إدلب: حرب واحدة واشتباكات أربعة Posted: 22 Sep 2018 02:16 PM PDT يقدّر بانوس مومتزيس، منسّق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية حول «الأزمة السورية»، أنّ ما لا يقلّ عن 1،2 مليون نسمة، من أصل 2،5 إلى مليون من سكان محافظة إدلب اليوم، هم من فئة المبعدين عن أماكن إقامتهم الأصلية، أو النازحين داخلياً؛ هذا دون احتساب آلاف المقاتلين المنفيين من مناطق «خفض التصعيد» المختلفة، أو اللاجئين إليها، وعائلاتهم التي تضمّ الآلاف من النساء والأطفال. من جانب آخر، تشير تقديرات منظمة ReliefWeb إلى أنّ نسبة 68٪ من سكان إدلب الحاليين وفدوا إليها من حماة (22٪ )، وحلب (21٪ )، وحمص (5٪ )، ودير الزور (4٪ )، وريف دمشق (4٪ )، ومناطق أخرى (28٪ )؛ فضلاً عن الـ14٪ من سكان المحافظة الأصليين. في عبارة أخرى، يجوز الافتراض بأنّ إدلب الراهنة، أو على الأقلّ الشرائح المدنية من سكانها وهم الأغلبية الساحقة، باتت أقرب إلى عيّنة عالية التمثيل لقطاع واسع من الاجتماع السوري في الأطوار الأخيرة من عمر الانتفاضة الشعبية، وتحديداً بعد التدخل الروسي وانقلاب الموازين العسكرية لصالح حلفاء النظام واتفاقيات أستانة وسوشي حول مناطق خفض التصعيد. وهو افتراض يتيح قراءة الحراك الشعبي الذي أخذ ينتظم في كامل مناطق المحافظة، وتتجلى أهمّ عناصره في التظاهرات الشعبية الحاشدة، واستعادة الشعارات السياسية التي طبعت الأشهر الأولى بعد اندلاع الانتفاضة سنة 2011، وعودة التشديد على ضبط العلاقة بين المدنيّ والعسكري في قلب الحراك (كما في لافتة متميزة تذكّر الثاني بأنه اليوم في حماية الأول، وليس العكس!)، والإلحاح على استحداث صِيَغ للإدارة المدنية وتنظيم الحياة اليومية وفق حاجات المواطن. ولعلّ غلبة أعلام الانتفاضة على الأعلام الفصائلية، خاصة السوداء والجهادية منها، هي في طليعة المؤشرات السياسية الفارقة. لكنّ الإرادة الشعبية الداخلية، التي عبّرت وتواصل التعبير عنها التظاهرات، شيء؛ والمعادلة الإقليمية والدولية التي تحكم المشهد الإدلبي، ثمّ السوري استطراداً، شيء آخر أشدّ تعقيداً وتشابكاً من أن تُبقي الحراك على سجيته المنظورة، أو تسمح بتطويره إلى حال متقدمة تعيق ما يُخطط للمحافظة، ثمّ للبلد بأسره. ولهذا فإنّ من السذاجة، الضارّة أو حتى القاتلة، الافتراض بأنّ الاتفاق، الذي توصل إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، سوف يتجسد على الأرض في إجراءات تكفل إنقاذ إدلب مما كان ينتظرها من شرّ مستطير؛ أو أنّ المنطقة منزوعة السلاح سوف تبقى زمناً طويلاً في حال من السكينة العسكرية، تمكّن قوى الحراك الشعبي من الإمساك بزمام مبادرة ما، من أيّ نوع ذي وزن سياسي وجماهيري؛ أو أنّ «تحرير الشام» سوف تكتفي بالتقهقر مع أسلحتها الثقيلة إلى أمدية لا تطال كنسبا وعين القنطرة وعشرات القرى والبلدات ذات الأغلبية السكانية العلوية في سهل الغاب وجبال اللاذقية… كذلك، والأهمّ ربما، أنّ الأطراف الإقليمية (تركيا وإيران)، والدولية (روسيا والولايات المتحدة) لن تتخلى عن الحصص التي تمثلها إدلب في ميزان التقاسم الوظيفي للملفّ السوري: لن تتوقف أنقرة عن استثمار الحال في التمدد عبر «درع الفرات» نحو مزيد من الضغط على الكرد، وابتزاز أوروبا عبر التلويح بكابوس موجات اللجوء؛ ولن تنتظر إيران طويلاً، بعد تشرين الثاني (نوفمبر)، حين تدخل العقوبات الأمريكية مرحلتها الثانية، قبل أن تشرع في تسخين الجبهات جنوب وغرب إدلب؛ ولن تتأخر موسكو في اختبار معطيات الأرض ما بعد نزع السلاح وإخلاء الجهاديين، وفي مطالبة تركيا بالانتقال من موقع الوسيط والضامن إلى دور الشرطي التنفيذي على الأرض؛ وأما واشنطن فإنها لم تعتمد ستراتيجية انغماس في الملفّ، أو تكتيك خروج منه، خاصة وأنها تتقاسم مع دولة الاحتلال الإسرائيلي نظرية الإبقاء على بشار الأسد، عارياً من أيّ درع واقٍ إيراني. أربعة اشتباكات ضارية تتشعب وتتقاطع، سياسياً وعسكرياً، فلا يخمد لهيبها إلا لكي يشتعل مجدداً؛ في حرب واحدة مفتوحة ضدّ الشعب السوري. إدلب: حرب واحدة واشتباكات أربعة صبحي حديدي |
فرصة إدلب Posted: 22 Sep 2018 02:16 PM PDT ثمّة فرصة للسوريّين المقيمين في محافظة إدلب لتنظيم أمورهم السياسية والإدارية بعد أن استعاد حراكهم المدني في الأسبوعين الأخيرين الكثير من الزخم، مستفيداً من تراجع النيران الأسدية والروسية ومن انتزاع أنقرة لاتّفاقٍ مع موسكو يحول مرحلياً دون الهجوم الشامل على المحافظة الشمالية. النجاح التركي النسبيّ نجحت تركيا في تأجيل الحرب على إدلب. ونجحت أيضاً في إبعاد إيران عن حدودها الجنوبية. والأهمّ بالنسبة إليها أنها نجحت في تثبيت دورها في المعادلة السورية مستندةً إلى ثلاثة عوامل. الأول، انتشار قواتها في إدلب عبر نقاط المراقبة المُقامة إثر التفاهم على مناطق خفض التصعيد، وهو انتشار دعّمته في الفترة الأخيرة بالآليات الثقيلة، بالترافق مع إدخالها أسلحةً وذخائر إلى الفصائل السورية المعارضة الدائرة في فلكها، للتأكيد على أنها لن تسمح بعبور المناطق المحاذية لنقاط انتشارها من جهة، وأنّ حدودها لن تكون موصدة أمام المقاتِلين المعارضين من جهة ثانية. الثاني، استفادتها من ارتباك موسكو السياسي الناجم عن رغبة الأخيرة في تحجيم دور حليفها الإيراني لنيل موافقة أمريكية على خططها للحل السياسي و»إعادة الإعمار» سورياً، وحاجتها في الوقت ذاته للجهود الحربية الإيرانية والميليشياوية الشيعية التي لا اجتياح لإدلب ممكناً من دونها، والتي ستوسّع من النفوذ الإيراني بعكس ما تريده له من تحجيم. والثالث، استغلالها للخشية الدولية من موجات لاجئين جديدة يتسبّب بها الهجوم الروسي ـ الإيراني الشامل يمكن أن يصل بعضها إلى أوروبا عبر أراضيها. وهذا ما لم يكن قائماً حين سقوط الغوطة أو درعا أو حتى حلب الشرقية، وهو ما دفع العواصم المعنية تباعاً لرفع لهجتها ضد احتمالات الهجوم وعواقبه. مكّنت هذه العوامل تركيا إذاً من الوصول إلى اتّفاق مع روسيا يمنع انفجار الوضع في إدلب ويكرّس دورها في إدارته. إلّا أن بعض مضامين الاتفاق وتعهّداته ملتبسةٌ ويصعب السير بها من دون التعامل مع عقد كبيرة. عقدة «تحرير الشام» أولى هذه العقد وأصعبها هي عقدة «هيئة تحرير الشام» وسبل التعامل معها. فالهيئة تسيطر على قسم من المحافظة الشمالية، لا سيّما في جنوبها الغربي وغربها، وهي على تماس في مواضع كثيرة مع مناطق حسّاسة للنظام وللروس. وإذ تريد موسكو القضاء عليها من خلال حملة تتشارك فيها مع الأتراك أنفسهم، يجهد الأخيرون لحلّ يقوم أولاً على إحداث انقسامات كبرى في صفوفها تُبعد كثرة من المقاتلين السوريّين عنها وتجذبهم نحو فصائل معارِضة تدعمها، ثم الدفع بهذه الفصائل بغطاء منها لمواجهة من تبقّى فيها. وهذا إن اعتُمد يعني أنّ لا سحب راهناً للأسلحة الثقيلة والمتوسّطة من الفصائل المعنية كما يطلب الروس في الاتفاق، ولا إعادة فتح لطرقات رئيسية يمكن لأي قتال واسع النطاق أن يقفلها من جديد. والأهمّ ربّما، أن لا شيء يضمن أن تبقى المواجهة مع «هيئة تحرير الشام» ضمن الحيّز الجغرافي الذي تنتشر فيه حالياً وأن لا تعمد الهيئة إلى فتح جبهات مع مواقع للنظام في مداخل تفضي إلى منطقة الساحل وجبالها، بما يخلق ظروفاً غير مألوفة تماماً حتى الآن. إضافة إلى ذلك، يتطلّب السيناريو التركي المذكور، ومثله سيناريو الهجوم الروسي، وقتاً طويلاً إذْ أن التعامل مع تنظيم فيه الآلاف من المقاتلين المتمرّسين والقيادة المتعدّدة الخلفيّات شديد التعقيد، خاصة إن كان الخيار الوحيد المطروح على هؤلاء هو الاستسلام أو الموت. يعني هذا أن لا حلّ قريباً أو وضوحاً في سبل التعامل مع عقدة «تحرير الشام»، ممّا سيترك الكثير من أمور الاتفاق معلّقة بدورها. فرصة سياسية في وقت مُستقطع استعاد الحراك الشعبي في المدن والبلدات الإدلبية والحلبية المتاخمة لها عافيةً لم يعرفها منذ سنوات. فتراجُع القصف، والانفراجُ الذي تلا الاتفاق التركي الروسي دفع عشرات الآلاف من المواطنين للتظاهر، وعاد مع تظاهراتهم رفع شعارات سياسية مدنية (وضعيّة) ومعها علم الثورة وما يمثّله من تناقض مع أعلام الكثير من الفصائل العسكرية، وبالطبع مع رايات «هيئة تحرير الشام» ومقولاتها. وهذا يدفع للقول إن ثمة لحظة سياسية يمكن تحويلها إلى فرصة لتظهير خطاب ومسلك سياسيّين، وموازين قوى شعبية غابت أو خفت حضورها في السنوات الماضية. والأمر لا يتطلّب بالضرورة قيادة موحّدة يصعب أصلاً الاتفاق على ملامحها، ولا إدارة مركزية قد يدفع السعي إلى تشكيلها إلى تنابذ وتنافس وتقرّب من مواقع قرار خارج إدلب نفسها. ما يتطلّبه الأمر هو مبادرات موضعيّة تُفضي إلى انتخابات مجالس محلّية تُعهد إليها مهام إدارية وتنسيقية وخدماتية. كما تنبثق منها لجان سياسية قادرة على التواصل مع الفصائل العسكرية ورُعاتها الأتراك حول سبل تنظيم الأمن، وإظهار أن ثمة إمكانية لتقديم نماذج بديلة عن نموذج «دولة التوحّش» الأسدي وعن نماذج الفوضى والخطف والتسلّط الميليشياوي التي سادت في المناطق المحرّرة في السنوات السابقة. ففي نجاح من هذا النوع، وفي حماية لأنشطة تعليمية وإعلامية وصحيّة وثقافية كما في مشاركة نسائية في الميادين المذكورة، ما يؤكّد أن وقف القتل والقمع يسمح للناس ببناء تجارب مدنية تُبقي بعض الأمل باحتمالات المستقبل. أكثر من ذلك، في هكذا نجاح ما يشكّل فعل مقاومة للاحتلالات الأجنبية لسوريا، وفي مقدّمها الاحتلال الروسي. الجغرافيا السياسية السورية وما تعنيه تبدو الأوضاع في سوريا اليوم، بالاستناد إلى خريطتها وتنازع النفوذ فيها ومن حولها، مفتوحة على ديناميات كثيرة تُبقي الحلول بعيدة عن متناول جميع الفاعلين الإقليميّين والدوليّين. فالمنطقة الواقعة نظرياً تحت حكم النظام، تتقاسم إيران وروسيا السيطرة عليها وتتحكّم ميليشيات موالية لهما باقتصادها وأمنها، فيما تبقى للنظام المهام الخدماتية ومعها تماسك الآلة المخابراتية والمؤسسة «الاحتجازية»، أي شبكة السجون والمعتقلات وإدارتها وصناعة الموت فيها. وإذا كان الرهان على طلاق روسي إيراني في غير محلّه لعدم انتفاء حاجة كل طرف للآخر بعد، إلا أن اختلاف المقاربات والأولويّات بين الطرفين والضغط الأمريكي والإسرائيلي على علاقتهما، ومشروطية استبعاد إيران للقبول بسيناريوهات روسية، يولّد ريبة وصعوبات في العلاقة لا شكّ أنها ستتضاعف في المقبل من الأيام، خاصة مع محاولات موسكو تقليص نفوذ طهران تدريجياً أو الحدّ من قدرتها على توسيعه. ومعظم المنطقة الشرقية وشمالها المسيطَر عليهما من قبل الميليشيات الكردية بدعم وحضور أمريكي مباشر، تخضع كما جيب «التنف» الجنوبي، لاحتمالات تبدّل في شكل الانخراط الأمريكي فيها تواجداً أو إدارة سياسية، مع قدرة مناورةٍ للقوى الكردية قد يضيق هامشه إن تقاربت أنقرة وواشنطن، من دون أن ينتفي في أي من الأحوال نظراً للحاجة إلى القوة العسكرية الكردية ولمشروعيّتها الشعبية في بعض مناطق انتشارها. أما إدلب والريفان الحلبي والحموي المجاوران لها كما شمال حلب، فباقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة المدعومة تركياً، مع تكريس للحضور العسكري التركي والانخراط المباشر في إدارة شؤونها. بهذا، تبدو المسألة السورية اليوم في لحظة ترقّب وانتظار قد تطول وقد تقصر بحسب التحوّلات الإقليمية والدولية. وفي الحالين، يبقى بناء التجارب المدنية والاستفادة من كل تراجع للعنف أهمّ ما يمكن فعله والتعويل عليه. * كاتب وأكاديمي لبناني |
الالتفاف السردي في القصة القصيرة Posted: 22 Sep 2018 02:16 PM PDT قدّم عبد الوهاب الأمين عطاء قصصيا قصيرا امتد من ثلاثينيات القرن العشرين إلى ما بعد منتصف خمسينياته، واستنادا إلى كتاب «فهرست القصة العراقية» لعبد الاله أحمد، وجدنا للقاص مجموعتين قصصيتين، فأما المجموعة الأولى فنشرت عام 1934 بعنوان «قصص من الأدب الحديث». وأما المجموعة الثانية فكانت بعنوان «ذباب» وقد نشرت عام 1952 وتعد قصة «صبية المطعم» قصته الأولى التي نشرت في جريدة «نداء الشعب» العراقية عام 1931. وعلى الرغم من العطاء غير القليل الذي تركه لنا هذا القاص؛ إلا إنه لم ينل من اهتمام النقاد العراقيين والعرب ما يناسب موهبته السردية المتميزة. ومتابعة لقراءاتنا لبعض القصص القصيرة التي لم تنل من النقد اهتماما وقت صدورها وتحتاج اليوم إلى إعادة تحليل بنيتها السردية انطلاقا من حقيقة أن النص الغني فنيا والغزير معنى وعطاء يظل خالدا قابلا للقراءة في أي مكان وأي أوان، مهما تباينت المناهج وتغايرت الاتجاهات واختلفت المنعرجات، ونقف اليوم عند قصة «الرجوع» التي نشرت في مجلة «الرسالة» المصرية العدد 134 في 1936. وما يميز هذه القصة استهلالها الذي فيه اختزل القاص أمرين، الأول أن رومانسيته استلهمها من مثاليات ميخائيل نعيمة، والثاني التعبير عن أهمية التكثيف وفنيته في توصيل الأفكار وايجازها سرديا. والقصة تبدأ باسترجاع لزمن لم تكن فيه الشخصية قد غادرت بعد مرحلة الفتوة والطيش وتنتهي القصة عائدة بايحاء انكفائي إلى تلك المرحلة نفسها. وبهذا تصبح القصة ذات شكل استداري يبدأ من حيث ينتهي. والقصة واقعية لكن سيطرة البعد النفسي على الشخصية جعل خطها القصصي ينزاح نحو التيار النفسي لتكون قصة رومانسية تتوزع فيها الأفعال والصفات توزيعا تراتبيا، يبنى على ثلاثة مستويات دلالية انخرطت الشخصية في أداء مهامها بلا تردد. والمستويات هي (الحب، التواصل، والمساعدة) فالأول شعور والثاني عمل والثالث خيبة وتضحية. وتجعل هذه المستوياتُ العاطفة مهيمنة بطريقة هرمية فيها الافتتان بالحب هو القمة وإرادة التواصل والرغبة بالمساعدة هما بعدا قاعدته. وبما يجعل الشخصية الرومانسية حالمة لا تقطع الأمل بالخيال في الوصول للبغية. فهل كان عبد الوهاب الأمين واعيا لهذا الابتكار الفني في التعامل مع الشخصية والزمن؟ وهل كان وراء اختياره لفظة الرجوع فهما نظريا يشي بمعرفة طروحات نقاد السردية الغربيين مثل فورستر وادوين موير وبرسي لوبوك وجيرار جينيت؟ من المستبعد طبعا أن يكون الأمر كذلك، بسبب سبق القصة لبعض تلك الطروحات بزمن ليس قصيرا، وهو ما يحصل في كثير من الحالات الفنية التي تسبق أوانها، ناهيك عن كونه يؤكد تأثر هذا الأديب بقصص تيشخوف وموباسان وبرانديللو وما كان يمتلكه من حس تخييلي مبدع تمتع به وهو يبتكر هذه التوظيفات، من قبل أن يدله النقد على مواضعها. ويبدأ السارد الذي هو كلي العلم بالسرد بضمير الغائب ممارسا سطوته الدكتاتورية غير تارك لشخصيته أن تتحرر من قبضته، مصادرا وجهة نظرها، كاشفا عما تريد اخفاءه عنا، معريا لها من الداخل والخارج. وكان رولان بارت قد ذهب إلى أن السارد في كل صوره يظل واهبا، وفي حالة السارد الواهب كلي العلم فانه يصنع نوعا من الضمير اللاشخصي ينقل لنا التاريخ من وجهة نظر عليا، مسترجعا لنا صورة الصبي الغر الذي فتنته (غادة) وطبيعة الاحتدام الداخلي الذي كان يعتمل في نفسه وقد تنازعه الاثنان العقل والعاطفة، بيد أن النسيان جعل التوازن قائما داخله فأحرق صورة الغادة، لكن ذلك التوازن سيختل بصدفة الصوت الذي رن في سمعه فترك صدى (غير اعتيادي جذاب ساحر). ويتعمق أثر الصدمة مع الاستباق فحين لمح الرجل طيف عائلته، استشعر شيئا من الحزن جمع بين اللذة واللهو وقوة العزم والرزانة. ويذكرنا قول الرجل العاشق (وما له وقد فتنه تصوير، ألا يجوز ان يكون ليد المصور الفنانة فضل في هذه الفتنة وهذا السحر؟ انها ولا شك فعلة الرسام) باسطورة بجماليون وفي شكل تناص مستتر، لا يكاد يظهر إلا خفية لكنه بدا تناصا موفقا جدا. فكأن الرجل العاشق هو بجماليون، وحبيبته الغادة هي جالاثيا التي حين يقرب منها تعتمل في نفسه المثالية والعقلانية، لكنه حين يباعدها تنبعث فيه مشاعر اللوعة والافتتان. وهكذا أضاعها في الوقت الذي كان ممكنا له أن ينالها والمفارقة انه يلقي تبعة الاضاعة والفقد على القدر الذي هو صنع يديه لا صنع غيره، تماما كبجماليون الذي كابد هرمية هذا التنازع العاطفي. وأكثار السارد من الملفوظات النفسية الفعلية مثل (استشعر / أحس / تخيل / وطاوعته نفسه / استعادت نفسه/ أدرك/ أ يحب؟ / أ يترك؟) عزز الاحتدام النفسي وسار به نحو العاطفة ومشاعر اللذة (وأحس وهو يدير نظره عن وجهها، أن شيئا من قلبه وحسه قد تعلق بتلك الأهداب السحرية. وأدرك في قراراة نفسه أن سيطرة هذه المرأة عليه أمر محتوم وقضاء وقدر). وما بين الانجرار للعاطفة والتنازل عنها اعتدادا وعزة يقع الرجل صريعا لعاطفتين، عاطفة مستساغة تستميله وأخرى قاسية تقرعه (كل شيء في رأسه يدور ويدور ..أيجب هذه المومس؟ أيتركها وهل هو قادر على ان يهمل اهتمامها الظاهر به؟ وما يدريه لعلها تصطنع كل ذلك لاستمالته انها خبيرة ولا شك بفعل هذه النظرات في القلوب). ولا ينسى السارد أن يوظف الحوار الخارجي الذي يورده لمرة واحدة فقط وفيه تتكثف الفكرة فيغدو وكأنه بيت القصيد: ولما وصلت إليه أسرت قائلة: ـ كازينو انترناشيونال منتصف الليل. ويضيف السارد من عنده ما يدعم المغزى (ومنحته فوق ذلك ابتسامة) وتعمل نقاط الحذف الثلاث التي تفصل بين المقاطع الثلاثة للقصة القصيرة على اضفاء مزيد من الاختزال للزمن (عاد بسيارته بعد ان أخبر زوجته ان سيقضي السهرة مع صديق له). كل هذه الاستعمالات الشكلية تدعم المحتوى الرومانسي المتضاد بالحب والخيانة، فيغدو الانسياق وراء الخيانة محتما لكن القارئ سيجد خلاف ما يتوقع، إذ بالرغم من تصميم الرجل على لقاء الغادة يكون الزمن قد خذله (ألقى نظرة تائهة على الوجوه فلم يجد فيها غادته) وهذه الصدمة ستعيد القص إلى حالة التوازن من جديد، فيعود الرجل إلى بيته وقد اكتشف غدر الزمن إلا أن تغييرا بسيطا يقوم به السارد يبقي بوابة الأمل باللقاء مفتوحة. وهذا التغيير هو عبارة عن التفاف سردي يكور القصة القصيرة لتغدو في شكل استداري رجوعي غير منته، يكون فيها الرجل بين اليقظة والكرى وقد انتصف الليل سامعا دقات الساعة غير مدرك لها معنى، لنجد أنفسنا قبالة ما بدأت به القصة، كتوكيد لفحوى المضمون العاطفي وهو أن المرء هو الذي بيده الزمن يصنعه بارادته، وليس العكس. وهذا ما يجعل قصة «الرجوع» ناجحة فنيا وسر نجاحها اخلاص كاتبها للبناء السردي شكلا ومضمونا. وإذا أخذنا بنظر الاعتبار ان هذه القصة تندرج ضمن مرحلة تاريخية تأسيسية ـ كانت فيها هذه القصة العراقية وقصص قصيرة أخرى كثيرة ثلاثينية وعشرينية تنشر في مجلات مصرية ولبنانية ـ فانها عندئذ ستكون سفيرة إبداعية لحقيقة مهمة طالما غُيبت مفادها أن بغداد هي التي كانت تكتب وبيروت تبارك والقاهرة تنشر. وهذه الحقيقة التي أدركناها في راهننا السردي مؤخرا، كانت متاحة أمام أنظارنا من قبل ثمانين عاما وأكثر. ولا ضير ما دام الزمن هو الكفيل بالتصحيح. ناقدة وأكاديمة عراقية الالتفاف السردي في القصة القصيرة نادية هناوي |
إدلب: احتواء التأزم أم تأجيل الانفجار؟ Posted: 22 Sep 2018 02:15 PM PDT نجح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في التوصل إلى اتفاق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول محافظة إدلب السورية، يتيح إنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس بين المعارضة والنظام السوري، يتم أيضاً إخلاؤها من المسلحين عموماً وعناصر «هيئة تحرير الشام» بصفة خاصة. وبذلك تمّ تجنيب قرابة ثلاثة ملايين نسمة من السكان المدنيين أهوال عملية عسكرية كان النظام السوري وحلفاؤه يعدون لها، ولكنّ النار بقيت مشتعلة تحت الرماد وتنذر بانهيار الاتفاق في أي وقت. (ملف الحدث، ص 6 ـ 13) إدلب: احتواء التأزم أم تأجيل الانفجار؟ |
اتفاق إدلب يعطي أفضلية للنفوذ التركي على حساب الإيراني غربي الفرات Posted: 22 Sep 2018 02:15 PM PDT إسطنبول ـ «القدس العربي»: بينما كانت إيران الغائب الأبرز عن اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه بين روسيا وتركيا حول مصير مدينة إدلب السورية، فتحت أنقرة النار مجدداً على «الميليشيات الإيرانية الإرهابية» في سوريا، في تصعيد تركي واضح ضد التواجد والنفوذ الإيراني تماشياً مع تعاظم الضغوط الأمريكية والدولية على طهران لسحب قواتها وميلشياتها من سوريا. وكما تم تغييب طهران عن مجريات مفاوضات اتفاق سوتشي الذي جرى التوصل إليه بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والروسي فلاديمير بوتين في روسيا قبل أيام، لم يظهر أي حضور إيراني في المفاوضات التقنية لتنفيذ الاتفاق بشكل نهائي على حدود المنطقة منزوعة السلاح وهي النقطة الأبرز في الاتفاق والتي ربما تتضمن إبعاد الميليشيات الإيرانية المنتشرة على حدود إدلب. وفي تزامن لافت، نشرت وكالة الأنباء التركية الرسمية «الأناضول» تقريراً مطولاً عن «حصار الميليشيات الإيرانية الإرهابية لإدلب»، في أقوى هجوم إعلامي تركي على إيران منذ أشهر، ما يؤشر لحجم الخلافات بين البلدين فيما يتعلق بالملف السوري، ورغبة أنقرة في أن تكون جزءاً من الضغوط الدولية المتزايدة على إيران لإجبارها على الانسحاب من سوريا. أستانة من ثلاثي إلى ثنائي عقب فشل اجتماع أستانة الأخير الذي جرى في طهران على مستوى الرؤساء بين روسيا وتركيا وإيران الدول الثلاث الضامنة للمسار الأهم في الأزمة السورية، تمكنت أنقرة من اقناع روسيا بعقد لقاءات ثنائية في محاولة جديدة للتوصل إلى تفاهمات بين البلدين لحل الخلافات الكبيرة التي ظهرت بين الطرفين في قمة طهران. وترى تركيا أن روسيا كانت معنية بعدم إغضابها ودفعها لاتخاذ خطوات تؤدي لنسف مسار أستانة كونها حريصة على إتمام المسار السياسي في سوريا لكسب رضا المجتمع الدولي لأسباب عديدة أبرزها ملفي شرعية النظام السوري وتمويل إعادة الإعمار، في المقابل ترى أن إيران غير معنية بكل هذه الأمور وتسعى فقط للحسم العسكري على الأرض حتى لو أدى ذلك لإغضاب تركيا ونسف مسارات أستانة وجنيف وغيرها. وفي غضون أيام فقط، بدأت مباحثات على المستويين العسكري والاستخباري بين موسكو وأنقرة للتوصل إلى حل وسط في إدلب، وهو ما تم بالفعل وجرى الإعلان عنه رسمياً في قمة استثنائية جرى الترتيب لها وعقدها على عجل في منتجع سوتشي في روسيا بين اردوغان وبوتين، نتج عنها ما بات يعرف الآن بـ»اتفاق سوتشي» أو «اتفاق المنطقة منزوعة السلاح». ولاحقاً أعلنت أنقرة وموسكو عقب مباحثات تقنية على المستوى العسكري استمرت لثلاثة أيام عن التوصل لاتفاق تفصيلي متعلق برسم حدود المنطقة منزوعة السلاح تمهيداً لبدء نزع هذه المنطقة من السلاح، وسط غياب إيراني كامل عن المشهد، رغم انتشار الكثير من المليشيات الإيرانية في حدود هذه المنطقة التي لم تعلن حدودها النهائية بعد بشكل رسمي. بالتزامن مع هذه التطورات، وبعد أشهر طويلة من تجنب تركيا أي تصريحات يمكن أن تنعكس سلباً على علاقاتها مع إيران لا سيما فيما يتعلق بالتعاون في الملف السوري وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، شنت تركيا هجوماً غير مسبوق على التواجد الإيراني في سوريا. وكالة «الأناضول» الرسمية المعروف أنها تدار بشكل مباشر وتوجه سياساتها التحريرية بناء على التوجهات الرسمية بشكل دقيق، نشرت الجمعة، تقريراً بعنوان «إدلب السورية تحت حصار الإرهابيين الأجانب»، في إشارة إلى الميليشيات الإيرانية، وعمدت إلى ترجمته للعديد من اللغات ونشره على شكل رسوم بيانية توضح حجم التواجد العسكري الإيراني في محيط إدلب، مع التركيز على وصف هذه الميليشيات بـ»الإرهابية». وجاء في التقرير أن «إيران دعمت النظام السوري بـ»120ألف مقاتل إرهابي أجنبي»، ينتشرون في محيط إدلب(شمال غرب) ودمشق(جنوب) وريف دير الزور(شرق)، وجاء فيه أيضاً: «تحاصر 22 مجموعة من المقاتلين الأجانب الإرهابيين من ثلاث جهات، مناطق سيطرة المعارضة السورية في إدلب، حيث تنتشر في 232 نقطة في محيطها». وفي معلومات يبدو أن الجهات العسكرية التركية سربتها للوكالة، أوضح التقرير أن «المجموعات الإرهابية الإيرانية تتمركز على النحو التالي: «12مجموعة إرهابية في ريف إدلب الشرقي وهي: لواء فاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون الباكستاني، وحركة النجباء العراقية، قوات بدر، لواء الإمام علي، لواء الإمام الحسين، حزب الله اللبناني، لواء باقر السوري، لواء القدس الإيراني، وجيش المهدي، ولواء غالبون، وعصائب أصحاب الحق»، وأضاف: «في ريف إدلب الجنوبي الشرقي توجد 7مجموعات وهي: حركة النجباء، وحزب الله اللبناني، ولواء الإمام علي، ولواء أبو فضل العباس، ولواء باقر، وفيلق القدس، وجيش المهدي.. وفي ريف إدلب الجنوبي الغربي يوجد 3مجموعات وهي: حزب الله العراقي، ولواء ذو الفقار العراقي، وحركة النجباء». وتابعت الوكالة: «إلى جانب الميليشيات المذكورة توجد في سوريا قوات الباسيج الإيرانية، ولواء كفلاء زينب، ولواء القدس الفلسطيني، والحرس الثوري الإيراني، والقوات الخاصة الإيرانية»، مشيرة إلى أن «المجموعات الإيرانية المتمركزة في حمص ودمشق مستعدة للتحرك باتجاه إدلب في حال إطلاق أي عملية عسكرية عليها». حدود المنطقة منزوعة السلاح أعلنت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، عقد اجتماعات مع وفد روسي، جرى فيها تحديد حدود منطقة منزوعة السلاح بإدلب، وأشار بيان للوزارة إلى أن الاجتماعات جرت بين 19و21 أيلول/سبتمبر الحالي، حول أسس اتفاق سوتشي، لافتاً إلى أنه «جرى تحديد حدود المنطقة التي سيتم تطهيرها من الأسلحة في إدلب، خلال الاجتماع مع مراعاة خصائص البنية الجغرافية والمناطق السكنية». وعلى الرغم من أنه لم يتم الإفصاح حتى الآن عن الحدود النهائية التي جرى الاتفاق عليها، إلا أن الكثير من التقديرات تشير إلى أن المنطقة الممتدة بعرض 15إلى 20 كيلومترا سوف يتم اقتطاعها بالمناصفة من مناطق سيطرة المعارضة والنظام والقوى الحليفة له، ما يعني أن إيران ستكون مضطرة لسحب ميليشياتها من الكثير من النقاط الممتدة على حدود إدلب، وهو ما قد يفتح الباب أمام خلافات إيرانية روسية كون طهران لم تكن طرفاً مباشراً في الاتفاق رغم ترحيبها به دبلوماسياً. في المقابل، بدأت تركيا مباحثات مع الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة السورية ومنها هيئة تحرير الشام المتواجدة في المنطقة المنزوعة السلاح من أجل بدء تنفيذ المرحلة المقبلة من الاتفاق ونزع السلاح من هذه المنطقة قبيل الموعد النهائي المتفق عليه نهاية الشهر المقبل. ولا يتوقع أن تواجه تركيا صعوبات كبيرة في تنفيذ الاتفاق لا سيما وأن البنود التي نشرت لاحقاً حول نص الاتفاق لا تشير لسحب الأسلحة من داخل إدلب، ويقتصر ذلك على المنطقة منزوعة السلاح فقط. أفضلية تركية في غربي الفرات ويعطي الاتفاق الأخيرة أفضلية كبيرة لتركيا على حساب النفوذ الإيراني الذي سعى للتمدد بشكل أكبر في شمالي سوريا وصولاً للحدود التركية في مناطق غربي نهر الفرات. ويمنع ولو مرحلياً هجوما عسكريا على إدلب كان سيؤدي لاقتراب الميليشيات الإيرانية من الحدود التركية تمهيداً لتوسعها إلى جانب النظام عقب الضغط على تركيا لسحب قواتها من عفرين ومناطق درع الفرات، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية للتحرك التركي القوي ضد مهاجمة إدلب باعتبار أن ذلك يشكل خطراً كبيراً على الأمن القومي التركي. في المقابل، يضمن الاتفاق لتركيا -ولو مرحلياً أيضاً-الإبقاء على تواجدها العسكري في مناطق درع الفرات وعفرين، والأهم تعزيز تواجدها العسكري داخل إدلب عبر تقوية وتوسيع نقاط المراقبة الـ 12 المنتشرة في المحافظة وهو يعطيها أفضلية أكبر على حساب مخططات التوسيع نحو الحدود التركية غربي نهر الفرات. وحتى مساء الجمعة، واصل الجيش التركي الزج بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى حدود إدلب، شملت هذه المرة عناصر من القوات الخاصة وناقلات جند مدرعة ودبابات، معززة بمدافع «أوبس» التركية بعيدة المدى. والجمعة، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن بلاده ستواصل اتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز قوة نقاط المراقبة التي أنشأناها في إدلب. فيما قال مجلس الأمن القومي التركي الذي اجتمع برئاسة اردوغان، الخميس، إنه راجع التدابير التي يتخذها الجيش التركي حيال مواصلة وجوده بشكل آمن في نقاط المراقبة الـ 12 في إدلب. اتفاق إدلب يعطي أفضلية للنفوذ التركي على حساب الإيراني غربي الفرات إسماعيل جمال |
لعبة الشطرنج على رقعة إدلب السياسية العسكرية Posted: 22 Sep 2018 02:15 PM PDT الاتفاق الذي توصلت له روسيا وتركيا في منتجع سوتشي 17 أيلول/سبتمبر بصدد إقامة منطقة منزوعة السلاح على طول خطوط التماس بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، هي نقلة البيادق الأولى في لعبة الشطرنج على لعبة تسوية الوضع في إدلب. وثمة قناعة بان تسوية الوضع المتعلق بإدلب، آخر معقل للمعارضة والجماعات المسلحة الأخرى، سيكون بمثابة مفترق الطرق التي يمكن أن تحدد مستقبل النزاع السوري. وفي ظل ظروف ملموسة يمكن أن تعزز إدلب، أو تعكر بشدة علاقات تركيا بروسيا. إن القوى الدولية والإقليمية التي لها مصالح في سوريا، وتروم أن تكون لها أدوار في طبيعة التشكيلة الجديدة لاصطفاف القوى في المنطقة، لن تتخذ موقف المتفرج بل ستحاول الدفع بالأمور وفق مصالحها، ونقل بيادقها على مختلف الخطوط. وعلى الرغم من إن كلا من موسكو وأنقرة ترى إنها حققت خطوة تصب في مصالحها ومصلحة التهدئة، غير إن التوازن قد ينفرط ضمن أي ظرف، لينسف اتفاقات الرئيسين بوتين واردوغان. فهناك الكثير من المطبات والقوى والمصالح التي ستسعى لإجهاض الاتفاقات، والعودة إلى نقطة الصفر. فتطورات الوضع تتعلق لدرجة كبيرة بحذاقة دبلوماسية موسكو وأنقرة في التحرك بحساسية على هذا الطريق الشائك، والأخذ بالاعتبار مصالح كل طرف. وتتضمن اتفاقات موسكو وأنقرة بالإضافة إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح على مدى 15 كم إخراج «الإرهابيين المتشددين» من المنطقة، وسحب كافة الدبابات ووسائل إطلاق النار والمدفعية وأسلحة وقاذفات القنابل التي تعود للأطراف المتحاربة من المنطقة، حتى العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل. فضلا عن تشكيل دوريات عسكرية مشتركة للإشراف على تنفيذ. ولكن البيانات الرسمية لم تشر إلى آلية تنفيذ تلك التدابير والردود التي سيتخذها الطرفان في حال رفضت التشكيلات المسلحة للمعارضة والجماعات المرابطة هناك الامتثال لتلك المطالب. عقبات على طريق التنفيذ وتجدر الإشارة إلى ورود أنباء عن أن هيئة تحرير الشام أعلنت يوم الأربعاء الماضي امتناعها عن تسليم الدبابات وأنظمة إطلاق النار إلى العسكريين الأتراك. علاوة على إن الاتفاق تجاهل دور إيران ودمشق في الدوريات التي ستشرف على سير العملية. إن اتفاق بوتين-اردوغان، كان حلا وسطيا يساعد على حدوث انفراجة في الوضع المتعلق بإدلب في ظل شروط ملائمة للطرفين، وجعل روسيا تعيد النظر للقيام بعملة عسكرية للقضاء على وجود التشكيلات المسلحة المعارضة والجماعات الأخرى ودعم قوات النظام والقوى التي تؤازرها: إيران وحزب الله وغيرها، على غرار عملية حلب وغيرها من المدن. ويرتبط إعادة روسيا النظر في رغبتها بالاحتفاظ على حيوية علاقاتها بأنقرة، التي هي بحاجة ماسة لها من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية، لاسيما على خلفية مساعي الغرب عزل روسيا، وتشديد الولايات المتحدة العقوبات عليها. ووقفت الحكومة التركية ضد العملية العسكرية التي أعدها لها النظام في إدلب، وتدعمها موسكو والتي يمكن أن تحرمها من المنطقة المعزولة في شمال سوريا. إضافة لذلك إن روسيا تدرك التداعيات السلبية الإنسانية التي يمكن تنجم عن عملية عسكرية في إدلب التي يصل عدد سكانها إلى 3.5 مليون نسمة، ولا تود إن تظهر بمظهر «السفاح» الذي لا يبالي بحياة آلاف الناس ويسبب في موجة نزوح جديدة وتعريضهم للمعاناة. ولا يستبعد أيضا إن تكون موسكو قد سلمت «الشريك التركي» مهمة تسوية الوضع سلميا، على أمل أن يكون فشلها في تحقيق ذلك، ذريعة للعودة إلى السيناريو العسكري، كخيار وحيد «للحفاظ على وحدة الأرض السورية». علاوة على ذلك فان روسيا بانحيازها إلى هذا السيناريو تكون قد خفضت من فرص استخدام «ورقة الأسلحة الكيميائية» التي تتخذها الولايات المتحدة وحلفاؤها كذريعة لقصف سوريا بالصواريخ. كما إن روسيا، وفقا لبعض المعطيات، حصلت من تركيا على تعهدات خاصة، بانها ستتخذ التدابير اللازمة من أجل احتواء الجماعات المتطرفة، مثل «هيئة تحرير الشام» وحزب «تركستان الإسلامي» في سوريا. وتضم هذه الجماعات في صفوفها عددا كبيرا من المقاتلين الشيشان والاويغور، ما يشكل مصدر قلق لروسيا وللصين أيضا، ويشارك هؤلاء أيضا في أغلب الهجمات على القوات الروسية في سوريا. وفي ذلك يرى بعض المراقبين أن رد فعل الجماعات المتشددة على الاتفاق بين موسكو وأنقرة سيكون العقبة الرئيسية أمام تنفيذه. وسيعتمد نجاح اتفاق سوتشي على موقف أنقرة التي لها تأثير على بعض الجماعات، وقدرتها على استمالتها للالتزام ونزع سلاحها بدون قتال. ووفق تقديرات المراقبين فأن العقبة الثانية التي تقف أمام تنفيذ اتفاقية سوتشي القاضية بتسوية الوضع في إدلب، ستتمثل بموقف حلفاء موسكو الرئيسيين، أي طهران ودمشق وهما تتحفظان على الاتفاق الروسي/التركي. ويشيرون إلى انه ورغم الدعم المُعلن للاتفاقية الموقع عليها، فان طهران ودمشق تراهنان فقط على عامل الزمن لتنفيذ السيناريو العسكري لسيطرة النظام على المحافظة. ويقولون إن الحكومة السورية في سعيها لتقويض الاتفاق وإضعاف علاقات روسيا بتركيا، قد تدخل بمساعدة إيران في اشتباكات مع التشكيلات المسلحة للمعارضة والجماعات الأخرى، أو تبدأ بهجوم بذريعة الرد على قيام الجماعات المتطرفة بقصف مواقعها. وكل هذا، في رأيهم، يعني إن العنف وعدم الاستقرار سيستمر بالاتساع في المنطقة، حتى من دون سيناريو هجوم واسع من قبل قوات النظام على إدلب في المدى المتوسط. ويقول المحلل السياسي لمعهد الشرق الأوسط شيجلوفين: إن النتيجة الرئيسية لاتفاق اردوغان-بوتين بصدد إدلب، هو التوصل إلى حل وسط، تمكنت انقرة في إطاره تحقيق هدفها الرئيسي، أي تأخير وإلى أجل غير مسمى بدء العملية العسكرية واسعة النطاق في هذه المحافظة. وقال: إن هذه كانت المهمة الرئيسية لأنقرة من زاوية الحفاظ على نفوذها وتأثيرها وحضورها في سوريا، والآن حصلت أيضا على حق الدخول في المناطق القريبة من حلب. ويرى: إن كل هذه الإجراءات وما يصاحبها من تطورات تقلل من خيارات حل الأزمة السورية في الاتجاه المناسب لروسيا. ولا يمكن تجاهل مواقف الغرب في لعبة الشطرنج السياسية هذه، سواء في إدلب أو في تسوية النزاع السوري ككل. فعلا صدرت تصريحات من عدة عواصم أوروبية ترحب بالاتفاق الروسي-التركي، وخاصة ما يتعلق بوقف العملية العسكرية. بيد إن الدول الغربية تراهن على أن يكون الاتفاق خطوة نحو التسوية السلمية الشاملة في إطار مؤتمر جنيف والتحضير للفترة الانتقالية المرتقبة، وإجراء انتخابات عامة يشارك فيها جميع السوريين، بمن ذلك من المقيمين في الخارج. ويراهن الغرب على إن هذا التطور سيحقق مطلبه الرئيسي: رحيل بشار الأسد عن السلطة. وقال ممثل الخارجية الأمريكية جيمس جيفري في اجتماع مجلس الأمن الدولي في 18 أيلول/سبتمبر المكرس للوضع في الشرق الأوسط: «لقد سمعنا باتفاق روسيا وتركيا أمس، بهدف استقرار الوضع في محافظة إدلب» وأضاف «إننا ندعو كافة الأطراف أن تأخذ على عاتقها الالتزام بتحقيق وقف إطلاق نار طويل الأمد، واتخاذ خطوات للمساعدة على استئناف عملية جنيف» وفي رأيه «إن الطريق الوحيد للتسوية هو مشاركة كافة القوى في الحل السياسي» كما انه جدد الموقف الأمريكي الثابت بصدد ترحيل الأسد ومغادرة إيران الأراضي السورية. وقال «إذا كانت روسيا معنية بضمان السلام في سوريا، فعليها التوصل إلى سحب التشكيلات الإيرانية وللأبد من سوريا». لعبة الشطرنج على رقعة إدلب السياسية العسكرية فالح الحمراني |
الجهاديون في إدلب بين الاختبار الأصعـب والمصير الأسوأ Posted: 22 Sep 2018 02:14 PM PDT خرجت اتفاقية سوتشي حول الشمال السوري بين الرئيسين التركي والروسي، بتفاهمات واحدة اتفق الجانبان على تنفيذها، إلا إن خطواتها التطبيقية حملت بين طياتها العديد من التفسيرات والمعالم غير الواضحة، لعل أبرز النقاط المبهمة في الاتفاق تتمحور مضامينها في ملفي الاستحواذ على السلاح الثقيل من قبضة المعارضة السورية في المنطقة المنزوعة السلاح، وآلية التعامل مع التنظيمات الجهادية، ذات الرقم الصعب في الشمال. ولعل ملف الجهاديين من الأكثر تعقيداً في الشمال السوري، لما قد ينتج عنه من تداعيات عسكرية، وردود كارثية على الجانب المدني، حال تعثر احتواء التنظيمات الجهادية دون معارك، إذ يرجح خبراء أن مواجهة تلك الجماعات ستكون من مسؤولية تركيا والمعارضة السورية المعتدلة، فيما لم يستبعد آخرون مشاركة المقاتلات الحربية الروسية إذ ما لزم الأمر. أما على الجانب الآخر، فلم تخرج أي ردود أفعال حقيقية على التفاهم التركي الروسي، إلا إن ما رشحت عنه الأخبار المحلية، تفيد بوجود انقسامات بين التنظيمات الجهادية، منها من يدعو للحفاظ على هيكلية تلك الجماعات، والانسياب وراء بنود الاتفاق، وآخرون يميلون إلى خيار المواجهة، على اعتبارها معركة مصيرية لا مفر منها. ليست وحدها هيئة تحرير الشام المستهدفة في الشمال السوري، بل هناك تنظيمات أخرى موضوعة على ذات المصير، أبرزها «حراس الدين-الحزب الإسلامي التركستاني، وأنصار الإسلام» وجميع ما ذكر، هي تشكيلات متهمة بالتشدد والتطرف، والنسبة الغالبة منها تم تصنيفها على قوائم الإرهاب الدولي والإقليمي. الإرهاب الكيفي بالتدقيق فيما تسرب من اتفاق اردوغان – بوتين، يتضح وفق ما قرأه الباحث الدولي في مركز عمران للدراسات أيمن الدسوقي، هو التأكيد على ضرورة التخلص من القوى المصنفة إرهابية والمتواجدة ضمن منطقة منزوعة التسليح المتفق عليها في الشمال السوري. في حين وردت فقرة تحتمل تأويلات متعددة بخصوص محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره داخل سوريا مع وجود اختلاف لدى كل منهما في تصنيف القوى الإرهابية وكيفية التعاطي معها، فتركيا تصنف «ب ي د» وما تفرع عنه من تشكيلات عسكرية وأمنية على أنها إرهابية، بينما تنفتح موسكو عليها. تواصل تركيا، وفق ما قاله الدسوقي لـ «القدس العربي»: «العمل على سياسة النفس الطويل وبأدوات متعددة للتعاطي مع القوى المصنفة إرهابية، والمتواجدة في إدلب ومحاولة الفصل بين العنصر السوري والأجنبي، تميل روسيا إلى التعاطي الأمني والعسكري مع ملف القوى المصنفة إرهابية وعدم التمييز بين العنصر السوري والأجنبي ووضعهم في سلة واحدة». الباحث، مال للقول أن تركيا ستواصل العمل التدريجي على تفكيك القوى المصنفة إرهابية، والتي يغلب عليها العنصر الأجنبي من خلال توفير الدعم اللوجستي والأمني لفصائل المعارضة للتعامل معها، في حين ستواصل عملية احتواء القوى المصنفة إرهابية والتي تحتوي على نسبة معتبرة من العنصر السوري لفصل العنصر السوري عن الأجنبي وكذلك المتشددين عن الذين انضوا لهذه القوى مضطرين. أما روسيا فأعتقد المصدر، بأنها ستترك لنفسها حرية استهداف هذه القوى والتعاون مع تركيا أمنياً للحصول على العناصر الوافدة من الاتحاد الروسي للتحقيق معهم. التقديرات غير الرسمية، تفيد ان الشمال السوري يحتوي على قرابة 9500 مقاتل بين صفوفها، من بينهم لا يقل عن 3500 مقاتل أجنبي (غير سوري). قائد حركة «تحرير الوطن» العقيد فاتح حسون، قال أن الإعلان الرسمي، أفاد بأن التنظيمات المصنفة إرهابية سيتم التعاطي معها من قبل لجنة مشتركة من المخابرات التركية الروسية، فترجم القيادي هذه المعادلة بأن تلك القوى ستقوم بوضع حلول بعيدة عن السياسة والإعلام والقواعد العلنية الناظمة، وسيتم التعامل مع هذه التنظيمات بطرق وأساليب وتدابير وآليات متعددة ومتباينة، كان قد تم التمهيد والتحضير لها بشكل مباشر وغير مباشر ضمن هذه التنظيمات منذ فترة طويلة، وسيتم اختيار تلك الأساليب والأدوات حسب الموقف ومتغيراته، وحسب التقدم الذي يمكن تحقيقه مع هذه التنظيمات. مواقف متباينة فهيئة تحرير الشام على سبيل المثال، يوجد في داخلها، وفق ما قاله القيادي في الجيش السوري الحر، تيارات متباينة الموقف من الاتفاق ومن مآلات الثورة السورية، تتدرج بين المتشددة التي لا تقبل بالاتفاق، وطريقة تعاطي فصائل الجيش الحر ومؤسسات الثورة معه، وتعمل على تعطيله بل ونسفه تماما، وتتمسك بأيديولوجيتها القاعدية التي لا تسمح لها بالدخول في العملية السياسية بأي شكل كان. نسبة هذه التيارات لا تزيد عن 20 في المئة من التعداد العام لمقاتلي الهيئة، كما يوجد داخلها تيارات معتدلة موافقة على الاتفاق شريطة تشديد الضمانات، وتجتهد لعدم حصول أي تماس بينها وبين المدنيين والفصائل الموافقة على الاتفاق، ونسبة هذه التيارات حوالي 80 في المئة من مجمل مقاتلي الهيئة، وتدخل ضمنها التيارات المتأرجحة التي لم تتخذ قرارها بعد وتتريث لحين تقصي الوقائع على الأرض، وهل هناك إمكانية للمناورة على الاتفاق أم لا. وبالتالي سيكون هناك اختلاف بطريقة التعاطي مع هذه التيارات، حيث لا يمكن التعامل معها بسوية واحدة وتكتيك واحد، وهنا نجد أن ما يمكن تسميته استخدام الأدوات الناعمة بالتعاطي مع التيارات غير المتشددة سيكون له تأثير أكبر وهو الذي تفضله تركيا وتعطيه الأسبقية على استخدام الأدوات الخشنة ومنها الصدام العسكري من خلال تعاملنا مع مسؤولي الملف. العقيد فاتح، يرى استخدام الأدوات الناعمة، خيارات ممكنة لفصل التيارات القابلة للاندماج ضمن فصائل الجيش الحر عن التيارات المتشددة وعزلها عنها، وتشكيل جسم عسكري جديد بقيادة جديدة، أما التيارات المتشددة فيمكن أن يُؤْمِن لها ممرات لتخرج من منطقة إدلب إلى منطقة أخرى تحددها هي أو تحدد لها، وذلك كما تم التعامل مع تنظيم «الدولة» في أماكن عدة من سوريا، ومما سبق يمكن أن ينطبق على باقي الفصائل غير الموافقة على الاتفاق كحراس الدين وقسم من الحزب الإسلامي التركستاني والشيشان وغيرهم. وفي هذا السياق تسعى تركيا إلى استخدام الخيارات البديلة عن الخيار العسكري ما أمكن لتفكيك التنظيمات المصنفة إرهابية، ليس للقضاء على مقاتليها بل لحقن دمائهم ودماء الأبرياء في المنطقة، ولكن لا يستبعد استخدام الخيار العسكري في تفكيك التنظيمات المصنفة إرهابية ان استدعت الحاجة لذلك. التجربة السعودية! لا يخفى على تركيا، وفق القيادي حسون، أن هناك برنامج المناصحة الذي اتبعته المملكة العربية السعودية بعد انتهاء حقبة الجهاد في أفغانستان وعودة المقاتلين إليها، ومثل هذا البرنامج يمكن تطبيقه على الأراضي السورية بضوابط ومعايير تتناسب مع الحالة الموجودة، ولا بد للدول التي ينتمي إليها المقاتلون غير السوريين أن تشارك في وضع الحلول وتتحمل مسؤولياتها بشكل قانوني، فالغاية بالمحصلة ليست القتل والغدر بمن شاركنا الدفاع عن أهلنا ولو أخطأ، بل الغاية إيجاد الحلول المناسبة التي تحقق مصلحة الثورة وتحقن الدماء. وأضاف، تركيا تتمتع بثقة مختلف أطياف المقاتلين في سوريا، وهي أدرى بطريقة التعاطي مع هذا الملف وخباياه، وهي لا ترغب بالاشتباك المسلح إلا بعد استنفاد كل الخيارات الأخرى، وأعتقد أنه ستكون هناك حلول مرضية لكل ذي عقل وتدبير. في حين استبعد خبراء سوريون توجه تركيا لإنهاء الجيش السوري الحر في المناطق التي ينتشر فيها الجيش التركي، وعلل الكثيرون ذلك، بأن أنقرة تسعى لفرض قوتها وقوة الحلفاء المحليين في سوريا، كخطوة مضادة للمشروع الأمريكي الذي يدفع بالوحدات الكردية نحو الحدود التركية، في حين لا ترغب تركيا ببقاء الشمال السوري معقلاً للتنظيمات التي تصنفها إرهابية، وتميل للحصول على واقع مستقر حتى لو مؤقتاً ريثما يتوافق المجتمع الدولي على صيغة تفاهم عامة لكامل الأراضي السورية تحدد مستقبل سوريا بعيداً عن تفرد النظام السوري بالسلطة منفرداً. أما الباحث والمحلل السياسي السوري خليل المقداد، فكانت وجهة رؤيته مختلفة، إذ قال لـ «القدس العربي»: «في الحقيقة، الأمر لا يقتصر فقط على المقاتلين الأجانب، فهناك الكثير من المجموعات المحلية الرافضة للتسوية الأخيرة، وتسليم السلاح، وما صدر من نفي لأخبار تسليم الأسلحة الثقيلة في المناطق المتفق عليها دولياً، ولكن عندما نتحدث عن الهيئة أو جيش العزة أو الفصائل الجهادية، فهنا لا مجال للحديث عن تسليم السلاح، على اعتباره نهاية للعمل المسلح، ونهاية للعناصر أنفسهم، وحتى لو استسلمت تلك المجموعات، ستكون نهايتهم مأساوية، خاصة المقاتلين الأجانب «غير السوريين»، فهؤلاء سيقاتلون حتى النهاية، خاصة التركستان والقوقاز، وسينضم إليهم الكثير من رافضي الاستسلام والاتفاقيات المذلة. المقداد لم يستبعد أن يشهد شمال سوريا، ولادة تنظيمات أو فصائل جديدة بعد التطورات الأخيرة، وما يحدث في إدلب، وفق ما قاله ليس نهاية الصراع، بل هو مرحلة من مراحله ستنقله إلى واقع وآفاق جديدين، قد توحد رافضي الاستسلام في كيان واحد. علينا التمييز بين التشكيلات الجهادية والمعتدلة، فالأخيرة ستكون رأس حربة بمقارعة الجهاديين، لذلك علينا حسب المقداد، صراع فصائلي دموي، أما الخيارات المتاحة أمام الجهاديين، فهي القتال فقط، وأي احتمال دون ذلك فهو نهاية محتومة لهم، وهؤلاء ليست لهم منافذ أخرى، ما سيجعلهم يتخذون أساليب حرب العصابات ومعارك الكر والفر. الجهاديون أنفسهم، سواء هم من اختاروا الحرب أو لم يختاروها، فإن الاتفاق واضح المعالم، وتتمحور أهدافه للقضاء عليهم، ومن هنا يمكننا القول أن المعركة مرحلة واقعة، والمساعي تتجه لحل هيئة تحرير الشام، وإن رفضت سيتم قتالها، وفي حال تفكيك الهيئة، ستنضم مجموعات منها إلى فيلق الشام أو غيره من التشكيلات، أما بقية المجموعات فيتم التعامل معها بالسلاح والمواجهة. خيارات تحرير الشام خيارات الهيئة ضئيلة، حسب الباحث المقداد، ليس لها سوى الرفض أو القبول، فالقبول يعني الموافقة على تفكيكها واندماج عناصرها مع الفصائل المعتدلة، والرفض يعني اختيار الحرب، وبالتالي يبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات، ربما معارك جزئية، وربما الخروج من المنطقة. وهنا، الحدث مرهون بطبيعة التفاهمات التركية الروسية، والأمريكية الروسية، والتركية مع هيئة تحرير الشام، فالهيئة أدخلت الجيش التركي إلى الشمال السوري باعتقادها أنه ربما شيء مرحلي، تستطيع تجاوزه لاحقاً، ولكنها اليوم أمام استحقاق مصيري، وهنا لا يمكن التنبؤ بما قد تولده الأيام القليلة المقبلة. ومع إعلان تركيا عن بدء تطبيق اتفاق المنطقة منزوعة السلاح في الشمال السوري، تبقى كافة الاحتمالات مفتوحة على مصاريعها، حول الملف التالي لرسم الحدود بين مناطق النظام السوري والمعارضة عبر الجيشين التركي والروسي، وهو ملف الجهاديين، وما هي الطريقة التي اتفق عليها الزعيمان للتعاطي مع الملف في الشمال، وما هي الوسيلة التي ستتبع لمعالجة الحدث الأخطر والأبرز في المشهد السوري اليوم. الجهاديون في إدلب بين الاختبار الأصعـب والمصير الأسوأ حسام محمد |
نزع أسلحة الجماعات المتشددة المهمة الأصعب أمام تركيا Posted: 22 Sep 2018 02:14 PM PDT تُعد إدلب الملاذ الأخير لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا بعد استعادة قوات النظام، بدعم روسي وإيراني، مناطق خفض التصعيد في ثلاثة قطاعات شملت العاصمة وريفها وحمص ودرعا، ما أدى إلى تجمع أكبر عدد من المقاتلين المحليين والأجانب في محافظة إدلب بعد معارك انتهت بالمصالحات أو اتفاقيات تسليم المناطق والسلاح مقابل خروج المقاتلين. ثمة ما يشير إلى أن ما لا يقل عن 70 ألف مقاتل من المعارضة المسلحة، بينهم نحو 10 آلاف من المقاتلين المتشددين، يتواجدون في محافظة إدلب يتوزعون على عشرات الفصائل الموصوفة بالتشدد أو المصنفة على لوائح الإرهاب، والأخرى المعروفة باسم الفصائل المعتدلة، وتضم هذه فصائل الجيش السوري الحر وفصائل إسلامية معتدلة. وتشدد القيادات العسكرية الروسية على ضرورة استسلام الجماعات الإرهابية كخيار أفضل لتجنب معركة مقبلة في إدلب قبل انتهاء المهلة المحددة منتصف كانون الأول/ديسمبر 2018. خلاف هذا تصر القيادة الروسية على استخدام القوة العسكرية لإنهاء تواجد الجماعات الإرهابية والمعتدلة في ما لو فشلت المساعي التركية بإقناع هيئة تحرير الشام حل نفسها وتسليم أسلحتها، وكذلك المجموعات الأخرى القريبة من تنظيم القاعدة. وتتفق تركيا وروسيا على ضرورة مكافحة الإرهاب في سوريا بكل أشكاله ومظاهره، ومنذ 29 آب/اغسطس الماضي أدرجت تركيا هيئة تحرير الشام على لائحة التنظيمات والمنظمات الإرهابية، وشمل الإدراج التنظيمات والمنظمات المرتبطة بتنظيم القاعدة. من أجل تنفيذ بنود تفاهمات سوتشي العشرة، سيكون على الطرف الضامن لالتزام الفصائل المسلحة باتفاقيات أستانة، أي تركيا، إلزام الفصائل المتواجدة في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب تسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة والانسحاب من المناطق المشمولة بتوصيف المنطقة منزوعة السلاح بين الفصائل وقوات النظام. تفاهم سوتشي في حقيقته لا يعني إلغاء العملية العسكرية ضد المعارضة المسلحة بشقيها المتشدد والمعتدل؛ إنما هو تأجيل للعملية لإعطاء بعض الوقت لتركيا في المساعدة على فصل الجماعات المتشددة عن المعتدلة واتخاذ ما يلزم من خطوات لإنهاء أي تواجد للجماعات المتشددة قبل نهاية العام. وبحلول 10 تشرين الأول/اكتوبر 2018، سيكون من المفترض أن تركيا أنجزت مهمة سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الجماعات المسلحة وإبعادها عن المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 منه لإحلال قوة تابعة للشرطة العسكرية التركية بدلا منها في مقابل إبعاد قوات النظام بمسافة مماثلة لإحلال قوة تابعة للشرطة العسكرية الروسية بدلا منها. وتتفق تركيا وروسيا على وجوب أن تسلم التنظيمات الموصوفة بالإرهاب أسلحتها إلى الجانب التركي. سيكون على كل من تركيا وروسيا مهمة إقناع، أو إرغام، الجميع على الامتثال لمضمون تفاهم سوتشي والانسحاب من مناطق محددة لإنشاء المنطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15 إلى 20 كيلومترا مناصفة بين طرفي الحرب، قوات النظام والمعارضة المسلحة. تجد تركيا نفسها في مواجهة تحدي نزع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من جميع التشكيلات المسلحة في محافظة إدلب، المعتدلة والمتشددة؛ وتحدي لا يقل تعقيدا في إقناع الفصائل المتشددة بالانسحاب من المناطق المحددة كمناطق منزوعة السلاح. على الرغم من أن فصائل الجيش السوري الحر تعلن بشكل صريح أن تركيا لم تتقدم إليها بطلب تسليم أسلحتها الثقيلة أو المتوسطة، وان قيادات الفصائل ترفض تسليم تلك الأسلحة؛ إلا أن من المتوقع أن تستجيب قيادات المعارضة المسلحة لتفاهمات سوتشي وتُقدِم على تسليم أسلحتها إلى الجانب التركي. وترفض معظم الفصائل المتشددة الاتفاق الروسي التركي في 17 أيلول/سبتمبر 2018 والانسحاب من خطوط التماس مع قوات النظام التي بموجب الاتفاق ستكون ضمن المنطقة منزوعة السلاح في المناطق الممتدة من جسر الشغور إلى ريف إدلب الشرقي مروراً بريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي. لم تصدر بيانات رسمية، إلا أن ناشطين ومقربين من بعض الفصائل المتشددة يعلنون صراحة رفضهم الانسحاب من المناطق المشمولة بالمنطقة منزوعة السلاح أو تسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة؛ ومنها أنصار الله وأنصار التوحيد وجند القوقاز والحزب التركستاني الإسلامي، وهيئة تحرير الشام التي تعد الفصيل الأكبر الذي يسيطر على أكثر من نصف مساحة المناطق المحررة في محافظة إدلب، ولها نفوذ واسع على الفصائل المتشددة الأخرى. ويمكن الاستنتاج من خلال الفهم الدقيق لمنهجية الفصائل المتشددة، وخاصة التي تضم مقاتلين أجانب، استحالة القبول بتفاهمات سوتشي في بندي إنشاء المنطقة معزولة السلاح على طول خطوط التماس، وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من جميع تشكيلات المعارضة المسلحة. يمكن لهذه الفصائل مواجهة أي قوة تحاول إرغامها على ترك مواقعها المشمولة بالمنطقة منزوعة السلاح أو إرغامها على تسليم أسلحتها؛ وهما مسؤولية تركيا في المقام الأول. بصفتها الدولة الضامنة لفصائل المعارضة المسلحة في اتفاقيات أستانة، أقامت تركيا اثنتا عشر نقطة مراقبة على خطوط التماس بين فصائل المعارضة وقوات النظام في المناطق المحررة من محافظة إدلب المشمولة بالقطاع الجغرافي الرابع من تلك الاتفاقيات في ريف حلب الغربي جنوب إدلب وإلى ريف حماة الشمالي ومن ثم إلى ريف اللاذقية بمحاذاة حدود محافظة إدلب الإدارية. وعززت تركيا بشكل غير مسبوق قدرات الفصائل الحليفة لها بالمزيد من الأسلحة والمعدات القتالية بدءا من 10 أيلول/سبتمبر مثل درع الفرات والجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير التي تشكلت في الأول من آب/أغسطس من خمسة فصائل معتدلة. وتتحدث بعض وسائل الإعلام عن دخول شحنات أسلحة تركية إلى محافظة إدلب محملة على متن أكثر من 180 شاحنة خلال الفترة بين 10 و13 أيلول/سبتمبر دون معرفة وجهتها. من المتوقع أن يتم توزيع جزء من هذه الأسلحة لتعزيز قدرات نقاط المراقبة التركية والجزء الثاني للفصائل المعتدلة التي تدعمها تركيا، مثل فصائل درع الفرات والجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير التي تتقاسم النفوذ في محافظة إدلب مع هيئة تحرير الشام. ويمكن لهذه الفصائل في مرحلة لاحقة فرض إنفاذ تفاهمات سوتشي على الفصائل المتشددة باستخدام القوة العسكرية. ويعتقد على نطاق واسع أن شحنات الأسلحة التركية التي تم تسلميها إلى بعض الفصائل الحليفة لها، يمكن أن تستخدم مستقبلا في قتال هيئة تحرير الشام في ما لو رفضت الاستجابة لدعوات حل نفسها وإدماج مقاتليها في الجيش الوطني الذي يراد له أن يكون نواة لجيش المعارضة المسلحة الذي يمكن أن يكون جزءا من الجيش السوري بعد التسوية الأممية. وتخشى تركيا انهيار الهدنة المؤقتة واستئناف معركة إدلب المؤجلة، وتعد ذلك تهديدا جديا للمصالح التركية التي تريد تجنب المعركة لمنع أزمة إنسانية جديدة تؤدي إلى تدفق كبير للنازحين إلى حدودها الجنوبية. ولا تبدو ثمة خيارات متعددة أمام تركيا لتجنب معركة إدلب إذا رفضت هيئة تحرير الشام والجماعات المتشددة الأخرى تسليم أسلحتها والانسحاب من المنطقة منزوعة السلاح كخطوة أولية تليها خطوة حل الهيئة لنفسها والجماعات المثيلة لقطع الطريق أمام الإصرار الروسي على إنهاء الهيئة والجماعات المتشددة بحلول نهاية العام 2018. نزع أسلحة الجماعات المتشددة المهمة الأصعب أمام تركيا رائد الحامد |
عين إيران على ما بعد إدلب Posted: 22 Sep 2018 02:14 PM PDT هل ارتضت إيران لنفسها أن تلعب لعبة الرجل الواقف في الخلف وتترك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تنظيم الاتفاقات التي تخص سوريا على غرار الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب، الذي أعلنه الكرملين على لسان ديمتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس بوتين؟ في طهران ثمة اعتقاد أن على إيران أن تبقى بالفعل خارج المناكفات الدولية والإقليمية المباشرة حول عموم الملف السوري، وأن تترك لموسكو أن تكون في الواجهة وهو ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة مستشار المرشد علي أكبر ولايتي مبعوثاً عن السيد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني (النظام) وأن يفعل بوتين ما يراه مناسباً للحفاظ على مكتسبات التدخل الروسي الإيراني المباشر في سوريا وتحقيق الهدف الأكبر وهو تطهيرها من الإرهاب ومنعها من التقسيم. ومن هنا فإن الاتفاق الروسي التركي حول إدلب لا يمكن اعتباره نهائياً. لأنه لا يصب في تحقيق ذلك الهدف، وهو أيضاً ليس من مصلحة الرئيسين بوتين واردوغان، فبقاء مجموعات إرهابية مثل «دولة الخلافة الإسلامية» أو «جبهة النصرة» في شمال سوريا، يهدد تركيا نفسها، حيث يُمكّن المجموعات الإرهابية من التوغل في مناطق نفوذها. ولهذا تجد الإيرانيين يبدون واثقين من أنه بعد إنشاء منطقة معزولة حول إدلب، سيتم القضاء على الإرهابيين من قبل القوات السورية والتركية أيضاً بمساعدة روسيا. واستنادا إلى هذا يمكن اعتبار الاتفاق الروسي-التركي مرحلياً مؤقتاً، تم وفقه تأجيل هجوم قوات الجيش السوري وحلفائه بمن فيهم روسيا وإيران على إدلب. قضت الخطة التي عملت عليها إيران وحلفاء الرئيس السوري منذ اندلاع الأزمة في سوريا في 2011 حتى الآن، أن يجري نقل المسلحين الذين يرفضون التصالح مع الدولة السورية من المناطق التي يستعيدها الجيش السوري والحلفاء، إلى محافظة إدلب، الواقعة شمال غرب البلاد، لتتحول تدريجياً إلى آخر جبهات القتال للمعارضة السورية والمقاتلين الأجانب. وتعتبر إدلب حالياً أكبر المناطق المتبقية تحت سيطرة معارضي النظام السوري والتي تشكل أكثر من 60 في المئة من الأراضي التي بقيت تحت سيطرة تنظيم «هيئة تحرير الشام» والذي تشكل من قياديين سابقين في تنظيم «القاعدة». لقد وضعت الحكومة السورية والحليفان الإيراني والروسي، تحرير محافظة إدلب في رأس أولوياتها، لكن بالنظر إلى تأريخ الصراع السوري الذي تجاوز السبع سنوات يمكن القول بأنه من دون الدعم الروسي الإيراني لبشار الأسد لما تحققت كل هذه الإنجازات على أرض الواقع. فمنذ أن توصلت كل من روسيا وإيران وتركيا للاتفاق الأخير بشأن حل الأزمة السورية في مؤتمر أستانة، عاد الهدوء التدريجي الحذر لمحافظة إدلب إلى حد ما. لكن الآن وبعد مرور الوقت وتصاعد حدة الأزمة في المحافظة تسعى الأطراف الثلاثة الى إيجاد صيغة حل سياسي فعال للخروج من الأزمة. وبالرغم من هذه المعطيات الإيجابية التي تجسدت في تفاهمات ميدانية في مناطق مختلفة، إلا أن الاجتماعات التي عقدتها الأطراف الثلاثة في كل من أستانة، وسوتشي، وأنقرة وطهران، لم تفض إلى أي تسوية نهائية ودائمة لإنهاء الصراع الدائر داخل الأراضي السورية، والسبب هو تباين نظرة كل من موسكو، أنقره وطهران للأزمة. وبغض النظر عن الاتفاقات التي توصلت لها جميع الأطراف إلا أن الدور الإيراني الداعم للأزمة السورية كان واضحاً كونه الأقرب للنظام السوري بتوافق مصالحهما. ولقد برزت بعض الاختلافات بين روسيا وإيران أثناء قيام الجيش التركي بعملية اجتياح مدينة عفرين شمال غرب سوريا، عندما أظهرت موسكو نفسها طرفاً محايداً في النزاع، حينها قامت الجماعات المسلحة المقربة من طهران ودمشق بدخول الأراضي السورية لدعم الجماعات الكردية المقاتلة في عفرين، إلا أن الموقف الأخير لكل من أنقرة وموسكو ألقى بظلاله على الأزمة السورية بحيث أغلق الأبواب أمام أي انفراج في المدى المنظر في الأزمة، الأمر الذي جعل الجماعات المسلحة المقربة إيران تبدي استياءها من الأمر وهددت بتوجيه ضربات عسكرية للقوات التركية المتواجدة داخل الأراضي السورية. ومع استمرار التطورات في المنطقة والحديث عن ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة وعملية لحل الأزمة في إدلب يمكن القول إن طهران كانت (قبل الاتفاق الروسي التركي) تنسق مع دمشق بمباركة موسكو لتحرير إدلب بالحرب دون انتظار أي اتفاق جديد بين الأطراف الرئيسية في الأزمة السورية، من أجل استعادة إدلب من المعارضة السورية. إلا أن الضغوط السياسية والاقتصادية الأخيرة والعقوبات التي وضعتها حكومة ترامب، قد تدفع إيران لتغيير نهجها حيال سوريا وأن تتـخــذ الحيــطــة والـحــذر أكثر من ذي قبل وأن تكون تحركاتها متوافقة ومتوازية في إطار التفاهمات أولاً قبل كل شـــيء، ووافقت على الاتفاق حتى قبل أن يلتـقي بوتين باردوغـــان في إدلب من منطلق تغـيير الأولــــويات، وأن وقـــوع نزاع مباشر بين طهران وأنقرة قد يتسبب في أزمـــة إنسانية جديدة وقد يدفع الكثير من السكان المدنيين في إدلب للنزوح الأمر الذي سينبئ بكارثة إنسانية جديدة. وتقول التقارير إن عدد المدنيين في المنطقة يقارب الثلاثة ملايين، كما يوجد ثمانون ألف مسلح في المنطقة يشكلون خطراً على أرواح المدنيين إذا ما بدأت أي عملية عسكرية لتحرير إدلب. تفاهمات يعتقد الإيرانيون ومعهم السوريون أن اتفاق إدلب سيتيح لسوريا النجاح في تطبيق سياسة «القضم التدريجي» للأراضي الخاضعة لسيطرة المسلحين، رغم أن طهران، والحلفاء (حزب الله والعراقيون) شككوا بموقف تركيا التي يقولون إنها تلعب لعبة مزدوجة لشراء الوقت لإقناع الولايات المتحدة بزيادة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد. ولفتوا إلى لقاء جيم جيفري، المبعوث الجديد لوزارة الخارجية الأمريكية، والمبعوث الخاص لسوريا جويل رايبورن في جنيف مع المبعوث الأممي في الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا وما يسمّى بـ «المجموعة الصغيرة» من الدول المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، بحضور مسؤولين من مصر وفرنسا وألمانيا والأردن والمملكة العربية السعودية والمملكة المتّحدة، وقالوا إن معركة الحسم في إدلب مقبلة لامحالة، فالرئيس الإيراني، حسن روحاني، يوم أعلن الجمعة 7 أيلول/سبتمبر أن المرحلة المقبلة في سوريا بعد إدلب هي شرق الفرات، مشيراً إلى وجود قوات من الولايات المتحدة هناك بشكل غير شرعي. وفي هذا الواقع تأتي الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا ما جعل ياسين أقطاي مُستشار الرئيس التركي يتَّهَم إسرائيل بمُحاوَلة تخريب الجَو الإيجابيّ الذي ظَهَر بعد اتِّفاق إدلب. وتضع إيران الاعتداءات الإسرائيلية على اللاذقيّة تحديداً، في سياق واحد مع الرسائل التي وجّهها الأمين العام لحزب الله حسن نصرُ الله في أكثر من اتجاه، ولعلّ أعنفها تهديده لإسرائيل من مغبّة شنّ حرب على لبنان. عين إيران على ما بعد إدلب نجاح محمد علي |
سوتشي: وريدان جديدان للنظام ومسالك كردية مغلقة لعفرين Posted: 22 Sep 2018 02:13 PM PDT كان جل السوريين يتابعون في 17 أيلول/سبتمبر ما سيصدر عن لقاء الرئيسين الروسي والتركي، فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان، بعد جلسة مباحثات حول سوريا، استمرت أربع ساعات ونصف. الجلسة التي نتج عنها قرار إقامة منطقة منزوعة السلاح بطول خط التماس بين المعارضة المسلحة والقوات الحكومية بحلول 15 تشرين الأول/اكتوبر المقبل، بعمق 15-20 كيلومترا، والتأكيد على انسحاب المسلحين المتطرفين من هناك، بمن فيهم مسلحو «جبهة النصرة» الفرع السوري من تنظيم القاعدة. الاتفاق الذي ابرم في سوتشي جنب المحافظة الشمالية المكتظة بالسكان الحرب، ولو مؤقتاً. ولكنه عزز قوة النظام الاقتصادية، وحجم تحركه العسكري لفترة. الاتفاق الذي جاء لتمديد الوضع القائم في إدلب زاد الكرد في سوريا خوفاً على مصير جيبهم الشمالي الغربي الذي تحتله تركيا وبعض الجماعات المعارضة المحسوبة عليها. الحلول الجزئية للحرب السورية تهمش قضية هؤلاء، وتجعل من كل تقارب «تركي روسي» واتفاق «روسي تركي إيراني» مصدة لمطالبهم المستمرة بإيجاد طريقة لإخراج تركيا من عفرين التي تتحدث التقارير الدولية بفزع عن كم الانتهاكات التي يواجهها أهلها على أساس الهوية هناك على يد الأتراك وجماعات المعارضة السورية. الاتفاق الذي لا يحتوي في تفاصيله شيئا إيجابيا عمليا لمعارضي النظام سوى أنه يؤجل المعركة الكبرى في إدلب، وينزع منها بعض الأراضي، وليس كلها في الوقت الحالي، هو مؤشر للأكراد المنتظرين لفرصة تعزيز مطلبهم للحصول على عفرين مجدداً على ان التقارب التركي الروسي ما زال على مساره السابق، وهو يعتبر في ميزان رؤيتهم السياسية والعسكرية مؤشرا لتحجيم قضيتهم لفترة زمنية غير واضحة. الرشوة التركية الاتفاق الذي أبرم في سوتشي، أهدى النظام المندفع للسيطرة مجدداً على المناطق الخارجة عن سيطرته في الفترة الأخيرة بعد الدعم الروسي الإيراني المكثف له، وبعد ان أصبحت عملية دعم المعارضة السورية ملفا غائبا عن الأجندة الدولية، وبعد أن تشتتت المعارضة التي لم تكن بعد تجربة السنوات السابقة المريرة في سوريا سوى بيدق لدول الجوار، وبعد تطرف كتل كبرى منها، وبعد فشلها في إدارة المناطق التي تديرها وبعد ظهور التباعد السياسي بين المكونات السورية الرئيسية، وريدين اقتصاديين جديدين. الوريدان المزمع تقديمها للنظام هما طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب-اللاذقية) وإم 5 (حلب-حماة) وذلك بحلول نهاية عام 2018. الاتفاق الذي نص على ان، تقوم القوات المسلحة التركية والشرطة العسكرية الخاصة بالقوات المسلحة التابعة للاتحاد الروسي، بدوريات منسقة وجهود مراقبة باستخدام طائرات من دون طيار، على امتداد حدود المنطقة منزوعة التسليح، بالإضافة إلى العمل على ضمان حرية حركة السكان المحليين والبضائع، واستعادة الصلات التجارية والاقتصادية، هو اتفاق على تدفق الدماء الاقتصادية أكثر إلى جسد النظام السوري الذي يعاني من تمدده السياسي والعسكري دون وجود موارد اقتصادية كافية، وعزلة دولية، وعقوبات تمنعه من التحرك بالسهولة في الخارج. النظام الذي يخسر مع الوقت دعم حليفه الإيراني الأكثر توازناً معه، والغارق في مشاكله الاقتصادية حالياً، والذي يعاني من ويلات الغضب الأمريكي الاقتصادي عليه، ويخاف من زيادة سطوة حليفه الأقوى روسيا، والذي لا يرجع له عندما يتعلق القرار بالملف السوري بقدر ما يستخدمه شكلياً لتأطير الاتفاقات والقرارات الصادرة بالملف، يعاني من زيادة المساحة التي يحكمها في الوقت ذاته يفتقد فيه إلى القوى الاقتصادية المطلوبة منه لتسهيل الحياة في تلك المناطق المنكوبة. الشريانان اللذان حصل عليهما النظام هي الرشوة التركية الممكنة حالياً للروس لتفادي عملية عسكرية شاملة في إدلب، وخاصة ان المحافظة المتاخمة للحدود الجنوبية التركية مكتظة بالسكان والنازحين، وتوجد فيها 12 نقطة مراقبة تركية. المطلب الروسي أو الرشوة التركية التي نجحت في تأجيل المعركة الكبرى هناك بين النظام والروس وباقي حلفائه من جهة وبين زعيمة الوجود العسكري فيها «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» (النصرة سابقا) وعددها بالآلاف، والتشكيل العسكري الجديد «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تضم 30 ألفا وتلقى دعما تركيا هي رشوة غير مجدية على المدى البعيد حسب الكثير من المتابعين على اعتبار ان المهمة الأصعب الموكلة لتركيا وهي تحجيم هيئة تحرير الشام بمقاتليها المدربين والذي يبلغ تعدادهم بالآلاف هي مهمة أكبر من قوة تركيا في إدلب على ما يبدو. الرشوة التركية التي قبلتها روسيا تأتي فاعليتها في جزء كبير منها في هذه الأوقات من الخلاف الأمريكي التركي بعد فرض أمريكا عقوبات جزئية على أنقرة بعد رفضها إطلاق سراح القس الأمريكي المسجون لديها، وخوف روسيا من استغلال الغرب للحرج التركي في إدلب في حال انطلاق العمليات هناك لصالح ضم تركيا لمحورها من جديد. ريبة كردية الاتفاق السالف الذكر يخيف الأكراد، رغم أنهم يعتبرونه خبرا مفرحا لتجنيب المدنيين السوريين حرب طاحنة مقبلة، على اعتبار أنه يمدد الوجود التركي في الشمال السوري، وهو اتفاق مريب بالنسبة لهم لأنه لم يتطرق في بنوده المعلنة إلى ملف المناطق الأخرى التي تحتلها تركيا وخاصة عفرين، المجاورة لإدلب. وهو خوف معزز بإن يكون مؤشرا على توافق الجهتين على بقاء تركيا في تلك المناطق على المدى البعيد. الأكراد الذين كانوا يمنون النفس بقدرة روسيا على تحجيم النفوذ التركي بشكل نهائي في الشمال السوري بعد ان بدأت تركيا تشعر بالاغتراب عن الغرب الأطلسي، وبعد ان تدهور الواقع الاقتصادي الذي تعيشه، وبعد ان أصبحت مؤشرات الرغبة الروسية في تحجيم كل القوى الدولية عن سوريا واضحاً تبخرت رؤيتهم التفاؤلية بعد الاتفاق الأخير. لا يمكن للأكراد سوى النظر إلى عفرين وهي تُنتهك من قبل الجماعات المعارضة المدعومة تركياً وبغطاء تركيا المباشر، ولا يمكنهم سوى تحمل المزيد من الوجع حتى يتبدل الوضع العام في العلاقات الدولية بين الدول المعنية بالملف السوري. ويعرف الأكراد بعد تفاؤلهم الأولي الذي خذلهم في علاقتهم بالروس مدى هامشية النظرة الروسية لقضيتهم في سوريا حالياً في مقابل الأجندة الروسية الأكبر، والمتعلقة بها وبنفوذها العام في جل سوريا. ولكنهم ينتظرون الفرصة لإحياء دورهم أكثر في أقصى الشمال الغربي السوري بعد ان تمكنوا من ترسيخ وجودهم في الشمال والشرق السوري. الوضع الحالي للأكراد هو إن انجازاتهم في شرق الفرات تثبط مع ورود التقارير المستمرة عن عمليات تغيير ديموغرافي لمنطقة عفرين لصالح الجماعات الموالية لتركيا، أي إن كل تعزيز لوجودهم في شرق الفرات يقابله ضعف لحلمهم في العودة لعفرين. ومع الوقت، وانقشاع مفهوم الهزيمة الكلية لتركيا في سوريا على المدى القريب رغم أنه تعرض لهزائم جزئية متعددة بعد ان كان يمني النفس بسيطرة شاملة على سوريا من خلال المعارضة في بداية المشهد السوري يحاول الأكراد المكابرة على الآلام التي يراقبونها من بعيد لأبناء جلدتهم المنكوبين في عفرين هذه الأيام، ويمنون النفس بإيجاد حل لتقصير مدة الآلام تلك رغم قلة الخيارات في الوقت الحاضر، ورغم صعوبة المسالك لتلك المنطقة الزاخرة بالذكريات والصورة الجميلة في مخيلتهم الوطنية. فشل متوقع للاتفاقية في المشهد العام للوضع السوري خلال السنوات الصعبة السابقة لم تكن الابتسامات التي ترافق كل اتفاق أو اجتماع معني بالقضية السورية بين الدول المشاركة في الصراع، رصينة بقدر ما كانت عبارة عن لمحة سعادة تحولت إلى كابوس في النهاية. ملفات خفض التصعيد، والتي تعتبر محافظة إدلب واحدة منها هي مثال حي لتلك الابتسامات الغابرة، لذا مع استعمال الاتفاقية لمصطلحات فضفاضة، وتحديدها لجداول زمنية صعبة التنفيذ على الأرض يعلم المتابع ان مصير تلك الاتفاقية ليس بالثابت، ومحاولة الالتفاف عليها في ما بعد فعل مطروح على الطاولة. ومع ورود الأخبار عن أن الاتفاقية ستجهز لعملية عسكرية صعبة، وقد تكون غير موجودة أصلاً للجيش التركي، وبعض الجماعات المعارضة ضد جبهة النصرة الشديدة المراس والمتحصنة جيداً في جيب إدلب، يتحسس الجميع قرب خبر فشل الاتفاقية وبدء مسارات جديدة هناك في الوقت ذاته الذي يخشى الأكراد من جانبهم من عملية مريبة بنقل الكثير من الجماعات المتطرفة من إدلب الى عفرين وتوطين الأهالي هناك على حساب سكانها الأصليين. لا يملك الأكراد سوى خيار تعزيز قوتهم في المناطق التي يتواجدون فيها في شرق سوريا وشمالها. والتعزيز الكردي هو نوع من الرسالة التحذيرية للأطراف التي تقوم بالانتهاكات في عفرين بحق المدنيين، وهي جزء من رسائل التذكير للروس والنظام بضرورة عدم غض النظر عن قوة موجودة في الشرق تبحث عن حماية مواطنيها في أقصى الشمال الغربي. ومع ورود أنباء عن زيادة الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية، والحديث الصاعد لدى واشنطن بضرورة تعزيز وجودها وتمديد بقائها هناك، يحاول الأكراد طرح ملف عفرين على الأمريكيين لتضمنيها الأجندة السياسية التي من المفترض ان توضع لحل القضية السورية الساخنة. الدعم الأمريكي الراسخ لقوات سوريا الديمقراطية، والتخاذل الروسي لصالح تركيا بحقهم يقربهم أكثر من واشنطن رغم عدم قدرتهم التامة على الاستغناء عن روسيا حتى اللحظة لمعرفتهم أن مصير قضية عفرين هي بيد روسيا التي قدمت المنطقة هدية للأتراك مقابل ريف دمشق حينها. ولا يمكن الحديث عن صفقة ناجعة في إدلب مع كل هذه التفاصيل المبهمة، ومع كل هذه التحديات التي ستواجه تركيا في سعيها لتطبيقها، ومع كل طرح يبحث الكردي عن الحلول المتعلقة بقضاياه. ومع كون إدلب مجاورة لعفرين، ومع كون الكثير من عمليات التوطين التي تحدث هناك هي بيد الجماعات المعارضة التي هي ذاتها الموجودة في إدلب، ومع كون راعيي الاتفاقية في إدلب هم رعاة الاتفاقية التي سلمت بموجبها عفرين لتركيا، يضبط الأكراد إيقاع تصريحاتهم، ويترقبون بريبة كيف سيكون المصير النهائي لقضية ذات شأن لديهم كقضية عفرين لا يملكون هم نفسهم الكثير ليفعلوه لها في الوقت الراهن. سوتشي: وريدان جديدان للنظام ومسالك كردية مغلقة لعفرين براء صبري |
المواجهة المؤجلة في إدلب لحين انتهاء مهمة تركيا مع هيئة تحرير الشام Posted: 22 Sep 2018 02:13 PM PDT احتل الوضع في محافظة إدلب عناوين الأخبار ومماحكة السياسيين حول العالم طوال هذا الشهر. وشهدت قمة طهران في السابع من ايلول (سبتمبر) خلافات بين اللاعبين الثلاثة الكبار في المسألة السورية: روسيا وتركيا وإيران، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «حق» سوريا باستعادة المحافظة وتطهيرها «الإرهابيين» أي الجهاديين الذين لا يتجاوز عددهم العشرة آلاف مقاتل مقابل 2- 3 مليون مدني معظمهم مشرد من مناطق الحرب الأخرى في سوريا. ووسط الحشود العسكرية التي جلبتها روسيا إلى الشواطئ السورية: بوارج حربية وحاملات طائلات وحملة تسخين جوي من خلال قصف المواقع المدنية مثل المستشفيات والبنى التحتية في إدلب، طلع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بات يدير سياسته الخارجية عبر تويتر بتحذير لبوتين والأسد من عدم القيام بعمل «متهور» وهدد هو وغيره من الحكومات الغربية الضالعة بالمأساة السورية بالرد على أي محاولة من النظام لاستخدام السلاح الكيميائي وكأن استخدام أي سلاح آخر ضد المدنيين مباح ولن يتحرك العالم إلا عندما يضرب المدنيون بالكيميائي. سر الصحوة الجديدة وجرت حرب دعائية بين روسيا والولايات المتحدة حول من يملك السلاح الكيميائي، النظام أم المعارضة. وبدأ النظام يحشد قواته على أطراف المحافظة التي عبر عن إصرار على استعادتها واستكمال السيطرة على ما خسره خلال الحرب الأهلية التي مضت عليها سبعة أعوام. ويطرح الجدال حول إدلب عددا من الأسئلة عن الصحوة الجديدة للدول الغربية- أمريكا بالتحديد والاهتمام بمصير إدلب وقد وقفت في الصيف تراقب النظام والميليشيات الموالية له والطيران الروسي يدك معاقل المعارضة في درعا والجنوب السوري وقبلها في الغوطة الشرقية التي حاصرها منذ عام 2013. وهناك أسباب حقيقية وراء الصرخات التي انطلقت بشأن إدلب تتعلق بالجانب الإنساني، فمعظم أهالي المحافظة من المشردين الذين يعيشون في بيوت مؤقتة وأوضاعا إنسانية بائسة ودخول قوات النظام كانت تعني تعرضهم لأعمال انتقامية ومرحلة تشرد جديدة إما إلى المناطق التي أصبحت بيد النظام أو إلى الحدود مع تركيا والتي لا تريد موجة لاجئين جديدة بعدما استوعبت 3.5 مليون لاجئ منذ اندلاع الانتفاضة السورية عام 2011. ومن هنا حذرت الأمم المتحدة من تحول إدلب إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم. ولكن النوايا الإنسانية ليست دائما ما تحرك قرارات اللاعبين في الأزمة السورية، بل مصالحهم الخاصة. ففي اللعبة السورية تلتقي وتتباين المصالح، فالغرب وحلفاؤه في المنطقة ليسوا مستعدين للقبول بانتصار بوتين ووكيله السوري بشار الأسد. كما وأن سقوط إدلب يعني بالضرورة نهاية الثورة السورية. الاستعداد للأسوأ ووسط تحضيرات السكان في المحافظة للأسوأ والقصف الجوي الروسي والسوري وصناعة «أقنعة» بدائية تحسبا لهجوم كيميائي بالإضافة لتخزين المواد الغذائية خاصة الخضروات المخللة، جاءت الأخبار في 17 ايلول (سبتمبر) عن اتفاق بين الرئيسين التركي رجب طيب اردوغان والروسي بوتين في منتجع سوتشي على البحر الأسود، مفاده وقف الحملة على إدلب وإنشاء منطقة عازلة حولها لفصل قوات النظام عن مقاتلي المعارضة. وسيرسل البلدان شرطة عسكرية وطائرات بدون طيار لمراقبة المنطقة العازلة ومساحتها 14-19 كيلومترا. ويجب على المقاتلين في هذه المنطقة التخلي عن أسلحتهم الثقيلة بحلول 10 تشرين الثاني (أكتوبر) أما المقاتلون التابعون لهيئة تحرير الشام المرتبطة بالقاعدة فعليهم الانسحاب كليا. وترى مجلة «إيكونوميست» (20/9/2018) أن التفاصيل عن الاتفاق غير واضحة إلا أنه تم تجنب الحرب، على الأقل في الوقت الحالي. وتعلق المجلة أن كلا البلدين روسيا وتركيا، لديهما مصلحة في تجنب الحرب. فتركيا تخشى من موجة لجوء جديدة تضاف إلى الملايين الأخرى على أراضيها. وبالمقابل تخشى روسيا أن يؤثر دعمها لهجوم عسكري قد يقتل عشرات الآلاف، على محاولاتها إقناع الغرب المساهمة في إعمار سوريا ما بعد الحرب وأن النظام السوري جاد في البحث عن تسوية سياسية ونهاية للحرب. وترى المجلة أن هامش حدوث الأخطاء قائم، فليس لدى تركيا سوى شهر كي تقنع هيئة تحرير الشام بالانسحاب كليا من المنطقة العازلة. وسيعطي فشلها الروس والنظام المبرر لشن هجوم كامل على المنطقة. هذا في ضوء الثمار القليلة التي جنتها تركيا من محاولاتها السابقة إقناع هيئة تحرير الشام. وأخبر زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني أتباعه أن التخلي عن السلاح هو بمثابة الخيانة. وسترسل تركيا قوات إضافية إلى إدلب مع أن مواجهة التنظيم الجهادي يحمل مخاطر استفزاز هجمات إرهابية داخل الأراضي التركية. وربما حاول النظام السوري تخريب الاتفاق. فقد عبر أكثر من مرة عن تصميمه لاستعادة البلاد بما فيها إدلب التي سيعلم سقوطها نهاية الثورة السورية. ورحبت المعارضة المعتدلة بالاتفاقية ولكنها عبرت عن خشية من عدم قدرة روسيا والنظام الالتزام بالصفقة. ولديهم أسبابهم الحقيقية. فالنظام وبمباركة من روسيا قام بخرق اتفاقيات وقف إطلاق وهو منشغل باعتقال المعارضة في أجزاء البلاد الأخرى والذين استسلموا للنظام ضمن اتفاقيات العفو. ورطة في الجو وحتى لو استمر الاتفاق فسيجد الروس أنفسهم في ورطة للتوسط بين القوى والمصالح المختلفة في سوريا حيث تحاول وضع حد للحرب. فبعد ساعات من الاتفاق شنت المقاتلات الإسرائيلية هجوما على منشأة عسكرية. وشنت إسرائيل أكثر من 200 غارة منذ عام 2012. وقامت الدفاعات السورية بإطلاق صاروخ أرض- جو ضد طائرة إسرائيلية ولكنها أصابت طائرة تجسس روسية مما أدى لمقتل 15 شخصا كانوا على متنها. واتهمت وزارة الدفاع الروسية الغاضبة إسرائيل بالتصرف بطريقة متهورة، قائلة إن الطائرات الإسرائيلية استخدمت الطائرة الروسية كغطاء. وبعد ساعات بدا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تصالحيا وقال إن الطائرة سقطت بسبب «حادث مؤسف» وليس إسرائيل، ما يعني أن اتفاق تجنب التصادم مع إسرائيل لا يزال ساري المفعول. وبموجبه لن تتدخل إسرائيل بمحاولات موسكو إنقاذ النظام مقابل حصولها على ضوء أخضر بأن تقوم بضرب ما تريد ضربه من منشآت تابعة لإيران أو حزب الله. ولكن بطائرات من ست دول على الأقل، أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وروسيا وتركيا وسوريا، تحلق في الأجواء السورية فمخاطر الأخطاء تظل عالية. دور الخارج وضمن هذا السياق ناقش المعلق جوناثان ستيل في صحيفة «الغارديان» (12/9/2018) المعضلة السورية التي بدأت بانتفاضة سلمية تطالب فقط بالإصلاح وانتهت بعسكرة وحرب شاملة باتت تلعب القوى الخارجية فيها دورا أكثر من كونها (وهذه هي الكليشة) حربا بين نظام ومعارضة. ويرى ستيل أن الاتفاق التركي- الروسي يشير إلى توسع التدخل الخارجي في الأزمة السورية وإلى الدور الذي باتت تلعبه موسكو في السياق السوري. مشيرا إلى أن شرطتها العسكرية تعمل، مثلا، في الجنوب لمنع تقدم الميليشيات التابعة لإيران من الحدود مع إسرائيل. ويرى الكاتب أن علاقة روسيا مع تركيا هي متعددة الوجوه أيضا. فهي تشجب احتلال أنقرة لمناطق في شمال سوريا بما فيها أجزاء من محافظة إدلب، لكنها تستخدم الوجود التركي هناك وتطالبها بنزع أسلحة المقاتلين الجهاديين الذين تلقوا مرة دعما من تركيا. ومهما يكن من شأن اتفاقية سوتشي فهذا أمر سنعرفه لاحقا وكذا سنكتشف نجاح تركيا أم فشلها في إقناع الجهاديين الانسحاب وتسليم أسلحتهم. وهناك لاعبون آخرون لديهم مصلحة بما يجري في إدلب، فبعيدا عن الدعوات المغلفة بالطابع الإنساني والحرص على المدنيين التي تبديها كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إلا أن الدعوة لوقف إطلاق النار هي محاولة لمنع انتصار بوتين والأسد. وهي بالضرورة محاولة لمساعدة المقاتلين على حساب معاناة المدنيين. وهذا ديدن هذه الدول التي شاركت بقوة في الحرب الأهلية منذ الانتفاضة ضد الأسد وقامت بعسكرتها عام 2012. ومولت وسلحت جماعات المعارضة بمن فيها جماعات متطرفة. ويعتقد ستيل أن هناك عدة طرق لحماية المدنيين والبحث عن تسوية سياسية يستسلم فيها المقاتلون، فقد تفاوضت الحكومة السورية مع المقاتلين في أكثر من 100 عملية استسلام خلال العامين الماضيين سمحت لآلاف المقاتلين مغادرة مناطقهم المحاصرة. واختار معظمهم الانتقال إلى إدلب. ويؤكد ستيل أن النزاع السوري لم يكن حربا بين نظام ومعارضة بل إن ملايين السوريين لا يدعمون ولا يصدقون أيا منهم وهم ساخطون على عسكرة ما بدأ كحركة مدنية سلمية تطالب بالتغيير وتحولت لحرب بالوكالة حولت فيها القوى الخارجية بلادهم ساحة للحرب بينها. ورغم تعدد هويات الفصائل من هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وكتائب نور الدين زنكي بالإضافة للدفاع المدني (الخوذ البيض) إلا أن المعارضة هذه لم تفقد الأمل بتدخل غربي ضد نظام دمشق. ويرى ستيل أن الطريقة التي سيحصل فيها النظام على ما يريد ويحمي المدنيين هو ضمان العفو الشامل عن الجميع إلا مقاتلي هيئة تحرير الشام والتعهد بعدم تجنيد المعفى عنهم في الجيش كما حدث في اتفاقيات سابقة، إذ لا حاجة بعد إدلب لهم، فقد انتهت الحرب. وعلى الدول الخارجية: أمريكا، فرنسا أن تمنع وكلاءها من عرقلة عمليات الاستسلام. وفي المسألة السورية المؤلمة هناك معضلة كامنة كما يقول ستيل، وهي عدم استعداد السوريين الاعتراف بفشل الثورة ضد النظام وإنكار هذا يعني تعريض السوريين لأشهر أخرى من المعاناة. وفي الوقت نفسه تجد الحكومات الغربية صعوبة في تقبل فكرة انتصار الأسد بعد 7 أعوام من المطالبة باستقالته. كما أنه من الصعب القبول بمساعدة التدخل الروسي ساعد على وقف الحرب. لو قبل الغرب والمعارضة بهذا الواقع فقد تتجنب إدلب الكارثة وتبدأ مرحلة تصحيح الأخطاء. تردد ولا بد من الإشارة أن كل الأطراف ليست مستعدة للدخول في حرب مكلفة- باستثناء الجهاديين- الذين سجنوا وهددوا بقتل من يقبل باتفاقية تسليم مع النظام. وبدا أن العملية على إدلب إشكالية منذ البداية نظرا للخلاف في وجهات النظر بين روسيا وتركيا وعدم استعداد إيران وميليشياتها خاصة حزب الله بالدخول في حرب مكلفة كما ذكر روي غوتمان في تقرير بموقع «ديلي بيست» (14/9/2018). وقال إن غياب الحشود العسكرية السورية يشي أن النظام لم تعد لديه القوات الكافية للقيام بعملية واسعة في إدلب، حيث لا تزيد قواته بالمنطقة عن 25.000 جندي منهم 5.000 عنصر تم تجنيدهم من المقاتلين السابقين وتم إحضارهم من درعا التي سيطر عليها النظام في الصيف انشقوا بعد فترة قليلة من نقلهم إلى جبهة إدلب. وقال إن وحدة النخبة «قوات النمر» التي يقودها سهيل، أعيد نشر قواتها ونقلت حسب مصادر المعارضة إلى منطقة تدمر. ومع تراجع خطر الهجوم ومنح تركيا فرصة للحل، فهناك مشكلة تواجه المحافظة وهي إمكانية اندلاع نزاع بين الفصائل المعارضة خاصة تلك المرتبطة بتنظيم القاعدة. وربما كان بقاء هؤلاء المقاتلين مبررا لتدخل عسكري روسي مع قوات النظام. مما يعني أن قمة سوتشي لم تحسم أمر إدلب وللأبد، فهي اتفاقية تسكين ولا تعني نهاية اللعبة، فكما تقول صحيفة «واشنطن بوست» (18/9/2018) فالاتفاقية تؤجل المواجهة وتشتري الوقت لكل اللاعبين حتى يموضعوا أنفسهم ويعيدوا ترتيب أوراقهم مع حلفائهم على الأرض. المواجهة المؤجلة في إدلب لحين انتهاء مهمة تركيا مع هيئة تحرير الشام إبراهيم درويش |
عبد العزيز رحابي الوزير والسفير الجزائري السابق: بوتفليقة لن يترشح لولاية خامسة وإن فعل انتهت سلطته Posted: 22 Sep 2018 02:12 PM PDT قال عبد العزيز رحابي، وزير الإعلام والسفير الجزائري السابق إنه مقتنع أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لن يترشح إلى ولاية رئاسية خامسة، وأن الحملات التي تقوم بها أحزاب الموالاة والجمعيات الدائرة في فلك السلطة تهدف إلى إبقاء الوضع الراهن، حفاظا على مصالحها، معتبرا أن الضجة التي أثيرت حول التغييرات التي عرفها الجيش مؤخرا مبالغ فيها وليست في مصلحته. ○ كيف ترى الوضع السياسي الحالي في البلاد؟ • أكيد أن هناك غموضا يرجع أساسا إلى عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبل رئيس الجمهورية، الأجندة الداخلية للرئيس غير واضحة. نحن ومنذ تغيير الدستور سنة 2008 دخلنا في نظام الرئاسة مدى الحياة، لذا لا نعلم إن كانت الانتخابات ستجرى في موعدها بعد ستة أشهر، وهل سيكون هناك أي مترشحين، وهل الرئيس سيترشح مجددا، هل وضعه الصحي سيسمح له بذلك، ضف إلى ذلك المخاطر الموجودة على حدودنا والتي تؤثر على الوضع الداخلي، وتقريبا كل الدول المجاورة للجزائر تعيش أزمة سياسية وأمنية. كما أن الأزمة الاقتصادية تؤثر بدورها، لأننا ننتج فقط الغاز والبترول ولدينا مشكل في تنويع الاقتصاد. ○ هل الأمور محسومة بالنسبة لترشح الرئيس إلى ولاية خامسة، علما أن الكثير من المؤشرات توحي بذلك؟ • لا أتوقع أن الرئيس بوتفليقة يقول اليوم أو غدا أنه لن يترشح لولاية خامسة. الجزائر تتميز بالرئاسة مدى الحياة، وتركيز كل السلطات والصلاحيات في يد رئيس الجمهورية، لو يقول بوتفليقة الآن إنه لن يترشح لولاية خامسة تنتهي سلطته اليوم، عندما يتحفظ ولا يفصح عن نواياه يصون سلطته. لم أتوقع أن يعلن من الآن أنه لن يترشح، لكن قناعتي أنه لن يترشح لعدة أسباب، الأول صحي، والثاني هو أن الرئيس ليست له أجندة سياسية داخلية، الأجندة تنحصر في زيارات متفرقة لبعض المسؤولين الأجانب كل بضعة أشهر. استقبل رئيس الوزراء الإسباني قبل ستة أشهر، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل قبل أيام. مجلس الوزراء لم يجتمع سوى مرتين خلال السنة الحالية. لو كان الرئيس غائبا أو مريضا في بلد ثان، لسارت المؤسسات بشكل عادي، لكن في الجزائر النظام رئاسي، وكل السلطات في يد رئيس الجمهورية، فلما يحصل شلل في المؤسسة الرئاسية، يتوقف كل النشاط المؤسساتي. لا أعتقد أن البرلمان مثلا يلعب دوره في مراقبة عمل الحكومة، أو أن القضاء حقيقة مستقل، أنظر قضايا الفساد في السنوات القليلة الماضية، والتي تدل على الأقل على أنه لا توجد وقاية في محاربة الفساد، ولا توجد استقلالية تسمح بمحاربته. الاستقلال التام غير موجود في أي بلد، لكن خضوع القضاء التام للسلطة التنفيذية لا يسمح بمحاربة الفساد. ولكل الأسباب التي سبقت أنا مقتنع أن بوتفليقة لن يترشح لولاية خامسة. ○ ما الذي يجعلك مقتنعا بعدم ترشح بوتفليقة، لأنه يمكن القول إن وضعه الصحي ليس أسوأ مما كان عليه سنة 2014 عندما ترشح لولاية رابعة؟ • (بوتفليقة) ترشح سنة 2014 على أساس شعار أنه يتماثل للشفاء، هذا ما كان يقوله مؤيدوه في تلك الانتخابات. ليس لدي تعليق على صحة الرئيس، لأنني لست مؤهلا علميا للحديث حول ذلك، لكني أراقب النشاط الرئاسي، فمجلس الوزراء لم يجتمع هذه السنة أكثر من مرتين، أكثر من 80 سفيرا ينتظرون تقديم أوراق الاعتماد، لا يقوم بزيارات داخل البلاد، ولم يخاطب الجزائريين منذ أكثر من 8 سنوات، لا يسافر إلى الخارج، وبالتالي إضعاف التمثيل الدبلوماسي للجزائر، لهذا أعتقد أن الرئيس غير قادر على الاستمرار لولاية جديدة. ○ بم تفسر إذن الحراك الذي تقوم به أحزاب الموالاة وبعض الجمعيات والمنظمات الذين يطالبون الرئيس بالترشح، ألا تعتقد أنها مؤشر على نية الاستمرار في الحكم؟ • أنصار الرئيس يؤدون مهامهم ويلعبون الدور المنوط بهم، وهو استمرار النظام الحالي، لأن مصلحتهم في ذلك. الرئيس وضع نظاما قائما على شبكات مصالح قوية وغامضة، تتميز بفضائح الفساد والرشوة والتي مست أحيانا مؤسسات الدولة، وخاصة الحساسة منها، من الطبيعي أن تكون هناك مقاومة للتغيير، أنصار الرئيس جمعوا ثروات ضخمة، نحن من الدول القلائل التي تضمن الثراء والإفلات من العقاب، لهذا لست مستغربا من أنهم نظموا وسينظمون حملات لدعوة الرئيس إلى الاستمرار لولاية جديدة، في حين أنهم يعلمون أنه غير قادر صحيا على أداء مهامه، لأن ذلك مرتبط بمصلحتهم، هذا هو النظام الذي بناه بوتفليقة خلال عشرين سنة من الحكم، نظام مصالح بالدرجة الأولى، نظام ريع. هذا النظام موجود ويريد الاستمرار ويقاوم من أجل ذلك، في حين أن بوتفليقة غير قادر على الاستمرار في الحكم، أعتقد أنه يجب ربما أن نطرح السؤال على الرئيس لمعرفة ما إذا كان مقتنعا بكل ضمير بأنه قادر على البقاء في الحكم لخمس سنوات أخرى، خاصة في ظل التحديات التي تواجه البلد على كل المستويات. ○ ماذا سيحدث لو ترشح بوتفليقة وماذا سيحدث لو لم يترشح؟ • أعتقد أنه إذا ترشح بوتفليقة ستدخل البلاد في مرحلة جديدة من الأزمة التي تعيشها حاليا، هناك أطراف جديدة فاعلة، والذين بيدهم القرار يجب أن يدركوا أن هناك فاعلين جدد، وأننا لم نعد في جزائر السبعينيات، وان هناك مجتمعا مدنيا في حالة غليان، وهناك أيضا مواقع التواصل الاجتماعي. الجزائريون يقارنون ما يحدث عندهم ة بما يحدث في دول أخرى، الشباب اليوم موجود في قلب العولمة، لا أظن أيضا أن الابتزاز بالأمن والاستقرار سيكون كافيا لتبرير الإبقاء على الوضع الحالي. الجزائريون في حاجة إلى تغيير، إلى تطور، إلى انفتاح، وإلى الذهاب إلى مرحلة أخرى، هم أيضا بحاجة إلى الانتقال من الشرعية الثورية إلى شرعية جديدة، شرعية العلم والمعرفة وصناديق الانتخاب، البلد في حاجة إلى عصرنة، ليس فقط على المستوى السياسي بل على المستوى التقني. طبيعة نظام الحكم يمكن أن تتطور من خلال الانفتاح والشفافية والتوازن بين السلطات، الضمان الوحيد للاستقرار هو التوازن بين السلطات، في حين أنه في الجزائر كل السلطات مركزة بيد رئيس الجمهورية، حتى وإن كان مريضا. هناك مقاومة شديدة للتغيير لأن هناك الكثير من الريع، وهناك مصالح، فالناس الذين لديهم مصالح مكتسبة أو مغتصبة يريدون الحفاظ عليها. ○ وإذا قرر الرئيس بوتفليقة عدم الترشح مجددا ماذا سيحدث، من سيكون المرشح أو بالأحرى من سيكون الرئيس، علما أن مرشح السلطة هو من سيكون الرئيس الجديد؟ • لا أعرف ماذا سيحدث بالضبط، لكن لدي ثقة في قدرة الجزائر على تنظيم انتقال سياسي، والمقصود بالانتقال ليس بالضرورة تغيير أجيال، وإنما نقلة نوعية في الطريقة التي تدار بها شؤون البلاد. الجزائر لديها القدرة على تنظيم انتخابات لخلافة بوتفليقة، الملاحظ هو أن هذا السؤال طرح في كل مرة طالت فترة حكم رئيس، حدث ذلك مع الرئيس بومدين ومع الرئيس الشاذلي، ولكن في رأيي السؤال لا يجب أن يطرح لأن الجزائر لديها القدرة على النهوض وتنظيم انتخابات في أحسن الظروف. ○ ما هو الدور الذي سيلعبه الجيش في عملية الانتقال السياسي؟ • الدور الذي سيلعبه الجيش مرتبط بما يريده رئيس الدولة، هل يريد إقحام الجيش في السياسة، هل يريد توظيفه كعامل لتعزيز سلطته، هل يريد استعماله كوسيلة في السياسة الداخلية، أم أنه يريد أن يجعل منه مؤسسة نموذجية من خلال قيادة أركان قادرة على مواجهة التحديات الجديدة. لا أعتقد أن مشكل الجزائر في الجيش، بل في قدرتها على إصلاح نظامها السياسي، بطريقة تدريجية، سلمية، ومتفق عليها. ○ من يقوم بهذا الإصلاح؟ • الإصلاح ممكن في أي وقت، في سنة 1996 كان لدينا رئيس اليامين زروال، قرر تحديد الولايات الرئاسية باثنتين، وهذا إصلاح سياسي كبير، ولكن مع بوتفليقة عدنا إلى الرئاسة مدى الحياة. الشاذلي بن جديد بعد انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر1988 قام بإصلاحات سياسية، لكن المؤسف في الأمر أن هذا البلد يتقدم بالقطيعة العنيفة، وليس بالقطيعة الذكية المنظمة، النظام ينتظر أن يقرر بوتفليقة لينظم أموره بعد ذلك، لم نعرف خلافة منظمة وطبيعية أي في وقتها المحدد منذ الاستقلال سنة 1962، لهذا نحن نعيد إنتاج المخاوف نفسها، ونكرر في كل مرة أن الرئيس سيذهب فما الذي سيحدث؟ هذا لأن كل شيء يدور حول المؤسسة الرئاسية. ○ لنتوقف عند هذه النقطة، منذ الاستقلال والنقاش قائم حول من يحكم من؟ الرئاسة أم الجيش؟ هل استطاع بوتفليقة أن يغير شيئا في العلاقة ما بين المؤسستين؟ خاصة منذ رحيل قائد الاستخبارات السابق الجنرال توفيق، والتغييرات التي عرفتها دائرة الاستعلامات والأمن (المخابرات)؟ • في الحقيقة لم يغير شيئا، لأن رئيس الجمهورية في النظام الجزائري له سلطة مطلقة بما في ذلك على دائرة الاستعلامات والأمن، لكن الإشكال هل جهاز الاستخبارات له دور دستوري، أم أن صلاحياته تأتي من رئيس الجمهورية، وتحكم بطبيعة العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس دائرة الاستعلامات والأمن؟ جهاز الاستخبارات في كل دول العالم هو الذي يمارس السياسة، الدستور في ألمانيا يسميها مؤسسة الدفاع عن الدستور، في الولايات المتحدة هناك ستة أو سبعة أجهزة استخبارات مختلفة وكلها لها دور مميز، وبالتالي الإشكال ليس في دور دائرة الاستعلامات، الإشكال الحقيقي هو في تهميش العمل السياسي، وإضعاف الأحزاب والمجتمع المدني، وتقوي في المقابل جهاز الاستخبارات ورجال المال والموالاة. كل الصلاحيات في يد الرئيس الآن، رئيس الحكومة في دستور 1996 كانت لديه صلاحيات واسعة، اليوم هو أول الوزراء، الرئيس بوتفليقة رجل سلطة، بنى خلال عشرين سنة سلطة قوية، لكنه أضعف المؤسسات، هل البرلمان اليوم قادر على مراقبة الحكومة؟ هل القضاء فعلا مستقل؟ هل لدينا إعلام؟ القنوات الخاصة الجزائرية مقراتها في الخارج. لم نبن إلى حد الساعة مقرا للتلفزيون، لم نبن مقرا للبنك المركزي، الذي ما زال في المبنى الذي تركته فرنسا، لم نبن مقرا للبرلمان، ما زلنا في المقرات التي تركتها فرنسا، لأن علاقتنا مع السلطة قوية، لكن علاقتنا مع الدولة ضعيفة، الطبقة السياسية في معظمها تشتغل يوميا لتعزيز قوة سلطتها، نحن بحاجة إلى توازن بين السلطات، وكل هذا يعود إلى رئيس الجمهورية، لأن لديه سلطة مطلقة تتجاوز سلطة ملك المغرب. كيف يمكن بناء نظام متوازن في حين أن سلطة الرئيس هي المحرك الوحيد للعمل السياسي؟ بالنسبة للجيش قوته في تنظيمه وقيادته وقدرته على التأقلم وإيجاد حلول للمخاطر الجديد، أن يكون بعيدا عن السياسة لعدم كسر الإجماع حول السياسة الدفاعية والخارجية، إذا أقحم الجيش في السياسة تكسر هذا الإجماع، للأسف بوتفليقة أقحم الجيش في الانتخابات الرئاسية سنة 2014، وهذا لا يخدم الجيش، وبالتالي لا يخدم الجزائر، يجب أن نعود إلى الأساسيات، الإبقاء على المؤسسة العسكرية بعيدة عن السياسة يؤدي إلى تقوية الصلة بين الشعب والجيش. الرئيس الشاذلي قال لي إنه أخرج الجيش من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير سنة 1989 للحفاظ على وحدته وعلى لحمته. ○ هل يمكن أن يكون لدينا في 2019 رئيس عسكري أو سليل المؤسسة العسكرية؟ • ليس هذا إشكالا، معظم الرؤساء منذ الاستقلال عسكريون، بن بلة وبومدين والشاذلي وزروال، وحتى بوتفليقة كلهم كانوا عسكريين. ○ هل يمكن للفريق أحمد قايد صالح قائد أركان الجيش أن يكون رئيسا؟ • (يبتسم) هذا السؤال يوجه إلى قايد صالح. ○ منذ حوالي ثلاثة أشهر عرفت المؤسسة العسكرية سلسلة تغييرات وإقالات غير مسبوقة، البعض ربطها بقضية شحنة الكوكايين التي تم ضبطها، والبعض الآخر رأى أنها تدخل في إطار ترتيبات لمرحلة مقبلة، ما رأيك؟ • لماذا لا نطرح السؤال بطريقة أخرى، لماذا لم تحدث هذه التغييرات طوال 15 سنة تقريبا؟ التغييرات في الجيوش مثل السلك الدبلوماسي تتم كل أربع أو خمس سنوات. ثانيا لماذا كل هذه الضجة وهذا التضخيم حول تلك التغييرات، التي تذكرني بالضجة التي سبقت تنحية رئيس دائرة الاستعلامات والأمن السابق ( الجنرال توفيق) هذه مؤسسات حساسة، وقرارات التنظيم الخاصة بها يفترض أن تكون سرية، التوظيف الإعلامي للتغييرات في الجيش يمس سمعة المؤسسة العسكرية، الرئيس يريد تقوية الجيش ويمس بسمعته، دخلنا في نوع من الشيزوفرينيا التي لا نجدها إلا عندنا، لا يمكن أن تبلور خطابا يتحدث عن تقوية الجيش وفي الوقت نفسه تسرب معلومات عن طريق قنوات غير رسمية بشأن التغييرات داخل المؤسسة، والتي تدخل في إطار عادي أو غير عادي، الأمران سيان، لهذا أقول هذا توظيف سياسي. نحن نتحدث منذ أشهر عن الجيش، وهذا أمر غير طبيعي، وهذا يعود إلى غياب رئيس الجمهورية، وهذا الغياب جعل الكثير من الأحداث الهامشة تصبح مهمة. ○ لكن قضية الكوكايين تحولت إلى قضية دولة، خاصة بعد تصريحات المدير العام للأمن المقال، الذي أعطى كلامه الانطباع أن هناك صراع عصب. ما الذي يجري داخل السلطة؟ • لا أدري ما يجري داخل السلطة، لكنني مقتنع أن الفساد هو الذي سيقضي على النظام، لا الإعلام ولا المعارضة. ذلك لأننا لم نصل إلى درجة من الوعي وصلها العالم منذ خمسين سنة، وهي أن الفساد والرشوة أكبر خطر على النظام والاستقرار، الرشوة أصبحت مقبولة حتى مجتمعيا، الفساد خلال 15 سنة الماضية حل محل القانون، ودخل في قيم المجتمع، بالنسبة لي الرشوة والفساد يحاربان بالإرادة السياسية. ○ هل ترى حاليا أن هناك نية لمحاربة الفساد؟ • قضية الكوكايين الأخيرة، ويوجد غيرها، وما خفي كان أعظم، كل هذا عنده علاقة بالسياسة، عندما يتواطأ الفساد مع السياسة والسلطة يضعف القضاء. في القضية الأخيرة، كانت هناك شركة حكومية هي التي تقوم باستيراد اللحوم، تحافظ على مصالح وأسرار الدولة، لأنها تستورد اللحوم لكل الجزائر، وليس للجيش فقط، ثم تقرر منح الاستيراد لشركة خاصة (للمتهم الرئيسي في قضية الكوكايين) بحكم المفهوم الجزائري لليبرالية، مما أعطى صورة سيئة عن البلد بعد اكتشاف شحنة الكوكايين الضخمة، أولا نبدو وكأننا بلد يستهلك كميات كبيرة من المخدرات، وكأننا بلد لديه علاقات مع المافيا الدولية للمخدرات، القضية أعطت الانطباع أن هناك تواطؤا لأجهزة الأمن، وأن هناك قضاء لا يقوم بدوره، وهذا هو المخيف. اليوم بالمال تستطيع فعل أي شيء، المال الفاسد طبعا، لأن المال الحلال يتيح لك فعل ما يسمح به القانون، لهذا الفساد كان دائما المسرع بانهيار الأنظمة أو إصلاحها، أتمنى بالنسبة للجزائر أن يؤدي ذلك إلى إصلاح النظام الجزائري. ○ لننتقل إلى ملف العلاقات الجزائرية المغربية التي تعرف توترا منذ فترة طويلة، لكن في الفترة الأخيرة التوتر أخذ أبعادا أخرى، خاصة وأن المغرب يتحدث عن تورط منظمة البوليساريو مع حزب الله، كيف تنظر إلى واقع هذه العلاقات؟ • أولا، لا يوجد شيء جديد في ملف العلاقات الجزائرية المغربية، دخلنا في روتين منذ 1994، أي منذ غلق الحدود البرية بين البلدين، ربما الجديد هو محاولة المغرب إقحام البوليساريو والجزائر مع حزب الله، من أجل كسب ود واشنطن. الرئيس ترامب لا يؤمن بالتحالف التاريخي للولايات المتحدة مع بعض الدول، هذه قراءة جديدة في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية الأمريكية، الإدارة الحالية ليست متعاطفة مع المغرب، بقدر ما كانت الإدارة السابقة، وكذلك المبعوث الأممي الجديد، لديه شخصية قوية، ولا يخضع لضغوط وزارة الخارجية الأمريكية، فالمغرب ينتظر أن يقع تغيير في الولايات المتحدة من أجل إبقاء ملف الصحراء الغربية على وضعه الحالي، على مستوى العلاقات الثنائية بين الجزائر والمغرب لا يوجد مؤشر على أنها ستعرف مستقبلا إيجابيا، تقريبا لا توجد علاقات بين الرئيس بوتفليقة وملك المغرب، هذا له دور في العلاقات الدولية، العلاقات الشخصية لها دور، الملك الراحل الحسن الثاني كانت له علاقة طيبة مع بوتفليقة، أما محمد السادس فتقريبا ليست له علاقات مع الرئيس الجزائري، نحن أمام ملك شاب يهدف للإندماج مع الشمال، في تفكيره الجزائر مجرد سوق ومنبع للسياح، النخب في المغرب وتونس تفكر في الاندماج مع أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، والخطاب بخصوص الاتحاد المغاربي لا يوجد إلا في الجزائر. ○ بالحديث عن الاتحاد المغاربي، هل ما زال لديه مستقبل؟ • هناك مغالطة تاريخية، عندما تأسس الاتحاد المغاربي نهاية الثمانينيات، بموجب الاتفاق الاستراتيجي بين الرئيس الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني، تم الاتفاق على بناء الاتحاد المغاربي لأنه طلب شعبي، ولأنه من الضروري مواكبة التطور في العالم، بخلق الاندماج الاقتصادي، وترك قضية الصحراء في إطار الأمم المتحدة، ومنظمة الوحدة الافريقية (الاتحاد الافريقي) حاليا، والجزائر ما زالت متمسكة بهذا الاتفاق، في حين أن المغرب هو الذي تنصل من هذا الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في مراكش، عندما وضعت شرطا في تطبيع العلاقات مع الجزائر، أن تتراجع الأخيرة عن مواقفها بخصوص القضية الصحراوية، لا أعتقد أن الاتحاد المغاربي من الانشغالات الأولية والأساسية بالنسبة للمغرب وتونس، هذه الدول تفكر في علاقات استراتيجية مع دول الشمال، التي تمتلك التكنولوجيا، والتي تستثمر، أما نحن فينظر إلينا كسوق، وهذا صحيح، لأننا فشلنا في تنويع الاقتصاد، وينظرون إلينا كمنبع للسياح، وخاصة في الوقت الذي يكون فيه جيراننا في أزمة. الاتحاد المغاربي لم ينجح، ولا يمكن القول إن الجزائر هي السبب في إفشاله، لا يوجد من كان صادقا وسخيا بقدر ما كانت الجزائر، نحن قدمنا أنبوبي غاز يمران عبر تونس ويصلان إلى إيطاليا، وثالث يمر على المغرب ويصل إسبانيا، مع أن الخيار الثاني كان تمريرها عبر البحر مباشرة، كانت لدينا مشاريع لإقامة مصانع بالقرب من الحدود التونسية. نية الجزائر في بناء الاتحاد المغاربي كانت صادقة، لم تكن هناك خلفيات، لا بومدين ولا الشاذلي بن جديد ولا بوتفليقة كانت لهم خلفيات أخرى غير صادقة، المشكل هو أن النخب في تونس والمغرب لا تؤمن بالاندماج المغاربي، لأنهم بدأوا بناء الليبرالية قبلنا بحوالي عشرين عاما، لذا علاقتهم بالغرب وبالاقتصاد الدولي أكثر تطورا من علاقتنا نحن. ○ قبل أيام هاجم خليفة حفتر الجزائر، وهددها بنقل الحرب إلى داخل أراضيها، ما تعليقك على هذا التهديد، وما رأيك في الرد الجزائري؟ • أعتقد أن الرد الجزائري كان مسؤولا، أكيد أن هناك توظيفا إعلاميا لتصريحات حفتر، وأخذ بالاعتبار أن ليبيا الآن تعيش مرحلة مخاض وتحاول أن تبني دولة، والتصريح موجه إلى الاستهلاك المحلي لا أكثر ولا أقل. هو أراد أن يعطي شعورا بأن له سلطة تصل حتى الحدود مع الجزائر، لهذا خلافا للموقف المصري أو الإماراتي، الجزائر تسعى للحفاظ على علاقاتها مع كل الليبيين مع كل الأطراف، لأن هذا مهم، لدينا حدود مهمة مع ليبيا، وهناك نفوذ أوروبي في ليبيا، أكثر من 7 دول تدخلت في هذه الأزمة، لهذا كل ما يقرب بين الفرقاء ويهدأ الصراع في ليبيا، يخدم الجزائر، لهذا المغامرات غير مطلوبة في مثل هذه الحالات. الجزائر لديها حدود ملتهبة، ونواجه مخاطر كثيرة، ومن بين المخاطر التي ستواجه بلادنا خلال العشرين سنة المقبلة هي الهجرة السرية على مستوى حدودها الجنوبية، لأن نسبة النمو الديموغرافي في بعض الدول مثل النيجر تصل إلى 6 في المئة، ونسبة النمو تحت الصفر، والجزائر لا يمكن لها أن تؤمن كل حدودها البرية التي تمتد على 6500 كيلومتر. الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك يبلغ طولها 4500 كيلومتر وهي مؤمنة بشكل كامل، رغم الإمكانيات التي تمتلكها الولايات المتحدة والمكسيك، فكيف يمكن للجزائر أن تؤمن حدودها في الصحراء، والجزائر ستصبح بوابة للهجرة غير الشرعية، نحن من نستقبل مهاجرين غير شرعيين أكثر من أوروبا، الجزائر تستقبل 400 إلى 500 مهاجر يوميا، في الشمال هناك طلب على اليد العاملة وفي الجنوب كذلك، هذه حقيقة يجب أن نفكر فيها، ويجب أن لا نبقيها في مستوى المخاطر، يجب أن نحاول استغلالها إيجابيا، علينا أن نهتم بعلاقاتنا مع جيراننا أيضا، وخاصة في الجنوب، وألا نركز كل اهتمامنا على علاقاتنا مع الغرب. عبد العزيز رحابي الوزير والسفير الجزائري السابق: بوتفليقة لن يترشح لولاية خامسة وإن فعل انتهت سلطته حاوره: كمال زايت |
حركة دارفورية تنضم لجهود الأمم المتحدة في وقف تجنيد الأطفال في السودان Posted: 22 Sep 2018 02:12 PM PDT الخرطوم ـ «القدس العربي»: انضمت حركة «تحرير السودان» و»الحركة الشعبية» و»حركة العدل والمساواة» للحكومة وأعلنت إيقاف تجنيد الأطفال، بينما بقيت حركة دارفورية مسلحة خارج هذا الاتفاق وهي حركة عبد الواحد نور. حركة مناوي وأصدر مني أركو مناوي، رئيس حركة «جيش تحرير السودان» الأسبوع الماضي، أمرا رئاسيا بحظر تجنيد واستخدام الجنود الأطفال في حركته التي تحمل السلاح في دارفور وتقاتل الحكومة وتبع هذا القرار إجراء مسح للقوات حول الأطفال المجندين. وقال مناوي في تعميم صحافي إن القرار جاء استناداً إلى التزامات الحركة عقب ورشة فنية انعقدت في أديس أبابا تحت رعاية بعثة حفظ السلام في دارفور «يوناميد» والوساطة المشتركة والإيقاد. جهود سابقة جهود الأمم المتحدة في إنهاء تجنيد الأطفال بدأت مع الحكومة السودانية في السابع والعشرين من آذار/مارس 2016 عندما تم التوقيع على خطة عمل تهدف إلى منع تجنيد واستخدام الأطفال من قبل قوات الأمن الحكومية السودانية. وظلت القوات المسلحة السودانية تؤكد التزامها بالاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق وحماية الأطفال وأعلنت أكثر من مرة استمرارها في التشريعات التي شملت إدراج قواعد القانون الدولي الإنساني ودمج قانون النزاعات المسلحة في أوامر العمليات الحربية. وفي ظل الاتهامات المتبادلة بين الحكومة السودانية وحاملي السلاح يشير ناشطون، إلى حملات قسرية تقوم بها الحكومة السودانية لتجنيد الأطفال تحت سن الثامنة عشرة عن طريق القوة أو الترغيب بالمال، ويقول الناشطون إن الأهالي يقومون بحملة لمناهضة هذا الفعل. إحصائيات حكومية وتشير إحصائيات حكومية إلى أن عدد الأطفال، الذين أعيدوا إلى مناطقهم بعد بداية عمل مفوضية بنزع السلاح وإعادة الدمج والتسريح، التابعة للحكومة، بلغ 257 طفلا لولاية شمال دارفور و200 لولاية جنوب دارفور و205 لولاية غرب دارفور و235 لولاية كسلا و140 لولاية البحر الأحمر و33 لولاية القضارف بجانب 269 لولاية النيل الأزرق. وسبقت الحركة الشعبية شمال، الحركات المسلحة الأخرى في إعلان وقف تجنيد الأطفال في عام 2016 حيث أصدر رئيس الحركة الشعبية آنذاك مالك عقار قراراً بتشكيل لجنة لتنفيذ خطة العمل التي وقعت مع الأمم المتحدة لإنهاء ومنع تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18عاما في النزاعات وذلك تنفيذا لاتفاق تم توقيعه مع الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات. وأصدرت حركة العدل والمساواة في 25 كانون الثاني/يناير الماضي قرارا بمنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في صفوفها. وكانت «العدل والمساواة» منعت في عام 2015 أعضاءها من ارتكاب جميع أشكال استغلال الأطفال بما في ذلك العنف الجنسي والاختطاف والقتل وبتر الأعضاء إضافة إلى الهجوم على المدارس والمستشفيات. أحكام رادعة للمخالفين ويحظر الأمر الذي أصدره رئيس حركة جيش «تحرير السودان» أركو مناوي، على جميع أعضاء الحركة تجنيد واستخدام الجنود الأطفال بحيث يتوجب على القادة الميدانيين لجيش الحركة نشر هذا الأمر على نطاق واسع ومتابعة تنفيذه بالكامل وارسال تقارير لرئيس الحركة تنفيذا لأحكامه. وأبلغ القائد مناوي، حسب الأمر، ضباطه بضرورة تنفيذ كل ما يتطلبه الأمر الرئاسي وأن الفشل في ذلك يستوجب اتخاذ تدابير عقابية صارمة. وأشار إلى أن استقطاب وتجنيد واستخدام الجنود الأطفال يشكل جريمة خطيرة يحظرها القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي العسكري للحركة. وحسب التعميم الصحافي فإن الخطوة المقبلة هي تكوين لجنة قانونية مهمتها إجراء مسح عام لقوات الحركة بخصوص الجنود الأطفال ورفع تقريره لرئيس الحركة. وأكدت الحركة التزامها التام بقواعد ومعايير حماية الأطفال ضد الانتهاكات في مناطق النزاع المسلحة، بما في ذلك استخدامهم كجنود والانتهاكات الجنسية والاختطاف والقتل والتشويه، وأبدت تأييدها التام لجهود الأمم المتحدة في هذا الاتجاه. تبادل الاتهامات وتشير التقديرات المستمدة من مسح صحة الأسرة في السودان، أن هناك 9,5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً، ويشكّل اليافعون نسبة 23 في المئة من مجموع سكان السودان. وظلت الحكومة السودانية وحاملو السلاح يتبادلان الاتهامات في تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحروب، ووفقا لتقارير حكومية، فإن أكثر من1000 طفل تم اختطافهم من قبل الحركة الشعبية وتجنيدهم في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، اللتين تدور فيهما حرب بين القوات الحكومية ومتمردين كانوا حكاما للولايتين عقب اتفاقية السلام 2005. تقرير أممي ويعرض تقرير أممي تفاصيل أثر الصراع المسلح على الأطفال في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، وأبيي بين آذار/مارس 2011 وكانون الأول /ديسمبر 2016. وأورد أن القتل والتشويه والاغتصاب فظائع مباشرة تعرض لها الأطفال في مناطق النزاعات في السودان، ويضاف إلى ذلك التشرد والنزوح، ما يعني ضمنيا نقص الغذاء وفقدان الفرصة في التعليم. وفي السنوات الخمس التي شملها التقرير قتل وشوّه حوالي 1300طفل بسبب القتال بين الحكومة والحركات المسلحة ونالت دارفور، بسبب ما تعيشه من نزاعات متعددة، الحصة الأكبر من الضحايا. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة، فقد تعرض 372 طفلا للاغتصاب والعنف الجنسي في دارفور. وقال التقرير إنه «في معظم الحالات، تعرض الأطفال للاغتصاب أثناء الهجوم على قراهم أو أثناء جلبهم الأخشاب أو المياه في محيط مخيمات النازحين». تقدم حكومي وفي حزيران/يونيو 2018 أصدر الأمين العام للأمم المتحدة تقريره العالمي السنوي عن الأطفال والصراع المسلح والذي يبين محنة الأطفال في حالات الصراع في جميع أنحاء العالم. وتشمل الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال تجنيدهم واستخدامهم، وممارسة العنف الجنسي ضدهم، وقتلهم وتشويههم واختطافهم، وشن الهجمات على المدارس والمستشفيات، والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية. وسيناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التقرير في التاسع من تموز/يوليو العام المقبل. وذكر الأمين العام في تقريره أن حكومة السودان اتخذت كافة الإجراءات الضرورية لتنفيذ خطة العمل الخاصة بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل حكومة السودان. وأشار التقرير إلى أن هذا التقدم يأتي نتيجة للتدابير التي اتخذت في خطة العمل والتي تم تنفيذها بالشراكة مع الأمم المتحدة منذ توقيعها في آذار/مارس 2016. وأوضح ممثل يونيسف في السودان أن الأمم المتحدة ستدعم حكومة السودان لإطلاق حملة توعية وطنية لمنع الانتهاكات ضد الأطفال وتنفيذ آلية لتقديم الشكاوى وتدريب القوات على حقوق الطفل وذلك تماشياً مع دعوة الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة لتحويل خطة العمل إلى خطة وطنية لمنع العنف ضد الأطفال. وتبذل بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور «يوناميد» جهودا كبيرة في هذا الاتجاه، ففي21 شباط/فبراير 2016 أطلقت وحدة حماية الطفل في «يوناميد» حملة لرفع الوعي بضرورة القضاء على استخدام الجنود الصبية من قبل القوات والجماعات المسلحة وكانت الحملة في معسكر مورني للنازحين، غرب دارفور. مخاوف من الاستخدام الخارجي ورغم حدوث تقدم في الالتزام بوقف تجنيد الأطفال من قبل الحكومة والجماعات المسلحة (المعروفة) تزداد المخاوف، حسب التقرير بشأن تجنيد الأطفال واستخدامهم عبر الحدود من قبل جماعات أخرى من السودان وجنوب السودان. في العام الماضي 2017 اتهمت الأمم المتحدة جماعات مسلحة في السودان بتجنيد أطفال، لكنها أقرّت أن الحكومة بذلت جهوداً لمنع تجنيد القاصرين تنفيذاً لخطة عمل وقعتها مع المنظمة الدولية في اذار/مارس 2016. وتتهم الحكومة السودانية حركات مسلحة بتجنيد الأطفال السودانيين والزج بهم في حروب خارجية كما هو الحال في ليبيا حسب متحدث لقوات تتبع للجيش السوداني. وحسب «وكالة الأنباء» السودانية فإن قوات الدعم السريع السودانية، ألقت القبض في شباط/فبراير الماضي على أحد قيادات التمرد لدى الحركات المسلحة في دارفور، وكشف مسؤول عسكري، أن القيادي في التمرد يعمل في تجنيد الأطفال، وأنه متورط في الصراع في ليبيا. اليابان تطلق خطة طموحة وضمن الجهود في هذا الاتجاه، أطلقت سفارة اليابان في السودان ومنظمة يونيسف مشروعا جديد يخص الأطفال المتأثرين بالنزاعات والمجتمعات المضيفة في ولايتي دارفور وكردفان. والهدف العام للمشروع، تحسين ظروف بقاء الأطفال وحمايتهم من خلال تقديم حزمة متكاملة من الخدمات الأساسية المنقذة للحياة والتي تساهم في تعزيز التماسك الاجتماعي والتواصل بين النازحين واللاجئين والفئات المستضعفة في كل من شمال، ووسط وجنوب دارفور، بالإضافة إلى ولايات جنوب كردفان. ويهدف المشروع بشكل مباشر إلى بناء الاستقرار الاجتماعي والسلام من خلال منع التوتر بين المجموعات المسلحة والمناهج الحساسة المتبعة نحو قضايا النزاع. وفي شباط/فبراير من هذا العام، وافق البرلمان الياباني على التبرع بسخاء بمبلغ مليوني دولار من أجل مشروع الاستجابة المتكاملة للأطفال المتأثرين بالنزاع في السودان (النازحون داخليا واللاجئون والمجتمعات المضيفة) في كل من ولايات دارفور (الشمالية والوسطى والجنوبية) بالإضافة إلى ولايات جنوب كردفان والذي تصل مدته لعام. سيستجيب هذا المشروع – تحت عمل يونيسف في حالات الطوارئ وبالدعم السخي من سفارة اليابان- للاحتياجات الفورية لإنقاذ حياة الأطفال. وعبر هذا البرنامج الذي سيستمر لمدة عام، سيتم توفير الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي والنظافة العامة، والتعليم الأساسي الجيد لكل طفل من أجل ضمان بقاءه، وحمايتهم من العنف والإيذاء والاستغلال والإهمال. وذلك عبر القنوات القائمة «المرافق الصحية أو المجتمعات أو المدارس على مستوى المجتمع المضيف أو الأشخاص النازحين /مخيمات اللاجئين» لمعالجة نقاط الضعف المتعددة التي تواجه الأطفال المتضررين من حالات الطوارئ. عبد الله الفاضل، مندوب يونيسف في السودان، أوضح أن هذا الدعم سيسهم في ضمان حقوق الأطفال، خصوصا المتأثرين بالنزاعات في المناطق المستهدفة في هذا المشروع. وأضاف في احتفال اقيم بهذه المناسبة: «بفضل هذا التمويل الجديد، ستواصل يونيسف عملها بالشراكة الوثيقة مع الوزارات التنفيذية المعنية في حكومة السودان وكذلك مع المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، لتحقيق نتائج مستدامة من خلال تقديم برامج متكاملة تضمن حماية الأطفال وتعليمهم وصحتهم وتغذيتهم كما تضمن توفير خدمات المياه والصرف الصحي. وتلبية احتياجات الأطفال الأكثر تأثراً بالنزاعات». فجوة في تمويل البرنامج الأممي ويمثل البرنامج القطري الحالي 2018-2021 برنامج التعاون الدولي السابع ليونيسف مع حكومة السودان حيث ستكون مساهمة يونيسف متمثلة في الجهود الوطنية التي تسعى إلى تمكين جميع الأطفال والمراهقين في السودان، تحديدا الفئات المستضعفة، من الوصول لحقوقهم كاملة في إطار شامل وبيئة محمية. وسيركز البرنامج القطري بصورة أساسية على خمسة عناصر وهي: أ) بقاء الطفل ونمائه. ب) التعليم والتعلم. ج) حماية الطفل. د) السياسة والمناصرة المبنية على الأدلة. هـ) البرمجة الفاعلة. تجدر الإشارة إلى أن يونيسف أطلقت نداءها الأخير للعمل الإنساني من أجل الأطفال في كانون الثاني/يناير 2018 للاستجابة لاحتياجات انقاذ حياة الأطفال في جميع أنحاء السودان. ووفقا لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2018 للسودان، هناك ما يقدر بـ5.5 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، من ضمنهم2.6 مليون طفل. تصل قيمة النداء الذي قدمته منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في عام 2018 إلى 96 مليون دولار أمريكي، تم تمويل 19 في المئة منها في نهاية آذار/مارس 2018 ما ترك فجوة في التمويل بنسبة 81 في المئة. وتقول المنظمة إنه وبدون تمويل كافٍ في الوقت المناسب وبمرونة، لا تستطيع تقديم الدعم لإنقاذ حياة الأطفال، أو الاستجابة لأزمة التغذية المستمرة أو الوصول إلى الأطفال الأكثر ضعفاً من خلال الخدمات الصحية الهامة وخدمات المياه والصرف الصحي. كما أن هناك حاجة ماسة إلى الإمدادات الأساسية للتعليم الابتدائي. حركة دارفورية تنضم لجهود الأمم المتحدة في وقف تجنيد الأطفال في السودان سبقتها الحكومة وحركتان مسلحتان صلاح الدين مصطفى |
شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب: سلطة في مواجهة السلطة Posted: 22 Sep 2018 02:12 PM PDT الرباط ـ «القدس العربي»: صار حديث سلطة الإعلام وإعلام السلطة وعلاقة الإعلام عموما بالسلطة، أحد المواضيع الأكثر تداولا لدى المهتمين من كلا الجانبين، بالإعلام والسلطة في المغرب. موضوع يتجاوز الحديث إلى ممارسة تتسم بالنزاع الضمني والمباشر أحيانا على مجال حساس يعد أحد امتدادات موارد امتلاك القوة والتحكم في المجتمع. فإلى جانب السلطة والاقتصاد تعد المعرفة وضمنها الإعلام أحد دعامات تملك المشروعية وتصريفها، والمتابع لهذا الشأن في المغرب سيلحظ أن هناك انتقالا سريعا ومحفوفا بالمحاذر نحو إعلام ينفلت من قنواته «التقليدية» أو النمطية، فصار الحديث عن ولادة إعلام جديد أو بديل تشكل وسائل التواصل الاجتماعي منصته العريضة وعن دمقرطة صاعدة في مجال التواصل، هل فعلا صار إعلاما بديلا؟ بديلا عن ماذا؟ ومن أين يستمد مشروعيته؟ كيف يتعامل وتتعامل معه السلطة؟ وما تأثيراته الواقعية على مجرى الأحداث في المغرب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟ هل هو منفلت من الرقابة أم ان كل شيء من يدها لا ينفلت؟ عالم افتراضي أم واقع مواز؟ يضم المغرب حوالي 22،5 مليون مستعمل للإنترنت وفق ما سجلته في كانون الثاني/يناير 2018 آخر الدراسات الرقمية للمختصين في شبكات التواصل الاجتماعي بارتفاع 12 في المئة مقارنة مع ما تم تسجيله في الفترة نفسها من السنة السابقة. 16 مليونا هم نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي وتحديدا على «فيسبوك « بارتفاع نسبته 14 في المئة مقارنة فقط مع السنة الماضية. 15 مليون يرتبطون بهذه الشبكات عبر الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية. وتوضح الدراسة أن المعدل اليومي لاستعمال الإنترنت من طرف المغاربة هو ساعتين و24 دقيقة، حيث 86 في المئة منهم يستعملون الإنترنت يوميا و11 في المئة مرة في الأسبوع ويبقى «غوغل» هو الأكثر زيارة بـ 72 مليون زيارة في الشهر يليه يوتيوب بـ 66،4 مليون زائر شهريا ثم فيسبوك بـ 21،5 مليون. وحسب التقرير فإن ما يقارب من ثلثي مستعملي فيسبوك هم ذكور (64 في المئة)، وتتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة ويمثل غير المتزوجين تقريبا نصف مرتاديه وحوالي 70 في المئة منهم لهم مستوى جامعي. ويحتل المغرب المرتبة الخامسة في افريقيا بعد مصر والجزائر ونيجيريا وجنوب افريقيا في استعمال فيسبوك. هذه الأرقام قد تفسر كيف أًصبحت شبكات التواصل الاجتماعي «حزبا» افتراضيا بلا قيادة ولا انتخابات لكنه يشكل قوة ضغط فاقت أكبر الأحزاب في المغرب، وحسب المعنى الاصطلاحي لكلمة حزب بمعنى جمع اشتد وتقوى ، فهذه المنصات تخلق حول كل قضية وعيا جمعيا وتجمعا يشتد ويتقوى قد يبقى هلاميا وقد يصير له أثر ميداني، وظهر في السنوات الأخيرة، على الأقل منذ اندلاع موجة الربيع العربي من تونس وانبثاقها من المغرب في هيئة حركة عشرين فبراير، أنها صارت تمتلك قوة أكبر شيئا فشيئا حتى أصبحت أهم منصة لنقاش العديد من القضايا التي شغلت المجتمع والدولة على حد سواء، فمن قضايا اغتصاب واحتجاجات كبرى وسلوك سياسيين .. صارت وسائل التواصل الاجتماعي سوقا يعرض بضاعة إعلامية ومفتوح في وجه الجميع بلا وثائق إدارية أو اقتناء مقرات أو أداء أجور عاملين. صبيب من الإنترنت وهاتف ذكي يكفي لأن يصير أبسط مواطن يساهم في نقاش أهم سياسات البلد بالسخرية أو بالتحليل أو بالصورة أو الصوت أو كلاهما بل وأن يساهم في اقتصاد صاعد جديد ينشط عبر هذه الوسائط، فتغيرت حتى مفاهيم المركز والمحيط وأصبحت تحتاج مقاربة جديدة جدية، فبالهواتف الذكية صار ما كانت تسمى هوامش أو مناطق نائية في مركز الأحداث والاهتمام وإن كان التقسيم الإداري والأدوار السياسية على الورق والجغرافيا ترسم أشياء أخرى. إنها قوة عالم سمي افتراضيا وصار يرسم واقعا جديدا بأثر على الأرض. في المغرب نموذج حي على هذا التحول وكيف صار «الافتراضي» واقعا موازيا. اقتصاد جديد منافس ففي المجال الاقتصادي لم ينج المغرب بفضل التكنولوجيات الحديثة في مجال التواصل من ظاهرة «الأوبرية» إذا شئنا تعريب هذا المفهوم، الذي يحيل على شركة «أوبر» الأمريكية، وهو اقتصاد يقدم خدمات لزبائنه عبر الإنترنت وتطبيقات يتم تحميلها على الهواتف الذكية. في المغرب اقتحم هذا النوع من الاقتصاد مجال النقل لسيارات الأجرة وخلق تشنجات بين هؤلاء المنافسين الجدد وأصحاب سيارات الأجرة بشكلها التقليدي وصل الأمر حد تنظيم وقفات احتجاجية السنة الماضية أمام ولاية الرباط. وفي المجال السياحي بدأت ظاهرة جديدة تضع أولى خطواتها بالمغرب وهي تشارك السكن مع زائرين يفضلون الإقامة في بيوت أشخاص ذاتيين عوض الذهاب للفنادق. الشركة الأمريكية العالمية RBNB هي الأكثر نشاطا في المغرب إلى جانب أخريات أضعف ويروج أن وزارة السياحة قد تفرض ابتداء من العام المقبل ضرائب على مستعملي هذا الموقع في تشارك السكن بفعل احتجاجات فنادق. التضييق على «القديم» «الأوبرية» إن كان تأثيرها ما زال في بدايته في المجال الاقتصادي فإن «أوبرية الإعلام» الجديد لها آثار أكبر في المجالين السياسي والاجتماعي. يقول رجل الأعمال كريم التازي أحد المهتمين والفاعلين سابقا في مجال الإعلام، مفسرا صعود هذا الواقع الجديد لـ «القدس العربي»: «اليوم النظام يهيئ نفسه لبذور سياسة زرعها بنفسه. ما زال متشبثا بوسائل الإعلام العمومية التي تغرد خارج ما يعيشه المجتمع المغربي وتنفي مئة في المئة الوضع الاجتماعي والسياسي الذي تعيشه البلاد وتستمر في الحديث بلغة الخشب، ولم يع أن البلد صار فيه إعلام بديل». مضيفا أنه إلى جانب الخط الذي تنهجه وسائل الإعلام العمومية انضاف عامل ثان ويتمثل على حد قوله في أن «النظام لم يكتف من نتيجة سياسته بالإعلام العمومي وانتقل إلى الصحافة المستقلة وبدأت حرب التضييق ضد «لو جونال» ورضى بنشمسي. ووصلت إلى حميد المهداوي وتوفيق بوعشرين، إنها الحصيلة الثانية التي من نتائجها إما طرد عدد من الصحافيين وإكراههم على مغادرة المهنة أو البلد أو إيصال مؤسسات إعلامية مستقلة لحافة الإفلاس» وإذا أضفنا لهذا تشديد الخناق على شخصيات معتدلة تنتقد الوضع إما من خلال نشاطها في المجتمع المدني أو شخصيات سياسية محترمة، «بعدما أسكتوا هذه الشخصيات كذلك، كانت النتيجة أن صار المجال مفتوحا لمواطنين بدأوا يمارسون حقهم في الانتقاد والذي أصبح اليوم يستهدف أعلى سلطة في البلاد، أرادوا الهروب من خطر نقد بناء على الورق فسقطوا في السب والقذف والمس بالحياة الشخصية الافتراضي». يقول التازي معتبرا أن هذا يشكل خطرا على استقرار البلاد كلها، «وبأنه» على عكس ما كان مرجوا منها من طرف متبنيها، فإذا كانت المقاربة الأمنية على المدى القصير تبدو أنها أفادت، لكن فيما بعد لم يكن لها من جدوى، وكانت النتيجة التي حصدوها أسوأ بكثير مما كانوا يتوقعون منها، لأن المواطنين المغاربة ما دام أن الإعلام العمومي لم يعد يفيدهم والصحافة المستقلة حوصرت، أصبحوا يبحثون عن إعلام آخر وينتجونه على يوتيوب وواتساب وفيسبوك، وأمام هذا العطش للإعلام كان هذا هو العرض الذي فيه مخاطر كثيرة نتيجة انتشار الأخبار الزائفة. الزفزافي من فيسبوك إلى زخاروف الدور الذي لعبته منصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، إذا عرجنا على أكبر محطة وسمت التاريخ السياسي المعاصر للمغرب وهي حركة عشرين فبراير، وما لعبته هذه الوسائط من دور كبير في تكثيف حركة سياسية اجتاحت المغرب وشكلت وعيا جمعيا بلحظة حاسمة للمطالبة بالتغيير السياسي والدفع قدما بمسار الحرية والديمقراطية. خرج في يوم 20 شباط/فبراير 2011، حوالي 200000 مواطن للاحتجاج في أكثر من 53 مدينة في أنحاء المغرب للمطالبة بتفكيك منظومة الفساد والريع ووضع حد للجمع بين المال والسلطة والخروج من عباءة الاستبداد. لعب الشباب السابح في الفضاء الأزرق دورا كبيرا والتفت تيارات من مشارب إيديولوجية مختلفة حول الحركة. كان حدثا فارقا. قد يتلوه من حيث الأهمية من حيث القوة والضغط والدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في حراك الريف الذي انطلق نهاية 2016 وها قد صار رائد استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في حراك الريف مرشحا لنيل جائزة زخاروف التي يمنحها البرلمان الأوروبي للمدافعين عن حقوق الإنسان. ناصر الزفزافي القائد الذي انبثق من الفضاء الأزرق وبلغ صوته المغاربة بل لفت حوله وحول الحراك أصوات خارج الحدود الترابية للمغرب، هل كان يمكن أن يصير قائدا في رمشة عين لولا ركوبه القطار السريع الذي أوصل صوته؟ فصاحته والكاريزما ووعي سياسي وشجاعة تكثفت في شخص ركب مكوكا أزرق وصار له متابعون لخطابته عبر «اللايف» على فيسبوك. وسائل التواصل الاجتماعي كانت الإعلام الجديد الذي تملكه نشطاء حراك الريف وصار سلطة وأداة ضغط قوية ودخل في صدام مع وسائل الإعلام التقليدية حينما أظهر التناقض بين ما يرويه الإعلام الرسمي وما تنقله الصورة الحية من عين المكان. تقول ابتسام أقرقاش، ناشطة وأستاذة تعليم عالي، في كتاب جماعي حول «الاحتجاج بالريف» صدر هذه السنة ببلجيكا باللغة الهولندية أنه بفضل وسائل التواصل الاجتماعي استطاع المغاربة الذين يعيشون في الخارج أن يواكبوا الحراك وأنه بفضل هذه الوسائل والهواتف الذكية بقي حدث مقتل محسن فكري حيا وتحول دون سابق إنذار إلى حراك لم يكن على البال، وتشرح الكاتبة أن تقنية «اللايف» لعبت دورا كبيرا فصار موعد «اللايف» الذي كان يبثه الزفزافي يحظى بمواكبة من طرف النشطاء في الخارج ويطلبون هم كذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي من بعضهم البعض متابعة «اللايف» والتفاعل معه عبر التعليقات وعلامات الإعجاب. ناصر الزفزافي قبل الحراك كان ناشطا على وسائل التواصل الاجتماعي، ينجز فيديوهات على يوتيوب ويستعمل يوميا فيسبوك وخلال الحراك صار فيسبوك منصته لعقد اجتماعاته عبر المجموعات، كما كان يقوم بتجميع المقترحات والأفكار التي يدلي بها متابعوه على «اللايف». لجنة التواصل التي كان ناصر ونبيل أحمجيق من أعضائها النشيطين شكلت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة عملها الأساسي وعقدت أول اجتماع في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 في مقهى «ميرامار» المطل على شاطئ قلب مدينة الحسيمة وافتتحه ناصر بكلمته وأدار نقاشه أحمجيق، غالبية أعضائها صاروا رموزا للحراك ثم صاروا بعد ذلك في السجن منهم ناصر وأحمجيق المحكوم على كل واحد منهم بعشرين سنة. تشير أقرقاش في الكتاب أن سهولة الدخول للإنترنت عبر الهواتف والمقاهي وكذا لايفات الزفزافي، أمور كسرت تابو الحديث لدى الناس وأصبح بإمكان نساء وشباب وحتى كبار في السن مشاركة قصصهم والحديث عما يعانونه وما يأملون فيه من خلال الحراك، مؤكدة أن عملية تدمير الحراك انطلقت أيضا من وسائل التواصل الاجتماعي عبر بروفايلات مجهولة لتسييد الأخبار الزائفة بطريقة ممنهجة لمهاجمة الحراك وإضعافه مستشهدة بما أوردته «فيردوم هاوس» عن كون المغرب من ضمن ثلاثين دولة تؤدي ثمن بروفايلات مجهولة ولأشخاص من أجل تعليقات إيجابية عن الدولة، مضيفة أن الضغط الذي عاناه الصحافيون المتابعون للحراك في المغرب سواء من خلال اعتقال أو التضييق المالي أو محاصرة مقالاتهم أعطى مشروعية أكثر لوسائل التواصل الاجتماعي. موجة المقاطعة أثبتت أيضا فعالية وسائل التواصل الاجتماعي كقوة ضغط استطاعت أن تجعل كبريات الشركات تستجيب لمطالب النشطاء بها، وهكذا بعد أربعة أشهر من المقاطعة قامت شركة «سنترال-دانون» بتخفيض ثمن الحليب بعدما كبدتها المقاطعة خسائر كبيرة أفقدتها نسبة كبيرة من المستهلكين في المغرب (40 في المئة حسب الشركة) استجابوا لهاشتاغ «خليه يريب» (دعه يفسد) الذي اجتاح فيسبوك إيذانا بحملة مقاطعة حليب هذه الشركة، إلى جانب غاز لشركة تعود للملياردير والرجل النافذ عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري وشركة ماء معدني لصاحبتها مريم بنصالح، الرئيسة السابقة لاتحاد مقاولات المغرب. وسائل التواصل الاجتماعي والسلطة وما زالت وسائل التواصل الاجتماعي القلب الذي ينبض بعدة قضايا تثير اهتمام السلطة والمجتمع، فكيف تتعامل السلطات مع هذا المولود الجديد الذي كلما كبر زادت أعبائه وصار مزعجا لها أكثر؟ كريم التازي يقول ان «سياسة تكميم الأفواه كانت نتائجها كارثية وحينما كنا نقول ذلك كانوا ينعتوننا بالعدميين، ها هم الآن أمام الكارثة، إعلام جديد بلا بوصلة، وعوض أن يفهموا أن التضييق على الحرية هو الذي أوصل لما هو عليه الحال الآن، هناك داخل الأوساط العليا من يفكرون في الدخول للفيسبوك للحد منه ومن تأثيراته». شعار مناهضة الأخبار الزائفة الذي حملته السلطة في وجه الصحافة عموما ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي وورد ذلك بشكل صريح على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، الذي هدد بإصدار قانون يعاقب مروجي «الأخبار الزائفة» أثناء تفاعله مع أسئلة حول تعامل الحكومة مع المقاطعة أثار الكثير من الجدل وما زال النقاش حول هل سيتم استصدار قانون خاص في هذا المجال مستمرا. غير أن «قانون مناهضة العنف ضد النساء الذي دخل حديثا حيز التنفيذ كانت الحركة الحقوقية قد انتقدته مسبقا واعتبرت أنه يضم فصولا تحد من حرية التعبير وتهدد النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي وأكثر تحديدا الفصل الذي يعاقب بالحبس والغرامة كل من قام بأي وسيلة بما في ذلك من الأنظمة المعلوماتية ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته أو قيام ببث أو توزيع أخبار كاذبة». إعلام بديل هل ينفلت من الرقابة؟ يوسف حمداوي، ناشط في المجتمع المدني، يقول لـ«القدس العربي» انه «يعتبر هذا الإعلام بديلا بسبب ما وصل له الإعلام الرسمي من ركود في نسبة التفاعل والمشاهدة والاستماع وبالتالي أصبح لزاما في رأيه خلق إعلام بديل» هذا الإعلام حسب إفادته لم يخل من محاولات رقابية ويضيف: «الإعلام البديل الذي ينشط على شبكات التواصل الاجتماعي بعدما صار يدافع عن هموم المواطن ويساعده في بعض الأحيان في فضح المخالفات وأيضا للترافع عن مجموعة من القضايا منها السياسية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح يشكل خطرا على السلطة وأجهزتها خصوصا عندما يتم تمكين المواطنين من آليات الترافع» قائلا أن «الإعلام البديل صار يتعرض لحصار وتتم محاربته ومنعه من التواجد» مذكرا بما حدث في صلب هذه القضية مع مركز ابن رشد للدراسات قائلا «لقد تمت متابعة رئيسه المعطي منجب، وما زالت المحكمة جارية ومتابعة بعض أعضاء هذا المركز ومنهم من قضى فترة في السجن» مضيفا أنه تم منع أيضا مجموعة من المنظمات التي تشتغل في مجال الإعلام المواطن قائلا فيما يخص الرقابة على هذه الوسائط أن «النظام جدد طرق محاربته لهذا الإعلام وذلك بالدخول في أشكال ما يتم نشره عن طريق نشطاء وحقوقيين يتسمون بالموضوعية فأصبحت تؤسس لذلك مجموعات وصفحات تشتغل ليل نهار لتغيير اهتمام المواطنين خصوصا إذا كانت هناك مواضيع مهمة وآنية». وكانت الدراسة المشار إليها سابقا قد نبهت إلى جانب ذكر إحصائيات من لهم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، لظاهرة أن العديد من الأشخاص يتوفرون على أكثر من حساب بل أكثر من ذلك وجود حسابات وهمية بشكل كبير يتم خلقها عبر «des robots». شبكات التواصل الاجتماعي في المغرب: سلطة في مواجهة السلطة سعيدة الكامل |
طرابلس لبنان: لؤلؤة المتوسط وسحر الشرق القديم Posted: 22 Sep 2018 02:11 PM PDT طرابلس الفيحاء، العاصمة الثانية للبنان، تلك المدينة الساحرة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، وتبعد 85 كيلومترا إلى الشمال من بيروت، وتمتد عروقها في التاريخ وتروي أحياؤها وآثارها المعمارية المتنوعة، حكاية مدينة فينيقية تعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، وتعاقبت عليها حضارات عديدة من الفينيقيين مروراً بالرومان، والبيزنطيين، والعرب، والفرنجة، والمماليك، والعثمانيين. فهي تضم اليوم أكثر من 160 معلما تاريخيا وفيها العديد من الخانات والمساجد والمدارس والأسواق وغيرها، لا تزال قائمة حتى اليوم وتضج بالحياة رغم تعاقب السنين وتغير الوجوه الحضارية التي مرت بها. ويؤكد المؤرخون انها تعد المدينة الأولى بمعالمها الأثرية على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وهي الثانية بآثارها المملوكية بعد القاهرة. كنز حضاري في القرن الرابع قبل الميلاد، أطلق اليونانيون عليها اسم «تريبوليس – Tripolis» أي المدينة المثلثة. وظلت تحمل هذا الاسم لعقود طويلة حتى دخلها العرب في القرن السابع الميلادي أطلق عليها اسم «إمارة طرابلس». كما أطلقوا عليها اسم الفيحاء نظرا لانتشار بساتين الليمون المزهرة في أحيائها. أما الصليبيون فأطلقوا عليها اسم «تربيل» وتشير المصادر التاريخية إلى انها لقبت بالمدينة المقدسة في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي. يشار إلى ان عاصمة ليبيا أيضا تحمل الاسم نفسه لذلك يطلق عليها طرابلس الشرق لتمييزها عن طرابلس الغرب عاصمة ليبيا. زيارة طرابلس ومعالمها الأثرية هي بمثابة عودة إلى الزمن القديم بأقاصيصه النادرة. هنا ترفرف طيور الماضي فوق المباني العتيقة، فوق القرميد الأحمر الذي يميز بعض مبانيها القديمة، هنا للوطن طعم آخر، ولسحر الشرق معان أخرى. هي رائحة الليمون التي لا تزال تنبعث من مساحات واسعة بالرغم من احتلال المباني الاسمنتية والتي غيرت الكثير من المعالم. في العهد الصليبي أصبحت عاصمة كونتية طرابلس وترك فيها الصليبيون صرحا أثريا ضخما هو القلعة التي تشرف من تلة «ابي سمراء» على أحياء المدينة وظلت صامدة رغم تعاقب السنين، وتعد من أجمل القلاع الأثرية على المتوسط. عُرِفَت باسم قلعة «سان جيل» أو «صنجيل» نسبةً إلى الكونت الصليبي ريمون دي سان جيل، بناها الصّليبّيون في أوائل القرن الثاني عشر خلال حصار المدينة، واتّخذوها مركزًا لحملاتهم العسكرية. وتُوفّي فيها الكونت الفرنسي ريمون دي سان جيل عام 1105. أحرقها وأعاد بناءها الأمير أسندمير كورجي، حاكم المدينة آنذاك، كما رُمِّمَت عام 1521 في عهد السّلطان سليمان القانوني. ويبلغ طول القلعة من مدخلها الشّمالي إلى أقصى طرفها الجنوبي 136 مترًا. ويبلغ ارتفاع أسوارها بين 5 أمتار و19 مترا. وفي العهد المملوكي عام 1289 أعطى المنصور قلاوون سلطان مصر والشام أوامره بهدم المدينة وبنائها من جديد في السهل المنبسط تحت قلعة طرابلس، واتخذها وأصبحت عاصمة لنيابة السلطنة، وهذا ما يفسر وجود مئات المساجد والزوايا والتكايا فيها. ثم دخلت طرابلس تحت الحكم العثماني وبنوا فيها العديد من المعالم الأثرية أبرزها ساعة التل التي أهداها السلطان عبد الحميد إلى الطرابلسيين. ومن أبرز معالمها أيضا نجد، الجامع المنصوري الكبير، وجامع التوبة، وجامع العطار، والبرطاسي، والسيد عبد الواحد المكناسي، وطينال، والمدرسة القرطاوية، والشمسية، والنورية، والناصرية، والخانوتية، والسقرقية، والطواشية. كما تشتهر طرابلس بخاناتها الجميلة. إحساس رائع يصيب الزائر عندما يدخل إلى خان الصابون أو خان الخياطين، حينها يشعر وكأن الزمن والتاريخ برمته توقف هناك، في لحظة واحدة ولم يتغير. كل شيء هنا يوحي بأننا في رحلة عكسية إلى الزمن العتيق، وكأننا في القرن السادس عشر وتحديدا في زمن الوالي العثماني أحمد شمسي باشا الذي تشير بعض المصادر التاريخية انه أمر ببناء خان الخياطين في عام 1554. يقع في سوق الخياطين، يقال انه بني على بقايا مبنى صليبي، ويتميز ببوابته المزخرفة، ويوجد فيه دهليز في طرفيه درج وقاعة واسعة، وينتهي الدهليز بباحة مستطيلة تحيط بها اثنتا عشرة غرفة، وعدد مساو من الغرف في الطابق العلوي. ومن الخانات التي تشتهر بها المدينة أيضا خان العسكر الذي يقع وسط طرابلس وكان في البداية يستخدم كثكنة عسكرية للجيش العثماني. بني في عصر المماليك أواخر القرن الثالث عشر بهدف استعماله كثكنة للجيش. وهو من أكبر الخانات في طرابلس ويتميّز ببنائه الذي يتألف من مبنيين. إضافة إلى ذلك نجد خان المصريين وتشير المصادر التاريخية إلى انه بني في النصف الأول من القرن 14 للميلاد ويضم ساحة تتوسطه بركة ماء، خصصت السفلى منهما للبهائم والبضائع فيما خصصت العليا للنزلاء. وكان لهذه الخانات دورا يتمثل في استقبال وإيواء المسافرين المارين عبر طرابلس. حمامات وقصور ومن المعالم الباقية في طرابلس، الحمامات الأثرية ولكن بسبب الطوفان الذي دمر المدينة لم يبق الكثير من هذه الحمامات ومن أبرزها حمام النزهة، حمام الطوافية ، والقاضي، والعطار، والداودار، وحمام الحاجب الذي لا تزال آثاره ظاهرة على الضفة الشرقية لنهر أبو علي، حمام القلعة، حمام الجديد أو القراقيش وهو من الطراز العثماني يقع في محلّة الحدادين، بناه إبراهيم باشا العظم، حمام النوري المملوكي بناه الأمير سنجر بن عبد الله النوري، وحمام عزالدين الذي يقع في باب الحديد، بناه الأمير عزالدين أيبك الموصلّي ويعتبر من أشهر الحمامات في طرابلس، استمر في العمل حتى منتصف الثمانينيات، وأصبح مهجورا وفي حالة سيّئة. حمام العبد بني في أواخر القرن السابع عشر، وقد اعيد ترميمه وبات واجهة مهمة للسياح. كما تضم طرابلس العديد من القصور الأثرية أهمها قصر نوفل العثماني المعروف باسم «رشيد كرامي الثقافي البلدي» بعد أن حولته بلدية المدينة إلى مكتبة عامة وقاعة محاضرات ومعارض. زخارف أندلسية تقول الصحافية اللبنانية لبى نوفل وهي إحدى حفيدات صاحب القصر لـ «القدس العربي»: «القصر للأسف باعه ورثة القنصل قيصر بك نوفل، بثمن بخس». وتضيف ان «منشية طرابلس هي هبة مشروطة من قيصر بك نوفل على أن تكون منتزها لأهل المدينة وقد اشترطت الهبة أن تبقى صيانتها على عاتق المجلس البلدي ولا يتم تغيير وجه استخدامها كمثل تحويلها إلى مرآب سيارات كما تم الحديث مؤخرا، تحت طائلة تحويل جزء مهم من ملكيتها إلى ورثته. وبما أنّ هذه المساحة الشاسعة للمنشية في وسط طرابلس ثمنها ملايين الدولارات فإنّ أموالا طائلة تنتظر أحفاد صاحب القصر في حال تغيرت وجهة استخدامها كمنتزه لأهل المدينة». وتعرب نوفل عن أملها ان تعود طرابلس منارة للعلم والعلماء والانفتاح كما كانت في عهودها السابقة. وهناك أيضاً قصرُ الأمير المملوكي سَنْجَر الحمصي الذي سكنه عام 1324 وقصر الأمير المملوكي سيف الدين أَلْطُنْطاش من القرن 13. وقصر الأمير عز الدين أيبك الموصلي وهو من عصر المماليك، به زخارف أندلسية شبيهة بقصر الحمراء في غَرْناطة. اضافة إلى احتوائها على عشرات البِرَك وسُبُل المياه في أسواق المدينة القديمة، وتتميز بها عن غيرها من المدن ومنها بركة الملاحة التي كانت تُملأ في الأعياد بأنواع الشراب، من عصير البرتقال، أو التمر هندي، أو الليمون، أو السوس، ويشرب منها الناس مجاناً لمدة ثلاثة أيام، وأحياناً لمدة أسبوع كامل. ولا يمكن للزائر ان يتجول في أرجاء طرابلس دون ان يتنشق الروائح الطيبة المنبثعة من محال بيع الحلويات الشرقية على أنواعها ويمكن القول ان طرابلس تحولت إلى عاصمة الحلويات في المنطقة، فلدى أبنائها وصفات سحرية تتحول إلى ألذ أصناف المأكولات والحلويات. ومن أبرز الأطباق التي تعرف بها المدينة: حلاوة الجبن، والفيصلية، وتاج الملك، والكلاج، وحلاوة الجبن، ميرامار، بقلاوة، برمة، عش البلبل، كول وشكور، بسمة، وبصمة، حلاوة الشميسة، بلورية، إضافة إلى أنواع الكنافة والفروكة. وترتبط صناعة الحلويات الطرابلسية بأسماء عديدة وعائلات توارثتها عبر الزمن منها عائلة الحلاب التي ارتبط اسمها بالحلويات الشرقية. خطر التلوث لم يشفع لهذه المدينة كل هذا الإرث الحضاري والتاريخي لتكون منارة المتوسط ورمز حضارته، فقد عانت طرابلس على مدى العقود الماضية من الإهمال والنسيان وبات خطر التلوث يمس مصير وحياة الآلاف من قاطني المدينة. والمفارقة ان الفيحاء التي لقبت بهذا الاسم بالنظر إلى الروائح الجميلة المنبعثة من بساتين الليمون التي كانت تنتشر في كل أرجائها، تحولت اليوم إلى شبه مكب للنفايات بكل ما يحمله هذا المخطط من عبث بهوية المدينة واسمها ورمزيتها في تعد صارخ على كل المبادئ والمواثيق البيئية العالمية. هناء حمزة إعلامية لبنانية مغتربة وناشطة مدنية تؤكد لـ «القدس العربي» ان مجموعة من المغتربين الطرابلسيين أطلقت مبادرة من أجل محاولة وضع خريطة طريق لإنقاذ طرابلس من الوضع الراهن وتضيف بالقول: «تعاني طرابلس من أزمة نفايات بوجود مكب بات يطلق عليه اليوم جبل الزبالة. ولقد أطلقنا حملة تجميع تواقيع تطالب المسؤولين بإيجاد حل جذري لهذه القضية وجمعنا أكثر من 10 آلاف توقيع. ويزور ممثلون عن المجموعة المسؤولين السياسيين عن المدينة وذلك من أجل عرض هواجس المجموعة عليهم وخاصة فيما يتعلق بأزمة النفايات ودعوتهم للتوقيع على وعد بالسعي لإيجاد حل جذري لهذه القضية. وقالت ان الهدف اليوم هو نقل صوت طرابلس حول هذه الأزمة وإثارة القضية عالميا». وكيف يمكن ان تتحول طرابلس إلى قطب سياحي في ظل الوضع الراهن والتحديات التي تواجهها تجيب محدثتنا: «لا طوق نجاة لطرابلس إلا بتحويلها إلى مقصد سياحي، وهذا هو السبيل الوحيد إلى إخراج طرابلس من معاناتها الاقتصادية وحرمانها. على هذه المدينة الغنية بآثارها وحضاراتها ومطبخها الشهي ان تستثمر في رصيدها بشكل يؤمن فرص عمل جديدة لشبابها. للأسف ما يسوق عن طرابلس هو عار عن الصحة والدليل ما حصل يوم 15 يوليو/تموز الماضي، في قلب أسواقها، حيث تقاطر المئات من المغتربين من كل بقاع الدنيا إلى مدينتهم فجالوا في أسواقها وأكلوا من طيباتها وزاروا معالمها السياحية، فكانت طرابلس في يوم المغترب نموذجا لمدينة سياحية من الطراز الأول. وتضافرت جهود الجميع من أجل انجاح هذا اليوم. ومن استطاع ان يظهر الصورة الحقيقية لطرابلس ليوم واحد قادر ان يظهرها بشكل دائم». وقالت ان «التناغم الذي حصل بين الهيئات الرسمية من محافظ وبلدية وقوة أمنية وهيئات اجتماعية واندفاع الناس هو دليل عافية ودليل على ان الطرابلسي يولي مصلحة مدينته على مصالحه الخاصة الضيقة ولديه الرغبة والاصرار على النجاح». طرابلس لبنان: لؤلؤة المتوسط وسحر الشرق القديم روعة قاسم |
الواقع أشد صدقاً والعالم الخيالي أكثر صعوبة: الرواية العربية بين «اليوتوبيا» و«الديستوبيا» Posted: 22 Sep 2018 02:11 PM PDT القاهرة ــ «القدس العربي»: عبّرت دوماً الرواية العربية على اختلاف كُتابها عن التحولات التي شهدتها وعانت منها المجتمعات العربية، بداية من عهد الاحتلال، وصولاً إلى أنظمة سياسية قمعية أكثر قسوة من عهد مضى. فدائماً ما نجد الروائي العربي يحاول عبر مؤلفه وحكاياته أن يجسد وضعاً مأسوياً مأزوماً. وحتى وإن كان يبشر بباقة أمل ما، فهو لم يتخذ من «اليوتوبيا» مثالاً، لكن لا وعيه دوماً كان يؤدي به إلى حكايات يمكن أن نطلق عليها الآن مصطلح «الديستوبيا» الذي أصبح أكثر انتشاراً. وما بين المصطلحين يمكن أن يميل معظم الإنتاج الروائي العربي إلى المصطلح الأخير، بداية من البحث عن الحرية والاستقلال، مروراً بالبحث عن شكل من أشكال العدالة الاجتماعية، وصولاً إلى فساد تام يحياه ويعانيه، محاولاً تجسيد حالات الانفلات منه، ولو عن طريق الحلم الروائي. هنا يبدو الواقع الروائي أشد صدقاً وقسوة، وبات العالم الخيالي الذي تشيده الرواية أكثر صعوبة من عوالم أخرى قديمة حالمة تستند إلى المجاز أو الإسقاط كما كان في السابق. الأمر هنا أكثر تعقيدا وصعوبة، فالخيال أصبح يتماس مباشرة مع الوقائع والأحداث، وصولاً إلى شخصيات بعينها يمكن معرفتها بسهولة. عالم المدينة الفاسدة إن كانت اليوتوبيا تعبّر عن المدينة الفاضلة، وما تحمله من قيم يسعى إلى تجسيدها هذا الكاتب أو ذاك ــ حسب المصطلح الأفلاطوني من خلال جمهوريته ــ فإن أسس هذه المدينة تبدو خيالية تماماً، وإن كانت ضداً لعالم الوقائع الذي يعيشه الناس بالفعل، فهي بالتالي ردة فعل على عالم قائم، يعاني بدوره من مشكلات، وما خيال المدينة الفاضلة إلى علاج فلسفي وروائي بعد ذلك. لكن بعد حربين عالميتين، وأنظمة فاشية جعلت من الإنسان مجرد أداة أو فأر تجارب، أو عدداً ضمن مجموع من القطيع، كان الحلم المثالي مجرد طنطنة فارغة، فأصبح الأجدر التعبير عن الوقائع بأدب يواجهه، وهو ما تمثل في عدة أعمال روائية شهيرة، تصوّر فظائع عصرها، منها على سبيل المثال، رواية «1984» لجورج أورويل، ورواية «فهرنهايت 451» لراي برادبوري. وقبلهما جاءت عدة أعمال تصوّر المأساة التي نعيشها، سواء فرض خيالي تماماً، كما في «المحاكمة» لكافكا، أو تصور خيالي مستقبلي، كما في «آلة الزمن» لهربرت جورج ويلز، والتي كتبها في العام 1895. عالم الأزمات المتلاحقة وبالعودة إلى عالم العرب نجد محاولات التبشير بعالم جديد، أو تعليق الأمل على حركات ثورية ونضالية، كما حدث في ستينيات القرن الفائت، وحالة المد الثوري الذي طال العديد من البلدان، إلا أن البعض اكتشف أن هذه الثورات ما هي إلا انقلابات عسكرية، لم تؤد إلا إلى المزيد من القمع والتسلط، وتقديس الصوت الأوحد، أو أن الحلم لم يكن هكذا على أرض الواقع. ووسط هذا العالم الكابوسي والقمعي نجد أعمالاً مثل «تلك الرائحة» و«اللجنة» لصنع الله إبراهيم، كذلك بعض أعمال نجيب محفوظ، بعد هزيمة حزيران/يونيو 1967. لكن الأزمات لا تنتهي، والمعاناة أيضاً، فسيطرت حالة عوالم الرعب الأدبي، والخوف وتجسيده مستقبلاً، ذلك من واقع مفردات الحياة التي يعيشها الكاتب الآن، خاصة وثورات الربيع العربي التي حاولت تجاوز أزمات الواقع السياسية والاجتماعية، أصبحت بدورها أزمة، وأصبح الثوار ومَن يحملون أفكاراً تتسم بالثورية، إما في السجون أو هم مطاردون دوماً، ففاق رعب الواقع بذلك الرعب الروائي. لتأتي عدة أعمال تستشرف مستقبلاً مظلماً لا أمل فيه ولا حلم ــ رغم تفاوت الوعي الروائي ــ نذكر منها على سبيل المثال، «2084 حكاية العربي الأخير» واسيني الأعرج، «حرب الكلب الثانية» إبراهيم نصر الله ــ البوكر العربية 2018 ــ «الانحناء على جثة عمان» أحمد الزعتري، «في ممر الفئران» أحمد خالد توفيق، «نساء الكرنتينا» نائل الطوخي، «عطارد» محمد ربيع، و«الطابور» لبسمة عبد العزيز. هذه الأمثلة بعض من كثير، خاصة وقد شاع الآن وانتشر شكل من الكتابات التي تستأثر بالقراء، ولها جمهورها الكبير، خاصة بين الشباب، فهي مزيج ما بين الرعب والخيال العلمي، وشيء من الأزمات الاجتماعية والسياسية، فلم تعد هذه الروايات مُترجَمة عن لغة أخرى، وبالتالي تتحدث عن عوالم وأماكن غريبة، بل تتحدث عن مدينة وشوارع وأزقة يعرفها الجميع، ورغم تباين هذه الروايات فكرياً وجمالياً، إلا أنها أصبحت تحتل مساحة كبيرة من سوق الكتب. وماذا بعد؟ يبدو أن هذا الشكل الأدبي والذي انتقلت روحه إلى بعض الأعمال السينمائية ــ التجارب القصيرة خاصة ــ سيستمر فترة ليست بالقصيرة، في ظل هزائم متتالية، وسلطة قمعية تزداد صلفاً يوماً بعد يوم، حتى أن نهايتها ستجعل من البعض يتوجس خيفة أكثر مما هو قادم، في ظل عالم العرب الذي يتنفس الجهل والخوف. ولكن وبعد ديستوبيا الواقع العربي، ماذا عن ديستوبيا التاريخ؟ فالتاريخ العربي منذ نشاته ما هو إلا رواية ديستوبيا طويلة، غزوات وقتل وسبي واستعباد، وفي النهاية توضع لافتة كبيرة يُكتب عليها تاريخ الانتصارات المجيد، حتى أن روائيين يعدهم البعض ــ كباراً ــ تباكوا على سقوط الأندلس، وتناسوا أنهم في الأصل ما هم وأجدادهم المزعومين سوى مجرد محتلين لا أكثر ولا أقل. فالأزمة تنتقل من ديستوبيا المدينة إلى ديستوبيا الوعي، لكن الجيل الجديد قادر على تجاوزها، ولو من خلال الخيال الروائي. الواقع أشد صدقاً والعالم الخيالي أكثر صعوبة: الرواية العربية بين «اليوتوبيا» و«الديستوبيا» محمد عبد الرحيم |
تحولات الطبيعة في أساليب الفن التشكيلي العراقي المعاصر Posted: 22 Sep 2018 02:11 PM PDT في نهاية القرن الثامن عشر بدأ فن الرسم يقف عند أعتاب مرحلة جديدة في رؤية الأشياء وخاصة الطبيعة التي انفتحت على أفق يحمل في أساليبه دعوة ملحة إلى توقع قراءة مختلفة للجمال في عناصرها، يمكن ان ينعطف بها الفنان إلى ذاته فيحمّلها ما تفيض به روحه من مشاعر وأحاسيس. ولم تكن وسيلته إلى ذلك سوى مخيلته، التي أحدث من خلالها قطيعة مع الماضي من الناحية الفنية، بأساليبه ومدارسه، فأضيفت إلى تاريخ الفن التشكيلي لحظة تعبيرية ثورية أطلق عليها مصطلح «الرومانتيكية» فكانت انفتاحا على علاقة جديدة بين الفنان وما يراه من تفاصيل في الطبيعة. حرية الرؤية عبر فضاء الرومانتيكية تشكَّلت علامة بارزة تعاملت مع الطبيعة برؤية استظلت بمخيلة الفنان حيث باتت تميل إلى غواية التفاصيل المرئية والتحليق بها إلى أزمنة تكتسب حضورها من ذاته وتحولاتها الشعورية، ولعل الرسام الانكليزي جوزيف تيرنر(1775-1851) أبرز من وظف الطبيعة في أعماله وكانت بمثابة منطلقه الذي منحه فضاء واسعا لاستعراض قدراته في تشكيل الضوء والظل. على الرغم من ان الرومانتيكية كانت قد اجتاحت أوروبا انطلاقا من ألمانيا لتمتد إلى فرنسا واسبانيا وانكلترا حتى مطلع القرن التاسع عشر، إلاَّ ان الحركة التشكيلية شهدت في ما بعد ظهور مدارس أخرى مثل الانطباعية وما بعد الانطباعية والوحشية والواقعية والرمزية والمستقبلية والسريالية والتكعيبية وغيرها من الأساليب. كل هذه المدارس الفنية الحديثة أخذت الفن التشكيلي إلى مفترق الحداثة حيث نأت به عن المحاكات الفوتوغرافية للأشياء والتفاصيل الواقعية، وأخذته إلى مرحلة جديدة انفتحت فيها مخيلة الفنان على تقنيات التجريد، لينعطف بالتالي الفن التشكيلي إلى مسار مفتوح من حرية الرؤية الإبداعية في تناوله للأشياء والأفكار بما في ذلك موضوعة الطبيعة، فخضعت هي الأخرى إلى تصوراته الذاتية، وانعكست عليها المدارس الفنية الحديثة، وهذا ما أعاد الطبيعة إلى واجهة المشهد التشكيلي. ولكن الفنان في هذه العودة لم يعد منشغلا في إعادة رسمها كما تراها عينه، بل أصبح ومن خلال تقنيات المدارس الفنية الحديثة يعبر عن مستويات جديدة من الأفكار تتجلى في حركة الخطوط والألوان والأشكال الهندسية والتكنيك، بذلك لم تعد الطبيعة في اللوحة على تلك الوظيفة التي احتفت بها المخيلة الثورية للرومانتيكيين. المشهد التشكيلي العراقي في تاريخ الفن التشكيلي العراقي الذي بدأت أولى علاماته تتضح في أربعينات القرن الماضي، كانت الطبيعة مقاربة فنية أولى للفنان العراقي، وشكلت معطى أساسيا في المنتوج التشكيلي حتى بعد ان انفتح المشهد الفني على التجارب الحديثة مع الرواد الأوائل أمثال جواد سليم وعطا صبري وفائق حسن وحافظ الدروبي وفرج عبو واسماعيل الشيخلي ونــوري الراوي ومحــمــود صبري، إلا ان الطبـيعة لم تعد تشـكل هاجـســا أســاســـيا لــدى الفنان العراقي بعد ان اتخذت المدارس الحديثة تحدد الإطار العام لمعطيات الفن التشكيلي العراقي. جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين التي تأسست عام 1955 ما زالت تتحمل مسؤولية كبيرة في ان يحتفظ الفن التشكيلي العراقي بحيويته، وذلك بإصرارها على ان يبقى مشغله متوهجا بكل ما يشير إلى انه معبأ بشحنة التحديث المستمر وهذا ما تعكسه المعارض الثمانية التي تقيمها الجمعية خلال العام الواحد والتي تتوزع ما بين النحت والرسم والخزف، وما يلاحظ في نشاطها حرصها على ان يكون هناك معرض سنوي يقام في الشهر السادس أو السابع من كل عام يخصص لموضوعة الطبيعة يشارك فيه فنانون من جميع مدن العراق، ودائما ما تكون المشاركة كبيرة حتى ان العدد وصل هذا العام إلى 100 لوحة. وقد شاركت في المعرض أسماء بارزة أمثال فاخر محمد وقاسم سبتي وحسن ابراهيم وخليف محمود وأخرى لا تقل أهمية عن هؤلاء. ومما يلاحظ على هذا المعرض السنوي انه يفتح الأبواب لكل الأساليب المختلفة في تناولها للطبيعة، وهذا التنوع والاختلاف في التكنيك والأسلوب والعلاقات اللونية يظهر من فنان إلى آخر كل حسب رؤيته، لان الثيمة العامة تتمحور في كيفية رسم الطبيعة كلٌّ حسب أسلوبه. الفنان خليف محمود يجد في رسم الطبيعة العراقية «مصدر إلهام له»، ويضيف بهذا السياق «أجد فيها نقطة استراحة، للتمتع بجمال طبيعتنا الزاخرة بالتنوع اللوني، حيث يعبّر كل منّا بأسلوبه الخاص سواء عن طريق الواقعية أو الانطباعية أو الكلاسيكية أو الواقعية الحديثة، ومعارض الطبيعة تعد متعة كبيرة لإظهار مهارة الفنانين وتنوع أساليبهم حسب انتماءاتهم الجغرافية». تجارب ذاتية ربما يتوهم البعض بان رسم الطبيعة يبدو عملية تتسم بالبساطة مقارنة مع الموضوعات التي تشتغل عليها الأساليب الحديثة في الرسم. بينما ما تخبئه العملية الإبداعية من أسرار أثناء عملية الخلق الفني تشير إلى ان رسمها يندرج في إطار الخيارات الصعبة، فالخروج إلى الطبيعة يفرض جملة اشتراطات في مقدمتها، يتوجب على الرسام ان يحدد المنظر الطبيعي الذي ينوي رسمه، كما لو انه مصور أو مخرج سينمائي يفترض به ان يمتلك حسا عاليا على اختيار الزاوية التي يريد من خلالها تصوير الموضوع، وهذا ما عبر عنه الرّسام طلال غانم إذ يقول ان «الكيفية التي يتعامل بها الفنان العراقي مع الطبيعة تحددها ثقافته أولا واتجاهاته الاسلوبية» أما مسألة الخروج إلى الطبيعة والرسم فيجدها «تشكل صعوبة لدى الرسام لأنه يشعر بضآلة حجمه الفني أمام جمالها باستثناء المتمرسين والضالعين برسمها» ويضيف طلال غانم «الفنان التشكيلي العراقي المعاصر لم يتخل عن رسم الطبيعة، لكونها المدرسة الأم وهي مصدر الإلهام لكل الفنانين والمثقفين كما انها تحقق التوازن في المشاعر والأحاسيس في داخله». ما يزال رسم الطبيعة يمتلك حضوره في المشهد التشكيلي العراقي ولكن الرؤية الفنية تغيرت ولم تعد بذاك النسق الفوتوغرافي، وعلى ذلك لا يجد الفنان التشكيلي بلال بشير في موضوعة الطبيعة مجرد استراحة للفنان إذ يقول «الطبيعة لا تختلف عن أي موضوع تشكيلي آخر يتم تناوله عبر مدارس الفن المتنوعة، فهي تعتمد أيضا على التكوين والبناء واختيار الإنارة والظلال»، ويستدرك الفنان بشير فيضيف «الطبيعة في المشهد التشكيلي العراقي غالبا ما كانت واقعية كلاسيكية كما هي أعمال عبد القادر الرسام، أو واقعية دراسية كما في أعمال فائق حسن، أو انطباعية كما في أعمال عطا صبري وحافظ الدروبي، وكل هذه الأساليب تجمعها صفة الواقعية، بمعنى ان الشجرة تعرّف عن نفسها وكذلك جدول الماء أو الجبل، انها واقعية أخذت صفة انطباعية لكون هؤلاء الفنانين الرواد قد تأثروا بالمناخ الانطباعي أثناء دراستهم في أوروبا، والطبيعة التي تعرف باللاندسكيب، في العراق لها خصوصية حيث تأخذ التكوين والإخراج اللوني من واقع بيئة العراق واختلافها بين الشمال والجنوب، بين الجبال والأهوار وكذلك اختلاف لون الأرض والسماء». هذا التنوع في أساليب التناول يمكن ملاحظته كما أشرنا سابقا في معارض جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين حيث تم تناول الطبيعة في عديد اللوحات وفق المدارس الفنية الحديثة من حيث الألوان والتكنيك والخطوط والأشكال، كما في أعمال الفنانين قاسم سبتي وحسن ابراهيم وعدنان عباس واسعد آزاد ورائد حسن، وهذا ما يؤكد على ان الفنان التشكيلي المعاصر في رؤيته لموضوعة الطبيعة يسعى إلى ان يكون مغايرا ومختلفا عن الأسلوب الواقعي والرومانتيكي من حيث التكنيك والرؤية. الفنان التشكيلي منهل الدباغ يؤكد على ان «طبيعة البيئة العراقية أثرت على المشهد التشكيلي منذ أربعينات القرن الماضي بداية من الفنان عبد القادر الرسام وصولا إلى الفنانين المحدثين على مختلف أساليبهم ومدارسهم»، ويستدرك في هذا السياق قائلا «ومن أجل البحث عن علاقة الانتساب للمدرسة الواقعية، أصبح الفنان باحثا في تمثيل الأجواء العراقية على اللوحة بما يوازيها من قيم بيئية خاصة مع الاحتفاظ بالمنحنى الشخصي وهذا ما يبدو واضحا على المتغيرات اللونية والحسية للطبيعة العراقية من جنوبها المتميز بترابية وحساسية ألوانه وصولا إلى شمالها الذي يزهو بألوانه المبهرة ومساحاته المضيئة». أمّا الرسام خالد حسين فيؤكد في وجهة نظره على ان «الطبيعة هي المتنفس الحقيقي للفنان عموما والتعامل معها بمثابة تعامل مع جوهر الأشياء، لأن كل الأشياء مشتقة من مفردات الطبيعة، فالشمس ومساقط الإضاءة ونقاء الألوان وانبثاق الألوان الأخرى الثلاثية والرباعية وتجانساتها كلها تجدها أمامك بكل بهائها». إن مفردة الطبيعة التي يتم التعامل معها في الأكاديميات الفنية باعتبارها مادة مدرسية لابد من وجودها في المنهج التعليمي، ما زالت موصولة بتجارب الفنانين المعاصرين العراقيين على الرغم من ان مدارس الحداثة التشكيلية وما بعدها، قد اغتربت عن محاكاة مفرداتها وانتقلت بفن الرسم من حيث موضوعاته ومعالجاته وتكنيكه إلى مستويات من التمظهر الأسلوبي إلى الحد الذي لم يعد في اللوحة ما يشير إلى ان هناك موضوعا محددا يمكن الامساك به. تحولات الطبيعة في أساليب الفن التشكيلي العراقي المعاصر مروان ياسين الدليمي |
مجموعة الشاعر التونسي المنصف الوهايبي «السوريون»: إحياء المأساة بتفجير طاقة الكلمة Posted: 22 Sep 2018 02:10 PM PDT عندما «تستفعل» الكتابة رحم كلماتها، و»تتفاعل» لتنفخ فيه من روحها، وتنسج أجنحة ما تخلّق بأسلاك القيثارات وجلود الطبول، وتفتح له أذرع ساحات وشوارع دمشق لكي يحلق بنار رقص السوريين المتشابكين بأذرعهم كما النسور، فإنها تضعك في مهب تفجير معاكس لتفجير أجساد السوريين ببراميل وصواريخ القتلة، هو تفجير طاقة الكلمة التي في البدء كانت خطى «شعب الملاحة، أنجليز الأعصر الأولى». في مجموعة الشاعر التونسي المنصف الوهايبي «السوريون»، المغلفة عضوياً بـ»غورنيكا» بيكاسو، حيث تمزقُ الأجسادَ الصارخةَ الضارعةَ قرونُ ثور الفاشية الهائجةِ بعماء براميل متفجرة؛ يرتجف القلب وهو يقرأ الجملة الأولى من فاتحة القصيدة الأولى: «السوريون 1»، المشكّلة، كما يقول الشاعر، وكما يكتشف القارئ ذلك بحق: رسوماً لم يحلم بها المخرج السوريالي الإسباني لويس بونويل: «تفاحة ذهبية هذي لأجملكن». وكما لو أن الطير سوف يحوم فوق الرأس في متابعة القراءة خوفاً على شاعرٍ معلمٍ مثل المنصف الوهايبي، من أن يكون قد وقع في فخاخ مُحيي القراء وقاتل الشعراء محمود درويش، باستذكار بيروت، وحصان الأب؛ يتولد كذلك في متابعة القراءة شعور التحدي باكتشاف التماثلات والتخالفات. ويقع قارئ الشعر، دون مقاومة مثلما حدث لي، في متعة اكتشاف تحدي الوهايبي لنفسه، وهو واعٍ كما يبدو لذلك، وواثقٍ من فوزه بهذه السباحة الخطرة في بحور درويش، وأكثر من ذلك اكتشاف ثقته في إيصال تحديه باختلاف قصيدته وسباحته في بحوره الخاصة به، وإهداء قصيدة «السوريون 4 ــ أنا يام بن نوح، إلى محمود درويش في ذكراه»، دافعاً القراءة إلى آمادٍ واسعة من متعة فتح مغاليق أسرار الكتابة، بثراءٍيتجاوز حدود تفاعلات التماثل والتخالف، إلى الارتقاء لثراء التلاقح اللغوي الإبداعي مع الثقافات التي عرضت أسطورة الطوفان. ففي فاتحة هذه القصيدة يدخلنا الشاعر في أسرار توليد القصيدة: «كنا نرى الأشياء تصنع في أناةٍ ضوءَها/ والآن نشعل ضوءنا فيها ونسرق كحلها/ سراق ليلتها../ لصوص نهارها /كنا نرى الأشياء تغلق بابها سراً وتطبقه/ على دم حيضها/ حتى إذا قبض النعاس جفونها استرخت لنا يدها/ ونلناها على ميقات غفلتها/ يكفي قليل من بذار ذكورة لغوية/ فينا وفيها؛ كي تكون لنا /وماءُ أنوثة فيها وفينا/ كي نكون لها». وفي عمق هذه القصيدة يضعنا الشاعر على خشبة عَوْم يام بن نوح في خضم مياه الطوفان، التي تنثر السوريين جثثاً ترددها مياه المتوسط، لنعيش القطيعة مع ماضي الاستبداد الأبوي: «أنا لا أحبك يا أبي توحي لنفسك أنه يوحى إليكَ وأنت من أوحدْتَني ونصبْتني غَرَض المياه تنوشُني وتشد خاصرتي وكنتُ أرى بها في عمق هاويتي أنا أضواءَ هاويتي أنا». في مجموعة «السوريون»، وبالقدر الذي يعرض فيه مأساة السوريين بأبعاد الشعر الملحمي، وإن بلوحات سوريالية تتشكل كما كوابيس بونويل ودالي في فيلم «كلب أندلسي»، يوسع الوهايبي هذه الأبعاد إلى عرض الكتابة نفسها لنفسها كحياة. وهذا من أجل تجاوز فخاخ عرض المأساة بأسلحة خشب الاعتياد، على الصراط الذي تُوقِع فيه المأساة من لا يرتقي للرقص فوق هاويتها بروح الإبداع التي تنتشلها من المحو، وتبقيها حيةً أمام أجيال الضحايا، وكابوساً يؤرق ليل الجلادين. من أجل ذلك، وبوعي لا يُقدر أن يكون غائباً عن شاعر متمرس في معالجة الكتب والنقد والشعر مثله، ينسج الوهايبي بنية مجموعته الشعرية المبنية على التفعيلة، بإضافة نصوصٍ وقصائد نثر لا يبدو في الظاهر أن لها علاقة بموضوع القصائد، لكنها في جميع الأحوال ترقى إلى مستوى الإبداع. وهي تأتي تحت عنوان: «النصوص ما بعد الأخيرة»، في نهاية قصائد شعر التفعيلة الست التي تتمحور حول «السوريين»، أي: السوريون 1 ــ فايتون سوري ــ السوريون 3 ــ السوريون 4 ــ مدافن بيبلوس ــ وأولى الخطوات؛ لتلعب هذه النصوص دور إكمال دائرة نقل الموضوع من جمود الواقع الذي يمضي، إلى حركية الجريان الذي يأتي بالقدر الذي يمضي فيه. ويؤكد الوهايبي ذلك في إتْباعه لقصائده ونصوصه، بخواتيم تدور لتكون فاتحة المجموعة. في البنية العميقة لهذه المجموعة، تحلق الكلمة بإيقاع وموسيقى أجنحة تفعيلتيْ «مستفعلن»، «فاعلاتن» ومجازاتهما، لتلبس ثياب وأقنعة التخليق وتتمثل بصوره. وثمة تشابك في الخيوط التي تصل بين زمن ماضي قباطنة المتوسط الفينيقيين، الأمويين، وزمن حاضر جثثهم على شواطئه، لتخلق مهرجاناً شعرياً لفعل الكتابة في لملمة نثار أجسادهم، بأيديهم نفسها التي خلقت عناصر انبعاثها، بأحفادها المتخلقين الممتدين بيوت شعر وشعراء من مدنهم السورية الأولى حتى قرطاجة فالقيروان فأوروبا… وفي هذه البنية العميقة تمر كأمثلة، تقصر عن عرض ما يتخلق في المقام الضيق لهذه القراءة، صورُ التهجير ومعانيه على دروب أوروبا، وبحار غرقها وصهاريج خنقها المتقاطعة مع مأساة صهريج غسان كنفاني، وصور ما يجري من مجازر في معتقلات تدمر وصيدنايا، وصور حياد وخوف وتجاوب شعراء المشهد الشعري السوري الذين خبرهم الشاعر، مثل: «قل! هل كان ينقص صاحبي ممدوح عدوانٍ سوى تربيعة الشطرنج؟ يضحك أو يجلجل مثل شلال.. وكنت أقول: لِمْ أعطيتَ سيفك لابن ملجم؟ لِمْ؟ أكنتَ الخارجيّ عليهم قبل الأوانِ؟ وكيف لم ينبسْ عليٌ؟ كيف؟». أو مثل: «حيدر حيدرٍ/ ساءلتُ عنه البحرَ، في طرطوسَ…/ كان البحر مشغولاً بسوسنه/ يربيه على مهل../ وحيدر كان مشغولاً بتربية العجول.. /وربما أيضاً بتضميد الفراغِ/ لعله هجر الكتابة هكذا؟». أو مثل: «عبد القادر الحصني…/ قل!/ أهربتَ كالحيوان من ضيق وضائقة.. /إلى جبلٍ../ هنالك في السماء معلقٍ؟». أو مثل: «أدونيس/ في بستان قصابين مشغولٌ/ يرتب بيته الأبديَ:/ بيت يستريح إلى حجار الصيف../ مؤتمناً على أسراره…/ هل كان يبذل ضائعاً/ من أجل هذي اللانهاية؟ِ/ ربما هي حلمنا! /لكنّ ما نبنيه سجنٌ». وغيرهم العديد من الشعراء والكتاب مثل سنية صالح، علي الجندي، محمد الماغوط، نزيه أبو عفش، والكثير الكثير من الأسماء التي تغني تلاقح القصيدة مع مختزنات ماضي جيناتها مثل المعري والمتنبي ورفائيل ألبرتي، ونيتشه. وكذلك ما لا يعد من عناصر توليد الحياة في الكلمات، وأسماء البشر، والحجر، والأشجار، والأنهار، والأماكن إلى درجة «صيفٌ دمشقيٌ../ مشيت أنا وروزا.. الظل مضطرمٌ.. /بنظاراتها الشمسية السوداءِ،/ تجري الح(ا) مديةُ في خيوط من زجاجٍ ذائبٍ!/ لابد من «ألف» لها/ ليكون لي مفتاحُها». وختاماً، نحاول أن يكون لائقاً بما، ومنصفاً لما، اختتم وافتتح به الوهايبي مجموعته «السوريون»، بالرفع دائماً، يمكننا القول بثقة أنها عمل شعري فريد، لا يعيد لشعر التفعيلة ألقه الذي يعاني من الخسوف، في سماء غلبة قصيدة النثر واحتلالها شوارع وأزقة وساحات المشهد الشعري، دون تقليل احترام لصناعها القديرين، فحسب؛ بل يزوّد القارئ والمهتم بفعل الكلمة أيضاً بقاموس إحيائي للكلمة، في اختيال مشيتها، وإيقاعات رقصها، وإذهالات تحولاتها. المنصف الوهايبي: «السوريون» دار آفاق ــ برسبكتيف للنشر، تونس 2016 214 صفحة. مجموعة الشاعر التونسي المنصف الوهايبي «السوريون»: إحياء المأساة بتفجير طاقة الكلمة المثنى الشيخ عطية |
إيلين مختفي في «الجزائر-عاصمة العالم الثالث»: محطات في تاريخ الثورة والاستقلال على لسان مناضلة أمريكية Posted: 22 Sep 2018 02:10 PM PDT وأنا أقرأ كتاب «الجزائر: عاصمة العالم الثالث» للكاتبة إيلين مختفي، خطر في بالي أن الجزائر ضيعت فرصة مواكبة المجتمعات المستقلة فكريا واقتصاديا وسياسيا صبيحة استقلالها في 5 تموز/يوليو 1962 وأن القرارات السياسية والاقتصادية التي انتهجها زعماؤها لحظتها تفسر التدهور الذي تعيشه البلاد على جميع المستويات. الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية شيقة لامرأة أمريكية عاشت التجربة التحررية الجزائرية عن قرب لعقود من الزمن بداية من الخمسينيات حين حلت في باريس في 1951. مختفي، تقص علينا حكايتها مع كبار رجال الحركة التحررية الجزائرية بشكل لم نعهده كجزائريين ولم يعهده كتاب تاريخنا. فهي أجنبية اعتنقت أيديولوجيا حق الشعوب في تحقيق مصيرها عن قناعة لم تفارقها حتى اليوم. ومختفي هو اسم زوجها الجزائري مختار مختفي، الذي تعرفت عليه في الجزائر خلال فترة عملها في وكالة الأنباء الجزائرية، وصلت باريس قادمة من وطنها الأم الولايات المتحدة وهي في سن 22 ولم تكن تعرف أي شيء عن الجزائر ولا قضيتها. الصدفة كانت السبب في اكتشاف مختفي قضية اسمها الجزائر. محاولة الشرطة الفرنسية قمع مسيرة سلمية للعمال الجزائريين في شوارع باريس مطالبين بحقهم في تقرير مصيرهم في يوم عيد العمال في 1952 كانت أول لحظة وعي بالنسبة لها بهذا الشعب ومعاناته، وبعد إلقاء الشرطة القبض على أب الحركة التحررية الجزائرية مصالي الحاج بتهمة تنظيم المظاهرات، بدأت تقترب بخطى سريعة نحو الزواج من القضية الجزائرية فتعرفت على الجزائريين في باريس وكانت تزور أحياءهم الفقيرة يوميا للإستمتاع بما تعرضه هذه الثقافة الغريبة عنها بما في ذلك أنواع الأطباق اللذيذة. خلال هذه الفترة تعرفت على المناضل والطالب محمد سحنون (الدبلوماسي المحنك وسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة لاحقا) حيث ربطتهما علاقة طيبة استمرت حتى بعد الاستقلال وحلولها في الجزائر. لعبت إيلين دورا بارزا في مكتب جبهة التحرير الوطني في نيويورك رفقة عبد القادر شندرلي وسحنون ومحمد يزيد والقادة الذين كانوا يزورون باستمرار لأجل تدويل القضية مثل آيت أحمد وكريم بلقاسم ومحمد بن يحي ولخضر الإبراهيمي وأحمد طالب الإبراهيمي ويوسف بن خدة وغيرهم. كانت تترجم المنشورات من الفرنسية إلى الإنكليزية والعكس وترتب المقابلات مع السياسيين الفاعلين وتجمع التبرعات في الوسط السياسي اليساري الأمريكي الذي كان نجمه السيناتور جون كنيدي وهو من أكبر المطالبين باستقلال الجزائر. إن المرء لا يملك إلا أن يتساءل كيف لمجتمع يخرج من رحمه رجال مثل هؤلاء أن يصبح فيما هو عليه اليوم، بؤس وتخلف مرعب على جميع الصعد؟ مكتب نيويورك الذي كان يدار من شقة متواضعة قريبا من مبنى الأمم المتحدة حقق المعجزات مقابل الترسانة الفرنسية التي كانت تدار من سفارتها بجيش من الإداريين والدبلوماسيين والخبراء العسكريين المقربين من البيت الأبيض المرتبط مباشرة بحلف الناتو الذي كان يزود فرنسا بالأسلحة والمعدات لمحاربة جيش سلاحه بنادق صيد. وعندما وضعت الجمعية العمومية القضية الجزائرية أمام تصويت أعضائها في 1961 بعد سنوات من العمل الجبار دبلوماسيا وعسكريا، كانت النتيجة مذهلة، التصويت لاستقلال الجزائر حاز على 63 صوتا بينما تلقت الدبلوماسية الفرنسية صفعة مرعبة بصفر صوت لصالحها وامتناع 38. الجميل في هذا السرد الأوتوبيوغرافي هو اهتمامها بالتفاصيل الصغيرة التي لا تجد مساحة في كتب التاريخ الرسمية أو الأكاديمية، مثلا كيف كان البحارة الجزائريين الذين ترسو سفنهم في ميناء نيويورك يأتون إلى المكتب ومعهم النقانق «مرغيز» الجزائرية والحلوى من «البلاد» التي يحن إليها العاملون في المكتب كما يسلمون التبرعات التي كانوا يجمعونها من زملائهم البحارة الجزائريين وغير الجزائريين. وعلى صعيد العمل النضالي نعرف من الكاتبة كيف كان المكتب رغم إمكاناته المحدودة يعمل ليل نهار لتكون القضية الجزائرية على صدر الصحف الأمريكية مثل «نيويورك تايمز» حيث ان هذه الصحيفة ذكرت القضية 200 مرة على صفحاتها بين 58 و59 من خلال مراسلها في تونس توم برادلي. هذه تفاصيل قيمتها من ذهب لمن أراد أن يعود إلى تاريخ الثورة السياسية أو العسكرية التي عرفتها الجزائر. مختفي، بلغت هرم السلطة بعد فترة وجيزة من صولها الجزائر في تشرين الأول/أكتوبر 1962 أي بعد ثلاثة أشهر من إعلان الإستقلال وعملت مساعدة لمسؤول الإعلام لدى الرئيس أحمد بن بلة آنذاك ما يعني أنها عرفت الرجل عن قرب وبعد كل هذه العقود لا تحتفظ له بصورة إيجابية فتنعته بالمتكبر المتعالي الذي يرى أن خلاص الشعب الجزائري لا يتم بدونه. وتتحدث في الكتاب عن مشاريعه الاقتصادية العشوائية الاعتباطية على حد قولها وإزاحة كل معارض له من رفاق فترة التحرير والاستعانة بالدخلاء غير المؤهلين، وهو نفسه تعترف بأنه كان محدود التعليم لكن شعبيته الكبيرة هي التي غطت عن عيوبه لدى الشعب، ولكن ليس لدى رئيس أركان الجيش ونائبه هواري بومدين الذي أطاح به في انقلاب 1965. تخصص مختفي، حيزا لا بأس به لأحمد بن بلة رئيسا وسجينا من قبل الرئيس بومدين، وتحكي بالتفصيل الطريقة التي تزوج بها صديقتها زهرة سلامي، ومحاولة بومدين الضغط على والد زهرة لرفض طلب السجين الشهير الزواج من ابنته وغيرها من التفاصيل المثيرة التي يغفلها المؤرخون إما لجهلهم أو تجاهلا لها. حاجة الدولة المستقلة حديثا إلى أمريكية تتقن الفرنسية جعلتها تتبوأ مناصب عليا مختلفة، ولم ينس المناضلون الذين ربطتهم بها علاقة قوية في نيويورك وفرنسا الخدمات التي قدمتها للقضية الجزائرية فأكرموها في الجزائر، وعدا بعض الضغوط من الأجهزة الأمنية وترحيلها مرة في 1974 فإنها عاشت معززة مكرمة. شريف بلقاسم أحد المقربين جدا من الرئيس بومدين تدخل لرفع الحظر عنها وعودتها من باريس إلى الجزائر ما يدل على المكانة الرفيعة التي كانت تتمتع بها. وحتى نضع الأحداث في محيطها، فإن هذه الأمريكية دخلت الجزائر في الأشهر الأولى من الاستقلال، أي في وقت لم يكن في الجزائر سوى حوالي 500 حاصل على شهادة جامعية. ولكن بعد عودتها إلى الجزائر تم ترحيلها نهائيا بعد سنوات قليلة دون شرح الأسباب. التفاصيل المثيرة التي ترويها الكاتبة لدى وصولها الجزائر عن الممتلكات الشاغرة وكيف أن فرنسية متقدمة في السن رفضت مغادرة الجزائر كما فعل حوالي مليون معمر كان في حوزتها عدد كبير من مفاتيح الفيلات والبيوت الشاغرة تركها أصحابها لديها لتفعل بها ما تشاء فكانت توزعها بشكل عشوائي ومن بين المستفيدين مختفي التي تسلمت فيلا في منطقة «الأبيار» وبعد فترة قصيرة انتقلت إلى وسط المدينة لأن الخيارات كانت كثيرة على حد تعبيرها. من أقرب المقربين إليها قبل الإستقلال وبعده وزير الإعلام محمد الصديق بن يحي، الذي توفي في تحطم طائرة في 1982 والذي كثيرا ما تدخل لمساعدتها خاصة عندما طلبت منها أجهزة الأمن الجزائرية مغادرة البلاد لرفضها نقل معلومات من زوجة بن بلة التي كانت تقضي أسابيع مع زوجها في سجنه وإيام في بيت عائلتها تلتقي خلالها بأصدقائها ومن بينهم مختفي. تتحدث الكاتبة أيضا عن أصغر وزير خارجية آنذاك ورغم انها التقت عبد العزيز بوتفليقة خلال سنوات عملها مترجمة بين الإنكليزية والفرنسية لكنها لا تعتبره من ضمن الأشخاص المقربين إليها. مختفي، تعترف في الكتاب أن المرة الوحيدة التي تلقت فيها معاملة سلبية من مسؤولين جزائريين كانت عند تسلم أحمد طالب الإبراهيمي وزارة الإعلام خلفا لبن يحي حيث أقصاها من فريق تحرير مجلة «الجنوب» فكان رد فعل زملائها تقديم استقالة جماعية لتكون النهاية للمجلة التي دام نشرها أربع سنوات رغم معرفتها الشخصية بالإبراهيمي. من طرائف الكتاب قصتها عن زيارة جمال عبد الناصر للجزائر في اب/أغسطس 1963 وكيف جلس الجميع يتناولون مأدبة العشاء الرسمية في قصر الشعب وعلى المائدة نفسها جلست هي وأعضاء البعثة المصرية وسائقوهم من الجزائريين البسطاء وهو ما لم يتعوده المصريون على حد قولها بينما كان الأمر عاديا بالنسبة للجزائريين الذين وحدتهم الثورة التحررية على مبادئ المساواة والإخاء. وتخصص الكاتبة حيزا سخيا لحركة أو حزب «الفهود السوداء» التي كانت تمثل السود الأمريكيين وتطالب بمساواتهم مع البيض باللجوء إلى القوة. وإذا كانت الجزائر في بداية الستينيات عاصمة للحركات التحررية فإن الفهود السوداء جعلت من عاصمة الجزائر قاعدة لها ولزعمائها إلى غاية نهاية السبعينيات تحت حماية نظام بن بلة ثم بومدين. في تلك الفترة لم يكن للولايات المتحدة أي تمثيل دبلوماسي رسمي في الجزائر حيث كان البلد المستقل حديثا في أحضان القطب الاشتراكي محسوبا على الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي ومناهضا للإمبريالية ومن هنا منح اللجوء للفهود مثلهم مثل ممثلي فيتنام أو المؤتمر الوطني الافريقي. ما تقصه مختفي، عن حياة «بلاك بانثرز» في الجزائر لا يقل إثارة عن الأفلام البوليسية بداية من حيازة بعضهم الأسلحة إلى العلاقات المباشرة مع ممثلي حركات التحرر الافريقية ومنظمة التحرير الفلسطينية والفيتنامية الشيوعية وفيدال كاسترو وغيرهم. أقول انها خصصت مساحة أطول مما يجب للفهود وربما يعود هذا لبيع الكتاب في أكبر سوق تجارية، الولايات المتحدة. كانت تحب الجزائر حبا جما وطلبت الجنسية ولكنها قوبلت بالرفض وهو ما تقول عنه انها بعد كل هذه السنوات تعتبره نعمة لما آل إليه البلد الذي كان نموذجا للحركات التحررية والمجتمعات النامية، بلد صنع رجاله معجزات في طريقهم نحو التحرر ليتحول إلى مسرح للتخلف، ولا تتردد في التعبير عن خيبتها المرة أن ترى الجزائر اليوم تتخبط في الصراعات وفي مستوى الفقر الذي يذكرها بفقر الشعب الذي دافعت عنه في الخمسينيات والستينيات. مختفي، تعيش حاليا في نيويورك وتلقت أخيرا تأشيرة العودة إلى الجزائر التي أبعدت منها في منتصف السبعينيات. تواصل انخراطها في الدفاع عن القضية الفلسطينية التي تلازمها منذ عشرات السنوات لكنها تقول ان شوقها إلى الجزائر أحر من الجمر. Elaine Mokhtefi: Algiers: Third World Capital Verso, London 2018. 256 pages. إيلين مختفي في «الجزائر-عاصمة العالم الثالث»: محطات في تاريخ الثورة والاستقلال على لسان مناضلة أمريكية قدور حباري |
«أبعد من الموسيقى» وثائقي تعزفه «أوركسترا فلسطين للشباب» Posted: 22 Sep 2018 02:10 PM PDT بيروت ـ «القدس العربي»: أثارت حياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وخاصة فئة الشباب منهم اهتمام المخرجة الفرنسية آن رنوديت، فكان فيلم «أبعد من الموسيقى» الوثائقي. فيلم سجّل خريطة الشتات لشعب يستحيل لقاءه فوق أرض عربية وخاصة فلسطين. ايطاليا وفرنسا وأي بلد أوروبي آخر له هذا الفعل، و»أوركسترا فلسطين للشباب» مثال حي على الشتات والمنع. «More It's More Than Music» هو الإسم الذي حمله الفيلم بالإنكليزية. شريط ينساب بلطف كما الموسيقى الحالمة، ينقل بشفافية مطلقة انطباعات الشباب عن حياة شعب حوّلها الصهاينة إلى جحيم. يصور الفيلم وصول أعضاء أوركسترا فلسطين إلى فرنسا. يحلون ضيوفاً على «بروفانس» لإجراء التمارين اليومية على مقطوعات لتشايكوفسكي وناجي الحكيم، وهو مؤلف موسيقى فلسطيني من لبنان، بهدف إحياء حفل على المسرح الروماني التاريخي في مدينة ليون. لقاء تعارف يتم بين المدرب وأعضاء الأوركسترا، وهم آتون من كامل فلسطين التاريخية بما فيها غزّة، ومن الشتات لبنان، مصر، الأردن، أستراليا وغيرها. ويعلن المدرب أنه من النرويج. هم شباب يشبهون الحبق حين ينمو وتكتمل استدارته، يفيضون حباً للحياة. يحاولون التغلب على كابوس الاحتلال بكل قواهم العقلية والجسدية. فهذا الفيلم الذي تغلغل إلى أعماقهم أظهر فعل الموسيقى في حياتهم، وبالمقابل أظهر من خلالهم مدى وحشية الصهيونية في قتل الشعب الفلسطيني معنوياً ومادياً. أوركسترا فلسطين للشباب نشأت في معهد إدوارد سعيد في رام الله، وفيه يتدرب الشباب على العزف من كافة أنحاء فلسطين. يتدربون ويلتقون حين يمكنون من التغلب على حواجز الاحتلال. أما في فرنسا فيعجزون عن تصور وصولهم السريع إلى حيث يقصدون. فالحواجز باتت مقيمة بداخلهم وبخاصة قلنديا. في فيلم «أبعد من الموسيقى» كانت صدفة جميلة مع قائد أوركسترا مرح وحيوي كما أعضاء أوركسترا فلسطين للشباب، ومعهم مجموعة من العازفين الفرنسيين الشباب. اللقاء بين الثقافين، أو لنقل اللقاء بين شباب من فرنسا وآخرين يعيشون تحت الاحتلال والحواجز ترك الأسئلة تنساب دون توقف. عقول الشباب الفرنسيين لم تكن قادرة على استيعاب الأهوال التي يختبرها الفلسطنيون في حياتهم اليومية. يعتمد الفيلم في جزء منه على مقابلات مع بعض من أعضاء أوركسترا فلسطين للشباب. آراء حملت كماً من الوعي تتميز به الأجيال الجديدة في فلسطين. المخرجة الفرنسية آن رنوديت التي حضرت عرض فيلمها في بيروت، وبرفقتها ابنتها سارة التي تولّت التصوير، وجود مسقلاوي الصبية المقدسية عازفة التشيلو تحدثوا لـ»القدس العربي» والبدء مع المخرجة: ○ هل ولد الفيلم بدافع خاص منك كسينمائية أم بتوصية من معهد إدوار سعيد؟ • بل هو مشروع فردي خاص بي. لقائي الأول مع أعضاء الأوركسترا كان في ايطاليا سنة 2012 ومن ثمّ واكبتهم حتى فرنسا بهدف إحياء حفل مدينة ليون. ○ ما هي العوامل التي حفزتك لتقديمه؟ • شعرت بوجود فعلي لفلسطين في هذه الأوركسترا. حاولت فهم الروابط التي تجمع الفلسطينيين من الضفة الغربية، غزة والشتات مع الداخل في أراضي 1948. وسألت عن المشترك بينهم جميعاً. ○ وما الذي وجدته في بحثك هذا؟ • بالتأكيد أن المشترك هو الهوية الفلسطينية، والمواجهة الدائمة لمحاولات محو الذاكرة الجماعية الفلسطينية. وعازفة التشيللو التي تنتمي لمدينة القدس شاهدة على تلك المحاولات لمحو الهوية الفلسطينية. تسارع جود لشرح العراقيل التي سعت دولة الاحتلال لوضعها في طريق أوركسترا الشباب الفلسطيني. • جود: لأن الموسيقى لغة عالمية تساوت مخاوف الاحتلال من الأوركسترا الفلسطينية مع مخاوفها من شتى أنواع المقاومة التي يقوم بها شعبنا. من خلال الموسيقى سافرنا إلى أنحاء كثيرة من العالم، وكنا نشرح لكل من نلتقيه قضية شعبنا مع الإحتلال. وهذا وحده كان يبث الرعب لدى الإحتلال الذي يواصل تسويق مقولته الكاذبة عن فلسطين التي جاء إليها ووجدها دون شعب، وإن وجد فهو غير حضاري. جميعنا تعرض لعرقلة واضحة في عبور الحواجز خاصة عندما تكون بحوزتنا آلة موسيقية. يعرقلون السفر للخارج بقدر ما يتمكنون. نحن أوركسترا فلسطين، ونحن الوحيدون في العالم ليست لنا فرصة التدريب في وطننا مجتمعين. فلسطينيو الشتات ليس لهم حق الدخول. وأنا كفلسطينية من القدس أتمكن من دخول الضفة، وليس لأحد من الضفة أن يدخل القدس. ويدمر جدار الفصل العنصري أوقات وأعصاب الفلسطينيين. أن نتقدم عالمياً كأوركسترا تعزف الموسيقى الكلاسيكية أصعب بما لا يقاس مع غيرنا من الأوركسترات. لهذا نجتهد لنظهر للعالم أننا كأصحاب قضية عادلة نستطيع كذلك اظهار مواهبنا الثقافية للعالم أجمع. ○ ماذا عن التدريب ولقاءات الأوركسترا مجتمعة؟ • يستطيع جزء منا اللقاء وإجراء التمارين المحدودة في الضفة الغربية. أما اجتماعنا كأوركسترا تضم 80 عازفاً فهذا يتم على الدوام «برّا البلاد». ○ هل يعني هذا أن الأوركسترا تحظى بالدعم والرعاية الأوروبية؟ • كل سفر إلى الخارج يحظى بدعم ورعاية مختلفة. في 2016 كان لنا حفل في بريطانيا مدعوم من أوركسترا بالم ميوزك. وفي فرنسا كانت لنا رعاية كذلك. وهذا يتم دائماً عن طريق معهد إدوارد سعيد للموسيقى. ○ هل تدخل الموسيقى التراثية إلى برنامج حفلاتكم؟ • بالتأكيد خلال جولتنا في انكلترا سنة 2016 عزفنا أغنيات لفيروز مع المغنية ناي برغوتي. دائماً نضيف إلى برنامجنا الكلاسيكي معزوفات تحكي عن هويتنا الثقافية والفنية. وندخل مقطوعات شرقية إلى معزوفات عالمية شهيرة لنقول أن الموسيقى واحدة. ونؤكد كذلك قدرتنا على تقديم ثقافتنا أمام الجمهور، تماماً كما يعزفون هم موسيقاهم الغربية. دائماً يفاجأ الأوروبيون بتمكننا من عزف موسيقى بهذه الصعوبة. ○ يسوق الصهيوني صورة وحشية وإرهابية عن الفلسطيني عندما تكونون كشاب من أرقى وأجمل ما يكون ما هي التعليقات التي تصلكم؟ • هدف الأوركسترا، وهدف الموسيقى، وهدفنا نحن كفئة شابة من الشعب الفلسطيني أن نحكي حضارتنا بكل شفافيتها. نعم الذين يستغربون ما نحن عليه يفوقون بكثير من يجدونه عادي وطبيعي. يستغربون مدى انفتاحنا على العالم. ورغبتنا بالموسيقى والحياة الطبيعية. يستغربون قدرتنا على الإبداع في ظل احتلال لا مثيل له في التاريخ. السؤال كيف سنكون بدون الإحتلال؟ نسأل آن برنوديت: هل مررت بمراحل صعبة في تصوير هذا الوثائقي وكم كان عفوياً؟ • أزور فلسطين بشكل دوري منذ عشر سنوات. ومنذ ثلاث سنوات بدأت تصوير الفيلم وعلى مراحل متقطعة بين 2012 و2014. ناقشت التفاصيل بشكل متواصل مع من صورتهم، وهم باتوا معتادين على الكاميرا. لم أخف أبداً التصوير، كانوا يدركون حين أصورهم وكانوا في غاية العفوية. ○ النماذج التي اخترتها مؤثرة وشهاداتها على درجة من الأهمية. فكيف تمّ اختيارها؟ • أجريت المقابلات في بيرزيت ورام الله قبل سنة من إنجاز الفيلم وليس في بروفانس. كنت أتمنى لو تمت الحوارات في فرنسا كون التقنيات المتوفرة أفضل. التدريب المكثف لم يسمح بذلك، لكن تلك الحوارات أضيفت على الفيلم وكأنها جزء لا يتجزأ منه. سجلت 12 حوارا كان أحدها يدوم لساعة وأكثر ربما. «ديما» التي قالت بضرورة عدم تقبل الجدار، حين قابلتها في المرة الأولى قالت اشياء عميقة للغاية. أن تقول «ديما» بضرورة عدم تقبل الفلسطيني للجدار، فمن الضروري في المقابل أن لا يتأقلم الفرنسي مع وجود مواطنين سوريين ينامون في شوارع باريس. مما يقوله الفيلم أن أشياء حاصلة في العالم يجب عدم تقبل وجودها. الموسيقى طريقة للمواجهة ولرفض الواقع. ○ لاحظنا أن الفيلم ينساب كما السيمفونية من قائد الأوركسترا المرح إلى الفريق الشاب. هل هذا حظ جميل لك؟ • حظي ليس جميلاً فقط مع هذا الفيلم، بل هو جميل في اللقاء مع هؤلاء جميعاً. شباب وصبايا فلسطين الرائعين علّموني الكثير. ○ أين عُرض الفيلم حتى الآن؟ • في مهرجانات متعددة منها قرطاج ومهرجانات فرنسية. وإذا رغب أي تلفزيون لبناني في شراء حقوق عرضه فلن أتقاضى كثيراً. ○ متى سيعرض في فلسطين؟ • يجب أن أبدل جواز سفري لأنه يحمل الآن فيزا لبنانية كي أتمكن من دخول فلسطين. «تضحك». ○ ما هي الأفلام التي أنجزتها؟ • أعمل في مونتاج الأفلام وأتعاون مع العديد من المهرجانات منها البندقية. «أبعد من الموسيقى» هو الفيلم الأول الذي أوقع إخراجه. هذه الأوركسترا لهؤلاء الشباب الفلسطينيين مدّتني بهذه الفكرة للمبادرة إلى الإخراج السينمائي. في خطوتي التالية أنا بصدد كوميديا موسيقية مع فتيات من بيت لحم وسيكون فيلماً روائياً. سيتناول المجتمع الفلسطيني وبشكل خاص النساء داخل هذا المجتمع. أجد أن النساء في المجتمع العربي لديهن الكثير من الأفكار، وقدر كبير من القوة. تضحك آن رنوديت، حين نسألها عن سهولة أو صعوبة إيجاد تمويل لفيلم يحكي عن القضية الفلسطينية وتقول: • ثمة منتج دعمني وكان مؤمناً بالفيلم الذي أردت تصويره. ○ هل سعيت لعرض الفيلم في معهد العالم العربي في باريس؟ • فكرنا في عرضه لكن استئجار الصالة هناك يكلف الكثير الكثير من المال. وأتمنى لو تساعديني من خلال معارفك لعرضه. ليس من زمن طويل التقيت جاك لونغ والياس صنبر ولم أصل لنتيجة. سارة فيو الشابة الفرنسية ابنة المخرجة آن برنوديت عملت لأول مرة كمصورة محترفة مع والدتها في فيلم «أبعد من الموسيقى». نسألها: صورت شباباً من فلسطين تتماثلين معهم عمراً. ما هي انطباعاتك عنهم؟ وماذا تعلمت منهم؟ • كان مؤثراً جداً أن أرى هذه الطاقة لدى هؤلاء الشباب، كذلك الإرادة والشجاعة، بالمقارنة مع الواقع الذي يعيشون فيه. كانوا مصدر وحي بالنسبة لي، جعلوني أرى بطريقة مختلفة المشاكل التي نعيشها في فرنسا. ○ هل تراجع حجم المشكلات في فرنسا بالنسبة لك؟ • أن يتأخر المترو 15 دقيقة نشعر وكأننا في نهاية العالم، هذا لا يقاس مطلقاً بحياة الفلسطينيين تحت الاحتلال ومعاناتهم اليومية. ○ هل صارت لك صداقات مع هؤلاء الشباب؟ • بالتأكيد. كثر في فلسطين، وآخرين في فرنسا، وفي أنحاء متعددة من العالم خاصة في أوروبا، وهذا جيد جداً. «أبعد من الموسيقى» يقفل الستارة على جمهور ليون يصفق لدقائق، والمايسترو يقول للشباب الفلسطيني «كنتم أكثر من رائعين». «أبعد من الموسيقى» وثائقي تعزفه «أوركسترا فلسطين للشباب» 80 عازفاً تجمعهم مخرجة فرنسية في فيلم يحكي المعاناة وموسيقى تثير الإعجاب زهرة مرعي |
فيلم «فطور إنجليزي»: دراما سيكولوجيا اجتماعية عراقية في المهجر Posted: 22 Sep 2018 02:09 PM PDT «فطور إنجليزي» فيلم عراقي يقدم دراما اجتماعية سايكولوجية تدور أحداثها في ضواحي العاصمة البريطانية لندن. يطرح المخرج وكاتب السيناريو جعفر مراد المقيم في أوروبا، الجانب السايكولوجي والتفاعلات المعقدة داخل العائلة من خلال فيلمه الروائي الجديد الذي تم عرضه الأول في 19 أيلول/سبتمبر الجاري. الفيلم من بطولة فلاح هاشم ووفاء العائش وجعفر مراد وليلى إبراهيم. وهم ينتمون لأجيال متعددة معظمهم من الهواة، عدا فلاح هاشم الفنان والممثل العراقي المعروف الذي وضع بصمة مهمة في الفيلم. نتعرف على اكتشافات صادمة، عن ماضي شخصيات أثر بشكل مباشر على حياتهم. ففي بحثها عن قاتل والدها في العراق تكتشف یاسمین أسرارا كثيرة مؤلمة داخل عائلتها في لندن وكيف أن زوجها تورط في جرائم وخدعها بإخفاء أسراره. یاسمین، عراقیة تعیش في لندن مع زوجها العراقي ولید، فمنذ مقتل والدها قبل سنوات وهي تقضي معظم وقتها في البحث عن الذي ارتكب هذه الجریمة رغم أنها تعلم أن حمید، أحد أشهر التجار العراقیین والمعروف بفساده وجرائمه الكثیرة هو الذي خطط لهذه الجریمة، ولكنها كانت تبحث عن الذي نفذها. یاسمین كانت تعيش قصة حب رائعة مع وليد، لكنها كانت تعاني من مشكلة عدم الانجاب، وولید، رجل الأعمال الناجح محبط لعدم قدرة زوجته على إنجاب طفل یحمل اسمه. بعد مقتل والد ياسمين بوقت قصير یلتقي ولید في بغداد بفتاة جمیلة وتصغره سنا اسمها هدى، ولكنها أبنة حمید وهي دائماً ضد والدها لأنها تعلم ما يرتكبه من جرائم. فتنشأ علاقة حب بین هدى وولید الذي یحلم بطفل فیتزوج من هدى وتهرب معه إلى لندن. بعد فترة من زواجهما تظهر على هدى أعراض الحمل وليد يفرح كونه سيصبح أبا ولكن هذا الخبر يغضب حمید والد هدى الذي یفكر بالانتقام لشرفه حیث یطلب من ولید أن یقتل هدى حتى یخلص من عارها. يهدد حميد ولید بانه سوف يخبر زوجته یاسمین عن تورطه في مقتل أبيها وكونه متزوجا بهدى ابنة قاتل أبيها. یرفض وليد فكرة الجریمة فیؤجر حميد رجلا في لندن یخطف ولید حتى يتمكن والد هدى من قتلها دون معوقات. بعد مضي 25 عاماً تقابل مریم زید وتجد فیه شخصیة الأب الحنون التي تفتقدها منذ كانت طفلة صغيرة عندما حرمت من ابيها وليد ووالدتها هدى. تتزوج مریم من زید ثم تحمل، هذا الحمل لم یكن خبر سعیداً لصدیقتها ایمان التي لا تثق بزید ولا تجد أي مبرر لهذا الحمل. مریم في بحث مستمر عن والدها ويساعدها زید. وبعد فترة طویلة یعرف زید اين يسكن ولید والد مریم ويذهب لزيارته. يقول مخرج الفيلم جعفر مراد لـ»القدس العربي»: «أحببت ان أعمل فيلما عراقيا في أجواء إنجليزية، وكانت لدي رغبة في نقل أحاسيس وظروف عائلة عراقية تعيش في لندن ليشعر المشاهد ان الأحداث تدور في بلد أوروبي. هناك رابط بين الفطور الإنجليزي وأجواء الفيلم وهذا سبب تسميتي للفيلم «فطور إنجليزي» وهو فطور مشهور جدا ويحبه الإنجليز، وكل ما حدثت جريمة في الفيلم يقوم المجرم بتناول الفطور الإنجليزي». وعن تركيزه على الدراما الاجتماعية السايكولوجية في أفلامه قال: «هذا تخصصي الجامعي واعتبر نفسي قادرا على طرح ومناقشة هذا الموضوع بطريقة عميقة. نجحت في نقل الواقع السايكولوجي في داخل كل إنسان، كانت هناك صعوبات تخص المرأة العراقية في أوروبا خاصة التي تخلص وتحب زوجها. البطلة وفاء العائش أدت الدور بطريقة جميلة رغم صعوبته وأثني أيضا على الفنان فلاح هاشم الذي أدى الدور بطريقة ممتازة على الرغم من صعوبة الدور وتعقيداته كان صبورا جدا في التعامل مع مخرج صعب وسيناريو صعب». مضيفا: «أشعر برضى أنني نجحت في اخراج ما في داخل الفنان خاصة ان الأدوار مركبة والمعالجة في الفيلم لم تكن سهلة أيضا، لكني حاولت تبسيطها للمشاهد ولم أخرج عن التركيز على السايكولوجيا حتى لا يصير الفيلم نمطيا أو مملا». وفي إشارة إلى وضع الدراما في العراق اليوم قال جعفر مراد: مؤلم جدا الحديث عن الدراما في العراق اليوم فالجيد قليل. أتساءل أحيانا هل معقول أننا وصلنا إلى هذا الانحطاط الفني؟ لا توجد كتابة جيدة ولا تصوير جيد ولا أداء جيد ولا حتى إخراج». مضيفا: «الدراما العراقية كانت من أروع ما يمكن وكان العراق من أكثر البلدان التي تنتج أعمالا درامية ناجحة. الآن الانتاج قليل وضعيف وخال من الفن الراقي» مؤكدا ان أسباب التدهور ترجع إلى الوضع السياسي والحروب والأزمات التي مر بها العراق. ويأمل المخرج جعفر مراد إنتاج مسلسل عراقي يترك بصمة وعلامة مميزة بالتعاون مع وزارة الثقافة ومؤسسات السينما والمسرح أو وسائل إعلامية وفضائيات بالأعمال الجادة مطالبا المسؤولين بالاهتمام بالمخرجين وكتاب السيناريو ودعمهم ليقدموا أفضل ما عندهم. الفنان والشاعر والمخرج والممثل فلاح هاشم اشتهر بدوبلاج أصوات كرتونية شهيرة في ثمانينيات القرن العشرين، وهو أحد أبطال الفيلم حيث يلعب دور وليد. عن سؤال حول الفيلم ودوره فيه قال: «القصة وشخصياتها عراقية، وهناك بعض المشاهد التي لها علاقة بأشخاص غير عراقيين، والفيلم يتحدث عن قصة اجتماعية معقدة من ناحية العلاقات الإنسانية واغتراب الشخصيات مع نفسها، حيث تمر بواقع تحدث به مداخلات كثيرة». وأضاف: «ان مخرج الفيلم جعفر مراد وهو كاتب السيناريو والمخرج والممثل في الفيلم، اعتمد على الجانب النفسي عند الشخصيات لذلك يسميها دراما سايكولوجية». وعن دوره في الفيلم يقول: «تدور القصة حول أسرة عراقية تمر بظروف صعبة. البطل متورط بأعمال إجرامية تجعله يبتعد عن عائلته وابنته التي يبحث عنها منذ زمن طويل حتى يلتقي بها. هي لا تعرف شيئا عن أبيها ولما تكتشف ماذا فعل يحدث انفكاك بالعلاقة بينهما مرة أخرى ويبدأ الصراع في البحث عن حقيقة ما جرى وكيف أثرت تعقيدات الواقع على الناحية السايكولوجية لأفراد الأسرة وأصبح بطل الفيلم وليد، أسيرا لا يستطيع الخروج من الدوامة التي جعلته يخسر ابنته ومن يحب». أما عن الصعوبات التي واجهت فريق العمل في إنجاز الفيلم فقال: «الفيلم بدون أي تمويل والجهود كانت شخصية، وكل العاملين فيه هم من المتبرعين. استخدمنا بيوتنا للتصوير وامكانياتنا الشخصية ووقتنا». مضيفا ان «الصعوبات الحقيقية هي المادية، وتم التغلب عليها بالعمل بشكل طوعي شخصي لينجح العمل ويرى النور. نحن عراقيين من يمولنا؟ مع الوضع في العراق الآن لا يوجد اهتمام حقيقي بالجانب الثقافي والفني وحتى عندما توضع ميزانيات لمثل هذه الأمور نكتشف وجود فساد إداري ولا يستفيد من هذه الميزانيات وفرصة التمويل المخرجون الجادون». «فطور إنجليزي» فيلم روائي يستحق التوقف عنده في وقت تشهد فيه الدراما العراقية قلة في الإنتاج الجاد خاصة فيما يتعلق بحكايات العراقيين وآمالهم وأحلامهم وحياتهم في المهجر التي تصل إلى حد الاغتراب الذاتي عن النفس والدخول في تعقيدات تكاد الغربة تكون جزءا كبيرا من أركانها. فيلم «فطور إنجليزي»: دراما سيكولوجيا اجتماعية عراقية في المهجر وجدان الربيعي |
أبرز مشاهد افتتاح دوري الأبطال من معزوفة ميسي الى بكاء رونالدو هكذا عادت المتعة والاثارة Posted: 22 Sep 2018 02:09 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: عاد المعنى الحقيقي لسحر ومتعة كرة القدم، بوصول قطار دوري أبطال أوروبا، لمحطته الأولى، التي شهدت قمم ومباريات مُثيرة، بدأها قائد برشلونة ليونيل ميسي، بتفعيل اتفاقه (الجنتلمان) مع جماهير ناديه، عندما تعهد أمامهم لحظة توليه قيادة الفريق خلفا للرسام أندريس إنييستا، ببذل كل قطرة عرق لمعانقة الكأس ذات الأذنين للمرة السادسة في تاريخ البلوغرانا، وعلى النقيض، خرج غريمه الأزلي كريستيانو رونالدو صفر اليدين، بالكاد «الخاسر الأكبر» من الجولة الافتتاحية لأمجد بطولات القارة العجوز، وبدرجة أقل محمد صلاح بعد ظهوره بمستوى أقل من المُتوقع والمُنتظر منه في قمة ليفربول وباريس سان جيرمان. عنفوان البرغوث الفضائي بالنظر إلى أحداث ومُلخص الجولة الأولى بوجه عام، سنجد أن ليو استحق لقب «نجم الجولة»، بعرضه الهوليوودي أمام بطل هولندا آيندهوفن، الذي أسفر عن تسجيله ثلاثة أهداف (هاتريك) للمرة الثامنة على مستوى مرحلة المجموعات، أكثر من أي لاعب آخر، بمن فيهم الهداف التاريخي للبطولة صاروخ ماديرا، ومن شاهد الـ90 دقيقة، كان محظوظا بلمسات واستعراضات لاعب أقل ما يُقال عنه من كوكب آخر، يكفي أن ملامح خطورة البارسا، كانت تظهر كلما لمس ميسي الكرة في الثلث الأخير من الملعب، إما بتمريرة عبقرية في ظهر المدافعين، أو بقرار فردي لفض الاشتباك كما فعل في لقطة الهدف الأول، بتصويبة مُتقنة من ركلة حرة مباشرة من خارج منطقة الجزاء، وتبعها بهدفين على طريقته الخاصة في انفرادين مع الحارس المغلوب على أمره، ليكسر النجم الأرجنتيني حاجز الـ100 هدف في البطولة الثمينة، مُقتربا رويدا رويدا من الدون في صراع الهدافين التاريخيين للأبطال، والأهم من ذلك، أنه بعث رسالة شديدة اللهجة لكل المنافسين، وفي مقدمتهم العدو المحلي وبطل آخر 3 سنوات ريال مدريد. ودعونا نتفق، أنه لو حافظ على نفس المستوى، الذي ظهر به في اللقاء الافتتاحي، ومبارياته الأولى في الليغا والكأس السوبر الإسبانية، بالأحرى بعد تعافيه من جروحه مع منتخب بلاده، سيكون البارسا أقوى وأبرز المُرشحين للفوز باللقب، خاصة في ظل التحسن والتطور الهائل في مستوى عثمان ديمبيلي وفيليب كوتينيو، وكليهما يملك من الجرأة والجودة والكفاءة ما يكفي، لمساعدة ميسي في الأوقات الصعبة، مثل مباراة «ريمونتادا» روما، في ليلة السقوط بالثلاثة في «الأوليمبيكو»، وهذا كان أشبه بالصداع في رأس ارنستو فالفيردي الموسم الماضي، أما الآن، المؤشرات تُظهر تّحسن الفريق بوجه عام، باستثناء ما يحدث في بعض الأوقات من هفوات دفاعية ساذجة، ومع ذلك، تُظهر هذه الأخطاء قيمة الحارس تير شتيغن، الذي يُثبت من مباراة لأخرى أنه حارس من الطراز العالمي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكن حلم برشلونة لتحقيق الكأس السادسة، سيبقى مرهونا على ما سيُقدمه مساعدو ميسي عندما يضيق عليه الخناق في إحدى الليالي الأوروبية الصعبة في الأدوار الإقصائية، وليس في المجموعات، لأن الصعود شبه محسوم، رغم وجود الثنائي الشرس الإنتر وتوتنهام بالإضافة لبطل الثمانينات وبداية التسعينات النجم الأحمر، إلا إذا كان للكرة رأي آخر، هذا بجانب حاجة ميسي للرد على المُشككين الذين يحصرون إنجازاته في الأبطال في بوتقة «مرحلة المجموعات» فقط، كونه الهداف التاريخي لهذه المرحلة، وأهدافه في مراحل خروج المغلوب لا تُقارن مع رونالدو، فهل سيتكفل بحق الرد على هذا التشكيك؟ صلاح في خطر المشهد الثاني في البطولة المُفضلة لجُل عشاق الكرة في مختلف أنحاء العالم، كان في بلاد مهد كرة القدم، وتحديدا على ملعب «أنفيلد» بقمة أصحاب الأرض وضيفهم الفرنسي الثقيل المُدجج بالنجوم باريس سان جيرمان، وهي الموقعة التي أوفت بكل وعودها، بسيناريو هيتشكوكي لم يتوقعه كبير العرافين، أن يتقدم الريدز بهدفين نظيفين، بعد التعديل الأخير في وجود فان دايك ونابي كيتا والحارس الأغلى في العالم اليسون وبقية العناصر التي لعبت نهائي الموسم الماضي، وفجأة، يُقلص العملاق الباريسي النتيجة قبل نهاية الشوط الأول بدقائق، ونفس السيناريو كرره «إلبي إس جي» عن طريق كيليان مبابي في آخر دقائق الشوط الثاني، لتبقى القمة مُعلقة إلى أن فعلها فيرمينو بعين واحدة في الوقت المُحتسب بدل الضائع، لكن ما لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين، أن يظهر صلاح بهذا المستوى، صحيح هو لم يكن اللاعب المُخيب في المباراة، إلا أن هذا لا يمنع أنه لم يُقدم حتى 50٪ مما كان ينتظره يورغن كلوب ومن خلفه الملايين من عشاق النادي، بالذات في ليفربول ومصر. والسؤال الذي يفرض نفسه. أين الخلل إذن؟ لو شاهدنا الطريقة التي يلعب بها صلاح في المباريات القليلة الماضية، سنُلاحظ أنها كربونية من الطريقة التي أنهى بها الموسم الماضي، عندما انشغل بالتركيز على التسجيل أولاً قبل مهمته الأولى، بالتحرك في ظهر المدافعين، لفتح مساحات لماني وفيرمينو والقادمين من الخلف، وهذا يتجلى في مبالغته في احتفاظه بالكرة، لو دققنا النظر، سنتذكر أنه حتى مارس/اذار أو ابريل/نيسان من هذا العام، كان يحتاج للمس الكرة مرة أو مرتين على أقصى تقدير، لبث الذعر في قلوب حراس ومدافعي المنافسين، ولنا أمثلة كثرة منها مباراتا مانشستر سيتي في ربع نهائي الأبطال والشوط الأول أمام فريقه السابق روما في نصف نهائي البطولة ذاتها، لكن منذ أن وضع على نفسه ضغط ضرورة إحراز هدف على الأقل في كل مباراة، ومحاولة الظهور في منتصف ملعبه، ليلمس الكرة بطريقة خاصة بلسانه المصري «بفزلكة زائدة»، وهذا لا يُهدر مجهوده وحسب، بل في بعض الأوقات يُكبده خسائر فادحة، كما حدث في تمريرته الخاطئة التي استغلها باريس سان جيرمان بشكل مثالي لتسجيل هدف التعادل الثاني، بالإضافة إلى ذلك، لا يُسخر سرعته وطاقته في الـ30 متر الأخيرة، وهذا أثر بشكل سلبي على فعاليته أمام المرمى، بجانب ضرورة فتح صفحة جديدة مع ساديو ماني داخل المستطيل الأخضر، هما في الخارج أقرب الأصدقاء، لكن حدثني عن الملعب؟ لا يبدو الأمر كذلك، لا يُعقل أبدا أن يُفضل صلاح التصويب من زاوية صعبة، في الوقت الذي يستطيع فيه وضع الكرة أمام ماني ليكون وجها لوجه مع الحارس وشباكه، ونفس الأمر فعله المهاجم السنغالي، علما أننا لم نتحدث عن انشغاله بمشكلته الشهيرة مع الاتحاد المصري بسبب حقوق الصورة وأشياء أخرى خارج المستطيل الأخضر، يحتاج نجمنا العربي للتفرغ والتخلص منها، لتعود الأنشودة الغائبة عن أنفيلد روود «The Egyptian King» من جديد. شخصية البطل إذا كان برشلونة مع ميسي من أقوى ثلاثة مُرشحين مُحتملين للذهاب بعيدا في البطولة، فيوفنتوس واحد من هؤلاء الثلاثة جنبا إلى جنب مع حامل اللقب ريال مدريد. بطل إيطاليا في آخر سبع سنوات، كشر عن أنيابه كما كان يُريد، ليس من السهل أبدا أن تخرج بنتيجة إيجابية أمام فريق إسباني بمزيج بين المهارات الفردية والجماعية مثل فالنسيا، متسلحا بجماهيره المتحمسة وملعبه الصعب «الميستايا»، ومع ذلك، بدا وكأن اليوفي كان في مهمة سهلة، وهو بنصف فريقه الأساسي، في غياب دوغلاس كوستا وباولو ديبالا وكوادرادو والمهدي بن عطية وآخرين، والأصعب من ذلك، اللعب بعشرة لاعبين بعد طرد كبير الهدافين كريستيانو رونالدو، لسبب لا يعلمه سوى مساعد الحكم الألماني فيليكس بريتش، وهو الوحيد الذي رأى شيئا مُختلفا أو استمع لكلمة نابية، دفعت حكم الساحة لطرد النجم البرتغالي، ليدخل في نوبة بكاء، عكست سبب صموده في قمة وهرم نجومية كرة القدم لأكثر من 10 سنوات. نعم الطرد مشكوك في صحته ولا خلاف على ذلك، لكن هل رأينا كيف استقبل قرار الحكم؟ وكأنه فتى مُتحطم القلب بعد طرده في أول مباراة في دوري أبطال أوروبا، وليس الهداف التاريخي الذي فاز بها 5 مرات من قبل. وبعيدا عن عقلية رونالدو الفريدة من نوعها، فالمباراة رسخت حقيقة، أن اليوفي كمنظومة لا يتأثر بغياب أي لاعب حتى لو كان كريستيانو، وهذا وضح في تماسك اللاعبين بعد الطرد، وعدم تأثرهم بالضغط الجماهيري ولا بضغط المنافس، لمحاولة استغلال النقص العددي سريعا، والنجاح في اختبار صعب كهذا بعشرة لاعبين، أظهر قوة وخبرة الفريق الإيطالي، الذي يستحق هذا الكم الهائل من الترشيحات ليُنهي عقدته مع البطولة التي تمنعت عليه 5 مرات في آخر 20 عاما. عاد إليكم من جديد هكذا كان لسان حال شعار ريال مدريد في افتتاح دوري الأبطال، ظهر الميرينغي بنفس النسخة التي تركها زيدان بعد الفوز على ليفربول، الاستثناء الوحيد غياب كريستيانو رونالدو، نفس طريقة اللعب، بتدوير الكرة يمينا ويسارا، مع الاعتماد للمرة الأولى منذ بداية الموسم على الثلاثي لوكا مودريتش وتوني كروس وكاسيميرو في وسط الملعب، فكانت النتيجة حصار روما في منتصف ملعبه في أغلب أوقات المباراة، وما سهل المهمة أكثر على رجال المدرب جولين لوبيتيغي، الطريقة الدفاعية المبالغ بها التي لعب بها المدرب دي فرانشيسكو، فريق الذئاب، بدا وكأنه جاء إلى «سانتياغو بيرنابيو» للخروج بأقل الخسائر أو التعادل على أقصى تقدير، بالاعتماد على الهجمات المرتدة (اليائسة) منذ الدقيقة الأولى وحتى النهاية. في المقابل، لم تتوقف محاولات النادي الملكي، وكأنها واحدة من سهرات زيدان الأوروبية الجميلة، اكتملت بسطوع نجم القميص رقم 7 من جديد، بالهدف الخيالي الذي سجله خليفة رونالدو، ماريانو دياز، بتسديدة كربونية من تسديدة كريستيانو في شباك البارسا الموسم الماضي، حتى غاريث بيل، واصل التألق مع الثنائي كريم بنزيمة وإيسكو، والحارس كيلور نافاس، لم يهتز في المحاولات النادرة التي تعرض لها، لذا، أقل ما يُمكن قوله، أن الريال، كشف عن نواياه بمجموعة الخبرات المتمرسة على البطولة أكثر من أي فريق آخر، وهذا في حد ذاته، يجعله مُرشحا فوق العادة للاحتفاظ بلقبه، إذا حافظ على الشخصية والهيبة التي يلعب بها في بطولته المُفضلة، والشخصية هذه، تظهر في الطريقة «السهلة» التي يلعب بها مارسيلو وراموس والبقية، كأنهم يخوضون مباريات ودية بهدف الاستمتاع، فينقلب هذا على المنافسين، الذين نُشاهدهم بلا حيلة، في الوقت الذي يشعر فيه المشاهد العادي، أن الريال لا يفعل أي شيء مُبتكر في كرة القدم، أسلوبه معروف ومحفوظ ولا يتغير، بتدوير الكرة واللعب القصير، ومن ثم ضرب المنافس إما بعرضية من وضع الحركة أو بتمريرة طويلة في ظهر المدافعين، وهذا سر قوة الفريق الذي يعرف كيف يفرض ويُطبق أسلوبه على كل منافسيه، بالذات في هذه الكأس المُرتبطة بالملكي بشكل خاص. المفاجأة الوحيدة حدثت في إنكلترا، بسقوط مانشستر سيتي أمام ليون الفرنسي 1-2، في مباراة قد يندم عليها بيب غوارديولا كثيرا في المرحلة المقبلة. أبعد ما كان ينتظره أو يتخيله عشاق النادي، أن يخرج الفريق بنقطة على أقل تقدير، في مباراة على الورق تبدو في المتناول، أمام منافس لا يمر بأفضل حالاته على مستوى دوريه المحلي، أما بعد الخسارة، سيضطر المدرب لإعادة ترتيب أوراقه من جديد، فبعدما كان يُخطط للتعامل مع دور المجموعات على أنه نزهة، لوجوده في مجموعة في المتناول مع هوفنهايم وشاختار، سيكون مُجبرا على اللعب بكل قوته في ما تبقى من الدور الأول، ليتفادى حدوث مفاجأة سخيفة بخروج مُبكر من البطولة، وهذا سيؤثر على المجهود البدني للاعبين، نظرا لتلاحم المباريات بين البريميرليغ وفترات التوقف الدولي المُنتظرة الشهرين المُقبلين. وبالنظر إلى سبب هزيمة السيتي أمام ليون، يكمن في إصرار بيب على تنويع أفكاره، لعمل خليط بين اللعب على الأطراف كما كان يفعل الموسم الماضي، وبين الاختراق من العمق، بالاعتماد على الثنائي سيلفا، دافيد وبيرناردو، وربما هي استراتيجية يُحاول الفيلسوف تطبيقها هذا الموسم، حتى لا يوجه مصير كل من سبقه، بالنجاح بخطة مُعينة على مدار موسم، وبعدها يحدث الانهيار، مثل مورينيو مع تشلسي في ولايته الثانية، وكونتي أيضا مع الفريق ذاته، ورانييري مع ليستر في الموسم التالي لمعجزة التتويج بالدوري الإنكليزي، وإلا لما أصر على جلب رياض محرز، مع وضوح خطته بالاعتماد على الاختراق من العمق، هذا في الوقت، الذي كان يلعب فيه الفريق الفرنسي بأربعة لاعبين في الوسط، بمُخطط 4-1-4-1، بوجود نبيل فقير في مركز صانع الألعاب الوهمي يتحول فجأة لرأس حربة صريح بتبادل مركزه مع ممفيس ديباي، لذلك عانى مانشستر سيتي كثيرا في نقل الكرة من الخلف إلى الأمام كما هي عادته، ومن سوء الطالع، استقبلت شباكه هدفين في أوقات مُحبطة، ومنها هدف من خطأ ساذج في التمرير، استغله فقير على أكمل وجه، ورغم محاولة بيب إدراك الموقف في الشوط الثاني، بالعودة للطريق المُفضلة بضرب المنافسين من على الأطراف كما فعل ليروي ساني بعد مشاركته كبديل، لكن الوقت لم يسعف الفريق لتسجيل أكثر من هدف، في واحدة من أقل مباريات غوارديولا مع السيتي على الإطلاق. بقية الكبار ممثل عاصمة إنكلترا الثانية، مانشستر يونايتد، كان أوفر حظا بالعودة من سويسرا بثلاث نقاط وثلاثة أهداف، بعد الفوز على يانغ بويز بالعطر الفرنسي الخالص، متمثل في ثنائية بول بوغبا وهدف لمواطنه أنطوني مارسيال، قبل استقبال الخفافيش والسيدة العجوز على ملعب «أولد ترافورد» في الجولتين المُقبلتين، وفوز يونايتد في المباراتين، سيُعزز فرصه في مرافقة رونالدو للأدوار الإقصائية، وحال البايرن، لم يختلف كثيرا عن الشياطين الحمر، هو الآخر عاد من العاصمة البرتغالية بانتصار مُقنع على بنفيكا بهدفي روبرت ليفاندوسكي وريناتو سانشيز العائد بقوة لمستواه الذي كان عليه في اليورو، بينما وقع توتنهام ضحية أمام أفاعي الإنتر، في القمة التي لم تكن نتيجتها عادلة بنسبة 100%، بعد الأداء القوي والمتوازن الذي قدمه فريق المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو، إلى أن اهتزت شباكه بلمحة ماورو إيكاردي الإبداعية في آخر 4 دقائق، بعدها حدث الانهيار الذي أسفر عن هدف انتصار الإنتر في الوقت المحتسب بدل من الضائع، لتتعقد مهمة الفريق اللندني قبل استضافة ميسي ورفاقه في الجولة المقبلة، والخسارة أمام البارسا مع فوز الإنتر على آيندهوفن، ستعنى تقلص فرص الديوك في مرافقة الـ16 الكبار، آخر الكبار، هو العائد بعد غياب أياكس أمستردام، بانتصاره العريض على آيك أثينا بثلاثية نظيفة… هكذا كان مُلخص الجولة الافتتاحية لدوري الأبطال، في انتظار متعة وإثارة أكثر في قادم المواعيد. أبرز مشاهد افتتاح دوري الأبطال من معزوفة ميسي الى بكاء رونالدو هكذا عادت المتعة والاثارة عادل منصور |
هل حقاً هناك مؤامرة لتحطيم رونالدو؟ Posted: 22 Sep 2018 02:09 PM PDT الذين شاهدوا دموع كريستيانو رونالدو تذرف كطفل صغير فقد والدته، بعد رؤيته البطاقة الحمراء ليلة الاربعاء الماضي في مباراة يوفنتوس وبلنسية في دوري أبطال أوروبا، يدرك ان قرار الطرد أصاب النجم البرتغالي في الصميم، بل صدمه الى درجة ان حلما في مخيلته بدا ينقلب كابوسا. دموع رونالدو وحرقته لم تكن على حالة طرد مشكوك فيها، وفقدان اللعب في ثلثي مباراة ومسابقة احرز لقبها 5 مرات، وهو هدافها التاريخي، بقدر ما كانت مرتبطة بعودته الى اسبانيا للمرة الاولى بعد الرحيل والطلاق من ريال مدريد بعد حالة حب عاصفة دامت تسع سنوات، والتحدي كان في الخفاء، بينه وبين زملائه السابقين في النادي الملكي، الذين يرون أن النادي هو من صنعه بطلا لأوروبا وافضل لاعب في العالم مرات عدة، في حين يرى انه هو الذي جعل النادي الملكي زعيم أوروبا 4 مرات في السنوات الخمس الأخيرة. الصدام الخفي بينه وبين زملائه بدأ منذ لحظة التتويج بلقب دوري الأبطال الاخير في مايو/أيار الماضي، عندما أعلن عن رحيله بصورة غير مباشرة، قبل ان ينهاه قائد الريال سيرجيو راموس، ناصحا اياه بتأجيل الاعلان الى ما بعد احتفالات التتويج، وكأن رونالدو لم يفكر سوى في نفسه. وأدرك بعدها ان عليه ان يثبت نظريته انه هو عراب الانجازات الملكية بالهاب عقول عشاق الكرة الايطالية عموما، واليوفي تحديداً، خصوصا ان الريال شعر بالامتعاض من زيادة أعداد متابعي النادي الايطالي على مواقع التواصل بصورة مضطردة منذ انتقال رونالدو، وانخفاضها عنده بصورة ملموسة. كان السهم المباشر الأول من نصيبب رونالدو عندما صرح في احدى المقابلات الاعلامية، بان رحيله عن الريال «كان قراراً سهلاً»، وهو تصريح بالطبع لم يلق ترحيباً داخل أسوار النادي الملكي، ليرد القائد راموس قبل أيام بأن رونالدو «أصبح من الماضي»، وأن هناك اليوم الكثير من النجوم الذين يسدون الفراغ. اذاً فكرة وجود شرخ بين الطرفين أصبحت واضحة جداً، خصوصاً انها بدت في أبهى صورها في احتفالات الاتحاد الاوروبي لكرة القدم (يويفا) لتوزيع جوائز الافضل اثناء قرعة دوري أبطال أوروبا، التي اعتذر عن عدم حضورها رونالدو، بعدما علم ان زميله السابق لوكا مودريتش هو الفائز بجائزة أفضل لاعب، في حين احتفل نجوم الريال بانجاز النجم الكرواتي، ومنها قبلة مبالغ بها من فم راموس الى وجنة مودريتش في صورة لا تفسر الا انها استفزازية، وكأنه يريد ايصال رسالة الى النجم البرتغالي، مفادها ان «الريال هو من يصنع النجوم وليس العكس»، وهو ما أثير في السنوات الاخيرة عن استدراك رئيس الريال فلورنتينو بيريز أهمية الضغط والمطالبة بان يكون نجوم الفريق، وأبرزهم حينها رونالدو، على رأس المتوجين بالالقاب الشخصية والفردية، كونها تزيد من شعبية النادي وترفع من مداخيله التجارية، ولهذا السبب يغمز بيريز من قناة «انك تظل النجم الأبرز في العالم ما دمت معنا»، ولهذا السبب شن جورج مينديز، وكيل أعمال رونالدو، هجوما لاذعا على اليويفا لعدم اختيار رونالدو وتفضيل مودريتش عليه، واصفا الاختيار بانه «ينم على العار والخزي». الامر لم يتوقف عند هذا الحد، فبعد البداية الصعبة لرونالدو في مسيرته الجديدة مع يوفنتوس، كانت الفرصة ملائمة لعشاق نظريات المؤامرة باعتبار طرده المبكر و»السخيف» في مباراته الاوروبية الاولى، عبارة عن «ثأر» من الاتحاد الأوروبي نفسه، على مقاطعة رونالدو لجوائزه، وكأن بيريز يغمز مجدداً، من قناة ان «لا حصانة لك بعد اليوم» برحيله عن الريال. غداً الاثنين سيكون يوماً حاسماً آخر في تاريخ العلاقات المتأزمة بين الريال ورونالدو، حيث ستتوجه أنظار عشاق كرة القدم الى العاصمة البريطانية لندن لمتابعة حفلة جوائز الفيفا، والتي بين مرشحينها الثلاثة لأفضل لاعب رونالدو الى جانب نجم الريال مودريتش بالاضافة الى النجم المصري محمد صلاح… فهل نعرف الفائز بجائزة أفضل لاعب في العالم قبل الاعلان، بمجرد رؤية رونالدو حاضراً أم لا؟ وهل نتيقن ان هناك من يريد تحطيم اسطورة النجم البرتغالي؟ وهل تستمر نظريات المؤامرة تستنتج ما تريد؟ twitter: @khaldounElcheik هل حقاً هناك مؤامرة لتحطيم رونالدو؟ خلدون الشيخ |
ميسي وبرشلونة بصوت عال: الأولوية للتشامبيونزليغ هذا الموسم! Posted: 22 Sep 2018 02:08 PM PDT برشلونة ـ «القدس العربي»: لم يحتج الأرجنتيني ليونيل ميسي، نجم برشلونة الإسباني، سوى جولة واحدة فقط في دوري أبطال أوروبا (التشامبيونزليغ) كي يظهر ما يتطلع إليه هذا الموسم في هذه البطولة الكبيرة، ألا وهو بسط سيطرته ونفوذه على المسابقة. وتألق النجم الأرجنتيني ليلة الثلاثاء الماضي بتسجيل ثلاثية (هاتريك) في شباك آيندهوفن الهولندي، الذي تجرع هزيمة ثقيلة برباعية نظيفة على ملعب «كامب نو»، معقل برشلونة، في مستهل مشواره بدوري أبطال أوروبا. ورغم المقاومة العنيدة التي أبداها آيندهوفن في الساعة الأولى من اللقاء، جاء ميسي بأهدافه الثلاثة لينهي مغامرة الفريق الهولندي، بمساعدة النجم الفرنسي المتألق عثمان ديمبيلي الذي كان أفضل لاعبي برشلونة مساندة للأسطورة الأرجنتينية في الجانب الهجومي. وكانت الثلاثية هي الثامنة لميسي في بطولة دوري أبطال أوروبا، ما يعد رقما قياسيا، كما أنها جاءت بشكل مذهل، وكان أبرزها الهدف الأول الذي جاء من ركلة ثابتة نفذها النجم الارجنتيني الفذ ببراعة فائقة. وقالت صحيفة «ماركا» الإسبانية متحدثة عن ميسي: «إنه مهووس بدوري الأبطال»، فيما قالت صحيفة «أس» أن ميسي أعلن عندما تسلم شارة قيادة برشلونة أنه يرغب في الفوز بالنسخة الحالية من دوري الأبطال وأنه بدأ في تنفيذ ما تعهد به. وأضافت صحيفة «سبورت»: «ميسي فاز بالطريقة وفي الوقت الذي أراد على بي إس في». وخلال كلمته القصيرة التي قالها قبيل انطلاق الموسم، لم يخف ميسي أن دوري أبطال أوروبا هو هدف برشلونة الأكبر بعد ثلاث سنوات سقط فيها الفريق تواليا في دور الثمانية، وهو ما يعد تحديا كبيرا لأفضل لاعب في العالم وفي التاريخ بالنسبة للكثيرين. وقال ميسي: «نتعهد بأننا سنقوم بكل شيء ممكن هذا العام من أجل أن تعود هذه الكأس الرائعة إلى كامب نو». ورغم أنه دائما ما كان يعرب عن عدم اكتراثه بالجوائز الفردية، لا يروق لميسي أن يرى نفسه خارج الصراع على جائزة أفضل لاعب في العالم «ذا بيست» أو الكرة الذهبية. ويرجع هذا إلى إن النجم الأرجنتيني لم يقدم شيئا بارزا في دوري الأبطال طوال سنوات، كما هو الحال بالنسبة لفريقه أيضا. لكن يبدو أن هذا الموسم سيكون مختلفا بالنسبة لميسي الذي بات مستعدا لإحداث تغيير في مجريات الأحداث، ورغم أن مباراة الليلة الماضية كانت الأولى في البطولة الأوروبية، اكتست ملامح اللاعب الأرجنتيني بالجدية الشديدة وقت عزف النشيد الخاص بالبطولة. والآن علينا أن ننتظر لنرى ما الذي سيقدمه ميسي وبرشلونة في المباريات الأكثر صعوبة، فرغم هذه النتيجة العريضة لم يظهر برشلونة أمام بي إس في آيندهوفن بمظهر الفريق القوي، إلا في اللحظات التي تألق فيها ميسي وأحدث تغييرا في مجريات اللقاء. لكن الأمر المؤكد الذي لا يقبل الجدل في هذا الصدد هو أن برشلونة يتمتع بوجود لاعب بين صفوفه قادر على حسم أي مباراة عندما يتوقف الفريق عن العمل بشكل جماعي. وهذا هو ما أثبته ميسي أمام بي إس في آيندهوفن بأداء مبهر أعلن من خلاله عن نواياه وأحلامه بالنسبة لهذه النسخة من بطولة دوري أبطال أوروبا. ميسي وبرشلونة بصوت عال: الأولوية للتشامبيونزليغ هذا الموسم! |
بعد اعترافه بارتكاب العديد من الأخطاء: أمين يونس يحلم ببداية جديدة مع نابولي! Posted: 22 Sep 2018 02:08 PM PDT روما ـ «القدس العربي»: بعد أشهر من الصمت، اعترف الجناح الأيمن الألماني أمين يونس بارتكابه الكثير من الأخطاء الشخصية بشأن قصص انتقاله وإيقافه من قبل ناديه السابق أياكس أمستردام الهولندي. وصرح يونس، الذي يلعب الآن في صفوف نابولي الإيطالي: «أتحمل مسؤولية تلك التصرفات. ارتكبت العديد من الأخطاء، ووثقت بأشخاص خاطئين. كنت ساذجا». وتراجع يونس عن الانضمام لنابولي في كانون الثاني/يناير الماضي في آخر لحظة، رغم اجتيازه الفحوصات الطبية الروتينية، ثم بدا قريبا من الانتقال لفولفسبورغ الألماني في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، لكن هذه الخطوة لم يكتب لها النجاح أيضا، قبل أن يصل في النهاية إلى نابولي. وتم اتهام يونس بخرق العقود، لكنه شدد على عدم توقيعه مطلقا لنابولي في الشتاء أو فولفسبورغ في الصيف، كما نفى الادعاءات التي أفادت بعدم رغبته في الذهاب إلى نابولي بسبب عدم حبه للمدينة الإيطالية. في غضون ذلك، رفض يونس (25 عاما) اللعب كبديل في الوقت المحتسب بدل الضائع خلال إحدى المباريات مع أياكس في آذار/مارس الماضي، ليقرر النادي الهولندي إيقافه حتى نهاية الموسم الماضي. وقال يونس: «كنت مخطئا، تجاه زملائي في الفريق والمسؤولين بالنادي، ينبغي على أي لاعب عدم ارتكاب مثل هذا التصرف، يجب أن تكون دائما مهنيا من دون النظر عما إذا كنت ستستمر لمدة دقيقة أو 30 ثانية»، ووصف إقدامه على هذا التصرف بقوله «إنه خطأي الأكبر». وبزغت موهبة يونس عندما كان لاعبا صغيرا في فريقي بوروسيا مونشنغلادباخ وكايزر سلاوترن الألمانيين، قبل أن ينتقل لأياكس عام 2015. ولعب يونس في جميع منتخبات الشباب، قبل أن يشارك للمرة الأولى مع منتخب ألمانيا الأول العام الماضي، حيث خاض خمس مباريات دولية، وساهم في فوز منتخب الماكينات بكأس القارات في روسيا العام الماضي، بعدما لعب مباراتين في البطولة. واستبعد يونس من قائمة المنتخب الألماني التي شاركت في كأس العالم بروسيا هذا العام، لكنه أعرب عن أمله في العودة قائلا: «كان حلما وشرفا لي أن أكون جزءا من الفريق. وسأبذل قصارى جهدي لأكون هناك مجددا في يوم من الأيام». وأشار يونس إلى أن لديه الآن وكيلا جديدا، حيث أعرب عن امتنانه إليه بعدما لعب دورا مهما في انتقاله لنابولي، مقدما الشكر إلى المدرب المخضرم كارلو أنشيلوتي المدرب الحالي للفريق الإيطالي. وتحدث يونس عن أنشيلوتي قائلا: «إنه لم يصدق كل القصص لحسن الحظ، لم يكن ليختارني في الفريق إذا كان يعتقد أنني سأكون مثيرا للمشاكل». وتابع اللاعب الذي لم يخض أي مباراة منذ فترة طويلة بسبب إصابته بتمزق في وتر العرقوب (آخيليس) ولم يشارك في تدريبات نابولي إلا مؤخرا، حديثه قائلا: «لدي شعور بأنني وصلت للمكان الصحيح بعد كل تلك التجارب والمحن». وتعهد يونس بأنه سيبذل أقصى الجهد كي لا يتسبب في المزيد من المشاكل مستقبلا. وختم اللاعب الألماني حديثه قائلا: «لا أستطيع التحكم في كل شيء، لكنني جزء منه. سأفعل كل شيء حتى لا تتكرر تلك المأساة مرة أخرى». بعد اعترافه بارتكاب العديد من الأخطاء: أمين يونس يحلم ببداية جديدة مع نابولي! |
غوتزه من بطل عالم الى غياهب النسيان Posted: 22 Sep 2018 02:08 PM PDT برلين ـ «القدس العربي»: لم يعد السؤال الرئيسي المطروح الآن في نادي بوروسيا دورتموند الالماني إذا كان ماريو غوتزه سيلعب أساسيا أم لا، ولكنه إذا كان اللاعب، الفائز بكأس العالم عام 2014، سيجلس على مقاعد البدلاء أم يتم استبعاده من قائمة دورتموند للمباريات من الأساس. ولم يتمكن غوتزه (26 عاما) من ترك بصمة له في دورتموند، حيث يبدو حتى الآن خارج حسابات لوسيان فافري مدرب الفريق، الذي أجلسه على مقاعد البدلاء في أول مباراتين للفريق في البوندسليغا، من دون أن يشركه في أي منهما. وقال فافري في وقت سابق: «إننا كثيرون للغاية هنا. لدينا ثمانية أو تسعة لاعبين، من الممكن أن يلعب غوتزه كمهاجم متأخر، لكننا نملك (شينجي) كاغاوا و(ماركو) رويس. هذه هي الحقيقية». وبينما أكد فافري أن غوتزه بإمكانه اللعب وفقا لخطة اللعب 4/3/3، فإنه من الواضح أن لاعب الوسط المهاجم ليس مؤهلا لأداء المهام التي يرغب فافري في أن يقوم بها غوتزه لكي يمنحه بعض من الوقت داخل أرض الملعب. ويملك دورتموند 29 لاعبا في قائمته حاليا، لكن يتعين على المدرب السويسري اختيار 18 لاعبا فقط، من بينهم حارسا المرمى، للدخول في قائمة مباريات البوندسليغا، مثلما هو الحال في لقاءات دوري أبطال أوروبا. ويسعى دورتموند الى استعادة مكانته سريعا، بعد تعادله الهزيل بدون أهداف أمام مضيفه هانوفر في لقائه الثاني بالمسابقة، قبل أن يتعافى بانتصار كبير على اينتراخت فرانكفورت ليحتل المركز الثاني خلف بايرن ميونيخ حامل اللقب والمتصدر الحالي. ويسعى فافري لإعادة بناء دورتموند من جديد بعد حصوله بصعوبة بالغة في الموسم الماضي على المركز الرابع في ترتيب المسابقة، المؤهل لبطولة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهو ما يجعله يرغب في تحقيق نتيجة إيجابية حتى لا يبتعد أكثر عن المقدمة. وصرح فافري بقوله: «نبحث دائما عن الفوز، لكننا بحاجة إلى وقت لإيجاد أفضل نظام». لكن بالنظر إلى جدول مباريات الفريق المزدحم، الذي يتضمن سبع مباريات في 23 يوما، فإن المدرب قال أيضا: «إننا نحتاج إلى كل اللاعبين»، حيث يبدو مطالبا بمنح الفرصة لجميع لاعبيه للعب في المباريات المقبلة سواء في البوندسليغا أو دوري الأبطال. وأوضح فافري: «لديك دائما مشكلة، حيث يتم استبعاد لاعب أو اثنين عن القائمة، لحسن الحظ فإن لدينا الآن العديد من المباريات». وسواء كان غوتزه سيحصل على فرصته في اللعب في الفترة المقبلة أم لا، فإن الواقع يؤكد أن مستواه تراجع بشدة منذ تسجيله هدف تتويج المنتخب الألماني بكأس العالم عام 2014 بالبرازيل في نهائي البطولة الذي فازت به ألمانيا 1/صفر على الأرجنتين. كان غوتزه ينبئ بموهبة ضخمة ومشرقة عندما شارك في فوز دورتموند بالدوري الألماني عامي 2011 و2012، كما لعب دورا هاما في فوز الفريق 5/2 على بايرن ميونيخ في نهائي كأس ألمانيا عام 2012. والتقى الفريقان مجددا في العام التالي بنهائي دوري الأبطال، لكن غوتزه لم يشارك في المباراة التي جاءت بعد أيام قليلة من إعلانه الانتقال للفريق البافاري. ولم يترك غوتزه أي بصمة حقيقية مع البايرن تحت قيادة الإسباني جوسيب غوارديولا، ليعود إلى دورتموند عام 2016، حيث استعاد بعضا من مستواه، قبل أن يتعثر مرة أخرى بسبب الإصابات والأمراض، وفي النهاية أخفق في الحصول على مقعد بقائمة المنتخب الألماني التي شاركت في مونديال روسيا 2018. وتعرض غوتزه للانتقادات بسبب مستواه الحالي، لكن رينهارد راوبال رئيس دورتموند، أظهر دعمه للاعب. وصرح راوبال لصحيفة «بيلد» الألمانية: «لا يستحق غوتزه أن يتم انتقاده في الوقت الحالي. إنه لاعب كبير ويتمتع بقدرات ضخمة». واستدرك راوبال في نهاية حديثه قائلا: «السؤال هو إذا كان غوتزه يناسب طريقة لعبنا أم لا»؟ غوتزه من بطل عالم الى غياهب النسيان |
تآكلُ الطبقة الوسطى المغاربية يُهمِشُ دورها السياسي Posted: 22 Sep 2018 02:08 PM PDT تراجع الوزن الاقتصادي والاجتماعي للطبقة الوسطى في غالبية البلدان المغاربية على مدى السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إضعاف دورها السياسي، وهي التي ما فتئت تقود حركات الاصلاح والتغيير منذ القرن الماضي. غير أن دورها ما انفك يتعاظم في المغرب الأقصى على خلفية مبادرات اجتماعية وسياسية غير مألوفة، من بينها حركة المقاطعة الواسعة في أيار/مايو الماضي، التي استهدفت بعض المنتوجات ذات الرواج الكبير. ربما تُعتبر تونس وليبيا وفي درجة أقل الجزائر، من أكثر البلدان التي تعرضت فيها الطبقة الوسطى للإنهاك جراء عدم الاستقرار السياسي وقساوة الظروف الاجتماعية. ففي تونس تمَحي تدريجيا أو تكاد، المسافة بين الطبقتين الوسطى والفقيرة، نتيجة الارتفاع المتزايد لكلفة العيش وتوسُع رقعة البطالة، فيما ترعرعت فئة طفيلية جديدة يمكن وصفُها بالثرية جدا. وبات واضحا اليوم أن التقسيم الاجتماعي التقليدي: طبقة ثرية/ طبقة وسطى/ طبقة مُعوزة، انقلب إلى معادلة جديدة أقرب إلى: طبقة ثرية/ طبقة ثرية جدا/ طبقة مُعوزة. هذا الانزلاق تُؤكده أرقام المعهد الوطني للإحصاء (رسمي)، التي أفادت أن الفقر أصبح يشمل 1.7 مليون تونسي من عدد السكان الاجمالي الذي لا يتجاوز 11 مليون فرد. أكثر من ذلك كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية في 2011 أن رُبع السكان تقريبا يعيشون تحت خط الفقر، بعدما كانت أرقام النظام السابق تقصر مساحتهم على 4 في المئة من السكان فقط. أما عن التوزيع الجغرافي للفقر حاليا، فتُحدَد إحصاءات المعهد الوطني مناطق تمركزه في الشمال الغربي، الذي أتى في المرتبة الأولى بنسبة فقر تتجاوز 28 في المئة، وفي اقليم تونس الكبرى حيث تتجاوز نسبة الذين ضربهم سيف الفقر 5 في المئة من السكان. ضحايا سيف الفقر أظهر الجدل الواسع الذي دار في الخريف الماضي، حول موازنة 2018، وما رافقها من توسيع قاعدة الضريبة على الدخل، أن تضعضُع الطبقة الوسطى انتقل من مُتغير اجتماعي إلى رهان سياسي. فلم يكن خافيا على أحد أن جميع شرائح الطبقة الوسطى شعرت بالضيم من الموازنة الجديدة، مما يعني أنها تتحوَلُ تدريجيا، من قوة داعمة للدولة، إلى قوة غاضبة. ومن ثم يسعى كل طرف إلى استرضائها ومغازلتها. ونلمح اليوم استمرارا لتلك الاغراءات بأشكال مختلفة من الإغواء، في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. غير أن العزوف الكبير عن التصويت في الانتخابات البلدية الأخيرة دلَ على أن الاغراء غير كاف لتغيير موقف الفئات الوسطى. في هذا السياق لاحظ التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية أن العزوف عن التصويت في الانتخابات البلدية الأخيرة، الذي تجاوز 66 في المئة، يشكل تسفيها للطبقة السياسية بأسرها. مع ذلك تستمرُ المراهنة على الطبقة الوسطى كمشروع سياسي تاريخي بالأساس، وإن كان موقفُ هذه الطبقة في 2011 لدى الاطاحة بالنظام السابق، مختلفٌ عن موقفها في 2014، وسيختلف أيضا في 2019. ونلمحُ منذ انتخابات المجلس التأسيسي (الجمعية التأسيسية) إلى اليوم تدحرجا جعل تلك الطبقة الوسطى، التي راهنت على أحزاب «الترويكا»، تتراجع وتشعر بالندم، وتنضم إلى المطالبين برحيل الحكومة. وكان مُتوقعا بعد مرارة تلك التجربة، أن تندفع في انتخابات 2014، كما حركة الساعة الحائطية، إلى الزاوية المقابلة، فتمنح مُباركتها لـ»نداء تونس» بقضِه وقضيضه، بأمل وحيد هو قطع الطريق أمام عودة «الترويكا» إلى الحكم. وإذا ما تابعنا الخط البياني سنلحظُ أن المنحنى استمرَ في النزول مع تضاؤل نسبة المشاركة في الانتخابات الفرعية في ألمانيا، وخاصة إبان الانتخابات البلدية الأخيرة، بسبب تضاؤل القناعة بجدوى المشاركة. تداخل الأوان الظاهر أن لسان حال الطبقة الوسطى يلهج اليوم بخطاب هو مزيج من الشكوى والنقمة والوعيد للسياسيين، وإن كان حزب «النهضة» يعتمد على النصر الذي حققه ليعتبر نفسه غير معنيٍ بالتصويت العقابي. وتشير كل الدلائل إلى أن ذلك النصر لم يكن ثمرة خيار طوعي من المُقترعين، بقدر ما كان ثمرة انضباط جهاز لا تملك الأحزاب الأخرى مثيلا له. بتعبير آخر كان الحافز لدى منح الصوت للنهضة حافزا أيديولوجيا، قبل أن يكون إدراكا للفوارق بينه وبين الألوان الأخرى. واستطرادا، ما زالت الطبقة الوسطى، التي لا تشاطر عموما النمط المجتمعي الذي تُبشر به «النهضة»، شاعرة باليُتم، لأنها لا ترى في الضفة المقابلة، قوة حقيقية ومُنظمة تحظى بالمصداقية، وتستأهل منحها الثقة. من هنا يأتي عزوف شريحة واسعة منها عن الذهاب إلى مكاتب الاقتراع، وهي ظاهرة قد تتفاقم في الاستحقاقات المقبلة، لأن الطبقة الوسطى تشعر بأنها خُدعت في 2011 و2014. ولا أدلَ على ذلك من أن غريم «النهضة» وهو حزبُ «نداء تونس» خسر في الانتخابات البلدية ثُلثي الذين منحوه أصواتهم في 2014، فيما خسرت «النهضة» نصف عدد المُقترعين لها في تلك الانتخابات. تفكُكُ الطبقة الوسطى وذوبانُها التدريجي في بلد مثل تونس، بعدما كانت قطب الرحى في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مرادفٌ لكسر العمود الفقري للمجتمع. وبعدما كان المُنظرون اليساريون يُصورون الطبقة الوسطى (أو «البرجوازية الصغيرة») على أنها طبقة محافظة وانتهازية ورجعية، ويعقدون كل آمالهم على البروليتاريا، التي اعتبروها القوة الثورية الأولى في المجتمع، نرى اليوم كيف أن الطبقة الوسطى التونسية، هي التي قادت التغييرات السياسية والاجتماعية الكبرى، على مدى ستة عقود، بل حتى خلال الحقبة الاستعمارية، وأن الفقراء، في المقابل، هم المحافظون، لا بل كثيرا ما يستخدمهم الأثرياء الجدد والوصوليون حطبا لكسب معاركهم. ارتباط وثيق بالدولة ارتبط نشوء الطبقة الوسطى في تونس ونمُوُها ارتباطا وثيقا بالدولة، فهي التي بنت مؤسسات الدولة الناشئة وساهمت في بلورة رؤاها وخياراتها الكبرى، وباختصار هي الدولة. وكان ارتباطُها أشدَ بقطاع التعليم، الذي كان مصعدا اجتماعيا بامتياز، فقد أتى الوزراءُ والنوابُ وكبارُ موظفي الدولة، وبعض رُواد القطاع الخاص من رجال الأعمال، من صفوف المربين. لكننا نلحظ اليوم كيف باتت هذه الفئة مُهمشة وبعيدة عن مراكز القرار، إلى درجة أن نُخبة النُخب في قطاع التعليم، وهم الأساتذة الجامعيون، هجروا البلد للعمل في الخارج، بعدما تآكلت قدراتهم المادية، وأضحوا يشعرون بأنهم مغلوبون على أمرهم. وفي الحقبة الجديدة بعد 2011، ظلت الطبقة الوسطى تبحث عمن تأهَل من الأحزاب أكثر من سواه لكي يحمل المشروع المجتمعي، الذي أرستهُ منذ بواكير الاستقلال، لكن الأرجح أنها لم تر في التشكيلات القائمة من هو حقيق بذلك الإرث. ليبيا والمغرب لم تتعرض طبقة وسطى في شمال أفريقيا إلى الدمار مثلما تعرضت الطبقة الوسطى الليبية، التي زعزعتها الصراعات وأنهكها شظف العيش وسط بنادق الجماعات المسلحة، ما حمل كثيرا من رموزها وقادتها على الهجرة إلى دول الجوار. ومع أزمة شح السيولة في المصارف وغياب الأمن تساوى وضع الفئات الوسطى والفقيرة تقريبا. وقاد هذا الوضع غير المسبوق إلى تدهور مكانة الطبقة الوسطى بجميع فئاتها وفقدها القدرة على لعب أي دور اجتماعي وسياسي. أما في المغرب فنلحظ على العكس توسُعا للطبقة الوسطى، إذ أظهرت إحصاءات رسمية أن الوزن السكاني لهذه الطبقة زاد من 53 في المئة من السكان في 2007 إلى ما يُقارب 58 في المئة في 2014، أي من 16 مليون فرد إلى نحو 20 مليون شخص. كما أظهرت أن لدى تلك الطبقة قدرة انفاقية كبيرة. وبعدما كان الطابع العام للمجتمع المغربي يتسم بشدة الاستقطاب بين الفئات الفقيرة في أسفل الهرم والموسرين في قمته، برزت طبقة وسطى بإرادة قوية للعب دور في الصفوف الأولى، بعد غياب مديد عن الحلبة السياسية. ويجوز القول إن المناسبة الكبرى التي أتاحت لها أن تطفو على السطح بقوة تمثلت في التزامها الصارم بمقاطعة منتوجات مجموعة «سيدي علي» و»مركزية دانون» و»أفريقيا»، اعتبارا من 20 أبريل/ نيسان الماضي ما جعل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني يعتذر ويعترف بأن تلك الحركة غير المسبوقة «هي صرخة تُعبر عن معاناة قسم من الطبقة الوسطى». وذهب المحللون إلى أبعد من ذلك مُعتبرين أن الطبقة الوسطى غدت قوة مُؤثرة ذات وزن اجتماعي وسياسي. وكشف استطلاع للرأي أن 67 في المئة من الذين شاركوا في حركة المقاطعة ينتمون إلى الطبقة الوسطى. ويعتبر خبراء مغاربة أن سوء توزيع الثروة هو الذي زاد من حدة التفاوت الاجتماعي وعمق من هشاشة الفئات الفقيرة والطبقة الوسطى. وهم يُشيرون بشكل خاص إلى ارتفاع كلفة العيش وصعوبة الوصول إلى خدمات الصحة والتعليم والسكن باعتبارها عوائق أمام نمو الطبقة الوسطى، وهي الطبقة القادرة على لعب دور محوري ومُسرِع للتنمية الاقتصادية بقدرتها الاستهلاكية العالية، إذ من دونها لا يمكن دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام ولا إيجاد مناخ سياسي مناسب للتغيير. هجرة أدمغة وبالعودة إلى تونس نلحظ أن الأزمة الاجتماعية التي عرفتها السنة الجامعية 2017-2018 لعبت دورا دافعا لهجرة كثير من الأكاديميين البارزين. لكن ظاهرة الهجرة سبقت تلك الأزمة، وهي ما انفكت تتفاقم، ما يعني أن البلاد تفقد كثيرا من عقول الطبقة الوسطى، من دون القدرة على تعويضها. وبحسب آخر الإحصاءات بلغ عدد الجامعيين المهاجرين 4000 جامعي، بالإضافة لمئات الأطباء والمهندسين والباحثين وسائر الكفاءات الأخرى. وستكون لهذا النزيف انعكاسات بالغة ليس فقط في الجامعات ومراكز الأبحاث، وإنما في كافة المجالات، إذ أن خروج الكفاءات لا يمكن تغطيته في وقت وجيز. وتعود المسؤولية هنا في الدرجة الأولى إلى السياسيين، حُكما ومعارضة، بسبب مناخ الاحتراب والانفلات الذي حمل زبدة النخبة على الكفر بالوطن. لذا فإن المصالحة مع الطبقة الوسطى ورد الاعتبار لمكانتها، يُعيدان التوازن للمجتمع، المختنق حاليا بين الاحتجاجات اليومية للفئات المحرومة وفساد الوصوليين والأثرياء الجدد. تآكلُ الطبقة الوسطى المغاربية يُهمِشُ دورها السياسي رشيد خشانة |
غزة: خسائر فادحة تطال قطاع تربية الدواجن Posted: 22 Sep 2018 02:07 PM PDT يتكبد قطاع تربية الدواجن في غزة خسائر مالية قدرت بملايين الشواكل، نتيجة ضعف إقبال المواطنين على الشراء، بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، بالإضافة إلى غياب الخطط السليمة الخاصة باستيراد البيض من قبل الجهات المختصة والمعنية، الأمر الذي دفع أصحاب مزارع الدواجن إلى تخفيض أسعار البيع إلى ما دون سعر التكلفة للخلاص من كميات الدواجن الكبيرة في المزارع خوفا من نفوقها بسبب درجات الحرارة العالية. خليل النحال، صاحب إحدى مزارع تربية الدواجن في منطقة شرق مدينة غزة يقف مكتوف الأيدي أمام حجم الخسائر الكبيرة التي طالت مزرعته، بسبب تدني سعر كيلو بيع الدجاج إلى 5 شواكل، بعد أن استقر لفترات طويلة على 13 شيكلا للكيلو الواحد. يقول لـ«القدس العربي» مع اقتراب عيد الأضحى من كل عام يتم اعطائنا توجيهات من قبل وزارة الزراعة بتخفيض أسعار بيع الدواجن في السوق، نظراً لاكتفاء المواطنين بلحوم الأضاحي، لكن هذا العام بعد مرور شهر على انتهاء عيد الأضحى بقيت أسعار الدواجن متدنية بأمر من وزارة الزراعة، ما أدى إلى تكبدنا كأصحاب مزارع خسائر مالية كبيرة. حال المزارع أكرم سلطان لم يكن أفضل من زميله، وقد عبر عن امتعاضه من الانخفاض المستمر في أسعار الدواجن دون وجود حلول في الأفق لهذه الكارثة، والتي يصعب على عدد كبير من أصحاب المزارع التعافي منها في وقت قريب. أستهجن لـ«القدس العربي» غياب تفسير الأسباب الحقيقية من قبل وزارة الزراعة لاستمرارها في هذه الإجراءات، وعدم تقديم توضيحات لأصحاب المزارع رغم الإلحاح للوقوف على الأسباب، ويرى أن هناك أسبابا كارثية تتحفظ الوزارة على ايضاحها، وهذا ما يكرس معاناة أصحاب المزارع. وبين أن تكاليف إنتاج ونقل الدجاج إلى المستهلك تصل بشكل طبيعي إلى 9 شواكل شاملة أجرة النقل، في حين بيع الكيلو من5 إلى 6 شواكل لم يأت بأدنى ربح. وأوضح سلطان أن مثل هذه المشكلة أضرت بعدد كبير من العمال الذين تم تسريحهم، إضافة إلى أنها تجعل المزارع غير قادر على إنتاج أفواج جديدة من الدواجن بعد نفادها، وهذا يضر المواطن في الدرجة الأولى الذي يعتمد بشكل أساسي على شراء لحوم الدواجن. ويقول المزارع أبو صابر لـ«القدس العربي»: سأعتزل مهنتي بشكل مؤقت ولن أعوذ لتربية الدواجن، بعد أن نفدت كميات منها من المزرعة وتم بيعها بسعر رخيص. وتعرض أبو صابر لخسائر مالية وصلت إلى 56 ألف شيكل. إضافة إلى تراكم الديون على تجار بيع الأعلاف بعد عدم تمكنه من السداد. ويرى مختصون أن من أسباب انخفاض أسعار الدواجن إلى هذا الحد، إدخال كميات كبيرة من البيض المخصب، ومنها ما يتم بالتهريب دون رقابة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، إضافة إلى منح وزارة الزراعة التراخيص لإنشاء فقاسات بيض جديدة، تزيد من فائض احتياجات السوق وهذا ما يجعل الفائض كبيرا، وينعكس ذلك بالخسائر بين الفينة والأخرى على أصحاب المزارع. وبين طاهر أبو حمد، مدير دائرة الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة أن احتياجات قطاع غزة من الدواجن تصــل إلى مليون و800 ألف دجـــاجة، في حين أن هنـــاك مليون دجاــجة فائضــة داخـــل الســـوق، وهـــذا ما شكل زيادة في العرض وانخفــاضا في الطلب. وأوضح لـ«القدس العربي» أن وزارته فتحت المجال أمام استيراد البيض اللاحم، في خطوة للقبض على اللصوص المحتكرين الذين يتلاعبون بالأسعار، بالإضافة إلى وضع شروط على البيض المستورد ومن يخالف تلك الشروط يتم إتلاف حصته. وأضاف أن وزارة الزراعة وفي محاولة لتفادي خسائر أصحاب المزارع، أعطت تعليمات بوقف استيراد أجزاء الدجاج المجمد لإعطاء الفرصة للتجار لتسويق منتجاتهم. ويتخوف الغزيون من غياب الحلول القريبة بالنسبة لمربي الدواجن، والذين قد يضطرون إلى رفع سعر كيلو الدجاج بشكل مفاجئ يصل إلى 17 شيكلاً وهو السيناريو نفسه الذي حصل قبل عام، الذي دفع التجار إلى مجابهة الخسائر برفع الأسعار، والتي يصعب فيها على المواطن شراء هذا المنتج في ظل الأوضاع الصعبة. غزة: خسائر فادحة تطال قطاع تربية الدواجن إسماعيل عبدالهادي |
بريكست بدون توافق يهدد القطاع المصرفي في بريطانيا Posted: 22 Sep 2018 02:07 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: مع اقتراب موعد اجتماع القادة الأوروبيين خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر لوضع اللمسات الأخيرة على ملف بريكست، تصاعدت التحذيرات والتهديدات من الجانبين الأوروبي والبريطاني، ولم يمر يوم يخلو من التحذير بشأن التداعيات السلبية لفك الارتباط بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة البريطانية. ودخلت على هذا الخط 3 من المصارف الدولية الكبرى، معلنةً أنها من المرجح ستسحب عدداً من وظائفها الحالية من بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى، معللةً ذلك على فك بريطانيا ارتباطها بالتكتل الأوروبي. وتوقع مدراء كبار في هذه المصارف الدولية بأنه قد يتم سحب ما لا يقل عن 450 وظيفة من المملكة المتحدة خلال المرحلة الأولى بعد بريكست، لكن توقعات الخبراء الاقتصاديين والمؤسسات المالية والصناعية تظهر أن عدد الوظائف التي قد يتم سحبها من بريطانيا بفعل بريكست، هو أكثر بكثير من العدد المعلن من قبل هذه المصارف. وأبلغ مسؤولون في مصرفي «سيتي» و»باركليز إيرلندا» أعضاء لجنة الخزانة في مجلس النواب الإيرلندي بأنهم يتوقعون سحب 150 وظيفة من إنكلترا، وأكد أحد كبار مسؤولي مصرف «جي بي مورغان» أن من المحتمل أن المصرف يسحب مئات الوظائف من بريطانيا. وبيّن نائب رئيس بنك «جي بي مورغان» الاستثماري، مارك غاروين، أن عدد الوظائف التي قد يتم سحبها من بريطانيا سيتزايد مع مرور الزمن وبعد خروجها من الاتحاد، وسيصل إلى المئات، موضحاً أنه خلال المرحلة الأولى بعد بريكست سيتم سحب 150 وظيفة، يليها ما لا يقل عن 400 وظيفة خلال المرحلة الثانية. وأكد رئيس مصرف «سيتي» والرئيس التنفيذي لمجموعة «غروب غلوبال ماركتس»، جيمس باردريك، خلال اجتماع لجنة الخزانة في البرلمان الإيرلندي، أن المصرف سينقل ما لا يقل عن 150 وظيفة من أصل 9 آلاف من إنكلترا إلى باقي الدول الأوروبية. وقال «هدفنا هو أن الأشخاص يعملون في المكان والمرتبة الوظيفية المناسبين»، مؤكداً على أن الهدف ليس القيام بتغييرات جوهرية وبنوية في عمل المصرف. وقال الرئيس التنفيذي لبنك باركليز إيرلندا، كوين وال، أن البنك سينقل ما يقارب 150 وظيفة من المملكة المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الأولى بعد شهر آذار/مارس 2019، مضيفاً أن «باركليز إيرلندا» لديه ما لا يقل عن 30 ألف موظف في إنكلترا، وإن نسبة الوظائف التي سيتم سحبها من بريطانيا هي قليلة جداً، وأنها لا تذكر. وفي النتيجة وحسب تصريحات مسؤولي المصارف الـ3، سيتم سحب أكثر من 450 وظيفة خلال المرحلة الأولى بعد تنفيذ بريكست، ويعتبر هذا العدد أقل بكثير من التوقعات السابقة التي تحدثت عن سحب آلاف الوظائف من قبل البنوك الدولية من بريطانيا إلى دول أوروبية أخرى. وكان البنك المركزي البريطاني قد توقع أن المملكة المتحدة ستخسر أكثر من 10 آلاف وظيفة بسبب تدعيات انسحابها من الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2016، خمّن الممثل الخاص للشركات الأوروبية في لندن، جرمي براون، أن فك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي سيكلف بريطانيا خسارة ما لا يقل عن 16 ألف وظيفة في القطاع المصرفي فقط. وكانت المراكز الاستشارية والبحثية قد توقعت خسائر أكبر من ذلك لبريطانيا في الوظائف المتعلقة بالقطاع المصرفي. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كانت مؤسسة «أوليور وايمان» قد توقعت العام الماضي بأن بريكست سيخلف لبريطانيا خسارة أكثر من40 ألف وظيفة في قطاعي المؤسسات المالية والمصارف. وسبق أن قدّرت مؤسسة BRUEGEL الاقتصادية بأن أكثر من 30 ألف وطيفة في القطاع المصرفي ستغادر بريطانيا نحو الدول الأوروبية. رغم أن التقديرات الرسمية المعلنة من قبل المصارف الـ3 تظهر خسائر في الوظائف أقل بكثير من التقديرات التي تم الحديث عنها خلال الفترات السابقة ومن قبل مراكز الأبحاث، لكن نائب رئيس بنك «جي بي مورغان» أوضح أن سحب الوظائف من بريطانيا لن يكون بشكل عملية سريعة ومفاجئة، بل سيحدث خلال فترة أطول وعملية منتظمة قد تطول سنوات. وقال إن التقديرات الأولية التي تم الإعلان عنها، هي تخمينات مرشحة للزيادة، ولا يمكن التكهن ما هي التغييرات التي ستطرأ إلى السطح خلال فترة ما بعد بدء تنفيذ بريكست، مضيفاً إنه في الظروف الراهنة لا أحد يستطيع أن يقدم تقديراً دقيقاً حول ما سيحصل بالنسبة للوظائف، والأعداد التي سيتم سحبها من بريطانيا. ولفت النظر إلى أن أهم متغير سيؤثر على ذلك هو صيغة الحل النهائي التي سيتم التوصل إليها من قبل لندن وبروكسل، وفي المرتبة الثانية ستكون تأثيرات المرحلة الانتقالية وكيفية التأقلم مع مرحلة ما بعد بريكست، مضيفاً أن الاستراتيجيات بعيدة المدى في هذا المجال لن تكون ثابتة، وبل ستشهد تغيرات كثيرة حسب معطيات كل مرحلة. وذكر مارك غاروين أن تحديد عدد الوظائف المرشحة للسحب من بريطانيا، تم على أساس معطيات اليوم، وأن من الصعب للغاية تحديد ما سيحصل خلال الفترات المقبلة، مؤكداً على أن هذه العملية وآلياتها معقدة للغاية، وأن التنبؤ في هذا المجال صعب جداً. وسبق للرئيس التنفيذي لمصرف «جي بي مورغان» جيمي ديمون، أن صرح أن بريطانيا إذا غادرت الاتحاد الأوروبي ستخسر إمكانيتها للوصول السهل للأسواق الأوروبية، وأن ذلك سيكلفها خسارة ما لا يقل عن 4 آلاف موظف يعملون لصالح هذا المصرف في إنكلترا. لكن الرئيس التنفيذي لمصرف «سيتي» جيمس بادريك، كان أكثر تفاؤلاً بين زملائه، حيث أكد لأعضاء لجنة الخزانة في البرلمان الإيرلندي، أن «لندن ستبقى أحد أهم المراكز العمل بهذا المصرف، ويشكل نشاطنا في عاصمة المملكة المتحدة الجزء الأهم من نشاطنا الدولي». بريكست بدون توافق يهدد القطاع المصرفي في بريطانيا محمد المذحجي |
البرلمان العراقي يبدأ دورته الجديدة بمعركة مع الإعلام Posted: 22 Sep 2018 02:06 PM PDT بغداد ـ «القدس العربي»: بدأ رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي، فترة ممارسة مسؤوليته بفتح معركة مع وسائل الإعلام التي وجهت الاتهامات له ولبعض النواب باستخدام المال السياسي للحصول على المناصب الرفيعة في الدولة، مع انتقادات لاذعة لانشغال النواب وأحزابهم بالمناصب والامتيازات ونسيان أزمات البلد. فبعد توليه رئاسة البرلمان رسميا، توعد الحلبوسي، بملاحقة وسائل الإعلام التي شككت في صحة انتخابه ونقلت اتهامات سياسيين له باستخدام المال لشراء أصوات نواب ساعدوه لتولي منصب رئاسة البرلمان، الأمر الذي دفع بالكثير من النواب والقوى السياسية ووسائل الإعلام، إلى المطالبة بالتحقيق في الموضوع لخطورته وأثره في فقدان المواطنين ثقتهم بالسلطة التشريعية، خاصة مع الضجة التي أثيرت حول تزوير الانتخابات الأخيرة. وكانت وسائل إعلام عراقية من بينها قناة «الشرقية» الفضائية، أكدت وجود عمليات بيع وشراء لأصوات النواب لاختيار شخصيات محددة في بعض المناصب العليا ومنهم النائب محمد الحلبوسي الذي ترشح لمنصب رئيس البرلمان ودفع أكثر من 30 مليون دولار، للأعضاء الذين ينتخبونه، حسب تلك الوسائل الإعلامية. وعقب انتشار هذه الأخبار الحساسة، دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الأخير، لإجراء تحقيق في شبهات فساد أثناء اختيار رئيس مجلس النواب الجديد، من خلال قيام أشخاص بتصوير أوراق الاقتراع لبعض النواب خلال عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه في منتصف الشهر الحالي، فيما أدان تصرفات نواب خلال تلك الجلسة. كما رفض العبادي تدخل الأحزاب في استقلالية القرار في مؤسسات الدولة، داعيا إلى تسريع تشكيل الحكومة الجديدة وفقاً للمواعيد الدستورية. ورد رئيس مجلس النواب الحلبوسي، ان «رئاسة البرلمان لن تسمح مطلقاً بأي شكل من أشكال التدخل في شؤون السلطة التشريعية» مؤكدا أنّ «الدورة البرلمانية الجديدة ستختلف عن سابقاتها» وان «مجلس النواب لن يَتسلّم توجيهات أو أوامر من أي شخصية أو سلطة، ولن يستمع إلا لصوت الشعب» حسب قوله. وحول اتهامات بالفساد في التصويت على انتخابه، أشار الحلبوسي إلى ان «رئاسة البرلمان وجهت الدوائر المعنية بإجراء تحقيق شامل وموسّع بشأن تصريحات بعض النواب، والجهة الإعلامية التي روّجت لأكاذيب لا صحة لها، خصوصاً وأنّ تلك الجهة الإعلامية المضللة كانت ولا تزال تعمل بشكل غير رسمي، وبعلم ودعم رئيس مجلس الوزراء، وخلافاً للقوانين النافذة». ودعا الحلبوسي في بيانه، العبادي إلى «الاهتمام بصوت المواطن ومعاناته واحتياجاته، وعدم الالتفات إلى الأصوات النشاز التي تعاني من عُقد الماضي، وأوهام المستقبل». وقد تم انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان في 15 أيلول/سبتمبر الحالي، من بين ثمانية مرشحين من السنة، بعدما حصل على ترشيح كتلته (السنية) إضافة إلى دعم كتلة البناء الشيعية وبعض الأحزاب الكردية، ضمن صفقة توافقية بين القوى السياسية لاختيار الرئاسات الثلاث والحكومة المقبلة. وكان العديد من وسائل الإعلام المحلية، نقلت كشف النائبة عن تحالف سائرون ماجدة التميمي عن حقيقة ما حدث داخل قبة البرلمان أثناء عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه من قبل الأعضاء. وقالت في تصريحات صحافية إن «عملية التصويت في البرلمان شابتها الشكوك وعلامات الاستفهام وسوء التصرف، وتحول المجلس إلى بازار بيع وشراء للأصوات» مبينة انه عندما يأتي دور النائب للتصويت يتجه الأخير لأخذ ورقة التصويت بعدها يذهب مباشرة إلى محافظ صلاح الدين والنائب الحالي احمد الجبوري، الذي وصفته بعراب الصفقة، حيث يطلع على اختيار النائب ثم يقوم بالتقاط صورة للورقة لإثبات اختياره ويذهب بعدها النائب إلى الصندوق ويضع ورقة التصويت. وذكرت انها سألت النائب احمد الجبوري عن سبب تجمع النواب عنده قبل ذهابهم لصندوق التصويت والإدلاء باختيارهم «فأجابني بالحرف الواحد (اني شراي واكو ناس تبيع)». وأكد ادعاء النائبة ماجدة التميمي (من التيار الصدري) قيام قنوات عديدة بعرض لقطات للتميمي وهي تصرخ وسط قاعة البرلمان أثناء عملية التصويت، بعبارات منها «هكذا تبيعون دماء العراقيين». وسبق لعدة وسائل إعلام محلية ومراجع دينية واجتماعية، ان وجهت انتقادات لاذعة للقوى السياسية بعد كشف الإعلام تورط معظمها في فضيحة تزوير الانتخابات الأخيرة التي جرى لملمتها وتمرير النتائج لاحقا. بينما كشفت قناة «الشرقية» الفضائية، تورط النائب محمد الحلبوسي عندما كان محافظا للأنبار، في قضايا فساد من بينها التلاعب بمبالغ مخصصة لإقامة مدينة صناعية في المحافظة. وقد أدت تلك الاتهامات إلى قيام الحلبوسي بمنع عمل قناة «الشرقية» في الأنبار. ولم تكن هذه الحوادث الوحيدة التي عكرت العلاقة بين البرلمان والإعلام العراقي مؤخرا، حيث انتقدت وسائل إعلام عدم سماح إدارة البرلمان لها بتغطية فعالياتها ومنها مجريات عملية انتخاب رئاسة البرلمان، بينما تلقت الدائرة الإعلامية في مجلس النواب شكوى من النائبة هيفاء الأمين على قناة «هنا بغداد» بخصوص تقديمها برنامجا انتقدت فيه تدافع النواب أثناء توزيع حقائب عليهم، حيث سخر مقدم البرنامج قائلا: «إذا كان النواب يتدافعون على توزيع الحقائب وسيم كارت الموبايل، فماذا سيفعلون ازاء الصفقات والأموال؟». ومؤخرا تناقلت وسائل الإعلام تصريحات متلفزة للخبير القانوني طارق حرب، أعلن فيها ان مجلس النواب شرع لنفسه قانون تقاعد جديدا منح بموجبه امتيازات مالية كبيرة للنواب دون الإعلان عنه عبر وسائل الإعلام لتجنب النقد. ونقلت وسائل الإعلام أيضا تصريح حرب بأن عدد موظفي مجلس النواب تجاوز أربعة آلاف يتقاضون رواتب ومخصصات خيالية ويتم تعيينهم من قبل الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية وان هناك مئات المستشارين يعملون في مجلس النواب يتقاضى كل واحد منهم راتب نحو ثمانية ملايين دينار. وللبرلمان العراقي خلال الدورات السابقة منذ 2003 تاريخ من الخلافات مع وسائل الإعلام، أدى إلى انتقاده لها وتهجمه عليها ومنع بعض القنوات الفضائية العراقية والعربية، من دخول البرلمان لتغطية فعالياته، وذلك ردا على انتقادات الإعلام وكشفه مخالفات وفضائح يرتكبها بعض النواب والكتل النيابية، إضافة إلى انتقاد تقاعس البرلمان عن تمرير قوانين مهمة جدا للمواطنين وللبلد منذ سنوات لوقوعه تحت ضغوط النخبة السياسية. البرلمان العراقي يبدأ دورته الجديدة بمعركة مع الإعلام |
الإعلام اليمني بين كماشة انتهاك الحريات وتدمير المنشآت Posted: 22 Sep 2018 02:05 PM PDT صنعاء ـ «القدس العربي»: يدفع العاملون في قطاع الإعلام والصحافة في اليمن ثمناً باهظاً للحرب الراهنة، فكثيرون منهم خارج ساحة المعركة، لكن طرفي الحرب ينظرون لهم إما بتوجسٍ أو استعداء، ذلك أن كل طرف يريد منهم أن يكونوا ضمن أدوات معركته أو يعتبرهم محسوبون على الطرف الآخر، وبذلك يتم إدراجهم ضمن قوائم ما يسمونهم بالمرجفين أو «الطابور الخامس» ويصبحون متهمين محتملين بالعمالة والارتزاق وغيرها من التهم مما تذهب بهم، في حال لم يتم قتلهم، إلى الاختطاف أو الإخفاء أو الاعتقال في غياهب السجون، حيث يعانون مرارات التعذيب انتظاراً لموت محقق، فيما تعيش عوائلهم حالة صعبة من البحث والانتظار لغائب لا يعرفون إن كان سيعود أم سيموت غائباً مخفياً. وهذا لا يقتصر على طرف دون آخر، فطرفا الحرب في كل أنحاء اليمن يمارسان كل الانتهاكات، بل وكأنهما يتسابقان على ذلك، هو ما أكدته تقارير رصد حديثة. ونتيجة لذلك يشهد وضع الصحافة في اليمن واقعا مؤسفا في ظل ما يتعرض له الصحافيون والإعلاميون هناك من استهداف ممنهج لأرواحهم وحرياتهم وأدواتهم ومنشآتهم، وانتهاكات خطيرة متعددة وهو ما أدانته ورفضته مؤسسات نقابية محلية وعربية ودولية أكدت تضامنها معهم واستنكارها لكافة الانتهاكات التي يتعرضون لها من كل الأطراف، وعبرت عن رفضها لأي محاكمات غير قانونية للصحافيين والإعلاميين. تدمير وقتل آخر عمليات تدمير المنشآت الإعلامية في اليمن كان في استهداف طيران التحالف العربي بقيادة السعودية في 16 أيلول/سبتمبر محطات الإرسال لإذاعة «الحديدة» في مديرية المراوعة في ضواحي مدينة الحديدة، وأسفرت تلك الغارات عن تدميرها وقتل أربعة من العاملين الإعلاميين والحراس فيها. وكان طيران التحالف قد استهدف بعدد من الغارات في تموز/يوليو الماضي محيط مبنى إذاعة الحديدة في عاصمة المحافظة. وتعرض عدد من المؤسسات الإعلامية الخاضعة لسلطة «أنصار الله» (الحوثيين) للاستهداف المباشر من طائرات التحالف، وذلك منذ بدء تدخل «التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن» بقيادة السعودية منذ آذار/مارس 2015 في الحرب في اليمن. وتُعدُّ إذاعة الحديدة، من أقدم الإذاعات المحلية في اليمن، وتعود فكرة تأسيسها إلى عام 1968من خلال مجموعة من الإعلاميين الشباب الطامحين، الذين استطاعوا بدعم من الدولة آنذاك تأسيس الإذاعة التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، وتواصل تطوير إمكاناتها وقدراتها في مساحة وفترة بثها، وخرج منها عدد من الأسماء البارزين في الإعلام اليمني أمثال: الراحل يحيى علاو والإذاعي المخضرم عقيل الصريمي وآخرين. نقابة الصحافيين اليمنيين أدانت استهداف محطة الإرسال الخاصة بإذاعة الحديدة. وقالت في بيان لها إن «القصف أسفر عن مقتل مهندس الإرسال عمر عزي محمد، واثنين من الحراسة هما جماعي مسيب وعبيد جماعي، وأحد المزارعين». وحمّلت النقابة التحالف العربي كافة المسؤولية عن هذه الجريمة التي لا تسقط بالتقادم، واستنكرت «استمرار استهداف وسائل الإعلام وممتلكاتها وأدواتها». وكان موظفو الإذاعة في الاستهداف الأول قد ناشدوا المؤسسات الإعلامية العالمية والعربية الضغط على التحالف من أجل وقف الغارات التي تستهدف الإذاعة. وتناقلت وسائل إعلام بيان لهم طالبوا فيه «أحرار العالم الوقوف إلى جانبهم ووقف الاستهداف الأرعن لـ 70 موظفاً من إعلاميين وفنيين وإداريين، يعملون في إذاعة الحديدة منذ سنوات». ويخوض التحالف، معارك من أجل السيطرة على مدينة الحديدة منذ حزيران/يونيو الماضي وهي المعارك التي ضاعفت من معاناة السكان هناك ما تسبب في نزوح عشرات الآلاف وسقوط عديد من القتلى المدنيين بالتزامن مع تحذيرات دولية من آثار تلك الحرب على الوضع الإنساني وخاصة على صعيد احتمال عودة قوية لموجة ثالثة من وباء الكوليرا جراء تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية والبيئية. وتجددت المعارك هناك بشكل أعنف عقب فشل مفاوضات جنيف 3 والتي كان من المقرر عقدها في السادس من أيلول/سبتمبر. محاكمة صحافيين وفي سياق المعاناة التي يتجرعها الصحافيون هناك جراء الحرب، أحالت سلطات «أنصار الله» (الحوثيون) في 10 أيلول/سبتمبر، عشرة من الصحافيين المعتقلين لديها والمضربين علن الطعام إلى النيابة الجزائية المتخصصة (نيابة أمن الدولة) استعداداً لبدء محاكمتهم، في خطوة رفضتها أوساط إعلامية يمنية ودولية، واعتبرتها غير قانونية. وكانت نقابة الصحافيين اليمنيين أصدرت تقريراً عن النصف الأول من العام 2008 رصدت فيه 100 حالة انتهاك ضد الصحافيين، وتمثلت في الاختطافات والاعتقالات والاعتداءات والتحريض والتهديد والمصادرة والنهب والمحاكمة والحجب والقرصنة والتعذيب وإيقاف الرواتب ومنع التغطية وايقاف وسائل إعلام والقتل، ارتكبتها جميع الأطراف وتصدرت القائمة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً. واعتبرت قيادات صحافية يمنية أن واقعة 10 أيلول/سبتمبر، والمتمثلة في إحالة عدد من الصحافيين المعتقلين في سجون صنعاء إلى النيابة، جريمة جديدة تضاف إلى جرائم الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب والانتهاكات التي تُرتكب بحق الصحافيين المختطفين. ورفضت نقابة الصحافيين اليمنيين جلسة التحقيق تلك مع الصحافيين توفيق المنصوري، وعبد الخالق عمران، وعصام بلغيث، وحسن عناب، وهشام طرموم، وهشام اليوسفي، وهيثم الشهاب، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وصلاح القاعدي، المختطفين لدى الحوثيين منذ عام 2005. وقالت النقابة إن النيابة الجزائية المختصة «نيابة أمن الدولة» حققت معهم، ووجهت لهم عدداً من التهم الباطلة أبرزها «نشر أخبار كاذبة وتكدير الأمن والسلم العام». وأدانت النقابة ما يتعرض له الصحافيون المختطفون رافضة التحقيق معهـم «من قبل نيابة ليست جهة اختصاص ولا تتوفر فيها أدنى مستويات العدالة». وسبق أن جددت النقابة مطالبتها المستمرة بعدم إقحام الصحافة والصحافيين في الصراعات السياسية والعسكرية، مطالبة كافة الأطراف بإيقاف السياسات العدائية والممنهجة ضد الصحافة والعاملين فيها، وتوفير الحماية لهم. كما شددت في مطالبتها على سرعة الإفراج عن المعتقلين وإيقاف مسلسل الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون. الإعلام اليمني بين كماشة انتهاك الحريات وتدمير المنشآت التحالف يستهدف إذاعة والحوثيون يحيلون صحافيون للنيابة أحمد الأغبري |
شبكات التواصل الاجتماعي شكلت ساحة أكبر معركة انتخابية في موريتانيا Posted: 22 Sep 2018 02:04 PM PDT نواكشوط ـ «القدس العربي»: شكلت مواقع الإعلام الاجتماعي ساحة للمعاركة الانتخابية التي وضعت أوزارها للتو في موريتانيا. فقد اختطفت هذه الشبكات وأبرزها فيسبوك وتويتر، عقول وعيون الناخبين وتوجه إليها مديرو حملات المترشحين، وزاحمت بحضورها وبسرعة وصولها للناس في عقر ديارهم، قنوات التلفزيون والإذاعات والصحف. ورغم أن مواقع الإعلام الاجتماعي أطلقت أساسا ليتعرف الناس على بعضهم البعض، إلا أنها تحولت في موريتانيا خلال الاستحقاقات الأخيرة لأنشط وسيلة لعرض البرامج ولتوجيه الخطابات المباشرة. وشكلت هذه المواقع منابر انتخابية مجانية مكنت عددا كبيرا من الأحزاب من شرح برامجها الانتخابية وتقديمها في وجبات سهلة الانتشار مؤثرة لأبعد الحدود. وقد راهن مدونون موريتانيون كثيرون على صفحاتهم على فيسبوك في دخولهم المعترك الانتخابي. وتمكن المدون محمد الأمين سيدي مولود وهو من أشد معارضي نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، من دخول البرلمان في انتخابات أيلول/سبتمبر الجاري، معتمدا على آلاف «اللايكات» التي زخرت بها صفحته طيلة الحملة الانتخابية، وعلى سواعد مئات الشبان الذين انضموا سريعا لحركته السياسية التي سماها «كتلة التغيير الجاد». وأظهر نجاح المدون سيدي مولود في اتخاذ صفحته الخاصة على فيسبوك جسرا نحو البرلمان في انتخابات تنافس فيها قرابة مئة حزب سياسي بل لم يتخلف عنها أي حزب، أن شبكات التواصل لها تأثيرها الكبير في المجتمع الموريتاني الذي انتشرت داخله استخدامات أدوات التواصل مثل فيسبوك وتويتر وأنستغرام ووتساب. وبما أن القانون الموريتاني يمنع الترشح المستقل في الانتخابات النيابية والمحلية، فقد وجد العديد من المدونين طرقا لوجود حزب يترشحون تحت لافتته. يقول المدون الدكتور الشيخ معاذ واصفا في تدوينة له العراقيل التي يتوقع اعتراضها لطموحه «بعد أن تم منع الترشح المستقل أضحت عملية الترشح من الأحزاب بحاجة لمفاوضات طويلة وتنازلات كثيرة، فعقبتي الرئيسية حاليا هي تلك التنازلات والثقة المهزوزة في التزامات بعض رؤساء الأحزاب». وقال «الطموح ما زال موجودا والرغبة قائمة، متمنيا التوفيق لكل الشباب الذين أعلنوا ترشحهم للاستحقاقات والذين في طريقهم للإعلان». وأكد الدكتور معاذ أنه سيعتمد في حال الترشح على «اللايكات والتعليقات المؤيدة وعلى المعارف والأصدقاء ومن يقنعهم خطابي»، مذكرا بأن عدد متابعي صفحته يتجاوز 70 ألف متابع. ودخلت خدمة الانترنت موريتانيا عام 1997 حيث انتشرت بوتيرة سريعة بفضل دخول شركات اتصال تتنافس في اكتساب العملاء مستفيدة من رغبة الموريتانيين العميقة في اكتشاف هذا العالم الجديد الذي أصبح يؤثر على أدق تفاصيل حياة الفرد والمجتمع في موريتانيا. وفي عام 1996، أطلقت موريتانيا النطاق الخاص بها على الشبكة العنكبوتية «mr « وحتى عام 1997 كانت شركة توب تكنولوجي الوحيدة التي تتوفر على الإنترنت. إلا أنّ عام 1998 شهد ظهور الواجهة الموريتانية على الإنترنت www.mauritania.mr لتكون أول موقع إلكتروني موريتاني. وفي العام التالي، دخلت العاصمة نواكشوط إلى الشبكة العالمية وعرف الموريتانيون مقاهي الإنترنت. وعام 2001، تمّ الإعلان عن ربط 12 منطقة في موريتانيا بشبكة الإنترنت. فراحت المقاهي تنتشر شيئاً فشيئاً في أحياء العاصمة، بدءاً بحي تفرغ زينة الرّاقي شمال العاصمة، الذي تجاوز عدد فضاءات الإنترنت فيه عام 2003 إلى 15 مقهى. إثر هذه الأحداث وغيرها، بادرت الحكومة إلى صوغ قانون جديد باسم «قانون مجتمع المعلومات الموريتاني» الذي أثار امتعاض المدوّنين وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي. فقد اعتبروه سعياً حكوميّاً لكمّ الأفواه وخنق حرية التعبير. فتضمّنت بعض مواد القانون عقوبة السجن من ستة أشهر إلى سبع سنوات وغرامة مالية من خمسمئة ألف إلى خمسة ملايين أوقية (ما يعادل 1،700 إلى 17 ألف دولارات) لمخالفي المواد المتعلقة بالمساس بـ «الأخلاق الحسنة»، فيما تنص المادة 18 منه على أن «تلغى جميع القوانين المخالفة لهذا القانون». ويصل عدد مستخدمي الأنترنت على الهواتف المحمولة 180.000 مستخدم، وهو ما يبلغ 5.4 في المئة من السُكّان. ووجد الموريتانيون في شبكة «فيسبوك» متنفسا كبيرا، وأصبح حضورهم يزداد بشكل متسارع، حتى وصل، حسب قسم الإعلانات في فيسبوك إلى 154،000 مستخدم، بينهم 72 في المئة من الرجال و28 في المئة من النساء، و57 في المئة تحت 20 سنة و85 في المئة تحت الثلاثين سنة، وحسب الاحصائية فقد زاد عدد مستخدمي «فيسبوك» بحوالي 40 ألف خلال العام الماضي. وأعلن رئيس الوزراء يحي ولد حدمين في خطابه أمام البرلمان في شهر كانون الثاني /يناير الماضي «أن سعة الانترنت في موريتانيا زادت ثلاث مرات ما بين عامي 2015 و2017» مؤكدا «أنها وصلت الآن إلى أكثر من 18 غيغا في الثانية». وأشار إلى أن معدل انتشار الأنترنت في البلاد ارتفع من 33 في المئة إلى 42 في المئة خلال الفترة نفسها، مؤكدا أن هذه الزيارة تتجاوز المتوسط السائد في افريقيا بعشر نقاط. شبكات التواصل الاجتماعي شكلت ساحة أكبر معركة انتخابية في موريتانيا عبد الله مولود |
تصميم خوارزميات كمبيوترية تعيد رسم لوحات كبار الفنانين Posted: 22 Sep 2018 02:03 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: أقدم فريق من رجال الأعمال الفرنسيين، على تصميم خوارزميات على الكمبيوتر يمكنها أن تعيد رسم لوحات أصلية تشابه أعمال كبار الفنانين مثل رامبرانت. ومن خلال هذا التصميم ظهرت لوحات تتخيل «بارون بلدة بلامي» وشخصيات أرستقراطية ربطتهم به معرفة أو علاقة ما. ورغم أن النتيجة النهائية جاءت مشوشة وغير واضحة بما لا يثير إعجاب المولعين بفن رامبرانت، فقد كانت جيدة بما يكفي لعرض إحداها في دار كريستيز للمزادات في نيويورك للبيع في تشرين الأول/أكتوبر بسعر يقدر بما يتراوح بين سبعة وعشرة آلاف دولار. وقال هوغو كازيل دوبر، مهندس الكمبيوتر الذي أسس المجموعة مع صديقي طفولته غوتييه فيرنيير وبيير فوتريل، «نحن فنانون بنوع مختلف من ريشة الرسم. ريشتنا هي خوارزمية نطورها على جهاز كمبيوتر». وتنتج الخوارزمية تلك الأعمال الفنية من خلال الخروج بصور جديدة بعد تزويد جهاز الكمبيوتر ببيانات اللوحات الموجودة بالفعل. ويعترف فوتريل بأن اللوحات تخرج مشوشة ويقول «الصور المرئية ليست هي الشيء الوحيد الذي تتألف منه اللوحة النهائية. الرسالة بأكملها والعملية الفنية للحصول على الصورة المرئية من الأمور المهمة أيضا، ربما أهم من المنتج النهائي». لكن بعض الفنانين لم يقتنعوا بأن آلة يمكنها أن تصنع فنا حقيقيا. وقال الرسام روبيرت بريستجياكومو «هناك على الدوام إحساس ما خلف اللوحة. سواء كان غضبا أو اشتياقا أو رغبة. لكن الـــذكـــاء الاصطـــنــاعي؟ ها هو التعـــبـير يتحدث عن نفسه، اصطناعي». وكانت شركة «أرماتر» اليابانية التي يعمل رئيسها التنفيذي بن تريت رساما، ابتكرت الفنان الاصطناعي «سوزو» وكانت مهمته مساعدة الفنانين على دمج التكنولوجيا الرقمية ووسائل الرسم التقليدية. و»سوزو» أو الخيال باللغة اليابانية، استطاع رسم آلاف الشعيرات على جسم ثور بيسون في أحد أعماله الفنية. ويصنع الروبوت علامات على النسيج بموجب تعليمات الفنان الذي يتواصل معه عن طريق نظام تتبع بصري ملحق بعصاة تشبه فرشاة الرسم. ويستعين عدة فنانين بأجهزة الروبوت المخصصة للطباعة الرقمية التي تستخدم تقنيات في الرسم كانت مستحيلة من قبل أو تحتاج الكثير من العمل. وتعمل الأجهزة بناء على توجيهات الفنانين وبالاستعانة بمجسات ضوئية لرسم تفاصيل دقيقة على خطوط يقل سمكها عن سمك أحد رموش العين. وكان الفنان الأمريكي المعروف بارنبي فيرنس، استخدم إنسانا آليا لمساعدته في رسم لوحات يمكن بيعها بأكثر من 100 ألف دولار في معارضه التي أقامها في نيويورك. وقــال في مـقـابلة «حرفيا اعتبر الروبوت صديقا، أكثر من مجرد حيوان أليف وأقل من مساعد فني، شيء من هذا القبيل». تصميم خوارزميات كمبيوترية تعيد رسم لوحات كبار الفنانين |
«فيسبوك» تطلق في كولومبيا خدمتها الجديدة للتعارف Posted: 22 Sep 2018 02:03 PM PDT باتت كولومبيا أوّل بلد تطرح فيه خدمة «»دايتينغ» التابعة لـ «فيسبوك» والتي تتيح لمستخدمي موقع التواصل الاجتماعي التعارف على أشخاص لديهم الاهتمامات عينها، حسب ما أعلنت المجموعة الأمريكية. واختارت «فيسبوك» كولومبيا لتجربة «دايتينغ» نظرا للإقبال الكثيف على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع التعارف في البلد. وباتت الخدمة الجديدة متاحة في كولومبيا منذ الخميس عبر تطبيق للأجهزة المحمولة. وكولومبيا هي رابع بلد في أمريكا اللاتينية يضمّ أكبر عدد من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بعد البرازيل والمكسيك والأرجنتين. وقال نايثن شارب، القيّم على مشروع «فيسبوك دايتينغ» في رسالة صوتية نقلت إلى وسائل الإعلام «كنّا نبحث خلال تطوير فيسبوك دايتينغ، عن بلد عهد سكانه تبادل الرسائل النصية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي واللجوء إلى خدمات التعارف». وأردف «خلصنا إلى أن كولومبيا تستوفي هذه المعايير الثلاثة على أفضل وجه». وخلافا لخدمة «تيندر» الأكثر رواجا بين تطبيقات التعارف على الإنترنت، ترسل «دايتينغ» لمشتركيها اقتراحات قائمة على اهتماماتهم وتفاعلاتهم على الشبكة. وحسب المجموعة الأمريكية، يستعمل 21 مليون شخص «فيسبوك» بوتيرة يومية في كولومبيا حيث يبلغ إجمالي السكان 50 مليونا. ويقوم التطبيق الجديد على خدمة «دردشة» أساسية وهو لا يتيح لمجهولين إرسال صورهم، كما إنه لا يربط بين أصدقاء أو أفراد العائلة الواحدة. وأكدّت «فيسبوك» التي كانت في أيار/مايو محور فضيحة مرتبطة بشركة «كامبريدج أناليتيكا» البريطانية التي استغلّت بيانات ملايين المشتركين، ضمان سرّية تامة لمعطيات مستخدمي «دايتينغ». (أ ف ب) «فيسبوك» تطلق في كولومبيا خدمتها الجديدة للتعارف |
مهرجان «تكنوفيست إسطنبول» لعشاق تكنولوجيا الطيران والفضاء Posted: 22 Sep 2018 02:02 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: واصل مهرجان «تكنوفيست إسطنبول» فعالياته لليوم الثالث على التوالي أمس على أرضية مطار إسطنبول الثالث، وسط إقبال كبير من قبل الزوار. و»تكنوفيست إسطنبول» أول مهرجان لتكنولوجيا الطيران والفضاء في تركيا وهو واحد من أضخم وأشمل المهرجانات التكنولوجية في العالم. وتولت بلدية إسطنبول الكبرى، وفريق التكنولوجيا التركي «وقف تي 3» تنظيمه. وشارك في المهرجان 750 فريقًا من المطورين وخبراء التكنولوجيا، وشركات الصناعات الفضائية، وخبراء الطيران، ومكتشفي الفضاء، إلى جانب أكثر من ألفي متسابق من كافة أنحاء العالم. ومن بين الشركات المساهمة «روكتسان» المتخصصة في صناعة الصواريخ والقذائف، و»أسلسان» للصناعات الدفاعية، و»إسطنبول» لتقنية المعلومات وتقنيات المدن الذكية، و»توساش» للصناعات الجوية والفضائية التركية، و»بايكار»، و»توركسات»، والمؤسسة التركية للبحوث العلمية والتكنولوجية «توبيتاك». وإلى جانب الخبراء والشركات، شارك في المهرجان عشاق ومخترعو التكنولوجيا الصغار من كافة الفئات العمرية بالمراحل الإعدادية والثانوية إلى جانب طلبة الجامعات. ويوفر المهرجان منصة ضخمة لالتقاء مطوري التكنولوجيا حول العالم بالمستثمرين ليفتح الآفاق لشراكات واتفاقيات بين المطورين والممولين. وعرضت شركة «توساش» للصناعات الجوية والفضائية التركية مرآب طائراتها على الزوار عبر مناظير افتراضية. حيث استطاع الزوار عبر تقنية المناظير الافتراضية تفحص طائرات العنقاء المسيرة، والمقاتلة المحلية (قيد التصميم)، ومروحيات «تي 625» والقمر الصناعي غوكتورك- 2، وطائرات التدريب، والطائر الحر «Hürjet»، ومروحيات أتاك. وتتيح تكنولوجيا المناظير الافتراضية للزوار، إمكانية التجول داخل المرآب، ورؤية منتجات الشركة من مسافة قريبة ومقاييسها الحقيقية. وقال مرت أوغوزاتا، مدير شركة «GFDS» للحلول التقنية والتصاميم العالمية، التي صممت المناظير الافتراضية، إن شركته وجدت فرصة للعمل في تركيا، من خلال الرؤية المستقبلية لشركة توساش. وأوضح أن المنظار يتم استخدامه لأول مرة في تركيا، مشيراً إلى أن المنظار يتيح للزوار إمكانية مشاهدة المنتجات بمقاييسها الحقيقية. وعرضت شركة أسيلسان للصناعات العسكرية الإلكترونية، جهازها اللاسكي «3700». وقال رئيس مجلس إدارة والمدير العام للشركة التركية، خلوق غوغون، في كلمته إن العالم دخل في سباق تكنولوجي. وأكد أن تركيا لديها القدرة والبنية التحتية اللازمة لخوض غمار السباق التكنولوجي في العالم. وقال: «وأكبر دليل على ذلك هي شركة أسيلسان التي تعد واحدة من بين الشركات التركية التي تنمو وتتطور من نفسها يوما بعد يوم». وأشار إلى أن اللاسكي 3700، يوفر خدمات الاتصال لقوات الأمن والدرك وخفر السواحل والاستخبارات والقوات الخاصة والطواقم الطبية والإطفاء والبلدية. وأوضح غورفون أن اللاسكي لديه تطبيقات حديثة تواكب متطلبات الحاضر، ويتمتع بوزنه الخفيف وحجمه الصغير، وسهولة الاستخدام والمتانة وجودة الصوت، وقاد على حماية نفسه من الاختراق والاستماع لموجته. وأمس استعرض فريق طيران «النجوم التركية»، مهاراته في التحليق الخطير إلى جانب طائرة «بوينغ 777» تابعة للخطوط الجوية التركية، ضمن فعاليات المهرجان. وأجرت 7 طائرات من فريق طيران «النجوم التركية» تحليقًا خطيرًا بجانب طائرة الركابة «بوينغ 777»، على علو منخفض، فوق منطقة المهرجان، ما أبهر الزوار. وزادت حماسة الزوار مع انبعاث الغازات الملونة من طائرات النجوم التركية، عند الاقتراب من مجال تنظيم المهرجان. وجرت فعاليات المهرجان على أرض مطار إسطنبول الثالث، خلال الفترة بين 20 و23 سبتمبر/أيلول الجاري. مهرجان «تكنوفيست إسطنبول» لعشاق تكنولوجيا الطيران والفضاء |
تويتر تحذر مستخدميها: رسائل البعض للشركات تم تسريبها لطرف ثالث Posted: 22 Sep 2018 02:02 PM PDT لندن ـ «القدس العربي»: حذرت شبكة التواصل الاجتماعية «تويتر» بعض مستخدميها من أن رسائلهم الخاصة خلال الـ 16 شهرا الماضية من الممكن أن تكون تسربت إلى أطراف ثالثة. ويجري الحديث عن اختراق في برنامج»bug» منذ أيار/مايو 2017، والذي تم إصلاحه في العاشر من أيلول/سبتمبر الجاري، ويتضمن تسريب رسائل مباشرة بين المستخدمين والشركات التي تقدم خدمات العملاء عبر «تويتر». وتم إعلام المستخدمين المتأثرين عبر رسالة ظهرت أمس عند فتح التطبيق أو تسجيل الدخول إلى موقع تويتر على الويب. وقال تويتر «استمرت القضية منذ أيار/مايو 2017». وقالت الشركة إنها قامت بحل المشكلة فور اكتشافها في 10 أيلول/سبتمبر. ولم تذكر على وجه التحديد عدد المستخدمين الذين أبلغتهم بالرسالة، لكنها قالت في بيان إنها بلغت أقل من 1 في المئة من إجمالي مستخدميها. ويبلغ عدد المشتركين الفعليين في الشبكة 335 مليون مستخدم، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن الشركة، والتي نشرت في تموز/يوليو الماضي. وقال تويتر لم تكن كل الرسائل المباشرة، التي من المفترض أن تكون خاصة، على خلاف التغريدات العادية، معرضة للخطر، فقط الرسائل بين المستخدمين والشركات، مثل شركة الطيران. وقالت الشركة «لم نعثر على حالة أرسلت فيها بيانات إلى الطرف غير الصحيح». وأضاف الموقع «لكننا لا نستطيع أن نؤكد بشكل قاطع أنه لم يحدث، لذلك نحن نخبر الناس الذين قد يكونوا قد تأثروا بهذا الخلل». وختم «تويتر» رسالته بالقول «إذا كنت محتملًا، فسنتصل بك اليوم (أمس السبت). نحن نأسف لحدوث ذلك.» تويتر تحذر مستخدميها: رسائل البعض للشركات تم تسريبها لطرف ثالث |
حصيلة الاعصار ترتفع في الفيليبين Posted: 22 Sep 2018 02:02 PM PDT واصل عمال الانقاذ أمس عمليات البحث عن ناجين في موقع شهد انزلاقات أرضية في وسط الفيليبين أسفرت عن 29 قتيلا على الأقل، حسب حصيلة جديدة أعلنتها الشرطة. ولا يزال عشرات الأشخاص في عداد المفقودين بعد انهيار سفح تلة شديدة الانحدار في قرية تينا-ان في جزيرة سيبو بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة. ونجم الانهيار على ما يبدو عن الأمطار الموسمية الكثيفة جدا، لكن السلطات تجري أيضا تحقيقا حول الدور المحتمل لمقلع مجاور. وتتعرض الفيليبين سنويأ لحوالي عشرين إعصارا تسفر عن مئات القتلى وتزيد من تفاقم الفقر. حصيلة الاعصار ترتفع في الفيليبين |
أبحاث جديدة لتشخيص أسباب مرض التوحد Posted: 22 Sep 2018 02:01 PM PDT مرض التوحد هو اضطراب يؤثر على النمو العصبي، ويكون مصحوباً ببعض الاشكالات السلوكية وخاصة في ما يتعلق بالتواصل والعلاقات الاجتماعية وصولا إلى صعوبة القراءة أو الكتابة أو التعبير عن النفس وفهم الآخرين. وعادة ما تظهر أعراض المرض في سن ما بين الثانية والرابعة من العمر. وأواخر آب/اغسطس الماضي، أثمرت أبحاث علماء من جامعة كاليفورنيا الأمريكية، لمعرفة مسببات التوحد، عن تطوير أول فحص بيولوجي لتشخيص اضطرابات التوحد، فيما نجح باحثون صينيون في اكتشاف ان تراجع أداء الوظائف الخاصة بأحد الجينات المسؤولة عن تنظيم وظائف الدماغ، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالتوحد. وينطوي انجاز العلماء الأمريكيين، على إجراء اختبار دم يسمح برصد السلوكيات المرضية لدى الأطفال قبل ظهور أعراضها، بالاعتماد على النتائج النهائية لمجموعة من التحليلات الأنزيمية لمستقلبات الدم «الأيض». حيث وجدوا أنها ترصد كل الجينات والمساهمات البيئية في تغييرها وتأثيراتها لدى مرضى التوحد، ما يمكن هذا الاختبار من تشخيص كل المرضى، باكرًا، بما فيها الحالات التي فشلت أجهزة الفحص المعتمدة حاليا في تحديدها، مما سيساهم في بدء العلاج قبل ظهور الأعراض السلوكية لديهم. ويتركز الإنجاز العلمي الصيني على اكتشاف ان تراجع أداء الوظائف الخاصة بالجين المعروف باسم «سيران تريوناين كيناس بي إيه كيه 2» المسؤول عن تنظيم وظائف الدماغ، يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض التوحد، وذلك لأن هذا الجين يستطيع أن يلعب دوراً حيوياً في التعرف على الهيكل الخلوي، وفي إمكانه السيطرة على نمو الخلية وموتها بينما كانت وظيفته داخل النظام العصبي المركزي غير واضحة سابقاً. إذ تمكن الباحثون الصينيون من خلال إجراء تجارب على فئران معملية، من إزالة الجين «بي إيه كيه 2» في الخلايا، ليكتشفوا أن زواله قاد إلى حدوث وظائف غير عادية في السلوك المتعلق بمرض التوحد، كما نجحوا أيضاً في تحديد وتعريف الطفرات المتعددة لهذا الجين في مرضى التوحد من خلال التسلسل الجيني. ورغم سعة البحوث العلمية في كل العالم حول التوحد، إلا انه يتم لحد الآن تحديد أسباب الإصابة بهذا المرض. لكن من المتفق عليه وجود عوامل وراثية جينية تساعد في زيادة فرص الإصابة به إلى جانب أسباب بيئية كثيرة مثل الولادة المبكرة أو مشاكل متعددة تصيب عنق رحم الأم أثناء فترة الحمل فضلا عن تناول الكحول من قبل الأم خلال الحمل. والمؤكد في المقابل هو عدم وجود علاقة للتوحد بالتلقيحات التي يأخذها المصاب خلال فترة طفولته. فمهما كثرت النظريات التي تحاول إيجاد تفسيرات عقلانية لأسباب هذا الاضطراب من الضروري تجنب قرار عدم أخذ الطفل للقاحات الضرورية لحماية صحته، إذ أن قراراً كهذا قد يعرضه إلى أمراض خطرة خلال حياته. ويتطلب الكشف عن مرض التوحد عند الطفل معرفة ان التعامل معه يقتضي التركيز على ثلاث نقاط أساسية وهي: ● تبسيط اللغة عند الحديث، نظرا إلى أن طفل التوحد لا يفهم الجمل الطويلة أو الأمثال أو النكات أو الاستعارات. ● اعتماد الإعادة والتكرار أثناء الحديث أو الطلب. ● تسهيل تواصل المريض مع الآخرين أو تفاعله مع المحيط وتجنيبه الحساسية المفرطة تجاه الناس والمكان والرائحة وحتى درجة حرارة الغرفة ونوع الملابس التي يرتديها ولونها. ان الإصابة بالتوحد لا تقتصر على فئة معينة دون أخرى. وليس للعمر أو الخلفية الثقافية أو الحالة البدنية دور في حصوله. ولكن ثبت أنه يصيب الذكور أكثر من الإناث. أما أنواع التوحد فهي: ● طيف اسبرغر: نسبة إلى العالم الاسترالي اسبرغر. ويصيب نحو واحد في المئة من مرضى التوحد في العالم. وهو أخف أنواع التوحد ولا يعاني المصاب به من أعراض المرض الأساسية كمشاكل التواصل أو اللغة أو ضعف العلاقات الاجتماعية أو سلوك الإعادة ويكون ذكائه بين المتوسط والذكي جدا في العادة. ● طيف التوحد اللانمطي: وهو أكثر انتشارا ويتمثل في اضطراب النمو السلوكي. وسمي بـ«الاضطراب غير المشخص» لأن المتأثر به لا يكون مصابا بكل أعراض التوحد المعروفة إنما ببعضها كأن يعاني من مشاكل في التواصل مثلا دون ان يصاب بسلوك الإعادة الذي هو من أعراض التوحد الأساسية لذلك يصعب تشخيصه. ● طيف اضطراب النمو في فترة الطفولة: وهو نوع نادر من التأثير ولكن حالته أصعب من باقي أطياف التوحد. إذ يبدأ في الظهور بين الثانية والعاشرة ويتميز بأن الطفل المصاب يبدأ بالتطور وتعلم بعض المهارات إلا ان هذه العملية تتوقف فجأة فينسى كل ما تعلمه وتعود الإصابة إلى نقطة ما قبل العلاج. ولذلك يحتاج التعامل مع هذه الحالة إلى صبر وأناة كبيرين. وعادة ما يكون الأبوان أكثر من يعرف مظاهر هذه المرحلة وقد يتوقعا حدوثها بدقة من بعض الأعراض. يصيب التوحد حوالي 25 مليون شخص في العالم. ورغم كثرة المصابين إلا انه لا يعد منتشرا لا سيما وان ازدياد الوعي والمعرفة به أدى إلى جعل تشخيص حالاته أسهل من قبل فيما غدت المجتمعات أكثر تفهما لهذا النوع من الاضطراب العصبي ما يخدم في معالجة الكثير من مظاهره وتطوير البحوث بشأنها في إطار ما يعرف بـ «تحليل السلوك التطبيقي» الذي يركز على معالجة فردية للمرضى عبر تقييم إمكانيات وقدرات المتوحد لتحديد ما يناسبه من علاج خاص كمعالجة مشاكل التخاطب وصعوبة التكلم أو النطق وتحديد مفردات الكلام لديه من خلال تقديم المساعدة له أثناء التدريس والتدريب. وهي وسائل بسيطة يمكنها تحسين وتطوير طريقة عيش وسلوك طفل التوحد وزيادة معرفته. أبحاث جديدة لتشخيص أسباب مرض التوحد يصيب 25 مليون شخص في العالم إسراء حميد |
دجاج الكورما Posted: 22 Sep 2018 02:01 PM PDT المقادير: 10 قطع صدور دجاج (مقطعة لقطع صغيرة) 6 فصوص ثوم (مفروم) 2 ملعقة صغيرة ملح ملعقة صغيرة فلفل أسود مطحون (والأفضل أبيض) ملعقة كبيرة جارام ماسالا ملعقة صغيرة كمون ملعقة صغيرة حبهان (مطحون) بصلة (مفرومة ناعما) كوب حليب جوز الهند ملعقة كبيرة صلصة طماطم ملعقة كبيرة نشا كوب زبادي ملعقة كبيرة جنزبيل (مبشور) نصف ملعقة صغيرة شطة نصف ملعقة صغيرة قرنفل (مطحون) نصف كوب لوز (مقطع شرائح ومحمص) ربع كوب ماء (بارد) طريقة التحضير ننقع قطع الدجاج في الزبادي ونضيف عليه نصف كمية البهارات ما عدا الملح والفلفل ونقلبه ونتركه في التتبيلة ساعتين على الأقل في الثلاجة. في قدر صغير على النار نضيف 3 ملاعق كبار زيت وباقي البهارات ما عدا الملح والفلفل ونقلبها جيدا. نضيف الثوم والبصل والجنزبيل المبشور ونقلبها في الزيت لمدة دقيقتين. نضع الدجاج المنقوع بالزبادي ونقلب حتى يستوي. نذيب النشا في ربع كوب ماء بارد ونضيفه على الدجاج ثم نزيد عليه حليب جوز الهند وملعقة صلصة طماطم واللوز المحمص والملح والفلفل ونقلب الخليط ونتركه يغلي لمدة دقيقتين. نزين دجاج الكورما بالكزبرة الخضراء وقرون الفلفل الحمراء ويكون جاهزا للتقديم. دجاج الكورما طبق الأسبوع من المطبخ الهندي |
حليب الأم يسهم في تطور دماغ الأطفال الخُدج Posted: 22 Sep 2018 02:01 PM PDT أفادت دراسة بريطانية حديثة، أن الأطفال الخُدج تتطور أدمغتهم بشكل أفضل، عندما يتناولون حليب الأم بدلا من الحليب الاصطناعي الذي يتناولونه في الحضانات. الدراسة أجراها باحثون بمختبر جينيفر براون للأبحاث بجامعة إدنبرة البريطانية، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية (NeuroImage) العلمية. والأطفال الخُدج مصطلح يطلق على كل طفل يولد قبل الأسبوع 37 من الحمل، (الأطفال المبتسرين)، ويعانون من مشاكل صحية، بسبب عدم مرور وقت كافي لتخلُّق أعضائهم، ويحتاجون لرعاية طبية خاصة، حتى تتمكن أعضاؤهم العمل دون مساعدة خارجية. وأوضح الباحثون أن الولادة المبكرة ترتبط عادة بزيادة احتمال حدوث مشكلات في مهارات التعلم والتفكير في وقت لاحق من حياة المولود، والتي يعتقد أنها مرتبطة بالتغييرات في نمو المخ. وأظهرت الدراسات أن الولادة المبكرة ترتبط بحدوث تغيرات في جزء بنية الدماغ التي تساعد خلايا الدماغ على التواصل مع بعضها البعض، والمعروفة باسم المادة البيضاء. ولاكتشاف تأثير حليب الأم على نمو دماغ الطفال الخدج، أجرى الفريق مسحًا بالرنين المغناطيسي لدماغ 47 طفلاً ولدوا قبل الأسبوع الـ33 من الحمل. كما أجروا فحوصات أخرى عندما وصلوا إلى عمر معادل لأقرانهم الذين ولدوا في الأسبوع 40 من الحمل. وقام الفريق بجمع معلومات حول كيفية تغذية الرُضّع أثناء وجودهم في الحضانات، حيث تراوحت التغذية بين الحليب الاصطناعي أو حليب الأم. وكشفت النتائج أن الأطفال الذين تلقوا حليب الثدي حصريًا خلال الأسابيع التالية للولادة أثناء الفترة التي قضوها في الحضانات تطورت أدمغتهم بشكل أفضل من أقرانهم الذين تلقوا حليبا اصطناعيًا. وقال البروفيسور جيمس بوردمان، قائد فريق البحث: «تشير النتائج التي توصلنا إليها أن تطور الدماغ في الأسابيع الأولى بعد ولادة الأطفال الخُدج يتحسن حينما يتلقون كميات أكبر من حليب الأم». وأضاف أن «الدراسة تسلط الضوء على الحاجة لمزيد من الأبحاث لفهم دور التغذية من أجل تحسين النتائج طويلة المدى للأطفال الرضع الذين هم في سن مبكرة». ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ما يقدر بـ 15 مليون طفل يولدون مبكرا، يموت منهم حوالي مليون طفل سنويا نتيجة مضاعفات الولادة المبكرة، ويواجه العديد منهم مشاكل الإعاقة في النمو على المدى الطويل. (الأناضول) حليب الأم يسهم في تطور دماغ الأطفال الخُدج |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق