| أحلام السيطرة الإيرانية من الشاه إلى الخميني Posted: 14 Nov 2018 01:30 PM PST خلال عقود طويلة من محاولات حكام إيران على مرّ التاريخ الهيمنة على الشرق العربي، كانت هناك حقيقة مرة تقف أمامهم، وتمنع تقدمهم للسيطرة على موارد الشرق العربي وقيادته. كان الشاه يشكو بمرارة من عدم قدرته على قيادة شعوب المنطقة، الأمر الذي ذكر له مستشاروه أنه في غاية الصعوبة، لسبب بسيط وواضح، وهو أن «إيران شيعية والعرب سنة»، على وجه الإجمال. يذهب الشاه للتساؤل: وما السبيل إلى تجاوز تلك العقبة، فيجيئه الجواب: ذلك ممكن في حالة واحدة، وهي: «أن تتسنن إيران أو يتشيع العرب»، وهي المهمة المستحيلة في نظر الشاه. ومرت العقود ولم يتحقق حلم الشاه ومَن قبله من حكام إيران في السيطرة على المنطقة وقيادة العالم الإسلامي، للسبب الجوهري المذكور، ولصراع القوميات القديم. وجاء الخميني الذي كان مدركاً للحقيقة المرة التي عانى منها الشاه وأسلافه، وعارفاً بالحالة الوحيدة التي يمكن، من خلالها لإيران أن تبسط نفوذها كقوة إقليمية، وهي «تسنيين إيران أو تشييع العرب»، وذهب إلى خيار «تشييع العرب»، المغاير لحقائق التاريخ والجغرافيا، والذي غلَّفه الخميني بمادة أساسية من مواد الدستور الإيراني، وهي المادة التي تنص على وجوب «تصدير الثورة الإسلامية»، حسب نص الدستور، ظناً من الخميني أنه يمكن أن يجعل ثورته عالمية، بعد قيادة العالم الإسلامي، الذي سيحدث فيه تجانس ديني، يغير موازين القوى الطائفية لصالح مشروعه في «الحكومة الإسلامية العالمية»، وهي الرؤية التي لا تخلو من أحلام مثالية، غالباً ما تولد في المخيال الديني، عندما تشوبه شوائب الأيديولوجيا في إطاراتها السياسية. لا بد أن الخميني كان مُلمَّاً بتجربة الصفويين في تحويل إيران من «التسنن» إلى «التشيع» بالقوة، كما ورد في تاريخ إيران الوسيط. وبناء على ذلك، ولكي يمضي الخميني قدماً في تنفيذ مخططه، لوحظ أنه اهتم كثيراً بـ»تصدير الثورة» عبر الحدود الغربية -لا الشرقية – لإيران، وهي الحدود مع الدول العربية، ما يشير إلى رغبته المغلفة في تحقيق حلم الشاه، في السيطرة على العالم العربي، بمراكزه المقدسة، وهو الحلم الذي مات من دون أن يتيسر له تحقيقه، في ما تمكن الخميني وورثته من بعده من قطع شوط لا بأس به جهة تحقيق هذا الحلم الموارَب القديم. ليس الغرض من مبدأ «تصدير الثورة» في الدستور الإيراني خدمة «مذهب التشيع»، قدر ما هو نشر «مبدأ ولاية الفقيه» ولكي يتسنى للخميني العمل على تصدير ما يراه «تشيعاً»، في لباس ما يراها «ثورة إسلامية»، تحت مبدأ «ولاية الفقيه»، فقد أصر- أولاً- على التأسيس لتطييف المجتمع السياسي والشعبي في إيران، وحرص على أن يكون ذلك ضمن نصوص دستورية ترقى إلى مستوى القرآن، حسب نظره، لأنها كما يؤكد «مأخوذة عن القرآن» نفسه. ولكي يكون الانطلاق للخارج قوياً، لابد من ضمان الأسس الداخلية للانطلاق، بالعمل على تضمين الدستور الإيراني مواد تؤسس لتحويل المجتمع إلى لون مذهبي واحد، الأمر الذي نراه واضحاً في هذا الدستور، الذي ألزمت «المادة 115» منه الرئيس الإيراني بأن يكون مؤمناً، وعلى «المذهب الشيعي الجعفري»، وألزمت «المادة 121» الرئيس بأن يؤدي القسم التالي لكي يتولى مهام منصبه: «أقسم بالله أن أكون حامياً للمذهب الرسمي للبلاد». وهذه إشارة إلى أن «المذهب الجعفري الإثني عشري» في إيران فوق الدين، الذي هو الإسلام حسب الدستور الإيراني. وفي إشارة طائفية واضحة تشير «المادة 13» من الدستور الإيراني إلى أن «الإيرانيين الزرادشت، واليهود والمسيحيين هم الأقليات الدينية التي يحق لها وحدها حرية ممارسة شعائرها الدينية»، مع إغفال واضح لذكر «المسلمين السنة». ومن خلال تلك النصوص الدستورية الفاقعة في تطييف العمل السياسي في إيران، أراد الخميني أن يثبت رؤيته الخاصة للتشيُّع داخل إيران، لكي يمهد بذلك للمادة الخطيرة في دستور إيران، التي تنص على وجوب «تصدير الثورة الإسلامية»، بمفهوم الخميني الذي لا يرى التشيع إلا في «ثورته»، ولا يرى الثورة إلا في «ولاية الفقيه»، التي يعارضها أغلب مراجع الشيعة الكبار في العالم العربي، ولا يؤيدها إلا أتباع «التشيع السياسي» في المنطقة. ونحن عندما نرى أن الإيرانيين يحرضون على تصدير الثورة/ولاية الفقيه، خارج حدودهم الغربية، من دون أن يذهبوا إلى تصديرها خارج حدودهم الشرقية، فإن ذلك يعطينا انطباعاً واضحاً بأن المستهدف من تصدير الثورة هم العرب، وأن الهدف من تلك الثورة هو نشر التوترات الطائفية في العالم العربي، ليتسنى لإيران إحداث «فوضى طائفية»، للتمكن من إخضاع دول المنطقة بضرب نسيجها الاجتماعي، بأذرع إيران المليشاوية المسلحة، كما هو حاصل في العراق وسوريا واليمن، وتخريب بنيتها السياسية، في دول أخرى عن طريق أذرع إيران في تيارات «التشيع السياسي»، كما هو حاصل- في أوضح صوره- في لبنان. ليس الغرض- إذن- من مبدأ «تصدير الثورة» في الدستور الإيراني خدمة «مذهب التشيع»، قدر ما هو نشر «مبدأ ولاية الفقيه»، الذي فُصِّل ليخدم النظام في طهران، وليس الهدف من المبدأ خير ونفع الشعوب العربية، التي تحاول إيران استهدافها بتصدير ثورة الخميني إليها، ولكن تخريبها تمهيداً لإخضاعها لهيمنة طهران. ونحن إذا ألقينا نظرة عجلى على أوضاع البلدان التي تعاني من التدخل الإيراني، فسنجد أن هذا التدخل لم يجلب إلى تلك البلدان المدرسة والمستشفى والطريق المعبد، والاستثمار في البنية التحتية، بل على العكس، فإن المال الإيراني أصبح داعماً للفتن الطائفية، والحروب الأهلية، وتخريب المنظومات السياسية والاجتماعية، في مؤشر واضح على نية طهران من وراء «تصدير الثورة»، ومفهوم إيران لهذا المصطلح الذي يندرج ضمن سياقات التشيع السياسي لا الديني، أو سياقات التشيع الصفوي الاستعماري، لا التشيع العلوي الإيماني، أو لنقل إن مفهوم إيران لمصطلح «تصدير الثورة» يأتي في سياقات الأطماع السياسية للخميني، لا القيم الدينية للحسين الذي استنزفت شخصيته الأدبياتُ السياسية والأيديولوجية الإيرانية لخدمة أغراضها السياسية، داخل إيران وخارجها، وهو الأمر الذي بدأ الإيرانيون أنفسهم يدركون خطورته على بلادهم نفسها، ما جعل مئات آلاف الإيرانيين يخرجون- كل ما عنَّت مناسبة- في تظاهرات عديدة يحرقون صور الخميني وخامنئي، ويهتفون: «تسقط ولاية الفقيه». كاتب يمني من أسرة «القدس العربي»  |
| دماء الفلسطينيين طريق ليبرمان لخلافة نتنياهو؟ Posted: 14 Nov 2018 01:15 PM PST استقال أفيغدور ليبرمان، وزير «الدفاع» الإسرائيلي، رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» العنصريّ المتطرّف والشعبوي على خلفية قرار حكومة تل أبيب وقف عدوانها على الشعب الفلسطيني في غزة (إضافة إلى ذكره قضايا أخرى منها سماح حكومته بدخول 15 مليون دولار من قطر لدفع رواتب الموظفين الفلسطينيين في غزة). وكان مجلس الحكومة الإسرائيلية المصغّر «الكابينيت» قد حسب الخسائر الممكنة من هجوم جديد على غزة وارتأى وقف الهجوم رغم غضب مستوطني غلاف غزة الذين تظاهر المئات منهم احتجاجا مطالبين بمتابعة المذبحة، وكذلك رفض ليبرمان، الذي كانت وزارة الحرب الإسرائيلية هي مكانه الطبيعي لممارسة حقده العنصريّ الهائل على الفلسطينيين. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برّر القرار بأسباب لا يستطيع التصريح عنها حاليّا، بما معناه أن مصلحة إسرائيل الاستراتيجية تقتضي ذلك، مذكرا باتخاذ سلفه القديم، دافيد بن غوريون، قرارات «غير شعبية لكن ثبت أنها صائبة»، ويُفهم من ذلك أن حربا دموية جديدة على الفلسطينيين ستقلّب المشاعر ضد إسرائيل ورعاتها في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، كما أنها ستعرقل خطة الأخير المسماة «صفقة القرن» وبضمنها خطوات التطبيع المتسارعة مع الدول العربية (رغم وجود وجهة نظر تقول إن أكبر تلك الدول نفوذا، السعودية، كانت راغبة في هذه الحرب على غزة لتشتيت الأنظار عن قضية اغتيال جمال خاشقجي). الخلاف المستجدّ بين ليبرمان ونتنياهو، والذي يمكن أن يطيح بالحكومة الإسرائيلية، لا يغيّر من أن الرجلين هما من طبيعة واحدة، بل إن ليبرمان كان مديرا لمكتب نتنياهو خلال فترة ولايته الأولى (1996 ـ 1999)، وبالتالي فإنه أقرب إلى ابن سياسيّ لنتنياهو، ولديهما تشابهات كثيرة، منها، على سبيل المثال، الاتهامات المستمرة لهما بالفساد. أحد أسباب صعود ليبرمان، وهو المهاجر إلى إسرائيل عام 1978 من جمهورية مولدافيا السوفياتية السابقة، هو ارتكازه على «حاضنة شعبية» من اليهود أمثاله القادمين من الجمهوريات السوفياتية السابقة، وهو يحمل في شخصيته سمات الحقبة السوفياتية بما فيها من تسلط وعنف وعنصرية الأيديولوجيات الكولونيالية تجاه أصحاب الأرض الحقيقيين، ومن ذلك وصفه للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه «إرهابي دبلوماسي» وتحريضه على فلسطينيي النكبة عام 1948 الذين لا يوالون إسرائيل بالقول إنهم «يستحقون قطع رؤوسهم بالفأس». معلوم أن خطابات التوحّش والعنصرية والولوغ في الدماء والحروب الدائمة التي يتنافس زعماء إسرائيل على إطلاقها تلبّي طلبات سوق المستوطنين واليمين العنصريّ المتطرّف والجمهور الانتخابي الواسع (وهي حالة تتوسّع عالميّا)، لكنه معلوم أيضا أنه رغم الحروب الكثيرة التي لم تتوقف إسرائيل عن خوضها لم تستطع ولن تستطيع إلغاء الوجود الفلسطيني ولا كياناته السياسية، وإذا كان هذا الاستنتاج هو في صلب قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير، فإن استقالة ليبرمان هي في صلب العودة إلى سوق الجمهور الانتخابيّ. والمعنى أن اختيار ليبرمان لحظة غضب المستوطنين، ودفعه حكومة نتنياهو إلى احتمال السقوط، هو قرار انتخابيّ لشخص طامح سياسياً لخلافة معلّمه على جسر من دماء الفلسطينيين.  |
| انتخابات الكونغرس الأمريكي: طبيعة التغير Posted: 14 Nov 2018 01:13 PM PST بفضل انتخابات الثلاثاء 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 تغيرت قواعد اللعبة السياسية في الولايات المتحدة. إذ لم يعد بإمكان الرئيس الأمريكي المندفع وغير المتوازن التصرف بلا قيود. بفضل الانتخابات سيحسب الرئيس حساب المعارضة الديمقراطية الجديدة في مجلس النواب، هذه المعارضة لن تسمح له بالاستفراد في شؤون كثيرة على الصعيد الداخلي كما والخارجي. سيحد مجلس النواب الأمريكي بحلته الجديدة من التشريعات التي قد تضر بالديمقراطية وبحقوق الأقليات والمهاجرين، والضمان الصحي، بل سيمنع مجلس النواب الجديد التخفيض الضريبي المطروح من قبل إدارة ترامب لأصحاب الأموال الكبيرة. وسيتساءل مجلس النواب، بنفس الوقت، عن مدى تهرب الرئيس من دفع الضرائب عن أمواله. سيتساءل النواب عن قيام ترامب بالتأثير سلبا على العلاقة مع أوروبا والمكسيك (الجدار)، وفي حالات كندا، ثم مع الصين، ومن الطبيعي ان تبرز اصوات في مجلس النواب وفي اللجان تتساءل عن أسباب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته إدارة الرئيس السابق اوباما. وبنفس الوقت سيتساءل مجلس النواب عن سوء استخدام الرئيس ترامب للسلطة خاصة في مسألة العلاقة مع روسيا. كما سيتساءل المجلس عن صلاحيات كوشنر في قراءة تقارير المخابرات الأمريكية وتقديمها لقادة أجانب، وسيعمل مجلس النواب الديمقراطي لحماية المحقق مولار الذي يقود التحقيق حول العلاقة مع روسيا في ظل الانتخابات الرئاسية للعام 2016. ستلعب لجان المجلس التي سيقودها الجزب الديمقراطي، كاللجنة التشريعية، ولجنة المساءلة والمراقبة ولجنة المخابرات ولجنة الشؤون الخارجية دورا رئيسيا. هذه اللجان ستكون قادرة على استدعاء أي مسؤول ووزير في إدارة ترامب، كما أنها قادرة على الحصول على المعلومات ومن حقها أن توجه وتفرض وتمنع وتضع قيودا. وسيتم عمل اللجان بالعلن، لهذا ستؤدي اللجان والتساؤلات التي تثيرها لخلق رأي عام أمريكي أكثر انتقادا لسياسات البيت الابيض. لقد تداخل كل شيء في الوضع الأمريكي، فحتى العملية الدموية التي قام بها أحد الأمريكيين وأدت لقتل 11 مصليا يهوديا في أواخر الشهر الماضي في مدينة بيتسبرغ الأمريكية لم تحظ باهتمام البيت الأبيض كما لم تثر ردود فعل في إسرائيل. والسبب في ذلك مرتبط بكون الفاعل من الجماعات العنصرية البيضاء التي تدعم توجه الرئيس. أما نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي فقد فضل عدم التعامل مع قضية قتلى المعبد اليهودي وذلك لطبيعة علاقة نتنياهو بالانجيليين الأمريكيين ذوي التوجه المؤيد لإسرائيل، إن من قام بالعملية ضد المصلين اليهود من قاعدة الرئيس ترامب. وهذا يعني ان المزيد من اليهود الأمريكيين سينسحبون من معسكر ترامب/نتنياهو ويتجهون بصورة أكبر نحو المعسكر الديمقراطي الذي يخاطب التنوع والحقوق بصورة اكثر تقدما. مع الوقت ستكتشف المجموعات اليهودية الأمريكية مدى خطورة مشروع اليمين الإسرائيلي المتحالف مع اليمين الأمريكي العنصري والتيار الديني الانجيلي عليها. ستلعب لجان المجلس التي سيقودها الجزب الديمقراطي، كاللجنة التشريعية، ولجنة المساءلة والمراقبة ولجنة المخابرات ولجنة الشؤون الخارجية دورا رئيسيا وبسبب نتائج الانتخابات النصفية ستكون قضية تصفية جمال خاشقجي حاضرة خاصة وإن الحزب الجمهوري يتفق لدرجة كبيرة مع الديمقراطيين على ضرورة كشف الحقيقة. وهذا سيتم بتناغم مع الصحافة الأمريكية وتوجهات الرأي العام. وهذا يعني أنه من الممكن ان يقوم الكونغرس بفرض بعض الضوابط وربما العقوبات علي المملكة العربية السعودية في أمور التسلح وغيرها، وهذا يعني بأنه سيصبح ملف حقوق الإنسان والمعتقلين أكثر حضورا في أروقة الكونغرس. وستكون حرب اليمن والعلاقة مع إيران بكل أبعادها حاضرة أيضا في المشهد الخلافي الجديد حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. بالطبع سيسقط كل ما سبق لو نجحت المملكة بتغير عدد من سياساتها وإستبقت الضغوط في اليمن والحريات ومعاقبة من اغتال جمال خاشقجي، وينطبق ذات الأمر على حصار قطر. لكن هذا لا يبدو واضحا في هذه المرحلة، سييقى الشد والجذب في جميع هذه الملفات سيد الموقف، لكن الجديد اشتعال الاسئلة حول كل هذ الملفات من قبل مؤسسات الإعلام كما وفي أروقة الكونغرس الأمريكي والرأي العام الأمريكي والعالمي. في المرحلة القادمة سوف ينشغل الرئيس ترامب بالهموم الداخلية، سوف تشتت تركيزه نزاعاته مع الصحافة الأمريكية ومجلس النواب ومعارضيه، كما وستقع مزيد من الاستقالات في صفوف فريقه. لكن من جهة اخرى سيضطر الرئيس ان اراد النجاح في حده الأدنى للتحدث مع الأغلبية الديمقراطية والتوصل معهم لحلول وسط. وهذا بالطبع سيضر بأجندته الأحادية. هنا يبرز السؤال: هل يتجه الكونغرس لازاحة الرئيس قبل 2020؟ أن احتمال الإزاحة مازال غير وارد. لكن ذلك قد يتغير في حالة واحدة: ثبوت تهم كبرى على الرئيس بفضل تحقيقات المحقق مولار، واقتناع قادة الجزب الجمهوري في مجلس الشيوخ بضرورة الإزاحة. في هذه الحالة سنجد تعاونا كبيرا بين الديمقراطيين والجمهوريين وبالتالي بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ. لقد إنبثق في الولايات المتحدة الأمريكية مناخ ديمقراطي جديد. هناك قوى جديدة نجح الحزب الديمقراطي ببراعة في دفعها للأمام، هذه القوى مكونة من الشباب والنساء والنشطاء والأقليات. إن وصول مسلمتين واحدة من جذور صومالية والاخرى فلسطينية لمجلس النواب إشارة واضحة لطبيعة التغير الذي يمس قاعدة المجتمع الأمريكي. هذه التطورات ستنعكس على طريقة تعامل أمريكا مع الفوارق الطبقية والعدالة الاجتماعية والفساد وسوء استخدام السلطة، لكن لهذه التغيرات أثر على السياسة الخارجية والعلاقات مع دول ومجتمعات الشرق الأوسط. يبدو ان الرئيس ترامب، بفضل هذه الانتخابات وبفضل سياساته قد فقد فرص اعادة انتخابه في 2020. لكن بنفس الوقت يجب مراقبة صراع القوى في الولايات المتحدة من الان ولغاية انتخابات 2020، ففي الولايات المتحدة مفاجآت قادمة. استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت  |
| طريق السلام Posted: 14 Nov 2018 01:12 PM PST يعرف العقلاء في إسرائيل، ان الطريق الذي يسلكه رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، والسياسة التي ينتهجها، لا توصل الى السلام، الذي يجعل من إسرائيل دولة آمنة، وواحدا من مكونات الشرق الاوسط، تنعم بالاستقرار، وتواصل تقدمها، وتضمن مستقبلا واعدا لابنائها، خارج الدبابة المصفحة، التي يقضي الإسرائيليون القسم الاكبر من حياتهم فيها. طريق السلام لا يمر بالعاصمة العُمانية، مسقط. كذلك لا يمر بهذه العاصمة العربية او تلك. طريق السلام الحقيقي، السلام الذي يجلب الاستقرار، ويشرّع الابواب لمستقبل آمن ومضمون، يمر برام الله والناصرة، يمر بنابلس والخليل وغزة، يمر بمخيمات عين الحلوة والوحدات واليرموك. هذه هي خريطة الطريق الوحيدة.. أُكرِّر: الوحيدة، التي توصل الى السلام. تجاوز هذه المحطات، او أي واحدة منها على هذا الطريق، ليست الا هرباً الى الامام، وتخديراً للإسرائيليين، تحت وهم سعي نتنياهو وحكومته اليمينية العنصرية، (التي بدأ عقدها بالإنهيار ظهر امس)، الى السلام. اكثر من ذلك: فإن هذا القفز بالمظلات، في عواصم عربية بعيدة وقريبة، يهدف، حسب ما كان يلمّح نتنياهو سابقا، واصبح يصرح علانية في هذه المرحلة، الى بناء حلف يجمع إسرائيل و«دول الاعتدال العربية السُّنية»، يحمل في ثناياه، بل يقوم اساسا وبالكامل تقريبا، على محتوى سلبي. فهو، في حالتنا الراهنة، تحالف سلبي المنطلق والتوجّه، ليس فيه شيء من الايجابية: انه تحالف ضِد، وليس تحالفا من اجل. تحالف ضد إيران، وليس من اجل السلام والهدوء والاستقرار. وهو إعداد لشن حرب عليها، (وهي، الى ذلك، حرب لن تقع، في اعتقادي، لاسباب عديدة، ليس هنا مجال عرضها). هذا التحالف، (اذا نجحت إسرائيل، بمساعدة أمريكية، من إقامته، فإنه سيكون «بشرى» للإسرائيليين وابنائهم، وربما لاحفادهم ايضا، بانهم سيبقون محشورين في دباباتهم وملاجئهم لاكثر من عشرين، وربما ثلاثين سنة مقبلة. للسلام طريق. وللسلام ايضا قواعد واساسات، لا يكتمل ولا يستمر ولا يقوم، بالتالي، الا إذا توفرت. هذه الاساسات اربعة: 1ـ اعتراف إسرائيل والحركة الصهيونية، بمسؤولية اساسية وكبرى، (حتى لا نقول كاملة)، عن نكبة الفلسطينيين المتواصلة على مدى ثلاثة اجيال، حتى الآن، غطت اكثر من قرن من الظلم والمعاناة، منها اكثر من سبعين سنة من اللجوء والشتات وتقطيع وحدة الشعب الفلسطيني ووطنه التاريخي، وتحويل من بقوا في ارض وطنهم الى اقلية مهضومة الحقوق، وتعاني من التمييز العنصري على كل الاصعدة. 2ـ تقديم الإعتذار الرسمي لجميع ابناء الشعب الفلسطيني، عن كل ما تقدم. 3ـ اعلان إسرائيل الاستعداد الكامل للتعويض على الفلسطينيين عن كل ما خسروه وعن كل ما تعرضوا له من ظلم وتمييز. حيث يكون التعويض باشكاله الثلاثة المعروفة: بعضه بالإعادة، وبعضه بما هو مثله، وبعضه الأخير بما هو قيمته. وبما يضمن لإسرائيل استمرار وجودها كدولة آمنة باغلبية يهودية لسنين وعقود مقبلة. طريق السلام الحقيقي، السلام الذي يجلب الاستقرار، ويشرّع الابواب لمستقبل آمن ومضمون، يمر برام الله والناصرة، يمر بنابلس والخليل وغزة، يمر بمخيمات عين الحلوة والوحدات واليرموك 4ـ تأكيد الاستعداد للدخول في مفاوضات جدية وصادقة للتوصل الى اقامة سلام عادل ودائم، ينتهي الى اتفاقية سلام يضمن الأمن والأمان لإسرائيل وللإسرائيليين، ويوفر لفلسطين وللفلسطينيين التحرر والاستقلال والاستقرار، ويفتح لهم باب التقدم والازدهار، خلال فترة زمنية محددة ومعقولة. لكن هذا هو طريق السلام، وهذه هي القواعد والأسس التي لا يمكن ان يقوم ويستقر ويستمر بدون أي منها. اعرف ان انجاز ذلك ليس هيّنا ولا سهلا. لكن القضية الفلسطينية ليست هيّنة ولا سهلة. اكثر ثلاث قضايا عصرنا تعقيدا هي: ـ قضية الجزائر والاستعمار الاستيطاني الفرنسي الذي تعرضت له، واستمر 132 سنة. ـ قضية فيتنام وصراع القوى العظمى على ارضها، بوقود اساسه ابناء فيتنام بشقيها الشمالي والجنوبي. ـ قضية جنوب افريقيا وحكم الاقلية البيضاء، وفق نظام التمييز والعزل العنصري، الابرتهايد. لكن كل تعقيدات هذا القضايا الثلاث المعقدة اصلا، تتكثف وتتجمع في بوتقة واحدة، هي قضية فلسطين. من هنا فان أي محاولة للبحث عن حلول سهلة لقضية غاية في التعقيد، هي محاولات عبثية غير مثمرة، وكلما استمرت هذه القضية دون حل، ازدادت تعقيدا وازداد عدد الضحايا فيها. اضافة الى كل ذلك، فانه لا ضمانة بان يظل المنتصر في هذه الحقبة، متربعا على منصّة الانتصار في العقد او العقدين المقبلين. اذ ماذا لو حصل تطور جذري غير متوقع، على شكل كثير من التطورات الهائلة غير المتوقعة، ابتداء من انهيار المعسكر الاشتراكي، وانتهاء بتولي مهووس، مثل دونالد ترامب، مسؤولية اتخاذ القرار في القوة الاكبر في العالم؟ ماذا لو تولى هذه المسؤولية مهووس او عاقل من المعسكر المقابل؟. ثم ماذا لو حدثت تطورات غير محسوبة ومتوقعة، تعزز منظومة صواريخ أس أس 300 الدفاعية في سوريا، بصواريخ إس إس 400 او 600. واخطر من ذلك: ماذا لو تم تعزيز هذه الصواريخ الدفاعية بمنظومات هجومية بنفس المستوى التقني؟. لا مصلحة للإسرائيليين في توجهات حكوماتهم، وخاصة حكومتهم اليمينية العنصرية الحالية، التي بدأت في الانهيار امس، في بناء تحالفات، وحياكة مؤامرات مع حكومات وقادة، في الخليج العربي، او المشرق او المغرب العربي، في محاولات محكومة بالفشل، للقفز فوق حقوق الشعب الفلسطيني، وفوق قناعات الجماهير العربية في الخليج وفي مشرق العالم العربي ومغربه. قد يكون من الجدير في هذا السياق، تذكير الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين ايضا، بما ورد في مقال للكاتبة الإسرائيلية، كارولين غليك، في جريدة «معاريف» الإسرائيلية، يوم 26 تشرين الأول/اكتوبر الماضي، حول دوافع وابعاد قرار الملك الأردني، عبدالله الثاني، بعدم تجديد عقد تأجير اراضٍ في منطقتي الباقورة والغمر الأردنيتين الى إسرائيل. تقول غليك: «خطوة الملك عبدالله جاءت في اجواء كراهية إسرائيل واليهود في الأردن. استطلاع معهد بيو الذي أجري سنة 2014 كشف ان 100٪ من مواطني المملكة الهاشمية يكرهون إسرائيل واليهود»… هذا الوضع في الأردن لا يختلف، في تقديري، عن الوضع في أي دولة عربية اخرى، في الخليج او غيره. وعقد تحالفات، مع حاكم هنا او حاكم هناك، في تناقض كامل مع ارادة الجماهير العربية، بسبب محاولات إسرائيل تجاوز الجسر الفلسطيني.. تجاوز خارطة وطريق واسس السلام الحقيقي. كاتب فلسطيني  |
| تجار الحروب إذ يحتفلون بالسلام Posted: 14 Nov 2018 01:11 PM PST يا للعالم لا يتوقف فيه اختلاط مشاهد الدراما بمشاهد الكوميديا. فمنذ بضعة أيام تجشم قادة سبعين دولة، مع جيش من الحاشية والمساعدين والسائحين المتفرجين، عناء السفر إلى باريس ليحتفلوا بمرور مئة عام على حلول سلام لم يساهموا في صنعه، ولا في تثبيته، ولا في حمايته. سلام تبعته حرب عالمية ثانية، فاقت في دمارها وعدد موتاها ما حصدته الحرب الكونية الأولى، ثم تبعت ذلك عشرات الحروب والصراعات شبه الكونية والإقليمية والمحلية، التي لايزال بعضها معنا إلى يوم احتفالنا الباريسي ذاك. قمة عبثية ذلك الاحتفال هي في وجود عدد من الحاضرين المنافقين ممن يساهمون يوميا في تأجيج الحروب والصراعات عبر العالم كله، وعلى الأخص عبر وطننا العربي المست هدف المنكوب، وفي تصنيع وبيع السلاح لكل من يدفع الثمن، من دون ضوابط قيمية إنسانية وأخلاقية، وفي تباهي بعضهم المقيت. بأهمية الدور الذي تلعبه صناعة السلاح في اقتصاد بلدانهم، وفي الدعم اللا محدود لأبحاث وتطوير تكنولوجيا السلاح ليمتلك كفاءة وفاعلية أكبر في قدراته التدميرية للعمران والإنسان. فإذا أضيف إلى ذلك تواطؤ بعضهم مع مؤسسات استخباراتهم، لخلق وتدريب وتمويل وتسليح شتى أنواع الميليشيات الإرهابية الإجرامية لتدمير هذا البلد، أو لزعزعة ذلك النظام أو لاغتيال السياسيين والعلماء والصحافيين والشباب المناضلين الأحرار، أدركنا حجم النفاق وتنوع الأقنعة وكذب الخطابات في ذلك السيرك الباريسي الرافع، زورا وبهتانا، لشعار نبيل كشعار السلام. هل حقا أن تاريخ الإنسانية ، منذ التوقيع على سلام 1918 وعبر مئة سنة، يستحق أن يحتفى به؟ أليس ما رآه هذا العالم إبان تلك الفترة القصيرة يؤكد ما قاله الفيلسوف كانت عن التاريخ، من أنه «محاك من حماقات وغرور وشرور بشرية، وأن التاريخ ليس سجلا للحكمة الإنسانية، وأن أي تقدم حصل لا فضل فيه للبشر وإنما لقوانين وخطة الطبيعة التي ينفذها البشر»، بل، ويا لسخرية القدر، فإن الذي حصل في المئة سنة الماضية يناقض ما قاله الفيلسوف الفرنسي الشهير فولتير من أهمية العقل في التاريخ، إذ لم ير العالم طيلة المئة سنة تلك إلا عنفوان وبلادات اللاموضوعية، وإلا جرائم التوحش البربري اللاإنساني. ما يحتاجه العالم هو إشعال شعلة المشاعر الإنسانية العادلة الخيرة الأخلاقية في قلوب المسؤولين والشعوب نحن العرب بالذات، صدقنا بعفوية وبراءة وعود وخطابات الذين وقعوا على وثائق ذلك السلام يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1918. وإذا بالذين وقعوا يطعنوننا في الخاصرة، فيقسموا مشرق وطننا العربي عن طريق اتفاق سايس – بيكو الشهير. فلا بريطانيا المنتصرة وفت بوعودها، ولا فرنسا الخارجة من ويلات الهزيمة تعلمت الدرس. وما أن مرّت بضع سنوات على تلك الاتفاقية التجزيئية الاستعمارية المشؤومة حتى فاجأنا غرب «السلام» نفسه بزرع كيان استعماري استئصالي صهيوني في فلسطين العربية المحتلة، تعويضا لليهود عن جرائم ارتكبها بحق بعضهم الغرب الأوروبي ذاته الذي دشن قرن ذلك السلام المزعوم. ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فقد نصّب الغرب نفسه كمانع لأي وحدة عربية من أي نوع كان، وفي أي مكان، وكان عرابا لكل مصالحة أو تطبيع أو سلام مع الكيان الصهيوني، الذي ابتلع أكثر من خمسة وثمانين في المئة من أرض فلسطين العربية التاريخية، ويحتل الجولان وأجزاء من جنوب لبنان، وأخيرا أصبح الغرب، ممثلا بأمريكا، أداة من أدوات إنهاء القضية الفلسطينية، على حساب أربعة عشر مليونا من الفلسطينيين. كما أن دماء الضحايا تقطر من يد هذا الغرب بتدخلاته ومؤامراته في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها، وبألاعيب استخباراته وتناغم خططها مع ألاعيب وخطط مجموعات من الجهاديين المحسوبين، كذبا وتلفيقا، على دين الإسلام. فهل بعد كل ذلك يراد لنا أن نرحب ونصفق ونهلل لاجتماع السلام في باريس، بعد أن خبر العالم نتائج ومصائب سلام 1918؟ وبعد أن اكتوينا، نحن العرب، بنيران بعض دول الغرب التي حرقت الأخضر واليابس في أرضنا، ومنعت وحدة أمتنا ونهوضنا من تخلفنا التاريخي بشتى الحيل والتبريرات؟ ما يحتاجه هذا العالم ليست تلك الشعلة التي تحترق ليلا ونهارا فوق قبر الجندي المجهول، تحت قوس النصر، في شارع الشانزلزيه الجميل الأنيق. ما يحتاجه العالم هو إشعال شعلة المشاعر الإنسانية العادلة الخيرة الأخلاقية في قلوب المسؤولين والشعوب، وعلى الأخص مسؤولي وشعوب دول القوة والجاه والغنى الغربية الماسكة برقاب العباد، التي لا تشبع ولا ترتوي من ثروات الآخرين الفقراء الضعاف المغلوبين على أمرهم. الكثيرون من الذين وقفوا في باريس ليرفعوا راية السلام يحتاجون أولا إنزال رايات الحروب التي ترفرف فوق رؤوسهم، كفى نفاقا وتدليسا ولبس أقنعة وانتهازية سياسية، فقد اتخموا العالم بتلك الرذائل وأوصلوه إلى مراحل الغثيان. كاتب بحريني  |
| النظام العربي يفككك الأزمات الإسرائيلية Posted: 14 Nov 2018 01:10 PM PST معروف أن دولة الكيان الصهيوني، ورغم مرور سبعة عقود على إنشائها القسري، لم تستطع التخلص من أزماتها البنيوية والوجودية بمختلف مجالاتها. وفي الوقت الذي تبدو فيه إسرائيل في عزلة دولية، بسبب مذابحها بحق شعبنا، وسياساتها المتعجرفة، وتصريحات قادتها العنجهية، يأتي النظام الرسمي العربي ليفتح لها الفضاء العربي، تسرح وتمرح في أنحائه، بحيث تتفكك هذه العزلة. كل ذلك على الرغم من رفضها حتى لما يسمى بـ»مبادرة السلام العربية»، ورفضها كافة الحلول مع الفلسطينيين، وتصريحات نتنياهو التي باختصار يحتقر فيها العرب! ساعیا بغیر كلل لاستغلال حال الھوان العربي الراھنة، التي يترجمها بعض العرب في المنطقة، عبر التقرب لإسرائیل ظناً منھم، أننا نعیش عصر الأسرلة. في هذا الوقت يسارع ھؤلاء لطمس الطبیعة العدوانیة، لاحتلال عنصري استیطاني إحلالي كولونیالي، صارفين النظر عن جرائمه، مهرولين وهم يرفعون الرايات البيضاء، مستسلمين لمخططاته العدوانية. ورغم توصيفات نتنياهو لهم «بأن القوة هي الأمر الأهم في السياسة الخارجية الإسرائيلية للتعامل مع العرب، وأن تسمية إسرائيل بدولة احتلال، هي ترّهات ليس إلا!»، مضيفا في مقارنة تعكس عنجهية القوة التي يستشعرها ودولته أمام نظام عربي خانع ومستسلم ومستجيب لما يريد، من دون إبداء أي ردود فعل بما يعنيه ذلك من موات! يضيف قائلا «توجد دول عظمى احتلت وبدّلت السكان، ولا يتحدث أحد عنها.. ويواصل رئيس الحكومة الاحتلالية السوبر متطرفة قائلا: القوة هي المفتاح، القوة تغير كل شيء في سياساتنا حيال دول العالم العربي». هذا مع نسيان عربي تام ومقصود لاتهامات الفساد والرشوة، وإساءة استخدام السلطة، والتحقيقات التي تقوم بها دوائر الشرطة معه! بما يهدد مستقبله السياسي، وبذلك يفككك النظام الرسمي العربي أزمات نتنياهو، باستقباله في العواصم العربية، ما يرفع من أسهمه في الشارع الإسرائيلي، لذلك، فإن استطلاعات الرأي الإسرائيلية الحديثة، تؤكد فوزه في حالة إجراء انتخابات نيابية في هذه المرحلة. لم يقل نتنياهو القوة تجاه إيران أو تركيا، أو يذكر دولة أخرى، فقط الدول العربية هي التي يتعامل معها من منطلق القوة، وليس أي وسيلة أخرى غيرها. النظام الرسمي العربي بعلاقته المتطورة مع إسرائيل، فإنما يعطي شرعية لها وشيكا على بياض لما ستقترفه دولة الكيان الصهيوني من زاوية أخرى، فإن أشدّ الأسلحة تأثيرا على إسرائيل، هو سلاح المقاطعة في مختلف المجالات الاقتصادية، السياسية، التعليمية وغيرها. الأمر، الذي حدا بدولة الكيان الصهيوني إلى استنفار طاقاتها وحلفائها في سبيل محاربتها، بدءًا من إصدار تعليمات إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية لتكون مواجهة المقاطعة أولوية لها، مرورا بإصدار الكونغرس الأمريكي قرارا بمقاطعة كل دولة تلتزم بمقاطعة إسرائيل، وصولا إلى منع المقاطعين من دخول الدولة الصهيونية، إلى جانب الكثير من الخطوات العقابية الأخرى. ولتأثير المقاطعة نورد نماذج قليلة منها: ما قالته حركة المقاطعة من أن حملاتها كانت عاملًا رئيسيًا في انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 46% سنة 2017 مقارنة بسنة 2016. كذلك، نسب البنك الدولي جزئيًا انخفاض الواردات الفلسطينية من الشركات الإسرائيلية بنسبة 24% إلى حملات المقاطعة. وتنبأت تقارير صادرة عن الحكومة الإسرائيلية ومؤسسة «راند» الأمريكية، بأن حركة المقاطعة ستكلف الاقتصاد الإسرائيلي مليارات الدولارات خلال الأعوام المقبلة. وقال تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية في عام 2015 (نشره موقع «جيروزاليم تايم» الإسرائيلي)، إن المقاطعات الطوعية من قبل الدول الأوروبية، التي تطال سلسلة متاجر أو بعض السلع المنتجة في مستوطنات الضفة الغربية، أدت إلى أضرار تعادل نحو 147 مليون دولار سنوياً، وحوالي 430 شخصا يمكن أن يفقدوا وظائفهم في وقت لاحق. أما مقاطعة جميع دول الاتحاد الأوروبي للمنتجات في المستوطنات فيمكن أن ترفع الخسائر إلى 571 مليون دولار، مع خسارة 1800 وظيفة. أما إذا قاطع الاتحاد الأوروبي جميع المنتجات الإسرائيلية ووقف الاستثمارات الأجنبية، سيكون 36500 شخص عاطلين من العمل، وسوف يفقد الاحتلال 11.4 مليار دولار من الإيرادات سنويا. ويشرح تقرير نشرته «سي أن بي سي» الأمريكية في يوليو/ تموز الماضي، أن الأثر التراكمي بين عامي 2016 و2024، في سيناريو المقاومة عبر المقاطعة سيكلف الاقتصاد الإسرائيلي حوالي 80 مليار دولار، منها نحو 44 مليار دولار تعود إلى خدمات تنمية الأعمال التجارية، كل هذا، إضافة إلى انسحابات للشركات من إسرائيل بالجملة، وخسارة عقود واستثمارات، ومقاطعة رجال علم، وفنانين ورياضيين وغيرهم. النظام العربي الرسمي في تطبيعه مع إسرائيل، يسحب الأساس المادي والأخلاقي من مبدأ المقاطعة، فلسان حال المقاطعين يقول: لن نكون ملكيين أكثر من الملك ولن نكون عربا أكثر من العرب. على صعيد آخر، شكلت «الهجرة المعاكسة» من إسرائيل أزمة وجودية طالما شغلت وتشغل الأوساط الحكومية والأمنية الإسرائيلية، باعتبار إسرائيل «دولة كل اليهود في العالم» وبالتالي فإن استمرار تدفق العنصر البشري إليها ضرورة وجودية، وفيما تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية، وطالما حكمت العلاقات مع الفلسطينيين والدول العربية، أجواء الحروب العدوانية التي تشنها إسرائيل على الطرفين بين الفينة والأخرى، وطالما عاشت إسرائيل ظروف افتقاد الأمن والأمان، فإن نسبة غير قليلة من الشبان اليهود سيستمرون في الشعور بفقدان الأمن، كما الشعور بانتمائهم الى «وطنهم»، ما يدفعهم الى توجيه الدفة نحو دول أخرى. وفي الذكرى السبعين للنكبة، كشفت تقارير رسمية أصدرتها «الدائرة المركزية الإسرائيلية للإحصاء» بشأن العام الماضي 2017 أن «عدد الإسرائيليين الذين غادروا يزيد عن عدد الذين عادوا إليها بـ6300 شخص، وأن المهاجرين الجدد يميلون إلى مغادرتها بنسب أعلى من القدامى»، وأن «متوسط عمر الذين غادروا كان 28 عاما، يشكل الذكور 53 % منهم». كما كشف التقرير أن»عدد الإسرائيليين الماكثين خارج البلاد في نهاية عام 2016 يقدر بنحو 560 – 596 ألفا لا يشمل الأطفال الذين ولدوا في الخارج». كذلك، بينت الدائرة أنه «للمرة الأولى منذ عام 2009 تم تسجيل ما يطلق عليه» ميزان هجرة سلبي»حيث أن عدد الذين تركوا البلاد كان أكثر من الذين هاجروا إليها. إن النظام الرسمي العربي بعلاقاته الإسرائيلية يعطي الضمانات لدولة الكيان الصهيوني بالاستقرار والأمن، باعتبار إسرائيل الدولة الأهم في المنطقة! بالتالي فمن المتوقع زيادة الهجرة إلى إسرائيل وانخفاض معدلات الهجرة منها. غني عن القول، إن إسرائيل بسنّها «قانون القومية» العنصري الفاشي واستكماله بقوانين مثل: قانون «الولاء في الثقافة» وقانون «تخفيف محكوميات السجناء اليهود» دون الفلسطينيين العرب، أسس قانونيا لاحتلال كل أراضي فلسطين التاريخية! وأن النظام الرسمي العربي بعلاقته المتطورة مع إسرائيل، فإنما يعطي شرعية لهذا الاحتلال، وشيكا على بياض لما ستقترفه دولة الكيان الصهيوني، إن من حرب إبادة جماعية تقترفها ضد الفلسطينيين، أو إجراء أي ترانسفير بحقهم، أو حتى احتلال أراضٍ عربية جديدة، وتسويغ قرار ضم القدس وهضبة الجولان العربية السورية إلى إسرائيل، واستمرار احتلال مزارع شبعا اللبنانية، وتثبيت مبدأ «القوة، والقوة فقط» في التعامل الإسرائيلي مع العالم والبلدان العربية، هذا المبدأ الذي أقرّه كل زعماء الحركة الصهيونية، قدماءهم وحديثيهم، باعتبار «العرب لا ينصاعون إلا للغة العصا»! للأسف، لم يقرأ النظام الرسمي العربي، ولا يقرأ! كما أن قرارات حكامه، في حقيقتها انصياع لأوامر التبعية، التي تنقل بالحرف كل المخططات الصهيونية إلى المتلقين العرب، الذين لا يعتبرون ولا يناقشون شيئاً. الحصيلة أن الولايات المتحدة والرئيس ترامب شخصيا والإدارة الصهيونية المتصهينة بدأوا فعليا في تطبيق «صفقة القرن» التصفوية للقضية الفلسطينية، من خلال الباب الواسع العربي في القيادة الرسمية العربية. في تاريخ إضاعة فلسطين في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كان للحكومات العربية، الدور الأكبر في المساعدة على إنشاء إسرائيل وإقامة دولتها! بفعل الاستجابة لمتطلبات التبعية لبريطانيا. ولا يتسع المجال هنا في تفصيل ذلك، فالقضية بحاجة إلى مقالة طويلة أو بحث، والأحداث في غالبيتها معروفة وموثقة في كتب صدرت قديما وحديثا! هذا لا يعني على الإطلاق، الجنود العرب البسطاء، الذين خاضوا المعارك في فلسطين من أجل مجابهة المخططات البريطانية الاستعمارية الصهيونية، ومن أجل الشرف والكرامة العربية، ومن أجل فلسطين حرّة عربية، ولا المتطوعين من مختلف أقطار الوطن العربي، والعالم الإسلامي، الذين قاتلوا ومنهم استشهدوا من أجل فلسطين. نقول للقائمين على النظام الرسمي العربي: «أكلتم يوم أكل الثور الأبيض». كاتب فلسطيني  |
| احتفالات غزة وخذلان ليبرمان Posted: 14 Nov 2018 01:09 PM PST خلال إعلان استقالته يوم أمس الأربعاء، قدم وزير الحربية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان نفسه كضحية لتخاذل بنيامين نتنياهو والقادة العسكريين، لأنهم رفضوا منحه فرصة توسيع دائرة المواجهة مع قطاع غزة وخضعوا للإرهاب، وذلك من خلال الموافقة على إدخال الأموال والبترول القطري إلى القطاع، رغم معارضته، ثم وافقوا على اتفاق لوقف إطلاق النار الأخير من دون رغبته، الأمر الذي يعني أنه ليس صاحب قرار في هذه الحكومة، علما بأنه كافح كثيرا للوصول إلى هذا المنصب، مهدّدا ومتوعدا حركة المقاومة، إلا أن تكرار المواجهات بين حين وآخر من دون أن يستطيع تنفيذ تهديداته، جعله مثارا للسخرية، فهو يعرف أن ناخبيه سوف يسألونه عن وعوده بالقضاء على المقاومة خلال ثمان وأربعين ساعة، وسيبدو ضئيلا إلى جانب نتنياهو، الذي سعى ويسعى لتحجيم كل منافسيه على القيادة، ليبقى الوحيد صاحب النفوذ والشخصية الأقوى. في الوقت ذاته، قال نتنياهو بأن هناك أسبابا جعلته يتقبل وقف إطلاق النار، ولكن ليس بالضرورة أن يعرف الجمهور التفاصيل، وهذا في رده على المظاهرات في قرى ومدن غلاف غزة اليهودية، احتجاجا على وقف إطلاق النار، التي تطالب بوضع حد لحالة عدم الاستقرار. هناك أسباب عديدة حدت بالقيادة الإسرائيلية لوقف إطلاق النار. ـ أولا، هناك مفاوضات ووساطة مصرية منذ أشهر لعقد اتفاق هدنة طويلة الأمد بين المقاومة وإسرائيل، تشمل تبادل أسرى، وتوسيع المواجهة يعني نسف هذه الوساطة وهذه الإمكانية، وتعني استهتارا بدور مصر ووساطتها، وهو ما يحاول نتنياهو أن يتحاشاه، وذلك لأن هناك تنسيقا إسرائيليا مصريا يريد المحافظة عليه، يقول إنه لم يكن بهذا التناغم حتى في زمن مبارك. ـ ثانيا، من مصلحة نتنياهو مواصلة الانقسام الفلسطيني وتعميقه، وانتظار الغليان الذي يسبّبه الحصار من داخل غزة، ومنح الانقسام فرصة أكبر للمزيد من التفاعل، بينما توسيع رقعة المواجهة على غزة، سيرفع منسوب التضامن والتعاطف مع المقاومة، خصوصا أنها لم تبادر للهجوم، بل كانت في موقف دفاعي، والأهم أنها نجحت في إفشال الهجوم. ـ ثالثا، توسيع المواجهة يعني دخول قوات برية، وخسائر كبيرة في صفوف القوات المهاجمة، خصوصا بعد ظهور صاروخ كورنيت الفعّال ضد الدروع. ـ رابعا، الهجوم يعني سقوط آلاف المدنيين الفلسطينيين بين قتيل وجريح، وهذا سيشكل نوعا من الضغط على حركة التطبيع التي انتعشت في الأشهر الأخيرة، وكان آخرها زيارات مسؤولين إسرائيليين كبار لعُمان وأبو ظبي ويراها نتنياهو من أهم إنجازاته. ـ خامسا، نتنياهو يريد رأس إيران، ويحاول تجنيد أوسع تحالف في مواجهتها، وهذا يحتاج بالأساس إلى تعاون عربي، بينما مواجهة واسعة مع غزة ستصرف الأنظار عن إيران، التي أصبح التركيز عليها أكثر ضرورة، بعد الخلاف الذي نشأ مع روسيا فوق الأرض السورية، إذ أن ضرب قوافل السلاح المنقولة إلى حزب الله على الأرض السورية، بات مشكلة بعد إسقاط الطائرة الروسية وما تبعها من تطورات. ـ سادسا، يوجّه نتنياهو الأنظار إلى مصانع سلاح حزب الله في لبنان، ويطالب الحكومة اللبنانية بتفكيكها، وإلا سيضطر لضربها، وهذا يعني أن هناك تخطيطا ما يدور بالنسبة لمصانع السلاح التابعة لحزب الله في لبنان، وهي عقدة ليس من السهل التغلب عليها، ويرى فيها أكثر إلحاحا من قضية قطاع غزة. ـ سابعا، رغم دعم أمريكا المطلق، وإعلانها التقليدي عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلا أن أصحاب القرار في إسرائيل، يهتمون بأن يجدوا غطاء قبل أي عملية واسعة، مثل استدراج المقاومة من خلال عملية تفجير، ورد المقاومة بقصف، ثم الرد على الرد وهكذا، هذه الذريعة ضرورية للتغطية الخارجية على العدوان عربيا ودوليا، كذلك فهي مهمة داخليا، لأنه في حال سقوط عدد كبير من القتلى في الجانب الإسرائيلي من عسكريين ومدنيين، هناك من سوف يسأل إذا ما كانت العملية الواسعة ضرورية، وإذا لم يكن بالإمكان تجنّبها، وفي هذا الحالة، كان واضحا أن إسرائيل هي التي بادرت وخرقت اتفاق وقف إطلاق النار. يحق للمقاومة أن تحتفل في امتحان التحدي فبعد سنوات من الحصار، ترد على العدوان بالمثل، وتؤلم الاحتلال ـ ثامنا، ظهور أسلحة أكثر دقة وفاعلية في الميدان مثل صاروخ كورنيت وصواريخ أكثر دقة وتملّصا من القبة الحديدية، يوجب القيام بدراسة عسكرية وتخطيط مدروس، وعدم القيام برد فعل عاطفي قد يجبي ثمنا باهظا في الأرواح لن يستطيع نتنياهو تحمّله ويهدّد كل إنجازاته. ـ تاسعا، بالموافقة على وقف إطلاق النار يكون نتنياهو قد وضع ليبرمان أمام خيارين، إما أن يعترف بأنه ليس صاحب قرار ويبقى في الحكومة وهكذا يقضي عليه، أو أن يدفعه لتقديم استقالته وحزبه من الحكومة، الأمر الذي قد يعني تقريب موعد الانتخابات، وهذا هدف أيضا يريده نتنياهو كي يأخذ تفويضا جديدا من الشعب، بعد كل ما مرّ عليه وعلى مساعديه من تحقيقات في قضايا الرشوة التي لم تغلق كلها بعد. بعد هذا، يحق للمقاومة أن تحتفل في امتحان التحدي، فبعد سنوات من الحصار، ترد على العدوان بالمثل، وتؤلم الاحتلال، وتربك حياة مئات آلاف الإسرائيليين، وترغم الحكومة على التفكير مليا قبل المغامرة في دخول قطاع غزة وترغم ليبرمان على الاستقالة. يبدو أن من خططوا للعملية الأخيرة ونفذوها لم يأخذوا في الحسبان إمكانية فشلها وحدوث ما حدث من تداعيات، وبلا شك أن نتنياهو كان على دراية بها. وأغلب الظن أن الهدف كان اختطاف قيادي من المقاومة، وهذا يذكّر باختطاف ديراني ومطلب مبادلته بالطيار رون أراد، وهي عملية لم تحقق هدفها في حينه. أخيرا، في الوقت الذي أعلن وزير الحربية الإسرائيلي مرارته واستقالته واعتبر أن حكومته خضعت للإرهاب، تلتف جماهير القطاع حول المقاومة، فالشعب الذي يشكل اللاجئون معظم أبنائه لا يرى في المقاومة سببا لمأساته، ويعرف جيّدا أن الاحتلال، هو سبب مآسيه أولا وأخيرا، وهو الذي يتحمّل المسؤولية عن كل ما جرى وما يجري وسيجري من مآسٍ وآلام. كاتب فلسطيني  |
| سيناريوهات لنظام جديد للشرق الأوسط Posted: 14 Nov 2018 01:06 PM PST من زاوية نظر القوى العظمى، تبدو المأساة السورية المديدة مجرد قطعة «بزل» في لوحة مفككة يراد إعادة تركيبها وفقاً لموازين القوى الفاعلة في الإقليم. أضف إلى ذلك أن الجغرافيا السورية نفسها هي لوحة بزل جزئية في اللوحة الأولى، لم يكتمل رصف قطعها بعد، وما العمليات العسكرية والسياسية الجارية، فيها وبشأنها، إلا محاولات للانتهاء من تركيبها، ليتسنى وضعها في مكانها المناسب في لوحة البزل الكبيرة. وتضم هذه الأخيرة، إلى سوريا، لبنان والعراق والأردن واليمن والمنظومة الخليجية معاً، إضافة إلى القسم الآخر الشمال إفريقي المكمل للقسم الآسيوي. الصراعات الدائرة الآن في هذا الإقليم الكبير هي، أساساً، للسيطرة على، أو المشاركة في، وضع أسس نظام شرق أوسطي جديد يفترض أن يحل محل القديم. ويعود هذا الأخير إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، حين انتهى الاستعمار الأوروبي التقليدي لبلدان المنطقة، وتم إنشاء دولة إسرائيل، وتوزعت الدول العظمى مناطق نفوذها. حدثان مفصليان جعلا إعادة النظر في النظام الإقليمي ممكناً وضرورياً من زاوية نظر القوى العظمى، هما الاحتلال الأمريكي للعراق (2003) وموجة ثورات الربيع العربي (2011). بدا التمدد الإقليمي الإيراني كما لو كان عرضاً جانبياً للحدث الأول، تحول، لاحقاً، إلى مشكلة تستوجب الحل لكي يعود النظام القديم إلى استقراره. لكن ما حدث في الواقع هو إفساح المجال أمام إيران لمد نفوذها باطراد، وصولاً إلى إلحاق 4 عواصم عربية وغزة بمركز القرار في طهران. لقد خلخل هذا التمدد أسس النظام الإقليمي، وكان من المحتمل تقبل هذا «التعديل النسبي» في النظام ليستمر في أساسه كما كان في السابق، لولا موجة ثورات الربيع العربي التي أطاحت بالاستقرار المديد للنظام، وجعلت إعادة بنائه على أسس جديدة برنامج عمل القوى العظمى الفاعلة، وبعض القوى الإقليمية الطموحة. قامت سياسة الولايات المتحدة في عهد باراك أوباما على ترك القوى الإقليمية الكبيرة أو المتوسطة تتصارع فيما بينها على السيطرة على الإقليم، مع مراقبة تلك الصراعات وضبط إيقاعها من بعيد، بدون تورط عملي فيها. وكان رهان أوباما على إيران هو أن تستكمل مشروعها الامبراطوري لتشكل القطب الإقليمي المواجه لإسرائيل ليتحقق التوازن فالاستقرار، وما ينطوي ذلك على اعتبار الدول العربية مجرد موضوع للهيمنة الإقليمية. جاء انقلاب ترامب على سياسة سلفه في الموقف من إيران، ليتحول من المراهنة على هيمنتها إلى محاولة وقف تمددها وصولاً إلى إعادتها إلى داخل حدودها القومية. وهذا ما يشكل أحد أبرز وجوه السياسة الأمريكية في الإقليم اليوم. أما وجهها الآخر فهو تمكين إسرائيل من خلال ما يسمى بصفقة القرن العربية ـ الإسرائيلية، ومقدمتها إنشاء «ناتو شرق أوسطي» في مواجهة إيران يضم تحالفاً بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. الصراعات الدائرة الآن في هذا الإقليم الكبير هي، أساساً، للسيطرة على، أو المشاركة في، وضع أسس نظام شرق أوسطي جديد يفترض أن يحل محل القديم من جهته، نشر عالم الاجتماع والمؤرخ التركي تانر آكجام، قبل أشهر قليلة، مقالة مطولة يقترح فيها قيام تحالف إقليمي ينهي الصراعات في المنطقة ويجلب إليها الاستقرار، تقودها دولتان هما تركيا وإسرائيل! تقوم فكرة أطروحة آكجام المتحدر من تاريخ ماركسي، على أساس أن سبب الصراعات الدائمة في هذا الإقليم إنما هو التدخلات الخارجية التي قد تصنع، من حين لآخر، استقراراً ظاهرياً، لكنها لا تحل مشكلات المنطقة البنيوية. وتدور الصراعات هذه على الهيمنة على المنطقة، وهو ما تفشل أي دولة منفردة في تحقيقه، فتلجأ الدول والمجموعات الإثنية أو الدينية المفتقدة إلى دول، في كل مرة، إلى مساعدة خارجية من دول عظمى، وهو ما يفاقم الصراعات بدلاً من إيجاد حلول لها. في حين أن قيام ائتلاف إقليمي بقيادة تركية ـ إسرائيلية من شأنه أن يحل المشكلات المزمنة ويصنع استقراراً مستداماً، حسب رأيه. ويسوق آكجام عدداً من المسوغات لأطروحته الغريبة، لا يتسع المجال هنا لعرضها أو تلخيصها. صحيح أن الحكومة التركية لا تتخذ مقترحات آكجام أساساً لسياستها الإقليمية، لكن غرابة الأطروحة جديرة بالتأمل. وأول ما يخطر في البال، تعليقاً عليها هو أنها مصممة، جزئياً، على ضوء التوجهات الأمريكية الجديدة، وبخاصة فيما يتعلق بدور إسرائيل في المقاربة الترامبية الخاصة بفكرتي «الناتو الشرق أوسطي» و«صفقة القرن». في حين أن ضم تركيا إلى إسرائيل تبدو بعيدة كل البعد عن التوجهات الأمريكية، بل إن السائد، حالياً على الأقل، في العلاقات التركية ـ الأمريكية هو التوتر. وثاني ما يخطر في البال، بشأن أطروحة آكجام، هو النظرة إلى العالم العربي كمجال هيمنة، أي كطرف ضعيف بحاجة إلى وصاية من قوة هيمنة إقليمية. والحال أن المشهد العربي الراهن لا يكذّب هذه النظرة التي يتشارك فيها الأمريكيون والأوروبيون والروس وإسرائيل وإيران معاً، أي جميع القوى الدولية والإقليمية القادرة على رسم مصائر منطقتنا. لكن تركيا بالذات هي الطرف الأضعف بين القوى القادرة المذكورة، فضلاً عن الضغوط الأمريكية والأوروبية (والروسية من جهة أخرى) التي تتعرض لها للحد من فاعليتها. وربما كان وعي آكجام لهذا الواقع التركي هو الرائز الأساس لأطروحته، أعني إخراج بلده من خانة الضعفاء ومنحه موقع الهيمنة الإقليمية بالاشتراك مع إسرائيل. هذه الشراكة المقترحة هي أيضاً على مقاس حدود القوة التركية. لأن إسرائيل المنبوذة في محيطها الإقليمي، ستبدو كـ»الأخ الأصغر» بالنسبة لتركيا القادمة من إرث امبراطوري عربي ـ إسلامي، ومقبولة أكثر من الجوار العربي بسبب الدين المشترك والثقافة المتقاربة. القصد من الحديث عن مقالة المفكر التركي هو أن اقليمنا مفتوح، في اللحظة الراهنة، على «الاقتراحات» والسيناريوهات في غياب دولة مركزية عربية تشكل قطب قوة إقليمية يحسب لها حساب في التوازنات الدولية. ومقابل أفول الدور الإيراني المتوقع، بعدما أخذ فرصته كاملة وفشل فشلاً ذريعاً، ثمة فقط إسرائيل وتركيا. أما مصر والسعودية التي ترشحهما امكاناتهما للعب دور مركزي، فنحن نرى، منذ سنوات، كيف فعلت قيادتاهما كل ما من شأنها إضعاف دورهما وتهميش فاعليتهما الإقليمية المحتملة. كاتب سوري  |
| تركيا واحترافية الأزمات Posted: 14 Nov 2018 12:36 PM PST إحتجت لإستبدال قطعة غيار لإحدى الأجهزة الكهربائية المُثبتة في الشقة التي حيث فيها أُقيم وحينما باشر المهندس بتبديلها فجرى حديث بيننا وأخبرني أنَّ الجهاز من صناعة تركية خالصة فقلتُ له هذا مؤشر جيد فإنَّ الأمة التركية والجارة الصديقة تربطنا بها أواصر كثيرة وهي أوضح مثال للتقدم الصناعي والعمراني لبلادنا المشرقية فأردفَ قائلاً صحيح أنها لا ترتقي إلى بعض الصناعات العالمية ولكنها ذات جودة لا بأس بها وعليها طلب نظراً لأسعارها التنافسية في وقت باتت تقتحم البضاعة التركية الأسواق الأوروبية وبكثرة وثمة سمعة جيدة لمنتوجاتها. أحداث مفصلية واجهت الدولة التركية في العقد الأخير أحداث مفصلية سببت لها إحراجاً كبيراً وكادت أن تنزلق بها إلى ما لا يُحمد عقباه لولا الحنكة السياسية والعبقرية في إدارة الأزمات التي تتصف بها قيادتها وحكومتها من سفينة مرمرة 31أيار/ مايو 2010 مـ ) حيث قضى فيها عشرة ناشطون أتراك وإصابة ستين آخرين مروراً بإسقاط المقاتلة الروسية في 24 \ 11 \ 2015 مـ وإغتيال السفير الروسي في أنقرة أندريه كارلوف بـ 19 \ 12 \ 2016 مـ إلى أزمة القس الأمريكي أندرو برونسون وما نتج عنها من تجاذبات بين الإدارتين التركية والأمريكية جراء ذلك.. أروقة السياسة غير أنَّ الحدثَ الأخير أعطاهم بُعداً أخلاقياً آخر، وأعني بهِ هنا تصفية الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده ، صحيح أنه قضى نحبهُ في قنصلية بلادهِ لكن على أراض تركية وتُمثل بجميع القوانين والأعراف إنتهاكاً لسيادتها وقد أدارتها بطريقتِها الدرامية المعهودة ذات الحلقات الطويلة والفصول المتنوعة إلاَّ أنَّ ما يجدر الوقوف عنده ودراسته لرواد السياسة والإدارة من عدم التصعيد إتجاه المملكة السعودية بل وكانت التصريحات على شكل أخوي منضبط رغم الحملة المضادة إتجاهها من شخصيات معروفة وموثقة أسماء مواقعهم في التواصل الإجتماعي بفترة لا تتجاوز الشهر تقريباً بل حرض البعضُ على عدم السياحة فيها وساهم آخرون بتقهقر عملتها قبل أن تشهد تحسناً ملحوظاً. ما يعنينا الإستشهاد بسياسة الجارة تركية نحن العرب نظراً لقصر بلعومنا وغددنا الدرقية أثنآء إطلاق التصريحات ذات الفقاعة الصوتية المرتفعة وصغر حوصلتنا لتحمل بعضنا البعض فضلاً عن الآخرين مما أوصل بلاداً كثيرة من بلادنا المتواكلة إلى حالة تبكي العدو حسرةً قبل الأصدقاء بحيث أنَّ أغلب مَن بيدهم قرار البلاد يقومون بإجراءات عدائية ومفصلية دون التروي والتفكير بعواقبها ولو برهة قصيرة. الملفت أنني وجدتها على الصعيد الإجتماعي أيضاً ولم تقتصر على أروقة السياسة والحكام وإن كانوا هم أبناء مجتمعهم غير أنها واضحة المعالم في تنشئتنا الإجتماعية وعلى المستوى الديني والفرق والمذاهب والأحزاب وهلم جرا وعلى المستوى القطري والقبلي بل وحتى في العمل والمهن البسيطة والشراكات المتواضعة بحيث تتسم شخصيتنا بالإستعجال في إصدار القرارات وترتب الأثر عليها وأخشى أن ننقرض من الوجود يوماً ما ويكون السبب في ذلك إستعجالنا وعدم قدرتنا على الصبر والتحمل ولله الأمر من قبل ومن بعد. كاتب عراقي  |
| الطب الشرعي السعودي الحديث! Posted: 14 Nov 2018 12:34 PM PST عرف التاريخ استعمالاً للطب لأهداف إجرامية تخرج تماماً عن أعراف وأخلاقيات العمل الطبي، وأضافت السعودية بجريمة قتل جمال خاشقجي، صفحة جديدة لهذا الملف الأسود، عندما أرسلت طبيب تشريح وطب شرعي، لقتل وتقطيع الضحية، كما أكد المُدعي العام التركي، وذلك في محاولة لإخفاء الجريمة، بدل الدور الطبيعي لهكذا طبيب، بكشف الجريمة وتعرية فاعلها أو فاعليها. استعمل النازيون أطباء مجرمين، وأشهرهم جوزيف منغيليه، بتجاربهم الطبية المُفزعة، في إطار نظرية النقاء العرقي، وجهودهم لإعطاء بُعد علمي، لنظرية العنصرية البيولوجية، وتفوق العنصر الآري الألماني، على باقي الأجناس، بالإضافة لتخليصه من آفات المرضى العقليين والمعاقين. من ناحية أخرى، نجد أطباء مرضى نفسيين، هم أصلاً مجرمون قبل كونهم أطباء، أمثال الطبيب الشهير، بتيو في فرنسا، والذي حُكم بقطع رأسه عام 1946 بالمقصلة، بجريمة قتل 26 سيدة، استدرجهن لبيته لسرقتهن وقتلهن ثم حرق جثثهن. وخلال حرب البوسنة، قام الطبيب رادوفان كاراديتش، رئيس عصابات الصرب، بقتل آلاف المسلمين، وتدمير عشرات المستشفيات والمراكز الطبية، والذي حوكم بمحكمة الجنايات الدولية. ولا ننسى الدكتور بشار الأسد، وتسببه ومسؤوليته عن موت عشرات آلاف الضحايا الأبرياء في سوريا، والذي لم يتوان حتى عن استخدام السلاح الكيميائي لقتل الأطفال والنساء. إن استدراج جمال خاشقجي، لمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، لقتله وتقطيع أوصاله، بيد طبيب متخصص، متخرج من الجامعات السعودية والغربية، يسيء بشكل مؤكد للسعودية ونظامها، ولكن أيضاً بشكل غير مباشر وثانوي، للطب والأطباء العرب. لا أظن أن أساتذة هذا الطبيب، كانوا يدركون الكيفية التي سيستعمل بها محاضراتهم وعلمهم، ومآلات القسم الذي تلفظ به عند استلام شهادته بالطب. هؤلاء هم مجرمون أولاً وأخيراً، وليسوا أطباء ، لأن اسم الطبيب لا يمكن أن يُعطى إلا لمن أحيا الإنسانية، وليس لمن قتلها. التاريخ العربي مليء بالأسماء العظيمة، في عالم الطب، أمثال ابن سينا وابن النفيس، ولن يُؤذي هذا التاريخ أسماء مجرمين، امتهنوا الطب فقط، لخدمة السلطان، مهما كانت أوامره. قدم مئات الأطباء السوريين، حياتهم لإنقاذ حياة أبناء وطنهم، وكذلك فعل أطباء كثيرون بدول عديدة، وساهم غيرهم بالدفاع عن القيم العُليا التي يؤمنون بها، أمثال تشي جيفارا، والذي قُتل في بوليفيا عن عمر 39 عاماً، أو سلفادور أليندي، الرئيس المنتخب لتشيلي، والذي قدم حياته دفاعاً عن الديمقراطية عند انقلاب الجنرال بينوشيه عليه عام 1973. هؤلاء المجرمون سيدخلون مزبلة التاريخ، ليبقى الطب والأطباء رمزاً للإنسانية بكل زمان ومكان. طبيب عربي مقيم في فرنسا  |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق