| هل يغيّر اتهام سي آي إي لبن سلمان المعادلة؟ Posted: 18 Nov 2018 01:15 PM PST نشرت وسائل إعلام عديدة عن مصادر في وكالة المخابرات (سي آي إي) أن الجهاز الأمني الأمريكي يعتقد أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي أمر بقتل الصحافي البارز جمال خاشقجي في إسطنبول وأن «سي آي إي» قامت بإطلاع الجهات المختصة بما فيها الكونغرس بتقديراتها هذه والتي تتناقض مع تأكيدات السلطات السعودية بأن بن سلمان ليس متورطا في عملية الاغتيال. اعتمدت الوكالة، بداية، على مكالمة خالد بن سلمان، سفير الرياض في واشنطن، تلقى فيها أوامر من شقيقه تضمن لخاشقجي أمنه حين يزور القنصلية السعودية في إسطنبول، كما اعتمدت على مكالمة أخرى أجراها المتهم بقيادة فريق الاغتيال، ماهر مطرب، من مبنى القنصلية بعد مقتل خاشقجي، بسعود القطحاني، الذي يعتبر اليد اليمنى لبن سلمان تبلغه بأن المهمة أنجزت، ورغم أنه لا يوجد «دليل محسوس» على تورّط بن سلمان في الجريمة لكن تقديرات «سي آي إي» أن الجريمة ما كانت لتحصل من دون موافقة وليّ العهد. يعتبر هذا الاتهام الأقوى والأكثر تأكيدا حتى الآن في ربط ولي العهد السعودي مباشرة بعملية الاغتيال، وكانت هناك ردود فعل مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشي بالتفاعلات التي أدى إليها تأكيد المخابرات الأمريكية لهذا الاتهام الخطير. ظهرت هذه التفاعلات بسرعة على شكل استقالة مسؤولة تنظيم السياسات الأمريكية مع السعودية، كريستين فونيتنروز، والتي لعبت دورا مهما في فرض بلادها عقوبات على عدد من السعوديين على خلفية قضية الاغتيال، والواضح أن تقرير المخابرات الأمريكية جعلها في موقع المطالبة برفع سقف البيت الأبيض نفسه باتجاه اتهام بن سلمان، وأن استقالتها هي محاولة دفع معاكسة من إدارة الرئيس الأمريكي. استمرّ ترامب، من جهته، في لعب دور لاعب السيرك الذي يسير على حبل فيستقبل بعصاه التأكيدات الرسميّة المتزايدة على دور بن سلمان (قال إن تقييم المخابرات الأمريكية لمقتل خاشقجي سابق لأوانه «لكنه ممكن»)، ثم يقوم بتنفيسها بالحديث عن تأكيدات وليّ العهد له بأن لا علاقة له بالاغتيال! وبأنه لا يريد أن يخسر الحليف السعودي لدوره في مجابهة إيران (وتسيير شؤونه العربية ـ الإسرائيلية)، مضيفا أنه لا يريد الاستماع إلى شريط التسجيل الذي يعرض تفاصيل قتل خاشقجي لأنه «وحشيّ ومفزع». العامل المهمّ، إضافة إلى تقرير المخابرات الأمريكية، هو الإصرار الكبير لدى جزء كبير من الإعلام الأمريكي المؤثر على منع طمس قضية الاغتيال والمضيّ بها نحو نهاياتها المنطقية: محاسبة المسؤول الحقيقي عن عملية الاغتيال وليس فقط أدوات التنفيذ التي يراد لها أن تلعب دور كبش الفداء. على الساحة السعودية وجدنا ردّاً وحيداً حتى الآن جاء من الأمير خالد بن سلمان، قال فيه إنه لم يتصل هاتفيا بخاشقجي ليطلب منه الذهاب إلى إسطنبول أبداً، مطالبا الحكومة الأمريكية «بنشر أي معلومات تتعلق بهذا الادعاء». الواضح أن إدارة ترامب ماضية في محاولة إخراج وليّ العهد السعودي من الورطة لكنّ هذا يورّطها هي نفسها بعملية التغطية، وقد لاحظنا رد فعل عنيفا من «واشنطن بوست»، الصحيفة التي كان خاشقجي أحد كتابها، يعتبر أن هدف العقوبات الأمريكية على 17 شخصا سعوديا هو استثناء ولي العهد من القرار، وأن ذلك محاولة لإبعاد البيت الأبيض نفسه عن الاعتراف بأن رهانه على الأمير البالغ من العمر 33 عاماً فقط كحليف استراتيجي كان خطأ فادحا. المراهنة صارت على قدرة تقرير الـ«سي آي إي» على زعزعة صفوف إدارة ترامب (وهو ما حصل جزئياً)، وكذلك إقناع مزيد من أعضاء الكونغرس الفاعلين، وهو ما حصل أيضاً مع انضمام نواب جمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس إلى قائمة المطالبين بمعاقبة بن سلمان، وأخيراً على قدرة بن سلمان على الصمود أمام هذه الضغوط الخارجية والداخلية التي تتزايد يوما بعد يوم.  |
| من جابوتنسكي الى ليبرمان: «الصهيونية الغجرية» Posted: 18 Nov 2018 01:14 PM PST افيغدور ليبرمان من كيشينيف (كيشيناو) في بيسارابيا (مولدوفا). المدينة التي افتتح القرن الماضي بالبوغروم (البوغروم مذبحة ضد اقلية بتواطؤ او تحريض من السلطات، ودور العوام) عام 1903 ضد يهودها. كان ذلك في السياق التسعيري والدموي لمعاداة السامية برعاية حثيثة من القيصر نقولا الثاني. كانت بيسارابيا او مولدافيا الشرقية التي تشكل كيشيناو واحدة من ابرز مدنها، جزءا من امارة تتبع الامبراطورية العثمانية حتى مطلع القرن التاسع عشر، ثم غدت جزءا من الامبراطورية الروسية. لاحقا، وعلى الرغم من كفاية الاواصر القومية اللغوية الجامعة التي افضت الى اتحاد البغدان والافلاق والترنسلفان لتشكيل الكيان الوطني الروماني، لم يكن مقدرا لمولدافيا الشرقية الانضمام. لا تزال هناك حركة تدعو فيها للاتحاد برومانيا، لكنها محدودة. بوغروم كيشنيف لعب دورا تجذيريا لاتجاهات مختلفة بين يهود الامبراطورية الروسية. زاد من الهجرة باتجاه الاستانة وفلسطين، كما برز بعد المذبحة اكثر فاكثر ذلك الموقف الذي سيتطور ليشكل «الصهيونية التنقيحية»، صهيونية اليمين. فقد اعتبر ابن اوديسا، (فلاديمير ثم) زئيف جابوتنسكي، الذي كان عاد لتوه لها بعد فترة دراسة غير متتمة بايطاليا، ان البوغرومات ما كانت لتحصل بنفس الشكل لو ان شباب الغيتوات والشتيتل اليهود نجحوا في بناء تشكيلات دفاع ذاتي. رفع، بوجه «الصهيونية الديبلوماسية» الهرتسلية، كما بوجه القادة الدينيين شعارا جديدا: «ايها الشباب اليهودي تعلم كيف تطلق النار». بادر الى انشاء هذا التشكيل الدفاعي الذاتي في اوديسا نفسها، المدينة التي ما فتئت الحركة القومية الرومانية تطالب بضمها، الى ان احتلها نظام يان انتونسكو الحليف للنازية، ابان الحرب العالمية الثانية. أساسا، من جابوتنسكي الى ليبرمان، مع الاختلافات والمسافات بينهما، لا يمكن فهم هذا «العمق الروماني» من اليمين الصهيوني من دون خوض غمار المقارنة مع اليمين القومي الروماني نفسه. ضمن اليمين الصهيوني، يبقى اشكيناز الشمال، من يهود بولونيا وليتوانيا، هم «البيض»، قياسا على «الغجر» من يهود حوض البحر الأسود. في مقابل تشديد جابوتنسكي بعد مذبحة كيشينيف على موجب «الدفاع الذاتي» المحلي، وليس فقط التعويل على البوغرومات لترك البلاد نحو بناء المشروع الاستيطاني، كان الاتجاه الآخر الذي تطور بين التجمعات اليهودية في البلاد الروسية بعد بوغروم كيشينف 1903. يربط اكثر من ذي قبل انعتاق اليهود بتحرر الطبقة العاملة، سواء كان هذا باستقلال ذاتي ثقافي غير جغرافي، من موقع الطبقة العاملة اليهودية (حزب البوند)، او باندماج كلي في الكل العمالي الثوري، كحال جناحي حزب العمال الاشتراكي الديموقراطي الروسي. ما حصل انه عندما انفجرت ثورة 1905 علق حتى الاكثر حماسة للهجرة الى فلسطين، او ما كان يسمى «الفلسطينوفيل» بين الصهيونيين في ذلك الوقت، انشطتهم وتصوراتهم بهذا الشأن، وانخرطوا في المخاض الروسي الكبير، انما بمواقع مختلفة، وخرجوا من هذه التجربة بخبرات وخلاصات متباينة. فديفيد بن غوريون الفرصوفي، كان التحق بحزب شغيلة صهيون «بوعالي تسيون» الماركسو ـ صهيوني، وانخرط من موقعه هذا بثورة 1905 الديمقراطية الروسية ضد النظام الاوتوقراطي القيصري. وكان ظهر «البوعالي تسيون» كتشكيل ايديولوجي وسياسي في اعقاب رفض البوند لتبني الصهيونية. أما جابوتنسكي فامضى فترة ثورة 1905 في العاصمة سانت بطرسبرغ، ليتعاون مع الليبراليين من حزب الكاديت (الدستوريين الديمقراطيين) في اطار الرابطة من اجل حقوق متساوية لليهود. ليبرمان الذي احب في سنوات شبابه المبكر الادب الروسي، اكتشف لنفسه في الجامعة بإسرائيل وظيفة اخرى: الاعتداء بالضرب على الطلاب العرب، والتشبيح في الخمارات بعد هزيمة ثورة 1905، يهاجر بن غوريون الى فلسطين العثمانية 1906، ويلتحق بعدها بكلية الحقوق في استنبول، ثم ينظم الى جانب العثمانيين مع اندلاع الحرب. لا يلبث ان يغادر الى الولايات المتحدة، ويلتحق، بالتزامن مع وعد بلفور، بالفيلق اليهودي التابع للانكليز، ويدخل معهم الارض كقوة احتلال، في الوقت الذي هاجر اليها سابقا وتنقل بينها وبين الاستانة كمهاجر بولوني من امبراطورية الى أخرى. جابوتنسكي يتأخر في المجيء. عام 1906 اعتزم خوض انتخابات مجلس دوما الدولة الروسي. بعد ثورة الاتراك الشباب انتقل الى استنبول ليعمل في جريدة «جون تورك»، الى حين اقفالها، بطلب من الالمان. انتقل هو ايضا الى المقلب الانكليزي، لكن قبل وعد بلفور بسنتين. بخلاف بن غوريون الذي اقام لسنوات في فلسطين بين 1906 و1916، لم يستوطن بها جابوتنسكي فعليا الا بانتهاء الحرب الكبرى (مع زيارة وجيزة له عام 1909). جعل «الذئب» من «الدفاع الذاتي» منظارا شاملا لقياس الامور في فلسطين. بخلاف التيار السائد في الحركة الصهيونية الذي كان يقلل من شأن العرب، ويعتبر ان كل ما عليه انتهاج سياسة كولونيالية كلاسيكية حيال الافندية والبدو، شدد جابوتنسكي على خطورة السكان الاصليين بالنسبة الى المشروع الاستيطاني. شدد، في مقالته «جدار الحديد» 1923، على ان عرب الارض اناس عاقلون لا يمكن خداعهم بمرامي الصهيونية، التي تأتي لسلبهم ما لهم. فما دام الصهيونيون مقتنعين بأن قضيتهم عادلة، عليهم ان يظلموا السكان العرب من دون رياء، بل ان يقيموا «سورا» فاصلا، مبني على القوة الرادعة وحدها، لان «السبيل الوحيد نحو تفاهم في المستقبل يمر برفض اي مسعى لتحقيق تفاهم في الوقت الحالي». هل يشبه ليبرمان جابوتنسكي؟ بالمطلق، جابوتنسكي هو الاب الروحي للصهيونية التنقيحية، مثلما ان كليهما يأتي من بلاد ناطقة بالرومانية تعرضت للروسنة (اوديسا وبيسارابيا). جابوتنسكي، خصوصا في العشرينيات، انخرط في بناء تشكيلات دفاع ذاتي يهودية يمينية الى جانب البتليوريين المعادين للسامية والمسؤولين عن مروحة بوغرومات هائلة ضد اليهود، وكذلك في ريغا ـ لاتفيا. لم يخف اعجابه بالفاشية الموسولينية او بالحرس الحديدي الروماني. جابوتنسكي، بن غوريون، ترومبلدور، اهيماير، كل واحد هؤلاء ارتبط ليس فقط بمسألة يهودية دياسبورية او بالعمل الصهيوني، انما تطورت تجاربهم في سياق تهاوي الامبراطورية الروسية القيصرية ثم انبعاثها على يد البلاشفة. هذا في مقابل سقوط الامبراطورية العثمانية، وعدم انبعاثها باي شكل. جابوتنسكي وبن غوريون لهما تجربة روسية، تجربة عثمانية، تجربة ما بعد عثمانية. تجربتهما العثمانية كانت في الاستانة نفسها. مع ليبرمان يحضر زمن سقوط الامبراطورية الروسية في شكلها السوفياتي. سقوط جعل طائفة جديدة تتأسس في اسرائيل، «الطائفة السوفياتية»، ولعلها تسمية تضيء اكثر على الاشكالية من تسمية «اليهود الروس». هؤلاء لهم في جابوتنسكي اب اثني متخيل ايضا، وليس فقط ايديولوجي. كونه من يهود البحر الاسود، وليس من يهود البلطيق وبولونيا شأن معظم الاشكيناز، وبخاصة الاساسيين في قيادة الييشوف الانتدابي ثم الدولة العبرية. ليبرمان هو ابن لجندي انخرط في الجيش الاحمر. هو ايضا امضى طفولته ومراهقته كمواطن سوفياتي في زمن بريجنيف. اي كان في طلائع لينين، في الكومسمول، قبل هجرته اواخر السبعينيات الى اسرائيل، التي كانت تقدم للشباب السوفياتي فترة خدمة عسكرية مخفضة. ليبرمان الذي احب في سنوات شبابه المبكر الادب الروسي، اكتشف لنفسه في الجامعة بإسرائيل وظيفة اخرى: الاعتداء بالضرب على الطلاب العرب، والتشبيح في الخمارات. سقوط الاتحاد السوفياتي ربطه اكثر بموطنه الاصلي وليس العكس. لعب دورا «لوجستيا» في ادارة عملية نقل مئات الاف من يهود الدولة المفككة الى اسرائيل، وربط بين المافيات. واءم جابوتنسكي بين الكفاحية الصهيونية التنقيحية وبين تنقله في ادوار ارتزاقية، بخاصة تعاونه مع البتليوريين الفاشيين في اوكرانيا، ومع الفاشيين بلاتفيا، اما ليبرمان فغلبت عليه سحنة المافيوزي. مافيوزي وأب لأجدد طوائف الشرق الأوسط: الطائفة السوفياتية التي تحتاج دائما في اسرائيل الى تأكيد انها بالفعل اشكينازية، وليست «غجرية»، وان لها مصلحة اساسية في الاستيطان بالضفة، كما ان ليبرمان، بقي، رغم توليه وزارات «سيادية» يقيم، «منزليا» في اراض لم يعلن الكيان العبري ضمها بشكل رسمي له. بصرف النظر عن المدى الزمني لاستمرار الدولة الصهيونية بحد ذاتها، يشكل ليبرمان بمثابة اللحظة الاخيرة في تاريخ الفكرة الصهيونية، ذلك انه يفرض على كل التشكيلات الصهيونية منطق البحث عن لحظة سابقة عليه لاعادة احياءها، كما لو كان هو «الراهن» البحت، الذي لا يحتاج الى احياء اي شيء. كاتب لبناني  |
| هزيمة التحالف في الحديدة ستوقف حرب اليمن Posted: 18 Nov 2018 01:13 PM PST فجأة أعلنت قوات التحالف الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الامارات والبحرين، وقف القتال في مدينة الحديدة. هذه المدينة هي الميناء الاكبر الذي يزود 22 مليونا من اليمنيين بالمواد الغذائية والدواء. ومنذ ان اعلنت أمريكا ضرورة وقف الحرب في غضون شهر واحد هرع التحالف لتكثيف العمليات العسكرية على المدينة المذكورة لكي يضمن موقفا افضل عند الجلوس على طاولة المفاوضات. وبرغم وضوح الموقف منذ فترة بان الازمة اليمنية لن تحل الا بالتفاوض، الا ان كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا استمرتا في المشاركة في العدوان عن طريق خبرائهم الذين يعملون ضمن مراكز القيادة والتحكم في الرياض وعلى الحدود بين البلدين. الحقيقة المؤكدة ان صمود اليمنيين في الدفاع عن ارضهم احرج التحالف وداعميه بشكل غير مسبوق. فالفارق الشاسع بين مستوى التسلح العسكري للطرفين كان يرجح حسم الحرب في غضون اسابيع بعد انطلاقها في 26 آذار/مارس 2015. ولكن القصف السعودي ـ الاماراتي لم يحقق سوى الدمار الهائل للبنية التحتية والتاريخية اليمنية. كان يفترض ان يلاحظ هؤلاء المعتدون «الحكمة اليمانية» متجلية بالقرار الشجاع الذي اتخذته جماعة انصار الله وحلفاؤهم بالانسحاب من عدن في الشهور الاولى بعد الحرب. فقد سيطروا على المدينة بسهولة ولكن حساباتهم اللاحقة اقنعتهم بعدم جدوى الاستمرار في ذلك لأنه لا يحقق هدفا استراتيجيا بالاضافة الى انه سيؤدي لحالة استقطاب تدفع الجنوبيين لدعم التدخل السعودي ـ الاماراتي. كما ادركوا ان بقاءهم سيجرهم للمواجهة مع تنظيم القاعدة ويشتت جهودهم المحدودة. لذلك انسحبوا وركزوا جهودهم على الاحتفاظ بالعاصمة صنعاء وميناء الحديدة واثبتوا للعالم انهم هم المسيطرون الحقيقيون على الوضع في اليمن. وعلى مدى اكثر من ثلاثة اعوام لم تنجح عمليات التدميرالهائلة في كسر شوكتهم برغم التحالف الذي لا يمكن ان يضاهيه تحالف آخر. فهو يضم 14 دولة عربية وإسلامية بالاضافة لأمريكا وبريطانيا. من هنا جاء قرار التحالف وقف العدوان على مدينة الحديدة تعبيرا عن ادراكه استحالة تحقيق نصر حقيقي على من يسمونهم «الحوثيون» خصوصا بعد ان سقط اكثر من 1000 من المقاتلين المدعومين من التحالف. وعلى مدى الاسابيع الثلاثة الماضية اصبحت قوات التحالف مدعاة للسخرية لأن ابواقها الاعلامية كانت تخدع جماهيرها يومها بادعاءاتها السيطرة على المدينة، مع علمها ان الامر ليس كذلك. ولا بد من الاشارة الى دور المنظمات الدولية ونشطاء حقوق الانسان ومعارضي الحرب في اجبار واشنطن على تغيير سياستها بالاستمرار بدعم طرف مهزوم من اجل الحصول على المال فحسب. كما لا يمكن تجاهل دور الجريمة التي ارتكبت في اسطنبول وانعكاساتها المدمرة على السعودية وكشف ورطة كبارمسؤوليها في واحدة من ابشع الجرائم التي ارتكبت بوقاحة متناهية. فقد اضيفت تلك الجريمة لقائمة طويلة من المبادرات والخطط الفاشلة التي قام بها ولي العهد السعودي وورط نفسه وعائلته وبلده بها واضعف وهجها السياسي والدبلوماسي والعسكري. يضاف الى ذلك بعد آخر يشير الى الهزيمة النفسية التي منيت بها قوى الثورة المضادة عندما صمد الفلسطينيون في غزة بوجه العدوان الوحشي الذي شنته قوات الاحتلال الاسبوع الماضي. وبرغم كثافة القصف والدمار الذي احدثه الا ان رد الفلسطينيين كان رادعا، فاضطر رئيس وزراء العدو للقبول على مضض بوقف اطلاق النار ضمن مشروع هدنة شاركت فيه مصر. وربما هي المرة الاولى التي يستقيل فيها وزير دفاع العدو احتجاجا على تلك الهدنة التي وصفها بـ «الاستسلام» لحماس. هذه العوامل مجتمعة اربكت موقف تلك القوى، خصوصا مع تراكم هزائم التحالف السعودي ـ الاماراتي في اليمن. واصبح واضحا ان مشروع الحرب الذي بدأه محمد بن سلمان قد مني بهزيمة كبيرة تضاف الى الفشل في قضايا اخرى كخطف رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، واجتياح البحرين واستهداف قطر واخيرا قتل خاشقجي. هذه نتائج أربعة أعوام من تجربة مرة عاشتها السعودية في ظل حكم شاب دعمته أمريكا و«اسرائيل» فخيب ظنهما تماما واستعدى أهله الأقربين وأغضب جيرانه. فما مدى جدوى «رؤية 2030» اذا كانت من نتاج هذه العقلية السياسية الفاشلة؟ ولكن ماذا بعد؟ تعرف السعودية والامارات ان وقف العدوان على اليمن سوف تترتب عليه استحقاقات مالية كبيرة تضاف للهزيمة السياسية وفقدان المصداقية. ومسألة التعويضات واحدة من اكثر قضايا الحروب تعقيدا وخطرا على البلدان التي تعتدي عسكريا على الآخرين. وهناك حالات عديدة كانت مسألة التعويضات فيها قضية مؤلمة للمعتدين. فمثلا وقعت المانيا مع «اسرائيل» في 1952 اتفاقية تدفع بموجبها تعويضات لاعادة اسكان اليهود وكذلك لضحايا الاضطهاد النازي. اما العراق فقد اجبر على دفع تعويضات مالية متواصلة للكويت مقابل الغزو الذي حدث في 2 اغسطس 1990. وبعد انتهاء الحرب نص اتفاق الاستسلام على دفع التعويضات. ومنذ سقوط نظام صدام حسين في 2003 قررت الامم المتحدة تخصيص نسبة 5 بالمائة من مدخول النفط لدفع التعويضات للكويت. فقد اعتبرت الامم المتحدة ان العراق هو الذي بدأ الحرب وان عليه ان يعوض الخسائر الناجمة عن ذلك التدخل. وبرغم علاقات إيران الوطيدة مع العراق، فان بعض مسؤوليها يثير مسألة التعويضات بين الحين والآخر خصوصا عندما يكون هناك اختلاف بين البلدين، او حين يطلق مسؤولون عراقيون تصريحات تغضب الإيرانيين. وثمة قضية اخرى تكشف عمق ممارسة حق التعويض. فقانون جاستا مشروع قانون معلق في كونغرس الولايات المتحدة يضيق المفهوم القانوني للحصانة السياسية عبر تعديل قانون حصانات السيادة الأجنبية وقانون مكافحة الإرهاب. مشروع القانون أقره مجلس الشيوخ بدون أية معارضة في أيار/مايو 2016، وفي أيلول/سبتمبر 2016 مرر كذلك بالإجماع من مجلس النواب. القانون لا يذكر هجمات 11 أيلول / سبتمبر أو المملكة العربية السعودية، إلا أنه سيسمح ضمنيًا بإجراء دعاوى قضائية ضد المملكة من قبل الضحايا وأسرهم. وبرغم عدم ذكر السعودية بشكل صريح لكن هناك فهما عاما بانه يهدف لامتصاص المزيد من الاموال السعودية لتعويض الضحايا. وهناك كذلك مطالبات بتعويض القطريين عما لحقهم من اضرار نتيجة السياسات السعودية والاماراتية تجاه هذا البلد العضو بمجلس التعاون لدول الخليج العربية. فهناك حصار جوي وبحري وبري فرضته تلك الدول على دولة قطر العام الماضي وأدى الى اضرار غير قليلة بمصالح القطريين العاديين، الامر الذي يتنافى مع التزامات الرياض وفقا للقوانين الدولية. لقد حققت سياسات ولي عهد السعودية ومعه ولي عهد الامارات انتكاسة استراتيجية لبلديهما فانحصرت قوتهم بالمال النفطي وليس بالقوة العسكرية او السياسية. لقد تحولت حرب اليمن الى مستنقع للمشاركين في الحرب، وسيكون المخاض العسير للخروج منها تحديا شديدا لن يستثني ايا من المشاركين في الحرب العبثية التي ستسجل في التاريخ العسكري انها واحدة من اغرب الحروب واكثرها عبرة. فاذا كانت تعبيرا عن صراع سعودي ـ إيراني على النفوذ فستكون إيران الرابحة الكبرى لأنها لم تقدم خسائر تذكر بينما سيخرج حلفاؤها من تلك الحرب بنصر كبير. وتقول التقارير ان السعودية تنفق ملياري دولار شهريا في هذه الحرب، بينما تنفق إيران 30 مليون دولار فقط. هذه نتائج اربعة اعوام من تجربة مرة عاشتها السعودية في ظل حكم شاب دعمته أمريكا و«اسرائيل» فخيب ظنهما تماما واستعدى أهله الأقربين وأغضب جيرانه. فما مدى جدوى «رؤية 2030» اذا كانت من نتاج هذه العقلية السياسية الفاشلة؟ كاتب بحريني  |
| ثمة شيء يُحاك تجاه السودان! Posted: 18 Nov 2018 01:12 PM PST جميع السودانيين، من لهم علاقة بالسياسة ومن لا علاقة لهم، يتهامسون اليوم أن ثمة شيئا يُحاك في الخفاء تجاه الفضاء السياسي السوداني، الذي أصبح مفتوحا على كافة الإحتمالات، حتى المرعبة منها. وأن المجتمع الدولي، بقيادة أمريكا، طرف، إن لم يكن الطرف الرئيسي، في ذلك. وما يحاك ليس بعيدا عن العواصم المعتادة، واشنطن وأديس أبابا والخرطوم، مع إضافة جوبا كموقع جديد، دخل، أو أُدخل، لإعتبارات معروفة، من بينها إستضافة الخرطوم للإتفاق الأخير بين حكومة الجنوب ومعارضتها. ومنذ عقود عدة، والشعب السوداني في أطراف البلاد، يستقبل ليله متوسدا هدير المدافع ومحتضنا القلق. وفي الصباح، يركض الأحياء منهم دون إتجاه، لاهثا وسط رائحة الدم واللحم البشري المحترق، باحثا عن «الضنى» وعن الحياة. وذات الحالة، ظل يعايشها جنود وضباط القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى، وهم يخوضون قتالا، ليس ضد الكيان الصهيوني أو أي عدو أجنبي، وإنما تنفيذا لأوامر القيادة السياسية، لتلتقي أعينهم بأعين مواطنيهم، في وداع شاذ وحزين في نفس الوقت، قبل أن يفتك كل منهم بالآخر. هكذا إستدام الحال، ولا يزال، لأكثر من نصف قرن إلا من فترات معدودات. وعندما توقفت الحرب في إحدى محطاتها، بعد إتفاقية السلام الشامل، كان طبيعيا وموضوعيا أن تعم البهجة، وتفرح النفوس، ويُستعاد طعم الأمل، إذ لاحت في الأفق ملامح سلام من نوع جديد لا يقف عند حد وقف القتال فقط، وإنما يتجاوزه أملا في تحقيق ما ظل حلما بالنسبة لشعبنا. فمن من الناس العاديين، سواء في المركز أو الهامش، منتظم في الخدمة العسكرية أو المدنية، لا يكره ذبح الإنسان السوداني بيد أخيه السوداني؟ ومن منهم يستطيع نسيان لحظات الرعب المتمكن منه وهو يجاهد في إخفاء فلذات الأكباد تحت الأسرة أو في خزانات الملابس هلعا من إنتزاعهم بواسطة العسس ليرسلوا إلى المحرقة؟… لكن للأسف، لم تخرس الإتفاقية نداءات الحرب ولم تتحول إلى سلام شامل حقيقي، وتلك الحقيقة كانت متوقعة ومعروفة، تم التحذير والتنبيه بها منذ اللحظات الأولى للتفاوض، ولكن، لم يُسمع سوى رجع صدى ذاك التحذير وذاك التنبيه! الوطن كله، وليس الحزب الحاكم وحده، أصبح في مهب الريح، والخطر الداهم يتهدد الجميع، والتفكير السليم يقول إن ما يجمعنا من مصالح في حدها الأدنى الضروري للحياة، أقوى مما يفرقنا أيادي المجتمع الدولي دائما حاضرة في المشهد السياسي السوداني، وحركتها ليست خفية، بل مرئية، وتجوب ملعب السياسة السودانية في كل الإتجاهات، ومنذ فترة ليست قصيرة، وبعلم وموافقة الجميع، معارضة وحكومة. وبما إن أيا منا، نحن اللاعبين الداخليين، لن يستطع التحكم في حركة المجتمع الدولي، كجسم مستقل عنا تماما، بينما يمكننا التفاعل الإيجابي معها، فلا داعي للفرار والإنعزال، ولا معنى للتقوقع والصراخ الحاد داخل القوقعة حول مؤامرة الهبوط الناعم، ففي النهاية لن يؤثر صراخنا إلا في حبالنا الصوتية!. وشخصيا، أفترض أن الفعل الثوري الحقيقي، في هذه الحالة، هو أن نحدد مبتغانا بدقة، وننخرط في اللعبة، ما دمنا نثق في أنفسنا وما دمنا نملك القدرة على صد كل أبواب ومنافذ إختراقنا، دون التفريط في أي من مصالح الوطن والشعب. المجتمع الدولي، لن يستطيع جرنا من تلابيبنا ليضعنا حول طاولة التسوية تنفيذا لمؤامرة ما. ذلك لم يحدث، ولن يحدث. وفي ذات الوقت، فإن الإستجابة لصافرة هذه الدعوة أو تلك من دعوات المجتمع الدولي، لا تعني إيقاف أي قاطرة تحركها المعارضة في أي اتجاه آخر. فالمعارضة، ومنذ وقت مبكر، تبنت حزمة متكاملة من تكتيكات العمل المعارض تمثلت في الانتفاضة الشعبية، والعمل المسلح والحل السياسي التفاوضي. وأعتقد أن المسألة غير مرتبطة بأفضلية هذا التكتيك أو ذاك، وإنما بالمحصلة النهائية لعملية التغيير، وما إذا كانت ستتصدى لجذور الأزمة. وإذا كان تكتيكا الإنتفاضة أو العمل المسلح يتسقان مع شعار إقتلاع النظام من جذوره، فإن آلية الحل السياسي التفاوضي، ستُبقي بعضا من أغصان وأوراق نظام الإنقاذ جزءا من البديل القادم. وهذا ما لا تستطيع أن تهضمه المجموعات التي لا ترى في التسوية السياسية إلا منزلقا وهزيمة للعمل المعارض. وبالطبع غاب عن هولاء، أن المسألة لا تحدد بالرغبة الذاتية، وإنما بميزان القوى في اللحظة المحددة، وبتوفر الظروف الموضوعية والظروف الذاتية التي من ضمنها إستعداد وقدرة قوى التغيير على إقتناص الفرص، بما فيها الفرصة التي سيوفرها الحل السياسي إذا تحقق. الجوهري، أن نحدد أهدافنا بكل دقة، متمثلة في وقف الحرب وتصفية دولة الحزب الواحد، وتحقيق التحول الديمقراطي والإلتزام بحقوق الإنسان، والإتفاق على برنامج إقتصادي إسعافي لفك الضائقة المعيشية في البلاد، والمحاسبة القضائية لكل من ارتكب جرما ضد الوطن والمواطنين، بما في ذلك قضايا الفساد، وأن يؤدي ذلك إلى فتح الطريق لإعادة بناء الدولة السودانية على أساس قومي لا مركزي يراعي التعدد الإثني والديني والثقافي والنوعي، ويلتزم العدل في اقتسام السلطة والثروة بين كل مكونات البلاد الإثنية والجهوية، بما يحقق بناء سودان موحد ديمقراطي مستقر، بإرادة شعبه الطوعية. الوضع في السودان، لم يعد يحتمل المماحكات وسياسات التجريب، ولا التكتيكات غير المدروسة جيدا، بل يصرخ فينا بخيارين لا ثالث لهما: البدء الآن وليس غدا لإنقاذ الوطن، أو الطوفان. أصحاب الخيار الأول، لا سبيل أمامهم سوى الإنتظام والتوحد في أوسع كتلة ممكنة، بغض النظر عن أحزابهم وتوجهاتهم السياسية، متناسين، أو مؤجلين، تناقضاتهم السياسية والفكرية، ليعملوا على تحقيق تكامل مناهج وتاكتيكات الحراك السياسي، بدلا عن تصادمها، وليتوافقوا على كيفية إنتشال الوطن ومنع إنهياره. فالوطن كله، وليس الحزب الحاكم وحده، أصبح في مهب الريح، والخطر الداهم يتهدد الجميع، والتفكير السليم يقول إن ما يجمعنا من مصالح في حدها الأدنى الضروري للحياة، أقوى مما يفرقنا، وأن المتقاعس عن فهم ذلك، لخلل في الإدراك السياسي أو إستجابة أنانية لأجندته الخاصة، لن يرحمه التاريخ ولا الشعب. كاتب سوداني  |
| المقاومة تنتصر على الصهاينة والتطبيع أيضا Posted: 18 Nov 2018 01:11 PM PST تظل الكلمات العميقة في الذاكرة كنَدْبَةٍ على الجسد وإن سقط قائلها في مجرى النسيان، فنرددها في يُسرٍ يتناقض مع صعوبة استذكار نِسْبتها. “إسرائيل احتلت الدول العربية، وتحاول احتلال فلسطين”، هي إحدى العبارات التي حُفرت في ذاكرتي، وظل معناها حاضرًا في عقلي، وعبثًا حاولتُ تذَكُّرَ قائلها، وجدتُها ماثلة أمامي اليوم، بعد انتصار المقاومة في التصعيد الأخير، ولذي أحدث زلزلة في حكومة الاحتلال، أدت إلى استقالة وزير الدفاع ليبرمان. نعم، الكيان الإسرائيلي احتلّ الدول العربية، ولا أدلّ على ذلك مِن حُمّى التطبيع التي أصابت الحكومات في شتى المجالات، وبعد أن كانت الأنظمة العربية في السابق تتبارى في رفع شعارات القضية الفلسطينية لاكتساب الدعم الشعبي، مرّت بحالة من الصمت المخزي والتطبيع المستتر، إلى أنْ استقر بها المقام في أوحال التطبيع العلني الصريح الوقح. ونعم، الكيان الإسرائيلي يحاول احتلال فلسطين، فشعبٌ يُناضل ويكافح عدوه بكافة أشكال المقاومة لا نستطيع أن نصفه بالشعب المُحتل، وإلى الآن لم يستطع الصهاينة فرض سيطرتهم الكاملة على الأراضي الفلسطينية، فلا يهنأ لهم عيشٌ وفي أرض فلسطين براكين تغلي. المقاومة قد أثبتت نُضجها وحُسن إدارتها للصراع، وجعلت من هذه الساعات التي ردّت فيها بحزم على الاحتلال منصةً للرسائل: رسالة إلى العدو الصهيوني بأنها قادرة على تنويع الضربات، تضرب حافلة عسكرية، تقصف المستوطنات، تستهدف مصانع، تحبط عمليات خاصة، حقيقة أنها طورت من إمكاناتها وقدراتها العسكرية وأدخلت أنواعًا جديدة من الصواريخ، وأن ترسانتها الصاروخية بلغت حدًا مخيفًا للعدو، وهي رسالة أيضًا إلى العدو بأن المقاومة التي لم تستخدم سوى سلاح واحد (الصواريخ) – بدون أن تستخدم سلاح الأنفاق ولا الكوماندوز البحري ولا طائرات الأبابيل- سوف تُكبِّده خسائر فادحة، إذا ما تم توسيع دائرة التصعيد، أو فكّر جيش الاحتلال في مهاجمة القطاع. ورسالة إلى الفلسطينيين في مسيرة العودة، بأن لهم قوة ردع تستطيع الرد على أي أعمال عدوانية تصدر عن جيش الاحتلال، وقد جاء الرد في توقيت أكثر من جيد، إذ أن فعاليات مسيرة العودة التي دخلت شهرها الثامن تحتاج إلى حدث يُضرم في هِمّتها النيران، بما يضمن استمرار الحماس في مسيرات العودة. وهي رسالة إلى الجميع بأن فصائل المقاومة الفلسطينية على وفاق، وأنها وقت الأزمات تتجاوز كل أشكال الخلاف من أجل الصالح العام للقضية، حيث شكّلت الفصائل غرفة عمليات مُشتركة لإدارة الصراع مع العدو. لكن أقوى الرسائل التي بثّتها المقاومة الفلسطينية في هذا الظرف كانت للمُنبطحين العرب الذين رفعوا لواء التطبيع العلني، بأن عدوى التطبيع لم ولن تمتد إلى الفلسطينيين، وأن هذا الشعب سوف يناضل وإن تخلّى عنه أهل الأرض جميعًا، وأن المقاومة خيار استراتيجي. نعم، ربما تُناور فصائل المقاومة أو تجنح للتهدئة، لكنها لن تهدر هذا الأصل على موائد المفاوضات التي يديرها القاعدون والمتخاذلون. لقد كان تصريح رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار حاسمًا في الرد على المُطبعين عندما قال: “افتحوا لهم عواصمكم، أما نحن هنا في غزة فسنفتح عليهم النار”. هو ردّ على الحكومات التي أطلقت منابرها الإعلامية للترويج للتطبيع مع الاحتلال، فانبرى من الإعلاميين من يبتهل إلى ربه كي يسدد رمي الصهاينة على فصائل المقاومة في غزة، وآخر يدعو إلى أن يخطُب زعيمه في الكنيست، وغيره يُجرّم المقاومة ويصفها بالإرهاب لأنها تنال من الإسرائيليين الأبرياء، وكأننا بصدد ذاكرة تاريخية جديدة سقط منها تدفُّق الصهاينة إلى أرض ليست لهم اغتصبوها عنوة وبقوة السلاح وأن جميعهم محاربون. لقد صار التطبيع العلني مع الصهاينة أمرًا تشيد به حكومة الاحتلال ذاتها ولا تخفيه، وكان آخر مظاهره ذلك التصريح العجيب الذي شارك به الإعلامي والأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين في برنامج على قناة “فرانس 24” عربي، تعليقًا على العدوان الأخير على غزة، حيث وصف السيسي بأنه صهيوني أكثر منه، وأنه يكره حماس ويحاصرها أكثر من كرهه للإسرائيليين. لم يذهب الرجل بعيدًا عن الحقيقة، بل دعّم المصطلح الرائج (صهاينة العرب)، وإن قيل إن الهدنة التي أوقفت التصعيد بين المقاومة والإسرائيليين جاءت بوساطة مصرية، فإن الأظهر أنها جاءت لصالح الإسرائيليين، ولو أراد النظام دعم قطاع غزة لفتح المعابر التي يجثُم عليها ويخنق القطاع بإغلاقها. لقد أصبح الإعلام الإسرائيلي يُروج لنفسه من خلال أقوال المُطبعين العرب وأذنابهم، حتى أنهم يترنمون بحديث الفنان المصري عادل إمام، الذي حقّر فيه من شأن المقاومة التي تصنع صواريخها في الورش، وسخر من قادة حماس وذكر أنهم يتخذون قراراتهم وهم جالسون في الجاكوزي على حد قوله، بينما يشيد بالاحتلال ويعتبره دولة مُنظمة وأنها إذا قالت سأفعل فإنها تفعل. هناك إصرار عجيب من معظم الأنظمة العربية على إقناع شعوبها بضرورة جعْل العلاقات مع الصهاينة طبيعية، وتُبشّر بعهد جديد من التعايش السلمي بين العرب والإسرائيليين، يذكرك بمقولة الأسد الخائن “سكار” في رائعة والت ديزني (الأسد الملك)، بعد أن غدر بالملك مستعينًا بالضّباع، فبشّر بعهد جديد يتعايش فيه صاحب الأرض والمغتصب معًا تحت راية سلام مزعوم. على الرغم من السعي المحموم لتلك الأنظمة لإلغاء مركزية القضية الفلسطينية في الأمة، إلا أن التصعيد الأخير كشف الهوة الواسعة بين الحكام والشعوب حيال هذه القضية، حيث ظهر التفاعل العربي الإسلامي قويًا مع المقاومة. لن نحلم ونقول إنه ينبغي على الحكومات العربية دعم المقاومة الفلسطينية، ولكن على الأقل لا تقف ضدها، ولا تضع العراقيل أمامها، وكان يمكن لتلك الحكومات وخاصة الحكومة الفلسطينية استثمار حِراك المقاومة على طاولة المفاوضات، فلم يعهد على الاحتلال أن طأطأ رأسه للعرب، إلا بعصا المقاومة الفلسطينية، وما عجزت القيادات السياسية عنه طيلة سنوات، تُحققه صواريخ أبطال المقاومة في ساعات، لكنها النظرة المألوفة، كل منهم يرى أن الحفاظ على عرشه مرهون بالتطبيع مع العدو الصهيوني “فتى أمريكا المُدلل”، ومن ثم لا يتورع معظمهم عن شيطنة المقاومة ووصفها بالإرهاب. أحلام الآخرين ذهبت أدراج الرياح طيلة عقود، لكن المقاومة قالت كلمتها وأكدت على مبدأ، لا يفل الحديد إلا الحديد، وبدّدت التكهنات والتخرُّصات وأضغاث الأحلام على مذهب أبي تمام: السيف أصدقُ إنباءً مِن الكُتبِ في حدِّهِ الحدُّ بين الجدِّ واللّعِبِ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. كاتبة أردنية  |
| الجزائر: تسيير الفراغ السياسي Posted: 18 Nov 2018 01:10 PM PST كنت أنوي هذا الأسبوع الكتابة عن الحدث النقابي المهم الذي عاشته الجزائر بداية الأسبوع الماضي. المتمثل في تكوين كونفدرالية عمالية. تضم أكثر من عشر نقابات مستقلة، تنشط منذ سنوات في قطاع الخدمات، كالتربية والصحة والإدارة العمومية. تحولت مع الوقت إلى فاعل اجتماعي مركزي، نافست المركزية العمالية الرسمية التي فقدت الكثير من قواعدها وحضورها، لارتباطها القاتل مع السلطة ودفاعها المستميت عن النظام بكل عيوبه وبشكل سافر. تبعية لاحظتها النقابات والمنظمات الدولية، وبخت قيادة الاتحاد عليها، وعلى انحيازها السافر للحكومة وحتى أرباب العمل في الجزائر، على حساب العمال الذين يفترض أنها تمثلهم وتدافع عنهم وعن مصالحهم. عكس النقابات المستقلة التي استطاعت أن تجند الفئات الوسطى في الجزائر، على غرار ما هو حاصل في بعض التجارب العربية التي تعرف حيوية نقابية ومطلبية لهذه الفئات التي تدهورت وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى الرمزية، كما حصل مع المعلمين على سبيل المثال. في وقت عرف فيه عالم الشغل تحويرات عميقة، نتيجة الخيارات التكنولوجية والاقتصادية، بما فيها تلك التي أفرزتها العولمة، منحت قوة حضور كبيرة للفئات المتواجدة في قطاع الخدمات على حساب إجراء الصناعة. داخل عالم الشغل وتنظيماته. لكن تسارع الأحداث السياسية، بعد إقالة الأمين العام لحزب جبهة التحرير، وانطلاق شرارة أحداث عنف في حي باب الواد الشعبي في العاصمة، جعلتني أفكر بشكل مختلف وأكتب هذا المقال الذي أريد أن أركز فيه على فكرة أساسية مفادها، أن السياسة في الجزائر هي رأس الداء، وأن من يريد أن يصلح في الجزائر عليه بالبدء من السياسة وليس غيرها، حتى إن تعددت مظاهر تجليات الأزمة السياسية في أكثر من مكان على غرار الملعب والحزب والنقابة والشارع. فالسياسة كما تمارس داخل هذا النظام السياسي، هي مصدر الأزمة، فهي التي تعطل بناء مؤسسات ُيعبر من خلالها المجتمع بمختلف فئاته عن مصالحه، يتصارع، يتفاوض من خلالها، وينطلق في بناء نفسه، كما هو حاصل في عالم الشغل. وهو ما عبرت عنه القيادات النقابية التي بادرت إلى تكوين هذه الكونفدرالية يوم الإعلان عن تكوين هذا البناء النقابي الوطني. مشروع انطلق التفكير فيها منذ عقد كامل، من دون أن يرى النور حتى الآن. لأسباب موضوعية في بعض الأحيان، كضعف التجربة النقابية ذاتها عند هذه الفئات الأجيرة التي دخلت «معمعة « العمل النقابي منذ وقت قصير نسبيا، مقارنة مع فئات عمالية أخرى كعمال الصناعة. زيادة على رواسب الانقسام والتشظي وصراع الزعامات التي عاشتها هذه التجربة النقابية وما زالت. فقد كان واضحا أن النقابيين يتخوفون من عدم الاعتراف بمولودهم الجديد، كما حصل في السابق، في تعارض واضح مع نص الدستور والقوانين المنظمة لعالم الشغل في الجزائر. فالنخب الحاكمة الفاقدة للشرعية السياسية، ما زالت تبحث عن شرعيتها المفقودة عند النقابات وفي ملاعب كرة القدم، وداخل الأحزاب، بدل أن تبحث عنها في صناديق الانتخابات، ولدى المواطنين الذين يمنحون هذه الشرعية أو يحجبونها. نظام سياسي ونخب حاكمة بشرعية منقوصة تريد إعادة إنتاج عطب الشرعية الذي تعيشه عند كل الأطراف والقوى الاجتماعية التي تتعامل معها، حتى تشعر بقوتها، كما هو حاصل مع المركزية النقابية الرسمية التي فقدت روحها وقواعدها وتحولت إلى بوق في يد السلطة. خيار يمكن أن تكون له عواقب كارثية في الحالة الجزائرية التي يتميز فيها الشارع بعنفوان كبير جدا وغياب لأي تأطير سياسي جمعوي أو نقابي، يمكن أن يقيه شر الانزلاقات التي تعود عليها تاريخيا. كما اوضحته كل الدراسات التي اهتمت بموضوع التغيير السياسي، كما تؤكده المعاينة اليومية للمشهد السياسي، كما عبرت عنه أحداث حي باب الواد نهاية الأسبوع الماضي، بكل الرمزية السياسية الكبيرة التي يمثلها هذا الحي العاصمي. فقد كان هذا الحي مركزا مهما للإسلام السياسي في بداية التسعينيات ولا يزال يكون بؤرة حراك اجتماعي وسياسي كبيرة قابلة للاشتعال في أي لحظة. تزداد إمكانية حدوثها عندما يعلو منسوب تخبط النظام السياسي، كما هو حاصل هذه الأيام. السياسة في الجزائر هي رأس الداء، ومن يريد أن يصلح في الجزائر عليه البدء من السياسة وليس غيرها فقد بالغ النظام السياسي في التعويل على ملعب كرة القدم في «تسيير» شباب المدن الكبرى. فكانت النتيجة أن تحولت هذه الملاعب إلى منطقة محرمة على المسؤولين والنخب الحاكمة، التي يمكن أن تسمع فيها ما لا تشتهيه ولا تريده بمناسبة كل مقابلة رياضية. طول أيام السنة. تعاني قوات الأمن في تسييرها بما يميزها من عنف وفلتان أمني، نجحت قوات الأمن في احتوائه حتى الآن بكلفة مهنية ونفسية عالية. لكن من يضمن أن يستمر هذا الحال، خاصة مع عدم استقرار الوضع السياسي وتخبط النظام السياسي وهو مقبل على انتخابات رئاسية تقول كل المؤشرات إنها لن تكون ميسرة، كما كان الحال في السابق؟ رياضة كرة القدم التي سكت النظام على الفساد المستشري فيها، كوسيلة رشوة و»تأطير سياسي» لشباب الأحياء الشعبية في المدن الكبرى، الذين حولوا الملاعب كل أسبوع إلى مسرح للتعبير عن همومهم وأحلامهم، عكس ما كان مأمولا من ملعب كرة القدم أن يؤديه، فقد كان مطلوبا من هذه الرياضة الشعبية أن تلهي الشباب وتبعدهم عن السياسية والأحزاب والنقابات. فحصل العكس تماما. عاد الشباب إلى السياسية عن طريق الأهازيج المعبرة، لتكون أكثر صدقا من ألف خطاب ومقالة، بعفويتها وحدتها المعروفة عنها، بعد أن عادت السياسة، كما يفهمها ويمارسها الشباب إلى الملعب، وقد تعود إلى الشارع بسرعة إذا استمر التخبط السياسي نفسه الذي يسود هذه الأيام. فقد اكتسبت ملاعب كرة القدم روحا وحيوية سياسية لم تكن تملكها في السابق، بعيدا عن الحزب السياسي الذي منعته النخب الحاكمة من التطور وتوسيع قاعدته الشعبية، وفي غياب النقابة التي دجنتها والجمعية التي احتوتها، والانتخابات السياسية التي أفرغتها من كل دور، فكان الفراغ السياسي الذي تحاول النخب الحاكمة تسييره بشق الأنفس، بكلفة سياسية عالية قد تكون وخيمة ليس على النظام هذه المرة، بل على الدولة الوطنية والجزائريين كشعب. فليس من السهل دائما تسيير الفراغ. كاتب جزائري  |
| المقاومة انتصرت بردع «إسرائيل» وضعضعة نتنياهو… ماذا بعد؟ Posted: 18 Nov 2018 01:09 PM PST من حق الفلسطينيين عموماً والمقاومة وحلفائها خصوصاً أن يبتهجوا للهزيمة المدوّية التي ألحقوها بالجيش الإسرائيلي في خان يونس مساء 2018/11/11. ألم يعتبر إسرائيليون وازنون من كبار القادة العسكريين السابقين والخبراء الإستراتيجيين، والإعلاميين، وأهل الرأي، ورموز الساسة الحاكمين، وفي مقدّمهم وزير الحرب المستقيل أفيغدور ليبرمان، بأن ما حدث هزيمةً عسكرية وسياسية نكراء للكيان الصهيوني؟ هؤلاء أنفسهم بادروا في اليوم التالي إلى طرح أسئلة لافتة ومحرجة، أبرزها اثنان: * لماذا جرى تنفيذ عملية بالغة الخطورة في عمق 3 كيلومترات داخل قطاع غزة وفي منطقة كثيفة السكان، وبعد ساعات قليلة من مؤتمر صحافي عقده بنيامين نتنياهو في باريس، أوضح فيه ضرورة بذل كل جهد من أجل التوصل إلى تسوية في غزة وعدم الانزلاق إلى حرب؟ * ماذا سيفعل نتنياهو وحكومته بعد هذه الصدمة الأشد وغير المسبوقة التي تعرّضت لها «إسرائيل» منذ حربها المفتوحة على غزة عام 2014؟ للإجابة عن هذين السؤالين، تتوجب الإحاطة بأهم الواقعات والسيناريوهات والتداعيات السياسية والعملانية السابقة واللاحقة لعملية خان يونس الفاشلة. لعل أدق ما جرى استخلاصه في هذا المجال ما قاله رونين ايتسيك القائد الأسبق للواء المدرعات، والباحث حالياً في العلاقات بين الجيش الإسرائيلي والمجتمع في صحيفة «يسرائيل هيوم» (2018/11/14). ايتسيك لخّص النتائج والمفاعيل بالآتي: *اولاً، سيناريوهات الرعب التي عرضها قادة الجيش أمام المجلس الوزاري المصغر، كانت غايتها التحذير من مغبة الإقدام على مغامرة إعادة احتلال قطاع غزة. *ثانياً، التخوّف من اليوم التالي لاحتمال سقوط حكم «حماس» كان دافعه التحذير من صعود تنظيم آخر اكثر تطرفاً منها بكثير. *ثالثاً، إن حرص حكومة نتنياهو في المحافظة على الانفصال الحاصل بين غزة والضفة الغربية يرمي إلى تمكينها من الادعاء بأنه لا يمكن الحوار مع الفلسطينيين في ظل «فتح» و»حماس» العاجزَتين عن التحاور في ما بينهما. *رابعاً، تآكل النجاعة العملانية للجيش الإسرائيلي، إذ من غير الممكن فهم كيف تنجح تنظيمات معادية في إطلاق الصواريخ بكثافة وفي وقت واحد وبوتيرة مدمرة، بينما تقف مترددة في مواجهتها منظومةٌ متطورة من سلاح الجو الإسرائيلي، والدفاع ضد الصواريخ والاستخبارات. *خامساً، عدم قدرة «إسرائيل» على التخلي عن أسلوب متجذّر مفاده أننا نفعل كل شيء فقط كي لا تشعر «حماس» للحظة واحدة بأنها في خطر فعلي، الأمر الذي أظهرنا ببساطة غيرَ مهتمين في مواجهة «حماس» وحلفائها. *سادساً، عدم القدرة على إعطاء سكان جنوب «اسرائيل» الثقة والإحساس بالأمن، ما ولّد عدم ثقةٍ جذرياً بالجيش والحكومة، وأساء إلى خطة الحكومة الرامية إلى زيادة عدد السكان في الجنوب وتوسيع المدن. *سابعاً، ظهرنا امام خصومنا جميعاً، وخصوصاً ايران، بأن حكومتنا مرتدعة، وجيشنا ليس لديه أجوبة، ومواطنينا يعيشون مع الإحساس بعدم الأمان. حيال هذه الصورة القاتمة التي ارتسمت في وعي الإسرائيليين لأنفسهم ولأوضاعهم، ماذا يمكن أن يحدث على الصعيد السياسي؟ من الواضح أن صورة نتنياهو، الملقّب بـ»سيد الأمن» لدى الجمهور، قد تشوهت لدرجة أن نحو 70 في المئة من المشاركين في استطلاعٍ للرأي غداة عملية خان يونس الفاشلة، شجبوا موقفه المتخاذل، وقد تُرجمت هذه النسبة المئوية السلبية العالية بأنها مؤشر إلى خسارة مرتقبة في عدد نواب حزبه، لا تقل عن اثنين في حال جرت الانتخابات الآن. لهذا السبب فكّر نتنياهو بإسناد حقيبة وزارة الأمن (أو الحرب) إلى غريمه ومنافسه على منصب رئاسة الحكومة، رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، لتفادي استقالته وخروج نواب حزبه الثمانية من الإئتلاف الحاكم، ما يُفقد حكومته ثقة الكنيست، وبالتالي يضطرها إلى إجراء انتخابات مبكرة غير مأمونة النتائج. لكن معارضة أركان أقوياء في الإئتلاف الحاكم دفعته إلى نبذ هذه الفكرة والاكتفاء بحكومة ضيقة يتولّى هو فيها وزارة الأمن تفادياً لانتخابات مبكرة، يبدو أن لا مندوحة من إجرائها. يجد نتنياهو وقادته العسكريون أنفسهم أمام تحدي ما يجب أن يقوموا به بعد عملية خان يونس الفاشلة إذ تتخبط «إسرائيل» في أزمة سياسية معقدة، يجد نتنياهو وقادته العسكريون أنفسهم أمام تحدٍّ آخر لا يقل تعقيداً هو ما يجب أن يقوم به، عملانياً وإستراتيجياً بعد عملية خان يونس الفاشلة ومفاعيلها المحبِطة؟ ثمة شبه إجماع بين المعلّقين العسكريين والخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين على أن عملية خان يونس لم تكن محاولة لإغتيال قيادي بارز في صفوف «حماس»، كما تردَدَ بادئ الأمر، بل «كانت عملية غايتها جمع معلومات استخبارية لها علاقة بالبنية التحتية العسكرية لـ»حماس»: أنفاق وتطوير سلاح. وربما لها أيضاً علاقة بمشكلة أخرى تعانيها «إسرائيل» في غزة: الأسرى والمفقودون خلال السنوات الأخيرة. وتستغل «اسرائيل» عادةً الفوضى في العالم العربي للقيام بعمليات كثيرة مشابهة وراء الحدود، القسم الاكبر منها لا يجري الكشف عنه ولا يعرف به الجمهور». (انظر:عاموس هرئيل في «هآرتس»، 2018/11/12). استنتاج هرئيل معقول، لكنّني أرجّح أن الغاية المركزية لعملية خان يونس كانت تتعلق بما اسماه هرئيل «تطوير سلاح»، مضمونها محاولة الكوماندوس الإسرائيلي تعطيل موقع مختص بتطوير صواريخ المقاومة لجعلها أطول مدى واكثر دقة. ذلـك أن نجاح «اسرائيل» فـي تعطيل هذه الرافعة التكنولوجيـة يساعدها على تحقيق الأغراض المتوخاة من مخطط التهدئة في غزة، والتطبيع مع دول الخليج بقصد إقامة حلف «ناتو» اسرائيلي- خليجي لترفيع فعالية حملة نتنياهو وترامب لتقويض قدرات إيران. في ضوء هذه الواقعات والتحديات والاحتمالات، يستقيم الاستنتاج بأن القيادة السياسية والعسكرية العليا في «اسرائيل» باتت في حال ارتباك سياسي وعسكري شديد يحول دون اتخاذها قرارات حاسمة خلال المرحلة الانتقالية التي يمرّ فيها الكيان الصهيوني في الوقت الحاضر، ولغاية إجراء الانتخابات في العام المقبل. المهم أن تحرص قيادات أطراف محور المقاومة على اغتنام حال الارتباك الإسرائيلية (والامريكية) بغية هندسة ردود سياسية وعسكرية كفيلة بإحباط سيناريوهات تكتيكية واستراتيجية تمور في عقول قيادات معسكر الأعداء. كاتب لبناني  |
| إعدام الدولار ومستقبل التجاذب الأمريكي الإيراني Posted: 18 Nov 2018 01:08 PM PST قبل أيام أعلنت السلطة القضائية الإيرانية عن إعدام شخصين بتهمة «الإفساد في الأرض» بسبب احتكارهما لسوق العملة الذهبية «المسكوكات الذهبية» وهما وحيد مظلومين الملقب بـ»سلطان المسكوكات» وشريكه محمد سالم. وبهذا الإجراء أصيب سوق العملة والقطع والذهب بصدمة مباشرة، نتج عنها تراجع سريع في سعر الصرف، وأحدث حالة من الخوف لدى تجار العملة، سمح للحكومة الإيرانية بالسيطرة النسبية على مسار انحدار قيمة العملة الذي أطاح بكل مقدرات الطبقات المتوسطة والفقيرة ولم تسلم منه بعض الطبقات الغنية، التي تقع خارج دائرة الجنة المالية للمتحكمين بهذا القطاع والسوق. اللجوء إلى عنوان «المفسد في الأرض» لإصدار حكم الإعدام يعود للفراغ التشريعي في هذا الجانب، خاصة ما يتعلق بجانب الاحتكار في سوق العملة والمعادن الثمينة والاتجار بها، وإن إصدار حكم إعدام تحت عنوان الاحتكار، قد يحمل الكثير من الإشكالات، ويفتح العديد من الأزمات في المجال التشريعي والقضائي، وبالتالي فإن عنوان «الإفساد في الأرض» شكّل الغطاء الشرعي والديني الأشمل، الذي يسمح للقضاء بإصدار الحكم وتنفيذه بسرعة، ويؤدي دوره المطلوب في إحداث الصدمة في هذا القطاع، يعيد بعض التوازن المؤقت له. وهو ما حدث بالفعل، إذ تراجع سعر صرف الدولار بشكل ملحوظ في السوق الإيرانية، على الرغم من دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، وعلى الرغم من التوقعات بانهيار سريع وكبير للعملة الإيرانية. عودة السيطرة النسبية للحكومة الايرانية ومؤسساتها المالية على سوق الصرف والذهب، ترافق أيضا مع عمليات اقتصادية معقدة في كل القطاعات الاقتصادية والصناعية والإنتاجية وحتى الإدارية والدبلوماسية. فقد قللت الحكومة الإيرانية الحصص المخصصة للمصانع الإيرانية من المواد الخام، ومنعت تصدير أي من المواد الأولية مع فتح الأبواب على مصراعيها لعمليات الاستيراد في مختلف القطاعات، متبعة سياسة تشجيعية تقوم على منح المستوردين الدولار بالسعر الرسمي، الذي حددته في شهر أبريل/نيسان الماضي بقيمة 4200 تومان للدولار الواحد. على الصعيد الإداري، خاصة في ما يتعلق بالعاملين في البعثات الإيرانية في الخارج، فقد قامت الخارجية الايرانية والدوائرة والمؤسسات الرسمية التي تمتلك ممثليات في دول العالم بابلاغ السفارات والمكاتب التابعة لها بسياسة التقشف التي تبنتها، وعملية تقليص عدد الموظفين في السفارات والمكاتب، وبالفعل بدأ عدد من هؤلاء الموظفين بحزم حقائبهم والعودة إلى طهران، في إطار هذه السياسة الجديدة. وهي سياسة سبق أن لجأت إليها إيران وحكومة روحاني ما قبل التوصل إلى توقيع الاتفاق النووي، إذ عمدت إلى خفض ميزانيات السفارات في الخارج إلى أكثر من النصف، حتى إنها أوقفت نفقات أعمال الصيانة، أو البناء في العديد من سفاراتها حول العالم، إلى جانب تقليص عدد الموظفين المبتعثين من إيران. بعض الخبراء الاقتصاديين الإيرانيين يعتقدون أن النجاح المباشر لبعض السياسات الاقتصادية، وإن كان قد حقق بعض الأهداف المباشرة للحكومة والنظام، في مواجهة الصدمة الأولى للعقوبات الأمريكية، واستطاعت على سبيل المثال تحريك الحجم الكبير من الأموال المجمدة داخل المنازل الإيرانية، التي لا تدخل في عمليات التبادل الاقتصادي، واستطاعت أيضا أن تسدد الجزء الأكبر من ديون إيران الداخلية، إلا أنهم يتخوفون على المدى المتوسط أن تتحول هذه السياسة إلى ما يشبه عملية ضغط «النابض – الراسور أو النفر» وأن يصل الضغط إلى الحد الأقصى، عندها لا يعود بمقدور القوى التي تحاول الحفاظ على الاقتصاد في قبضتها وتحت سيطرها الاستمرار في هذه السياسة وتكون مجبرة على إفلاته، عندها لا شك ستحدث عملية انفجار في قيمة صرف العملة، وبالتالي انهيار كبير وغير قابل للسيطرة في سعر العملة الإيرانية. ولا يستبعد هؤلاء أن تصل الحالة الايرانية، على الرغم من وجود بطانة مالية كبيرة من العملة الصعبة، إلى ما يشبه الحالة الفنزويلية، وأن تتآكل هذه البطانة وأن يصاب الاقتصاد والعملة الايرانية ما أصاب الاقتصاد في بلاد الحليف والصديق الفنزويلي. ان ترسم الدولار على ارضية الشارع العام أمام السفارة الامريكية في ذكرى احتلال السفارة الامريكية وتدفع المتظاهرين المحتشَدين للدوس عليه، لا يمكن أن يصل إلى أن يكون سياسة علاجية لما ستكون عليه الأزمة الاقتصادية جراء العقوبات في المرحلة المقبلة، فالتصرف الأكثر تعبيرا عن موقف الشارع الايراني في التعاطي مع التصعيد الذي تعتمده طهران اتجاه واشنطن، جاء في تصرفات طلاب إحدى الجامعات في مدينة اصفهان (وسط ايران) عندما راحوا يتقافزون عن العلم الامريكي المرسوم على ارضية مدخل الجامعة، والامتناع عن الدوس عليه، في موقف يحمل رسالة إلى النظام عن الهوة الموجودة بين الموقف الرسمي للنظام وبعض الحكومة، والشارع الشعبي والشبابي وبعض الحكومة، الذين يرون ضرورة ان تنزل طهران عن شجرة رفض التفاوض والتوصل الى تسويات تقطع الطريق على خلق أزمات لا حاجة لها، ولا تنفع ولا تخدم سوى مصالح طبقة خاصة من المستفيدين من هذا التوتر في النظام. عنوان «الإفساد في الأرض» شكّل الغطاء الشرعي والديني الأشمل، الذي يسمح للقضاء بإصدار حكم الإعدام وتنفيذه بسرعة يتداول بعض الثوريين الإيرانيين ممن يرفعون الصوت ضد بعض سياسات النظام، سيناريو عن مشهدية شعبية افتراضية، لكنها قد تكون حقيقية في حال طبقت على أرض الواقع، وتقول هذه المشهدية «لنتخيل أنه وفي المكان المخصص لتظاهرات ذكرى احتلال السفارة الامريكية، أو يوم القدس العالمي أو انتصار الثورة، وهي تظاهرات تعلن العداء لأمريكا، أننا وضعنا إعلانا عن فتح مركز لتوزيع «البطاقة الخضراء الأمريكية بأعداد محددة» على مسار هذه المظاهرات، ماذا سيحدث؟ سنشهد هجوما من الشعب الثوري والحاضر دوما في ساحات المواجهة على هذا المكتب للحصول على هذه البطاقة، وأن عدد القتلى والجرحى للوصول إلى هذا المكتب لن يكون أقل من الذين سقطوا في حادثة التدافع التي وقعت في مشعر منى في الحج». تدرك إيران بكل مستوياتها الحاجة لفتح قنوات حوار جدية مع الإدارة الامريكية، وعدم الاكتفاء باستيعاب هجمة هذه الادارة من خلال محاولة البحث عن مخارج اقتصادية مؤقتة، تبعد عنها شبح الحرب من جهة، وتلبي مطامح الرئيس الامريكي دونالد ترامب من جهة أخرى، كما في اعتقاد البعض في طهران، بما يبعد عنها ألم تجرع كأس الاعتراف بهذه الحقيقة، والتقليل من حجم التحديات، من خلال التأكيد على تحقيق الانتصارات الداخلية والإقليمية ان كان في العراق او سوريا او لبنان او اليمن، التي في ظاهر بعضها قد تكون نقاطا إيجابية لإيران، إلا أنها في الحقيقة تخدم الرؤية الامريكية. ولا يمكن ان تخفف من الأزمة التي تترصد إيران، تلك المشهدية في الدوس على الدولار، أو إعدام بعض المتاجرين به وبالذهب، واعتبارها إعداما للدولار. لذلك يبدو أن المرحلة المقبلة ستكون معقدة على طهران التي ستجد نفسها أمام تحديات بتقديم تسويات ضخمة ودفعة واحدة لا تقتصر على الملف النووي، بل على العديد من الملفات الداخلية والاقليمية، ليس أقل تعبيرا عنها الجملة التي رددها نتنياهو تعليقا على زيارته لسلطنة عمان «نصنع التاريخ» . كاتب لبناني  |
| التسجيلات التركية والأمريكية تحاصر الأسرة الحاكمة السعودية Posted: 18 Nov 2018 01:00 PM PST |
| ألمانيا: عن الاستغلال السياسي للجريمة Posted: 18 Nov 2018 12:38 PM PST سبعة لاجئين يحملون الجنسية السورية وشاب ألماني ارتكبوا جريمة اغتصاب بحق فتاة استدرجوها من ملهى ليلي في مدينة فرايبورغ الألمانية، ناشطون قالوا إن المخطط الرئيسي للجريمة مقاتل سابق في «الأسايش»، وتوجد بحقه مخالفات وجرائم اعتداء وسرقة ارتكبها في ألمانيا، وتناقل آخرون على صفحاتهم الاجتماعية أن معظم المشاركين في الجريمة شبيحة موالون للنظام السوري. ولم يستبعد البعض وجود عامل سياسي قصدي في الجريمة بغاية تشويه سمعة السوريين وتحريض جهات في الحكومة الألمانية على طرد السوريين في وقت عرف عن كثير من موالي الأسد دعوتهم عبر صفحاتهم لطرد السوريين من ألمانيا، وهو ما ينسجم مع دعوات روسية لإعادتهم إلى سوريا. الجرائم والانتخابات كما لاحظ ناشطون سوريون أن جرائم بعض اللاجئين الكبيرة والشنيعة في ألمانيا تحدث قبيل الانتخابات، مما دفع بعضهم للتشكيك بدور ما غير نظيف للشرطة، فهذه الجهة المسؤولة عن الأمن كما يقولون تترك المجرمين طلقاء دون مراقبة ودون حبس أو تقييد. لكن لو صح ذلك، فلماذا يحدث دوما أن هذه الجرائم ترتكب قبيل الانتخابات المحلية في الولايات أو قبيل انتخابات عامة ؟ هل يتقصد هؤلاء المجرمون ارتكاب جرائمهم في توقيت دقيق وحساس لدوافع أو غايات سياسية ؟ ربما توجد أحيانا لدى بعض المجرمين دوافع سياسية، لكن أيضا من الممكن أنهم يرتكبون جرائمهم بسبب فخ أعد لهم أو دفعوا إليه، أو بتسهيل من جهة ما. لكن أليس هذا محض خيال لا دليل عليه، واستسلام لفكرة المؤامرة، صحيح أن لدى اللاجئين نوازع سياسية، لكن أن يرتكبوا جرائم شنيعة لخدمة أجندة سياسية تجعلهم مجرمين مأجورين، يفترض عندئذ بالشرطة وجهات أخرى التحقيق في مسألتين جنائية وسياسية، لكن ما دور الصحافة في ذلك ؟ وهل للصحافة يد في هذه «الطبخة» المفبركة ؟ إن الجريمة تحدث كل يوم في ألمانيا، فبرلين مثلا التي تحتل الجريمة فيها المرتبة الثالثة على مستوى ألمانيا ارتكبت فيها مئة ألف جريمة العام الفائت 2017 ما بين جنحة وجناية، حوادث سير سرقات اعتداء قتل ابتزاز اغتصاب … أي بمعدل 300 جريمة كل يوم، لكن الصحافة الألمانية لا تذكر هذه الجرائم إلا قليلا. وهذا التجاهل هو ما يدفعنا إلى فرضية تورط الصحافة وليس تورط الشرطة كما ينتقد البعض في مسألة ابتزاز سياسي أو تأثير على السياسة عبر الانتخابات، وعن طريق الجهة الأضعف في ألمانيا حاليا ألا وهم اللاجئون … لماذا اللاجئون ؟ لأنهم مادة خام يسهل التحكم بها، ولأنهم الجهة المقصودة آخر الأمر، ولأنهم الورقة المجانية السهلة التي يمكن اللعب بها لتغيير التوازنات السياسية في ألمانيا. هكذا يصبح السؤال المشروع والمهم هو من أخبر الصحيفة بهذه الجريمة، ولماذا، وليس فقط سؤال من دفع لارتكاب الجريمة وسهل ارتكابها ؟ المسألة الأخيرة المهملة في الجريمة والخبر الصحافي عنها، بعيدا عن الاستغلال السياسي، هو نوع آخر من الاستغلال أو الابتزاز بحق اللاجئين السوريين، فإحدى نتائج هذا الجريمة وتدوالها في الصحافة هو مزيد من تحطيم لمعنويات وإرادة اللاجئين السوريين، لجعلهم أدوات طيعة، بعد أن تدفعهم الدعاية المركزة ضدهم للشعور بالذنب عند كل جريمة شنيعة كهذه الجريمة، كما تجعلهم تحت وطأة الإدانة، إدانة ذواتهم وتحقيرها ومن ثم استنكار هويتهم كسوريين وكلاجئين… والوقوع تحت الضغط النفسي والانكار يدفع اللاجئين إما للاندماج القسري سريعا، لكنه اندماج شكلي، أو للتفكير بالعودة إلى سوريا، أو يجعلهم ينظرون إلى أنفسهم كمدانين في وقت ينظرون إلى المجتمع الألماني كطرف معتدى عليه لا يمكن أن يغفر لهم، وسينتقم منهم باعاداتهم إلى سوريا، اليوم أو غدا، وهو أمر بالنسبة للعدد الأكبر من السوريين يسبب مشاكل نفسية إضافية … تضاف إلى المشاكل النفسية التي يعاني منها أعداد ليست بالقليلة منهم. النخبة المثقفة في المقابل يبدو أن موقفا متقدما يتطور لدى النخبة المثقفة اللاجئة من السوريين فقد تداول البعض منهم أحاديث وكتابات تناقش طرقا لمواجهة هذه الجريمة الكبرى النكراء بحيث اقتراح بعضهم للتظاهر واصدار بيانات إدانة علنية للجريمة والمطالبة بإنزال أشد العقاب بالفاعلين، واقترح آخرون رفض التعامل مع الجناة مستقبلا، في حال أطلقت سراحهم الشرطة كما فعلت قبلا، لأنهم قد يرتكبون جرائم أكبر، ودعا البعض الشرطة الألمانية لاعتقال هؤلاء المجرمين، والتوقف عن اللامبالاة في التعاطي مع أمثالهم، لحماية اللاجئين السوريين من نتائج أفعال بعض المجرمين، وما يترتب عليها من استغلال سياسي قد يهدد مستقبل وحياة السوريين في ألمانيا ويهدد استقرار ألمانيا نفسها . كاتب سوري  |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق