اللجوء السوري بين ملعب اليانكي وحنجرة «الممانعة» Posted: 04 Aug 2018 02:15 PM PDT منظمة Merci Corps الأمريكية، التي تعمل في ميدان إغاثة اللاجئين منذ تأسيسها في سنة 1980، لم تجد وجهة أفضل لتمثيل مأساة اللجوء السوري من هذه المقارنة: أعدادهم تكفي لملء 221 من ملاعب الـ»يانكي»! وهذه، لمَن يجهل خصائصها، ملاعب تستوعب أكثر من 54 ألف متفرج، خلال مباريات البيسبول وكرة القدم الأمريكية، في نيويورك. ثمة حسن نيّة في اختيار هذا التشبيه، بالطبع، ولعلّ المنظمة أدرى بتلافيف دماغ المواطن الأمريكي ومنعرجات وجدانه، فسار خطابها على هذا النحو لاستقطاب التبرع والتضامن؛ خاصة وأنّ التشبيه أعقب مباشرة تسجيل الأرقام الصلبة: فرار 12 مليون سوري بعيداً عن مناطق القصف الجوي والعنف الأرضي، بينهم 5،6 مليون لاجئ داخل سوريا ذاتها، ولكن خارج مناطق سكنهم الأصلية. منظمات أخرى تفضّل استكمال هذا الرقم بإضافة تفصيل حاسم، هو أنّ الأطفال يشكلون نصف هذه الأعداد؛ وحين يتصل الأمر بظروف الغذاء والصحة والتعليم، فللمرء أن يحدّث ولا حرج. في المقابل، لا يعدم المرء قراءة أخرى لمشهد اللجوء السوري، ليست مغايرة ومناقضة لأيّ وكلّ قراءة متكئة على الحدود الدنيا لمفاهيم الإغاثة والتكافل الإنساني، فحسب؛ بل هي أقرب إلى انتهاج الهمجية العارية، التي تزعم الحداثة والعلمانية والانتماء إلى العصر مع ذلك، ولكن تلك التي قد تأنف من اعتناقها أعتى الفاشيات في التاريخ البشري. وليست الحكومات ذات التوجه العنصري والانعزالي، في هنغاريا والنمسا مثلاً، هي المقصودة هنا؛ بل نموذج بيان العار الذي أصدرته شخصيات أردنية، صنّفت في خانة «الإرهابيين» جميع اللاجئين نحو الأردن هرباً من القصف الوحشي لطيران النظام السوري والطيران الروسي في مناطق حوران. الطريف، الفاضح تماماً، أنّ معظم هؤلاء يزعمون معارضة النظام الأردني، ولكنهم يتنازلون في شأن اللجوء السوري تحديداً، فيطالبون النظام (ذاته، الذي يعارضونه) بـ»إغلاق الحدود الأردنية في وجه المجاميع الإرهابية التي تحاول الفرار من محافظة درعا». أكثر من هذا، يلحون على «التنسيق الكامل بين رفاق السلاح في الجيش العربي الأردني والجيش العربي السوري»، في مستوى «الأعمال العسكرية اللازمة للتصدي للمجموعات الإرهابية». مثال آخر على مقدار التلفيق الذي يكتنف مسألة اللجوء السوري هو الموقف من إخلاء عناصر «الخوذ البيضاء»، بعد وقوعهم في حالة حصار مطبق بين وحدات النظام السوري والميليشيات الإيرانية من جهة، والاحتلال الإسرائيلي من جهة مقابلة. مفهوم تماماً أن تسارع أجهزة النظام إلى تأثيم هذه المنظمة، وأن تقتدي بها المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا فتوجه إلى متطوعي المنظمة تهمة التورط في «أنشطة استفزازية إجرامية»، إذْ أنّ المنظمة فضحت الكثير من مجازر الجيش الروسي في مناطق مختلفة من سوريا. وليس غريباً، أيضاً، أن تتعالى حناجر «الممانعة» العربية بالصراخ الصاخب ضدّ إجلاء هؤلاء إلى الأردن، قبيل توطينهم في كندا وألمانيا وبريطانيا، وذلك بذريعة إجلائهم عبر مناطق الاحتلال الإسرائيلي (وكأنّ أربع رياح الأرض مشرعة أمامهم، سوى ذلك!). اللافت، في المقابل، هو مواقف بعض كتّاب اليسار في الولايات المتحدة وأوروبا، ممّن يعتبرون المنظمة «صنيعة» أجهزة الاستخبارات الغربية، وأنها شاركت في تلفيق أشرطة الفيديو حول فظائع النظام السوري والقصف الروسي والميليشيات الإيرانية؛ كما كانت، على نحو خاصّ، وراء «فبركة» الأدلة حول قيام النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية. وإذا صحّ أنّ هذه المواقف تندرج في خيار أعرض، انطوى منذ البدء على تبييض صفحة النظام بذريعة العداء للإمبريالية؛ فإنّ مشاركة عدد من كتّاب اليسار في تجريم «الخوذ البيضاء» هو القاع الأشدّ انحطاطاً لسيرورة الوقوف خلف نظام استبدادي وراثي، انتهى إلى ارتكاب جرائم الحرب الأفظع والأقبح. وبين ملعب اليانكي وحنجرة «الممانعة»، ثمة لعبة أمم جديدة تدور اليوم، وغداً أيضاً؛ وقودها 12 مليون لاجئ سوري، من لحم ودمّ وكبرياء وكرامة وحلم… 11RAI اللجوء السوري بين ملعب اليانكي وحنجرة «الممانعة» صبحي حديدي |
كأس العالم 2018: ثقافة تكتيك وتفوّق أوروبي واستثناء فرنسي Posted: 04 Aug 2018 02:15 PM PDT نجحت روسيا في تنظيم كأس العالم 2018 رغم دعوات بعض المنظّمات الحقوقية إلى مقاطعة البطولة. وأقيمت المباريات في وقتٍ كان الطيران الروسي يُغير فيه على درعا، جنوب سوريا، بعد أشهر على ارتكابه جرائم حربٍ في الغوطة الشرقية لدمشق، وفي ظلّ الاتهامات الموجّهة أوروبياً إلى موسكو حول دورها في إسقاط الطائرة المدنية في أوكرانيا ومحاولتها اغتيال عميلٍ مزدوج في لندن. وكما في العام 1978، حين فشلت دعوات مقاطعة البطولة المقامة في الأرجنتين تضامناً مع المعتقلين السياسيين في سجون بيونس آيرس، بيّنت التجربة هذا الصيف أن انتظار مليارات الناس حول العالم للحدث الرياضي الأهم، والاستثمار الاقتصادي والإعلامي فيه يجعلان كلّ جدل حول مشروعية تنظيمه صعباً. هكذا، افتتح فلاديمير بوتين البطولة واختتمها، وتخطّى الاتحاد الدولي لكرة القدم أزمته الناجمة عن فضائح الفساد فيه، وتُوجت فرنسا بطلةً لمسابقة كانت فيها استثناءً على أكثر من صعيد. في تسيّد التكتيك والانضباط كرّست كأس العام الأخيرة ما بات سائداً كروياً منذ العام 2006: تقدّم الحسابات التنظيمية على أرض الملعب، وتراجع الجماليّات وقدرة اللاعبين على الارتجال حتى ضمن ضوابط خطط اللعب. فثقافة كرة اليوم التي فرضتها البطولات الأوروبية الكبرى، حيث يلعب معظم لاعبي المنتخبات الوطنية وحيث يعمل معظم المدرّبين، هي ثقافة التركيز على حسن الانتشار في مساحات الملعب والالتزام بالتعليمات التكتيكية للمدّربين، والبحث في الكثير من الأحيان عن استيعاب الخصم ومنعه من تطوير أدائه عوَض السعي لتملّك الكرة وفرض أسلوب لعب مغاير أو ندّية في بناء الهجمات. ولأننا في مسابقة يخرج فيها الخاسر، تصبح هذه الثقافة «سنّة» المنتخبات، وقد ظهرت ملامحها في المباريات التي تموضع خلالها اللاعبون على نحو يفرض على الخصم لعباً عرضياً تصعب معه الهجمات في العمق، ويتحوّل الأداء رتيباً تتماثل التمريرات الطويلة فيه نحو منطقة الجزاء وتنعدم خطورتها. ولم يحدّ من الرتابة المذكورة سوى ارتكاب مدافعين لأخطاء في الدقائق الأخيرة للعديد من المباريات، نتيجة التعب وتراجع التركيز، بما سمح للمهاجمين ذوي الخبرة وسرعة البديهة بالتسجيل وحسم النتائج. بطولتا إنكلترا وإسبانيا تحتكران معظم النجوم تسيطر بطولات إنكلترا وإسبانيا إيطاليا وألمانيا على كرة القدم الأوروبية والعالمية وأسواق لاعبيها وانتقالاتهم. فمعظم لاعبي المنتخبات الوطنية من أوروبا وأمريكا اللاتينية يلعبون فيها، وإذا أضفنا بطولة فرنسا يمكننا أيضاً تعميم الحالة إياها على لاعبي المنتخبات الأفريقية. على أن بطولتي إنكلترا وإسبانيا استقطبتا في العقد الماضي الحجم الأكبر من الاستثمارات المالية والحيّز الأكبر من النــقل التلفزيوني، ممّا مكّن أندية مثل مانشـسـتـر سيـتي وتــشـيلسي ومعـهمـا مانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال وتوتنهام من جهة، وريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وفالنسيا وأشبيلية من جهة ثانية، من استقطاب نجوم العالم اليوم. فإذا ما استثنينا عدداً يقلّ عن أصابع اليدين من هؤلاء النجوم يلعب في ألمانيا وإيطاليا، وإذا ما استثنينا نيمار ومبابي وكافاني الذين يلعبون في باريس سان جرمان الفرنسي، نقع على كثافة نجوم عالميّين غير مسبوقة في النوادي الإنكليزية والإسبانية. وهذا جعل الدوري الإنكليزي الأكثر تنافسية في أوروبا، وجعل النوادي الإسبانية الأقوى بحيث تسيطر منذ سنوات على البطولتين القاريّتين للنوادي. وفي وقت لم يستفد منتخب إنكلترا من الأمر قبل العام 2018، استفادت منه إسبانيا كثيراً إذ فازت ببطولتي أوروبا العامين 2008 ثم 2012 وفازت بينهما بكأس العالم العام 2010 في مرحلة جيل ذهبي جمع المهارات والخبرة والقدرة الدائمة على التهديف. على أن الأمور انقلبت هذه المرة، فخرجت إسبانيا من الدور الثاني بخسارة أمام روسيا كانت نموذجية في تظهير معنى «قتل اللعب» للوصول إلى ركلات الترجيح، وتقدّمت إنكلترا بأداء متوسّط نحو النصف النهائي وحلّت رابعة. وقد تكون إسبانيا دفعت ثمن إنهاك لاعبيها (إذ تطول مواسم كثرة منهم بسبب تفوّقهم في البطولات الأوروبية)، وثمن الخلاف بين اتحادها ونادي ريال مدريد الذي تسبّب بالإطاحة بمدرّبها الوطني قبل يومين من انطلاق مسيرتها في البطولة العالمية. في موازاة ذلك، تكفي نظرة إلى لاعبي بلجيكا الثالثة وكرواتيا الثانية وفرنسا المتوّجة بطلة، للوقوف على مدى احتكار البطولتين الإنكليزية والإسبانية للنجوم. وهذا سيجعلهما بلا شك تستقطبان المزيد من الاستثمارات والتغطية، بما يُعزّز تفوّقهما، ومعه استمرار تفوّق الكرة الأوروبية. التحكيم الآلي وخروج الكبار شكّل التحكيم الآلي علامة فارقة في كأس العالم هذا الصيف، وانتهت معه احتمالات الخطأ في تقدير حالات التسلّل أو الركلات الركنية أو تسجيل الأهداف (في ما خصّ خطّ المرمى). إلا أنه لم يحلّ مشكلة ضربات الجزاء، التي سيبقى للتحكيم البشري الحق في تقديرها والاختلاف حول تأويل ملابساتها، إن في ما يخصّ الخشونة أو لمس اليد. ذلك أن الإعادات إذ تبطّئ حركة اللاعبين وتخرجها بالتالي عن سياقها لا تكفي لحسم قرار. كما أن تقييم مدى قدرة مهاجم على الاستفادة من الكرة إن لم يقع خطأ عليه تبقى مسألة قد يختلف عليها الحكّام كما المراقبون. ولمسة اليد سيظّل بالإمكان اعتبارها أحياناً عفوية أو نتيجة حركة لحماية وجهٍ من تسديدة مفاجئة. وهذا يعني أن الجدل حول ركلات الجزاء سيستمرّ، ولو أنه سيتراجع في الحالات التي يظهر أن لا لُبس فيها. وإلى جانب التحكيم، كانت ظاهرة خروج المنتخبات العريقة بارزة في هذه البطولة. فحاملة اللقب ألمانيا خرجت من الدور الأول بعد أداء باهت أظهر نهاية حقبة وجيل في تاريخها الكروي، تماماً كما حصل مع فرنسا العام 2002 ومع إيطاليا العام 2010 ومع إسبانيا العام 2014. وغريمة ألمانيا في نهائي الكأس الماضية، الأرجنتين، خرجت من الدور الثاني أمام فرنسا بعد أن أهّلها ليونيل ميسي بصعوبة إليه. وبدا فريقها بطيئاً شديد الاتّكال على نجمه الذي نجح الفرنسيّون في تحييده عبر قطع التمريرات إليه بدل الاكتفاء بمراقبته، فيما كان لتراجع لياقة الأرجنتينيين وتقدّم عدد من لاعبيهم بالسنّ أن سهّلا مهمة الهجوم الفرنسي وقدرة نجمه مبابي على الاختراق في العمق والتسجيل تكراراً في واحدة من أكثر مباريات البطولة إثارة وتهديفاً. بطل أوروبا من جهته، منتخب البرتغال، قدّم عروضاً متوسّطة، واتّكل على نجمه كريستيانو رونالدو الذي أبدع أمام إسبانيا ثم تراجع في المباراة مع الأوروغواي فخرج البرتغاليون من الدور الثاني. أما منتخب البرازيل فلم يتخطّ الربع نهائي هذه المرّة، بعد عروض متفاوتة المستوى قدّمها في الدور الأول ومباراة جميلة خاضها ضد المكسيك في الدور الثاني، وأداء قوي في النصف ساعة الأخيرة فقط من المباراة التي خسرها أمام بلجيكا فأطاحت به. في معنى الاستثناء الفرنسي برزت فرنسا هذا العام كاستثناءٍ لسبَبين: سبب رياضي، وآخر اجتماعي ــ ثقافي. في الجانب الرياضي، قدّم الفرنسيّون عروضاً متوسّطة في جميع مبارياتهم، ما عدا المباراة ضد الأرجنتين. إلّا أنهم جسّدوا في مختلف المباريات معنى «الواقعية الكروية» الطاغية راهناً، لجهة القدرة على التسجيل المباغت نتيجة قوّة أو خبرة بعض لاعبيهم، ثم الانكفاء للدفاع الجماعي عن النتيجة وحسن اقتصاد الجهد والضغط على الخصم في وسط الملعب لمنعه من تهديد المرمى. وبرز الأمر حاسماً لصالحهم في النصف نهائي كما في النهائي أمام بلجيكا وكرواتيا اللتين قدّمتا أفضل عروض البطولة. وإذا كان الاكتفاء بإدارة المباريات من دون أداء جماليّ أو سيطرة هجومية يُعاب على المنتخب المتوّج باللقب، فإنه بالمقابل أظهر فاعلية كبيرة في المباريات الحاسمة وبرز لاعبوه كانتي وأومتيتي وفاران وغريزمان وبوغبا ومبابي كنجوم للمسابقة. والأخير صار بعد البرازيلي بيليه، ثاني لاعب في تاريخ كرة القدم يسجّل هدفاً في مباراة نهائية وهو دون العشرين من العمر، ولا شكّ أنه سيتطوّر كثيراً في المقبل من الأيام ليصبح واحداً من أفضل اللاعبين في العالم. على أن سبب الاستثناء الرياضي الفرنسي لا يرتبط حصراً بالنتائج الجيدة وبالقدرة على تحصيلها، بل أيضاً بتكوين اللاعبين وصقل مهاراتهم. فبرامج الإعداد في فرنسا وكلّياتها صارت الأنجح في العالم، وجميع نجوم المنتخب الفرنسي قبل انتقالهم إلى الأندية الإنكليزية والإسبانية الكبرى حيث يلعبون (باستثناء مبابي) تدرّبوا في الكلّيات هذه وتطوّرت مهاراتهم فيها وبرزوا في أندية فرنسية، قبل أن يكتشفهم الكشّافة الإنكليز والإسبان فيفرضوا أنفسهم ضمن أنديتهم عالية المستوى حيث يتنافس كثر على كلّ مركز. الاستثناء الفرنسي الثاني، الاجتماعي ــ الثقافي، ارتبط بكون المنتخب الأزرق الأكثر «تلوّناً» بين جميع المنتخبات، نصف لاعبيه على الأقل سود البشرة، أصول أهلهم أفريقية. وقد أدّى الأمر إلى نقاشات صاخبة حول العالم، جاء معظمها عنصري يشكّك في «فرنسية» اللاعبين السود و»أوروبيّتهم» (في الصحافة الإيطالية بخاصة وفي التصريحات السابقة لمباراتهم مع الكروات «البيض»)، أو يتفاخر في إعلاء هويّة أفريقية للاعبين ليردّ على العنصريّين، واقعاً بذلك في فخّ القبول بمشروطية البياض والصفاء ليكون الفرد فرنسياً أو أوروبياً. وإذا كان الهلع العنصري من كلّ نجاح «ملوّن» متوقّعاً في ظلّ تصاعد النزعات اليمينية المتطرّفة في أوروبا الشرقية والوسطى كما في إيطاليا وفي فرنسا نفسها، فإن الواقعين في فخّ التركيز على الهويّات والأصول ــ ولو من باب الردّ على العنصرية ــ يتناسون أن المشترك الثقافي والعاطفي للاّعبين يتفوّق على ما عداه من عناصر خاصة بكل فرد منهم، وأنهم جميعاً وبمعزل عن أصول أهاليهم عاشوا واكتشفوا كرة القدم في فرنسا وتكوّنوا كلاعبين فيها وبفضل بنيتها التحتية الرياضية، وبدا أداؤهم شديد الوفاء لذلك. والأهم، أن الردّ على العنصرية هو في البحث في معنى الهويّات المركّبة والمتعدّدة وليس في العودة إلى أصول الأفراد والجماعات وهويّات أهلهم الأولّية. في أي حال، لم يأبه لاعبو المنتخب الفرنسي كثيراً بالنقاش الدائر من حولهم، وركّزوا على المستطيل الأخضر وتحوّلت فرنسا مع جيلهم هذا إلى واحدة من أمم كرة القدم، بعد البرازيل وإيطاليا وألمانيا، وإلى جانب الأرجنتين وإسبانيا وإنكلترا، ولم يعد جيل زين الدين زيدان والعام 1998 الجيل المتوّج الوحيد. كل بطولة وكرة القدم بخير. 11RAI كأس العالم 2018: ثقافة تكتيك وتفوّق أوروبي واستثناء فرنسي زياد ماجد |
إضاعة الدولة وتضييع الأمة Posted: 04 Aug 2018 02:15 PM PDT منذ أن استيقظ العرب والمسلمون على مدافع نابليون، وهم يتساءلون: من هم؟ ولماذا تأخروا في الوقت الذي تقدم فيه غيرهم؟ إلى الآن، ونحن في النصف الثاني من سنة 2018، ما يزال هذان السؤالان مطروحين، وإن كنا نرى بعض الدول العربية قد جعلت من سنة 2030 أفقا، أي سقفا، لوضع حد للسؤالين، ضمنيا، وعمليا بتأكيد رغبتها في التحول بخصوص قضايا تتصل بعدم الاقتصار على بعض الموارد الطبيعية الأساسية لاقتصادها، أو محو الأمية. أي أننا بعد مرور أكثر من قرنين من الزمان ما نزال نتساءل عن المآل الذي انتهى إليه التاريخ القديم الذي جر الاستعمار، ونتدبر كيفية الخروج من مختلف الآثار التي خلفها التاريخ الحديث، وعلى رأسها «القضية الفلسطينية»، إلى جوانب أخرى تتصل بوضع حد للتبعية وبناء الدولة المستقلة اقتصاديا، وإقامة علاقات متينة بين مكونات الدول العربية والأمة الإسلامية. بالمقابل نرى إسرائيل منذ بروز بذرة التفكير في إقامة «دولة» لليهود في «المؤتمر اليهودي» بزعامة هرتزل في أواخر القرن التاسع عشر، قد تحقق في 19 تموز (يوليو) من سنة 2018، بإعلان الدولة القومية اليهودية الذي جاء مباشرة بعد الإعلان النهائي عن اتخاذ القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة القومية. وما تلك العاصمة إلا لهذه الدولة، بين بداية التفكير في تحقيق الحلم اليهودي وتنفيذه على الواقع من خلال إقرار قانون «الدولة القومية» نجد أنفسنا أمام صيرورة متصاعدة تشكلت من حلقات مع وعد بلفور، والانتداب البريطاني الذي تمخض عنه الاستيطان الصهيوني، وصولا إلى التقسيم وإعلان ميلاد دولة إسرائيل عام 1948، إلى حرب 1967 إلى اتفاقية أوسلو. إننا أمام صيرورة عملية، بطول نفس، ولعب بالزمن، واختيار التوقيتات الملائمة لإنجاز أي خطوة تصب في ما سيليها تصاعديا لتحويل الـ»فكرة» إلى «واقع» رغم كل الإكراهات التي كانت تحيط بها عربيا وإسلاميا منذ أواسط القرن الماضي حين كان لسان حال الحاكم العربي يدعي أننا «سنرمي بإسرائيل في البحر». أما منذ بداية هذا القرن فقد غدا لسان الواقع العربي لا يحفظ من بيت طرفة سوى شطره: «خلا لك الجو فبيضي وأصفري»، وتم نسيان البقية نهائيا تحت تداعيات ما أوصلتنا إليه الجهالات الرعناء التي انشغلنا بها. مع قانون «الدولة القومية» رمت إسرائيل العرب أجمعين إلى البر المضرج بدمائهم، وهم يتقاتلون فيما بينهم، ويخربون بيوتهم بأيديهم، وأبصارهم عاجزة عن النظر إلى مستقبل ما. فنقرت ما شاء لها أن تنقر، وقد ذهب «الصياد»، فلم تعد تحذر أحدا، فإذا بها تشق طريقها وتواصله إلى تحقيق حلمها الأكبر: «إسرائيل الكبرى». وفيما يبدو لنا من آيات بينات على ما يجري في الواقع العربي أنها ماضية في إنجازه، وما «قانون الدولة القومية» سوى خطوة جديدة من خطوات الألف ميل التي تخطوها. هل يكفي أن نناقش القانون العنصري، وندينه، ونقارنه بنظام الأبرتهايد، ونطالب المجتمع الدولي بالانتصار لقيم العدالة «الإنسانية»؟ أرى أن كل هذه الدعاوى وليدة القرن العشرين، ولم يبق لها أي مسوغ في الألفية الجديدة، وقد صار العالم على ما هو عليه الآن. إن قانون «الدولة القومية»، لمن لا يتأمل جيدا تاريخ الصراع «العربي ـ الإسرائيلي»، ولا يقرأ سوى «الكلمات»، متناسيا أن «الأفعال» أقوى من اللغة، كان يمارس عمليا، وعلى أرض الواقع، منذ قيام دولة إسرائيل. وبما أن لكل قرار أوانا، فإن ذكرى مرور سبعين عاما (ورقم السبعين له رمزيته الخاصة) على امتلاك الأرض، وتوسيع رقعتها، دون أي اعتراض يقضي بلا شرعية هذا الكيان الاستيطاني، لا يلزمه سوى اتخاذ القرار النهائي في تحديد «العاصمة الأبدية» (القدس) للدولة القومية. ولا يكون بذلك قانون الدولة القومية سوى «التوقيع» الذي تختم به كل الترددات والإحجامات، ونفاذ دعوى «الدولة اليهودية». إن البرنامج السردي لقيام «الدولة القومية» برنامج محكم، ومتقن تركيبيا ودلاليا وتداوليا. لقد توفرت له «بنية أولية للدلالة»، أو «دعوى مركزية»، منذ نهاية القرن التاسع عشر، وتدخلت عوامل كثيرة أسهمت في انتقاله من الأوان إلى النفاذ، فتحققت الدعوى مع هذا القانون. لكن عن أي برنامج سردي عربي يمكننا أن نتحدث؟ وهل أتقن الراوي العربي صياغة قصته وفق برنامج مضاد كفيل بجعل الدعوى المركزية اليهودية غير قابلة للتحقيق؟ لا. لم تتحقق دعوى رمي إسرائيل في البحر، ولا تحقق الجواب عن: من نحن؟ ومن الآخر؟ ولا بنينا الدولة القطرية العصرية، ولا حققنا «الوحدة العربية»، ولا فكرة «الجامعة الإسلامية». لم ينجح برنامج «الدولة»، ولا أفلح حلم جمع «الأمة». كانت مقولة «الشتات» تطلق على اليهود، فلم تبق مقتصرة على الفلسطينيين فحسب، بل امتدت لتصبح ملازمة للعربي أيا كان القطر الذي ينتمي إليه. كانوا يتحدثون عن «شعب» بلا «وطن»، فصار للشعب اليهودي الوطن الذي فرضه على الجميع، وافتقدت شعوب عربية أوطانها. فضاعت الدولة، وتم تضييع الأمة. نجح البرنامج الإسرائيلي لأن فكرة «تأسيس» دولة كانت هي التي توحد مختلف الأطراف التي تكونه مهما كانت الأقطار التي عاشوا فيها، أو الإيديولوجيات التي ينتمون إليها. فوفر لها ذلك كل المستلزمات الضرورية للتحقق. فشل البرنامج العربي في «تحرير» الأرض لأن كل الأطراف التي تدخلت فيه كانت لها رؤية خاصة للتحرير، فضاعت القضية ضياع مختلف رؤى الأطراف. كانت القضية الفلسطينية تجمع كل العرب والمسلمين، وفي الوقت نفسه كانت تفرقهم. اعتبرت قضية وطنية لدى كل الشعوب العربية والإسلامية. لكنها في الوقت نفسه كانت فقط «ذريعة» لمواجهة بعض الأنظمة بطريقة غير مباشرة. انقسم الفلسطينيون أنفسهم، فيما بينهم، تبعا لاختلاف التصورات حول عملية التحرير، فصارت الاختلافات العربية تنعكس على الفلسطينيين، وتدفعهم إلى الانحياز والانقسام. ولما كانت الأنظمة العربية والإسلامية منقسمة على بعضها، وتدخل في صراعات ظاهرة أو مضمرة بينها، ظل الصراع العربي ـ العربي، والإسلامي ـ الإسلامي مؤثرا على القضية وعلى الفلسطينيين أنفسهم. فصارت التناقضات الثانوية في ما بينهم في المستوى الأول، وتراجع التناقض الرئيسي مع الكيان الصهيوني إلى الخلف. هذا الافتراق العربي ـ الإسلامي، والتدخل السافر في الشأن الفلسطيني، كان الآخر (إسرائيل ـ أمريكا ـ الغرب) يستفيد منه، ويغذيه ويدفع في اتجاه تعميقه، وتمديده إلى ما لا نهاية. فلم يبق للقضية أثرها في النفوس، وبدأ يخفت التعاطف ولا سيما بعد أن وصل الأمر إلى حد الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني، والانقسام الحاد بين رؤيتين مختلفتين. جاءت أحداث الربيع العربي لتطرح سؤال المستقبل، فواجهتها الأنظمة العربية بأجوبة الماضي، فكان المستنقع الذي يمتزج فيه الطين بالدم العربي. وتصدعت البلاد العربية، وازدادت الفرقة والعداوة بين مختلف مكونات الجسد العربي، فلم تبرز لا الروح الوطنية، ولا القرابة الدموية، ولا الروح الإسلامية ليفلح أي منها في رأب الصدع، وتجميع الكلمة. هذا البرنامج الكارثي الذي دمر الدولة، وشتت شمل الأمة هو الذي جعل «التحرير» غير قابل للتنفيذ، وأدى في النهاية إلى إعلان الدول القومية، عشية إعلان القدس عاصمة أبدية. استنكرنا اتخاذ القدس عاصمة، وسجلنا الإدانات، وها نحن نعيد الكلام عن قانون الدولة! سردنا قصة باللغة ولكن بدون برنامج، فظلت ناقصة، وكان لهم البرنامج فجاءت اللغة لتختم القصة. كاتب مغربي 11RAI إضاعة الدولة وتضييع الأمة سعيد يقطين |
اللجوء السوري: لعبة أمم جديدة؟ Posted: 04 Aug 2018 02:15 PM PDT تسجل الأمم المتحدة ومعظم منظمات الإغاثة الدولية لجوء أكثر من 12 مليون سوري خارج مساكنهم الأصلية، بينهم قرابة 5،6 مليون لاجئ داخل سوريا ذاتها. والتطورات الأخيرة على الصعيد الميداني العسكري دفعت بملف اللجوء إلى واجهة التعاطي الإقليمي والدولي، حيث تزعم موسكو أنها سوف تضمن عودة اللاجئين السوريين دون إجراءات عقابية من جانب النظام. لكن معطيات كثيرة على الأرض تخص حجم الدمار وضآلة فرص الإعمار، ومؤشرات أخرى في قلب مؤسسة النظام العسكرية والأمنية، تلقي بشكوك كبرى على مسار يوحي بلعبة أمم جديدة. (ملف الحدث، ص 6 ـ 13) اللجوء السوري: لعبة أمم جديدة؟ |
تركيا تسعى لإعادة 3.5 مليون لاجئ إلى سوريا Posted: 04 Aug 2018 02:14 PM PDT إسطنبول ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي تقود فيه تركيا جهودا بأبعاد دولية وإقليمية ومحلية على جميع الصعد السياسية والعسكرية والخدماتية في محاولة لتسريع عودة 3.5 مليون لاجئ سوري يعيشون على أراضيها، باتت تسابق الزمن في محاولة لمنع أي انهيار للأوضاع العسكرية في محافظة إدلب شمالي سوريا خشية أن يؤدي أي هجوم للنظام عليها إلى نزوح ملايين اللاجئين الجدد إلى أراضيها. وإلى جانب التركيز على بحث ملف عودة اللاجئين في مباحثات أستانة وسوتشي الأخيرة مع روسيا وإيران، تسعى تركيا لبحث الملف بشكل أكبر في قمة يتوقع أن تشارك فيها ألمانيا وفرنسا وروسيا في إسطنبول، وذلك بالتوازي مع جهود وتحركات روسية مع أنقرة ودول الجوار السوري الأخرى لبحث آليات تسريع عودة اللاجئين إلى سوريا مع تراجع حدة الحرب في البلاد إلى درجة كبيرة. وبدلاً من مواجهة موجة هجرة كارثية جديدة من إدلب قد تشمل قرابة 3 مليون مدني، تسعى أنقرة لتوسيع نموذج مناطق درع الفرات وعفرين في إدلب وحلب من خلال مساع سياسية كبيرة تخوضها مع روسيا التي باتت معنية أيضاً بعودة السوريين إلى أراضيهم ولكن ضمن رؤية لا تتوافق تماماً مع المبادئ التركية ويرفضها اللاجئون السوريون. وحسب آخر إحصائية نشرتها دائرة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، قبيل أسابيع، فإن عدد اللاجئين السوريين في تركيا وصل إلى 3 ملايين و572 ألف، بينهم 222 ألفًا يُقيمون في المخيمات ويتلقون خدمات كاملة، فيما يتلقى الباقون خدمات أقل تتركز في مجالي الصحة والتعليم إلى جانب تسهيل إجراءات الإقامة. يتركز الحراك السياسي والعسكري التركي في اتجاهين أساسيين، يتمثل الأول في منع وقوع هجوم عسكري على إدلب وتجنب أزمة لاجئين جديدة، والثاني في تأمين أوسع منطقة ممكنة من الأراضي في شمالي سوريا من أجل تهيئتها لعودة اللاجئين من الأراضي التركية إليها. وفيما يتعلق بإدلب، تواصل تركيا مباحثاتها مع روسيا ضمن مسار أستانة ولقاءات واتصالات تجري دون توقف بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، ووزراء الخارجية، بالتوازي مع مباحثات عسكرية واستخبارية معمقة، كل ذلك بهدف التوصل إلى صيغة تنهي شبح الهجوم العسكري على إدلب بالتوصل إلى تسوية ترضي جميع الأطراف. وقدمت تركيا العديد من الطروحات في هذا السياق، كان أبرزها ما أطلق عليه «الورقة البيضاء» والتي تتضمن خطة لإعادة التيار الكهربائي والمياه وعودة المرافق الحياتية والخدمية في إدلب، وفتح طريق حلب دمشق وإزالة السواتر والحواجز من منطقة دارة عزة نحو حلب الجديدة، ومقابل ذلك سوف تسعى أنقرة في اجتماعات موسعة ستعقدها خلال الأيام المقبلة إلى اقناع جميع الفصائل العسكرية العاملة في إدلب بتسليمها جميع الأسلحة الثقيلة على أن تضمن تركيا عدم هجوم النظام وأن تبقى هذه المناطق تحت إدارة تركية أوسع في الفترة المقبلة. وعلى صعيد آخر، أعلن اردوغان أن مدينة إسطنبول ستستضيف قمة رباعية في 7 أيلول/سبتمبر المقبل، تشارك فيها إلى جانب تركيا روسيا وفرنسا وألمانيا، لبحث القضية السورية، لافتاً إلى أن هذه القمة ستطلق عملية موازية تساهم في دفع عملية أستانا، وقال: «سنتباحث بما بوسعنا القيام به معاً في المنطقة». وقالت مصادر تركية إن اردوغان سوف يسعى من خلال هذه القمة إلى إعادة إحياء فكرة المناطق الآمنة في شمالي سوريا وإقناع الاتحاد الأوروبي من خلال فرنسا وألمانيا بتمويل مشاريع لإعادة إعمار وتطوير مناطق أوسع في شمال سوريا من خلال تركيا لتشيع اللاجئين على العودة إلى الأراضي السورية وتخفيف عبء أزمة اللاجئين عن الاتحاد. ولأول مرة، شهدت اجتماعات سوتشي التي جرت في روسيا نهاية الشهر الماضي تركيزاً كبيراً على ملف اللاجئين وتهيئة الظروف لعودتهم إلى الداخل السوري، لكن فصائل المعارضة اعترضت بشكل كبير على الصيغة الروسية، مشددة على ضرورة تهيئة الظروف الأمنية والسياسية والحياتية قبيل الحديث عن إعادة اللاجئين. وفي ظل صعوبة عودة اللاجئين إلى مناطق سيطرة النظام، نشرت صحيفة تركية مقربة من الحكومة ما قالت إنها تسريبات عن وجود مفاوضات تركية ـ روسية لتسليم حلب لأنقرة بهدف إعادة إعمارها وضمان عودة حوالي3 ملايين لاجئ سوري من تركيا وبلدان أوروبية إليها. وعلى الرغم من أن الطرح السابق وصف من قبل معظم المراقبين بـ«الخيالي» و«غير الواقعي» إلا أنه سبق بأيام فقط الإعلان عن زيارة مقررة لوفد روسي متخصص إلى تركيا ضمن جولة تشمل الأردن ولبنان أيضاً بهدف دراسة خطة تضمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم خلال المرحلة المقبلة، وذلك حسب ما نشرت وكالة «نوفوستي» الروسية وتقوم الاستراتيجية التركية في التعامل مع ملف اللاجئين على سياسة الاستمرار في تقديم الخدمات في مناطق اللجوء الآمنة، حتى يتم تأمين مناطق لهم داخل سوريا وتزويدها بجميع الخدمات الأساسية وتطويرها من أجل حث اللاجئين على العودة إليها ودون إجبار حتى الآن. وكنموذج على هذه السياسة، استطاع الجيش التركي تأمين مناطق جرابلس والباب ودابق وأعزاز ضمن عملية درع الفرات، وعفرين في عملية غصن الزيتون، وبعد أن قامت بعمليات إعادة تأهيل وإعمار وتطوير واسعة فيها تمكنت من اجتذاب قرابة 250 ألف لاجئ سوري كانوا يعيشون على أراضيها للعودة للعيش في هذه المناطق، وهو ما تسعى لتطبيقه في مناطق أخرى. وإلى جانب جهود تطوير المؤسسات الخدماتية وتشكيل هيئات شرطية لحفظ الأمن الداخلي في هذه المناطق، تسارعت جهود تركيا في بناء المستشفيات وتطوير المدارس وترميم الطرق وتطوير القطاع الصحي، وسط مظاهر عودة الحياة والتجارة والبناء بشكل كبير في هذه المناطق، كما قامت شركات تركية كبرى بفتح فروع لها في المناطق الآمنة شمالي سوريا لتطوير الخدمات هناك ومنها البريد التركي وشركات الاتصالات الكبرى وعدد من الشركات المتنوعة. وتعتبر جهود فتح الطريق الدولي الذي يمر عبر أبرز المحافظات السورية ويصلها ببعضها وبالعاصمة دمشق من أبرز جهود تركيا بالتعاون مع روسيا وإيران في هذا الإطار، حيث جرى حديث واسع خلال الأسابيع الأخيرة على أن مباحثات أستانة اقتربت من تأمين وإعادة تأهيل الطريق الدولي في سوريا الذي سيربط مناطق الشمال بتركيا ووسط سوريا وهو ما قد يفتح الباب أمام إحياء التجارة والتواصل على أوسع مستوى منذ اندلاع الحرب وقد يساعد في عودة ملايين اللاجئين لا سيما الذين لم يحصلون على فرص عمل جيدة حتى الآن في بلدان اللجوء ومنها تركيا. على الرغم من كل هذه الجهود التركية لصالح اللاجئين، إلا أن تعامل أنقرة اختلف مع هذا الملف الكبير، حيث تخلت تدريجياً عن سياسة الباب المفتوح بعد أن أحكمت سيطرتها الأمنية بشكل كبير على طول الحدود بين البلدين، وحصر التنقل عبر المعابر الرسمية وبشروط مشددة. وقبل أيام، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات التركية أوقفت إجراءات تسجيل اللاجئين السوريين الجدد «كليا باستثناء قلة» مما يحرمهم من خدمات ضرورية ويعرضهم لخطر الترحيل، حسب المنظمة الدولية، دون وجود نفي أو تأكيد تركي رسمي. واعتبرت المنظمة أن الحدود مغلقة فعلياً والكثير من السوريين يمنعون من التنقل بين المحافظات التركية، وقال المدير المساعد في الوكالة لبرنامج اللاجئين جيري سيمبسون، ان الاتحاد الاوروبي الحريص على وقف تدفق اللاجئين الى أوروبا «يتغاضى عن خطوات تركيا الأخيرة لمنع وثني الأشخاص الفارين من سوريا». ورغم ذلك، وعقب أشهر طويلة من انخفاض نسبهم بشكل كبير، عادت محاولات الهجرة من تركيا إلى أوروبا براً وبحراً بقوة في الأسابيع الأخيرة، ومنذ أسابيع تعلن السلطات التركية بشكل يومي احباط عملية هجرة وإنقاذ مهاجرين كانوا يحاولون الوصول إلى الجزر اليونانية. وفي هذا السياق، قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن أكثر من عشرة آلاف مهاجر ولاجئ نسبة كبيرة منهم من السوريين وصلوا اليونان من تركيا عبر طريق معبر نهر إيفروس شمالاً في النصف الأول من عام 2018 واعتبرت ذلك ارتفاعا كبيرا في وتيرة وصول اللاجئين مقارنة بأرقام العام الماضي. 11HAD تركيا تسعى لإعادة 3.5 مليون لاجئ إلى سوريا إسماعيل جمال |
عودة اللاجئين السوريين من لبنان بند في «خريطة الطريق» للتطبيع مع النظام Posted: 04 Aug 2018 02:14 PM PDT قفزَ ملف عودة اللاجئين السوريين إلى الواجهة من بوابة قمّة هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين. أُعطيت العودة بُعداً إنسانياً فيما هي سياسية بامتياز، وأحد بنود الاتفاق الذي صيغ حيال المسألة السورية، قضى بإعادة تأهيل النظام السوري، على أقله في المدى المنظور. البند المتعلق بجنوب سوريا تحت عنوان «حماية أمن إسرائيل» وَجَدَ طريقه إلى التنفيذ سريعاً. وصل جيش النظام إلى الحدود مع الأردن وتبخّرت المعارضة السورية في درعا، مهد الثورة. وانسحبت إيران وميليشياتها الشيعية مسافة 85 كلم من هضبة الجولان لتحلّ محلها الشرطة، وسيُستكمل مسار إعادة سيطرة النظام على المحافظات المتبقية وإن كانت وتيرة ذلك غير واضحة. اندفاعة موسكو تشي بأن ملف العودة وُضع على نار حامية. الروس أعلنوا رقم مليون وسبعمئة ألف في الحزمة الأولى. والحصة الكبرى ستذهب للاجئي لبنان، 890 ألفاً سيعودون إلى المناطق التي كانوا يعيشون فيها قبل النزاع، وفق الخطة المشتركة التي طرحها الروس على الأمريكيين. المحادثات الروسية في لبنان آلت إلى اتفاق على تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين عن موسكو وبيروت ودمشق. والسؤال الذي يُطرح في بعض مراكز القرار اللبناني يدور حول ما إذا كان إمساك موسكو بملف العودة سيَنزَع فتيل التوترات السياسية الداخلية المتوقع نشوئها على خلفية هذا الملف. فحلفاء سوريا، بدءاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتياره السياسي والثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وقوى سنيّة مؤيّدة لبشار الأسد، أعدّوا العدّة لاستخدام أزمة النزوح وسيلة ضغط على مناهضي الأسد من أجل إعادة إحياء العلاقات السياسية اللبنانية ـ السورية، ويعتقدون أن في استطاعتهم ممارسة المزيد من الضغوط بعد نتائج الانتخابات النيابية التي أعطت حلفاء محور سوريا ـ إيران أكثرية برلمانية، كرّست دستورياً اختلال موازين القوى الذي كان مفروضاً منذ العام 2008 عبر فائض قوّة سلاح «حزب الله». الأكيد أن حلفاء سوريا في لبنان سيواصلون ضغطهم، فإذا كانت ورقة اللاجئين قد فقدت الكثير من قوتها بعد الدخول الروسي على الخط، فإنهم سيلجأون إلى استخدام الورقة الاقتصادية. فما أن بدأ الكلام عن إمكان فتح معبر نصيب على الحدود السورية ـ الأردنية حتى علت، في بيروت، الأصوات المطالبة بمحادثات مباشرة بين الحكومتين اللبنانية والسورية كشرط لاستخدام المعبر في حركة التصدير بين لبنان والدول العربية. وذهبت أصوات أخرى إلى حدّ ربط الحاجة لعودة العلاقات السياسية بإتاحة الفرص أمام اللبنانيين للاستثمار بإعادة الإعمار في سوريا، والتي لن تتوفر، بنظرهم، في ظل علاقات متوترة. الرهان على موسكو يبدو جلياً في المقلب الآخر المناهض للأسد. فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، حصل على ضمانة بأن عودة اللاجئين لن تكون ورقة ضغط عليه للسير راهناً بالتطبيع مع النظام. الروس تفهّموا محاذير الحريري وموقفه، وموقف الحلفاء معه في هذا المعسكر. فالمسألة برمتها مُبكرة، وإعادة تأهيل الأسد لا تزال تحت الاختبار. «العودة» هي إحدى نقاط الاختبار، من ضمن نقاط أخرى، كشرط لإعادة التطبيع بين النظام السوري والحظيرة العربية. سبق أن طَلَبَ الأسد العودة إلى الجامعة العربية والمشاركة في القمّة الأخيرة التي عُقدت في المملكة العربية السعودية، من أجل «تحصين» نفسه في معركة الحدّ من النفوذ الإيراني في بلاده التي تخوضها أمريكا وحلفاؤها، فلم يُفلح في سرديته، ووصلته لاحقاً لائحة الشروط المطلوبة لعودة العلاقات العربية مع دمشق مستقبلاً. اللائحة تتضمن بند عودة اللاجئين، فضلاً عن إعلان وقف شامل لإطلاق النار تُستثنى منه التنظيمات الإرهابية، وإعلان عفو عام. في بند العودة، فإن الطموح العربي ـ الغربي اليوم هو في عودة 5 ملايين لاجئ ونازح. مليونا لاجئ من دول الجوار الموزّعة بين لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر وجزء من الدول الأوروبية، وثلاثة ملايين لاجئ ونازح في الحزمة الثانية التي يُفترض أن يبدأ تحريك ملفها بعد انتهاء استحقاق إدلب. و «العودة» هي المفتاح لإمكان تحقيق حلم إعادة الإعمار، ذلك أن حليفي النظام، روسيا وإيران، فاقدا القدرة على تمويل إعادة الإعمار، وتدرك موسكو أن الغرب والخليج لن يُشاركا في هذه الخطوة من دون بدء ترجمة المقدّمات الآيلة إلى حل سياسي، وبينها الشروط الثلاثة. ثمّة خبراء في الشأن الروسي يرون أن موسكو تعلم الأثمان الباهظة التي يمكن أن تدفعها في بلادها وفي حدائقها الخلفية إذا سارت في مخطط الأسد الراغب في الإبقاء على التحوّلات الديموغرافية التي فرضتها الحرب، إذ أن تغطيتها لذلك المخطط ستحرّك «الجمر الإسلامي» تحت «الرماد الروسي»، ما يُشكّل تهديداً موصوفاً لأمنها القومي. وثمة من يرى أن الكرملين يعي أن مهمته في سوريا تتطلب تأمين «بنادق» في جيش النظام لا يمكن توافرها من دون عودة ملايين اللاجئين وغالبيتهم من السنّة، بما يُعيد قسطاً من الاطمئنان لدور المؤسسة العسكرية. خطة عودة اللاجئين إلى سوريا ليست خطة روسية صافية بل خطة مشتركة مع أمريكا ومن خلفها حلفاؤها الأوروبيون والخليجيون مما يجعل التداعيات كبيرة في حال إخفاقها، سواء على الداخل السوري أو على دول الجوار، وفي مقدمها لبنان. العين في بيروت على خطة العودة، ولكل من حلفاء الأسد ومناوئيه حساباتهم. الحلفاء يُريدون تحصين أوراقهم من خلال إلحاق لبنان سياسياً بسورياً وإحياء نظرية «وحدة المسار والمصير»، والمناوئون يريدون تحصين أوراقهم بالبقاء على مسافة من النظام إلى حين تبلور موقف عربي يُشكّل غطاءً سياسياً لعملية التطبيع، الآتية ولو بعد حين! 11HAD عودة اللاجئين السوريين من لبنان بند في «خريطة الطريق» للتطبيع مع النظام رلى موفّق |
اللجوء السوري في نسخته الأخيرة: كيف أدار الأردن معركة صمود «إغلاق الحدود»؟ Posted: 04 Aug 2018 02:14 PM PDT عمان ـ «القدس العربي»: عند محطتين على الأقل اضطر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الأردنية ومعه الناطق باسم الحكومة الأردنية للتركيز إعلاميا على جرعة محددة من التوضيح والشرح بخصوص حركة النزوح الأخيرة قبل الحسم العسكري جنوبي سوريا تجنبا لمواجهة مع تيارين ضاغطين، الأول خارجي والثاني داخلي. مسبقا قررت القوات المسلحة الأردنية ان حدودها المحروسة مع سوريا ستبقى مغلقة أمنيا بكل الأحوال تنفيذا لقرار اتخذ بالخصوص العام الماضي. ومسبقا قررت الحكومة الجديدة التي تشكلت في بدايات أزمة الجنوب الأخيرة أن الأردن لن «يستقبل المزيد من اللاجئين». ورغم ان أصول عائلة رئيس الوزراء الجديد الدكتور عمر الرزاز تعود لعائلة سورية، إلا انه تقصد تأكيد رسالة حكومته في قرارها الاستراتيجي الخاص بعدم استقبال المزيد من اللاجئين السوريين عندما كان أول نشاط ميداني له بعد تكليفه برئاسة الحكومة هو زيارة المنطقة الشمالية في الأردن ولقاء نخبة من الجنرالات وتفقد غرفة العمليات اللوجستية التي اقيمت تحت شعار» مساعدة اللاجئ السوري داخل أرضه» هذه المرة. راهنت الحكومة الأردنية هنا على الصبر قليلا وقاومت على مدار أربعة أسابيع ضغوطا كبيرة من منظمات المجتمع المدني بفتح الحدود لنازحي الجنوب. وكرر وزير الخارجية ايمن الصفدي الموقف نفسه مرات ومرات وهو ان بلاده لن تستقبل لاجئين سوريين جددا. وفي اجتماع مغلق لمركز الأزمات الأردني تليت التقارير الميدانية التي تغذي القرار السياسي والعسكري والأمني بالمعطيات. وقالت حكومة الرزاز مبكرا لـ«القدس العربي»: نحن بشأن كل ما يتعلق بالجنوب السوري نتحدث مع روسيا والمؤسسة العسكرية تتواصل مع نظيرتها السورية لحماية وتأمين الحدود ولا مبرر للهلع بشأن اللاجئين والأردن سيقدم لهم «في أرضهم» ما يستطيع من مساعدة. في الأثناء تجمع نحو نصف مليون نازح سوري هاربين من العمليات العسكرية لجيش النظام بالقرب من الحدود الأردنية مع درعا، وبدأت تبث أشرطة الفيديو لنازحات يطالبن الملك عبد الله الثاني بفتح حدوده لحماية النساء والأطفال. نجحت هذه الأشرطة نسبيا في التأثير على مشاعر الشارع الأردني وانطلقت بيانات وحملات تنتقد موقف الحكومة في إغلاق الحدود وتطالب بفتحها لإيواء «الشقيق السوري». هذا التعاطف استمر عمليا إلى ان اشتغلت خلية إعلامية ببعد أمني وبثت في وسائط تواصل الأردنيين الاجتماعية صورا تظهر أن بعض التجمعات من النازحين تضم نشطاء عسكريين لهم صور وهم يحملون السلاح. ثم تقدمت السلطة الأردنية بالحقنة التي أصابت الأردنيين شعبيا بالهلع الأمني: لا توجد ضمانات بأن لا يختلط مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي بالنازحين إذا فتحت الحدود وسمح لهم بالعبور جماعيا. لإحتواء الضغوط الداخلية والخارجية تم إقرار بروتوكول تكتيكات للتعامل مع الموقف دون المساس بالقرار الاستراتيجي لأرفع أوساط القرار وهو استمرار إغلاق الحدود ومنع حالة «لجوء» سورية جديدة في اتجاه الأردن. ضمن الخطوات التي اتخذت بالتنسيق مع منظمات دولية إقامة مقرات للعلاج الطبي للجرحى والمرضى اللاجئين في عمق الأرض السورية ولم تسع عمان هنا للحصول على موافقة دمشق بل حظيت بضوء أخضر روسي. وأقامت الخدمات الطبية الملكية التابعة للجيش الأردني فعلا عدة مقرات طبية ميدانية داخل الأرض السورية على نقاط التماس الحدودي استوعبت الكثير من الحالات، وبدا الأمر وكأنه تأمين عيادات لعدد أقل من المتوقع من المرضى وأشبه بتأمين صحي للنازحين مجانا دون الإضطرار لتكرار تجربة عام 2011 وادخالهم. عمليا كانت تلك الخطوة تأكيدا من قبل السلطات الأردنية لعشرات الآلاف من اللاجئين المتجمعين على ان الحدود لن تفتح. وأكمل الرزاز نفسه ذلك البروتوكول عندما أعلن ان الحالات الطبية المستعصية أو تلك الخطيرة سيسمح بإدخالها للأردن ما دامت العيادات الميدانية غير قادرة عليها، الأمر الذي حصل فعلا لاحقا، حيث أدخل الجيش بعد التدقيق الأمني نحو 150 حالة من مصابي سيناريو «استعادة الجنوب» بعدما ترنح تماما وخرج من الخدمة ما سمي بسيناريو «خفض التصعيد». وأكمل الأردن خطته في السياق عندما طلب من المنظمات المحلية والدولية الراغبة في مساعدة النازحين الجدد في الجنوب السوري تقديم ما لديهم من مساعدات والتنسيق مع الهيئة الهاشمية للإغاثة الخيرية لنقل هذه المساعدات وبطرق عسكرية فنية خاصة غير علنية للداخل السوري. وبالفعل حصل ذلك أيضا وأعلن الرزاز أن من يريد تقديم مساعدة عينية أو غذائية أو طبية للنازحين السوريين عليه الاتصال بالهيئة الهاشمية وهي تستطيع تأمين المساعدات. وتحركت شاحنات أردنية خاصة وبالتنسيق أيضا مع موسكو وليس مع دمشق، في الوقت الذي كانت فيه غرفة العمليات المشتركة التنسيقية مع الجيش الروسي تتولى الجانب القتالي والعسكري في المناطق المحاذية ووفقا للتفاهمات الأمنية مع الأردن الذي قدم بدوره المساعدة لروسيا ولدمشق بمساهمة عسكرية وأمنية فعالة لها علاقة بتسليم أسلحة فصائل في المعارضة كان الأردن يحتضنها أو لديه تأثير عليها. استراتيجية بقاء الحدود مغلقة حفاظا على الأمن الأردني ولمصلحة الشعب السوري ينبغي ان تصمد. هذا ما قاله الإعلامي الأردني المسيس جهاد المومني، وهو يتناقش مع «القدس العربي» حول الموضوع مقدرا أن على العالم ان يتفهم المسوغات الأردنية وعليه ان لا يسمح بمكافأة النظام السوري بتيسير لجوء ونزوح مواطنيه وشعبه بعد قصف البلدات والقرى. ومبكرا وعلى الهواء مباشرة في إذاعة الحكومة الأردنية اقترح المومني وضيوف معه ضرورة الانتباه لخديعة اللجوء السوري مجددا تجنب إعفاء النظام السوري من مسؤوليات الحرب التي يشنها أصلا تحت عنوان طرد الإرهابيين. بالتزامن امتصت ملاحظة عسكرية أردنية غالبية مظاهر التشنج في الشارع الداخلي عندما أشارت إلى أن مقاتلي «داعش» يتحركون في منطقة شمال سوريا وحوض نهر اليرموك وفي مناطق أخرى يحاولون الاختلاط باللاجئين. ألمح المومني إلى ان دوافع النزوح الأخيرة قد لا يكون لها علاقة بوجود «تهديد». ومبكرا فهمت «القدس العربي» من مسؤولين في رئاسة الوزراء والوزير ايمن الصفدي أن التقدير الأولي يؤشر على وجود «دوافع اقتصادية» وراء حالة النزوح الأخيرة جنوبي سوريا، حيث سمعة الاسترخاء في الأردن جيدة بسبب تسهيلات قانونية ومالية وصحية متعددة. وحيث أموال تدفعها دول خليجية مباشرة للاجئين في الأردن وأموال تدفعها دول غربية غنية للخزينة. الأردن وحسب ما قال وزير الداخلية الأسبق لـ«القدس العربي» سلامه حماد، تعرض للتضليل ولخديعة كبيرة في مواجهة ملف اللجوء السوري حين تكلفت الخزينة نحو 12 مليار دولار وامتنعت الدول الصديقة والشقيقة التي وعدت بتقديم المساعدة وضغطت لفتح الحدود في تجربة 2011 وفيما قدم العالم برمته مساعدة لا تزيد عن أربعة مليارات دولار. صادق أيضا وزير المالية الأسبق عمر ملحس على هذه المعطيات الرقمية. لكنها في كل حال معطيات رقمية توضح بروز صوت إجماع داخل النخبة الأردنية على ان تجربة اللجوء ينبغي ان لا تتكرر خصوصا وان الأردن تعرض للخديعة. ومن المرجح ان مثل هذا الإجماع هو السبب الذي عزز قناعة غرفة القرار الأردني بحصول خديعة ينبغي ان لا تتكرر كما حصل في الماضي القريب وبوجود خلفيات لدوافع اقتصادية وبعدم وجود تهديد حقيقي يتطلب نزوح نصف مليون لاجئ سوري على الحدود مع الأردن. في المحصلة الأردن خاض لعبة النسخة الجديدة من اللجوء السوري بمعايير خشنة نسبيا ومؤسسة على استراتيجية تبديد أمل مواطنين سوريين في الاستقرار في الأردن. في حكاية اللجوء السوري الجديد كان لموسكو دور بارز واستراتيجية عمان صمدت والنتيجة كانت عودة نحو 250 ألف سوري نازح على الأقل لقراهم بترتيبات مع الروس والتوقف التام لتظاهرات النزوح التي كانت تناشد الأردن قرب الحدود أو تشتمه. 11HAD اللجوء السوري في نسخته الأخيرة: كيف أدار الأردن معركة صمود «إغلاق الحدود»؟ بسام البدارين |
اللاجئون السوريون في مواجهة الخيارات الصعبة Posted: 04 Aug 2018 02:13 PM PDT تتزايد حملات الدعاية المطالبة بابعاد وإعادة اللاجئين السوريين من مختلف دول أوروبا التي وفرت خلال سنوات المحنة السورية ملجأ آمنا مؤقتا لموجات من الهاربين من جحيم الحرب واضطهاد النظام. لكن مع تصاعد موجات الكراهية في مجتمعات أوروبا باتت العديد من أحزاب اليمين المتشدد تزايد على موضوع إعادة اللاجئين السوريين وتستعملها كورقة ضغط على حكومات بلادها وتبرر ذلك بالقول ان الأوضاع الداخلية السورية باتت اليوم أكثر أمنا وبإمكان طالبي اللجوء العودة إلى مدنهم المحررة من قبضة الإرهاب. مواقف أوروبية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عجل حزب «الشعب الدنماركي» وهو حزب يميني شعبوي، في مناقشة قانونية إعادة اللاجئين السوريين إلى مدينة الرقة التي تعرضت لتدمير كامل بعد تحريرها من «تنظيم الدولة/داعش»، حيث يرى هذا الحزب الذي يحتل المرتبة الثانية بين الأحزاب الدنماركية المعارضة أنه «حان الوقت للاجئين السوريين القادمين من منطقة الرقة بالعودة إلى ديارهم» حسب ما قاله زعيم الحزب كريستيان ثولسن دال، الذي صرح للإعلام قائلا «لا أفهم لماذا لا يقف السوريون في الدنمارك، كغيرهم من أبناء بلدهم، أمام بيوتهم، وبمساعدة من الدنمارك، للمشاركة في إعادة إعمار بلدهم؟». لذا يسعى اليمين المتشدد الدنماركي من خلال فتح قنوات تفاوض مع النظام السوري من الضغط على سياسات الحكومة، للحصول على تنازلات بشأن ترحيل اللاجئين بدءا بالسوريين الذين تعود أصولهم إلى الرقة، ثم استكمال الطريق لإعادة بقية السوريين الحاصلين على ما يعرف بـ «حماية مؤقتة. أما في اليونان التي طالما اعتبرت العتبة الأوروبية الأولى لموجات اللاجئين المتدفقة عبر حدودها مع تركيا، نجد ان الحكومة اليونانية تسعى لإنتهاج سياسات متشددة تجاه اللاجئين، إذ اتخذت خطوات تخص اللاجئين في أيلول/سبتمبر الماضي، عندما قررت محكمة إدارية – في سابقة خطيرة – ترحيل لاجئين سوريين بشكل إجباري، حيث تأثر أكثر من 750 سوريًا بالحكم الذي أصدرته محكمة «مجلس الدولة» في اثينا والقاضي بإعادتهم إلى تركيا التي عبروا منها إلى اليونان، على اعتبار أنها بلد آمن بالنسبة لهم، وهو ما نفته مجموعات حقوقية أكدت بأن الافتراض خاطئ وسط غياب الضمانات بحصول اللاجئين السوريين على مأوى وعمل في تركيا، واحتمال تعرضهم إلى انتهاكات واستغلال. الهيئات الإغاثية ومنظمات حقوق اللاجئين تدافع باستماتة عن حقوق اللاجئين السوريين وتتعالى أصوات المنظمات التي تحاول نقل صورة حقيقية للوضع السوري الذي ما زال غير آمن بالنسبة لمئات الآلاف من اللاجئين. فقد شددت هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، على أن الوضع لن يتغير كثيرًا في سوريا في عام 2018 إذ إن «جميع المناطق في البلاد هي جزء من مناطق غير آمنة بصفة مباشرة، أو بصفة غير مباشرة نتيجة ظروف الحرب والعنف، وعلى هذا الأساس لا يحق لأي بلد أن يرحل لاجئين ضد إرادتهم إلى هناك». كما سبق ان حذرت منظمة »برو أزيل» الألمانية، التي تعنى بشؤون اللاجئين، من مقترحات تروج بين دوائر صنع القرار في الاتحاد الأوروبي، وتتعلق بإبعاد اللاجئين إلى تركيا بمجرد وصولهم إلى اليونان، معتبرة أن ذلك يضرب حقوق الإنسان في الصميم. وجاء تحذير المنظمة الألمانية نتيجة لتصاعد ضغوط أحزاب اليمين الشعبوي الأوروبي المطالبة بترحيل اللاجئين، كما حصل في ألمانيا، إذ لا يمكن الاستهانة بدعوات حزبي «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» برئاسة ميركل، و»الاجتماعي المسيحي البافاري» بزعامة زيهوفر، التي تتعالى مطالبة بترحيل السوريين إلى وطنهم، بل وصل الأمر إلى حد تقدم الحزب اليميني المتطرف «البديل من أجل ألمانيا» بطلب للبرلمان الألماني يدعو فيه الحكومة إلى التفاوض مع النظام السوري حول اتفاقية لإعادة اللاجئين؛ إذ يحاول هذا الحزب عقد اتفاقية مع نظام الأسد من أجل ترتيب إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم مع تأكيده أن الاتفاقية تضمن عدم إلحاق الضرر بهم، وإيوائهم في الأماكن الهادئة في سوريا. وصرح وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني الذي يتزعم اليمين الشعبوي، بأنه أرسل تعليمات خطية تقضي بتقليص الخدمات المقدمة إلى 136 ألف طالب لجوء تستضيفهم بلاده إلى الحد الأدنى. وأعلنت إيطاليا تقليص حجم الخدمات المقدمة لطالبي اللجوء إلى الحد الأدنى، وكتب وزير الداخلية ماتيو سالفيني «مراقبة أكثر وإنفاق أقل. أخيرا، تتغير الأمور بالنسبة إلى الهجرة كما وعدنا. انتقلنا من الكلام إلى الأفعال». الخطة الروسية مع تقدم الجيش السوري في تحقيق السيطرة على مناطق في الجبهة الجنوبية في درعا وريف القنيطرة، ومع توسع مساحات الأراضي التي يستعيدها النظام من فصائل المعارضة المسلحة سواء عبر خوضه معارك عسكرية أو من خلال عقد صفقات الاخلاء لفصائل المعارضة، ومع الإعلان عن احتمالية إطلاق معركة استعادة محافظة إدلب، تتغير الكثير من معطيات معادلة القوى على الأرض. ومع تغير ميزان القوة على الأرض تزامن انطلاق جولات مفاوضات أستانا وجنيف بين النظام السوري وأحزاب المعارضة بوجود الأطراف الضامنة الثلاثة (تركيا وإيران وروسيا) بالإضافة إلى وجود مبعوث الأمم المتحدة دي مستورا. تزامنا مع التغيرات السياسية والعسكرية في الساحة السورية ابتدأ حراك روسي مكوكي على ما بات يعرف بحل أزمة اللاجئين السوريين مع دول الجوار الإقليمي وحتى مع بعض الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا. فقد أعلنت روسيا عن خطتها لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهي الخطة التي بدأت الترويج لها بزيارات مسؤولين روس إلى الأردن ولبنان وألمانيا. وتقضي الخطة بإنشاء مركز يختص بتنسيق عودة اللاجئين السوريين تعمل على تأسيسه وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان على أن تنضم إليه جهات أخرى روسية ودول أجنبية ومنظمات دولية. ومن المقرر أن يقوم المركز – الذي سيكون مقره دمشق – باستقبال اللاجئين السوريين الراغبين في العودة لبلادهم ليتم توزيعهم في الأماكن المصنفة بأنها آمنة في سوريا. وفي هذا الإطار، التقت المستشارة أنغيلا ميركل بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في برلين وناقشا كيفية تهيئة الظروف لإعادة اللاجئين، فيما استقبل رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري القائم بأعمال السفارة الروسية في بيروت لبحث الخطة الروسية. لكن تبقى صرخات المحتجين ضد هذه الصفقات تتعالى في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفي محافل منظمات حقوق الإنسان، فبالرغم من انتشار مشاهد الدمار الواسع لعشرات القرى والمدن السورية، إلا أن الخطة الروسية تقضي بإعادة اللاجئين إلى ما قالت إنها مناطق آمنة صالحة للحياة إلى حين الانتهاء من جهود إعادة الإعمار شيئاً فشياً. إن واقع حال السوريين الذين يتواجدون اليوم في الأماكن التي لم تتضرر، هي انهم إما يخافون من السطوة الأمنية للنظام أو أنهم معه قلباً وقالباً وضد باقي اللاجئين، كما تجدر الإشارة إلى ان آثار «الشرخ المجتمعي الهائل في المجتمع السوري» ما تزال واضحة للعيان. شبكات تهريب الهجرة المعاكسة لكن مع تزايد ضغوط رفض قرارات لم شمل العوائل التي حصل بعض أفرادها على «الحماية المؤقتة» في دول اللجوء في أوروبا، ظهرت موجة نزوح معاكسة يقوم بها من يأس من الانتظار من اللاجئين، وذلك عبر التهريب على الطريق المعاكس للعودة إلى تركيا من الحدود اليونانية ـ التركية. وغالباً ما يعتمد العائدون على المهربين للعبور من اليونان إلى تركيا عبر نهر إيفروس الذي يفصل بين البلدين، وذلك لصعوبة حصولهم على فيزا لدخول تركيا. إذ يدفع كل فرد بين 150 إلى 200 يورو، مقابل إيصاله من مدينة سالونيك اليونانية إلى وسط اسطنبول، وتجدر الإشارة إلى تغاضي حرس الحدود التركي عن تسلل السوريين عند العودة، لكنه لا يسمح لأحد بالعبور من تركيا إلى اليونان. أن تعثر أو تعليق قرارات لم الشمل هو السبب الرئيسي الذي يجعل اللاجئين السوريين يعودون إلى تركيا، لكن يجب ان لا ننسى دور البيروقراطية الشديدة، وطبيعة الحياة الاجتماعية في دول اللجوء الأوروبية، والمشاكل التي فرضتها ظروف الغربة على عوائل اللاجئين، مما جعلهم يشعرون بأنهم يعيشون في سجن كبير وهذا الأمر أثر بشكل سلبي على امكانية اندماج اللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة وزاد من تعقيد الخيارات الصعبة أمامهم. 11HAD اللاجئون السوريون في مواجهة الخيارات الصعبة صادق الطائي |
بعد تعويمه فوق السوريين الأموات: روسيا تسعى لتثبيت حكم الأسد على الأحياء منهم Posted: 04 Aug 2018 02:13 PM PDT لم تكن الهجرة القسرية خيار السوريين يوماً، ولكن الملايين منهم قصدوها عبر المخارج الرسمية والطرق غير المشروعة، بهدف النجاة ببقايا أحلام الحرية، وآلة الموت التي سلطها النظام السوري عليهم عقاباً لانتفاضهم ضد أركان حكمه، والتي كلفتهم مئات آلاف الضحايا وملايين المهجرين. وعلى ما يبدو، فإن الحليف الأقوى للأسد في المشهد السوري -روسيا، بدأت بتنفيذ مخطط لم يتوقع السوريون لربما حصوله يوماً، يتمحور بإعادتهم قسراً أو تحت أي بند تحت مظلة النظام الذي لم يرحمهم لا في سلمية ثورتهم ولا بعسكرتها، وسط سكون تام للمجتمع الدولي، الذي ربما باتت تمثله اليوم السياسة الروسية في القضية السورية. ورغم أن الخطة الروسية لإعادة اللاجئين السوريين من دول الجوار بداية، وعلى رأسها، لبنان – الأردن، وتركيا، إلا ما كشفه المسؤولون الروس، يتمحور حول إنشاء مركز لاستقبال اللاجئين وتوزيعهم وإيوائهم، وسيتولى مراقبة إعادة جميع النازحين واللاجئين السوريين من الدول الأجنبية إلى مواقع إقامتهم الدائمة أو المؤقتة. مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، قال لـ «القدس العربي»: روسيا تحاول لملمة ما تبقى من تداعيات الكارثة السورية، وفق ما يناسب وجهة نظرها، فبدأت بالحسم العسكري على الأرض، وتدخلت بقوتها العسكرية لمساندة نظام الأسد، بداية من معارك حلب، فالغوطة، ثم ريف حمص، فدرعا. ومن ثم انتقلت إلى مرحلة المعتقلين، ضمن مساعيها بالتعاون مع النظام السوري لوضع حد له، وافتعلت مساراً سياسياً «أستانا وسوتشي»، وبالتالي هي تسير بعدة خطوات متزامنة، وتطالب الدول بإعادة اللاجئين، ضمن سياسة «المقايضة»، مقابل تخلص الدول من اللاجئين، في رسالة للدول الأوروبية بشكل أساسي، وكذلك إعادة الإعمار، والمساهمة بإعادة بناء ما دمرته روسيا، مع عجزها عن إعادة إعمار ما دمرته من بنية تحتية سورية، مع حليفها النظام السوري». واتهم النظام السوري وروسيا، بالجرائم والدمار الحاصل في البلاد، مشيراً إلى مسؤوليتهم عن نسبة 85 في المئة من القتل والتدمير. مخالفة دولية من الناحية القانونية، قال عبد الغني: ما تفعله روسيا، مخالف للقانون الدولي، منوهاً إلى ان الوضع في سوريا، ما زال غير قابل لإعادة اللاجئين، ووجه عبد الغني رسالة للاجئين السوريين ممن عليهم خطر من قبل النظام السوري أو المطلوبين له بعدم العودة، حيث ان النظام السوري لا يؤتمن، وأنه يحاول جذب السوريين بداية، في إعادة لسيناريو الثمانينيات وغيرها، وبعدها يقوم بتصفيتهم واعتقالهم ومعاقبتهم، إذ ان هذا النظام تحكمه العقلية البربرية. وأشار المصدر الحقوقي، إلى إن ما يقارب ثلاثة ملايين منزل في سوريا، مدمر تدميراً كاملا أو جزئياً، وبالتالي أين ستعيش العائلات العائدة؟ علماً أن روسيا، هي ذاتها من قامت بتدمير منازلهم خلال السنوات الماضية، مع الأسد وإيران. واعتبر عبد الغني، أن الحديث الروسي عن إعادة اللاجئين، هدفه الإبتزاز لمحاولة إعادة الإعمار، وكلامها غوغائي، وغالبية اللاجئين السوريين ليس لديهم مصدر رزق، بعد تدمير روسيا للأسواق، وبالتالي هم أمام تهديد أمني وآخر اقتصادي. روسيا، بدورها، قالت ان لديها صورة واضحة لمواعيد وقواعد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، موضحة أنها رتبت عملا مشتركا وثيقا مع المؤسسات الدولية وخاصة الأمم المتحدة لتنفيذ هذه العملية. وقال رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع عن روسيا الاتحادية، اللواء ميخائيل ميزينتسيف، في جلسة لمكتب التنسيق الخاص بملف إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم: «أسفر العمل السريع الذي قامت به البعثات الروسية في الدول الأجنبية والتابعة لوزارة الخارجية عن وجود فهم دقيق عندنا لمواقف جميع الدول وتشكل الصورة الواضحة لمواعيد وقواعد إعادة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة». ويبدو أن روسيا اختارت لبنان لتبدأ منه تنفيذ خطتها لإعادة اللاجئين السوريين، وسريعا ما تجاوب لبنان الرسمي مع تلك المساعي ورحب بها. تعويم الأسد السياسي السوري نزار الصمادي رأى «أن فتح روسيا لملف إعادة اللاجئين من دول الجوار يشير إلى تجديد عهد الأسد، وهدفه تعويم نظام الأسد وإعادة شرعيته، من قبل موسكو، بعد أن أسقطه الشعب السوري وأصبح مجرم حرب». وقال الصمادي لـ «القدس العربي»: «روسيا تضغط على المجتمع الدولي لإعادة الإعمار، وقد تم التحايل على هذا المسمى خلال جولة مفاوضات أستانا الأخيرة، والتي جرت في سوتشي الروسية، إذ تم ذكر عبارة استعادة البنية التحتية بما في ذلك الاجتماعية والاقتصادية في محاولة من الروس التعتيم على الهولوكوست السوري للمعتقلين، هذه الجريمة التي ارتكبها النظام وروسيا بشكل نازي». سوريا الروسية وقال المحلل السياسي والعسكري، المقرب من النظام السوري صلاح قيراطة، أن المشروع الروسي، يدور في فلك التحكم بشكل كلي بالملف السوري، من خلال التمسك بزمام ثلاثة سلال هامة، أولها: السلة العسكرية، والتي تمخض عنها ما سمي (مناطق خفض التصعيد)، علما ان لا تخفيض حقيقياً حدث، بقدر ما تم التضييق على المعارضات المسلحة، مقابل إطلاق قدرات الحلف الثلاثي في عملياته العسكرية وخير شاهد على هذا الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية من سوريا. والسلة الثانية، هي التسوية السياسية، والتي تتحدث عن صياغة دستور سوري برعاية أممية، اعتقد المصدر، بأنه سيفصل على مقاس الدول الخمس الدائمة العضوية، ومعها إيران وتركيا وآخر ما سيتم التفكير به هو مصلحة سورية أو السوريين. ثالث السلال، وفق قيراطة، هي ملف اللاجئين السوريين، ومع فتح روسيا لهذا الملف، تكون قد قبضت بكلتا يديها على الملف السوري «العسكري – السياسي – والإنساني» تمهيداً لتفصيل حلول وعلاجات على طريقتها الخاصة، وبالكيفية التي تريدها وفق ما تقتضيه مصلحتها الشخصية قبل كل شيء. أما دمشق، فبعد ثمان عجاف ستقبل ما يمليه عليها الحليف الروسي مقابل الحفاظ على تواجد النظام، وحماية ما يقال عنه سوريا، وحديث موسكو عن «إعادة اللاجئين» إلى بلادهم، دون إعمار وبنية تحتية، غايته، الحد ما أمكن من التدخلات الخارجية في القضية السورية وصولاً، لأن تكون سوريا محمية روسية أو قاعدة روسية كبيرة على البحر المتوسط بترحيب إسرائيلي، ولن تعامل سوريا كواحدة من جمهوريات الاتحاد الروسي، بل ستحظى بوصف التبعية، ولعل هذا أحد أهم إنجازات الحرب السورية. 11HAD بعد تعويمه فوق السوريين الأموات: روسيا تسعى لتثبيت حكم الأسد على الأحياء منهم حسام محمد |
روسيا تعجل بعودة اللاجئين السوريين والغرب يتحفظ Posted: 04 Aug 2018 02:13 PM PDT شرعت روسيا بعمل مكثف لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. والكلام يدور عن أكثر من مليون شخص اجبروا على مغادرة ديارهم بسبب العمليات القتالية المتواصلة منذ 2011. ولكن العدد الضخم للناس ليس هو التحدي الرئيسي الذي سيواجه موسكو وحلفاءها، فهناك صعوبات أخرى في عودة اللاجئين إلى سوريا. وجعلت روسيا على خلفية «تحفظ» الغرب على المشاركة فيها، من ملف عودة اللاجئين، مكونا من مكونات جهودها لتطبيع الوضع في سوريا. وقال ممثل الرئيس الروسي الخاص بالشؤون السورية الكسندر لافرينيف: «ينبغي أن تكون عودة اللاجئين السوريين لوطنهم طوعية حصرا» واستدرك «لا يجوز وضع العراقيل الاصطناعية أمامها»، في إشارة إلى مواقف الغرب. وبعد أن تناول الرئيس فلاديمير بوتين قضية عودة اللاجئين خلال مباحثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 16 تموز/يوليو في هلسنكي، ضاعفت موسكو اتصالاتها بالدول الأوروبية ودول اللجوء مثل الأردن ولبنان لتحريك «مبادرتها» الرامية إلى إنشاء فرق عمل مشتركة في عَمان، تجمع ممثلين من روسيا وأمريكا والأردن، إضافة إلى مركز مماثل في لبنان. وتصدرت قضية اللاجئين أيضا اللقاء الثلاثي: روسيا ـ تركيا ـ إيران في إطار «أستانا» الذي انعقد في منتجع سوتشي في 30 و31 تموز/يوليو الماضي. وقال الرئيس الروسي في المؤتمر الصحافي المشترك مع ترامب في ختام القمة «إذا ما سنساعد الناس على العودة إلى ديارهم، فسوف يخف ضغط موجة الهجرة على دول الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول». وأشار أيضا إلى أن «في مقدور روسيا والولايات المتحدة، قيادة هذه القضية والتعاون للتغلب على الأزمة الإنسانية، والمساعدة على عودة النازحين إلى ديارهم». وراهنت روسيا بعد قمة هلسنكي على إن ترامب سيدعم مثل هذه المقاربة. ولكن الإدارة الأمريكية رفضت في وقت متأخر «التحركات الملموسة» التي تخرج عن السعي لمواصلة المباحثات. وألقت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت في 24 تموز/يوليو الماضي الضوء على موقف واشنطن من المسألة، حيث أشارت إلى إن الولايات المتحدة تعتقد إن الوضع الحالي في سوريا غير ملائم لعودة اللاجئين. وقال نيقولاي بورتسيف ممثل وزارة الخارجية الروسية إن الجانب الأمريكي لم يرد لحد الآن على اقتراحات وزارة الدفاع الروسية بصدد عودة اللاجئين إلى ديارهم. وترى روسيا إن تمويل المجتمع الدولي لعملية إعادة إعمار سوريا سيخلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين، وينبغي أن تكون هذه العملية «غير مُسَيسة». وبعبارة أخرى يتوجب عدم اشتراط المساعدات بمطلب إطلاق «عملية المرحلة الانتقالية» في سوريا، التي حسب موسكو ينبغي أن تكون ثمرة الاتفاقات بين الحكومة والمعارضة في إطار مؤتمر جنيف والانتهاء من إعداد الدستور من قبل القوى السورية. وعاد الرئيس الروسي للموضوع خلال لقاءاته بالمستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ووعدت ألمانيا وفرنسا تقديم المساعدات للنازحين داخليا واللاجئين العائدين لمناطق إقامتهم الدائمة. ووصف مراقبون هذا الموقف بانه تطور هام في موقف باريس وبرلين، بعد أن أوقفتا كافة أشكال المساعدات الإنسانية للمناطق التي يسيطر عليها النظام. والسؤال المطروح الآن يكمن في مدى استعداد بلدان الغرب المشاركة في تمويل إعادة إعمار سوريا في إطار المساعدات الإنسانية. وقال ممثل فرنسا في الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر «إننا لن نشارك في إعادة إعمار سوريا، ولحد أن يجري تنفيذ مرحلة انتقالية سياسية فعلية». ولكن هذا الموقف لم يثن عزيمة موسكو في المضي بتسريع عملية عودة اللاجئين وتهيئة الظروف الملائمة لهم. فالجانب الروسي يدرك إن إعادة الإعمار سيكون عاملا هاما في توفير الاستقرار السياسي في سوريا، بيد أن المبادرة تحتاج إلى تمويلات ربما ستكون روسيا وحلفاءها غير قادرون على تأمينها. لذلك فأنها تحاول إقناع الغرب بان المشاركة في هذه العملية سيصب في مصالحها وبخلافه فإنها (الدول الأوروبية) لن تتمكن من تجنب موجة هجرة جديدة من مخيمات اللاجئين السوريين، أو تكون تلك المخيمات، قاعدة لجر مقاتلين جدد لتجنيدهم في صفوف الجماعات الإرهابية. وقال ممثل وزارة الخارجية الروسية بورتسيف، إن مواقف الدول الأوروبية متباينة من الموضوع. وأوضح أن المشاورات الروسية ـ الفرنسية التي عُقدت في 24 تموز/يوليو الماضي في موسكو تناولت من بين قضايا أخرى مسألة عودة اللاجئين والمساعدة الإنسانية. كما تستمر الاتصالات بالجانب اليوناني حول عودة السوريين الذين يقيمون هناك بصورة مؤقتة، كما إن السويد أعلنت للجانب الروسي عن أن سياساتها ترمي إلى دمج السوريين في المجتمع السويدي، وأعلنت الهيئات الحكومية النمساوية عن سعي اللاجئين السوريين إلى الاندماج في المجتمع النمساوي عقب الحصول على صفة لاجئ، حيث سيحصل اللاجئ على حق العمل والضمانات الاجتماعية. كما تواصل موسكو اتصالاتها بدول اللجوء الأوروبية الأخرى، حيث يقيم اللاجئون السوريون لبحث مسألة عودتهم الطوعية لبلادهم. بيد أن المؤشرات تدلل على إن روسيا جعلت من قضية عودة اللاجئين ركنا هاما في استراتيجية تسوية النزاع السوري. فإلى جانب نقل المساعدة الإنسانية وإعادة الحياة الطبيعية للمناطق التي كانت بيد التشكيلات والفصائل المسلحة المعارضة للنظام، بدأ العسكريون الروس بعمل كثيف لعودة النازحين إلى سوريا. وتشكلت لهذا الغرض «هيئة أركان التنسيق المشتركة» التابعة لوزارتي الدفاع والخارجية حول عودة اللاجئين، وضمت أيضا العديد من الوزارات ومؤسسات الدولة الأخرى. وضمن هذا السياق تم في 18 تموز/يوليو الماضي وبالتعاون مع الحكومة السورية فتح مركز لاستقبال وتوزيع النازحين. ولا تزاول هذه الهيئة الروسية فقط القضايا المشار إليها وإنما تتبنى توزيع المساعدات، فضلا عن استعادة عمل الخدمات الاجتماعية. كما تم افتتاح معبرين للدخول من الأردن ولبنان، ومن المرتقب فتح معبر ثالث. وفي الوقت نفسه وجه العسكريون الروس فريق عمل إلى لبنان والأردن وتركيا لمعالجة قضية عودة النازحين إلى سوريا، كما أفاد رئيس «المركز القومي لإدارة الدفاع لروسيا الاتحادية» الفريق أول ميخائيل ميزينتسيف. ونوقشت في بيروت وعَمان مسألة إنشاء مراكز مشتركة لعودة النازحين السوريين، والتي ستعمل على مدار الساعة. ووفقا للتقديرات المتوفرة فسيعود لسوريا من الخارج في الفترة القريبة المقبلة حوالي 1.7 لاجئ. وتستعد سوريا لاستقبال الآن زهاء 330 ألف شخص في 76 منطقة سكنية، الأقل تعرضا للدمار خلال العمليات القتالية. وترى صحيفة «إزفيستيا» الصادرة في موسكو انه وبالرغم من الأعمال التحضيرية، التي تقوم بها روسيا بالتنسيق مع سوريا وغيرها من البلدان، فان الكثير من اللاجئين لن يسرعوا بالعودة إلى بلدهم. وهناك أسباب عديدة لذلك «فلا يخفى إن الكثير من السوريين غادروا بلادهم ليس بسبب الحرب، وإنما من تصورات سياسية، كونهم من صفوف المعارضة». وقالت انهم بحاجة إلى ضمانات. وترى: «إن توفير مثل هذه الضمات وبأي شكل من الأشكال قضية صعبة للغاية وتتطلب تنسيقا جادا بين روسيا وسوريا». وأضافت: «علاوة على ذلك إن الكثير من السوريين اندمجوا خلال إقامتهم طيلة سنوات النزاع بمجتمعات دول اللجوء. ولكن ثمة من أمضى هذه السنوات في معسكرات اللاجئين الذين اجبروا على النزوح. وهناك من بدأ حياة جديدة ولا يسعى للعودة إلى حياته السابقة. لاسيما ان العودة ستكون ليس لبلد مزدهر وإنما مدمر وبحاجة إلى إعادة إعمار». واختتمت الصحيفة بالقول إن روسيا أخذت على عاتقها مهمة «طموحة» وان هناك من سينظر بشكوك إلى هذا التحرك ويتوقع فشله قبل الأوان «ولكن القيام بذلك أفضل من عدم القيام بأي شيء، والقول ان وقت عودة اللاجئين لم يحن بعد». في إشارة إلى موقف الغرب. 11HAD روسيا تعجل بعودة اللاجئين السوريين والغرب يتحفظ فالح الحمراني |
ملف اللاجئين المنفذ الروسي لتعويم النظام في دمشق Posted: 04 Aug 2018 02:12 PM PDT يتقدم النظام على كافة الصعد في الحرب السورية المهولة، والتي دخلت عامها الثامن بعد العديد من التغييرات الدولية الجديدة التي صبت في صالحه، وإن لم يعد النظام بذات القوة المركزية العتيدة التي كان يتبجح بها قبل بدء الحرب. عوامل خارجية وداخلية سيطرت على المشهد منذ ظهور ملامح انهيار النظام في الحرب على الأرض حينها رغم الدعم الإيراني له، ورغم دخول حزب الله والجماعات الشيعية المتعددة الجنسيات الحرب لصالحه. هذه العوامل المتعددة التي رافق حدوثها الكثير من الويلات للشعب السوري كانت في مجملها، عوامل مساعدة خارجية وان كانت جل مفاعليها على الأرض السورية، وكانت أكثر تلك العوامل إفادة هي الدخول المباشر العسكري والسياسي الروسي للحرب لصالحه، وانتشار المنظمات الإرهابية في المنطقة، وصعود التيارات المتطرفة ضمن صفوف المعارضة، والابتعاد الأمريكي عن المعارضة لذلك السبب وغيره من الأسباب، وظهور ملامح الإنهاك للأطراف جميعاً لمتغيرات دولية متعددة، وظهور تفضيل من الجهات الإقليمية للمصالح الداخلية لبلدانهم على مصالح الجهات المعارضة التي تدعمها في سوريا. بالإضافة إلى عامل يعد من أهم العوامل التي ساهمت في ميل الميزان، ولو مؤقتاً لصالح النظام، ومن ورائه موسكو، ولو كان هذا الميل إقليمياً منه أكثر منه دولياً، وهو ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار والخارج، وملف النازحين السوريين في الداخل. هذا الملف الصاخب هو الذي سمح للنظام بقضم المزيد من الأراضي المتمردة عليه. تقدم فاقع في الوسط، وسيطرة واسعة في الجنوب، وسيطرة مشروطة في الجنوب الغربي، وسيطرة جزئية في الشرق، وسيطرة محدودة جداً حتى اللحظة في كل الشمال. هذه المستجدات المهمة سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، خاصةً إن الحدود التي باتت تحت يدي نظام دمشق تمتد من شمال حلب دون الوصول إلى الحدود مع تركيا إلى الساحل السوري مروراً بكامل الحدود اللبنانية، وكامل الحدود الإسرائيلية مع وجود روسي للمراقبة، وكامل الجنوب السوري مع الأردن، والجزء المتوسط من الحدود العراقية، ونسبة لا بأس بها مع الحدود التركية ان اعتبرنا ان وجوده الرمزي في القامشلي حيث يديرها الأكراد وحلفائهم العرب هو جزء من التمثيل الشبه رسمي الشكلي هناك رغم أن المعبر الوحيد في المدينة مع تركيا وهو معبر نصيبين مغلق منذ سنوات لحساسيات الأتراك من الإدارات الكردية هناك. المستجدات العامة في المشهد السوري الحالي أصبحت القوى المتصارعة والمتنافسة على السيطرة أكثر وضوحاً، وأكثر مرسومة الحدود على اعتبار أن الداعمين لهذه الجهات هم أيضاً باتوا شبه مقتنعين بالوقائع الحالية، وبقوة القرار الروسي في تحديد مصير الملف السوري. ومع ان المناطق الوحيدة الباقية خارجة عن سيطرة النظام والتي تشمل بقعة في الشرق في التنف، وكامل شرق الفرات، ومنطقتي درع الفرات وعفرين، بالإضافة لمحافظة إدلب هي مناطق غير مستقرة المصير قانونياً على اعتبار أن الحديث المستمر عن صفقة بين موسكو وواشنطن في وجه إيران تتضمن إنهاء مصير الوجود الأمريكي في التنف ما زال مصدرا للأخبار بين الفينة والأخرى، وعلى اعتبار أن حديث ترامب المتغير عن انسحاب أمريكي قادم من شرق الفرات هو مصدر قلق لحلفائه من قوات سورية الديمقراطية هناك، ما يفتح الحديث من جديد عن بداية مفاوضات شاقة لتلك الجهة مع النظام في دمشق لتحديد مصير تلك المنطقة لصالح عودة رمزية للنظام هناك. في حين أن الحديث عن مصير منطقتي درع الفرات وعفرين لا يتعدى تخمينات غير واقعية على اعتبار أن المنطقتين ظهرتا نتيجة لصفقتين روسية تركية، وفيما يبدو أن الصفقتين لن تنتهيا إلا بقرار روسي حصري، ولا قدرة للنظام في التدخل بها. المنطقة الأخيرة التي تتوجه الأنظار إليها حالياً أي محافظة إدلب التي يتعايش فيها تنظيم القاعدة بتسميته المحدثة «هيئة تحرير الشام «مع التشكيلات المتعددة للمعارضة العسكرية الإسلاموية في مجملها، والمدعومة بالنقاط العسكرية الأثني عشر للجيش التركي هناك، تظهر المخاوف المشروعة حول مستقبلها لدى كل الأطراف المؤثرة في الملف السوري عالمياً. إدلب المكتظة بالنازحين والمهجرين مثار جدل واسع من تداعيات مخيفة في حال بدأ النظام والروس أي عمليات عسكرية هناك. وبينما تتحدث الأمم المتحدة عن احتمالية نزوح أكثر من مليوني شخص باتجاه تركيا في حال بدأت الحرب هناك، تأتي الأخبار عن احتمال عقد صفقة بين روسيا وتركيا بعد أن أصبحت الأخيرة أقرب للروس منها للأمريكيين لقضايا متعددة تحد بموجبها من نفوذ الجماعات المتطرفة في المحافظة، وتوقف دخول قوات النظام إلى تلك المناطق حتى يتم وضع تسوية حل شامل للمحافظة، وهو ما يشكك فيه الكثيرون على اعتبار أن تركيا لا تملك تلك القوة لوقف جبهة النصرة وحلفائها المتمرسين في القتال في تلك المحافظة المهمة التضاريس، ولكون تركيا البعيدة عن الغرب حالياً لا تملك الكثير من الخيارات في وجه الرغبات الروسية، وهو ما يعيد مجدداً ملف التدخل العسكري للنظام هناك، ويفتح مخاوف الغربيين والدول الإقليمية من تجدد قضية اللاجئين السوريين لصالح حلها داخل سوريا، ولو كان ذلك الحل يعزز من قوة ونفوذ النظام الذي يكرهونه، ويضعف من وجود ما تبقى من المعارضة وغيرها من الجهات التي تناهض الأسد ودون اكتراث حقيقي بمصير اللاجئ نفسه. الجنوب للنظام في الفترة الوجيزة الماضية حقق النظام انتصارات سهلة في الجنوب والجنوب الغربي من البلاد، ووسع من مساحة سيطرته على المناطق المتمردة عليه، ورفع، وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان مساحة سيطرته بعد عودته لكامل محافظة القنيطرة المحاذية لإسرائيل ودرعا المجاورة للأردن من خمسين في المئة إلى ستين في المئة من مساحة البلاد، وبتكلفة بشرية وعسكرية قليلة. كانت المعارضة تمني النفس بالحماية الطويلة لمنطقة وجودها في درعا بعد اتفاق لتشكيل منطقة خفض التصعيد هناك حيث اتفقت روسيا مع الولايات المتحدة والأردن في تموز/يوليو عام 2017 على وقف إطلاق النار هناك. لكن الضجيج في الأردن نتيجة الوضع الاقتصادي المنهك، والذي يحاول الكثير من الساسة تحميل اللاجئين السوريين المسؤولية الرئيسية عنه، وعدمية الجماعات المعارضة في الجنوب السوري لصالح عدم قدرتهم على إحداث التغيير الكبير ضد النظام، ولظهور ملف «داعش» في محيط نهر اليرموك، ولرغبة الإسرائيليين في رسم خط استقرار برعاية روسية على حدودها في الجولان وطرد إيران عن حدودها، ولتحويل الدول الخليجية اهتمامها إلى اليمن في صراعهم مع إيران، ولرغبة واشنطن في فك ارتباطها مع المعارضة السورية وتركيزها على الشمال الشرقي السوري فقط، بالإضافة لرغبتها مع إسرائيل في تسليم ملف سوريا لروسيا لتحجيم إيران، كل هذه العوامل السابقة سهلت وصول النظام للحدود الأردنية الإسرائيلية. الضغط على النظام الملكي في عمان من الداخل ورغبته في إنعاش اقتصاده من خلال الفتح الرسمي لمعبر نصيب المهم اقتصادياً سهل للنظام فتح قنوات من خلال موسكو لمنع الأردن من دعم المعارضة، ولفك ارتباطه باتفاق خفض التصعيد معه. المعارضة التي تلقت رسالة سلبية من الضامن الأمريكي استسلمت للوقائع، وسهلت وصول النظام من خلال اتفاقات تسليم منفصلة، ومن خلال الخروج للشمال السوري للرافضين منهم للبقاء تحت حكم نظام دمشق. وبعد عودة النظام لتلك المناطق تحدثت الأخبار عن عودة عشرات الآلاف من النازحين الحديثي الوصول للحدود مع إسرائيل والأردن. وبدأ يسطع الحديث من موسكو وعمان عن ضرورة تأمين تسهيل عودة اللاجئين السوريين الموجودين في الأردن للبلد، مقابل تطبيع الأردن المتحفظ حتى اللحظة على الصعيد الرسمي والمتقبل لفتح ملف عودة اللاجئين للبلاد للعلاقات الرسمية مع النظام حسب خطة الروس. موسكو تستفيد المخاوف والحساسية اللبنانية من اللاجئين، وزيادة العدائية الشعبية لوجودهم هناك، وتعب الغرب من التهديدات التركية لهم بفتح الحدود للاجئين السوريين لاجيتاحها، والإنهاك الاقتصادي للأردن، وانتشار حركات اليمين المتطرف في العالم الغربي، وخاصةً مع وصول اليمين السياسي للسلطة في دول مثل إيطاليا، والنمسا، ومعظم وسط أوروبا، وتوسعه في فرنسا وألمانيا، يفتح شهية الفاعل الروسي في سوريا لفتح ملف إعادة إعمار البلاد مع كل هؤلاء في مقابل تسهيل عودة اللاجئين، ولتخفيف مخاوف هؤلاء من ظهور سيول جديدة من اللاجئين السوريين والهاربين من الأوضاع السيئة في بلدهم الأصلي حسب الروس. وظل الغرب يمانع فتح ملف إعادة الإعمار لوجود الأسد على رأس السلطة حتى اللحظة رغم المطالبات الروسية المستمرة والساعية لإعادة تعويم النظام دون تسوية سياسية شاملة. ولكن، مع المستجدات، وصعود موجة العداء للاجئين في الدول الإقليمية المحيطة بسوريا، والغربية التي تعاني من مشاكل في الهوية، بدأت بعض الأصوات تظهر تقبلها للوقائع، وتفضل ترك مصير الحل السياسي بيد روسيا حتى أن بعض الأحزاب السياسية اليمينية تدعو لتطبيع العلاقات مع النظام السوري تحت يافطة محاربة الإرهاب وغلق ملف اللاجئين نهائياً. لبنان الذي يحاذي سوريا ويعاني من استقطابات سياسية عميقة حاول منذ اللحظة الأولى دفع اللاجئين للعودة رغم التحذيرات الأممية لمخاطر العودة تلك دون تسوية قانونية وسياسية لأوضاعهم، في حين ان تركيا التي قامت بالفعل بإعادة البعض القريب منها إلى منطقة درع الفرات تعمل حالياً على توطين غيرهم في عفرين بغية الوصول إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للسكان هناك أي عودة بغية الاستثمار والنفوذ ليس إلا. فيما يبدو ان ملف اللاجئين السوريين في الوقت الحالي والقريب سيكون هو المنفذ الذي ستسعى روسيا من خلاله الوصول إلى تعويم النظام من جديد، وهو الطريق الوحيد المتوفر حالياً الذي سيحاول من خلاله النظام وحليفه الروسي دفع الغرب الغاضب من روسيا بالمجمل لفتح ملف إعادة الإعمار، والعمل على تنشيط وضعه الاقتصادي، وهو مع كل تلك التفاصيل ينسى فيما يبدو وضع اللاجئين الصعب في مكان تواجدهم في دول الجوار السوري. وينسى أيضاً، حقيقة ان هؤلاء يستحقون بعد كل هذه السنوات الصعبة التي عاشوها تأمينا قانونيا وسياسيا لهم عند العودة، خاصةً، ان البازار السياسي على قضيتهم فيما يبدو تقبل كل شيء سوى النظر إلى احتياجاتهم المشروعة. 11HAD ملف اللاجئين المنفذ الروسي لتعويم النظام في دمشق براء صبري |
عبد المنعم العمراني مدير مكتب قناة «الجزيرة» في المغرب: شهادة عن عنصرية الاحتلال هي أدنى ما يمنحه صحافي للشعب الفلسطيني المحاصر Posted: 04 Aug 2018 02:12 PM PDT يوم الأحد الماضي، 29 تموز/يوليو، كانت سفينة تحالف اسطول الحرية تعب مياه البحر المتوسط نحو قطاع غزة، برسالة رمزية لفك الحصار عن مليوني إنسان فلسطيني يعانون منذ أكثر من 11 عاما حصارا إسرائيليا لا إنسانيا. خارج المياه الإقليمية الفلسطينية، قامت القوات البحرية الإسرائيلية بعملية قرصنة جديدة، هاجمت السفينة واعتقلت الناشطين عليها واحتجزتهم ليعانوا في سجونها ما يعانيه آلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كان من بينهم الزميل عبد المنعم العمراني مدير مكتب قناة «الجزيرة» في المغرب، الذي يروي لـ«القدس العربي» تفاصيل هذه المعاناة. ○ كيف ولدت فكرة سفينة جديدة في اسطول الحرية؟ • بدأ «تحالف اسطول الحرية» استعداداته لرحلة هذا العام من أجل كسر الحصار على غزة أواخر السنة الماضية في النرويج والسويد. والتحالف يجمع عددا من جمعيات المجتمع المدني المتفرقة والمنتمية لدول كثيرة من العالم. يقومون بمثل هذه الرحلات، مرة كل سنة أو سنتين، من أجل الاستمرار في إثارة انتباه العالم وحكومات الدول الغربية إلى الحصار اللاأخلاقي والظالم الذي تفرضه إسرائيل على 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة، في تعارض صارخ مع مقتضيات القانون الدولي. ○ تم تكليفك بتغطية رحلة السفينة، ألم يخطر في بالك ما عاناه زملاء سابقون في السجون الإسرائيلية؟ • تلقيت اقتراح مسؤولي قناة «الجزيرة» بالمشاركة في رحلة كسر الحصار كصحافي مطلع شهر رمضان الماضي. ترددت شيئا ما قبل أن أوافق، بعد الحديث إلى بعض الأصدقاء المقربين، اتخذت قراري ووضعت زوجتي وأولادي وأهلي أمام الأمر الواقع، وأقدم لهم اعتذاري على القلق الذي عاشوا فيه أثناء الرحلة وخاصة أثناء مدة الاعتقال. قبل الرحلة، قلت مع نفسي «لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا» وهنا أريد أن أشير إلى أمر هام: أنا لست ببطل، الأبطال هم الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة وأدنى ما يمكن لصحافي مثلي أن يمنح لهم هو أن يقدم للجمهور شهادة أخرى عن معاناتهم وعن غطرسة وجبروت وعنصرية «الدولة الإسرائيلية». ○ الانطلاق كان من ميناء باليرمو الإيطالي؟ • يوم 16 تموز/يوليو سافرت من الدار البيضاء إلى روما ومنها إلى ميناء باليرمو في جزيرة صقلية الإيطالية. هناك كانت ترسو سفن الأسطول: «العودة» و «الحرية» و «فلسطين» وأمضينا أربعة أيام في ورش خاصة للتعريف بمهمة أسطول الحرية وفي تدريبات على كيفية التعامل مع الحياة أثناء الإبحار وفي طرق التعامل مع احتمال تعرض السفن للقرصنة من قبل الجيش الإسرائيلي. ولما ينتظرنا في حالة ما إذا اعتقلنا من استنطاقات واستفزازات واحتمال أن نتعرض للتعنيف وربما للأسوأ. كانت هذه الاجتماعات تشرف عليها مجموعة من نشطاء تحالف أسطول الحرية وقباطنة البواخر، ومنهم من سبق له أن شارك في رحلات سابقة ويعرف الكثير عن سجون إسرائيل وعن أساليب الكذب والخداع التي يستعملها الإسرائيليون عندما يقتادونك إلى معتقلاتهم. ○ سفن قديمة ورجال طاعنون في السن وعليكم ان تتحملوا مشاق البحر ومواجهة احتمالات؟ • سفينة «العودة» التي كنت على متنها هي في الأساس سفينة صيد نرويجية، يعود تاريخ بنائها إلى عام 1964. طولها حوالي 19 مترا وتتألف من ثلاثة مستويات: في الأسفل غرفة المحرك وغرفة أخرى لتخزين مؤن الرحلة وأيضا المساعدات الطبية التي كان يفترض تسليمها لأهالي غزة، في المستوى الأوسط يوجد مكان صغير عبارة عن فضاء لإعداد الطعام، وفي المستوى نفسه توجد مراتب خشبية هي أماكن النوم أو لنقل غرف كل واحد من المشاركين. طولها وعرضها هو بطول وعرض سرير نوم لشخص واحد من تلك التي كنا ننام عليها في الأحياء الجامعية. عليها تنام وأنت محاط بأغراضك الشخصية التي تقع عليك مسؤولية الحفاظ عليها أثناء رحلة الإبحار. كنا 22 شخصا على متن «العودة» منهم أربعة صحافيين: أنا وزميلي مصور «الجزيرة» مروان متيجي وهو جزائري، وصحافي أسترالي اسمه كريس، وآخر من سنغافورة اسمه جيسون. البقية هم الناشطون المتضامنون ومنهم أعضاء طاقم السفينة وعلى رأسهم هيرمان ريكستون، قائدها وربانها الأول: شاب من النرويج عمره 28 سنة سبق وأن شارك واعتقل في رحلات سابقة، شديد الذكاء ومناهض للصهيونية ويؤمن بأن تغيير أي واقع بئيس وغير عادل يمر عبر نضال الإنسان من أجل تحقيق ما يرى أنه عدلا. جنسيات المتضامنين متعددة: الأغلبية كانت من النرويج والسويد، ولكن كان هناك متضامنتان من إسبانيا (لوسيا وإيميليا، وهما ممرضتان) ومشاركة بريطانية من أصل ياباني اسمها الدكتورة سوي، وهي طبيبة تبلغ من العمر 70 سنة أو يزيد. كما كان هناك مشاركان من إسرائيل هما جوناثان شبيرا وزوهارشامبرلين، ومشاركون من كندا والولايات المتحدة ونيوزيلندا والدنمارك وفرنسا وماليزيا، أما معدل الأعمار على المركب فهو حوالي 56 سنة. أصغر مشارك ربما يبلغ عمره 27 سنة وأكبرهم عالمة اجتماع نرويجية اسمها غيرد وعمرها 75 سنة أو أكثر. ○ الأيام الأولى في البحر كانت تداول الحكايات وتمضية الوقت استعدادا للوصول إلى غزة أم للاعتقال؟ • إسرائيل وكعادتها كانت تمارس ضغوطا على الحكومة الإيطالية من أجل عدم السماح للأسطول بالإبحار. ولكن في الديمقراطيات الغربية هناك أيضا السلطات التي يتمتع بها رؤساء المجالس البلدية المنتخبة ومنهم عمدة باليرمو الذي عبر عن تضامنه مع الأسطول وقدم له كل الدعم والمساندة الممكنة. ومع ذلك تطلب الأمر شيئا من التمويه قبل مغادرة ميناء باليرمو في اتجاه ميناء إيطالي آخر هو ميسينا. لكن سفينة العودة لم تدخل ميسينا وإنما انطلقت بمحاذاة سواحل صقلية إلى أن وصلنا للمياه الدولية ومنها أبحرنا في اتجاه غزة. أما البحر الأبيض المتوسط فعلى الرغم من الانطباع الذي تتركه لدينا الأخبار القادمة من خضمه عن اللاجئين والمهاجرين ونعتبر مخطئين أنه صغير، فهو بحر كبير ومترامي الأطراف. أبحرنا تسعة أيام وفي اليوم التاسع وقع الهجوم. قبل ذلك مرت بعض اللحظات العصيبة خاصة عندما تعطل المحرك في إحدى الليالي وكان البحر هائجا بشكل غير عادي وبقينا لساعات تتقاذفنا الأمواج إلى أن تمكن المهندس النرويجي أرنيه، من إعادة تشغيل المحرك لننطلق من جديد. كان المشاركون يتقاسمون القيام بأعمال متعددة يجب القيام بها على متن الباخرة، كل واحد له دوام معين من أربع ساعات، ثم يستريح أربع ساعات أخرى ليعود للقيام بواجباته لأربع ساعات أخرى وهكذا دواليك. أحيانا يشعر البعض بالملل أو بدوار البحر أو برهبة ما قد سيحدث، ولكن يتدخل آخرون لشحذ الهمم أو للترويح عن النفوس بإثارة ذكريات ما أو حكاية مواقف معينة، ثم هناك النقاشات السياسية والاجتماعية عن القضية الفلسطينية وعن قضايا بلد كل واحد منا وعن الأسباب التي دفعته للمشاركة في الرحلة. ○ هل كان الاحتكاك الأول بالإسرائيليين مفاجئا لكم؟ • يوم الأحد 29 تموز/يوليو تلقت سفينة العودة أول اتصال لاسلكي من البحرية الإسرائيلية في حدود الساعة 12 بتوقيت غرينيتش. طلبوا فيه من السفينة أن تحدد وجهتها وأن تغير مسارها لأنها تدخل منطقة حظر دولي. كنا حينها في المياه الدولية على بعد حوالي 45 ميلا بحريا من شواطئ فلسطين. جواب مساعد قائد «العودة» وهو بحار دانماركي اسمه ميكيل، متخصص في قانون البحار كان حازما: «نحن سفينة نرويجية، ترفع علم النرويج، وتبحر في المياه الدولية، وتمارس حقها في المرور البريء وهو حق يكفله القانون الدولي… وجهتنا تخصنا… لا علاقة لنا بالبحرية الإسرائيلية وليس للبحرية الإسرائيلية الحق في سؤالنا أو استفسارنا عن أي شيء كان». ظل ميكيل يردد هذا الجواب في حواره مع البحرية الإسرائيلية لمدة ساعتين وربع تقريبا، قبل أن يأتي تحذير إسرائيلي بأننا قد نتعرض لعواقب ما، يتحمل قبطان السفينة مسؤوليتها. بعد التحذير مباشرة، بدأت تبدو لنا في الأفق من خلفنا سفينة عسكرية من نوع «كورفيط» قبل أن تظهر سفينة من النوع نفسه على يميننا أي على الجهة الجنوبية وأخرى على يسارنا أي على الجهة الشمالية. كنت حينها بصدد إجراء اتصال رابع بغرفة الأخبار في الدوحة عبر هاتف يعمل بالأقمار الاصطناعية وما هي إلا لحظات حتى انقطع الاتصال ولم يعد ممكنا، ثم بدت لنا قطع بحرية متنوعة، أصغر حجما من السفن الثلاث، كانت تسرع في اتجاهنا. أحصينا أنا والزميل كريس 10 إلى 12 قطعة بحرية من مختلف الأحجام، ثم تمت المداهمة وتوقيف السفينة والسيطرة عليها نهائيا وهي على بعد 40 ميلا بحريا من شواطئ فلسطين، في المياه الدولية، وهذا يعتبر بمثابة عملية قرصنة طبقا للقانون الدولي، وتم ذلك بعد تعنيف قائدها هيرمان الذي تعرض للضرب في وجهه وبطنه وأرجله عدة مرات. كما تعرض مساعده شارلي لصعقات بالمسدس الكهربائي خمس مرات، وتلقى النقابي النيوزلندي مايك صعقتين اثنتين الأولى في عنقه والثانية على خده الأيسر. كما تعرض جميع النشطاء والركاب إلى التعنيف والدفع والسب والشتم. وبعد أن أجلسونا في الجزء الخلفي من السفينة، أفرغوا جيوبنا وحقائبنا الصغيرة من أغراضنا الشخصية مثل حافظات النقود والبطائق وجوازات السفر وساعات اليد وعلب السجائر والولاعات… الخ. وكان عليهم إعادة تشغيل المحرك الذي كان هيرمان قد أوقفه، والوحيد الذي يمكنه القيام بذلك هو المهندس النروجي أرنيه، لكنه رفض، ليعود ويشغل المحرك بعد أن هدده الإسرائيليون بأنهم سوف يعذبون القائد هيرمان ويلقون به في البحر. ثم بدأت رحلة الاختطاف إلى ميناء أشدود الإسرائيلي الذي لم نصله إلا بعد حوالي ست أو سبع ساعات، ونحن جالسون على الأرض، تحت شمس حارقة، يحرسنا جنود ملثمون ومدججون بأسلحة متنوعة، وتحيط بنا من كل جانب سفن الحرب الإسرائيلية. ○ كان التعامل معك كصحافي أو ناشط مغربي؟ • في ميناء أشدود كانت الآلة الإعلامية والاستخباراتية لجيش ودولة الاحتلال كلها حاضرة، كاميرات ومصورون بلباس عسكري في كل مكان. وصلنا إلى هناك في حدود الساعة 11 ليلا بتوقيت فلسطين، تفتيش دقيق لأول مرة، ثم فحص طبي، ثم استنطاق عن دوافع القدوم لإسرائيل. شخصيا كان جوابي هو أنني صحافي ولم آت لإسرائيل وإنما تم اختطافي في المياه الدولية وتجريدي من جواز سفري ومن أشيائي الشخصية واقتيادي إلى أشدود ضدا على إرادتي. بعدها كان هناك تفتيش آخر أكثر تفصيلا، ثم ترحيل على دفعات من أربعة إلى خمسة أشخاص إلى معتقل «جيفعون». وصلناه في حدود الساعة الرابعة صباحا من فجر يوم الاثنين 30 تموز/يوليو تفتيش جديد، ثم وضع في الزنازين مع قطعة رغيف باردة وحبة خيار. ○ عوملتم كأسرى أم كمحتجزين؟ • أثناء الاحتجاز في المعتقل كانت هناك تحقيقات مستمرة، ودائما الأسئلة التي ذكرتها نفسها، ولكن كنت أشعر بأنهم يريدون التخلص منا بأسرع وسيلة، لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم لصوص، سرقوا أرضا ليست أرضهم وشردوا شعبها. ثم تم عرضنا على قاض قال لنا بأنه حدد جلسة أولى للمحاكمة يوم الأربعاء 1 اب/أغسطس، ولكن قبل يوم الجلسة زارنا محام من جمعية «عدالة» وقال بأنهم يريدون ترحيلنا، كل إلى بلد جواز سفره، قبل انقضاء المدة المنصوص عليها في القانون الدولي وهي 72 ساعة. ويوم الثلاثاء 31 تموز/يوليو، تم اقتيادي في المساء إلى معتقل تابع لمطار بن غوريون، هناك سلمت لي حقيبة ملابسي، وفي صباح الأربعاء 1 اب/أغسطس تم اقتيادي للمطار حيث خضعت من جديد لتفتيش مفصل ودقيق، قبل أن أصعد لطائرة مصرية، جواز سفري سلم لطاقم الطائرة، وحينها علمت أنه يتم ترحيلي للدار البيضاء عبر القاهرة، التي مكثت فيها لحوالي 7 ساعات. هناك حقق معي الأمن المصري، الذي تصرف بشكل لبق ولكن كان واضحا أنه يريد التخلص بشكل يخلي مسؤوليته أمام الدولة التي وضعتني في طائرته، أي إسرائيل. بعد الوصول إلى الدار البيضاء تم تسليمي للأمن المغربي الذي كان تصرفه جيدا وأنهى الإجراءات الأمنية المتبعة في مثل هذه الحالات بسرعة كبيرة. ○ هل من كلمة أخيرة؟ • إسرائيل تحاصر غزة منذ سنوات، وتمنع أهالي غزة وصياديها من الحياة الكريمة. أسطول الحرية لعام 2018 كان هدفه تسليم مساعدات طبية لمستشفى الشفاء في غزة وإهداء باخرة الصيد «العودة» لصيادي غزة. هؤلاء الصيادون تمنعهم إسرائيل من تجاوز 3 ميل بحري عندما يبحرون من ميناء غزة، الذي يعتبر الميناء الوحيد في المتوسط الذي ليس فيه أي نشاط تجاري. قانون البحار يقول إن المياه الإقليمية لأي بلد أو إقليم هي 12 ميلا بحريا، وإسرائيل اختطفت سفينة «العودة» على بعد 42 ميلا بحريا من شواطئ فلسطين، في عرض المياه الدولية، وهذه عملية قرصنة يعتبرها خبراء القانون الدولي إعلان حرب على الدولة التي كانت السفينة المختطفة ترفع علمها. 11HAW عبد المنعم العمراني مدير مكتب قناة «الجزيرة» في المغرب: شهادة عن عنصرية الاحتلال هي أدنى ما يمنحه صحافي للشعب الفلسطيني المحاصر حاوره: محمود معروف |
لماذا ينشط تنظيم «الدولة» غرب الموصل؟ Posted: 04 Aug 2018 02:11 PM PDT الموصل ـ «القدس العربي»: لم تزل الحملة التي أطلقتها القوات العراقية قبل أربعة أسابيع غرب الموصل مستمرة عقب نشاط ملحوظ لعناصر تنظيم «الدولة» في تلك المناطق وخصوصا «تلال العطشانة» الواقعة غرب المدينة، التي يعتقد مسؤولون أمنيون أنه تختبئ فيها خلايا نشطة تابعة للتنظيم، وذلك لطبيعتها الوعرة وغير المأهولة وكذلك موقعها الجغرافي القريب جدا من مركز مدينة الموصل ومن عشرات القرى المحيطة بها. ويروي لـ»القدس العربي» المواطن العراقي (ف ش) (49 عاما) من قرية البغلة، التابعة لناحية بادوش غرب الموصل، أنه استيقظ فجرا على أصوات طرق الباب الداخلي بشدة، فإذا بجنود عراقيين يصيحون [افتح الباب تفتيش]. ويضيف «شعرت بالخوف الشديد وانتابتني مشاعر متضاربة بين فتح الباب من عدمه، كون المسلحين الذين قتلوا المختار في قرية مجاورة لنا قبل أيام جاءوا بزي قوات أمنية، وكنت أسأل نفسي هل هؤلاء حقيقيون أم مزيفون؟ ثم قطعت تفكيري طرقات الباب التي كادت تخلعه من مكانه وكانت مصحوبة بصرخات [افتح الباب] فقررت فتحه مستسلماً لخوفي من العواقب». ويقول «فلما فتحته تعرضت لعدة لكمات وتوبيخ على تأخري في فتح الباب، حاولت أن أشرح لكن الكلام ضاع وسط ضجيج الجنود وهم يطالبوني أن أعزل النساء عن الرجال ويسألوني عن الدواعش الذين يراجعون القرية». يضيف «أخذوا هوياتنا [بطاقاتنا الشخصية] وتأكدوا من أسمائنا في سجلات المطلوبين، ويدي على قلبي خوفا من أن يكون اسمي متشابها مع أحد المطلوبين، فلما تبيَّن سلامة موقفنا الأمني خرجوا وتركونا». وقد «سألت أهل القرية في الصباح بعد انتهاء عمليات التفتيش فتبين أنهم اعتقلوا اثنين بحجة تشابه أسمائهم مع مطلوبين أمنيين». حملة عسكرية وبدأت الحملة العسكرية بعد اقتحام مسلحين الشهر الماضي قرية تل خيمة التابعة لناحية بادوش، غرب الموصل وقتل مختار القرية مع ثلاثة من أبنائه ثم وضع عبوات ناسفة في سيارتين تابعتين لمختار القرية وتفجيرهما. وقال مصدر أمني في حديث صحافي لبعض الوسائل الإعلامية «أن مسلحين ينتمون لتنظيم «داعش» يرتدون زيّا عسكريا اقتحموا منزلا في قرية تل خيمة التابعة لبلدة بادوش غرب الموصل وقتلوا رب العائلة وثلاثة من أبنائه داخل المنزل بعد أن جرى عزلهم عن بقية أفراد الأسرة». وقد كتب المسلحون بدماء القتلى على حائط منزلهم «باقية بإذن الله» في إشارة إلى الشعار الذي يستخدمه دائما أفراد تنظيم «الدولة». وقال قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري في تصريح لوكالات محلية أن «القوات العراقية من الجيش والشرطة والحشد أطلقت حملة عسكرية لتطهير قرى غرب الموصل وتلال العطشانة من فلول التنظيم الإرهابي». وأضاف «أن الحملة المستمرة أسفرت عن اعتقال 22 إرهابيا كانوا يقومون بزيارة لأهاليهم في بلدة بادوش ومحيطها لغرض رؤيتهم وتموين أنفسهم». وقال «أن معلومات من أهالي المنطقة أوصلتنا للقبض عليهم» مشيراً إلى أن «التحقيقات الأولية أظهرت أن العناصر المقبوض عليهم كانوا ينوون تعكير الأمن في بعض المناطق، لكن يقظة القوات الأمنية (حسب قوله) حالت دون تنفيذ أي عمليات تستهدف القوات الأمنية والأهالي». رتل يتعرض لإطلاق نار اللافت أن رتلاً للقوات العراقية وأثناء الحملة العسكرية الحالية تعرض لإطلاق نار كثيف بالقرب من قرية الشيخ يونس، غرب الموصل حسب شهود عيان من القرية، ثم تبنى تنظيم «الدولة» العملية قائلا عبر وكالة أعماق: «الاشتباك مع رتل للجيش الرافضي في قرية الشيخ يونس جنوبي الموصل يوم أمس، أدى إلى هلاك أحدهم وإصابة 4 آخرين، ولله الحمد» ورفضت القوات العراقية التعليق على الحادثة مكتفية بالقول أن قواتها ما زالت تقوم «بعمليات تطهير لملاحقة عناصر داعش الفارين». وكنا سألنا أحد السكان المحليين (س ك) في قرية تل كيصوم، غرب الموصل والمجاورة للقرية التي وقع فيها حادث استهداف رتل للقوات العراقية بإطلاق نار من أسلحة خفيفة فقال لنا: «سمعنا عصرا أصوات إطلاقات نارية بينما كانت القوات العراقية تقوم بتفتيش التلال والوديان القريبة من قرانا، وحسب خبرتنا العسكرية فإن أصوات إطلاق النار التي صدرت أولا كانت من أسلحة (بي كي سي) و(كلاشنيكوف) في اتجاه عدد من آليات القوات العراقية المتمركزة فوق إحدى التلال»، ويضيف «ثم ردت القوات العراقية على الفور بإطلاق نار جنوني في جميع الاتجاهات لأنها على ما يبدو لم تحدد مصدر الإطلاقات، وقد اصطدم الكثير من الرصاص بحيطان منازلنا مما أحدث حالة ذعر شديد داخل القرية». وكشف عضو مجلس نينوى حسام العبار في حديث لوكالة محلية أن «قيادات عدة في داعش ما زالوا في مدينة الموصل مختبئين في أنفاق تحت الأرض في المناطق الغربية»، لافتاً إلى أن «هذه المناطق تمتاز بالوعورة ويصعب العثور على أنفاقها» وهو الأمر الذي تحدث عنه مسؤولون عراقيون بالقول أن تلال العطشانة، الواقعة غرب الموصل تمثل ملاذا آمنا لمسلحي تنظيم «الدولة» مشيرين إلى غياب أي نقاط عسكرية للقوات العراقية في تلك المنطقة وهو ما يسهل تحركات المسلحين لاستهداف المناطق المرتبطة أو القريبة من تلك التلال. عمليات أمنية غرب الموصل وكانت مناطق غرب الموصل شهدت العديد من الأحداث الأمنية بعد إعلان القوات العراقية بدعم التحالف الدولي تمكنها من هزيمة تنظيم «الدولة» في 10/7/2017 داخل مدينة الموصل، ففي شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام هاجم مسلحون نقطة تفتيش تابعة للحشد الشعبي قرب ناحية بادوش غرب الموصل وقتلوا ستة عناصر من أفراد النقطة، وفي السياق نفسه هاجم مسلحون منزل أفراد في الحشد العشائري في حي التنك، غرب الموصل في شهر آذار/مارس وقتلوا عنصرين من الحشد، ثم نشر تنظيم «الدولة» تقريرا مصورا يتبنى فيه تنفيذ العملية ويظهر الأوراق الثبوتية وبعض مقتنيات وأسلحة القتيلين. وفي منطقة مجاورة بعد فترة من هذه الحادثة هاجم مسلحون مجهولون منزل قيادي في الحشد في منطقة رجم حديد، فأردوه قتيلا وسط عائلته. وقال سكان محليون من تلك المناطق أن عمليات أمنية تقع بين الفينة والأخرى في مناطقهم تستهدف القوات العراقية التي بدورها تشن حملة اعتقالات عشوائية للبحث عن منفذي تلك العمليات، وطالب السكان القوات الأمنية أن تتحرى الدقة في حملات الاعتقال وأن لا تصب جام غضبها على من لا ناقة له ولا جمل في الأمر، وان لا تحاول تسجيل مواقف مزيفة على حساب الأبرياء، معبرين عن قلقهم من تكرار سيناريو ما قبل 2014 الذي سبب شرخا كبيرا بين القوات الأمنية والسكان نتيجة للاعتقالات العشوائية والمداهمات والسيطرات وغيرها. لماذا غرب الموصل؟ يشار إلى أن الطبيعة الوعرة لتلك المنطقة المتمثلة في التلال الممتدة على طول الجانب الغربي الملاصق لمركز مدينة الموصل وارتباطه بقرى كانت معاقل لتنظيم «الدولة» قبل 2014 وكذلك امتدادها إلى عمق الجزيرة في اتجاه الحدود العراقية السورية حيث يتحرك التنظيم هناك بنوع من الأريحية، وأسباب أخرى تجعل مناطق غرب الموصل تشكل بيئة حاضنة لأفراد التنظيم ومخابئ توفر حماية طبيعية لهم للتخفي ومهاجمة أهدافهم داخل مركز الموصل الغربي أو القرى القريبة من تلك المناطق لاستهداف المتعاونين مع القوات العراقية لأجل خلق حالة من الخوف والذعر بين الأهالي وبالتالي سكوتهم عن أي نشاطات قد يشاهدونها هناك للتنظيم وهو عين ما حصل قبل سيطرة التنظيم على مساحات شاسعة من العراق في العام 2014. ويقول مراقبون أن سبب تركيز التنظيم على تلك المناطق هو تعويله على الحاضنة الشعبية التي كانت موجودة قبل 2014 في قرى غرب الموصل وجنوب غربها، وكذلك في الأحياء الغربية من جانب الموصل الأيمن كأحياء مشيرفة وتموز والهرمات والتنك ورجم حديد وغيرها، إذ أن أرتال التنظيم أثناء هجومه في حزيران/يونيو 2014 مرت عبر هذه القرى ثم دخلت حصرا من تلك الأحياء التي كان يرى فيها التنظيم حواضن شعبية له، لكن آخرون قالوا أن ما يعول عليه التنظيم لم يعد موجودا، لاختلاف الحال بعد حكم التنظيم مدينة الموصل لثلاث سنوات، تعرض فيها الأهالي لضغوطات أمنية وحصار اقتصادي وممارسات متشددة وما صاحب معركة الموصل من أحداث قتل للهاربين جعلت تلك الحواضن تتلاشى، كما أن تجربة الحرب القاسية في الجانب الأيمن جعلت لا أحد مستعدا لخوض غمار تلك التجربة مرة ثانية، فضلا عن العقوبات الشديدة التي قد يتعرض لها كل من يثبت تعاونه ولو بشعرة مع التنظيم من قبل الأجهزة الأمنية العراقية. الحشد يطلق عملية أخرى وفي سياق متصل قالت قوات الحشد الشعبي الحشد أنها أنهت تطهير 40 كم من «عمق صحراء الحضر غرب الموصل» مبينة «أن القوات باشرت بمسك عدة نقاط في صحراء الحضر فضلا عن انتشار القطعات فيها» وأضافت أن «عمليات التفتيش مستمرة للقضاء على الخلايا النائمة لداعش في الصحراء». يذكر أن مناطق جنوب غرب الموصل شهدت خلال الفترة الماضية هجمات ضد نقاط عسكرية تابعة للحشد وعمليات خطف متكررة لأفراد من عشيرة شمر في منطقة تلول الباج والمناطق المحيطة بها، وكانت أحدث عمليات الخطف حدثت في 20 من الشهر الماضي، حيث صرح مصدر أمني أن تنظيم «الدولة» اختطف خمسة أشخاص من حشد قبيلة شمر في منطقة تلول الباج وأنه لم يُعرَف مكان اختطافهم أو الجهة التي تم اقتيادهم إليها» مشيرا أن «القوات الأمنية باشرت عمليات عسكرية للبحث عن المختطفين». علما أن هذه العملية هي الثالثة من نوعها خلال أقل من شهرين، فقد عثر على ثمان جثث لأفراد من العشيرة نفسها معصوبة الأعين ومقيدة الأيدي ومصابة بإطلاقات نارية في الرأس في الثامن عشر من الشهر الماضي حزيران/يونيو. وبعد ثلاث سنوات من تمكن التنظيم من السيطرة على مساحات شاسعة من العراق، أعلنت القوات العراقية وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في كانون الأول/ديسمبر الماضي استعادة كامل الأراضي العراقية من قبضة تنظيم «الدولة» الذي كان يسيطر على ثلث مساحة البلاد. لماذا ينشط تنظيم «الدولة» غرب الموصل؟ شعار «باقية» يعود للظهور على جدران الموصل خالد الخليل |
الحمامات جوهرة المتوسط وعاصمة السياحة التونسية Posted: 04 Aug 2018 02:11 PM PDT تونس ـ «القدس العربي»: الحمامات مدينة تونسية متوسطية خلابة. تطل على خليج الحمامات الساحر، الذي يصنف على أنه واحد من أجمل الخلجان في العالم، وتقع في الشمال الشرقي من تونس ضمن ولاية نابل غير البعيدة عن العاصمة. وهي اليوم قطب سياحي هام في البحر الأبيض المتوسط، حازت على شهرة واسعة بفعل منتجعاتها الحديثة وفنادقها الراقية وملاهيها وأماكن ترفيهها الصاخبة، وهي في الآن نفسه مدينة تاريخية عريقة جذورها ضاربة في القدم. والمدينة اليوم قبلة ملايين السياح من مختلف الجنسيات يأتونها من كل حدب وصوب للتنعم بهوائها النقي وبحرها النظيف ومناظرها الخلابة. كما أن لها عشاق لأنشطتها الثقافية، ففيها على سبيل المثال ثاني أهم المهرجانات الصيفية الدولية في تونس بعد مهرجان قرطاج الدولي، والذي ينتظم، أي «مهرجان الحمامات» في واحد من أروع المسارح الصيفية من حيث الهندسة والإطلالة على البحر والذي يعتبر أحد مكونات المركز الثقافي في المدينة. ويصعد على ركح هذا المسرح نجوم كبار أجانب وعرب. ويشهد هذا المهرجان إقبالا كثيفا باعتبار أن المدينة تصبح قبلة للتونســـيين من مخـــتـلف أنحـــاء الـبـــلاد، ويمكن اعتبارها العاصمة الصيفية، وباتت قبلة الرؤساء للتــصــييف في السنوات الأخيـرة وكـــانت على الـــدوام محبذة من عموم المواطنين وأشقائهم الجزائريين. جذور ضاربة في القدم منذ عصور ما قبل التاريخ استوطن الإنسان ربوع الوطن القبلي في شمال شرق تونس نظرا لخصوبة الأراضي الزراعية وكثرة المياه إضافة إلى البحر وما يدره من خيرات. فظهرت مدن وتجمعات سكنية كثيرة في هذه المنطقة من تراب الخضراء ونمت وازدهرت وأصبحت مصدر جذب للناس من الجوار القريب ومن الأماكن البعيدة على حد سواء. ففي هذه المنطقة تقع على سبيل المثال مدينة كركوان الأثرية الفينيقية التي سبقت قرطاج من حيث تاريخ التأسيس ثم خضعت لسلطانها شأنها شأن السواد الأعظم من المدن الفينيقية الواقعة شمال افريقيا. حيث هيمنت قرطاج بداية على المستعمرات والمرافئ التي أسسها القادمون من سواحل بلاد الشام ومنها كركوان ومحيطها، ثم أصبحت في عصر ما الحامية لممتلكات صور في المشرق من غزوات الفرس وحتى الإغريق. وكانت منطقة الوطن القبلي التي تنتمي إليها الحمامات مكانا استراتيجيا ذو أهمية لكل راغب في محاربة قرطاج واستهدافها في عقر دارها من الرومان وغيرهم من أعداء القرطاجيين. لذلك ازدادت أهمية المنطقة خلال الحروب البونية بين قرطاج وروما، وهي حروب وملاحم عنيفة كان مسرحها البر والبحر وألهمت الشعراء والرسامين وحتى المؤرخين في الإطناب في الحديث عنها وتصوير أطوارها. وبداية من القرن الأول قبل الميلاد خضعت ما تسمى اليوم تونس بما فيها منطقة الوطن القبلي، إضافة إلى أراض في ليبيا تمتد إلى ما بعد طرابلس الغرب، وأخرى تقع في شرق الجزائر، إلى الإمبراطورية الرومانية، وصارت تسمى مقاطعة افريكا الرومانية وعاصمتها مدينة قرطاج قرب العاصمة التونسية والتي أعاد الرومان بناءها بعد خرابها. فظهرت مدن جديدة على أنقاض المدن الفينيقية منها نيابوليس التي أصبحت تسمى اليوم نابل وباتت عاصمة إقليم الوطن القبلي فيما سميت الحمامات في تلك الحقبة ببوت. ومع انهيار روما وحرقها من قبل نيرون، هيمن الوندال على ممتلكاتها في شمال افريقيا ثم البيزنطيون القادمون من القسطنطينية بتعلة استعادة ممتلكات الإمبراطورية الرومانية الغربية. وحافظت ببوت أو الحمامات على أهميتها باعتبار موقعها الاستراتيجي الهام في الوطن القبلي الذي يطل على خليجين هما خليجا تونس والحمامات، وفي عصور صراعات على الهيمنة على البحر الأبيض المتوسط. وازدادت مدينة الحمامات نموا مع الفتح الإسلامي الذي حصل في القرن الأول للهجرة، حيث جلبت إليها قادمين من جزيرة العرب باحثين عن أراض خصبة ومياه عذبة. واعتنق السكان الدين الجديد وتخلى عدد كبير منهم عن المسيحية التي كانت هي الغالبة خلال الحقبة الرومانية وهو أمر شمل أغلب مدن البلاد خصوصا بعد دخول حسان بن النعمان إلى قرطاج، وأصبحت بالتالي مدينة الحمامات جزءا من ولاية افريقية (تونس اليوم زائدا أجزاء من الغرب الليبي وشرق الجزائر) وعاصمتها مدينة القيروان. ومع صعود هارون إلى الحكم في بغداد استقل بنو الأغلب في القيروان بالحكم عن الخلافة العباسية وخضعت افريقية إلى الدولة الأغلبية ثم الفاطمية فالصنهاجية. ونجت الحمامات من تخريب بني هلال القادمين من المشرق والذين عبثوا بحاضرة البلاد الأولى في ذلك الوقت مدينة القيروان. ولعل أهم المراحل التي عاشتها الحمامات على الإطلاق هي المرحلة التي خضعت فيها لحكم الحفصيين في تونس حيث ازدادت أهميتها في دولة نشأت قوية ومنيعة. وهو ما دفع بأبي زكريا الحفصي في القرن الثالث عشر الميلادي إلى ان يأذن ببناء الجامع الكبير وأسوار المدينة لتكون الحمامات قاعدة متقدمة لصد الغزاة القادمين من البحر وذلك بعد أن بني حصنها الشهير في القرن التاسع للميلاد. وخلال الصراع العثماني الإسباني احتل الأتراك حصن الحمامات، كما احتله الفرنسيون لاحقا خلال عملية بسط نفوذهم على الأراضي التونسية اللاحقة لتوقيع معاهدة باردو سنة 1881. وشهدت الحمامات أحداثا دامية سنة 1952 ضد الاستعمار الفرنسي راح ضحيتها شهداء منهم الطيب العزابي وكان للمدينة دور فعال في معركة التحرير التي انتهت باستقلال تونس سنة 1956 بعد استقلال داخلي حصل في 1955. الأسوار والمعالم بنى الأغالبة الذين استقلوا بحكم افريقية من العباسيين في بغداد، متخذين من القيروان عاصمة لحكمهم، أسوار مدينة الحمامات وذلك في القرن التاسع ميلادي. وأكمل المهمة الصنهاجيون الذين خلفوا الفاطميين المغادرين إلى مصر مع المعز لدين الله وقائده جوهر الصقلي وذلك في القرن الحادي عشر، وتم ترميم هذه التحصينات التي تقي الحمامات الغزوات الخارجية في سنة 1436. ويتحدث بعض المؤرخين عن أن الأجزاء العليا للأسوار أضافها الأتراك العثمانيون عند قيامهم بعمليات ترميم واسعة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. وينطبق الأمر بالنسبة لهم على الحصن ذو الأضلاع الثمانية في هندسته والذي يقع في الجنوب الشرقي للمدينة القديمة وعلى بعض المباني الأخرى داخل هذه المدينة الجميلة في معمارها والتي يطغى على مبانيها اللون الأبيض القادر على امتصاص حرارة الطقس. ولعل اللافت في أبراج وحصون وأسوار مدينة الحمامات القديمة هو قوتها من الجهة البرية وليس من جهة البحر فحسب، باعتبار أن من بين الغزاة كانت هناك قبائل البدو من بني هلال وبني سليم القادمين من جزيرة العرب. هذه القبائل أرسلها الخليفة الفاطمي في مصر انتقاما من بني زيري أو الصنهاجيين الذين استقلوا عن سلطة الفاطميين وأعادوا افريقية أو تونس إلى المذهب السني المالكي عوضا عن الشيعي الاسماعيلي الذي طغى حين كان الفاطميون في المهدية ثم صبرة المنصورية في مدينة القيروان. ويؤكد المؤرخون على أن نجاة مدينة الحمامات، التي لم يشفع لها إسلام أهلها، من غزوات بدو بني هلال، مرده إلى هذه التحصينات البرية اللافتة والتي ميزتها عن عدد من المدن الأخرى التي كان التحصين مركزا فيها على جهة البحر. فالهلاليون أتوا على الأخضر واليابس، إذ خربوا القيروان عاصمة البلاد ونهبوا آثار قرطاج وعبثوا بها وباعوا حجارتها إلى تجار الأندلس لبناء القصور وأفخم المباني في شبه الجزيرة الإيبيرية ناهيك عن استيلائهم بغير حق على الأراضي الزراعية في المناطق الخصبة، حتى أن سكان مدينة تونس التي باتت العاصمة بعد خراب القيروان اضطروا إلى هدم جزء من آثار قرطاج حتى لا يتحصن بها الهلاليون الذين كانوا يغيرون على المدينة. وتضم أسوار الحمامات ثلاثة أبواب هي باب البلد أو باب السوق ويقع في الجنوب الشرقي، وباب البحر الذي يقع في الشمال الغربي وباب القبلي وهو غير موجود اليوم. وكانت هذه الأبواب تغلق في الماضي مساء من أجل أمن المدينة وسكانها وتفتح في الصباح الباكر، كما كانت تغلق قبل صلاة الجمعة وتفتح بعد إتمامها حتى لا تطأ المدينة قدم غريب أو نهاب يستهدف سوقها وبيوتها العامرة. وتضم الحمامات القديمة معالم أخرى كثيرة ومتعددة لعل أهمها الجامع الكبير الفريد في معماره والمتميز ببساطته ولونه الأبيض كما أغلب مباني الحمامات. ويعود بناء هذا المسجد الجامع إلى عهد دولة بني حفص التي هي جزء من دولة الموحدين الذين جمعوا شتات بلاد المغرب في عصر ما كان فيه المغاربيون مهددون بالغزو البحري الأوروبي والغزو البدوي الذي كانت تمثله قبائل بني هلال. وتوجد في المدينة أيضا آثار لحمامات رومانية قيل انها السبب في تسمية المدينة بهذا الاسم، فيما اعتبر البعض أن سبب التسمية يعود إلى وجود الحمام في هذه المدينة ولا علاقة له بالحمامات الرومانية. وتقع هذه الآثار في منطقتي ببوت وبرج الغولة. ويؤكد المؤرخون على أن التنقيب سيكشف عن عديد الآثار والأسرار التاريخية للمدينة التي أسرت قلوب مشاهير العالم واستوطنوها وتركوا بلدانهم الأصلية. الحمامات اليوم أصبحت الحمامات اليوم من أهم مدن البلاد من الناحية الاقتصادية بعد توسعها شمالا لتلامس مدينة نابل وجنوبا لتقترب من بوفيشة التابعة لولاية سوسة بعد بناء مدينة سياحية متكاملة أطلقت عليها تسمية ياسمين الحمامات. وهي تضم فنادق راقية وملاه ومقاه سياحية بحرية وميناء ترفيهيا هو مارينا الحمامات، وأيضا مدينة جديدة بطراز قديم تقليدي فيها أسواق ومطاعم وقاعة مؤتمرات كبرى ومتاحف وأماكن ترفيه وغيرها. كما تضم ياسمين الحمامات مدينة الملاهي «قرطاج لاند» المقتبسة في ألعابها من حضارة قرطاج وتاريخها العريق ما أضفى عليها خصوصية وجنبها أن تكون تقليدا لملاه أخرى منتشرة في العالم. فعلى سبيل المثال توجد في مدخل هذه المدينة مجسمات لجنود القائد القرطاجي حنبعل أو هنيبعل وهم على ظهور فيلتهم لعبور جبال الألب لمحاصرة روما قادمين من شبه الجزيرة الإيبيرية في إطار الصراع بين قرطاج وروما للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط. وتضم أيضا فنادق محلية وأخرى هي جزء من سلسلة عالمية شهيرة منتشرة في كثير من بلدان ومدن العالم. كما بات للحمامات مطار يقع ترابيا في ولاية سوسة لكنه لا يبعد كثيرا عن المدينة هو مطار الحمامات النفيضة الدولي وهو أضخم مطار في البلاد ويفوق في حجمه مطار العاصمة. وعن الأنشطة التي يتعاطاها أهل الحمامات يقول وليد القنوشي، وهو أبن المدينة وباحث في علم الاجتماع، لـ«القدس العربي»: «يتعاطى الحمامية، أنشطة متعددة شأنهم شأن أغلب التونسيين، ففيهم الطبيب والمهندس والمحامي والأستاذ ورجل الأعمال والموظف والتاجر، لكن الأهم هو أنه توجد في محيط الحمامات أراض زراعية خصبة بل لعلها الأخصب في البلاد وهو ما جعل الفلاحة نشاطا أساسيا رغم طغيان النشاط السياحي. فالكثير من الأراضي الزراعية التهمتها المباني والمنتجعات السياحية والفنادق الحديثة وهو ما يطرح نقاط استفهام حول الأولويات في منوال التنمية. كما يتعاطى أهاليها أعمال الصناعات التقليدية التي توظف لخدمة السياحة ولها سوقها في المدينة القديمة ويقبل عليها السياح وزوار تونس من مختلف الجنسيات. وهناك من يعمل أيضا في الصيد البحري باعتبار ما يزخر به خليج المدينة من أسماك متوسطية عالية الجودة تنشأ وتنمو في بيئة نظيفة لا وجود فيها لأي شكل من أشكال التلوث خلافا لبلدان سياحية أخرى تعتقد أنها تنافس الخضراء في هذا القطاع. فأسماك المتوسط التي تعيش في تونس عموما وفي خليج الحمامات خصوصا لا مثيل لها وهي الأساس لأغلب الأطباق الشهية شأنها شأن غلال البحر». الحمامات جوهرة المتوسط وعاصمة السياحة التونسية روعة قاسم |
«كتاب التيجان في ملوك حِميَر» بين كنوزه الثمينة: تراثنا في اليمن السعيدة Posted: 04 Aug 2018 02:10 PM PDT اليمن السعيدة «أرابيا فيليكس» هو الاسم الذي أطلقه الرومان في القرن الأول قبل الميلاد على الجزء الجنوبي الغربي من جزيرة العرب، الذي صار يدعى لاحقاً، في الكتابات العربية، والإسلامية بخاصة، باسم اليمن. والصفة «فيليكس» في اللاتينية تفيد كذلك «الخصيبة» تمييزاً لتلك الزاوية من جزيرة العرب عن البقية الأكبر، الممتدة إلى شواطئ الخليج من الشمال الشرقي، التي أطلق الرومان عليها اسم «أرابيا ديزيرتا» أي الصحراوية. كان اهتمام الرومان من القرن الأول قبل الميلاد بتلك المنطقة بسبب كونها المركز الرئيس لتجارة التوابل القادمة من آسيا والصين، وخصوصاً «الدراسيني» أي «القرفة» إلى جانب الكثير من التوابل والعطور. وبقيت التوابل والعطور المشرقية الدافع الرئيس وراء حركة الاستكشافات الأوروبية التي اضطرتهم للدوران بسفنهم حول رأس الرجاء الصالح وصولاً إلى الهند، وأحسب أن ذلك كان الدافع الرئيس لفتح قناة السويس. وقبل الرومان كان الإغريق يهتمون بتلك المنطقة من الجزيرة العربية. وكان وجود الإغارقة التاريخي في الاسكندرية ومصر قد سهّل عليهم النزول جنوبا وعبور باب المندب، للوصول إلى «آيو دايمن» أي عدن، وللأسباب التجارية نفسها. وبالنسبة لنا نحن العرب، لم تكن اليمن… السعيدة (سابقاً) مهمة بسبب كونها المصدر الرئيس للقهوة، من «مُخا» التي حوّرتها اللغات الأوروبية إلى «موكا كوفي» لكن بقيت «آرابيكا كوفي» هي النوع الأفضل في أوروبا والعالم، على الرغم من منافسة القهوة البرازيلية. واليوم لم يبق شيء من «القهوة العدنية» فقد حل محلها «القات» الذي يتسبب في «الإنسطال» بدل «التنبيه» لذلك لم تُعد القهوة العدنية معروفة في زماننا، حتى عند ملك القهوة في وسط شارع الرشيد ببغداد، آرتين الشيخ الأرمني الذي أجاب عن سؤالي بامتعاض قائلا «نهنَ ما يأرف قهوة أدَني مَدني… هذا قهوة مال هوكومه». والحق أن القهوة بمعناها الحديث لم تكن معروفة في جاهلية العرب، إذ كانوا يطلقون اسم القهوة على الخمرة. قال الأعشى: «نازَعتُهم قُضُبَ الرّيحان مُتكئاً/ وقهوةً مُزَّة» راووقُها خَضِلُ». والراووق قماش من القطن لتصفية معصور الخمرة. وفي الشعر الأندلسي: «هاتِها لي صفراءَ كالتبرِ/ قهوةً عنبرية النَّشرِ». ولكننا ورثنا عن اليمن إرثاً ثقافياً نادراً يتمثل في كتاب بقي مجهولاً لأصحاب الثقافة العرب، حتى إلى ما قبل أربعة عقود من اليوم تقريبا، ولا أحسب هذا الكتاب قد نال ما يستحقه من اهتمام في العقود الأربعة الماضية، اللاتوصف، من تاريخنا المعاصر. ذلك هو «كتاب التيجان في ملوك حِميَر» مخطوطة من عمل وهَب بن مُنبّه، عُمرها حوالي خمسمئة سنة، طبعت أول مرة في حيدر آباد بالهند، في مطبعة المعارف العثمانية عام 1347هـ/1928م. والمخطوطة بتاريخ 16 رجب 1034هـ/ أيار 1625م كتبها مُطهّر بن عبد الرحمن المطهّر، السجين بقصر صنعاء لسبع سنوات. كما توجد نسخة أقدم منها في المتحف البريطاني (المكتبة البريطانية) تاريخها 1 شعبان 1031هـ/1621م. وقد وجد الدكتور عبد العزيز المقالح نسخة من تلك المخطوطة في «مكتبة الجامع الكبير بصنعاء» فحرّرها ونشرها عن «مركز الدراسات والبحوث اليمني» عام 1979م. والكتاب مجموعة من قصص الأنباء والخليقة والملائكة، مما نعرفه من القرآن الكريم، مما أنزل الله على آدم، قبل الطوفان وبعده، ومن خَلقِ الأرض والسماء والملائكة والفصول الأربعة، ومن أخبار هابيل وقابيل وكثير من الأساطير التي تقول إن آدم عاش 930 سنة، وحواء عاشت 928 سنة، وأن اللغة كانت سرياني أو عبراني، وأن اللغة العربية كانت للعرب دون غيرهم، وأن يَعرُب كان أول من نطق بالشعر… الموزون المقفى. وهذه كلها من المعروف غالباً لدى أهل ذلك الزمان، أو من الأساطير التي استطاب الناس قراءتها، بل الإيمان بها. والكتاب تصوير لما كان يستهوي الناس ويشكل «ثقافتهم». لكن الناحية الأكثر أهمية في الكتاب أنه تاريخ للعرب العاربة والمستعربة والبائدة، بما يشبه الأساطير التي يحلو لبعض الناس قراءتها. وتجري هذه الأخبار التاريخية بكلام موزون مقفى يقترب من الشعر جِرساً وتصويراً، لكنه لا يبلغ منزلة الشعر، إضافة إلى ما فيه من أخطاء لغوية وعَروضية، قد تكون بسبب جهل الناسخ أحياناً. والذي يجمع مادة هذا الكتاب الأسطورية والتاريخية، الدور الذي قام به معاوية بن أبي سفيان أثناء إدارته شؤون بلاد الشام، في العشرين سنة قبل أن يصبح الخليفة الأموي الأول. يروي القسم التاريخي من الكتاب أن معاوية كان يحب أن يسمع أخبار الأولين، فرغب في أخريات عمره أن يكون له نديم يسامره في الليالي بأخبار العرب الأوائل، فاقترح عليه عمرو بن العاص أن يستقدم من الرّقَّة عُبيد بن شربَة الجُرهُمي، الذي أدرك آخر من بقي من ملوك الجاهلية، وكان ذا حافظة عجيبة، حوت الكثير من أخبار الأقدمين، شعراً، وتاريخاً، وهو أعلم بأخبار العرب وأنسابها. فاستقدمه معاوية وأكرم وفادته وجعله أنيس لياليه، وطلب من أهل ديوانه ان يسجّلوا تلك الأحاديث، مما شكل لنا مجموعة من الأخبار التاريخية النادرة، قد يصعب على القارئ المعاصر تصديق من له مثل تلك الحافظة. ولكن معرفتنا بالشعر الجاهلي وما بعده عن طريق ما حفظه الرواة، قبل شيوع الكتابة والتسجيل، يبعث على تصديق أن الذاكرة قد تحفظ الشعر كما تحفظ التواريخ والاسماء. بدأ معاوية بسؤال الجُرهُمي إن كان قد شهد محاولة الأحباش غزو الكعبة، فكان جوابه: كان ذلك بالأمس، أي ان الحدث ماثل في الذاكرة. ثم تطرق الحديث عن عاد وثمود وعن النبي صالح وناقته التي «عقروها» مما نقرأ في القرآن الكريم. وتطرقت الأسمار عن حروب طسم وجديس، وغزوات القبائل بأسمائها وأسماء أبطالها وقتلاها وسوحها وما تبع ذلك من مصالحة ومصاهرة أو هجرة واغتراب. وثمة قصة سليمان وبلقيس وحكاية الهدهد، أول جاسوس حربي عرفه العالم لأن غيابه عن مجلس سليمان كان بسبب ذهابه إلى قصر بلقيس في السرّ وعاد بوصف عجيب لما رأى. هذه القصص وكثير من أمثالها يسردها الجُرهُمي بأسلوب «شعري» يصعب علينا اليوم أن نصدق ان حافظة لها مثل هذه القدرة على استيعاب كل هذه «القصائد» الطوال، وكل هذه الأسماء والتواريخ. ولكن وجود أكثر من نسخة من هذه الأخبار المخطوطة، منها واحدة برواية عبد الملك بن هشام البصري، المتوفى عام 258هـ/833م يحملنا على «التعطيل الطوعي لعدم التصديق» حسب مذهب شعراء الرومانسية. وبذلك يغدو «كتاب التيجان في ملوك حِميَر» مرجعاً تاريخيا، لا يمكن الاستغناء عنه، ولو على مضض. ومن المعلومات الطريفة مما لا يدعو إلى الجدل ما يخبرنا به الجُرهُمي أن قدماء العرب في اليمن كانت لهم أسماء أيام الأسبوع كالآتي: الأحد = يوم أوّل / الإثنين = أهوَن / الثلاثاء = جبّار / الأربعاء = دبّار / الخميس = مؤنِس / الجمعة = عروبة / السبت = شيّار. أما كيف جاءت هذه الأسماء فهو ما لا يفيدنا فيه الجُرهُمي. ولا بأس بذلك، إذ يكفي ما فيه من طرافة. قد يرى بعض المعاصرين أن هذا الكتاب يقع في باب الأساطير؛ ولكن أسلوبه في الرواية والقصص والإستطراد يمثِّل أولى محاولات القصة والرواية في تراث الأدب العربي. 11ADA «كتاب التيجان في ملوك حِميَر» بين كنوزه الثمينة: تراثنا في اليمن السعيدة عبد الواحد لؤلؤة |
الأسلوب الوثائقي في السينما الروائية Posted: 04 Aug 2018 02:10 PM PDT القاهرة ـ «القدس العربي»: التجربة الفنية في مجملها ما هي إلا إيهام بالواقع، وأكثر صور هذا الإيهام نجده في السينما، التي توظف مفردات الواقع وفق تجربة جمالية خيالية، تعيد إنتاج هذا الواقع، وفق الأساليب السينمائية، بحثاً عن المعنى. فالواقع مُشوّش وغير مرتب، ويعيد الفنان السينمائي صياغته وفق رؤيته ووجهة نظره، بهدف إيصال رسالة جمالية (فنية) في مقامها الأول، يتبعها بعد ذلك ما تحتويه هذه الرسالة من أفكار وانحيازات ووجهات نظر اجتماعية وسياسية وإيديولوجية. ومن خلال هذا الإيهام ومحاولات تأكيده المستمرة، وجدت السينما الروائية ضالتها في أساليب السرد الوثائقي، حتى تكتسب ثقلاً من الحقيقة، وتحاول أن تورّط المشاهد بأن ما يراه فعلياً أمامه قد حدث في الواقع، أو يوحى بحدوثه على أقل تقدير. تجربة المواطن كين لم يكن فيلم «المواطن كين 1941» لأورسون ويلز فيلماً عادياً، بل كان ثورة في عملية السرد السينمائي، فلم يعد هناك الراوي العليم، الجدير بالثقة، بل عدة رواة يحاولون تفسير شخصية ومآل كين، هنا يصبح المُشاهد أمام تجربة وجهات النظر المتعددة من خلال سرد ينفي أي حقيقة مُحتملة، هنا يصبح الشك مبدأ، ولا توجد حقيقة، وكما جاء في نهاية الفيلم: «ليس بوسع أي كلمة أن تشرح أو تفسر حياة إنسان». وقد سبق كين بذلك فيلم «راشومون 1950» لأكيرا كوروساوا في مبدأ عدم وجود حقيقة مطلقة يمكن الاستناد إليها أو الوثوق بها. بدأ ويلز من تطوير وخلق مدلول درامي لكل من اللقطة الطويلة وعمق المجال، هنا يبدو المسرح أكثر وضوحاً، وكما استشهد به أندريه بازان، فإنه المثال النموذجي للفيلم الواقعي، من حيث زمن اللقطة يتزامن وزمن الحدث، دون تقطيع واختصار الزمن، وبالتالي فقدان الحدث لواقعيته. إلا أن ويلز لم يستخدم هذا التكنيك إلا للوصول بحالة السرد إلى أقصى ما يمكن، من ناحية أخرى استخدم أيضاً الأسلوب التعبيري بجوار ما يوحي بالواقع، حيث لقطات قريبة وزوايا لا تستطيع العين الإنسانية أن ترى مثلها في الطبيعة، فلم يُقيّد ويلز نفسه بأسلوب واقعي، بل استفاد من الحِس الواقعي، ومن المونتاج الجدلي/الفكري الذي ابتدعه إيزنشتين، من خلال اللقطات المتبادلة والتعبيرية، التي لا تمت للواقع. هذا المزج بين الواقعي والتعبيري نراه أيضاً من خلال سرد الحكاية: فالفيلم الوثائقي في البداية، الذي يستعرض حياة تشارلز فوستر كين، هذا التعليق المُحايد، والذي لا يقدم إلا معلومات سطحية عن الرجل ــ استخدام أسلوب واقعي لن يُخبر بشيء ــ في مقابل شكل التحقيق الفيلمي من خلال عدة شخصيات تتحدث عن كين، هنا يأتي الأسلوب التعبيري ليوضح بعض المعلومات، يؤكد حقائق من وجهة نظر أصحابها، تنفيها تأكيدات الشخصيات الأخرى، ليصبح السؤال هو أين الحقيقة في كل ما يحدث؟ فالمعرفة قاصرة مهما حدث، ونلاحظ بداية الدخول إلى عالم كين قصر زانادو، واللوحة على واجهته مكتوب عليها (ممنوع التعدي) وهي اللوحة التي جاءت في ختام الفيلم، فرغم كل ما حدث، ورغم تشريح حياة الرجل بعد موته، هناك أشياء لا يمكن الوصول إليها، وبالتالي الثقة في معرفة كل شيء. يتضح ذلك بداية من افتتاحية الفيلم، ومحاولته خلق تاريخ رسمي/مزيف لشخصية كين. فلم يجد سوى وسيلة تقديم ملخص لحياته على طريقة الجريدة السينمائية، لقطات شبه أرشيفية، وصوت معلّق من الخارج يسرد حكاية كين حتى نهايتها. وهو ما أدى إلى الجدل حول لأي مدرسة أو تصنيف ينتمي الفيلم؟ فالبعض يراه أقرب للتوثيق، بينما البعض الآخر يعتبره روائياً بامتياز، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يتجاذبه أنصار مدرسة المونتاج، وفريق واقعية بازان للتدليل على صحة تنظيراته! بينما نرى أن أورسون ويلز، جمع بين طريقتين أو أسلوبين في الحكي، لخلق دلالة عليا، تهدف إلى تفتيت الحقائق، وعدم الوثوق في الصورة، وبالتالي حقيقتها ومصداقيتها، فما يحدث ونراه على الشاشة لا يمكن أن يمثل أي حقيقة، حتى لو كانت الحكاية مُستمدة من خلال شخصية حقيقية. فكين في الأساس مستوحى من شخصية وليلم راندولف هيرست (1863 -1951) ناشر أمريكي، أصدر مجلات وصحفاً مختلفة، وقد قام بتطوير أشكال صحافية تعتمد على الإثارة، وهو ما جعل النقاد يصفونها بالصحافة الصفراء. وُلد هيرست في سان فرانسيسكو، والتحق بجامعة هارفارد. وفي عام 1885 تم طرده من الكلية، بسبب دعابة دبرها وأوقع فيها أحد أساتذته، بعد ذلك عينه أبوه رئيساً لتحرير جريدة «سان فرانسيسكو إكزامنر» وقد جعل منها هيرست منشأة صحافية ناجحة ومشروعاً مادياً مجزياً. وفي عام 1895 قام بشراء جريدة «النيويورك جورنال» وقد دخل في منافسة حامية ضد جريدة غريمه جوزيف بوليتزر المسماة «ورْلد» وظفر بسوق التوزيع وهي المعركة التي بلغت أوجها عام 1898 خلال الحرب الأمريكية الاسبانية. ومثَّل هيرست نيويورك في مجلس النواب الأمريكي في الفترة من 1903 إلى عام 1907. وفي عام 1904 سعى إلى نيل تأييد الديمقراطيين، لترشيحه رئيساً للولايات المتحدة ولكن خاب سعيه. أساليب سرد الحكاية لا نفرّق هنا ما بين روائي ووثائقي، ولكن الحديث عن أساليب وأشكال لسرد الحكاية. وربما التفرقة التي تناولت السينما منذ بدايتها، وحاولت التحايل عليها عدة أجيال سينمائية، معظمها تفرقة نظرية في المقام الأول، ولكن مع تطور أساليب الحكي، والخيال للفنان السينمائي، أصبحت هذه التفرقة مصدراً لكثير من الشك. فالإيهام بالواقع هو ما جعل الفيلم الروائي يتمثل في الكثير منه بأساليب وأشكال السرد الوثائقي. كما كان للحركات والمدارس السينمائية أبلغ الأثر في تأصيل سمات التوثيق في الفيلم الروائي، إما لفكر معين، أو رد فعل لحالة ما (كالواقعية الجديدة في إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية) أو (سينما الحقيقة والموجة الجديدة في فرنسا). إضافة إلى التقدم التكنولوجي في مجال آلات التصوير وأجهزة المونتاج، التي جعلت إنتاج الأفلام لم يعد يخضع للميزانيات الضخمة، كما كان في السابق. وقبل كل ذلك كانت تجارب وأعمال دزيجا فيرتوف، التي كانت تناهض التصوير داخل الاستديوهات، وتحارب سينما هوليوود المزيفة، كانت هي الإرهاصات الأولى للإيهام بالواقع أكثر. ذلك رغم رفض فيرتوف كل أشكال الخيال، أو التزييف، التي كانت من سمات الفيلم الروائي. ولكن للمفارقة، الواقع الذي كان ينشده، كان يُعاد إنتاجه في غرفة المونتاج، لتخرج أعماله أكثر خيالاً، وأكثر إيهاماً بالواقع، وقرباً من المصداقية الفنية في النهاية. الشكل الفيلمي من ناحية أخرى، نجد أن السينما المعاصرة أصبحت تبحث عن شكل ــ مع ملاحظة أن الحديث هنا عن شكل وليس نوعاً فيلمياً ــ يضمن التوثيق والخيال معاً. وذلك من خلال توثيق الواقع المرئي وفق منهج تنظيم المادة المُنتقاة من هذا الواقع، إضافة إلى أسلوب سردي يُعيد صياغة وبناء هذه المادة. ونتج عن هذا عدة اختلافات أسلوبية، فلم يعد يعتمد الفيلم الروائي المتوسل بالوثائقي على عملية السرد في شكلها الكلاسيكي من بداية ووسط ونهاية، بل أن الأحداث لا تتتابع في صرامة، فهناك وجهات النظر المتعددة في السرد، وإدخال التعليق الصوتي بدلاً من صوت الشخصية، أو تكون الصورة هي المصاحبة لصوت الشخصية، سواء تأكيداً لمقولاتها أو نقضاً لها. ومن أمثلة ذلك فيلم «مدينة الله 2002 « لفريناندو ميريلي، الذي بدأ كفيلم وثائقي قصير بأشخاص وأماكن حقيقية، ثم تحول الموضوع نفسه إلى فيلم روائي، معتمداً بعض الخطوط الدرامية بالاستناد إلى رواية بالعنوان نفسه، صدرت في العام 1997 لباولو لينس، وأخيراً كفيلم وثائقي بعنوان «مدينة الله بعد عشر سنوات» عام 2012، يتتبع فيه مآل شخصيات الفيلم الروائي. إضافة إلى فيلم «أوليفر ستون «JFK 1991» وهو عبارة عن بحث توثيقي بالصورة، وإعادة إنتاج الحدث وفق رؤية المخرج وخياله الفني، رغم جسامة الواقعة التي يناقشها، ويحاول جاهداً توظيف الخيال الفني لبحث أسبابها. وقد عمل هذا الأسلوب ما بين الروائي والوثائقي على الدمج بين الواقعي، المتمثل في كل من المادة أو الحدث أو الشخصية الحقيقية، والتعبيري، المتمثل في أساليب السرد وتقنيات المونتاج. ذلك في سبيل إعادة بناء المادة الفيلمية وفق صياغة كلية (عليا) تعيد اكتشاف أو تفسير ما يمت للواقع، حسب وجهة نظر صانع الفيلم. فالمسألة تنحصر في نهج توثيقي يتبعه صانع الفيلم أولاً وأخيراً. 11ADA الأسلوب الوثائقي في السينما الروائية محمد عبد الرحيم |
«لعنة ميت رهينة « للروائية المصرية سهير المصادفة: تجليات السرد بين المتخيل والواقعي Posted: 04 Aug 2018 02:10 PM PDT تنغمر الروائية المصرية، سهير المصادفة، في عوالم وأسرار الأبعاد الميثولوجية المصرية، وما تنطوي عليه هذه الميثولوجيا من حكايا، وأساطير وخرافات ومدوّنات كتابية، وأخرى شفاهية تتناقلها العامة من البسطاء، أولئك الذين يؤمنون بالسحر والجن والمستور والمتواري عن أعين البشر، مُتعللين بوجود قوى مهيمنة لا ترى، تتحرك في الخفاء وتعيش في الورى، مؤبّدة وخالدة وأزلية، لها وصاياها وحكمها وتراثها وأسفارها الرؤيوية، بين الماضي والحاضر والمستقبل. ولكونها تحمل سرّ الوجود فهي أبداً تعيش بيننا، ولكنها محمية بقوة الأزل من الرؤية، ولا سيِّما الرؤية البشرية، تلك التي لو رأتها وشهدت أعمالها وسياق حياتها المتواري وراء الأستار، لبطُلَ فعلها، ذلك أنها تحيا في الدُجنَّات وسط عالم الظلمة. إنه العالم الآخر الذي يعيش فيه الخالد والأبدي والمختوم بالميسم الأزلي، مثل الفراعنة وسلالاتهم الكثيرة والمنتشرة فوق الأرض المصرية. فهم الملوك الذين لا يموتون، الملوك المحمولون في الرؤى والأخيلة والأزمنة التي تحيا في الظل ولا تتداركها النهايات، وإذا ما فكر أحد من الخلائق بفض أسرارهم وكشف كنوزهم ومقابرهم وقصورهم ومسلاتهم ومسرحهم الذي كانوا يتحركون عليه، فستلاحقه حسب المنظور الشعبي والمفهوم التراثي، الشفاهي وتقاليده الموروثة، لعنة الفراعنة. ولسوف لن ينجو، ولسوف يُصاب بالعته وبمس من الجنون والتلاشي الإنساني، لمن تسول له نفسه العبث بمخلفات وأرواح ومصير الملوك الفراعنة. إنطلاقاً من هذه المفهومة، وعبر هذا المنظور المتوارث لدى المصريين المتولهين بملوكهم القدامى، ملوك الإهرامات والتعاليم الأولى، تبني الروائية المصرية سهير المصادفة عملها المركب والمتشابك والحبيك، تبنيه مع أزمة غابرة وحالية، وأمكنة معلومة وحاضرة في راهننا، ومع شخوص فاعلين في النص المكتوب عن بلدة «ميت رهينة»، وهي من أعمال محافظة أسوان التي تزدهر بالتراث الفرعوني وبالمقابر الملكية، وبالتراث والكنوز المصرية القديمة. يتضافر في هذا العمل الجديد للروائية المصرية سهير المصادفة، التي أصدرت العديد من الروايات، عاملان فنيان، هما المتخيل والواقعي، وتحاول عبر هذين الإقنومين السعي الى تشيِّيد عالمها الروائي، فالمُتخيل هنا يساعد الرؤيا على الفتح والبناء والكشف، بينما الواقع يساعد على الإتيان بالدلالة الفاعلة وبالترسيمة الرمزية، وبالشخوص الناهضين من طين الواقع وحرارته الساخنة، حرارة الحياة وما تجود به من شخصيات تعبر أفق هذا الواقع، وهي ترسم مصيرها الحار فوق أرض موّارة بالتفاصيل والمشاهد، وبالتحولات اليومية والتاريخية. تربط المصادفة عبر سلك متقن ومرهف ودقيق، كل تلك التقلبات والتواريخ الفاعلة في الزمان والمكان المصريين، ومن ثَّمَّ، وهنا يكمن الأهم، تسعى إلى ربط كل ذلك بالزمن الحالي، زمن التحولات في الروح المصرية، عبر تشكلات أزمنتها الجديدة، تلك المتمثلة في الثورات التي سعت الناس والعامة بكل مشاربها لتفجيرها، بغية رسم مسرى آخر في حياة المصريين. ولذا فنحن نجد أنفسنا أمام عالم روائي قائم على عدة ثيمات وعلى عدة تمفصلات، تمظهرتْ في تحرُّك الشخوص الروائية في العمل الجديد، الذي يمتح من العالم السفلي للواقع المصري، حيث آلامه وشجونه وأنكساراته ونهوضه كذلك، غير ان جديدها هذا يتجوهر في بؤرة واحدة، ألا وهي سرقة الكنوز المصرية والاحتيال في طرق نيلها والاستيلاء عليها. وهي فكرة قديمة وتاريخية وليست وليدة اللحظة، بل هي عمل دائب ظهر في أعمال روائية كثيرة منذ بدايات نجيب محفوظ وتسليطه الضوء على الخريطة الفرعونية وعلى تراثها العالمي، ناهيك عن وتيرة الأفلام السينمائية التي عملتْ حول هذه الفكرة. غير أن المصادفة تتناول هذه الفكرة، أو التجربة، بطريقة مختلفة ومغايرة، لتقدِّم نصَّها هي، نصها المجبول من واقع كتابتها المتميزة، والمجدول بعناية مع عدة عناصر تعتمد الحكاية والدهشة والنزوع البوليسي المتمثل بمعمار الحبكة ومحاولة الوصول إلى فك شفرتها ومعرفة القاتل. كل ذلك يحدث في سياق فني لا يعتمد الغرائبية أو النزعة البوليسية الصرفة، بل يعتمد على الحدس الحار وغليان المشاعر وتصاعد وتيرة الشك لكشف المُهرِّب والسارق والمشتري والمُتاجر بالكنوز الأثرية وقطع الآثار، عبر منافذ لا تحصى، وطرق ووسائل ومخارج عديدة وجديدة في كل مرة. من هنا تثبت المصادفة أنها ولجتْ نسقاً آخر لروايتها، وهي بذلك، أي الرواية، لا تشبه أي عمل آخر سوى المماثلة في الشكل العام لمسألة سرقة الآثار والمتاجرة بها وتهريبها وبيعها في السوق السوداء. توظف سهير المصادفة المكان كمركز رئيس في الرواية، والبؤرة التي تدور حولها وفيها الأحداث الجسام، عبر شخصيات مؤثرة وفاعلة في عمق مسردها الروائي، وفي تلافيف الوحدات الحكائية التي تحتل المتن والهامش فيها، فالمتن هو المكان الطاغي على النص الروائي، والهامش هو الأزمنة المتعاقبة التي تسند النص وتحميه من الانزلاق في الزوائد والحكي الفائض على سطح النص، وآية ذلك تتجلى في انجدال عاملي الزمان والمكان اللذين حميا بعضهما من التورُّم الكلامي والانثيالات الوصفية والعاطفية، ثم البَرَم الرومانتيكي الذي يستدعي الحشو أحياناً، عبر انجراف اللا وعي في التوغل العرفاني للعشق في بعض السرود الروائية، إلا في بعض الحالات التي تستدعي ذلك عبر التوله والحب والهيمان بالآخر، كما لاحظنا ذلك في حالة هاجر وحبها لأدهم الشواف التي أحبته، وحسب تعبير الرواية كـ «حب الكلب لصاحبه»، وقد نعثر على تلك الفيوض الوصفية في الكثير من الأعمال العربية التي تحاول تسمين العمل الروائي وضخ المزيد من الصفحات فيه، من أجل غاية ما، أو من أجل لفت النظر إلى الجهد المبذول فيه، متناسين «قوت الأرض» لأندريه جيد كم كانت قصيرة، وكذلك أعمال مواطنه دو سانت اكزوبري صاحب «بريد الجنوب»، وأعمال الألماني هرمن هسه، وكذلك نجد ذلك التقشف الكتابي في أعمال سوزكند صاحب رواية «عطر» ولا سيما في عمله الصغير «الحمامة» و»صحراء التتار» تحفة الإيطالي بوتزاني وغيرهم الكثير، كبهاء طاهر في روايته «واحة الغروب» وفؤاد التكرلي في رواية «خاتم الرمل» ورواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح. أيضاً تبدو لي رواية «لعنة ميت رهينة» رواية مضغوطة، وزاهدة في الحكي من أجل الحكي، كون أبطال الرواية لهم أدوارهم المرسومة والمدروسة والتي لا تستطيع أن تفلت من زمام الصرامة ومنظومة دائرتها التي تدور فيها. تدور الرواية ووفق الهيمنة المكانية عليها، في قرية «ميت رهينة» تلك القرية البسيطة والفلاحية والمسكونة بالكنوز الفرعونية يوم تتعرض إلى شيوع حالة من القتل والاختفاء عالي الوتيرة لأبنائها، يوم «تهامس الأهالي فيما بينهم عن الاختفاءات الغريبة لبعض ناس ميت رهينة، وأصبحوا فجأة يتابعون الجرائد اليومية، لعلهم يجدون بها ما يحدث في قريتهم، قرروا الا يخرجوا ليلاً أبداً لأي سبب من الأسباب، وأن يرسل شبابهم المتعلمون إلى مواقع التواصل الاجتماعي استغاثات حول حوادث الاختفاء التي يرونها غرائبية». ليس ثمة شخصية مركزية، أو بطل يتمحور حوله العمل، بل في الرواية ثمة شخصيات لافتة وتحس أنها هي التي ستقود البناء الروائي إلى آخره، ولكنك حين توغل في بعض الصفحات ستظهر لديك شخصيات أُخرى، واحدة تزيح الأخرى، أو تحل بديلاً منها لحين، حتى تظهر الشخصية الأخرى المتنفذة واللاعبة والنشطة، لحظتها يُخيَّل اليك أنها هي الأخرى من ستمسك بزمام الأمور حتى السطور الأخيرة، فعلى سبيل المثال شخصية أدهم الشواف القادم من الحجاز، إلى ميت رهينة، وهو الشاعر التقليدي، غير المؤثر وقليل الموهبة، تظن حين يبدأ مسار الرواية أنه سيكون المتحكم بفصول الرواية كلها، كونه يبرز بقوة في الفصول الأولى، ولكنه بالتدريج سيكبر ويموت وهو في بداية الفصل الأول، فالشواف أتى إلى «ميت رهينة» هكذا بالصدفة، فهو تاجر مقاولات، لديه شركة يعمل فيها الكثير ومن جنسيات مختلفة بينهم مصريون، جاء في زيارة سياحية، وحين وجد «ميت رهينة» أحبها لحظة وقوعه على جمال هاجر الذي تتحدث كل نساء القرية عنه. لقد قاد عبد الجبار أيوب الشواف إلى هاجر بطريقة معينة، حتى وقع الشواف في حبها وحب القرية، فبنى فيها قصراً وطلب يد هاجر من أبيها، أراد أن يعيش تجارب حياتية كثيرة، من أجل كتابة الشعر والتفرّغ له، ومن هنا يشتري أرضاً ليبنيها، ثم يرسل والدها إلى الحج. القرية ستتطور لاحقاً وستحفل بالنشاط السياحي وبفندق وبقاليات جديدة، حتى عبد الجبار أيوب سوف يغتني من خلال السطو على الآثار، تلك التي سوف يبيعها في بور سعيد ليصبح ذا شهرة ومال وتجارة واسعة. كنا نخال أيضا أنه هو من سيحتل المشهد الروائي، لكنّ الزمن سوف يمضي ويكبر الجميع، فيموت أدهم الشواف وعبد الجبار ايوب ولطفي مرجيحة والد هاجر بعد عودته من الحج مباشرة، تلد هاجر ابنة هي ليلى، ستدرس في الجامعة الأمريكية وتعيش حياة حرة وعلى الموضة، ستحب أمريكياً، وتهاجر معه ومن ثم سيطلقها لتلد له ابنة ستسميها نور، والأخيرة هذه هي من سيقود العمل الروائي المثير إلى آخره، كونها حفيدة هاجر والشواف وصديقة لصلاح الذي يدرس معها، وهو ابن منطقتها. لها مواصفات خارقة وغير قابلة للتصديق، من خلال تصرّفاتها وتحوّلاتها الدراماتيكية في الحياة، وبما تحمله في عمقها من قوة سحرية وأخرى شريرة، لتفعل ما تفعل من خلالها بأبناء قرية «ميت رهينة». هكذا وبالتدريج يتم اختفاء عبد الجبار أيوب التاجر الكبير، ويختفي كذلك الشيخ الطوبجي والأستاذ مور وابن بهانة وأرملة عبد الجبار وغيرهم من أبناء القرية، الذين يظهرون في الرواية ككومبارس، أو شخوص ترمم المشهد وتكمله وتملأه بالأحداث، فقارئ رواية «لعنة ميت رهينة» لا يستطيع مجاراة الشخوص الثانويين، كونهم بلا ملامح إلى حد ما، ولكن نور التي تهيمن على بقية المشهد الروائي بعد غياب أمها ليلى ودخول جدتها هاجر في الشيخوخة والخرف، يهنأ الجو لها، فهذه التي سكنتها روح شريرة وذكية منذ صغرها، هي التي ستسيطر على خواتيم الرواية، ومعها صلاح وداليا خطيبته التي تحوك لها نور الوقيعة تلو الأخرى، فهما اللذان سيكشفان سر نور التي تقتل ضحاياها بمسدس جدها الشواف، وفي هذه الأثناء سيتم أيضاً من قبل صلاح وداليا اكتشاف الباب السري الذي أقامه أدهم الشواف في بيته خلف المكتبة، والمؤدي إلى المقبرة الفرعونية في القصر الذي بناه عمار المصري الذي صمم القصر البديع والمدهش، ولكي لا يُعطي المهندس سرّ تصميم القصر إلى أحد غيره، يقتله الشواف ليدفنه خلف الباب السري، وهنا الرواية تذكر بجزاء سنَّمار ذلك المهندس الشهير الذي قتل بهذه الطريقة، كما تقول الحكاية التاريخية. سهير المصادفة: «لعنة ميت رهينة» الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 2017 271 صفحة. «لعنة ميت رهينة « للروائية المصرية سهير المصادفة: تجليات السرد بين المتخيل والواقعي هاشم شفيق |
كريستوفر فيليبس في «المعركة حول سوريا – التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد»: المجموعة الدولية أوقدت النزاع بدلاً من إطفاء نار الفتنة في سوريا Posted: 04 Aug 2018 02:09 PM PDT يصعب هذه الأيام العثور على كتاب يتناول الوضع في سوريا ويغطي في الوقت عينه التطورات والأحداث الأخيرة في ذلك البلد بأكبر قدر ممكن من الموضوعية والبحث المعمق. وقد يكون في الإمكان إدراج كتاب صدرَ للأكاديمي والباحث البريطاني كريستوفر فيليبس، في هذا المجال أكثر من غيره. عنوان الكتاب «المعركة حول سوريا» وقد نُشر للمرة الأولى عام 2016 ثم أدخلَ الكاتب عليه تعديلات هامة العام الماضي (2017) وصدرت نسخته المعدلة هذا العام. فيليبس، الأستاذ في العلاقات الدولية في كلية «كوين ماري» في جامعة لندن والباحث في «المعهد الملكي للشؤون الدولية» (تشاتهام هاوس) في لندن يقول في مقدمة النسخة الجديدة ان مقاربة كتابه الأساسية هي ان العوامل الدولية لعبت الدور الأساسي في تفاقم النزاع الميداني والسياسي في سوريا في السنوات العشر الماضية، وهذا الأمر لا ينفي دور العوامل الداخلية، حسب قوله، ولكن تدويل الأزمة السورية سياسياً وعسكريا ـ ميدانيا، ازداد إلى درجة كبيرة في السنوات الأخيرة وحتى عام 2017 وخصوصاً بعد تصاعد دور روسيا وإيران ميدانياً حيث أدى إلى سقوط مناطق هامة في أيدي النظام وخصوصاً في نهاية عام 2016 بعد سيطرة جيش النظام على مدينة حلب. ومن الأمور الهامة جداً في هذه التطورات، حسب الكاتب، كان سحب الدعم التركي لبعض المجموعات العسكرية المناهضة للنظام، بعد التفاهم الذي جرى بين القيادتين التركية والروسية في تلك الفترة وبعد انطلاق عملية للسلام الميداني وتثبيته في سوريا بإشراف روسي ـ تركي ـ إيراني سُميت عملية الأستانة. ومما يشير إلى اختلاف منهج كتاب فيليبس (إلى حد ما) عن الكثير مما كُتب عن سوريا قوله في مقدمة الكتاب، انه يجب عدم الاعتبار ان أي جهة لعبت دوراً ميدانيا أو سيادياً في الوضع السوري كانت دمية أو مطية حصراً لقوة أجنبية. وقد أضاف الكاتب معلومات لم يذكرها سابقا إلى النسخة الجديدة وخصوصا إدراجه الفصل الحادي عشر الذي تناول الحرب السورية في عهد دونالد ترامب كرئيس لأمريكا، أي ابتداء من مطلع عام 2017 وحتى الخريف الماضي. وسيتم التركيز على هذا الفصل أكثر من غيره. يقول فيليبس في الصفحة 233 وفي الفصل 11: «تاريخياً كان انتقال السلطة في أمريكا من رئيس إلى آخر ترافقه درجة من الاستمرارية خصوصا في السياسة الخارجية، ولكن صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة شكّل تبدلا أساسيا واختلافا جذريا عن سياسة الرئيس السابق باراك أوباما». ويضيف ان «التزام ترامب سياسة أمريكا أولا، شكل جانباً فيه عودة إلى حقب سياسية أمريكية سابقة وتوجها دوليا جديدا. وبالتالي، من المفيد معالجة تأثير رئاسة ترامب على الأزمة السورية». ويستهل الكاتب ما ورد بالتفصيل في هذا الفصل قائلا: «برغم ما يظهر للناس في الرؤية الأولى لسياسة ترامب في سوريا على كونها فاصلة أكثر من سياسة أوباما، ففي الواقع ان نتيجة مواقفهما لا تختلف كثيراً، حيث جرى تهميش ميداني لأمريكا في الجزء الغربي من سوريا، ولم يتم القضاء نهائياً على تنظيم «الدولة» وتواجده في مناطق أخرى من البلد». ويعتبر الكاتب ان روسيا نجحت في تهميش الدور الأمريكي في سوريا في السنة الأخيرة من رئاسة أوباما، وفي المفاوضات التي جرت بين أمريكا وروسيا عام 2016 ولم تنجحا في وقف النزاعات الميدانية ومنع ارتكاب العمليات الدموية والوحشية من الجهات المتنازعة على الأرض. واعترف أوباما في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 أي قبل نهاية ولايته بفترة قصيرة، بأن مستقبل سوريا في المدى القصير غير مطمئن، لأن الدعم الروسي والإيراني لنظام بشار الأسد رجحا كفته على حساب خصومه (ص 234). وفي رأي الكاتب فإن رئاسة أوباما لأمريكا لعبت دوراً في تأزيم الأوضاع في سوريا وانه ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون سقطا في المواجهة «الثعلبية» لهما من الجانب الروسي (ص 235). ويوضح أن روسيا لعبت دورا رئيسياً في الحيلولة دون مواجهة عسكرية بين النظامين التركي والسوري بعد ترتيب موسكو لأوضاعها مع تركيا عام 2016 وبعد تثبيت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لرئاسته وسلطته في بلده عام 2017 (ص 237 ـ 238). ويشير الكاتب إلى ان أمريكا بقيادة ترامب كانت أكثر تنسيقاً مع موسكو ومبادراتها في سوريا ولكن بحذر، وأنها أرسلت مراقبين إلى لقاء أستانة في مطلع عام 2017 الذي تم تحت مظلة روسية تركية ـ إيرانية. ولم تنجح المعارضة السورية في تعطيل المفاوضات وتجميدها بسبب عدم الاستجابة لمطالبها، واضطرت إلى الرضوخ للرغبة الدولية والإقليمية بعد تقلص الدعم الأمريكي لها وعلى إثر تجاوب أمريكا مع مبادرات روسيا في عهد ترامب. كما انطلقت مفاوضات جنيف مجددا في عام 2017 ولم تتعطل نتيجة لتجنبها تناول قضية مستقبل الرئيس بشار الأسد في السلطة وادراكها ان القرارات الهامة الميدانية الفعلية تجري في أستانة (ص 242). ويصف الكاتب دونالد ترامب بالرئيس الأمريكي الأكثر انفتاحاً على التفاوض مع روسيا في تاريخ رئاسات الولايات المتحدة، ولكن في الوقت عينه يعتبر ان من الصعب فهم «عقيدة ترامب السياسية في السياسة الخارجية» بالإضافة إلى دوافعه للانسحاب من بعض الاتفاقيات الدولية التي وقعتها أمريكا سابقاً وخصوصا في عهد أوباما. كما انه يذكر في الصفحة (243) بعض الانتقادات التي وُجهت إلى ترامب وبينها انه يتأثر في بعض الأحيان أكثر مما يجب بنصائح مستشاريه والمقربين منه ويتخذ القرارات حسب مشورتهم ثم يتراجع عنها عندما يدرك أخطاءها. وهذا ينطبق حسب الكاتب، على علاقته بمستشارين كستيف بانون والشلّة العائلية المحيطة به وأصدقاء له كرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض القادة الخليجيين. ومع ان في التراجع عن الخطأ فضيلة، فربما كان الكاتب ينتقد ترامب لتسرعه بعض الأحيان في اتخاذ القرارات الهامة التي من الأفضل التريث في اتخاذها. ويذكر في هذا المجال قرار ترامب دعم مقاطعة بعض الدول الخليجية دولة قطر اقتصادياً بذريعة دعمها للإرهاب ثم تراجعه (هو ووزير دفاعه) عن هذا القرار (ص 243 ـ 244) بالإضافة إلى قرارات الرئيس الأمريكي المتبدلة في الشأن السوري سياسياً وميدانياً عسكرياً وسياسته «المندفعة» في الشأن الفلسطيني (ص 246). ويعتبر الكاتب ان الضربة العسكرية التي وجهتها القاذفات البحرية الأمريكية إلى سوريا في 7 نيسان (ابريل) 2017 حيث تم إطلاق 59 صاروخا من نوع (توماهوك) باتجاه مطار عسكري سوري بحجة استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية كانت بشكل رئيسي لإثبات ترامب بان مواقفه في سوريا وفي العالم عموماً مختلفة عن مواقف الرئيس السابق باراك أوباما (ص 248). كما تضاربت مواقف ترامب المنفتحة تجاه روسيا مع مواقفه المتشددة نحو إيران، كما يشير الكاتب، وهذا أمر من الضروري توضيحه بين القيادتين الأمريكية والروسية في المستقبل. وهذا الغموض يثير التساؤلات حول ما يمكن ان يحدث في المستقبل في الوضع السوري، حسب فيليبس. (ص 250) وخصوصاً لوجود رغبة لدى النظام السوري في السيطرة على الحقول النفطية في دير الزور وفي عودة التجارة والتبادلات في الاستيراد والتصدير والعلاقات الاقتصادية مع العراق، وعدم ترحيب الجانب الأمريكي في حدوث ذلك على حساب مصالح واشنطن (ص 251). وهذه الأمور مرتبطة في المستقبل حسب قوله، بديناميكية العلاقة بين نظام الأسد وروسيا وإيران، والعلاقة المنفتحة بين روسيا وأمريكا ترامب. ويستنتج في الصفحة (252) من الكتاب: «أوباما كان أقل تشدداً في علاقته مع إيران وأكثر مواجهة في علاقة أمريكا بروسيا فيما ترامب يمارس عكس ذلك، أي الانفتاح نحو روسيا والتشدد باتجاه إيران». ويضيف: «ولكن أوباما وترامب يشتركان في كونهما لا يستطيعان إيقاف توسع المصالح الروسية أو الإيرانية في سوريا وفي المنطقة». ويعتبر ان الضغوط الإعلامية والشعبية التي تُمارس في أمريكا والدول الغربية ضد ترامب، ومورست سابقاً ضد أوباما، لا تساهم في دعم الموقف الأمريكي سابقا وحاليا. ويحذر فيليبس من أي قرار «متسرع» قد يتخذه ترامب لسحب مفاجئ للقوات الأمريكية العسكرية من سوريا، لأن مثل هذا القرار قد يزيد في حدة الأزمة السورية. (ص 253). وفي الفصل الختامي يقول، ان من الصعب جداً تحديد الجهة المنتصرة والجهة الخاسرة في الحرب السورية برغم ان البعض كان خاسراً أكثر من الآخر، ولكن الشعب السوري هو الذي عانى المآسي والأحزان أكثر من أي جهة أخرى، كما في كل الحروب الأهلية التي تمتد لفترات طويلة بسبب رغبات جهات خارجية دولية وإقليمية في استمرار المواجهات الدموية لتمرير مصالحها الاقتصادية والسياسية. ويعتبر ان البعض ممن يشجعون الحروب على أراضي الآخرين يجب ان يُدركوا ان دخول مثل هذه الحروب قد يكون أسهل بكثير من الخروج منها بسلامة، وبدلاً من تشجيع وتغذية الحروب الأهلية، عن قصد أو عن غير قصد، ربما كان من الأفضل (حسب الكاتب) محاولة معالجة المشاكل والتجاوزات التي أدت إلى الخلافات والمواجــهـات في ســوريا في البـداية، وهذا دور كان على واشنطن (وغيرها) أن تلعبه منذ انفجار الأزمة السورية. Christopher Philips: The Battle for Syria. Yale University Press, London 2018 332 Pages. كريستوفر فيليبس في «المعركة حول سوريا – التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد»: المجموعة الدولية أوقدت النزاع بدلاً من إطفاء نار الفتنة في سوريا سمير ناصيف |
نجوى قندقجي: الدعم الأوروبي يتراجع ولا شروط لأنها تنفي الحقوق Posted: 04 Aug 2018 02:09 PM PDT بيروت ـ «القدس العربي»: ينطوي مصطلح «حقوق الإنسان» في مرحلتنا الحاضرة على كم من الاستفزاز لمشاعر المواطنين العرب الذين يدركون تماماً كم هو مطاط، وكم تنخفض معاييره عندما يتعلق بأهلنا وناسنا. منذ ثلاث سنوات ينعقد في بيروت «كرامة بيروت» مهرجان أفلام حقوق الإنسان الذي يعرض عشرات الأفلام الوثائقية من مختلف أنحاء العالم. نحن الحذرون من رعاية الغرب لفننا وخاصة السينما، نسأل عن المعيار العالمي الموحد لحقوق الإنسان في تلك الرعاية الغربية، وإلى متى سيبقى الجلاد والضحية سواسية في نظر حكوماتهم؟ هذا إن لم تكن الضحية هي المسؤولة عن أفعال الجلاد. نجوى قندقجي فنانة أردنية تتولى مهمة مديرة «كرامة بيروت» توافقنا الرأي على انعدام المساواة في تلك المعايير. وفي الوقت عينه تتحسر لأننا كعرب لم نقم حتى الآن بإنتاج فني يهز العالم عن مأساة شعب فلسطين. عن هذا المهرجان وأمور أخرى كان معها هذا الحوار: ○ مديرة البرامج لكرامة بيروت ـ مهرجان أفلام حقوق الإنسان ماذا يمثل بالنسبة لك هذا النشاط السنوي المتواصل منذ ثلاث سنوات؟ • يمدني بالدعم المعنوي الكبير، فهو طريقة تعبير غير مباشرة ومختلفة هي السينما والفن. في السينما التي نقدمها كلام إنساني وبطريقة جديدة. كفنانة أعتبر عملي هذا مساهمة في نشر الفن، ومن خلال نوع آخر من الإنتاج. ○ وماذا عن جديدك الفني كممثلة ومخرجة أردنية؟ • آخر حضور لي في الدراما كان قبل سنتين في عمل سوري، وفي لبنان حضرت مسرحياً مع المخرجة عليّة الخالدي في عرض «عنْبرة» الذي استعادت فيها سيرة رائدة لجدتها عنبرة سلام. عملي الحالي أكاديمي ويتناول مواد التمثيل، المسرح وفنون الأداء. ○ هل حفّزك المهرجان لدخول ميدان السينما كمخرجة؟ • لا شك. لم يعد الأمر صعباً. يمكن تقديم مادة سينمائية بإمكانات متواضعة. الفكرة قائمة إنما ليست قريبة. ○ كيف ولد مهرجان سينما حقوق الإنسان ولماذا حمل هذا التعريف؟ • «كرامة عمّان» أطلق مهرجان سينما حقوق الإنسان قبل عشر سنوات. كان تواصل مع هيثم شمص وانطلق في بيروت مهرجان نظير لعمّان. وبالتوازي تأسست شبكة «أنهار» وتضم مهرجانات حقوق الإنسان ومن أعضائها لبنان، فلسطين، مصر، الأردن، المغرب، تونس، السودان ونأمل انضمام اليمن قريباً. عبر شبكة أنهار نتبادل الأفلام والأفكار والتجارب، والهدف تعزيز منصات عربية لعرض أفلام حقوق الإنسان. ○ ولماذا كرامة؟ • هي تسمية غير تقليدية. وفي الواقع الحصول على الحقوق هو ما يحقق الكرامة. هي كرامة الطفل، المرأة، العائلة والإنسان بشكل عام. وكل ما يخل بحقوق الإنسان يؤذي كرامته. ○ تقدمون خلال المهرجان عشرات الأفلام بين قصير وطويل ما هو معيار الاختيار؟ • نحن ثلاثة أفراد مخولين بالاختيار. في الواقع نشاهد كماً كبيراً جداً من الأفلام نتوزعها فيما بيننا. عندما يجد أحدنا أنه حيال فيلم اشكالي نشاهده معاً ونتناقش. في المعيار ننظر للعلاقة بين مضمون إنساني، جدي، حقيقي وله صلة بحقوق الإنسان، شرط أن يكون سينما جيدة. وضمن المهرجان نختار تجارب شبابية بهدف التشجيع. وثمة شباب لديهم لغة بصرية واعدة جداً. هؤلاء الشباب يبحثون عن فرصة للعرض ويرغبون في تلقي ردة فعل الآخرين وأسئلتهم. كما أن مشاركتهم في مهرجان قد تتيح لهم صلات إنتاج مستقبلية. ○ هل من معيار عالمي موحد لحقوق الإنسان؟ وكيف نجد تطبيقه الميداني؟ • نبحث عن الفيلم الذي يتناول البشر من وجهة نظر حقوقية. وأن لا يتضمن تحريضاً، ولا إساءة لإثنية معينة. هذا بالنسبة لنا، إنما على الصعيد العالمي فلا وجود لمعايير موحدة لحقوق الإنسان. ○ ما هي شروط الدول الداعمة ماديا للمهرجان؟ • في الواقع لا شروط. إنها حقوق الإنسان وليس لها قدرة احتمال الشروط لأنها تنفيها. الدعم إلى تراجع وهو في غالبيته أوروبي. بعض الدعم تناقص إلى ربعه. وانسحبت بعض الأطراف من قائمة الداعمين منها مكتب شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة. لكن الجميع حريص على نجاح المهرجان الذي نقيمه. الدعم لهذا العام متساوي بين سفارات سويسرا، تشيكيا وهولندا. وكذلك كان تعاون مع مكتب الإعلام للأمم المتحدة في بيروت. ○ في رأيك هل تنتهي معاناة الشباب الفلسطيني إن تيسرت متطلبات «نادي غزة لركوب الأمواج» وهو عنوان فيلم الإفتتاح؟ • شكل الفيلم رمزاً لما تعانيه غزّة. فسكان القطاع محرومون من كل شيء في الحياة. فقط يُسمح لهم تناول الطعام بالحد الأدنى، ومن ثم تأمُل البحر فقط لا غير. لوح التزحلق رمز لغياب كافة المتطلبات الأساسية لحياة الإنسان. لحظ الفيلم الحصار ومفاعيله إلى جانب التزمت. بقي للناس البحر، إنما بحدود ليس للصيادين تخطيها. كل من لديه إحساس إنساني يعرف أن غزّة من أصعب مناطق العيش في العالم. ○ لماذا تجاهل الفيلم السبب الأساسي لمآسي الفلسطينيين وهو الاحتلال وصارت حماس هي عدو حقوق الإنسان الوحيد في غزة؟ • الإشارات لمفاعيل الاحتلال كانت موجودة دون النطق بها. وجدت في حدود المسموح من البحر، وفي الدمار المحيط في كل مكان نتيجة قصف الطيران. في الواقع ليس للفيلم أن يقدم إجابات بل يدفع المتلقي للتساؤل. وفي كل الأحوال للمخرج حق اختيار المساحة التي ينقلها فيلمه. قدم مشاعر الناس، وكيفية عيشهم. دخل إلى علاقاتهم الاجتماعية. لم يقارب مخرجا الفيلم السلطة الحاكمة في غزّة إلاّ من بعيد. إنما ضغط الحريات ليس بالأمر السهل على البشر. ○ هل كان منطقياً أن يفتح مهرجان أفلام حقوق الإنسان بفيلم يضع اسم إسرائيل على الخريطة بدل فلسطين وهي مصدر انتهاكات حقوق الإنسان منذ وجدت؟ • هذا ما قيل لميكي يمين «أحد مخرجي الفيلم» الذي حضر الافتتاح. هذا ما نؤمن به كعرب بخلاف غيرنا في العالم، وليس لنا قدرة فرض موقفنا. ○ هل زار المخرج ميكي يمين غزة لتصوير فيلمه؟ • مكث في غزة لأشهر طويلة مع شريكه في الإخراج فيليب جنات، عايشا الناس، وعاشا معهم أيامهم الصعبة في ظل الحصار. ○ جوليا باشا لم تعرفها نساء فلسطين وأخرجت فيلم نائلة والانتفاضة؟ • هذا صحيح. فمشروع هذا الفيلم امتد لخمس سنوات حسب إرادة المنتجين وهم Just Vision. خلال هذه السنوات جرت عشرات المقابلات، وفي النهاية كان للمخرجة جوليا باشا وهي برازيلية من جذور لبنانية أن تختار نائلة عايش بطلة للفيلم. ○ أعرف أن لك ملاحظات على فيلم نائلة والانتفاضة؟ • صحيح، وهي عدم إحساسي بالإنفعال حيال الفيلم. ناقشت هذا مع نائلة عايش وزوجها جمال زقوت، وكان الرد أن الفيلم توثيقي لمرحلة مرّت، ولتجربة النساء خلالها، وتقديم المعلومات لا يحتاج لأكثر مما ظهر على الشاشة. لقد أقنعني الرد. ○ تحدثتم في هذا المهرجان عن السعي لـ»هويات جديدة». لماذا؟ وما هي تلك الهويات؟ • في دورتنا الأولى في بيروت تحدثنا عن الآخرين. وهذا ما حفّزه مسار الهجرة نحو أوروبا من الدول العربية ومن كافة آسيا وافريقيا. عندها توجه الإهتمام إلى فكرة الأقليات والغرباء عن مجتمعاتهم أي اللاجئين. السؤال هو عن هؤلاء فهل هم متمسكون بهويتهم؟ أم هم في بحث عن هويات جديدة؟ وكيف تستقبلهم المجتمعات الجديدة وهل ترى فيهم تأثيراً على هوياتها؟ ومن هذا المنطلق كانت ورشات عمل تحت تلك المسميات في ثلاث جامعات، وكذلك في ثلاثة مخيمات للجوء في أماكن مختلفة من لبنان. ○ درست الإخراج والتمثيل وكنت نشطة في مجالك. ما الذي أسعدك وما الذي خذلك في الفن؟ ○ أشعر بأنني محظوظة ولم أندم مطلقاً على اختياري المهني والدراسي. المؤلم الآن وفي المستقبل أن مقياس الفن الحقيقي في بلادنا في حال ضياع. الوعي نحو الفن الجيد غير موجود في حين تسود الرداءة. نحن في محاولة نضال في أمور بدائية على صعيد الفن. الفجوة كبيرة بين المنتج الإبداعي الحقيقي وبين ما يصل للناس. وكأن الفن المطلوب وصوله للناس عليه التمتع بصفة السطحي والفارغ. مؤخراً شاهدت فيلماً أنتج بامكانات متواضعة ترجمة عنوان للعربية «ولد شالح البيجاما» موضوعه المحرقة اليهودية. خلال متابعتي للفيلم كنت أسأل نفسي لماذا حتى الآن ونحن نعيش مأساة فلسطين ولم نتمكن من إنتاج فيلم يهز الكون كما هذا الفيلم السابق الذكر؟ لماذا لا نقدم منتجاً فنياً تقشعر له أبدان الآخرين كما تمكن مخرج فيلم «ولد شالح البيجاما» من أن يفعل بي؟ وذلك طبعاً بغض النظر عن المحرقة ومدى ابتزاز العالم بها. الصناعة الفنية القوية تهز الكيان. أنا في حسرة لأننا لا نقوم بذلك. نجوى قندقجي: الدعم الأوروبي يتراجع ولا شروط لأنها تنفي الحقوق البحث عن أفلام تتناول البشر من وجهة حقوقية والمضمون الجيد زهرة مرعي |
نجوم رحلوا في شهر أغسطس فرقهم الموت وجمعتهم السينما Posted: 04 Aug 2018 02:09 PM PDT لم يكن الكاتب الروائي نجيب محفوظ أديباً وحسب، ولكن يجوز أيضاً وضعه على قائمة صناع السينما المصرية وأحد روادها المهمين. فهو من تشكلت بإبداعه الذائقة الفنية في العالم العربي قاطبة وربما منطقة الشرق الأوسط أيضاً، وبعض دول العالم التي ترجمت أدبه وتعرفت على فنه السينمائي المنقول عن رواياته، وهو أمر جدير بالتسجيل وخليق، بمن يهتم بالسينما أن يشير إليه في إطار التوثيق التاريخي للعلاقة بين الأدب والسينما. ولأن الشيء بالشيء يذكر فقد استدعت ذكرى رحيل الأديب الذي توفي في آب/اغسطس عام 2006 الحديث مجدداً عن إسهاماته الأدبية التي تحولت إلى أفلام سينمائية، وأدت إلى حراك هائل منح وجوداً راسخاً للأدب المصور كلون ثقافي إبداعي متميز، ما زالت تأثيراته الإنسانية قائمة وفاعلة، فهو من أبدع على سبيل المثال رائعة «الحرافيش» وسلط الضوء على البسطاء والمهمشين. وكذلك جعل لغة القوة هي السائدة في المجتمعات البدائية الفقيرة، في اعتراف صريح بواقعية وهمجية تلك المجتمعات التي جافتها الحضارة وتركتها فريسة للجهل والجهلاء. وفي روايته «قلب الليل» طرح باستهجان غواية الفن والغناء عند البطل جعفر الراوي، الذي لا يملك مقومات التأهيل الحقيقي ليكون مبدعاً فينساق وراء شخصية «شكرون» في محاولة لتقليده تقليداً أعمى طلباً للشهرة والتحقق، بدون استحقاق لهذا التميز، وفي الخط الروائي نفسه يبرز محفوظ حيرة البطل المأزوم فنراه يعرج على الثقافة والقراءة كخط دفاع أخير لإثبات أنه مثقف كونه يعيش في معية السيدة الأرستقراطية التي تزوجها وبات بفضل زواجه منها موضوعاً في أجواء الثقافة والأدب! تنتهي حياة المدعي في الرواية بارتكاب جريمة قتل وتحوله إلى شخص مجنون وهي دلالة المعنى الذي أراده صاحب نوبل، ليقول كلمته الضمنية في غير الموهوبين، الأدعياء الذين يتخذون من الثقافة والمعرفة وجاهة اجتماعية. وتحفل المسيرة الأدبية لدى نجيب محفوظ بالكثير من الموضوعات ذات الطبيعة الفلسفية والنقدية التي تناولتها السينما وأوصلتها للعامة من الناس في تبسيط غير مخل، فلا يمكن أن نفوت الفرصة بدون أن نذكر الثلاثية الشهيرة، «بين القصرين ـ السكرية ـ قصر الشوق» وهي ثلاثة أجزاء ترصد ملامح من تاريخ مصر وتحولاتها السياسية والفكرية والاجتماعية، ويعتمد بناؤها الدرامي على شخصية السيد أحمد عبد الجواد، ذلك التاجر الثري ورب الأسرة الديكتاتور وصاحب النزوات والمغامرات، وهو تنوع غير منطقي يجتمع في شخص البطل يشي بتناقضات، ربما تشير إلى تناقضات المجتمع نفسه والصراعات الحادة الدائرة فيه آن ذاك. وليست هذه الأعمال الروائية إلا عينات من أعمال مهمة تلقفتها السينما واستفادت منها وأفادتها، إذ حققت لها الانتشار الجماهيري على نطاق واسع، ومن بينها على سبيل الأمثلة، «الشحاذ» و»السمان والخريف» و»بداية ونهاية» و»ميرامار». نعود لأصل الموضوع وهو ذكرى الرحيل التي جمعت بين الثلاثة الكبار وربطت بينهم السينما كعامل مشترك ومن بينهم نور الشريف، الذي كان قارئا نهما للأدب ومؤمناً بالعلاقة التبادلية بينه وبين السينما، وقد جسد الفنان الراحل الكثير من أبطال روايات أديب نوبل، وعياً بقيمتها ودورها في الإطار الفني والإنساني، فهو من جسد شخصية كمال في الثلاثية سالفة الذكر، وطالب كلية الطب في فيلم «الكرنك» وجعفر الراوي وزعتر النوري في فيلم «أهل القمة» وبلور رحلة صعود النشال الذي تحول في عصر الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي إلى مليونير ووجيه من وجهاء المجتمع، واستطاع كسر التابو الطبقي بزواجه من ابنة شقيقة ضابط المباحث! وقد تنوعت أدوار نور الشريف الناقدة للحالة الاجتماعية والسياسية، سواء ما ارتبط منها بروايات نجيب محفوظ أو غيرها، وهناك أفلام علت بها أسهمه بشكل واضح منها «رحلة البحث عن سيد مرزوق» و»العار» و»سواق الأتوبيس» و»أيام الغضب» و»المطارد» و»جري الوحوش» و»ناجي العلي» والأخير آثار جدلاً واسعاً وتسبب في إزعاجه لفترة طويلة، ولكنه ظل واحداً من أعماله المهمة والأكثر تميزاً. أما سعيد صالح وهو المتوفى أيضاً في شهر اب/أغسطس عام 2015 في سنة رحيل نور الشريف نفسها، فهو الفنان والممثل القدير الذي لم ينل ما يستحقه من التقدير، رغم تفوقه وموهبته الكبرى، عاش مغامراً محباً للمسرح والسينما كهاو، لذا كان صادقاً في أدائه قريباً من الجمهور، اشتهر بتجسيد شخصية الولد الشقي ربيب السوابق الذي يمكن أن نخشاه، لكننا لا نكرهه فهو خفيف الظل والروح، ابن بلد تصدقه حين يكون صعلوكاً وحين يكون طيباً وحين يكون شريراً، لمع سعيد صالح في «مدرسة المشاغبين» وبرز بين أبطالها، ولا سيما صديقة عادل إمام الذي ترك رصيداً وفيراً من الأفلام معه منها «المشبوه» و»سلام يا صاحبي» و»على باب الوزير» و»الهلفوت» وغيرها، وهي الأدوار التي لعب فيها بطولات مشتركة وترك بصمات واضحة على مستوى الحضور والأداء التلقائي والكوميديا الراقية. كان صالح يهتم بالمسرح، ويعتبر أنه الأميز في مشواره الفني، رغم قلة أعماله فيه قياساً بالسينما، فما يذكره الجمهور يعد على أصابع اليد الواحدة، «هالو شلبي ـ المشاغبين ـ العيال كبرت ـ كعبالون ـ أبو نضارة» ولكن الأعمال الجيدة ليست بكثرتها ولا يحسب إبداع الفنان بالكم، ولهذا فإن ما يدل على موهبته هو ارتباط جمهوره به وتفاعله معه، وهي معطيات توافرت بالفعل لسعيد صالح فاستحق أن يكون ضمن الكبار. نجوم رحلوا في شهر أغسطس فرقهم الموت وجمعتهم السينما كمال القاضي |
كيف يستطيع الريال تجاوز محنة رونالدو بأقل التكاليف؟ Posted: 04 Aug 2018 02:08 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: رغم الأداء المُقنع الذي قدمه ريال مدريد في أولى تجاربه الودية تحت قيادة المدرب الجديد جولين لوبيتيغي، أمام مانشستر يونايتد في المباراة التي حسمها الأخير بنتيجة 2-1 ضمن منافسات بطولة كأس الأبطال الودية، إلا أنه أظهر حاجة الفريق لصفقتين أو ثلاث من العيار الثقيل، إذا أراد الرئيس فلورنتينو بيريز مصالحة الجماهير، أو بالأحرى كسبهم في صفه مرة أخرى، وتجاوز محنة فقدان الأيقونة كريستيانو رونالدو سريعًا، قبل أن تتأثر النتائج، ومعها يعود مشهد رايات الاعتراض البيضاء في مدرجات «سانتياغو بيرنابيو». هازارد ليس حلاً قبل التطرق لما يحتاجه مشروع لوبيتيغي في الموسم الجديد، دعونا نكون مُنصفين ونبدأ بالإيجابيات التي لمسها المشجع البسيط بعد مشاهدة النسخة الجديدة لفريقه بدون زين الدين زيدان وكريستيانو رونالدو، أبرزها على الإطلاق، الاكتشاف الجيد فينيسيوس، الذي أعطى رسالة واضحة، أن الميريينغي ليس بحاجة ماسة لخدمات جلاكتوز سريع على الطرف الأيسر، لما أظهره من جودة وكفاءة تجلت في مواقف لاعب ضد لاعب، التي أبرزت موهبته وقدرته على بعثرة المنافسين بالخفة والرشاقة المعروفة دائمًا وأبدًا عن سحرة السامبا، وهذا في حد ذاته، يُفسر لنا سبب انسحاب بيريز من صفقة البلجيكي إدين هازارد، خاصة بعد مغالاة إدارة تشيلسي في شروطها المادية، وحتى إن تأثر صاحب الـ18 عامًا بالضغط الجماهيري في المرحلة المقبلة، فالأمر الواضح وضوح شمس أغسطس، أن بطل أوروبا في آخر ثلاث سنوات، في حاجة لمهاجم صندوق يملك غريزة الهداف القاتل أكثر من هازارد أو أي نجم آخر يلعب في المركز نفسه، نظرًا لوفرة الأسماء المتاحة على الأطراف، والتي أُضيف إليها الظهير الأيمن الطائر أودريوزولا القادم من ريال سوسييداد، والمنافس المُحتمل لمارسيلو في الفترة المقبلة الظهير الأيسر الواعد سيرخيو ريغليون. بيل نجم على ورق الصحف من الأشياء المُلاحظة في ودية اليونايتد. الحماسة والروح القتالية التي طغت على أبناء مدرسة «لا فابريكا» مثل راؤول دي توماس وفيدي فالفيردي وبقية الشباب، وكأن الجميع يتسابق لإثبات أحقيته في اللعب للمرة الأولى أمام جماهير النادي في مباراة كأس «سانتياغو بيرنابيو» السنوية ضد ميلان، المُقرر لها يوم 11 آب/اغسطس، أما الويلزي غاريث بيل، فلم يظهر بالصورة المُنتظرة منه، بعد إفراط «الماركا» في تلميعه ليكون نجم الشباك الأول في مرحلة ما بعد رونالدو، لكن على أرض الواقع، لم يترك بصمة واضحة في مركزه الجديد، كلاعب غير متقيد في الجهة اليمنى، مع حرية التوغل من العمق لاستقبال العرضيات بدون مراقبة داخل منطقة الجزاء، كما كان يجلد الدون الخصوم. فقط ظهر مرة أو مرتين في لحظات مُزعجة على دي خيا ودفاعه، منهم تمريرة للشاب أودريوزولا، أنهاها بعرضية نموذجية لم يستغلها بنزيمة، تجسيدًا للمقولة الشهيرة «لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد»، الأزمة نفسها التي كان يُعاني منها الفريق وقت غياب صاروخ ماديرا للإيقاف أو الإصابة. أضف إلى ذلك، أن إستراتيجية لوبيتيغي وأفكاره تعتمد على الجماعية أكثر من الاعتماد على أفراد بعينهم، تقريبًا الأسلوب نفسه الذي اعتمدت عليه المنتخبات التي ذهبت بعيدًا في مونديال روسيا، وهذه مدرسة مختلفة تمامًا عن مدرسة زيدان، الذي كان يبني كل شيء في الهجوم على رونالدو، بعدما فقد الثقة تمامًا في بنزيمة وبيل، بالذات مواطنه، الذي جعل دوره داخل المستطيل الأخضر ينحصر على تقديم المساعدة لكريستيانو وفتح مساحات له داخل منطقة جزاء المنافسين. بوجه عام، بيل لم يَعد ذاك الشاب البريطاني الذي كان يخشاه المدافع الكبير قبل الصغير في بلاد الضباب. بات أشبه بالفارس المُثقل بالجروح، لم يَعد بالجرأة التي كان عليها، حتى تصويباته القوية لم تعد بالدقة نفسها، والأسوأ من ذلك، رضوخه لعوامل طبيعتنا البشرية، بفقدان نسبة كبيرة من أهم ما كان يُميزه، وهو عنصر السرعة التي جعلت من ألقابه «العداء». ومن ينسى تعليق المُبدع رؤوف خليف في مباراة نهائي كأس إسبانيا 2014، وهو يقول «بيل هرب شد. هرب». لكن على ما يبدو أن هذا لم يعد سوى ماضي يحتاج لشبه معجزة ليعود من جديد، في ظل إصراره في رفض الهدايا، ليكون الفتى المُدلل بعد رونالدو، وحتى يُثبت عكس الصورة الباهتة التي لا تُفارقه بعد توقف مسلسل الإصابات، سنؤيد الصحف المدريدية التي تُراهن على انفجاره كرويًا في المرحلة المقبلة. رأي شخصي؟ من الصعب أن يظهر بالصورة التي ينتظرها المُروجون لتسويقه إعلاميًا، واقعيًا بيل خرج من مرحلة «ريعان الشباب» وبدأ يستعد لدخول مرحلة ما بعد الثلاثين، وكما نعلم، قلما يتوهج لاعب بشكل خارق بعد الثلاثين على غرار الدون، لذا رهان بيريز عليه أو على الثلاثي بالمُسمى الجديد BBV (بيل،بنزيمة وفينيسوس) فقط، سيكون أشبه بالمقامرة بموسم الفريق، خاصة وأن الجميع يعرف فصول الثنائي الويلزي الفرنسي الباردة مع الإصابات. هل يرحل بيل؟ لا. على الأقل ليستفيد لوبيتيغي من خبرته هذا الموسم، مع النظر إليه واعتباره جزءا من الفريق وليس النجم المُنتظر، والأمر ينطبق كذلك على كريم بنزيمة، في المقابل يُسرع النادي في ضم رأس حربة صريح من الطراز العالمي، لاستغلال كم العرضيات الهائل كما ظهرت أفكاره أمام اليونايتد. وما الأسماء المُقترحة؟ في الحقيقة هناك أكثر من اسم، منهم على سبيل المثال مهاجم مانشستر سيتي سيرخيو أغويرو. في أسلوب 4-3-3، الذي يعتمد على إرسال العرضيات للمهاجم الوهمي الذي يظهر كالشبح أمام المدافعين، يُتقنه القصير الأرجنتيني بامتياز، وهذا ساعده ليكون الهداف التاريخي للنادي في ظرف سبع سنوات، وربما لو تعاقد معه الريال، سيُخلص المدرب الجديد من صداع غياب المهاجم الشرس، في أسوأ الظروف سيُعالج الأزمة لحين الاستقرار على قناص بعمر أصغر العام المقبل، وكما يُريد الرئيس بتكاليف لن تزيد عن 100 مليون يورو مهما بالغت الإدارة الإماراتية المستحوذة على السيتي في شروطها المادية، بالتكلفة نفسها أيضًا أو ربما أكثر قليلاً، يستطع الريال ورئيسيه إثبات حُسن نية أمام الجماهير، بجلب هداف الدوري الإيطالي ماور إيكاردي. هو الآخر من النوع الذي تدب فيه الحياة كلما دك شباك المنافسين، وأيضًا بين قدميه مهارة المهاجم اللاتيني، الذي تأسس على أبجديات مركز رأس الحربة، من استلام الكرة تحت ضغط الخصم، وعمل الدوران والمراوغة في لعبة واحدة، وعمومًا أسلوبه بالكاد مثاليًا لطريقة لوبيتيغي، ولا ننسى أنه أوفر في التكلفة من مهاجم توتنهام هاري كين أو مهاجم بايرن ميونخ روبرت ليفاندوفسكي، والذي يُعتبر الخيار الأخير لمعظم الجماهير، لسجله المتواضع في المباريات الكبرى في دوري الأبطال، باستثناء يومه التاريخي برباعيته في الريال. خيار منطقي آخر، وبتكلفة ربما تكون أقل من إيكاردي، هو الأوروغوياني إدينسون كافاني، يملك أيضًا المقومات التي تجعله يُحافظ على كبرياء هجوم الريال بعد الريال، كما فعل بعد رحيل زلاتان إبراهيموفيتش من «حديقة الأمراء»، لكن أزمته الوحيدة، تكمن في صعوبة إقناع رجل الأعمال القطري ناصر الخليفي بفكرة البيع، في ظل وضوح رغبة في المنافسة على الكأس ذات الأذنين أكثر من أي وقت مضى في النسخة الجديدة، وبجانب جلب رأس حربة لا يقل جودة ولا كفاءة عن هذه الأسماء قبل غلق الميركاتو الصيفي، يجب إعادة هيكلة منظومة حراسة المرمى من جديد، بجلب حارس آخر غير كيكو كاسيا، الذي يُثبت من حين لآخر أنه لا يملك مقاومات حماية عرين الملكي في المستقبل، وبدرجة أقل منه الحارس كيلور نافاس، الذي كان يستمد طاقته من زيزو، ما يعني أن التوقيع مع لونين لا يكفي، ومن الأفضل زيادة الضغط على إدارة تشيلسي لإنهاء صفقة تيبو كورتوا ولو حتى بلغت تكلفتها 50 مليون إسترليني، بدلاً من الانتظار عاما كاملا، أو الاعتماد على الحارس الكوستاريكي مع تثبيت لونين كحارس احتياطي وكاسيا حارس ثالث. أما إذا كان الاتجاه يسير نحو استقطاب لاعب جناح أيسر يتمتع بخبرة أكثر من فينيسوس، فأفضل المتاحين، هو ضحية جوزيه مورينيو أنتوني مارسيال، لاعب سريع وفي داخله جوع اللعب والفوز بالبطولات بعد اصطدامه بتكتيكات مورينيو التي تسببت في جلوسه على مقاعد البدلاء أغلب أوقات العامين الماضيين، وانتقاله إلى الريال في هذا التوقيت، قد يجعله أحدث المتألقين بعيدًا عن عباءة «سبيشال وان»، مثل كيفن دي بروين ومحمد صلاح، مع الوضع في الاعتبار، أن سعره في المتناول بالنسبة لبيريز، الذي تخلى عن سياسة الإنفاق ببذخ، وهو من ابتدعها في بداية الألفية الجديدة بأرقام كانت فلكية في زيدان وفيغو، ومن الناحية الفنية، مارسيال قابل للتطور ليكون رأس حربة صريح في المستقبل بالكيفية نفسها التي تطور بها ابن جلدته تيري هنري، وأيضًا أصغر سنًا من هازارد وويليان، لكن إذا اكتفى الريال بشبابه المتألق في الولايات المتحدة الأمريكية مع قدامى المحاربين المتشبعين بالألقاب لوكاس مودريتش، توني كروس، كاسيميرو، مارسيلو والآخرين، ولم يُدعم صفوفه على الأقل بمهاجم رقم (9)، فسوف يستغرق لوبيتيغي وقتًا أطول للخروج من محنة رونالدو، الذي كان يُسجل ما لا يقل عن 40 هدفًا للفريق على مدار السنوات التسع الماضية، ومعروف دائمًا أن جماهير «البيرنابيو» لا تعرف الانتظار، فقط لا تبحث إلا عن المتعة والانتصارات والألقاب، والاستثناء الوحيد حدث مع زيدان العام الماضي، لم تُرفع ضده رايات الاعتراض البيضاء، وهذا ليس لأنه زيدان الأسطورة، بل لرصيده كمدرب كان في وقت تخبطه على المستوى المحلي الموسم الماضي يسير بخطى ثابتة نحو معانقة كأس دوري أبطال أوروبا الثالثة. فهل سيتحرك بيريز لدعم لوبيتيغي بما يحتاجه خصوصًا في مركز رأس الحربة… أم سيستمر في المبالغة في سياسة التقشف؟ هذا ما سنعرفه نهاية هذا الشهر. كيف يستطيع الريال تجاوز محنة رونالدو بأقل التكاليف؟ عادل منصور |
أوروبا تستعد لأولمبياد مصغر Posted: 04 Aug 2018 02:08 PM PDT برلين/غلاسكو ـ وكالات: مع انطلاق فعاليات البطولة الأوروبية الجديدة متعددة الرياضات في العاصمة الألمانية برلين ومدينة غلاسكو الاسكتلندية، سيكون هذا بمثابة الدفاع عن النفس من هذه الرياضات السبع التي تتضمنها البطولة في مواجهة الهيمنة المتزايدة لكرة القدم. وتبدو هذه البطولة، التي تتضمن سبع رياضات وتقام في مدينتين مختلفتين ولكن برؤية واحدة، كأولمبياد مصغر كما تمثل ضربة البداية لحقبة جديدة في تاريخ البطولات الأوروبية. ويشعر المنظمون بالتفاؤل بأن هذا الحدث سيفوق إجمالي ما كان تحقيقه ممكنا في كل بطولة لهذه الرياضات السبع على حدة خاصة فيما يتعلق بالمتابعة الجماهيرية سواء بالحضور في المدرجات أو المشاهدة التلفزيونية والتي قد تتجاوز المليار مشاهد. وتقام فعاليات هذه البطولة الأوروبية متعددة الرياضات حتى 12 آب/أغسطس الحالي. ومن خلال هذه البطولة، سيودع روبرت هارتينغ البطل الأولمبي لمسابقة رمي القرص الساحة الدولية ليكون أكثر المتنافسين في برلين جذبا للأضواء فيما سيكون الدراج جون ديغنكولب الأكثر جذبا للأضواء في المنافسات التي تقام في مدينة غلاسكو. وكما تشهد العاصمة الألمانية برلين قمة الإثارة من خلال انطلاق فعاليات بطولة ألعاب القوى، والتي تبدأ غدا الاثنين، فيما ستستضيف غلاسكو فعاليات باقي الرياضات وهي الجمباز والسباحة وسباقات الدراجات والتجديف والترايثلون والغولف. ويشارك في فعاليات هذه النسخة أكثر من 4500 رياضي ورياضية يمثلون 52 دولة أوروبية ويتنافسون على 188 ميدالية. وقال السويسري مارك يورغ، أحد مديرين اثنين لهذه البطولة متعددة الرياضات: «رؤيتنا بسيطة. نريد تقديم حدث رياضي يعزز البطولات الأوروبية ويرغب المشجعون في متابعته باهتمام عبر وسائل الإعلام وبالحضور في المدرجات». وأوضح: «السوق الرياضي يتنامى بسرعة مع الطاقة الهائلة لكرة القدم. والاتحادات الرياضية الأخرى تواجه تحديا في محاولة لإيجاد مكان لها. هناك ثراء هائل في عالم الرياضة، والجميع يرغب في أن يكون ببؤرة الضوء. ولكن من الصعب إيجاد وقت لبث هذه الرياضات مباشرة». وتمثل دورة الألعاب الأسيوية الناجحة نموذجا لهذا المشروع باعتبارها أكبر حديث رياضي متعدد الألعاب في العالم بخلاف الأولمبياد ودورة الألعاب الأمريكية. وقال زفن آرنه هانسن رئيس الاتحاد الأوروبي لألعاب القوى: «أعتقد أن البطولة الأوروبية متعددة الرياضات ستبدأ حقبة جديدة تلعب فيها ألعاب القوى دورا بارزا في تشكيل مستقبل الرياضة الأوروبية». ويتطلع الرياضيون بالفعل لهذه البطولة. وقالت باميلا دوتكيفيتش بطلة ألمانيا في سباقات الحواجز: «أعتقد أنها بطولة سوبر» كما أعربت عن اعتقادها بأن البطولة ستجتذب اهتماما جماهيريا كبيرا. وتبدأ شبكتا «إيه آر دي» و»زد دي إف» الألمانيتان بث فعاليات هذا الحدث على مدار عشرة أيام علما أن فعاليات ست رياضات ستنطلق في غلاسكو. وعلى صعيد آخر اعتمدت اللجنة الأولمبية الدولية 15 مسابقة جديدة في برنامج دورة الألعاب الاولمبية الصيفية منها سباقات للمنتخبات المختلطة في ألعاب القوى والسباحة وكرة السلة. وقال مدير الرياضة في اللجنة كيت ماكوتل: قمنا فعلا بخطوة كبيرة نحو المساواة بين الرجال والسيدات. ومن المسابقات التي ستعتمد في الأولمبياد الياباني، البدل المختلط في ألعاب القوى 4 في 100 والبدل المختلط 4 في 100 في السباحة، ومنافسات كرة السلة المصغرة 3 لاعبين ضد 3 ومسابقة للفرق المختلطة في الجودو والدراجات والقوس والنشاب والترياتلون. واضيفت مسابقة الزوجي المختلط في كرة الطاولة وتم استبدال واحدة في الشراع، كما الغيت مسابقات للرجال في الكانوي والرماية والملاكمة واستبدلت بمسابقات للسيدات. ويرتفع عدد المسابقات في ألعاب طوكيو بالتالي إلى 321 مقابل 306 في ريوم 2016 التي اضيفت إليها رياضتان جديدتان هما الركبي والغولف للرجال والسيدات و302 في لندن 2012. وكشفت اللجنة الأولمبية الدولية إضافة خمس رياضات جديدة إلى برنامج الألعاب الأولمبية في طوكيو هي الكاراتيه وركوب الأمواج والتسلق ولوح التزحلق سكايت بورد والبيسبول/سوفتبول. ولا تنحصر الأولمبياد في الانتصارات والهزائم فحسب، ولكن المواقف الطريفة تشكل جزءا أيضا من اللعب وفيما يلي بعض الطرائف والعجائب. أحرز لاعب منتخب الإمارات للجودو توما سيرجيو الميدالية البرونزية بوزن 81 كيلوغراما للرجال، محققا أول ميدالية عربية بدورة الألعاب الأولمبية، بيد ان اللاعب من اصول مولدافية وسبق له رفع علم مولدافيا في أولمبياد لندن. وتعرض الفرنسي انزو لافورت بطل سلاح الشيش لموقف محرج أثناء المبارزة الأخيرة التي جمعته بالبطل الألماني بيتر جوبيتش، فقد نسي انزو لافورت هاتفه المحمول في جيب بدلته ثم بدأ المباراة بشكل طبيعي، وفجأة في منتصف المبارزة، سقط الهاتف من جيبه، وكاد اللاعب الفرنسي ان يسقط على الأرض من دهشته قبل ان يستعيد توازنه وينحني لالتقاط الهاتف، مما أثار ضحك الجمهور المتابع للمباراة. وفي لقطة كوميدية طريفة، قام مشجع من المدرجات بالقفز بشكل كوميدي في حمام السباحة الأولمبي خلال بطولة دورة الألعاب الأولمبية ريو 2016. وبعدها قام بتحية الجمهور على طريقة اللاعبين المنافسين في البطولة. وتقدم الصيني كين كاي الفائز بببرونزية الغطس الايقاعي للزواج من صديقته زي هي، أثناء استعدادها للتتويج بفضية الغطس من منصة متحركة، في مشهد لطيف واستثنائي. أوروبا تستعد لأولمبياد مصغر سبع رياضات في مدينتين برؤية واحدة |
لاجئات سوريات يمارسن رياضة السكواش في هونغ كونغ Posted: 04 Aug 2018 02:07 PM PDT هونغ كونغ ـ وكالات: تستمتع ثلاث لاجئات سوريات يافعات وهن يضربن الكرة بحماسة في الملعب بأول مشاركة لهن في دورة دولية لرياضة السكواش في هونغ كونغ. وتراوح أعمار الفتيات بين 11 و13 عاما وهن ضمن فريق جديد أطلق عليه اسم «سكواش دريمرز» مؤلف من لاجئين سوريين شباب اضطروا إلى هجر بلدهم بسبب الحرب. وحتى بعد انتهاء مبارياتهن في الدورة المخصصة لليافعين والممتدة على خمسة أيام فهن يتوجهن مجددا إلى الملاعب لمواصلة التمرينات. وتقول رغدة حسرية «الفوز ليس الأهم بالنسبة لي بل أني أحب أن ألعب فقط» مشيرة إلى أنها تأمل في أن تصبح مدربة سكواش في المستقبل. والفتيات هن من بين أكثر من 330 ألف طفل تفيد الأمم المتحدة أنهم فروا من سوريا إلى الأردن منذ بدء النزاع في بلدهم في العام 2011. وهربت رغدة وعائلتها من القصف والقنص في مسقط رأسها حمص قبل خمس سنوات قبل أن ينتقلوا إلى الخارج بحثا عن الأمن والسلام. وقد شكلت منظمة «سكواش دريمرز» غير الحكومية الأمريكية ومقرها في الأردن، الفريق المؤلف من 15 فتاة نازحة من سوريا خلال السنتين الأخيرتين. وفي أول مشاركة للفريق في دورة دولية في هونغ كونغ تواجهت ثلاث من الفتيات مع فرق من دول المنطقة بأسرها ومن بينها تايوان وماليزيا في هذه الدورة التي تضم مسابقة رسمية ومباريات ودية كذلك. ومع أن الفتيات السوريات اللاجئات خرجن من المسابقة الرسمية، فهن سيشاركن في الأيام القليلة المقبلة في مباريات ودية. ورياضة السكواش غير منتشرة كثيرا في سوريا لكنها شعبية جدا في بعض دول الشرق الأوسط ولا سيما في مصر فيما تستضيف دول أخرى مثل قطر دورات رئيسية. وتؤكد مدربة الفريق ريم نياز وهي لاجئة أيضا من دمشق أن هذه الرياضة تؤدي دورا في مساعدة الفتيات على إعادة بناء حياتهن. وتوضح «تساعد هذه الرياضة اللاجئات لأنها ليست محظورة عليهن أو خارج متناولهن. فبإمكانهن اللعب مثل الآخرين». وشكل خوضهن أول دورة لهن في الخارج خطوة كبيرة كذلك. وتقول المدربة «ثمة شعور بالفخر الوطني. ويشعر الفريق أنه جزء من هذا العالم» مضيفة أن ذلك يساعدهن على المحافظة على صلة مع بلدهن الأم. وقد زادت ثقة الفتيات بأنفسهن في السنتن الأخيرتين على ما تقول رايتشل لي نائبة رئيس المنظمة غير الحكومية. وتؤكد «بدأن يدركن القوة التي يتمتعن بها. وهن يعملن خصوصا على تعزيز قوتهن الجسدية والذهنية». لاجئات سوريات يمارسن رياضة السكواش في هونغ كونغ |
النوادي الإنكليزية والإيطالية تهيمن على سوق الانتقالات الصيفي وإسبانيا وألمانيا تتراجع Posted: 04 Aug 2018 02:07 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: بدأ عمالقة أوروبا في الصراع من جديد، منذ افتتاح سوق الانتقالات الشتوية الجارية، التي تم افتتاحها أمس، وبدأت الأندية الأوروبية بالتحرك في سوق الانتقالات الصيفية رغبةً في تدعيم صفوفها، ومما لا شك فيه فإن أخبار سوق الانتقالات تهم عددا كبيرا من المتابعين، خصوصاً لمعرفة آخر أخبار الأندية في التعاقد مع لاعبين جدد ومعرفة الذين يغادرون صفوف ناديههم. فقد كشفت تقارير ان الأندية الإسبانية والألمانية تنحت جانبا في سوق انتقالات لاعبي كرة القدم هذا الصيف في ظل قوة الكرة الإنكليزية وعودة الدوري الإيطالي للمنافسة بقوة في الميركاتو الصيفي بهدف استعادة بريقه الذي افتقده في العقد الأخير. وبدا أن كأس العالم 2018 في روسيا بمثابة ضربة البداية في سباق محتدم بين الأندية على ضم أبرز اللاعبين، ولكن سوق الانتقالات ظلت هادئة بشكل غريب إلا من صفقة انتقال اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو من ريال مدريد الإسباني إلى يوفنتوس الإيطالي. وساد الهدوء بشكل خاص وكبير في سوق انتقالات الأندية الإسبانية ونظيرتها الألمانية. وتواصل الأندية الإنكليزية الاستفادة من عقود البث التلفزيونية الضخمة حيث تتصدر مجددا قائمة أكبر الاستثمارات في سوق انتقالات اللاعبين. وحدد الدوري الإنكليزي يوم التاسع من آب/أغسطس الجاري موعدا لغلق باب الانتقالات إلى الأندية المتنافسة فيه وهو ما تسبب في تعجيل ملحوظ بعمليات التعاقد. وأنفقت الأندية الإنكليزية حتى الآن نحو مليار يورو (1،17مليار دولار). ورغم هذا، فإن الأمر يقتصر على نحو نصف ما أنفقته هذه الأندية في الموسم الماضي. وبرز نادي ليفربول على رأس الأندية، التي تتطلع إلى عقد صفقات عديدة، وتصدر قائمة الأندية الأوروبية الأكثر إنفاقا في سوق الانتقالات هذا الصيف حيث أنفق نحو 200 مليون يورو منها 70 مليون يورو على حارس المرمى البرازيلي أليسون الذي أصبح أغلى حارس مرمى في التاريخ. وأنفق النادي نحو 110 مليون يورو أيضا لضم اللاعبين البرازيليين جورجينيو وفابينيو. ولم يقترب من ليفربول سوى يوفنتوس الإيطالي الذي أنفق 117 مليون يورو لضم رونالدو من ريال مدريد الإسباني و80 مليون يورو لضم دوغلاس كوستا وجواو كانسيلو. كما استثمر روما الإيطالي نحو 100 مليون يورو وقد تتزايد في الفترة المقبلة إذا توصل النادي لاتفاق مع شاختار دونيتسك الأوكراني على ضم اللاعب مارلوس. ودعم كل من يوفنتوس وروما حجم إنفاق الأندية الإيطالية والذي بلغ نحو 900 مليون يورو ليكون أكبر إنفاق في تاريخ أندية الدوري الإيطالي. وفي المقابل، يبدو إنفاق الكرة الإسبانية في سوق الانتقالات هذا الصيف أقل قليلا حيث بلغ 530 مليون يورو فقط. ولم يكن أي من ريال مدريد وبرشلونة في المقدمة ولكن الصدارة كانت لأتلتيكو مدريد حتى الآن ليصبح الفريق الحالي لأتلتيكو هو الأغلى في تاريخ النادي وذلك من خلال التعاقد مع الفرنسي توماس ليمار مقابل 70 مليون يورو إضافة للجهود التي بذلها النادي للإبقاء على الفرنسي أنطوان جريزمان. وأنفق برشلونة 70 مليون يورو على ضم البرازيليين أرثر ومالكوم ولا تزال محاولات النادي الكتالوني جارية لضم الفرنسي أدريان رابيو رغم صعوبة الحصول على خدمات اللاعب لتمسك باريس سان جيرمان الفرنسي ببقائه في صفوفه. وفي الوقت نفسه، كان الريال أكثر تحفظا، حيث تخلى النادي عن نجمه الشهير كريستيانو رونالدو هداف الريال في العقد الأخير فيما تعاقد مع اللاعبين الثلاثة الشباب فينيسيوس جونيور وألفارو أودريوزولا وأندري لونين الذين يحتاجون لبعض الوقت ليصبحوا على القدر نفسه من الشهرة والنجومية. ورغم هذا، لا يمكن مقارنة مع ما يحدث في انتقالات الدوري الألماني حيث لم تبرم الأندية الألمانية أي صفقة كبيرة حتى الآن. وعلى سبيل المثال، لم يتعاقد بايرن ميونخ بطل الدوري الألماني «بوندسليجا» مع اي لاعب حتى الآن بل إنه فرط في لاعبه دوغلاس كوستا ليجني من ورائه 40 مليون يورو. كما يدور الجدل حاليا حول إمكانية رحيل التشيلي أرتورو فيدال عن صفوف بايرن إلى انتر ميلان الإيطالي. ولم يكن لدى أندية الدوري الفرنسي تحرك ملحوظ في سوق الانتقالات هذا الصيف حيث توقف الشيخ ناصر الخليفي رئيس النادي عن إبرام التعاقدات بعدما جلب لصفوف الفريق صفقتين من العيار الثقيل في العام الماضي وهما البرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابي علما بأن صفقة الأخير تمت بشكل نهائي في الفترة الماضية بعدما قضى مبابي الموسم الماضي في صفوف الفريق على سبيل الإعارة من موناكو الفرنسي. ومن الطبيعي أن يكون كل شيء عرضة للتعديل والتغيير في الأسابيع القليلة المقبلة. ولكن على الأرجح، سيكون هذا من خلال الأندية الإنكليزية قبل غيرها لاسيما مع غلق أبواب الانتقالات مبكرا. النوادي الإنكليزية والإيطالية تهيمن على سوق الانتقالات الصيفي وإسبانيا وألمانيا تتراجع |
تخصيص منشآت القطاع العام لا يُترك لتلاعب اللوبيات Posted: 04 Aug 2018 02:07 PM PDT تماهت «الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية» التي تعتزم بعض البلدان العربية إجراءها، أو التي باشرت بعدُ تنفيذ بعضها، مع ما «ينصح» به صندوق النقد الدولي من إجراءات توصف بكونها «مؤلمة»، لإخراج تلك الاقتصادات من الاختناقات الراهنة. قد تكون المجتمعات القائمة على الريع النفطي في منأى مؤقتا عن مثل تلك الاختناقات، أما البلدان شحيحة الموارد مثل الأردن وتونس والمغرب ومصر، فتوجد في قلب هذا التحدي. وتبدو هذه الدول مدفوعة دفعا إلى تنفيذ «الإصلاحات»، لكي تحصل على قروض ومساعدات من صندوق النقد الدولي وشركائها الاقتصاديين (أساسا الاتحاد الأوروبي)، ولا تضطر للجوء إلى الأسواق المالية الدولية ذات الفوائد المرتفعة. وما يُعطل الحكومات عن المُضيِ في هذه الطريق، أو يجعلها مُترددة، هو الكلفة الاجتماعية والسياسية الباهظة لإجراءات تُصنف على أنها «غير شعبية». وإذا ما اتخذنا التجربة التونسية في التعاطي مع الإصلاحات الاقتصادية مثالا سنجد أن الخصائص التي وسمتها هي الخصائص التي وسمت أيضا التجارب الأخرى. أربعة «إصلاحات» كبرى ويمكن تلخيص الإجراءات الأبرز التي يحض عليها صندوق النقد الدولي في أربعة «إصلاحات كبرى» هي التوقف عن دعم المواد التموينية الأساسية وبيع مؤسسات القطاع العام الخاسرة أو المتعثرة للقطاع الخاص، جزئيا أو كليا، ووقف الانتدابات الجديدة في المؤسسات العمومية، بالإضافة لتسريح قسم من موظفي القطاع العام للحد من نزيف الرواتب. ويستندُ طلب تخفيض عدد العاملين في القطاع العام إلى أن قسما من هؤلاء في مصر وتونس والمغرب والأردن وبلدان أخرى، تم انتدابهم بناء على الزبونية والرشوة والقرابة والولاء، وليس على الكفاءة. وإذا ما رصدنا هذه الظاهرة في المثال التونسي، سنجد أن عدد الموظفين في القطاع العام تضاعف 16 مرة منذ الاستقلال (1956). إذ ارتفع من 36 ألفا إلى نحو 700 ألفا في 2017 حسب دراسة أعدها «المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية» (حكومي). وإذا ما تعمقنا أكثر في هذا الأنموذج نُدرك أن الخلفيات السياسية لعبت دورا مهما في تعقيد أزمة القطاع العام، إذ أن عدد مستخدمي القطاع تضخم بعد عام 2012 تاريخ استلام أحزاب «الترويكا»، بقيادة «حركة النهضة» الإسلامية مقاليد الحكم. وأبصرت تلك الفترة عمليات توظيف عشوائية لصالح المستفيدين من العفو العام، وهم من منتسبي الأحزاب المعارضة في العهد السابق، الذين فُصلوا من وظائفهم. ترقيات آلية وتلت تلك الخطوة انتدابات استثنائية لمن صُنفوا بين أهالي «شهداء الثورة» وجرحاها، علما أن لائحة الشهداء والجرحى لم تُضبط بشكل نهائي حتى اليوم. وكشفت دراسة «المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية» أيضا أن الترقيات الآلية شملت منذ سنة 2012 أكثر من 435 ألف موظف. وأدى تضخم عدد موظفي القطاع العام إلى إثقال كاهل الموازنة بكتلة رواتب اعتبرها صندوق النقد الدولي من بين الأضخم في العالم، إذ أنها تستأثر بـ14 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلد. من هنا وضع الصندوق خفض كتلة الرواتب في مقدم شروطه لمواصلة تمويل الإصلاحات الاقتصادية في تونس، مُشددا على النزول بها إلى 12 في المئة من الناتج المحلي في غضون سنة 2020. كيف جابهت الحكومة هذا التحدي الصعب؟ كان الإجراء الأول متمثلا بغلق باب الانتداب في القطاع العام، وكذلك تسهيل نفاذ الشباب لمصادر التمويل من أجل بعث مشاريعهم الخاصة. وأظهر «المعهد الوطني للإحصاء» أن عدد العاطلين عن العمل في تونس بلغ 665 ألفا (العدد الإجمالي للسكان أكثر من 10 ملايين)، من ضمنهم 250 ألفا من الحاصلين على شهادات جامعية. لكن حتى الآن ليس واضحا إذا ما كان البلد مُقبلا على تخصيص مؤسسات القطاع العام أم لا، لأن الجدل في شأن هذه المسألة بقي عقيما، بعدما اتخذ منذ البدء منحى أيديولوجيا، لا بل ديماغوجيا، يُركز على الشعارات الفضفاضة، وليس على قياس الجدوى الاقتصادية لقرارات التخصيص. والثابت أن مئات من مؤسسات القطاع العام باتت هزيلة وخاسرة. وتم في البدء وضع لائحة بمئة مؤسسة مرشحة للتخصيص، على أن تشمل الموجة الأولى عشر مؤسسات فقط، بُغية وقف النزف الذي تعاني منه الموازنة. اختلالات هيكلية الذين يستسهلون اختزال المسألة في مؤامرة حبكها صندوق النقد الدولي يغضون الطرف عن الاختلالات الهيكلية في القطاع العام. صحيح أن هناك أسبابا موضوعية تدفع في اتجاه تخصيص بعض المؤسسات العمومية، وأسبابا أخرى تجعله غير مبرَر، لكن لم ينطلق حتى الآن حوار جدي ومسؤول حول مستقبل القطاع العام بين الحكومة والنقابات العمالية، التي تعترض بشدة على أي خطوة في اتجاه التخصيص، مُعتبرة الإبقاء على الوضع الراهن للقطاع العام «خطا أحمر». وفي النتيجة ما زال الجميع يدورون في حلقة مفرغة. يرتكز مناصرو التخصيص على ما يدُرُهُ هذا الإجراء من أموال على المؤسسة العمومية المتعثرة، وتحسين قدرتها على المنافسة وإنعاش مالية الدولة بضخ أموال جديدة فيها، فضلا عن وقف النزف المتمثل بإنفاق الدولة على المؤسسات العمومية المتعثرة. ومن شأن هذه الخطوة أن تُقلل من التأثير السياسي والعشائري في عمليات التوظيف وتحدَ من الفساد وإهدار المال العام. أكثر من ذلك، إذا تخففت الدولة من عبء المؤسسات المتعثرة تغدو قادرة على القيام بدورها في تنشيط الحياة الاقتصادية وتسريع نسق النمو والاهتمام بالمناطق الريفية المنسية. أما صندوق النقد الدولي فاعتبر على لسان جهاد أزعور، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، أن تونس نفذت نصف خطة الإصلاحات التي يتعين عليها تنفيذها، مُشيرا إلى أن «الخطة عرفت مشاكل عدة خلال الفترة الأخيرة» (من دون شرحها) على الصعيدين الداخلي والخارجي. واعتبر أزعور في تصريحات أدلى بها خلال زيارته لتونس الأسبوع الماضي، أن مؤشرات التصدير إيجابية، لكنه رأى أنها تحتاج إلى مزيد من الدعم «بعدما ساهمت في الحد من عجز الموازنة، الذي يُشكل السبب الأول للتداين» على ما قال. وتُبرر الحكومة التونسية، مثل حكومات الأردن ومصر والمغرب، مُسايرتها لـ»نصائح» الصندوق بحاجتها إلى الحصول على الأقساط المُتفق عليها من قروضه، كي لا تُضطر هذه الحكومات إلى الخروج إلى السوق المالية، والاستدانة بفوائد مرتفعة. صعود أسعار النفط ويعتقد خبراء اقتصاديون أن صعود أسعار النفط في الأسواق الدولية أو نزولها يلعب دورا حاسما في تفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس أو انفراجها. وهو التحدي نفسه الذي تواجهه بلدان عربية أخرى غير منتجة للنفط والغاز، ما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. واتجهت البلدان الأربعة (الأردن ومصر والمغرب وتونس) إلى تنمية الطاقات الجديدة والمتجددة، بسرعات متفاوتة، كي تُقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية، لكنها ما زالت في أول الطريق، فأسعار الوقود في تونس عرفت أربع زيادات خلال عام واحد، ما يُعتبر إنهاء تدريجيا للدعم. كما قررت الحكومة مراجعة الأسعار دوريا كل ثلاثة أشهر في ضوء تقلبات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، ما يؤُشر لمزيد من الزيادات. صعود الليبرالية الجديدة إذا ما رصدنا مسار التخصيص باعتباره موجة عالمية، نلحظ أن هذه الموجة شملت معظم بلدان العالم منذ صعود الليبرالية الجديدة في ثمانينات القرن الماضي، مع رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر والرئيس الأمريكي دونالد ريغن. وتعززت الموجة بسقوط جدار برلين وانهيار الأنظمة الشيوعية السابقة، فتبلور آنذاك طريقان إلى التخصيص: الأول ظهر في البلدان الغنية، التي حرصت على تحسين إدارة المؤسسات العمومية، قبل بيعها للقطاع الخاص، فجعلت منها مؤسسات رابحة، واستطرادا غنمت من بيعها. أما الطريق الثاني فهو المسار الذي عرفته البلدان المُتحولة من الاشتراكية إلى اقتصاد السوق. وكانت تمرُ في صعوبات اقتصادية واختناقات مالية جعلتها تتخلى عن القطاع العام بأسعار زهيدة في كثير من الحالات. بهذا المعنى يحتاج السير في طريق التخصيص إلى تحسين إدارة المؤسسات العمومية في البلدان العربية المعنية، ولو بواسطة اللجوء للاقتراض، من أجل تحويلها إلى مؤسسات قادرة على المنافسة، ثم اتخاذ القرار بالتخصيص أو عدمه حسب الحالات، كي لا يكون القضاء على القطاع العام السبيل الوحيد لعلاج أمراضه وعاهاته. وأظهرت التجارب المعيشة في هذا المجال أن هناك ثلاثة خيارات مُتاحة في هذا المضمار: الأول هو إفساح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في رأس مال الشركات العمومية المُتعافية، في إطار شراكة يكسب من ورائها الطرفان، إما عبر شراء أسهم أو إدراج المؤسسة في البورصة، أو بتسمية شريك استراتيجي من ضمن الخواص. والخيار الثاني هو التخلي عن المؤسسة للقطاع الخاص بسبب كلفة الإصلاح الباهظة. أما الخيار الثالث فهو الإبقاء على الوضع القانوني للمؤسسة العمومية، باعتبارها استراتيجية أسوة بشركات الكهرباء والماء. إجمالا لا يمكن النظر إلى قضية الإصلاحات الاقتصادية بمنظار أيديولوجي، مثلما هو الحال اليوم في غالبية المناقشات، فالمؤكد أن الدول ستكسب من تخصيص مؤسسات عمومية متعثرة، لكن بشرط أن تكون تلك المؤسسات في دائرة القطاع التنافسي، وليست مؤسسات استراتيجية تؤثر في الأمن القومي للبلد، على ألا تباشر اللوبيات في إرباك المؤسسات المُرشحة للتخصيص من أجل الاستيلاء عليها بأبخس الأثمان. تخصيص منشآت القطاع العام لا يُترك لتلاعب اللوبيات رشيد خشانة |
غزة: الدولار «الأبيض» يثير خلافات حادة بين المواطنين والمصارف Posted: 04 Aug 2018 02:06 PM PDT يعتبر الدولار الأمريكي من العملات الأساسية التي يتم تداولها في الأراضي الفلسطينية ويتقاضى الموظفون رواتبهم بها، ولكن بفعل الحصار الإسرائيلي وحالة التضييق التي تفرض على البنوك والمصارف العاملة في قطاع غزة تعرضت هذه الورقة إلى العفن والبهتان، نتيجة سوء التخزين وانحسار تداولها في السوق حيث يشتكي المواطنون في غزة من حالة الابتزاز التي يمارسها أصحاب شركات الصرافة من التلاعب بسعر صرف العملة من فئة الدولار، حيث يشترط أصحاب تلك الشركات تحويل الدولار إلى الشيكل بخسارة أكبر من القيمة الأساسية لسعر صرف الدولار، وذلك بحجة أن الورقة مغسولة وقديمة ويصعب تسويقها، وهو ما أثار غضب المواطنين نتيجة الفرق الكبير في سعر الصرف. المواطن أبو أشرف الدرزي وصف لـ»القدس العربي» ما يقوم به أصحاب شركات الصرافة بـ»عملية النصب والاحتيال العلنية» حيث بين أنه تجول بين عدد من الصرافين لكي يتمكن من صرف 100 دولار بخسارة قليلة، ولكنه لم يفلح واستسلم لخسارة مبلغ 30 شيكلا من سعر الصرف بحجة أن الورقة بيضاء وباهتة. وعبر عن امتعاضه الشديد من هذا التلاعب مطالباً سلطة النقد بوضع رقابة تحدد أسعار ثابتة للصرف ومراقبة سلوك محلات الصرافة المنتشرة في القطاع والأخذ بعين الاعتبار الحالة الاقتصادية التي يعانيها المواطن بسبب حصار شل كافة مناحي الحياة. ظاهرة التسعيرة المختلفة للعملة أشعلت خلافات بين المواطنين وتجار العملة والبنوك، بعد أن انتشر في الأسواق الدولار الأزرق الجديد واندفع المواطنون للبحث عنه وهو ما فتح فصلا جديدا من الخلافات داخل البنوك بسبب وجود كميات قليلة من تلك الدولارات. الموظف أبو منير صافي يقول لـ»القدس العربي»: خسرت كثيراً من راتبي عندما تلقيت راتب شهر أيار/مايو المنصرم وذهبت لأصرف مبلغ 300 دولار ولم أكن على دراية بسياسة الابتزاز التي تنتهجها كافة الشركات، وسبب ذلك انني تلقيت عملة دولار قديمة يصـعـب صرفها بالسعر الطبيعي». وخلال اجتماع جمع مدراء البنوك العاملة في غزة لبحث هذه الأزمة بينت المخرجات أن الاحتلال يرفض إدخال عملة دولار جديدة واستبدال مبالغ كبيرة من العملة القديمة والمهترئة والتي تكدست في البنوك، إضافة إلى أزمة السيولة النقدية التي يسببها تجار العملات. وحمل المدراء مسؤولية الأزمة لأصحاب محلات الصرافة مشيرين إلى أن البنوك تقبل أي نوع من العملات، سواء كانت طبعتها قديمة أو جديدة. ويقول أحد أصحاب شركات الصرافة أن سياسة التلاعب بأسعار الدولار مقابل الشيكل بين السوق المحلي والبورصة العالمية هي نتيجة إدخال عملة دولار جديدة إلى بنوك غزة، وأن الورق الموجود في القطاع يتعرض للتلف وتغير اللون إلى الأبيض الباهت، نتيجة غياب وسائل التخزين الملائمة وتعرضه للرطوبة. ويقول لـ»القدس العربي» أن البعض يلجأ إلى غسل الدولار بمواد كيميائية لإزالة العفن الناتج عن سوء التخزين بمادة الكلور، إحدى المكونات الأساسية التي تدخل عملية غسيل العملة الورقية، وهذا يؤدي إلى بهتان لونها وتكرار ذلك يضعف بنيتها وتصبح قابلة للتمزق بسهولة، ومن هنا يضطر الصرافون لإجراء خصم كبير على هذ النوع من العملات. وأضاف أن مثل هذه الأزمة تسببت لنا في مشاكل مع المواطنين الذين يتلقون حوالات مالية من الخارج ويرفضون تلقي الدولار القديم ويطالبون بالأزرق الجديد. على صعيد سلطة النقد الفلسطينية، فإنها تبذل جهودا مكثفة مع كافة الجهات ذات العلاقة بهدف تلبية احتياجات المواطنين في محاولة للتخفيف من معاناتهم، وقد أثمرت هذه الجهود حسب بيان سلطة النقد عن استبدال بعض من الأوراق التالفة المتكدسة في البنوك. غزة: الدولار «الأبيض» يثير خلافات حادة بين المواطنين والمصارف إسماعيل عبدالهادى |
تقرير سري للأمم المتحدة: كوريا الشمالية لم توقف برامجها النووية والصاروخية Posted: 04 Aug 2018 02:06 PM PDT أفاد تقرير سري للأمم المتحدة بأن كوريا الشمالية لم توقف برامجها النووية والصاروخية في خرق لعقوبات الأمم المتحدة. وقدم خبراء مستقلون يراقبون عقوبات الأمم المتحدة التقرير الذي أعدوه على مدى ستة أشهر إلى لجنة عقوبات كوريا الشمالية في مجلس الأمن الدولي الجمعة. وقال الخبراء في التقرير المؤلف من 149 صفحة إن كوريا الشمالية «لم توقف برامجها النووية والصاروخية وواصلت تحدي قرارات مجلس الأمن من خلال زيادة كبيرة في نقل المنتجات البترولية بشكل غير قانوني من سفينة لسفينة وأيضا من خلال عمليات نقل الفحم في البحر خلال عام 2018». ولم ترد بعثة كوريا الشمالية في الأمم المتحدة على طلب للتعليق على التقرير. وجاء في تقرير الأمم المتحدة، أن كوريا الشمالية تتعاون عسكريا مع سوريا وحاولت بيع أسلحة للحوثيين في اليمن. وأضاف أن بيونغيانغ خرقت أيضا حظرا مفروضا على المنسوجات بتصدير بضائع تجاوزت قيمتها 100 مليون دولار بين تشرين الأول/أكتوبر عام 2017 وآذار/مارس عام 2018 إلى الصين وغانا والهند والمكسيك وسريلانكا وتايلاند وتركيا وأوروغواي. ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي تقترح فيه روسيا والصين أن يناقش مجلس الأمن الدولي تخفيف العقوبات بعد اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لأول مرة في حزيران/يونيو وتعهد كيم بالعمل نحو نزع السلاح النووي. وقالت الولايات المتحدة ودول أخرى في المجلس إنه لا بد من فرض تطبيق العقوبات بشكل صارم إلى أن تنفذ كوريا الشمالية تعهداتها. وذكر خبراء الأمم المتحدة أن عمليات نقل المنتجات البترولية على نحو غير قانوني من سفينة لسفينة في المياه الدولية «زادت من حيث النطاق والحجم والتعقيد». وأضافوا أن أحد التقنيات المهمة التي تستخدمها كوريا الشمالية هو إغلاق نظام التتبع في السفينة لكنها تعمل أيضا على إخفاء السفن نفسها وتستخدم سفنا أصغر. وصوت مجلس الأمن بالإجماع بفرض عقوبات على كوريا الشمالية منذ عام 2006 بهدف وقف تمويل برامج بيونغيانغ النووية والصاروخية وحظر صادرات منها الفحم والحديد والرصاص والمنسوجات وطعام البحر كما فرض قيودا على واردات النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة. وقال الخبراء إن «التعاون العسكري المحظور مع الجمهورية العربية السورية استمر دون انقطاع». وأضافوا أن فنيين من كوريا الشمالية يعملون في صناعة الصواريخ البالستية وغيرها من الأنشطة المحظورة زاروا سوريا في 2011 و2016 و2017. وقال التقرير إن خبراء يحققون في جهود وزارة العتاد العسكري الكورية الشمالية وهيئة التعدين وتنمية التجارة الكورية لإمداد جماعة الحوثي اليمنية بأسلحة تقليدية وصواريخ بالستية. وذكر التقرير أن بلدا لم يُذكر اسمه أطلع الخبراء في 13 تموز/يوليو عام 2016 على خطاب من قيادي للحوثيين يدعو فيه كوريين شماليين لاجتماع في دمشق «لمناقشة مسألة نقل التكنولوجيا وغيرها من الأمور ذات الاهتمام المشترك». وقال الخبراء إن «الممارسات الخداعية» التي تقوم بها كوريا الشمالية تقوض فعالية العقوبات المالية على نحو ممنهج. (رويترز) تقرير سري للأمم المتحدة: كوريا الشمالية لم توقف برامجها النووية والصاروخية |
محمد محسوب يتصدر جدل المصريين على الانترنت ويعيد التذكير بالطالب ريجيني Posted: 04 Aug 2018 02:05 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تصدر خبر توقيف السلطات الإيطالية للوزير المصري السابق والمعارض المعروف محمد محسوب، أحاديث المصريين على الانترنت، وأشعل موجة من الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن ربط الكثير من النشطاء والمعلقين بين اعتقاله في روما من أجل تسليمه لمصر، وبين مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني والذي تسبب في أزمة سياسية بين روما والقاهرة. ومحسوب الذي أعلن عبر حسابه على «تويتر» في ساعة مبكرة من فجر الخميس الماضي أنه موقوف لدى السلطات الإيطالية وأنها تعتزم تسليمه للقاهرة، هو وزير الشؤون البرلمانية خلال فترة حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي أطاح به الجيش في الثالث من تموز/يوليو 2013. ومنذ انهيار حكم الإخوان المسلمين يعيش محسوب في الخارج، ويمارس نشاطاً سياسياً وإعلامياً محدوداً، كما أن أكثر من 600 ألف شخص يتابعونه على شبكة «تويتر» التي أعلن من خلالها عن توقيفه في تغريدة قصيرة. أما الطالب جوليو ريجيني الذي تجدد الحديث عنه على الانترنت بمناسبة اعتقال محسوب في إيطاليا، فهو إيطالي قتل في مصر بعد أن تم اختطافه في 25 كانون الثاني/يناير 2016 في ما تم العثور على جثته مشوهة في 3 شباط/فبراير في منطقة صحراوية في مدينة 6 أكتوبر في القاهرة. وأثار توقيف محسوب موجة واسعة من الجدل وردود الفعل على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر، حيث أبدى مؤيدو النظام تأييدهم لاعتقاله، بينما عبر المعارضون عن صدمتهم من أن يتم اعتقاله في دولة أوروبية، وخاصة إيطاليا التي دخلت في أزمة مع القاهرة بعد مقتل مواطنها وتردد شائعات وتقارير أن السلطات أو أجهزة أمنية بعينها هي التي دبرت قتله. وعلق وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في مصر، ورئيس المعهد المصري للدراسات حالياً، الدكتور عمرو دراج على توقيف محسوب بالقول إن «القبض على الدكتور محمد محسوب بهذه الطريقة المهينة من السلطات الإيطالية لتسليمه إلى مصر فضيحة جديدة تضاف إلى سجل ما يسمى بالعالم الحر في دعم الأنظمة القمعية الديكتاتورية. كلنا نقف مع الدكتور محسوب. سنسعى أن يصل صوتنا لكل حر بقي في العالم، والله قادر على نصرته ونصرة كل مظلوم». أما الكاتب والصحافي الفلسطيني ياسر الزعاترة فغرد على «تويتر» قائلاً: «احتجاز إيطاليا لمحمد محسوب جريمة قانونية وأخلاقية. هو ليس مجرما حتى يُعامل على هذا النحو ويتم الحديث عن تسليمه، بل وزير سابق ومعارض سياسي يستحق الاحترام. فليطلق سراحه فورا، وعلى الأحرار أن يتحركوا سريعا في كل اتجاه نصرة للرجل». وغردت ناشطة مصرية باللغة الانكليزية على «تويتر» تقول: «إيطاليا ترتكب خطأ كبيراً تجاه المصريين بدعمها ومساعدتها للنظام الديكتاتوري الحالي الذي ليس لديه شرف ولا مبادئ ولا احترام لحقوق الإنسان. تذكروا ما حدث لابنكم جوليو ريجيني وسيبقى يحدث مع كل المعارضين». وكتبت ناشطة أخرى تغرد على «تويتر» بالانكليزية أيضاً: «نناشد السلطات الإيطالية أن تطلق سراح محسوب فوراً. إنه رجل قانون، ووزير سابق، وهو ملاحق من قبل النظام المصري القمعي». وعلق هيثم أبوخليل بالقول: «اعتقلوه كما لو كان مصرياً.. أين أنتِ يا أم جوليو ريجيني؟». وغرد أيمن نور قائلاً: «سر عداء السيسي لمحمد محسوب هو أنه عندما استقال من حكومه قنديل تصور السيسي ان بإمكانه توظيفه لصالح مخططه الانقلابي، وطلبه في اجتماع سري بالمخابرات الحربية خرج منه محسوبا على الاتحادية لإبلاغ الدكتور مرسي بما شعر به من شروع في تآمر، وعندما تم الانقلاب لم يغفرها السيسي لمحسوب أبداً». وغرد بهاء الدين حسن، وهو ناشط ومدافع عن حقوق الإنسان، قائلاً: «هذا تطور نوعي جديد في ممارسات أجهزة أمن السيسي: من خطف المصريين من الشوارع والبيوت وتلفيق اتهامات لهم، إلى محاولة إقناع دول أخرى بتسليم مصريين مقيمين لديها عبر إلصاق إتهامات ملفقة بهم». وأضاف: «لا يجب أن يُعمينا التحزب، هذه مسألة لاعلاقة لها بانتماء الدكتور محسوب السياسي، ولا بما إذا كان مذنبا أم لا، إنها تتعلق بإنقاذ إنسان. كل متابع نزيه لما يجري في مصر (مصريا أم أجنبيا) يعرف أن أجهزة أمن السيسي تعين القضاة وتصدر الأحكام، وتعذب المحكومين أو تدفعهم للموت بأمراضهم». وكتبت الناشطة الحقوقية والمحامية نيفين ملك على «فيسبوك» تقول: «كل التضامن مع استاذ القانون وعميد كلية الحقوق والمعارض الوطني الدكتور محمد محسوب.. من العار على أنظمة القانون أن تساند الأنظمة البوليسية القمعية.. وبالمناسبة ومن أجل العدالة يبقى السؤال: من قتل باحث الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني؟!». أما الناشط عماد الوكيل فعلق على «فيسبوك» أيضاً بالقول: «ربنا يرفع عن الدكتور محمد محسوب ويخرجه من الاحتجاز ولا يمكن منه الظالمين اللهم آمين. الانقلاب لا يريد الدكتور محسوب بقدر ما يريد ان يوصل رسالة وهي: أنتم محاصرون بالخارج ونستطيع أن نوقع بكم إذا تحركتم خارج منفاكم!». وكان محسوب قال إن الشرطة الإيطالية احتجزته قرب مدينة كاتانيا، مشيرا إلى أن ذلك يأتي تمهيدا لتسليمه للسلطات المصرية، وذكر في تغريدته على «تويتر» إن «الشرطة الإيطالية تحتجزني منذ 3 ساعات قرب مدينة كاتانيا، بطلب من السلطة المصرية لتسليمي.. وترفض الإفصاح عن التهم الموجهة لي». وفي فيديو متداول قال محسوب الذي ظهر صوتا وصورة: «أنا حاليا محتجز في قسم شرطة مدينة كوميزو تبع (مقاطعة) راغوزا (جنوبي إيطاليا) بطلب من الحكومة المصرية لتسليمي» وأشار إلى أنه يواجه تهما في مصر وصفها بـ»الملفقة» كـ»النصب والاحتيال والتهجم على ممتلكات الدولة». وتابع: «زي ما بدافع عن حرية بلدي سأدافع عن حريتي حتى آخر نفس في حياتي». وكان محسوب قد شغل منصب وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، لعدة أشهر قبل أن يستقيل في نهاية 2012 وكان عضوا في الهيئة العليا لحزب الوسط المعارض. 7med محمد محسوب يتصدر جدل المصريين على الانترنت ويعيد التذكير بالطالب ريجيني |
الصحف السودانية تخلو من تغطية أخبار المجلس التشريعي Posted: 04 Aug 2018 02:05 PM PDT الخرطوم ـ «القدس العربي»: خلت الصحف السودانية من تغطية أنشطة المجلس التشريعي (البرلمان) طوال الأسبوع الماضي وذلك بعد منع الصحافيين من دخول البرلمان في تطور لافت لإنتهاك حرية التعبير ومنع المواطنين من الاطلاع على ما يدور داخل قبة البرلمان. وتطور الخلاف بين مندوبي الصحف وإدارة الإعلام في المجلس الوطني السوداني بعد أن منعت إدارة البرلمان إحدى الصحافيات من دخول مباني المجلس بسبب خبر نشرته ولم ترض صياغته إدارة الإعلام ليحتج بعد ذلك مندوبو الصحف ويقررون مقاطعة أخبار البرلمان ليومين. وعند مزاولة الصحافيين لنشاطهم بعد مقاطعة اليومين تم منعهم من الدخول فأصدروا بيانا جاء فيه: «تفاجأنا بعد أن وصلنا إلى مبنى المجلس الوطني بصدور قرار يقضي بمنعنا من دخول البرلمان لأداء واجبنا المهني كمندوبي الصحف السياسية اليومية، وأبلغنا أفراد الأمن بالمنع إلى حين افتتاح الدورة البرلمانية المقبلة مطلع تشرين الأول/أكتوبر المقبل». واستثنى قرار المنع التلفزيون القومي والإذاعة السودانية ووكالة السودان للأنباء والمركز السوداني للخدمات الصحافية وقنوات «سودانية 24، الشروق» وتلفزيون الخرطوم ومعظم هذه الجهات تنتمي للحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر. واحتج الصحافيون على مسلك البرلمان، بحرمانه لهم من نشر أعماله إلى الرأي العام، مؤكدين أن لديه ما لا يرغب في إخراجه للعلن. واعتبروا المنع مخالفاً للقانون والدستور الذي أتاح حضور أنشطة البرلمان حتى للعامة، وأضاف الصحافيون في بيان لهم: «رغم أن البرلمان مؤسسة تشريعية مناط بها الحفاظ على سيادة القانون والدستور إلا إنه وبهذه السابقة يكون أول من خرق وانتهك قوانين ولوائح وضعها بنفسه». وبعد اسبوع من منعهم من دخول البرلمان، نفذ الصحافيون وقفتين احتجاجا على هذا المنع الأولى كانت أمام مبنى البرلمان في مدينة أمدرمان والثانية باتحاد الصحافيين بالخرطوم ولم يتمكنوا من مقابلة رئيس البرلمان ورئيس الاتحاد. وقال الصحافيون: «نهدف من هذه الوقفة إلى توصيل مذكرة احتجاجية إلى رئيس البرلمان ابراهيم أحمد عمر، لكنه رفض استلام المذكرة». وأكدوا استمرارهم في مناهضة قرار البرلمان بشتى السبل، مشيرين إلى وقفات إحتجاجية معلنة تضم كافة الإعلاميين والصحافيين والمنظمات الحقوقية المهتمة بحرية الصحافة. وطالب الصحافيون السودانيون في المذكرة التي قدمت لرئيس البرلمان بالتراجع الفوري عن قرار حرمان الوسائل الإعلامية من دخول البرلمان وأن يتوقف مستشار رئيس البرلمان، عبد الماجد هارون، عن ممارسة ضغوط على الصحف بواسطة أصدقائه ومعارفه في جهاز الأمن لاستبدال المندوبين الذين لا تعجبه طريقة نقلهم للوقائع، مؤكدين رفضهم أي شروط أو إملاءات من أي جهة كانت، تمس حريتهم في نقل وقائع البرلمان. وأدانت «الشبكة العربية لإعلام الأزمات» منع الصحافيين السودانيين من دخول البرلمان، وقالت في بيان «منعت إدارة الإعلام بالمجلس الوطني الصحافيين بالصحف المحلية والدولية ومراسلي وكالات الأنباء والفضائيات من دخول البرلمان واداء واجبهم المهني يوم الخميس الماضي، وذلك رداً على موقف مندوبي الصحف المحلية مقاطعة أعمال البرلمان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، احتجاجاً على منع زميلتهم من صحيفة «الانتباهة» هبة عبيد، من دخول البرلمان، على خلفية نشرها خبرا صحافيا أغضب رئيس البرلمان». وأضافت أن هذه القضية تعكس بجلاء أن البرلمان لا يقل عن جهاز الأمن والجهاز التنفيذي، وجميعها تعمل كمنظومة واحدة في إنتهاك الدستور والاعتداء على الحريات الصحافية وحرية الرأي والتعبير. وأدانت «شبكة الصحافيين السودانيين» (غير حكومية) القرار الذي أصدره مستشار رئيس البرلمان عبد الماجد هارون بمُباركة رئيس البرلمان إبراهيم أحمد عمر، مشيرة إلى أنه يمثل انتهاكا صارخا لحُرية الصحافة وحقها القانوني في الحُصُول على المعلومة. وأضافت: «تُؤكِّد الشبكة، تأييدها غير المحدود للخطوات كَافّة، التي نفّذها الصحافيون البرلمانيون وتُطالب القاعدة الصحافية ورؤساء التحرير وكُتّاب الرأي بالوقوف مع زملائهم في هذه المعركة التي خَاضوا غمارها لأجل حُرية الصحافة السُّودانية وكرامتها». ووجد قرار منع الصحافيين السودانيين من دخول البرلمان إدانة واسعة ودعت منظمة الحريات الصحافية القريبة من حزب المؤتمر الحاكم لمعالجة مشكلة مندوبي الصحف في البرلمان وطالبت في تعميم صحافي بإعادة النظر في قرار المنع مناشدة كافة الأطراف للإحتكام للقانون في حال وجود مخالفات. وأصدرت إدارة إعلام المجلس الوطني في السودان بيانا أكدت من خلاله التزامها التام باللوائح والدستور فيما يتعلق بدور الصحافة واتاحة أعمال المجلس الوطني للجمهور وأفادت أن عددا من الصحافيين المكلفين بتغطية أعمال المجلس أعلنوا مقاطعتهم لأعمال البرلمان يومي الثلاثاء والاربعاء تضامناً مع زميلتهم من صحيفة «الانتباهة» التي قررت إدارة صحيفتها استبدالها بزميل آخر من الصحيفة بعد تلقيها شكوى متعلقة بعدم التزامها المهنية في عرض أخبار المجلس في الصحيفة واقتناع الإدارة بالحيثيات التي تم عرضها. وأكدت التزامها بما ورد في المادة 1/34 من لائحة أعمال المجلس الوطني بأتاحة جلساته للصحافيين والإعلاميين والجمهور، وأشارت إلى أن لائحة أعمال المجلس الوطني نصت على أن أعمال اللجان سرية وغير متاحة للإعلام إلا في الحالات التي تقررها إدارة المجلس. 7med الصحف السودانية تخلو من تغطية أخبار المجلس التشريعي بسبب منع مندوبيها من دخول البرلمان صلاح الدين مصطفى |
اليابان تعمل على إطلاق صحافي مختطف في سوريا Posted: 04 Aug 2018 02:05 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تنشغل الحكومة اليابانية حالياً في بذل الجهود اللازمة من أجل إنقاذ الصحافي الياباني المختطف في سوريا جومبي ياسودا، وذلك بعد بث تسجيل فيديو يظهر فيه ويؤكد – في حال صحته – أن الصحافي مختطف في مكان ما في سوريا، وربما يكون في حوزة جماعات مسلحة. وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدا سوغا، إن الرجل الذي ظهر في الفيديو هو ياسودا، لكنه رفض الإفصاح عن التفاصيل المتعلقة بجهود الحكومة اليابانية لتحريره. وأضاف: «أكبر مسؤولية تقع على عاتق الحكومة هي حماية سلامة المواطنين اليابانيين. نحن نواصل بذل أقصى جهدنا (لإنقاذه) من خلال شبكات المعلومات المختلفة». وقال الرجل الملتحي، الذي ظهر في الفيديو، إنه يعيش في بيئة قاسية ويحتاج إلى إنقاذ فوري. وتحدث باللغة اليابانية لكنه قال إنه كوري يدعى أومارو. وبدأ ياسودا في تقديم تغطية صحافية عن الشرق الأوسط في أوائل عام 2000 وتم احتجازه رهينة في العراق عام 2004 مع ثلاثة يابانيين آخرين، لكن بعد أن تفاوض رجال دين إسلاميون تم إطلاق سراحه. وكانت رحلته الأخيرة إلى سوريا عام 2015 لتقديم تقارير عن صديقه الصحافي كينجي غوتو، الذي أُخذ رهينة وقُتل على يد تنظيم «داعش». وفقد الاتصال مع ياسودا بعد رسالة إلى صحافي مستقل ياباني آخر في 23 حزيران/يونيو 2015. وفي تغريدة له قبل ذلك بيومين، قال ياسودا إن تغطيته الصحافية تواجه عراقيل في كثير من الأحيان، وإنه سيتوقف عن التغريد بمكان وجوده وأنشطته. وتعتبر سوريا حالياً المكان الأخطر على الصحافيين في العالم، حسب منظمة «مراسلون بلا حدود» وإنه خلال العام 2017 وحده تم تسجيل مقتل 12 صحافياً داخل الأراضي السورية، لتتقدم بذلك في الخطورة على المكسيك وأفغانستان والعراق والفلبين، وهي دول شهدت جميعها مقتل صحافيين لكن بوتيرة أقل مما حدث في سوريا. 7med اليابان تعمل على إطلاق صحافي مختطف في سوريا |
السيارات الطائرة ستغزو سماءنا قريباً Posted: 04 Aug 2018 02:04 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: يتوقع أن تشهد «السيارات الطائرة» انتشاراً واسعاً خلال السنوات المقبلة وتغزو العالم بأكمله، فيما تتباين المواصفات المتوقعة لهذه المركبات الطائرة، خاصة مع الجدل بخصوص ما تتمتع به من أمان، في الوقت الذي يتحدث فيه بعض المراقبين عن أنها أكثر أماناً من السيارات التقليدية التي تسير على الأرض، بينما يتحدث آخرون عن أمان أقل. وبدأت العديد من الشركات الكبرى المتخصصة في إنتاج السيارات والطائرات في سباق محموم من أجل الوصول إلى هذا السوق في وقت مبكر، ومن أجل إنتاج «مركبات طائرة» للاستخدام الشخصي في أسرع وقت ممكن، فيما ذهبت بعض الشركات إلى إنتاج هذه السيارات لتكون «ذاتية القيادة». وأوردت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية في تقرير عدداً من أنواع السيارات الطائرة ومواصفاتها، في ظل سعي العديد من الشركات للبحث والتطوير في هذا المجال. وكشفت شركة «رولز رويس» عن خطط لسيارات الأجرة الطائرة التي يمكن تشغيلها في العقد المقبل، موضحة أنها «سيارة كهربائية هجينة، يمكن أن تصل إلى سرعة 250 ميلا في الساعة، وهي تخطط للانضمام لسباق تصنيع سيارات الأجرة الطائرة في القريب العاجل». وأنتجت شركة التكنولوجيا الصينية «EHang» سيارة كهربائية على غرار الطائرة بدون طيار، التي تطير بشكل مقلوب يشبه حرف (U) وتتوقع الشركة أن تكون طائرة الركاب دون طيار الخاصة بها جاهزة للاستخدام العام في المستقبل القريب، لكنها لم تحدد موعدها بالضبط، وهي مخصصة لحمل شخص واحد، وتصل سرعتها إلى 130 كيلو مترا في الساعة. أما شركة «أيرو موبايل» الناشئة في سلوفاكيا فأطلقت أحدث نسخة من سيارتها الطائرة في وقت سابق من العام الحالي وتتسع لأربعة ركاب. وتوفر السيارة «تجربة طيران شخصية، مع بيانات الطيران أو القيادة والاتصالات المتقدمة، وتتوقع الشركة التي ما زالت تطور هذه السيارة، أن تكون متاحة خلال السنوات السبع أو العشر المقبلة للملاك الخاصين واستئجار السيارات». وفي الإطار نفسه، أطلقت شركة «أوبينر» الكندية لتشغيل السيارات طائرة برمائية خفيفة للغاية تعمل بالكهرباء بشكل كامل، ولا تتطلب أي مهارات محددة للعمل بأمان، ويسمح تصميمها باستخدامها من المناطق العشبية الصغيرة ومسافات السفر التي تصل إلى 40 ميلا بسرعة 72 ميلا في الساعة. وتخطط الشركة على المدى الطويل لدمج هذه المركبات في شبكة التنقل الريفية أو الحضرية. وكشفت شركة «إيرباص» الأوروبية العملاقة العام الماضي عن تصميم سيارة طائرة تهدف للحد من انبعاثات الكربون في المناطق الحضرية. وأطلقت الشركة اسم «Pop Up» على برنامجها الذي هو عبارة عن نظام مركبات كهربائي بالكامل دون انبعاثات، ويمكن أن يسافر الركاب عبر حجرة قيادة، بينما تكون السيارة محمولة جوا، وتتحول هذه الحجرة إلى سيارة عندما تسافر على الأرض. وفي حال نجحت هذه الشركات في مشاريعها فهذا يعني أن العالم بانتظار «ازدحام جوي» بالسيارات الطائرة التي ستغزو كل مكان من الكون. السيارات الطائرة ستغزو سماءنا قريباً |
روبوت ايطالي لإنقاذ البشر في حالات الكوارث الطبيعية Posted: 04 Aug 2018 02:04 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء من المعهد الإيطالي للتكنولوجيا من تطوير روبوت فريد قادر على إنقاذ حياة الناس في حالات الحرائق أو الكوارث. وقام العلماء بتصميم الروبوت «Centauro» على هيئة إنسان آلي، وتم تزويده بهيكل متين مقاوم للحرارة والصدمات، بالإضافة إلى أربع أرجل محمولة على عجلات صغيرة تساعده على التحرك بسرعة وسهولة في جميع الاتجاهات، والوصول إلى أماكن يصعب على الإنسان الوصول إليها. كما زود المطورون هذا الروبوت ببطاريات تكفيه للعمل لثلاث ساعات، ومنظومة آلية وكاميرات تمكن من التحكم به عن بعد. أما أذرعه فقادرة على حمل أوزان تزيد عن 6 كيلوغرامات، وتكسير الحواجز القاسية لتسهيل وصول رجال الإنقاذ إلى العالقين في الحرائق أو تحت الأنقاض. وتشهد صناعة «الروبوت» تطوراً كبيراً في ايطاليا، حيث سبق أن ظهر الروبوت «يومي» وهو يرفع عصاه ليقود أوركسترا لوكا فيلهارمونيك في حفل موسيقي في ايطاليا. وظهر الروبوت، الذي يملك ذراعين وهو من تصميم شركة (إيه.بي.بي) السويسرية، للمرة الأولى قبل شهور في مسرح فيردي في مدينة بيزا الإيطالية، للاحتفال بالمهرجان الدولي الأول لأجهزة الإنسان الآلي. وقال أندريا كولومبيني قائد الأوركسترا: «كان علينا في الأساس أن نجد الوقت لنفهم حركاته. عندما استطعنا ذلك أصبح كل شيء سهلاً جداً». وأضاف: «إنه رائع حقاً. وكان الفنيون رائعون لأنهم جعلوا كل شيء يسير على أكمل وجه، خاصة طول وسرعة الحركة، وهو أمر غاية في الأهمية». روبوت ايطالي لإنقاذ البشر في حالات الكوارث الطبيعية |
السباق المقبل: هواتف ذكية بشريحتي اتصال Posted: 04 Aug 2018 02:04 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تتجه شركات إنتاج الهواتف العملاقة في العالم إلى سباق جديد على ما يبدو، وهو السباق نحو إنتاج هاتفين في جهاز واحد، أي هاتف يمكنه تحميل شريحتي اتصال برقمين مختلفين في آن واحد، وهو ما سبقت إليه بطبيعة الحال الشركات الصينية، لكنه لا يزال لا يلقى رواجاً واسعاً في العالم. وكشف تقرير حديث لموقع الكتروني متخصص بأخبار شركة «آبل» وأحدث صيحاتها عن أن الشركة تخطط لإنتاج نسخة جديدة من هواتف «آيفون» واسعة الانتشار في العالم ستكون قادرة على أن تتزود بشريحتي اتصال في آن واحد. وحسب التقرير الذي نشره موقع «ناين تو فايف ماك» فإن اختبار وتفحص النسخة التجريبية الخامسة للمطورين من نظام التشغيل «آي أو إس 12» تضمن «إشارات» واضحة لوجود شريحة اتصال ثانية. ولم يوضح التقرير إذا ما كانت الشريحة الجديدة ستكون من الطراز المدمج «eSIM» غير القابلة للاستبدال أم ستكون مثل شرائح الاتصال التقليدية «SIM» مكتفيا بالإشارة إلى تفكير «آبل» بجدية في طرح هذا الطراز المختلف من هواتف «آيفون». لكن التقرير أشار إلى أن هذه الأنباء يتم تداولها منذ سنوات بدون أن تتحقق على أرض الواقع بالفعل، وهو ما يعني أن «آبل» ربما لا تقوم بذلك، وربما لا تتحقق هذه الأنباء بالفعل. وفي حال أنتجت «آبل» هاتفاً بشريحتي اتصال فهذا يعني أنها دخلت في منافسة كبيرة وسباق محموم مع الشركات الصينية الكبرى التي سبقت إلى هذا المجال والتي بدأت تأكل حصة متزايدة من سوق الهواتف المحمولة، وخاصة شركة «هواوي» التي أنتجت العديد من الطرز لهواتف يمكن أن تشغل شريحتي اتصال في آن واحد. وحسب أحدث الأرقام عن سوق الهواتف المحمولة في العالم فقد تفوقت شركة «هواوي» الصينية لأول مرة في تاريخها على شركة «آبل» الأمريكية من حيث مبيعات هواتفها، لتصبح في المركز الثاني عالمياً بعد «سامسونغ» الكورية الجنوبية. وتقول شركة «آي دي سي» في أحدث تقرير لها إن إجمالي السوق تقلص بنسبة 1.8 في المئة في الربع الثاني من العام 2018 لكن المفاجأة الكبرى هي أن هواوي أصبحت تملك حاليا حصة سوقية بنسبة 15.8 في المئة بعدما شحنت 54.2 مليون هاتف ذكي في الربع الثاني. ولا يعني هذا أن أداء «آبل» تراجع، فالشركة شحنت هواتف ذكية هذا العام أكثر من العام السابق، كما أن حصتها السوقية أصبحت أكبر قليلا هذا العام بنسبة تبلغ 12.1 في المئة. أما شركة سامسونغ الكورية الجنوبية فقد تراجع عدد شحناتها من الهواتف الذكية بنسبة 10.4 في المئة لكنها لا تزال تتصدر قائمة أكبر منتج للهواتف الذكية في العالم بحصة سوقية تبلغ 20.9 في المئة أو 71.5 مليون هاتف ذكي. السباق المقبل: هواتف ذكية بشريحتي اتصال |
يد صناعية تتفوق على أيدي البشر ولا تحتاج تدخل الإنسان Posted: 04 Aug 2018 02:03 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: تمكن باحثون وخبراء تكنولوجيا من تطوير يد صناعية يمكنها أن تتعلم من الإنسان مباشرة وتكتسب المهارات اللازمة، ومن ثم تتصرف دون الحاجة إلى تدخل بشري، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي التي تواصل تطورها المذهل في العالم. وحسب المعلومات التي نشرتها جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليها «القدس العربي» فإن المجموعة البحثية «OpenAI» المتخصصة في ابتكارات وتطوير تقنيات الذكاء الصناعي نجحت في التوصل إلى طريقة جديدة تحسن قدرات الروبوتات في تعلم المهام الإنسانية، من خلال التحكم في الأشياء وتحريكها بالسهولة ذاتها التي تتمتع بها اليد البشرية. وأطلق الباحثون على التقنية الجديدة اسم «Dactyl» وقد نجحت في أن تدفع يد الروبوت إلى تعلم حركات جديدة عن طريق التجربة والخطأ، وعملت بمثابة اليد الحقيقة اعتمادا على مجموعة من البيانات دون أي تدخل بشري. وكتب الباحثون: «في حين أن معالجة الأشياء ببراعة تعتبر مهمة يومية أساسية للبشر، إلا أنها ما تزال تحديا بالنسبة للإنسان الآلي في المستقبل». وأضافوا: «في هذا العمل نوضح أساليب تدريب سياسات التحكم التي تؤثر على اليد البشرية وتطبيقها على اليد الآلية». وخلال الاختبار، كان النظام الجديد قادرا على اكتشاف الحيل البشرية في التعامل مع الأشياء بمفرده، بالاعتماد على آلية التعلم ومجموعة من المعلومات التي تساعد الذكاء الاصطناعي في تكوين فكرة أفضل عن معالجة الأشياء والقدرة على تحريكها، مثل القدرة التي أظهرتها اليد الآلية أثناء التعامل مع مكعب، حيث كان بإمكانها تدويره دون إسقاطه. ووجد الباحثون أيضا أن اليد الآلية كانت قادرة على أداء أنواع مختلفة من القبضات التي كانت حصرية للبشر في السابق، مثل النقل الثلاثي والذي يتضمن استخدام الإبهام والسبابة والإصبع الأوسط، جنبا إلى جنب مع استخدام طريقة لنقل الأشياء باستخدام الإبهام والسبابة فقط. وتعني هذه المعلومات أن النظام الجديد الذي ابتكره الباحثون أصبح قادراً على استكشاف القدرات البشرية في تحريك اليد وتكييفها لتتناسب بشكل أفضل مع قدرات الآلة. ويعتقد الباحثون أن هذا المشروع يمكن أن يكون بمثابة مثال مهم حول قدرات خوارزميات التعلم الآلي وما يمكنها القيام به. وبالإضافة إلى ذلك، ومن خلال المهارات التي أظهرها الروبوت، فإن هذا الدهاء يمكن أن تكون له آثار إيجابية على الشركات التي تسعى لأتمتة القوى العاملة لديها. وخلص الباحثون إلى أن نتائجهم «تثبت أنه على عكس المعتقدات الشائعة، يمكن تطبيق الخوارزميات لحل مشاكل الروبوتات المعقدة التي لا يمكن الوصول إليها من المقاربات القائمة على التعلم». يشار إلى أن العديد من العلماء كانوا قد حذروا من التطورات الهائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقالوا إنه يمكن أن يتفوق على الإنسان ويخرج عن سيطرته بما يؤدي في نهاية المطاف إلى نهاية البشرية. وأطلق خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات صرخة تحذير جديدة مؤخراً، حيث قالوا إن «التطور المتزايد لأنظمة الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى نشوب حرب نووية مدمرة بحلول العام 2040» حسب ما نشرت جريدة «صن» البريطانية. وفي حال نشوب مثل هذه الحرب فهذا سيعني بالضرورة أن البشرية بأكملها ستكون مهددة بالفناء، كما أن مثل هذه الحرب قد تؤدي إلى تدمير شامل للكرة الأرضية بما يؤدي إلى انعدام الحياة على كوكب الأرض لسنوات طويلة. وسبق أن أعلن العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكنغ، الذي توفي مؤخراً عن مخاوف من تدمير البشرية بسبب طفرة «الذكاء الاصطناعي». وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة «بي بي سي» البريطانية مطلع كانون الأول/ديسمبر عام 2014 «إن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري». وأوضح أن في مقدور تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعيد تصميم نفسها ذاتيا، وتتطور بشكل متسارع، وهو أمر لا يستطيعه الجنس البشري، مما قد يؤدي إلى استبدال التقنيات الاصطناعية بالإنسان كونها أكثر تطوراً، على حد تعبيره. وفي الاتجاه ذاته أعرب إيلون موسك، مؤسس شركة صناعة السيارات الكهربائية «تيسلا موتورز» والمستثمر السابق في شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية ديب مايند، عن مخاوفه من أن يتمكن الروبوت يوماً ما من التخلص من البشر وتدميرهم. يد صناعية تتفوق على أيدي البشر ولا تحتاج تدخل الإنسان |
قلم ذكي Posted: 04 Aug 2018 02:03 PM PDT تقدمت شركة «أل جي» الكورية الجنوبية بطلب للحصول على براءة اختراع لابتكارها الجديد الذي يتمثل في «قلم ذكي» قابل للطي ويمكن استخدامه في إجراء المكالمات الهاتفية والقيام بالعديد من المهام الالكترونية الأخرى. وقالت تقارير إن القلم الذكي القابل للطي مزود أيضاً بشاشتي عرض، تعرض عدداً كبيراً من الإشعارات، ومجموعة من الاختصارات للتطبيقات المفيدة. وتقول الشركة في طلب الحصول على براءة الاختراع إن المستخدم سيتمكن من إقران القلم الذكي مع أي جهاز آخر، وسوف يكون قادرا على الكتابة على الورق الحقيقي وستظهر الكتابة تلقائيا على شاشة الجهاز. ووفقا لأحد التقارير فسوف يكون القلم مزوداً بعدد كبير من أجهزة الاستشعار وكاميرا، وجهاز استشعار لتتبع العين وبصمة الإصبع، كما يمكن إجراء مكالمات هاتفيه من خلاله. قلم ذكي |
نهاية مرض السكري Posted: 04 Aug 2018 02:03 PM PDT تمكَّن باحثون أمريكيون من ابتكار جهاز جديد متناهي الصغر يمكن زراعته تحت الجلد ويعالج مرض السكري، وهو ما يُنذر بنهاية قريبة لهذا المرض الذي يُشكل معضلة لملايين البشر حول العالم. ويبلغ حجم الجهاز «بطاقة الائتمان» الصغيرة ويحتوي على أنابيب صغيرة يمكن حقنها بالخلايا التي تنتج هرمون الإنسولين. وأظهرت الدراسة التي انتهت إلى هذا الابتكار أن الأوعية الدموية تنمو داخل الجهاز وحوله، وتساعد الخلايا على النضج، حيث تخلق عضوا كامل الوظائف يمكنه إنتاج الإنسولين والتحكم في مستويات السكر في الدم. وبدأ الباحثون بإجراء التجربة على مرضى السكري من النوع الأول، الذي يحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي خلايا «جزر لانغرهانس» في البنكرياس التي تنتج الإنسولين، ونتيجة لذلك، ينتج البنكرياس كمية قليلة شبه معدومة من الهرمون. ويحمل الجهاز اسم «Sernova Cell Pouch» وهو مصمم لمعالجة سبب المرض بدلا من الأعراض، عن طريق زراعة خلايا جديدة محمية من هجوم نظام المناعة وتطرح الإنسولين. نهاية مرض السكري |
أصغر مكيف هواء Posted: 04 Aug 2018 02:02 PM PDT نجحت شركة صينية في ابتكار أصغر مكيف هواء في العالم، وهو «Arctic Air» الذي يعمل على تلطيف الهواء في الغرفة بشكل ممتاز رغم أبعاده الصغيرة. وقالت صحيفة «تيكنولوجي» المتخصصة في أخبار العلوم والتكنولوجيا إن مكيف الهواء يؤدي وظيفته بشكل جيد، وجاء بأبعاد غير مسبوقة: 16 سنتيمترا لكل من طوله وعرضه، فيما يبلغ ارتفاعه 17 سنتيمترا فقط، أما وزنه فيبلغ 800 غرام فقط، أي أنه أقل من كيلو غرام واحد. والمكيف مزود بمروحتين: إحداهما لسحب الهواء والأخرى لإخراجه، حيث يمر عبر فلتر مائي ليخرج باردا. أصغر مكيف هواء |
صبية الكهف التايلانديون يخرجون من فترة الرهبنة Posted: 04 Aug 2018 02:02 PM PDT خرجت مجموعة من لاعبي كرة القدم الشباب الذين تم انقاذهم من كهف في شمال تايلاند من فترة رهبنة أمس بعد ان قضوا تسعة أيام كرهبان بوذيين مبتدئين ليعبروا عن امتنانهم لإنقاذهم. وودع الصبية الـ11 الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 16 عاما وهم يرتدون ملابس برتقالية ولا يزال شعر رؤوسهم لم يظهر بعد، الرهبان الذين اعتنوا بهم قبل العودة إلى ديارهم. كما أقاموا ومدربهم صلاة بوذية أمام الكهف للمرة الأخيرة قبل العودة إلى الحياة الطبيعية. 10SOW صبية الكهف التايلانديون يخرجون من فترة الرهبنة |
حلم العمر يتحقق بعد سبعين عاما على ألحان البيانو Posted: 04 Aug 2018 02:01 PM PDT الناصرة ـ «القدس العربي»: أغلقت سيدة فلسطينية دائرة هامة في حياتها وحققت حلما بتأخير 70 عاما وذلك بفضل جامعة بير زيت التي بادرت لمنحها شهادة إنهاء الدراسة الثانوية بعدما حرمتها نكبة 1948 منها في اللحظة الأخيرة. ممثلة برئيسها د. عبد اللطيف أبو حجلة منحت جامعة بير زيت هناء خوري زريق، أم عامر (88 عاما) من مدينة الناصرة داخل أراضي 48 شهادة تصادق فيها أنها أتمت الصف الثالث الثانوي في مدرسة بير زيت للعام الدراسي 1947 ـ 1948 بعدما حالت ظروف الحرب دون استكمال الصف الرابع الثانوي وهو صف التخرج آنذاك. وأقامت الجامعة استقبالا لهناء خوري زريق وعائلتها، الذين زاروا بير زيت وأجروا جولة في حرميها الجديد والقديم برفقة زميلتيها على مقاعد الدراسة التاريخية ريما ناصر ترزي وشقيقتها سامية ناصر خوري وهما من عائلة فلسطينية وطنية بارزة. ورحب أبو حجلة باسم أسرة جامعة بير زيت بهناء وعائلتها وتابع «أنت الآن تشاهدين كيف أصبحت مدرستك قبل سبعين عاما، جامعة من أهم الجامعات في المنطقة». وأعربت هناء خوري زريق بانفعال عن سعادتها بمنحها الشهادة، وأضافت والدمعة تكاد تغالبها إنه حلم وتحقق بعد 70 عاماً، موجهة الحديث لأبنائها وأحفادها «هذه هي بير زيت التي دائماً ما كنت أحدثكم عنها، أجمل أيام عمري قضيتها هنا». ورغم مرور دهر على أيام الدراسة استذكرت مس خوري، أجواءها بالقول «هنا كنا نتلقى العلم في أجواء من الاحترام، العلاقةُ مع المعلمين كانت متميزة يسودها الاحترامُ المتبادل، كانوا ينادونني مس خوري، والأمر أشعرني بالقرب، المودة، الصداقة والاحترام. كان المعلمون والمعلمات يخرجون معنا بأوقات الاستراحة ويشاركوننا لعبَ كرة الطائرة ويشاطرون الطلاب احتفالات أعياد الميلاد في الطبيعة، نفرح ونكتفي بحز بطيخ احتفاءً بصاحب العيد. كذلك تقول إم عامر إنها شاركت وزميلاتها في المدرسة بغناء أغان مختلفة، محليةً وعالمية. ولاستكمال الاستذكار بإتقان بادرت سامية بالعزف على البيانو في هذا اليوم الاحتفالي المشهود داخل بيت حنا ناصر شقيقها وهو البيت الذي سكنته هناء وسامية وريما أيام الدراسة في بير زيت قبل النكبة. وما زالت أم عامر زريـق تشـــارك بفــعــالـيات اجتــمـــاعية وغــنـــائية وتنشد بصوتها الجميل ضمن جوقة الطليعة في الناصرة. العودة للناصرة موضحة أنها قضت أحلى سنوات عمرها في بير زيت وقبيل تقدمها بأيام للامتحانات النهائية زارها شقيقها خليل من الناصرة وأخبرها بضرورة العودةِ قبل إغلاق الحدود. وتستذكر ذلك بشعور مختلط «عدنا سوية إلى الناصرة وحملت معي صندوق كتبي كي أتمكن من التحضير لامتحاناتي النهائية التي طالما حلمت بتقديمِها، لكن في داخلي أحسست حينَها أن هذه العودة كانت تختلف عن زياراتي السابقة إلى الناصرة. حاول أخي طمأنَتي باحتمالِ العودة لمقاعدِ الدراسة وتقديم الامتحانات، بعدَ مرور الأزمة لكن قلبي كان دليلي بأن الوضع أخطر من ذلك». وفعلا هذا ما حصل، فمع مرورِ الوقت وتطوّرِ الأحداث فهمت أن هذه الإمكانيةَ وللأسف غير واردة ففي 15.5.1948 انسحب الجيش الانكليزي، سلمت البلاد، تم إغلاق الحدود، ولم تتمكّن من العودة وإنهاء دراستها. حلم عمري لكن الحلم تحقق وهو «حلم عمري» كما تقول هناء مستذكرة أن شقيقها خليل اصطحبها لبير زيت في أول زيارة لها في 1945 بـ تاكسي ولاحقا صارت تسافر من وإلى الناصرة ـ بير زيت بواسطة حافلة الناصرة ـ القدس وتنزل منها عند بلدة عين سينيا ومنها تنتظر باص بير زيت وقد بدأت دراستها وقتها وهي في السادسة عشرة من عمرها. أم عامر التي ولدت في قرية المجيدل التي دمرت في نكبة 1948 انتقلت وأسرتها للناصرة قبل ذلك للاقتراب من المدارس منوهة أن شقيقها صبحي استكمل دراسة الصيدلة في بيروت وقتها. وتستذكر أن كلية بير زيت فصلت بين الذكور والإناث لكنهم كانوا يلتقون خلال دراسة بعض المواد فيما كان الطاقم التربوي من المعلمين والمعلمات. وردا على سؤال تقول «أحب كل المواضيع عدا الجغرافيا لكنني اليوم ملمة به بفضل المطالعات». منوهة أنها ما زالت تطالع ولا تقوى على النوم في كل ليلة دون أن تقرأ ولو عدة صفحات. وردا على سؤال توضح أنها طالما أحبت قراءة الروايات وأن كتاب «سيرة جابي برامك» للدكتور عبد الرحيم الشيخ من آخر ما قرأته وقد ترك انطباعا حلوا لديها. تقرأ الاتحاد منذ 70 عاما كما كشفت أنها تواظب حتى اليوم على قراءة صحيفة «الاتحاد» الناطقة بلسان الحزب الشيوعي منذ صدورها في 1944 منوهة أن شقيقها خليل كان ناشطا شيوعيا ورئيسا للجنة الصداقة مع الاتحاد السوفييتي. وأوضحت كريمتها سندس زريق لـ «القدس العربي» فكرة العودة لـ بير زيت موضحة أن عائلتها أعدت لها مفاجأة طيبة. وقالت انها طالما كانت تسمع منذ طفولتها أحاديث وحنين والدتها عن بير زيت وحرمان الاحتلال لها من حيازة شهادتها. وتضيف «نظمنا أمسية خاصة بها ودعونا لها رفيقاتها في الجوقة ومندوبا عن جامعة بير زيت حضر وسلمها دعوة لاستلام شهادة الإنهاء وقد سرتّها المفاجأة ودغدغت وجدانها وفعلا رافقناها إلى هناك بعد أيام». عاشقات المشمش واحتفل موقع جامعة بير زيت بإغلاق الدائرة بعد سبعة عقود ونشر بعض ما دار بين هناء ورفيقتيها مع رئيس الجامعة بلغة تودد ومزاح ونشر صورة تجمعهم. جاء في الموقع على لسان الصحافي عماد الأصفر: في الوسط هناء خوري إلى يسارها سامية ناصر (86) وإلى يمينها ريما ترزي(88) وثلاثتهن مطلوبات في جرائم سطو على أشجار المشمش في بير زيت وجفنا أيام الدراسة في كلية بير زيت قبيل النكبة. لم تفلح عقوبة دفع الشلن في ثنيهن عن هذه الهواية، فما كان من مديرة الكلية نبيهة ناصر رحمها الله، إلا أن اخترعت عقوبة جديدة، وهي إجبارهن على تجرع زيت الخروع». كتابة وتلحين علاوة على عشق المشمش، فالصديقات الثلاث عاشقات للكلمة والنغم وتلميذات نجيبات لمدرس الموسيقى اللامع سلفادور عرنيطة، رئيس فرقة موسيقى جامعة بيرزيت. ويشير الأصفر الذي حضر الاحتفالية أن سامية رائدة العمل التطوعي الدائمة تبدع في كتابة الأمل، وريما ملحنة مبدعة لحنت أشعار المناضل الشهيد كمال ناصر، وعمر أبو ريشة، وأبو القاسم الشابي، وإبراهيم طوقان، وغيرهم، وأما هناء فهي مغنية جوقة ذات باع طويل. كـمـا غــنــت الصــديقات معا لحنا قــديــمــا من أشعار الأستاذ حنا أبو حنا، ما زلن يحفظنه بالكامل: لا لن يطول بُعْدي وسوف أُبصر عودي نعم سأعود وتُفنى القيود وسوف أراك حِماي حلم العمر يتحقق بعد سبعين عاما على ألحان البيانو إغلاق دائرة تاريخية بين الناصرة وبير زيت وديع عواودة |
الربيس Posted: 04 Aug 2018 02:01 PM PDT المقادير: نصف كيلو سمك نصف كوب زيت طبخ بصلتان فصان ثوم 3 فلفل أخضر حار ملعقة كبيرة كزبرة خضراء طازجة ملعقتان كبار كمون ملعقة صغيرة فلفل أسود ملعقة كبيرة كركم ملح طريقة التحضير نغسل السمك جيدا ثم نسلقه في وعاء عميق حتى تمام النضج. نصفي السمك من الماء وننزع عنه الجلد والعظم. نفتت لحم السمك الأبيض باليد. نفرم البصل نصفه ناعم ونصفه خشن ونهرس الثوم. في وعاء على النار نسخن الزيت. نضيف البصل ونقلبه حتى يتحول للون الذهبي. نضيف السمك ونقلبه. ثم نضيف الثوم والفلفل والملح وباقي التوابل. نقلب الخليط على نار متوسطة حتى تمام النضج. نرفعه ونقدمه في صحن وممكن ان يؤكل مع الخبر أو الأرز. الربيس طبق الأسبوع |
الأسماك الدهنية تقي الحوامل من خطر الولادة المبكرة Posted: 04 Aug 2018 02:01 PM PDT أفادت دراسة أمريكية حديثة، بأن تناول الحوامل للأسماك الدهنية، الغنية بالأحماض الدهنية «أوميغا 3»، يمكن أن يقلل من خطر الولادة المبكرة. الدراسة أجراها باحثون في كلية «تي تشان» للصحة العامة التابعة لجامعة «هارفارد» الأمريكية، بالتعاون مع باحثين دنماركيين، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية «EBioMedicine» العلمية. وغالبًا ما يعاني الأطفال الذين يولدون مبكرًا، قبل الأسبوع 37 من الحمل، من مشاكل صحية، بسبب عدم إتاحة الوقت الكافي لتخلُّق أعضائهم، ويحتاجون لرعاية طبية خاصة، حتى تتمكن أعضاؤهم العمل دون مساعدة خارجية. وللوصول إلى نتائج الدراسة، قام الباحثون بفحص بيانات حكومية دنماركية، تتضمن 96 ألف طفل. وبالإضافة لذلك، قام الفريق بتحليل عينات الدم من 376 امرأة ولدن مبكرًا، بالإضافة إلى 348 من اللواتي ولدن بعد اكتمال حملهن، وتم سحب عينات الدم خلال الثلث الأول والثاني من الحمل. وأظهرت النتائج أن الحوامل اللاتي يعانين من تراجع مستويات الأحماض الدهنية «أوميغا 3» في البلازما، خلال الثلثين الأول والثاني من الحمل، يتضاعف لديهن خطر الولادة المبكرة، مقارنة مع أقرانهن من ذوات المستويات المضبوطة. وقال الباحثون إن نتائج الدراسة تشير أن النساء الحوامل اللواتي لديهن مستويات منخفضة من الأحماض الدهنية، يمكن أن يعوضن ذلك النقص بتناول الأطعمة الغنية بتلك الأحماض، لتقليل خطر الولادة المبكرة. وتتوافر أحماض «أوميغا3» الدهنية في الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة والماكريل والسردين، وزيت السمك، ويمكن الحصول عليها من خلال تناول هذه الأسماك، بالإضافة إلى المكملات الغذائية «أوميغا 3» المتوافرة بكثرة في الصيدليات. ورصدت دراسات سابقة فوائد صحية عدة للأحماض «أوميغا 3» على رأسها تقليل خطر الإصابة بالاكتئاب وأمراض القلب والسكر والكلى، وخفض نسبة الكولسترول في الدم، بالإضافة إلى الوقاية من التهاب المفاصل الروماتويدي. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ما يقدر من 15 مليون طفل يولدون مبكرا، ويموت حوالي مليون طفل سنويًا نتيجة مضاعفات الولادة المبكرة، فيما يواجه العديد منهم مشاكل الإعاقة في النمو على المدى الطويل. (الأناضول) الأسماك الدهنية تقي الحوامل من خطر الولادة المبكرة |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق