Alquds Editorial |
- تجاوز نتنياهو العاصفة والمنازلة مقبلة مع باراك
- انتصار شبكات التواصل الاجتماعي على إفك المستبدين
- «رعاية الماضي وتدمير المستقبل»: شراكة النفط البريطانية والمتحف البريطاني حول العراق
- بن سلمان انتهى… حتى لو لم ينتهِ
- الهوية والدولة حالة عربية مدمِّرة
- على ضوء ما يجري في السعودية: ماذا لو كان الملوك يُنتخبون؟
- يوسف قنديل والتنوير العربي
- الشهيد عرفات و«مناكفة نوفمبر» السنوية
- الصحراء الغربية: عودة للصراع المسلح أم نهاية سلمية؟
- دماء خاشقجي تحاصر القتلة
| تجاوز نتنياهو العاصفة والمنازلة مقبلة مع باراك Posted: 19 Nov 2018 01:15 PM PST أحرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نصراً صريحاً على ثلاثة من خصومه السياسيين الذين حاولوا إسقاط تحالفه الحكومي عن طريق التلويح بانتخابات تشريعية مبكرة، وذلك على الرغم من أنهم أعضاء بارزون في الحكومة الراهنة. بدأ الجولة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، الذي استقال من منصبه احتجاجاً على قبول وقف إطلاق النار مع حركة المقاومة الفلسطينية، حماس. الثاني كان نفتالي بينيت، وزير التعليم ورئيس حزب «البيت اليهودي»، الذي وضع التحالف الحكومي أمام واحد من خيارين، فإما أن تُسند إليه حقيبة الدفاع، أو يستقيل ويتسبب بذلك في انتخابات مبكرة. الثالثة كانت أيليت شاكيد، وزيرة العدل والقيادية في «البيت اليهودي» أيضاً، والتي أعلنت التضامن مع بينيت ولوحت بالاستقالة. |
| انتصار شبكات التواصل الاجتماعي على إفك المستبدين Posted: 19 Nov 2018 01:14 PM PST من بين عناصر أخرى، اضطلعت شبكات التواصل الاجتماعي بدور أساسي في تشكيل رأي عام عربي وعالمي رافض لجريمة القتل البشعة التي أسقطت الصحافي السعودي جمال خاشقجي ومصر على المطالبة بالحقيقة والعدالة. لم تفلح اللجان الإلكترونية التابعة للحكومة السعودية ولحلفائها الإقليميين في السيطرة على «مسألة خاشقجي» في الفضاء الافتراضي، لم تفلح لا في مرحلة الإنكار السعودي لجريمة القتل ولا بعد أن بدأت الاعترافات الرسمية المبتورة تتواتر.
وللاختلاف على شبكات التواصل الاجتماعي بين إصرار على الحقيقة والعدالة في «مسألة خاشقجي» وبين ردة فعل هادئة تجاه الحرب على اليمن على الرغم من تطابق المسؤول عن القتل هنا وعن الحرب هناك، لهذا الاختلاف أسباب متنوعة تستحق الرصد. كاتب من مصر |
| «رعاية الماضي وتدمير المستقبل»: شراكة النفط البريطانية والمتحف البريطاني حول العراق Posted: 19 Nov 2018 01:12 PM PST ما الذي اراده عدد من الناشطين حين دخلوا المتحف البريطاني وأدعوا بانهم لجنة ترحيب من شركة النفط البريطانية بريتيش بتروليوم (BP) ووقفوا يتبادلون الانخاب وهم يشربون، بدلا من النبيذ والشمبانيا، أقداحا من «النفط»، اثناء العرض الخاص المقام للصحافيين خلال افتتاح واحد من اهم المعارض عن حضارة آشور بعنوان حيث افتتح المتحف البريطاني اخيرا معرضا بعنوان «أنا آشور بانيبال ملك العالم ملك آشور» عن الامبراطورية الآشورية، ومركزها نينوى، شمال العراق؟ ما علاقة شركة النفط بالمتحف العريق؟ ولم الاحتجاج على معرض يبين للعالم حضارة وتراث العراق بعيدا عن السياسة والحروب؟
قام المحتجون اثناء تواجدهم داخل المتحف باستقبال بشرب «شمبانيا النفط» لجلب الانتباه إلى العلاقة المشينة بين شركة النفط والمتحف البريطاني الذي «يسهّل تبييض أعمال الشركة في العراق، من خلال السماح للشركة برعاية معرض يقدمها كراع حميد وحارس للتراث العراقي» حسب بيان وزعه الناشطون توضيحا لاسباب احتجاجهم. من بين الاسباب الأخرى: مسؤولية بريتيش بتروليوم وشركات نفط أخرى عن التلوث البيئي ومنه تلوث المياه. كما أدت سياسة الشركة في تشغيل العمال الاجانب بدلا من العراقيين إلى تفاقم تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي، اذ بينما يمثل قطاع النفط 89٪ من ميزانية الدولة و99٪ من عائدات التصدير العراقية، إلا ان 1٪ فقط من الوظائف تمنح للعراقيين. كاتبة من العراق |
| بن سلمان انتهى… حتى لو لم ينتهِ Posted: 19 Nov 2018 01:11 PM PST الوصف الدقيق الذي ينطبق على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اليوم هو أنه انتهى. أيًّا كان الموقف المرتقب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص جريمة تصفية الصحافي جمال خاشقجي، بن سلمان انتهى. ربما سيستمر في منصبه بعد ان يخرج من هذا المأزق، لكنه سيواصل الحكم منتهيا، مُحرَجًا، منزوع القوة الأخلاقية وبلا ثقة فيه، محليا ودوليا. سيواصل حياته العامة، إن واصلها، ملاحَقا بصورة واسم خاشقجي إلى آخر أيام عمره.
في المقابل ساد الاعتقاد بين آل ترمب بأنهم عثروا على الرجل المعجزة الذي سيفتح لهم أبواب السعودية والشرق الأوسط، خصوصا في وجود عرّاب اسمه محمد بن زايد على رأس دولة الإمارات. كانت نقطة تفوقه على الآخرين من آل سعود أنه جاهز ليُسهِّل اندماج إسرائيل في محيطها بلا مقابل تقريبا. كان هو الرجل الذي انتظرته إسرائيل طويلا. حَلمَ ترامب بأن يكرّس مكانة له بين اللوبيات اليهودية في أمريكا، ويسدي خدمة لزوج ابنته البكر، فوجد في بن سلمان الجسر الذي يقوده لهاته الانجازات. كان زواجا مصلحيا مربحا للطرفين. سار كل شيء على ما يرام إلى أن قرر «الرجل المعجزة» (أو تبنى) تصفية خاشقجي بتلك الطريقة البشعة والبدائية. كاتب صحافي جزائري |
| الهوية والدولة حالة عربية مدمِّرة Posted: 19 Nov 2018 01:05 PM PST تلازم الدولة والهوية حالة عربية حديثة، ظهرت مع بداية تشكل الدول بعد الحرب العالمية الأولى، التي مرّ عليها الآن مئة سنة. فقد جاءت الأنظمة العربية إلى الحكم على أثر التقسيم الاستعماري للحدود الجغرافية، تحت ضغط مطالب النخب الإصلاحية والوطنية العربية بالاستقلال والسيادة، واحترام الخصوصيات القائمة في البلاد العربية، مجاراة لما تطمح إليه كافة الشعوب في العالم، سواء في الغرب بما تنطوي عليه من قوميات وأقليات، أو في الشرق، ومنه العالم العربي، وما تنتظره شعوبه من نظام حكم سياسي يأخذ بالآليات التي تُقِرها الأعراف والتنظيمات الدولية الجديدة، خاصة منها عصبة الأمم، ثم هيئة الأمم المتحدة، ولم يكن أبدا تصور هيئة الدولة المنشودة خارج هذه الحقائق السياسية الجديدة. استندت الحركات الوطنية العربية إلى مقومات الذاتية، أي الاعتبارات التي تميزها عن أنظمة الاحتلال الغربي، كدليل استحقاق السيادة وبناء الدولة. فقد كان مطلوبا أن تعمل الحركات الإصلاحية والوطنية على إبراز الخصائص المميزة، وأن ما يجري في أوطانها استعمار حقيقي، لكي تلتمس طلب العضوية في الهيئات الأممية، ومن ثم استحقاق السيادة والاستقلال. ولأجل ذلك سارعت النخب العربية اللاهثة وراء امتلاك السيادة وزمام السلطة، إلى إعادة بعث الحياة الثقافية في كافة أبعادها، بالقدر الذي توفر الخصائص الجوهرية للذات العربية، كما كانت توصف ويجري التفكير فيها في ذلك الوقت، خاصة لحظة ما بين الحربين العالميتين. فعلا، تلازم التفكير السياسي مع التفكير في الهوية في لحظة واحدة، بقدر أن التفكير في أي منهما يستدعي بالضرورة الآخر. فقد انصب التفكير على اللغة العربية، وتجديد الفكر الإسلامي، القومية السياسية، التراث العربي، النضال السياسي المشترك وبناء الأحزاب السياسية على أساس من الخصائص البارزة والملحة على الاستقلال والدولة والسيادة والشعب والأرض. والمعروف تاريخيا أن هذا النشاط العربي أوضح ما ظهر في أعقاب انهيار الخلافة الإسلامية والسلطنة العثمانية، وبناء الدولة التركية الحديثة ذات النظام الجمهوري اللائكي تحت قيادة مصطفى كمال أتاتورك. فكافة هذه الاعتبارات كانت ماثلة في وعي النخبة السياسية والمثقفة العربية، على اختلاف مشاربها الدينية واللغوية والإثنية. اختلفت مقومات الهوية الوطنية لحظة المطالبة بالاستقلال عن مرحلة ما بعد الاستقلال. فقد تبيّن أن هناك قصورا واضحا بين مقوّمات الهوية ومقتضيات الدولة الحديثة، كما يتعارف عليه المجتمع الدولي الحديث، فالتجربة افتقرت منذ البداية إلى المضامين السياسية والاجتماعية والثقافية التي تتطلبها مرحلة ما بعد الكولونيالية، كما رسمها ورسَّمها زعماء وقادة الحركات الإصلاحية الوطنية، فقد انتهت تجربة الحكم إلى أنظمة استبدادية طاغية لا تفسح المجال أبدا إلى وصول المعارضة إلى السلطة، فاستغلق نظام الحكم على نفسه، ولم يدرك طريق الإصلاح، إلا عبر الثورات والانقلابات، كان آخرها ما نشاهده في ما يعرف بثورات «الربيع العربي» القائمة في أكثر من بلد عربي، وفي آخر انقلاب نفّذه نظام العساكر في مصر على أول تجربة ديمقراطية تتم في تاريخ المصريين. وعليه، فإن عناد النظام العسكري العربي في الحكم هو الذي تسبب في عدم المطابقة التامة بين الهوية والدولة، من حيث أن الهوية، كما جرى تعريفها مشروع آيل دائما إلى البحث عن الاكتمال مع شروطها المكتشفة من التاريخ ومن نوازل الحاضر والرُّنو الدائم إلى المستقبل، أي أن الهوية كما ندركها في التاريخ الحديث والمعاصر يجب أن تتطابق مع مقتضيات الدولة في مدلولاتها ومعانيها المستحدثة، خاصة منها التواصل الأبدي مع الديمقراطية، الرامية دائما إلى تجديد شرايين الحياة السياسية ونظام الحكم، خاصة وصول المعارضة إلى الحكم والسلطة وأداة الدولة كمؤسسات عمومية وشخصية اعتبارية، كذلك منح حقوق الأقليات على اختلاف أصولها وفروعها ولغاتها وإثنياتها، لأنها ساهمت بهذا القدر أو ذاك في صناعة استقلال الوطن. فالوجه الناقص في الدولة ، ما بعد الكولونيالية، هو الذي أربك سيرورة تماهي وتواصل الهوية مع مؤسسات الدولة في آخر تعبيراتها، أدّى كل ذلك إلى إخفاق نظام الحكم الذي صار يبحث عن إنقاذ نفسه، بدل حل مشكلة الأقليات والنزعة إلى الانتماءات الفرعية، بل تدحرج الوضع في العقود الأخيرة إلى التماس العون والمساعدة من الغرب، بما فيه اسرائيل، من أجل تأبيد الحكم القبلي والطائفي والحزبي. الحقيقة، أنه عندما نعالج إشكالية الهوية والدولة في تجارب البلدان العربية لحظة ما بعد الكولونيالية، وندفع المعالجة إلى عمقها التاريخي نجد أن صلة الهوية بمؤسسات الدولة الحديثة صلة متينة جدّا، من حيث أن موضوع الدولة والسيادة والحكم والاستقلال عن الاستعمار طرحت لحظة الشعور بالذات والاختلاف عن الآخر المحتل، الذي ولّد في اللحظة ذاتها الوعي بإمكانية الاستقلال عنه ولو نوعا من الاستقلال، اعتبارا لقوة حضور الاستعمار في البلدان العربية وتباينه أو انعدامه في بعض البلدان الأخرى مثل الخليج العربي، ولأننا أيضا لا نستبعد أن الوعي بالاختلاف والتفكير فيه متأتٍ من الفكر الغربي: مثل النزعة الوطنية، إشكالية الهوية، الديمقراطية، السيادة، تصفية الاستعمار، تقرير مصير الشعوب والخطر اليهودي على العالم. ظهر التلازم لحظة الاستعمار بين الشعور بالهوية وحالة الاستقلال عن العدو (المحتل)، بل يمكن القول إن سبب الشعور بالهوية القومية العربية والإسلامية هو هاجس الاحتلال، أي فكرة اغتصاب الأرض العربية، وبقيت حالة التلازم بين الهوية والاحتلال في الوعي العربي حتى بعد انحسار المستعمر عن البلاد العربية، لأن جزءا من الأرض العربية، وهو فلسطين لم يحظ بعد بالاستقلال، وهذا النقص هو الذي لا يزال يُشْعر العرب، إلى حد ما، بأنهم عرب وبأنهم مسلمون. كما أنه لا يمكن أن نستبعد قوة الرؤية الغربية للعرب والمسلمين في بلورة هويتهم الحديثة، فجزء كبير من الملامح والخصائص العربية صنعها الغرب، على حد تعبير المستعرب الفرنسي هنري لورانس. وقد أُسِّسَ لهذا الغرض علما قائما بذاته هو « الاستشراق»، إلى أن جاء أدوارد سعيد المفكر الفلسطيني الأمريكي بكتابه «الاستشراق» 1978، ووضع العلامة الفاصلة بين الاستشراق الكلاسيكي، وما يمكن أن تكون عليه العلوم الاجتماعية والإنسانية لحظة بعد الاستشراق. الحقيقة أن الوقوف على جدلية المستعمِر والمستعمَر، كما تطرح في الأدبيات التاريخية لما بعد الكولونيالية، تفصح لنا عن وجوه عديدة من مسألة الهوية، لأن في المرحلة الاستعمارية أثيرت قضية الأقليات، مثل الظهير البربري في المغرب، الفَرْنَسة والتَّجنيس في الجزائر وتونس، والمسيحيين في المشرق العربي كله، قضايا الدروز في لبنان، الأكراد في العراق، الأرمن في تركيا، ضمن استراتيجية نظام التمييز العنصري والاستغلال الرأسمالي لثروات وموارد لم تكن من حق الأوروبيين لأنها كانت بعيدة عن أراضيهم. واليوم، على ما نلحظ، زمن ما بعد الكولونيالية وإخفاق الأنظمة السلطوية العربية وفشل الحركات الإسلامية في إرساء نظام حكم الدولة الإسلامية، لم تعد إشكالية الهوية والدولة العربية تطرح كما كانت تطرح في سياقها الاستعماري، الرامي دائما إلى الفصل بين الشرق والغرب، بقدر ما أن مؤشرات الإشكالية صارت إلى تقريب العرب والغرب، عبر ظاهرة هجرة العرب إلى «الشمال»، فقد التحق الآلاف من المسلمين العرب ببلاد أوروبية وأمريكا، لاستكمال الجوانب الناقصة في شخصياتهم القاعدية الحديثة. فمتطلبات بناء الهوية الأساسية في البلاد العربية صارت صعبة وتكاد تكون مستحيلة بسبب الانسداد السياسي، وغياب آلية التعاطي مع مقتضيات تجديد الهوية واستكمال المواضع الناقصة فيها. *كاتب وباحث جزائري |
| على ضوء ما يجري في السعودية: ماذا لو كان الملوك يُنتخبون؟ Posted: 19 Nov 2018 01:04 PM PST ماذا لو كان الملوك ينتخبون؟ سؤال يبدو ضد المنطق السياسي المتعارف عليه في التقاليد والأعراف والقوانين التي بموجبها يتم تسيير الأنظمة الملكية قديما وفي الوقت الراهن، ويقوم الأساس على مبدأ الوراثة باستثناء حالات معينة. لكن هذا النوع من الأسئلة يحضر في فترات زمنية معينة خلال الأزمات، مثلما يحدث الآن مع الملكية السعودية، حيث يعرّض الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد البلاد برمتها إلى خطر بسبب جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي. وتميزت الأنظمة الحاكمة في العالم القديم، وحتى القرن التاسع عشر بغلبة الأنظمة الملكية والإمبراطورية، ولكن نسبة هذه الأنظمة تراجعت بشكل كبير خلال القرن العشرين. وبدأت الدول تراهن على النظام الجمهوري، الذي يبقى أرقى فكر وممارسة أنتجتهما البشرية في وقتنا الراهن. وتعد القارة الأمريكية حالة رائعة في هذا الشأن، بسبب عدم وجود أي نظام ملكي في الوقت الراهن، باستثناء العلاقة المحدودة التي تربط كندا بالعرش البريطاني. والرهان على الأنظمة الجمهورية يعود الى أسباب متعددة، على رأسها مبدأ محاسبة من يتولى تسيير الشأن العام للبلاد، وثانيا يعود إلى مبدأ التداول على السلطة، بشكل يساهم في تجدد النخب السياسية بشكل دوري وأسرع بكثير من النخب في الدول الملكية، خاصة إذا كانت أنظمة ملكية غير ديمقراطية، إذ كلما طالت فترة حكم الملك في العرش طالت فترة مستشاريه ليتحولوا إلى ملوك في الظل يتوفرون على سلط تفوق سلط رئيس الحكومة. وتطور الوعي السياسي للشعوب سيقود حتما في المستقبل إلى مزيد من اختفاء الأنظمة الملكية، سواء عبر العنف كما وقع في العالم العربي في العراق ومصر وليبيا، أو عبر حلول سلمية من خلال صناديق الاقتراع بالتصويت على بقاء الملكية من عدمها، وهذا قد يقع في إسبانيا مثلا في السنوات المقبلة. وإذا تركنا العالم العربي جانبا، تعيش الأنظمة الملكية في أوروبا تطورا من أجل البقاء، فلم تعد تتحمل مسؤولية القرارات الكبرى، بل أصبحت من اختصاص حكومة منتخبة مسؤولة أمام الشعب، ونعني هنا الملكية البرلمانية. كما قلصت هذه الملكيات من نفقاتها وتصل الى ميزانيات محدودة جدا، مثل حالة ميزانية الملكية الإسبانية وهي قرابة تسعة ملايين يورو، لا يمكن مقارنتها مثلا مع الملكية في المغرب بـ270 مليون يورو، وتبقى بسنوات ضوئية عن ميزانيات الملكيات في الخليج وعلى رأسها السعودية. في الوقت ذاته، يسيطر وعي جديد على بعض الملوك وينسحبون في الوقت المناسب، كما فعل ملك إسبانيا خوان كارلوس، الذي بعدما بدأت الشبهات تتحدث عن تورطه في قضايا فساد مالية وفضائح جنسية، انسحب ليترك العرش لابنه ويجنب الملكية النهاية، لاسيما في ظل وجود نسبة مهمة من الشعب الإسباني يرغب في الجمهورية. وبمناسبة ما يجري في السعودية بعد تورط ولي العهد محمد بن سلمان في الجريمة، وعجز الملك سلمان عن اتخاذ قرار جذري، يعود الحديث عن كيفية إصلاح الأنظمة الملكية، خاصة عندما يصبح تأثير قرار اتخذه ملك أو ولي للعهد يهدد مستقبل الوطن برمته، وليس فقط النظام الملكي. وهذا ما يحدث مع قضية خاشقجي، فمن كان يصدق حتى نهاية الصيف الجاري بتحول العربية السعودية ذات النفوذ القوي دوليا، إلى دولة منبوذة في العالم. فالسعودية الآن في مأزق تاريخي، فقد هيمن محمد بن سلمان على آليات البيعة ودواليب أجهزة الدولة، وعمليا، أصبح من الصعب تغييره بطرق سلمية، في ظل إصراره على البقاء في ولاية العهد والرغبة في توليه عرش البلاد بعد أبيه. على ضوء ما يجري في قضية خاشقجي، أصبحت الأنظمة العربية الملكية مطالبة بضرورة الإصلاح الداخلي، من أجل البقاء وعدم خذلان شعوبها. لقد استحضر عدد من المحللين والمؤرخين مع قضية خاشقجي، احتمال عودة الربيع العربي، وسيمس هذه المرة الأنظمة الملكية وربما ستكون البداية مع السعودية. ويجب رؤية الربيع العربي من زاوية أنه دينامية تغيير ممتدة زمنيا، ولم يقتصر فقط على سنتي 2011-2013، رغم الدور السلبي الذي لعبته بعض الأنظمة الملكية في ثورة مضادة للتغيير نحو الديمقراطية، بتمويل حركات ممتدة وإعلام مشكك في كل ما هو تطور ديمقراطي. نعم يصل الربيع العربي الى أنظمة ملكية في العالم العربي الآن، أصبحت محط تساؤل شعوبها بعدما فشلت مشاريع هذه الملكيات في الرقي بشعوبها. ولنتوقف مع السعودية، فهذا البلد يشهد ربيعا عربيا مرشحا للانتقال الى وضع سياسي أحسن، رغم حالة الغموض الحالية. فأمام فشل مشاريع بن سلمان، ومهما بلغ عناده في تشبثه بالسلطة، سيقدم تنازلات داخلية (إذا ما استمر) بعد التنازلات الخارجية التي يقدمها الى الغرب وخاصة الولايات المتحدة. ولنعد الى السؤال الذي طرحناه في البدء: ماذا لو كان الملوك ينتخبون ووفق برنامج سياسي ويعزلون في حالة فشلهم؟ لو كانت آليات ديمقراطية وسط آل سعود لما وصلت البلاد الى ما وصلت إليه، منبوذة دوليا ومهددة في مستقبلها بسبب طيش ولي عهدها، الذي يعرض مستقبل الوطن للعقوبات. ولكان وضع الدول العربية ذات الأنظمة الملكية أفضل. تاريخ السعودية، رغم غياب الديمقراطية، يقدم حالة عزل الملك، ويتعلق الأمر بعزل الملك سعود في نوفمبر/تشرين الثاني 1964 بسبب طيشه وعجزه ومبايعة فيصل مكانه. حدث هذا عندما كان علماء الدين علماء، وليسوا مثل أغلبية علماء الوقت الراهن الذين يحشدون التأييد للملوك والأمراء عبر الفيسبوك وتويتر. الملكية هي نوع من العبودية اللينة الموروثة عن القرون الماضية، وحتما التطور الفكري للبشرية سيقود الى أنظمة جمهورية متطورة، إذ لا يمكن للحاكم أن يبقى في معزل عن محاسبة وتقييم التسيير والتداول في السلطة وكأن الشعوب قطيع يساق إلى الأبد. *كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي» |
| Posted: 19 Nov 2018 01:02 PM PST يكاد يكون سلوك رئيس مجلس أمناء «مؤمنون بلا حدود»، يوسف قنديل، في فبركة حادثة اختطافه وتعذيبه من قبل «متطرفين إسلاميين»، نتيجة طبيعية للسياق التاريخي الذي مرّ به مفهوم التنوير في عالمنا العربي، إذا تأرجح بين التكلس الثقافي والتوظيف السياسي. فما أطلق عليه عصور النهضة في بدايات القرن الماضي، وتمثل بأصوات ليبرالية عرفت الغرب وتأثرت به، انحسر سريعاً بمجموعة أفكار معزولة عن حركة المجتمعات التي بقيت رهينة بناها التقليدية. والعزلة هنا كانت مسؤولية مشتركة، ففي حين مانع الناس أفكار التغيير، كانت هذه الأخيرة مجردة من الأبعاد الاقتصادية، التي تضمن لها الترجمة الواقعية وتخرجها من دائرة التبشير. في مرحلة لاحقة، أي مع سطوة الأنظمة التي رفعت شعارات الاشتراكية، رُبط العامل الاقتصادي الذي غالباً ما يشكل رافعة للمفاهيم، بالأنظمة السياسية، فغدا التصنيع والإنتاج وحركة الأموال امتداداً لأيديولوجيا النظام، التي أخذت من أفكار التنوير ما يناسب دعايتها أمام «الجماهير». فنظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مثلاً كان «تنويرياً» بهذا المعنى، يسعى لنشر التعليم وتحرير المرأة وإلغاء الألقاب، ولكن، لبناء مواطن مؤدلج يؤمن بعقيدة النظام السياسية بدون جدل. هكذا اقتطعت جوانب من مفهوم التنوير لتصبح في خدمة الاستبداد الذي كان صناعه يستخدمون الاقتصاد كمصدر للرشاوى، بدل أن يكون قاعدة مادية تتقاطع مع سياسات ديمقراطية تؤسس لتغيير في المجتمعات. ومع بروز الإسلاميين كخصم قوي للأنظمة، شكّل هؤلاء ضدية مزيفة لتنوير يجري التحكم به وضبط انتشاره من قبل الأجهزة الأمنية، التي صارت تدير لعبة مكشوفة بين الإسلاميين والتنويريين الذين توزعوا على قسمين، واحد ورث أفكارا تحاكي تجارب الغرب، وطورها وأسس لها مقاربات تمارس التعالي على الواقع، وآخر نتج عن استثمار الأنظمة بالأفكار التنويرية واجتزائها لصالحها.
والقسمان، وإن اختلافا لناحية المرجعية، جمعهما الولاء للدولة، بوصفها جهازا بيروقراطيا يسيّر الصالح العام، بدون الاهتمام بهوية من يحكم وكيف يحكم، مقابل منافع بسيطة. وهذا ما يفسر جزئياً قبول مثقف مثل جابر عصفور محسوب على التيار التنويري، بمنصب وزير ثقافة بحكومة كان هدفها امتصاص غضب ثوار 25 يناير/كانون الثاني وخداعهم. وإن، كان مفهوم التنوير قد اختلط في بعض البلدان بالصراعات الأهلية، المخفية والمعلنة، لكنه لم يخرج عن المعادلة السابقة، لناحية تظلل التنويريين بالمؤسسات الحكومية. ولعل هذا المسار لمفهوم التنوير وتوظيفه واستثماره وصولاً إلى تفريغه من فاعليته، وتحويله معركة للتسلية بين خصمين مزيفين، يستفيد منها الاستبداد، حال دون وجود تنوير ليبرالي حقيقي يجتهد فكرياً لخلق ظروف مناسبة لتحقيق قيمه، كما حال أيضاً دون وجود إسلام سياسي حيوي يجادل خصماً وجودياً، وليس تابعاً لنظام أو جهاز أمن. ما وضعنا أمام فراغين، الأول ينتج شخصية مثل يوسف قنديل تفتعل مسرحية لتحظى بتعاطف، فيما الثاني ينتج تياراً إسلامياً يشمت ويبدي شعوراً بالنصر. وعليه، فقنديل والإسلام السياسي، مهما تخاصما فهما امتداد لبعضهما بعضا، ضمن لعبة رسمتها الأنظمة، مستفيدة من عدم أصالة مفهوم التنوير في بلادنا، وإذا كانت بطولة المسرحية هذه المرة لطرف، فغالباً سنرى عرضاً في القريب العاجل يلعب بطولته الطرف الثاني، عبر فتوى من هنا أو سلوك من هناك. *كاتب سوري من أسرة «القدس العربي» |
| الشهيد عرفات و«مناكفة نوفمبر» السنوية Posted: 19 Nov 2018 01:01 PM PST قيادات فلسطينية كانت سابقاً تتولى عمليات التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وكانت تدير سجوناً في الضفة وغزة تزدحم بالمناضلين والوطنيين، أصبحت مؤخراً تتصدر قوائم منتقدي هذا التنسيق، وتدعو لاستعادة إرث الرئيس الراحل ياسر عرفات، وإحياء ذكرى اغتياله، كما توجه انتقادات لاذعة لحركة فتح وقيادتها ولجنتها المركزية. القيادات الفلسطينية ذاتها، المشار إليها، تحاول أن تجعل من الرئيس عرفات ومن قضية اغتياله بالسم الإسرائيلي “قميص عثمان” الذي تريد أن تلقي به في وجه الرئيس محمود عباس، لتوظيفه في نهاية المطاف من أجل خدمتهم في الصراع السياسي والتنظيمي معه، وهو صراع لا حاجة للشعب الفلسطيني به، وليس له أي أهمية في مشوار النضال الوطني الفلسطيني، بل إنه خلاف تنظيمي داخل حركة “فتح” يحاول البعض أن يجعل منه انقساماً داخل الحركة، ويحاول المختلفون مع أبو مازن الإيحاء بأنهم “تيار فلسطيني” أو “تيار فلسطيني ثالث”، في إشارة إلى أنه قد يكون البديل عن حركتي فتح وحماس. منذ عدة سنوات بات شهر نوفمبر/تشرين الثاني موسماً للمناكفات الفتحاوية، إذ بدلاً من إحياء ذكرى رحيل ياسر عرفات، وبدلاً من المطالبة بالكشف عن المتواطئين بتمرير السم الإسرائيلي إلى جسده، فإن بعض القيادات الفلسطينية تحاول أن تحيي الخلاف الداخلي في حركة فتح، أو الخلاف بين فتح وحماس، مستخدمين في ذلك اسم عرفات وذكرى استشهاده، مستغلين كونه “الرمز” وكونه القاسم المشترك الأكبر لدى الفلسطينيين. لا يختلف الفلسطينيون على عرفات، فلا حركة فتح ولا من انشقوا عن صفوفها، ولا حماس ولا غيرها من القوى الفلسطينية يختلفون عليه، بل خلال سنوات حصاره الثلاث في رام الله، كان خالد مشعل من بين أشخاص قلة يتواصلون بشكل يومي مع عرفات، في الوقت الذي قاطعه كل الحكام العرب والمسؤولين الدوليين وكثير من قيادات الفصائل الفلسطينية وتواطأوا جميعاً على تركه محاصراً وحيدا في المقاطعة يقاوم بجسده النحيل السم الإسرائيلي. من المؤكد أن عرفات لو كان حياً فلم يكن سيقبل بأن يكون مادة للصراع الداخلي الفلسطيني، فضلا عن أنه لا يمكن أن يقبل بصراع داخل حركة فتح، التي أفنى حياته كاملة من أجل تأسيسها ورص صفوفها، ولذلك فمناكفة نوفمبر السنوية داخل فتح أو في الشارع الفلسطيني، لا معنى لها سوى أنها تقسيم المقسم وتفتيت المفتت وتعذيب من هم في النار اصلاً، أي من هم تحت جمر الاحتلال. من كان يحب ياسر عرفات فعليه أن يجمع كلمة الفلسطينيين ويوحد صفهم ويلم شملهم، لا أن يدعو أنصاره للخروج إلى السرايا أو دوار المنارة أو غيرهما من الميادين، لحشد الشارع ضد فتح أو حماس أو ضد عباس أو السلطة أو غير ذلك، فهذا لا يعني في نهاية المطاف سوى مزيد من الشحن الفصائلي في الشارع، الذي يؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي. من كان يحب ياسر عرفات فعليه أن يعمل على جمع كلمة الفلسطينيين ويوحد صفهم، فما كان عرفات سيقبل بـ”تيار جديد في فتح” ولا كان سيقبل بخلاف بين حماس وفتح، ولا بانقسام بين الضفة وغزة، ولا بترك القطاع وحيداً محاصراً معزولا يواجه طائرات العدوان بمفرده. الفلسطينيون بحاجة اليوم إلى من يوحد صفوفهم وينهي انقسامهم، وهذا يستوجب رص صفوف حركتي فتح وحماس وإعادة الالتحام بينهما، وتنظيم انتخابات عامة شاملة يُشارك فيها الجميع وتنتهي بنخبة فلسطينية جديدة غير تلك النخبة التي تبيح لنفسها التنسيق الأمني، لكنها تحرمه على غيرها، وتستخدم ذكرى وفاة عرفات كـ”قميص عثمان” من أجل إشعال نار الخلاف الداخلي الفتحاوي.. هذه النخبة ليست مؤهلة لإعادة إنتاج الحياة النضالية الفلسطينية، وإنما يحتاج الفلسطينيون لغيرهم. *كاتب فلسطيني |
| الصحراء الغربية: عودة للصراع المسلح أم نهاية سلمية؟ Posted: 19 Nov 2018 01:00 PM PST في انتظار مباحثات تُعقد في الشهر المقبل، وبعد تعثر آخر لقاء تم في عام 2008، تستعد الأطراف الأربعة، المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، للمباحثات المقبلة برعاية الأمم المتحدة ، في محاولة لإنهاء صراع دام ومستمر منذ أكثر من أربعين عاما. وحسنا فعلت المنظمة الدولية في إخراج هذا الملف ووضعه على الطاولة مرة أخرى، بل جعل الحوار رباعيا، بعدما كان مقتصرا على الطرفين الرئيسيين المغرب والبوليساريو. على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي 2414 الصادر في أبريل/ نيسان 2018 حدد طرفي النزاع بشكل مباشر وهما الأخيرين. لكن دعوة الجزائر وموريتانيا للمباحثات المقبلة مطلوبة لأنهما يملكان أوراقا مهمة في المفاوضات، مثل عودة اللاجئين وتمركز القوات، وغيرها من المسائل التقنية. كما أن المنطقة الجيوسياسية بكاملها تحتاج إلى نوع جديد من الاستقرار والتوازن، ولا يمكن لطرفي النزاع وحدهما الوصول إلى هذا الهدف، فالعمق الاستراتيجي والرهانات الأمنية كلها من مسؤولية الجميع. علما أن الجزائر والمغرب كانا حاضرين منذ بداية المباحثات في عام 1986 في نيويورك ثم في لندن ولشبونة وغيرها. الجديد في الدعوة الحالية هي أنها لن تكون اجتماعا للتفاوض، بل طاولة حوار، كما طُلب من الجميع الجلوس معا من دون شروط مسبقة. وهذا يعني مسبقا سقوط الشرط المغربي بالحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، الذي ما انفك يؤكد رفضه الدائم لأي حل يتجاوز هذا الموضوع. في حين تطالب جبهة البوليساريو بأستفتاء حول حق تقرير المصير في المنطقة. يضاف إلى الجديد في القضية هو أن الظرف الراهن مختلف تماما عما سبق، فأمين عام الامم المتحدة أعطى مؤشرات إيجابية، بعد أن تمكن من الحد من التوتر في منطقة الكركرات المحاذية لموريتانيا. وكذلك اتصاله المباشر بالعاهل المغربي، وزعيم جبهة البوليساريو. كما أكد أنه جاد في إطلاق ديناميكية جديدة تنهي هذا الصراع. في حين كان الأمين العام السابق بان كي مون قد دخل في خلاف كبير مع المغرب، بعد أن اعتبر الصحراء الغربية أرضا محتلة. إضافة إلى ذلك، فبينما فشل مبعوثون أمميون كُثر في إيجاد حل، ولو بمستوى تقريب وجهات النظر للأطراف المتنازعة، فإن مبعوث الأمين العام الخاص حاليا، الرئيس الألماني الاسبق هورست كولر، يُمنّي النفس والمجتمع الدولي وأطراف النزاع بحل قريب، من خلال طرح أفكار واقعية يمكن الاستناد إليها في إطلاق حوار فعال، وقد التقى جميع أطراف الأزمة، كما زار الجزائر ونواكشوط وتيندوف ورابوني والرباط والعيون والسمارة والدخلة. ومع ذلك يبقى نجاح أو فشل طاولة الحوار المقبلة مرهونا بمدى توفر الإرادة السياسية لكل الاطراف المشاركة. فالنظرة الأولية تبدو إيجابية، من خلال ترحيب الجميع بالدعوة، لكن التصريحات التي سرت في ركاب الحدث تُعقّد المشهد مرة أخرى، فجبهة البوليساريو تؤكد على أنها غير مستعدة للتنازل عن شروطها المسبقة في عملية التفاوض، وهي تتحدث عن ضرورة وقف الانتهاكات لحقوق الإنسان والنهب الممنهج للثروات الطبيعية الصحراوية، بل أن أطرافا قيادية في الجبهة ذهبوا أبعد من ذلك في الحديث، من أن الصحراويين باتوا اليوم أكثر اقتناعا مما مضى، بأن الحل الوحيد هو بالعودة إلى الكفاح المسلح. يقابلها موقف مغربي هو الآخر متشدد من طرف عدم التراجع عن مقترحه بالحكم الذاتي الموسع في الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية. كما أنه وضع القضية بمستوى وطني مقدس للشعب المغربي، بل يؤكد على أن الملف مفتعل من قبل الجزائر، ولولا هذه الأخيرة لما كانت هنالك مشكلة اسمها البوليساريو ولا الصحراء الغربية. في حين تقول الجزائر بأن دورها في القضية لا يتعدى المساندة المبدئية لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وقد تكون كل هذه التصريحات والتصريحات المقابلة مجرد سقوف تفاوضية عالية، يحاول كل طرف استفزاز الطرف الآخر بها للحصول على تنازلات مهمة. كما أن جميع الأطراف يقف خلفها داعمون محليون ودوليون، وهؤلاء أيضا معنيون بتحقيق مصالحهم على حساب الأطراف المتصارعة في القضية. إن وجود دعم دولي في تحقيق حل مُشرّف لملف الصحراء لا يعني مطلقا أن الحل قريب. لان ما يقول به المغرب من سيادة على الصحراء الغربية لا تعترف به الأمم المتحدة، ولا يدعمه الاتحاد الأوروبي، بل إن المجتمع الدولي مازال منقسما في تقديم الدعم السياسي إلى أطراف الأزمة، لذلك نجد أن الحل منوط مباشرة بأطراف النزاع ومدى توفر الإرادة السياسية الداخلية لكل منهم. وهذه الإرادة السياسية يجب أن تنظر بعين الاعتبار إلى المستقبل، وما هي طبيعة العلاقات التي يجب أن تكون في حالة صعود البوليساريو إلى خانة الدولة الجارة، بالمقابل على الطرف الآخر أن يقدم ضمانات كافية لجيرانه المستقبليين في حالة ما يؤدي استفتاء الصحراء إلى الاستقلال، فالضمانات الأمنية والاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالمشاركة بالثروات ضرورة مهمة في أي علاقة مستقبلية، فالطروحات الحالية من جانب المغرب والبوليساريو لا يمكن تحقيقها في أي حال من الأحوال، وعلى الطرفين أن يُسلمّا بهذه الحقيقة مع الجنوح الواقعي للبحث عن نقاط التقاء أخرى بالحد الادنى. كما أنهما مطالبان بالتحلي بشجاعة التنازل القاسي والممكن، حيث أن الصراع بات يستنزف الجميع في المغرب العربي. كما أنه أصبح بؤرة يستثمر فيها الآخرون لتحقيق مصالحهم على حساب شعب المنطقة، إضافة إلى أنها المنطقة الوحيدة في قارة إفريقيا التي لم تتم تسوية وضعها بعد أفول عصر الاستعمار حتى الآن. إن أي خطة حل للنزاع القائم يجب أن تأخذ بنظر الاعتبار الأفكار المقدمة من كلا الطرفين، المغرب والبوليساريو، مع اتفاق على طبيعة وشكل ممارسة حق تقرير المصير في حالة إقراره، فالفشل الدائم في تحقيق حل، سببه اختلاف القراءات وعدم النظر إلى ذلك بجدية تامة، كما أن النظرة المختلفة لحقائق التاريخ والوثائق التي تحيط بالنزاع، تجعل كل طرف متمسكا برأيه وغير قابل لتقديم التنازلات المطلوبة. لكن الحلقة الأصعب التي تلقي بظلالها الكثيفة على هذا الملف هي العلاقات بين الشقيقين الجزائر والمغرب، فقد ترسخ انعدام الثقة بين الطرفين على مدى عقود طويلة، وصار البحث عن أوراق ضغط لكل طرف على الآخر سياقا ومنهجا في العلاقات بينهما. ومن الطبيعي أن يستثمر الطرفان في ملف الصحراء الغربية ضد بعضهما الآخر. وقد تكون بارقة الأمل الكبرى، والتطور الأكثر أهمية في هذه الحالة هي خطاب العاهل المغربي، الذي دعا فيه الجزائر إلى حوار مباشر وصريح، من أجل تجاوز الخلافات بين البلدين وفتح الحدود المغلقة منذ عام 1994 وحتى اليوم. *كاتب عراقي وأستاذ في العلاقات الدولية |
| Posted: 19 Nov 2018 01:00 PM PST |
| You are subscribed to email updates from مقالات – القدس العربي. To stop receiving these emails, you may unsubscribe now. | Email delivery powered by Google |
| Google, 1600 Amphitheatre Parkway, Mountain View, CA 94043, United States | |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق