Translate

التوقيت العالمي

احوال الطقس

تحيه

islammemo

سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ

الْوَصِيَّةُ الثَّامِنَةُ وَالأَرْبَعُونَ « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ » عَنْ شدَّادِ بنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العَبْدُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِي لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِ مَا صَنَعْتُ ، أَبْوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وَأَبُوءُ بَذَنْبِي ، فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ » مَنْ قَالَهَا في النَّهَارِ مُوقِنَاً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَومِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . 1- أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 2- اللّهُـمَّ بِكَ أَصْـبَحْنا وَبِكَ أَمْسَـينا ، وَبِكَ نَحْـيا وَبِكَ نَمـوتُ وَإِلَـيْكَ النِّـشور . 3- اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُبِكَ مِنْ شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ . 4- اللّهُـمَّ إِنِّـي أَصْبَـحْتُ أَُشْـهِدُك ، وَأُشْـهِدُ حَمَلَـةَ عَـرْشِـك ، وَمَلائِكَتِك ، وَجَمـيعَ خَلْـقِك ، أَنَّـكَ أَنْـتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ وَحْـدَكَ لا شَريكَ لَـك ، وَأَنَّ ُ مُحَمّـداً عَبْـدُكَ وَرَسـولُـك .(أربع مرات ) 5- اللّهُـمَّ ما أَصْبَـَحَ بي مِـنْ نِعْـمَةٍ أَو بِأَحَـدٍ مِـنْ خَلْـقِك ، فَمِـنْكَ وَحْـدَكَ لا شريكَ لَـك ، فَلَـكَ الْحَمْـدُ وَلَـكَ الشُّكْـر . 6- اللّهُـمَّ عافِـني في بَدَنـي ، اللّهُـمَّ عافِـني في سَمْـعي ، اللّهُـمَّ عافِـني في بَصَـري ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) اللّهُـمَّ إِنّـي أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكُـفر ، وَالفَـقْر ، وَأَعـوذُبِكَ مِنْ عَذابِ القَـبْر ، لا إلهَ إلاّ أَنْـتَ . (ثلاثاً) 7- حَسْبِـيَ اللّهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ عَلَـيهِ تَوَكَّـلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظـيم . ( سبع مَرّات حينَ يصْبِح وَيمسي) 8- أَعـوذُبِكَلِمـاتِ اللّهِ التّـامّـاتِ مِنْ شَـرِّ ما خَلَـق . (ثلاثاً إِذا أمسى) 9- اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في الدُّنْـيا وَالآخِـرَة ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ العَـفْوَ وَالعـافِـيةَ في ديني وَدُنْـيايَ وَأهْـلي وَمالـي ، اللّهُـمَّ اسْتُـرْ عـوْراتي وَآمِـنْ رَوْعاتـي ، اللّهُـمَّ احْفَظْـني مِن بَـينِ يَدَيَّ وَمِن خَلْفـي وَعَن يَمـيني وَعَن شِمـالي ، وَمِن فَوْقـي ، وَأَعـوذُ بِعَظَمَـتِكَ أَن أُغْـتالَ مِن تَحْتـي . 10- اللّهُـمَّ عالِـمَ الغَـيْبِ وَالشّـهادَةِ فاطِـرَ السّماواتِ وَالأرْضِ رَبَّ كـلِّ شَـيءٍ وَمَليـكَه ، أَشْهَـدُ أَنْ لا إِلـهَ إِلاّ أَنْت ، أَعـوذُ بِكَ مِن شَـرِّ نَفْسـي وَمِن شَـرِّ الشَّيْـطانِ وَشِـرْكِه ، وَأَنْ أَقْتَـرِفَ عَلـى نَفْسـي سوءاً أَوْ أَجُـرَّهُ إِلـى مُسْـلِم. 11- بِسـمِ اللهِ الذي لا يَضُـرُّ مَعَ اسمِـهِ شَيءٌ في الأرْضِ وَلا في السّمـاءِ وَهـوَ السّمـيعُ العَلـيم . (ثلاثاً) 12- رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً . (ثلاثاً) 13- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ عَدَدَ خَلْـقِه ، وَرِضـا نَفْسِـه ، وَزِنَـةَ عَـرْشِـه ، وَمِـدادَ كَلِمـاتِـه . (ثلاثاً) 14- سُبْحـانَ اللهِ وَبِحَمْـدِهِ . (مائة مرة) 15- يا حَـيُّ يا قَيّـومُ بِـرَحْمَـتِكِ أَسْتَـغـيث ، أَصْلِـحْ لي شَـأْنـي كُلَّـه ، وَلا تَكِلـني إِلى نَفْـسي طَـرْفَةَ عَـين . 16- لا إلهَ إلاّ اللّهُ وحْـدَهُ لا شَـريكَ لهُ، لهُ المُـلْكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كُلّ شَيءٍ قَدير . (مائة مرة) 17- أَصْبَـحْـنا وَأَصْبَـحْ المُـلكُ للهِ رَبِّ العـالَمـين ، اللّهُـمَّ إِنِّـي أسْـأَلُـكَ خَـيْرَ هـذا الـيَوْم ، فَـتْحَهُ ، وَنَصْـرَهُ ، وَنـورَهُ وَبَـرَكَتَـهُ ، وَهُـداهُ ، وَأَعـوذُ بِـكَ مِـنْ شَـرِّ ما فـيهِ وَشَـرِّ ما بَعْـدَه . أخرجه البخاري

موقع قراء القران الكريم

قناه الرحمه

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

السبت، 8 سبتمبر 2018

Alquds Editorial

Alquds Editorial


جزيرة حسني الزعيم وجزرة جاريد كوشنر

Posted: 08 Sep 2018 02:22 PM PDT

يسجّل التاريخ قرابة 24 مشروعاً لإعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن شتى من دول الجوار، سوريا والأردن ولبنان؛ لعلّ أوّل مبادرة في السلسلة تبدأ من جورج ماكغي، منسق شؤون اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الخارجية الأمريكية، في العام 1949. الأشهر بينها قد يكون مشروع حسني الزعيم، قائد الانقلاب العسكري قصير العمر في سوريا، السنة ذاتها، والذي عرض توطين 300 ألف لاجئ فلسطيني في منطقة الجزيرة السورية، وقوبل بالرفض من رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي يومذاك، دافيد بن غوريون، بسبب اشتراطات الزعيم المالية التي اقترنت بالعرض.
والأرجح أنّ شطر اللاجئين الفلسطينيين في «صفقة القرن» التي يعدّ لها جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه حول الشرق الأوسط؛ هي المشروع الأحدث في هذا الصدد، رغم المفارقة الصارخة التي تشير إلى أنّ الهدف هذه المرّة ليس التوطين، أو إعادة التوطين، بل تصفية ملفّ اللجوء الفلسطيني، ورفعه نهائياً عن طاولة «القضايا العالقة». وإذا كان كوشنر بالغ الحرص على إبقاء تفاصيل «صفقة القرن» طيّ الكتمان (وعرضة، في المقابل، لكلّ المقايضات الجانبية التي تشتغل على مبدأ مراهنات البورصة في التسريب والتكهن)؛ فإن رسائله الإلكترونية حول مسألة اللاجئين الفلسطينيين، التي يوجهها إلى وزارة الخارجية الأمريكية خصيصاً وكشف النقاب عنها موقع «فوريين بوليسي»، ليست البتة مكتومة أو سرّية، بل إنّ العكس تماماً هو المطلوب.
تفكيك «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين»، الأونروا، هو العتبة الأولى المباشرة على طريق إزاحة مشكلة اللجوء الفلسطيني عن مشهد الصفقات المقبلة، وفي هذا الصدد كتب كوشنر إلى جيسون غرينبلات، مبعوث الإدارة الأمريكية حول المفاوضات في الشرق الأوسط: «من الهامّ بذل جهد نزيه ومخلص لتقويض الأونروا، فهذه الوكالة تُديم أمراً واقعاً، فاسداً وغير فعال ولا يخدم السلام (…) لا يمكن أن يكون هدفنا هو الإبقاء على الأمور ثابتة وعلى حالها. يتوجب أحياناً أن تجازف ستراتيجياً بكسر الأشياء لكي تصل إلى ما تريد». تاريخ هذه الرسالة يعود إلى مطلع كانون الثاني (يناير) هذا العام، أي بعد أيام معدودات من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة (الخطوة الضرورية لرفع مشكلة القدس عن طاولة قضايا «الحلّ الدائم»)؛ ولكن قبل تسعة أشهر من الخطوة الضرورية التالية: تجميد الدعم المالي الأمريكي الممنوح للأونروا، تمهيداً لتعطيل الكثير من خدمات المنظمة، ومضاعفة عجوزاتها المالية.
من جانبها تسعى دولة الاحتلال، عبر عدد من مجموعات الضغط اليهودية ذات الانحياز الإسرائيلي الأقصى، إلى زجّ الكونغرس الأمريكي في جهد تصفية الأونروا، وتحويل الأموال المخصصة لها إلى جهات أمريكية أخرى تنظم شؤون المساعدات الإنسانية، مثل «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية». هذا ما يقترحه دوغلاس لامبورن، النائب الجمهوري عن ولاية كولورادو، متجاهلاً أنّ الكونغرس ذاته كان قد أصدر تشريعاً يحظر على الوكالة تقديم العون الإنساني للفلسطينيين ما دام بعض ذلك العون يذهب إلى أسر الشهداء (وهم، في التصنيف الأمريكي، «إرهابيون»). جيمس لانكفورد، السناتور الجمهوري عن أوكلاهوما، يذهب أبعد في مشروع قرار يساجل ضدّ منح صفة اللاجئ لأبناء وأحفاد لاجئي 1948 الفلسطينيين (وهذه ذريعة ظلت حتى الساعة تقتصر على الخطاب الإسرائيلي وحده)؛ متناسياً، هنا أيضاً، أنّ وزارة الخارجية الأمريكية تقرّ رسمياً منح الصفة لأبناء وأحفاد لاجئي أفغانستان وبوتان والصومال والتبت وبورما…
وفي غضون طبخ العناصر الأخرى من «صفقة القرن»، لا يخفي ترامب انحيازه إلى نصيحة مستشاره كوشنر، حول إغواء الدول العربية التي تضمّ مخيمات اللجوء الفلسطيني بملايين أخرى، غير الـ365 مليون دولار التي جمدتها الإدارة، تأتي هذه المرّة من دول عربية خليجية سبق للبيت الأبيض أن حثّها على تمويل الصفقة. وبين جزيرة حسني الزعيم و»جزرة» كوشنر هذه، ثمة سبعة عقود من تاريخ تبدّل وتحوّل وانقلب، وبقيت واحدة من معادلاته ثابتة راسخة: تلك التي كانت فلسطين، وهكذا صارت، وتبقى…

11RAI

جزيرة حسني الزعيم وجزرة جاريد كوشنر

صبحي حديدي

الانهيار اللبناني المديد

Posted: 08 Sep 2018 02:21 PM PDT

يتحسّر اللبنانيون كلّ فترة على أحوال بلدهم ويردّدون أنه لم يسبق أن وصلت إلى هذا الحدّ من التردّي. والأرجح أنهم محقّون في كلّ مرّة في تحسّرهم، وأن الانهيار اللبناني صار مديداً، لا قاع ظاهراً أو نهاية باديةً له.
أزمة نظام

لعلّ الأزمة التي يتخبّط بها النظام اللبناني ونخبُه السياسية منذ عقود، والتي تتّخذ دورياً أشكال الفراغ والتعطيل المؤسساتي وتعذّر انتخاب رئيس أو مجلس نيابي أو تشكيل حكومة، تشكّل المفتاح لفهم أسباب هذا الانهيار وصعوبة لجمه، ولَو أنها ليست المسبّب الرئيسي له.
ذلك أن «التوافقية» المفترضة في نظام الحُكم في لبنان (المُعتمَدة منذ استقلاله العام 1943)، وما تُمليه من تشارك في السلطة على أساس تمثيل الجماعات الطائفية لطمأنتها، تحوّلت في العقود الأخيرة مع كلّ خلاف سياسي ومع أيّ إشكال حول أحجام التمثيل إلى مدعاة تعطيل للدولة باسم الطوائف وحقوقها. هكذا، يقاطع نوّاب جلسات انتخاب رئيسٍ للجمهورية مثلاً ليمنعوا التئام النصاب القانوني واختيار مرشّح لا يوافقون عليه. وهكذا يُقفل رئيس المجلس النيابي المؤسّسة التشريعية إن اختلف مع رئيس الحكومة أو يمدّد مع نوّابه لأنفسهم إن اتّفقوا معه على تأجيل انتخاباتٍ لم ينجحوا في سنّ قانون لها يؤمّن تجديد ولاياتهم. وهكذا أيضاً، يحول الخلاف على الحصص وعلى البيان الوزاري دون تأليف وزارة على مدى أشهر طويلة، فيبقى البلد بأسره معلّقاً على تصريف أعمال.
ويُفيد النظر إلى انتخابات رئاسة الجمهورية وما تعنيه من توازنات سياسية وطائفية وتمثيل للمكوّن المسيحي في الحُكم ومنطلق لتشكيل السلطة التنفيذية فيه، للوقوف على عمق أزمة «التوافقية» اللبنانية. فهذه الانتخابات لم تعد تعرف التئاماً «طبيعياً» لها منذ العام 1982، حين انتُخب في ظلّ الاجتياح الإسرائيلي رئيسٌ ثم اغتيل بعد أسابيع، ليعُوَّض الأمر بانتخاب أخيه. وبانتهاء ولاية الأخير العام 1988 لم يجرِ انتخاب خلفٍ له وانقسمت السلطة التنفيذية نتيجة ذلك وقامت في البلد حكومتان. وحين جرت الانتخابات بعد عام ونصف من الفراغ في ظلّ الهيمنة السورية هذه المرّة، اغتيل الرئيس المُنتخب ليأتي بعده رئيس آخر بشروط سياسية مختلِفة. وفي العام 1995 عُدّل الدستور للسماح بتمديد ولاية الرئيس إياه، ثمّ جرى تعديل الدستور مجدّداً العام 1998 للإتيان بقائد الجيش رئيساً. وفي العام 2004، أُعيد تعديل الدستور مرّة ثالثةً لتمديد ولاية الرئيس ودخل لبنان في نفق مواجهات واغتيالات لم يُبدّل خروج الجيش السوري عقبها من حال تأزّم النظام. فشهد العام 2007 تعذّراً إضافياً لانتخاب رئيس إلى أن أتاح تعديلٌ رابع للدستور انتخابَ قائد ثانٍ للجيش رئيساً منتصفَ العام 2008. وبعد انقضاء ولايته شغر المنصب لسنتين كاملتين، تعطّل خلالهما مجلس النواب ثمّ مدّد لنفسه، إلى أن سمح اتفاق على الحصص بانتخاب رئيس أواخر العام 2016، كان نفسه مرشّحاً قبل 38 عاماً! وها هو الرئيس اليوم بلا حكومة، في لحظة تفاقم أزمات سياسية ومعيشية لا يبدو المسؤولون مهجوسين بسبل مواجهتها.
… وأزمة نخب سياسية
وهذا يُحيلنا إلى جانب آخر من جوانب أزمة النظام، وهو ذاك المتّصل بالنُخب السياسية وارتباطاتها الخارجية.
فرهان الُنخب هذه منذ الحرب الأهلية كان على تدخّل الخارج في شؤونها تبعاً للتحالفات، نصرةً لمكوّناتها المتصادمة أو وساطة في ما بينها، بما يمكّنها في الحالتين من تدعيم مواقعها في المعادلة الداخلية. وهذا سهّل على الخارج مهمّة تحويل مسرحها السياسي إلى مسرح دائم لتصفية حساباته، وساهم في صعود قوىً محلّية وأفول أخرى تبعاً لموازين القوى الإقليمية، كما أفضى إلى تمكين أطراف من الاستئثار بتمثيل طوائفها وإدارة شبكات الزبائنية المرتبطة بها، على نحو وفّر لها مغانم وأمّن منذ سنوات طويلة حضورها تعييناً أو انتخاباً أو توريثاً.
على أن عنصراً خطيراً أضيف إلى المعادلة المذكورة، معادلة العلاقة بين النخب السياسية اللبنانية والخارج، ألا وهو صعود حزب الله بوصفه دافعاً لتلك العلاقة إلى حدودها القصوى، وجعلها عضوية تشمل لأول مرّة في السياق اللبناني الأبعاد السياسية والأيديولوجية والاجتماعية والحربية والمالية. وقد تحوّل الحزب الشيعي بموجب ذلك إلى ذراع ضارب لإيران في لبنان، يملك وحده بعد الحرب وتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي السلاحَ بين الجماعات اللبنانية ويستطيع بموجب قوّته العسكرية (والتنظيمية) ونتيجة الديموغرافيا المذهبية الداعمة له، فرضَ أكثر شروطه على منافسيه المحليّين من ناحية، وعلى ربط لبنان مباشرة بصراعات المنطقة المحتدمة وفق عناوين وشروط إيرانية، كما الحال منذ اندفاعه نحو الحرب السورية العام 2012، من ناحية ثانية.

أزمة اقتصاد وخدمات
لا عجب والحال السياسي متردٍّ على هذا النحو، أن يتردّى الاقتصاد بدوره وأن تتدهور الخدمات في البلد، وأن يُفاقم الصراع الطاحن في سوريا الأزمات جميعها، إن بسبب الانقسام اللبناني تجاهه وانخراط حزب الله في أتونه، أو بسبب آثاره على التجارة والسياحة وتصدير المنتجات الزراعية عبر الأراضي السورية.
لكنّ العودة إلى المسبّبات الأولى للتردّي تُحيلنا إلى الزبائنية ضمن مؤسّسات الدولة وإلى المحاصصة الطائفية داخل إداراتها، وإلى رفض النُخب السياسية المهيمنة منذ عقود كلّ إصلاح اقتصادي وتعديل في السياسات المالية المعتمدة.
يُضاف إلى ذلك أنّ تراجع سلطة القضاء واستقلاليّته وانخراط الوزراء والنوّاب أنفسهم في الكثير من الصفقات التي كثُر الحديث عن الهدر والفساد فيها كرّسا التردّي هذا، وصارت الفضائح تتوالى دون متابعة قانونية أو محاسبة للمتورّطين فيها. ويكفي التوقّف عند أزمتي الكهرباء والنفايات المستمرّتين للدلالة على حجم الاهتراء الذي يُصيب الإدارة الاقتصادية اللبنانية ومن خلفها المسؤولين السياسيّين عنها. فرغم مليارات الدولارات المُنفقة على مؤسسة كهرباء لبنان منذ العام 1992، ما زال تقنين التغذية الكهربائية قائماً حتى اليوم واقتصاد المولّدات الموازي وتلويثه البيئي والصوتي مسيطراً في معظم المناطق. ورغم مئات ملايين الدولارات المصروفة لإدارة النفايات ورفعها ومعالجتها، تتواصل الأزمات وتُعتمد أبشع الأساليب من حرق وطمر ورمي في البحر، بما جعل الشاطئ اللبناني المُنتهك أصلاً بالتعدّيات ملوّثاً ومثله الثروة السمكية المهدّدة بالانحسار.
عنصرية ورقابة
ولمواجهة تصاعد الانتقادات لهذا التردّي الخطير في أحوال الاجتماع اللبناني، خاصة مع انتشار المدوّنات ومواقع التواصل الاجتماعي وما تُتيحه من نشر أخبار ومعلومات، يعمد بعض المسؤولين في الآونة الأخيرة إلى ممارسة الترهيب والقمع على أفراد ومجموعات، ويحرّكون ضدّهم أجهزة أمنية وقضائية مطعوناً في صدقيّتها ونزاهة عملها، ويتواطؤون مع هيئات دينية لتقليص مساحات التعبير العام والتضييق ما أمكن على الناشطين فيها. كما أنهم يعمدون إلى تشجيع خطاب كراهية عنصرية ضد اللاجئين السوريين والفلسطينيين (وضد العاملات والعمّال الأجانب) لتحميلهم مسؤولية تراجع الأوضاع المعيشية والخدماتية، فيردّد بُلهاءٌ خطابهم ويحوّله بعضهم إلى ممارسات تزيد من انحطاط المشهد اللبناني العام.
بهذا، يصل التردّي إلى مستويات هي بالفعل غير مسبوقة. ولا يبدو أن المقبل من الأيام سيحمل ما قد يُغيّر الأحوال جذرياً أو حتى يعدّلها.
لحسن الحظّ أن البلد لم ينفجر بعدُ وأن الكثير من الحريات العامة والخاصة ما زالت محميّة من تداعيات هذا الانهيار المديد. ولذلك أسبابٌ تستحقّ مستقبلاً التوقّف عندها.
* كاتب وأكاديمي لبناني

11RAI

الانهيار اللبناني المديد

زياد ماجد

المسجد فضاء ثقافيا

Posted: 08 Sep 2018 02:21 PM PDT

هذا موضوع شائك محفوف لاشكّ بمحاذير شتّى قد تكون دينيّة بالأساس، وقد تكون سياسيّة. ومع ذلك لا مناص من الخوض فيه، ونحن جميعا نشهد ونعيش من التغيّرات والانقلابات في حقول العلم والمعرفة وفي الأوضاع الاجتماعية والسياسية والثقافية، ما يجعل الفجوة بين فضاءاتنا مقدّسة أو غير مقدّسة؛ وهي كلّها فضاءات للعيش معا، تتّسع، وتعبّر تعبيرا صريحا أو مضمرا عن شك عميق في فاعلية القيم المتوارثة وفي جدواها، أو عن انفصام رهيب في شخصياتنا إذ نتأرجح  بين أوضاع وحالات شتّى: انعزال نسبيّ أو شغف بالتقاليد إلى حدّ الهوس، وانفتاح قويّ مُشرع على العالم الغربي؛ أو سيادة التفكير العلمي العقلاني جنبا إلى جنب مع التفكير الغيبي الذي لا يزال يحتفظ بسطوته وفتنته. وعلى رواج مفردات الثقافة الحديثة في سائر فضاءاتنا، فإنّ المسجد لم تتهيّأ له بعد فرصة تعديل ساعته، والسير في اتجاه حديث لا يتعارض وقداسته أو ما نسمّيه «هويّة ثقافيّة». إنّ مجال «العيش معا» قائم على جملة مبادئ هي عهود ومواثيق، وفي عدم الإيفاء بها يتصرّم النسيج الاجتماعي لا شكّ.
وممّا يزيد هذا الإشكال حدّة الوضع العالمي المعقّد، وظهور الإسلاموفوبيا، وكلّ ما يشحذ في الشعور الجمعي رماد التناقض القديم بين الشرق والغرب من حيث هما عالمان منفصلان مختلفان متعارضان في السجايا والخصال والقيم الجوهريّة؛ ويذكي الحاجة إلى إعادة الاعتبار إلى المسجد. والمسألة الثقافية في المسجد أعمق من أن تختزل في العبادات، أو في العلاقة بالدولة التي تقوم على رعاية المؤسّسات الدينيّة وصيانتها والإنفاق عليها، أو في «السياسي» بالمعنى الحزبي الضيق للكلمة فهذه أمور لها منابرها وفضاءاتها.
يمكن، من ثمّة، أن يلتبس أمر «الفضاء» بـ»المكان»؛ ويقع في الظنّ أنّ هذه دعوة لاستحداث صيغ وجود وصيغ معرفة غير مألوفة أو هي تتعارض والسنن والتقاليد. وقد لا تهدأ الأخلاط، فمنذ أن انبرى خطاب الحداثة بمفهومه المعرفي والأخلاقي الأشمل يثبّتُ مقولات مثل العقلانيّة والعَلمانيّة، وشتّى النظريات والمذاهب تسحب هذه المقولة على مضامينها ومنجزاتها، أو هي تعارضها وتدحضها. بيْد أنّه ليس من مقاصد هذا المقال فرز الأخلاط، وإنّما قصارى الأمر تدارك بعض ما نسيناه من «فضائيّة» المسجد، وما اضطلع به في مجال الثقافة أو العيش المشترك. بل لعلّه هو الذي نهض بتأسيس الثقافة الإسلاميّة بشتّى مفرداتها من علوم وآداب وفنون. ويكفي أن أحيل في السياق الذي أنا به إلى كلمة «مسجد» في دائرة المعارف الإسلاميّة؛ وما كتبه أحمد أمين في «ضحى الإسلام». وكان ذلك بواسطة العربيّة التي لا تزال تتردّد فيها أصداء التراث الثقافي الشرقي واليوناني والروماني. ولكنّ المسجد فقد كلّ هذا أو أكثره، وصار فضاء ثقافة تعيد إنتاج نفسها محاكاة ونسجا على منوال؛ وكأنّ وعي التاريخ وعي في التاريخ، وما إلى ذلك ممّا تأصّل منذ انقلاب المتوكّل على المعتزلة عام 232 هـ، وتحديدا مع ابن قتيبة داعية مذهب السنّة والجماعة المحافظ، على الصعيدين الأدبي والمعرفي، في هذا القرن الثالث (التاسع ميلادي). وفيه يقول ابن تيميّة: «كلّ بيت ليس فيه شيء من تصنيفه [ابن قتيبة] لا خير فيه». وليس أدلّ من هذا على سلطانه المعرفي المحافظ المبسوط على كثير ممّن جاؤوا بعده بقرون. وليس هذا مجال الخوض في تشدّد ابن قتيبة، وفي مطاعنه على الجاحظ المفكّر الساخر الذي يشبّهه ميتز بفولتير، والذي كان أدبه امتدادا لابن المقفّع، وتفاعلا خصبا مع ثقافة الآخر أي العالم القديم: الهند وفارس واليونان.
كلّنا يدرك أن الطابع الغالب على ما نسميه مجازا «روح العصر» هو البعد الثقافي. وليس أدلّ على ذلك من تغليب قيمة الاستعمال على قيمة التبادل، بما يمنح القرار الاقتصادي نفسه والقرار المجتمعي بشكل عامّ، مرجعيته الثقافيّة. وهو ما يقتضي تطوير المفاهيم الثقافية بحيث نتجنّب النظرة «الثقافوية» المبتورة التي تؤدي عادة إلى الخلط بين المكان والفضاء: واحد مندمج بشكل فاعل في العمل الثقافي الحضاري أو يكاد، وآخر منغلق هو المسجد هذا الذي دارت في رحابه سجالات العلماء والفلاسفة والكتّاب والشعراء؛ بل نشأت المذاهب جميعها، بل حدث فيه ما ينافي قداسته، على نحو ما ساقه جلال الدين السيوطي في سيرته «التحدّث بنعمة الله»؛ بما يذكّر بفضاء الكنيسة حديثا وقديما. فقد ساق دون أيّة مواربة، وصفا دقيقا للمكان وقد تحوّل إلى بيت «سيئ السمعة» يجتمع فيه خلق كثير «على أنواع من الفساد… ومنهم من يجلس على باب المسجد ينتظرون انتهاء النوبة لهم…».
على أنّنا نحبّ أن نشير في هذا السياق إلى ناحيتين: نشأة فنّ القص في المساجد، وسيرة الحكيم الفذّ ابن رشد. والأولى دارت في مناخ ثقافي كما يبيّن محمد أركون، كانت فيه مفردات المعيش واليومي والدنيوي عامة؛ من شعر وأدب وتاريخ ومغازي واقتصاد… في أهميّة مفردات الدين نفسها. وكان معاوية بن أبي سفيان أوّل من عيّن قاصّا رسميّا للدولة هو سليم بن عتر التجيبي؛ لما صار للقصّ من حظوة عند العامّة، وانتشاره بعد الفتنة الكبرى. وربّما سعت الدولتان الأمويّة والعبّاسيّة، بهذا «الأدب» إلى بناء أرثوذكسيّة دينيّة، وثقافة من شأنها أن تثبّت دعائم ملكهما، وتحافظ على وحدة السلطة السياسيّة. وكان مصطلح «الأدب» وقتها فضفاضا؛ فكلمة أدب التي نديرها اليوم على ألسنتنا بكثير من اليسر، لم يكن لها دائما هذا المعنى الاصطلاحي الإنشائي المبذول الذي يختصّ به صنف من الكتابة: الأدب الجميل أو الكتابة الرفيعة. إنّما كانت الكلمة تعني السلوك والأخلاق والتأديب.
وأمّا الثانية فهي مفارقة لا نخالها إلّا مثيرة، في تاريخ الفلسفة عندنا، عندما استحكم الخلاف بين الحكمة والشريعة في فضاء المسجد، أو عند الأوروبيين، عندما احتدم النزاع بين أنصار الرشديّة وخصومها واضطرت الكنيسة عام 1271م وعام1277م، إلى إصدار لائحة تدين الطروح الفلسفيّة «الرشديّة» التي تعارض العقيدة المسيحيّة أو تناقضها، أي تلك الحاصلة من تأويل ابن رشد وأتباعه من الفلاسفة المدرسيّين في الغرب اللاتيني، لفلسفة أرسطو. من كان يتصوّر أن ينهض ذلك المسلم المالكي بدور رائد، في فلسفة الغرب ومعتقداته الدينيّة خلال القرن الثالث عشر(م)، على نحو لم يكتب إلاّ لأرسطو؟
وهو ليس فيلسوفا فحسب وإنّما هو طبيب وقاض أيضا وعالم بالشعر والرياضيات والفلك، ولم يقدّم الفلسفة أو الحكمة على الشريعة، على قدر ما أحكم الصلة بينهما. وهو يعرف أنّ الأمر في كليهما، يتعلّق بحقيقة واحدة.
لا رأي مستوثق، ولا تصوّر متناضج حدّ الإفحام. وما أكثر ما تتشاكل المنظومات وتتجانس، لولا فسحة الـتأويل تسوّغ الاستئناس بمقولة التأصيل في هذه المنظومة، وتستنكر إقحامها في تلك. على أنّ مصطلح التأويل نفسه ذو سياق مضلّل مراوغ، وقد يكون قرين «التأصيل»، إذا نحن أخذنا بالاعتبار جذر كلّ منهما: (أ.و.ل) و(أ.ص.ل). وكلّ تفكير معقود على هذه المقولة، تميد من تحته المراجع ويضطرب التنظير. فالتأصيل لم ينقطع عن الوجود، ونحن نقصد به جملة المعاني التي «تبلورت» مفهوما لحظة الحداثة ـ وما أكثر الحداثات ولحظاتها ـ وإنّما نعني تخصيصا لحظة الحداثة الفلسفيّة، طالما أنّها هي التي استوعبت ـ في ما يتهيّأ لنا من قراءاتنا ـ قِران النقد والتأسيس، وعَقَدَتْ مهمّة هذا، مثلما عَـقَـدَتْ مهمّة ذاك على العقلانيّة دون سواها.
ليس شأننا إذن أن نبحث عن أصل، فمثل هذا البحث هو كما يقول صديقنا عبد السلام بن عبد العالي «لا يؤسّس، إنّه يربك ما ندركه ثابتا، ويحرّك ما نفترضه ساكنا، ويجزّئ ما نراه موحّدا، ويفكّك ما نعتبره متطابقا. تقصّي الأصول والحالة هذه هو التقويض الدائم لهويتنا، ذلك أنّ الهوية التي نسعى للحفاظ عليها وإخفائها تحت قناع، ليست هي ذاتها إلا محاكاة ساخرة: فالتعدّد يقطنها ونفوس عدّة تتنازع داخلها والمنظومات تتعارض فيها ويقهر بعضها البعض».
وعليه فإنّ إعادة الاعتبار إلى المسجد فضاء ثقافيّا بكلّ ما يعنيه هذا الفضاء من مكتبات حديثة تضمّ كلّ صنوف الآداب والعلوم والفنون، وليس مجرّد بيت للصلاة، ليس أكثر من تهيئة الحاضر أو «الحال» كما كان يسمّيه أسلافنا، للمستقبل؛ في مسعى أو سيرورة أو طريقة ما في إعداد مختلف الإمكانات القابلة للتحقّق، أي تلك التي تنهض على إحكامات وتراتيب وإصلاحات تجري في الزمن على نحو ما تجري مختلف مفارقات الوجود البشري. هو مشروع نبدأ في تحقيقه في الحاضر، لاختبار ما يمكن أن نفعله: هنا/الآن.
 وإذا كان البعيد زمانا يخدم القريب زمانا، ويمنحه أفقا ويضفي عليه معنى؛ فإنّ كلّ فعاليّة مستقبليّة تعني أنّ المستقبل ليس مكتوبا ولا هو نتاج القدر. إنّما هو صنيعنا نحن البشر مثلما هو صانعنا.

كاتب تونسي

11RAI

المسجد فضاء ثقافيا

منصف الوهايبي

الأونروا وحروب «صفقة القرن»

Posted: 08 Sep 2018 02:20 PM PDT

يجمع المراقبون لمواقف الإدارة الأمريكية الراهنة إزاء القضية الفلسطينية على أن قرار تجميد المساهمة في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين يسعى في هدف أول إلى رفع قضية اللجوء الفلسطيني عن طاولة القضايا العالقة والتمهيد لتصفية حق العودة، خدمة للخطوات الأولى من «صفقة القرن» التي يتردد أن البيت الأبيض بدأ في نقلها إلى حيز التنفيذ. غرض آخر هو معاقبة الشعب الفلسطيني مباشرة، وخاصة في مخيمات اللجوء داخل فلسطين وخارجها، والضغط على ملايين اللاجئين عن طريق التلويح بنزع الصفة عن أبناء وأحفاد الرعيل الأول.
(ملف الحدث، ص 8 ـ 13)

الأونروا وحروب «صفقة القرن»

حرب ترامب ضد الأونروا واللاجئين الفلسطينيين تهدف إلى إلغاء حق العودة

Posted: 08 Sep 2018 02:20 PM PDT

واشنطن ـ «القدس العربي»: يواصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حربه ضد الفلسطينيين بشكل واضح عبر المزيد من الإجراءات والقرارات المثيرة للجدل التي تهدف إلى هدم أركان القضية الفلسطينية، بدءا من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة إلى وقف تمويل وكالة إغاثة الفلسطينيين التابعة للأم المتحدة بهدف إلغاء حق العودة في نهاية المطاف.
ويحاول ترامب، وفقا لما قاله العديد من المحللين الأمريكيين، انكار وضع اللاجئ لحوالي 90 في المئة من الفلسطينيين، بحيث يبقى عدد قليل جدا من المسنين الذين يحق لهم العودة، ولكي ينجح في هذا المخطط الذي جاء بدفع من ممولين وأنصار لديهم موالاة تامة لإسرائيل، فقد حاول ترامب بكل جهد إلغاء تمويل الأونروا وإلغاء تسجيل خمسة ملايين من اللاجئين.
ولم يواجه ترامب مقاومة لائقة عند اتخاذه لهذا القرار، باستثناء التعليقات الفلسطينية الغاضبة، وعلى النقيض من ذلك، تبرع العديد من المحللين والسياسيين الأمريكيين بالدفاع عن قرار ترامب بشأن الأونروا بطريقة تثير علامات الاستفهام، إذ يتم انتقاده بشكل يومي وصارخ من جميع الأطياف السياسية والحزبية الأمريكية، ولكن عندما يأتي ذكر إسرائيل فان الأصوات تصمت.
من الواضح، ان جاريد كوشنر، صهر ومستشار ترامب، كان لديه دور كبير في دفع ترامب لاتخاذ هذا القرار، واهتمامات كوشنر ليست غامضة، فهو يسارع الوقت لتنفيذ الأجندة الإسرائيلية في عهد ترامب. قد كشفت رسائل البريد الالكتروني عن جهود سابقة لكوشنر من أجل تعطيل الأونروا بأي شكل، وقال بصراحة في رسالة بريدية بانه لا يمكن الحفاظ على استقرار الأمور، وأنه يجب المخاطرة في الاستراتيجية الأمريكية لكسر الأشياء.
وساهم مبعوث السلام المزعوم الثاني لترامب، جايسون غرينبلات، بدور كبير أيضا للقضاء على الأونروا، حيث أوضحت الوثائق الحكومية الأمريكية ان كبيرة المساعدين في مكتبه، قد بعثت برسالة عاجلة إلى موظفي الأمن القومي في البيت الأبيض تخبرهم ان الإدارة الأمريكية تدرس طريقة للقضاء على وكالة الأمم المتحدة للغوث وذلك بعد ساعات من تاكيد هيذر نويرت، السكرتيرة الصحافية لوزارة الخارجية الأمريكية.
وكان للمحامي الشخصي لترامب، جاي سيكولو، الدور في اختراع الحجج التي تدعم إجراءات ترامب ضد اللاجئين الفلسطينيين إذ زعم سيكولو، وهو ناشط مناهض معروف ضد الفلسطينيين، بان الوقت حان لإعادة تعريف اتفاقية اللاجئين.
وتراجع ترامب عن الالتزام الأمريكي السابق بتقديم 300 مليون دولار إلى الوكالة بحجج واهية ضمن سياسة معروفة تقوم على تجاهل القانون والتفاهمات الدولية والالتزامات الأممية.
وسارعت الإدارة الأمريكية إلى تقديم حجج تمت صياغتها من قبل الحركة الصهيونية لكي تبرر خطوتها ضد وكالة الأمم المتحدة، بما في ذلك القول ان الوكالة تقوم بدعم المطلب الفلسطيني بحق العودة، الذي تزعم واشنطن في الوقت الحاضر انه مصمم للقضاء على إسرائيل.
الهدف الحقيقي لإجراءات الإدارة الأمريكية، وفقا لما قالته مارلين غارسون، مؤسسة جمعية «بوابة غزة» هو القضاء على قضية اللاجئين بالكامل، مشيرة إلى ان الأونروا دليل إنساني على الاحتلال المستمر لفلسطين، وهي تعمل بطريقة غير مباشرة على دمج احتياجات اللاجئين الفلسطينيين في عدة مواقع كشعب واحد، وهي بطريقة غير متوقعة، تجسيد بيروقراطي للانتظار الفلسطيني.
ولان الإدارة الأمريكية، تدرك بانها لا تستطيع التنمر على 164 دولة صوتت لصالح تجديد عمل الأونروا، فقد حاولت بمساعدة من (الأصدقاء) إزالة الشرعية عن الوكالة، كما حاولت في اتجاهات أخرى، استخدام المساعدات الاقتصادية كابتزاز سياسي ضد السلطة الفلسطينية، بما في ذلك تخفيض المساعدات التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية إلى الضفة الغربية المحتلة وغزة.
ارتكبت إدارة ترامب خطأ فاحشا بهجومها على الأونروا، فعلى المستوى الداخلي، ينسجم الالتزام الأمريكي السابق بدعم الوكالة الدولية مع القيم الرئيسية للبلاد، والانسحاب من ذلك يعني ان هناك تراجعا أخلاقيا في العالم الأمريكي، وهو تراجع تقوده سياسات ترامب الخاطئة، التي تتضمن الحرب ضد المهاجرين واللاجئين.
وقال محللون أمريكيون ان الإدارة الأمريكية لم تنتبه إلى حقيقة مفزعة قادمة تجلبها إجراءات القضاء على الأونروا، وهي ان الوكالة ستترك فراغا كبيرا سيتم على الأرجح استغلاله من قبل جماعات لا تكن مودة للولايات المتحدة، وبالتالي ستجد واشنطن نفسها أمام جيل جديد من الأعداء.
وأضافوا ان افتراضات ترامب خاطئة تماما باعتقاده ان خفض الأموال والمساعدات عن الأونروا والوكالات الأخرى التي تحاول مساعدة الفلسطينيين ستساعد على الضغط على السلطة الفلسطينية، وقالوا ان افتراضاته خاطئة أيضا بالقدرة على إعادة تعريف اللاجئ. لخطوة ترامب تداعيات كبيرة ومستمرة، لان الأونروا لا تقدم فقط الإغاثة الطارئة، بل توفر التعليم والرعاية الصحية لأكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، ظروفهم المعيشية مهددة الآن بشدة، وفقا لتصريحات المفوض العام للأونروا.
وينظر إلى الأونروا من الناحية السياسية على انها قوة رئيسية للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وفي الواقع، وفقا لما قاله كريس غاننيس، المتحدث باسم الوكالة، فان خفض التمويل يهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
خطوة ترامب كما قال العديد من المراقبين هي قرار سياسي يهدف إلى تقويض الحقوق الفلسطينية، وهي تؤشر إلى ان علاقة إدارته المهزوزة مع السلطة الفلسطينية، محكوم عليها بالانحدار. ووفقا للعديد من المحللين، فان خطوات ترامب تجاه الفلسطينين لا يمكن وصفها بأقل من إعلان حرب، وهذا يعني ان ثرثرات واشنطن المستمرة حول معاهدة سلام في الشرق الأوسط أو صفقة القرن لا معنى لها.

11HAD

حرب ترامب ضد الأونروا واللاجئين الفلسطينيين تهدف إلى إلغاء حق العودة

رائد صالحة

اللاجئون الفلسطينيون يتخوفون: هل تنهي قرارات ترامب الأونروا بعد 70 عاما؟

Posted: 08 Sep 2018 02:20 PM PDT

غزة ـ «القدس العربي»: رغم حملة التنديد الدولية من الكثير من الدول الغربية، والأمم المتحدة، إضافة إلى المواقف العربية، وتأكيدها على استمرار الدعم المالي، المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا علاوة على الموقف الفلسطيني الرسمي والفصائلي الرافض لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة القاضية بوقف التمويل بشكل كامل عن الأونروا إلا أن لاجئي فلسطين يتخوفون، من نجاح واشنطن في نهاية المعركة السياسية التي استخدمت فيها أقوى أوراق الابتزاز، في حل هذه المنظمة، أو التشويش على عملها بشكل كبير، من خلال حكومة اليمين الإسرائيلية.
وفي قطاع غزة حيث تقارب نسبة اللاجئين الفلسطينيين 75 في المئة، من عدد السكان المقدر مليوني مواطن، يخشى هؤلاء، أن يأتي يوم قريبا، تكون فيه الأونروا غير قادرة على تقديم خدماتها سواء التعليمية أو الصحية أو الاجتماعية، التي تعتمد عليها غالية أسر اللاجئين في تدبير أمور حياتها المعيشية بسبب ارتفاع نسب الفقر والبطالة، خاصة وأن العجز المالي لهذه المنظمة بلغ أوجه، بسبب القرار الأمريكي السابق بتقليص الدعم مطلع العام، وهم حاليا يربطون أزمة الأونروا القائمة حاليا بالتقليص، ويتوقعون الأسوأ، عند بدء تطبيق قرار قطع المساعدة مطلع العام المقبل.
وخلال إحدى الفعاليات الشعبية للجان اللاجئين الفلسطينيين في مدينة غزة، رفضا للقرار الأمريكي الذي جاء ضمن «مخطط سياسي» هدفه الأساسي إنهاء دور الأونروا وحلها، قال رجل في منتصف الستينيات ويدعى أبو ماجد، وهو كبير أسرة مكونة من 25 شخصا، من الأبناء والزوجات والأحفاد، أنه يتخوف بشكل كبير من حل هذه المنظمة الدولية، ووقف عملها بشكل كامل.
ويضيف أبو ماجد وهو يقطن أحد مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، ووصل برفقة آخرين للتنديد بقرار إدارة ترامب الأخير، أن وقف أعمال الأونروا يعني له ولأسرته «الموت ببطء». ويؤكد أن أسرته تعتمد على هذه المنظمة في تعليم الأطفال، والحصول على الدواء والأغذية.
ويقول أنه وزوجته المريضة، يصرف لهم دواء شهري من أحد عيادات الأونروا ويؤكد أنه في حال توقفت هذه الخدمة، لن يكون في مقدوره شراء الدواء أو الذهاب لعيادات خاصة للكشف الطبي.
وتتشابه قصة هذا اللاجئ مع كثير من قصص لاجئي غزة، الذين يعانون الفقر المدقع، وتتفشى في أوساطهم البطالة، حيث تصل نسب الفقر لأكثر من 65 في المئة، في حين فاقت البطالة معدلات الـ 43 في المئة، وهو ما جعل أكثر من 80 في المئة من سكان القطاع وخاصة اللاجئين يعتمدون على المساعدات لتدبير أمور حياتهم. وقد دفعت القرارات الأمريكية المتلاحقة، والتي بدأت إدارة ترامب بتطبيقها منذ مطلع العام، جموع اللاجئين للخشية من مقبل أسو. وأمام مقر توزيع المساعدات الغذائية على فقراء اللاجئين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أكد أحمد النجار، أنه لم يعد يأمن إن كانت هذه المساعدات ستستمر أم لا، وكان الرجل لتوه قد تسلم سلة غذائية تشمل الدقيق والأرز والزيت والحليب المجفف، ومواد تموينية أخرى.

لا بديل

ويؤكد كغيره أنه لا يستطيع حال قطعت هذه المساعدات أن يوفر البديل عنها، باعتباره عاطلا عن العمل، ويعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد وتضم طلبة مدارس. ويقول الرجل، وكان يعمل في حقل البناء سابقا، أن وقف الأونروا يعني وقف التعليم لأطفال اللاجئين في غزة والضفة والدول المضيفة، وعددهم نصف مليون طفل، ويضيف أن ذلك سيكون «أكبر مصيبة» تضرب اللاجئين منذ النكبة.
وتوفر الأونروا حاليا مرة كل ثلاثة أشهر سلة غذائية لأسر اللاجئين الفقيرة، ولوح سابقا مسؤولون كبار في هذه المنظمة الدولية، بإمكانية اللجوء إلى تقليص كامل للخدمات، في حال استمرت الأزمة المالية، خاصة وأن الأونروا لجأت إلى وقف العمل بشكل كامل في برنامج الطوارئ، ما دفعها إلى تسريح العشرات من الموظفين، وسط احتجاجات لا تزال مستمرة.
وجاء قرار الأونروا بتسريح الموظفين بعد أن قلصت الإدارة الأمريكية دعمها لها مطلع العام من 350 مليون دولار، إلى 65 مليونا فقط، وهو أمر خلف أزمة مالية بداية العام قدرت بنصف مليار دولار، بسبب وجود نقص سابق أصلا في الموازنة، وقد تقلص العجز حاليا إلى 2017 مليونا، بعد مساهمات دولية وعربية، لكن مجمل المساهمات لم تنه الأزمة، وهو ما جعل اللاجئين يخشون من المستقبل السيئ، خاصة في حال أثرت إدارة ترامب على قرارات دول مانحة أخرى، وجعلتها تتجنب دعم الأونروا أو أثرت على مواقف الدول المشاركة في مؤتمر المانحين المقرر هذا الشهر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ترقب مؤتمر المانحين

وفي هذا السياق قال عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي للأونروا» لـ «القدس العربي» أنهم يتوقون الحصول على دعم إضافي في المؤتمر، لكنه في الوقت ذاته أكد أنه في حال لم تتوفر الميزانيات اللازمة، وعدم قدرة المؤتمر على توفير أموال العجز، فإن ذلك سيؤثر على الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
وجاء ذلك في الوقت الذي حذر فيه الناطق باسم الأونروا سامي مشعشع، من إمكانية نفاد السيولة النقدية للوكالة مع نهاية الشهر الجاري.
ومن شأن هذه الخطوة، أن تجبر الأونروا على وقف خدماتها في مناطق العمليات الخمس وهي قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
وقد كشف النقاب قبل أيام عن المخطط الأمريكي الجديد، القاضي بوقف تمويل «الأونروا» ضمن مسعى فرض «صفقة القرن» التي تعمل واشنطن على طرحها قريبا لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتي تتجاهل ملفي القدس واللاجئين، خاصة وان إدارة ترامب، اعترفت بالقدس عاصمة للاحتلال، ونقلت سفارتها إليها في اذار/مارس الماضي، كما شمل المخطط لحل الأونروا طلبا من إسرائيل للتضييق على عمل المنظمة الدولية في الضفة الغربية، وسحب تراخيص عملها.
وتلا ذلك أن أعلن رئيس بلدية الاحتلال في القدس المحتلة نير بركات، عن خطة لإخراج الأونروا من مدينة القدس، وإغلاق مدارسها، وقال أن هذه المنظمة كانت مذنبة في الحد من التنمية في القدس، وانها تمنح «صفة اللاجئ» لأحفاد الفلسطينيين.
ورفضا لهذا القرار، اتخذت اللجان الشعبية للاجئين الفلسطينيين وقيادة الفصائل الفلسطينية، قرارا بإطلاق فعاليات شعبية واسعة في غزة، وحذرت من مخاطر القرار على حالة السلم العالمي، ودعت الأمم المتحدة إلى إدراج هذا الملف على جدول أعمال الجمعية العامة المقررة هذا الشهر، وإلى إلحاق موازنة الأونروا بموازنتها العامة.

تنديد

مفوض الأونروا بيير كرينبول، قال في رسالة وجهها للاجئين وموظفي الوكالة، أن لا أحد يستطيع نزع صفة لاجئ عن الفلسطينيين، وأن الأونروا ستواصل تقديم خدماتها بإصرار أكبر وعزيمة لا تلين، وأن واشنطن هي مانح واحد فقط رغم انها كانت أكبر المانحين طوال عقود.
وردا على قرار واشنطن قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن الرئيس والقيادة الفلسطينية يدرسون التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لمواجهة القرار الأمريكي، الذي «لا يخدم السلام، بل يعزز الإرهاب في المنطقة». وطالبت الحكومة الفلسطينية بـ «تحرك عالمي أكثر فاعلية» من أجل وقف سلسلة التحركات الأمريكية ضمن سياسة الفوضى والتخبط، التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خدمة الاحتلال، والعداء للقضية الفلسطينية.
كما أكدت حركة فتح على أن حق العودة يعد «ثابتا ومقدسا ومحميا» بفعل الحق التاريخي للفلسطيني، والقانون الدولي، وأن ترامب لا يستطيع أن يلغي هذا الحق بـ «جرة قلم وتوقيع خاضع لإرادة اليمين الإسرائيلي الصهيوني المتطرف».
أما حركة حماس، فقد أكدت على لسان القيادي حسام بدران، تمسكها بحق عودة اللاجئين إلى أرضهم المحتلة، وطالب أحرار العالم ومؤسساته الحقوقية بالوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية، والتي تجاوزت كل الأعراف والقوانين.

11HAD

اللاجئون الفلسطينيون يتخوفون: هل تنهي قرارات ترامب الأونروا بعد 70 عاما؟

أشرف الهور

ملف «وكالة الغوث»: ترامب يخطط لإلغاء «التعويض بعد العودة» والأردن يطرح أسئلة خطيرة

Posted: 08 Sep 2018 02:19 PM PDT

عمان ـ «القدس العربي»: داخل أروقة القرار الأردني يصف المسؤولون ما قرره الأمريكيون بخصوص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» بصيغة أقرب لـ«غزوة « من العيار الثقيل لا تخلو من أجندة سياسية واضحة الملامح ولا بد من التعاطي والتعامل معها باعتبارها أولوية في غاية الأهمية على المستوى الوطني للأردن وللسلطة الفلسطينية. وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي يكرس الجزء الأكبر من وقته طوال الأسابيع الأربعة الماضية لعملية دبلوماسية مكثفة جدا ومعقدة بالوقت نفسه، تهدف إلى تفكيك الحصار قدر الامكان الذي صنعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وجه النظام الرسمي العربي عندما أبلغ رسميا عمان ورام الله والعالم بأن الولايات المتحدة تقرر وقف الدعم الأمريكي المالي.
على هامش نقاش خاص مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي تيقنت «القدس العربي» من ان الأردن مهتم جدا بملف وكالة الغوث وبالتحديات التي ينتجها القرار الأمريكي وان نطاق هذا الاهتمام لا علاقة له فقط بتمكين وكالة الغوث من استكمال برنامجها الخدماتي للعام الحالي فقط بل بضرورة تشكيل رأي موحد في المجتمع الدولي له علاقة بالسنوات المقبلة أيضا.
بعد مشاورات مكثفة للأردن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية واتصالات مع ثماني دول عربية على الأقل وتسع دول أوروبية في المقابل اضافة إلى روسيا وحتى الصين واليابان، يمكن القول ان الأردن لديه تصور أولي اليوم حول خطة تحرك. طبعا نجاح هذه الخطوة بعد وضعها ليس مضمونا لكن التحدي أساسي وكبير ـ يشرح الصفدي ـ ولا بد من مواجهته.
ثمة مسائل على مستوى صناعة القرار الأردني لم تتضح بعد وينبغي ان تتضح قريبا جدا لترسي سيناريو المواجهة والعمل حفاظا على مؤسسة وكالة الغوث بمضمونها وشكلها وهويتها ولعدة أسباب جوهرية بعد تجاوز أزمتها المالية للعام الحالي، والتي يبدو ان عمان نجحت في تفكيك بعض ملامحها.
عندما يتعلق الأمر بالأعوام اللاحقة يريد الأردن ان يفهم ما إذا كانت ثلاث دول عربية ثرية على الأقل مستعدة للالتزام ماليا بأكثر من 50 مليون دولار فقط للأعوام المقبلة وهي السعودية وقطر والإمارات. الدول الثلاث التزمت بدفع 50 مليون دولار لكل منها لتعويض عجز ميزانية وكالة الغوث للعام المقبل حتى الآن.
وعمان ضمنيا تسأل وستسأل عبر الجامعة العربية والمجلس الوزاري الخارجي العربي سؤالا محددا لهذه الدول الثلاث حول قرارها في الالتزام بما هو أكثر من المبلغ المشار إليه ولخمس سنوات مقبلة. الإجابات بطبيعة الحال لم تحسم ولم تصل بعد وتنطوي أحيانا على بعض التسويف والمماطلة وثمة شكوك في الأفقين الفلسطيني والأردني بأن عواصم الدول الثلاث تريد ان تتوثق أولا قبل أي التزام لخمس سنوات من رد فعل الرئيس الأمريكي.
أما الدول الأوروبية فتبدو متحمسة دبلوماسيا وسياسيا لمناكفة ترامب ودعم بقاء وكالة الغوث مستقبلا مع زيادة طفيفة لدولتين فقط بالمبالغ التي تدفع سنويا ودون وجود قرار أوروبي مركزي حتى اللحظة يلتزم بتوفير فائض مالي يستطيع تعويض المبلغ الأمريكي المفقود.
تلك مسألة أيضا في الحسابات الأردنية تحتاج لحسم واستفسار كما تدرس الحكومة الخطط المتاحة لترشيد نفقات وبرامج تتبع الوكالة مع الأمين العام للأونروا خصوصا في ظل قناعة الخارجية الأردنية بان التقليص ممكن في بنود بعض النفقات مثل رواتب المدرسين والمكاتب الإقليمية المتعددة وعقود التوظيف مع المستشارين.
في الجانب العربي تسأل عمان أيضا دولا مثل الكويت وسلطنة عمان والبحرين والجزائر والمغرب عما إذا كانت مستعدة للمساهمة ماليا. في الخطة الطارئة المتعلقة حصريا بتعويض عجز الميزانية للعام الحالي ويبلغ رقميا 227 مليون دولار توافقت عمان مع رام الله على تدبير الناقص من المبلغ من مصاريف الحكومتين بأي صيغة في حال تعذر تدبير المال من جهات أخرى حيث تم الالتزام لهذا العام على الأقل بتدبير 150 مليون دولار ويتبقى 77 مليونا.
في السياق المتعلق بالقانون الدولي، يستعد الأردن لخوض المعركة على أساس قرارات الشرعية الدولية واتخذت الاحتياطات اللازمة في إطار الدعوة لاجتماع طارئ للجمعية العامة للأمم المتحدة. الهدف من هذا الجهد المكثف التحوط على توفير دعم سياسي ومالي للوكالة حسب الوزير الصفدي.
سياسيا وفي مركز وعمق القرار الأردني ينظر لقرار ترامب بخصوص وكالة الغوث بصـــفــته هجـــمة دبلوماســـية مبـــاغتة لـهـــا دلالات خـطـــيرة جدا وذات صلة بالمصالح الأردنية العليا إذا ما تكرس القرار الأمريكي كواقع موضوعي ولم يتمكن الجانب العربي مع شركاء أوروبيين من الالتفاف على القرار الأمريكي.
استراتيجيا يقول الأردنيون ان اقتصادهم الذي يعاني من ارهاق شديد لا يحتمل الانفاق على خدمات الغوث للاجئين الفلسطينيين في الأردن، حيث يحتاج البند المتعلق بالمدارس فقط لمبلغ مالي ضخم جدا لا تستطيع الخزينة الأردنية التفاعل معه خلافا للجزء المتعلق بالأمن القومي الأردني والاستقرار الأمني الداخلي حيث يتوقع ان يثور الجدل بعنوان «صفقة القرن او مشاريع التوطين» إذا تقرر ان يحتفظ الأردن بخدمات الأونروا.
وفي البعد الاستراتيجي نفسه تقر غرفة القرار الأردني بأن السماح لسيناريو ترامب بخصوص وكالة الغوث بالعبور والنفاذ بدون مقاومة يعني في النتيجة الاستسلام للمنطق الأمريكي الرسمي الذي يعتبر مسألة اللاجئين في حد ذاتها «وهما» لا بد من التخلص منه وهو ما سمعه مباشرة مسؤولون أردنيون في واشنطن، حيث يعني التخلص من هذا الوهم المفترض المساس الكبير ليس بمصالح وسيادة الأردن في الجزء المتعلق بتوطين اللاجئين فقط، ولكن الأخطر في الجزء المتعلق بحرمان الدولة الأردنية من حقوق التعويض مستقبلا جراء استضافة اللاجئين وليس فقط حقوق عودتهم، الأمر الذي يتطلب تحركات وقائية يمكن القول ان فعالياتها تجري الآن.

11HAD

ملف «وكالة الغوث»: ترامب يخطط لإلغاء «التعويض بعد العودة» والأردن يطرح أسئلة خطيرة

بسام البدارين

المعلن والمخفي في قرار ترامب تجفيف الأونروا

Posted: 08 Sep 2018 02:19 PM PDT

الناصرة ـ «القدس العربي»: جاء قرار إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بتجفيف وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في أعقاب «مراجعة تمويل الضفة الغربية المُحتلّة، وقطاع غزة المُحاصَر ولضمان إنفاق التمويل تماشيا مع المصالح الأمريكية القومية ومنح قيمة لدافع الضرائب الأمريكي». هذا ما قيل رسميا على لسان جهات أمريكية، لكن يبدو أن ذلك يتم للضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس واستجابة لطلب أوساط إسرائيلية تطالب بذلك أملا بالتخلص من حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت رسميا إن الولايات المتحدة قررت إيقاف أي تمويل لوكالة الغوث. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت في بيان «راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أن الولايات المتحدة لن تقدم مساهمات إضافية للأونروا». ووجهت متحدثة باسم وزارة الخارجية انتقادات لاذعة لطريقة عمل الوكالة، قائلة إنها «معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه»، وهو ما رفضته الوكالة ووصفت الخطوة من جانبها بأنها «مخيبة للآمال ومثيرة للدهشة». وكتب كريس جانيس المتحدث باسم الأونروا في سلسلة تغريدات على تويتر «نرفض بأشد العبارات الممكنة انتقاد مدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة في حالات الطوارئ بأنها معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه».
وتعمل الوكالة فعليا بعملياتها منذ أيار/مايو 1950 حيث يتم تجديد مهامها بشكل دوري، وكان آخره في حزيران/يونيو عام 2017. وتحصل الوكالة على الدعم المادي عبر التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وتشمل خدمات الوكالة التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والقروض الصغيرة والاستجابة لحالات الطوارئ في أوقات النزاع المسلح. وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح منفرد لأونروا، حيث قدمت 368 مليون دولار في عام 2016 وكانت تمول ما يقرب من 30 في المئة من عملياتها في المنطقة. وفي وقت سابق الجمعة، قال وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، إن ألمانيا ستزيد من مساهماتها في الوكالة لأن أزمة التمويل فيها تغذي المشكلات. وحذر من «فقدان هذه المنظمة يمكن أن يطلق العنان لسلسلة من ردود الأفعال غير القابلة للسيطرة» وبذلك عبر في الواقع عن موقف أوروبي رسمي بهذا المضمار وعن انتقادات واسعة عربية وأجنبية للقرار الأمريكي.
ويعتقد مراقبون إسرائيليون أيضا أن ذلك تمهيد لسياسة جديدة تهدف إلى تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وحسب مصادر إسرائيلية إعلامية، تضمنت الخطة الأمريكية عدة خطوات، منها نشر تقرير حول عدد اللاجئين الفلسطينيين، حيث يزعم الأمريكيون أن عددهم يبلغ نصف مليون، مقارنة بأكثر من خمسة ملايين وفقا للاعتراف الدولي ووكالة الأونروا. وفي المرحلة الثانية للخطة، تم إعلان إدارة ترامب سحب الاعتراف بوكالة الأونروا ورفض تعريف اللاجئ المتبع بالوكالة، وهو بنقل مكانة اللاجئ عبر التوارث بين الأجيال، حيث ستكتفي واشنطن الاعتراف بالوكالة على أنها مفوضية تعنى بشؤون اللاجئين بشكل عام. وعقب ذلك وقف الميزانيات وتمويل فعاليات وأنشطة الأونروا في الضفة الغربية.
واعتبرت الحكومة الإسرائيلية الخطة الأمريكية، خطوة تاريخية أخرى من قبل الرئيس ترامب وطاقمه، الذين يستمرون في الاعتراف بالحقائق والوقائع على الأرض، حسب تعبير بعض المسؤولين الإسرائيليين، خاصة بعد إزالة قضية القدس من طاولة «المفاوضات» ونقل سفارة واشنطن للقدس المحتلة. واليوم حان دور حق العودة بمحاولة شطبه، وهو الذي تعتبره إسرائيل «العقبة الرئيسية في أي مفاوضات» فيما تتبنى واشنطن كافة المواقف الإسرائيلية.
يشار إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان وخلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكية، ركس تيلرسون، قبل عام، دعا واشنطن إلى إعادة النظر في سياستها تجاه مجلس حقوق الإنسان ووكالة غوث اللاجئين. وحسب بيان صادر عن وزير الأمن، فإن ليبرمان طلب من تيلرسون أن تقوم الولايات المتحدة بإعادة النظر في سياستها تجاه المؤسستين الدوليتين المذكورتين. وادعى ليبرمان أن مثل هذه المؤسسات لا تقوم بالدور المطلوب منها، وبدلا من ذلك، ينشغل المجلس لحقوق الإنسان بـ«الافتراء على إسرائيل، ومحاولة المس بها عن طريق تشويه الواقع». وادعى ليبرمان وقتها أن «موقف الولايات المتحدة مهم من أجل إبعاد العقبات التي تمس بالاستقرار في الشرق الأوسط، وأنه يجب استغلال الفرصة لتعزيز قوة الجهات المعتدلة في المنطقة».
كما كشفت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، عن السبب الحقيقي وراء محاربة ترامب للأونروا بالقول، إن قطع التمويل الأمريكي بالكامل عن المنظمة يكشف البنود الحقيقية لـ«صفقة القرن» التي يرعاها ترامب وفريقه. موضحة في عددها الأخير أن هدف الإدارة الأمريكية هو وقف عمل الوكالة بنسبة 90 في المئة، وجاء قرار قطع التمويل هذا بعد أيام قليلة من تصريحات ترامب بأن الدور على الفلسطينيين حتى يحصلوا على شيء جيد للغاية بعد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فجاءت الأفعال على عكس الأقوال. ونوهت المجلة إلى أنه بالطبع لن تمس الإدارة الأمريكية المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها لإسرائيل والتي تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار حتى تساعدها على قمع الفلسطينيين. موضحة أن الغرض من قطع التمويل عن الوكالة هو عدم تمكين الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة حق العودة لوطنهم. واستذكرت المجلة الأمريكية، أن نيكي هايلي سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، قد أكدت أن هؤلاء اللاجئين ليس لهم حق في العودة، متجاهلة طردهم المنهجي من ديارهم في نكبة 48 مثلما تجاهلت قرارات أممية بهذا الاتجاه. وما زال مؤرخون إسرائيليون جدد كثيرون يؤكدونه وقال المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس في كتابه «1948» عام 2004 «ما كان يمكن إنشاء الدولة اليهودية دون اقتلاع 700 ألف فلسطيني عن وطنهم».
وتعتبر المجلة أن حق عودة اللاجئين لأراضيهم يعد أهم أهداف الوكالة التابعة للأمم المتحدة بموجب القانون الدولي، ولكن لن يتم تنفيذ هذا القرار وتتم محاربة الوكالة، لسبب بسيط، فالعودة الشرعية لهؤلاء لوطنهم تعني نهاية وجود إسرائيل كدولة يهودية، وهو ما تسعى الإدارة الأمريكية لعدم تنفيذه، ونتيجة لهذه الجهود تضخم عدد اللاجئين من 700 ألف إلى 5 ملايين لاجئ. وخلصت المجلة للقول «هذا التهديد الديموغرافي، كان السبب الرئيسي في موافقة الحكومة الإسرائيلية والكنيست على إقرار قانون القومية قبل شهر».

11HAD

المعلن والمخفي في قرار ترامب تجفيف الأونروا

وديع عواودة

«الأونروا» مفتاح الاستقرار لفلسطينيي لبنان وغياب خطة «ب» يضع الجميع على المحك

Posted: 08 Sep 2018 02:19 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن قرار حجب مساهمتها المالية البالغة 360 مليون دولار في موازنة وكالة «غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لم يكن مفاجئاً. هو خطوة في سياق خطة إدارة دونالد ترامب لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني – العربي، التي يعمل عليها مستشاره وصهره جاريد كوشنر، وهو ورقة ضغط سياسية متعددة الاتجاهات.
الاستهداف الأول موجّه لفلسطينيي الداخل، ولا سيما قطاع غزة، حيث يُشكّل اللاجئون ما يقارب الـ75 في المئة من سكانه، ونسبة أقل من سكان الضفة الغربية، في رسائل واضحة لـ «حركة حماس» التي تُحكم سيطرتها على القطاع، وللسلطة الفلسطينية التي أدارت ظهرها لأمريكا بعدما أعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، بما يُشكّل ذلك من ضربة قوية لمشروع السلام القائم على حل الدولتين.
وثاني هذه الاستهدافات هو لفلسطينيي الشتات في الدول المضيفة، التي ستصيبها أضرار جانبية كثيراً ما تكون أشد وطأة وأخطر من الهدف الرئيسي المتمثل بشطب «الأونروا» التي هي «الشاهد الوحيد المتبقي على النكبة المستمرة منذ العام 1948، والضمانة الأكيدة لحق العودة للفلسطينيين». وهو مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويتماهى معه كوشنر الذي يَعتبر أن «الوكالة تُقوّض المصالح الإسرائيلية وتُحفّز آمال اللاجئين في العودة إلى وطنهم، وتُديم الستاتيكو القائم، ولا تُساعد في عملية السلام».
ما يُواجه «الأونروا» في العمق راهناً، ليس أزمة عنوانها مالي بل قضية عنوانها سياسي عمرها سبعون عاماً. فإذا كان السلاح لإنهاء القضية هو المال، فإن البحث عن «أسلحة مالية» بديلة كفيل بالحفاظ على القضية لا بل كفيل بإحيائها بقوة. هذا ما تشي به حماسة المنظمة الدولية التي أنشئت بعد النكبة.
الرسالة الأساسية التي تُركّز عليها «الأونروا» حالياً، هي أننا مستمرون ومصممون أكثر من أي وقت مضى على حشد التمويل اللازم، وفق المتحدثة باسم «الأونروا» في بيروت هدى صعيبي، ولذلك ستبذل الوكالة مزيداً من الجهود عبر توسيع مروحة المساعدات التي تتلقاها من خلال اتصالات تجريها مع «بيوت الزكاة» ومع حملة «الكرامة لا تقدر بثمن»، وعبر التواصل مع عدد من الشخصيات الفلسطينية الميسورة في الشتات، فضلاً عن العمل على تأمين داعمين جدد، حيث ستكون هناك على هامش انعقاد الجمعية العمومية في نيويورك، التي تبدأ أعمالها في الرابع والعشرين من هذا الشهر، مبادرات تقوم بها 5 دول هي: ألمانيا، الأردن، السويد، الاتحاد الأوروبي واليابان من أجل حشد التمويل اللازم تفادياً لانفجار يُهدّد السلم والأمن العالميين، وسيكون لمفوض «الأونروا» بيير كرينبول عرض مُسهب لواقع الوكالة أمام جامعة الدول العربية يوم الثلاثاء المقبل، خاصة أن مساهمات الدول العربية، في أحسن حالاتها، لا تتعدى الـ7 في المئة، وسيكون حاضراً بقوة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
التعويل إذاً هو على تأمين بديل مالي للمساهمة الأمريكية، التي تشكل مبدئياً ربع الموازنة. ووفق ما رشح من معلومات، فإن أوساطاً فلسطينية تتحدث عن توجّه لدى الدول الأوروبية لسداد 60 في المئة من العجز الذي أحدثه انسحاب الولايات المتحدة.
ولكن ماذا إذا لم ينجحوا في سداد العجز، خصوصاً أن حجم المتطلبات والأعباء إلى تزايد بغض النظر عن أزمة اليوم؟ ومَن هُم اللاجئون الأكثر تأثراً… وأي ضرر سيلحق بهم وبدولهم المضيفة؟
كلها أسئلة تبقى بلا أجوبة حاسمة، ذلك أنها مبنية على تقديرات لا دراسات معمّقة. لا شك أن ضرراً سيقع، والتقديرات أنه سيكون متفاوتاً بين بلد وآخر.
في المبدأ، سيكون الضرر الأكبر على اللاجئين في لبنان ذلك أن حجم القيود التي تضعها الدولة اللبنانية على اللاجئين في لبنان هي أشد بأضعاف من تلك الموضوعة في الدول المضيفة الأخرى، ولا سيما الأردن وسوريا. فالقوانين اللبنانية تحظر عليهم العمل إلا في مهن محددة، وتمنعهم من التملك، وتضّيق عليهم تحت ذرائع الهواجس من التوطين ومن التغيير الديموغرافي في البلاد مخافة أن يتحوّل السنّة إلى الطائفة الأكبر وأن تذوب الطوائف الأخرى. وفوق ذلك يعيش لبنان اليوم أزمة النزوح السوري وضائقة اقتصادية ومعيشية وتوترات سياسية نتيجة حسابات المحاور ومخاوف على المصير، ما يدفع بقسم كبير من اللبنانيين إلى إبداء الكثير من عوارض التطييف والعنصرية والكراهية.
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان سيكونون في وضع دراماتيكي إذا تراجعت خدمات «الأونروا» التي تُقدّم لهم. قد يعتبر البعض أن الأسر الفلسطينية تعتمد على تحويلات أبنائها الذين يعملون في الخارج، ولا سيما في الدول الخليجية، ولكن ما يفوتهم أن «الأونروا» هي الجهة الوحيدة التي تُعلّم أولاد الفلسطينيين (37 ألف طالب يتوزعون على 66 مدرسة) باستثناء بعض الأعداد القليلة التي تذهب إلى المدارس اللبنانية، وتؤمّن لهم الطبابة وتدفع عنهم الاستشفاء، ولو بشكل جزئي. وتُشكّل تالياً الدور الحيوي لهم، الذي لا أحد يستطيع القيام به. وفي رأي صعيبي فإن «الأونروا» هي خشبة الخلاص الوحيدة بالنسبة لفلسطينيي لبنان، وبصيص الأمل، والرئة التي يتنفسون من خلالها لمواجهة الصعوبات المعيشية، ووقف خدماتها في لبنان لن يكون فقط كارثة، إنما بمثابة «الانفجار» الاجتماعي الكبير.
هذا التقييم تتشارك فيه أوساط فلسطينية في بيروت. يذهب المستشار الإعلامي في السفارة الفلسطينية حسان ششنية إلى مقارنة وضع لاجئي غزة بلاجئي لبنان، غير أنه على الرغم من صعوبة الوضع في غزة، فإن «الأونروا» يمكنها أن تعتبر أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في وطنهم، ولديهم مصدر رزق وقادرون على العمل بحرية لإعالة عائلاتهم، لكنها تدرك أنهم في لبنان لا يتمتعون بحرية العمل، وليس لديهم خدمات متوفرة، ما يعني أن وقف خدمات «الأونروا» عن لبنان يعني إلغاء الخدمات عن 200 ألف لاجئ فلسطيني ليس عندهم مصدر رزق إلا هذا المصدر، ولا بديل له، منذ 70 سنة».
نقطة ضعف «الأونروا» تتمثل بأن المانحين ليسوا ملزمين بتقديم مساعدات سنوية محددة بل هي طوعية، وهذا يجعل هذه الدول تتعاطى مع الموضوع من منطلق سياسي، كما حصل بالنسبة لموقف ترامب، عندما قرر معاقبة القيادة الفلسطينية على رفضها استقبال مبعوثيه. ششنية تحدث عن أن الأمريكيين يُسوّقون فكرة جديدة عبر اقتراحهم بأن يُعطى مبلغ الـ360 مليون دولار، الذي اقتطعوه، إلى الدول العربية المضيفة للاجئين، وإلى بعض المنظمات الإنسانية الموجودة في هذه الدول بحيث تتولى هي رعاية هؤلاء اللاجئين والصرف عليهم. خطوة في قناعة المتابعين للشأن الفلسطيني تهدف إلى شطب «الأونروا»، إما عن طريق تحويل الفلسطينيين إلى مفوضية اللاجئين أو تحويل أموال «الأونروا إلى الدول المضيفة. لكن في النهاية، الطريقان توصلان إلى النتيجة ذاتها: «شطب الوكالة الدولية الفريدة من نوعها في العالم، وشطب حق العودة».
المشكلة لدى «الأونروا» أنه ليس لديهم ما يُعرف بـ «الخطة بـ«، ولا يفكرون بها، ولا يحبذون الدخول بسيناريوهات افتراضية. يضعون جهودهم في ردم هوة عجز هذا السنة البالغ 217 مليون دولار، إذ أن ميزانية الوكالة مؤمنة حتى نهاية أيلول، وإذا تأمن العجز، فإن النقاش سيدور حول ميزانية السنة المقبلة ومدى القدرة على الالتزام بها.
في لبنان سيكون على المحك، في المدى المنظور، مصير 37 ألف طالب وطالبة في 66 مدرسة، ونحو ستة آلاف في التعليم المهني ونحو 160 ألف مريض يتعالجون سنوياً في 27 مركزاً صحياً إضافة إلى الخدمات التي تقدمها الوكالة مع المستشفيات المتعاقدة معها. كما أن هناك نحو 61 ألف لاجئ يعيشون تحت خط الفقر ويحظون بمساعدات مالية من الوكالة.
على الأرجح أن كثيراً من الأطراف المعنية سيدرك أهمية «الأونروا» والحيّز الذي كانت تملأه، المهم أن تكون الإمكانية متوفرة لإعادة ضخ الحياة إلى عروق الوكالة – الشاهد على أوجاع شعب بات وكأنه في نزاعه الأخير للعودة إلى وطنه.
الكلام في لبنان عن مخاوف التوطين لن يتعدى محاولات الاستثمار السياسي. لا مخاوف ما دام الدستور اللبناني يمنع ذلك وما دام اللبنانيون يعلمون أن اللعب على تغيير ديموغرافي مستحيل. ما دون التجنيس والتوطين مقبول لجهة تحسين ظروف الحياة والعمل والمسكن وتوفير الحياة اللائقة. الخوف فقط من تفاقم الأزمات المعيشية التي يعيشها لبنان من دون آفاق حلول، فتؤول إلى انفجار اجتماعي تتداخل فيه العوامل، ويصبح معها التصويب على العامل السوري والعامل الفلسطيني سهلاً.

11HAD

«الأونروا» مفتاح الاستقرار لفلسطينيي لبنان وغياب خطة «ب» يضع الجميع على المحك

رلى موفّق

هل تنجح الجهود الأوروبية في التصدي لقرار ترامب حول الأونروا؟

Posted: 08 Sep 2018 02:18 PM PDT

برلين ـ «القدس العربي»: يسود القلق الأوساط الأوروبية بعد قرار واشنطن الأخير وقف تمويل الأونروا، التي قالت إن أنشطتها «متحيزة بصور لا يمكن إصلاحها» وسارعت إسرائيل إلى الترحيب بالقرار متهمة المنظمة الأممية التي تأسست قبل 70 عاماً بأنها تعمل على «إطالة أمد» النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عبر تكريس فكرة أن أعدادا كبيرة من الفلسطينيين هم لاجئون ويملكون حق العودة إلى القرى والمدن التي اضطروا للهرب أو الخروج منها إبان نكبة 1948 وإقامة دولة إسرائيل.
وعبرت الأمم المتحدة عن أسفها للقرار الأمريكي مؤكدة أن الأونروا «توفر خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في استقرار المنطقة».
وكان المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس حذر الأربعاء من أن المنظمة لن تكون لديها ميزانية نهاية أيلول/سبتمبر. وقال إن «الناس سيشعرون بمزيد من الاستياء والتهميش» محذرا من «العواقب الخطيرة والعميقة وغير المتوقعة» لمثل هذا القرار الأمريكي.
وقال هيو لولات الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن القرار الأمريكي وسيلة تسعى من خلالها واشنطن «بصورة منفردة إلى رفع مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات».
لكنه أضاف أن «الإجراءات الأمريكية خطيرة ولن تنجح»، مشيراً إلى أن لبنان والأردن لن يكون بإمكانهما تقديم مساعدات مالية للاجئين.
وظهرت بعض المبادرات لتأمين التمويل بعد القرار الأمريكي، إذ أعلنت برلين عن زيادة كبيرة في مساهمة ألمانيا في الأونروا ودعت شركاءها الأوروبيين إلى الاقتداء بها.
وفيما تبحث السلطة الفلسطينية، عن تمويل بديل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، حسب تصريحات العديد من المسؤولين المحليين، أعربت الخارجية الفرنسية، عن أسفها البالغ لقرار الولايات المتحدة وقف تمويل «الأونروا».
وقالت في بيان مطلع هذا الأسبوع إن فرنسا ملتزمة بدعم الوكالة التي تقدم خدمات لما يزيد عن 5 ملايين لاجئ فلسطيني، لأهمية دورها في الاستقرار المحلي والإقليمي. ودعت المجتمع الدولي لتقديم الدعم للوكالة لتتمكن من مواصلة مهامها في إغاثة اللاجئين الفلسطينيين.
وأضافت أن الحكومة الفرنسية زادت من مساهمتها المالية للوكالة هذا العام، وأنها تبحث حاليا عن موارد مالية جديدة لدعم الأنشطة التعليمية للوكالة.
وأعلنت واشنطن، الجمعة الماضي، قرارها وقف تقديم المزيد من المساهمات لأونروا، مشيرة أنها حذرت سابقًا من أنها «لن تتحمل القسم الكبير من هذا العبء بمفردها» بعد مساهمتها الأخيرة، بأكثر من 60 مليون دولار، في كانون الثاني/يناير الماضي.
وتعاني الوكالة الأممية من أكبر أزمة مالية في تاريخها، بعد قرار أمريكي، قبل أشهر، بتقليص المساهمة المقدمة لها خلال 2018 إلى نحو 65 مليون دولار، مقارنة بـ365 مليونًا في 2017.

مساعدات ألمانية

وأعلنت ألمانيا عزمها زيادة المساعدات المقدمة إلى الوكالة الأممية بعد قرار ترامب الأخير، ويعكس هذا القرار تخوفا ألمانيا من إمكانية اغلاق الأونروا أبوابها ما يعني تفاقم معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين تدعمهم الوكالة.
وفي خطاب أرسله وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الأسبوع الماضي إلى نظرائه في الاتحاد الأوروبي جاء أنه يُجرى الإعداد حاليا لزيادة المساعدات المقدمة للوكالة على نحو جوهري. وطالب الوزير في الخطاب الاتحاد الأوروبي بزيادة مساهماته للوكالة، لأن المساهمات الألمانية وحدها لن تكفي حتى بعد زيادتها لسد العجز الحالي الذي تقدر قيمته بـ217 مليون دولار. وذكر ماس أن الأونروا تقدم إسهاما مهما في توفير الإمدادات للفلسطينيين، وبالتالي تمثل أهمية كبيرة للاستقرار في المنطقة، موضحا أن إخفاق الوكالة قد يتسبب في «سلسلة من ردود الفعل لا يمكن التحكم بها». ويعود سبب الأزمة المالية للأونروا إلى السياسة الأمريكية الراهنة، حيث جمد ترامب مطلع العام المساعدات الأمريكية للفلسطينيين، لأنه يعتبرهم مسؤولين عن جمود عملية السلام مع إسرائيل.
ووفقا لبيانات وزير الخارجية الألماني، قدمت ألمانيا مساعدات للأونروا هذا العام بقيمة 81 مليون يورو. ولم يحدد الوزير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي في الخطاب قيمة المساعدات الإضافية التي تعتزم الحكومة الألمانية تقديمها. وكانت برلين قدمت تعهدات سابقة بمواصلة دعم الإعمار في غزة حيث صرحت الحكومة الألمانية في السابق إنها «ستواصل دعم جهود إعادة الإعمار في غزة كجزء لا يتجزأ من التعاون التنموي الألماني الفلسطيني». وأضاف البيان الحكومي أن «تعاوننا مع أونروا في دعم اللاجئين الفلسطينيين في غزة يعد أمرا حاسما من أجل الوصول إلى الأشخاص الأشد عرضة للمخاطر والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية». واعتبر بيان صادر عن الأونروا أن «التبرع الألماني الذي تم تقديمه على الفور في أعقاب الهجوم الإسرائيلي كان حاسما للسماح للوكالة بالبدء ببرنامج مساعدتها السكنية الطارئة وتقديم الإغاثة الإنسانية التي كانت هناك حاجة ماسة لها».
كما قدمت ألمانيا مساعدات سخية الشهر الماضي من أجل إغاثة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث أقيم احتفال نهاية الشهر المنصرم في مخيم نهر البارد برعاية السفارة الألمانية، وبنك التنمية الألماني، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «الأونروا» بمناسبة تسليم المنازل المُعاد إعمارها مؤخراً إلى 61 عائلة عادت إلى المخيم (219 شخصاً) وتسليم 35 محلاً تجارياً، ما يعتبر إنجازًا هامًّا للمشروع الممول من ألمانيا الذي لا يزال قيد التنفيذ.
وجاء الحفل كفرصة للتأكيد على الدعم المتواصل الذي تقدمه كل من حكومة ألمانيا والأونروا للاجئي فلسطين النازحين من مخيم نهر البارد عقب أزمة عام 2007 وبفضل المساهمة السخية المقدّمة من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية ومن بنك التنمية الألماني والتي بلغ إجمالها 28 مليون دولار أمريكي لإغاثة وإعادة إعمار مخيم نهر البارد، تحسنًت بشكل كبير الآفاق الاجتماعية والاقتصادية بعيدة المدى للمجتمع الفلسطيني في المخيم.

مساعدات جديدة

وفي السياق ذاته أعلن وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت، تقديم حزمة مساعدات جديدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بقيمة سبعة ملايين جنيه استرليني (9 مليون دولار) لتتمكن من مواصلة توفير الرعاية الصحية والتعليم للفلسطينيين.
وقال في بيان، هذه «الوكالة الدولية، التي تواجه ضغوطا مالية شديدة في وقت يشتد فيه الطلب على خدماتها أكثر من أي وقت مضى، تعتبر حبل نجاة لملايين اللاجئين الفلسطينيين في أنحاء منطقة الشرق الأوسط».
وأشار إلى أن هذه المساعدات الإضافية من وزارة التنمية الدولية «هدفها مساعدة الأونروا في إبقاء المدارس مفتوحة لأكثر من 500000 طفل، وتوفير الرعاية الصحية لنحو 5ر3 مليون لاجئ».
وقال إن حزمة المساعدات البريطانية الجديدة «تؤكد دعمنا الذي لا لبس فيه لهذه الوكالة الدولية وللجهود الهامة التي تبذلها». وأعرب عن قلقه من «الأثر المدمر الذي يسببه نقص الأموال المتوفرة للأونروا على من يعتمدون على خدماتها، إلى جانب ما يسببه ذلك من تبعات على استقرار المنطقة».
وحث المجتمع الدولي والمانحين الآخرين على «تعزيز دعمهم للأونروا لضمان عدم توقف الخدمات الحيوية التي تقدمها».
وكانت المملكة المتحدة قد أعلنت في آذار/مارس بأنها سوف تُعجّل في تقديم مساعدات مالية في وقت أقرب مما كان مخططا له لضمان استمرار أكثر الفلسطينيين فقرا في الحصول على التعليم والرعاية الصحية.
وترفع المساعدات الجديدة إجمالي مساهمات المملكة المتحدة في برنامج ميزانية الأونروا إلى 5،45 مليون جنيه استرليني.
هذه المساعدات الأوروبية وان عكست تصميما على دعم الأونروا إلا أن السؤال المطروح أوروبيا هو، ما الذي يمكن لأوروبا فعله من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه دون خوض معركة ضد الرئيس الأمريكي ترامب؟
وقد تكون المخاوف الأوروبية مبررة وذلك خشية منها لاستقبال المزيد من اللاجئين في ظل تدهور أوضاع شريحة جديدة للاجئين حول العالم وهو ما يهدد بموجة لجوء جديدة تخشى أوروبا تحمل عواقبها لوحدها.

11HAD

هل تنجح الجهود الأوروبية في التصدي لقرار ترامب حول الأونروا؟

علاء جمعة

ترامب والأونروا: تفكيك الحركة الوطنية الفلسطينية وفرض حل على الفلسطينيين بالقوة فهل سيركعون؟

Posted: 08 Sep 2018 02:18 PM PDT

لم يكن قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساهمة الأمريكية وبشكل كامل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» مفاجئا. فهو في النهاية يتساوق مع تصرفاته منذ وصوله إلى البيت الأبيض وتعامله مع قضايا السياسة الخارجية بمزاجية وقلة فهم لها. وكما كشفت تسريبات من كتاب بوب وودورد «الخوف» ما يقوله العاملون معه من الوزراء والمستشارين بأنه يتصرف بحمق وأن مستواه العقلي كما قال مسؤول بارز، لا يتجاوز مستوى إبن صف خامس أو سادس إبتدائي مما يجعله ليس خطرا على أمريكا بل والعالم وعلى حلفائه أيضا.
وبدأت الحملة على الوكالة التابعة للأمم المتحدة والتي تعمل منذ عام 1949 لتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين وأبنائهم من الذين شردتهم حرب عام 1948 أي بعد قيام دولة إسرائيل، بداية العام الحالي عبر تسريبات وقصص في الإعلام عن الوكالة الأممية.

شريران وشيطان

وفي مركز الرواية شريران ظهر أنهما لعبا دورا محوريا في بناء القصة والهجوم على الأونروا باعتبارها «عقيمة» و «فاسدة» و «تسهم في إطالة أمد النزاع» لا حله. وهذان هما جارد كوشنر، صهر ومستشار ترامب الذي كلفه بملف التسوية وما صار يطلق عليه بـ «صفقة القرن» أما الشريرة الثانية فهي وجه ترامب في الأمم المتحدة نيكي هيلي، التي عيرت الفلسطينيين أكثر من مرة أو الرئيس محمود عباس بانه «عض» اليد الأمريكية التي امتدت إليه بدلا من مد يده. وهذان لعبا دور التحريض والدفع باتجاه تخفيف الدعم ثم قطعه نهائيا عن الفلسطينيين ومعاقبة السلطة الوطنية على موقفها من قرار ترامب نهاية العام الماضي الإعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وقدم هذا القرار على أنه وفاء بوعد انتخابي وبدون مقابل وتخلى بالتالي عن ورقة ضغط مهمة على إسرائيل كما ناقش توماس فريدمان في حينه وكرر ما قاله قبل يومين في مقالته بصحيفة «نيويورك تايمز» وفي حينه قال ترامب إنه يعترف بواقع قائم وأن القدس لم تعد على طاولة البحث. أما الشيطان الأكبر فهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

تغيير قواعد اللعبة

ويرى المحللون أن إدارة ترامب التي غيرت عرفا مشت عليه السياسة الخارجية الأمريكية وعلى مدى عقدين تقوم بخلق واقع جديد وتغيير شروط اللعبة ولكن من طرف واحد.
وبات حتى حلفاؤه العرب خائفون من خطواته. ولاحظ المراقبون أن قرار الملك سلمان بن عبد العزيز إطلاق اسم قمة القدس على اجتماع الجامعة العربية الذي انعقد في الظهران كان محاولة لكبح تهور ابنه ولي العهد الأمير محمد الذي أطلق هذا العام سلسلة من التصريحات التي أثارت حتى دهشة اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، بشأن حق اليهود في وطنهم. وبدا بن سلمان ماضيا في فكرة الإدارة عن حل الصراع التي حملها إليه صديقه كوشنر. وتعتقد إدارة ترامب أن إزالة القضايا الرئيسية في النزاع تساعد على فرض واقع جديد يؤدي لحل في جانب إسرائيل على الأعم الأغلب، لكن التخلص من القضايا التي تهم الفلسطينيين خاصة حق العودة لن يؤدي للحل، بل يعقده ويخرج أمريكا من العملية كلها باعتبارها لم تعد عرابا نزيها. وليس غريبا رفض السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس التعامل مع إدارة ترامب أو موفديه. ومن هنا يفهم قراره الأخير تدمير الأونروا والدعوة لإعادة النظر في مفهوم اللاجئ الفلسطيني باعتبار أن الرقم وهو 5.5 مليون ونصف غير صحيح، وهذا في الحقيقة مطلب إسرائيلي ولطالما رفضت إسرائيل حق العودة الفلسطيني لأنه ينقض حق العودة اليهودي. وفي ظل القانون الذي مرره الكنيست حول الدولة القومية وحق تقرير المصير اليهودي بات تقويض وإنهاء فكرة العودة الفلسطينية أمرا ملحا على أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ إسرائيل. ويرى إيلان غولدنبرغ، الدبلوماسي الأمريكي السابق أن تدخل إدارة ترامب لكتابة قواعد اللعبة من جانب واحد، يعني أنها أخرجت نفسها من دور الوسيط، حسبما نقل عنه موقع «بلومبيرغ» (6/9/2018). ونقل الموقع عن حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، إن أمريكا تحاول «تفكيك كل قضايا الحل النهائي بما في ذلك القدس المحتلة، واللاجئين الفلسطينيين وحق العودة وحل الدولتين وحدود 1967، وشرعية المستوطنات، مدمرة بذلك فرص السلام».
ويرى كاتب التقرير ديفيد واينر، أن حملة ترامب لإعادة كتابة مبادئ التفاوض بدأت بعد أسابيع قليلة من دخوله البيت الأبيض – بدون مقاومة تذكر من الزعماء العرب الهائمون بموقفة المتصلب ضد إيران. وفي الوقت الذي يرى دعاة المقاربة الجديدة أن الخطوة هي محاولة لزيادة الضغط على الفلسطينيين لتركيعهم إلا أن دينس روس، السياسي المخضرم والذي قام بأدوار مختلفة لرؤساء أمريكا في المنطقة قال إن التاريخ يشير إلى أن الفلسطينيين لن يتجاوبوا إيجابيا للضغط دون حوافز، مع أنه ألمح إلى أن تمسك الفلسطينيين بوهم العودة غير واقعي.

عباس الخاسر

ولكن الرئيس عباس يدفع على ما يبدو ثمن مراهنته على فرضية أن الدبلوماسية التي تقودها أمريكا ستحقق ما لم يستطع العنف تحقيقه. وكلفته الجولات العديدة من المفاوضات الفاشلة الدعم الشعبي. وإن فشلت جهود ترامب للسلام فقد يؤدي احباط الفلسطينيين بهم إلى العنف ويدفعهم إلى معسكرات أكثر تطرفا. ويشكك بعض الدبلوماسيين بوجود خطة أمريكية لمنع المجموعات الإسلامية المتطرفة من ملء الفراغ بعد أن قطعت أمريكا مساعداتها عن الأونروا التي تنفذ أهم عملياتها في قطاع غزة الذي تحكمه حماس المتطرفة. وحذر المسؤولون الأمنيون الاسرائيليون بأن أي تغير في المعونات للفلسطينيين يجب أن يكون تدريجيا لتجنب الاضطرابات. وذكرت المؤسسة الأمنية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنها تعتمد على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية وأنه ليس من مصلحة إسرائيل التسبب في تدهور الاقتصاد الفلسطيني وإشعال موجة جديدة من الاحتجاجات على الحدود مع غزة. إلا أن نتنياهو تجاوز لجنته الأمنية وحكومته برسالة قبل أسبوعين للبيت الأبيض أعرب فيها عن تأييده وقف الدعم للأونروا .

نفاق العرب

وتكشف كل خطوة يعلنها ترامب في حربه على الفلسطينيين ومعاقبتهم، صورة عن النفاق العربي الذين يسارعون كما يقول ديفيد هيرست في «ميدل إيست آي» (5/9/2018) للدفاع عن أشقائهم الفلسطينيين ولكنهم لا يهبون لنجدتهم وتقديم المساعدة اللازمة لهم. ففي العام الماضي أنفقت المملكة العربية السعودية على شراء الأسلحة الأمريكية ما يعادل ألفي ضعف ما تقدمه من تمويل للمدارس الفلسطينية. ووقعت صفقات نوايا بقيمة 110 مليار دولار مع الولايات المتحدة لشراء أسلحة، بينما لا تنفق سوى 51 مليون دولار على الأونروا. ويقول هيرست «يفضح ترامب النفاق العربي كما لم يسبق لرئيس أمريكي أن فعل ذلك من قبل». وأكثر من هذا فترامب خطير لأنه يتسبب في خلق أزمة داخلية في بلدين عربيين من حلفاء بلاده هما الأردن ولبنان، حيث أن استقرار كل واحد منهما يتوقف على الإبقاء على تعريف اللاجئ الفلسطيني كما هو. وبمجرد أن يفكك ترامب الأونروا سيفقد ملايين الفلسطينيين ليس فقط مدارسهم وخدماتهم الصحية وموارد دخلهم، بل وكذلك وضعهم وهويتهم. وبهذه الطريقة سيخلق أزمة لجوء جديدة ولكن هذه المرة على أبواب أوروبا التي تئن تحت ثقل الموجة السورية، فهل ستتحمل موجة جديدة؟ ولهذا السبب لم يعلن ترامب عن «صفقة القرن» لأنه كلما كشف عن بعض تفاصيلها قل عدد الزبائن.

وهم الدولة

ويعتقد هيرست أن الشيء الوحيد الذي فعله ترامب بإزاحة ملف القدس وحق العودة عن طاولة المفاوضات كشفه عن زيف أوسلو والدولة الفلسطينية التي بشر بها. وعندما يفقد الفلسطيني كل ما بيده من مدرسة وحق عودة وماء وأرض فماذا سيفعل؟ هل عليه الطلب من المحتل احتلاله وتفكيك السلطة؟ وحتى لو فعل فلن تقبل إسرائيل. فهي تريد تجويع الفلسطينيين لا موتهم. وتقوم السياسة المتبعة في الحفاظ على الأحوال التي تضمن احتلالا بأقل التكاليف، فالصراع ثمنه باهظ وهذا هو سر غضب المؤسسة الأمنية من نتنياهو وليس حبا في عيون الفلسطينيين.

هل سيركعون؟

صحيح أن إدارة ترامب هي الأولى التي تقدم دعما غير مشروط لإسرائيل حسب المفاوض الأمريكي السابق آرون ديفيد ميللر، وتقوم في الوقت نفسه بشن حرب اقتصادية وسياسية على الفلسطينيين. ولكن صحيفة «الغارديان» (4/9/2018) تحذر قائلة إن «من الصعب إخضاع شعب محروم من الحرية والكرامة. فعلى مدى سبعين عاما الماضية، لم يقبل الفلسطينيون بأي تسوية تملى عليهم من قبل أطراف خارجية ترسم الحدود وتعيد تعريف السيادة دونما موافقة شعبية. ويخطئ السيد ترامب إن ظن أنهم سيقبلون بذلك الآن». وهي النتيجة التي توصل إليها الكاتب ميتشل بلنتيك في مقال نشره موقع «لوبلوغ» (6/9/2018) حيث قال فيه «ربما يواجه الفلسطينيون نوعا من الكارثة، واحدة قد تترك أثرا رهيبا عليهم ولكنهم نجوا من كارثتين، وربما لن ينتعشوا ولكنهم نجوا وتضاعف عددهم. ولن تنجح جهود ترامب لتدمير الفلسطينيين كأمة ولكنها ستترك بالتأكيد تداعيات رهيبة عليهم».

تدمير الهوية

ويرى الكاتب أن الهدف من إعلان وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة وقف الدعم الكلي عن الأونروا، كما قال الكثيرون ليس لأنه لا يخدم المصالح الأمريكية ويعرض الأمن الإسرائيلي للخطر وخلق كارثة إنسانية لملايين اللاجئين الذين تدعمهم الأونروا، كل هذا صحيح ومشروع ولكن القرارلا يستهدف الوكالة الأممية بعينها بل محاولة لتدمير الحركة الوطنية الفلسطينية. ويقول إنه طالما تحدث أن القضية الكبرى في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني منذ عام 1948 لم تكن القدس ولا المستوطنات، الأمن أو الحدود بل حق العودة الفلسطيني وهو الموضوع الوحيد الذي لا تريد إسرائيل مناقشته في المحادثات، وقلة من الإسرائيليين مستعدة للتنازل فيه. ومنذ عام 1948 شكل حق العودة جوهر الحركة الوطنية الفلسطينية وهو بمثابة «قنبلة موقوتة» لو نجح التفاوض على بقية القضايا. ويرى الكاتب أن ترامب حرف السياسة الأمريكية الحالية الموالية لليمين المتطرف إلى طريق واضح وبناء على اعتقاد يحمله كوشنر ومبعوثه للشرق الأوسط جيسون غرينبلات وسفيره في إسرائيل ديفيد فريدمان «فريق السلام» أنه يمكن ضرب الفلسطينيين حتى يستسلموا، وهو أمر طبيعي من فريق ملتزم باليمين المتطرف وداعم للحركة الاستيطانية ومعارض لأوسلو. ويعرف الفريق هذا بأن توازن القوة في صالح إسرائيل وعليه يجب سحق الحركة الوطنية وفي وقت يتم فيه مواجهة الرد العربي والعالمي حتى يخفت. ومن هنا فسياسات ترامب موجهة نحو هذه النتيجة. إلا أن تحركات ترامب لإرضاء قاعدته الانتخابية ومتبرعين مثل شيلدون أديلسون ممن لا يهمهم مصير الفلسطينيين ليست سياسة أو استراتيجية. وعلى خلاف الرئيس، فالترويكا الممثلة بكوشنر وغرينبلات وفريدمان يتبعون استراتيجية تقوم على اقناع السعودية والإمارات ومصر ومن لف لفهم، ولو سرا بدعم ما يفعلون. ويأملون بفرض وضع على الفلسطينيين لا يترك أمامهم أي شيء وبعد ذلك شراء رضاهم بحزمة من المساعدات الاقتصادية لتحسين أوضاعهم تعوضهم عن الاستقلال والقبول بحالة الاحتلال الدائم. لكن فريق ترامب يجهل أنه لو كانت هناك طريقة لإرضاء الفلسطينيين لتمت قبل 70 عاما.

11HAD

ترامب والأونروا: تفكيك الحركة الوطنية الفلسطينية وفرض حل على الفلسطينيين بالقوة فهل سيركعون؟

إبراهيم درويش

عضو القائمة العربية المشتركة عايدة توما سليمان: أعضاء الكنيست الصهاينة يتمنون إنسحاب الأعضاء العرب لتمرير مزيد من القوانين العنصرية

Posted: 08 Sep 2018 02:17 PM PDT

أثناء جولة لها في الولايات المتحدة الأمريكية التقت «القدس العربي» مع النائبة عايدة توما سليمان، عضو القائمة العربية المشتركة في الكنيست الإسرائيلي، ممثلة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة «الحزب الشيوعي» ورئيسة لجنة المرأة في الكنيست. وكان الموضوع الأساسي للمحاضرات التي ألقتها في أكثر من ولاية أمريكية هو قانون المواطنة اليهودية التي أقرها الكنيست يوم 19 تموز/يوليو 2018 بغالبية 62 صوتا مقابل 55. هذا التحول الأيديولوجي الخطير كان موضوع اللقاء الذي أجرته «القدس العربي» مع صاحبة الصوت المدوي والشجاع في الكنيست.
○ نبدأ بالحديث عن القانون الجديد والمظاهرة الحاشدة التي نظمتموها في تل أبيب.
• المظاهرة الضخمة التي حضرنا لها بشكل جماعي ضد هذا القانون العنصري قدر عدد الحضور فيها بين خمسين إلى ستين ألفا، نسبة مهمة منهم من اليهود. وهذا شيء مهم وتاريخي نريد أن نبني عليه.
وعودة إلى القانون، ففي البند الأول يقول القانون إن أرض إسرائيل هي الوطن القومي والتاريخي للشعب اليهودي فقط. يتكلم عن أرض إسرائيل وليس دولة إسرائيل، ولا يتكلم عن دولة إسرائيل التاريخية فقط بل الوطن القومي، وهذا يفتح المجال لتفسيرات أخرى قد تشمل أجزاء من الأردن. نلاحظ أن القانون يتكلم أحيانا عن الوطن القومي ثم يعود ويذكر الدولة. والقانون مع أنه يتكلم عن دولة إسرائيل إلا أنه لا يذكر شيئا عن الحدود لتبقى الأمور عائمة. يحدد العلم واللغة والهوية والتاريخ والرموز ولكن لا يذكر شيئا عن الحدود ليبقيه مفتوحا لكل الاحتمالات. كما يحدد أن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية في مخالفة مباشرة للقانون الدولي. كما أنهم أعطوا أنفسهم حق تقرير المصير وحرموه عن غيرهم. نحن حسب القانون الدولي نعتبر سكانا أصليين، وحسب الاتفاقية الدولية لحقوق السكان الأصليين فإننا نتمتع قانونا بحق تقرير المصير. هم ينكرون وجودنا فكيف سيوافقون عل حقنا في تقرير المصير؟ نحن حاضرون غائبون.
○ كانت هناك خلافات في القائمة المشتركة في كيفية التعامل مع قانون المواطنة اليهودية، منكم من يريد أن ينسحب تماما من الكنيست، ومنكم من يريد أن يعلق العضوية ثلاثة أشهر كنوع من الاحتجاج العالي ومنكم من لا يرى فائدة لا في التعليق ولا في الآنسحاب. أين وصل الحوار بينكم؟
• ما الفائدة من غيابنا ثلاثة شهور وماذ سنحقق لو غبنا؟ هل نعاند أنفسنا؟ هل نعطيهم فرصة للتخلص منا؟ أليس هذا ما يريدونه ويتمنونه؟ نحن مع البقاء في الكنيست وفي الوقت نفسه نفكر في تطوير أساليب مواجهاتنا. ومظاهرة تل أبيب كانت المثل، البداية، وسنبني عليها. أعطيك مثالا عل أهمية وجودنا. كان هناك نقاش في الكنيست حول المساحة المخصصة لكل سجين. المحكمة العليا أقرت أن كل سجين يجب أن يتمتع بمساحة 4.2 متر طولا وعرضا. هذا يتطلب تغييرات كبيرة في تقسيم وتوسيع مساحات السجون أو بناء سجون جديدة. ولغاية إنجاز ذلك قرروا أن يطلقوا سراح من اقتربت مدة أحكامهم من الانتهاء وبلغ عددهم 2300 سجين. لم يكن الأسرى الفلسطينيون مشمولين في المجموعة التي سيطلق سراحها. وعندما تدخلنا وشاركنا في النقاش أجبرناهم على أن يشمل الإطلاق 500 أسير فلسطيني. لو لم نكن موجودين لمرت الأمور دون أن يطلق سراح فلسطيني واحد.
أما حجة أن نستخدم الثلاثة أشهر للتواصل مع الجمهور، فهذه حجة مردودة لأننا نستطيع التواصل دائما وبشكل مستمر. فمثلا الكنيست في إجازة لغاية بداية تشرين الأول/أكتوبر من يمنعنا أن نعقد الندوات وننظم المسيرات ونعبئ الجماهير على ضروة التصدي لهذا القانون الأساسي؟ نحن صوتنا ضد القانون وخرجنا لحظتها. أي أننا سجلنا موقفنا من القانون.
○ جميع من تحدثنا معهم اتفقوا أن مرحلة ما بعد القانون مختلفة عما قبلها. لا يمكن الاستمرار بعد هذا القانون الذي ينفي وجود الفلسطينيين وكأن الأمور عادية.
• من قال أننا نتعامل مع مرحلة ما بعد قانون المواطنة وكأن الأمور عادية؟ نحن اتخذنا مجموعة قرارات بدايتها المظاهرة ونقوم الآن بتنفيذها. المظاهرة شيء لا يستهان به. مظاهرة تحشد لها نحو ستين ألفا من عرب ويهود حدث مهم وتاريخي. مثلا هذا الأسبوع مع بداية السنة الدراسية أعلنت لجنة قضايا التعليم للجماهير العربية التابعة للجنة المتابعة أن هذه السنة هي سنة اللغة العربية ردا على قانون تهميش اللغة العربية. وقد وضعنا خطة كاملة لتفعيل ونشر وتمتين اللغة العربية في المدارس العربية. اتخذنا كذلك قرارا بفرض اللافتات العربية في المناطق العربية ويعتبر مخالفا من يضع لافتة بلغات أخرى كالعبرية أو الإنكليزية فقط دون اللغة العربية. كذلك أسماء الشوارع ويافطات أسماء الشوارع والميادين. يريدون تهميش اللغة العربية ونرد عليهم بتوسيع انتشارها ليس فقط في الشوارع والمحلات التجارية بل وفي المدارس. من الخطوات الأخرى التي اتخذناها وننفذها حملة فضح هذا القانون العنصري عالميا. لقد التقينا بالمقرر الخاص لحقوق الأقليات والمقرر الخاص لحقوق السكان الأصليين ومسؤولبين من الأمم المتحدة، كما أننا نقوم بحملات توعية وتوضيح في أوروبا والولايات المتحدة وهذا السبب أنا موجودة هنا وأقوم بسلسلة محاضرات في الجامعات والكنائس والمعابد اليهودية أيضا.
○ وما الخطأ في اتخاذ خطوة الانسحاب من داخل الكنيست؟ تعقدون مؤتمرا صحافيا وتعلنون انسحابكم الجماعي المؤقت أو الدائم من الكنيست احتجاجا على قانون عنصري ينفي وجودكم؟
• كم سيكون أثر هذه الخطوة، كم يوما ستستمر تغطية الخبر يوما أو يومين؟ وماذا بعد؟ الأخبار تعيش فترة قصيرة ولا تعود جذابة بتكرارها. مظاهرات غزة لم تعد تحظى بتغطية شاملة. بالعكس، بوجودنا داخل الكنيست نستطيع أن نثير قضايا مهمة بحيث تصبح أخبارا جذابة كل يوم بدل أن نقول كلمة ونمشي. طرحت على زملائي مجموعة من الخطوات داخل الكنيست وخارجه وكلها جذابة للكاميرات وعدسات الأخبار. فعالية عصيان مدني، مؤتمر صحافي داخل الكنيست وفي يوم لاحق خارج مبنى الكنيست، ويجب أن ننوع هذه المؤتمرات الصحافية لتضم عينات واسعة من المجتمع يهودا وعربا مثل الكتاب والصحافيين والعمال والفنانين وغيرهم. قد نختار أسبوعا كاملا في الكنيست، نقف أمام المنصة ولا نتحدث شيئا. نقف صامتين كنوع من الاحتجاج، نقف أمام المنصة ونصمت 3 دقائق. العمل من داخل الكنيست أقوى من العمل من خارجه، والمبادرات الاحتجاجية كثيرة، أما تعليق العضوية فقد تثير اهتمام الإعلام يوما أو يومين ثم تختفي. كما أننا نخشى أن تعليق العضوية سيصبح سابقة وفي كل حدث كبير مثل هجوم على غزة يتوقع الجمهور أن نعلق عضويتنا. يجب أن نكون حذرين.
○ ألا ترين أن الوقت قد حان لسحب غطاء الإدعاء بأن هذه دولة ديمقراطية بسبب وجود النواب العرب؟ ألم يحن الوقت لتعرية هذه الكذبة الكبيرة؟
• نحن بوجودنا نستطيع كل يوم وكل جلسة ان نكشف زيف الادعاء بأنها دولة ديمقراطية. بقراءة بنود هذا القانون الأساسي نكشف زيف الإدعاء بأنها دولة ديمقراطية. عندما أقرأ بعض بنود هذا الاتفاق على المشاركين في الندوات يستغربون ويتوصلون إلى قناعة مفادها أن هذه دولة عنصرية قائمة على التمييز. كذبة الديمقراطية تسقط بسهولة مجرد الإطلاع على نصوص هذه القوانين. والنقاش الدائر الآن هل نحن في الكنيست فقط لمعارضة القوانين والتشريعات الصهيونية أم أن هذه مرحلة وانتهت بصدور هذا القانون وحان الوقت للتفكير ببدائل؟ وهذا سؤال مهم. دعنا نبحث مسألة التمثيل داخل الكنيست. الانسحاب من الكنيست في هذا الوقت مضر جدا. هم يريدوننا أن ننسحب ليخلو الأمر لهم لتمرير مزيد من القوانين العنصرية. هم يريدوننا أن نخرج، أن نغيب، أن نختفي، أن نصمت، فلماذا نعطيهم هذه الفرصة؟
○ انظري إلى الدروز الذي خدموا الدولة ثم وجدوا أنفسهم خارج أسوارها بعد هذا القانون. ها هم يحتجون ضد عنصرية الدولة.
• الدروز مسألة أخرى. كانوا يعتبرون أنفسهم جزءا من نسيج الدولة وكان شعارهم «نحن نخدمكم ونحن نستحق المكافأة». لم يحتجوا من منطلق مبدئي بل منطلق منفعي. لكن هذا الكيان العنصري طوح بهم على قارعة الطريق؟ كانوا تحت وهم أن إسرائيل دولة المساواة. فاكتشفوا متأخرين أن هذه الدولة مفصلة على مقاس اليهود فقط ولا مكان للمساواة فيها للأقليات. نحن الآن نجري حوارا مع أبناء الطائفة الدرزية وخاصة الصغار منهم لإبعادهم عن الأحزاب الصهيونية وجلبهم إلى الصف المعادي لها والداعم للحق العربي. نحن جميعا متفقون على خطورة هذا القانون. ونتحاور الآن كيف يمكننا أن نعارضه ونقف في وجهه جميعا. كيف نقرر أولويات النضال ضده؟ هذا هو السؤال. بسبب خطورة القانون نحن نتخبط في كيفية التعامل معه. هذا القانون ستلحق به قوانين أخرى. قد يشتقون من القانون الأساسي هذا قوانين أكثر خطورة. لقد صوت ضده داخل الكنيست 55 عضوا. لم يأت هذا العدد من فراغ بل عملنا ليل نهار لإقناع العديد من الكتل والأفراد للتصويت ضد هذا القرار الجديد. أدرنا حلقات نقاش معمقة، بعض من صوت ضد هذا القانون كان قد قدم قوانين شبيهة فيما مضى، لكننا استطعنا التوصل إلى قواسم مشتركة مع كثير من الكتل البرلمانية فصوتت ضده.
نحن متفقون جميعا على خطورة هذا القانون، ولكننا غير متفقين كيف يمكننا أن نواجهه. ولأنه قانون خطير جدا نحن بصراحة نتخبط في كيفية الرد عليه. من الواضح أن هذا القانون ستتبعه سلسة قوانين أخرى، ويجب أيضا أن نكون مستعدين لما هو آتٍ. ولأنه قانون أساسي فيمكن أن تشتق منه قوانين أخرى تفصيلية منبثقة عنه. فهل مواجهة هذه القوانين الجديدة ممكنة من الخارج، أم أننا يجب أن نكون في أرضية الميدان للمواجهة؟
○ أين أبناء فلسطين التاريخية ذاهبون الآن بعد هذا القانون الذي ينكر وجودهم حتى أولئك الذين خدموهم؟ هل ساحة المواجهة الآن ستنتقل من الضفة وغزة والقدس الشرقية إلى الفلسطينيين داخل الخط الأخضر؟
• نحن الآن في وضع أصبح التمييز العنصري ضدنا قانونا أساسيا، وأصبح الاستيطان قيمة يهودية، وأصبح من حق التجمعات اليهودية أن ترفض وجود العرب بينهم، ونتوقع أن يلحق بهذا القانون رزمة من القوانين المنبثقة عنه تعمق التمييز ضد العرب في كل مجال. القانون الأساسي كأنه بنود دستورية. لا يمكن تغييرها إلا بقانون أساسي يعتمد بغالبية 61 عضوا من الكنيست وليس بغالبية الحضور. هذا قانون أساسي يعرف الدولة والمواطنة ومكون من 11 مادة فقط. وللعلم فإن إسرائيل ليس لديها دستور، لديها فقط قوانين أساسية. إسرائيل تتجنب كتابة دستور لسببين، أولا كي تتجنب ترسيم حدود الدولة لأن أي دولة تثبت في دستورها حدودها وإسرائيل لا تريد ذلك كي يبقى الأمر مفتوحا على كل الاحتمالات، والسبب الثاني هو في تعريف من هو يهودي ودور اليهودية في الدولة وهو خلاف لم يحسم بين المتدينين والعلمانيين. وبدل الدستور تعتمد إسرائيل مجموعة قوانين أساسية. لكن الفرق أن هذا القانون الأساسي مختص في تعريف هوية الدولة والأرض.
نحن نعرف أننا مقبلون على مواجهات ستفرض علينا، في نظرهم نحن عبء، طابور خامس، أعداء، سترتفع الأصوات التي تطالب بطردنا وترحيلنا وحصارنا، لكننا نؤكد أننا مستعدون للمواجهة والدفاع عن وجودنا وحقوقنا وهويتنا. نحن لم نأت في سفن من الخارج، نحن أبناء البلاد الأصليون. وسنبقى صامدين في هذه الأرض، سيدة الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

11HAW

عضو القائمة العربية المشتركة عايدة توما سليمان: أعضاء الكنيست الصهاينة يتمنون إنسحاب الأعضاء العرب لتمرير مزيد من القوانين العنصرية

اجرى الحوار: عبد الحميد صيام

مصر: انتقادات ومطالبات للنظام بالكشف عن أماكن المختفين قسريا

Posted: 08 Sep 2018 02:17 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: ارتفعت الأصوات المطالبة، بالإفراج عن مؤسسي رابطة أسر الاختفاء القسري في مصر، إضافة إلى الكشف عن أماكن المختفين، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يحل يوم 30 آب/أغسطس من كل عام.
وأصد عدد من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بيانات وبعث بعضها بخطابات للنائب العام المصري بشأن هذه القضية.
المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أصــدرت تقــريــرها الســنوي الثالث لحملة «أوقفوا الاختفاء القسري» ليصل مجموع الحالات الموثقة منذ 30 حزيران/يونيو 2013 إلى 1520 حالة، بحسب التقرير.
وشمل التقرير 130 حالة اختفاء قسري، تم توثيقها بين 15 آب/اغسطس 2017 والأول من آب/أغسطس الماضي ورصدت أيضا الحملة ما يقرب من 64 حالة أخرى ولكنها لم تتمكن من توثيقها.
ورصدت حملة أوقفوا الاختفاء القسري في التقرير السنوي الثالث 230 حالة تعرضت للاختفاء القسري منها أربع سيدات، ولا يزال رهن الاختفاء القسري منها 32 حالة، و51 حالة قيد الحبس الاحتياطي بعد ظهورهم أمام النيابات، في ظل وجود 10 حالة تم إخلاء سبيلهم على ذمة قضايا، كما تم إطلاق سراح 11 شخص دون مثولهم أمام أي جهة قضائية، وهناك 126 حالة غير معلوم مصيرها.
وقالت المفوضية: أهم ما يميز حالات الاختفاء القسري في هذه الفترة هو استخدام هذه الجريمة ضد صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء بمن في ذلك من المجتمع المدني ومن ثم ظهورهم أمام نيابة أمن الدولة على ذمة قضايا ملفقة.
وتابعت: كما جرت العادة أن يتعرض ضحايا الاختفاء القسري للتعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازهم في مقار قطاع الأمن الوطني حسب شهادات الضحايا، لإرغامهم على الإدلاء بمعلومات أو الاعتراف بجرائم أو للتنكيل بهم ومن ثم ايداعهم في سجون وحبسهم احتياطيا لمدد مطولة كنوع من أنواع الاعتقال. وقد وثقت الحملة 8 حالات تعرضوا للاختفاء القسري أثناء تنفيذ إجراءات إخلاء سبيلهم.

الأماكن التي يظهر فيها الضحايا

وبتصنيف الأماكن التي يظهر فيها الضحايا عقب فترة اختفائهم وفقا للتقرير: مثلت نيابة أمن الدولة العليا أعلى نسبة في الأماكن التي يظهر فيها الضحايا بإجمالي 38 من عدد الضحايا الذين ظهروا، وفي المرتبة الثانية تأتي النيابات العامة بإجمالي 24 حالة، وأقسام الشرطة بإجمالي 8 حالات تليها السجون الرسمية بإجمالي 6 حالات. وتأتي البيانات الإعلامية التابعة لوزارة الداخلية، المكتوبة والمصورة كذلك كمصدر هام أيضاً لعائلات الضحايا في معرفة مصير ذويهم، حيث يظهر بعض المختفين قسرياً في فيديوهات تبثها وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع. وفيها يظهر الضحايا وهم يعترفون بقيامهم بجرائم تعمل على قلب نظام الحكم، وانتمائهم لجماعة إرهابية واتهامات أخرى. وقد كشفت تلك البيانات والمواد الإعلامية الأمنية عن مصير 4 حالات من العدد الإجمالي للضحايا الذين ظهروا. فيما ظهر في معسكر شرطة شخص واحد، ومديرية أمن حالة واحدة، ومقر للأمن الوطني شخص واحد بعد أن أطلق سراحه.
المفوضية طالبت في تقريرها، بالإفصاح عن أماكن احتجاز المختفين قسرياً الواردة أسماؤهم في التقرير وفي تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان وتقارير حملة «أوقفوا الاختفاء القسري» والمنظمات الحقوقية المصرية والدولية.
كما طالبت بتجريم الاختفاء القسري في قانون العقوبات المصري كجريمة لا تسقط بالتقادم ومعاقبتها بما يتلاءم مع جسامة هذا الانتهاك، وتعديل قانون العقوبات بحيث يتم اعتماد تعريف التعذيب الموجود في اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984 والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2006.
منظمة العفو الدولية، وجهت، رسالة إلى النائب العام المصري، تطالبه بالإفراج الفوري عن سجيني الرأي، حنان بدر الدين وإبراهيم متولي.
وأعربت نجية بونعيم، مديرة الحملات في برنامج شمال افريقيا التابع للمنظمة، في رسالتها، عن قلق المنظمة البالغ إزاء استمرار احتجازهما.
وأضافت: «جرى احتجاز حنان بدر الدين، منذ أيار/مايو 2017 وكانت قد بدأت نشاطها لمناهضة الاختفاء القسري بعد أن اختفى زوجها، خالد عز الدين، خلال إحدى المظاهرات يوم 8 تموز/يوليو 2013 فيما ألقت قوات الأمن المصرية القبض على المحامي الحقوقي إبراهيم متولي في 10 أيلول/سبتمبر 2017 بينما كان في طريقه إلى جنيف بدعوة من الفريق العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي التابع للأمم المتحدة، وهما مؤسسان مشاركان في رابطة أسر المختفين قسريا». وتابعت: «تهدف الرابطة إلى الكشف عن مصير ومكان وجود المختفين من أفراد الأسر، وفي البداية، ركزت على البحث في مراكز الشرطة والسجون والمستشفيات والمشارح، وفي منتصف 2015 بدأت الرابطة في لعب دور أكثر فعالية في تحديد مصير المختفين من أفراد الأسر».

الحرمان من الرعاية الصحية

وكانت المرة الأخيرة التي رأت فيها حنان زوجها على شاشة التلفزيون في أحد المستشفيات الميدانية أثناء مظاهرة، وتوجهت إلى هناك، ولم تتمكن من العثور عليه، واستفسرت عن مكان وجوده في مراكز الشرطة والسجون والمستشفيات والمشارح ولكنها لم تتلق أي رد، وخلال بحثها عن زوجها تعَّرفت على أشخاص آخرين يبحثون أيضا عن أقارب لهم.
وفي 6 أيار/مايو 2017، ألقت قوات الأمن القبض عليها عندما كانت تزور أحد ضحايا الاختفاء القسري، كان قد ظهر في سجن القناطر، كي تسأله عن زوجها، فاستجوبها ضباط قطاع الأمن القومي من الساعة الثانية ظهرا حتى الخامسة صباح اليوم التالي، ونقلوها في البداية إلى مركز شرطة القناطر، ثم إلى مكتب النيابة في جنوب بنها، حيث أمرت النيابة باحتجازها، ووجهت لها اتهامات بالانتماء إلى جماعة محظورة.
وفي كانون الثاني/يناير الماضي، كانت صحة حنان قد تدهورت بسرعة وتعرضت للفشل الكلوي نتيجة الحرمان من تلقي الرعاية الصحية الضرورية، وعانت من ألم في معصميها، لدرجة أنها لم تكن قادرة على الكتابة، وفي 5 آب/اغسطس الماضي، دخلت حنان بدر الدين في إضراب عن الطعام، ومنذ ذلك الحين، حاولت سلطات السجن وقف إضرابها عن الطعام.
أما إبراهيم متولي فقد بدأ البحث عن ابنه عمرو، المختفي قسريا دون جدوى، وتم اعتقاله في 10 أيلول/سبتمبر 2017، بينما كان في طريقه إلى جنيف تلبية لدعوة وجهت له من الفريق المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي التابع للأمم المتحدة، واحتجزته قوات الأمن المصرية بمعزل عن العالم الخارجي لمدة يومين في مكان مجهول، ثم عاد إلى الظهور في 12 أيلول/سبتمبر أمام نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة، وقد داهمت قوات الشرطة منزله
وأبدت العفو الدولية في خطابها، اعتقادها أن حنان بدر الدين وإبراهيم متولي، سجينا رأي محتجزان لمجرد ممارستهما، بصورة سلمية، لحقهما في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وأن التهم الموجهة إليهما إنما بسبب أنشطتهما السلمية، كونهما من مؤسسي رابطة أسر المختفين في مصر.
وحثت المنظمة على إطلاق سراحهما، ودعت إلى «ضمان تلقيهما الرعاية الصحية المناسبة من قبل مهنيين مؤهلين وبصورة منتظمة، بما في ذلك الحصول الفوري على الأدوية الضرورية الموصوفة لهما». المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، طالبت هي الأخرى الحكومة بالتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية الخاصة بالاختفاء القسري والتحقيق في شكاوى أهالي الأشخاص المختفين قسريا ومنع حالات الاختفاء القسري ومكافحة إفلات مرتكبي جريمة الاختفاء القسري من العقاب.
وأضافت المبادرة، في تقريرها بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، أن توثيق حالات الاختفاء القسري في غاية الصعوبة في ظل السرية والإنكار من قبل الجهات الرسمية، وأيضا في ظل مناخ يسمح بحوادث الاختفاء القسري.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت القرار رقم 65/2010 لاعتبار يوم 30 آب/أغسطس من كل عام، يوما لدعم ضحايا الاختفاء القسري في العالم.

11HOR

مصر: انتقادات ومطالبات للنظام بالكشف عن أماكن المختفين قسريا
1520 حالة في 4 سنوات
تامر هنداوي

أصدقاء الشعب السوري يلغون دعم الشرطة الحرة: سحب أوراق القوة من الثورة السورية أم الإبقاء على الأسـد؟

Posted: 08 Sep 2018 02:17 PM PDT

بعد ان أدخلت الدول صانعة القرار العالمي، الشق السياسي للثورة السورية في نفق مظلم، يبدو أن جانبها العسكري لم يكن أحسن حالاً. الشق السياسي على ما يبدو تحول إلى كرة تتقاذفها الدول الفاعلة في الملف السوري دون التوصل إلى حل يضع لمساته على الواقع المؤلم، فيما تعكس النتائج الأخيرة بشكل مباشر أو غير مباشر دخول الجانب المدني في البوتقة ذاتها، طارحة بذلك العديد من التساؤلات حول الدور الذي لعبته وتلعبه دول أصدقاء الشعب السوري حول الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري.
على صعيد التضييق المدني في المحليات السورية، فقد أبلغت، إدارة مشروع «أجاكس» الشرطة السورية الحرة، منتصف تموز/يوليو الماضي، وكذلك المانحين (أمريكا وبريطانيا والدانمرك وهولاندا وألمانيا) أنه سيتم ايقاف الدعم عن الشرطة الحرة في أيلول/سبتمبر الجاري كحد أقصى، فيما كانت الأطراف ذاتها قد أنذرت الشرطة في أيار/مايو الماضي بأنها ستوقف الدعم بشكل فوري خلال أيام، لكن تبدل القرار باستمرار الدعم حتى أيلول/سبتمبر الجاري، ويذكر أن المستفيدين المباشرين في إدلب 1556 شخصاً، وفي حلب 1858 شخصاً.

اغتيال المؤسسات الثورية

توقف الدعم الدولي عن الشرطة الحرة، وفق ما قال مؤسسها وقائدها في حلب، العميد أديب الشلاف لـ «القدس العربي» كان بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فالجهات الداعمة، كانت تبرر ذلك بأنها «سياسة دول» خاصة بعد تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب. والغريب، وفق المصدر، أن مخطط تلك الدول كان استراتيجيا مستداما لأعوام طويلة، ولكن ما حصل هو قطع مفاجئ، وعندما قامت قيادة الشرطة الحرة بالاستفسار عن الأسباب، كانت الذريعة «خوفاً من ألا تذهب أموال الدعم لجهات إرهابية».
القيادي السوري المعارض، أرجع من منظوره التحليلي أسباب توقف الدعم الدولي للشرطة الحرة، إلى أن المنطقة مجهولة المستقبل، هل سوف يستعيدها النظام، أم ستضع تركيا يدها عليها؟ فإذا فرضت أنقرة سلطتها، فلن تقوم تلك الدول بمواصلة دعم الشرطة الحرة، ولكن تلك الدول بررت ذلك كونه «قرارا سياسيا».
وأضاف الشلاف، إن الدعم لم يكن مشروطاً بأي بند كان، ما عدا التفاهمات الأساسية بأنه يجب أن يصل لأصحابه، وعدم السماح بإيصال المال لأي فصيل مصنف على قائمة «الإرهاب». وأشار إلى إن قيادة الشرطة تسعى حالياً لتأمين دعم لتعويض الفجوة الحاصلة، وبأنهم تحاوروا مع تركيا في هذه النقاط عبر قنوات غير رسمية، وينتظرون ردهم عليها.

نسف الاستقرار

أما عضو قيادة الشرطة الحرة في إدلب، العقيد علي الزين، فقال لـ «القدس العربي»: «نستطيع القول ان هناك حوالي 3500 عائلة مستفيدة بشكل مباشر من هذا الدعم الذي شكل نوعاً من الاستقرار المادي لهذه الأسر لمدة تقارب من الأربع سنوات، أما الأثر الاقتصادي لهذه الكتلة النقدية التي تضخ بشكل شهري في المناطق المحررة فقد ساهمت في نمو الدورة الاقتصادية، ورفع مستوى المعيشة بشكل واضح في المناطق المحررة.
إضافة الى العدد الكبير من الموظفين المتعاقدين مع أجاكس مباشرة من مهندسين وفنيين تقدر أعدادهم بالعشرات، كذلك إلى مشاريع المشاركة المجتمعية التي ساهمت في تطوير البنى التحتية والمؤسسات الخدمية في المجتمعات التي تتواجد فيها مراكز الشرطة بدءاً من المخيمات المقامة على الشريط الحدودي وصولا إلى اقصى الجنوب المحرر، يعني أكثر من 2.5 مليون مستفيد غير مباشر من هذا المشروع».
ومن وجهة نظر العقيد الزين، فإن «سبب توقف الدعم المالي المفاجئ، مرجعيته سياسية بحتة، ترتكز على أسباب منها، تقلص حجم المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة لصالح النظام، وعدم الرغبة في المخاطرة من قبل الدول الداعمة بالإنفاق في أماكن يمكن ان تقع مجددا تحت سيطرة النظام أو الحكومة التركية».

الآثار السلبية

واتفق قياديو الشرطة الحرة في حلب وإدلب، على إن الآثار السلبية لايقاف تمويل الشرطة السورية الحرة، سيؤدي إلى «عدم شعور موظف الشرطة بالاستقرار المادي الذي يدفعه بدلا من تطوير أدائه في العمل إلى البحث عن عمل آخر يوفر له ولأسرته سبل العيش. وهناك مشروعان للشرطة في المناطق المحررة (الشرطة الحرة – والشرطة الإسلامية) وان ايقاف الدعم قد يزيد من فاعلية المشروع الآخر في مواجهة مشروع الشرطة الحرة».
أما من ناحية الآثار السلبية أيضاً «دفع بعض عناصر الشرطة الحرة إلى التخلي عن عملهم والالتحاق بعمل جديد يكسب من خلاله قوت يومه، وإضعاف مستوى الخدمة الشرطية المقدمة والذي سينعكس بدوره سلبا على مستوى الأمان في المناطق المحررة، وزعزعة الاستقرار الاقتصادي والأمني الذي كانت تشعر به عائلات أفراد الشرطة الحرة والمدن والبلدات التي تتواجد فيها مراكز الشرطة الحرة. وفي حال ايقاف الدعم سيدفع الكثير من هؤلاء إلى التفكير باللجوء والنزوح إلى أماكن وبلدان جديدة بحثا عن الذي فقدوه من استقرار وعيش آمن». ويتابع: «العمل في مشروع الشرطة الحرة بدأ في آب/أغسطس من عام 2012 وتلقي الدعم في آب/أغسطس عام 2013 مما يعني العمل سنتين دون دعم. كشرطة حرة استمرينا في القيام بواجبنا تجاه أهلنا ومجتمعنا، والعمل ما أمكن على المحافظة على الأمن والاستقرار ضمن تلك المجتمعات. ولكن كما سبق وذكرنا ان ايقاف الدعم بعد 4 سنوات من الشعور بالاستقرار المادي في تلك المؤسسة سيكون له الأثر السلبي على عمل الشرطة الحرة ككل».

تاريخ التأسيس

انطلاقة الشرطة السورية الحرة في حلب شمال سوريا، كانت رسمياً في مطلع تشرين الأول/اكتوبر عام 2012، إذ كانت تنتشر بعض النقاط الأمنية في القرى والبلدات، وبعد ذلك، كان دور قيادة الشرطة الحالية، بتجميع هذه النقاط، وتصميمها ضمن أطر مهنية وقانونية، وفتح أبواب الانتساب، دون أي دعم دولي آنذاك، ليصبح انتشارها إلى كافة المناطق المحررة، أي ما يعادل نصف مساحة حلب، وتصل النقاط الإجمالية في ذلك الوقت 60 مركز شرطة، وبعد عام من ذلك التاريخ، أعلنت المعارضة عن تأسيس الشرطة السورية الحرة في محافظة إدلب.
الدعم الدولي المقدم للشرطة الحرة، جاء وفق المصدر، من الأطراف الخمسة التي وصفت نفسها بـ «أصدقاء الشعب السوري» وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية، وأول دعم تلقته الشرطة الحرة كان في منتصف شهر آب/أغسطس عام 2013.
وما أن مضت فترة وجيزة على إنطلاقة الشرطة الحرة، إلا وظهر تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي سيطر على كامل الريف الشرقي من حلب الذي كان يضم 13 مركزاً للشرطة الحرة، ليستمر عمل الفريق في بقية المناطق المحررة، ومن ثم نجح النظام السوري في بسط سيطرته على مدينة حلب، وتوقفت معها آلية عمل الشرطة الحرة في 11 مركزاً.
ريف حلب الشمالي، كان له واقع مختلف بعد دخول القوات التركية، إذ أسست أنقرة شرطة خاصة أطلق عليها اسم «شرطة درع الفرات» اندمجت الشرطة الحرة مع شرطة درع الفرات، بعد صيغة تفاهم بين الجانبين، وأقدمت الشرطة الحرة بموجبها بتقديم كامل المعدات والعربات التي في حوزتها للمجالس المحلية.

الخدمات

الكثير من الخدمات الأمنية والمدنية، قدمتها الشرطة السورية الحرة في حلب، من تأمين ورقابة تنفيذ المشاريع المحلية المقدمة من المنظمات الدولية، كمنظمة «أجاكس». ويمكن مقاربة المشاريع الضخمة التي ساهمت الشرطة في تحقيقها في حلب 30 مشروعا عالِ المستوى، ومشاريع متوسطة تقدر بأكثر من 130 مشروعاً، وفق ما ذكره الشلاف.
ومن أهم منجزات الشرطة الحرة على الصعيد الداخلي، كان إبعاد عسكر الثورة عن المؤسسات المدنية، وتحقيق نسبة جيدة من الأمن، والعمل الجنائي، وما ساهم في تحقيق تلك النجاحات هو توفر أرقام جيدة من ضباط الشرطة المنشقين، بالإضافة إلى الدورات الخاصة والمحورية التي تم تقديمها لهم.
كما أجمع القياديان الشلاف والزين، على إن الشرطة الحرة، نجحت في بناء مؤسسة شرطية تعمل باستراتيجية الشرطة المجتمعية وحظيت بحالة احتضان مجتمعي عالي جداً تحكمها سياسات وإجراءات واضحة مستمدة من النظام الداخلي ومدونة السلوك والقيود والسجلات.
وتقوم الشرطة الحرة، كذلك وفق القياديين، إضافة إلى دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المجتمع، بدور فاعل في مساعدة مديرية التربية في تأمين العملية الامتحانية وسيرها بشكل منضبط وسليم، كما تقدم يد العون للمشافي أثناء عمليات الإسعاف التي تلي القصف على مناطق الريف المحرر، إضافة إلى دورها في الوقوف إلى جانب فرق الدفاع المدني في عمليات الانقاذ والإجلاء وإخماد الحرائق، وساهم كل ذلك في تدني معدل الجرائم بشكل واضح في المجتمعات التي تتواجد فيها الشرطة الحرة مقارنة مع المناطق الأخرى. طريق الشرطة الحرة، كان شاقاً، والمصاعب لا تعد ولا تحصى، كان أبرزها وضعها على قائمة الاستهداف من قبل النظام السوري، مع مراكز الدفاع المدني، فتقصد النظام السوري مهاجمة الشرطة الحرة، وتكبيدها خسائر فادحة، فحلب فقدت أكثر من 120 عنصرا وضابطا من الشرطة السورية الحرة، وكذلك كانت تلك الشرطة هدفاً لتنظيم الدولة الإسلامية الذي لم يتوان عن استهدافها واختطاف ضباط وعناصر منها، وتنفيذ أحكام إعدام.
ولم تسلم كذلك من الحرب الداخلية، التي كانت تقودها أطراف في المعارضة السورية ذاتها، وكان الخلاف الجوهري في ذلك هدفه الدعم المقدم للشرطة.

الاندماج مع الأسد

وقال العميد الشلاف: «في حال ذهبت الأمور في الشمال إلى تسوية مع النظام، فإن قيادة الشرطة الحرة لن تندمج مع شرطة الأسد، مهما كانت الظروف» وقال انهم سيتخلون عن كامل المشروع مقابل ألا يصبحوا وشرطة النظام في خندق واحد.
ولم يستبعد المصدر، توقف الدعم الدولي، بهدف إعادة تأهيل الأسد، ولكنه نفى وجود أي جواب واضح حول ذلك، مشيراً إلى إن هذه الخطوة قد تصب في إفراغ الثورة السورية من الملفات الإنسانية والحساسة، والتي ساهمت بدور كبير في نقل الثورة إلى الأطر القانونية الناظمة، أما عن العلاقة مع تركيا، فقال: «العلاقة عادية، وأدبا كنا نبلغ الإخوة الأتراك، كون غالبية اللقاءات كانت تجري في الأراضي التركية، وعندما ولدت شرطة درع الفرات، كان التواصل أوسع من سابقه عبر قنوات، الأمر الذي أدى إلى تفاهمات بين الجانبين».
وتعتبر مؤسسات «الدفاع المدني والشرطة الحرة» من أبرز المنظمات الفاعلة في الملف المدني في الثورة السورية، وقد حققت تلك الفعاليات المحلية نجاحات في الأعمال الميدانية التي تولت الإشراف عليها وتنفيذها، حتى باتت علماً أساسياً في القضية السورية، ووصلت نجاحاتها إلى العالمية، إلا إن القرارات الدولية الأخيرة، كما يبدو دفعت نحو ان تحط تلك المؤسسات رحالها، دون الحصول على الآمال التي حاولت بإيمانها تحقيق أجزاء منها، حتى لو كانت بسيطة.

هل للشعب السوري أصدقاء؟

الباحث السياسي السوري خليل المقداد، رأى أن دول أصدقاء الشعب السوري، أو الدول التي صنفت نفسها كذلك، مارست طيلة السنوات الماضية، دوراً هداماً، وليس سلبياً فقط بما يخص الجانب المعارض في الثورة السورية.
المقداد، قال لـ «القدس العربي»: «الهدف من الدور الذي لعبه أصدقاء الشعب السوري، كان يتمحور حول وأد الثورة السورية في الأساس، وتركيع الشعب السوري، وجعله مثالاً لباقي الشعوب العربية إن فكرت بالتحرك ضد الأنظمة الراهنة».
من المعلوم أن الشام تعتبر، وفق الباحث السوري، مركز ثقل النظام العالمي، لذلك كان مهماً للغاية إفشال هذه الثورة، ومن هذا المنطلق تدخلت دول أصدقاء الشعب السوري، وكافة منابع الدعم المالي الموجهة نحو الثورة في البلاد، لتخريب الحلم، بما فيها من جوانب «عسكرية، سياسية، إعلامية، ومدنية».

مشاريع خفية

حالة الاستقطاب التي سادت، وفق ما قاله المقداد، تنبئ بما كان يدور في المشاريع الخفية، وما آلت إليه الأمور، وفيما يخص الخوذ البيضاء «الدفاع المدني» والشرطة الحرة، وغيرها من المؤسسات التي تخدم الجانب المدني في الثورة، فقد لاحظ الجميع قطع الدعم عنها بشكل نهائي ومن دون سابق إنذار، وذلك بهدف فرط عقد الجانب الإنساني، وإجبار تلك المؤسسات على خيارات قاسية لم تكن تتوقعها من قبل كـ «التسوية الإجبارية مع النظام السوري».
ولدينا في الجنوب السوري، مثال حديث العهد، تمثل بتخلي الجميع عن الخوذ البيضاء، ودفعهم نحو خيارات تظهرهم بصورة سيئة للمتابع، بعد أن قامت تلك الدول بعدم تأمين حمايتهم، والأردن رفض استقبالهم إلا بضمانات وتعهدات من عدة دول، وفتح أبوابه بعد نقلهم من قبل الكيان الصهيوني.

أصدقاء الشعب السوري يلغون دعم الشرطة الحرة: سحب أوراق القوة من الثورة السورية أم الإبقاء على الأسـد؟

حسام محمد

بعلبك اللبنانية مدينة الشمس وقلعتها شاهدة على الحضارة والتاريخ

Posted: 08 Sep 2018 02:16 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: زيارة بعلبك ليست كأي زيارة عادية في لبنان، فهي تعيدك إلى العراقة والحضارة والتاريخ الغابر، حيث شيّد الرومان معابد ضخمة فيها وباتت مقصداً للسيّاح ولأشهر الفنانين ومحطة لأبرز المهرجانات الدولية. وإذا كانت بعض مظاهر السلاح المتفلّت شوّهت صورة مدينة الشمس وانعكست سلباً على حركتها السياحية في السنوات الأخيرة، إلا أن الخطة الأمنية الأخيرة التي يفترض أن تواكبها خطة إنمائية، أعادت الأمل إلى نفوس أهالي بعلبك باستعادة المدينة موقعها الفريد في البقاع الشمالي وازالة الصورة التي أسهم بعض الإعلام في تظهيرها وخصوصاً بعد مسلسل «الهيبة» الذي أبرز وجه منطقة بعلبك ـ الهرمل كمنطقة متمردة وخارجة عن سلطة الدولة يسودها فوضى السلاح على حساب صورة أهالي بعلبك الذين يتميّزون بالشهامة والكرم وحسن الضيافة.
وبهدف إبراز الوجه الجميل لمدينة بعلبك كانت رحلة إعلامية لعدد من وسائل الإعلام بدعوة من جمعية «Safe Side» لاطلاعهم عن كثب على الوجه الآخر لبعلبك وجوارها وعلى أنها مدينة سلام ومحبة. وهذا ما لاحظته «القدس العربي» التي شاركت في الجولة وما لمسته بعد منتصف الليل في طريق العودة إلى بيروت حيث عبرت عدداً كبيراً من القرى والبلدات التي يتردّد اسمها في الإعلام على أنها ملجأ للمطلوبين بمئات مذكرات التوقيف وأنها مكان تُرسّل إليه السيارات المسروقة من العاصمة ومناطق لبنانية أخرى ويتم التفاوض على استعادتها مقابل مبالغ مالية. وبدت بريتال صباحاً هادئة وكأنها كاراج كبير لبيع قطع السيارات التي تعج بها بعض الساحات، فيما غرقت ليلاً في ظلام بعد الخطة الأمنية وما رافقها من مداهمة نوعية لمطلوبين أدت إلى مقتل 8 وجرح آخرين.

أضخم حجر في العالم

الطريق من ساحة الشهداء إلى مدينة بعلبك استغرقت حوالي ساعتين تخللتها وقفة قصيرة في شتورة وأخرى عند مدخل المدينة في مستشفى دار الأمل لصاحبه الدكتور ركان علام الذي كان في استقبال الوفد الإعلامي وشرح لهم مسيرته التي دوّنها في كتيّب تحت عنوان «سمفونية العذاب» وماذا يقدّم المستشفى من خدمات.
بعدها تمّ العبور إلى بعلبك من مدخل جديد وفق خطة السير المعمول بها تقود إلى مقام السيد خولة ومنه إلى ساحة المطران وصولاً إلى قلب المدينة. والمحطة الأولى كانت أمام أضخم حجر في العالم والمعروف بـ «حجر الحبلى» الذي كان موقعه مهملاً قبل أن يقبل أحد أبناء بعلبك التحدي وينظّف الموقع ويمنع رمي النفايات فيها ويعيده مقصداً للسيّاح ولبيع بعض الأدوات التراثية التي ترمز إلى تاريخ المدينة وعاداتها وتقاليدها ومن بينها الكوفية البعلبكية.
المحطة الثانية كانت أمام «بركة البيّاضة» التي قيل إن قلعة بعلبك بنيت بسبب وجود هذه البركة التي كانت تنعم بالمياه. أما اليوم فتعاني هذه البركة من الجفاف من دون تأكيد السبب، وفي ما إذا كان حفر بئر على موقع النبع الأساسي. ورغم المطالبات منذ أربع سنوات لم تتم المعالجة وظهرت التشققات في أرض البركة وكيف أن طيور البط المتبقية تفتّش عن المياه من دون جدوى.
على مقربة من البركة هناك حديقة «المرجة» التي تمتد على مساحة 50 ألف متر تقريباً والتي كانت تشهد حركة خجولة في فترة ما قبل الظهر قبل أن تنشط بعد الظهر ومساء. أما المقاهي فتشهد إقبالاً ملحوظاً في النهار وكثيفاً في فترات الليل وهذا ما لمسناه في مقهى «ليالينا» الذي كان يعجّ قرابة منتصف الليل بالروّاد وخصوصاً محبي الأرجيلة. وهنا يقول رئيس جمعية «Safe Side» لـ «القدس العربي» إن «لدينا في بعلبك أشهى المأكولات بأرخص الأسعار ولدينا أرخص أرجيلة في لبنان خلافاً لسعرها في باقي المناطق اللبنانية».

معابد تاريخية

التنقّل في الباص لا يجوز من دون الموسيقى والأغاني البعلبكية التي يحفظها أهالي المدينة عن ظهر غيب وفي طليعتها الأغنية الشعبية «عيونا ولو» والتي تترافق مع رقصات وتصفيق الصبايا اللواتي رافقن الوفد الإعلامي من رأس العين إلى قلب المدينة وأسواقها الشعبية والتراثية حيث كانت في الاستقبال فرقة رقص الدبكة على الرصيف أمام جمهور من أهالي بعلبك للترحيب بالإعلاميين الذين يشاهدونهم على الشاشات وهم يرونهم في مدينتهم وجهاً لوجه، فشبكوا الأيادي معهم ورقصوا الدبكة والتقطوا الصور التذكارية، لتبدأ المسيرة الراجلة في شوارع المدينة الضيّقة التي تعجّ بالملاحم التي قدّمت اللحم النيء للضيوف والسفيحة البعلبكية المشهورة التي لا تخلو عن الموائد.
الجولة تستمر من زاروب إلى آخر حيث تزدحم المحال التجارية الصغيرة التي توارثها الأبناء عن آبائهم وأجدادهم ولم يدخلوا عليها أي تعديل، بل حافظوا على طابعها القديم ومن بينها محل لبيع البهارات بقي على حاله منذ العام 1948 ويُعتبر أقدم محل لبيع البهارات في لبنان. ثم محل الأصدقاء للعصير الذي قدّم المرطبات وصولاً إلى فرن التنور الذي جعل الإعلاميين يطلعون على كيفية اعداد الفطاير والمناقيش.
نمشي بمحاذاة كنيسة القديسة بربارة والقديسة تقلا للروم الكاثوليك، التي بنيت عام 1897 والتي تقع على مقربة من كنيسة مارونية وأخرى للروم الاورثوذكس وعلى مسافة غير بعيدة من المسجد في منطقة رفع في وسطها العلم اللبناني الذي يشرف على القلعة الرومانية.
الدخول إلى القلعة تتفاوت أسعاره من 10 آلاف ليرة للبنانيين والأشقاء العرب إلى 15 ألف ليرة للأجانب، والجولة في القلعة تستغرق حوالي ساعتين إلا أن لهيب الشمس في شهر آب/اغسطس جعلها تقتصر على بضعة معابد تاريخية وعلى المعرض. وشوهدت أعمدة بعلبك الستة في حال تأهيل لانقاذ معبد جوبيتر بناء لملاحظات تقرير اليونسكو حفاظاً على الإرث العالمي من تشوّهات طالت ترميم معبدي باخوس وفينوس.
وبعد زيارة إلى محل حلويات الجوهري الذي اخترع النمورة بالقشطة، كانت استراحة في فندق بالميرا الشهير المطل على القلعة والذي استضاف كبار الفنانين اللبنانيين والعرب من فيروز وفريد الأطرش إلى الرؤساء والشخصيات السياسية والعسكرية كالجنرال الفرنسي غورو. ثم كانت دعوة عند التاسعة ليلاً إلى حضور مسرحية جورج خباز الكوميدية «إلا إذا …» التي تروي قصة أناس من مختلف الطوائف والمذاهب والانتماءات السياسية يعيشون في بناية مهددة بالسقوط وترمز إلى الوطن ويتناحرون في ما بينهم بسبب عدم القدرة على الاتفاق على حل بشأن مصير البناية.

خطة انمائية

الجولة الميدانية لم تغب عن عيون إعلامييها صور قيادات للثنائي الشيعي وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري والامام المغيّب موسى الصدر وصورة تجمع بري والصدر مع الوزير غازي زعيتر، مما يعطي انطباعاً عن التوجّه السياسي الطاغي على وجه بعلبك، على الرغم من أن في الطريق إلى بعلبك وفي قضاء زحلة تحديداً رفعت صورة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تدلّل على اختلاف الانتماء السياسي في منطقة البقاع.
يبقى أن منطقة بعلبك وإن عاد إليها موسم السياحة والمهرجانات، إلا أن أصحاب الفنادق والعاملين فيها يشكون من ضعف حركة الحجوزات ومن قيام لجنة مهرجانات بعلبك بتأمين باصات للمشاركين في المهرجانات بدل تشجيعهم على قضاء ليلتهم في فنادق المدينة وهذا ما جعل هذه الفنادق تتراجع ولا تشهد تحسينات كتلك التي تشهدها فنادق بيروت وباقي المناطق. ويهمس بعضهم أن هناك على الأرجح حسابات سياسية للبعض في المنطقة تجعله لا يشجّع إزدهار حركة السياحة والمهرجانات بشكل كبير كي لا ينعم أبناء المنطقة بالرخاء والتحرر من الحرمان ما يفقدهم الحاجة إلى بعض القيادات ويجعلهم يخرجون تدريجياً من العباءة السياسية لبعض الأحزاب، ولاسيما أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة أظهرت خرقاً للائحة الثنائي الشيعي من جانب تيار المستقبل والقوات اللبنانية.
في كل الأحوال، تبقى بعلبك بحاجة إلى خطة انمائية وإلى تحسين مستوى الزراعة والتعليم والاستشفاء كي لا يموت أحدهم على الطريق في انتظار الوصول إلى مستشفى مرموق في بيروت والضواحي.

بعلبك اللبنانية مدينة الشمس وقلعتها شاهدة على الحضارة والتاريخ

سعد الياس

ثنائية البر والبحر في روايات حنا مينه

Posted: 08 Sep 2018 02:16 PM PDT

مع أن ثلث أعمال الكاتب الراحل حنا مينه عن البحر، لكنه لم يرسم صورة لبحار أو سندباد بحري. فأعماله تخلو من هذه اللمحات الفانتازية. وكذلك هي بريئة من جو العنت والمشقة، ومن التوسع الذي خص به كونراد أعماله. فالتوسع هنا جزء من ارتياد الآفاق واستثمار للموارد وتسليعها. إنه استعمار ولا علاقة له بكسر القيود وهجاء البر الخامد واللجوء لديناميكية البحر، كما هو موقف مينه العاطفي من الأمواج والمياه. فكل قارب يمخر في عباب المياه في أعمال كونراد هو محض غزو وعدوان، وجزء من فلسفة تخطي الحدود، أو إنشاء شركات عملاقة عابرة للهويات الوطنية.
ثم إن أي ربط بين كتابات مينه عن البحر و«حكاية بحار غريق» لماركيز لا أساس له من الصحة. فماركيز أعاد بروايته للأذهان العمل الطويل الوحيد الذي تركه إدغار ألان بو وراءه وهو بعنوان «غوردون باين». وكلا العملين عن الضياع والتشرد في عرض المحيط بخلفيات وجودية، وتشوبهما أيضا مشكلة استعلاء الطبيعة على الجنس البشري وفلسفة الانتظار، بالإضافة لولادة فكرة البطل الضعيف أو البطل المحروم من القوة والإرادة. فالكلمة كانت للبحر (الأنواء) أما الإنسان فقد كان ألعوبة بيد المحيط. وهو ما لا يمكن أن يقبل به مينه، لا في البحر ولا على البر. وإذا كان لا بد من مقاربة لبحر مينه فهو أقرب ما يكون لعمل ميلفيل «موبي ديك».
ويكفي أن تتذكر عدد المرات التي يربط بها أبطال مينه الحوت على الشاطئ تمهيدا لقتله ونهبه. كما أن أبطاله نادرا ما يلجون المياه العميقة، فهم يعيشون كل حياتهم على الشاطئ. إنهم مجرد شهود على طرفي المعادلة الصعبة: الحياة والذات. وكل منهما له المعنى الرمزي للغمر أو للمصاعب أو للخطر المبيّت والكامن. وفي رأيي إن الخطر المادي لا يقل عن الاندفاعات والفورات النفسية. ويمكن القول إن بحر الهموم مثل بحر المصائب. ولينجو الإنسان يكون بحاجة لقارب ومجداف وساعد قوي. وهذه هي الثلاثية التي تمسّك بها حنا مينه في كل حرف كتبه. حتى إن حياته وتعلم الحروف والأرقام بدأ في الميناء بترقيم أكياس الشحنات البحرية، كما ورد في قصته «على الأكياس» المنشورة في مجلة «المعرفة» عام 1958. وكأنه يريد أن يذكرنا بأبطال معلمه الأول مكسيم غوركي وكتابه في السيرة الذاتية «جامعاتي».
لقد كان غوركي ذكيا بما فيه الكفاية ليربط الثقافة بالواقع والإصرار والعمل. وليسقط قيمة العمل على الحياة الذهنية. وهذا يجب أن نتوقعه من إنسان عصامي ورومانسي آمن ببطولة الإنسان البسيط وبدور الحياة في صقل المواهب والخبرات.
لقد اختار حنا مينه منذ بداياته التبشير بهذه المقولة الفلسفية المبسطة، وهي دور الحياة والعمل في توجيه المسار، ولذلك غلبت على شخصياته صفة الرومانسية الثورية. فهم متمردون وليسوا مناضلين، يؤمنون بالحل الفردي. وأعتقد أن هذا من رواسب المماهاة بين الزعيم والنبي في الأحزاب الثورية. وهكذا بمقدورنا النظر لشخصياته المحببة لقلبه في فترته البحرية التي تمتد من «الشراع والعاصفة» 1968، وتصل لذروتها في «الدقل» 1982 و«الياطر» 1975. ودائما علينا أن نتأمل هاتين الروايتين بمنظار مفهومه عن بطولة الأفراد. لقد اقتنع مينه أن الإنسان كائن عملاق ولديه واجب مقدس وهو ترويض الطبيعة. وعموما خيم عليهما بطل مفرد، مستعد لمواجهة الصعاب وتذليلها.
وصراع الغرائز من أهم الأفكار التي يحتفل بها أبطال مينه. ولذلك كانت معظم شخصياته تعيش في بيت زجاجي، لا شيء يمكنك تخبئته. فالعناصر أقوى من التكتم والسرية وبدون بعد تصوفي. بمعنى أنه لم يعمد لتورية شخصياته وهي كلها استعارية إذا لجأنا لتعبير جاكوبسون. إنها مجموعة من الأفراد الذين سقطوا في بئر اللاشعور وتأقلموا مع قوانينه الجائرة وتصالحوا معها. وفي هذا السياق يقول في واحدة من أهم أعماله، وهي «الثلج يأتي من النافذة»: «هنا العطور والخمور والأجساد هي العناصر الأساسية». بتعبير آخر: أصبحت جزءا من مفهومهم عن عبادة الأنا والاحتفال بالحياة. ولم يختلف مينه عن ديفو إلا في نقطة واحدة، وهي ضرورة الخشية من ثورة البحر وهبوب العواصف. فقد كانت تمثل له دور أرواح شريرة تأتي لتنتهك عزلته داخل نفسه. وربما قدمت «الياطر» أفضل دليل على تخلي مينه عن النزوع الأبوي للمذكر، والاتحاد بمجتمع أمومي تكون فيه المرأة آلهة يمكن إغواؤها، والإشارة للراعية شكيبة، وكان مينه يتلصص عليها من بين الأشجار ومن خلف الصخور، وكانت تبدو بشكل صورة في خيال إنسان مدمن على العزلة. ولم يكن هناك موانع أو كبت في هذا الموقف، بمعنى أنه ليس تلصصا أوديبيا يتسبب بالنفور من قانون الأب، ولكنه اكتشاف لمعضلة أو مواجهة مع لغز، وهل يوجد لدى المذكر لغز أكبر من عالم الإناث وأسراره؟ واعتمدت صورة شكيبة وإيحاءاتها الأمومية على نقطتين:
الأولى هي ذكريات مينه الطفل عن سنوات حياته المبكرة في منطقة الإسكندرونة، حيث النباتات والتضاريس لا تختلف عن صورة بلدة السويدية التي أقام فيها وهو ابن سنوات. والثانية أن شكيبة كانت مصدرا لقوته. وتطور الموضوع لنشوء علاقة غرامية، وهو ما يمكن أن نعزو له في سهولة كل مواصفات الجنس الفموي. وتستطيع اختصار فلسفة (الطريق ـ عمال التراحيل ـ العصاة واللصوص من أفراد الجيل المتمرد بعد سنوات الكساد والحروب العالمية) بالطعام والتناسل أو المتع البدنية المباشرة.
ويضيف جورج طرابيشي في دراسته عن (إيديولوجيا الرجولة في الرواية العربية)، أن هذا العمل الذي امتد على طول ثلاثمئة صفحة، كان إعادة تركيب لسيناريو هو بذرة من بذور الثورة الرومانسية للعقل العاطفي، وهو الهرب من المدينة إلى الغابة، والاستسلام لمصادر البهجة المادية أو المتع التي لا يوجد عقل يتحكم بها. ناهيك عن غياب الشخصيات الثانوية وتقارب الرجل مع المرأة. وحتى المرأة كانت لا تظهر على مسرح الأحداث إلا من خلال الوعي الغائب والمخدر لبطل الرواية. وفي رأيي الشخصي لم تلن قناة ولا عزيمة مينه في تشخيص عقدة الأم ورغبة الابن في أحضانها (ليكون فعليا البديل عن الأب أو وريثه الشرعي). غير أنه التزم بشروط مجتمعه ورسم صورها بتهذيب مبالغ به، وتأتي روايته الشفافة والمحزنة «حمامة زرقاء في السحب» 1988 في هذا السياق. فهي عن رحلة علاجية لابنته في مشافي لندن، وكان تعلق الأب بابنته لا يقل عن تعلق الأب بـ(لوليتا) في رواية نابوكوف المعروفة. لكن إذا مزق نابوكوف الأستار عن علاقة زنى المحارم، فقد هذبها مينه بشكل رعاية وحضانة أو استجداء للرضا والتجاور. والسؤال الذي يفرض نفسه: أين الأم في رحلة الاستشفاء. ولماذا كان الأب وحده مع ابنته، يخلصها من ثيابها لترتاح على السرير، ويسهر بجانبها حتى تغفو ويفعل المسكن فعله؟
وقد أعاد مينه تخيل الوجدان الأمومي في معظم أعماله، ولكن جسده أشخاص ذكور. وكمثال على ذلك أذكر «الثلج يأتي من النافذة» 1969 فهي عن مناضل سياسي يعاني من آلام مبرحة في غابات الأرز المكللة بالثلوج في لبنان، كما عانى من قبلها المسيح وهو يصعد على درب الجلجلة. ولم يكن هذا العذاب ساديا، ولا يعبر عن عقوبة فرضتها السلطات، بل إنه لجوء للطبيعة وتطهير للروح من أدران الجسد، وعلى طريقة يسوع الذي أنجبته آلهة، أم غير مدنسة. وكان يستنجد بيسوع في كل مناسبة بلسان امرأة اسمها هناء. وإذا شتم القديسين بالعلن فسرعان ما كان يستغفر منهم. وفي يوميات جوزيف (أحد شخصيات الرواية) مشاطرة لآلام السيد المسيح. حتى أنه قال «إننا: حملنا صليبك معك من بيلاطس إلى الجلجلة». ثم يضيف بصريح العبارة: «كل إنسان يحمل صليبه معه. والفرق هو في كيفية حمل هذا الصليب».
ويلتقي مينه مع ميلفيل و«موبي ديك» فبحارته يصارعون حياتهم على الميناء وينتشلونها من كبد البحر العملاق والفتاك، ولكن طبعا لا أستطيع أن أعزو لمينه فلسفة خاصة أو برنامجا لرؤية فلسفية، فهو أبسط من كل ذلك، إنما كانت له رؤية في الرجولة، وهو ما يأخذ بقية أبعاده في مغامرات أبطاله على البر، ولاسيما الرحالة الباحثون عن لقمة العيش أو التروبادور بالفطرة الذين يكتبون ملحمة بطولاتهم الخاصة في مواجهة أخلاق الغدر والسلب في مجتمع غابوي، وأفضل مثال على ذلك شخصية الخال التي أشار إليها إشارة خجولة في «بقايا صور» 1984، وكان قاطع طريق يختفي في سلسلة المرتفعات الممتدة بين سوريا وتركيا، وقد أكد في مشهد رجولي أخاذ أنه يستعمل عضلاته لينال حقه «وكأنه يردد الحكمة المعروفة: الحق يؤخذ ولا يعطى». وكان لا يعرف شيئا عن القانون أو الحكومة. وكما يقول لأخته، أم الولد الصغير حنا: أنا وحدي. وسأبقى دائما وحدي. ثم يرفع بيده بارودته القديمة التي استولى عليها من دركي عثماني. وغني عن القول إن هذا الشخص آمن بالسلطة الفردية والاحتكام للذات ضد قهر المجتمع والدولة معا. وأعتقد أن بذرة هذه الفكرة أو الصورة الفردانية بقيت مطمورة في رأس مينه، فعاد إليها وخصص لها عملا قائما بحد ذاته وهو «شرف قاطع طريق» 2004 وبه رسم الأبعاد الحقيقية لمعنى الإنسان في فترات الفوضى. وعلى ما أظن كان مينه مفتونا بالثورات أكثر من أهداف الثورة، وقد اهتم في كل رواياته بالمراحل الانتقالية، ولم يكن يعنى بفترات الاستقرار والنظام.

11ADA

ثنائية البر والبحر في روايات حنا مينه

صالح الرزوق

شخصية العربي وتاريخه على شاشة السينما العالمية

Posted: 08 Sep 2018 02:15 PM PDT

القاهرة ـ «القدس العربي»: ما بين الصراعات القبلية وعالم المؤامرات، ترسم شخصية العربي، والذي بدوره يبدو دائماً تابعاً مخلصاً لآخر مُسيطر، حيث يرسم من خلاله أحلاماً توسعية داخل هذه الحدود المترامية المسماة بالصحراء. وبعيداً عن أساطير عالم ألف ليلة، تأتي حكايات أخرى تأسست من خلال شخصية مراوغة ومتناقضة الصفات. وفي كل من فيلمي «الذهب الأسود» و«ملك الرمال» كمثالين ليس أكثر، وهما حديثا الإنتاج نسبياً، تظهر عدة سمات لهذا الشخص أو الكيان المسمى العرب.

الذهب الأسود

لم تكن صحراء العرب بالنسبة للآخرين والعرب أنفسهم سوى أماكن لخيالات وأساطير موهومة، وفي أفضل الأحوال واقعية تستمد قيمتها من وجود شعائر دينية تقام في مقدساتها. لم تكن سوى أساطير صحراوية في عقلية الغرب، الذي كان يراها مرادفة لجهالة وبداوة بعيدة عن أي شكل من أشكال الحضارة. ولكن البترول، هذا الحل السحري، الذي لفت أنظار العالم إلى هذه البقعة المنسية، والذي حوّل ساكنيها من مجرد رعاة يقيمون في الخيام، إلى حياة مترفة تتفوق على أساطير قديمة، تناساها حتى أصحابها. ولكن هذا الحل الذي هبط في غفلة من السماء، أو خرج من باطن الأرض، هو نفسه الذي قد يجلب معه الموت والدمار.

الغرب واستغلال العقلية العربية

لم تختلف العقلية العربية البدائية عما هي عليه الآن، فالثروة التي هبطت فجأة، لم تواكبها تطورات اجتماعية ونفسية في بلاد النفط. يحاول الفيلم تشريح ذلك في شكل تجاري أمريكي بدعم هوليوودي، رغم مخرج الفيلم الفرنسي جاك أنود أنوي ومنتجه التونسي طارق بن عمّار، وبطولة الإسباني أنطونيو بانديراس. فمن خلال هذه الأفكار تدور أحداث الفيلم، حيث يقف اثنان من القادة العرب المتحاربين فى أوائل القرن العشرين وهما نسيب أمير منطقة حبيقة وعمار سلطان، أمير منطقة سالماه، مخلفين وراءهما الكثير من الجثث في ساحة المعركة، ويتفق الاثنان على عدم دخول أي منهما أو رجالهما إلى المنطقة المحرمة التي أطلقا عليها الحزام الأصفر، ووفقاً للعادات القبلية التي كانت تحكم الأمور في ذلك الوقت، أخذ الأمير نسيب طفلي السلطان عمار ليربيهما كضمان لعدم قيام أي من الرجلين بمخالفة العهد بينهما، وبعد عدة سنوات يصبح صالح مقاتلا ولا يفكر إلا فى الهرب والعودة إلى أرض والده، بينما لا يهتم عودة سوى بالكتب والقراءة، وفي أحد الأيام يتلقى الأمير نسيب، زيارة من رجل النفط الشهير في تكساس ليؤكد له أن أرضه تعوم فوق حقول من النفط ويعده بثروات تفوق الخيال إذا تعاون معه للتنقيب عنه، ويقتل صالح أثناء إحدى محاولات الهروب إلى مملكة والده، وتقع مهمة التفاوض على السلام بين المملكتين على عاتق عودة، ليكشف من خلال المفاوضات مدى ارتباط الثراء النفطي بالمؤامرات والحروب والدماء. وإن كان الفيلم يعود إلى بدايات القرن العشرين، والمأخوذ عن رواية للكاتب السويسرى هانس روشيه، التي تناولت حياة القبائل البدوية واكتشاف النفط الذي غير حياتهم، إلا أن الحال لم يتغير كثيراً حتى الآن، بالنسبة لسياسات الدسائس والمؤمرات التي ينتهجها الغرب، حتى تظل هذه المنطقة تحت سيطرته، في ظل تناحر مُعلن أحياناً، وخفي في الغالب.

تكرار لمحاولات قديمة

لم تتغير رؤية السينما الغربية للعرب منذ ظهور الشخصية العربية في السينما العالمية، إلا في تجارب قليلة، نقول العرب وليس الشرق. والمثال على ذلك فيلم «مسيو إبراهيم وزهور القرآن» الفرنسي الإنتاج، والذي قام ببطولته عمر الشريف، يتحدث عن رجل تركي الأصل، يعيش في فرنسا، وحينما يستغرب الجميع أفعاله، وكيف يكون مسلماً ــ هو من الصوفية في الحقيقة ــ ويتمتع بكل هذا التسامح والرقي الفكري، يقول في صراحة إنه مسلم، ولكنه ليس عربيا! لذلك لم يخرج فيلم «الذهب الأسود» عن الفكر الغربي عن العرب والعالم العربي، وحتى لا نتهم الغرب بسخافات من قِبل التزييف والمؤامرة، نجد أن العرب كانوا أكثر مَن ساهم في رسم هذه الصورة أكثر من الغرب نفسه، فروح البداوة التي يتنفسونها لم تزل تتحكم بهم، وتحدد لهم مصائرهم حتى الآن.

ملك الرمال

يستند الفيلم إلى سيرة عبد العزيز آل سعود مؤسس العربية السعودية ودوره المضطرب في تأصيل الاحتلال الغربي في الشرق، واستمرار هذا النهج حتى الآن، لما تقوم به العربية السعودية خاصة، ودول الخليج في قمع الحركات والثورات العربية بشكل أو بآخر. ويعد الفيلم أول عمل سينمائي يتطرق لهذه الشخصية وتاريخ قيام العربية السعودية ككيان موحد، وسط تحالفات ومعاهدات أكثرها ضد الشعارات الفارغة التي تحاول مثل هذه الدول تصديرها للجميع. إضافة إلى الغموض الذي اكتنف هذه الشخصية ولم يظهر منها سوى الجوانب الإيجابية كعادة العرب في إخفاء الحقائق وتجميلها. والفيلم من إخراج نجدت أنزور.

العرب وتاريخهم الزائف

يتميز التاريخ العربي وتاريخ الشخصيات السياسية التي تختصر الشعوب في ذاتها بالكثير من التزييف والتحريف، فالقمع الذي تتنفسه السلطات العربية، وهو جزء من الشخصية العربية لا ينفصم عنها، هو الذي يسرد هذا التاريخ، ويحاول تأصيله في عقول الجميع. ولعل دور عبد العزيز آل سعود، الذي أطلق اسم أسرته على كيان أصبح فيما بعد «المملكة العربية السعودية» هو دور إشكالي بطبعه، يحمل في مجمله العديد من المتناقضات والمفارقات الصارخة، تبادل الأدوار وتحالف فيها كل من رجال المخابرات البريطانية ورموز الحركة الوهابية في ذلك الوقت.

رجل مخابرات بريطاني يلقي خطبة في الحرم المكي

يتناول الفيلم سيرة عبد العزيز آل سعود، ودوره في توحيد الممالك الصحراوية تحت راية واحدة اسمها «العربية السعودية». هذا الدور الذي شاركت وساهمت فيه جهات عدة، ولتحقيق مصالح في المنطقة تؤسس لنوع جديد من الاحتلال المزمن. يبدأ الفيلم في فترة شباب الملك السعودي، وحتى وفاته، مروراً بالأحداث والمراحل الهامة في حياتة وحياة هذه المنطقة، مثل إعداده للاستيلاء على حصن وقصر المصمك وفتح الرياض تمهيداً لتأسيس سلطنة نجد، إضافة إلى علاقة الملك عبد العزيز بقيادات جيش الإخوان الذين كانوا أداته في توحيد سلطنة نجد مع مملكة الحجاز تمهيداً لتأسيس المملكة العربية السعودية، خاصة العلاقة بينه وبين فيصل الدويش وسلطان بن بجاد، وهما القائدان الأساسيان في توحيد المملكة. كما يتعرض الفيلم إلى بعض المعارك الهامة في التاريخ السعودي كمعركة الطائف التي أثير حولها الكثير من الجدل والتي قادت إلى خلاف لاحق بين الملك وقيادات الإخوان. من ناحية أخرى يكشف الفيلم عن علاقات الملك بالقوى العالمية الكبرى في تلك المرحلة المهمة من تاريخ الشرق الأوسط، مثل السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني في الخليج العربي، وجون فيلبي المستكشف وعميل المخابرات في مكتب المستعمرات البريطاني، الذي لعب دوراً محورياً في إزاحة العثمانيين عن المشرق العربي وخاصة عن السعودية والعراق والأردن وفلسطين. وكان فيلبي قد أعلن إسلامه وسُمي بالحاج عبد الله وخطب الجمعة في الحرم المكي في فضائل آل سعود على الهاشميين ولعب لاحقاً دوراً فعالاً في قيام شركة أرامكو النفطية في السعودية.

11ADA

شخصية العربي وتاريخه على شاشة السينما العالمية

محمد عبد الرحيم

«زمن زياد» كتاب طلال شتوي: الإنسان والفنان خلف المكان والزمان

Posted: 08 Sep 2018 02:15 PM PDT

قليلةٌ، إن لم تكن نادرة، هي الكتب الأدبيّة التي نقرأها وتلحُّ علينا الرغبةُ في قراءتها مرةً ثانية. كتاب «زمن زياد قديش في ناس» لطلال شتوي، هو واحدٌ منها.
صدفةً وقع بين يديّ، وصدفةً قرأتُه، وكان أنْ سكن ذاكرتي وحملَها إلى ذلك الزمن، زمن بيروت، بيروت السبعينات وما بعد، الذي هو زمن زياد، وزمننا أيضا، نحن اللبنانيّين.
«زمن زياد» هو زمن ناس كثيرين رافقوا زياد في مشاهدة مسرحيّاته، وفي الإصغاء إلى موسيقاه وإلى ما كان يقدّمه من برامج إذاعيّة. وزمن ناس أحّبوا زياد وعشقوا فنَّه وحكوا حكاياتِ اكتشافهم لزياد ولفنّه، حكوا لا كما يحكي النقّاد، بل كمنْ يتذوّق هذا الفنّ ويعيشه ويتعرّف إلى شخصية صاحبه ويعايش زمنَه. إنه زمنُ طارق وكاتيا وأمل وميساء وإكرام وإسكندر وإيفانا وموسى… وحكايات اكتشافهم لعبقريّة زياد في بساطة ظواهرها، وعمق رؤيتها للزمن الذي كان يعيشه اللبنانيّون، زمن الحروب الأهليّة/الطائفيّة، ودخول الجيش الإسرائيلي إلى ما سُميّ، يوم ذاك، ببيروت الغربيّة.
إنه ذاكرة الجماعة فيما هو، في الآن نفسه، ذاكرة زياد، ذاكرة بنائه لعمارته الفنيّة وقت كان زمن بيروت زمن مدينة تُدمَّر، تُدمَّر بيروت ويبني زياد عمارة فنّه، وكأنَّ زمن عمارة فنّه هو زمن «عمارة أطلالنا.» (1).
في قراءتنا لكتاب «زمن زياد»، نكتشف جوانب من زياد الإنسان والفنّان لا نعرفها بالرغم من معرفتنا له، نكتشفها من خلال اكتشاف آخرين له، آخرين أحبّوا فنَّه، بل عشقوه، فتابعوه، وسعوا إلى التعمّق في تذوّقه وفهمه.
من خلال هؤلاء الآخرين الذين صاغ طلال شتوي حكاياتهم/ن عن زياد، ومع زياد، نعرف أنّ عمارة زياد الفنيّة بشّرت بها طفولته يوم كتب نصوصاً «ساحرة وحزينة». ففي الثانية عشرة من عمره، كتب كتاب «صديقي الله» (71 صفحة)، وكتب يقول: «الإنسان متى عرف الحقائق سقط عن سرير الأحلام»، و «لا يعود شيءٌ يخيف إن عرفناه». كتب وسأل يومها أمَّه: «إلى أين يأخذك هذا الشال الأبيض؟»، فحكت له حكاية الرجل الفقير الذي كان يعمِّر بيتاً ويجمع الأحجار حجراً حجرا، وظلَّ، رغم تعبه، «يعمّر طول عمره».
يعمّر زياد بيته الفنّي، ويقول بلغة المفكر: «لو عددتُ درجات بيتي، وكم مرّة صعدتُها، لكان هذا درجاً طويلاً يخترق السّحب»، ثم يضيف بلغة الشاعر: «لو عددْتُ ضحكات أمّي لي، لرافقتني طوال صعودي، ووقعَتْ من بعدي الضحكات على الدرج، وأزهرتْ زهراً». (ص 24/25). ثم يقول، شأن المفكّرين الكبار: «ليْتني لا أعرف ما أعرف»، ويستدرك، وكأنّه يتحدّى الخوف من هول ما يعرف: «ولا يعود شيء يخيف متى عرفناه». (ص 28).
نقرأ في كتاب «زمن زياد»، عن عبقريّة زياد المبكّرة التي لا نعرف، عبقرية المفكّر والشاعر والموسيقي الذي كان يتمتع بموهبة خارقة، وبقدرة تلقائيّة على العزف حملته على إهمال مساره التعليمي. فقد كان في الرابعة عشرة من عمره يوم وضع الموسيقى كاملةً لـ«قديش كان في ناس»، أغنيته الأولى، ولحنه الأوّل الذي باعه لأبيه وغنته فيروز عام 1973، ثم قدّم في العام نفسه عمله المسرحي الأوّل «سهريّة».
الكتاب ليس دراسة عن زياد وزمنه، ولا هو سيرة، ولا هو إخبار أو مجموعة حكايات، بل هو عملٌ فنيّ إبداعي متميّز بفرادة بنائه، وبراعة أسلوبه الذي يُداخل ويمزج بين السرد المتعدّد الأصوات، والسرد الذاتي، والحوار، والمشهد المسرحي، والتقطيع السّينمائي. وقد توسل الكاتب لذلك الوثيقة، والمقابلات الصحافية، والشاهد، والرأي… كتبه طلال شتوي عن زمنٍ أصابه الخراب، وهو بكل ذلك، وكما يقول: «دليل خراب فيه كمّ كبير من الأشخاص والأماكن والأوقات التي لم يعد لها وجود. وهذا الكتاب لا يعيد إليها الحياة، إنه فقط يجعلها ذكرى حياة». (ص 334).
لكن، لئن كان هذا الكتاب، كما يقول كاتبه، دليل خراب المدينة بسبب الحروب والاقتتال الأهلي، فإنّه أيضاً دليل عمارة زياد الفنيّة، وذكرى تنبض بالحياة وتحملنا على إعادة قراءتها. نعيد قراءة زمن الخراب لنكتشف أنّه كان، في الآن نفسه، زمن مقاومة تبنّاها زياد بأكثر من أسلوب، ونوَّع في فنّ التعبير عنها. هكذا مثلا تتحدّث مسرحيّة «نزل السرور» عن ثورة وتنتهي بعبارة «اعطني رشاشاً لأولادي»، وهكذا نتذكّر حلقاته الإذاعيّة «بعدنا طيبين»، و«حلقة الردع»، و«اختلط الحابل بالنابل»، و«سوريا بتبعت قوّات ردع ومصر بتبعت فلافل». (ص 142)، ومسرحيّة «فيلم أميركي طويل» التي أرّخ فيها للصراع اللبناني اللبناني. وهكذا ألّف «مقطوعة تل الزعتر»، وموسيقى لقصيدة محمود درويش «مديح الظل العالي»، القصيدة النشيد. لكنَّ فنَّ زياد المقاوم كان أيضا فنّا رياديّا، وحداثيّاً، وقد تمثل ذلك بممارسة زياد للفنّ التجريبي، وتقديمه لغة جديدة في مسرحيته «بخصوص الكرامة والشعب العنيد» منتقلاً بذلك «إلى ضفّة جديدة في مسرحه».
«زمن زياد»، ليس هو فقط زمن زياد، وفن زياد وعبقريته، بل هو أيضا، وفي الآن نفسه، زمن بيروت. ففي هذا الكتاب نقرأ عن بيروت المدينة/المكان في حميميّته وهوية رواده الذين يتحدّون الموت والدمار، عن المكان/الأمكنة التي بنى فيها زياد عمارته الفنيّة قبل تحّولها إلى خراب: «الأورلي» مسرح زياد الأول الذي تحوّل مؤخراً إلى موقف للسيارات. «قصر البيكاديلي» الذي أقفل اليوم على خرابه، شارع الحمرا ومقاهيه التي تحول معظمها إلى محلات تجارية…
نقرأ عن المكان/الأمكنة، كما عن الناس الذين رأوا إلى زياد فنراهم فيما نحن نرى إلى زياد من خلالهم/ن. كأنّ هؤلاء الناس شهودٌ على عمارة زياد، وفي الآن نفسه مرايا حواريّة لزمن زياد الذي هو زمن بيروت وزمن عمارته الإبداعيّة. أناس يتكشفون لنا، في زمن زياد، على غير ما كنّا نعرفهم. أشير إلى كاتيا التي كنا نعرف، ولكن لا نعرف أنها كانت «نجمة» مناضلة تنتمي إلى «جنون السبعينات». وأقرأ عن إسكندر الذي كنّا نعرف، ولكن لا نعرف أنَّ ابن الرابعة عشرة سوف يتابع أعمال زياد قراءة وسماعاً ومشاهدة ليعلن «إن زياد كان صاحب رؤيا، سبقنا كعادته». (ص 227). وأشير إلى منى التي تقول بأنّ زياد شكَّل لها ولأبناء جيلها «ذاك الوطن البديل» عن منافيهم التي لن «تتحوّل أبدا إلى أوطان حقيقية» (ص 109). ترى منى أنَّ زياد حقيقي، ولا يمكن إلاّ أن تقع تحت سحره، شأن كثيرين وقعوا تحت سحر فنّه، مثل إيفانا التي سحرها نشيد «جايي مع الشعب المسكين» في مسرحيّته «نزل السرور».
«زمن زياد»، هو زمن عشاق فنّه المسحورين به، دون أن يكونوا على علاقة مباشرة، أو شخصية به، ذلك أنَّ بعضهم، أمثال طارق، كان يفضِّل ويسعى لأن تكون علاقته بفنّه، وليس به، وأن ينتمي إلى زمنه وليس إلى شخصه. فزياد صار أكثر من شخص، صار رمزا. هكذا أجمعوا على أن يتسمّوا بـ«الزّياديّة»، أي الجماعة المنتسبة إلى زمن زياد وإبداعه باعتباره ظاهرة فنيّة فكريّة تاريخيّة.
نقرأ، مثلاً عن ديما التي قدَّم لها زياد، كما تقول، أجوبة على أسئلة مقلقة حول الوطن، والهويّة، والواقع السياسي، والحرب، وتعلّمت منه «ألاّ تصدق لبنان». لقد أدهشها، كما أدهشنا، كيف التقت، هي المرأة المحجّبة المنتمية إلى عائلة دينيّة، مع زياد وطروحاته الماركسيّة، وهذا أمر، كما تعتقد، لا يحدث إلّا مع زياد، لأنَّ الانتماء إليه يعني الانتماء «إلى الصدق والنقاء». (ص 20).
نقرأ أيضاً، وبشكل خاّص، عن «إيفانا» وعن المقابلة التي قبلتْ فيروز أن تجريها معها، نقرأ لنكتشف وجها آخر لصاحبة الصوت الملائكي، نكتشف ما تتمتع به من نبل وعمق ثقافي وحس شعري إنساني فريد… تقول فيروز في هذه المقابلة مع «إيفانا»: «الكلمات الصادقة قليلة قد نجمعها في حفنة واحدة». و«الأصدقاء يأتون ويعاودون الذهاب كموجة على شاطئ، وهل من صديق؟» و«البكاء مثل الشتاء، يغسل القلوب». (ص 257).
تقول «إيفانا» التي كانت تسأل لماذا اختار زياد أن ينتمي إلى «هناك» (أي إلى المنطقة الغربيّة): «هذا اللقاء، مع فيروز، نقلني من ضفّة إلى أخرى»، أي نقلها من ضفة تحيّزها للمنطقة الشرقيّة من بيروت، ومن الموقف السياسي/الديني الذي وسم سكانها في زمن الحرب، إلى الضفّة الغربيّة، ضفة المقاومة، وضفة سكن فيروز (الروشة) يومذاك.
إنه الفنّ الذي يعيد صياغة الوعي بالحياة إذ يضيء الحقائق، ويوقظ مشاعر الحبّ الإنسانيّة.
شكرا طلال شتوي على كتابك الجميل الذي جعلنا ندرك أنَّ «زمن زياد» هو زمننا أيضاً، نحن اللبنانيين الذين عشنا وشهدنا ولم نعرف كلَّ شيء.
(1) د. ليلى الخطيب توما: بحثاً عن «زمن زياد» الضائع. جريدة الأخبار. 22/8/2017.
طلال شتوي: «زمن زياد ـ قديش كان في ناس»
دار الفارابي، بيروت 2016
334 صفحة.

«زمن زياد» كتاب طلال شتوي: الإنسان والفنان خلف المكان والزمان

د. يمنى العيد

محمد علوان في لماذا تكرهين ريمارك؟: سلطة التخييل الروائي في تفكيك سردية التاريخ

Posted: 08 Sep 2018 02:15 PM PDT

على الرغم من ان الواقع بشخصياته وأمكنته وأزمنته يستيقظ شاخصا على طول المبنى الحكائي في رواية «لماذا تكرهين ريمارك؟» الصادرة عن دار الحكمة في لندن 2018، إلاّ ان مخيلة المؤلف محمد علوان، تنفرد بسلطة إجراءاتها السردية، وقد أمسك من خلالها بكل الخيوط التي تفرضها لعبة السرد، بذلك تحققت شكلانية البناء إلى الحد الذي أصبح من الصعب التمييز بين الواقع والواقع المتخيل، بمعنى ان بنية السرد قد استلهمت طاقتها في تحريك كافة العناصر الروائية على ما تمتلكه مخيلة المؤلف من حرية لا حدود لها في التعامل معها.

ما بعد القص

اعتمد محمد علوان في هذه الرواية على ما تختزنه تقنيات ما بعد القص من امكانات في بناء خطاب روائي يمنح تقنيات السرد مساحة من الحركة والحضور، وقد عبر عن ذلك بتفكيك سرديات التاريخ وذاكرته بسرديات تتحرك من وحي المخيلة، لخلق ذاكرة روائية مضادة، حيث تم تفكيك بنية الزمن الموضوعية لتأخذ شكلا قائما على التداعي الحر، عندما تولت شخصيات الرواية الرئيسية مسؤولية القيام بمهمة الصوت السادر، فالزمن لم يعد خارجيا انما تحول إلى زمن داخلي ذاتي اكتسب شكله الدرامي من تعدد الأصوات الساردة له، والتناول وفق هذا الإطار الانعكاسي للتاريخ يأتي في سياق نسف ادعاءات الحقيقة في الزمن الواقعي.
انفتحت الرواية على التاريخ العراقي عندما تعرضت لسلطة القمع في نظام دكتاتورية الحزب الواحد أثناء حكم حزب البعث، وهذا ما دفع شخصية برهان، إلى ان يهرب في اتجاه بيروت. كما تناولت الحرب العراقية الإيرانية عبر شخصية رزاق شقيق برهان وثريا، الذي قتل في تلك الحرب، لتصل الرواية في تناولها للتاريخ إلى ما وقع من عنف طائفي ومذهبي بعد العام 2003 وهيمنة الملثمين والميليشيات على الحياة. إلاّ ان العلاقة بين سلطة الحدث التاريخي وأحداث الرواية، أخذت مسارا معقدا تداخل فيه المتخيل الروائي مع الحدث الواقعي، وهذا ما يبدو في اعتماد المؤلف على تقنية النص داخل النص، حيث تم تضمين الرواية ما كتبه من سيناريوهات أكرم عبد الرحمن، الصديق الوحيد للشخصية المحورية برهان، متناولا فيها موضوعة الحرب من بعد ان فقد ساقه على إثر انفجار سيارة مفخخة، ليقرر بعد هذا الحدث ان يتفرغ للكتابة ويسلم مسؤولية إدارة ما ورثه عن والده من عقارات إلى وكلاء يتولون هذه المهمة، فأحدث التوظيف التناصي لتلك السيناريوهات مفارقة تهكمية ساخرة من الحدث الواقعي وتهشميا لرواية الحدث التاريخي.
هذا العمل الروائي تمركز على رؤية فنية تزيح الفجوة التي تفصل الأدب عن التاريخ، بمعنى انها تنسف العلاقة التقليدية ما بين الاثنين من خلال سلطة التهكم بالماضي وإحداث علاقة تضادية تتقصد إحداث قطيعة معه ومع الواقعية باعتبارها أسلوبا وتقنية بنائية في تناول الواقع، ومن خلال هذا التداخل القائم ما بين المتخيل والواقعي، لم تعد هناك من مسافة بينهما.
اللجوء إلى تقنية النص الضمني منح المبنى الحكائي جنوحا واضحا في بنيته الشكلية، وكان ذلك مراهنة تقنية من قبل المؤلف محمد علوان، قصد من خلالها كسر الرتابة الكلاسيكية في البناء السردي، وهو اختبار ضمن اختبارات أخرى باتت تفرض حضورها في مسار النتاج الروائي العراقي الحديث تتوخى السير في بنية فنية تعيد صياغة العلاقة بين المؤلف والمتلقي والنص الروائي، وقد بدأنا نشهد محاولات حثيثة لتشكيل هذا المبنى التضادي للبنية التقليدية، مع إقرارنا بان هذا المسار ما يزال في حالة من الصيرورة، وبلاشك سيفضي إلى تجارب واضحة وربما مهمة .

أنسنة المكان

دلالة المكان هنا ليست بقيمته الفيزيائية أو الجغرافية، انما بما يحمله من مخزون روحي وإنساني، وهذا ما تشير إليه الأسطر الأولى في الرواية عندما يصف الراوي العليم البيت الذي تسكنه شخصية باجي ثريا، شقيقة برهان «ها هي تقف وحيدة الآن، إلاّ مِن روائح تنتشر في كل زاوية من زواياه. تضع رأسها على الكتل الصماء للجدران المشبعة بهذه الروائح».
على ذلك لم تكن مدينة بيروت باعتبارها «مكانا» بديلا اختاره برهان ليكون ملاذا آمنا له، قد امتلكت تلك السلطة التي تتوهج الروح من خلالها رغم الطمأنينة التي وجدها فيها بعد ان نجح في الهروب من العراق باسم مزوَّر حيث استعار اسم صديقه «أكرم» ليتمكن من الإفلات والخلاص من متابعة الأجهزة الأمنية «ثمة ذاكرة كبيرة في داخله، دائما، هي مدينة الثورة، وهي أكبر من ان تسعها كل ذاكرات العالم».
هنا في هذه الرواية يكتسب المكان دلالته وأهميته لأنه يحدد طبيعة الشخصيات وردود أفعالها وفقا لما تحمله من عمق وتجربة إنسانية وتواصل مع الآخرين من خلال المكان ذاته، فالحي السكني الشعبي المسمى «قطاع 18» في مدينة الثورة، الذي احتوى الشخصيات الرئيسية (برهان وشقيقته ثريا وصديقه أكرم عبد الرحمن) كان مسرحا لسيرهم الذاتية وتجليات علاقتهم الثنائية مع العالم التي تأرجحت ما بين الحضور والغياب. والمكان بهذا السياق الدلالي سيفرض اشتغالاته السردية المتواترة وتراسله الرمزي بالقدر الذي يكون فيه مشفَّرا بمحمولات الهوية الإنسانية، بأبعادها الاجتماعية.
ثريا: «لست وحدي في بيت ضاج بحياة ما زالت كل جدرانه موشومة بذكريات عشرات السنين، فثمة، برهان، الذي هرب بعد ان ضاق عليه الخناق. وثمة، رزاق، الذي هرسته مخالب أشرس حرب، وأطولها، ولم تترك بيتا إلا أقامت فيه مناحة».

تقنية التناص

التناص المتكئ على السيناريوهات السينمائية التي كتبها أكرم عبد الرحمن، حققت سردية صغرى في مواجهة سرديات التاريخ والواقع، والغاية من اللجوء إلى هذه التقنية، الوصول إلى تفكيك الترابطات القائمة بينهما، وبناء سرديات جديدة للأحداث، تضع المتلقي في حالة من الرفض والتأمل والتأويل، تأخذ به إلى مستوى عال من القراءة تسعى إلى ان تفتح مدارات مغلقة في آفاق النص الذي يتركب من زمنين روائيين، على اعتبار ان الرواية تحمل في داخلها نصا روائيا ضمنيا يتداخل ويتوازى ويتقاطع مع النص الروائي الأساسي. ومع هذه البنية الفنية المركبة من التاريخ والسيرة الذاتية والمتخيل الروائي نقف أمام فضاء سردي يتواجه فيه الحب والجمال والفن مع الحرب والموت والواقع.
اعتمد المؤلف محمد علوان في بناء عالمه الفني على تقنيات متنوعة: الرسائل والأفلام والنصوص القصصية والمذكرات والأغاني، ليقدم لنا عالما روائيا تحتشد فيه مجموعة من الشخصيات تحمل في داخلها طاقة هائلة على مقاومة الموت والقهر والقمع والاستلاب، ولم تكن هذه المقاومة تستند على أي سلاح سوى الحب.
إذن هي رواية عن الحب بقدر ما تتصدى لموضوعة الحرب التي تطارد الإنسان وترسم مصيره التعس كما هي رواية «للحب وقت وللموت وقت» للكاتب الألماني أريش ريمارك، الذي استعار منه المؤلف عنوان روايته من بعد ان وضعه عنوانا لإحدى اللوحات التشكيلية التي رسمها برهان نوري عبد العزيز، فالحب كان الجدار الذي استندت عليه جميع الشخصيات الرئيسية، برهان وثريا وأكرم وهالة وسميرة ورندة.
محمد علوان:
«لماذا تكرهين ريمارك؟»
دار الحكمة، لندن 2018
180 صفحة.

محمد علوان في لماذا تكرهين ريمارك؟: سلطة التخييل الروائي في تفكيك سردية التاريخ

مروان ياسين الدليمي

«حضور غياب» يفوح برائحة المفقودين و«ليالي بلا نوم» صرخة أم وأسئلة معلقة

Posted: 08 Sep 2018 02:14 PM PDT

بيروت ـ «القدس العربي»: إن كان الموت حق وراحة، فاختفاء الأعزاء خلال الحروب كابوس لا ينتهي إلاّ بالموت. 40 سنة مرّت على الحرب الأهلية في لبنان و17 ألف مفقود ومخطوف مصيرهم مجهول، وأسئلة عائلاتهم معلقة في الهواء. لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين لم تيأس من المطالبة بإجابات وحلول تمكن العائلات من معرفة مصير أبنائها. فالجرح جرحها، والقلق قلقها.
تأسست لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في تشرين الأول/أكتوبر 1982. ولأن أمراء الحرب وقادتها باتوا حاكمين ـ ولا يزالون ـ في لبنان منذ اتفاق الطائف سنة 1990 أصدروا عفواً عاماً عن ذاتهم وعن ميليشياتهم، وهذا ما رفضته لجنة الأهالي. تدأب تلك اللجنة بكافة الوسائل المتاحة لكي تبقى قضية الأحبة المفقودين في البال. فشهر آب/اغسطس المنصرم شغل لبنان من أقصاه إلى أقصاه بنشاط مميز، وانتهى في 30 منه وهو اليوم العالمي للمفقودين والمخطوفين.
«حق المعرفة» شعار لا ينساه كل من له مفقود. بعد 35 عاماً على نشاط لجنة الأهالي بات مطلبها الأول والملح جمع الحمض النووي من الأهل. فالأمهات والآباء والإخوة بدأوا بالرحيل من الحياة. فهل سيفعل أي مسؤول؟
قضية المخطوفين والمفقودين شغلت العديد من الفنانين على مستوى لبنان جميعه. تحققت الكثير من الأفلام حول هذا العنوان المصيري. نُظمت معارض، وكان لفن الغرافيتي حصته الواسعة في التعبير. تضامن الفنانون على الدوام متكاتفين مع لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين. رافقوهم إلى خيمتهم الدائمة في حديقة الإسكوا. وإلى هناك كان السينمائي الراحل جان شمعون يذهب دورياً مطمئناً على ساكني المكان، مشاركاً إياهم في الأتراح والأفراح. فقد توطدت صلته بهم عندما قدم مع مي المصري فيلم «أحلام معلقة».
بمناسبة اليوم العالمي للمفقودين 30 آب/اغسطس نظمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان معرضاً بعنوان «غياب حضور». المفقودون حاضرون أو هم في طريقهم للحضور. أشياؤهم على حالها تنتظر عودتهم. رُكنت صورهم على آنية إلى جانب ركوة القهوة والفناجين. الجميع في الانتظار، حتى الصور التي حلّت محل اصحابها. هي قصص الآلاف الذين فقدوا، والآلاف المؤلفة الذين تفتقدهم. إنها حكاية حياة معلقة.
اجتمع في معرض «غياب حضور» أربعة فنانين ومصورين. معرض لامس الحياة، واقترب من خصوصيات المفقودين. ولهذا أتى عنوان «غياب حضور» شديد الدلالة. شهادات مكتوبة وصور لمن يحضنون صور مفقوديهم. «غياب حضور» باد في الأثاث المنزلي المكلل بالأقمشة البيضاء. الصورة المعلقة لفها منديل. لف القماش كل شيء حتى الفاكهة، فلا تزال في الانتظار. زمن الانتظار طال ولم يعد بعد أهل البيت. صار وجه الغائب مبهماً في جانب آخر من المعرض. يحاول المنتظر ترميم صورة الذاكرة، قد يستطيع، وفي الغالب يفشل، وقد تتشظى الذاكرة والصورة معاً.
في المطبخ صوت حوار من بعيد، جلي ومفهوم. أمهات مخطوفين يتحدثن ويتساءلن: «إذا وصلوا ولادك بنص الليل شو بتعملي»؟ الجواب: «شو بعمل؟ بعمل تبولة». رجل من معدن يجلس إلى الطاولة. إنه الغائب الحاضر. في ركن آخر صارت الصورة كتلة. أو تمزقت كما يفعل أصحاب الأستوديوهات بصورهم القديمة، ومن ثم جُمعت كما قطع اللغز غير المتداخلة. حاجات الأشخاص الخاصة مركونة بالانتظار.
في «غياب وحضور» شاركت ماريا كساب، وتانيا فان دير، وباتريك باز، وناتالي نقاش، وجوليان بونان وحسين ناصر الدين. كل فنان عمل على فكرة خاصة، تلاقت جميعها لتقول مشاعر «غياب وحضور». سكن المفقودون المكان بهالة تخترق كل من يدخل المعرض في كاليري «آرت أون 56» في الجميزة.
الفنان حسين ناصر الدين لم يعش الحرب الأهلية، لكنه يعرف عائلات كثيرة فقدت أحباء. «تدركنا الحرب من حيث لا ندري، لها طريقها السحري كي تعود من جديد». ويضيف: رغبت في تناول التراث الشفهي، وهو عبارة عن قصص وحكايات أهالي المفقودين ومن حولهم. تراث سمعي تحكيه أم المفقود للجارة وتنتقل القصص إلى كثيرين. من راو لآخر ومن قصاص لآخر، وهكذا تصبح للحكاية أو الخبرية حياة خاصة بها، فكل من يروي القصة يضيف من ذاكرته الشخصية. وهكذا تصبح الحكاية كما الحديقة التي تنبت فيها ورود من تلقاء ذاتها. انصب اهتمامي على التراث الشفهي، وكيف يتطور دون إرادة منا. وفي مقابل ذاك التراث الشفهي كان الحرص على بقاء الأشياء كما هي، فجللت المفروشات بالقماش لحفظها. هو اللقاء المتوازي بين الأشياء والذاكرة.
في حكاية البذّة المجللة على الجدار يقول ناصر الدين: هكذا يحفظ الأهل رائحة المخطوف. حفظ الملابس كحفظ الزوج أو الإبن. وجود البذّة على الجدار احتفاء بها. «حضور غياب» معرض يحاكي أهالي المفقودين قبل أي أحد آخر، شكل حواراً بين الأهل والفنانين، وترك جيلاً لم يعش معاناة الحرب يتعاطف مع قضية المخطوفين. نتمنى كفنانين أن نشكل مع غيرنا من المبادرات الطيبة، قوة ضغط لإقرار مشروع القانون الخاص بالمخطوفين والموجود في مجلس النواب منذ سنة 2012.
الفن هو تعبير صادق عن مشاعر الناس. ويضيف حسين أيضاً: في حال المخطوفين ، قد يعجز التفاعل البشري البسيط من التعبير عنها. حجم الحزن، والغضب، والحب أو المشاعر المطلقة قد لا تكفيها الكلمات رغم كونها نوعا من الفن. للفن قدرة التعبير عن المشاعر الجياشة والكبيرة بحيث يتشارك فيها الفنان مع محيطه من الناس.
الفنان والمصور التجريبي جوليان بونان استحضر في ركنه الخاص بعضاً من حاجات المفقودين. نسقها بسياقها الزمني وتركها دون غطاء. في محطة الصورة التجريبية التي يهواها ويتقنها تجعدت الصور، وأخرى صارت قريبة من اللغز بعد أن مزّقها الزمن. يوضح بونان اهتمامه بهذا المعرض كفرنسي: موضوع المفقودين يلاحقني منذ زمن طويل. أعمل على موضوع الصورة التي يمكنها أن تحمل الحقيقة، وفي الوقت نفسه تزويراً أو مغالطة للحقيقة. أهتم بموضوع الصورة التي تحمل الذاكرة المجمدة والمستقبلية. موضوع الصورة التي يحملها الشعب الفلسطيني منذ النكبة استوقفني كثيراً بما شكلته من رمز للحقيقة التي مرّت أو مضت. وكوني مصور استوديو أهتم بحرفة التصوير في حد ذاتها. فكم للصورة أن تتغير حين نغير خلفيتها. هي جماليات اهتممت بها ورغبت أن يتشارك الأوروبيون مع الشرق أوسطيين فيما يعيشونه من مشاعر قاسية.
يشرح جوليان بونان دوافعه من تجعيد الصور: هو نوع من استعارة الذاكرة وكيفية تعرضها للتشويه والتحول. سعيت لفعل مضاد لعمل زميلي حسين الذي حفظ الأشياء وكأنها مقدسة. قمت بتحويل وتشويه الذاكرة. ومن عادات المصورين في الاستديوهات حفظ نيغاتيف صورهم، وإن لم يسأل عنها الزبون يتخلصون منها عبر التمزيق أو التجعيد. رغبت في اللعب على بعض عادات حرفة التصوير وعلاقتها بالذاكرة. أن تتوازى صورتان مجعدتان لمفقود واحد إنما بشكل مختلف، فهذا يعيدنا إلى أهالي المفقودين الذين يصعب عليهم اليوم إعادة تكوين صورة عن أحبائهم الغائبين. فالصور تتشكل، تتجعد ويعاد إنتاجها في بالهم.
إلى 17 ألف مفقود في لبنان أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن 100 ألف آخرين لف مصيرهم الغموض غالبيتهم من الدول العربية وخاصة من سوريا، والصومال، وليبيا وسواها من أنحاء العالم. هل لدى جوليان بونان طاقة للمزيد من العمل على موضوع الذاكرة والغياب؟ يقول: طبعاً هو موضوع صعب ومنهك، ويحتاج للكثير من الطاقة، لكني أشعرها طاقة جميلة. أرغب في العمل على الصور والأرشيف الحميمي، كونه يمدنا بما نفتقده في الأرشيف العام والكبير. الأرشيف الحميمي يمد الفنان بمزيد من الطاقة للعمل والبحث. ورغم كونه عملا يستنزف من يقوم به لكنه دائماً يشحنني بالشعلة للعمل والشغف.
في السينما الوثائقية أو الروائية تعددت الأفلام التي صنعها مخرجون لبنانيون عن المخطوفين والمفقودين. فيلم المخرجة إليان الراهب «ليالي بلا نوم» في العنوان والمضمون قال حقائق، وخاض مواجهات تستحق التوقف عندها. «ليالي بلا نوم» وثائقي طويل. ارتكز على شخصيتي أسعد شفتري القائد السابق والتائب لمخابرات حزب القوات اللبنانية، ومريم سعيدي «أم ماهر». ام افتقدت أثر ابنها منذ هاجمت القوات وأحتلّت مبنى كلية العلوم في الحدث وقضت على من كانوا فيه خلال الاجتياح الصهيوني للبنان سنة 1982. ترى إليان راهب في تقديمها أي فيلم أنه ناتج عن أسئلة تلح عليها. أسئلة تسبب بها موضوع معقد. وتقول: أرغب في تفكيك التعقيد عبر طرحه في السينما. كان أسعد شفتري أساس الفيلم للسؤال عن الدمار الذي تتركه الحرب على الناس والشخص نفسه. ومقابل الشخصية التي تدخل في صلب الحرب هناك الضحية، وكانت «أم ماهر». فقصتهما تلاقتا، كون شفتري شارك في تخطيط الهجوم على كلية العلوم حيث فقد أثر ابنها.
تقول إليان الراهب أن «أحدا لا يدخل فيلما ويخرج منه كما كان». وتضيف: «ليالي بلا نوم» استغرق الكثير من البحث والوقت في كافة مراحله، وليس لي مغادرته بسهولة. غيّر الفيلم أشياء في، ودوري كمواطنة أولاً وفنانة تأكّد في هذا الفيلم. هو تورط للسؤال عن موضوع صمتت الدولة ولا تزال حياله. هو تأكيد على مواطنية فعّالة وليست متلقية فقط.
في مشهد عفوي جمع أم ماهر بأسعد شفتري صرخت به من أعماق قلبها: أسعد شفتري أنا هلق شو بعمل بدي أعرف وين تراب ابني؟ صرخة قد تكون وصلت لكافة الأمهات اللواتي فقدن ابناً أو بنتاً. تصف المخرجة إليان الراهب ما لم نشاهده في الفيلم بالقول: لا تحقد مريم سعيدي على أسعد شفتري. هو الوحيد الذي رغب بالكلام، وهي التي تملك أسئلة دون إجابات منذ 35 سنة. كان أمامها فأمطرته بغضبها كـ»فشة خلق». في جولة العروض التي نُظمت لـ»ليالي بلا نوم» في كل لبنان، كانت أم ماهر وشفتري برفقتنا. ووجودهما كان يفاجئ الجمهور. فهما معاً شخصان فعّالان في المجتمع المدني الذي يتابع موضوع المفقودين، ولقائهما الأول تمّ هناك، وليس من خلال الفيلم. اللقاء في التصوير له أثر مختلف. بالمناسبة لدى مريم سعيدي حقد على الحزب الشيوعي أكثر من القوات. تحقد على الحزب الشيوعي لأنه زودها بإفادتين عن ماهر الذي كان في صفوفه. واحدة تقول انه فقيد، وثانية تقول بأنه متوفي. وتتهم الحزب بقبض المال من ليبيا على من ماتوا. وعندها يحتدم الموقف في أرشيف جريدة الحزب. الفيلم متشعب ويضم أصواتاً من أحزاب عدة منها حركة أمل.
توافق الراهب على توصيف الواقع بـ»الفضيحة» فأسعد شفتري ينتظر جهة موثوقة كما الصليب الأحمر الدولي ليعطيها كل ما لديه من معلومات، أو أي جهة أخرى مستعدة لنقاش وطني عام. وتضيف: ليس لنا أن نحلم بأن الفن قادر على التغيير. دوره أن يطرح الموضوع على الرأي العام، وبالتالي السعي لإيصال قصة يمكن أن تعني كافة الناس. لم أتمكن من أيجاد جثمان ابن مريم، ولكن تحدد المكان تقريباً. فتح المقابر الجماعية عمل القضاء. تعرف مريم أن قصة ولدت لإبنها مع الفيلم، وهي بدورها زرعت له زيتونة حيث يشتبه بوجود المقبرة وكتب اسمه قربها. أن يصبح للمفقود ماهر كيان شكل راحة نفسية لأمه. ومن جهتي وجدت بعض الأجوبة من أسعد شفتري. ولا شك بوجود المزيد من الأسئلة عندي.

«حضور غياب» يفوح برائحة المفقودين و«ليالي بلا نوم» صرخة أم وأسئلة معلقة
الفن تعبير عن مشاعر حزينة وقاسية
زهرة مرعي

مؤامرات ومكائد وتاريخ يعيد نفسه

Posted: 08 Sep 2018 02:14 PM PDT

فينيسيا ـ «القدس العربي»: للأرانب، تلك الحيوانات سريعة التكاثر، دور كبير في «المفضلة»، فيلم المخرج اليوناني يرغوس لانثيموس، المشارك في المسابقة الرسمية في مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته الخامسة والسبعين (من 29 أغسطس/آب إلى 8 سبتمبر/أيلول). الأرانب في الفيلم هي الحيوانات المدللة والمفضلة لصاحبة الجلالة الملكة آن، ملكة انكلترا من 1702 إلى 1707 (تلعب دورها أوليفيا كولمان). ولكن جلالتها لا تقتصر في تفضيلاتها لمن تدنيه منها وتغدق عليه المودة على الحيوانات فقط، فهي تدني منها الصديقات والمستشارات أيضا، اللاتي يتنافسن فيما بينهن للحصول على رضا الملكة، ربما ليس حبا فيها ولكن طمعا في النفوذ الذي يمنحه القرب منها. وكما أن الأرانب سريعة التكاثر، فإن مكانة «المفضلة» لا تدوم لصديقة واحدة طويلا، إنها مكانة سريعة التبدل كسرعة الأرنب في التكاثر، أو ربما كسرعته في الركض فرارا من رصاص القناص.
عودنا لانثيموس في أفلامه على المشاهدة المتطلبة الصادمة القاتمة في كثير من الأحيان، ولعلّ هذا ما نتوقعه منه دوما. ولكن لانثيموس في «المفضلة» على خلاف ما عودنا عليه، ينحي جانبا المشاهدة المتطلبة، ليقدم فيلما لاذعا في سخريته، نصخب بالضحك في بعض مشاهده، ونرقب مكائده السياسية ودهاء المشاركين فيها كما لو كنا نتابع لعبة شطرنج ذكية يتنافس فيها لاعبان حاذقان. يمكننا القول إن «المفضلة» هو أقل أفلام لانثيموس «لانثيموسية» إن صح التعبير، فمن اعتاد على سوداوية لانثيموس ومن يفضلها لن يجد ضالته المنشودة في هذا الفيلم، ولكن الفيلم لا يخلو من بعض لمحات لانثيموس شديدة المكر.
يعيدنا الفيلم إلى أوائل القرن الثامن عشر في انكلترا، تحديدا إلى بلاط الملكة آن، وكل ما يدور في أروقة هذا البلاط ودهاليزه من مؤامرات تحاك سرا وعلناٌ، من تحالفات تعقد، وصفقات تتم، من محاولات لتزيين المصلحة والمجد الشخصي. تخفي الأثواب الموشاة الأنيقة والشعر المستعار والحديث المتكلف، النوازع الحقيقية الدفينة لأصحابها ورغباتهم الحقيقية: الرغبة في الحصول على النفوذ والسلطة والمال، الجشع، وحب الذات. إنه صراع البقاء في الغابة ولكن الغابة هنا ليست في البرية ولكن أروقة الحكم والقصور الملكية. أجواء مترفة متخمة بالطعام والجنس واللهو ولكنها تتستر تحت قناع من التهذيب الذي يخفي الكثير.
تدور أحداث «المفضلة» الذي كتب حواره اللاذع في سخريته البارع في استخدام التعبيرات التي تحمل أكثر من معنى كلا من ديبرا ديفيز وتوني ماكنامارا، عن الصراع الطاحن بين ابنتي عم هما ليدي سارا، دوقة مارلبرا (راتشل فايس) وأبيجيل (إيما ستون) لخطب ود الملكة آن والحصول على تلك المكانة المشتهاة: مفضلة الملكة. الشخصيات الثلاث الرئيسية في الفيلم نسائية، ولكن هذا لا يجعل منه فيلما نسويا، ولا يعني أن مكائده حكر على النساء، فلطالما شهد بلاط الحكام المكائد التي يدبرها رجال ولطالما شهدت أروقة الحكم الصراع بين الرجال للفوز برضا الحاكم.
يبدأ الفيلم وليدي سارا هي مفضلة الملكة آن ومستشارتها وحاملة أسرارها، تدلي بدلوها في أدق تفاصيل حياة الملكة وتنتقد زينتها وملابسها، بل أنها تملك من النفوذ ما يمكنها من التأثير على الملكة بشأن الحرب مع فرنسا. لكن تصل إلى القصر أبيغيل، تصله فقيرة معدمة، لتتوسل عملا من ابنة عمومتها ذات المكانة في البلاط. ولكن سرعان ما يبزغ نجم أبيغيل، وتتعلم سبل التودد إلى صاحبة الجلالة وكسب ودها. ويؤدي ذلك إلى صراع بين ابنتي العمومة، تستخدمان فيه كل الأسلحة من الغواية إلى التهديد والوعيد إلى السم والابتزاز إلى العلاقات السحاقية والعلاقات مع الرجال. كل السبل مباحة طالما تؤدي للاحتفاظ بتلك المكانة المشتهاة: مفضلة الملكة.
لعلّ مكر لانثيموس في الفيلم هو أنه يكشف ذواتنا أمام أنفسنا، فنحن نشاهد المكائد المريرة والكيد بنوع كبير من الاستمتاع، ولا ندين الشرور اللذيذة التي نراها بل نباركها في سرنا. ترى هل لو كنا في موقع السلطة، هل كنا سنلتزم بما هو «أخلاقي» قويم، أم كنا سنكيد المكائد ونرتكب الشرور الصغيرة والكبيرة للاحتفاظ بالسلطة؟ نشاهد مساعي أبيغيل (البديعة حقا إيما ستون) في الصعود ودهاء تحركاتها باستمتاع بالغ، ونشهد التحركات المضادة من ليدي سارا باستمتاع مواز، ونستلذ بالدهاء والذكاء والمكائد.
«المفضلة» يجمع بين عالمين رئيسيين، عالم السلطة وأروقته وعالم النساء وما يعتمل فيه. الشخصيات الرئيسية الثلاث في الفيلم من النساء، بينما يتنحى الرجال جانبا في أدوار ثانوية. ولكن كيف لنا أن نلوم النساء على المكائد التي يدبرنها وهن قد عانين ما عانين في ماضيهن. نعلم من كلمات عابرة أن أبيغيل بيعت كصبية صغيرة لرجل يكبرها بأعوام كثيرة وفاء لدين أبيها السكير الذي بدد ثروة الأسرة. كيف لنا إذن أن نلوم من عانت كل هذه المعاناة أن يصبح لها مخالب تذود بها عن نفسها وإن يصبح لديها دهاء يسعفها ويمكنها من الصعود. إن كنا نعيب على أسلحتها، فيجدر بنا أيضا ان ندين استغلال الرجال الذي دفعها إلى أن تكون بهذا الدهاء.
«المفضلة» لا يقدم أفضل ما في جعبة لانثيموس، الذي جئنا محملين بتوقعات كبيرة منه بعد تحفته «مقتل غزال مقدس». ولكنه يبقى فيلما صغيرا ممتعا، به من الأداء الجيد الكثير.

مؤامرات ومكائد وتاريخ يعيد نفسه
«المفضلة» ليرغوس لانثيموس
نسرين سيد أحمد

هل تستمر انتفاضة الكرة الحديثة بعد المونديال؟ وهل انتصر صلاح على الجبابرة؟

Posted: 08 Sep 2018 02:13 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: بدأ اليويفا تنفيذ مُخطط رئيسه السابق ميشيل بلاتيني، لعزل منتخبات القارة العجوز عن العالم الخارجي، تقريبا بنفس الفكرة التي رسمها مُلهم جيل الشباب في مصر، الراحل أحمد خالد توفيق، في روايته العبقرية «يوتوبيا»، باستقلال طبقة الأثرياء في عالم خاص، تاركين الفقراء والكادحين يعود بهم الزمن إلى عصور الظلام وما قبل التكنولوجيا.

المال يتحكم

نتفق جميعا أن كرة القدم بُرمتها باتت لعبة تجارية بحتة، الجميع باستثناء العنصر الأهم في أركان اللعبة وهو الجمهور، يبحث عن زيادة دخله وعوائده، بداية من اللاعب، مرورا بمدربه ومن يرأسه، نهاية بالشركات الراعية والاتحادات المحلية والقارية بما فيها الفيفا، ومن هذا المنطلق، اقترح بلاتيني فكرة دوري أمم أوروبا، لتصب ملايين وربما مليارات في المستقبل، في خزائن اليويفا، ناهيك عن سحب البساط والنفوذ من الفيفا، وإخضاع منتخبات القارة، ببطولة رسمية بمكاسب مادية و4 مقاعد مؤهلة لبطولة الأمم 2020، بدلاً من تعب وإضاعة الوقت في المباريات الودية، سواء بالمواجهات الأوروبية الخالصة، أو بمواجهات منتخبات القارات الأخرى. والمُثير حقا، بصرف النظر عن شبهات الفساد التي ما زالت تطال أسطورة فرنسا في منتصب الثمانينات، ففكرته، أثبتت الاعتقاد السائد بأن إنكلترا اخترعت الساحرة المستديرة، وفرنسا جملتها بالأفكار المختلفة، على غرار ما فعله غابريال هانو وجاك دو ريزويك باقتراح بطولة أوروبا للأندية أبطال الدوري (دوري أبطال أوروبا حاليا) وكأس أوروبا للأندية أبطال الكؤوس (الدوري الأوروبي الحالي)، وقبلهما جول ريميه، الذي حّول فكرة كأس العالم الفرنسية إلى حقيقة عام 1930.

الدليل

على مدار عقد من الزمان، بُحكم المهنة في مؤسسة إعلامية كصحفي، بالكاد لا أعمل أي شيء في حياتي بشكل شبه يومي، سوى متابعة ونقل أخبار الدوريات الكبرى، وخصوصا البريميرليغ. مر أمامي عشرات التقارير التي تتحدث عن خطط اليويفا المستقبلية، للتخلص من صداع تفوق اتحادات محلية عليه ماليا وتسويقيا، والإشارة كانت إلى البريميرليغ وما يعود عليه من عوائد خرافية جراء البث التلفزيوني والدعاية الإعلانية، وجاءت البداية بمراجعة الحسابات في طريقة البث التلفزيوني لمباريات خروج المغلوب في الأدوار الإقصائية في دوري أبطال أوروبا. في السابق، كانت تُقام مباريات دور الـ16 بواقع 4 مباريات سهرة الثلاثاء، ومثلها في اليوم التالي، وبنفس الطريقة تُقام مباريات الإياب، أما في النظام الجديد، تُلعب جولة الذهاب على مدار أسبوعين، بمباراتين كل ثلاثاء وأربعاء، والإياب بنفس الطريقة، وذلك بطبيعة الحال، لزيادة نسبة مشاهدة المباريات، ومعها تزيد الإعلانات والحملات التجارية وكل الأشياء التي تصب في الحسابات البنكية، وفي حالة نجاح فكرة دوري الأمم، وهو الأمر المتوقع كما المُعتاد من اليويفا، ستكون مرحلة صداع تفوق البريميرليغ في عوائد البث والدعاية قصة من الماضي، هذا مع التعديل الأخير، الذي سنُشاهده بداية مع مرحلة مجموعات أبطال أوروبا في النسخة الجديدة، بتوزيع المباريات على فترتين، مباريات ستُقام في بداية سهرة الثلاثاء وأخرى في الختام، ونفس الأمر في اليوم التالي، كل هذا ومعه البطولة الرسمية التي ستُقام مرة كل عامين، لا يعكس سوى رغبة الاتحاد الأوروبي في سيطرته على كل من يتبع له، بسلاح المال الذي يتحكم في كل شيء في عالم كرة القدم في وقتنا الحالي على أقل تقدير.

ما هو دوري أمم أوروبا؟

قد يبدو فهم القصة مُعقدا، لكن باختصار بسيط، القرعة مُقسمة على الدول الـ55 التابعة للاتحاد الأوروبي، مُقسمة بحسب تصنيف المنتخبات، بحيث يلعب أصحاب التصنيف A وعددها 12 منتخبا، بنظام المجموعات على 4 مجموعات، وكل مجموعة فيها 3 منتخبات، الأول يذهب إلى المرحلة الإقصائية في يونيو المقبل، والأمر ذاته لمنتخبات تصنيف B و C و D، لتبدأ معارك البحث عن بطاقة اللعب في المباراة النهائية، التي تُعطي الفائز تأشيرة الحضور في «يورو 2020»، علما أن مرحلة المجموعات ستُستكمل في عطلة أكتوبر، على أن تنتهي في آخر نوفمبر، التي سيُسدل عليها النشاط المحلي هذا العام. هذا باختصار شديد الحدث الدولي الأهم الذي يفرض نفسه على الساحة في الوقت الحالي، بعد انتهاء فترة زخم كأس العالم وتوابع الاحتفال بالبطل.

ماذا بعد انتفاضة مونديال 2018؟

من الأشياء التي توقف عندها كثير من النقاد والمحللين من خلال رؤية شاملة عن كأس العالم 2018، ظاهرة اختفاء منتخب النجم الأوحد، حتى عام أو عامين على أقصى تقدير، كانت الهيمنة أو بالأحرى الأفضلية لمنتخبات النجم الأوحد، كما فعل رونالدو بقيادة البرتغال للتأهل ليورو 2016 بمعجزة، والفوز بها بمعجزة أكبر، ونفس الأمر فعله ميسي، بعد عودته من الاعتزال، بإعادة طائرة التانغو المتجهة إلى موسكو في الوقت المناسب، كذلك محمد صلاح، تقمص دور «المُخلص» بإعادة الفراعنة للظهور في المحفل الدولي الأهم على مستوى العالم، حتى على مستوى الأندية، حَكم صاروخ ماديرا القارة الأوروبية ثلاث مرات متتالية مع الريال، وصلاح فعل العجب العجاب مع ليفربول الموسم الماضي، وميسي دائما بصوت رؤوف خليف «يَحكم بأحكامه في كامب نو»، أما بداية من كأس العالم، فالأمر تغير من النقيض إلى النقيض 180 درجة. في المونديال، سُحقت المنتخبات التي تَعول على نجم بعينه، مع الأساليب الجماعية، التي حّولت الكرات الثابتة والركنيات لفرص ثمينة لا تقل أهمية عن ركلات الجزاء، ولنا في فرنسا وكرواتيا خير دليل. وبدرجة أقل روسيا، التي أدهشت العالم بجماعيتها وبقية المنتخبات التي نجحت بالكرة الجماعية.
المُثير للدهشة، أن هذه الظاهرة تأثرت بها الأندية الأوروبية، وأول وأبرز نموذج، هو ريال مدريد، الذي يدخل مرحلته الجديدة بدون رونالدو، بأسلوب جماعي 100%، أعاد كريم بنزيمة إلى الحياة من جديد، بتسجيل 4 أهداف، ومن قسوة أحكام كرة القدم، أن الأسلوب ذاته، يدفع رونالدو ضريبته في بدايته مع يوفنتوس، بغياب أهدافه في أول ثلاث مباريات، رغم ظهوره بمستو رائع، جعل عشاقه يتذكرون أيامه الخوالي مع مانشستر يونايتد، بإظهار مهارة المراوغة والمساهمة في فعل كل شيء يصب في مصلحة الفريق، إلا وصوله بشكل شخصي لشباك المنافسين، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل ستستمر انتفاضة الكرة الجماعية بأسلوبها الحديث الذي يعتمد على التفاصيل البسيطة؟ أم ستعود صحوة منتخبات النجم الأوحد؟

نظرة عن كثب

فَضلت كثير من منتخبات أوروبا الإبقاء على المدربين، حتى أكثرهم فشلاً يواكيم لوف، احتفظ بمنصبه بعد الحملة الأفشل في تاريخ الماكينات من قبل الحرب العالمية الثانية، ووَعد بإعادة مشروعه إلى المسار الصحيح بأثر فوري من دوري أمم أوروبا، ومؤخرا، أراد أخذ المشهد، بفتح باب العودة أمام نجمه السابق مسعود أوزيل، على أمل أن يتراجع عن قرار اعتزاله، الذي اتخذه ردا على حملة الهجوم عليه، بسبب مستواه الكارثي في كأس العالم، والأهم، لظهوره مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ولوف الآن في وضع لا يُحسد عليه، ومُطالب أمام الرأي العام في ألمانيا ببناء منتخب قادر على استعادة الصورة والهيبة المعروفة عن «الناسيونال مانشافت»، وفي بلجيكا، لم تَحدث أية مفاجآت، أبقى الاتحاد على روبرتو مارتينيز، بعد إنجاز تحقيق أول ميدالية في كأس العالم، ومثلهما احتفظ غاريث ساوثغيت بمنصبه مع المنتخب الإنكليزي، وبطل العالم ووصيفه ديدييه ديشان وزلاتكو داليتش، وأيضا بطل «يورو 2016»، فرناندو سانتوس، حصل على فرصة أخرى مع المنتخب البرتغالي بعد خروجه المُبكر من المونديال على يد أوروغواي في دور الـ16، فقط ترك المؤقت فرناندو هييرو مهمته مع المنتخب الإسباني، ليُسلمها لزميله السابق في المنتخب لويس إنريكي، ليبني مشروعه الخاص، الذي دشنه بحرب باردة مع ظهير برشلونة الأيسر خوردي ألبا، بعدم ضمه للقائمة التي ستخوض أول مباراتين في مرحلة مجموعات دوري أمم أوروبا، رغم توهجه مع سحرة «كامب نو» مؤخرا. وهناك في نصف الكرة الغربي، أطاح الاتحاد الأرجنتيني بالمدرب خورخي سامباولي بعد العروض المتواضعة في كأس العالم، لتُسند المهمة للأسطورة فالنسيا بابلو إيمار كمساعد ومعه ليونيل سكالوني بصفة مؤقتة لنهاية العام الجاري، أما في البرازيل، لم يُتّخذ أي قرار جريء ضد المدرب تيتي، اذ قام الاتحاد بتجديد الثقة فيه بعد الخروج الصادم للجماهير أمام بلجيكا من الدور ربع النهائي.
في المنتخبات العربية، أنهى الفرنسي هيرفي رونار الجدل، بتمسكه بمشروعه مع أسود أطلس لنهاية عقده، بعد تضارب الأقاويل حول مستقبله وإمكانية توليه تدريب المنتخب المصري أو الجزائري، ومثله ظل الأرجنتيني أنطونيو بيتزي في منصبه مع المنتخب السعودي، فقط ستظهر مصر بُحلة جديدة مع المكسيكي خافيير أغيري، الذي ينتمي لمدرسة مُختلفة عن سلفه هيكتور كوبر، الذي لم يَعد مع اللاعبين في الطائرة القادمة من روسيا. أغيري مدرب صاحب فكر هجومي، وله بصمة على اللاعبين رؤوس الحربة، يكفي أنه مُكتشف سيرخيو أغويرو، وهو من فجر موهبة فرناندو توريس التهديفية قبل انتقاله إلى ليفربول عام 2007، وبوجه عام، يُمكن القول بأنه يملك أفكارا تتماشى مع أحلام وتطلعات الجماهير المصرية، التي سئمت من الكرة العقيمة طوال حقبة كوبر، رغم نجاحها من حيث النتائج، بالعودة للمشاركة في بطولة أمم أفريقيا بعد الغياب عنها في 3 نسخ متتالية، بجانب الوصول للمباراة النهائية، والأهم بطبيعة الحال، فك عقدة كأس العالم.

نهائي ويمبلي 2020؟

من أكثر المنتخبات التي تنتظر جماهير كرة القدم في كل بقاع الأرض عودتها، منتخب إيطاليا ومعه هولندا، بعد كارثة الغياب عن مونديال روسيا. وشاءت الأقدار أن يتولى روبرتو مانشيني مهمة إنقاذ أسياد الدفاع، وهناك في الأراضي المنخفضة منافسه الذي قهره في نهائي دوري أبطال أوروبا بمسماه القديم عام 1992 في موقعة برشلونة وسامبدوريا الشهيرة، والإشارة إلى رونالد كومان، صاحب هدف حرمان المانشيو من معانقة الكأس ذات الأذنين، لكن علامات الاستفهام التي تُحيط بمانشيني، استعانته برجال الحرس القديم في مقدمتهم ماريو بالوتيلي وآخرون، رغم أنه من المفترض جاء ليبني منتخبا للمستقبل، وهو ما جاء من أجله كومان للطواحين، ويُحاول بالفعل تنفيذه، بعد الخبرة الكبيرة التي اكتسبها في السنوات القليلة الماضية، بعمله مدرباً لساوثهامبتون، أنعش خزائن القديسين بملايين طائلة باكتشافاته التي يُصدرها النادي بأرقام ضخمة لأندية البريميرليغ. والآن، أمامه تحد خاص، بتصحيح الصورة والانطباع الذي أُخذ عليه بعد تجربته غير الناجحة مع إيفرتون، بجانب إعادة هيبة المنتخب الهولندي صاحب الاسم والباع الكبيرين في أوروبا، والمفارقة هنا، أن ظروف مانشيني لا تختلف كثيرا عن كومان، هو الآخر، انخفض منحناه التدريبي بعد وصوله لقمة النجاح مع الإنتر في ولايته الأولى والمان سيتي، بعدها تخبط في تجارب للنسيان، فهل سينجح كل مدرب في تحقيق هدفه ويكون بينهما موعد جديد خارج الخطوط بعد قرابة الثلاثة عقود على ليلة برشلونة وسامبدوريا؟ لا شيء مُستحيلا في كرة القدم، ربما يحدث هذا اللقاء في «يورو 2020»، ولمّ لا يكون في النهائي أو نصف النهائي؟

صلاح يتفوق على منتخب

تابعنا البروباغندا الضخمة والحروب الكلامية بين صلاح وموكله من جانب، والاتحاد المصري من جانب آخر، وذلك لمطالبة «فخر العرب» بالحصول على أبسط الامتيازات التي يحتاجها لاعبو المنتخبات الكبيرة في الوقت الحالي، على سبيل المثال تسهيل إجراءات الخروج من مطار القاهرة، واستقباله بسيارة خاصة تنقله إلى مكان بعثة المنتخب، مع توفير الحماية اللازمة من التطفل في منتصف الليل لالتقاط صور سيلفي مع الأشخاص VIP، وبعد احتدام المعركة كما نعرفها بكل تفاصيلها، انتصر صلاح بأعجوبة، ومن حُسن حظ صلاح، أن توقيت اختياره ضمن القائمة المختصرة لأفضل ثلاثة لاعبين في العالم، جاء أثناء وجوده في معسكر المنتخب، ليُجبر أكبر رأس في شلة «الجبابرة» على توفير طلباته، حتى لو اشترط «لبن العصفور»، بعدما أصبح في وضع ومكان آخر مُختلفا عن الكرة المصرية، وأيضا لتفادي غضب الجماهير، على الأقل في الوقت الحالي، الذي يملك فيه الفرعون صلاح «الميديا» و»العالمية» التي لم يَصل إليها أي لاعب عربي من قبل، ولا حتى إفريقي، بتواجده الاستثنائي في حفل توزيع جوائز اليويفا، كأول لاعب من خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية يُنافس على جائزة أفضل لاعب في أوروبا، قبل أن تأتي المكافأة الأهم، بدخوله قائمة الفيفا المختصرة. لكن دعونا نتخيل لو لاعب آخر مهما كانت نجوميته غير صلاح، احتد على الاتحاد المصري ومن وراء الاتحاد المصري؟ لن أذكر أسماء. لكن السؤال: هل كانت ستمر مرور الكرام؟ بالتأكيد لا. إن لم يتم إثبات إدانته بخيانة الوطن، على الأقل سيواجه مصير لاعبي المنتخب الدنماركي، وهو التهميش من الاتحاد، لدرجة التهديد والتلويح بالاعتماد على منتخب الهواة بدلاً من قوام المنتخب الأول، أمام ويلز وأيرلندا في افتتاح مشوار دوري أمم أوروبا، لعدم اتفاق اللاعبين والاتحاد إلى حل يُرضي كل الأطراف في أزمة عقود الرعايا، التي بدأت قبل عدة أشهر، لتوقيع اللاعبين مع شركات منافسة للشركات الراعية للاتحاد، لذا أقل ما يُمكن قوله، أن صلاح يستحق تحية وإشادة خاصة لجرأته في مواجهة مؤسسة مُلبدة بالغيوم بمفرده، أضف إلى ذلك أنه انتصر في النهاية بتحقيق طلباته على أرض الواقع في أول المعسكر الحالي، وهذا يعكس قيمة صلاح الذي فعل بمفرده ما لم يستطع منتخب الدنمارك بأكمله بقيادة إريكسن تحقيقه.

هل تستمر انتفاضة الكرة الحديثة بعد المونديال؟ وهل انتصر صلاح على الجبابرة؟

عادل منصور

أبراموفيتش وتشلسي تحت رحمة العلاقات البريطانية الروسية!

Posted: 08 Sep 2018 02:13 PM PDT

لم تهدأ توترات الأزمة بين بريطانيا وروسيا التي نشبت في الاعوام الاخيرة، بل زادت حدة، وأصبحت أكثر ضراوة، ليدفع الثمن الفوري لهذا الصراع الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش وناديه تشلسي اللندني.
أبراموفيتش ظل مالكاً وفياً لتشلسي منذ اشتراه في 2003، رغم ان النادي اللندني ليس سوى استثمار واحد من سلسلة من الاستثمارات التي يملكها الثري الروسي، فهو اشترى النادي بـ140 مليون جنيه استرليني، وبعدها بعامين باع شركة النفط التي يملكها في روسيا «سيبنفت» بـ13 مليار استرليني، وأنفق مئات الملايين على تشلسي، ويقدر مبلغ ما أنفقه بمليار و300 استرليني على مدى 15 عاماً، ومحرزا 15 لقباً كبيراً، بينها دوري أبطال اوروبا في 2012.
أبراموفيتش رجل كتوم، لا يحب الأضواء ولا الحديث الى الاعلام، ولم يجر أي حوار صحافي على الاطلاق، ويعتبر الانكليز انه من المؤسف ان لا يبدي الرجل الاكثر تأثيراً على الكرة الانكليزية في الاعوام الاخيرة، رأيه بما يدور، ولا نظرته لمستقبل النادي، لكن السبب بات واضحاً، وهو أن أبراموفيتش هو أحد رجالات سيد روسيا القوي فلاديمير بوتين، ولأبراموفيتش استثمارات وعلاقات وارتباطات هائلة في روسيا، تجبره على الابتعاد عن اهتمامات الاعلاميين وأضواء كاميراتهم. ومثلما أوضح أحد مستشاريه السابقين بالقول: «كيف تعتقد سيكون الامر اذا خرج رومان بتصريحات يوضح فيها سبب صرف تشلسي رقما قياسيا (72 مليون استرليني) لضم الحارس كيبا في حين هناك الملايين في بلاده بالكاد يقتاتون لقمة عيشهم؟».
طبعاً العلاقة الوطيدة التي تربط ابراموفيتش ببوتين، أصبحت تحت المجهر هذا العام، مع توتر العلاقات الروسية البريطانية، فأخذت لندن منحى التشدد على جميع حملة الجنسيات الروسية في بلادها، بعد محاولة تسميم العميل المزدوج سيرجي سكريبال وابنته يوليا في مدينة سولسبري، وهو ما قاد الى فتح ملفات 700 مستثمر وثري روسي منحوا الاقامة بين 2008 و2015. وكان بين هؤلاء أبراموفيتش الذي صادف انتهاء مدة تصريح الاقامة، فلم يسمح له بالبقاء او الدخول الى البلاد، رغم محاولاته حيازة جواز سفر اسرائيليا، الا ان هذه الحيلة لم تنطل على البريطانيين، فتوجه الى الولايات المتحدة حيث اشترى منزلاً وبات يمضي غالبية وقته هناك.
الآن باتت الأعين على النادي اللندني، الذي أصبح بين النخبة في العالم، لكن ادارة تشلسي نفت في الاسابيع الاخيرة نية أبراموفيتش بيع النادي، رغم الاخبار عن الاستعانة بمصرف استثماري (راين غروب) لدراسة أحوال النادي المالية وتقدير قيمته، وهو ما قد يعني أن أي أمر ممكن، مثل فكرة البيع الكلي، او البيع الجزئي، او تقليل التكاليف، او التوسع، لكنها تسير مع الشائعات التي انتشرت قبل 4 شهور التي صاحبت الغاء ابراموفيتش فكرة اعادة بناء «ستامفورد بريدج» لتوسعة سعة الحضور في الاستاد، والذي كان سيكلف نحو مليار و200 مليون استرليني. وكان حينها ابراموفيتش يفكر بالاقتراض ما يقرب من 900 مليون استرليني، وهو اشارة رآها البعض الى انه متردد في ضخ المزيد من ماله الخاص في النادي، خصوصا مع تردي العلاقات بين بلده الأم وبلد اقامته، ووضع قيود على بقائه، وهو ما انعكس على تشلسي كناد الذي بدا انه في تخبط وآيل الى المجهول، فالمدرب السابق أنتونيو كونتي الذي قاد الفريق الى لقبي الدوري والكأس في العامين الاخيرين، قاد أول حصة تدريبية في الموسم الجديد قبل ان يقال، ليحل محله ماوريسيو ساري مثلما كان متوقعا، لكن لم يحظ بوقت كاف للتحضير، ليرحل أفضل حارس مرمى في كأس العالم الاخيرة تيبو كورتوا الى ريال مدريد، وكأن الاجواء باتت مسمومة، مع اشاعات عن قرب رحيل النجمين ويليان وهازارد، لكن تشلسي تعود على السير على الخيط الرفيع، الذي يفرق بين العبقرية والجنون، فحقق 4 انتصارات من 4 مباريات في بداية الدوري، وتبدو الامور جيدة، لكن يتبقى أمر واحد يجب ان يقرره أبراموفيتش نفسه: هل يستحق استثماره في تشلسي كل هذا العناء ام يكتشف ان الوقت حان لبيع «البلوز»؟

twitter: @khaldounElcheik

أبراموفيتش وتشلسي تحت رحمة العلاقات البريطانية الروسية!
 
خلدون الشيخ

هل تعيش الأندية التونسية سنواتها العجاف؟ وهل الخلل من صنع اليد؟

Posted: 08 Sep 2018 02:13 PM PDT

تونس ـ «القدس العربي»: علق أحد أحباء الترجي التونسي على موقع «فيسبوك» ما مفاده أنه يجب على «شيخ الأندية التونسية»، أي الترجي كما يسمى في تونس، أن يعود لخوض مبارياته ضد الأهلي المصري في الكؤوس الإفريقية بالملعب الأولمبي بالمنزه عوضا عن الملعب الأولمبي برادس. والسبب هو عجز الترجي في السنوات الأخيرة عن الإنتصار على الأهلي في المسابقات الإفريقية بملعب رادس بالعاصمة التونسية، بدون سبب مقنع بما أن عجز الترجي حصل في مواسم كان فيها النادي التونسي في عنفوانه وقمة مجده، و كان أداء الأهلي متراجعا مصريا وقاريا.
الحقيقة أن الأهلي يتفوق في السنوات الأخيرة إفريقيا ليس فقط على الترجي، بل على أندية تونسية أخرى على غرار النجم الساحلي والصفاقسي. ففي الموسم الماضي، على سبيل المثال، ترشح الأهلي على حساب الترجي إلى الدور نصف النهائي لدوري أبطال افريقيا في وقت كان فيه الترجي في ذروة تألقه بعدما فاز بالبطولة العربية في مصر وشارك فيها الأهلي، وكان الكل يرشح الترجي لكسب ورقة التأهل. ولعل السؤال الذي يطرح هل أن ملعب «رادس» بات فعلا طالع خير على الأهلي المصري؟ أم أن الأهلي اكتسب خبرة المباريات القارية الحاسمة الأمر الذي يجعله يتأهل على أندية تونسية عريقة تزخر باللاعبين الكبار وتمر بفترة زاهية على مستوى النتائج؟ أما ان مستوى الكرة التونسية، التي سيطرت أنديتها قاريا في التسعينات وبداية الألفية على المسابقات القارية، تراجع في السنوات الأخيرة وبات الأمر يستحق القيام بمراجعات؟
الحقيقة التي يدركها أغلب المهتمين بالرياضة في القارة السمراء، وبعيدا عن ملعب «رادس» الذي يحلو فيه اللعب من حيث العشب الجيد الذي يشجع على الإبداع الكروي وتوافر الأمن، والجماهير التي اعتادت على جلد الذات عوض التهجم على المنافس، وبعيدا عن النادي الأهلي الذي اكتسب الخبرة قاريا وأصبح يلعب الأدوار الأولى في أمجد الكؤوس الإفريقية حتى وهو يمر بصعوبات على مختلف المستويات، فإن الكرة التونسية تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة. وساهم هذا التراجع في تدهور نتائج الأندية التونسية في مختلف المسابقات، وعرف التونسيون سنوات عجاف بدون ألقاب إفريقية أو عربية، وهم الذين اعتادوا في الماضي القريب على الصعود على منصات التتويج الإقليمية والقارية كل موسم.
وهناك أسباب عدة ومتعددة ساهمت في وصول الأندية التونسية إلى هذا المستوى الذي جعلها تعجز الموسم الماضي عن مقارعة أندية من الصنف الثاني أو الثالث أقل مستوى من الأهلي والزمالك والوداد وغيرها. ومن بين هذه الأسباب نظام اللاهواية الذي أقر في بداية التسعينات، وجعل الكرة التونسية في منزلة بين منزلتين، أي بين الإحتراف والهواية، ولم يتم الحسم إلى اليوم للذهاب نحو الإحتراف التام بجعل الأندية تخرج عن الإطار القانوني للجمعيات التي تعيش على الهبات إلى الشركات التجارية التي هي أشخاص معنوية مؤهلة للإلزام والإلتزام والإستثمار والمضاربة لربح المال. وأفرز هذا النظام الغريب أربعة أندية قيل أنها «كبرى»، ولم تكن وحدها الأكبر يوم إقرار هذا القانون، وتضخ الأموال إلى هذه الأندية «الكبرى» على حساب البقية الذين تحولوا إلى مجرد مدارس لتكوين اللاعبين لتزويد الكبار. والحقيقة أنه لا يعرف إلى اليوم على أي أساس تم تصنيف هذا النادي على أنه كبير وذاك على أنه صغير.
فمع مطلع التسعينات، وقبل أن تتمتع الأندية المسماة «كبرى» بأموال رجال الأعمال والمانحين، فازت أندية تونسية بألقاب خارجية لم يفز بها هذا الرباعي في ذلك الوقت. فالملعب التونسي على سبيل المثال كان صاحب اللقب العربي الوحيد، وكان على المستوى الألقاب المحلية يتفوق على الرباعي الكبير، والنادي البنزرتي كان يومها الوحيد الفائز بلقب إفريقي، ومن المؤكد بالنسبة للبعض أنه لو تم تصنيف هذين الناديين ضمن الكبار لكان وضعهما أفضل بكثير مما هو عليه اليوم. كما أن نظام اللاهواية ساهم في اندثار أندية كانت تلعب أدوارا بارزة في الدوري المحلي على غرار سكك الحديد الصفاقسي والنادي الأولمبي للنقل وغيرهما. والسبب في تراجع نتائجها وانحدارها إلى الأقسام السفلى، هو قلة ذات اليد وعدم توافر السيولة المالية الكافية للإنفاق على مختلف الأنشطة الرياضية وفي مختلف الفروع وخصوصا فروع الشبان، باعتبار أن الأموال كانت تضخ لمن صنفت على أنها الأندية الكبرى التي اختلط فيها الرياضي بالجهوي بالسياسي.
لقد أصبح الفوز بالدوري المحلي مقتصرا على هذا الرباعي دون غيره، ولم يعد بالإمكان لناد من خارج هذا الرباعي أن يحلم بأن يكون بطلا لتونس، وهو أمر لم يكن يحصل قبل إقرار هذه المنظومة في الكرة التونسية، أي منظومة اللاهواية. وحتى الكأس الذي كان في الماضي القريب، ورغم تواجد هذه المنظومة، ملاذا للاندية «الصغيرة» لتفوز بالألقاب، أصبح مؤخرا وبعد «الثورة» أداة لإرضاء من تضرر من الأربعة الكبار من التحكيم ولم يسعفه الحظ بأن يكون بطلا. وتعاني الكرة التونسية من فساد تحكيمي لا وجود له في أي من بلدان العالم، يستفيد منه الأربعة الكبار بالإضافة إلى ناد خارج إطار هذا الرباعي يتبع «أحدهم»، أمام بقية الأندية المصنفة على أنها «صغيرة» التي يفتك بها الحكام كلما تبارت مع واحد من هذا الرباعي أو مع هذا النادي الذي يتبع «أحدهم». وإذا تبارى الكبار في ما بينهم فهي الطامة الكبرى، حيث تتصارع القوى داخل الهياكل الرياضية ويجد الحكام أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه لأن إرضاء كبير على حساب آخر ليس بالأمر الهين. ومن النوادر المتداولة في تونس أن المهتمين بالشأن الرياضي باتوا يدركون سلفا وقبل بداية الموسم من هو البطل ووصيفه، بعد أن يتفق القائمون على الشأن الرياضي على منح اللقب لناد من الرباعي لموسمين أو ثلاثة، ولبقية الرباعي مرة لكل واحد منها في المواسم اللاحقة. ومع تقدم الموسم بات يعرف باكرا من سيفوز بالكأس ومن هي الأندية التي ستتدحرج إلى الدرجة الثانية ومن هي التي ستنجو، ثم يتساءل القوم: لماذا تراجعت الكرة التونسية؟

هل تعيش الأندية التونسية سنواتها العجاف؟ وهل الخلل من صنع اليد؟

روعة قاسم

البحث عن اللغة العربية في مؤسسة كرة القدم الجزائرية!

Posted: 08 Sep 2018 02:12 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: المسألة اللغوية في الجزائر قضية أزلية، تثار كلما بلغ السيل الزبى، وكان آخر حدث أثار النقاش من جديد المؤتمر الصحفي الذي عقده مدرب المنتخب الجديد جمال بلماضي.
بلماضي تحدث في المؤتمر الصحفي بالفرنسية، اللهم سوى بعض العبارات التي أصبح يستعملها حتى المدربون الأجانب مثل «انشاء الله»، ليبرهنوا انهم يفهمون المحيط الذي يعملون فيه. بلماضي وحتى لا نظلمه، ولد في فرنسا وترعرع فيها وتعلم كرة القدم في أكاديمياتها واحترف في أنديتها، ما يعني أن لغته الأولى هي الفرنسية ويتحدث العربية بصعوبة. لكن الإتحاد الجزائري لكرة القدم ليس كبقية الإتحادات العالمية، أصبحت الفرنسية هي لغة تقديم المدربين وعقد المؤتمرات الصحفية، حتى لو كان المدرب جزائريا ولد في الجزائر وترعرع فيها، والأمثلة كثيرة، فعلى سبيل المثال عبدالحق بن شيخة ورابح سعدان حيث كانت الفرنسية هي اللغة الرسمية في المؤتمرات الصحفية التي كانوا يعقدونها، أو في أي تصريحات صحفية يدلون بها. بعضهم يتظاهر بأنه يجد صعوبة في الحديث بطلاقة بالعربية ويا ليتهم أتقنوا الفرنسية التي تشبثوا بها، والطريف في الأمر أنهم بمجرد أن يستدعون كضيوف في استديوهات التحليل في البلدان العربية، فإن حديثهم يخلو تماما من أي كلمات فرنسية، لأن عدم احترام التعليمات يكلفهم فقدان المنصب الذي يضمن مداخيل تسيل اللعاب.
الغريب هو ان الصحفيين الحاضرين أصبح الأمر لهم تحصيل حاصل، وطرح القضية اللغوية أمر في أسفل قائمة أولوياتهم وقلما تخطر بخاطر أحدهم أن يطرح سؤالا بالعربية، وإذا فعل فكأنه نطق كفرا. تجرأ أحدهم في المؤتمر الأخير أن يسأل سؤالا بالعربية وطالب المدرب أن يجاوب بالعربية، فعم الصمت في القاعة كأن الرجل صرح بأن الارض الكروية مستطيلة الشكل. المدرب الشاب حاول الإجابة بالعربية ولكن المفردات خانته وسرعان ما لجأ الى ما يعرف وما يرتاح له، وهي الفرنسية. طبعا لا لوم على المدرب لأنه لا يحسن العربية ولكن اللوم على الإتحاد الجزائري الذي لم يخطر ببال مسؤوليه أن يستعينوا بمترجم، لأنهم هم أنفسهم يخاطبون الصحافة بالفرنسية باستمرار، والصحافة تتمادى في المشاركة في الجريمة اللغوية في التعامل معهم بنفس اللغة غير مكترثين بأن المتلقي قد لا يفهم الفرنسية.
المدرب الإسباني لوكاس ألكاراز كان يعقد مؤتمراته الصحفية بالإســبــانية بحـضـــور متـرجــم، لكن الأسئـلة كانت تطرح بالفرنسية وتترجم الى الإسبانية، إذن هناك سبق اصرار وترصد على الإقصاء اللغوي لشعب ضحى بالغالي والنفيس كي يستعيد كرامته.
لست ضد الفرنسية كلغة، فهي لغة تعلمتها منذ السنوات الأولى في المدرسة الإبتدائية ولا أزال أطالع المنتوج الروائي الفرنسي الى اليوم وأنا في عقدي الخامس بدون أدنى عقدة، لكنني دائما أقول أنني لا أرى فرنسيين يتحدثان في لندن باللغة الإنكليزية أو اسبانيين يتحدثان بغير لغتهم الأم، وإتقاني للفرنسية لا يعني أن أتحدث مع والدتي أو أصدقائي بغير العربية. الفرنسية «غنيمة حرب» على حد تعبير كاتب ياسين أحد أشهر الروائيين الجزائريين باللغة الفرنسية، ولكن ياسين لم يكن يدري انه بعد أكثر من خمسة عقود لا تزال الغنيمة المسمومة هي اللغة الرسمية في التقديم الإعلامي للمدرب الوطني لكرة القدم.
الحقيقة فكرة ان الشعب الجزائري «متفرنس» او «فرانكوفوني» هي اسطورة صدقها الجزائري قبل الأجنبي، فمستوى الفرنسية في الجزائر تراجع بشكل كبير مقارنة مع سنوات الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات لأن المستوى الدراسي في تراجع مخيف، وأصبحت الفرنسية تنحصر لدى الطبقات الغنية التي تسجل أطفالها منذ سن الرضاعة في الحضانات الفرنسية ومنها الى المدارس والثانويات والى الجامعات الفرنسية خارج الجزائر. من يحسن الفرنسية سيدرك ان نوعية اللغة المستعملة ممن طرحوا الأسئلة وناقشوا جمال بلماضي، لا يتقنون لغة موليير أكثر من إتقانهم لغة الضاد، لكنهم يعكسون كتلة اجتماعية تحاول بصعوبة التشبث بهذه اللغة لأن الضغوطات الاجتماعية تفرض عليهم كذلك. فمن يتحدث الفرنسية في الجزائر تفتح له أبواب التوظيف والفرص، ومن لا يحسنها ما عليه الا ان يتظاهر، وهذا ما يفسر لجوء الجميع، بمن فيهم صحفي وسائل الإعلام الناطقة بالعربية الى الحديث بالفرنسية مع المدرب الجديد. قد يقول قائل لكن ما حاجة الإتحاد الجزائري الى مترجم ما دام الجميع يفهمون الفرنسية ولو بدرجات متفاوتة؟ لكنني أقول ان المسألة مسألة هوية وطنية. حتى بلدان شمال افريقيا المجاورة مثل تونس والمغرب حيث الفرنسية لغة الإستعمار المشتركة، لا تطغى بنفس المستوى ولا أذكر أن المدرب السابق نبيل معلول كان يخاطب صحفي تونسي بالفرنسية، ولم بادو الزاكي ولا فتحي جمال ولا رشيد طاوسي يتحدثون بغير العربية، وحتى المدرب الفرنسي هيرفي رونار تم تقديمه باللغة العربية وكان الى جانبه رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم فوزي لقجع يتحدث باللغة العربية، بينما كان المدرب الفرنسي يستمع الى الترجمة الفورية.
اذكر خلال مؤتمر صحفي في 2010 عندما كان المنتخب الجزائري معسكرا في نورنبيرغ في المانيا تحضيرا لكأس العالم 2010، وخلال مؤتمر صحفي عقده رئيس الإتحاد آنذاك والمدرب رابح سعدان والقائد عنتر يحيى، كانت اللغة الفرنسية اللغة الوحيدة المستعملة من الجميع، اللهم الا من سؤال او اثنين من صحافة أجنبية لجأت الى الإنكليزية، لكنني أردت أن أسمع أحدهم يجيب عن سؤال بالعربية، فسألت المدرب لأنه والسيد روراوة لا حجة لهما، وهما يتقنان العربية أكثر من الفرنسية، والغريب ان طلبي احتاج الى مداولة قبل إجابة المدرب. هكذا هي العربية غريبة في وطنها. الآمازيغية والعربية أولى من الفرنسية في مؤتمر صحفي يخص المنتخب المكون من لاعبين يتحدثنون الفرنسية والعربية والأمازيغية! في المؤتمر الصحفي المذكور كان العديد من ممثلي وسائل الإعلام الناطقة بالعربية في الجزائر، ولم أفهم سبب تورطهم في المهزلة اللغوية ولماذا يتبرأون من لغة ينشرون ويبثون بها. هذا لا يعني ان ممثلي وسائل الإعلام الناطقة بالفرنسية مرفوع عنهم القلم، ومن حقهم اعتبار لغة فولتير وسيلة التخاطب الأولى في أرض لغتها الرسمية العربية (مع حبي وتقديري الشديدين للأمازيغية وتومبزابت وغيرهما من اللغات متأصلة في تاريخ هذه الأمة). الرئيس الجديد للإتحاد الجزائري خير الدين زطشي تجاوز كل التوقعات وراح في أول ظهور اعلامي يخاطب الجزائريين بالفرنسية، لا تحتاج أن تكون خبيرا لغويا لتكتشف من أول جملة أنها ليست لغته الاولى، لكنها عقدة متجذرة في طبقة اجتماعية تعاني انفصاما في الشخصية وتشردا في هوية اللغة والأصالة.
المشكلة ان غالبية الجزائريين يستنكرون استفحال الفرنسية في الحياة العامة في بلادهم، لكن الأغلبية ايضا آثمة في حق هذه اللغة، فلا تخلو دردشة بين شابين الا والمفردات الفرنسية حاضرة، تفسد إيقاع الحديث وتسلسل الجمل و بنيتها، فلاهم يحسنون الحديث بعربية جزائرية ولا هم يحسنونه بالفرنسية والنتيجة أن الشعب الجزائري أصبح يعيش أزمة هوية لغوية خطيرة، لأن الآفة أفرزت جيلا معتوها لغويا وعندما تفقد اللغة فأي مستقبل لك؟

البحث عن اللغة العربية في مؤسسة كرة القدم الجزائرية!

قدور حباري

تفاعلات الأزمة الاقتصادية في تركيا: الغلاء يطال كل شيء والتضخم في أعلى نسبة منذ 15عاماً

Posted: 08 Sep 2018 02:12 PM PDT

إسطنبول ـ «القدس العربي»: في أحدث وأصعب تجليات الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في تركيا، سجل التضخم أعلى نسبة منذ 15عاماً وهي فترة وجود حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس رجب طيب اردوغان في الحكم، وذلك تعبيراً عن الارتفاع الكبير في الأسعار الذي طال السلع الأساسية والوقود وخدمات الغاز المنزلي والكهرباء، وهو ما دفع البنك المركزي التركي للتمهيد لرفع جديد في أسعار الفائدة بما يتعارض مع توجهات اردوغان المعروفة.
وحسب البيانات الرسمية ارتفع معدل التضخم في تركيا إلى 17.9في المئة على أساس سنوي في آب/أغسطس، ليكون بذلك أعلى مستوى يسجل في البلاد منذ أكثر من 15عاماً، حيث تتعرض تركيا لأسوأ أزمة اقتصادية منذ وصول اردوغان إلى الحكم ونجاحه في تحقيق نهضة اقتصادية كبيرة تمكن خلالها من خفض نسب التضخم بشكل كبير وحصرها لسنوات طويلة في خانة الآحاد.
هذه الزيادة الكبيرة في نسبة التضخم والتي بلغت 2.3 في المئة، كانت متوقعة إلى درجة كبيرة لا سيما وأنها جاءت كتعبير طبيعي عن الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار السلع والخدمات الأساسية في البلاد منذ أيام بفعل تجليات الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر صرف العملة التركية أمام الدولار بشكل كبير في الأسابيع الماضية.
ومنذ بداية العام الجاري، فقدت الليرة التركية أكثر من 40 في المئة من قيمتها أمام الدولار الأمريكي بفعل مشاكل اقتصادية فاقمتها الأزمة السياسية والاقتصادية المتصاعدة بين واشنطن وأنقرة على خلفية رفض الأخيرة إطلاق سراح الراهب الأمريكي الموقوف في تركيا أندرو برانسون الذي تتهمه بدعم جماعات إرهابية.
الانخفاض الحاد في قيمة الليرة أدى إلى ضغوط كبيرة على الحكومة التركية التي تعتمد بشكل شبه تام على استيراد الطاقة من الخارج بالعملة الأجنبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع مباشر وسريع في أسعار الوقود والمحروقات، قبل ان يتم الإعلان عن رفع أسعار الغاز والكهرباء بنسبة تصل إلى 9 في المئة للاستخدام المنزلي و14 في المئة للاستخدام الصناعي، إلى جانب ارتفاع سيتزايد ويتوسع تدريجياً ليطال جميع الخدمات والسلح الأساسية في البلاد.
وفي خطوة لافتة، بدأت وزارة الاقتصاد التركية بالتعاون مع قطاعات الجمارك والرقابة، حملة رقابة واسعة على الأسواق بالتعاون مع الجهات الشرطية والتنفيذية في محاولة لضبط الأسواق ومنع الانفلات فيها، حيث بدأت تشهد أسعار جميع السلع والخدمات ارتفاعاً متزايداً بحجة تزايد تكاليف المواد الخام والواردات التي يتم شرائها بالدولار.
ومع الإعلان عن نسبة التضخم الجديدة سجلت الليرة التركية انخفاضاَ جديداً أمام الدولار الأمريكية متراجعةً 1.5 في المئة وبات الدولار يعادل 6.65 ليرة تركية.
وفي محاولة سريعة لمنع تأثر الأسواق والعملة المحلية بشكل أكبر من أرقام التضخم السلبية، أصدر البنك المركزي التركي تطمينات إلى المستثمرين والأسواق من خلال تعهده بضبط السياسة النقدية في البلاد خلال اجتماعه المقبل المقرر في الثالث عشر من الشهر الجاري.
وقال البنك المركزي إن التطورات الأخيرة في آفاق التضخم أظهرت «مخاطر كبيرة» على استقرار الأسعار، مضيفاً: «سيتخذ البنك المركزي الإجراءات الضرورية لدعم استقرار الأسعار»، في إشارة قوية لنيته رفع أسعار الفائدة مجدداً في الاجتماع المقبل.
ويجمع اقتصاديون على ضرورة لجوء البنك المركزي التركي إلى رفع أسعار الفائدة لتصل إلى أكثر من 20 في المئة لكبح جماح التضخم وهو ما يتعارض مع توجهات اردوغان الذي يرفض ذلك بقوة، لكنه اضطر لقبول رفع الفائدة قبل أسابيع لتصل إلى قرابة 17 في المئة في محاولة لتقليل أضرار الأزمة الاقتصادية، وهو السيناريو المتوقع أن يتكرر مجدداً خلال الفترة المقبلة.
وطوال الأسابيع الماضية، امتنع البنك المركزي التركي عن رفع أسعار الفائدة، واكتفى بسلسلة من الإجراءات تركزت حول تقليص السيولة وتشديد السياسة النقدية وهو ما لم ينجح حتى الآن في وقف تراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار.
وفي دفاعه عن سياسات البنك المركزي، قال براءت ألبيرق، وزير المالية والخزانة التركي، إن البنك المركزي مستقل عن الحكومة وسيتبنى الإجراءات اللازمة في اجتماعه المقبل، وذلك في مقابلة نشرتها وكالة «رويترز» أضاف فيها: «البنك المركزي ذكر في آخر اجتماعاته أنه سيدرس السوق وينظر في أمر استقرار الأسعار ولن يتوانى عن تبني الخطوات اللازمة بالتنسيق مع الإجراءات المالية للحكومة».
وفي إطار مساعيه لدعم الليرة التركية، أوصى اردوغان، الاثنين، رؤساء خمس دول منضوية تحت مجموعة «مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية» بتنفيذ التبادلات التجارية بواسطة العملات المحلية، بدلا من الدولار الأمريكي، وذلك في قمة المجلس المنعقدة في قرغيزيا.
وقال اردوغان مخاطباً المجلس التركي الذي يضم دول تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزباكستان: «اعتماد التجارة الدولية على الدولار بدأ يتحول إلى عبء يعيق عملنا» معبراً عن أسفه من أن العالم شهد مؤخرا فترة سادها انتهاك المبادئ والقواعد والأعراف الدولية.

تفاعلات الأزمة الاقتصادية في تركيا: الغلاء يطال كل شيء والتضخم في أعلى نسبة منذ 15عاماً

إسماعيل جمال

رغم تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم: الصين تسجل فائضا تجاريا قياسيا إزاء الولايات المتحدة

Posted: 08 Sep 2018 02:11 PM PDT

واشنطن ـ وكالات ـ «القدس العربي»: حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة من رسوم جمركية جاهزة لواردات صينية بقيمة 267 مليار دولار بالإضافة إلى المئتي مليار دولار من بضائع البلد الآسيوي التي تواجه بالفعل خطر رسوم.
وتنفيذ هاتين المجموعتين من الرسوم الجمركية سيجعل فعليا كل واردات الولايات المتحدة من الصين خاضعة لرسوم جديدة بينما تتصاعد حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بسبب مطالب ترامب بأن تجري بكين تغييرات رئيسية في سياستها الاقتصادية. وأبلغ ترامب صحافيين «مبلغ المئتي مليار دولار الذي نتحدث عنه قد يحدث قريبا جدا تبعا لما يحدث معهم. إلى حد ما فإن الأمر يرجع إلى الصين».
وأضاف «أكره أن أقول هذا، لكن وراء ذلك هناك 267 مليار دولار أخرى جاهزة للتنفيذ خلال فترة زمنية قصيرة».
وفرض ترامب بالفعل رسوما جمركية بنسبة 25 بالمئة على سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار معظمها معدات صناعية ومكونات وسيطة للالكترونيات، بما في ذلك أشباه الموصلات. وانتهت في وقت متأخر يوم الخميس فترة للتعليقات العامة بشأن قائمة بقيمة 200 مليار دولار تشمل سلعا استهلاكية ومنتجات صينية أخرى ستخضع لرسوم جمركية تتراوح من 10 في المئة إلى 25 في المئة.
واستوردت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 505 مليارات دولار من الصين العام الماضي، وارتفعت الواردات في الأشهر السبعة الأولى من 2018 بحوالي 9 في المئة عن الفترة نفسها من 2017.
ووفقا لأرقام رسمية نشرت السبت، فقد سجل الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة رقما قياسيا جديدة يبلغ 31،06 مليار دولار خلال آب/اغسطس على الرغم من الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن في تموز/يوليو الماضي ما من شأنه أن يؤجج النزاع التجاري بين البلدين.
ويأتي إعلان الأرقام بعد ساعات على تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم على مجمل الواردات الصينية إلى بلاده والتي تقارب نصف ترليون دولار.
ويتواجه أكبر اقتصادين في العالم في خلاف تجاري منذ أشهر بينما تراوح المفاوضات مكانها وسط مخاوف من تبعات سلبية على الاقتصاد العالمي.
وكان ترامب فرض ضرائب بنسبة 25 في المئة على ما قيمته 34 مليار دولار من السلع الصينية في تموز/يوليو وعلى ما قيمته 16 مليار دولار في آب/اغسطس ما حمل السلطات الصينية على الرد بإجراءات مماثلة.
لكن الرسوم لم تؤثر على إقبال المستهلكين الأمريكيين على السلع الصينية. فقد زادت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 13،2 في المئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق بحسب بيانات الجمارك، بينما بلغت الواردات من الولايات المتحدة 13،3 مليار دولار أي بزيادة 2 في المئة عن العام السابق.
وبلغ الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة 31 مليار دولار في آب/اغسطس أي بزيادة 18،7 في المئة عن الفترة نفسها في العام السابق وبزيادة عن الرقم القياسي السابق الذي بلغ 28،9 مليارات دولار في حزيران/يونيو من العام الحالي، بحسب أرقام الجمارك. وفي الوقت الذي نما فيه الفائض التجاري للصين مجددا إزاء الولايات المتحدة، ظل مستقرا بالنسب إلى سائر دول العالم وبلغ 27،9 مليارات دولار في آب/اغسطس.
وزادت الصادرات الصينية الى العالم بنسبة 9،8 في المئة بينما ارتفعت الواردات بنسبة 20 في المئة بالمقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي بحسب بيانات الجمارك.
وهذه الأرقام أقل بكثير بالمقارنة مع أداء التجارة الصينية في تموز/يوليو عندما ارتفعت الصادرات بـ12،2 في المئة والواردات 27 في المئة.

الاجراءات الضرورية للرد

وكان ترامب أكد أن «الفوز سهل» في النزاعات التجارية وحذر من أنه سيفرض رسوما جمركية على شبه كامل الواردات الصينية ما لم تتراجع بكين عن موقفها وتتخذ إجراءات للحد من فائضها مع بلاده. وصرح الجمعة ان رسوما على ما قيمته 200 مليار دولار أخرى من السلع الصينية «قيد الاعداد» و»يمكن أن تُتخذ قريبا جدا».
وكانت بكين حذرت بأنها سترد بفرض رسوم على ما قيمته 60 مليار دولار من المنتجات الأمريكية وهو رقم صغير جدا يدل على أن الصين غير قادرة على مجاراة الرسوم الأمريكية.
إلا أن الشركات حذرت من أن الصين لديها وسائل أخرى للرد من بينها التشريعات وغيرها من السبل الادارية أو من خلال مبيعات الحصة الكبيرة التي تملكها من دين الخزانة الأمريكية.
وصرح ترامب لصحافيين رافقوه على متن الطائرة إلى فارغو في ولاية داكوتا الشمالية «بعد ذلك هناك 267 مليار دولار» من السلع الصينية التي يمكن فرض ضرائب عليها «وهذا من شأنه أن يغير المعادلة بشكل كامل».
واعتبر ريموند يونغ المحلل لدى مصرف «ايه ان زي» أن واشنطن «ستزيد بذلك من حجم الإجراءات المعادية للتجارة والاستثمارات الصينية وهو اتجاه لن يتغير قبل انتخابات» منتصف الولاية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وفي الصين، أعربت وزارة التجارة الخميس عن استعدادها للرد وقال المتحدث غاو فينغ أمام صحافيين «إذا فرضت الولايات المتحدة أي رسوم جديدة على الصين فسنتخذ الإجراءات الضرورية للردّ».

رغم تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم: الصين تسجل فائضا تجاريا قياسيا إزاء الولايات المتحدة

 زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 10 في المئة

Posted: 08 Sep 2018 02:11 PM PDT

قال مسؤول في وزارة البترول المصرية أمس السبت إن إنتاج بلاده من الغاز الطبيعي ارتفع بنحو عشرة في المئة إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يوميا بعد زيادة الإنتاج من حقل ظهر البحري.
وأعلنت مصر الجمعة عن زيادة إنتاج حقل ظهر البحري من الغاز الطبيعي إلى ملياري قدم مكعبة يوميا وإن استثماراته بلغت إلى الآن 7.7 مليار دولار.
وبلغ إنتاج مصر من الغاز الطبيعي ستة مليارات قدم مكعبة يوميا في تموز/يوليو الماضي.
وقال المسؤول مشترطا عدم نشر اسمه «إنتاج مصر من الغاز الطبيعي ارتفع إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يوميا بدعم من زيادة إنتاج حقل ظهر».
واكتشفت شركة إيني الإيطالية الحقل في عام 2015، وتشير تقديرات إلى أنه يحوي 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
وقال طارق الملا وزير البترول المصري في تموز/يوليو إن بلاده تستهدف زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى 6.75 مليار قدم مكعبة يوميا مع نهاية العام الجاري.
وتعمل مصر للتحول إلى مركز رئيسي للطاقة في المنطقة من خلال تسييل الغاز وإعادة تصديره. (رويترز)

 زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعي 10 في المئة

سلمان العودة: القضية الأولى للعرب على شبكات التواصل الاجتماعي منذ أيام

Posted: 08 Sep 2018 02:10 PM PDT

لندن –»القدس العربي»: تصدَّرت قضية الداعية الشيخ سلمان العودة المعتقل في السجون السعودية اهتمام العرب على شبكات التواصل الاجتماعي، وتوسع الجدل من داخل السعودية ومنطقة الخليج إلى مختلف أنحاء العالم العربي بعد أن تسربت أنباء المحاكمة السرية التي أحيل لها العودة بعد أكثر من سنة على اعتقاله، وبعد أن تبين أن النيابة وجهت له قائمة طويلة من التهم وطلبت إعدامه عقاباً له عليها.
وكشف حساب «معتقلي الرأي» على «تويتر» والذي يتابع أخبار المعتقلين في السعودية منذ سنوات، إن المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية بدأت صباح الثلاثاء الماضي بمحاكمة الشيخ سلمان العودة سراً، كما كشف أن «النيابة العامة وجهت للشيخ العودة 37 تهمة متعلقة بالإرهاب وطلبت ما سمته (القتل تعزيراً)» أي أنها طلبت تنفيذ حكم الإعدام بحقه.
والشيخ سلمان العودة هو أحد أبرز وأشهر الدعاة المسلمين على مستوى العالم بأكمله، إضافة إلى السعودية ومنطقة الخليج، وله خطب ودروس دينية تنتشر على الانترنت وكان الناس يتداولونها عبر أشرطة «الكاسيت» سابقاً، كما أن مؤيديه ينتشرون في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ولم يكن معروفاً بمعارضته للنظام في السعودية، لكنه في الوقت ذاته ظل مستقلاً عن النظام والهيئات الحكومية الدينية التي تتبع للحكومة السعودية.
وكان نجل العودة كشف قبل أيام عن وجود محاكمة سرية لوالده لم يعلم عنها الشيخ العودة سوى في قاعة المحكمة، ولم يتم إبلاغه بها سلفاً، كما لم يتم تعريفه بالتهم التي يواجهها سوى داخل قاعة المحكمة السرية.
كما كشف ابنه تدهور حالته الصحية بسبب الإهمال في سجن الحائر في الرياض الذي نقل إليه مؤخرا، كما قال الابن في سلسلة تغريدات على «تويتر» إن قوات الأمن السعودية نقلت الشيخ العودة من سجنه السابق في جدة إلى سجن الحائر في الرياض وهو «مقيّد اليدين والرجلين ومغطّى العينين، ثم وضعوه في سيارة مظلمة كأنها القبر تسرع فيه، فيضرب السقف ثم يسقط على الأرض في الطريق مرارا، ثم نقلوه بعدها بطائرة وهو على وضعه المقيّد والمغطّى بالكامل».
والشيخ سلمان العودة هو واحد من قائمة معتقلين طويلة جداً تضم عدداً كبيراً من الدعاة والمشايخ السعوديين المعروفين الذين رفضوا كيل المديح للأمير محمد بن سلمان أو تقديم الدعم الإعلامي له منذ توليه منصب ولي العهد، على الرغم من أن أغلبهم ليسوا معارضين للنظام السعودي وليست لهم أي أنشطة سياسية.

جدل واسع على «تويتر»

وأشعلت أنباء المحاكمة السرية للشيخ سلمان العودة موجة جدل واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي امتدت إلى مختلف أنحاء العالم العربي، خاصة بعد المخاوف من أن يتم إعدامه فعلاً، في الوقت الذي سخر فيه الكثير من النشطاء على شبكات التواصل من التهم الموجهة للشيخ.
وأطلق نشطاء على الانترنت حملات للمطالبة باطلاق سراح العودة، حيث تصدر الهاشتاغ «#محاكمة_سلمان_العودة» قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على «تويتر»، كما تصدر اسم العودة قائمة الوسوم أيضاً لعدة أيام، فيما رد مؤيدو للنظام في السعودية بحملات ضد العودة، لكن النشطاء قالوا بأن هذه الوسوم يديرها «جيش الكتروني» خاص يتبع للحكومة السعودية ويرد على كل حملة بحملة مضادة.
وعلق المعارض السعودي المعروف الدكتور سعد الفقيه على خبر المحاكمة السرية التي تجري للعودة بالقول: «لم تكن السلطة لتصل مرحلة توجيه 37 تهمة والمطالبة بالقتل للشيخ سلمان العودة لولا تخلي النخب عن الأخذ على يد الظالم طوال مسيرة التعسف. ولم يكن الوضع ليتفاقم في السوء في كل الاتجاهات لولا مجاملة النخب للظالم وثنائهم عليه في وقت كان عليهم مواجهته».
وأضاف في تغريدة ثانية على «تويتر»: «حذرنا وأنذرنا مرارا وتكرارا أن الساكت أو المجامل سوف يؤكل يوم أكل الثور الأبيض، واستمر الكثير في المجاملة ورفضوا دعم المصلحين إما باجتهاد مزعوم أو لمصالح شخصية، ولم يجد الظالم صعوبة في قطفهم واحدا واحدا وانتهى المطاف بالجميع تحت سيفه. فهل تكون محاكمة سلمان العودة نقطة تحول؟».
وتابع: «يُفترض أن تكون محاكمة سلمان العودة نقطة تحول كبيرة لأنها: 1) جرأة من السلطة في تلاعب مكشوف ورخيص بالقضاء، 2) جرأة في تسمية الأعمال المتفق على فضلها تهما تستحق الإعدام، 3) جرأة في اختيار عالم مشهور محليا وعالميا وله قبول واسع، 4) سيأتي الدورعلى كثير غيره إذا مضى الأمر دون مواجهة».
وكتب الإعلامي والناشط المصري عبد الله الشريف معلقاً بالقول: «محكمة آل سلمان توجه للشيخ سلمان العودة 37 اتهاما بالإرهاب ونيابتهم تطالب باعدامه. إني لأجد ريح عسكر مصر في فجوركم، والله المستعان على ما تصفون».
وكتب «مجتهد» وهو أشهر المغردين السعوديين على «تويتر»: «رصدت المخابرات السعودية والغربية ترقب التيارات الجهادية لنتائج محاكمة الشيخ سلمان العودة وتمنيهم أن تنتهي المحاكمة بالقتل ليس شماتة بالشيخ سلمان (مع أن معظمهم يبغضونه ويعتبرونه مداهنا) لكن حتى يهيء قتل الشيخ الرأي العام لتقبل موجة جديدة من العنف ويجلب لهم المزيد من الكوادر».
وكتب الناشط المصري فاضل سليمان قائلاً: «محاكمات سرية لأفضل من عرفتهم السعودية والمطالبة بإعدام مجدد الخطاب الديني الدكتور سلمان العودة».
وغرد معلق ليبي قائلاً: «بكتابة تغريدة دعاء توفيق بين بلدين متخاصمين؛ يُسجن الشيخ سلمان العودة، وتُلفق له 37 تهمة وزيادة حكم بالموت تعزيرا؟ ماتستغربوش الظلم يوصل لعند وين، تغريدة توصلك للموت؟ عجبي يا أمة الإسلام! قول الحق أصبح ثمنه الروح! حسبنا الله ونعم الوكيل ولعنة الله على الظالمين».
وعلق آخر: «أتمنى من العقلاء من القضاة والعلماء ومن يستطيع التدخل ان يكون له دور في عدم تمرير قرارات وأحكام متهورة قد تتفتح أبواب الفتنة والقتل في البلد، فو الله قتل العلماء لن يجر للبلد سوى زعزعة الأمن وإراقة الدماء».
وغرد الكاتب والناشط محمد خير موسى قائلاً: «قضاء آل سعود يُحاكم الشّيخ سلمان العودة في محاكمةٍ سريّةٍ بـ 37 تهمةً على رأسها أنّه مساعد رئيس كيانٍ إرهابي هو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين! والنّيابة العامة تطالبُ بالحكمِ عليه بالقتلِ تعزيرًا! أيُّ دركٍ من الإجرام والانحطاط الأخلاقيّ بلغه هذا النّظام؟».
وغرد محمد الزغول بالقول: «أقول جازما أن القضاء في أسوا دولة في العالم وهي إسرائيل أفضل وأعدل آلاف المرات من قضاء آل سعود».
في المقابل دافع بعض السعوديين عن القضاء في بلادهم وهاجموا الشيخ العودة، حيث كتب السعودي عبد الله الناصر مغرداً: «القضاء لدينا لا يظلم أحدا بمشيئة الله، وإذا أنتم عندكم مشاكل بقضائكم لا ترمون تجاربكم على الآخرين».
وقال ناشط آخر: «إن شاء الله نسمع الحكم بإعدامه حتى ترتاح نفوسنا على أبنائنا الذين غرر بهم وقتلهم بفتاويه».
إلى ذلك، انهال مئات المغردين والنشطاء على عدد من مشايخ السعودية، وفي مقدمتهم الشيخ عائض القرني والشيخ محمد العريفي بالأسئلة عن موقفهم من اعتقال ومحاكمة العودة والتهم الموجهة إليه، وانتقدوا صمتهم تجاه ما يجري في المملكة.
وخاطب أحد المغردين الشيخ عائض القرني بالقول: «يا شيخ.. سلمان العودة في الزنزانة ومريض وصدر في حقه الإعدام.. وأنت تأكل وتشرب وتغرد كأن شيئا لم يكن.. وتدعي أنك مفتي وداعية.. لمن تدعو وتفتي؟.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم».
7med

سلمان العودة: القضية الأولى للعرب على شبكات التواصل الاجتماعي منذ أيام

اليمن: استهداف الصحافيين مستمر ورصاص مجهول يغتال مصوراً

Posted: 08 Sep 2018 02:10 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تواصلت عمليات استهداف الصحافيين في اليمن دون وجود أي رادع، حيث لا يزال يسقط المزيد من الصحافيين هناك بعمليات اغتيال متعمدة تهدف لإسكات صوت الحقيقة، كان آخرها المصور اليمني محمد الطاهري الذي قضى برصاص قناصة في حي المظفر في مدينة تعز جنوبي البلاد.
وقال صحافيون وناشطون في تعز إن الطاهري قتل برصاص قناصة قرب مستشفى المظفر الأسبوع الماضي.
وحمل عضو مجلس نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأسيدي «الميليشيات المسلحة المتناحرة والمنفلتة في المدينة والتي تتبع اسمياً الجيش» مسؤولية مقتل الطاهري.
وقال في تدوينة في حسابه على «فيسبوك» إن نقابة الصحافيين تحمل قيادة الأجهزة الأمنية والإدارية والعسكرية في المدينة، مسؤولية إزهاق أرواح المدنيين والصحافيين جراء عبثها بالأمن واستهتارها بحياة المواطنين.
واعتبر الأسيدي اغتيال الطاهري «جريمة ضد الإنسانية» يحاسب عليها القانون الدولي، ودعا إلى محاسبة مرتكبيها.
ودعا ناشطون في المدينة، محافظ تعز، والسلطات الأمنية، لتشكيل لجنة للتحقيق في مقتل الطاهري والكشف عن المسؤولين عنها.
ويعتبر اليمن أحد أسوأ وأخطر الأماكن في العالم بالنسبة للصحافيين، حيث كان تقرير صدر عن نقابة الصحافيين اليمنيين تحدث عن وقوع 100 حالة انتهاك ضد الحريات الإعلامية في النصف الأول من 2018 بينها 5 حالات قتل.
وقالت النقابة إن «الإحصائيات أظهرت استمرار الحرب الممنهجة على وسائل الإعلام وحرية الصحافة بشكل عدائي وعنيف من قبل كافة الأطراف».
ورصدت النقابة «100 حالة انتهاك طالت الحريات الصحافية والإعلامية في اليمن خلال المدة المذكورة، استهدفت مئات الصحافيين ومؤسسات إعلامية كانوا ضحايا للانتهاكات المختلفة».
وتنوعت الانتهاكات بين الاختطافات والاعتقالات بـ 38 حالة بنسبة 38 في المئة، والاعتداءات بـ 18 حالة بنسبة 18 في المئة، والمنع من التغطية بـ 9 حالات بنسبة 9 في المئة، و5 حالات قتل بنسبة 5 في المئة.
وذكر التقرير أن «الحكومة ارتكبت بتشكيلاتها وهيئاتها الأمنية والعسكرية والحكومية المتنوعة 47 حالة من 100 حالة انتهاك، فيما ارتكب الحوثيون 39 حالة انتهاك، وارتكبت جهات مجهولة 8 حالات، والتحالف العربي 6 حالات».
وتُصنف منظمة «مراسلون بلا حدود» اليمن على أنه الأخطر في العالم حالياً، كما أنه يقبع في المركز 167 من أصل 180 دولة، على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة هذا العام.
7med

اليمن: استهداف الصحافيين مستمر ورصاص مجهول يغتال مصوراً

السجن المشدد 5 سنوات للصحافي المصري شوكان في قضية فض اعتصام رابعة

Posted: 08 Sep 2018 02:09 PM PDT

أصدرت محكمة جنايات القاهرة أمس السبت حكما بالسجن المشدد خمس سنوات على المصور الصحافي محمود أبو زيد المعروف باسم شوكان في قضية فض اعتصام رابعة.
وفي نيسان/أبريل منحت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) شوكان جائزتها لحرية الصحافة لسنة 2018 قائلة إنه كان يؤدي عمله خلال إلقاء القبض عليه يوم 14 آب/أغسطس عام 2013 خلال فض الاعتصام.
وقالت اليونسكو إن احتجاز شوكان انتهاك لحقوق الإنسان. لكن مصر انتقدت منح الجائزة لمتهم بارتكاب جرائم جنائية.
وقضى شوكان الذي يبلغ من العمر 31 عاما أكثر من خمس سنوات في الحبس الاحتياطي، وقال قانونيون أمس إنه يجب الإفراج عنه على الفور باحتساب الحبس الاحتياطي بديلا للعقوبة المقضي بها.
وعبر شقيقه محمد أبو زيد (36 عاما) عن سعادته بالحكم، مضيفا «خلال أيام إن شاء الله يطلع من السجن».
وأضاف وهو يغادر قاعة المحكمة أن والده ووالدته عبرا أيضا عن شعور غامر بالسعادة.
وتابع أن شوكان سيطعن على الحكم أمام محكمة النقض طالبا البراءة. وللمحكوم عليهم حضوريا الحق في الطعن على الحكم أمام محكمة النقض، وهي أعلى محكمة مدنية مصرية، ولها أن تؤيد الحكم أو تعدله وإن ألغته تعاد المحاكمة أمامها. وحوكم في القضية 738 متهما بالإضافة إلى شوكان توفي خمسة منهم خلال المحاكمة.
وأصدرت المحكمة السبت أحكاما بالإعدام شنقا على 75 من المتهمين بينهم أعضاء قياديون في جماعة الإخوان المسلمين. كما قضت المحكمة بمعاقبة 47 متهما، بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، بالسجن المؤبد.
وصدر الحكم على 374 متهما بالسجن المشدد 15 سنة وعلى أسامة محمد مرسي، أحد أبناء الرئيس المصري السابق محمد مرسي، بالسجن المشدد عشر سنوات وعلى 22 متهما حدثا بالسجن عشر سنوات وعلى 215 متهما، أحدهم شوكان، بالسجن المشدد خمس سنوات.
ويقول قانونيون إن السجن المشدد يحرم المحكوم عليه من أي عفو عن جزء من العقوبة.
وقُتل مئات من أعضاء ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين وعدد من رجال الأمن في فض الاعتصام يوم 14 آب/أغسطس 2013 بعد نحو ستة أسابيع من عزل مرسي المنتمي للجماعة وسط احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاما. (رويترز)

7med

السجن المشدد 5 سنوات للصحافي المصري شوكان في قضية فض اعتصام رابعة

هل يُعيد الذكاء الصناعي الأموات إلى الحياة؟

Posted: 08 Sep 2018 02:09 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: وصل جنون التكنولوجيا الحديثة إلى درجة الانشغال في البحث عن علاج للموت أو كيفية لإعادة الأموات إلى الحياة، خاصة بعد الطفرة التي تشهدها تكنولوجيا الذكاء الصناعي والتي حولت حياة البشر بشكل كامل وأحدثت طفرة أيضاً في عمليات إنتاج «الإنسان الآلي» الذي يشكل محاكاة أصلاً للبشر العاديين.
وينشغل أحد علماء الكمبيوتر حالياً في توظيف تكنولوجيا الذكاء الصناعي بما وصلت له من تطور حتى الآن في عملية إعادة الأموات إلى الحياة، حيث يحاول القيام بإعادة إنتاج «عالم جديد بشكل كلي» حسب تقرير لقناة «روسيا اليوم».
وكشف التقرير أن عالم الكمبيوتر سابراسورن سواجاناكورن، يعمل على تطوير تكنولوجيا لا تحتاج لأكثر من الصور ومقاطع الفيديو، لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لوجه أي شخص تتميز بأنها «تبدو وتتحدث وتتصرف» تماما وكأنها حقيقية، وهو ما يمكن أن يتيح له استعادة أشخاص ماتوا وإتاحتهم أمام أحبابهم وأصدقائهم من جديد بما يُشعر هؤلاء الأحياء بأن الذين ماتوا ما زالوا بينهم وإلى جانبهم وعلى قيد الحياة.
ووصفت «روسيا اليوم» هذه التكنولوجيا بأنها «مثيرة للقلق» لأنها ستسمح للأشخاص بأن يشعروا وكأنهم يتحدثون إلى أقاربهم، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها لإنشاء خطابات ملهمة من مؤلفين ومحاضرين معروفين، بعد فترة طويلة من وفاتهم.
وقال سواجاناكورن إن «الاحتمالات الإبداعية هنا لا حصر لها».
وأثناء عرض التكنولوجيا، شغل عالم الكمبيوتر بيانا عاما صدر في الأصل عن جورج دبليو بوش، مبينا إمكانية إنشاء نسخ مطابقة عنه، بالإضافة إلى عرض نماذج ثلاثية الأبعاد لوجوه أخرى معروفة مثل، هيلاري كلينتون وباراك أوباما وتوم هانكس ودانييل كريغ.
ويقول سواجاناكورن إن التكنولوجيا يمكنها محاكاة حتى أصغر المعالم لدى الأشخاص، وذلك لإعادة تجسيدها ورسم التجاعيد بدقة، بهدف إنشاء نسخ واقعية للغاية.
ويقول التقرير أنه «من غير المستغرب أن تكون هناك بعض المخاوف بشأن هذه التكنولوجيا التي يمكن أن تحاكي بدقة ميزات أي شخص في العالم، باستخدام الصور والفيديوهات فقط».
ويقول عالم الكمبيوتر الذي يقوم بتطوير هذه التكنولوجيا إنها في حال وصلت إلى الأيدي الخطأ فإنها ستؤدي إلى إنشاء مقاطع فيديو مزيفة صُممت بقصد تضليل الناس.
ومن أجل مكافحة الاستخدامات الخاطئة والمشبوهة لهذه التكنولوجيا فقد تم تصميم أدوات تهدف لمنع إساءة استخدام التكنولوجيا المطورة، يُطلق عليها اسم «المدافع عن الحقيقة» وهي في الأساس مكون إضافي للمتصفح يكشف عن المحتوى المزيف.

هل يُعيد الذكاء الصناعي الأموات إلى الحياة؟

اختراق علمي قد يُطيل عُمر الإنسان عشرات السنين الإضافية

Posted: 08 Sep 2018 02:08 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء أمريكيون من التوصل إلى اختراق علمي وطبي غير مسبوق من شأنه أن يطيل أعمار البشر لعشرات السنين الإضافية، والأهم من ذلك أنه يُقلل من احتمالات إصابتهم بأمراض السرطان بنسبة خمسين في المئة على الأقل، بما يُجنبهم مرض العصر الأكثر إثارة للقلق.
وحسب دراسة جديدة نشرت نتائجها جريدة «دايلي ميل» البريطانية، لكنها أجريت في الولايات المتحدة، فقد تمكن الأطباء من التوصل إلى تعديل جيني للأطفال قبل ولادتهم يمكن أن يساعدهم في العيش لعقود إضافية، وتوصلوا إلى أن تطبيق أدوات تحليل الحمض النووي مثل «CRISPR ـ CAS9» على خلايا البويضة والحيوانات المنوية يمكن أن يكون عاملا مساعدا «لمقاومة أمراض الشيخوخة».
وقال رئيس الفريق البحثي التابع لجامعة «أوكلاند» الأمريكية الدكتور رومان تيو أوليينيك، إن تغيير عشرات أو حتى مئات الجينات، التي ترمز لحالات مرضية مثل أمراض القلب أو الزهايمر أو التهاب المفاصل، يمكن أن يساعد الأطفال ممن لديهم تاريخ عائلي غير صحي، والذين لم يولدوا بعد، على العيش سنوات صحية إضافية.
لكن باحثين آخرين يرون أن تحرير الحمض النووي للحد من خطر إصابة أحدهم بمرض معين، يمكن أن يجعل الشخص أكثر عرضة لآخر، كما أن سوء الحالة الصحية غالبا ما يحدث نتيجة لمجموعة من العوامل الجينية والبيئية، مع صعوبة السيطرة على العامل الأخير، حسب ما نقلت «دايلي ميل».
ودرس الباحثون مجموعة من الجينات، التي تؤثر على إمكانية إصابة الشخص بأمراض معينة، مثل السكري النوع 2 أو السكتة الدماغية، حيث تمكنوا من تقييم خطر الإصابة بأمراض معينة من خلال دراسة الجينات التي يمتلكها الفرد.
ثم قاس أوليينيك احتمال كون الفرد أقل حساسية لارتفاع خطر الإصابة بمرض معين فوق المتوسط، في حال خضع لتحرير الجينات قبل الولادة. وقال إن النتائج ستكون دراماتيكية، حيث يعيش هؤلاء الأشخاص بصورة صحية لفترة أطول، ويقل لديهم خطر الإصابة بالمرض.
وفي معرض حديثه عن نتائج البحث قال الدكتور أوليينيك: «إن هذه الدراسة تبين أنه يمكننا استخدام التعديل الجيني لاكتساب مقاومة فعالة لأمراض الشيخوخة».
وقال علي توركماني، من معهد «سكريبس» للأبحاث في ولاية كاليفورنيا: «لا يمكن إغفال القلق حول الآثار الجانبية، فغالبا ما تكون هناك مقايضة. رغم القلق من خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي، ولكنك قد تعاني من زيادة خطر بعض الاضطرابات الأخرى».
ومن المنظور العملي، ليس من الواضح ما هي الجينات التي سيرثها الجنين إلى حين تشكله، وعندئذ يكون قد فات الأوان لتحرير الحمض النووي.
واقترح البعض أن يتم استخدام تقنية تحرير الجينات لإزالة الأشكال الضارة لدى الأطفال قبل ولادتهم، مثل تلك التي تسبب مرض العمى الوراثي. ومع ذلك، يمكن استخدام التكنولوجيا يوما ما لإدخال جينات للصفات المطلوبة، مثل الشعر الأشقر.
وفي حال تحسن فهم العلم للوراثة، يمكن الاعتماد على هذا الاكتشاف يوما ما لإدخال جينات تشفر مهارات معينة، مثل القدرة الموسيقية والذكاء.

اختراق علمي قد يُطيل عُمر الإنسان عشرات السنين الإضافية

علماء بريطانيون يحولون النفايات البلاستيكية إلى وقود لتشغيل السيارات

Posted: 08 Sep 2018 02:07 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن فريق بحثي بريطاني من التوصل إلى ابتكار ثوري من شأنه إحداث ثورة جديدة في عالم النقل وتكاليفه وإمكانية الاستغناء عن الوقود التقليدي، وذلك بتحويل النفايات البلاستيكية إلى وقود مفيد، وهو ما يشكل إضافة جديدة إلى سجل الابتكارات المتلاحقة والمتراكمة في مجال النقل والمواصلات.
واستطاع الفريق البحثي التابع لجامعة «سوانزي» في مقاطعة «ويلز» البريطانية إلى التوصل لطريقة غير مسبوقة يمكن من خلالها تحويل أي نوع من النفايات البلاستيكية إلى وقود هيدروجيني ويمكن بواسطته تشغيل السيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وذلك حسب تقرير نشرته جريدة «اندبندنت» البريطانية.
ونقل التقرير عن الباحثين كشفهم أنهم حققوا هذا الاختراق العلمي عبر إضافة مادة ممتصة للضوء إلى البلاستيك وتركه في محلول تحت أشعة الشمس.
ويمكن أن تكون هذه العملية بديلا أرخص لإعادة التدوير، حيث أن البلاستيك لا يحتاج إلى التنظيف أولا، وفقا للباحثين.
ونقلت «اندبندنت» عن رئيس الفريق البحثي الدكتور موريتز كوهنيل من قسم الكيمياء في الجامعة قوله: «هناك الكثير من البلاستيك المستخدم سنويا، مليارات الأطنان، ويتم إعادة تدوير جزء منه فقط. ونحن نحاول العثور على استخدام لما لا يتم إعادة تدويره».
وتضاف المادة الممتصة للضوء إلى البلاستيك قبل وضعه في محلول قلوي، ما يؤدي إلى تصاعد الهيدروجين. ولكن، يمكن أن يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتم استخدام عملية تحويل البلاستيك إلى وقود، على المستوى الصناعي.
كما أظهرت الدراسة الممولة من قبل مجلس العلوم والهندسة الفيزيائية وشركة البتروكيميائيات النمساوية، كيف يمكن إعادة تدوير بقايا البلاستيك لإنتاج بلاستيك جديد أيضا.
وفي بريطانيا، أصبحت وفرة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد قضية رئيسية في السنوات الأخيرة، وأدت إلى حملات للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية في المحلات التجارية وأكواب القهوة التي يمكن التخلص منها في المقاهي.
يشار إلى أن الطاقة النظيفة أو المتجددة هي أحد المجالات التي تنفق الدول المتقدمة مبالغ ضخمة من أجل تطويرها وتنميتها، وتُعرف بأنها الطّاقة المستمدة من الموارد الطبيعية التي تتجدد أو التي لا تنفذ، وتختلف جوهرياً عن الوقود الأحفوري من بترول وفحم وغاز طبيعي، كما تختلف أيضا عن الوقود النووي الذي يُستخدم في المفاعلات النووية.
وازداد مؤخراً ما يُعرف باسم تجارة الطاقة المتجددة التي هي نوع من الأعمال التي تتدخل في تحويل الطاقات المتجددة إلى مصادر للدخل والترويج لها، فيما تخطط 65 دولة في العالم حالياً إلى الاستثمار في الطاقات المتجددة، وعملت على وضع السّياسات اللّازمة لتطوير وتشجيع الاستثمار في الطّاقات المتجددة.

علماء بريطانيون يحولون النفايات البلاستيكية إلى وقود لتشغيل السيارات

علماء الفلك يبدأون الوصول إلى أصل الكرة الأرضية

Posted: 08 Sep 2018 02:05 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تمكن علماء الفضاء والفلك من التوصل إلى طرف الخيط الذي يمكن أن يؤدي بهم إلى معرفة أصل الكرة الأرضية وكيفية تشكلها قبل ملايين السنين، بما يتيح لهم معرفة المزيد عن تاريخ الأرض والبشرية وبداية هذا الكون الذي نعيش فيه.
ويتمثل طرف الخيط الذي تم التوصل له في نجم صغير واقع في أعماق مجرتنا (درب التبانة) ويتوقع العلماء أن يقدم هذا النجم أدلة حول كيفية ظهور الأرض وكذلك إلقاء الضوء على أصل النظام الشمسي برمته والذي يضم في داخله الكرة الأرضية.
وقالت جريدة «اندبندنت» البريطانية في تقرير لها، إن النجم الصغير تم فحصه لأول مرة من قبل الفلكي الشاب يوكي أوكودا، ولكن نظرا لبعده وصغر حجمه وكونه شديد البرودة فإنه غير معروف تماما حتى الآن.
ويتواجد النجم خلف سحابة من الغاز والغبار تحجب الضوء الخفيف الصادر عنه، كما أن هذه السحابة تجعل النجم الصغير مثيرا للغاية.
وحاول العلماء شرح تفاصيل الضوء الغريب الذي ظهر في الصور الموضحة للنجم، باستخدام نموذج يشير إلى أنه مغطى بقرص من المادة.
وقال أوكودا، الذي اهتم بالبيانات الغريبة بمساعدة الأستاذ المساعد في جامعة طوكيو يوكو أويا إن «التحدي الأكاديمي الأعظم الذي واجهته، هو محاولة فهم الصور ذات النسيج البصري العشوائي. ولكنني شعرت بأنني مضطر إلى استكشاف طبيعة الهياكل التي شاهدها الدكتور أويا، وتوصلت إلى نموذج لتوضيحها. وفي نهاية المطاف، يمكن أن تصبح هذه المواد قرصا مجمعا، ما يؤدي إلى تشكيل نظام كوكبي مثل نظامنا الشمسي».
ويوضح أويا قائلا: «لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن هذا القرص سيندمج في نظام كوكبي جديد، حيث قد يتم دفع سحابة الغبار بعيدا عن طريق الرياح النجمية، أو قد تنحصر في النجم نفسه».
ومن خلال تتبع تلك العملية ومحاولة معرفة المزيد عن النجم، يمكن لعلماء الفلك معرفة المزيد عن الكواكب، مثل الأرض. بالإضافة إلى فهم ما يحدث حول هذه النجوم الصغيرة والخافتة.

علماء الفلك يبدأون الوصول إلى أصل الكرة الأرضية

التسريبات تتصاعد حول «آيفون» الجديد قبل أيام من إطلاقه

Posted: 08 Sep 2018 02:04 PM PDT

لندن ـ «القدس العربي»: تصاعدت وتيرة التسريبات المتعلقة بهاتف «آيفون» الجديد الذي يترقب العالم الكشف عنه من قبل شركة «آبل» الأمريكية خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما تحدثت آخر التقارير عن مواصفات جديدة وغير مسبوقة تتعلق بالجهاز إضافة إلى أن الشركة تعتزم، ولأول مرة، التخلي عن اسم «بلس» التي كانت تُعبر به عن هاتفها ذو الشاشة الكبيرة.
ومن المقرر أن تعلن «آبل» عن النسخة الجديدة من «آيفون» خلال الحدث الكبير الذي تعقده في غضون الأيام القليلة المقبلة، والذي تُطلق عليه الشركة اسم «غاذر راوند» كما يسود الاعتقاد بأن «آبل» سوف تكشف أيضاً عن الطراز الجديد من ساعتها الذكية «آبل ووتش» وسط شائعات تتحدث عن أن الشركة ستطرح تصميماً جديداً بالكامل للساعة التي يقول بعض المحللين إنها لم تلقَ رواجاً كبيراً ولم تحقق النجاح المتوقع حتى الآن.
وقبل أيام قليلة سجلت «آبل» أعلى قيمة سوقية في تاريخها وفي تاريخ الشركات الأمريكية والعالمية عندما تجاوزت مستوى المليار دولار، لتكون أول شركة في تاريخ البشر تصل إلى هذا المستوى من القيمة في السوق، فيما تلتها بعد فترة وجيزة شركة «أمازون» التي تعمل في مجال التكنولوجيا هي الأخرى وقفزت قيمتها السوقية الاجمالية إلى ما فوق التريليون دولار.
وتسود حالة من التفاؤل في أوساط المراقبين والمحللين تجاه شركة «آبل» التي يتوقعون بأن تسجل مبيعات ضخمة في الربع الأخير من العام الحالي وأن تتمكن من مواصلة النمو في السوق بفضل الهواتف الجديدة التي ستطرحها خلال الأيام المقبلة.
وتصاعدت وتيرة التسريبات خلال الأيام القليلة الماضية بخصوص الهواتف الجديدة المرتقبة، حيث قالت تقارير غربية إن «آبل» ستطلق اسماً غير عادي على هاتفها الجديد المزود بشاشة «OLED» من قياس 6.5 إنش، والذي يسود الاعتقاد بأنه جهاز «آبل» الرئيسي لهذا العام، حيث تقول المعلومات المسربة إن الاسم هو «iPhoneXs Max» ما يعني أن الشركة ستتخلى عن إضافة كلمة «بلس» للإشارة إلى الجهاز ذو الشاشة الكبيرة.
وكانت التسريبات الصادرة في وقت سابق قد أشارت إلى أن آبل قد تطلق على نموذج»OLED» بقياس 5.8 إنش، خليفة هاتف العام الماضي «iPhone X» اسم «iPhone Xs».
وقال محللون تابعتون لشركة «كي بانك» إن مبيعات «آبل» لهذا العام ستحقق نتائج أفضل من الماضي، بفضل النماذج ذات شاشات العرض الكبيرة، ويقولون إن شركة آبل ستشهد ارتفاعا كبيرا في المبيعات هذا العام بسبب الشاشة الكبيرة ضمن نموذج LCD بقياس 6.1 إنش ونموذج «OLED» بقياس 6.5 إنش.
وقال تقرير آخر صادر عن موقع «ماسركوبف» الألماني إن سعر جهاز آيفون المزود بشاشة LCD سوف يبدأ من 799 يورو، بينما سوف يتم تسعير جهاز «iPhone Xs» ابتداء من 909 يورو، على أن يبدأ سعر «iPhone Xs Max» من 1149 يورو، على أن التقرير يشير إلى أن هذه الأسعار مخصصة لنسخة 64 غيغابايت، في حين ينبغي دفع 170 يورو إضافية للحصول على نسخة 256 غيغابايت، مع وجود نسخة بسعة 512 غيغابايت.
يشار إلى أن موقع «جي أس أم» الهندي المتخصص بأخبار التكنولوجيا وملاحقة أخبار شركة «آبل» بشكل خاص يتوقع أن تتمكن الشركة من بيع ما يصل إلى 350 مليون هاتف خلال العام الحالي بسبب التنوع الذي ستوفره الشركة للمستخدمين.
وقال تقرير الموقع إن هواتف آيفون الجديدة ستوفر إصداراً مميزاً بحجم زائد، إضافة إلى هاتف ذي مواصفات مميزة بسعر مقبول، ما يعني أن المزيد من المستخدمين قد يقررون شراء هذه الهواتف الجديدة، وهو ما من شأنه أن يعزز من مبيعات «آيفون» المقبلة.

التسريبات تتصاعد حول «آيفون» الجديد قبل أيام من إطلاقه

ربع البالغين يعرضون صحتهم للخطر بسبب قلة النشاط

Posted: 08 Sep 2018 02:03 PM PDT

أظهرت دراسة أشرفت عليها منظمة الصحة العالمية أن أكثر من ربع البالغين في العالم أو 1.4 مليار شخص، لا يمارسون الكثير من التمارين الرياضية مما يزيد احتمال تعرضهم لأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والسرطان.
وفي عام 2016، كانت واحدة تقريبا من كل ثلاث سيدات ورجل من بين كل أربعة رجال في أنحاء العالم لا يلتزمون بالمستويات الموصى بها من النشاط البدني للبقاء أصحاء وهي ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط البدني المتوسط أو 75 دقيقة من التمارين القوية كل أسبوع.

10SOW

ربع البالغين يعرضون صحتهم للخطر بسبب قلة النشاط

التسرب المدرسي ظاهرة تستفحل وتهدد التعليم في لبنان

Posted: 08 Sep 2018 02:03 PM PDT

يشهد لبنان ظاهرة استفحلت في السنوات الأخيرة وأرقت المضاجع وتتمثل في «التسرب المدرسي» أي الانقطاع عن التعليم والانصراف عنه إما إلى العمل أو إلى الانحراف والتشرد والانخراط في الجماعات الإجرامية والإرهابية. وهي ظاهرة لا يختص بها لبنان وحده بل تشاركه فيها بلدان عربية عديدة بعضها انكب على دراستها وإيجاد الحلول لها، فيما لا يبدو أن البعض الآخر مهتم بمعالجتها أو أنها تمثل مصدر قلق بالنسبة له.
ولعل ما يثير الهلع هو أن هذه الظاهرة لم تعد تستهدف العائلات الفقيرة فحسب، بل طالت فئات من الطبقة الوسطى التي تعتبر عماد الاقتصاد اللبناني وقلبه النابض. كما أنها ظاهرة لا تختص بها منطقة لبنانية دون أخرى فهي موزعة على الشمال والجنوب والبقاع والجبل وإن بدرجات متفاوتة.

أسباب اقتصادية واجتماعية

عارف الدهيبي أكاديمي مختص في التربية وباحث في المركز التربوي للبحوث والانماء يقول لـ«القدس العربي» أن ظاهرة التسرب المدرسي قديمة وجديدة في الآن معا. وأجريت فيها، حسب محدثنا، دراسات عديدة تركزت أساسا على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والتربوية.
وتتمثل أهم الأسباب الاقتصادية للتسرب المدرسي، في رأي الدهيبي، في عدم قدرة الأهل على توفير مصاريف الدراسة رغم أن القانون رقم 150/2011 شدد على إلزامية التعليم وأحقية التلاميذ حتى سن الخامسة عشرة فيه، أي مرحلة التعليم الأساسي من الصف الأول وحتى التاسع. والحقيقة أن التعليم الثانوي لم تشمله إلزامية التعليم، رغم أن القانون 150 جاء تأكيدا للمادة العاشرة في وثيقة الوفاق الوطني وتعديلا لدستور 1943 الذي تحدث عن أحقية التعليم، وجاءت وثيقة الطائف وعدلت المادة وأضافت إلزامية التعليم لكن هذا القانون لا يتم تطبيقه فعليا ما يؤدي إلى التسرب المدرسي. فالوضع الاقتصادي لكثير من العائلات يحول، حسب الباحث اللبناني، دون إكمال الدراسة ويدفع التلاميذ إلى العمل لتأمين دخل إضافي للعائلة، فالولد عندما يشعر بأنه منتج ماديا يفضل ترك الدراسة. ويضيف قائلا: «بالرغم من أن الدولة متكلفة بتعليم الأولاد بسبب قانون إلزامية التعليم، إلا أن هناك تكاليف إضافية مثل رسوم التسجيل وهو ما يشكل عبئا على الأهل خصوصا إذا تعلق الأمر بعائلة كبيرة العدد ناهيك عن تكاليف الكتب. فالعبء المالي في بعض المناطق المهمشة يحول دون إكمال التعليم خاصة وأن هاجس العمل والإنتاج ومساعدة العائلة لدى الأطفال في الأسر الفقيرة يبقى هو الطاغي».
ويرى أن السبب الثاني للتسرب المدرسي هو الواقع الاجتماعي للعائلة، فهناك عائلات كثيرة غير متماسكة وهناك حالات طلاق تخلق ظروفا غير سليمة للدراسة ونوعا من عدم الوعي. وكثر هم الآباء الذين لا يفكرون، بمستقبل جيد لأولادهم ولا تعنيهم إلا الحلول الآنية التي يعتقدون أنها تريحهم مثل الطلاق.

غياب الفرص

ويضيف: «عندما يكون هناك خريجون من التعليم وتغيب فرص العمل عندها تفقد العائلة الأمل في التعليم ويفكر المرء بطرق أخرى لتأمين الحياة فيتجه نحو الصنائع والحرف مثل النجارة واللحام والحدادة، وبالنسبة للبعض فإن هذا الحل هو الأسرع والأسهل.
وتتحدث آخر إحصائيات سنة 2012 عن تصاعد الأزمة في هذا المجال، بسبب حرب تموز واغتيال الحريري اللذين خلقا واقعا جديدا وتسلسلا دراماتيكيا للأحداث وانقسامات وواقعا سياسيا مهترئا. وقام المركز التربوي للبحوث والانماء بدراسة حول الموضوع جاء فيها أن التسرب متقارب في كل محافظات لبنان. ففي محافظة الشمال تبلغ النسبة حوالي 19 في المئة، وأعلى نسبة هي في بيروت 21 في المئة، أما الجنوب فإن النسبة هي 20 في المئة. فأقل نسبة إذن موجودة في الشمال مع العلم أن هناك واقعا اقتصاديا صعبا، ولعل ما يفسر ارتفاع النسبة في بيروت هو وجود فرص عمل للأولاد أكثر من باقي مناطق لبنان».
وقد زاد التسرب المدرسي، في رأي محدثنا، مع لجوء جنسيات عربية إلى لبنان بسبب الظروف السيئة في بعض البلدان العربية وأصبح هناك اكتظاظ في الصفوف وصار التلاميذ ينفرون من المدرسة، كما أن نظام التقاعد، يجعل نوعية التعليم سيئة ولا يخلق ظروف عمل ملائمة فيطغى استهتار المعلمين ويصبح هناك استهتار من الطلاب أنفسهم ويكون أحد أسباب التسرب المدرسي. وقال الدهيبي أن علاج مشكلة المعلمين المتقاعدين وتسوية أوضاعهم قد يساعد على خلق ظرف أفضل للدراسة والإنتاج المدرسي.
وتقول عبير رضوان، أستاذة التعليم الابتدائي اللبنانية لـ«القدس العربي» أن نسبة التسرب انخفضت في المدارس الرسمية عندما أصبح التعليم الرسمي مجانيا، بالإضافة إلى حصول الطلاب على الكتب المدرسية والقرطاسية مجانا. لكن هذا لا يمنع حسب محدثتنا من وجود بعض حالات التسرب المدرسي التي يتسبب فيها الوضع الاقتصادي المزري والمشاكل الاجتماعية كما الطلاق أو وفاة أحد الوالدين، حيث يضطر بعض الأطفال، إلى النزول إلى سوق الأعمال الحرة لمساعدة أهاليهم.

التسرب المدرسي ظاهرة تستفحل وتهدد التعليم في لبنان

روعة قاسم

باستا الدجاج

Posted: 08 Sep 2018 02:02 PM PDT

المقادير: كيلو صدور دجاج
كيس مكرونة
حبة بصل
حبة فلفل
حبة طماطم
بقدونس مفروم
كزبرة
ملح
معجون طماطم
بهارات مشكلة
نص كوب جبن مبشور
ملعقتان كزبرة مطحونة
ملعقتان ذرّة
زعتر
لعمل الصوص الأبيض: علبة كريمة طبخ الوسط
طريقة التحضير

نقطع الدجاج مربعات صغيرة ونحمسها مع البهارات والبصل والفلفل والطماطم ثم نضيف عليها معجون طماطم وماء بدون زيت ثم نتركها تسبك.
الصوص الأبيض عباره عن كريمة طبخ وجبن مبشور وكزبرة مطحونة فقط.
نسلق المكرونة ثم نصفيها.
نضيف الصوص الأبيض على الدجاج ونقلبها وهي على نار هادئة ثم نضيف المكرونة ونتركها 3 دقائق وبعد ما تجهز نرش الوجه بالزعتر ونقدمها ساخنة.

باستا الدجاج

طبق الأسبوع: من المطبخ الإيطالي

سماعات الأذن: خطر يهدد حاسة سمعنا!

Posted: 08 Sep 2018 02:02 PM PDT

سماعات الأذن باتت جزءا من حياة معظمنا، نستخدمها بشكل يومي ومتكرر، ولكننا قد نجهل أخطار ذلك على حاسة السمع لدينا. فحتى وإن كانت حدود الضرر لحاسة السمع عند 130 ديسبل، إلا أن الخطر يبدأ عند ضغط الصوت بدرجة 80 ديسبل.
كثيرون منا لا يستطيعون التخلي عن سماعات هاتفهم، دون أن يُدركوا خطر ذلك على صحة الأذن. وفيما يلجأ كثيرون لإجراء الاتصالات الهاتفية عبرها، يستخدمها آخرون للاستماع إلى الموسيقى أو صوت الأفلام أو مقاطع الفيديو لساعات طويلة.
الأمر لا يقتصر على الشباب فقط، وإنما يتجاوزه حتى للأطفال الذين قد يعرضهم الاستعمال المستمر لهذه السماعات لفقدان سمعهم. دراسة حديثة رصدت هذه الأخطار وطرق الوقاية من الأخطار الناتجة عن الاستخدام المتكرر لهذه السماعات.
وبالرغم من أن أغلب الأجهزة الحديثة تُظهر مستويات الصوت الآمنة للمستخدمين، إلا أن ذلك لا يمنع كثيرين من رفع صوت السماعات إلى أقصى حد. وحسب دراسة حديثة فحتى قوة 80 ديسبل تسبب أضرارا بالأذنين إذا استمرت لساعات يوميا.
خبراء في هذا المجال حددوا المدة الممكن استعمال السماعات في ساعتين يوميا. ووفق اختبار تم إجراؤه على الخلايا الحسية لمعرفة الأضرار الدائمة للسماعات، فإن الموجات الصوتية تصل إلى القناة السمعية عبر طبلة الأذن والأذن الوسطى ويتم نقلها إلى الأذن الداخلية، حينها تحول الشعيرات السمعية الاهتزازات إلى ذبذبات كهربائية تصل إلى الدماغ عبر الأعصاب السمعية. وفي حالة تضرر الشعيرات بسبب الصخب، حينها تضعف حاسة السمع.
د. جون مارتين هيمبل، طبيب أنف وأذن وحنجرة يقول: «هناك عاملان أساسيان يسببان في أذى الأذن على المدى البعيد، هما: درجة الضوضاء في موقع العمل، ورفع صوت السماعات حين الاستماع للموسيقى لمدة طويلة خلال اليوم للتعرض للضوضاء».
وينصح بعض الخبراء بالاستماع للموسيقى عبر مكبرات الصوت وليس عن طريق السماعات، فكلما كانت المسافة قصر بين الصوت والمجرى السمعي كلما أدى ذلك لإلحاق أضرار أكثر بغشاء طبلة الأذن.
وعندما يُصاب المرء بضعف السمع فلا يمكن علاجه بأي طريقة، وعليه حينها أن يستخدم أجهزة سمع طبية. وفي هذا السياق يوضح جون مارتين هيمبل، أنه «لا توجد سماعة طبية لحد الآن قادرة على إعادة قوة السمع بدرجة كاملة، لهذا من الأفضل تجنب الإصابة بضعف السمع منذ البداية».

سماعات الأذن: خطر يهدد حاسة سمعنا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق