عصر الثلاثاء وقد قام المخترق بتغيير توقيت نشر الخبرين ليتم نشرهما بتوقيت سابق على الموقع، واستطاع فريق الدعم الفني في مؤسسة دار «الشرق» أن يسيطر على الوضع ويوقف الخبرين المفبركين ويوقف الاختراق.
وقالت الصحيفة في بيان لها آنذاك إن «مخترقين إماراتيين نجحوا في الدخول إلى الموقع الإلكتروني للصحيفة، وتمكنوا من تعطيله مع ترك عبارة (هاكرز الإمارات كانوا هنا) وقاموا بتغيير تبويب استطلاع الرأي، بإضافة عبارات مثل الإمارات والسعودية تاج على رؤوسكم».
وكان الموقع الإلكتروني لتلفزيون قطر تعرض في شهر حزيران/يونيو الماضي إلى محاولة اختراق فاشلة. ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية «قنا» عن المؤسسة القطرية للإعلام أن «الموقع الإلكتروني لتلفزيون قطر تعرض لمحاولات قرصنة إلكترونية، وأن أنظمة الحماية تصدت لهذه المحاولات».
وكان النائب العام القطري اتهم العام الماضي دول الخليج الثلاث بالمسؤولية عن اختراق موقع «قنا» ونشر تصريحات على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بخصوص العلاقة مع إيران، أدت إلى نشوب أزمة في المنطقة.
وقال النائب العام إن «اختراق موقع وكالة الأنباء (قنا) نفذته دول مجاورة، مشاركة في الحصار على قطر» وأضاف «إن الأدلة، التي في حوزتنا، كافية لتوجيه الاتهام لدول الحصار».
وبثت قناة «الجزيرة» القطرية لاحقاً برنامجا كشف عن معلومات هامة تتعلق بتورط دول الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) في التخطيط والتنفيذ لاختراق وكالة الأنباء القطرية، حيث أوضح التحقيق بالتفاصيل والبيانات الطريقة التي اتبعها القراصنة الذين تعاونت معهم دول الحصار لتنفيذ خطتهم والتي كانت فيما بعد ذريعة لحصار قطر.
وتضمنت المعلومات بيانات مفصلة لعناوين الكترونية خاصة بأجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة تعود لخلية الاختراق والقرصنة وجميعها كانت متصلة بشركات اتصال سعودية، ومن خلال تتبع هذه البيانات أوصل فرق التحقيق بشكل دقيق إلى الموقع الذي نفذت منه الخلية عملية الاختراق ونشر الخبر المفبرك، وهذا الموقع كان في مقر وزارة سيادية في العاصمة السعودية الرياض، حسب برنامج «الجزيرة».

7med

اختراق موقع صحيفة قطرية يعيد التذكير بقرصنة «قنا»

للمرة الأولى في الأردن: صحيفة «السبيل» تتحول إلى الكترونية قريباً

Posted: 16 Jun 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تتجه صحيفة «السبيل» اليومية المقربة من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن للتحول إلى صحيفة الكترونية، لتكون بذلك قد سجلت أول تحول من نوعه في تاريخ الصحافة الأردنية، حيث سبق أن انهارت صحف مطبوعة وأغلقت أبوابها واختفت تماما، وظهرت صحف الكترونية جديدة، لكنها المرة الأولى التي تتحول فيها صحيفة قائمة من المطبوع إلى المنشور في فضاء الانترنت.
وتأسست جريدة «السبيل» في بداية تسعينيات القرن الماضي كصحيفة أسبوعية، ثم تحولت بعد نحو عقدين من العمل إلى صحيفة يومية، وهي مقربة من جماعة الإخوان المسلمين وكافة تيارات المعارضة في الأردن، لكنها تعاني من أزمة مالية خانقة منذ شهور اضطرتها لتسريح عدد من العاملين فيها على دفعتين وصولاً إلى اتخاذ قرار أخيراً بالتحول إلى الكترونية.
وكانت العديد من الصحف المطبوعة ظهرت واختفت في الأردن بسبب العوائق التي تواجه الصحافة المطبوعة، لكن هذه الحالة هي الأولى من نوعها التي تتحول فيها الصحيفة المطبوعة إلى الكترونية لتظل على قيد الحياة.
وسبق أن أغلقت إحدى أشهر وأكبر الصحف اليومية في الأردن وهي جريدة «العرب اليوم» واختفت بشكل كامل بعد أن سرحت كافة العاملين فيها، كما اضطرت مؤخراً جريدة «الديار» اليومية للإغلاق بشكل كامل، فيما تعاني باقي الصحف المطبوعة من أزمات مختلفة ومتباينة.
ونشر رئيس تحرير «السبيل» عاطف الجولاني مقالا تحت عنوان (لا نقول وداعاً) أعلن فيه أن الجريدة سرحت عدداً من العاملين فيها وأنها ستتحول اعتباراً من بداية العام 2019 إلى الكترونية مع صدور عدد ورقي مطبوع مرة واحدة في الأسبوع.
وقال مصدر مطلع في الصحيفة لــ»القدس العربي» إن العدد المطبوع الذي سيصدر بين الحين والآخر اعتباراً من العام المقبل سببه الترخيص الحكومي ليس أكثر، مشيراً إلى أن «التوقف الكامل عن الطباعة يعني أن الموقع الالكتروني للجريدة سوف يحتاج إلى ترخيص جديد ومستقل، وما دام ثمة مطبوع فهذا يعني أن الموقع يتبع لمطبوعة مرخصة سلفاً ولا يحتاج لأي إجراءات إدارية أو حكومية جديدة».
وقال الجولاني في مقاله إن «الصحيفة الورقية ستواصل الصدور بصورة يومية حتى نهاية العام، والصدور مؤقتا بشكل أسبوعي بداية العام المقبل 2019 أما الموقع الإلكتروني فيستمر كالمعتاد دون تغيير لا في الوقت الراهن ولا نهاية العام».
وأضاف: «هي عملية تكيّف اضطرارية مع معطيات اقتصادية صعبة يعاني تداعياتها كثير من المؤسسات الوطنية، وفي المقدمة منها الصحف الورقية».
وكشف الجولاني أن الجريدة «اضطرت قبل شهرين لحملة تقليصات مؤلمة شملت عدداً من الموظفين والمتعاونين، وكلهم أحبّة أعزاء. وفي الأسبوع الأخير، اضطرت ضمن عملية تكيف قسرية لحملة تقليصات أكثر وجعاً وإيلاماً، غادرنا بموجبها كوكبة مميزة من الزملاء الصحافيين والزميلات الصحافيات».

7med

للمرة الأولى في الأردن: صحيفة «السبيل» تتحول إلى الكترونية قريباً

الكويت: تجدد الجدل على الانترنت حول التطبيع مع إسرائيل

Posted: 16 Jun 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تجددت حالة الجدل في منطقة الخليج على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنت بشأن التطبيع مع إسرائيل بعد أن «تغزلت» كاتبة كويتية معروفة بالإسرائيليين ووصفتهم بأنهم «أبناء العم» وسط تقارير تتحدث منذ شهور عن أن السعودية ربما تقيم علاقات رسمية وعلنية مع إسرائيل قريباً، أو أنها تمهد لذلك حالياً على المستوى الشعبي.
وتسببت الكاتبة والمنتجة الكويتية فجر السعيد، في موجة انتقادات واسعة في بلادها وفي دول الخليج وجددت حالة الجدل بخصوص التطبيع مع إسرائيل عندما تباهت بزيارة المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة وأشادت بتعامل جنود الاحتلال الإسرائيلي هناك، ووصفت هؤلاء الجنود بأنهم «أولاد العم».
ودعت إلى التطبيع مع إسرائيل فيما رد العديد من النشطاء بانتقادات حادة، كما استهجن الكثير من الكويتيين ما ذهبت له الكاتبة.
وعبر موقع التدوينات المصغر «تويتر» نشرت السعيد مقطعا قالت إنه من أمام أحد الحواجز قبيل دخول المسجد الأقصى، موجهة الشكر إلى جنود الاحتلال، ومؤكدة أنهم تعاملوا معها برقي وقدموا لها القهوة والتمر والبسكويت.
ووجهت السعيد تغريدها والمقطع إلى من وصفته بـ»ابن العم» وهو الإعلامي الإسرائيلي أيدي كوهين حيث قامت بالإشارة له بوضوح في نهاية التغريدة أيضا.
وتبادلت التغريدات معه ووجهت له الشكر على ترحيبه بها في القدس المحتلة، وأكدت على إعجابها بتعامل جنود الاحتلال معها قائلة: «كانوا في منتهى الذوق بالتعامل».
ووجه كوهين دعوة إلى السعيد لتكرار الزيارة قائلا: «نرحب بك هذه المرة أم عثمان عبر مطار بن غوريون وليس عبر معبر نهر الأردن وتشرفينا هاي المرة على ضيافتي شخصيا، صارلك سنتين مش فايته عنا، آخر مرة 2016. وحشتينا ومشتاقين لزيارة جديدة». فيما كانت السعيد قد بدأت تغريداتها بقولها: «أنا صليت في المسجد الأقصى وصليت في قبة الصخرة الحمد لله وبدون حرب».
ورد النشطاء الكويتيون والخليجيون والعرب بالغضب من تغريدات السعيد وتعليقاتها على شبكة «تويتر» ومحاولة تصوير الاحتلال الإسرائيلي على أنه «إنساني».
وكتب الناشط الكويتي بوفهد قائلاً: «خطاب سمو الأمير يمثل موقف الكويت وشعبها، أما من يعتبر الصهاينة (ابن العم) فلا يمثل إلا نفسه الشاذة عن موقف الشعب الكويتي والقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية».
ورد المواطن الفلسطيني هشام فياض مستذكرا مواقف الكويت بقوله: «وينك انتي من موقف دولة الكويت الحبيبة الداعم للقضايا العربية وبالأخص القضية الفلسطينية، حظك حلو ان الدنيا رمضان والا كنتي شفتي شي يعجبك». وأضاف: «شاكيرا تلغي حفلها في تل أبيب ومنتخب الأرجنتين لكرة القدم يلغي مباراة كانت مقررة مع الكيان الصهيوني وتجي وحدة تحكي لغتنا وتشاركنا ديننا وعروبتنا تطبع مع الصهاينة، هزلت».
وكتب آخر معلقاً: «فجر السعيد انتي عار على أهل الكويت شوفي ابن عمك شو بعمل في أهلنا في القدس فيديو قديم بس هاد جزء بسيط من إرهاب الإسرائيليين وانتي الله يحشرك معهم».
أما المصري نصر مرجان فعلق قائلاً: «إنتي ازاي كويتية؟! الكويت لها مواقف مشرفة ضد الاحتلال. مواقفك لا تتناسب مع مواقف الكويت على الإطلاق».
وعلق ملحم القعيط قائلاً: «ليتك قبل تتوددي لقريبك غير الشرعي تخيلتي نفسك ولو للحظة ان تكوني مكان أم أو زوجة أو بنت شهيد فلسطيني».
وكتب سهيل الوحيدي: «هم أرادوا منك نقل صورة ممتازة عنهم، أنت إعلامية ويجب عليك فهم هذا الشيء، هذا مغتصب أرض اخوانك وأرض فلسطين اولى القابلتين وثالث الحرمين الشريفين».
وغرد ابراهيم حميد قائلاً: «ابن عم… بقتل في المدنين، كل يوم بقتل ومخرب عيشتنا للفلسطينيين… الله يحشرك انت وولاد عمك».
يشار إلى أن الكويت لا تقيم أي علاقات مع إسرائيل، كما أنها تقدمت بطلب لدى الأمم المتحدة قبل أسابيع من أجل استصدار قرار يدين العنف الذي تمارسه بحق الفلسطينيين وذلك في أعقاب المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة بالتزامن مع ذكرى احتلال فلسطين ومســــيرات العــودة الكبرى، وبالتزامن مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
ووجه الفلسطينيون شكرهم لدولة الكويت، كما كانت أعلام الكويت هي الرايات العربية الوحيدة التي رفعها المتظاهرون الفلسطينيون في غزة عند السياج الفاصل مع إسرائيل.

7med

الكويت: تجدد الجدل على الانترنت حول التطبيع مع إسرائيل

تطبيق يتيح للمستخدم التحكم في الهاتف بواسطة نظرات العيون

Posted: 16 Jun 2018 02:06 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن خبير برمجة أمريكي من تطوير تطبيق يمكن تحميله على هاتف «آيفون» الذكي ويمكن بواسطته التحكم بالهاتف من خلال حركة العيون.
وقال موقع «لايف رو» المتخصص باخبار العلوم والتكنولوجيا إن المهندس مات موس تمكن من تطوير وظيفة جديدة في نظام تشغيل «iOS 12» الذي يعمل على تشغيل «آيفون» وتسمح بالتحكم في الهاتف الذكي بالعيون فقط.
وأنشأ موس تطبيقا خاصا وعرض توضيحات هذا التطبيق وكيفية استخدامه عبر حسابه على «تويتر» وقال موس: «تحكموا في هواتفكم عن طريق العيون. بمجرد إلقاء نظرة على الزر الذي تريدون تشغيله وارمشوا لتفعيله».
ودعم نظام التشغيل الجديد لأجهزة الآيفون وآيباد بميزة «ARKit» من الجيل الثاني، تسمح ببرمجة التطبيق بحيث يكون قادرا على تحريك المؤشر على الشاشة بمساعدة حركة العين، وفتح البرامج برمشة منها.
ولا تعد الميزة الجديدة طريقة مبتكرة حديثة يجربها محبو التقنيات الحديثة فحسب، بل ستساعد ذوي الإعاقات الجسدية المختلفة على التحكم في هواتفهم المحمولة مهما كانت درجة الإعاقة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعمل فيها الباحثون على تطوير مثل هذا النظام أو هذه الفكرة، حيث سبق أن عرضت شركة جديدة تدعى «أوتيك زون» تقنية أطلقت عليها اسم «Senseye» ويمكن من خلال هذه التقنية تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع الأجهزة الالكترونية وبشكل خاص مع الهواتف الذكية والحواسيب اللوحية، حيث تسمح هذه التقنية للمستخدم بالتحكم في جهازه من خلال حركة العين فقط.
لكن التقنية التي تم الكشف عنها مؤخراً ما زالت تحتاج إلى جهاز استشعار كبير ومتطور، لكن الشركة ذكرت بأنها تعمل على تطوير التقنية لدمجها في نظام «أندرويد» الذي يشغل هواتف «سامسونغ» والعديد من الهواتف الأخرى ويُعتبر الأوسع انتشاراً في العالم.

تطبيق يتيح للمستخدم التحكم في الهاتف بواسطة نظرات العيون

أحدث الصيحات: اكتشاف السرطان مبكراً بواسطة «الذكاء الاصطناعي»

Posted: 16 Jun 2018 02:05 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء تكنولوجيا من تحقيق اختراق طبي كبير بالتوصل إلى طريقة يتم فيها استخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي» في الكشف عن مرض السرطان، وبمهارة وكفاءة أعلى من الأطباء التقليديين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف المرض في مراحله الأولى بشكل أسرع وأفضل.
ويتوقع العلماء أن تتسبب تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقدم عام في قطاع الرعاية الصحية خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث تُقبل الشركات الأمريكية الكبرى على الاستثمار في هذا المجال الواعد والمدر للأرباح.
وحسب أحدث الصيحات التي تمكن باحثون أوروبيون وأمريكيون من التوصل لها فإن في مقدور نظام جديد يعتمد تقنية الذكاء الاصطناعي أن يقوم بتشخيص سرطان الجلد بشكل مبكر وبدقة عالية وأداء أفضل من الأطباء العاديين.
وطور هذه التكنولوجيا الجديدة التي نشرت عنها العديد من التقارير الغربية فريق بحث من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، حيث تم إجراء اختبار للمقارنة بين أداء هذا النظام ـ وهو عبارة عن شبكة عصبية عميقة التعلم، وبين أداء 58 طبيب أمراض جلدية من 17 دولة لتشخيص أورام سرطانية خبيثة وحميدة، وانتهى الاختبار إلى تغلب النظام الالكتروني على الأطباء.
وتمكن النظام من الكشف الدقيق عن السرطان بنسبة 95 في المئة من خلال صور الأورام السرطانية والأورام الحميدة، في حين كانت نتيجة الفريق الطبي المكون من 58 طبيب متخصص في الأمراض الجلدية دقيقة بنسبة 87 في المئة فقط.
في غضون ذلك، طور باحثون صينيون تقنية يمكن أن تشخص سرطان البروستاتا بدقة مماثلة لأخصائي علم الأمراض. وقال الباحث هونغ تشيان قوه من جامعة نانجينغ: «هذا سيساعد علماء الأمراض على إجراء تشخيص أفضل وأسرع، بالإضافة إلى القضاء على التباين اليومي في الحكم الذي يمكن أن يتسلل إلى التقييمات البشرية».
إلى ذلك نجح باحثون في جامعة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية في تطوير برنامج لتحديد شكل سرطان أورام الرأس والرقبة بدقة، وقد تمكن أخصائيو علاج الأورام بالإشعاع من استهداف الخلايا السرطانية بشكل أكثر دقة بفضل هذا البرنامج الجديد.
كما طور علماء من يوكوهاما في اليابان برمجيات يمكنها اكتشاف سرطان القولون في مراحله الأولى بدقة تصل إلى 86 في المئة وهذه الدقة ممتازة حيث يصعب تحديد هذا النوع من السرطان قبل أن تصبح الأورام خبيثة ومميتة بعدما تتمكن الخلايا السرطانية من مجرى الدم، لذلك فإن الكشف المبكر أمر بالغ الأهمية ويساعد في تحسين نتائج العلاج.
ويعمل الباحثون في كلية «إمبريال كوليدج» في لندن مع مختبرات «ديب مايند» التابعة لشركة ألفابت على تطوير تقنيات مبنية على الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة فحص سرطان الثدي.
ويُعد سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعا بين النساء في جميع أنحاء العالم حيث يتم تشخيص 1.6 مليون امرأة مصابة به كل عام، وفي المملكة المتحدة وحدها يتم تشخيص أكثر من 150 مريضة بسرطان الثدي كل يوم. وعلى الرغم من التقدم الطبي فإنه لا يزال يقتل حوالي 11 ألف سيدة في هذا البلد كل عام و500 ألف على مستوى العالم.
وتقنية «الذكاء الاصطناعي» هي التكنولوجيا المستخدمة في صناعة الإنسان الآلي أو «الروبوت» وهو الجهاز الذي بات يغزو كافة أشكال المهن والمجالات، ويتوقع أن يحل بدل الآلاف وربما الملايين من الموظفين في العالم خلال السنوات المقبلة.

أحدث الصيحات: اكتشاف السرطان مبكراً بواسطة «الذكاء الاصطناعي»

مُسكّن آلام باستخدام الواقع الافتراضي وبدون أي أدوية

Posted: 16 Jun 2018 02:05 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن باحثون فرنسيون من ابتكار تكنولوجيا جديدة يمكنها التخفيف من آلام المرضى دون الحاجة إلى الأدوية والعقاقير والمسكنات التقليدية، وذلك باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي التي تزداد انتشاراً في العالم ويتوسع استخدامها بين الناس.
واستطاع ثلاثة باحثين في فرنسا ابتكار برنامج باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لتهدئة المرضى بل وزيادة قدرتهم على تحمل الألم دون استخدام عقاقير.
وهذه التكنولوجيا مصممة في الأساس للاستخدام في المستشفيات وأقسام الطوارئ، حيث يضطر المرضى للانتظار بعض الوقت على الرغم من الآلام التي يعانون منها، وهو ما يدفع الممرضين إلى إعطائهم جرعات من المسكنات بهدف التخفيف من آلامهم قبل البدء بالعلاج، وهو ما يعني ان التكنولوجيا الجديدة يمكن ان تقلل من الاعتماد على هذه الطرق التقليدية في مكافحة آلام المرضى.
ونقلت قناة «سكاي نيوز» عن رضا خودرا أحد الباحثين الثلاثة قوله: «ما نقدمه هو عالم تأملي نأخذ فيه المرضى في جولة في نمط تفاعلي ليعزفوا الموسيقى أو يرسموا أو يحلوا لغزا».
وبينما ينتقل المرضى من خلال نظارات العالم الافتراضي إلى حدائق زن أو سفوح الجبال، التي تغطيها الثلوج في اليابان يصبحون أكثر تحملا لإجراءات مؤلمة مثل خياطة جرح أو علاج حرق أو تركيب قسطرة بولية أو رد كتف مخلوع لمكانه.
وقال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى سان جوزيف في باريس أوليفييه جانانسيا: «مشروع الواقع الافتراضي يمكننا من توفير أسلوب لتشتيت انتباه المرضى وتقليل شعورهم بالألم والقلق عند علاجهم في غرفة الطوارئ».
وتقوم تكنولوجيا «الواقع الافتراضي» على فكرة دمج الواقع بالخيال، وأصبحت محط اهتمام الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا والمستخدمين على حد سواء.
ويُعرف الواقع الافتراضي بأنه «تقنية كمبيوترية تتضمن محاكاة بيئة حقيقية أو ثلاثية الأبعاد تعمل على نقل الوعي الإنساني إلى تلك البيئة ليشعر بأنه يعيش فيها، وقد تسمح له أحيانا بالتفاعل معها».
وأبرز الأمثلة على تقنية الواقع الافتراضي مشاهد الفيديو المصورة بتقنية 360 درجة التي تضع المستخدم افتراضيا في عين المكان ليختبره من كافة الزوايا وكأنه موجود هناك.
كما يستخدم المصطلح لوصف تشكيلة واسعة من التطبيقات المرتبطة به التي تتضمن بيئات ثلاثية الأبعاد يتفاعل المستخدم معها باللمس أو الصوت كألعاب الواقع الافتراضي الحالية، إلى جانب استخدام التقنية في الأغراض الطبية والهندسية.
وتعتبر شركة «غوغل» رائدة في مجال تقنيات الواقع الافتراضي، ويعود ذلك إلى العام 2007 عندما طرحت الشركة خدمة «ستريت فيو» الشهيرة التي تظهر مشاهد بانورامية لمواقع عالمية، وتتيح للمستخدم التجول في شوارع العديد من المدن والمناطق السياحية حول العالم.
وفي العام 2010 صمم بالمر لوكي ـ الذي أسس لاحقا شركة «أوكولوس في آر» أول نموذج أولي من نظارة الواقع الافتراضي «أوكولوس ريفت» ورغم أنها كانت تعرض في البداية صورا ثنائية الأبعاد وغير مريحة عند ارتدائها فإنها جاءت بمجال رؤية يبلغ تسعين درجة وهو ما لم يكن معهودا في ذلك الوقت، وتطور ذلك النموذج لاحقا ليصبح الأساس الذي جاءت منه التصاميم اللاحقة.

مُسكّن آلام باستخدام الواقع الافتراضي وبدون أي أدوية

كاميرا خارقة تُصور المشاهد الفائتة وتعود بالزمن إلى الوراء

Posted: 16 Jun 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن خبراء تكنولوجيا من ابتكار كاميرا حديثة خارقة في مقدورها العودة بالزمن إلى الوراء من خلال التقاط المشاهد الفائتة واللحظات العابرة التي لم يتمكن المصور من التقاطها عندما رآها، لتسجل هذه الكاميرا بذلك تطورا كبيراً وغير مسبوق في عالم التصوير.
وعادة ما يتسابق المصورون في مختلف أنحاء العالم على التقاط اللحظة الأكثر أهمية وبالسرعة المطلوبة، وتكون الصورة التي تم التقاطها في الوقت الصحيح واللحظة الحاسمة هي الأكثر أهمية والأعلى قيمة، إلا أن الكاميرا الجديدة أتاحت العودة إلى الوراء واستعادة المشاهد واللحظات التي فات المصور التقاطها، وهو ما يعني أن المشكلة الأهم على الإطلاق في عالم التصوير قد تم تجاوزها، ولو جزئياً على الأقل.
وتمكن باحثون هولنديون من تطوير كاميرا جديدة أطلقوا عليها اسم «رودر» وتقوم باسترجاع المشاهد التي فاتت المصور، وتستعيد عدة لحظات سبقت الضغط على كبسة التصوير، وهي تشبه «آلة الزمن» وتستعيد ما فات من لحظات.
وتقوم الفكرة على تصوير لقطة تجمع بين الماضي والحاضر، حيث تبدأ التسجيل قبل الضغط على زر التسجيل بعشر ثواني، وتستمر لعشر ثواني إضافية لتلتقط الأحداث المهمة، حسب تقرير لقناة «سكاي نيوز».
وبعد التسجيل تقوم الكاميرا بإرسال مقطع الفيديو البالغة مدته 20 ثانية إلى الهاتف الذكي للمستخدم وذلك عن طريق خاصية «بلوتوث» و»واي فاي» ليتم تحميل الفيديو بعد تسجيله.
ويمكن ارتداء الكاميرا من قبل المستخدم على رقبته حيث أنها مزودة بحبل ذكي لهذه الغاية، وهو حبل يعمل على تزويدها بالطاقة لتظل قادرة على التقاط الحدث في أي لحظة.
ويقول أحد الباحثين الهولنديين القائمين على المشروع إن الكاميرا تعالج المشكلة التي يمر بها بعض الناس وهي أنه يرى شيئاً ويلاحظ أنه تأخر في تسجيله «إذ يتوجب سحب الهاتف من مكان الاحتفاظ به والضغط على زر تشغيل الكاميرا، وهو ما يعني أن وقتاً قد مر، لذا فان ما توصلنا له هو تكنولوجيا يمكنها تسجيل الماضي».
وأضاف: «الكاميرا لا تسجل وإنما تختزن المقاطع المصورة بشكل مؤقت حتى يتم استخدامها عندما نرغب في ذلك».
ويشهد عالم التصوير تطورات متلاحقة ومذهلة، حيث سبق أن تمكنت شركة يابانية من ابتكار كاميرا خارقة تستطيع تصوير ما خلف الملابس. وأعلنت شركة «فوجي فيلم» عن إطلاق كاميرا جديدة تمتاز بأنها ترى من خلال بعض الملابس، حيث يمكن للكاميرا الجديدة التقاط الضوء الذي يتناهى طول موجته إلى 1000 نانومتر، وذلك في منتصف نطاق الأشعة تحت الحمراء.
ووفقا للشركة اليابانية، فقد صممت هذه الكاميرا خصيصا للمحترفين في مجالات عدة تتطلب تصويرا بالأشعة تحت الحمراء، مثل مجال الفن، والتحقيق الجنائي.
كما أطلقت شركة (SPI) المتخصصة في الكاميرات الحرارية والتصوير الليلي كاميرا جديدة خارقة قادرة على التصوير ليلاً لتخرج الصور والفيديوهات كأنها مصورة.
وقالت الشركة على موقعها الالكتروني إن «الكاميرا الجديدة تصور بدرجة 5 ملايين آيزو، ما يمكنها من التقاط كل نقطة ضوئية متاحة في محيط التصوير، لتفتيح إضاءة الصور وجعل تفاصيلها واضحة».

كاميرا خارقة تُصور المشاهد الفائتة وتعود بالزمن إلى الوراء

علماء الفضاء يتوصلون إلى أقوى دليل لوجود حياة على المريخ

Posted: 16 Jun 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: كشف مسبار «كيوروسوتي» التابع لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» عن مواد عضوية في طبقات من بحيرة قديمة على كوكب المريخ، وأكد وجود دورة موسمية من «الميثان» وهو ما اعتبره العلماء الدليل الأقوى حتى الآن على وجود حياة محتملة على الكوكب الأحمر.
ونشرت مجلة فلكية متخصصة تفاصيل الاكتشاف الذي تم التوصل له من قبل العلماء الأمريكيين، حيث تستند هذه المعلومات إلى إعلان مماثل أصدرته «ناسا» عام 2014 عندما أكد العلماء أنهم اكتشفوا جزيئات معالجة بالكلور على الكوكب الأحمر لأول مرة. ولكن الدليل الأخير يبدو أكثر موثوقية بكثير.
واكتشف المسبار مادة عضوية محفوظة في أحجار طينية عمرها 3 مليارات سنة، وكانت المادة موجودة في الطبقات الأولى من الصخور، على بعد 4 أميال من مكان العثور على الجزيئات العضوية.
وقال العالم الفلكي جين إيغينبرود: «تستند جميع أشكال الحياة التي نعرفها إلى جزيئات عضوية». كما أشار إلى أنه في حين أن هذه الأدلة لا تثبت بالتأكيد وجود حياة على سطح المريخ، إلا أن هناك علامات تحفز إجراء المزيد من التحقيق.
وتظل هناك أسئلة حول كيفية تكوين المادة العضوية، حيث أوضح إيغينبرود قائلا: «على الرغم من أننا لا نعرف مصدر المادة، إلا أن الاتساق المذهل للنتائج يجعلني أعتقد أننا نمتلك إشارة غير ملحوظة للعناصر العضوية على المريخ. وهذا الأمر لا يشير إلى أن الحياة كانت موجودة، ولكنه يوضح أن كل الكائنات الحية في حاجة إلى العيش في هذا النوع من البيئة، وكل ذلك كان موجودا».
وقدم فريق آخر من العلماء بقيادة كريستوفر ويبستر، من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أدلة على أن تركيزات الميثان المكتشفة على سطح المريخ تتبع تغيرات موسمية قوية. ويوفر الاختلاف الموسمي فكرة مهمة لتحديد أصل الميثان المريخي.
وأوضح ويبستر أن هذا الاكتشاف مثير حقا لأن 99 في المئة من غاز الميثان المنتج على الأرض، له أصل بيولوجي ويقدم أمثلة على حقول الأرز والنمل الأبيض. وأشار أيضا إلى أن الميثان يستمر لمدة 300 عام في الغلاف الجوي، وأن أي عمليات بحث أخرى تعني أنه قد تشكل أو تم إطلاقه مؤخرا.
وعموما، فإن الاكتشافات الأخيرة تبشر بالخير للمساعي المستقبلية، حيث قال أشوين فاسافادا، وهو أحد العلماء القائمين على مسبار «كيوروسوتي» إن «فرص التمكن من العثور على علامات للحياة القديمة في مهام مستقبلية، إذا كانت الحياة موجودة أصلا، قوية للغاية».

علماء الفضاء يتوصلون إلى أقوى دليل لوجود حياة على المريخ

عيد الفطر

Posted: 16 Jun 2018 02:03 PM PDT

احتفل العالم الإسلامي بعيد الفطر المبارك بعد صيام شهر رمضان في ظل أمنيات رحبة بتحقيق الأمن والاستقرار في المناطق التي تعاني من الاضطرابات والحروب والنزاعات الداخلية.
10SOW

عيد الفطر

النشاط الزائد عند الأطفال بين الظاهرة الطبيعية والمرض السلوكي والنفسي

Posted: 16 Jun 2018 02:03 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: يشكل النشاط الزائد عند الأطفال أكبر التحديات التي تواجه الأسر مع أطفالهم، إذ يزداد نشاط أبنائهم في سنوات نموهم الأولى وبالتحديد مع بداية تعلم الطفل المشي والسير وأثناء اكتشافه لمحيطه الخارجي. ولكن يصبح هذا السلوك مشكلة تؤرق الأمهات عندما لا يقدرن على التحكم في نشاط أطفالهن وذلك مع بروز أعراض أخرى تنبئ بأن الطفل يعاني مشكلة نفسية وان حركته الزائدة ليست مجرد نشاط أو حيوية طبيعية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف يمكن التفريق بين النشاط الزائد الطبيعي وبين مرض فرط الحركة وتشتت الانتباه الذي بدأ يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الماضية بسبب تأثيرات عديدة متصلة بنوعية الحياة الحديثة التي نعيشها؟

تشتت الانتباه

علميا، يعرف علم النفس فرط الحركة بأنه حالة بدنية يكون فيها الفرد نشيطا بصورة غير طبيعية. أما نقص الانتباه مع فرط النشاط فهو اضطراب نفسي من نوع تأخر النمو العصبي يبدأ في مرحلة الطفولة عند الإنسان، وهي تسبب نموذجا من تصرفات تجعل الطفل غير قادر على إتباع الأوامر أو على السيطرة على تصرفاته. وتقول الدراسات ان عدد المصابين بهذا المرض يصل إلى حوالي 5 في المئة حول العالم.
وتقول الدكتورة ايمان بوغانمي الاخصائية التونسية في طب نفس الأطفال لـ «القدس العربي» انه ليس من السهل على الأسرة اكتشاف الفرق بين النشاط الطبيعي أو الزائد عند أطفالها وبين مرض «فرط الحركة وتشتت الانتباه» وفي الغالب فان توصيف المرض يبدأ بعد العامين من حياة الطفل حينما تبرز بقوة أعراض هذا المرض. وتضيف: «فمن الطبيعي مع نمو الطفل ان تزداد حركته ونشاطه من أجل اكتشاف محيطه الخارجي والاجتماعي، ولكن هناك أعراضا معينة نستطيع من خلالها التفريق بين الحيوية والنشاط الطبيعي وبين المرض الذي يتطلب متابعة مع مختصين. فبعض الأطفال قد تكون حركتهم في حدود المستوى الطبيعي ولكن هناك عوامل خارجية مؤثرة قد تكون خلقت لديهم اضطرابا يحدث الحركة الزائدة مثل نقص التواصل مع العائلة أو ضيق مساحات اللعب أو عدم وجود نشاطات رياضية وترفيهية ينفس خلالها الأطفال عن طاقاتهم ونشاطهم وتسبب حركتهم الزائدة مصدر إزعاج للمحيطين به». وتتابع الدكتورة: «هنا نتحدث عن أسباب الحركة الزائدة عن الطفل العادي ولكن عندما نقول مرض فرط الحركة وتشتت الانتباه فإننا نعني بذلك مجموعة عوامل نفسية ووراثية قد تؤدي إلى وجود المرض الذي ينتشر أكثر لدى الذكور من الإناث».
وحسب محدثتنا فإن لا يمكن اعتبار الطفل يعاني مشكلة سلوكية إلا بتوفر عدة أعراض تترافق مع زيادة الحركة لديه مثل قلة الانتباه والتركيز والشرود طويلا وعدم قدرته على انهاء نشاط معين لمدة زمنية وانتقاله بشكل تلقائي إلى نشــاط آخر بسبب احساسه بالملل وأيضا نسيان أين يضع أغراضه أو ألعابه. ومن الأعراض أيضا الاندفاع وعدم قدرة المريض على انتظار دوره في نشاط ما».
اما عن الأسباب فقالت: «هناك أسباب نفسية وعوامل خارجية قد تزيد حالات الإصابة بهذا المرض مثل مشاهدة التلفزيون واستعمال الالكترونيات الحديثة في سن مبكرة وما تحمله من تأثيرات على دماغ الطفل في مراحل النمو المبكرة وخاصة خلال الأعوام الأولى من عمر الطفل. من شأن كل هذه العوامل ان تؤثر بشكل مباشر على ازدياد الحركة وعلى ظهور هذا المرض بمستويات متعددة». وتتابع: «فهناك أطفال قد يتضررون من مشاهدة التلفزيون أو استعمال الهواتف الذكية أكثر من أندادهم». وتضيف ان هناك عوامل وراثية تلعب دورا أيضا مثل الإصابة بالأنيميا الوراثية أو ضعف الغدة الدرقية ونقص السكر في الدم. إضافة إلى عوامل نفسية قد تكون لها علاقة بالتفكك الأسري أو العنف في المحيط العائلي».

أي حلول

تؤكد بوغانمي ان المرض «فرط الحركة وتشتت الانتباه» يحمل تأثيرات سلبية على الدراسة والتعلم لدى الطفل. وتشدد على أهمية البدء بالعلاج في سن مبكرة وتضيف بالقول: «التشخيص المبكر للمرض يساعد على سرعة الشفاء. لكن الوقاية هي أهم من العلاج، لذلك فإن تجنب استخدام الوسائل الالكترونية الحديثة والألعاب الالكترونية هو أهم خطوة في هذا المسار. إذ يمنع منعا باتا مشاهدة التلفزيون وقنوات الأطفال قبل عمر العامين. وبعد العامين تصبح مشاهدة التلفزيون مسموحة لنصف ساعة في اليوم في المقابل فان ممارسة النشاطات البدنية والرياضية تساعد كثيرا في العلاج».
من ناحية أخرى يجب إبعاد الطفل عن الأغذية المصنعة والتي تحتوي على مواد معدلة وراثيا أو ملونات طبيعية واتباع غذاء صحي قائم على تناول الخضر والفواكه وكذلك الأسماك التي تحتوي على مادة الأوميغا 3. كما يمكن تناول هذه المادة كعقاقير موجودة في الصيدليات.
ولكن الأهم – بالنسبة لمحدثتنا – هو دور العائلة في العلاج من خلال إعطاء وقت أكثر للطفل وتقديم أفضل الرعاية النفسية والإحاطة اللازمة للمريض وعدم تعنيفه لان ذلك يمكن ان يسبب نتائج سلبية. وقالت ان دفء العائلة والتواصل الإيجابي مع الطفل يمثل الحصانة له من كل الأمراض النفسية الخطيرة التي بدأت تهدد مجتمعاتنا.

النشاط الزائد عند الأطفال بين الظاهرة الطبيعية والمرض السلوكي والنفسي

روعة قاسم

«الفسيخ» وجبة الغزيين الرئيسية التي تزين مائدة عيد الفطر

Posted: 16 Jun 2018 02:03 PM PDT

يعتبر طبق الفسيخ من طقوس عيد الفطر التي بقيت حاضرة في كل بيوت الغزيين حيث اعتادوا في أول أيام العيد الإفطار على الفسيخ ويتسابقون في الأيام الأخيرة من شهر رمضان على شرائه وتجهيزه كوجبة رئيسية للإفطار بعد ثلاثين يوماً من الصيام، فمنهم من يقوم بتجهيزه قبل قدوم العيد بعدة أسابيع، أو يشترونه من الباعة المنتشرين في شوارع وأسواق غزة.
ويرى أهل غزة أن الفسيخ يعوضهم عن الأملاح التي فقدها الجسم خلال صيام شهر رمضان وأنه يحمي من الإرهاق والتعب. وترسخت عادة تناوله لدى الغزيين على مدار عقود وتوارثتها أجيال، وفتحت هذه المهنة الموسمية أبواب الرزق أمام الباعة الذين ينتشرون في الأسواق وعلى الأرصفة لعرض ما لديهم، لتوفير مصدر دخل محدود لأسرهم.
وتحرص أم كامل في كل عام وقبل حلول عيد الفطر على شراء سمك البوري الذي يعتبر من أشهر أسماك الفسيخ مقارنة بالأنواع الأخرى، وتقوم بتجهيزه في المنزل وعنه تقول: أقوم بشراء السمك ويكون حجمه متوسطا، ثم أنظفه وأنقعه بالملح ويبقى في وعاء حتى مجيء العيد، وتحضيره للطعام.
وتضيف: بعد أداء صلاة عيد الفطر نبدأ بتجهيز الفسيخ. تعد أم كامل إلى جانب طبق الفسيخ البندورة المقلية وبعض سلطات الخضار التي يتناولها الغزيون مع الفسيخ.
ويعتبر المواطن محمد أبو فايد الفسيخ أحد أشهر الأكلات الفلسطينية في قطاع غزة.
ويقول أنه يحرص على شراء الكمية التي تكفي أسرته ليوم العيد لاعتقاده أنه يرفع الملوحة في الجسم وهو ما يحتاجه الإنسان بعد تناوله كميات كبيرة من الحلويات خلال زيارة الأقارب، كما أنه يدفع لشرب كميات كبيرة من المياه وهذا يساعد المعدة على استعادة نشاطها بعد شهر رمضان.
ودعا إلى عدم الإفراط في أكل الفسيخ، لأنه يسبب وعكات صحية خطيرة خاصة لمن يعانون من مرض ارتفاع ضغط الدم، إذ تشهد مستشفيات غزة توافدا كبيرا من المواطنين في أول أيام العيد، نتيجة الإفراط في تناوله.
ويرى أبو خليل بلاطة، صاحب مسمكة، أن الفسيخ هو سمك مملح ويحتاج إلى أنواع خاصة ومنها الجرع والبوري، ويستغرق عمله شهرين على الأقل كي يتم تمليحه وتحضيره للطعام.
وحسب أبو خليل تختلف أنواع الفسيخ وأسعاره، حيث يبلغ سعر الكيلو المجهز من سمك الجرح ما يقرب 25 شيقلا، فيما يصل كيلو فسيخ البوري ثلاثين شيقلا كونه الأكثر تداولا.
وأوضح أن بيع الفسيخ يقتصر على عيد الفطر، ورغم الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الغزيون، إلا أن هناك إقبالا كبيرا على شرائه باعتبارها الوجبة الرئيسية التي تزين مائدة الفطور.

«الفسيخ» وجبة الغزيين الرئيسية التي تزين مائدة عيد الفطر

إسماعيل عبدالهادي

اوزي

Posted: 16 Jun 2018 02:02 PM PDT

المقادير: 2 كوب أرز
نصف كوب لوز مقشور ومقطع أنصاف
كيلو لحم أو دجاج حسب الرغبة
بصلة متوسطة
معلقة ملح
معلقة بهارات مشكلة
نصف كوب بازلاء
نصف كوب ذرة
ربع كيلو لحم مفروم
زيت للقلي
ماء مغلي

طريقة التحضير
نقطع البصل ونقليه حتى يصبح لونه ذهبيا ونضيف إليه اللحم المفروم ونقليه.
نضيف البازلاء والذرة إلى اللحم مع وضع كوب ماء.
نقلي اللوز ونضعه جانبا ثم نقلي الزبيب ونضعه جانبا أيضا.
نسلق الأرز بماء وفير مثل المعكرونة لمدة ربع ساعة على نار عالية ثم نصفيه ونضيف له الملح والبهارات واللحم المفروم مع البازلاء والذرة.
نسلق الدجاجة أو اللحم مع بهارات مشكلة حتى الاستواء ونحمره بالفرن قليلا. نضع الأرز في صينية التقديم ونزينه بالقليل من اللوز والزبيب المقلي ونرتب قطع الدجاج أو اللحم المطبوخ على السطح.

اوزي

طبق الأسبوع

فيتامين «د» يقي النساء من الإصابة بسرطان الثدي

Posted: 16 Jun 2018 02:02 PM PDT

أفادت دراسة أمريكية حديثة بأن المستويات المرتفعة من فيتامين «د» تحمي النساء من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
الدراسة أجراها باحثون من جامعتي كاليفورنيا وكريتون بالولايات المتحدة الأمريكية، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية «PLOS ONE» العلمية، الجمعة.
وتستكمل هذه الدراسة أبحاثا أجريت لرصد فوائد فيتامين «د» في الحد من خطر سرطان الثدي.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أظهرت دراسة أمريكية أن ارتفاع مستويات فيتامين «د» في الدم من شأنه تحسين فرص شفاء مريضات سرطان الثدي، كما أنها ربما تجعل الأورام أقل خطورة على الحياة.
ولرصد العلاقة بين مستويات فيتامين «د» وسرطان الثدي، راقب الباحثون، في الدراسة الحديثة، أكثر من خمسة آلاف سيدة، متوسط أعمارهن 55 عامًا فأكثر، وقاسوا مستويات هذا الفيتامين لديهن.
والشمس هي المصدر الأول والآمن لفيتامين «د»؛ فهي تعطي الجسم حاجته من الأشعة فوق البنفسجية اللازمة لإنتاج الفيتامين.
ويمكن تعويض نقص فيتامين «د» بتناول أطعمة مثل الأسماك الدهنية، كالسلمون والسردين والتونة، وزيت السمك وكبد البقر والبيض، أو تناول مكملات هذا الفيتامين المتوافرة في الصيدليات.
واستمرت فترة الدراسة بين عامي 2003 و2017، ولم تكن المشاركات مصابات بسرطان الثدي في بداية الدراسة، وقام الباحثون بمتابعتهن وفحصهن كل 4 سنوات في المتوسط.
وعلى مدار فترة الدراسة، تم تشخيص 77 حالة جديدة بسرطان الثدي بين المشاركات.
ويعتبر الأطباء أن المستوى الطبيعي لفيتامين «د» في الجسم لابد أن يكون أكثر من 75 نانومول/لتر، وأن 50 إلى 75 نانومول/لتر يعد نقصاً في هذا الفيتامين.
ويحدد الأطباء النقص الشديد بأنه أقل من 25 نانومول/لتر (النانومول هي وحدة دولية لقياس الفيتامينات والمعادن في الجسم).
ووجد الباحثون أن النساء اللاتي لديهن مستويات مرتفعة من فيتامين «د»، بمعدل حوالي 60 نانومول/لتر، انخفض لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 20٪، مقارنة مع من يعانين نقصا في هذا الفيتامين.
ويستخدم الجسم فيتامين «د» للحفاظ على صحة العظام وامتصاص الكالسيوم بشكل فعال.
وعدم وجود ما يكفي من هذا الفيتامين قد يرفع خطر الإصابة بهشاشة وتشوهات العظام، والسرطان والالتهابات، وتعطيل الجهاز المناعي للجسم.
ووفقا للوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإن سرطان الثدي هو أكثر أنواع الأورام شيوعًا بين النساء في العالم عامة، ومنطقة الشرق الأوسط خاصة.
ويتم تشخيص نحو 1.4 مليون حالة إصابة جديدة سنويا، ويودي سرطان الثدي بحياة أكثر من 450 ألف سيدة سنويًا حول العالم، وفق الوكالة.
( الأناضول)

فيتامين «د» يقي النساء من الإصابة بسرطان الثدي

محمد السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق